رواية الجلاد لقلبي رغم حبي الفصل السابع 7 - بقلم دينا النجاشي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡♡
في أحد الأماكن الفارغة، تردد صوت صراخ في المكان، وكان الرعب واضحا عليه. حاول أن يقول بعض الكلمات، لكنه لم ينجح، فصرخ أكثر ظناً أن أحداً سيسمع صوته وينقذه. وظل الحال على حاله طويلا حتى فقد قدرته على الصراخ وكان الألم يقتله، فأغمض عينيه وأسند ظهره إلى الحائط وحاول تنظيم تنفسه، ثم دخل أحد الحراس وألقى بعض الطعام إليه وخرج فنظر إلى الطعام وهو جائع، لكنه لا يستطيع أن يأكل لقمة واحدة بسبب ما فعله به آدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المقر الرئيسي لشركة آدم،
كان يجلس في مكتبه منهمكًا في الأوراق والملفات، عيناه حادتان كعادته، لا يتزحزح تركيزه بسهولة…
لكن صوت فتح الباب قطع عليه تركيزه، فرفع نظره ليرى صهيب يدخل بخطوات سريعة، وملامحه مشدودة تنذر بشيء.
قال صهيب بجدية، يكاد يسيطر عليه الغضب:
ــ آدم… أنت لسه مصر تراقب الناس دول؟ إيه لازمة المراقبة والتحركات اللي حاططها عليهم؟!
رفع آدم حاجبيه ببرود :
ــ وإيه الغلط في اللي بعمله؟ مش فاهم.
اقترب صهيب أكثر، واردف بحدة :
ــ الغلط إنك بترمي نفسك في النا*ر… وبتشتغل من دماغك كإني مش موجود أصلاً!
تغيرت نبرة آدم فجأة، وبصوت صارم وحاد:
ــ إنت هتعلّمني أعمل إيه؟!
صهيب بغضب، ونبره مشتعلة :
ــ أنا مش بعلمك، لكن الرجالة اللي بيحمُوك دول مسؤولين منك، وليهم أهل يا آدم!
واللي إنت بتلعب معاهم مش شوية عيال... دي عصابة، ومش أي عصابة! لا يا آدم بيه،
دي شبكة كبيرة جدًا، منتشرين في كل مكان، وسهل يوصلولك أو يوصّلوا لأي حد فينا.
توقف للحظة، يلتقط أنفاسه، لكن الغضب ما زال يتقد في عينيه، يتحدث بقلب يحتر*ق خوفًا وحرصًا.
بينما ظل آدم ينظر إليه ببرود قا*تل، لا يظهر عليه أي انفعال، كأن كلام صهيب لا يعنيه.
شدّ صهيب قبضته وكأنه يقاوم الانفجار، ثم أردف بجديّة أثقل:
ــ إنت فاكر نفسك بتتحكم في اللعبة، بس الحقيقة… إنك قربت تبقى جوّاها.
ولو وقعت، هتوقعنا كلنا معاك!
ــ اسمع يا آدم... أنا موجود هنا لأني مسؤول عن حمايتك، دي شُغلتي.
بس قبل كل ده… إحنا أصحاب.
وعشان إنت صاحبي، فهقولك الكلام اللي غيري مش هيقوله.
نظر إليه بعينين تشتعلان قلقًا:
ــ اللي بتعمله ده اسمه انتحا*ر يا آدم!
مش مخاطرة… انتحا*ر فعلي.
وكفاية علينا المصايب اللي حوالينا، واللي مش هتهدى قريب… خصوصًا بعد البضاعة اللي ضاعت منهم.
تنفس بعمق وكأن قلبه يقول أكتر من لسانه:
ــ دول مش هيسكتوا… ولا هينسوا.
آدم ببرود.
ــ وأنا مباخدش أوامر من حد، يا صهيب.
صهيب بانفعال، وغضب
ــ أنا مش بدي أوامر يا آدم !
أنا بنصحك… كصديق، مش كحارس شخصي ليك.
بلاش تهوّر، الناس اللي إنت حاططهم في دماغك دول مش شوية بلطجية… دي دولة لوحدها!
وأنا مش مستعد اساعدك في حاجه زي دي.
آدم، بنفس البرود القا*تل، وكأن كلام صهيب لا يعنيه:
ــ تمام…
وأنا مش محتاج مساعدتك.
صمت صهيب وهو ينظر إلى آدم ليضغط على يده حتى هدأ وأكمل بجديه....كلمتك دي ملهاش غير معني واحد بس يا ادم ومعناها مستغني عنك وعن اللي يجي منك... أخذ صهيب نفساً طويلاً ومرر أصابعه في خصلات شعره بسخرية
_طول عمرك بياع يا صحبي... فبتسم وهو يناظره بجمود طالما وجودي ملوش لازمه فـ هستأذن انا بقا.
كور ادم يده بغضب. فهو لم يقصد شيئاً مما قاله صهيب، لكنه لن يبرر نيته مهما حدث.
_
وضع صهيب سلا.حه علي المكتب وبعض المتعلقات الخاصه بعمله وبجمود..... انا بقدم استقالتي
ادم بغضب... انت فاكر ان بكده هرجع عن اللي في دماغي يا صهيب.
