رواية بيتنا بيت لنا الفصل الثالث 3 - بقلم ولاء عمر
ــ نفسي يطلع صاحبي وسندي فبصاحبه واخده معايا في كل حتة علشان هو يعرف الناس والناس تعرفه.
ــ بس دا عيل صغير هيعرف إيه يعني؟
ــ بلاش تستهين بالعيل الصغير وتقتنع إنه مش فاهم حاجة، هو بيفهم وبيدرك كل حاجة حتى لو بان لك بسيط.
ــ الله يعينك الصراحة على إنك تقدر تتحمل تمشي بيه وتروح وتيجي أنا معنديش خُلق الصراحة .
ــ من كام سنة كنت زيك كدا لحد ما حصلت حاجة عرفتني بقيمة زن عيالي وصوتهم حواليا ووجودهم اللي كان على طول خانقني فكنت بنزل واسيبهم واقضي يومي يا في الشغل يا نايم يا إما قاعد برا البيت علشان هما زنانين.
إتعدلت وسألته:
ــ طيب وإيه اللي غير تفكيرك في خلال الكام سنة؟
رد بنبرة كانت مليانة حزن:
ــ كان عندي ابن كان عنده ييجي اتناشر سنة وكان حنين حنية، وأنا مكنتش متعود على الجو دا وبزهق منه، ومش عايز أنا أقعد معاه، مقتنع إن التربية هي اللي تقوم بيها أمهم وهي اللي تقعد معاهم وأنا مليش دعوة غير بإني أجيب ليهم المصاريف بتاعتهم، كنت شايف إني كدا بعمل كل اللي عليا من ناحيتهم. لحد ما في يوم كدا كنت راجع مخنوق وعلى أخري وضغط شغل بقى وخلاص مش طايق الهواء حتى فكنت قاعد بتغدا وهو بيلعب من غير ما يقصد خبط الكورة في الشاشة وأنا بقى قاعد بأكل وروحت قايم مزعق فيه وضاربه، ضربته ضرب وحش مكنتش شايف قدامي وشيطاني كان متملك مني ساعتها فمن غير قصدي إزاز الترابيزة وقع على رجله طير منها صباعين ورجله كمان إتكسرت.
كان ابنه الصغير جنبه ماسك الموبايل بيلعب فيه وهو إتنهد وكمل:
ــ موقف حصل بقاله أربع سنين، أربع سنين هو لسة زعلان مني، مش عارف يلعب كورة زي باقي أصحابه، صعبان عليه نفسه، أثروا على حركته، كل لحظة بشوفه فيها زعل الدنيا بيسكن جوة قلبي، مرجعش زي الأول، دا كان بمجرد ما يحس إن بس أنا حاسس بصداع ينزل جري يشتري لي برشام الصداع من مصروفه، كان نفسه إني أشوفه وهو بيلعب كورة وأشجعه، بحاول أعتذر كتير بس هو حتى لو قِبل الأسف مش هيعرف يسامحني، لو عندك ولاد قرب منهم وخليك حنين عليهم وإكسبهم، خليهم يحبوك، لو فضلت بنفس تفكيرك دا هتخسر ولادك لأن حتى هما مش هيحبوا يقربوا منك ويقعدوا معاك بعد كدا.
ــ المشكلة مش بتحمل زنهم.
ــ زنهم ووجودهم في البيت وكل واحد منهم بصحته وعافيته دي نعمة من عند ربنا مش كتير مدركها ويمكن أغلبنا، يعني قبل تعب ابني دا كان فراك وبيحب يلعب في حاجة وينزل المخدات واللعب تملى الشقة وصوته مالي البيت لدرجة إني كنت بزهق ويا أزعق له علشان يسكت يا إما أنزل، لحد ما حصل اللي حصل وهو من ساعتها و حتى كلامه بقى قليل وبقى منطوي على نفسه، بقيت أدخل البيت دلوقتي مبقاش في صوته ولِعبه ولا حتى اللعب بتاعته اللي كانت مالية الشقة، إكسب ولادك وإفتكر إن هييجي يوم ويكبروا، وهيتلهوا في مشاغل الحياة وكل واحد فيما بعد هيشوف حياته، لو كنت كويس معاهم ومصاحبهم وقتها مهما الدنيا ودت وجابت فيهم هما هيلفوا وييجوا لك ويقعدوا معاك ويستشيروك، ولو كنت بتنفر وتهرب منهم دلوقتي هما كمان لما يكبروا هيعملوا كدا.
إفتكرت موقفي مع مالك من شوية لما زعقت له وهو أصلاً عمل كدا من حنيته عليا.
كمل وقال :
ــ حتى مراتي لسة مشيلاني الذنب، وحصلت مشاكل كتير بسبب إني ضيعت ابني بسبب أنانيتي، هي كانت بتحاول معايا كتير أقرب منهم وأكون صاحب ليهم قبل حتى ما أكون أب بس دلوقتي برضو بحاول أصلح، يعني ابني اللي أنت شايفني نازل بيه دا لو طولت احطه جوة عيني علشان ميتعورش ولا يتجرح حتى جرح صغير أنا ممكن أعمل كدا، هو هادي أكتر من أخوه اللي أكبر منه بس دلوقتي البيت مبقاش ليه حِس زي الأول، بقى بارد، بس الإنسان كدا مش بيحس بقيمة النعمة وهي في إيده، بيحس بيها لما تضيع أو هو بغبائه يضيعها.
