رواية اقدار لا ترحم الفصل الثالث عشر 13 - بقلم سيليا البحيري
فصل 13
في الحضانة – الساعة أربعة العصر
كانت الشمس مغرقة ساحة الحضانة بلون دهبي دافي، وضحك العيال مالي المكان.
سيلين دخلت من البوابة جنب سيف، والابتسامة مالية وشها.
تاليا أول واحدة شافتها، جريت ناحيتها بكل قوتها، دراعاتها مفتوحة:
تاليا (بحماس):
– ماااااااماااااااااااااااااااا!
سيلين (بتنزل وبتحضنها بشوق):
– يا قلبي انتي! وحشتيني أكتر من الدنيا كلها!
سيف (وهو بيبصلهم مبتسم):
– باين إنكِ سرقتي قلوب الناس هنا كمان يا تاليا.
تاليا (وهي ماسكة إيد ماماها وبتبص لسيف):
– بابا سيف، عايزاك تتعرف على صاحبي الجديد… اسمه وليد!
(بتشاور بإيدها على طفل قاعد لوحده على كرسي، شايل شنطته وساكت، عينيه في الأرض)
سيلين (بتتجمد في مكانها، تبصله بصدمة وسكوت، الملامح معروفة…
ده ابن حسام ونوال).
نظرة من عينيه… الحزن، الوحدة… قلبها اتكسر.
سيلين (بهمس):
– …وليد.
سيف (بيبصلها):
– تعرفيه؟
سيلين (بتحاول تتمالك نفسها):
– ده ابن حسام… ونوال.
تاليا (ببراءة):
– كان زعلان أوي النهاردة… قال إن ماما وبابا نسيّوه… ومفيش حد جه ياخده.
(سيلين تبص لسيف، عنيها فيها صدمة ووجع…
وبعدين تتقدم ناحيته)
سيلين (بتنزل قدامه برفق):
– وليد… تحب تيجي معانا لحد ما ماما وبابا ييجوا؟
وليد (بيرفع عنيه الصغيرة، صوته بيترعش):
– هما… نسيوني… دايمًا بينسوني.
(سيلين حضنته على صدرها من غير تفكير، وإيدها على راسه بحنية… دموع صغيرة بتلمع في عنيها)
سيلين (بصوت دافي):
– إنت مش لوحدك… ومش هخليك تستنى تاني يا وليد.
سيف (بيقرب منهم، ويبصل وليد بعطف):
– سابوه كده؟ طفل صغير؟
– ده مش إهمال… ده جريمة.
(سيلين بتوقف بالراحة، ماسكة تاليا في إيد ووليد في الإيد التانية)
سيلين (جواها، بصوت حاسم):
– مش كفاية آخد حقي…
– لازم كل بريء اتظلم من حسام… ألاقي له حقه.
(بتبص لسيف)
سيلين (بصوت هادي بس مليان قوة):
– سيف… في طفل محتاج بيت… حب… أمان.
– وأنا مش هقف أتفرج.
سيف (بيهز راسه بهدوء):
– وأنا معاكي… في كل خطوة
*********************
قدام بوابة فيلا حسام – الساعة خمسة العصر
عربية سيف وقفت قدام البوابة الكبيرة.
سيلين نزلت أول واحدة، ماسكة إيد تاليا، وسيف نزل من الناحية التانية شايل إيد وليد الصغيرة.
وليد (بيبص للفيلا بخوف):
– أنا… أنا خايف ماما تعيط… دايمًا بتزعقلي.
سيلين (بتنزل لمستواه، بهدوء):
– مفيش حد من حقه يزعقلك يا وليد.
– إنت معملتش حاجة غلط.
– إنت بس طفل محتاج يتحب.
سيف (بيبص للباب):
– يلا نرجّعه… بس متخافيش، أنا معاكي.
(سيلين داست على الجرس، وبعد لحظات… الباب اتفتح
وطلعت نوال بوش مكشّر كعادتها، وأول ما شافت سيلين وشّها شحب)
نوال (بدهشة وتوتر):
– إنتي؟! إنتي جايه هنا ليه؟! ومعاكي… وليد؟!
سيلين (بتدخل بخطوات واثقة وبطيئة):
– آه، وليد… ابنك اللي نسيتيه في الحضانة.
– شكلك مشغولة أوي بخططك القذرة… مش فاضية حتى لعيالك.
نوال (بتتعصب):
– إياكي تكلميني كده!
