رواية ضمير ميت الفصل الثاني 2 - بقلم دنيا آلشملول
ذهب فراس مسرعًا وهو يقول لعمرو :
- خلي بالك منها .
ذهب فراس ليتمم العملية الخاصة بأحد السياسيين المهمين في البلدة ..
بينما بقي عمرو وغرام أمام غرفة والدة غرام ينتظران الإذن بالدلوف ليطمئنوا عليها .
🌸 ربك لو عايز شئ هيكون 🌸
دالين بمرح :
- صباح الحلاوة ياحلويات .
ابتسم كل من والدها ووالدتها لها .. بينما اقتربت منهما وطبعت قبلة رقيقة على وجنتيهما ثم جلست بهدوء وهي تقول بسعادة :
- خطوبة عاصم وفاتن بعد يومين .. هخرج أنا والشلة عشان نظبط للحفلة .
ثم وجهت حديثها لوالدتها :
- ما تيجي معانا يامامي انتي ذوقك حلو جدًا .. وهتساعدينا كتيير .
وافقت والدتها بهدوء وسعادة لسعادة ابنتها وهي تتمني داخلها أن تراها عروس قريبا .
ابتسم والدها بهدوء وهو يقول :
- لو احتجتوا حاجه كلموني .. أنا هقوم بقا أروح الشغل عشان الشركة محتاجاني اليومين دول .
تركهما وغادر بابتسامة رضا .. بينما ذهبت كلتاهما لتبدلا ملابسهما .
انتهيتا وذهبتا للمول التجاري .. وهناك تقابلوا مع شدا وبدور ووالدتهما السيدة داليا .. وفاتن التي برغم سعادتها إلا أنها تشعر بالنقص حقًا .. فوالدات صديقاتها أتوا جميعا ليشاركنها فرحتها .. وينتقوا معها ما يلزمها .. بينما والدتها فقد تشاجرت معها صباحًا حينما طلبت منها أن ترافقها وتحججت بأنها على موعد مع رفيقاتها بإحدي النوادي التي تقضي بها يومها .
أفاقها من شرودها صوت دالين التي شعرت بها وأرادت ان تلطف الأجواء وتخرجها مما هي فيه :
- تونااا .. هنبدأ بإيه ؟ بصوا ياجماعة .. مبدأيا كده .. إيه رأيكوا لو احنا الاربعة لبسنا زي بعض باختلاف الألوان .. كل واحده تلبس اللون اللي تحبه ؟
نظرت لها شدا بجانب عينها وهي تقول بعدم رضا :
- وطبعا اللبس اللي هيكون موحد ده هيبقي فساتين .. اللي أنا أصلا مبلبسهاش .. انسي الفكره يا دالين .. عشان مش هلبس فستان أنا .
دالين برجاء :
- بليز يادودي .. دي خطوبة ياشدا .. يعني لازم فساتين .
زفرت شدا بسخط وهي تدحجها بنظرات غيظ .. بينما ضحكت دالين .. ودلفوا جميعا للمول .
بدأوا في البحث عن فستان مناسب من أجل فاتن أولا .. وقد توصلوا جميعًا لمبتغاهم .. فستان موڨ مكون من طبقتين .. السفلي ستان ويعلوها طبقة من التول .. مزخرفه من الصدر وحتي الخصر بزهور بنفس لون الفستان .. ويتخصر بحزام ستان من الموف أيضا بفيونكه من الجانب .. بأكتاف شفافه تحددها نفس زهور الصدر .. وينزل من الخصر للأسفل باتساع محبب .
نال استحسانهم جميعًا ..
بينما انتقت دالين فستانا من لون الكشمير الفاتح والذي تنسدل حمالتيه العريضتين علي ذراعيها ومطرز من الصدر وحتي الخصر بزهور من الكشمير والأبيض .. وينسدل من الخصر الي الأسفل باتساع محبب .. وهو عباره عن عدة طبقات شفافه تعلوها طبقة من قماش التول الكشمير الرقيقه ..
بينما أعجبت بدور بفستان من اللون الوردي الهادئ والذي يصل الي ركبتيها بدوران من شريط الستان الوردي اللامع وكذلك الرقبه والخصر يحاوطهما نفس الشريط .. مطرز من الصدر باوراق زهور ورديه يتداخل معها زهور بيضاء .. وبدون اكمام .. وينزل من الخصر الي الركبه بكشكشه بسيطه اعطت للفستان رونقًا خاصا من الاتساع والجمال ..
