رواية ضمير ميت الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم دنيا آلشملول
الحلقة الواحد والعشرون :
فتحت عينيها ببطء وكسل مستشعره صدره الصلب أسفل رأسها .. رفعت رأسها قليلًا تنظر اليه بشرود .. إنه معها منذ ثلاثة أيام .. لا يتركها أبدًا .. ماذا إذًا .. هل سيتركها ويتخلى عنها .. لقد لحق بها إلى هنا حينما أرسلت له رسالة تخبره فيها أنها ستلجأ للإنتحار إذ لم يحادثها أو يأتي إليها .. ولم يمر سوى ساعات فقط وكان عندها .. هل حبًا بها أم هناك شئ آخر .. أفاقت من شرودها على صوته الناعس :
سرحانه في إيه يا سمر ؟
سمر بتنهيدة :
في اللي إحنا فيه .. آخرته إيه يا مراد ؟
مراد بضيق :
هو كل يوم هنصبح على نفس الموضوع ولا إيه ؟.. انتي ناقصك حاجه ياسمر ؟.. أنا ومعاكي .. بنتك وبطمنك عليها من الخدامين اللي في الڤيلا .. في ايه تاني؟
سمر وهي تعتدل مقربه الغطاء من جسدها :
انت شايف إن دي عيشه يا مراد ؟ أنا تخليت عن حياتي مع شريف وجنب بنتي وبعيد عن شغلي عشانك .. ودلوقتي بتقولي ناقصك إيه ؟!.. لا ناقصني كتير يا مراد .. وكتير أوي .. ناقصني أعيش من غير خوف وقلق من إني اصحى الصبح متكونش جنبي .. ناقصني بنتي تبقى قصاد عيني عشان أحميها من تهور ابنك وغباؤه .. ناقصني شغلي وصحباتي اللي اتخليت عنهم عشانك .
مراد بضيق وهو يترك الفراش متجها لدورة المياه :
ارجعي لحياتك يا سمر ومتعمليش حاجه عشاني .. أنا مفيش في إيدي حاجه أقدمهالك .
سمر بعصبيه :
أرجع إزاي وعاصم عارف كل اللي بينا ومش بعيد تبقى مشاكله مع فاتن أساسها موضوعنا ومش بعيد فاتن تكون عارفه .. وشريف لو عرف معرفش رد فعله هيكون إزاي .. وطبعا منتاش محتاج تعرف أخوك رد فعله هيبقي إيه .
مراد بضيق وهو ينظر تجاهها :
والحل إيه يا سمر .. اتفضلي سمعيني حلك .
سمر بهدوء :
أتطلق من شريف .
مراد :
ممنعتكيش .. ده شئ يرجعلك .
سمر متابعه :
ونتجوز .
نظر مراد تجاهها ببلاهه وهو يتمتم :
نعمل إيه ؟
سمر :
نتجوز يا مراد .. فين المشكله لما نتجوز ونعيش حياه طبيعية .. أنا مش عايزه شريف .. وانت أهو معايا بقالك سنين .. إيه المانع بقا ؟
مراد :
إسمعي يا سمر .. أنا مضربتكيش على إيدك عشان تكوني معايا .. ومعنديش استعداد أعمل اللي قلتيه ده .. ولو هتفتحي الموضوع ده تاني يبقي لحد هنا وآخر الطريق بينا .
سمر بألم :
يـ يـ يعني إيه ؟
مراد ولا يزال على حالته :
يعني اللي سمعتيه .. طلعي موضوع الجواز من دماغك .. ودلوقتي بعد إذنك .
دلف مراد لدورة المياه تاركًا خلفه سمر التي تنظر للفراغ بتيه .. وقد حسمت أمرها الآن وليس هناك تراجع لأي سبب أبدًا .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
رمشت عدة مرات قبل أن تفتح عينيها بتعب .. نظرت بجانبها لتجد دالين تنظر تجاهها بابتسامة :
صح النوم يا كسوله .. سبتك قد إيه .. ورجعت وانتي بردو زي ما انتي كسوله .
