Ads by Google X

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل العاشر 10 - بقلم اميرة احمد

الصفحة الرئيسية

 رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل العاشر 10 - بقلم اميرة احمد

الفصل العاشر:
كانت الموسيقي تعلو في القاعة، نغمات صاخبة تشبه ذلك الصخب بداخلها، الزغاريد تدوي في كل مكان عدسات الكاميرات موجه عليهما، تقف حنين في منتصف القاعة ترتدي فستانا أبيض ضخم، بجوارها يقف عمر، يبتسم للجميع بثبات، يحيي المهنئين بابتسامة ودودة وكأنه اليوم الذي يحلم به من سنين... أمسك يدها برفق، يضغط علي اصابعها محاولا طمئنتها، لكنها لا تنظر إليه حتي... كانت نظراتها شاردة، متعلقة بالفراغ، تفكر بلألم الذي يحيط بقلبها، بجزء من روحها فقدته ذات ليلة ولن يعود إليها ابدا.

اقتربت منها جميلة وهمست في أذنها: مبروك يا حنين.

اومأت حنين برأسها ولم تعقب.

ربتت جميلة علي كتفها وانصرفت، اقتربت إحدى أقاربهم وصاحت بفرح: مبروك يا عروسة.. أخيرا فرحنا بيكوا.

ابتسمت حنين ابتسامة مجاملة: الله يبارك فيكي.

نظر لها عمر ثم همس قرب أذنها: تعبانة؟

اومأت رأسها: شوية.

كان يدرك عمر جيدا أن ألمها لم يكن جسدي، بل شيئا هناك ينهش في روحها، حتي هو يصيبه بعض من وجع القلب الذي يصيبها.

ربت عمر علي كفها بحنان: أنا معاكي ومن دلوقتي مش هاسيبك ثانية.

أغلقت حنين عينيها بألم و هي تعلم أنها لم تعد تملك في حياتها رفاهية الأختيار.

وبرغم يقينها من ان ذلك اليوم الذي ستوهب فيه حياتها وروحها لعمر سيأتي، لكنها لم تكن تعرف ان ذلك اليوم سيأتي و روحها خاوية من الحياة، فتحت عينيها ونظرت إلي عمر والطمأنينة التي تطل من عينيه وقالت لنفسها: انا اخترت عمر من الأول.

بعد الحفل، اول ما اغلق عمر الباب و صارت حنين وحيدة معه في شقتهما، نظر اليها بعينين يخرج منهما الشرار، حدة لم تعهدها عليه من قبل ، امسك يديها بعنف و صرخ بها: قوليلي مين اللي عمل فيكي كده.
بكت حنين، لكن هذه المرة لم يضعفه بكاؤها بل صرخ من جديد: قوليلي اسمه بس، و انا مش هاسكت غير لما اجيبلك حقك..
ابتعدت عنه في هدوء تتحاشي غضبه، جلس عمر علي اول مقعد بجواره دافنا رأسه بين راحتيه و همس بضعف: مش هاعرف اعيش معاكي غير لما اخد حقك، لو سيبته يبقي انا مش راجل قدام نفسي و قدامك.
اقتربت منه حنين ، جثت علي ركبتيها امامه رغم فستانها الابيض الكبير ، امسكت يديه تبعدها عن وجهه لتنظر الي عينيه و همست من بين دموعها: انت ارجل واحد انا شفته في الدنيا.... ولو علي حقي يا عمر ربنا جابهولي... شادي مات بعد ما عمل فيا كده بيومين.
نظر اليها بعين كلها ألم، حمراء من الغضب، ثم قام من مكانه في عنف و عصبية و انطلق كالثور الهائج: ازاي.... مات ازاي.....
امسك معصمها يرفعها من على الارض بعنف واقترب من وجهها وصرخ: انتي فاكرة انك بتحميه مني لما تقولي انه مات؟ بتدافعي عنه بعد اللي عمله؟
ترجته حنين من بين دموعها مجددا، و هي تتألم من ضغط اصابعه علي معصمها: و الله يا عمر مات.
لاحظ يديها التي تحول لونها إلي الاحمر، و تركت اصابعه علامات حول معصمها، تركها و هو يبتعد عنها ، امسك بمزهرية قريبة و ألقي بها ارضا، فتهشمت و تناثرت اجزاءها في ارجاء الغرفة.... انتفضت حنين رعبا من صوت ارتطام المزهرية بالأرض.... اقترب عمر منها مجددا، حاول ان يتمالك اعصابه وهمس بألم: احكيلي اللي حصل يا حنين.
اتسعت عيناها واومأت رأسها بنفي، لكنه عاد وامسك معصمها من جديد وصرخ بها: احكي .... عايز اعرف كل حاجة.
لم تجد حنين بد من ثورته غير ان تقص عليه ما حدث، كيف تعرفت علي شادي، كيف احبته، وعن اليوم الذي قتل روحها فيه، لم تحكي له عن تفاصيل ذلك اليوم، كل ما ذكرته انها قاومت و حاولت ان تدافع عن شرفها بكل ما اوتيت من قوه، كان عمر يسمعها بقلب محطم و حين انتهت نظر اليها نفس النظرة النارية و سألها بصوت يملؤه الألم: و انتي لسة بتحبيه يا حنين؟
قالت من بين دموعها و بقلب محطم: انا من يوم ما لبست دبلتك و انا ماتت كل حاجة في قلبي ناحيته، و يو ما.... انا كرهته من اليوم ده.
كان عمر يسمعها باهتمام وهو ينظر الي عينيها الصادقتين، لكنه اقترب منها من جديد وصرخ: انا عايز عنوانه دلوقتي.
قالت من بين دموعها: انا معرفش بيته فين.
اخرج هاتفها من جيبه وألقاه اليها: اتصرفي.
امسكت حنين الهاتف بيد مرتعشة واتصلت بمالك.... اشار لها عمر ان تفتح مكبر الصوت، لحظات ورد مالك بقلق: حنين انتي كويسة؟
حاولت ان تتماسك وتكف عن البكاء وهمست بصوت ضعيف: مالك ... معاك عنوان بيت شادي؟
توتر صوت مالك أكثر وهتف: الله يرحمه.... عاوزاه ليه؟ انتي كويسة يا حنين؟
سالت دموعها على خديها و تمتمت: من فضلك العنوان يا مالك.
فهم مالك ان عمر بجوارها، فرد بحزم: هابعتهولك في رسالة دلوقتي.
اغلقت حنين الهاتف و جذبه عمر منها في عنف وضع الهاتف في جيبه، و انطلق نحو الباب خارجا و تركها خلفه تبكي بلا توقف.