اما شدا فقد يئست الفتيات من محاولة جعلها تنتقي فستانا .. فلقد أصرت علي أحد البناطيل المتسعه قليلا من اللون الأسود ويعلوه شميز من اللون العنابي باكمام تنتهي بإسوره .. تتزين رقبتها بفيونكه طويله من نفس نوع ولون الشميز .. بينما تأتي نهاية الشميز بداخل البنطال الذي يتخصر بأحد الأحزمه السوداء اللامعة والتي يزينها توكة من اللون الذهبي .. وقد ابتاعت احدي الحقائب السوداء التي تتزين اطرافها بالذهبي من نفس درجك لون توكة الحزام .. وقد شعرت بالرضا تماما عما انتقته لنفسها علي عكس الفتيات اللاتي كدن يقتلنها بسبب اختلافها دوما عنهم جميعا في كل شئ حتي الملابس .
انتهوا جميعًا من جلب كل مستحضراتهم وما يحتاجون اليه .. ثم تناولوا الغداء معاً وعاد كل منهم لمنزله علي وعد بأن يتقابلوا في المساء في منزل فاتن ليروا ماذا يمكن ان يفعلوا لأجل تزيين المكان وتجهيزه للخطبه .
🌸 المهم انك تكمل ... بس كمل وانت راضي 🌸
استقل فِراس سيارته وبجانبه يستقر عمرو وفي الخلف تجلس غرام ممسكة بيد والدتها الجالسه في هدوء .
بينما يعلُ وجه فِراس الضيق .. فوالده لم يكلف نفسه عناء الاطمئنان علي زوجته حتي .. رغم ان فراس ارسل له احد الاطباء واخبره بوجودها في المستشفي .. الا انه لم يذهب اليها .. زفر بضيق فتساءل عمرو بهدوء :
- انت كويس يا فراس؟
اماء فراس بصمت فصمت عمرو هو الآخر .. فمهما حاول التقرب من فراس لا يجد لذلك سبيلا .. فراس من وجهة نظره شخص منفصل عن العالم الخارجي .. لا يمزح .. لا يضحك .. لا يتفاعل مع أحد .. لا يختلط بأحد .
لو لم يراه عدة مرات وهو يداعب غرام ويضاحكها لأجزم انه لا يضحك أبدا ولأجزم أيضا بأنه مريض نفسي .
قرر ان يتقرب منه عن طريق غرام فهي الوحيدة القادرة علي اخراجه عن صمته .
🌸 طول ما انت فيك النفس .. حارب على الأحلام 🌸
دلف لؤي لمكتب اللواء أمجد السويدي ..
اللواء أمجد :
- أهلا يا لؤي .. تعالى أقعد .
لؤي باحترام :
- ازي حضرتك يافندم ؟
امجد بهدوء :
- بخير يا سيادة العميد .
ابتسم لؤي بفهم .. فاللواء أمجد حينما يناديه بالعميد فهذا يعني مهمه بحث عن مجرم مجهول .. وكالعادة ستستغرق منه ايامًا وليالي كي ينجزها .. ولكن خابت ظنونه حينما أخبره اللواء بــ :
- المرة دي مش مهمة بحث جنائي زي ما انت فاكر .. المره دي حراسة أمنية.
عقد لؤي حاجبيه بعدم فهم .. ليبتسم أمجد بهدوء وبدأ بشرح التفاصيل للؤي الذي زادت عقدة حاجبيه بعدم فهم :
- طب انا مالي بكل ده يافندم ؟.. انا مباحث جنايات حتي .
أمجد بجدية :
- اعتبرها خدمه شخصية يا لؤي .
ارتخت ملامح لؤي وتنهد بهدوء :
- حاضر يافندم .. اتفضل حضرتك كمل .
أمجد بابتسامة :
- شوف يا لؤي .. انا مش هكدب عليك وهكون صريح لأبعد حد .. انا كان معايا العميد رأفت سويلم .. وهو كان اكفأ مَن يَقُوم بمهمة زي دي .. وللأسف لولا ظروفه المرضية الطارئة كان هيكمل فيها .. بس الظروف اقوي منه ومني .. وطبعا مفكرتش غير فيك اول حاجة من بعده .
لؤي بهدوء :
- وده شرف ليا الشغل مع سعادتك اولا .. وبتمني من ربنا يجعلني تحت حسن ظن حضرتك ثانيا .
