رواية أصفاد الحب الفصل التاسع عشر 19 - بقلم رشا عبد العزيز

رواية أصفاد الحب الفصل التاسع عشر 19 - بقلم رشا عبد العزيز 

أصفاد الحب ❤️ 19

وقفت أعلى السلام مصدومة وهي تراه أمامها مطأطأ الرأس وكأنه طفل مذنب  أمام والدته

أقلقها شحوب وجهه وذبول عينيه  لتجد نفسها تسابق قدميها وصولاً اليه حتى  أنها كادت تتعثر في درجات السلم حتى وقفت أمامه وقالت. وقلبها يتهاوى خوفاً عليه :

-بابا

وبعينين منكسرة رفع نظره اليها وبنبره رجاء غلفها الندم قال

-الخصام طول ياحبيبه ابوكي وقلبي ماعدش قادر على الفراق .

وفور أن أنتهى من كلامه ارتمت حبيبه بين أحضانه. تترجم شوقها له  بدموع فاضت من عينيها .

أطبق يديه على جسدها يضمها بقوه وآه حزينة خرجت من أعماق قلبه :

آه ياحبيبه وحشتيني  ،  وحشتيني ياحبيبه روحي

لم تجبه لكنها ضمت نفسها أكثر اليه واستمر بكائها وشهقاتها تعلو حتى خرجت من أحضانه ووجدته يشاركها البكاء هو ايضاً رفعت يديها ومسحت دموعه وبصوت أختنق من شده البكاء أجابت :

-أنت كمان وحشتني ياحبيبي. 

-سامحيني يابنتي

طلب منها ذلك بأمل

لتنظر له برهة هل تسامحه بل هل تستطيع هي أن تغضب منه وهل يستحق هو منها ذلك وبيد مرتعشه أمسكت يده بين يديها لتنتبه لأثر الحرق الذي تركه والدها في يدها وكانّه ينبهها إلى ماضي ساعدها هو في النجاة منه .

أخفضت رأسها وقبلت يده ،،،، فلن تنسى يد مدت وألتقطتها من براثن الظلم ،، يد مسحت دمعة كانت أقسى من الجمر،،،،  مافعله لها يستحق الغفران .

رفعت رأسها وابتسمت له بحب وقالت

-هو أنا اقدر ازعل منك ياحبيبي ،،،،،فداك روحي يا بابا .

قبل جبهتها ومسح بأنامله آثار الدموع التي رسمت على وجنتيها وقال مفسراً لها :

-والله يابنتي أنا لولا شفت حب أدهم…

وضعت يدها مباشرة على شفتيه تمنعه من أكمال اعتذاره وتفسيره.  فهي تعلم مدى حبه لها :

-متقولش  حاجه ياحبيبي ، أنا عارفة أنت عملت كده ليه .
ثم طأطأت رأسها وعادت ترفعها وبنبرة لوم قالت:

-بس كان نفسي تسألني عن رأيي. أو حتى تسبني لحياتي

ليقول بسخرية :
 
-وهو أنت كنت هتوافقي ياحبيبه؟

ثم رفع يديه يحتضن وجهها وينظر داخل عينيها:

-أديه وادي لنفسك فرصة وأنا مش هقول انسي علي. علي عمره ماهيتنسي.   بس عيشي ياحبيبه.   (بقلم رشا عبد العزيز) 

أنت محتاجه تحبي وتتحبي ،،،،،كفايه الي شفتيه في حياتك مش يمكن يعوضك؟

لتهز رأسها نافيه كلامه

-مش هقدر ياخالى أنا مكملة بحب علي ، علي أداني حب أقدر أعيش بيه العمر كله .

ليقول مستنكراً كلامها :

-أنت غلطانة ياحبيبة ، أنت مطفية ، روحك أتطفت.  أنا الي مربيكي. وافهم نظرة عينيكي

-بس راضية ، حياتي أنا كنت راضية بيها ، أنا دلوقت تعبانة اكثر ياخالي  محدش فيكم حاسس بيا أنا جوايا نار

 بتحرقني ، البيت دا بحس حيطانه بتخنقني ، وأنا حاسة أنى عايشة مع حد تاني غير علي ،،،،شعور الخيانة عامل زي حبل المشنقة الملفوف حوالين رقبتي .