صهيب بعصبيه... لا يا آدم انا عارف ان مبيتلويش دراعك بس انا مش هخاطر بحياتك وحياة ناس تانيه لأجل تهورك وجحودك والأحسن اني ابعد طالما شايفك بتإذي نفسك.
تحولت عيون عيون ادم وصارت دا*ميه وركل مكتبه بغضب ليقترب من صهيب وبهمس من هنا ورايح مبقاش ليك وجود في حياتي يا صهيب وانسا ان كان ليك صاحب.
صهيب بموأمه... تمام يا آدم قال تلك الجمله وتحرك من امامه وعندما وصل للباب وقف وهو يوليه ظهره واضاف بهدوء... فكر في كلامي لأخر مره وفكر في ولدتك وخطيبتك والناس اللي حوليك وان احتجتني فانا مش بياع ولا ناسي العشره...
_نها كلامه ورحل، ترك آدم في دوامة من الحزن والغضب. هناك صراع داخل عقله يرهقه، فرغم عنده لكنه لا يتحمل فراق من يحب... تنفس بألم وجلس على كرسيه يحاول الهروب من تلك المشاعر المؤلمة التي هاجمته وتلك الذكريات التي عاشها ولم ينساها، فأمسك رأسه بغضب... انسا بقا انا تعبت، مبقتش قادر اتحمل كل الوجع ده انا مبعتش حد ولا بعدت هما اللي بعدو هما اللي وجعوني تنفس بصعوبه وهو يتذكر اتهام عمران له امام والده فادمعت عيناه وصرخ بغضب وهو يلكم الحائط عدت مرات واردف يحدث نفسه بعصبيه مفرطه.. ليييه ليه بعملوا كدا انا مش وحش عمري ما كنت وحش ركل الأريكه بغضب وقام بتكسير المكتب فدخل في تلك اللحظه عمران فقد حدثه صهيب عن استقالته ومن حسن حظه انه كان في احد فروع شركته القريبه.. انصدم من حالة ادم وشعر بالخوف عليه ليصرخ بقلق... ادم اهدا في اي.
لم يسمع آدم ما قاله وظل يكسر في كل شيء، وكأنه في عالم آخر، لا يشعر بأي من حوله. فلم يكن أمامه سوى غضبه وذكريات ماضيه.
صرخ عمران بغضب وهو يقوم بسحبه عندما رأى يديه تنز*فان.... ادم فوق انت جرحت نفسك.
دفعه آدم عنه وهو ينظر إليه بشر وصدره يعلو ويهبط...اي اللي جابك هنا.
عمران بجديه...مش وقته كلام ياريت تهدا الأول.
ادم بنفعال...انت جيت لييه لسا اي عاوز تدمره.
عمران بنبره لينه.... انا هنا عشانك يا ادم انت اخويا.
ادم بغضب ممزوج بسخريه.. اخويا اللي اتهمني بالخيانه صح. اخويا اللي لجئت ليه وقت ضعفي وصدمتي عشان يسندني ويقف معايا راح د*بحني بسكـ*ينه تلمه....ابتسم ادم ليسخر من حالته ونظر ليده واكمل بحسره... عارف وقتها نسيت عمي بيتهمني بأيه نسيت وجعي في اللحظه دي وفضلت باصص نحيتك بحاول استوعب كلامك بحاول افهم في اي اصل انا عارف اخويا مستحيل هيجي عليا حتي لو غلطان ما بالك بقا انا مكنتش غلطان وكنت محتاجك جمبي عشان ابرأ نفسي من التهمه دي... ارتعشت نبرته فجأة، وظهر الألم الحقيقي الذي حاول إخفاءه طويلًا، فخرج صوته ممزوجًا بجروح قلبه:
ــ أصعب إحساس مرّيت بيه…
إنك تحس إنك بتمو*ت وانت عايش.
كنت بقول لنفسي: أكيد همو*ت،
ما الوجع ده… مش طبيعي.
إزاي أكون بحبكم… ومستعد أضحي بحياتي عشانكم،
وفي الآخر… تقولوا عني خاين؟ وغدّار؟
---
أدمعت عيون عمران عندما رأى حالة أخيه. فهو يعترف بخطئه الفادح في ذلك اليوم، واستمر في لوم نفسه على ما ارتكبه في حق آدم وحاول كثيرا ان يوضح له الأمر لكن ادم لم يعطي فرصه ليسمعه... اقترب عمران منه واردف يحدثه بندم...انا اسف يا ادم اسف علي كل الوجع اللي سببته صدقني كنت غبي وفاكر اني بعمل الصح.
ابتسم ادم بسخريه وجلس علي احد المقاعد وتحدث بتعب... وانا مش مسامحك يا عمران وعمري ما هسامح وياريت تفهم ده كويس وتسيبني وتنتبه لنفسك ومصالحك....اللي كان بينا اتكسر من زمان وانت بقيت بنسبالي ذكرى وحشه بتمني يجي اليوم اللي تتمحي من عقلي.
حرك عمران راسه برفض وبحزن...الد*م عمره ما يبقا ميه، يا آدم.
وانت اخويا، حتي لو مش عاوز تعترف بده.
ولو علي غلطتي زمان فأنا مستعد اقضي اللي باقي من عمري اطلب السماح منك.
تنهد بحراره واكمل بصدق....انا ناقصني وجودك يا ادم انت مكنتش اخويا وبس، انت كنت صاحبي وسندي وضهري اللي لما بعد اتكسرت.