اعتدلت فاتن بسرعة وأحتضنت دالين بقوه وهي تتمتم :
وحشتيني أوي .
دالين وهي تربت على ظهرها بحب :
وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني أوي .. بس خلاص بقا معدش فيه غيبه تاني .. أنا على قلبك .
فاتن بهدوء :
إيه اللي حصل معاكي يا دالي ؟
دالين بتنهيدة :
هحكيلك كل حاجه .. بس دلوقتي عندي مشوار مهم هنهيه وهجيلك تاني بليل .
فاتن بقلق :
مشوار إيه ؟
دالين بهدوء :
القسم .
فاتن بشهقة :
قسم ؟.. قسم إيه ؟.. وليه ؟
دالين بهدوء :
متقلقيش كده .. دي شكليات بس عشان يقفلوا القضيه .. الموضوع طويل .. هحكيلك بليل ... بس دلوقتي لازم أمشي . أوك ؟
فاتن بهدوء :
متتأخيريش طيب وطمنيني .
احتضنتها دالين وهي تتمتم :
وحشتني القعده معاكي أوي .. بس هنعوضها .. يلا قومي ساعديني ألبس حاجة من عندك .. معنديش وقت أروح البيت وأرجع أروح القسم .. وكمان هاخد عربيتك .
فاتن وهي تتحرك بنشاط لا يتناسب مع حالتها أبدًا .. ولكن هي الآن لا تخشى شيئًا .. فصديقتها المقربة معها .. وستُعوضها عن كل شئ حدث :
يلا بينا .
فتحت فاتن الخزانة ووقفت أمامها بحيرة .. أمسكت بإحدى فساتينها الزرقاء وقالت بشغف :
انتي بتحبي الأزرق .. وده عليكي هيجنن .
اقتربت دالين وأمسكت به بين يديها وهي تتذكر فراس .. ستراه اليوم بالتأكيد .. تُري هل سترى نظرة الإعجاب التي رأتها بعينيه يوم عيد ميلاده حينما ارتدت فستانًا .. حسنا الأمر يستحق التجربة .
دالين بمرح وهي تقرص وجنة فاتن :
يسلملي ذوقه القمر ياناس .
دلفت للمرحاض وقامت بتبديل ملابسها وخرجت لتقف أمام المرآه بهدوء .. وقفت خلفها فاتن وأخذت تمشط شعر دالين بهدوء وتركته منسدلًا على كتفيها بنعومة وهي تقول :
ديمًا بتبقي أجمل وانتي بدريس وشعرك مفرود .. سيبيه كده .
استدارت دالين لها ثم نظرت لها بحنو وهي تتمتم :
أرجع من بره ألاقي الكيك بالشوكلاته اللي بحبها معموله وبإيدك .. والبيتزا متنسيهاش .. وفيلم رومانسي كده .. بصي يا تونا .. أرجع ألاقي جو عالي ها .. هعتمد عليكي .
فاتن بشغف :
هحضر ليله تجنن وهكلم البنات ييجو وتبقى ليله بنوتاتي .
ضحكت دالين بخفة ثم كحلت عينيها بهدوء وقبلت وجنة فاتن قبل أن تذهب وهي تزفر براحة .. فهي تعمدت أن تطلب هذا من فاتن حتى تشغلها عن التفكير في شئ .
غادرت دالين متجهه لقسم الشرطة وفي داخلها شوق غريب لرؤية فراس وابتسامة حنين ارتسمت على ثغرها بنعومة .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وصل للقسم وقام بصف سيارته وصعد لمكتبه بهدوء .. جلس إلى مقعده وطلب قهوته .. وما إن أتت القهوه حتى دلف بعدها العسكري يخبر لؤي بحضور شدا وبدور وفراس وحازم .
