Ads by Google X

الروايات كاملة عبر التلجرام

رواية من نافذة قلبي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم مروة نصار

الصفحة الرئيسية

 رواية من نافذة قلبي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم مروة نصار

الفصل الثانى عشر

ومع أشراقة شمس جديدة ، وصباح يوم جديد مفعم بالأمل والتفاؤل والحب ، ذهب الجميع إلي أعمالهم ، وبدأت ميس ودينا في العمل علي ديكورات شركة الأستثمار التي يعمل بها سيف .
أما سيف فكان في عمله غارقاً حتي أذنيه ، فلقد تراكمت الأعمال الفترة الماضية بسبب أنشغاله ورحيله المبكر كل يوم من العمل ، كان سيف يعمل بجد شديد حتي يستطيع أن يكون متفرغ في المساء ويعود إلي بيته ، ليصطحب والديه ويذهبوا جميعاً في زيارة لبيت ميس .
مرت فترة الظهيرة وبعدها وجد سيف أتصال قادم من ميس ، شعر بخفقات قلبه تزداد وقام بالرد سريعاً : الوووو
ميس : ألحقني يا سيف ، ألحقني بسرعة .
سيف وهو يهرول خارج مكتبه : في ايه ، ايه اللي حصل .
ميس ببكاء هستيري : صلاح خطف مريم .
ثم وجد فراغاً ، لم يسمع صوت بعد تلك الجملة ، قالت ميس كلماتها وأغلقت الهاتف .
كان سيف قد وصل إلي البناية الأخري واستقل المصعد ودخل المكتب مسرعاً ، ووجد ميس تبكي ودينا تحاول تهدئتها .
سيف بقلق شديد : ايه اللي حصل ، خطفها ازاي ؟. أجابت ميس وهي تكاد أنفاسها تنقطع من كثرة البكاء : ماما كلمتني وقالت أن مريم لسه مرجعتش ، اتصلت بالمدرسة وبسأل ليه السواق أتأخر ، ردت السكرتيرة وقالتلي أن بابا مريم جه وأخذها .
صرخ سيف قائلاً : يا بن الكلب ، والله ما هاسيبك . أنحني سيف ممسكا بكتف ميس قائلا لها : والله يا ميس لوده أخر يوم في عمري ، بنتك حتنام في حضنك النهارده، ثم خرج مسرعاً وقام بالأتصال بحازم وهو في طريقه لبيت صلاح : الووو حازم ، الزفت صلاح خطف مريم ، أنا رايح بيته ، حصلنى علي هناك بسرعة .
نهض حازم من علي مكتبه وهتف في الشاويش حسن وقال : شاويش حسن أنا طالع أحقق في بلاغ عايز كام عسكري وشوف الملازم أول بهاء لو فاضي خليه يجئ معانا ، ممكن أحتاجه .
أستقل حازم سيارة الشرطة ومعه بعض أفراد الشرطة، كان يحث السائق علي القيادة مسرعاً ، فقد كان شغله الشاغل أن يصل إلي هناك قبل وصول سيف ، وبالفعل وصل حازم أولاً وصعد مسرعاً هو ومن معه ، وظل يطرق الباب بقوة ولكن لا مجيب ، فأصدر أمر لمن معه بالأنتشار لأغلاق مداخل ومخارج البناية ، وقام الملازم أول بهاء بمساعدته في أستجواب الجيران للوصول لأي معلومات عن صلاح ، وبعد سؤال جميع من في الطابق ، وجدوا أن الأقوال تتطابق في سماع صوت صرخات متتالية صادره من منزل المدعو صلاح في وقت متأخر من الليل ، ثم بعد ذلك شاهده البعض يغادر ليلاً ولم يراه أحد مرة أخري . بعد أن أستمع حازم لاقوالهم ، قام بالأتصال برئيسه في العمل وشرح له الأمر ، وطلب منه الأذن بكسر الباب ، وبالفعل بعد الموافقة تمكن بمساعدة بعض الأفراد الذين معه من كسر القفل وبدءوا في عملية التفتيش ، كان حازم يقف في حجرة المعيشة حين استدعاه الملازم إلي غرفة النوم . دلف حازم مسرعاً إلي هناك ، فوجد علي الفراش امرأة شبه عارية ، يبدو عليها أثار التعذيب ، طلب حازم من مساعده أن يتأكد أن كانت علي قيد الحياة ، وبعدما عاينها وجد أنها مازالت حية ، ولكن حالتها خطيرة ، من شدة الأصابات التي بها ، والنزيف الحاد الناتج من الأغتصاب الوحشي الذي تعرضت له ، والظاهر للعيان ، أمر حازم بأحضار الأسعاف بأقصى سرعة ، ثم أنهي معاينته لموقع الجريمة وخرج ليجد سيف يقف علي الباب ، يحاول الدخول والشاويش حسن يمنعه . أشار حازم بالسماح له ثم وجه حديثه إلي الشاويش حسن : فين الزفت اللي كان مكلف بمراقبته ، مفيش أي أخبار منه ليه .
فأجابه الشاويش : عمالين نتصل بيه يا فندم ، بس تليفونه مقفول ، احنا وراءه لحد ما يرد .
فأصدر حازم له أوامر وقال : اتفضل اتصل بمباحث الأتصالات تحط تليفون صلاح تحت المراقبة ، عايز أحدد مكانه في أقرب وقت ، وعمم صورته هو والبنت في كل الأقسام ، وبلغ شرطة المطار ، وحاولوا تعرفوا اذا كان حجز تذاكر طيران والا لا ، عايز الكلام ده كله يتم في خلال دقايق ، ثم نظر إلي سيف الذي كان في حالة يرثي لها ، وبمجرد أن أنتهي حازم من الكلام ، بادر سيف بالحديث قائلاً : ايه يا حازم لقيت حاجة . فأجابه حازم : الجيران بيقولوا خرج من بالليل ومحدش شافه تاني ، وأنهم سمعوا صوت صريخ كتير ، كسرنا الباب ودخلنا لقينا واحدة جوه بين الحياة والموت ، واضح أنه عذبها جامد ومن منظر النزيف ، شكله أغتصبها بوحشية .
وقف سيف مذهولاً مما يسمع ووضع يده علي رأسه وهو يقول : أنا السبب ، أكيد عمل فيها كده بعد ما مشيت وسيبته ، مالقاش حد غيرها الغلبانة يطلع غله فيه . فأجابه حازم بسخرية : غلبانة أيه ، دي ست شمال . فنظر له سيف وقال : بس روح ، بنى ادمة ، متستاهلش يتعمل فيها كده ، مهما كان سلوكها أيه ، ثم صمت قليلاً وأضاف : طيب وبعدين ، كل دقيقة بتعدي علينا بتبعدنا عن مريم أكتر ، والله أعلم هما فين دلوقتي . فأجابه حازم : احنا مفيش قدامنا غير أننا نمشي في كذا اتجاه ، يعني نروح المدرسة ونسأل ونشوف لو في أي معلومات ، أي حد شافه ، كان معاه حد ، قال حاجة ، ركب أيه ، حد يروح شغله ويسأل زمايله ، وبيت أهله .
فقال سيف وهو يتحرك : طيب يلي مستني أيه ، تعال نروح المدرسة . فأشار له حازم بالتوقف وقال : استني كلم ميس خليها تبعت صورة مريم ، واحنا معانا صورة صلاح .