صدقني يا ادم عمران ملوش وجود من غيرك... سامحني وخليك مصدق نظرتك ليا للأخر.
خليك متأكد ان اخوك عمره ما هيجي عليك وهيسندك حتي لو في غلطك لأن والله ما عندي اغلي منك.
كان آدم يستمع إليه ويرى الصدق في عينيه، فأغمض عينيه ليحارب حالة الإغماء التي شعر بها بسبب الد*ماء التي خسرها ، فاقترب منه عمران بـ رعب.... ادم قوم معايا انت نز*فت كتير.
ادم برفض... انا كويس اتفضل انت مع السلامه عشان اشوف شغلي.
اشطاط عمران منه ومن عنده فقام بطلب الطبيب ليأتي... حاول كتم الد*م حتى يأتي الطبيب، و آدم كان يشعر بالتعب ولم يعترض، بل أغمض عينيه وسأل بتعب...انت كنت جاي ليه
تحدث عمران وهو مشغول بحبس د*مه... صهيب كلمني.
اومأ ادم بصمت فستمع الي طرقات علي الباب ودخل الطبيب وبحترام اومرك يا عمران بيه.
عمران بلهفه.. بسرعه يا دكتور شوف ايده.
نظر الطبيب إلى يد آدم والد*م الذي كان ينزف بغزارة، فهرع لإيقاف النزيف بأقصى ما يستطيع.
بدأ بتطهير الجرح بعناية، ثم قام بتخييطه بخيوط دقيقة، ولفّه بالضمادات والمواد الطبية اللازمة.
وبعد أن انتهى، التفت إلى عمران بنظرة مقلقة، وتحدث بنبرة مهنية حازمة:
ــ محتاج يتنقله د*م في أسرع وقت…
الجرح في إيده كان عميق، واحتاج خياطة دقيقة، وفقد كمية كبيرة من الدم.
ثم نظر حوله بتوتر، وكأن شيئًا ما أقلقه عندما رأي حطام المكان، اقترب من عمران وهمس له بنبرة خافتة:
ــ حالته النفسية... مش مطمئنة أبداً.
واضح إنه أذى نفسه متعمّد،
وده... شيء بيخوف.
عمران، بتنهدة ثقيلة وهو ينظر لآدم بنظرة حزينة:
ــ هو... عصبي زيادة عن اللزوم،
واللي حصل ده كان رد فعل لعصبيته… مش أكتر.
الطبيب، وقد أومأ بتفهم وهو يخلع قفازاته:
ــ تمام… بس خلّي بالك، العصبية الزايدة دي مش بسيطة.
هتأثر عليه جامد، مش بس جسديًا… كمان على اللي حواليه.
توقف لحظة ثم أكمل بنبرة عملية:
ــ المهم دلوقتي…
يتعلّق له كيس د*م في أسرع وقت،
ويشرب سوائل كتير تعوّض اللي خسره.
لازم جسمه يسترجع قوّته قبل ما حالته تسوء أكتر.
عمران بموأمه... تمام بس هو مش هيوافق يروح مستشفي في حل تاني
الطبيب بعلميه... اه يقدر يروح بيته.
نظر عمران اتجاهه بحزن وتنهد بحرارة فاقترب منه وبصوت منخفض... ادم تعاله معايا لازم ترتاح
فتح آدم عينيه ونظر إليه بتعب، فأجاب بنبرة باردة...انا بقيت تمام وانت عملت اللي عليك وزياده اتفضل بقا وخد اللي معاك في ايدك.
عمران بجديه.. لو مقمتش دلوقتي هتصل بماما حسناء وهقولها انك تعبان ونز*فت كتير.
نظر إليه آدم بغضب ووقف مكانه فشعر بالدوار، لكنه تمالك نفسه وخرج من مكتبه وعمران والطبيب بجانبه.
عمران بجدية..هنروح شقتي هي قريبه من هنا.
أومأ آدم برأسه دون أن ينبس ببنت شفة، فهو لم يكن في حالة جيدة للمناقشة أو الرفض، ثم ركب هو وعمران سيارته ومعهما الطبيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل سماء كانت جالسة في غرفتها، شاردة الذهن، تسترجع كلماته التي قالها لها بالأمس.
تنهدت بعمق، والدموع بدأت تتجمّع في عينيها، لكنها سرعان ما نهضت، واتجهت نحو خزانتها.
أخرجت بعض الملابس، بدّلت ثيابها، وخرجت من الغرفة بخطوات متوترة.
وحين وصلت إلى باب المنزل، استوقفها أحد الحراس باحترام:
ــ حضرتك محتاجة حاجة، يا هانم؟
اردفت سماء بلهجة هادئه:
ــ لا، أنا بس هتمشّى شوية.
رد الحارس بنبرة معتذرة لكن حاسمة:
ــ آسف يا هانم، بس آدم بيه منبّه علينا بمنع خروجك اليومين دول.
وأي حاجة تطلبيها... إحنا هنجيبها فورًا.
تجهم وجهها، ونظرت إليه بغضب:
ــ يعني إيه؟ هتتحبس هنا؟!
أجاب الحارس بهدوء ومحاولة لطمأنتها:
ــ لا يا فندم، مش حبس.