أنا بموت في اليوم ألف مرة وأنا بعيدة عن علي واسمى مكتوب على أسم غيره .

أحتضنها خالها بقوه عله يخفف هذا الشعور عنها

-حتى شعورك دا غلط ياحبيبه أنت مش بتخوني علي .
  أدهم جوزك يابنتي وله حقوق عليكي .
أنت مجرد تفكيرك فى علي خيانة ليه

رغم تفهم عقلها لمايقوله خالها لكن قلبها استنكره عن أي خيانه يتحدث ، علي يملك قلبها ومن يحاول دخوله بعده ليس سوى دخيل لن يسمح له بالدخول . فوضى من الأفكار وصراع بين القلب والعقل ، هذا ماتركه كلام خالها داخلها لكن انتصر قلبها في صراعها وكأنه يخبرها سأوصد بابي ولن اسمح لأحد بالدخول .

***************************'****************

جلست على إستحياء في صالة شقته تنتظر أن يعود بأطفاله من أحد شقق الجيران الذي تركهم عنده .

تنظر إلى أروقة شقته بعين مرتبكة وكل مايدور في ذهنها هل مافعلته صحيح ، أقحمت نفسها في حياته ، من دون إراده منه ، ورغم تقبله تشعر بأنها دخيلة ثم جذب انتباهها صورة زواجه المعلقة على الحائط .

كانت زوجته رقيقة بوجه طفولي صدق هو في وصفها فها هي ترى نظرات الحب التي تنظر بها اليه وسعادتها
 الواضحة بزواجها منه لكنه ورغم ابتسامته لايبدو سعيداً .

اشفقت على تلك الفتاه التي لم تمنحها الحياة الفرصه لتعيش مع أولادها وبالقرب من حبيبها .

عند هذه النقطة تذكرت هي حبيبها الجريح ، لن تنسى ماعاشته ، نظرات الخذلان والحسرة التي رأتهم في عينيه اليوم أحزن قلبها من أجله  لفترة وهي تفكر به لتصفعها كرامتها توقظها من هذه الغفوة

-الي عملتي صح ياخديجه أنت ماعدش ليكي مكان في حياة مالك .

لتسمع صوت الباب يفتح وتدخل مسك التي نظرت لها بنظرات مستنكرة وأنس الذي كان مندهشاً من وجودها .
ليأتي أيمن من خلفهم ويقول :

_مس خديجة من النهاردة هتكون ماما الجديدة

لينظر الطفلين إلى والدهم بسخط وعبست وجوههم حتى لمح الدموع في عينين مسك

لتهب خديجه واقفه تقترب منهم بعد أن لمحت أمتعاض وجوههم لتقول مستنكره قوله :
 
-لا يا بابا محدش هياخذ مكان ماما أروى

لتقترب منهم تمد يدها لهم :

-أنا هنا ديجة صاحبتكم ، تقبلو تكونو صحابي؟

نظر أنس نحو شقيقته ينتظر موافقتها فوجد وجهها حانق  ليحرك بصره نحو والده ويجد مبتسم يحرك رأسه له يحثه على الموافقة .

وبخطى بطيئة اقترب منها يمد لها يده لكن خديجة بدلاً من ذلك جثت على ركبتها لتصبح في مستواه وسحبته نحو أحضانها تحتضنه وهي تقول :

-حبيبي. أنت وأنا صحاب من النهاردة .

هذا المشهد جعل مسك تفك تقطيب حاجبيها وتنظر لهم مترقبة .

أخرجته خديجه من أحضانها وقبلت وجنتيه ثم فتحت يديها لمسك تدعوها لاحتضانها هي الأخرى .

لكن مسك بقيت متسمرة في مكانها لتقترب خديجه منها تحتضنها عنوة وهي تقول

-مسوكة صاحبتي الي بحبها .

ورغم استنكارها لم ترفض مسك حضن خديجة لها .

بعد جلوسهم سوياً بعض الوقت ، ذهب الأطفال إلى النوم وبعد أن أطمئن أيمن عليهم عاد إليها ليجدها شاردة الذهن عيانها تنظر للمجهول .

-ديجه. …ديجه

انتبهت له وابتسمت وهي تسمعه يناديها باللقب الذي اختارته لنفسها ولم تعقب .

أشار لها نحو غرفه النوم الرئيسيه وقال :

-أنت هتنامي في الأوضة دي .

لترتبك ثم تسأله

-وأنت هتنام فين؟

ابتسم وهو يرى ارتباكها وتلعثمها

-هنام هنا في الصالة ياخديجة .

لتقول بسرعة :

-أنا ممكن انام مع الولاد وأنت نام في أوضتك .

-لا ياخديجه نامي أنتي في الاوضه وانا هانام هنا .
ثم أكمل مفسراً :

-أنا مش عاوز الولاد يحسو بحاجة .

هربت عينيها من عينيه  …ودون أن تعقب بكلمه اتجهت نحو الغرفة وقبل ان تصل استدارت نحوه ، تفرك يديها من فرط الخجل ودون ان تنظرإليه قالت :

-متشكرة يا أيمن …وآسفه إني لخبطتلك حياتك

ليقترب نحوها ويقف أمامها رفع وجهها بأنامله لتواجه عينه عينها …التي ابت المواجه وهربت بعيدا عن مرمى عينيه ليبتسم على خجلها ويقول :

-مفيش داعي للشكر والأسف.  هو فيه واحدة تقول لجوزها متشكرة ؟!

وهنا اتسعت عينيها وواجهت عينيه مندهشة 
ليضحك بشدة ويقول :

-تصبحي على خير ياديجه

هربت مسرعة نحو الغرفة وأغلقت الباب خلفها ومشاعر مضطربة اقتحمتها .

جلست على السرير تهدئ من سرعه أنفاسها العاصفه ،،،
وبيد مرتعشه أمسكت بالسرير تستند اليه بعد ترنح جسدها من ضجيج تلك الأفكار التي تضرب رأسها نحو القادم من حياتها معه .

*******************************************

استيقضت نشطة كعادتها كل يوم ، تجهزت ثم اتجهت نحو غرفة تيم تساعد داده كريمه في تجهيزه للذهاب للمدرسة .

-صباح الخيرياروحي

-مامي صباح الخير

قال هذا تيم وهو يتجه باتجاهها ، لتنحني تقبله

_صباح الخير ياداده تيمو جاهز

_جاهز يادكتوره.   (بقلم رشا عبد العزيز) 

ابتسمت لها حبيبه وقالت

-محتاجه حاجه ياداده ؟

ابتسمت كريمه ممتنه لاهتمامها بها :

-متشكره ياست البنات

-يلا يابطل
 
أمسكت بكف تيم تجاوره حتى وصلا إلى صالة الجلوس لتجد حقيبة صغيرة معدة ،  وأمينة  تجلس  على أحد المقاعد وأدهم يرتدي بدلة ويمسك هاتفه يجري اتصال فعلمت انه ذاهب في مهمة .

أنهى اتصاله واتجه نحو والدته يقبل رأسها ويدها

-أدعيلي يا أمي

تجمعت الدموع في عين أمينه وقالت

-ربنا يجعلك في كل خطوة سلامة ، أستودعك الله الذي لاتضيع ودائعه يابني .

ابتسم لها أدهم وعاود تقبيل رأسها وقال :

-خلي بالك من نفسك ياحبيبتي .

ثم انتبه لوجود تيم اتجه نحوه وجثى على ركبتيه واحتضنه وقال :

-تيمو حبيبي هتوحشني خلي بالك من نفسك .

ليبتسم له تيم ويقول :

-متنساش الهديه بتاعتي .

ضحك أدهم وقرص أنفه وقال

-ماتخافش مش هنسى ياباشا .

قبل وجنته ثم قال له :

خلي بالك من تيته أمينه وماما حبيبة في غيابي انت راجل البيت مكاني يابطل .