– إنتي… مجرد—
تاليا (ببراءة وهي ماسكة إيد سيلين):
– إنتي اللي وحشة! بتزعقي لماما سيلين…
– وكمان نسيتي ابنك وليد… وهو كان زعلان… وأنا زعلت عشانه!
(نوال رجعت خطوة، كأن طفلة لطمتها بالكلام)
حسام دخل فجأة من جوه، صوته مليان غضب:
حسام (بعصبية):
– إيه اللي بيحصل هنا؟!
(بيبص بصدمة لسيلين وسيف، وبعدين لتاليا)
حسام (بتوتر):
– إنتي جايه هنا ليه؟! والبنت…
تاليا (بتستخبى ورا سيلين):
– أنا ما بحبكش… إنت بتزعق… وماما سيلين زعلت…
– وأنا مش بحب اللي يزعل ماما.
(كلامها نزل على حسام زي السكينة، وقف متجمد)
سيف (بيقرب، وبيحط إيده على كتف سيلين):
– جرّب تقرب منهم تاني… من سيلين أو من تاليا… وشوف إيه اللي هيحصل لك.
– مش هتلمسهم… لا إنت ولا مراتك.
نوال (بتزعق):
– إنتي اللي عملتي كده! خليتي البنت تكره أبوها!
– إنتي—
سيلين (بسخرية باردة):
– أنا؟!
– أنا مجرد أم… بتحب بنتها.
– إنما إنتو؟… إنتو حتى ما تستحقوش تبقوا أهل.
(بتبص لحسام):
– شُفت؟ حتى بنتك عرفت حقيقتك.
– وأنا؟… ده أول انتصار بس.
– استعد للّي جاي يا حسام.
(بتمسك تاليا من إيدها، وتشاور لسيف إنهم يمشوا… وبيتحركوا ناحية العربية)
نوال بتعيط من الغيظ، وحسام بيكسر كوباية بإيده من كتر الغضب، وإيده بترتعش.
سيلين (قبل ما تركب، بتبص لهم):
– آه… بالمناسبة…
– شكرًا إنكم نسيتوا ابنكم… وفرحتوا بنتي.
بتبتسم ابتسامة كلها ثقة وسخرية، وتركب العربية،
والعربية تمشي… وسايبة وراها بس رماد كرامتهم المحروقة
**********************
جوه عربية فخمة ماشية بهدوء في شوارع القاهرة – سيلين قاعدة ورا، حاضنة تاليا اللي نايمة، وسيف سايق بهدوء
سيف (بيبص في المراية اللي فوق):
– كنتي هايلة يا سيلين… في طريقة تعاملك مع نوال النهارده…
– خليتيها تتجنن من غير ما تعلي صوتك حتى.
سيلين (بابتسامة فيها سخرية):
– اتعلمت إن السكوت ساعات بيكون أقوى من الدوشة.
– بس… وليد وجعلي قلبي. هو مالوش ذنب يعيش مع اتنين زي دول.
سيف (بصوت دافي وحنون):
– عشان كده لازم نكسب الحضانة… بسرعة.
– وبصراحة، عندي فكرة… ممكن تساعدنا جامد في المحكمة.
سيلين (بتبص له):
– فكرة؟ إيه تاني غير جوازنا؟
– حاسة إننا ماشيين بسرعة على طريق ماعرفش آخره.
سيف (بنبرة جد):
– لو إنتي وتاليا جيتوا سكنتوا في الفيلا… ده هيقوّي موقفنا.
– القاضي هيشوف إن الطفلة عايشة في بيت مستقر، وسط ناس بتحبها…
– ومع واحد هي بتحبه وبتثق فيه.
سيلين (بتبص له بتأمل، وساكته لحظات):
– سيف…
– أنا مش ضد الفكرة، بس…
– مش بثق في الناس بسهولة، خصوصًا بعد اللي حصل لي.
سيف (بيلف راسه شوية ناحيتها):
– أنا مش أي حد يا سيلين.
– ووجودك إنتي وتاليا معايا مش حمل…
– دي مسؤولية وافقت أشيلها من أول يوم خرجتك فيه من السجن…
– بس دلوقتي… بقيت بجد عايز أبقى جزء من كل ده.
سيلين (بصوت واطي، أقرب للهمس):
– بس ليّا شرط…
سيف:
– قولي يا سيلين… اللي تطلبيه.
سيلين:
– أمينة… لازم تيجي معايا.
– هي مش بس مربّية… دي أمي… أمي اللي بجد.