أذن بدخولهم وهو يترقب دلوف شدا حتى دلفت ببنطالها الزيتي والذي يعلوه شميز زيتي ولكن بدرجه أهدأ قليلًا من درجة البنطال .. هذا اللون الذي جعلها غايه في السحر والجمال .. وشعرها ينسدل بنعومه علي كتفيها ..
تصافح مع فراس وبعدها حازم ثم بدور .. وما إن لامست يده يد شدا ووقعت عينيهما في عيني بعضهما حتى سحبت شدا يدها سريعًا بتوتر ..
جلس لؤي إلى مقعده وجلست الفتاتان وبقي حازم وفراس واقفين ..
نظر لؤي تجاه فراس فأشار برأسه كي يتحدث ..
لؤي بهدوء :
عاملة إيه يا بدور ؟
بدور ببعض التوتر :
كـ كويسه ؟
لؤي بهدوء :
انتي خايفه وقلقانه من إيه ! .. مفيش داعي للتوتر ده أبدا .. كلها دقايق هنتكلم فيهم عن اللي حصل كله وكأننا بندردش مش أكتر .. وبمجرد ما تنتهي المناقشه دي كل واحد هيرجع لحياته الطبيعية وكأن شيئًا لم يكن .. أنا شايفك بنوتة قوية وهتقدري تكملي .
أماءت بدور بابتسامة وقد شعرت ببعض الهدوء والراحة من حديث لؤي .. لقد طمأنها تمامًا ..
ابتسمت شدا لأختها بهدوء ثم نظرت للؤي لتجده ينظر تجاهها بنظرات لم تفهم معناها أبدًا .. لكنها آثرت الصمت .. وفي داخلها إعجاب كبير به وبأسلوبه الذي بث الطمأنينة في قلب أختها ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وصل لشركته أنهي بعض الأوراق المهمة ثم ألقى نظرة أخيرة على هيئته التي يحب دائما أن يظهر بها بعيدًا عن ملابسه الرسمية .. فقد كان يرتدي بنطال جينز أسود مع قميص أسود ترك أول ازراره مفتوحة بالإضافة إلى نظارته الشمسيه وساعة معصمه الرقميه السوداء ويمشط خصلاته البنيه الطويلة للخلف والتي تغطي أذنيه وتنزل منها بعض الخصلات علي جانبي جبينه مما جعلت منه شابًا وسيمًا للغايه .. نظر لنفسه مره أخيره في دورة مياه مكتبه وهو يبتسم بسخرية يتمتم لنفسه :
وكأني رايح موعد غرامي .. بس إيه المانع الشياكه مطلوبة بردو .
ضحك على نفسه وأفكاره قبل أن يخرج ملتقطًا هاتفه ومفاتيح سيارته متجهًا لقسم الشرطه .
وصل شادي ودلف للقسم بهدوء وقبل أن يصل حيث مكتب لؤي .. كان هناك من هو آت بسرعة فارتطما ببعضهما وانسكبت القهوه على جانب قميصه مما جعله يخلع نظارته بعنف وهو ينظر لذاك الأحمق وكان على وشك أن يرفع صوته ويزجره بحده .. لكن توقفت الكلمات بحلقه وهو يراها تنظر لقميصه بصدمه .. مرتدية ملابس شرطية بعيون بندقيه واسعه وبشرة بيضاء نقيه وشعر أسود داكن ملفوف بعنايه ليستقر في شكل كعكة خلف رأسها وحاجبين عريضين غير منمقين بالمرة ولكن لهما جاذبية خاصه .. أفاق من تأمله بها على صوتها الذي خرج بنعومة :
أنا .. أنا آسفه أوي .. كنت مستعجلة بجد ومقصدتش .. آسفه .
