رواية ليل و لعنة الزمن الفصل الثامن عشر والاخير - بقلم فريدة عبدالرحمن

 

 رواية ليل و لعنة الزمن الفصل الثامن عشر والاخير - بقلم فريدة عبدالرحمن

الفصل الثامن عشر – همسات من الظل
ليل كانت قاعدة على السرير، ووشها باين عليه الإعياء…
بس حضنها؟
كان فيه الحياة نفسها.
ليان… بنتها… نايمة في سكون، وجبينها دافي، وصدرها بيرتفع بهدوء.
ليل بصّت لها، وكل حاجة تانية اتحجبت…
حتى وجع الولادة، حتى الخوف القديم.
أويس فتح الباب بهدوء، ودخل.
بص لهم، وقلبه اتهز.
قرب منها، وقعد جنبها على طرف السرير.
– حمدلله ع السلامة يا جود القلب.
ليل ابتسمت بتعب، وبصت له:
– ليان… شبهه، بس عنيها أنا.
أويس ضحك بخفة، لكن عينه اتحركت ناحية الطفلة…
وهو بيبص، وقف لحظة.
قرب وشه شوية.
– استني…
رفع إيده ولمس طرف جفنها بإيده بلطف.
– في علامة…
– إيه؟
– نقطة سودة، صغيرة قوي… بس مش عادية يا جود. دي مش نقطة… دي خيط.
ليل شدّت بنتها بحضنها، وقلبها اتقبض.
– يعني إيه يا ريان؟
أويس سكت، وبص لها، وعينيه مفيهاش غير صدق مؤلم:
– يمكن… يمكن الملكة سابت حاجة وراها.
المشهد عند زمردة
الغرفة كانت هادية، فيها ريحة أعشاب خفيفة وبقايا بخور متصاعد…
وزمردة ممددة بتعب، وشعرها لزق في جبينها من العرق.
ريان كان واقف عند الشباك، والبيبي في حضنه…
عيونه كانت مليانة رهبة وفرح، وهو بيبص في وش صغير شبهه.
– حبيب بابا… هنسميك هارون.
قالها بصوت واطي كأنه بيعلن اسم ملك.
زمردة، وهي بتفتح عينيها بصعوبة:
– هاتو… هاتو يا ريان.
بص لها بسرعة، وقرب منها.
– حبيبتي… استني شوية، انتي تعبانة.
– لا… عايزة أشوفه… أحضنه.
مدّ إيده بهدوء، وحط هارون بين إيديها.
زمردة ضمّته، ودموع نزلت من غير صوت.
– شبهك… بس عينيه فيها حتة مني.
– ده ابنك يا زمردة… وابننا جاي ينور الدنيا، حتى لو حواليه ظلام.
فضلوا ساكتين لحظة… لحد ما هارون حرّك إيده الصغيرة، ومس بشفايفه رقبتها.
زمردة اتنفست بعمق، لكنها شحبت فجأة.
بصّت لريان بهلع.
– ريان… ريان في حاجة غلط.
– زمردة؟ مالك؟
– سخن… قوي… وإيده كانت متلجة.
ريان خده بسرعة، وقربه لصدره.
لكن فجأة… البيبي فتح عينيه.
وعينيه…
كان فيها شرارة غريبة. حاجة نادرة…
لون اتقلب لحظة، وبعدين رجع.
ريان اتجمد مكانه.
زمردة بهمس:
– الملكة… سابت حاجة هنا كمان؟
في غرفة زمردة – بعد لحظة الصمت
زمردة بصّت لهارون اللي كان نايم في حضنها، لكن ملامحه ماكنتش بريئة زي أول لحظة…
في رعشة خفيفة في جسمه، ونَفَسه كان مش منتظم.
زمردة بصوت مبحوح وتعبان:
– ريان… خُد الولد، ونده لي قابلة… وقول ليُمنى تيجي.
ريان:
– حاضر… حاضر بس طمنيني.
زمردة شدت في هدومه، وهي بتحاول ترفع نفسها:
– لا… لا، اسمعني، لازم أروح ليل. حالًا.
ريان اتفاجئ:
– إيه؟! انتي لسه والدة، ازاي تتحركي؟!
زمردة بصت له بخوف بيكبر:
– الولد ده… اتولد زي ليان، بس في حاجة… حاجة مش طبعية.
الملكة كانت لسه بتحوم حوالينا… أنا حسيتها، يا ريان.
سكت لحظة، وبعدين قالت:
– لو في لعنة جديدة، أو أثر، ليل لازم تعرف.
هي الوحيدة اللي بتشوف أكتر مننا… لازم أروح لها دلوقتي.
ريان قرب منها:
– طب أنا أروح، وأبلغهم ييجوا.
زمردة:
– لا… لازم أنا اللي أقول. هي هتفهم من عيني قبل كلامي.
ريان شايل القلق من صوته:
– طيب… هقوم أنادي يمني
زمردة حاولت تقوم، بس تعبها شدّها، مسكت جنب السرير وهي بتقاوم الوجع.
همست:
– استنيني يا ليل… في ظلام بيصحى من تاني.
ليل كانت قاعدة على السرير، وشعرها مبلول عرق، ووشّها باين عليه الإنهاك والتوهان.
صوت ليان كان بيعيّط في الخلفية، بس هي مش قادرة تركز…
همست بصوت مهزوز:
– أنا عاوزه زمرده… عاوزه زمرده.
أويس قرب منها، قعد جنبها، حاوط إيدها بإيده:
– اهدي، اهدي يا جود القلب، انتي لسه والدة. وهي كمان… كل حاجة تحت السيطرة.
ليل حركت جسمها بالعافية، وحاولت تقوم:
– لأ… أنا هروحلها، لازم أطمن، لازم أشوفها… في حاجة غلط يا أويس، أنا حاسّة.
فجأة الباب اتفتح…
وصوت ناعم بس مليان تعب قال:
– أنا جيت… أنا هنا يا ليل، اهدي.
ليل رفعت عنيها بسرعة، وشافتها… زمردة، واقفة على الباب، باين على ملامحها الشحوب والتعب، بس عنيها كلها نار وإصر
زمردة دخلت بتعب، جسمها مرهق لكن عينيها مليانة لهفة.
زمردة قربت منها، وهي بتهمس:
– اللعنة...
ليل رفعت وشها بسرعة، صوتها بيترجف:
– رجعت يا زمردة... رجعت…
وسايْبَة علامة في بنتي.
زمردة وقفت، قلبها وقع، قربت بسرعة من ليل ومسكت إيدها بقوة.
– فين؟! ورّيـني!
ليل سحبت البطانية برفق، وكشفت عن يد ليان الصغيرة…
علامة سودة باهتة، شبه الحرق، مرسومة في شكل دايرة حواليها خطوط زي الشوك.
زمردة قعدت جنبها على السرير، بتحاول تسيطر على رعشة صوتها:
– سابت نفس العلامة… فـ هارون.
ليل بصتلها، ودموعها نزلت ببطء:
– مش كانت ماتت؟
مش كنا خلصنا؟
زمردة شدّت ليل في حضنها، وقالت بصوت متكسر:
– لأ… بس إحنا موجودين.
والمرة دي… هنكون مستعدين.
أصوات الخطوات بدأت تقرب…
أويس وريان دخلوا بسرعة، وكل واحد فيهم ماسك سلاح في إيده… كأنهم حاسّوا بالخطر من بعيد.
ليل رفعت عينيها وهي بتهمس:
– المعركة الحقيقية… لسه ما بدأتش.
قفلة الفصل:
الصورة الأخيرة:
ليان نايمة في حضن أويس…
هارون بين إيدين ريان…
وكل العيون شايفة نفس العلامة، ونفس المصير…
لكن الأيدين متشابكة… والقلوب جاهزة.

تعليقات