– ربتني من وأنا طفلة بعد موت أهلي…
– وسندتني طول حياتي…
– حتى وأنا في السجن، كانت بتيجي تزورني وهي كبيرة في السن.
سيف (بيبتسم بهدوء):
– أمينة تيجي وتعيش معانا فوق دماغي.
– فيلا البحيري واسعة… وقلوبنا أوسع كمان.
سيلين (بتبتسم أخيرًا، وبصه على تاليا):
– ماكنتش متخيلة إن ممكن ييجي يوم… أحس فيه بالأمان تاني.
سيف (بنظرة كلها حنية):
– أنا مش هنا عشان أديكي أمان مؤقت يا سيلين…
– أنا هنا عشان أثبتلك إنك تستاهلي تعيشي رافعة راسك… مش منكّساه.
تاليا (بصوت ناعس وهي بتفتح عينيها بشويش):
– ماما… هو سيف هييجي معانا البيت؟
سيلين (بتمسح على شعرها):
– أيوه يا قلب ماما… إحنا هنعيش في بيت سيف.
تاليا (بابتسامة بريئة):
– يعني سيف هيقرألي حكاية قبل النوم؟
سيف (بيضحك):
– ولو عايزة كمان أغنّي لك، ماعنديش مانع خالص.
تاليا (بتضحك بخجل وبتحضن لعبتها):
– أنا بحبك يا سيف…
سيلين بتبص لسيف بنظرة طويلة وساكتة… يمكن دي أول مرة تحس بمشاعر بجد… مش بالكلام، لكن بتحسها
*******************
فيلا عائلة البحيري – الساعة 5 مساءً
الفيلا كبيرة وأنيقة، لكن رغم فخامتها، تسكنها روح دافئة. سيف يركن سيارته في الحديقة، ثم يفتح الباب لسيلين ويمسك يد تاليا الصغيرة التي تنظر بانبهار إلى المكان.
أمينة تمسك بحقيبتها الصغيرة وتتنفس بعمق، بتأثر ظاهر.
سيف (يهمس لسيلين بابتسامة):
جاهزة لمواجهة لجنة التحكيم؟ 😄
سيلين (تتنهد):
جاهزة… نوعًا ما.
سيف (يفتح الباب):
يلا نرحب بالعيلة الجديدة في بيتنا.
في الداخل – غرفة الجلوس
يجتمع أفراد العائلة باستثناء هايدي التي تراقب من أعلى الدرج بوجه مشدود ومتوتر.
سليم (والد سيف – يقف مبتسمًا ويقترب بهدوء):
أهلًا بيكي يا بنتي… البيت نور.
وهاي الحلوة الصغيرة… تاليا، صح؟
تاليا (تخجل):
نعم… حضرتك جد سيف؟
سليم (يضحك):
جدو… لو تحبي تناديني كده، أنا موافق.
سيلين (بصوت دافئ):
شكرًا يا حاج سليم… دعمك يعني لي كتير.
سليم (ينظر لها مطولًا ثم بهدوء):
أنا ما بعرف الماضي… بس بعرف أقرأ الناس.
وإنتي… شايلة وجع كبير، بس واقفة على رجلك.
ده كفاية.
هدى (والدة سيف – تقترب من سيلين بتأمل ثم تضمها فجأة):
أهلاً وسهلاً يا بنتي…
أنا مش محتاجة تفاصيل، أنا شايفة في عنيكي كرامة وتعب.
والطفلة دي… واضح إنها مالهاش غيرك.
أمينة (تدمع عيناها):
ربنا يخلّيكي ليها… سيلين تستاهل ناس طيبين حواليها.
هدى (تمسك يد أمينة):
وإنتي حبيبتي… عاشت إيدينك اللي ربتها كده.
إيهاب (المرح – يصفّق بحماسة):
وأخيرًا رسميًا… أهلاً بأم تاليا!
سيف أخد بنت العقل… يا واد يا سيف.
ياسمين (زوجته – تمسك يد سيلين بلطافة):
إحنا متحمسين جدًا نكون عيلتك الجديدة.
أنا مش بعرف أزعل من حد، بس أكيد لو حد أذى تاليا… هموت فيه.
سيلين (تبتسم لها برقة):
شكراً، إنتي طيبة جدًا… يمكن أكتر مما ينبغي.
مازن (بخجل):
أنا… أهلًا وسهلًا… إن شاء الله تكون بداية جديدة للجميع.
سيلين (تبادله بابتسامة محترمة):
شكراً ليك، يا مازن.
