رواية مديري مستر فرعون الفصل السادس 6 - بقلم رحاب ابراهيم

 رواية مديري مستر فرعون الفصل السادس 6 - بقلم رحاب ابراهيم

أجاب الصبي ذو الثامنة عشر عاما :
_ أنا سقراط .. بتاع الشاي .
تعجبت "ليلة العيد" من اسمه لثوانً، ومسحت عيناها جيدًا حتى لا تثير شفقة ذلك الصبي، بينما دخل "سقراط" المطبخ ووضع حقيبته الصغيرة التي تشبه الحقائب المدرسية .. ثم ابتسم لها وهو يجلس قبالتها ويخرج من حقيبته "سندويتشات" فول .. وقال بلطـف :
_ يلا بسم الله يا ... هو أنتي صحيح اسمك إيه ؟ 
أغمضت ليلة عيناها ببؤس وهي تعلم ردة الفعل كالعادة:
_ ليلة العيد ..
_أنستينــا ..
وضحك الصبي ضحكة عالية على اسمها ، بينما لوت ليلة العيد شفتيها بغيظ وقالت :
_ على الأقل أحلى من سقراط !. 
تابع الصبي قهقهته العالية ولم يكترث لمَ قالتـه ولم يبالي، ونظرت له ليلة العيد لدقيقة بتمعن وسألته بفضول:
_ أنت ما بتزعلش لما حد يتريق على اسمك ؟
التهم "سقراط" قطعة من ساندويتشه بشهية، ثم أجاب وفمه منتفخ بالطعام :
_ زمان آه كنت بزعل وبتضايق، لكن دلوقتي بقيت جبلة، عقبالك لما تبقي جبلة زيي. 
تبسّمت "ليلة العيد" رغمًا عنها واعجبت بمنطقه البسيط، ثم قالت بصدق :
_  ياريت .. كانت اكتر مشاكلي اتحلت يا سقراط. 
سألها سقراط باهتمام :
_ هو لمؤاخذة يعني .. أنتي قاعدة هنا ليه ؟!. 
تنهدت ليلة وقالت له بيأس :
_ هشتغل هنا .. هعمل للمدير قهوة !!.
قالت ذلك بسخرية ممزوجة بمرارة وضيق، فوقف الطعام بفم سقراط وهتف :
_ تشتغلي هنا ؟! .. هو الباشا طردني ولا ايه ؟! 
طمأنته ليلة العيد وقالت :
_ لأ هو شغلني مؤقتا على ما أخلص دراستي .. 
وفزعت ليلة عندما ارتفع صوت جرس بشكل مزعج ونظرت لسقراط قائلة بتساؤل:
_ إيه ده ..؟! 
هبّ سقراط من مكانه وهو يبتلع ما بفمـه بعجالة، ثم قــال وهو يركض بالمكان :
_ هاتي السكر ،هاتي القهوة بسرعــــــــــة !!...  مالحقتش أفطر ، مالحقتش أفطر يا شركة موراهاش غيري!!. 
تعجبت ليلة منه وشعرت بالضيق من تصرفه ، فصاح فيها :
_ لو حد دخله المكتب قبل ما يشرب قهوته هتبقى مصيبة .. هيفضل يجعرلنا طول النهار وهنغرق في بحر التهزيق، ده بيشتم بالأنجليزي، بيشتم بالأنجليزي، عارفة ده معناه ايه ؟
سالته ليله بدهشة وهي تعطيه علبة السكر:
_ معناه إيه ؟! 
رد سقراط وهو يعد كنكة القهوة الخاصة لـ "هاكان" :
_ معناه اني هضطر أرد عليه بالفرنساوي .. وأنا كنت بغيب في حصة مسيو بهنسي. 
ارتفع رنين هاتف خلوي خاص بالمطبخ، وأشار سقراط لليلة لتجيب، فذهبت ليلة للهاتف ورفعت سماعته لتجيب بضيق وعصبية:
_ نعم .. ؟
رد صوت "هاكان" حادًا آمرًا :
_ هاتيلي القهوة بتاعتي الخاصة في المكتب .. في خلال دقيقة!. 
زمت ليلة العيد شفتيها بغيظ :
_ تمام ...سقراط بيعملها وهيبعتها لحضرتك ..
رد بهتاف وعصبية :
_ أنتي اللي تجبيها أومال هتشتغلي أمتى !! .. 
كادت أن تجيب بإعتراض وغيظ حتى انتبهت لصوت أغلاق الخط الآخر، فوضعت السماعة بغضب وقالت :
_ بني آدم غبي ... 
