رواية ضمير ميت الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم دنيا آلشملول
دلفت فاتن لدورة المياه الملحقة بغرفة الجلوس .. قامت بغسل وجهها ثم أخرجت علبة الميك أب خاصتها وقامت بإعادة ترتيب مظهرها قبل أن تتنفس بقوة في محاولة لاستعادة رباط جأشها وشجاعتها ..
انتهت سريعًا ثم خرجت لتشهق وهي ترى عاصم يقف أمامها .. ثم وضعت يدها تجاه قلبها وهي تتمتم :
خضتني يا عاصم .
اقترب منها بخطوات هادئة بينما تحركت هي للخلف وهي تتمتم :
عـ عاصم .
عاصم بهدوء :
خايفة مني ؟
نفت فاتن سريعًا .. ليتابع :
مبقتيش عيزاني ؟
نفت مجددًا ليتابع وهو يقترب أكثر حتى وقفت عندما وصلت إلى الحائط :
متسبنيش .. متبعديش .. أنا بحبك .
فاتن وهي تحاول تمالك نفسها :
مـ مش هتجرحني تاني ؟
نفى عاصم سريعًا .. لتتابع هي :
هتسمعني ديمًا قبل ما تحكم عليا ؟
أماء عاصم وعينيه فقط تتركز على مخارج حروفها .. وعندما لاحظت هي ذلك عضت على شفتيها وهي تدفعه من صدره كي تركض لكنه كان أسرع حينما جذبها إلى صدره ليدفن رأسه في عنقها وهو يتمتم :
وحشتيني .. وحشتيني ياكل دنيتي وحياتي .
فاتن وهي تحاول التحرر :
عـ عاصم مـ مكن حد يشوفنا .
عاصم وهو يشدد من احتضانها :
انتي مراتي .. محدش له حاجه عندنا .
فاتن :
عاصم أرجوك .
ابتعد على مضض ثم أمسك برأسها وطبع قبلة حانية على جبينها وهو يتمتم :
بحبك .
ابتسمت في خجل لتتمتم هي الأخرى :
وأنا كمان .
عاصم بمكر :
وانتي كمان أي ؟!
فاتن بغيظ :
هكون إيه يعني .. بتهبب بحبك .
عاصم بضحكه :
وحشاني عصبيتك ياقطتي الشرسه الأليفه .
فاتن :
شرسه ولا أليفه .. إرسى على بر .
عاصم :
انتي كل حاجة وعكسها ياروحي .. يلا تعالي نرقص .
خرجت معه إلى ساحة الرقص .
-----*-----*-----
تحركت بدور لتجلب شيئًا ما لتشربه وهي تتعثر في فستانها كل فنية والأخرى مما جعل حازم يبتسم باتساع لغيظها الذي تكتمه بداخلها ..
حازم من خلفها بهدوء :
متخلنيش اضطر اشتريلك لبس احتياطي تاني عشان ميطلعش تقيل وطويل بالشكل ده .
بدور بغيظ :
خليك في حالك .
حازم بابتسامة :
براحتي .. خطيبتي وهتبقي مراتي قريب .. فبراحتي .
بدور وهي تنظر له فاغرة فاهها :
مين ده اللي خطيب مين ؟!!
حازم بابتسامة :
انتي هتكوني خطيبتي ومراتي .. ولا انتي مبتحبنيش ؟
خجلت بدور وأنزلت رأسها للأسفل ليرفعها حازم بطرف إصبعه متمتمًا :
طب أنا بحبك .
بدور بابتسامة خجلة :
طب خلاص بقا .
حازم :
مش هتقولي حاجه ؟
بدور :
أقول إيه ؟
حازم :
أي حاجة ؟.. انتي شيفاني أي ؟.. شيفاني إزاي ؟.. كده يعني .
بدور بتردد :
اا انا .. اا ..
حازم بهدوء :
خلاص .. سيبي كل حاجه لوقتها .. المهم تعرفي إني بحبك .. بحبك وعايز أكمل باقي عمري وانتي جنبي ومعايا .