عاد عمر الي المنزل مع اول خيوط الفجر، وجد حنين قد غفت على إحدى المقاعد بفستانها الابيض وطرحتها الطويلة ملتفة حولها، اقترب منها عمر وربت علي كتفها بحنان و هو يهمس باسمها، فتحت حنين عيناها و انتفضت حين رأته و هتفت: عمر انت كويس؟
اقترب منها عمر بحنان و حملها حتي غرفة نومهما، انزلها ارضا و اقترب منها و همس برقة: انا اسف يا حبيبتي.... مكنش المفروض تقضي ليلة فرحك كده... حقك عليا، بس كان غصب عني.
ضمها الي صدره بحنان وقبل رأسها، انتفضت حنين بين ذراعيه، لكنه ابتعد عنها بهدوء: انا هاسيبك ترتاحي وتنامي براحتك و هاروح انام في الاوضة التانية... لو احتجت حاجة اندهي عليا.
قال كلماته و خرج من الغرفة دون انتظار رد منها، تركها خلفه تقف في دهشة بفستانها الأبيض.

في الصباح، استيقظت حنين علي طرقات خفيفة على الباب، فتحت عينيها تنظر إلي كل ما حولها في دهشة، لحظات حتي استوعبت انها الأن في بيت عمر، و بدأت احداث الليلة السابقة تعود اليها بالبطيء، اعتدلت في السرير بكسل و همست بصوت ضعيف: اتفضل يا عمر.

دخل عمر بابتسامة واسعه، رغم ملامحه الجامدة الا انها تلين مع ابتسامته، جلس عمر بهدوء علي طرف السرير ينظر إلي حنين التي تنظر إليه بخوف و قلق، لحظات من الصمت بينهما مضت كسرها عمر حين قال بصوت هادئ: يا رب تكوني نمتي كويس.

اومأت رأسها بالإيجاب وهي تشد طرف الغطاء عليها أكثر.

ضحك عمر وقال بمرح: طبعا نمتي كويس.... احنا بقينا الضهر... يلا بلاش كسل انا حضرت الفطار... بس أعملي حسابك ده النهاردة بس.

خرج عمر من الغرفة وبقيت حنين جامدة في مكانها، لحظات وعاد يقف علي باب الغرفة مرة أخري وهتف: يلا.... انا جعان على فكرة.

قامت حنين تتبعه في شرود.... نظرت إلي طاولة الطعام المعدة بأشهى الأصناف و نظرت الي عمر في دهشة، لم تستطع ان تمنع شبح ابتسامة صغيرة ظهرت علي شفتيها و همست: انت اللي عملت كل الأكل ده؟

سحب مقعد لها لتجلس بجواره: بقالي سنين عايش في الغربة لوحدي...طبيعي اتعلمت اعمل أكل كويس.

وضع لها قطعة من البيض بطبقها ونظر لها بابتسامة: انا أحسن واحد يعمل اومليت علي فكرة... بس خلي بالك ده هيصعب موقفك اوي.