بس اليومين دول بس… وبعدها إن شاء الله هتقدري تروحي أي مكان، وإحنا هنكون معاكي لحمايتك.
غضبت سماء، واستدارت لتدخل المنزل مجددًا، فالحارس لا ذنب له، هو فقط يؤدي عمله كما طُلب منه، ولم ترغب في أن تثقل عليه أكثر.
دخلت غرفتها بخطوات متسارعة، غاضبة، ثم أمسكت بهاتفها، وهمّت بالاتصال بـآدم لتوبّخه على قراره بمنعها من الخروج، لكن يدها توقفت في اللحظة الأخيرة.
تراجعت، وتنهدت بضيق...
لا، لا تريد التحدث معه.
فهو بارد... مستفز، وكلماته دومًا تخدش أعصابها وتزيدها توترًا.
كانت متأكدة أنه سيحول المكالمة إلى ساحة حرب باردة، تُخرجها من اتزانها وتُشعل بؤسها أكثر.
وضعت الهاتف جانبًا، وجلست تحاول إلهاء نفسها بأي شيء...
لكن لا شيء ينجح.
ومضى الوقت ببطء قا*تل، وملل ثقيل يُطبق على أنفاسها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡
وفي فيلا آدم كانت والدته تقرأ في المصحف، ثم انتهت من القراءة وأغلقت وهي تتمتم: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت). أستغفرك وأتوب إليك).
أمسكت هاتفها والقلق يعصف بها. كانت قد اتصلت بآدم مرارًا دون أي رد. عاودت الاتصال مجددًا، لكن بلا جدوى... الهاتف ما زال صامتًا. وهذا ما لم تعتده منه؛ آدم لم يكن يتجاهل مكالماتها أبدًا، حتى في أكثر أوقاته ازدحامًا، كان دائمًا يردّ أو يطمئنها برسالة.
ازداد توترها، فقررت الاتصال بمكتبه، علّها تجد إجابة تُهدّئ من روعها. جاءها صوت السكرتير يخبرها بأنه غادر منذ فترة. ازدادت دقات قلبها... شعور داخلي ينذرها بأن هناك شيئًا غير طبيعي.
لم تجد أمامها سوى خيار واحد... رفعت هاتفها مجددًا واتصلت بسماء، فمن الممكن ان ادم تحدث معها.
في منزل سماء، كانت نائمة، كعادتها حين تهرب من الملل، لكن رنين هاتفها قطع سكون الغرفة وأيقظها على مهل. فتحت عينيها بتكاسل وردّت بصوتٍ ناعس:
— أممم...
جاءها صوت حسناء، والدته، مرتجفًا بعض الشيء، فجلست سماء في مكانها وقد بدأ أثر النوم يتلاشى:
— سماء... حبيبتي، عاملة إيه؟
أجابت سماء بمحبة وقلق ناعم تسلل إلى صوتها:
— أنا بخير يا ماما، بس صوتك مش مطمّني... في حاجة؟
ترددت حسناء قليلًا فأردفت بتوترٍ ظاهر:
— مفيش يا قلبي... أنا بس حاولت أكلم آدم كذا مرة وما ردش، وكلمت السكرتير قال إنه ساب الشركة من شوية، فقلت يمكن يكون كلمك النهارده؟
شعرت سماء بانقباض في قلبها، لكنها حاولت التماسك، فأردفت بهدوء مصطنع:
— لا، ما كلمنيش... بس يمكن يكون مشغول وملاحظش الموبايل.
أجابت حسناء بتنهدة تحمل خوفها:
— ممكن...
سماء بحب:
— متقلقيش يا ماما، أنا هتصل عليه، وإن شاء الله يكون خلص اللي في إيده وخد باله من التليفون.
أنهت المكالمة مع حسناء، لكن القلق لم ينتهِ في صدرها، بل ازداد. خيّم عليها الخوف، واستعادت في ذهنها حديثه الأخير معها في الحديقة، حين أخبرها بوجود مشاكل في عمله، وأن له أعداء كثر، مما دفعه لوضع الحراس أمام منزلها.
ازداد انقباض قلبها حين تذكّرت تحذيره الصريح بعدم مغادرة المنزل في هذه الفترة، وكأن الأمر قد تخطى مجرد "قلق احترازي"، وأصبح خطرًا حقيقيًا.
تسارعت أنفاسها، وتوسّلت في قلبها:
"يارب يكون بخير، يارب ما يكون جراله حاجة..."
أمسكت بهاتفها مجددًا، وأجرت اتصالًا آخر وهي تهمس في أعماقها برجاء:
"ردّ عليا يا آدم، طمّني عليك..."
لكن لم يأتِ أي رد...
أعادت الاتصال مرة أخرى، يدها ترتجف، ونظراتها تتنقل بين شاشة الهاتف والباب، لكن الهاتف ظلّ صامتًا.
في لحظةٍ، انهمرت دموعها، وسقط الهاتف من يدها على السرير، فاندفعت خارج غرفتها، تركض بخوف نحو الحراس، علّهم يعرفون عنه شيئًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡
وفي مكانٍ آخر، في أحد أبراج ناطحات السحاب، كان آدم ممددًا على فراش داخل شقة راقية، تغمرها أضواء خافتة وهدوء ثقيل.
يده موصولة بأسلاك طبية، ينقل الطبيب من خلالها الد*م لتعويض ما فقده.
