رواية الجدران الناطقة الفصل الخامس عشر و الاخير 15 - بقلم مريم عثمان

 رواية الجدران الناطقة الفصل الخامس عشر و الاخير 15 - بقلم مريم عثمان

تجمد الزمن لحظة في ذهن آنا كل شيء كان قد بدأ ينكشف أمام عينيها موت والدتها، قصة الفتاة الصغيرة ياسمينا، وعلاقتها المظلمة بمنزلها، والأسرار المخبأة في عمق هذا المكان كانت أفكارها تتسابق كما لو كانت تبحث عن بعض الحقيقة التي قد تنقذها من هذا الجحيم المطبق على قلبها لكنها كانت تائهة في دوامة من الخوف والغموض
آنا كانت جالسة على أطراف أقدامها، تفكر في كل شيء مرّ بها حتى الآن كل شيء أصبح واضحًا، وكلما حاولت أن تفهم ما الذي يحدث حولها، كانت الأمور تزداد تعقيدًا كانت أفكارها تتنقل بين والدتها الميتة، الفتاة ياسمينا، وإيمان، والعلاقة التي تربطهم جميعًا وكلما تأملت أكثر، ازداد الرعب في قلبها
آنا: لكن ما علاقتها هي بياسمينا؟
وبينما كانت الكلمات تتردد في ذهنها، اهتزت جدران المكان بشكل مفاجئ، فزعها جعلها تقفز فجأة لا لا يمكن أن يكون إيمان هي الأخت الكبرى لياسمين سامح كان يخطط لكل شيء كان يزوج أختها ليمنعها من كشف أسراره فكرت آنا بعنف، لكن شيئًا آخر كان يلوح في الأفق كانت هنالك علاقة غامضة بين شركتي Q وR، وكأن السر يكمن في هذا الرابط الغامض
لكن كلما تعمقت في التفكير، كانت الظلال حولها تتسارع أكثر هذا المكان، هذا البيت، لم يكن مجرد مكان مهجور كان يضم في طياته قوى شريرة قديمة، ومخلوقات مظلمة لم تكن من هذا العالم آنا بدأت تشعر وكأن جسدها قد تمزق، وأصبح ضبابًا يطفو في الهواء، بينما كانت روحها محاصرة بين الجدران المظلمة لهذا المكان الملعون
وفجأة، أغمضت عينيها، وكأنها دخلت إلى بعد آخر كانت الأصوات تتداخل مع بعضها، وصرخات قديمة تملأ الفضاء وفي تلك اللحظة، شعرت بشيء غريب يتحرك داخل جدران هذا المكان، وكأن الكراهية والانتقام يتسربان إلى قلبها الممزق البيت كان يملك قوة أعظم من الأرواح الضائعة، كان هناك روح شريرة قديمة تسيطر عليه، وكأنها تحتفظ بكل الأسرار المدفونة بداخله
ثم، ظهر صوت والدها فجأة في أرجاء المنزل، يصرخ بعنف، وكأن غضبه قد أحيى الجدران نفسها
والد آنا: أقول لك، غبنك حاول قتلي بعد أن ساعدته
والدة سامح: لم تساعده من نفسك، لقد أخذت الثمن
والد آنا: ولكن
والدة سامح: لا تصرعني أنت فعلت ما فعلت بكامل إرادتك دبرتم، خططتم، ونفذتم اذهب إلى سيدك الذي اتفقت معه
والد آنا (بصراخ شديد): لا يريد مقابلتي
والدة سامح (ببرود): لا أستطيع فعل شيء من أجلك
والد آنا: سأفضح أمركم إن لم يبتعد ابنك عني، حتى وإن كلفني حياتي
والدة سامح: اخرج من منزلي، لا أريد رؤيتك
وفي لحظة، امتلأت الغرفة بالظلال المظلمة التي كانت تتحرك بسرعة رهيبة حول آنا الظلال كانت تتحرك في رقصات مرعبة، تنساب عبر الجدران وتلتف حولها، وكأنها تأخذ كل ذرة من الضوء في الغرفة كانت أصوات خطوات غريبة تقترب منها، وأدركت آنا أن هناك شيئًا أفظع مما كانت تتوقعه يلوح في الأفق
بأقصى سرعة، نظرت آنا إلى مصدر الصوت الغريب، وعينها تتسع رعبًا، إذ كان ما رأته أفظع من كل شيء تخيلته كان الظلام يعيد تشكيل نفسه أمام عينيها ليكشف لها شيئًا لم تكن قادرة على فهمه تمامًا: والدتها نفسها، وهي تظهر أمامها، لكن بصورة أكثر بشاعة، عيونها مفتوحة على مصراعيها، مليئة بالغضب والجنون، كما لو كانت روحًا قد انفصلت عن جسدها لتنتقم