أعدّ سقراط القهوة في وقت قياسي رغم مهارته الملحوظة، وأعطاها الفنجان قائلًا:
_ روحي ارميهاله على المكتب وأجري. 
أخذت ليلة العيد فنجان القهوة وذهبت لمكتبه بنفس الطابق، وحينما سمح لها بالدخول قال مشيرًا لها بتهديد :
_ دقيقتين تأخير .. لو اتكررت مع السلامة .. 
ردت قائلة بغيظ:
_ أنا مش روبوت!! .. ومش معنى أني بشتغل هنا أي كان شغلي ايه أن حضرتك تعاملني زي العبيد !! .. لأني أنسانة وليا كرامتي .. وافقت أشتغل في البوفيه لأن الشغل مش عيب ، ايه يعني طالما بحاول وبكافح عشان أحقق حلمي .. بس واضح أنك شغلتني تصفية حسابات .. لو ده صح ياريت توضحلي من دلوقتي .. وأوعدك مش هتشوف وشي تاني. 
نظر لها "هاكان" لبعض الوقت وأستفزه وأعجبه بآن واحدة تمسكها بهدفها وتحديها له !! ... فنهض ووقف أمامها مباشرةً بنظرة جامدة :
_ أنا اللي بسأل مبتسألش .. ومش كل مرة هطلب فيها قهوة هتفتحي المحاضرة دي !! ... ده نظام والكل هنا ماشي عليه ، المرادي هعديها وهغفر جهلك بنظام الشغل هنا .. بس دي آخر مرة .. أنا بحب النظام في كل شيء .. وأنا أول واحد هنا بطبقه على نفسي .. واللي مش عاجبه الباب مفتوح دايمًا مع السلامة. 
نظرت له ليلة العيد بصمت للحظات، صمت بمحاولة فهم هذا الرجل الغريب، الذي بلحظة تشعر بنبذه لها، وبلحظة أخرى تظن أنها يتعامل هكذا مع الجميع دون أستثناء .. فقالت بصدق :
_ أستاذ هاكان .. مش هطلب منك غير أنك متحاولش تأذيني نفسيًا .. أنا راضية أكافح وأذاكر واجتهد عشان أوصل لحلمي .. مش جاية هنا عشان أتذل وأتهان .. ورغم كل اللي بتقوله وعصبيتك عليا وتصرفاتك اللي فاتت .. بس حاسة أنك مش هتحب تأذيني أو توجعني .. ارجوك سيبني أشتغل في حالي من غير استقصاد أو نبذ. 
واستأذنت بهدوء وخرجت من المكتب، وتركت هاكان يقف متجمدًا للحظات، عاد لمكتبه وارتشف من قهوته الدافئة وهو يفكر بكلمات تلك الفتاة البسيطة .. ابتسم ابتسامة بسيطة بتعجب .. من بين جميع الجميلات الاتي يركضن خلفه .. تلك الفأرة البائسة تترجاه لكي يبتعد عنها ويتركها وشأنها !!.يا للعجب !!. 
______________________________
أتى موعد اللقاء السري للأشقاء .. 
عند الهرم الأكبر ...
تنفس "سركن" بعمق وعيناه على الهرم بفخر وعزة .. ثم قـال :
_ لقد سرقوا أولاد الأفاعي الكثير من علومنا ونسبوها لأنفسهم .. خدعوا بعضا من أحفادنا وأوهموهم أننا انشأنا تلك الحضارة العريقة على السحر والخرافات .. بينماّ الحقيقة كانت أنها بنيت بالعلم والصبر والكفاح .. العلم كان هدفنا الأهم من كل شيء .. لذلك ها هي إلى الآن صامدة شامخة لا تهزها ريح سحرا .. أو أكاذيب الأفاعي. 
نظرت "لوتس" لشقيقها الاصغر بنظرة جانبية قلقة ، ثم قالت:
_ أعرف أنك تحاول أن تتحكم بغضبك كي لا تعنفني .. لست مخطئة و..
قاطعها "سركن" بحدة وعصبية :
_ لوتـس !! ... لولا أنك شقيقتي الكبرى لكان رد فعلي مختلف الآن .. وضعتني بموقف لا أحسد عليـه !! ... جعلتني لأول مرة أترك بلادي وزماني رغمًا عني .. وضعتني بورطة كبرى وحتما سيكتشف الجميع أختفائي وستكون العواقب وخيمة .. 