صدح صوت دالين من المايك وهي ترحب بالحضور جميعًا وقامت بتقديم نفسها أولا :
مساء الخير عليكم جميعًا .. ويارب تكون حفلة ظريفة .. أنا دالين الربيعي ونيابة عن صحباتي واصحابي بقدم كل التهاني والمباركات لغرام وعمرو وبهنيهم من كل قلبي وبتمنالهم السعادة والفرحة في حياتهم .. ودلوقتي هنقدم أغنيه أنا وصديقي المقرب عاصم الرواي للعروسين ولكل كابلز موجودين النهاردة يشرفونا هنا .
علا صوت التصفيق والتشجيع من جميع الحضور .. فابتسمت دالين وهي تبحث بعينيها عن فراس حتى استقرت عليه يقف إلى جانب والدته .. فابتسمت له بهدوء .. فأخذت غرام تؤشر لفراس الذي انتبه لها وذهب تجاهها .
غرام بهدوء :
أقف جنب دالين عشان عاصم معاه مراته وهيغنيلها .. وشويه وكل كابلز هييجوا مع بعض .. ودالين شكلها مش هيبقي لطيف لوحدها .
فراس وهو يرمش عدة مرات .. وقبل أن يستوعب شئ قامت بدفعه للأمام فتقدم ووقف بجانب دالين .. لتنطفئ الأضواء وتبقى فقط الأضواء الدائرية التي تتسلط على ساحة الرقص ويقف كل من عاصم ممسكًا بيد فاتن .. ودالين تقف إلى جانب فراس .. وغرام تمسك بيد عمرو .. وكذلك حازم الذي أمسك بيد بدور وجذبها إلى هناك .. ومن دون أي مقدمات قامت شدا بإمساك لؤي من يده وجذبته معها تحت صدمته وذهوله ..
لكنها لم تعطه فرصة ليستوعب من الأساس .
وأيضًا قامت روح بأخذ سندس من يدها واقتربت من شادي ووضعت يدها بيد شادي ودفعتهما معًا تجاه ساحة الرقص .. لتبدأ الموسيقى في الصدوح .
وبدأت دالين أولا :
ولا أي كلمة حب اتقالت في يوم ما بين اتنين تسوى حلاوة كلمة منك قولتهالي .
ليتابع عاصم عنها :
عيد قولت إيه كده تاني وتالت .. أنا قلبي كله حنين، ولا يطفي ناره حبيبي غير لو عدتهالي .
أخذت دالين وعاصم يرددان معًا :
عارف إنت اجمل حاجة تفرح الواحد هيا إيه؟
إن اللي ياما حلمت بيه تلاقيه حبيبك .
وأنا عشت بحلم باللحظة دي دا اللي بدور عليه .. أنا أسيب حياتي و دنيتي ولا يوم أسيبك .
لتعود دالين للغناء وحدها :
عارف بتعمل فيا إيه كلمة حبيبي .. زي اللي أول مرة بيحس بأمان
ومن ثم شاركها عاصم وكذلك شدا :
خليك معايا
خليك معايا يا حبيبي مهما كان
خليك معايا
يا حلم عمري اللي في خيالي من زمان .
تابع عاصم بمفرده :
عارف بتعمل فيا إيه كلمة حبيبي ؟
زي اللي أول مرة بيحس بأمان
ثم بدأت دالين وعاصم وشدا في الغناء :
خليك معايا
خليك معايا يا حبيبي مهما كان
خليك معايا
يا حلم عمري اللي في خيالي من زمان .
انتهت الأغنية وعادت الأضواء مجددًا والتصفيق يملأ الأجواء .. في حين جذب عمرو غرام لأحضانه .. ونظر فراس لأعين دالين بعمق والابتسامة تشق الطريق على وجهيهما دون أن ينطق أحدهما بشئ ..
وكذلك شدا ولؤي اللذان ينظران لبعضهما ولأول مره يتبادلان هذه النظرة التي يملؤها الحب والشوق واللهفة والحنين ..
في حين يحتضن حازم كف بدور داخل يديه والتي بكت من فرط سعادتها ..
