رواية اقدار لا ترحم الفصل الرابع عشر 14 - بقلم سيليا البحيري

 رواية اقدار لا ترحم الفصل الرابع عشر 14 - بقلم سيليا البحيري

فصل 14
بعد 3 أيام بهو المحكمة – الساعة 9:15 صباحًا
الجو ثقيل، الحضور قليل بعد. صوت خطوات الموظفين وصوت عقارب الساعة يعلو في الخلفية.
سيلين تدخل بهدوء وأناقة، ترتدي بدلة رسمية بلون كحلي، تمسك بيد سيف الذي يسير بجانبها بهدوء وثقة. خلفهما تمشي أمينة وهي تمسك بيد تاليا الصغيرة التي ترتدي فستانًا أبيض ناعمًا.
في الزاوية المقابلة، حسام يقف بجوار نوال، يرتدي بدلة داكنة، ووجهه متشنج… يضغط على يده من التوتر.
ما إن تلمح نوال سيلين حتى تهمس لحسام:
نوال (باحتقار):
جايّة تستعرض؟
واضح إنها مصدقة إنها هتكسب…
حسام (بجفاء):
خليكي ورايا. أنا هتعامل معاها.
يتقدم حسام خطوة… يقترب من سيلين وسيف، وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه، لكن عينيه مليئتان بالحقد.
حسام (بصوت منخفض متوتر):
ما توقعتش إنك توصلـي لهنا…
بس اللعبة قربت تخلص، سيلين.
سيلين (تبتسم بخفة دون أن تنظر إليه):
على العكس… اللعبة لسه بتبدأ.
بس المرة دي… أنا اللي بوزّع الأوراق.
سيف (ينظر لحسام بثبات):
وكل خطوة غلط هتدفع ثمنها…
مرتين.
نوال (بتنفجر):
إنتي مش مؤهلة تربي طفلة!
سجينة سابقة… بتتجوزي فجأة!
ده حتى تصرفاتك كلها غريبة!
سيلين (تلتفت لها أخيرًا، تنظر إليها من فوق لتحت):
على الأقل… عمري ما نسيت بنتي في الحضانة.
ولا أذّيت طفل صغير عشان حقدي على أمه.
تاليا (تمسك طرف فستان سيلين وتهمس بصوت عالٍ):
ماما… الراجل ده بيزعق ليه؟ (تشير لحسام)
هو غريب… وبيخوفني.
وجه حسام يشحب فجأة… تاليا لا تزال لا تعرف أنه والدها، لكنه شعر بالطعنة…
سيلين (تنزل لمستوى تاليا وتهمس):
متخافيش حبيبتي…
الناس اللي بيخوفونا بنخلّيهم… يختفوا.
سيف (وهو يربت على كتف تاليا):
وإحنا معاكي.
حسام (يحاول التماسك، لكن صوته يرتعش):
دي آخر مرة تستخفّي بيا يا سيلين…
هتشوفي اللي عمرك ما شوفتيه.
سيلين (بابتسامة منتصرة):
أنا شفتك وأنت بتنهار…
وشايفاك دلوقتي بتنهار أكتر.
نوال (بغضب تحاول الرد، لكن الباب يفتح وينادي الحاجب):
الجلسة بدأت.
تتجه سيلين بثبات نحو القاعة، وسيف بجوارها…
حسام يبقى مكانه للحظة، وجهه شاحب… نوال تشده:
نوال (بصوت خافت):
تماسك… لسه عندنا أوراق.
حسام (يهمس):
بس هي عندها جيش…
ينظر للوراء فيرى تاليا تنظر له بنفور طفولي صادق… يشيح بنظره، مهزومًا داخليًا
********************
القاضي يجلس على المنصة، بجانبه الكاتبة القضائية. القاعة شبه ممتلئة، على المقاعد الخلفية يجلس سيف، أمينة، وبعض أفراد عائلة البحيري. حسام بجوار محاميه، ونوال تجلس خلفه تنظر بتوتر.