كانت حنين ترقبه في صمت، أخيرا تكلمت بصوت ضعيف هادئ: هيصعب موقفي ازاي؟

ضحك عمر بوجه بشوش: حبيبتي... انا باطبخ حلو، بس برضه ناقد جبااار... يعني لازم أكلك يكون حلو علشان يعجبني.

رفعت حنين حاجبيها وهتفت بمشاكسة: انت مجربتش أكلي... انا باعرف اطبخ برضه.

ربت عمر علي كفيها الممدودة علي الطاولة: خلاص يا حبيبتي ورينا مواهبك في الغدا ان شاء الله... و لو حابة أني أساعدك انا ممكن اتكرم و اساعد بس متاخديش علي كده.

ضحكت حنين أخيرا: لأ شكرا مش محتاجة مساعدة.

وضعت حنين الطعام في فمها ثم قالت: انا كنت فاكراك بتقول أي كلام يعني علشان تبهرني ... بس الأكل حلو فعلا يا عمر تسلم ايدك.

بتلقائية أمسك عمر كفها التي ارختها على الطاولة ووضع قبلة عليها: بالهنا يا حبيبتي.

ارتبكت حنين من فعلته لكنها لم تعقب، لكن عمر نظر لها بعينيه القويتين وقال: حنين انا جوزك انتي لازم تفهمي ده.... مش لازم ترتبكي كل اما المسك.... اللي أقدر اوعدك بيه أنى مش هالمسك غير لما تبقي انتي جاهزة... وانا مش مستعجل.... بس خلينا نتعامل عادي على الأقل.

اومأت حنين رأسها بتوتر ملحوظ، فأردف: احنا هنسافر كمان أسبوع متنسيش تبقي تحضري شنطتك.... انا شايف اننا محتاجين نبعد عن هنا بكل حاجة وحشة حصلت، خلينا نبتدي مع بعض من جديد.

نظر لها عمر بحنان وهو يربت على كتفها وأردف: حنين.... انا عاوزك تنسي أي حاجة وحشة أنتي مريتي بيها... أعتبري حياتك معايا بداية جديدة.... وانا هاعمل كل اللي أقدر عليه علشان اسعدك.

ابتسمت حنين بألم وقالت بصوت بالكاد مسموع: حاضر يا عمر.

انتهيا من الفطور، و دخلت حنين إلي غرفتها، لكنها فوجئت بعمر يقف علي باب غرفتها يهتف: قومي غيري هدومك هننزل .

نظرت له حنين باستغراب و هي تتصفح هاتفها المحمول باهمال: هنروح فين؟

دخل عمر إلي الغرفة، بدأ يخرج ملابسه من خزانة الملابس وهتف: هنتفسح شوية، بس بسرعة لو سمحتي انا مبحبش التأخير، قدامك 10 دقايق و الاقيكي جاهزة.

حمل عمر ملابسه وخرج من الغرفة، وبقيت حنين شاردة، اخذت تتحسس ملابسها بتردد، حتي استقرت أخيرا، ارتدت ملابسها سريعا، و قبل ان تضع اللمسات النهائية، وجدت طرقا خفيفا علي الباب و صوت عمر يأتي من خلفه: ال10 دقايق خلصوا علي فكرة.

فتحت حنين الباب وهي تهتف: خلاص والله فاضل حاجات بسيطة في الميكاب و ننزل.

وقف عمر يتأملها بعينين لامعتين بالحب، ثم أقترب منها وهو يأخذ قطعة قطنية مخصصة للتجميل موضوعة امامها، وبدأ يمررها علي وجهها في حنان، تسمرت حنين مكانها و كأن أنفاسها قد توقفت منذ ان اقترب منها عمر، تحسس بشرتها بالقطعة القطنية و هو يقول بصوت هادئ: انتي مش محتاجة تحطي ماكياج يا حنين...... انتي حلوة من غيره..... بعدين واحنا سوا مش بتحطي ماكياج، تحطيه وانتي خارجة والناس تتفرج عليكي.

أخيرا ناولها القطعة القطنية في يديها، وهو يميل عليها بنفس النبرة الهادئة: لو عايزة تحطي ميكاب يبقي ليا انا وبس..... امسحي وشك وانا مستنيكي بره.

•تابع الفصل التالي "رواية نبضات لا تعرف المستحيل" اضغط على اسم الرواية

الروايات كاملة عبر التلجرام

ملحوظة

يرجى التنبية: حقوق الملكية محفوظة لدى المؤلفون ولم تسمح مدونة دليل الروايات pdf نسب الأعمال الروائية لها أو لشخص غير للكاتب الأصلي للرواية، وإذا نشرت رواية مخالفة لحقوق الملكية يرجى أبلغنا عبر صفحة الفيسبوك
google-playkhamsatmostaqltradent