رواية مالكة قلب الزين الفصل الخامس عشر 15 - بقلم ريشه ناعمه

 

 رواية مالكة قلب الزين الفصل الخامس عشر 15 - بقلم ريشه ناعمه

الغروب كان لسه ساكن على السرايا، بس الهدوء اللي لفّ المكان كان فيه رهبة، كأن كل نفس بيتسحب بحذر. الكوشة لسه متعلقة، الزينة ما اتشلِتش، لكن كل حاجة بقت باهتة بعد اللي حصل. صوت الجد، وكلامه عن محاولة التسميم، ضرب الكل في مقتل.
ليان كانت قاعدة في أوضتها، بتحاول تترجم اللي حصل، بس عقلها مش قادر يربط الخيوط. زين دخل عليها من غير ما يخبط، وشه كان مرسوم عليه غضب مكتوم، بس في عيونه شيء أعمق… خوف.
– “ما كنتيش لوحدك في أوضة چدى؟!”
ليان رفعت عيونها ليه، وقالت بهدوء فيه نبرة خوف:
– “لا… كنت معاه، بس خرجت لما الممرضة دخلت… بعديها بدقايق سمعنا الصرخة.”
– “حد دخل الأوضة بعدك؟”
– “ماعرفش… يمكن… بس حسيت إن في حركة غريبة، كأن حد كان بيراقب من بعيد.”
زين لف ظهره ومسك في الستارة، وسحبها بعنف وهو بيقول:
– “لو حد أذى جدي… مش هسيب الدنيا تعدي… أقسم بالله!”
في اللحظة دي، كانت الممرضة اللي بتشرف على الجد بتتحايل على العيلة علشان ما يدخلش عليه حد تاني. الجد بين الحياة والموت، وكلامه ممكن يولع الدنيا… أو يطفي نارها.
في الساحة، عصام كان بيتحرك زي التعبان، ماشي على أطراف الكلام، بيزرع شُكوك ويصنع ملامح براءة. كل ما حد يسأله عن اللي حصل، يرد بجملة قصيرة وابتسامة باردة.
زين نزل ووقف قدام الرجالة، وقال بصوت جهوري: – “اللي حصل مش هيعدي، ولازم نعرف مين حاول يأذي جدي. وكل واحد فينا هيتحقق معاه… حتى أنا.”
عصام ضحك ضحكة قصيرة:
– “هو احنا في مركز شرطة؟ ولا في بيتنا؟!”
زين قرب منه وقال بصوت منخفض فيه تهديد:
– “احنا في بيتنا… وعشان كده، اللي هيتلعب علينا جواه، نهايته مش هتبقى قانونية… تبقى صعيديّة!”
الناس سكتت، والعيون كلها راقبتهم وهما بيتبادلوا نظرات زي السيوف.
ليان قررت تنزل، رغم إنها كانت تعبانة، بس قلبها مش مطمن. نزلت وهي لابسة عباية سودة خفيفة، وطرحِتها مُتدلّية على شعرها اللي كان لسه فيه ريحة البرفان الهادية.
أول ما شافها زين، اتحرك ناحيتها وقال:
– “قولت لك ترتاحي!”
– “مش قادرة أرتاح وأنا مش عارفة إيه اللي بيحصل.”
– “خايفة؟”

– “لا… بس قلقانة… عليك.”
كلمة “عليك” خرجت منها تلقائية، بس خلت ملامح زين تتغير، بقى فيه دفء صغير اتسلل بين الغضب اللي فيه. قرب منها وقال بصوت واطي:
– “طالما إنتِ جنبي… مش هيهمّني اللي بيحصل.”
لكن في اللحظة دي، اتدخل واحد من الخدم وهو بيقول:
– “العمدة طالب حضرتك حالاً.”
زين مشي بسرعة، وسبها واقفة، بس عينها فضلت عليه، كأنها خايفة يختفي من قدامها فجأة.
عند الجد، الجو كان متوتر. العمدة – أبو زين – واقف جنب السرير، والهوارى كان فتح عيونه بهدوء، وكأن الوجع مبقاش فيه، بس عيونه بتحكي عن أيام طويلة فيها دم ونار.
قال بصوت خافت: – “مش عايز أروح قبل ما أعرف إن العيلة لسه واقفة.”
العمده (ابو زين) قرب وقال: – “لِسه واقفة، وإنتَ اللي سندها يا حاج.”
لكن الجد أشار بعينيه ناحية الباب، وقال: – “هات زين… وخلّي ليان تدخل معاه… لازم يسمعوا.”
ندهلهم ودخلوا.
ليان وقفت، وزين جنبها، وعنيهم على الهوارى اللي مد إيده المرتعشة وقال:
– “اللي حصل مش من بره… اللي حاول يسمّني حد من دمّنا.”
ليان شهقت، وزين شد إيده في قبضه.
– “وإنتَ عارف مين؟!”
– “لسه… بس الشك في قلوبكم. بس أوعوا تسيبوا بعض… أوعوا.”
وبعدين قال جملة خلت ليان تتجمد في مكانها:
– “لو كنت راضي بخطوبتكم… مش بس علشان وصيتي… لأني عارف إن الحرب جايه… ومش هيقف قدامها غير اتنين قلبهم على بعض.”