دافعت لوتس عن نفسها :
_ لم آتي لهنا برغبتي ! .. 
نظر "سركن" لشقيقته بنظرة حادة ثم قال :
_ ولكن تركت نفسك لساحرة العبيد تلميذة أبليس أن تلهو بعقلك وتشكك بزوجك !.. هل تعلمين أنه كان سيترك بلادنا بحثا عنك ؟! ... هل تعلمين حجم الكارثة التي وضعتينا فيها ؟! .. أمر أختفائك جاهدت لكي أبقيه سرًا .. ولكن لمتى سيبقى سرًا وأنا وأنت مقيدان هنا حتى قمر ليلة ٣٠ ؟! 
ذرفت لوتس الدموع وقالت بندم :
_ أغفر لي يا سركن أرجوك .. أنا لوتس ، شقيقتك الكبرى وأقرب مخلوق لقلبك .. الا استحق منك بعض الرحمة والغفران؟!. 
اطرف "سركن" أهدابه بحدة ثم قال دون أن ينظر لها :
_ ليس أنا من عليكِ أن تطلبي الغفران منه .. زوجك أولًا يا لوتس. 
لمست "لوتس" ذراع شقيقها وقالت ببكاء :
_ وأنت يا سركن .. ؟!
تنهد سركن بعمق، ثم استدار لشقيقته لوتس وقال بعدما رفع يده وربت على خديها بحنان :
_ أخطائك مغفورة دائمًا وأبدًا بلقلبي يا لوتس ... ليس عليكِ أبدًا أن تطلبي الغفران مني. 
ابتسمت لوتس وهي ترتمي بين ذراعي شقيقها ، ثم روت لها تلك الفتاة المسكينة التي تقيم معها ، فقال سركن بأطمئنان :
_ أعرف عنوانك جيدًا .. ولا تحاولي أن تظهري بهيئتك الحقيقية حتى رحلة العودة .. 
نظرت لواس لملابسه المعاصرة للعصر الحديث :
_ ولكنك تظهر ؟!. ...
رد سركن بنظرة غامضة :
_ القائد سركن در مون لن يتخفى من أعدائه أبدًا، اعلم أنهم يراقبونني أبناء الشيطان.. وتركتهم يفعلون ما يريدون، ولكني سأفعل ما أريد أيضاً....  ولن أعود ويدي نقية من دمائهم النجسة !. 
دعمته لوتس بكل ثقة وفخر :
_ لست قلقة على أخي القائد .. أنت المُحارب الأعظم بالنسبة لي .. 
رد عليها سركن بحزم :
_ لا تحاولي أن تبحثي عني ، أنا أعرف أين أنت وسآتيك بالوقت المناسب حتى يحين وقت العودة .. وحتى ذلك الوقت لابد أن تكوني بعيدة عني .. ولابد أن تتخلصي من تلك القوة الخرقاء التي معك !. 
اعترضت لوتس وقالت :
_ تلك القوة ضعفت جدًا عندما أتيت لهذا الزمان، وتضعف يوما بعد يوم .. وحتى أنني لا أعرف كيف أتخلص منها ! .. ولكن أطمئن لم أؤذي أحدًا بها، ولن افعل ذلك أبدًا.
نظر "سركن" لشمس الغروب وقـال :
_ سأتركك الآن رغمًا عني يا لوتس ، ولكن من الخطورة أن نبقى معاً وأنا أريد الأنتقام والثأر .. أذهبي أنتِ حيث أنت وسأراقبك من بعيد حتى اتأكد من سلامتكِ، وسأعود أنا لذلك المكان الذي لي به مأرب وهدف. 
ضيّقت "لوتس" عينيها بغرابة ولكنها أطاعت أمره وذهبت ....
_____________________________________
بالحي الشعبي ...
وقفت "شقاوة" مستندة بيديها على سور السطح المُلحقة به شقتها الصغيرة وعينيها تجيء هنا وهناك ... وهمست بضيق وقلق :
_ هو راح فين ده؟! .. ده مختفي من صباحية ربنـا !... 
انتبهت شقاوة لصوت خلفها، فأستدارت ونظرت بعتاب لصديقتها القديمة "أشجان" ، فأقتربت أشجان لشقاوة بابتسامة وقالت :
_ مش جه الوقت اللي نتصالح فيه بقا ولا ايه ، ولا يرضيكي اروح بيت جوزي وأمشي من الحتة وأحنا لسه متخاصمين ؟! 