إلى جواره جلس عمران، عيونه لا تفارق وجه صديقه، وتنهيدة ثقيلة خرجت من صدره وهو ينظر إلى هاتف آدم الذي رن مرارًا باسم "أمي"... لم يجرؤ على الرد، فماذا سيقول لها؟
وبينما يتقلب في صمته، رن الهاتف مجددًا، لكن هذه المرة باسم غريب عنه... "سماء".
عبس قليلًا وهو يقرأ الاسم، ثم تذكر آدم عندما كان صغيرًا ذكره مرارًا... اسم "سماء".
ترك الهاتف يرن أول مرة، ثم الثانية، ومع الثالثة، اردف لنفسه:
"عدم الرد هيخليهم يجننوا أكتر..."
مدّ يده إلى الهاتف، وتردّد لحظة، ثم ضغط على زر الرد ورفع الهاتف إلى أذنه:
_السلام عليكم.
سماء بلهفة وقلق: آدم؟
عمران باستغراب وهو يبعد الهاتف قليلًا: أحم، آدم مش موجود دلوقتي... أنا عمران، أخوه.
سماء بتعجّب: أخوه؟!
ثم تجاهلت وقع المفاجأة لتتحدث بجديّة: معلش، ممكن تخليه يكلّمني؟
عمران بهدوء حذر: حضرتك تبقي مين؟
توترت سماء لوهلة، واردفت بصوت خافت ثابت: أنا... خطيبته.
صمت عمران لحظة قبل أن يرد بدهشة: نعم؟!
سماء بإصرار: لو سمحت، خليه يكلّمني... ماما حسناء قلِقانة عليه جدًا. وبصراحة، ليه سايب موبايله معاك؟
عمران بجدية: طيب اسمعي هو تعبان شويه فطمني ماما حسناء عليه وشويه وهيجي علي البيت المهم متبينيش حاجه.
سماء وقد زاد قلقها: تعبان؟!
عمران مطمئنًا: متقلقيش... هو بس مرهق شوية، محتاج راحة.
سماء بلهفة: طيب أنا هطمن ماما، بس قولي أنتو فين... لازم أجيله وأشوفه بعيني.
تردد عمران قليلًا وهمّ بالرفض، لكنها قاطعته برجاء خافت : أرجوك يا أستاذ عمران... لازم أطمّن عليه، على الأقل عشان ما كدبش على ماما...
تنهد عمران بعمق: تمام... أنا هبعتلك السواق.
سماء باعتراض سريع: لأ، في حراسة على البيت... وسواق آدم هنا، بس قولي المكان.
عمران بتفهم تمام إدّي الفون لحد الحراس، أكلمه بنفسي.
سماء بتفهم.. تمام وتحركت خارج المنزل وأعطت الهاتف للحارس فوقف بحترام وتحدث بعمليه... تمام يا عمران بيه اللي تؤمر بيه سعتك وبعدها اغلق الهاتف مما جعلها تستغرب الأمر فتحدث الحارس بجديه... اتفضلي معانا يا هانم
أومأت سماء وصعدت السياره وغادرو للمكان الذي اعطاه عمران للحارس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أحد المقاهي كان يجلس يشرب قهوته وعقله يفكر في بعض الأحداث التي حدثت له في الأيام الماضية التي اثقلت صدره ... انقطع انتباهه عن طريق رنين هاتفه برقم غريب. لم يبالي ونظر إلى البحر وارتشف قهوته ببطء.. فجاء الاتصال مرة أخرى، وضع الكوب وهو يشعر بالملل وأجاب وقبل أن يتمكن من الكلام سبقه المتصل بـ... صهيب بيه معاك زيد مدير اعمال غالب زهران
صهيب بجمود.. خير
زيد بجديه...كنت عاوز اقابل حضرتك انا وغالب بيه
صهيب بغموض... والسبب
زيد بعمليه.. هتعرف حضرتك لما نتقابل يناسبك النهارده الساعة سابعه.
صهيب بموأمه.. تمام هستناكم في كافيه النيل انها حديثه واغلق دون ان ينتظر الرد ثم عاد ليحتسي قهوته، وعقله يهيم على آدم، ورغم غضبه منه تحدث مع عمران واطمأن عليه. وشعر أن هناك شيئًا خاطئًا به، لكن عمران لم يتكلم، فنفض الأمر فهو شعر بالقلق فقط ولم يكن متأكداً من الأمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند سماء توقفت السيارة أمام إحدى الأبراج العالية فشعرت بالتوتر لكنها تمالكت نفسها لتترجل من السيارة وصعدت مع الحراس....توقف المصعد في أحد الطوابق وفتح الباب أمام شقة أنيقة وجميلة.
فـ ظهر أحد الشباب . كان طويلًا ذو بنيه قويه، وعيون زيتونية، وملامح حادة، وشعر بني. وما جعلها أكثر مفاجأة هو التشابه بينه. وبين آدم فـ آدم ما يميزه عنه شعره الأسود ولون عيناه العسلي...
فأخرجها عمران من حالتها المذهولة، وفهم ان دهشتها بسبب الشكل الكبير بينه وبين آدم.وعرف أن آدم لم يخبرها عنهم، فأضاف بجدية.اهلا بيكي اتفضلي.
أومأت سماء بتوتر وتسألت بقلق...هو ادم فين واخباره اي دلوقتي.