امجد بابتسامة :
- تمام .. الموضوع ده غاية في السرية .. يعني مش هيعرف بيه غيرك .. فلازم تختار اللي هيكونوا معاك بدقة .. الغلطة بفورة يالؤي .
لؤي :
- تمام يافندم .. تقدر حضرتك تعتمد عليا .
أمجد بتفهم :
- انا قلتلك اللي عندي .. الباقي عليك انت يالؤي .. متخيبش ثقتي فيك .
لؤي بهدوء :
- بأمر الله مش هيحصل ياباشا .
ذهب لؤي لمكتبه وقام بمهاتفة عمرو وطلب منه الحضور لأجل أمر طارئ .
°°° يتبع °°°
الحلقة الثانية :
دلف فِراس وعمرو وغرام مع السيدة جومانة ..
ساعدتها غرام على الإستلقاء وتأكدت من نومها ثم نزلت لأخيها وزوجها ..
فِراس بتساؤل :
- نامت؟
غرام بهدوء :
- أيوه نامت الحمد لله .
عمرو وهو يحاوط وجهها بحنان :
- حبيبي خلاص فكي وشك كده وخلي ابتسامتك تظهر خلي الدنيا تنور .. ماما بخير ومفيش داعي للقلق .
غرام والدموع تترقرق في عينيها :
- كنت خايفة عليها أوي .. مش عارفه فراس لو ملحقهاش كان ممكن يحصل إيه .
اقترب فراس وجذبها لأحضانه وهو يمسد شعرها بحنان .
لا يعلم هل يفعل ذلك لأنه لا يطيق أن يمسسها ذاك الــ عمرو .. أم انه حقا يواسيها .. لكن ما يعلمه جيدًا بأنه لا يريدها أن تتعلق بأحد ربما لن يدوم معها .. فهي كل شئ بالنسبة له .. ولن يحتمل أن تتأذي أبدًا .. وكذلك لا يحب أبدا قُرب عمرو منها بهذا الشكل .. فهو يشعر بأنه سيأخذ مكانته لديها وهو لا يريد أبدًا أن يخسر كونه الأب والأخ لها .. لا بل كل شئ لها .. لن يحتمل فكرة أن تطلب مساعدة غيره ولن يحتمل فكرة أن يواسيها سواه .
وبينما هو على وضعه هذا من الشرود ابتسم عمرو بهدوء فهو يعلم مدى تعلقهما ببعضهما .. ويعلم مدى خوف فراس من أن يسرق أحدهم مكانته لدى غرام .. لذلك لا يعطي للأمر أهمية كثيرًا ويتقبل تدخل فراس الدائم بينهما بكل صدر رحب .. وربما هذا أكثر شئ يجعل غرام تحبه أضعافـا وتتمسك به أضعاف مضاعفة .. فهي ماذا ستحتاج أكثر من أخ حنون مجنون بها .. وزوج يحبها ويتفهم وضع أخيها .
قاطع شرودهم جميعا صوت هاتف عمرو الذي أَُضيأت شاشته باسم ( لؤي ) .
اجاب بغيظ :
- خير يا لؤي ؟ .. إنت لو حد مسلطك عليا مش هتتصل بيا في الأوقات دي .
ضحك لؤي وهو يقول بمكر :
- ليه يا حبيبي .. الوقت مش مناسب ولا إيه؟
عمرو بغيظ :
- مستفز .. عايز إيه إخلص .
لؤي :
- انجز يامنحنح وتعالى .. في مهمة جديدة ومهمه جدًا يعني .. متتأخرش عشان الموضوع حساس ها .
عمرو :
- حساس آه .. طب ما تحس إنت كمان على دمك وتنساني لما تبقى عارف إني عند مراتي .
لؤي باستفزاز :
- أوبس .. سوري ياعمور مكنتش أعرف إنك عندها .
عمرو بغيظ :
- إمشي يا لؤي .. إمشي .. ولا أقولك .. والله لقافل .
أغلق عمرو في وجه لؤي الذي انفجر في الضحك على صديقه .. فهو لا يزال مراهقًا في نظره .. لكنه لا يعلم بأن الحب لا يعرف عمرًا .. الحب يأتيك هكذا .. دون مقدمات أو استئذان .. يقتحمك لمجرد أنك نظرت بقلبك إلى أحدهم فوقع قلبك صريع حبه .. ومن أحب بصدق مهما كان عمره يتصرف بكل عفوية وتلقائية .. فمشاعره هي من تحركه .