ابتسمت لها شقاوة وقالت بصدق :
_ لا ما يصحش .. الف مبروك يا بت .. ربنا يعدلهالك ويتملك على خير ..
ضمتها "أشجان" بمحبة ثم قالت :
_ حنتي النهاردة وأنتي اكيد عارفة، ده فروع النور مالية الشارع قدامك أهي .. هتيجي وتنفذي وعد السنين وترقصي في فرحي لما تتعبي ، ولا هتسبيني لوحدي ؟ 
ضربتها شقاوة ضربةً خفيفة على كتفها وقالت :
_ هو أنا توبت آه عن الرقص .. بس أنتي أختي ، هاجي وهولعلك الحنة زي ما وعدتك زمان .. هخليها ليلة تتحاكى بيها نسوان الحتة لسنين .. هو أحنا يعني عندنا كام أشجان !. 
ضحكت أشجان بسعادة، ثم قالت لها بأسف :
_ وما تزعليش من أمي ... أنتي ...
قاطعتها شقاوة بمرارة حاولت أن تخفيها :
_ أمك عندها حق يا أشجان .. ما هو برضه مافيش أم هتسيب بنتها تصاحب واحدة رقاصة وتسكت !! .. بس والله ياختي ما كان بكيفي ولا بهوايا .. ده أنا كنت بضرب مطرح ما تفر روحي كل مرة رايحة فيها نمرة في فرح ولا في صالة ... بيومي كان عفي في شبابه ومحدش كان بيقدر عليه .. اللي ربنا ينتقم منه. 
واستها "أشجان" وقالت بدعم :
_ بس أنتي قدرتي وبعدتي عنه وده الأهم .. والله يا بت يا شقاوة لربنا يعوضك عوض كبير أوي .. قولي بس يارب. 
قالت شقاوة بعمق قلبها وهي تتذكر ذلك الرجل الغريب ولما أختفى فجأة :
_ يـــارب .
________________________________
خرجت "ليلة العيد" من مبنى الشركة بعدما دقت الساعة الثامنة مساءًا ... خرجت وعلى وجهها دموعا متألمة كلما تذكرت ما أتت لأجله .. وما باتت عليه !. 
ظهرت أمامها فجأة "لوتس" ... وقالت بقلق :
_ كنت لسه هدخلك .. معلش اتأخرت عليكي شوية. 
وتوقفت لوتس عن الحديث عندما لاحظت دموع ليلة، فضمتها وهي تربت على كتفها :
_ عملك ايه خلاكي كده ؟
روت لها ليلة العيد كل شيء، وما قالته له، وعناده معها بعد ذلك رغم كل ما أخبرته به ... فزمت لوتس شفتيها بغيظ، ثم قالت بعصبية :
_ مش هعرف أنام النهاردة قبل ما اعمل حاجة ... أنا متغاظة أوي !!... أنتي قولتيلي أنه لسه جوا ؟ ... تمام !. 
حاولت أن تمنعها ليلة العيد ، بينما لواس أصرت على الدخول، ولكن قبل ذلك اختبأت خلف شجرة وعادت لهيئة القطة حتى تستطع الدخول دون جدال من أفراد الأمن ..
_________________________________ 
وبمكتب "هاكان" .. 
ظل رشاد يضحك بصوتٍ عال  ويقول لشقيقه :
_ ده أنت ناوي تذلها بقا ... بس البت نضفت عن أول مرة شوفتها ... خسارة الشياكة دي في البوفيه والله. 
نظر له "هاكان" باستخفاف وقال :
_ شياكة ؟! ... أنت بتسمي اللي كانت لبساه الفارة ده شياكة ! .. ذوقك بقا في النازل أوي. 
رد رشاد وهو لا زال يضحك :
_ بس على الأقل احسن من أول مرة شوفناها .. وبعدين يا هاك أنت لا بتفرق معاك شياكة ولا غيره .. دي لورا خطيبتك ملكة جمال ومش فارقة معاك بفنجان قهوة حتى. 
تحدث "هاكان" بعدما أختنق من مرور الحديث حتى وقف عند لورا ، وهتف بشقيقه :
_ ما تغير الموضوع الخنيق ده ... بقولك ايه ، عندي عشاء عمل في مطعم مع ناس أجانب .. ايه رأيك تيجي معايا ؟ 
ضيق "رشاد* عيناه بخبث :
_ أجي طبعا ...