شادي وهو يبتسم ببلاهه :
هو انتي إسمك إيه ؟
نظرت له بضيق لترى نظرة الإعجاب بعينيه الخضراوين .. ارتبكت قليلًا لكنها استعادت قوتها سريعًا وهي تقول بحده :
تصدق أنا غلطانة إني بعتذر .. أصلا أمثالك ملهمش غير كده .. ثم سكبت المتبقي من فنجان القهوة على ملابسه وغادرت تاركه إياه يقف مذهولًا مما فعلته وهو يلعنها تحت أنفاسه .
ذهب حيث دورة المياه أولًا لينظف تلك الفوضى التي أحدثتها هذه الغبية كما أسماها .. وبعدما انتهى نظر لنفسه وهو يزفر بضيق .. لقد خربت كل شئ .. عض على شفتيه بقهر لكنه ما لبث أن ابتسم ابتسامة جانبيه وهو يتذكر ملامحها التي حُفرت سريعًا في عقله .. خرج بهدوء حتى وصل لمكتب لؤي .. دلف العسكري لثوان قبل أن يخرج ويخبره بأن لؤي بانتظاره .
دلف شادي للمكتب وقد تعلقت أنظارهم جميعًا به .. ضحك فراس أولا وهو يقول :
إيه ده .. انت ملحقتش التواليت اللي بره ولا إيه ؟
تابع لؤي بسخريه :
يمكن ميعرفش إن في هنا تواليت أصلا .
شادي بابتسامة جانبية :
لا خفيف انت وهو .. إيه الخفه دي !.. بس مش مستغربها عليك يا لؤي .. أصل واضح إن كل الشرطيين اللي هنا نفس لطاشة دمك .
لؤي :
انت خدت عليا أوي على فكره .
شادي بلامبالاه :
لا آخد ولا تاخد يا عم .. افتح القضيه خلينا ننجز عشان اليوم اتقفل من أوله .
قاطعهم صوت طرقات الباب ودلوف العسكري مجددًا وهو يقول :
دالين الربيعي يا فندم .
لؤي :
خليها تتفضل بسرعة .
ثم تابع :
كده فل أوي .. نقدر نبدء دلوقتي .
بينما توترت ملامح فراس قليلًا بعدما سمع اسمها .. فوقف شادي بجانبه ولكزه في ذراعه بخفة وهو يتمتم بهدوء :
إجمد .
نظر له فراس شزرًا وقبل أن يرد عليه دلفت دالين بهيئتها التي بعثرت المتبقي من عقله .. وقلبت كيانه .. وجعلت ضربات قلبه تثور مجددًا وهو يراها بهيئتها الخاطفة للأنفاس بفستانها الأزرق البسيط والهادئ .. يصل إلى ما بعد الركبه بكثير بطول واحد .. بكمين أسودين شفافين وحزام أسود يتخصر الفستان وحذاء أسود عالي الكعبين قليلاً وحقيبة سوداء وشعرها الذي لا يعلم حتى الآن بما يسمي لونه .. إنه ليس بالأشقر وليس بالأبيض .. إنه .. إنه غريب لكن جذاب وهذا ما يعرفه .
دلفت بهدوء واحتضنت بدور وهي تتمتم :
حمد الله علي سلامتك يا صحبتي .. ثم احتضنت شدا بهدوء واقتربت من حازم كي تصافحه لكنه أراد أن يجعل فراس يشتعل بنار الغيرة كما فعل معه صباحًا .. فقام بقرص وجنتها وهو يغازلها ببلاهة وابتسامة انتصار حينما سمع انفاس فراس الثائرة بجانبه .. وقد لاحظ لؤي ابتسامة حازم وعلم بأنه يقصد إغاظة فراس فابتسم بتسليه ولكنه كشر قليلاً حينما فكر في أنه قد يوضع ذات يوم محل فراس .