قام من مكانه وهو بيقول:
ــ شوف أنا أول مرة أجي هنا ولا أعرفك ولا تعرفي وما أعتقدش إننا ممكن نتجمع في مكان تاني لأني مش من هنا أصلاً بس أتمنى إن ربنا ينعم عليك بإنك تحس بقيمة النعم اللي حواليك قبل ما تزول لأنك قانط عليها.
ــ طيب هات رقمك حتى!
ــ ربنا أراد لينا إني أشوفك وأنصحك بتجربتي اللي قاعدة معلمة وهتفضل سايبة جوايا أثر أتمنى أنت تدركه ومتعملش زيّ وتخرب بيتك بإيدك، وإفتكر إن كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، يعني أنت مسؤول عنهم، وعن تربيتهم وعن إنك تكون جنبهم، حافظ على بيتك، يلا سلام أنا.
سلمت عليه وهو مسك إيد ابنه ومشي وأنا روحت كشفت وبعدها طلعت على محل لعب أطفال، إختارت عروسة لعبة لفريدة، وعربية بريموت كنترول لساجد وبعدها روحت جيبت العلاج وروَحت.
كنت عمال أفكر في كلامه وأفتكر موقفي مع مالك وأزعل من إني كسرت بخاطره بطريقة وحشة.
دخلت البيت وكانت فاطمة قاعدة بتذاكر لهم.
ــ يا ساجد تعبتني أقسم بالله إقعد يلا كمل واجبك وبعدين هعمل اللي انت عايزه.
قعد يعيط وقال لها :
ــ مليش دعوة أنا عايز موبايل زي صاحبي.
ماشاء الله الزمن تطور لدرجة إن العيال بقت نفسها في موبايل بدل اللعبة.
ردت هي عليه:
ــ مش إحنا إتعودنا إننا منبصش للي في إيد غيرنا ونقول عايزين زي فلان؟ وبعدين أنت لسة صغير على الموبايل يا ساجد، إذا كان أخوك الكبير مش معاه.
ــ مليش دعوة.
إتدخلت أنا في حوارهم وقولت:
ــ أنت عايز إيه يا ساجد؟
رد بخوف :
ــ م.. مش عايز حاجة يا بابا.
لما الواحد يبدأ يدقق بيكتشف مدى قساوته مع ولاده وإنه مرباش فيهم إنهم يصاحبوه، بل هو ملوش دور ولاغيه أصلاً.
رجعت سألته بهدوء:
ــ قولي طيب إيه رأيك لو جيبت لك حاجة مني ليك؟
رد بحماس طفولي:
ــ إيه هي ؟
طلعت الشنطة من ورا ضهري وطلعت له العربية اللعبة فقام من مكانه وفرح وقعد يتنطط ويقول بفرحة هاي، فابتسمت لفرحته، لاحظت فريدة اللي كانت الدموع متجمعة في عينيها علشان مجبتش ليها حاجة فـ ميلت جيبت العلبة اللي فيها العروسة من الشنطة وطلعتها لها فسابت القلم من إيدها وقامت بحماس وجريت عليا وهي بتأخد مني العروسة وبتطنط بيها زي ما ساجد كان بيعمل.
قربوا هما الإتنين ووقفوا قدامي فميلت لمستواهم وسألتهم عايزين إيه فقربوا مني ودخلوا جوا حضني.
ابتسم وطبطبت عليهم فساجد قال:
ــ لما ماما بتعمل لنا حاجة حلوة بنعمل كدا.
بصيت على مالك اللي كان عامل نفسه مركز في مذاكرته وباصص في الكتاب بتاعه، كنت ملاحظ قلبت وشه فقربت منه وسألته:
ــ مالك يا مالِك؟
قال بهدوء وهو في دموع في عينيه :
ــ مفيش يا بابا، بخلص الواجب بتاعي علشان أنزل التمرين.
ــ يعني مش زعلان مني علشان مجبتش ليك حاجة؟
عيط بس كان بيكابر وقال:
ــ لاء طبعاً مش مهم يا بابا.
ــ مش مهم إيه بس يلا إدخل إغسل وشك علشان عايزك تروح معايا مشوار مهم.
ــ طيب و الواجب؟
ــ تكمله لما نرجع بقى.
تحاملت على وجع رجلي وقومت معاه فهو لاحظ كدا فقال:
ــ مش مهم تنزل يا بابا، رجلك وجعاك وماما قالت إنك محتاج ترتاح.
ــ كدا كدا هنرجع تاني.
مسكت إيده ونزلنا روحنا...
•تابع الفصل التالي "رواية بيتنا بيت لنا" اضغط على اسم الرواية