رواية ضمير ميت الفصل الثاني عشر 12 - بقلم دنيا آلشملول

 رواية ضمير ميت الفصل الثاني عشر 12 - بقلم دنيا آلشملول

كان يشعر أن الدنيا تضيق به .. لا يعلم إلى أين يذهب .. يشعر بالبرودة رغم حرارة الجو .. لكن البرودة بداخله .. أخذ شهيقًا طويلًا أخرجه ببطء .. وقد مر أمامه شريط ذكرياته معها في هذه الأيام المعدودة أمام ناظريه وكأن الأحداث تتوالى عليه الآن .

أخذ يتذكر أول مرة رآها فيها .. كيف تحدثت له برجاء وهي تسأله عن هوية الجثة الموجودة بداخل السيارة .. وكيف تحدثت بحده حينما أخبرها أنها تستخدم أساليب الصحفيين المراوغة .. تذكر كيف لحقت به إلى المستشفى وكيف عادت للرجاء من جديد كي تعلم هوية الجثة ذاتها أيضًا .. وكيف ارتخت ملامحها المشدودة بمجرد أن علمت بأنها جثة رجل وليست فتاة .. يتذكر تلك اللحظة جيدًا .. لقد غادرت راكضة على الفور دون أن تنبث ببنت شفه .. تذكر المرة الثالثة حينما أتته إلى القسم مع أحدهم .. وكيف دلفت إلى المكتب بهمجية حينما رفض مقابلتها .. يتذكر تعجرفها وسلاطة لسانها في هذا الوقت .. تذكر كيف تحدته وهي تنظر داخل عينيه بثبات وجمود حينما أخبرته بأنه يُعيد نفس الأسئلة وبأنه ربما يكون غير كفء لتحمل قضية كتلك .. تذكر كيف هاتفته ليساعدها .. وكيف تحدثت لأول مرة بلطافة .. وما لبثت أن عادت لشراستها وعجرفتها مجددًا .. تذكر كيف فارت الدماء في عروقه وهو يرى يد حازم تُربت على يدها دون وجه حق .. تذكر كيف أوصلته لطرف الخيط حينما اعتمدت على ذكائها وقوة ملاحظتها لتكشف عن أي دليل يوصلها لدالين .

بدأ يشعر بالدوار .. فهو لم يأكل أو ينم جيدًا منذ ثلاثة أيام تقريبًا .. والضغوط تتزايد عليه .

عاد لشروده بها وكيف خدعته ببساطة .. كيف خُدع في كونها أتته معتذرة على تدخلها في عمله وتطاولها عليه .. لقد .. لقد دق قلبه لها عشقًا في تلك اللحظات .. حقًا عشقها .. إنها المتمردة خاصته .. المتعجرفة .. الغبية .. الشعنونة .

ابتسامة حنين ارتسمت على ثغره لتتحول لابتسامه ساخرة .. هل يفكر في حبه لها الآن بعد ما فعلته ؟!! ألا يزال يفكر بها ؟!! .. يا له من ساذج .
ومن منا ياسادة إن أحب بصدق استطاع النسيان ؟!!.. أحيانًا يصبح الحب ألمًا ياصديقي .. ألمًا يكويك بناره .

ظل يسير على غير هدىً حتى وصل إلى منزله في نهاية المطاف .. ترجل من السيارة بهدوء متعب .. دلف إلى منزله ليجد الهدوء مسيطرًا على المنزل بأكمله .. تسرَّب القلق إلى قلبه .. فوالدته لا تنام أبدًا قبل عودته .

بحث عنها في غرفة الجلوس فلم يجدها .. فصعد لغرفتها وطرق عدة طرقات خفيفة .. وحينما لم يأتِه صوتها دلف ليجدها ملقاة أرضًا بجانب الفراش بلا حراك .

تحرك بسرعة تجاهها وهو يتمتم باسمها في خوف .. اقترب يرى النبض فوجده ضعيفًا جدًا .. فحملها سريعًا واتجه بها إلى المستشفى .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كانت تقف بينهما والدموع تُغرق وجنتها في صمت .

فراس :
غرام .. يا أنا يا عمرو .

ألقى جملته وترك المكان مُغادرًا في صمت .

نظرت غرام تجاه عمرو الذي اجتمعت الدموع في عينيه فأشار برأسه إليها كي تذهب ..
خرجت شهقتها لتكتمها بيدها وهي تركض خلف فراس واستقلت بجانبه السيارة في صمت لا يقطعه سوى شهقاتها الضعيفة .