وبالفعل نفذ سيف ما طلب منه ، ثم غادر هو وحازم وتوجها إلي المدرسة ، في الطريق قال حازم متسائلاً : ميس عاملة ايه . فأجابه سيف بحزن : هاتجنن طبعا ، مبطلتش عياط ، ربنا يكون في عونها .
فقال حازم لصديقه مطمئناً : متخافش حنلاقيها أن شاء الله ، صلاح غبي وأكيد التصرف اللي عمله ده مكانش مخطط له ، فأكيد هايقع أن شاء الله .
فقال سيف : يارب .
وصل حازم وسيف إلي المدرسة وشرع حازم في أستجواب المديرة والسكرتيرة ولكن لم يجد أي معلومات مفيدة ، ثم أثناء مغادرتهم توقف حازم وتحدث مع البواب .
حازم : سلامو عليكم يا عمنا .
فأجابه البواب : وعليكم السلام يا بيه .
حازم وهو يظهر صورة صلاح ويقول : بقولك شفت الراجل ده النهارده .
فنظر البواب للصورة وقال : ايوه يا بيه .
فقال حازم : احكيلي بقي كل اللي شفته من طقطق لسلامو عليكم .
فأجابه البواب : الأستاذ ده جه قبل ميعاد خروج الكي جي يجئ بساعة كده ، وصمم يدخل قلتله لسه ميعاد مرواح الولاد مجاش ، بس صمم وقال ان بنته جوه وفِي ظروف عندهم ولازم يأخدها دلوقتي ، دخلته لميس أيمي ،
وبعد عشر دقايق لقيته خارج وبنته في أيده ومشي .
نظر له حازم وقال : طيب لاحظت عليه حاجة ، كان شكله طبيعي .
فأجابه البواب : هو شكله كان غريب شوية ، وعيونه كانت حمراء كأنه منامش طول الليل ، بس الأغرب يا بيه ، ان البنت كانت بتستنجد بيا ومش عايزة تمشي معاه ، ولولا أني متأكد أن ميس أيمي مش حتخرج عيل الا مع أهله ، مكنتش سيبته يأخدها . فعاد حازم للسؤال : طيب كان معاه حد .
البواب : لا كان لوحده .
حازم : طيب كان راكب ايه .
صمت البواب قليلاً يحاول أن يتذكر ثم قال : اه كان راكب عربية لونها لبني ، بس أبقي بكذب عليك يا بيه لو قلتلك أني أعرف نوعها ، هي عربية كبيرة ليها أربع أبواب ، بس ده اللي أعرفه .
فسأله حازم : مخدتش بالك من أرقامها أو الحروف اللي مكتوبة عليها ايه .
فقال البواب : لا والله يا بيه ، مخدتش بالي .
غادر حازم وسيف عائدين إلي ميس ودينا وفِي الطريق قال سيف : حازم ممكن أطلب منك طلب . فقال حازم : طبعا يا سيف أؤمرني .
فقال سيف : متعرفش ميس ودينا موضوع الست اللي كانت موجوده في البيت عند صلاح .
فنظر له حازم بتعجب وقال : ليه بقي أن شاء الله ، مش عايز تبوظ صورته قدام ميس ، والا خايف ميس تتضايق انه يعرف واحدة تانية .
فأجابه سيف قائلاً : أنت عبيط يا بني ، لا طبعا ، أنا بس مش عايز ميس تبقي محرجة مني ، مش عايزها تحس أنها محرجة بسبب سوء أختيارها ، كمان عشان سمعة بنتها .
فنظر له حازم وقال له : والنبي انت راجل جدع أوي يا سيف ، حاضر مش حأقول حاجة .

وصل حازم وسيف إلي مكتب الديكور ، وبمجرد أن رأتهم ميس ، هرعت إلي سيف وهي تبكي وقالت : لقتوها ياسيف ، لقيتوا بنتي ، عرفتوا هيا فين ، عرفتوا راحت فين .
نظر لها سيف بحزن شديد ولَم يستطيع أن يجيبها ، ففهمت أنه لا يوجد أي معلومات عنهم .
جلست ميس تبكي وهي تهذي بالكلمات كأنها تناجي أبنتها : يا تري أنتي فين يا بنتي ؟ ، يا تري عمل معاكي أيه ؟، ضربك ؟، والا عمل ايه ؟، أكيد مرعوبة يا حبيبتي ، أكيد عمالة تنادي عليا ، أنا أسفة والله أسفة مش قادرة أوصلك ، سامحيني أنا السبب ، أنا السبب ، يارب تكوني سمعتي كلامي ، يارب تكوني قوية ، يارب تستحملي ومتخافيش .
دنت دينا من صديقتها تحاول مواساتها ، فنظرت لها ميس ودموعها تحتل وجهها وقالت : مريم يا دينا ، مريم ، دي طفلة متستحملش البهدلة ، دي بتترعب من خيالها بسببه ، بتخاف تسمع أسمه من اللي كان بيعملوه فيا وفيها ، مجرد ما بتشوفه بتموت في جلدها ، ياتري عاملة ايه وهي معاه لوحدها ، هأموت يا دينا ، هأموت ، مش قادرة أتخيل هي حاسة بأيه دلوقتي ، بنتي حتروح مني .
كانت دينا تستمع لميس وهي تبكي وتحاول أن تفكر في حل لأيجاده ، ثم فجأة نهضت من مكانها وقالت : ميس أنا حأروح أعمل محاولة وراجعة ، سيف خليك هنا معاها ، حازم تعالي معايا بسرعة .
ميس بلهفة : رايحة فين ؟.
فأجابتها دينا : بلاش نقاطع ، أنا عايزاك تقعدي تدعي وصلي ركعتين لله قضاء حاجة ويارب المشوار اللي أنا هأروحه ده يبقي بفايدة .

غادرت دينا مع حازم وتركت ميس وسيف بمفردهما ، ظلت ميس تبكي بحرقة شديدة وهي لا تدري ماذا تفعل ، أما سيف فكان يستمع لبكائها ويشعر بالعجز الشديد ، لم يقو علي مواجهتها أو الحديث معها ، لقد تملكه أحساس بأنه خذلها ، ولَم يستطع حمايتها هي وأبنتها بالقدر الكافي ، حاول أن يتحدث معها ولكن الكلمات كانت تموت في حنجرته ولا تقوي علي الخروج .

استقلت دينا السيارة مع حازم وأعلمته بالمكان ، فقال حازم : مش ده مكان شغل صلاح .
فأجابت دينا . ايوه هو .
فقال بأستهزاء : ايه الفيلم ده ، ما أنا بعت ملازم هناك يعمل تحريات ويسأل عليه .
فنظرت له دينا بأستخفاف وقالت : ملازم ايه اللي حيعرف يتصرف ، وهو يعرف الناس هناك ، يعرف مين تبع مين ، يعرف مين أصحاب صلاح ، والنبي نقطتي بسكاتك وسوق وأنت ساكت وبص قدامك ، قال ملازم قال .

وصل حازم ودينا إلي مقر عملها السابق ، وتوجهت دينا سريعاً إلي الغرفة التي يعمل بها المهندسين ، وبمجرد دخولها سلطت أنظارها علي شخص محدد ، وعندما رأت رد فعله عند رؤيتها ، وأرتباكه الشديد ، تأكدت ظنونها .
ألقت دينا التحية علي الجميع ثم توجهت إلي الركن الذي يوجد به مكتب نادر وجلست أمامه وهي تحدق به بشكل أربكه ، ثم أشارت إلي حازم وقالت بصوت مرتفع ليسمع كل من بالغرفة : اتفضل هنا يا حضرة الرائد ، وبمجرد أن جلس أمامها ، التفتت إلي نادر وقالت بأسلوب ساخر : العالم الزبالة اللي عمرها ما حتنظف عاملة ايه .
نظر لها حازم وهو يشعر بالدهشة من أسلوب حديثها ، وحاول نادر الحديث بثقة ولكن خانته الكلمات وقال : ايه ،... ايه اللي ... أنتي بتقولي ايه ... بتتكلمي علي مين .
فأجابت بنفس الأسلوب الذي يحمل طابع الأستخفاف والسخرية وبصوت منخفض : حأكون بقصد مين يا كوكو ، اكيد أنت طبعا ، والمخفي صلاح ، هو احنا كان عندنا كام واحد زبالة ، مفيش غيركم يا كوكو يا قمر أنت ، ها حتنطق لوحدك وتقول صلاح ومريم فين ، والا أقوم أجيبك من قفاك قدام الناس كلها وأخلي اللي ما يشتري يتفرج .
كان حازم يقف موقف المشاهد ، لا يقوي علي مقاطعة هذا المشهد ، كان يريد أن يعرف كيف سينتهي ، فظل صامتاً ويتابع بهدوء ما يحدث .
نظر لها نادر وقال بحدة : ايه التخاريف اللي بتقوليها دي ، عيب كده يا دينا ، أنا مش عايز أغلط فيكي عشان بنت ، ومهما كان كنّا زمايل ، أتكلمي معايا كويس لو سمحتي ، وبعدين أنا مالي ومال صلاح وبنته هأعرف أنا منين هو فين .