عاد عمرو لفراس وغرام اللذان جلسا إلى أحد المقاعد واستأذن ليغادر على وعد بأن يهاتف غرام من حين لآخر ليطمئن على والدتها .
ذهب عمرو وبدأ فراس ينظر لغرام بتردد لاحظته هي .
غرام بهدوء :
- عايز تقول إيه ياحبيبي ؟
فراس وكأنه كان ينتظر سؤالها لينفجر بها :
- هو مينفعش عمرو يعاملك من بعيد لبعيد .. ليه كل شويه ياخدك في حضنه وشويه يمسك إيدك وشويه وشك .. دا ناقص يبوسك وأنا واقف .
غرام وهي تحاول أن تكتم ضحكتها :
- طب وإيه المشكلة بس يافراس .. إحنا كاتبين الكتاب .. يعني جوزي و …
فراس مقاطعًا إياها بضيق :
- يوووه جوزي جوزي جوزي .. غرام ياريت يعاملك من بعيد لبعيد لحد ما تبقي تروحي بيته .. بس صدقيني أنا بمسك نفسي عنه بالعافية لما أشوفه قريب منك .. المرة الجاية معرفش ممكن أتصرف إزاي .
ألقي آخر كلماته ثم تحرك من أمامها خارج الڤيلا بأكملها .
نظرت غرام في أثره بابتسامة وحزن .. تبتسم لحرص أخيها عليها حتي من أقرب الناس إليها .. وحزن لأنها لا تعلم ما نهاية تلك الغيرة التي يمتلكها تجاهها .. فهي ستغادره يوما ما .. وسيضطر لرؤيتها مع عمرو كثيرًا في الايام القادمة .. كيف لها أن توفق بينهما .. هي لا تملك أدنى شك من كون عمرو متقبلا لأمرٍ كهذا .. لكنها واثقة أيضًا من أن هذا لن يدوم كثيرًا .. فعمرو لديه صبر أيضًا .. تنهدت بتعب ثم صعدت لوالدتها لتطمئن عليها .
🌸 لسه في الأيام كتير .. كله خير 🌸
كانت الفتيات تتنقل من مكان لآخر في حديقة الڤيلا لمعاينة المكان .
بدور بضجر :
- ما نجيب متخصص حفلات وينظمها .. انتوا هتوجعوا دماغنا ليه !
نظرت لها دالين بسخط :
- بت انتي .. مش عايزة تقفي معانا يبقى امشي من هنا .. لكن متقطَّميش فينا .. قال متخصص حفلات قال .. واحنا ناقصنا إيد ولا ناقصنا رجل ياختي ؟!
شدا :
- بقولكوا إيه يابنات جاتلي فكره نار .
بدور بسرعة :
- إيه هنولع في عاصم وفاتن ونخلص؟
فاتن من خلفها بغيظ :
- شالله تولعي انتي يابعيدة .
قلبت بدور عينيها بضجر وهي تنظر لهم ..
شدا بهدوء :
- من بعد باب الڤيلا الداخلي هنعمل بوابة دخول من الورد الابيض .. وهيبقي على الجنبين قصاري ورد أبيض وأحمر لحد الكوشة .. اللي هتكون عبارة عن كوشة من ستاير بيضة متسلط عليها إضاءة ومكان قعدتهم .. وحوالين البسين من الجنبين هنرص قعدات الضيوف .. وهنعمل في نهاية البسين مكان لرقص سلو .
الفكره بسيطه وتقليدية بس إحنا وجدعنتنا نخليها مختلفة .. ها قلتوا إيه ؟
كانت الفتيات الثلاث ينظرن لها بانبهار .
رمشت شدا عدة مرات وهي تنظر لهم بتساؤل :
- انتوا مبرَّقين كده ليه ؟
بدور بتهكم :
- إنتِ طلعتي ليكي في الجو إيَّاه واحنا مش واخدين بالنا .. أمال عملالنا فيها شبح الحته طول الوقت ليه ؟
شدا وهي تنظر لها باشمئزاز :
- شبح الحته ؟ .. نقي ألفاظك .. نقي ألفاظك الله يسترك .
دالين مقاطعه إياهم :
- بجد أنا عماله أتخيل المنظر .. واااو هيجنن بجد .. بصوا كمان هنعمل على بوابة الورد ستارة قلوب صغننة حمرة .. هتدي منظر تحفة .. وكمان هنملى البسين ورد وبلالين .. والكوشة كمان هنملاها بلالين .. وإيه تاني إيه تاني ..
بدور مقاطعة :
- محدش فكر في التورته يعني .