اقتربت دالين وصافحت فراس الذي صافحها سريعًا دون أن ينظر لها وقد آلمها بفعلته تلك .. فهي تعتقد بأنه لا يزال غاضبًا بسبب ذاك اليوم الذي صرخت بوجهه واتهمته بالجنون .. مدت يدها لشادي الذي صافحها بود ثم مدت يدها للؤي الذي ابتسم لها بهدوء وهو يقول :
كلنا في انتظارك عشان هنبدأ بيكي .. مستعدة نبدأ ؟
دالين بهدوء :
أوك .
قبل أن ينادي لؤي للعسكري أجفلهم صوت فتح الباب وعمرو الذي دلف وهو يتحدث بضيق :
أنا خلاص يا لؤي صبري نفد وعايز اتجـ ..
ابتلع باقي كلماته وهو يراهم جميعًا ينظرون إليه .. فازدرد ريقه وابتسم ببلاهة وهو ينظر تجاه فراس الذي ينظر له بحاجب مرفوع :
إزيك يا فراس عامل إيه يا حبيبي وحشني والله .
أدار فراس رأسه للجانب بسخرية لينظرو عمرو تجاه لؤي الذي يكتم ضحكته بوعيد .. ثم أغلق الباب بهدوء وهو يقول :
التحقيق النهارده مش كده ؟
فراس بسخرية :
طبعًا ما انت سهران طول الليل .. هتعرف منين صحيح !
عمرو وهو يرمش عدة مرات في محاولة ألا يخطئ في الحديث حتى لا يخسر يومًا آخر دون رؤية غرامه :
لـ لا مش كده .. هو بس عشان يعني أنا فكرت لسه في وقت و ..
لؤي مقاطعًا بمشاكسه :
مش ناوي تتجوز بقا وتخلصنا منك .
نظر عمرو تجاه فراس يرى ردة فعله .. وقد كانت كما توقع .. حاجب مرفوع وعينين مسلطة عليه بترقب .. فازدرد ريقه بابتسامة قائلا بهدوء :
لما الدنيا تتظبط إن شاء الله هنحدد أنا وفراس معاد جديد .. المهم خلونا في القضيه دلوقتي .
أماء لؤي بضحكة مكتومة قبل أن ينادي العسكري الذي حضر سريعًا ومعه الكاتب ..
وبدأ لؤي بطرح اسئلته وتسجيل أقوالهم ..
مر من الوقت قرابة الساعتين قبل أن ينهي لؤي الأسئلة ويأذن لهم بالذهاب جميعًا .
أوقفهم فراس قبل خروجهم وهو يقول بهدوء :
اممم .. هو مش الوقت ولا المكان المناسب بس .. بما إننا متجمعين كلنا .. فـ أنا بدعوكم جميعًا بشكل شخصي لحفلة زواج أختي من عمرو نهاية الأسبوع .
وقف عمرو ناظرًا له فاغرًا فاهه بعدم تصديق .. تقدم فراس منه واحتضنه بود وهو يتمتم :
اتأخرتوا جدًا واتأجل الفرح مرتين .. كفايه ولا إنت عجبك الوضع .
عمرو سريعًا :
لا لا وضع إيه اللي عجبني .. أيوه طبعًا طبعًا إنت عندك حق اتأخرنا أوي .
كان يتحدث بسرعه .. مما جعلهم يضحكون عليه ..
ابتعد فراس قليلاً ثم تمتم بهدوء :
مبروك يا جوز أختي .
ثم تقدموا جميعًا منه وهنأوه على وعد بالحضور ومشاركته فرحته .
عمرو :
هطير بقا أبلغ غرامي .
وقبل أن يتحرك من مكانه كان فراس ممسكًا به من ياقته وهو يقول بضيق :
تبلغ مين ؟
عمرو :
غـ غرامك .. غرامك إنت .
فراس وهو يتركه ويعدل ياقته بهدوء :
فكرت حاجه تانية .
ضحكوا جميعًا قبل أن يجفلهم فتح الباب على مصراعيه ودلوف فتاة ما تتذمر بضيق وهي تقول بعصبيه :
أنا مش عارفه سعادتك ساكت ليه عـ ..