بينما يقف شادي وسندس وعينيهما معلقة ببعضهما فقط قبل أن يتحدث شادي بخفوت :
من غير ما تسألي إزاي وفين وامته .. من الأخر كده أنا بحبك .
نظرت سندس للأرض بسرعة قبل ان تلمح يديهما المتشابكه وابتسامه سعادة ارتسمت على ثغرها جعلت الآخر يبتسم بحب لابتسامتها الصافية ...
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كانوا ينظرون تجاه ساحة الرقص بأعين تلمع سعادة ولكن ليست مطمئنة ..
هناك شئ خاطئ .. نظرت السيدة حياه تجاه جنات لتجدها تنظر تجاه لؤي ودموعها تغرق وجنتها .
السيدة حياه بهدوء :
بتفكري في إيه يا جنات ؟
السيدة جنات :
عمري ما بصتله غير على إنه إبني .. حته مني .. رغم تأنيب الضمير ووجع قلبي وحرقته لما بيهتم بيا ويسيب الكون كله عشاني وعشان راحتي ورضايا وأنا مستحقوش .
السيدة حياه مقاطعة :
إوعي تقولي كده يا جنات .. انتي ربتيه وعلمتيه وكبرتيه وخلتيه لؤي ده .. اللي انتي شيفاه ده لؤي إبنك انتي .
السيدة جنات بغصة :
وأمه ملهاش ذنب يا حياه .. ملهاش ذنب تتحرم منه أبدًا وتعيش في وهم موته كل ده .
السيدة حياه مغمضة عينيها بألم :
ذنبها الوحيد إنها مرات واحد زي رأفت .
تعرفي ؟.. لما بنتي اتخطفت قلت ده ذنبي .. ذنبي لوحدي عشان كنت فاكره إن وجودي مع ماجد هيحميها .. وسفرها بره بعيد عن حضني هيحميها .. ذنبي لوحدي عشان مسبتوش لما عرفت حقيقته .. واستسلمت للأمر الواقع ومدورتش عليها لإني كنت متأكده إن ربنا بيخلص حق جومانه من رقبتي .. بس مكنتش أتخيل أبدًا إن ابن جومانه التاني هو اللي ينقذها وهو اللي يحبها وتحبه ... الدنيا صغيرة أوي يا جنات .. صغيرة أوي .
السيدة جنات :
تفتكري هيسامحني؟
السيدة حياه بتأكيد :
فارس انتي اللي مربياه وانتي أدرىالناس بيه يا جنات .
السيدة جنات وقد زاد بكاؤها :
متقوليش فارس يا حياه .. ده لؤي .. لؤي ابني أنا .. ابني أنا لؤي .
كانت تتحدث بشهقة وبدأ وجهها يتدرج بالإحمرار وبدأت تشعر بألم في قلبها ونغزات تزداد .. وضعت يدها تجاه قلبها وأخذت تحاول جاهدة التنفس .. وقبل أن تفقد الوعي .. كان لؤي قد لمحها بهذا الوضع وحياه تركض تجاهها .. فركض هو الآخر ولحقت به شدا على الفور ..
لاحظتهم دالين فتحركت وفراس تجاههم .
وصل فراس قبل أن يتحرك لؤي بها فأخذها من بين يديه وصعد بها لغرفة ما .. وضعها على الفراش وبدأ في فحصها بهدوء .
أخذت شدا تهدئ من توتر لؤي وقلقه الذي يتفاقم .. بينما بقيت دالين بجانب والدتها وهي تسألها بهدوء :
إيه اللي حصل يا ماما ؟
السيدة حياه بتوتر :
معرفش .. كنا بنتكلم وفجأه تعبت .
دالين :
ربنا يستر وتبقى كويسه يارب .
خرج فراس بعد بعض الوقت وأخذ يربت على كتف لؤي وهو يتمتم :
هي اتعرضت لشوية ضغط بس .. محتاجه ترتاح شويه وهتبقى كويسه متقلقش .
لؤي :
متأكد يا فراس ؟.. يعني هي بخير بجد؟
فراس بتأكيد :
بخير والله متقلقش .