بينما ترك عمرو العنان لعبراته كي تنهمر في صمت .

اقتربت منه والدته وأخذته بين ذراعيها كطفل صغير بينما علت شهقاته وهو يتمتم باختناق :
أنا خنت ثقته فيا .. بس لو مكنتش اتكلمت كنت هخون ثقة لؤي فيا برضو .. أنا مش عارف .. بس مقدرتش أشوف لؤي تايه ومموت نفسه بالشكل ده وأنا عارف كل حاجة وساكت .. معرفتش أتصرف غير كده .

أخذت تربت على ظهره بحنان وتبكي معه في صمت وهي مغمضة العينين .. هي لم تفهم أي شئ مما قاله .. لكن ما فهمته أنه إختار صديقه .. فاختارت غرام أخيها .. وغرام ليست مخطئه أبدًا .. فمهما حدث يبقى أخيها .. الأخ لا يمكن تعويضه أبدًا .. لكن الحب يمكن تعويضه بآخر .

تنهدت بألم حتى شعرت بأنفاس عمرو تنتظم فعلمت أنه قد غط في النوم .. تحركت بهدوء وأغلقت الأضواء وصعدت هي الأخرى لغرفتها تصلي وتدعو الله أن يُخرج ابنها من محنته هذه وأن يرشده لطريق الصواب .

بينما وصل فراس وغرام للڤيلا .. فترجلت غرام من السيارة بسرعة وأخذت تركض إلى غرفتها دون أن تنبث ببنت شفه .. بينما بقي فراس مكانه ينظر إلى أثرها في حزن عميق .. لا يعلم كيف استطاع أن يُخيرها بين خيارين كهذين .. هو يعلم يقينًا أنها ستختاره مهما حدث .. لما فعل هذا .. لما ترك غضبه يتحكم به هكذا .. ضاقت به الدنيا .. فأدار محرك سيارته مجددًا وانطلق بها .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كانت تجلس إلى فراشها تنظر لصورة فراس الموضوعه أمامها بابتسامة ..
أجفلها صوت سيارة في الأسفل .. غرام وفراس لن يعودا في وقت متأخر كهذا .. نظرت من الشرفة لتجد فراس يترجل من السيارة ويستند إليها رافعًا رأسه للسماء ويبدو عليه التعب ..

أخذتها قدماها للخارج على الفور .. اقتربت منه بعض الشئ وكانت ستعود مجددًا لشعورها أنها أخطأت بخروجها من غرفتها .. لكن أوقفها صوته المتألم :
مبقتش عارف أعمل إيه .

دالين بخفوت :
اا إنت كويس؟

تحرك فراس حتى وصل لمنتصف الحديقة وجلس أرضًا .. فلحقت به وجلست مقابله .

أخذ شهيقًا طويلاً زفره ببطء مع كلماته :
كنا بنجري زي كل يوم نعمل رياضة .. هو قالي بلاش ننزل النهاردة وأنا أصريت عليه .. كأنه .. كأنه كان حاسس باللي هيحصله .. نزلنا جرينا .. كان معدي الطريق عشان ينقذ قطة .. كانت بتاعة ست كبيره نزلت من إيدها ومشيت ناحية الطريق ..

ابتسم بألم وهو يتابع :
أنقذها .. أنقذها بس راح هو فيها .. كنت واقف وشايف الناس بتجري ناحيته بس أنا !!!
أنا مقدرتش .. رجلي مساعدتنيش .. مات قصاد عيني .. دمه كان في كل مكان .. فضلت أشوفه في كل أحلامي .. كأن بيعاتبني كتير على معاملتي لغرام لأني أهملتها كتير في وجوده وديمًا كنت أشاكلها .

من بعدها وغرام حرفيًا أنا .. مفيش فرق بيني وبينها .. توأم أه بس روحنا واحدة .. كل حاجة معاها بتكون مختلفة .. كل حاجة في حياتي ليها وعشانها .. هي قبل مني .. بكل الطرق بحاول أسعدها وافرحها .. بس .. بس النهارده كسرتها .. كسرتها أوي يادالين .. كسرتها ومعرفش إذا كنت هقدر أرجعلها ضحكتها تاني ولا لأ .. كسرتها ومعرفش إذا كنت هقدر أنسيها واعوضها ولا لأ .. أنا فكرت في نفسي وبس .. مهتمتش غير بنفسي .

