رواية ليل و لعنة الزمن الفصل الرابع عشر 14 - بقلم فريدة عبدالرحمن

 

 رواية ليل و لعنة الزمن الفصل الرابع عشر 14 - بقلم فريدة عبدالرحمن

ليل كانت نايمة، نفسها هادي، بس وشها لسه عليه أثر التعب.
أويس قاعد جنبها، عينه مش بتفارقها، كأنه خايف لو طرف عينه ثانية… تختفي.
إيده ماسكة إيدها، وإبهامه بيرسم دايرة صغيرة على كفها.
ريان وقف عند الباب، صوته واطي عشان ما يصحيهاش:
– أنت مش ناوي تتحرك يا أويس؟
أويس من غير ما يبص له:
– لو سبّتها دلوقتي، مش هعرف أنام.
ريان دخل خطوتين، اتكئ على الحيطة:
– اللي حصل جوّه الدائرة… ده مش نهاية القصة.
ملك الظلام اتقهقر، بس ده معناه إنه هيهاجم أقوى المرة الجاية.
أويس رفع عينه، نظرة فيها نار:
– يبقى هنكون أقوى.
ريان اتنهد:
– مش بس بالقوة… محتاجين نفهم أثر الظل اللي على إيدها.
أنا مش مرتاح للعلامة دي.
أويس بص على كف ليل، خط الدخان الأسود لسه زي ما هو.
– لو العلامة دي أذيتها… أقسم بالله هقلب العالم عشان أشيلها.
قبل ما ريان يرد، الباب اتفتح بهدوء، زمردة دخلت، ماسكة الكتاب.
صوتها كان مبحوح، كأنها قعدت ساعات من غير ما تنطق:
– أنا عرفت حاجة… عن العلامة.
أويس نهض فورًا، بصوت حاد:
– قولي.
زمردة قربت، فتحت الكتاب على صفحة فيها رسومات مرعبة، رموز غريبة وسطها شكل باب متشقق.
– ده اسمه باب الدم.
اللي يعدي من بوابة الظلام… بيبقى جواه
ليل فتحت عينيها بهدوء، حسّت بهمس أصوات حوالين السرير، قامت نص قومة وخضّت الكل بصوتها الهادي لكن القلق واضح فيه:
– في إيه؟ مالكم واقفين كده؟
زمردة قربت بخطوات هادية، صوتها تقيل وواطي:
– عرفت حاجة عن العلامة اللي في إيدك يا ليل.
ليل اتعدّلت بسرعة، عينها بتلمع بتوتر:
– قولي يا زمردة…
زمردة أخدت نفس عميق، وبصّت لوش أويس كأنها بتطلب منه القوة قبل ما تنطق:
– العلامة دي… مش مجرد أثر من البوابة.
هي علامة باب الدم… باب مش طبيعي، بين عالمنا وعالم ملك الظلام.
ليل حسّت قلبها بيخبط، عينيها نزلت على كفها اللي فيه الخط الأسود:
– باب… دم؟ يعني إيه الكلام ده؟
ريان قال بصوت جاد:
– يعني إنك بقيتِ جزء من المعركة دي.
العلامة دي مفتاح… لو ملك الظلام لمسها، ممكن يفتح بوابة تانية.
أويس قطع كلامه بنظرة حادة:
– بس مش هيقرب لها.
محدش هيقرب لك يا جود… طول ما أنا واقف.
ليل رفعت عينيها عليه، صوتها ناعم لكن فيه إصرار:
– أويس… أنا مش عايزة تبقى بتحارب لوحدك.
أنا عايزة أعرف كل حاجة… حتى لو مؤلم.
زمردة بصوت مبحوح، وهي بتقلب الكتاب اللي في إيدها:
– ليل… لازم تعرفي.
في الطقوس القديمة مكتوب إن "باب الدم" مش بيتقفل إلا من الشخص اللي يحمل أثره.
يعني… إنتِ الوحيدة اللي تقدر تحبسيه.
ليل اتسمرت، الكلام تقيل كأنه صخرة وقعت على قلبها.
همست:
– يعني… أنا اللي لازم أقفل الباب؟
أويس شدّ إيدها في إيده، صوته مليان عناد:
– لأ. لو في باب لازم يتقفل… أنا اللي هقفله.