السيدة جومانه وقد صعدت للأعلي :
في إيه يا جماعه .. إيه اللي بــ ....
ابتلعت باقي حروفها حينما سقطت عينيها في عيني السيدة حياه الواقفة تنظر لها بترقب وخفوت .
السيدة جومانه :
حياه ؟!!!
فراس باستغراب :
انتوا اتعرفتوا على بعض ؟!
السيدة جومانه بهدوء :
إحنا كنا اصحاب قدامى .
فراس :
كنتوا ؟
السيدة حياه :
أيوه .. لحد ما الشغل اللي بين أبوك وماجد اتفض .
فراس بصدمة :
انتي .. انتي كنتي تعرفي بشغل بابا ياماما ؟
السيدة جومانه بتوتر :
شـ شغل ايه ؟
نظر فراس تجاه السيدة حياه ليجدها تحني رأسها للأسفل .. فضحك بشدة وهو يتمتم من بين ضحكاته :
لا لا مش معقول .. انتي بجد تعرفي بشغله ؟!!.. انتوا كنتوا اصحاب وهو وماجد كانوا اصحاب .. وفارس اللي دفع تمن صحوبيتكوا دي مش كده ؟
دالين مقاطعة بعدم فهم :
اا أنا مش فاهمه حاجه ؟.. إيه موضوع الشغل اللي بين بابايا وبباك ده ؟.. وإيه دخل فارس بكل ده ؟.. انتوا بتتكلموا عن إيه ؟
صمت عم في المكان عند سماعهم صوت غرام التي تتحدث وهي تصعد الدرج :
فيه إيه يا جماعه ؟ إيه اللي حصل ؟
لؤي بسرعة :
أبدا يا غرام .. دي والدتي بس تعبت شويه وفراس جه طمني عليها .. يلا يا فراس .. إنزل مع أختك وانتوا كمان يا جماعة .. أنا هدخل اتطمن على ماما بس واحصلكم .
تحرك فراس أولًا وأمسك بيد غرام يطمئنها ثم خرج بها مجددًا .. وتبعته دالين ووالدتها .. بينما بقيت شدا ولؤي والسيدة جومانه .
نظر لؤي تجاه السيدة جومانه التي تسلط نظرها عليه دون أن تحيد عنه ..
لؤي بهدوء :
متقلقيش ياطنط .. كل حاجه هتبقى كويسه إن شاء الله .
أماءت السيدة جومانه ببعض التوتر ولا تعلم سببًا لإنقباضة قلبها تلك بمجرد رؤيتها له .. تحركت بتثاقل للأسفل ..
بينما دلفت شدا برفقة لؤي ليطمئنوا على والدته .. وحينما رآها تنام في سلام .. قبل جبينها بهدوء ثم خرج وهو ممسك بيد شدا .. ونزلا للأسفل .
لم يمر الكثير من الوقت وبدأ الضيوف في المغادرة ..
اقترب فراس من غرام وأمسك بوجهها بين يديه وأخذ ينظر لها ولتفاصيلها وملامحها البريئة .. ثم اقترب وطبع قبلة طويلة وعميقة على جبينها وجذبها لأحضانه بقوه آلمتها لكنها لم تئن بل بادلته إياه وهي تبكي بصمت .
ابتعد فراس على مضض وأخذ يمحو عبراتها بهدوء وهو يتمتم :
خلي بالك من نفسك ومن جوزك .. وزي ما اتفقنا .
غمز لها في نهاية حديثه لتبتسم بهدوء قبل أن يحتضنا بعضهما مجددًا .. ثم اقترب من عمرو واحتضنه هو الآخر وهو يتمتم :
خلي بالك منها يا عمرو .
عمرو بابتسامة :
متقلقش يافراس .. غرام في قلبي وعيني .
ربت على كتفه ثم ابتعد ليركبا سيارتهما ويذهبا تحت نظراته المهددة بسقوط دموع عينيه ..
•تابع الفصل التالي "رواية ضمير ميت" اضغط على اسم الرواية