ولاحظت لوتس أنها لن تستطيع السيطرة عليه وهو يستعد للمغادرة، ففكرت سريعا بشيء ، وابتسمت بخبث واسرعت للخارج مجددًا بعدما علمت عنوان المطعم ... 
_____________________________
وبخارج مبنى الشركة .. 
قد عادت " لوتس" لليلة العيد وقالت باقتراح :
_ أنا عايزة أتمشى شوية ..
نظرت لها ليلة العيد بدهشة وكأن لوتس قرأت أفكارها وقالت :
_ موافقة .. أنا فعلًا محتاجة اشم شوية هوا قبل ما أرجع البيت .. هما كده كده ما بيهتموش بوجودي فمافيش حد هيهتم يعرف أصلا اتأخرت ليـه ..
ابتسمت لوتس بخبث ولم تخبر ليلة بشيء حتى لا تجد اعتراضا ورفضا ... وبعد فترة وقفت لوتس أمام فاترينة تعرض فستان يخطف الأبصار بجماله الساحر ... وصاحت :
_ ادخلي قيسي ده بسرعة ..
تعجبت ليلة العيد، ولكنها وافقت لأن الرداء بالفعل سرق قلبها ، وحينما اختبرته بالبروفا وجدته مناسبا تمامًا وكأنه صمم لها خصيصا .. عدى عن طوله الأطول بقليل .. فقالت الفتاة بالمحل :
_ لو حابة ممكن اعملهولك هنا .. هضبطلك كل اللي انتي عايزاه وهتاخدي في نص ساعة. 
قالت لوتس بموافقة :
_ تمام .. ابدأي فيه دلوقتي. 
نظرت ليلة العيد للوتس وهمس :
_ أنتي عارفة الفستان ده بكام ؟ .. ده بكل الهدوم اللي جبتها !
اجابت لوتس بتصميم :
_ هو فعلًا بكل اللي جبتيه ، وشكله عليكي مخليكي زي الأميرة ... ممكن اطلب منك طلب يا ليلة ؟
ردت ليلة بتأكيد :
_ اكيد طبعا .. 
شرحت لوتس ما تود أن يحدث :
_ كام يوم وهرجع زمان بعيد أوي عنك ... خلينا نستغل الوقت ده ونخرج نتفسح ونفرح .. الأيام دي مش هتتكرر تاني .. أنتي هتلبسي الفستان ده وهتعزميني في المكان اللي أحب أروحه ..
التمعت عينان ليلة العيد بالدموع :
_ ما تفكرنيش بقا أنك هيجي اليوم وتمشي .. مش عارفة ولا قادرة أفكر في اللحظة دي. 
ربتت لوتس على يدها وقالت بحماس :
_ سبيها لوقتها .. المهم دلوقتي نفرح بكل لحظة ..
ابتسمت ليلة العيد بمحبة صادقة، ثم ذهبت وانتقت للوتس رداءًا فاخر على ذوقها .. وحاسبت ببطاقتها اللاكترونية التي حفظت بها المبلغ المتبقي ..
______________________________
ارتفعت أصوات الأغاني الشعبية المعتاد سماعها بالأفراح .. وهتف النسوة بالزراغيد ودوى الأكف عندما ظهرت العروس "أشجان " بيديها المصطبغة بالحناء .. 
ومن بعيد همست سماح لـ "شقاوة" وهن يدخلان بين الجموع والاقتراب من العروس :
_ فكي التكشيرة دي لأحسن أمها تقول أنك غيرانة من بنتها المقشفة أشجان ..
زفرت "شقاوة" بضيق وقالت بحنق:
_ أختفى فص ملح وداب .. يارب يرجع الحتة .. ده أنا قلبي اتعلق بيه وكأنه طوق النجاة .. يارب يرجع يا سماح .. حاسة بوجع في قلبي كده يابت من غيابه .. 
كشرت سماح بوجهها وقالت :
_ مالك ياختي مش على بعضك كده ، مكنتش عشرة يوم دي اللي تعمل فيكي كده !!! ...
تنهدت شقاوة بقوة وقالت :
_ ما هو اللي زيي ياختي لما بتتنيل وتندب وتحب بتقع في ثانية على جدور رقبتها .. هو خطف قلبي في يوم صحيح ، بس غيره جري سنين ومعرفش يخطف مني حتى رمش عين .. شوفتي الفرق بقا !. 
قالت سماح بتأفف :
_ بت أنا جاية أزقطط واهيص ، الليلة دي منزوعة النكد أنا بقولك أهو !. 