دالين بهدوء :
غرام اللي أنا أعرفها عمرها ما بتزعل من فراس اللي أنا أعرفه بردو عمره ما هيفكر يزعل غرام .. ولو حصلت مره بسبب ضغوط عليك فهي أكتر واحدة هتحس بيك وتقف جنبك لحد ما تقف على رجليك .

فراس بإنكسار :
بس أنا خيرتها بيني وبين عمرو جوزها .. وأنا عارف إن مهما حصل هتختارني .. بس أنا أناني .. أناني عشان كسرته بيها بسبب خيانته لثقتي فيه بس كسرتها هي كمان .. لكن مكنتش أقصد والله .. مكنتش أقصد .

دالين :
كل حاجه هتتصلح .. انت محتاج وقت تقعد فيه مع نفسك وترتب أمورك .. وهي محتاجة وقت عشان تقدر ترتب حياتها .. وعمرو كمان محتاج وقت عشان يعرف غلطته ويحس بخسارته ويعافر عشانها تاني وتالت وعاشر .. وده اللي هيثبتلها ويثبتلك هو شاريها وندمان على اللي عمله ولا لأ .. بصلها من الناحية الإيجابية يافراس .

عم الصمت بينهما وبقيا هكذا لفترة ليست بالقصيرة .. ومن دون أي كلمة إضافية استقل سيارته وذهب .. بينما بقيت هي في مكانها تنظر في أثره بألم .. بسعادة .. بحزن .. بأمل .. مشاعرها متضاربة وأفكارها كذلك .. تنهدت أخيرًا ودلفت لغرفتها بهدوء واستلقت إلى فراشها بتعب وأغمضت عينيها وذهبت في سبات عميق .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أخذ يقطع الممر ذهابًا وإيابًا بقلق يتفاقم كلما مر الوقت عليه في انتظار أن يخرج أحدهم من الداخل ويطمئنه على والدته .. خرج الطبيب أخيرًا فركض لؤي تجاهه بلهفه :
خير يادكتور .. طمني .. أمي مالها ؟

الطبيب :
الست الوالده تقريبًا دخلت في أزمه قلبيه يالؤي بيه .

لؤي :
أزمه قلبيه ؟؟!!.. ازاي !!

الطبيب :
من الواضح إنها تعبانة من فترة .. ودلوقتي إحنا هنعملها رسم قلب كهربي وإن شاء الله ميحصلش غير كل خير .. ادعيلها يا لؤي بيه .. وألف سلامه عليها .. بعد إذنك .

غادر الطبيب تاركًا لؤي في وضع لا يُحسد عليه ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

دلفت لمكتبها بضيق وطلبت قهوتها الصباحية .. لم يمر الكثير من الوقت حتى صدح صوته المرح في المكان وهو يقول بمزاح :
اكييييد وحشتكوا كلكوا .

بدأت المزاحات تنتقل بينهم جميعًا حتى نظر حازم تجاه شدا فوجدها تنظر له بابتسامة خفيفة .. عقد حاجبيه باستغراب .. شدا التي يعرفها لا تعرف الهدوء أبدا .. من تكون هذه !

اقترب بهدوء وجلس فوق المكتب ناظرًا إليها بتفحص .

شدا :
انزل يابني من ع المكتب .

حازم :
مش قبل ما أعرف ست البنات مالها .

شدا بتنهيدة :
مفيش حاجه .. انزل .

حازم بعند :
نو نو مش هنزل .. يلا يلا قولي يا أستاذة شدا .. حضرتك مالك بقا .

شدا بضيق :
حازم .

حازم بعند أكبر :
والله لو للصبح .. أقولك .. أنا واقع م الجوع .. مسافر بقالي يومين أهو بسبب الزفت المقابلة الصحفية دي ومكنتش باكل بما يرضي الله .. تعالي نخطف أي لقمه من أي مطعم من المطاعم اللي تحت دي .

شدا بضحكة :
طب قوم ياخفيف قوم .

نزل من فوق المكتب وهو يفرك يديه معًا بمرح :
أيوه بقا .. حبيب قلبي اللي مبيخليش في نفسي حاجه ده .

ضحكت بخفة ثم ذهبا لإحدى المطاعم وطلبا وجبة الإفطار .

حازم بهدوء :
مالك ياشدا ؟.. أي اللي حصل ؟

شدا بحزن :
لؤي .

حازم بترقب :
حبتيه مش كده ؟

نظرت له شدا بارتباك .. فتابع بهدوء :
شدا إحنا اخوات .. ويمكن أكتر كمان .. مدرسة وجامعة وحتى شغل .. فرح وزعل .. تقريبًا إحنا اللي بيشوفنا بيقول اخوات أصلا .. فأكيد هحس بيكي وباللي بيحصل معاكي وأكيد ههتم .. قوليلي بقا أي اللي حصل .

تنهدت شدا بقوة قبل أن تقص عليه ما حدث .

حازم بهدوء :
شدا .. لؤي لو بجد بيحبك هيسامحك وهينسى .. وانتي مينفعش أبدًا تكوني بالحالة دي .. انتي قوية ولازم تفضلي كده .. لؤي حب شدا القوية الجريئة أم لسانين ونص .

ضحكت شدا بخفة فابتسم حازم بسعادة وتابع بهدوء :
ولازم بقا شدا تفضل زي ما هيا .. إحنا نخلص من موضوع دالين ده كله ونشوف حوارات رأفت وماجد عشان نفوق للؤي .. وأنا ياستي أوعدك إني أخليه يلف حوالين نفسه وهو بيقول شدا شدا شدا .

شدا بابتسامه :
نفوق .

حازم بصوت عالي :
الحساب يامتر .

ضحكت شدا بقوة وضحك معها حازم هو الآخر .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

استيقظت من نومها وهي تشعر بألم شديد في عنقها .. أخذت تمسده بتعب وبينما تعتدل فإذا بها تراه يجلس إلى طرف الفراش مبتسمًا لها بحنان .

غرام بهدوء :
فراس !.. حبيبي انت كويس؟

اقتربت منه واضعه يدها على وجنته بقلق وهي تتابع :
مال عينك حمره ليه كده .

فراس بهدوء :
أبدا .. اا .. ممكن بس عشان منمتش .

أماءت غرام بصمت فتحدث فراس بعد بعض الوقت :
غرام أنا ..

قاطعته غرام :
انت مش غلطان يافراس .. أنا واثقة إن اللي دفعك تعمل حاجة زي كده كبير .. كل حاجة هتتحل ياحبيبي .. أنا عارفة قد أي انت مضغوط .. فمفيش داعي للكلام .. يلا قوم خد شاور كده وظبط نفسك عشان ترتاح شويه .. دالين مش هتبقى فرحانة وهي شايفة العيون العسلي دي حمره كده .

فراس بجانب عينه :
وأي اللي جاب سيرة دالين دلوقتي !

غرام :
ليه انت شايفني هفأ يابني .. أنا أفهمها وهي طايرة .

فراس ضاحكًا :
انتي مصيبة .

دلفت السيدة جومانه وهي تنظر لهما بشك :
مين دالين بقا يا بيه انت وهي ؟

غرام :
مين قال دالين .. انت قلت دالين يافراس؟.. أي دالين دا يامامي .. دوا سخونيه ؟

جومانه :
وحياة أمك .

فراس :
طب أستأذن أنا بقا عشان واضح كده إن فيه تحقيق من نوع خاص هيتفتح وأنا بصراحة منمتش من زمااان وعايز أنام .

خرج مسرعًا من الغرفة فجلست جومانه بجانب ابنتها وهي تمسك يدها بابتسامة واسعة :
ها .. احكيلي .. مين دالين ها .. حلوه ؟.. دكتورة ولا مهندسة ولا لسا في التعليم ؟.. شافها فين ها ؟.. وانتي شفتيها ؟

غرام وهي ترمش عدة مرات :
أي ياماما داااااه .

جومانه بعدم فهم :
في إيه ؟

غرام وهي تركض إلى دورة المياه :
عندي مقابلة مستعجلة عشان أعرض لوحي في المعرض الجدييييد والوقت هيسرقني .

جومانه وهي تضرب الفراش :
هتروحوا مني فين ياجزم انتوا الاتنين .. هعرفها يعني هعرفها .

بينما وقفت غرام خلف الباب تنظر للمرآه أمامها بحزن وقد تركت العنان لعبراتها الحبيسة الآن .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

خرجت روح من المطبخ على صوت طرقات الباب .. فتحته بهدوء لتجد عاصم أمامها :
أهلا حبيب ماما .. تعالى ياقلبي أدخل .. أنا بجهز فطار أهو .. ثواني بس وناكل مع بعض .

أماء عاصم بصمت ودلف لغرفة الجلوس ليجد شادي جالسًا على إحدى المقاعد واضعًا قدميه فوق الطاولة وفي أذنه سماعات الأذن ومغمض العينين .. ويبدو أنه كان يركض منذ قليل فهو لا يزال بالترينج الخاص بالرياضة .

زفر بضيق ثم دلف وجلس مقابله ليفتح شادي عينيه حينما شعر بحركة في المكان .. وحينما وجد عاصم أمامه اعتدل في جلسته ونظر له بابتسامة قبل أن يتمم بترحيب :
مراحب يابشمهندس .. عامل إيه ؟

عاصم ببرود :
بخير .

ثم تابع قاصدًا إحراجه :
انت بتعمل أي هنا ؟

شادي بهدوء خارجي فقط :
أنا هنا من امبارح ومسافر بعد تلت ساعات كده .

عاصم بتهكم :
وليه سفر .. ما انت كويس هنا .

شادي مستشعرًا نبرته المتهكمه :
والله ياعاصم أنا نفسي أفضل ديما هنا .. بس ظروف شغلي للأسف .. ثم إني مقرر حتى أصفي شغلي في انجلترا وأكبره هنا وافضل هنا على طول .

عاصم بضيق :
وانت ليك أي هنا تقعد عشانه ؟

شادي باستفزاز :
روح .

عاصم ضاربًا الطاولة بقبضته :
هي روح دي بتلعب معاك .. ما تحترم نفسك .

شادي ببرود :
والله ياعاصم انت تقريبا جاي متعصب من بره ومعرفش أي السبب ومش مهتم بصراحة بس روح أنا بناديها كده من أول مرة عرفتها فيها .. أو .. لا لا للدقه بقولها ياروح شادي .. وأوقات في الأزمات الشديدة بقولها يا أمي .. وده عشان أحسسها إن ليها ضهر واقف جنبها وفي ضهرها وبيقويها ويسندها ومش سايبها وحيدة في الدنيا .. وأنا كمان بعوض نفسي عن أمي بيها .

عاصم بغل :
انت ملكش مكان وسطينا .. زي ما دخلت تخرج .. سامع .

أتاهم صوت روح الباكي :
عاصم .

لكن شادي لم يستمع لأي كلمة بل غادر المنزل على الفور .

عاصم بضيق :
أنا هنا اللي إبنك مش هو .. هو ملوش مكان هنا .. ده مش إبنك .

روح ببكاء :
شادي ابني اللي مخلفتوش ياعاصم .. شادي ابني اللي ربيته سبع سنين بحالهم .. هو اللي وقف جنبي في موت أيهم رغم كسرته على أبوه بس فضل يقويني .. هو اللي أنقذ فاتن من الحادثة بعد ما خرجت من الشقة ونقلها المستشفى واتبرعلها بدمه .. هو أكتر حد وقف جنبي يابني .

عاصم بصدمة :
فـ فاتن ؟!! .. انتي مقلتليش ليه حاجه زي كده ؟

روح بصوت مبحوح :
هو رفض عشان خاف متقبلش بيه .. زي ما انت واقف كده بالظبط .

عاصم بحده :
أنا وهو مش هنتجمع جنب أم واحدة .

ألقى جملته وغادر على الفور متجها لمنزل فاتن وغضب الدنيا على ملامحه ... وصل وصف سيارته وخرج كالعاصفة ...

دلف للمنزل وصرخ بصوته :
فاااتن .

خرجت سمر على صوته وهي تقول بخضة :
في إيه ياعاصم ... إيه الهمجية دي !!

صعد عاصم الدرج ودلف لغرفة فاتن التي استيقظت على صوته وكانت تحاول الوقوف على قدميها لتخرج له .. أجفلها صفقة الباب خلفه واقترابه منها بشكل مخيف .

فاتن بخوف :
عـ عـ عاصم في إيه ؟

عاصم بغضب :
انتي كنتي فين يوم الحادثه ؟

فاتن بدموع :
مـ مـ مش عايزه أتكلم في الموضوع ده ياعاصم من فضلك .

عاصم بحده :
طبعاااا مش عايزه تتكلمي .. عشان كنتي مع البيه بترحبي بيه مش كده ؟

فاتن بعدم فهم :
بيه مين ؟.. و 

•تابع الفصل التالي "رواية ضمير ميت" اضغط على اسم الرواية

تعليقات