(في الخلف، هايدي تراقب بعينيها الضيقتين وذراعيها متقاطعتين، ثم تهبط الدرج بثبات)
هايدي (بابتسامة مصطنعة):
أهلاً… أنا هايدي… مرات مازن.
وأنتي؟ الزوجة الجديدة؟!
سيلين (ببرود وأناقة):
سيلين… ودي تاليا، بنتي.
هايدي (بتظاهر بالضحك):
آه طبعًا… الزوجة الغامضة اللي خطفت اهتمام العيلة.
مشرفة، والله!
تيا (آخر العنقود – تدخل فجأة بحماس):
سيف! جبت مراتك؟! 😜
أهلاً بيكي أيتها السيدة الغامضة!
أنا تيا… بس بقولك من دلوقتي، مش هسكت لو ظلمتي أخويا.
تاليا (تضحك):
هي ما بتظلمش… ماما طيبة.
تيا (تضم الطفلة):
وهنا رسميًا… أعلنتك أختي الصغيرة!
سيف (ينظر إلى سيلين):
شايفة؟
قلتلك… المكان دا ممكن يكون بيت بجد.
سيلين (تنظر إلى الجميع ثم تهمس):
يمكن… لأول مرة من سنين… أحس كده فعلًا
********************
في جناح هايدي – الساعة 11:45 بليل
الأوضة قلبها مقلوب… برفان مكسور، كوباية قهوة مقلوبة على الأرض، ومجلات مشققة مرمية حواليها.
هايدي واقفة قدام المراية، وشها مليان غضب، شعرها مبهدل، وإيديها بتترعش.
هايدي (بصوت عالي وهي بترمي علبة ميكاب على الأرض):
– دخلت البيت زي الملكة… والكل بيحضنها!
– أنا! أنا اللي المفروض أكون مكانها…
– مش السجينة دي!
رنة موبايلها تقطع لحظة الغضب
هايدي (بترد بعصبية):
– نعم؟!
📩 وصلتها رسالة جديدة من "رغدة" – سكرتيرة سيف.
فيها ملف PDF فيه معلومات عن سيلين – خلفيتها، السجن، القضية، تاريخ الإفراج…
هايدي (بتفتح الملف وبتقرا)
– "سيلين يوسف المغربي… مواليد 1988… سابقة إدانة في قضية قتل… اتسجنت خمس سنين… وخرجت."
(تسكت لحظة، وبعدين ترفع عينيها ببطء، وابتسامة خبيثة تترسم على وشها)
هايدي (بصوت واطي كأنها لقت كنز):
– سجينة؟!
– أخيرًا… نقطة ضعفك يا بتاعة الطهارة والنقاء.
(تضحك بخبث وهي بتقلب في الملف صفحة ورا التانية)
هايدي:
– هو ده اللي كنت مستنياه…
– أنا اللي هورّيهم مين هي "سيلين البحيري" الجديدة!
– وبكره تفهمي إنك غلطتي لما حطيتي نفسك بيني وبين اللي أنا عايزاه…
(تقعد على الكنبة، وتبعت فويس لرغدة)
هايدي (بهمس كله مكر):
– برافو يا رغدة… خليكِ على استعداد.
– والمفاجآت … مش هتكون حلوة خالص
********************
في الصالون الكبير
الأوضة واسعة جدًا، وكل حاجة فيها بتلمع من الشياكة… الكنَب كبير، والنور دافي، ومريح. صوت ضحك خفيف مالي المكان، وأكواب العصير والكيك متزبطين على الترابيزة.
تاليا كانت بتجري حوالين الكنَب، شعرها بيطير وهي بتضحك من قلبها، وفجأة وقفت قدام سليم وهدى، وقالت بحماس:
تاليا (بحماس):
– البيت ده كبييير أوي! أكبر من بيتنا!
– ينفع أعمل سباق جري؟!
هدى (بتضحك وبتاخد إيدها بحنية):
– اعملي اللي انتي عايزاه يا روح قلبي… البيت بيتك يا حبيبتي.
سليم (بيبص لسيلين وبيبتسم):
– سبحان الله… البنت دي فيها نور كده غريب.
– شايفك فيها يا سيلين.
سيلين (بهدوء وامتنان):
– هي كل دنيتي… شافت كتير، بس عمرها ما فقدت براءتها.
– شكرًا على استقبالكم… أنا مش متعودة على الحنية دي.
ياسمين (بحماس):
– إحنا اللي مبسوطين إنك هنا! البيت منوّر من ساعتها والله.