ضيقت دينا عيناها وظلت تنظر إليه ثم قالت : تصدق أنت صعبان عليا ، والله أنت غلبان وأهبل ، وماشي ورا واحد أن شاء السميع العليم حيوديك في ستين داهية ويهرب هو ، بس براحتك خليك كده أنكر لحد ما تتحبس مكانه وتشيل كل جرايمه .
شعر نادر بالرعب من كلماتها ، عن أي جرائم تتحدث ثم قال : جرائم ، جرائم أيه .
فأصطنعت دينا الذهول ووضعت يدها علي فمها وهي تقول . ايه ده ، انت متعرفش يا بيبي البلاوي بتاعة صاحبك ، متعرفش أنه متهم في قضية تزوير وبيدوروا عليه ، وقضية خطف مريم وهي في حضانة مامتها ، كانت دينا تنظر علي وجه نادر وتحاول معرفة هل أرعبته كلماتها أم لا ، وعندما شعرت أنها لم تصل إلي الهدف الذي تتمناه ، قررت أن تجازف وتبتكر جريمة أخري لتبث في قلبه الرعب فأضافت : والمصيبة الكبيرة بقي واللي متأكدين أنه ليه شريك فيها ، الست اللي قتلها ، يعني كده كده رايح في داهية يا بيبي ، ها بردوه مصمم أنك متعرفش عنه حاجة .
جحظت عين نادر عند سماعه لما تقول ، وشعر أن صلاح يريد أن يورطه معه في أمور لا تخصه ، وهو منذ البداية لا يوافقه علي تصرفاته ، بدأ العرق يتصبب منه وشعر بالأختناق الشديد والخوف ثم قال : أنا ماليش دعوة بحاجة ، أنا معملتش أي حاجة ومعرفش حاجة ، هو اللي جالي بالليل ومكنتش عارف أنه ناوي يأخذ البنت ، أنا سيبته في البيت وجيت الشغل ، ومعرفش هو عمل ايه .
فأبتسمت دينا ونظرت لحازم وقالت : شوف شغلك يا حضرة الرائد .
كان حازم يشعر بالذهول مما فعلته ولكنه تدارك الموقف ، وجذبها بهدوء من ذراعها واقترب من أذنها وقال : ليلتك سودا ، ايه بيبي دي ، بتقولي للجربوع ده بيبي ، وانا تقوليلي يا منيل ، وحياة أمي لأوريكي بس لما أفضالك .
ثم أعتدل في جلسته ووجه حديثه لنادر وقال : أنت عربيتك نوعها ولونها ايه .
فأجابه نادر : هيونداي لونها سماوي .
فقال حازم : انت جيت بيها الشغل .
فأجابه نادر بتوتر : لا صلاح طلبها يعمل بيها كام مشوار وسيبتها معاه .
نهض حازم وقال : اتفضل قوم معايا .
فقال نادر وهو يحاول الوقوف : عايزني ليه ، انا قلت كل اللي اعرفه ، انا معرفش حاجة تانية .
فأجابه حازم بنفاذ صبر : قوم معايا وأخلص عشان نروح بيتك ، ولو أتعاونت حأعتبر أنك شاهد ، فأنجز بدل ما تبقي شريكه في الجريمة .
أثناء ذلك قامت دينا بمهاتفة صديقتها وقالت لها أنهم علموا بمكان صلاح ومريم ، وطلبت منها أن تتجه إلي بيت نادر في الحال .
وبمجرد أن علمت ميس ، ظلت تحمد الله علي ذلك وهرعت هي وسيف إلي العنوان الذي أرسلته دينا .