زمردة هزت راسها ببطء:
– أويس… ما ينفعش. الطقس محتاج "دم الأثر" عشان يقفل.
يعني لازم هي اللي تبدأه.
ليل شدّت نفس طويل، بصّت للنار اللي كانت لسه مشتعلة في الكانون، وقالت بهدوء لكن بنبرة قوية:
– طيب… أنا مستعدة.
أويس بحنق:
– لا… مش دلوقتي، مش وإنتِ تعبانة كده.
ليل بصت له، ابتسمت ابتسامة خفيفة:
– أويس… أنا اتولدت تاني من البوابة دي.
مش هعيش خايفة.
زمردة بهدوء، وهي واقفة جنب السرير:
– قومي يا ليل… عشان في زيّ مخصص لازم تلبسيه قبل الطقس.
ليل رفعت حاجبها، صوتها فيه استغراب وقلق:
– زيّ؟ يعني إيه زيّ؟
زمردة:
– طقس باب الدم لازم يتعمل بلبس معين… حاجة زي وشاح أبيض مرسوم عليه رموز حماية.
مش لبس للزينة… ده بيحميك من قوة الظلام.
أويس واقف جنب السرير، إيده لسه ماسكة إيدها:
– وأنا كمان هلبس اللي عايزينه… مش هسيبها وحدها.
زمردة هزت راسها بخفة:
– الطقس ليه ترتيب. إنت هتكون واقف جوه الدائرة معاها… لكن لازم هي تلبس الرمز.
ليل قامت من على السرير ببطء، لسه التعب ظاهر على وشها، لكن عنادها أقوى:
– طيب… هلبسه. بس قولي يا زمردة، الطقس ده هيعمل إيه بالظبط؟
زمردة اتنهدت وهي بتقلب في الكتاب اللي معاها:
– لو نجحنا، هنعرف نحبس "أثر الباب" جواك ونقفل أي صلة بينك وبين ملك الظلام.
بس لو فشلنا… هو ممكن يظهر تاني.
أويس بص لها بنظرة نار:
– مش هيحصل.
ليل بصت له، ابتسمت ابتسامة خفيفة رغم القلق:
– طول ما إنت هنا… أنا مش خايفة.
ريان دخل فجأة، شايل صندوق خشب صغير، حطه على الطاولة:
– ده اللبس اللي قالت عليه زمردة.
وشاح أبيض… ومعاه سوار من الفضة.
زمردة قربت من ليل، صوتها هادي:
– تعالي… هساعدك تلبسيه.
زمردة ساعدت ليل تلبس الوشاح الأبيض، رسوماته السوداء زي وشوم قديمة، كأنها بتلمع مع النار اللي في المكان.
أويس كان واقف قريب، عينه مش سايبة وشها لحظة، وكأنه حافظ كل نفس بتاخده.
زمردة همست لها وهي بتربط السوار الفضي على معصمها:
– خليكِ قوية يا ليل… مهما شفتي أو حسّيتي، متسيبيش صوتك يضعف.
ليل هزت راسها بثقة، رغم أن قلبها كان بيخبط بعنف.
– حاضر يا زمردة.
خرجوا مع بعض للساحة، كانت واسعة، الأرض مرسوم عليها دائرة كبيرة من الطين والرموز الحمراء.
في النص نار مشتعلة بلون غريب، خليط بين الأحمر والذهبي، كأنها مش نار من الدنيا دي.
ريان واقف هناك، ماسك شعلة تانية، بص عليهم وقال:
– كل حاجة جاهزة.
يُمنى كانت واقفة بعيد، ماسكة طبق فيه شوية رماد وأسطر من تعاويذ مكتوبة على ورق قديم.
زمردة تقدمت وسط الدائرة، صوتها تقيل كأنه جاي من باطن الأرض:
– الكل ياخد مكانه… الطقس هيبدأ.
ليل خطت جوه الدائرة، أويس وراها خطوة بخطوة.
أول ما دخلوا، النار عليت فجأة وكأنها حست بيهم.
زمردة رفعت إيدها، بدأت تتمتم بكلمات غريبة، الأرض تحت رجليهم حسّوا بيها بترتعش.
ريان وزّع الشموع السودا حوالين الدائرة، كل شمعة كانت بتنور وتطفى كأنها بتتنفس.
زمردة بصت على ليل:
– ليل… ارفعي إيدك اللي فيها الأثر فوق النار.