القاضي (ينظر للملف):
قضية حضانة الطفلة تاليا حسام الجمال.
المدعي: السيد حسام الجمال، المدعى عليها: السيدة سيلين يوسف المغربي 
نبدأ بالمدعي… تفضل يا أستاذ.
يقف محامي حسام بثقة زائفة، ينظر للقاضي مباشرة:
محامي حسام:
سيدي القاضي… موكلي يسعى لاستعادة حضانة ابنته من أمها، التي نعلم جميعًا أنها سجينة سابقة، دخلت السجن بتهمة قتل، ولها ماضٍ غير مستقر نفسيًا واجتماعيًا، وهي تعرّض الصغيرة للخطر بإقحام رجال غرباء في حياتها بشكل غير مقبول.
القاضي (ينظر لسيلين):
هل لديكِ رد على هذه الادعاءات، سيدتي؟
سيلين (بهدوء وابتسامة خفيفة):
كثير من الكلام… قليل من الحقيقة.
لكن… سأدع شخصًا آخر يتحدث اليوم.
تلتفت إلى حيث تجلس تاليا بجوار أمينة، وتومئ لها. تنهض الطفلة بخطوات صغيرة وتتقدم.
القاضي (بلطف):
تاليا… كيف حالكِ يا صغيرة؟
تاليا (بابتسامة):
أنا كويسة، شكراً!
القاضي:
أنا عايز أسمع رأيك يا تاليا…
تحبي تعيشي مع ماما ولا بابا؟
تاليا (تفكر قليلاً، ثم تقول ببراءة مطلقة):
أنا بحب ماما…
بابا؟
(تتردد)
هو مين بابا أصلاً؟
القاعة تهمس من الصدمة… سيف يخفض نظره، أمينة تنظر لحسام باحتقار. حسام يتجمد في مكانه.
القاضي (مستغرب):
يعني… ما بتعرفيش باباكي؟
تاليا (تهز رأسها):
الراجل اللي كان مع الست الوحشة اللي بتزعق طول الوقت؟
(تشير إلى نوال دون أن تعرف اسمها)
آه… هو اللي نسي صديقي وليد في الحضانة!
كنت زعلانة عشانه جداً…
إزاي حد ينسى ابنه؟!
القاعة تتنفس بصوت واحد من الذهول. نوال تضع يدها على فمها، وجه حسام يحمر ثم يشحب. القاضي ينظر إليه بدهشة واضحة.
سيلين (تهمس بهدوء دون أن تنظر إليه):
تهانينا… كشفك أنقى قلب في القاعة.
القاضي (ينظر لملف القضية مجددًا، ثم لسيلين):
وهل الطفلة تعيش الآن في بيئة مستقرة؟
المحامي (يقف فجأة):
نعم، سيدي القاضي.
السيدة سيلين و السيد سيف متزوجان رسميًا، و يوفران لها بيئة آمنة ومستقرة، والرعاية الكاملة… وشهادات طبية ونفسية مرفقة في الملف.
محامي حسام (يحاول المقاطعة):
سيدي القاضي… هذا تحايل!
القاضي (يرفع يده ليصمت الجميع):
يكفي.
أنا من سيقرر ما هو تحايل… وما هو حق مشروع.
ينظر للطفلة تاليا التي عادت لأمينة وتجلس بهدوء، ثم إلى حسام الذي ينظر إلى الفراغ بصدمة وغضب مكبوت.
القاضي (بصوت حاسم):
الجلسة تُرفع للمداولة.
ونظرًا لحساسية وضع الطفلة… سيتم البت في القضية خلال ساعتين 
يدق بالمطرقة، بينما سيلين تنهض وتبتسم بهدوء… تاليا تركض إليها وتحتضنها.
تاليا:
ماما… كسبنا؟
سيلين (بهمس على جبينها):
دايمًا بنكسب… طول ما الحق معانا.
نظرة من سيف لسيلين… كلها فخر وارتياح. نظرة حسام… كلها احتراق
********************
بعد رفع الجلسة للمداولة بساعتين 
القاضي (يدق بمطرقته):
بعد مراجعة الملف، نطلب الاستماع إلى شهود الطرفين.
سيدتي، هل لديك شهود يا سيلين المغربي؟
سيلين (بهدوء وابتسامة واثقة):
نعم، سيدي القاضي.
شاهدان… وصوت الحقيقة.
القاضي:
فليتقدما.
تُفتح أبواب القاعة ليدخل شاب ببدلة فاخرة ونظرات حادة… إنه آسر، يتبعه فتاة أنيقة ولكن تبدو عليها آثار التعب والوجع، إنها ليل.
همسات في القاعة، نوال تهمس لحسام وهي ترتجف:
آسر! دا مش… مش دا اللي…
حسام (بهمس من بين أسنانه):
ما كانش المفروض يرجع!
القاضي يشير لهما بالاقتراب، ويبدأ الاستجواب الرسمي.
القاضي:
الاسم؟
آسر (بنبرة حازمة):
آسر بدران الجندي 
رجل أعمال، وشقيق ليل بدران الجندي
القاضي:
ماذا تعرف عن الطرف المدعي، السيد حسام الجمال؟
آسر (ينظر مباشرة إلى حسام):
أعرف أنه قاتل والدي…
وسارق أموالنا، ومدمر عائلتي.
وأملك الأدلة، وستُرفق للنيابة بعد انتهاء هذه الجلسة.
همسات قوية في القاعة… القاضي يضرب المطرقة:
القاضي:
النظام! النظام!
هل لديك ما يُثبت ذلك، سيدي؟
آسر (يسحب من حقيبته ملفًا سميكًا):
كل شيء هنا… توقيعات، حسابات بنكية مزوّرة، شهود…
وحتى اعتراف شريك سابق له (فادي، المحامي المقبوض عليه قبل أيام).
ليل (بصوت مبحوح ولكن ثابت):
سيدي القاضي… هذا الرجل لا يستحق حتى أن يكون أباً.
لقد تخلى عن ابنته و اعطاها لشقيقة زوجته التي كانت تعنفها يومياً و تعاملها بقسوة حتى خرجت السيدة سيلين و استعادت طفلتها، وضرب والدتي حتى أصبحت مشلولة…
وقتل صديقه المقرب ياسر، وزوّر الأدلة لزجّ سيلين في السجن ظلمًا.
القاضي (ينظر ببطء إلى حسام الذي بدأ يفقد أعصابه):
هل لديك رد، سيد حسام الجمال؟
حسام (ينهض فجأة بانفعال شديد، يصرخ):
كذب! مؤامرة!
دي لعبة منهم، من سيلين… منكم كلكم!
أنتو فاكرين إني هسكت؟!
يقذف بزجاجة الماء نحو الأرض… تتحطم، القاعة تشتعل. القاضي يدق المطرقة بشدة.
القاضي (صارخًا):
كفى!
حُذّرت مسبقًا يا سيد حسام من إثارة الفوضى داخل القاعة.
ينظر للحرس بجواره:
القاضي:
أخرجوه فورًا… ويُمنع من حضور بقية الجلسة.
الحراس يمسكون بذراع حسام وهو يصرخ:
حسام (يصرخ بهستيريا وهو يُسحب):
مش هتخلصوا مني… هتندموا!
سيلين… سيلين!!
سيلين تبتسم ببرود وهي تحتضن تاليا الصغيرة، التي لا تفهم ما يحدث تمامًا… لكن تشعر بالأمان بين ذراعي والدتها.
القاضي (يتنهد وهو يغلق الملف):
بعد الاستماع إلى الشهود…
نُعلن رفع الجلسة للمداولة النهائية.
سيصدر الحكم بعد ساعة.

•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية

تعليقات