عودة إلي أحداث اليوم السابق ، وبالتحديد في منزل صلاح ، وبعد أن قام بتعذيب غرام وأغتصابها بتلك الوحشية ، كأنه كان يريد معاقبة الجميع في شخصها ، بدأ يستعيد رشده قليلاً ، وصدم عندما رأي غرام في هذه الحالة ، بل أنه ظن أنها فارقت الحياة ، فأسرع يلملم الأشياء التي سيحتاجها ، وقام بالأغتسال لأزالة أثار الدماء التي لطخته ، وجمع بعض الملابس والمال وأخذ سلاحه الناري ، وغادر المنزل ، ظل يسير بالسيارة هائماً ، لا يدري ماذا يفعل ؟، هل يعود إلي البيت ويحاول أخفاء الجثة ؟، أم يهرب من البلد بلا رجعة ؟، كان صلاح يشعر بالحنق الشديد من كل شئ ، كان يحاول أقناع نفسه أن الجميع هم السبب فيما وصل إليه ، وخاصةً ميس وسيف ، لم يكن يريد أن يواجه نفسه بحقيقة أخطائه ، كان الأسهل عليه أن يحمل الأخرين تلك الأخطاء ، ظل هكذا حتي جاء صديقه نادر في ذهنه ، وقرر أن يذهب إليه ليقضي ليلته ، ويخطط لما سوف يفعله ، فهو لن يترك ميس تنعم بحياتها ، لن يفعل .
ترك صلاح سيارته في جراج عام وأستقل سيارة آجرة إلي منزل صديقه ، لم يريد أن يري أحد سيارته عند منزل نادر ، كان يعلم أن صديقه يعيش بمفرده ، وسيكون بيته مخبأ جيد له حتي يعرف ما خطوته القادمة ، وبالفعل أستقبله نادر وجلسا قليلاً سوياً ثم دخل كلا منهم إلي غرفة لينام بها ، ظل صلاح مستيقظاً طوال الليل ، لا يستطيع النوم من كثرة التفكير ، كان يفكر كيف يخرج من هذا المأزق ، بل والأهم كيف ينتقم من كل من تسبب له في هذا ، أستمر هكذا ومع طلوع النهار كان قد وصل للخطة التي يريد تنفيذها .
استيقظ نادر من نومه وبدأ يستعد للذهاب للعمل ، وأثناء تواجده في المطبخ ليعد قدحاً من القهوة يتناوله قبل الذهاب للعمل ، وجد صلاح يخرج من غرفته ويقول : صباح الخير يا نادر .
التفت نادر لصديقه وقال : صباح الأنوار يا عّم صلاح ، ايه يا بني قمت بدري ليه ، انا قلت اسيبك براحتك عشان ترتاح شوية ، امبارح شكلك كان تعبان اوي .
فأجابه صلاح وهو يجلس أمامه علي مائدة المطبخ : أنا منمتش لحد دلوقتي ، مش عارف أنام ، ممكن فنجان قهوة معاك .
فقال له نادر : عيوني يا أبو الصلح ، بس لو تقولي مالك فيك ايه ، أنا بصراحة يا صلاح مش فاهمك ، أنت مضيع نفسك في شوية حاجات مالهاش أي لزمة ، لا أنت أول واحد يطلق ولا أخر واحد ، وياما ناس كتير مش بيكملوا مع بعض ، وعادي بيعيشوا ، مش عارف أنت عامل كده ليه ، لو عارف أنك بتحبها أعذرك ، لكن أنت حتي بنتك ساعات بشك أنك بتحبها أصلاً ، يبقي عايز ايه بالضبط .
نظر له صلاح وقال : عايز أربيها عشان تعرف أن مش صلاح اللي ينفع تخلعه ، عامة هانت ، ثم بدأ في تناول قهوته وأضاف بعد ذلك : معلش يا نادر ممكن أخد عربيتك ، ورايا كام مشوار عايز أخلصهم ، وعربيتي عند الميكانيكي .
تنهد نادر بتأفف وقال : يوووه ، يعني حأروح الشغل بالمواصلات ، طيب الحق أطير بقي عشان متأخرش ، تحب أقدملك علي أجازة .
فأجابه صلاح : لا ، ومتعرفش حد أني عندك ، ولو أي حد جه سئل عليا ، أنت متعرفش عني حاجة .
تسرب القلق إلي قلب نادر وقال لصديقه : ليه يا صلاح ، أنت عامل مصيبة والا ايه .
فأجابه صلاح بحزم : لا مصيبة ولا حاجة ، أسمع الكلام وبس ، يلي اتكل علي الله .