ليل عملت زي ما قالت، الخط الأسود اللي على كفها بدأ يلمع كأنه بيتحرك.
همست بخوف:
– زمردة… هو بيتفاعل.
زمردة:
– استحملي… لازم الأثر يبان عشان نقدر نحبسه.
أويس مسك إيدها التانية بقوة، عينيه فيها قلق:
– أنا هنا… متخافيش.
فجأة، النار في النص اتشقّت زي عين حمرا، صوت غريب طلع من قلبها:
– أنتم… تاني؟
ريان شد نفسه، صوته متوتر:
– ده صوته… ملك الظلام.
زمردة صرخت بأمر:
– متردوش عليه! كملوا الطقس!
ليل أغمضت عينيها، رفعت صوتها:
– أنا… ليل. مش ملكك.
الصوت ضحك، ضحكة باردة زي الموت:
– لكن… إنتِ مفتاحي يا جود.
أويس صرخ وهو واقف قدامها كأنه بيحميها:
– لو لمستها… هدمّرك.
الصوت الضخم لملك الظلام علا، وبدأت النار تلف حوالين الدائرة كأنها عاصفة.
فجأة، إيد من دخان أسود خرجت من النار، وضربت أويس بقوة!
اتطير برا الدائرة ووقع على الأرض، جسمه ارتطم بالأرض بقسوة.
ليل صرخت، قلبها وقع:
– أووويسسس!!!
جريت تتحرك ناحية الدائرة، لكن صوت زمردة جه حاد وقاطع:
– لااااا يا ليل! متتحركيش!
لو خرجتي من الدائرة الطقس هينهار!
ليل عينيها مليانة دموع وخوف، صرخت:
– بس أويس…!
زمردة بصوت قوي، كله أمر:
– ركّزي! متشتتيش دلوقتي!
ريان هيتصرف!
ريان كان واقف برا، قلبه بيجري زي الخيل، جري بسرعة ناحيه أويس اللي كان مغمي عليه، وحاول يرفعه:
– أويس! فوق يا بطل… قوم!
ملك الظلام ضحك بصوت يهز الأرض:
– فارس النور… ضعيف.
والليلة… جود هتكون ليّا.
ليل عضت شفايفها، ورجعت تبص للنار، صوتها طلع مليان قوة رغم دموعها:
– مش هبقى ليك… أنا ليل!
زمردة بصوت أعلى من الرعد:
– كمّلي الطقس يا ليل! قولي الكلمات!
ليل رفعت كفها اللي فيه العلامة، النار انعكست في عينيها، وصرخت:
– أنا برفض الظلام… برفض الهلاك!
الدائرة اهتزّت، كأن كلماتها كسرت حاجة.
ملك الظلام زأر بغضب:
– كفاااااايةااااااااا!!!
ريان كان بيهز أويس، لحد ما بدأ يتحرك بخفة، عينه فتحت نص فتحة، صوته مبحوح:
– ليل… فينها؟
ريان بسرعة:
– جوه الطقس، ركّز إنت دلوقتي… لازم تقوم، هي محتاجاك.
أويس حاول يقوم، جسده كان تقيل من الضربة، لكنه شد نفسه بقوة، صوته خشن:
– مش هسيبها لوحدها…
ريان ساعده يقف، لكن أويس دفعه بخفة:
– أنا اللي هخش، ريان… خليك برا لو حصل أي حاجة.
ليل كانت جوه الدائرة، صوتها بدأ يهتز من قوة الظلام اللي بيحاوطها.
ملك الظلام مدّ إيد من دخان أسود، شكلها زي مخالب، وبدأ يقرّب منها:
– تعالي… يا جود.
زمردة صرخت:
– متتحركيش! كمّلي يا ليل!
بس ليل حسّت إن رجليها مش ثابتة، الهواء حواليها كأنه بيسحبها ناحية النار.
في اللحظة دي، أويس دخل الدائرة فجأة، كأن القوة اللي حواليها مش قادرة توقفه، ومدّ إيده، مسك إيد ليل بكل قوته.
ليل شهقت:
– أويس! إنت…
أويس بص في عينيها، صوته كله قوة وحب:
– أنا هنا… ومش هسيبك. ركّزي في صوتي، يا جود.
ملك الظلام زأر، والنار اشتعلت أسود:
– إنت تتحداني تاني يا فارس النور؟!