فاتن بسرعة :
- لا عاصم قال التورته هديه منه ليا .
بدور وشدا ودالين بصوت واحد :
- نعم ياختي ؟
ضحكت فاتن عليهم وهي تقول بسرعة :
هديكوا هديكوا .
بقيت الفتيات الثلاث يرتبون لحفل الخطبة بحماس وسعادة باديه عليهم .. دون أن يعلم أي منهم أن تلك الحفل ستكون بداية الصدمات .
🌸 أكيد الصعب في يوم هيهون 🌸
يجلس عاصم إلى مكتبه يُراجع بعض الأوراق الخاصة بإحدي الصفقات .. قاطع تركيزه طرقات هادئة ومعروفة لدى مسمعه بأنها تخص سكرتيرة والده .. والتي يلعن تحت أنفاسه كلما أتت إليه .
شيرين بدلالها المعتاد :
- ممكن أدخل ؟
أجاب دون أن ينظر إليها :
- اتفضلي .
دلفت بخطواتها الهادئة والمتهادية بمبالغة .. تسبقها رائحة عطرها التي تجعله يشعر بالغثيان رغم روعته .
توقفت بجانبه ومالت إلى مكتبه لتضع الأوراق التي تحملها وهي تتعمد التقرب إليه .
زفر عاصم بضيق وهو ينظر لها ببعض الحدة :
- وهو مينفعش الورق ده يوصلي وانتي واقفة قدامي ؟
نظرت له بحزن مصطنع وهي تتمتم بخفوت :
سوري يامستر عاصم .. أنا بس اا
قاطعها بضيق :
خلاص يا آنسه شيرين .. مش عايز أسمع حاجة .
أمسك بالأوراق بين يديه يتفحصها وهو يقول بهدوء :
- إيه ده ؟
شيرين بنبرة دلال :
- دي آخر تقارير تخص إنشاء القرية الخاصة برأفت باشا المنياوي .
أماء بصمت وهو يتابع قراءة التقارير .. ليقاطعه صوت هاتفه الذي التقطه وهو ينظر له بابتسامه .. غافلا عن تلك التي تقف خلفه مباشرة وقد رأت التواء شفتيه بابتسامته لتعلم على الفور هوية المتصل .
عاصم بحب :
- حياتي .
فاتن :
- عصومي وحشتني أوي .
عاصم بهدوء :
- وانتي كمات ياقلب عصومك .. ها عملتي إيه النهارده؟
فاتن بفرحة :
- مش هتصدق أنا فرحانة قد إيه .. جبت الدريس وكل مستلزمات الخطوبة وكمان حددنا تصميم الديكور .. وحاجه آااااخر جمال .. ناقص بس وجودك واليوم يبقى خيالي .
ضحك عاصم بهدوء وهو يتمتم بهيام وقد نسي تمامًا وجود شيرين التي تحترق غيظًا بجانبه :
- هانت ياتونايتي .. يومين بس .. وعاملك مفاجأه جامدة يوم الخطوبة .
فاتن بسعادة :
- إيه هيا ها ها .. إيه ها ؟
عاصم :
- لا لا مش هقولك .. دي مفاجأه .
قررت شيرين بأن تجعل هناك مفاجأة حقيقية تلهب قلب فاتن الآن .. فقالت بنبرة دلال عالية بعض الشئ :
- طيب يامستر عاصم .. واضح إنك مشغول دلوقتي .. أجيلك وقت تاني .
أقل ما يمكن أن يُقال في تلك اللحظة بأن عاصم ينتوي قتل أحدهم الآن .
وصل صوتها المدلل لمسامع فاتن التي امتقع وجهها ورُبِط لسانها على الفور .. وحينما وصل صوت عاصم لمسامعها أغلقت الهاتف على الفور .
عاصم :
- فاتن .. ألو .. ألو فاتن .
أعاد الاتصال عدة مرات لكن لا إجابة .
كاد يهشم الهاتف في يده .. أخذ يسب تلك الـ شيرين بأبشع الألفاظ .. ثم عاد بذهن شارد للأوراق أمامه .. وهو ينوي الانتهاء منها ثم الذهاب لفاتن لإصلاح هذا الهراء الذي حل على رأسه .
🌸 متخافش طول ما ربنا ساندك وضهرك 🌸
عمرو بتساؤل :
مش فاهم .. إحنا من امتى بنشتغل في الحراسة .