وقبل أن ترد شقاوة أتى عدد من الفتيات وخطفن شقاوة من مكانها لمشاركتهم الرقص ... 
وارتفعت أنغام الموسيقى عندما انضمت شقاوة للفتيات وتعالى صفير الشباب بصيحات أعجاب ومعاكسة .. 
واندمجت شقاوة مع الفتيات على أحدى الانغام الشعبية حتى لا ينتبه أحدًا لدموع عينيها خصبصا عندما انتبهت لقول أحدى النسوة وهي تقول بنظرة حاقدة لرداء شقاوة الأحمر الذي يبرز جمالها الأنثوي بتمرد:
_ آه ماهي رقاصة بقا .. استخسروا يدفعوا وجابوها ببلاش !. 
ولكن رمتهن شقاوة بنظرة شرسة وتمايلت بأنوثة مهلكة أمامهن لكي تكيدهن أكثر .. وضحكت عندما نجحت في أستفزازهن وتابعت رقصتها مع الفتيات متجاهلة صيحات بعض الشباب الهاتفة باسمها مرارًا وتكرارًا.. 
ودارت شقاوة بحركة سريعة وهي تلف حول نفسها بختام رقصتها كالمعتاد وترفع رأسها من أسفل لأعلى .. ولكنها اصطدم بصدر عريض مفتول العضلات .. 
رفعت رأسها كثيرًا حتى وصلت لعيناه الزرقاء التي تلتهب كالجمر المحترق ... ابتسمت وأضاء قلبها وهي تنظر لعمق عيناه وأن كانت تصفعها بتلك النظرات القاسية ..
فهمسـت :
_ كنـــت فيــن ؟! 
تحرك عصب فكيه بغضب شديد كأنه يكتم سيل من الشتائم ، ثم رماها بنظرة قسمت قلبها من قسوتها وابتعد مجددًا ... جف ريق شقاوة وهي تنظر لخطوات ابتعاده بدموع وفهمت أنه فسر الأمر خطأ...
فركضت بين الزحام وحاولت أن تجده، ولكنه أختفى من جديد !.
وقفت شقاوة تبك عند مدخل المبنى التي تسكن به بأمل أن تلمح له طيفاً... ولكنها بدلًا عن ذلك وجدت رجلًا من الأثرياء سأمت من اللحاق بها وملاحقته كي ترضى عنه ... 
وقف " صبري" أمامها وهي ينفث دخان سيجارته وتصطف سيارته الفارهة على بُعد خطوات قريبةً منه :
_ قولت أجيلك طالما مش عايزة تشوفيني ...
كانت شقاوة الآن بأكثر لحظاتها غضبا وشراسة ، قالت والدموع والغضب بعيناها :
_ عارف لو ما بعدتش عن خلقتي السعادي يا راجل أنت ؟! .. هو البعيد ما عندوش دم مابيحسش !! .. هو انا كام مرة هقولك أني مش بطيق حتى الارض اللي انت واقف عليها .. 
رد صيري وقال متحكما في أعصابه :
_ مش مهم تحبيني دلوقتي ، هتحبيني بعدين ، لما أخليكي هانم .. بقا في واحدة عاقلة ترفس النعمة برجليها ؟! .. اومال لو مكنتش عايزك بالحلال ؟! 
صرخت شقاوة به بأعلى صوتها :
_ ولا هتطول مني شعرة .. ما تريح بقا وتحل عني وتشوفلك واحدة غيري .. 
زفر صبري بغضب :
_ لا شكلك أنتي اللي شوفتي واحد غيري ، ما أنا بتوصلني أخبارك من جوز أمك يا بنت نعيمة .. ما هو قالي كمان على اللي حصل امبارح واللي حاشك عنه .. بس أنا جاي وعامل حسابي ، سلاحي في جيبي ورجالتي معايا .. ورينا بقا هركليز اللي فرحنالي بيه هيعمل ايه؟!. 
وأخرج صبري سلاحه وأشهره بوجه شقاوة التي شحب وجهها ، ليس خوفا على نفسها ، بل خوفا أن يأتي ذاك الغريب ويتصدى لهؤلاء المجرمين .. 
وفجاة اندفعت يد صبري المصوبة بوجه شقاوة بقوة شرسة جعلته يصرخ من الألم، وسقط سلاحه في بئر مكشوف ، وجر "سركن" شقاوة خلف ظهره و...
____________________________

•تابع الفصل التالي "رواية مديري مستر فرعون" اضغط على اسم الرواية

تعليقات