أويس شد ليل ناحية صدره، صوته عالي كأنه بيكلم ملك الظلام نفسه:
– طول ما قلبي بينبض… مش هتقرب منها.
زمردة رفعت صوتها بأمر:
– ليل! قولي الكلمة الأخيرة دلوقتي! قولي إنك بترفضي ملك الظلام!
ليل مسكت إيد أويس بقوة، دموعها نزلت بس صوتها خرج كالصوت الصافي من قلبها:
– أنا… ليل… وبرفض الظلام والهلاك!
الدائرة فجأة نورت نور أبيض قوي، كأنها شمس صغيرة انفجرت في الساحة.
ملك الظلام صرخ، وصوته كان بيتفتت:
– لااااااااااااااااااااااااااااااااااا!!!
الدائرة اختفت فجأة، والنور اللي كان مالي الساحة بدأ يهدأ لحد ما اختفى تمامًا.
سكون عجيب سيطر على المكان… كأن كل شيء وقف لحظة عشان ياخد نفس.
زمردة صرخت بفرحة جنونية، دموعها بتنزل:
– ملك الظلام اختفى… اختفييييي!!!
جرت من غير ما تحس، ورمت نفسها في حضن ريان، والاتنين حضنوا بعض بحماس.
يُمنى كانت بتتنفس بسرعة من التوتر، أول ما سمعت الكلام رفعت إيديها للسماء:
– أخيييييرًا… الحمدلله، الحمدلله يا رب!
ليل وقفت قدام أويس، عينيها بتلمع، حسّت إن الحمل الثقيل اللي كان على صدرها وقع.
قربت منه واحتضنته بهدوء… حضن مليان راحة وخوف كان بيتبخر.
ليل ضحكت بخفة، همست:
– بص… بص على زمردة وريان.
أويس رفع راسه يبص، ابتسامة صغيرة ظهرت على وشه:
– أول مرة أشوفها بتضحك كده.
زمردة سمعت ضحكة ليل، فجأة استوعبت هي وريان إنهم حضنوا بعض قدام الكل.
بعدت بسرعة، وشها احمر:
– أحم… أنا… ماخدتش بالي من الفرحة بس!
ريان بص لها بنص ابتسامة:
– آه، أنا كمان… كنا بنحتفل وبس.
ليل غطّت ضحكتها بإيدها، وأويس هز راسه بخفة كأنه بيقول لسه اليوم ده هيجيب مفاجآت كتير.
أويس تنهد بعمق، صوته كان متعب لكنه دافئ:
– كفاية الليلة دي… كلنا تعبنا.
يللا نروح ننام، الصبح نفكر هنعمل إيه بعد كده.
يُمنى قالت وهي لسه مبتسمة من الفرحة:
– أيوه والله، أنا رجلي مش حاسة بيها من كتر الوقفة.
ريان مد إيده لزمردة بلطف:
– يللا يا بطلة الطقوس، لازم ترتاحي.
زمردة رفعت حاجبها وهي بتحاول تخفي ابتسامتها:
– بطلة الطقوس؟! ههه، خلاص بقى، يللا نمشي.
ليل وأويس فضلوا واقفين ثواني لوحدهم وسط الساحة اللي بقت هادية.
ليل بصت له، همست بخفة:
– تحس كأن الدنيا كلها سكتت بعده.
أويس شد إيدها بحنان:
– يمكن سكتت… ويمكن ده الهدوء اللي قبل العاصفة.
بس متخافيش، طول ما أنا هنا، محدش هيقرب لك.
مشوا سوا، والليل كان ساكن إلا من صوت خطواتهم.
دخلوا القصر، وكل واحد راح غرفته.
---
قفلة تشويقية:
في نفس اللحظة…
في قلب الظلام البعيد، كان في عينين حمرا بتشتعل جوه الضباب الأسود.
صوت ملك الظلام طلع من الفراغ، أضعف لكنه مليان غضب:
– تفتكري يا جود… إنك خلصتِ مني؟
ده مجرد… بداية.
وبعيد عن القصر…
يد غامضة سوداء كانت بتلمس جدار مليان رموز قديمة، وفجأة الرمز نور بلون أحمر.
صوت أنثوي عميق تمتم:
– اللعبة لسه ما بدأتش 
تعليقات