نظر له لؤي شذرا ثم ارتشف ما تبقى من قهوته وانتصب واقفاً وجلس على المقعد المقابل لعمرو بهدوء وهو ينظر لعمق عينيه بترقب .
عمرو باستغراب :
- إيه ياعم انت في إيه؟
لؤي :
- انت متأكد إنك ظابط ؟
عمرو :
- بايخ على فكره .
لؤي باستفزاز :
- حقك تكون دماغك مقفلة .. ما انت ياعيني جاي على ملى وشك من عند غرامك .. هتركز فيها ولا في شغلك يعني .
تنهد عمرو بضيق مما أثار فضول لؤي :
- مالك يا عمرو في إيه ؟
عمرو بضيق :
- فِراس .
لؤي :
- فِراس مين؟
عمرو :
- توأم غرام .
لؤي بترقب :
- خير .. ماله ؟
عمرو :
- مش عارف .. أنا نفسي مش عارف .. هو منطوي وعلى طول ساكت ومبيتكلمش غير في أضيق الحدود .. أنا نفسي جوز أخته مفيش بينا أي كلام أو قرب خالص .. تخيل بيغير على غرام مني .. لو مسكت اديها يفضل يتنفخ .. لو بوست راسها وشه يحمر م الغضب .. الاسبوع اللي غبته عنها لما رجعت وخدتها في حضني سحبها من ايدها ورا ضهره .. ولولا غرام قلبت الموضوع هزار يمكن كنا شدينا قصاد بعض .. عارف اللي هو أصلا شخصيه مش مفهومه .
لؤي بهدوء :
- ما يمكن عقده !
عمرو :
- عقده؟.. إزاي يعني ؟!
لؤي :
- يعني انت قلتلي قبل كده كان ليهم أخ ومات في حادثه .. يمكن عقده عنده .. وخايف عليها فبيتصرف بدافع خوفه .. بالإضافه إنها توأمه .. يعني الاتنين روح واحده .
عمرو بتفهم :
- ما ده اللي مصبرني يا لؤي .. ده اللي مصبرني .
ربت لؤي فوق قدم صديقه وهو ينظر له بابتسامه مطمئنة :
- هانت ياصحبي .. كلها كام شهر وتبقى في بيتك .
عمرو بابتسامه :
- دا أنا هطلع عليها القديم والجديد كله .. بس اصبر .
ضحك لؤي ثم تابع :
- طب يلا ركز بقا في المهمه دي .
أخذ لؤي وعمرو يتشاوران في المهمه التي من المفترض أنهم سينجزونها خلال يومين .
🌸 مين قال ربنا خد منك شئ؟ ربنا يا بيدي .. يا بيبدل 🌸
دالين بمحايلة :
- بطلي يابنتي عياط طيب وفهميني إيه اللي حصل .. ما انتي كنتي حلوة دلوقتي .
أخذت شهقاتها تعلُ أكثر فأكثر حتى صمتت فجأه حينما وصل لمسامعها صوته .
قامت بمحو عبراتها بعنف .. ثم هبت واقفه أمامه تنظر له بِشَر .
عاصم :
- فاتن بلاش غباء .. دي مجرد السكرتيرة و ..
أمسكت فاتن بالمزهرية القابعة إلى جانبها وألقتها عليه بعنف مقاطعة حديثه وهي تتحدث بانكسار :
- والسكرتيرة صوتها يوصلني وكأنها حاطة التليفون على ودنها هي لي ها ؟؟.. ولا كلامها المتمرقع .. ولا هجيلك تاني .. ولا مستر عاااصم .. ها .. انطق .. سكرتيرة ها .
بمجرد أن فهمت دالين ماحدث حتى انفجرت في الضحك ولم تستطع التوقف .. مما أثار حنق فاتن فنظرت لها بضيق وقامت بدفع عاصم من أمامها وصعدت لغرفتها ركضًا .
صمتت دالين بعد وقت قصير ناظرة لعاصم الذي يمسك شعره بضيق .
دالين بهدوء :
- سوري ياعاصم مقدرتش أمسك نفسي .. بس لا بجد إيه اللي قالته فاتن ده .
عاصم وهو يمرر يده على وجهه بعصبيه :
- يا دالين دي سكرتيرة بابا الله يحرقها مطرح ما هي متلقحه دلوقتي .. جايبالي تقارير مشروع جديد .. فاتن اتصلت وبكلمها فـ السكرتيرة استأذنت ومشيت .. فاتن سمعتها ومعرفش صحبتك بتفكر إزاي .. يعني بعد العمر ده كله أنا وهي مع بعض وتفكر كده .