آنا لم تستطع الهروب الزمن توقف حولها، والأرض تحتها اهتزت بعنف، كما لو أن كل شيء سيغرق في هاوية لا تُرى في تلك اللحظة، كان كل شيء مظلمًا؛ الظلال تزداد، والظلام يبتلعها شيئًا فشيئًا، بينما كانت حقيقة مروعة تتكشف أمام عينيها
تجمّدت آنا على قدميها، لم يكن بإمكانها تحريك جسدها أو الهروب كانت الظلال تقترب أكثر، وكانت تلتهم المكان المحيط بها شيئًا فشيئًا، كما لو أن الأرض نفسها كانت تتنفس بشدة، تمتص كل الأمل، وكل ضوء موجود حولها
والدتها، التي كانت الآن أمامها، كانت لا تشبه أي شيء آنا عرفته من قبل كانت صورتها مشوهة، أشبه بكائن مسكون بالألم والغضب عيون والدتها كانت مفتوحة بشكل غير طبيعي، مليئة بشحنة من الغضب المكبوت والمرير، لكن في داخل تلك العيون كان هناك شيء أكثر قتامة كانت هذه الروح، التي انفصلت عن جسدها، تريد أن تلتهم آنا، كما لو أن كل الألم الذي عانته في حياتها قد تجسد ليصبح وحشًا يسعى للانتقام
آنا حاولت أن تبتعد خطوة واحدة، لكن جسدها كان ثقيلًا، وكلما تحركت، كانت الظلال تلتف حولها أكثر وكأن الجدران نفسها كانت تلتهم صوتها وحركتها فجأة، سمع صوتًا غريبًا، قادمًا من أعماق الظلام كان صوت خطوات ثقيلة تقترب، حتى بدأ الهواء يضغط على صدرها، وكل شيء أصبح أكثر ضبابية
ظهر أمامها شخص آخر، لم تستطع أن تتبين ملامحه في البداية، لكنه كان يشبه والدها كانت تلك اليد التي كانت تحمل الجثة، هي نفس اليد التي أطبقت على رقبة والدتها في اللحظة المظلمة التي دخلت فيها آنا إلى هذا البيت الملعون لكنه الآن كان مشوهًا، بلا ملامح واضحة، كان مجرد ظلاً مهيبًا يتحرك
آنا، وهي تكاد تموت من الرعب، حاولت أن تتنفس، لكن هواء البيت أصبح ثقيلًا، وكأنما كان يضغط على صدرها، ويمنع عنها الأوكسجين بدأت الأصوات تتداخل في عقلها، كما لو كانت جوقة من الأرواح تتصارع في هذا المكان المظلم، وكل روح تحاول إخراج أسرارها المخفية
ثم سمعت صوتًا آخر، صوتًا ينطلق من داخل الجدران، كان يشبه صرخة مروعة قديمة، تُجبرها على تذكر كل شيء مضى
صوت مألوف قادم من خلف والدتها، التي لم تكن تعرف إن كانت هي من تبعثه أو روحها، لكن كان يصرخ بقوة:
لن تهربي لن تهربي، لأنك جزء من هذه اللعنة ‘نهت الفتاة باسمين
في تلك اللحظة، شعرت آنا بشيء أقوى من الظلام يلتف حول قلبها، كما لو كانت روحها ستتساقط إلى الأبد في أعماق هذا المكان المظلم لكنها، رغم كل شيء، قررت أن تتحرك، حتى لو كان كل شيء حولها يصرخ، حتى لو كانت كل روح تحاول أن تمنعها
مع كل خطوة، كان الظلام يلاحقها، وكانت الأنفاس الحارة للأشباح التي لا تُرى تزداد كلما حاولت أن تفتح الباب أو تخرج، كان الصوت يزداد، والأنفاس تزداد قربًا، كما لو كانت تُحيط بها من كل زاوية
لكن، في عمق قلبها، شعرت بشيء مختلف، شيء أكثر ظلمة كان الصوت الآتي من الجدران يتحدث إليها مباشرة، وكأنها تسمع كلمات ليست كلمات بشرية، بل كأنها أنين الأرض نفسها، وأنين الكائنات التي تحيا داخل هذه الجدران
آنا أنتِ لستِ بريئة، أنتِ جزء من هذه الجريمة أنتِ جزء من الظلام الذي لا ينتهي........ تم عرض أقل

لقراءة و متابعة روايات جديده و حصريه اضغط هنا

•تابع الفصل التالي "رواية الجدران الناطقة" اضغط على اسم الرواية

تعليقات