عمران بهدوء... تعالي ورايا
حركت سماء رأسها وتبعته... اقترب عمران من الغرفة التي كان آدم نائما فيها وفتح الباب. فظهر آدم مستلقيًا على السرير، غارقًا في النوم، ووجهه شاحب.
شهقت سماء بخوف واقتربت منه، فوقعت عيناها على يديه الملتفه بالشاش القطني ، فسقطت دموعها ونظرت إلى عمران الذي كان يتابع خوفها بحذر، فسألت بدموع... اي اللي حصل
تحمحم عمران، وحكّ مؤخرة رأسه بتوتر، يبحث عن كلمات مناسبة يقولها...
ـ كنا في المصنع، وللأسف، في ماكينة وقفت فجأة، فآدم راح يشوف إيه المشكلة.
قال للعامل يفصل الكهرباء، بس... شكله اتلبخ،
وآدم كان بيصلّح العطل، وفجأة الماكينة اشتغلت مرة واحدة.
تنهد بهدوء وأضاف:
ـ الحمد لله عدّت على خير.
أومأت سماء برأسها والدموع تنساب على وجنتيها، ثم جلست بجانبه بصمت، تنظر إلى ملامحه وكأنها تتأمل الحياة كلها فيه.
همست باسمه بصوت مرتعش، والدموع تخنق كلماتها، بينما وقف عمران يتابع المشهد بصمت.
ابتسم عندما رأى حبها الصادق يشع من كل حركة ونظرة، ثم انسحب بهدوء وخرج من الغرفة.
أما سماء، فأمسكت يد آدم بحذر، كأنها تخشى أن تؤلمه.
بكت بصوت خافت، ثم تمتمت من بين دموعها بحزن:
ـ الظاهر إني كنت بكدب على نفسي... لما قلت إني هقدر أبعد عنك.
ابتسمت رغم دموعها، ونظرت إلى وجهه بحبٍ موجع، قبل أن تهمس بتنهيدة ثقيلة:
ـ فضلت أقنع نفسي إن حياتي معاك مش هتنفع... وإني لازم أبعد...
بس قلبي، كان بيبررلك كل اللي قلته وكل اللي عملته.
صمتت برهة، ثم مرّرت أصابعها المرتعشة على يده، والدموع ما زالت تنساب دون توقف،
وهمست بحزن::
ـ الظاهر إن حبك لعنة... يا ابن شعيب.
أما آدم، فقد شعر بلمستها حين أمسكت يده، ولامست كلماته قلبه قبل أذنه...
فتح عينيه ببطء، وتأملها بصمت. كانت تبكي بحرقة، دموعها لا تتوقف، ووجهها تحول للون الأحمر من شدة الانفعال.
ابتسم رغم ألمه، فهي لم تتوقف عن البكاء فهوا متأكد ان الطفل الصغير لا يبكي هكذا.
همس بصوت ضعيف لكنه حنون:
ـ سماء...
رفعت رأسها بسرعة، وامتلأت عيناها بالدموع
تنهد بتعب، ومد يده ببطء يمسح دموعها:
ـ اهدي... وامسحي دموعك، أنا كويس.
اقتربت منه أكثر، وهمست بقلق:
ـ حاسس بإيه دلوقتي؟
أجابها بلطف وهو يضم يدها بين يديه:
ـ أنا بخير، ما تقلقيش.
ثم نظر في عينيها بتساؤل خافت:
ـ بس... أنتي عرفتي إزاي؟
وسكت قليلًا قبل أن يضيف بنبرة هادئة:
ـ ومين اللي جابك؟
سماء بهدوء، ومسحة قلق ما زالت في صوتها:
ـ ماما حسناء كلّمتني وكانت قلقانة عليك جدًا،
فأنا فضلت أتصل بيك كتير،
وفي الآخر أستاذ عمران هو اللي رد عليا وطمني…
فطلبت منه العنوان وجيت.
ادم بموأمه... تمام وتحرك ليقف فأوقفته بقلق... رايح فين انت لسا تعبان
ادم بجديه... لا انا بقيت تمام يلاه عشان اوصلك.
سماء بتوتر، وهي تنظر نحو كيس الدم المعلّق:
ـ طيب… اصبر بس لما كيس الدم يخلص.
رمش آدم باستغراب، لم يفهم ما تعنيه في البداية،
فهو منذ أن دخل الغرفة لم يشعر بشيء غير لمستها التي أيقظته.
أنزل عينيه ببطء نحو ذراعه،
فرأى السلك الموصول به… فتفهم الأمر، وتنهد بخفوت.
وقبل أن يتمكن من قول أي شيء،
قُطع صمتهما بطرقات خفيفة على الباب،
اردف بصوت هادئ:
ـ ادخل…
دخل عمران الغرفة وارتسمت ابتسامة على وجهه فور رؤيته لآدم مستيقظًا، فاقترب منه :
"أنت كويس؟ حاسس بإيه؟"
آدم بجديّة وهو يشير إلى كيس الدم:
"أنا تمام، بس البتاع ده هيخلص إمتى؟"
عمران بتوتر بسيط:
"والله مش عارف، الدكتور هو اللي علّقه، وقال لما يخلص أفصل الإبرة... بس مش فاكر قاللي أعمل إيه بالظبط."