ابتسمت حبيبه من كلام تيم ووصايا ادهم له كم تسعدها طريقه تعامله معه

استقام واقفاً  بعد ان أنهى كلامه مع تيم وتوقعت حبيبه ان يسلم عليها هي أيضاً لكنه باغتها  بان أحتضن وجهها بيديه وطبع قبلة طويلة على جبينها يستنشق عبيرها يعبئ رئته بعطرها وكأنها أكسير الحياة بالنسبه له. لتصدمها فعلته لكنها لم تستطع منعه وهي ترى نظرات والدته وولده المتسلطه عليهم

ورغم انها ثواني قليلة لكنها كانت كفيلة بهدم حصونه وإرباكه ليقول بصوت متلعثم :

-خلي بالك من نفسك ياحبيبة .

حمل حقيبته وقبل والدته مره أخرى ورحل هاربا قبل ان تفضحه مشاعره .

تاركا أياها كمركب تائه في بحر هائج  حتى أنهى ذلك التيه صوت تيم :

-ماما أحنا مش هنفطر ؟

************* ******************************

فتحت عينيها بثقل فقد جافاها النوم اليلة  الماضية بعد أن أرهق عقلها التفكير لتسمع أصوات في الخارج ، ارتدت ملابسها وخرجت .

لتجد ايمن والأطفال في المطبخ يعد لهم الفطور حمد ت الله أن اليوم هو الجمعه ولايوجد مدرسة وإلا كيف سيكون حالها مع هذه الأصوات التي تصرخ في رأسها وأفكارها التي أتعبتها .

-صباح الخير.     (بقلم رشا عبد العزيز) 

 قالتها مبتسمة .

ليجيبها أيمن بأبتسامه مماثلة

-صباح النور ياديجه

-صباح النو يا أنوس صباح النور ياملوكة

ليردو عليها تحيه الصباح كل حسب طريقته فأنس أجابها بوجه بشوش أما مسك فلايزال هناك ثقل في أجابتها .

أقتربت من أيمن وقالت

-خليني أساعدك

لم يرفض مساعدتها بل بالعكس ترك لها مطلق الحريه  في الحركه والإعداد. 

وبعد أن تناولوا طعام الإفطار الذي لاحظت خلاله خديجه انتظامهم فيه وأن كل واحد يعرف مهمته .

حتى انها حاولت حمل الأطباق وحدها لكن أيمن أخبرها

-معلش ياديجه أحنا هنا بنشتغل متعاونين وكل واحد فينا عارف شغلته فلو سمحتي خلينا ماشين على النظام .

أكمل كل واحد عمله وذهب الأولاد لارتداء ملابس الخروج فأيمن وعدهم بالتنزه اليوم

كان يحتسي الشاي عندما لاحظ شرود خديجة والابتسامه تعلو وجهها .

تعجب منها ليقوم بالجلوس جوارها ويقول لها

-مالك ياديجه بتضحكي ليه ؟

لتنظر له والابتسامه لم تفارق وجهها :

-ايمن أنت بتعامل الولاد كأنهم في معسكر.

ليضحك أيمن ويقول :

-لا معسكر أي بس هو أنا عشان لوحدي فعودتهم على نظام أن كل واحد عنده مهمة
لان لو كنت سبتهم براحتهم الحمل هيتقل اكثر عليا .

بدت علامات الحزن على وجه خديجة من كلامه ،

فحاول ان يخرجها من هذا الجو فقال :

-بس ما قلتليش كنتي بتضحكي ليه ؟

لتعود الابتسامه لوجه خديجة وتقول وهي تهمس له :

-أصل كنت بفكر لو الولاد عرفو أبوهم كان بيعمل أي في الكلية .

وإزاي كان بيعمل مقالب في صحابه

ليضحكا معاً بشدة عندما قال لها :

-الستر حلو ياديجة .

لكن فجأة سمعا طرقاً عنيفاً على الباب ، انتفض منه الاثنان أسرع أيمن كي يفتح الباب

ليقف مندهشا وهويقول :

-اهلاً يا مرات عمي .....

(بقلم رشا عبد العزيز)

 •تابع الفصل التالي "رواية أصفاد الحب" اضغط على اسم الرواية 

تعليقات