سكت الجد لحظة، كأن نفسه بيتسحب بالعافية، وبعدين قال بصوت مشي بين الرجفة والعزم:
– “اللي هيحمي العيلة دي مش السلاح، ولا الرجالة… اللي هيحميها الحب اللي بينكم. لما اتنين يتوحدوا، يقدروا يواجهوا الدنيا… وإنت يا زين، لو فرّطت في البنت دي، العيلة كلها هتضيع.”
زين حسّ إن الكلام طالع من قلب الجد كأنه بيعاهده، عيونه راحت لليان اللي كانت واقفة بهدوء، لكن إيدها ماسكة طرحتها بقوة، وكأنها بتحاول تتماسك.
بعد اللحظة دي، الجد فقد وعيه تاني، بس المرة دي مفيش صراخ ولا هلع، كأن الكل استوعب إن الجد بيقاوم، بس بيودّع بطريقته.
خرجوا من الأوضة، وزين ماسك إيد ليان وهو ساكت. وصوت خطواتهم في الممر كان عالي وسط سكون البيت.
قالت ليان بعد لحظة:
– “هو كان بيتكلم كأنه… كأنه عارف إن النهاية قربت.”
– “هو عمره ما اتكلم إلا لما يكون حاسس بحاجة. بس طول عمره قلبه ما بيغلطش.”
– “وإنت؟ قلبك بيغلط؟”
بصّ لها للحظة، وقال:
– “أكتر حاجة صح عملتها… إني قرّبت منك.”
في اللحظة دي، كان في زاوية بعيدة من البيت، يارا واقفة وبتبص عليهم من الشباك، ووشها كان متقلب، زي بحر هيجانه ساكن بس أعماقه مليانة دوامات.
راحت ناحية غرفتها، وطلعت تليفونها، وبدأت تكتب رسالة بسرعة:
“الخطوبة حصلت… الجد فاق… لازم نتحرك بسرعة، قبل ما كل حاجة تضيع.”
وبعتت الرسالة.
بس ما كانتش تعرف إن ليان، لما رجعت أوضتها، كانت نسيت حاجة مهمة… كانت نسيت موبايلها هناك، والموبايل ده كان بيستقبل كل إشعارات تابلتها المرتبط بنفس الإيميل اللي يارا استخدمته وهي بعت الرسالة.
رجعت تاخده، وشافت الرسالة.

عيونها اتسعت، قلبها بدأ يدق بسرعة، وطلعت تجري على زين.
لقته في الإسطبل، بيفضفض لحصانه كعادته، بيهدّيه ويلطّف على شعره.
– “زين!”
– “فيه إيه؟”
– “شفت رسالة من يارا… بعتها لحد ما نعرفهوش، قالت إن الخطوبة حصلت وإن جدو فاق، ولازم يتحركوا بسرعة قبل ما كل حاجة تضيع!”
زين سكت ثواني، وبعدين قال:
– “أنا كنت شاكك فيها… بس دلوقتي بقت المسألة أكبر.”
– “هنعمل إيه؟”
– “هنخليهم يبلعوا الطُعم…”
في نفس الليلة، قرر زين يعلن قدام العيلة كلها إنه هيسافر القاهرة يومين مع ليان، علشان تشوف دكتورها النفسي اللي كانت بتتابع معاه زمان، بسبب قلقها بعد الحادثة.
الناس اقتنعت، لكن في الخفاء، كان بيرتب فخ لعصام ويا را.
في صباح اليوم التالي، طلعوا بالعربية، ووصلوا للقاهرة، لكن مكانش في دكتور، ولا ميعاد.
كان في حد تاني زين هيتقابل معاه… ضابط مباحث من زمان، صاحب زين من أيام دراسته في كلية الشرطة قبل ما يسيبها لأسباب عائلية.
قاله:
– “الجد فاق، وقال إن حد من جوه العيلة حاول يسمّه. عندي شكوك حوالين بنت اسمها يارا، وبنت عمّي، وخطها بيبعث رسائل مريبة.”
الضابط قال:
– “هنبدأ تتبع فوري… بس محتاجين إذنك بتفتيش أوضتها.”
– “خدوه… بس من غير ما حد يعرف.”

رجع زين مع ليان بعد يومين، والكل استقبلهم عادي، إلا عصام اللي كان ساكت أكتر من اللازم، ويارا اللي كانت ضحكتها أعلى من الطبيعي.
وفي نفس الليلة، جت مكالمة من الضابط:
– “جبنا تسجيلات لمكالمات يارا… منها مكالمة بينها وبين عصام من أسبوع، بيخططوا فيها لإبعادك عن طريق الجد… والمصيبة إن فيه طرف ثالث، مجهول، بيوجههم.”
– “مجهول؟!”
– “أيوه… وبرقم مصري.”
زين ما قالش ولا كلمة، لكنه قرر يبدأ اللعبة بطريقته.
في اليوم اللي بعده، اتجمعت العيلة تاني على عشاء كبير بمناسبة شفاء الجد النسبي.
وفي وسط العشاء، وقف زين وقال:
– “أنا عندي حاچه مهمه عايز اقولهولكم عليه.”
الكل سكت.
– “أنا وليان هنكتب الكتاب خلال أسبوع.”
العيلة صفقت… إلا عصام… اللي كتم شهقته، ويارا اللي شبكت إيديها ببعضها بقوة.وابوا زين والهوارى لأنهم عارفين.
بس المفاجأة ما كانتش في الإعلان… كانت في اللي جه بعدها.
زين قال:
– “وفي حد تاني هيبقى ضيفنا الليلة دي… مش من العيلة، بس عزيز علينا كلنا.”
ودخل الضابط…. و…
 

•تابع الفصل التالي " رواية مالكة قلب الزين" اضغط على اسم الرواية

تعليقات