سماء بتفهم وهدوء:
"لسّه قدامه تقريبًا نص ساعة ويخلص."
آدم بضيق وهو يحاول نزع الإبرة:
– أنا مش فاضي للكلام ده دلوقتي.
مدّت سماء يدها بسرعة لتمنعه، بصوت مرتجف:
– لا يا آدم، بالله عليك... ما ينفعش، لازم تكمّل الكيس، واضح إنك نزفت كتير، والدم ده هيفرق معاك. متعندش على صحتك.
آدم بجديّة وقد بدأ الغضب يظهر في نبرته:
– سماء، أبعدي إيدك... أنا تمام، وصحتي كويسة.
نظرت سماء إلى عمران ترجوه بعينيها، فاقترب عمران وتحدث ببرود مقصود:
– مش هتخرج من هنا غير لما الكيس يخلص، ودي تعليمات الدكتور.
آدم بصوت مرتفع وهو يزفر غيظه:
– عمراااان!
عمران بصرامة واضحة:
– بلاش عند يا آدم... إحنا بنحاول نحافظ عليك، وبس.
سماء بصوت مخنوق والدموع في عينيها:
– عشان خاطري..
_حن قلب آدم من دموع تلك الطفلة، فتنهد بشدة واسند ظهره إلى الخلف دون أن ينطق بكلمة، فتبسمت وقامت من مكانها ووجهت حديثها إلى عمران...هو المطبخ فين
أشار لها عمران فتسألت بابتسامه... بتحب عصير الفروله... أومأ لها عمران فتحركت متجهه للمطبخ ليرفع ادم حاجبه بسخريه.. يعني هو يتسأل وانا هنا شفاف.
ضحكت سماء بخفه واردفت باهتمام.. لأني عارفه انك بتحب عصير الفروله فقلت اساله هو كمان بيحبه عشان اعمل حسابه.
عمران بصدمه...ياريتك ما وضحتي
ضحكت سماء وغادرت فبتسم آدم علي ضحكاتها فنظر لها عمران وبغمزه دي بتعشقك.
رفع ادم حاجبه ببرود... وانت عرفت منين.
عمران بغرور مزيف.. عيب عليك دا اخوك يفهمها وهي طايره... ومتنساش اني دارس علم نفس وفوق كل ده خوفها ورعبها اللي شفتهم عليك فحاول بقا تحافظ عليها لانك مش هتلاقي حد يحبك لدرجه دي
واردف بفضول... مش دي سماء اللي حكتلي عنها واحنا صغيرين.
أومأ له ادم بصمت.
فبتسم عمران.. امم يعني حبيب الطفوله وشرد بذكرياته فعبست ملامحه.
آدم لاحظ تغير ملامحه، لكنه لم يُعلّق، فقط ظل صامتًا يفكر في تلك الجملة... حبيب الطفولة؟
تذكر حينها ما قالته سماء بصوت مبلل بالدموع: حبك لعنة يا ابن شعيب، فابتسم ، وسرح في وقع الكلمة عليه.
في تلك اللحظة، قطع عمران الصمت، يتحدث بشرود ومرارة دفينة:
– مفيش في طفولتي غيرك... ده إيه الحظ الزفت ده؟
ثم أضاف بنبرة شبه عابثة:
– وسارة... بس سارة أختي للأسف.
رفع عينيه بضيق، وصوته خرج منه مختنقًا بنبرة خافتة:
– معنديش حب طفولة.
_ابتسم ادم رغما عنه وأغلق عينيه غارقا في كلماتها التي اشعرته بالفرحه وبعد فتره جاءت وهي تحمل العصير وأعطت كلا منهم كوبا فرتشف عمران بعضا وشكرها.. تسلم ايدك
أومأت له سماء بابتسامه فأضاف عمران بتساؤول.. قوليلي بقا اخطبتو امته
توترت سماء من سؤاله وفركت يديها لتنظر إلى آدم، فقام بـ الرد بعد أن أدرك أنها لم تعرف ماذا تقول لعمران وما سبب قربها منه غير أنها خطيبته.
فأردف بهدوء... قرأنا فاتحه لسا تلبيس الشبكه.
عمران بتفهم.... ربنا يتمملكوا علي خير
ابتسمت سماء وشكرته
ادم بضيق... البتاع ده مش ناوي يخلص انا زهقت.
كتم عمران ضحكاته وتحدث بهدوء... خلاص مبقاش حاجه
"فزفر آدم بضيق، فقطعت عليه سماء بشهقه:
يا لهوي يا ماما، إحنا لسه ما كملناهاش!"
ادم بموأمه... جيبي الفون هطمنها.
أمات برأسها واسرعت لجلب هاتفه من علي الطاوله واعطته اياه فقام بطلب والدته لياتيه صوتها بلهفه...
_ادم انت فين وليه مش بترد
ادم بحب.. متقلقيش يا حببتي انا كنت مشغول شويه وملحظتش الفون.
والدته براحه... الحمد لله انك بخير يا حبيبي واضافت بتساؤول.. هتيجي امته
ادم... شويه وهكون عندك مش هتأخر.