لم تتمم حديثها حينما رأت هذا الجمع بالغرفة .. فوقعت عينيها بعيني شادي الذي ينظر لها بابتسامة عابثة .. فكشرت وجهها وهي تنظر للؤي بهدوء معاكس تمامًا للحالة التي دلفت بها وهي تتمتم :
اا .. آسفه مكنتش اعرف إن في حد معاك .
صدح صوت شدا الذي جعل الجميع ينظر لها في ذهول وهي تقول بضيق :
معاه حد ولا معهوش .. أصلا انتي داخله أوضة مكتب ظابط مش واحدة صحبتك .. وفي حاجه اسمها استئذان .
نظرت تجاهها الفتاة بوجه شاحب وهي تتمتم باعتذار :
آسفه .. بس إحنا اصدقاء مقربين ومتعودين على كده .
شدا وهي تنظر تجاه لؤي بضيق :
صحاب مقربين !.. ربنا يديمها ..
ثم تابعت وهي تسحب بدور معها :
يلا عشان نمشي .. يلا يا دالين .
خرج ثلاثتهم وشدا تشتعل غضبًا من تلك التي تقول عن نفسها صديقة مقربه للؤي .. هل حقا يمتلك صديقة مقربة ؟.. يا إلهِ .. لما ضايقها إلى هذا الحد .. لما تهتم من الأساس ؟
بينما ينظر لؤي في أثرها بصدمة قبل أن ينظر تجاه فراس الذي ينظر له قاضمًا شفتيه وكأنه يكتم ضحكته ورافعًا حاجبيه بعبث وهو يقول بهدوء :
متتأخرش عن معاد الفرح يا لؤي ها .
خرج فراس وتبعه عمرو الذي غمز للؤي قبل خروجه .. وبقي فقط شادي ولؤي والفتاة .
جلس لؤي إلى مقعده والابتسامة تعلُ فوق ثغره وقد نسي تماما وجود شادي والفتاة .
تحدثت الأخيرة بهدوء :
آسفه بجد يا لؤي .. مكنتش أعرف إن في حد هنا .. والعسكري مش بره .
لؤي بابتسامة :
آسفه إيه بس يا سندس .. والله لو ينفع كنت قمت حضنتك دلوقتي .
سندس عاقده حاجبيها :
فهمني إيه العبارة ؟
شادي بضيق مقاطعًا الحوار :
إسمك سندس ؟.. سبحان الله .. مش لايق على شخصيتك ابدًا .
سندس بضيق :
وانت مالك أصلا ؟
شادي محذرًا :
اتكلمي معايا بأدب .
سندس :
حاضر .. وانت مال حضرتك أصلًا ؟
كز شادي على أسنانه بضيق بينما انفجر لؤي ضاحكًا بقوه جعلهما ينظران إليه باستفهام .
شادي :
أي اللي يضحك أوي كده ؟!!
لؤي وهو لا يزال على حالته من الضحك : أصل أنا وشدا كنا كده في الأول ناقر ونقير قبل ما نحب بعض .. ودلوقتي انتوا .
شادي وسندس في صوت واحد وهما يأشران على بعضهما :
أنا أحب ده / دي ؟!!
نظرا لبعضهما بغيظ قبل أن يحرك كل منهما رأسه في اتجاه .
لؤي بهدوء :
خير ياسندس إيه اللي حصل ؟
سندس وقد نسيت تمامًا سبب قدومها إلى هنا :
آه افتكرت .. القضيه القديمة بتاعة محاولة الإنتحار دي .. ظهر فيها حلوف بيقول البت تبقى مراته وعامل دوشه .. وانت ولا هنا .
لؤي بهدوء :
أنا معتمد عليكي يا سندس .. انتي قدها .. أنا لسه طالع من قضيه خلّصت عليا .. فبليز اتصرفي .
•تابع الفصل التالي "رواية ضمير ميت" اضغط على اسم الرواية