إيهاب (مازحًا):
– بس أنا مش راضي… علشان تاليا خطفت قلبي، وأنا مش جاهز أبقى عم بجد 😁
مازن (بضحكة دافية):
– دي ملاك على الأرض. ومش هتصدقوا لو قلتلكم إنها أذكى طفلة شفتها.
تاليا (بفخر):
– أنا بحب الحساب! وبعرف أعد لحد ميّة!
تيا (بتضحك وبتسقف):
– لازم نعملك حفلة مخصوص لحسابك ده!
سيف (ينزل لمستوى نظر تاليا وهو بيبتسم):
– تحبي أوريكي أوضتك الجديدة؟
– أنا جهزتها من يومين… كلها ألعاب، وفيها سرير أميرة زي ما بتحبي.
تاليا (عينيها بتوسع بدهشة):
– أنا عندي أوضة هنا؟!
– فينها؟! فينهاااا؟!
سيف (بياخد إيدها):
– تعالي، أوريهالك… بس لازم تاخدي ماما سيلين معانا علشان تشوفها معاكي.
تاليا (تجري ناحيت سيلين وتشد في إيديها):
– يلا يا مامي! يلااااااااا!
سيلين (بصوت خافت وهي بتبص للعيلة ولسيف):
– أنا مش عارفة أقول إيه…
– شكراً من قلبي.
هدى (بتقف وبتحط إيدها على كتفها بحنية):
– ما تقوليش حاجة يا بنتي… إحنا حسينا بيكي من أول لحظة.
– والبيت بيتك… دايمًا.
سيلين بتبتسم، وعينيها فيها دموع بس بتحاول تخبيها… وبتجري ورا تاليا وسيف وهما طالعين السلم، والضحك مالي المكان
*******************
حديقة الفيلا – الساعة الواحدة بعد منتصف الليل
الفيلا نائمة، الأضواء خافتة، النسيم يحرك أوراق الأشجار بخفة، وهدوء تام يسود الأرجاء.
سيلين تجلس على المقعد الخشبي وسط الحديقة، تضع شالاً خفيفاً على كتفيها، تحمل كوباً من الشاي وتحدق في السماء بصمت.
خطوات ناعمة تقترب ببطء…
هايدي تظهر فجأة من بين الأشجار الصغيرة، مرتدية روباً حريرياً باهظاً، نظرتها حادة وابتسامتها باردة.
هايدي (بصوت منخفض ومسموم):
ما كنتش متوقعة ألاقيكي هنا… بس شكلك مش ناوية تضيعي وقت.
سيلين (تأخذ رشفة من كوبها دون أن تلتفت):
ولا ثانية. مش زي بعض الناس… بيعيشوا عمرهم يراقبوا حياة غيرهم لأنهم ما عندهمش حياة.
هايدي (تقترب بخطوتين، غاضبة):
أنا عارفة إنتي مين… وعارفة ماضيك. سجينة سابقة، صح؟!
يعني مهما كنتي دلوقتي… في الآخر اسمك مربوط بالعار.
سيلين (تلتفت ببطء، تنظر لها من رأسها لأخمصها ببرود):
السجينة السابقة دي… قدرت توصل للي أنتي بتحلمي توصليه طول عمرك.
وتعرفي؟
قردة مثلك تفكر إنها تخيفني؟ ده أغرب نكتة سمعتها.
هايدي (تشد على قبضتها):
إنتي مش فاهمة أنا مين!
سيلين (تضحك بهدوء، ساخرة):
أوه، فاهمة كويس… إنتي مجرد ظل، عايشة على فتات الحقد، بتتغذي على الغيرة،
ولو قررت أبعدك عن طريقي… أقدر أعملها في لمح البصر.
هايدي (بصوت خافت ومرتجف من القهر):
إنتي... مغرورة!
سيلين (تنظر لها بنظرة ناعمة لكنها قاتلة):
أنا واقعية… وده اللي بيخوفك.
صمت ثقيل يسود للحظة، هايدي عاجزة عن الرد، وجهها يرتجف من الغضب، ثم تستدير فجأة وتغادر بخطوات سريعة، تكاد تسقط من ارتباكها.
سيلين (بهدوء وهي تعود لشرب الشاي):
تذكري كويس يا هايدي...
أنا مش واحدة ممكن تلعبي معاها بالنار… أنا النار ذاتها.
سيلين تبتسم ببرود تحت ضوء القمر
•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية