رواية حب في الدقيقة 90 الفصل الخمسون 50 - بقلم نعمة حسن
شردت صفية قليلا ثم قالت وشعور بالذنب يخالجها:
ـ حياة، كيف حالها؟
نظرت إليها باستفهام وقالت:
ـ من؟! هل تقصدين حنان؟
ـ لا، زوجة أبيكِ..
تنهدت حياة وقالت بأسى:
ـ الحمدلله على كل حال، حالتها النفسية سيئة جدا بعد ما حدث..
أطرقت صفية برأسها ندمًا وقالت:
ـ حياة صدقيني أنا لم أدفعها عمدا، ولم أكن أعلم بحملها اساسا، أقسم لكِ بذلك.
تنهدت بحياة وهي تشعر بقلة الحيلة تجاهها وقالت:
ـ أعلم يا أمي، لقد رفضت حسناء إقامة دعوى ضدك بالرغم من إصرار أبي لأنها اعترفت أن قدمها انزلقت وهي تحاول الفرار من قبضتك.
تهاوت دمعات صفية بحرقة وهي تقول بخزي من نفسها:
ـ أنا صرتُ أخجل من نفسي كثيرا، لا يراني أحد إلا وتحل به مصيبة، أنا بؤرة شر ونحس يا حياة، لا أحد يحبني سواكِ، فلقد أفسدت حياة الجميع.
اقتربت منها حياة وعانقتها وهي تبكي بدورها، وفي تلك اللحظة لم تجد ما تقوله فهي تعرف أن ما تقوله أمها صحيحا، وهي لن تجد ماء وجهها أساسا إن حاولت إثبات لها عكس ذلك.
ـ ولكني نلتُ جزائي، وأنا راضية بما أنزلهُ الله بي من عقاب، فأنا أستحقه، والحمدلله أن ما أصابني سيخفف عني عقاب الآخرة.
ضمتها حياة بقوة وسالت دمعاتهما سويا، فحتى وإن كانت أمها جمرًا متقدًا ولكنها لن تستطع نبذها أبدا.. فمن منا يختار والديه؟ ومن منا يمكنه كراهيتهما حتى وإن كانا أسوأ خلق الله!
'ــــــــــــــــ
في المساء.
بعد أن نجحت حياة أخيرا في تنويم أولادها ونقلتهم إلى سريرهم تسطحت على فراشها بتعب وشخصت ببصرها في سقف الغرفة وهي تقول:
ـ يا إلهي، كم أن حياة الأمومة هذه متعبة فعلا!
وحملقت بعينيها فجأة وقد تذكرت شيئا لم يكن عليها نسيانه أبدا، فالتقطت هاتفها من جوارها وطالعت تاريخ اليوم لتهتف بصدمة:
ـ اليوم عيد ميلاد قاسم !! يا إلهي.. ما أغباني!
قررت سريعا وقامت بمراسلة متجر للحلويات وطلبت منهم كعكة شيكولاتة، ثم استلت قميصاا حريريا باللون الأحمر من خزانتها وارتدته، ووقفت أمام مرآتها تضع لمسات بسيطة من الزينة وزخات وفيرة من العطر الذي يفضله قاسم.
أحضرت الطاولة الصغيرة من شرفة الغرفة ووضعت فوقها قالب الكيك ثم وضعت حولها شموعا فواحة، وتفاجئت بقاسم يفتح الباب ويُقبل عليها مبتسمًا، وعينيه تحدقان بها بغرام، حث الخطى نحوها حتى إذا وصل إليها حملها بين يديه وأوصد الباب بقدمه وهو يقول مبتسما ويتفحصها بهيام:
ـ ما أحلاكِ حينما تكونين راضية عني.
ابتسمت وطوقت عنقه بيديها وقالت بنبرة مغوية:
ـ أنا دائما راضية عنك حبيبي.
ـ وأنا دائما أحبك حياتي.
تناغمت شفاههما بقبلةٍ تواقة وانصهرت أرواحهما بعشقٍ أبدي، ثم نظر إليها مجددا وقال:
ـ ما سر كل هذا الرضا؟ هل اليوم هو يوم حظي؟
ـ لا، هو يوم ميلادك.
رفع حاجبيه متذكرا وقال:
ـ حقا؟ هل هو عيد ميلادي العشرين؟
ضحكت وأجابته بمرح:
ـ لا، العاشر.
عض وجنتها وهو يقول مبتسما بمشاغبة:
ـ حسنا، والقبلة من هذا الثغر الوردي تجعلني أبدو أصغر سنة كاملة، إذّا فأنا أحتاج عشر قبلات كي أعود طفلا في عمر حلا وسند.
منحتهُ العشر قبلات ومعهم الكثير من الحب، أخبرتهُ كم أن وجوده بقربها ضروريا، وأخبرها كيف أنها تمثل بالنسبة له الحياة، عددت مزايا عشقه فوصف لها فوائد وصَلِها، عايدتهُ بالطريقة التي تمحو كل آثار دمار السنوات الماضية ومنحتهُ مخزونًا وافرًا من الحب والرضا يكفيان
لسنين طويلة قادمة.
وفي النهاية صرّحت قائلةً بقلبٍ ذائب:
ـ أنا الهائمة بك عشقا أعترف.. أحبك كثيرا قاسم.
فنظر إليها مبتسما بحنان وهو يضمها بقوة إليه وأردف:
ـ وأنا الغريق الذي تلقيتِه بين ذراعيكِ وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ووهبتهِ الحياة التي لم يعرف معناها سوى معكِ، وهبتِني الأمل في أحلك لحظات حياتي، منحتِني الحب في الدقيقة التسعين.
ــــــــــــ
•تابع الفصل التالي "رواية حب في الدقيقة 90" اضغط على اسم الرواية