فاتن من أعلى الدرج :
- متقول هي كانت قريبة منك ليه ها .
عاصم بعصبية :
- قريبة مني فين يافاتن .. انتي دخلتي مكتبي وشفتيها قريبة مني .
فاتن بعصبية مماثلة :
- لا مــ ده اللي ناقص .. أدخل الاقيها جنبك في المكتب .
عاصم بحدة :
- فاتن إلزمي حدودك .. مش هسمحلك تتعدي حدودك بالطريقة دي .. أنا مش عيِّل صغير هريِّل على أي واحدة .. ومش أنا اللي تتعدى حدودها معايا مجرد سكرتيرة .. قلت إنه كان شغل جابته ولما كلمتيني هي مشيت .. إلا إذا لو انتي مش واثقه فيا .. ساعتها الموضوع هيبقى ليه مسار تاني .. وصدقيني يافاتن دي أول وآخر مرة هسمحلك تلمحي بحاجة سخيفة زي دي معايا .
ألقي كلماته ثم خرج من الڤيلا بضيق .
جلست فاتن أرضا تبكي فصعدت لها دالين وأخذت تربت على ظهرها بهدوء :
- إهدي يا تونا .. عاصم عنده حق .. مينفعش تتهميه كده .. ثم إن اللي بينكم يافاتن مش من يوم ولا اتنين .. دا اللي بينكوا بقالوا سنين .. وخطوبتكم رسمي بعد يومين .. وكلنا نشهد على حب عاصم .. لا ده عشقه ليكي .. ازاي تفكري كده ! .. وبعدين تعالي هنا .. لو السكرتيرة دي غرضها فعلا كده .. يبقى انتي خلتيها تكسب وتفرسك أهو .. متبقيش غبية يافاتن واتحكمي بعقلك شوية .. متخليش حد يبقى سبب زعلكم بسهولة كده .. اللي بينكوا أكبر من كده يا فاتن .
فاتن بهدوء :
- عندك حق يادالين .. بس .. بس أنا لما سمعت صوتها حسيت في نار في دماغي وقلبي .. معرفتش أتصرف .
دالين بابتسامه :
- خلاص ياحبيبتي اهدي .. موقف وعدى .. قومي بقا ياحلوة البسي لبس شيك كده عشان أوصلك لعاصم بيه واخلع .. وانتي وشطارتك بقا .. تخليه يعزمك على عشا رومانسي .. ياخدك في جولة سريعة .. ان شالله ياخدك قلمين المهم تكونوا سوا .
ضحكت فاتن وهي تمحي أثار دموعها ثم احتضنت دالين بقوة وهي تتمتم :
- شكرا أوي يادالين .. شكرا عشان ديما جنبي .
دالين وهي تضربها بخفه على ظهرها :
-شكرا علي إيه ياحيوانه .. انتي زي أختي .. يلا قومي انجزي بدل ما أغير رأيي .
فاتن بسرعة :
- لا لا تغيري إيه .. أنا خلاص جهزت أهو .
ركضت من أمامها إلى الغرفه لتنتقي ملابسها للذهاب إلى عاصم وإصلاح ما أفسدته الآن .
بينما هاتفت دالين عاصم الذي أجابها علي الفور ظنًا بأن فاتن قد أصابها مكروه .
عاصم :
- دالين ؟!.. فاتن كويسة ؟.. حصل حاجة ؟
دالين :
- اهدي يا عم الحنين .. مفيش حاجة .. مالك خفيف كده .. وبعدين لما انت خايف عليها أوي كده مشيت بزعابيبك ليه ؟
عاصم وهو يزفر بضيق :
- انتي مسمعتيش يادالين بودانك قالت إيه ؟.. ده يرضي ربنا ده يعني ؟.. أنا يادلين !! .. بعد كل اللي بينا شيفاني بالطريقة دي ؟
دالين بهدوء :
- اهدى ياعاصم .. هي غصب عنها بردو .. قلبها اللي مشاها .. هي متقصدش أبدًا وانت عارف كده .
عاصم بتنهيدة :
- عارف يا دالين عارف .
دالين :
- طب انت فين بقا يابرنس ؟
عاصم بتساؤل :
- اشمعنا ؟
دالين :
- عشان تونايتك جايه تصالحك .. وأنا كلمتك عشان هي مشغولة بتنقية اللبس اللي هتيجي لحضرتك بيه .. قال يعني هتحلو أوي .
عاصم باندفاع وتلقائية :
- هي طول عمرها حلوه وبأي وضع حلوه وأصلا أصلا هي كل الحلو اللي في حياتي .
ضحكت دالين بقوة فتابع :
- والله انتي سوسة يادالين .
دالين بضحكة :
- لا لا ... انت اللي واقع .. المهم .. انت فين بقا ؟
عاصم :
- انا في الشركة .. ممكن أخرج و ..
قاطعته دالين بمكر :
- لا لا تطلع فين .. ده هو ده عز الطلب .. خليك مكانك واحنا مسافة السكه ونبقى عندك .. بس بقولك إيه .. لما نيجي تعمل متفاجئ ها .
عاصم بضحكة :
- ماشي ياطفلة .
دالين :
- بقولك إيه ياعاصم .. ما تكلم السكرتيرة دي تجيلك تاني .
عاصم بعدم فهم :
- لي يعني ؟
دالين :
- إسمع كلامي مش هتخسر حاجة .. لما نوصل الشركة هبعتلك ماسيدج .. بعده على طول أطلب السكرتيرة دي لأي سبب يعني .. وعيزاك تتعامل مع فاتن بعفويتك وكده .. فاهمني .
عاصم بابتسامه :
- فاهم فاهم .. مش بقول سوسة .. طب يلا ياماما طيري .
أغلقت دالين مع عاصم وهي تتوعد لتلك الحقيرة كما أسمتها .
صعدت لفاتن وقد تسمرت مكانها وهي تراها بهيئتها الخاطفة للأنفاس .. فقد كانت ترتدي فستانا أنيقًا من الشيفون الأزرق .. يزينه من الخصر حزام اسود أنيق .. بنصف أكمام شفافة .. وترفع خصلاتها للأعلي بطريقة عشوائية ساحرة .. وحذاء أسود ذو كعب .. و حقيبة سوداء كذلك .. وتحدد عينيها بكحل أسود وملمع شفاه بسيط يكاد يظهر .
أطلقت دالين صفيرًا عاليًا بإعجاب .. فـ التفتت إليها فاتن وهي تنظر لها بتردد :
- مش حلو مش كده ؟
دالين بابتسامه :
- ده مش حلو ده ؟.. ده قمة في الأناقة والجمال والشياكة يا أبيض ياعرسي انت .
ضحكت فاتن بهدوء ثم امسكت بيد دالين واتجهوا حيث عاصم .
فاتن :
- طب إحنا هنعرف عاصم فين منين دلوقتي؟
دالين :
- هو جه على ملى وشه م الشركة يبقي أكيد هيرجع تاني وخصوصاً كمان إننا عارفينه لما بيتضايق بيروح يطلع ضيقه في مكتبه .. مش محتاجه فكاكه يعني .
فاتن :
- خلاص يابنتي .. إيه بلاعة واتفتحتي .
وصلتا إلى مقر الشركة فأخرجت دالين الهاتف وأرسلت رسالة إلى عاصم تخبره بوصولهما .
دلفتا بهدوء .. فقام السكرتير الخاص بعاصم ورحب بهما وبروتين معتاد :
- ثواني أدي خبر لعاصم بيه بوجود حضراتكم .
دلف لعاصم .. وثوانٍ قليلة وسمح لهما بالدلوف .
دلفت الفتاتان فوجدتا عاصم يجلس على كرسيه ومنشغل بكم الأوراق أمامه .
عضت فاتن على شفتها بضيق .. فهو حقا غاضب ويُرهق نفسه في العمل بسببها الآن .
ابتسمت دالين على عاصم الذي يجيد دوره تماما وتحمحمت وهي في طريقها إليه وضربته على مؤخرة رأسه بخفة وهي تقول :
- إحنا هنا ها .. ياريت تطلبلنا حاجة نشربها .. ولا أقولك اطلبلنا أكل .. أنا جعانة أوي .
عاصم :
- وانتي من امته بتشبعي .
لم يستطع أن يمنع نظره عن مليكته أكثر من ذلك فالتفت إليها بعينيه ليجدها تقف بهيأتها الخاطفة لأنفاسه .. تسربت الحمرة لوجنتيها وهي تنظر للأرض وكأنها تفحصها بعينيها الهاربة من عينيه .
عاصم منظفاً حلقه :
- تونايتي واقفه عندك عرض أقل
•تابع الفصل التالي "رواية ضمير ميت" اضغط على اسم الرواية