جلس صلاح يرتب خطواته القادمة ثم قام بتغيير ملابسه وبدأ في تنفيذ أول خطوة ، غادر المنزل وتوجه بالسيارة إلي مدرسة أبنته ، وطلب مقابلة المديرة ، وعندما سمح له بالدخول ، طلب الموافقة لمريم بالخروج مبكراً عن الموعد المحدد لأن جدتها مريضة ، ويجب أن يذهبوا إلي المشفي ، سمحت له المديرة بذلك ، لأنها تعلم أنه والد الطفلة ، وقامت بأستدعاء مريم وبمجرد حضورها ورؤيتها إلي والدها ، تشبثت في يد المشرفة التي أحضرتها ولَم تكن تريد المغادرة ، وبدأت في البكاء ، فما كان من صلاح الا أن حملها وغادر مسرعاً .
خرج صلاح من المدرسة ومريم مازالت تبكي وتستنجد بكل من حولها ، ولكن لم يهتم أحد ، فالجميع أعتقد أنها مجرد طفلة مدللة .
وضع صلاح مريم في السيارة ثم جلس بجوارها وقال لها بلهجة شديدة : مش عايز أسمع صوتك ، ولو صرختي تاني أو عيطتي ، حأموتك من الضرب فاهمة .
وضعت مريم يدها الصغيرة علي فمها ، تحاول أن تكتم بكائها حتي لا يسمعه والدها ، وهي تنظر له بعينين يملؤهم التوسل والدموع وتحرك رأسها في أيماءة تدل علي أنها ستنفذ ما قاله ، ولكن مشاعرها الصغيرة لم تحتمل ، وظلت تبكي وهي تحاول أن تكتم صوتها حتي لا يسمعه أباها ، ولكن هيهات أن يرق هذا الحجر لتلك الطفلة البريئة ، فكيف يحنو الشيطان علي الملاك ، كيف يشعر بألمها وخوفها وهو لا يفكر سوي في أن يقتل قلب أمها ، ولَم يدرك أنه في سبيل ذلك يتعامل مع أبنته كوسيلة للأنتقام ، لا يعبأ بها ، أو بما قد يحل لها جراء ذلك .
سمع صلاح صوت مريم وهي تبكي ، وشعر بالضيق ، لم يكن يحتمل حتي بكاءها ، فقام بصفعها وهو يردد : أنا قلت مش عايز صوت .
فلم يكن ذلك سوي شرارة لتزيد مريم في بكاءها وهي تتوسل إليه : أنا عايزة مامي ، أنا عايزة مامي ، عشان خاطر ربنا يا بابا عايزة مامي ، وديني ليها ، أو عند تيتة ، عشان خاطر ربنا .
نظر لها صلاح بكل قسوة وقال : أنسي حاجة أسمها ماما ، مفيش ماما تاني ، مش عايز أسمع سيرتها ، فاهمة والا لا .
نظرت له مريم بعيون لا تعرف القسوة ، لا تعلم ماهيتها ، لا تدري لما يريد والدها أن يحرمها من أغلي انسانة لديها ، لماذا يريد أن يمنعها من أحضان أمها الدافئة ، وقبلاتها الحانية ، لماذا يريد أن يحرمها من حكايات جدتها ، لما يريد أن يجعلها حزينة ، لم تستطيع أن تفهم كل هذه القسوة ولكن فطرتها ترجمت كل هذا بسؤال صغير : أنت ليه مش بتحبني يا بابا ؟.
نظر لها صلاح بدهشة وقال : ايه الكلام الفارغ ده .
فأضافت مريم وهي تبكي : أنت ليه مش بتحبني ، أنت مش بتبوسيني خالث ، ولا بتلعب معايا ، وبتضربني ، أنت زعلان مني ليه ، هو أنا وحشة يا بابا .
استمع صلاح لكلمات ابنته ، وفضل الصمت ، حاول أخماد أي مشاعر بداخله تحاول أن تطفو للسطح وتحل محل رغبته في الأنتقام ، لم يريد أن يحدث أي شئ يثنيه عن خططه ، لذلك لم يجيب طفلته ، وتركها تائهة في بحر قسوته .
عاد صلاح بأبنته إلي بيت نادر ، وظل جالساً يحاول أن يرتب خطواته القادمة ، ولكن بكاء مريم الذي لا يتوقف كان يسبب له الأزعاج ، فقام بحبسها في غرفة النوم ، وتركها بدون حتي أن يهتم بها ، جلس يرتب لأموره ثم قرر أن يقوم بحجز تذاكر طيران لأي مكان متاح له السفر بدون تأشيرة دخول وبالفعل قام بالأتصال وحجز تذكرتين إلي لبنان ، ثم غادر المنزل لأحضار التذاكر ، وأحضار مزيد من المال ، حتي أنه قرر أن يبيع سيارته ، بالذهاب بها إلي سوق السيارات ، ذهب صلاح وغاب عن أبنته ما يزيد عن اربع ساعات ، بدون حتي أن يترك لها طعام أو شراب في حجرتها ، بدون أن يهتم أنها طفلة صغيرة لن تحتمل أن تبقي بمفردها كل هذا الوقت ، وبعد أن أنهي ما خرج من أجله وفِي طريق عودته إلي منزل نادر ، شاهد ما لم يكن يتوقعه ، أوقف سيارته وظل يتابع ما يحدث أمامه وهو في حالة صدمة شديدة .

ماذا رأي صلاح ؟ وهل ستنجح خطته ؟ أم ستفشل ؟

انتظروني مع القادم عرض أقل

•تابع الفصل التالي "رواية من نافذة قلبي" اضغط على اسم الرواية

ملحوظة

يرجى التنبية: حقوق الملكية محفوظة لدى المؤلفون ولم تسمح مدونة دليل الروايات pdf نسب الأعمال الروائية لها أو لشخص غير للكاتب الأصلي للرواية، وإذا نشرت رواية مخالفة لحقوق الملكية يرجى أبلغنا عبر صفحة الفيسبوك
google-playkhamsatmostaqltradent