_ماشي يا قلبي ربنا معاك....انتهت المكالمه ووضع ادم هاتفه بجانبه فهمست سماء لأدم بفضول.. ادم انت ليك اخ من امته انا اول مره اعرف حتي ماما مقلتش ليا قبل كده
نظر ادم بتجاه عمران فنظر لها مره اخري ومين قالك انه اخويا
فتحدث عمران بضيق... عيل بارد
ليبتسم ادم بسخريه واضاف بهدوء... مش اخويا ولا حاجه
سماء باستغراب.. ازاي والشكل اللي بينكم ده تسميه اي
ادم بلامبالاه.. عادي عشان هو ابن عمي بس.
سماء بتفهم... اه انا قلت بردو مستحيل تكونوا قريبين في الشكل كده من غير ما يبقالك حاجه.
عمران بهدوء... بإذن الله بكره تتعرفي علينا لانك خلاص بقيتي فرد من العيله واعتبريني اخوكي من هنا ورايح.
سماء بابتسامه... ان شآء الله
تنهد آدم بصمت، ثم نظر إلى عمران بتساؤل خافت:
– كلمت صهيب؟
أومأ عمران بجدية وهو يشيح بعينيه قليلًا:
– هو اللي كلمني يطمن عليك، وقالّي على اللي حصل… بس أنا مش ناوي أفتح الموضوع ده ولا أناقشك فيه، كل اللي هقوله إن ربنا رزقك بحاجات تستاهل تتنازل عشانها.
فهم آدم المغزى من كلماته، ونظر تلقائيًا نحو سماء، التي كانت منشغلة بهاتفها تُرسل رسالة نصية إلى والدها، دون أن تشعر بنظراته المليئة بالتأمل.**
_ وبعد فترة انتهى الأمر وأخرجت سماء الإبرة وهي ترتعش. أحس آدم برعشتها، وبعد أن انتهت أخذ بيدها ليخرج، ومعه عمران الذي أمر حراسه بالذهاب خلف آدم. كما أوصى رئيس حرسه بمرافقت آدم لينزعج آدم لكنه لم يتحدث، فنظر إليه عمران وكأنه يطلب منه ألا يرفض، فأومأ له آدم برأسه بهدوء ليتنفس عمران بارتياح، ثم انصرفا.
وظل مشتتا وممسكا بيدها، فنظرت إلى تشتيته بستغراب، ثم إلى يدها الممسك بها، لكنها لم تستطع أن تسحبها حتى لا يتألم، وسألته بتمعن... انت كويس
_حرك راسه بهدوء ونظر بتجاهها...اليومين دول اتحمليني وخليكي في البيت ولو احتجتي تخرجي لحاجه مهمه كلميني وانا هبقا اعدي عليكي اخدك وبالمره تقضي اليوم مع ماما او اجيبها تقضي اليوم معاكي عشان متمليش.
سماء بتفهم... ماشي واضافت بابتسامه النهارده حسدتك بس قلت مشاء الله بسرعه.
_
إستغرب آدم وابتسم علي طفولتها واضاف بتساؤول... حسدتيني علي اي
سماء بابتسامه... علي صداقتك انت وعمران وبضحكه خفيفه بيعملك كأنك ابنه مش صاحبه خالص
أومأ ادم بتنهيده....عمران اكبر مني بسنه واخويا في الرضاعه.
سماء... ربنا يحفظكم لبعض
_آمن آدم بسره وظل يفكر فيما قاله عمران في المرة الأخيرة والذي يوحي بشيء أخفاه عنه عمران.
وبعد دقائق قليلة، وصل آدم أمام منزل سماء، وودعها، وطلب من الحراس تشديد الأمن، وغادر.
أما سماء فدخلت والتقت بوالدها واحتضنته وحكت له ما حدث، فحمد لله أن الأمر سار على ما يرام. وبعد أن انتهت سماء من الحديث مع والدها دخلت غرفتها وهي تفكر في اليوم الذي قضته معه، فابتسمت وذهبت للاستحمام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡♡♡
مرت عدة ساعات ، وكان غالب يجلس في ذلك المقهى مع مدير أعماله، ينتظر صهيب الذي تأخر عن موعده... فنظر إلى مدير أعماله بغضب، فتنهد زيد منزعجا من صهيب، فهو من أعطاه الموعد والمكان، مما جعل غالب يثور عليه ويغضب لأنه هو من اشترط المكان ووافق غالب رغما عنه وهو مستعار من نفسه لكنه مرغم لأجل مصلحته، وبعد وقت لاحظ زيد دخول صهيب. كان ذا هيبة غامرة، حاد الملامح، وعينيه نظراتها مخيفة. وكانت كفيله ليتفهم غالب عدم العبث مع مثل هذا الشخص.
جلس صهيب أمامه وأردف ببرود... خير يا غالب طلبت تشوفني
غضب غالب عندما ذكر اسمه بدون لقب فتحدث بهدوء على عكس ما كان بداخله... انت اكيد عارف منصبي وعارف اني مهدد واللي زيي صعب يوظف اي حد لحراسته.
صهيب بجمود... كمل
غالب بجديه... انا عاوزك معايا وهديلك ضعف اللي بتاخده مع شغلك مع ادم الشيمي.
رفع صهيب احد حاجبيه باستغراب... اشمعنا انا.
غالب بجديه... انت عارف ليه انا مختارك انت وزي مقلتلك صعب اثق في اي حد عشان كده عاوزك معايا وكل اللي هتطلبه هيتنفذ.
استند صهيب إلى كرسيه وهو يفكر في تلك الصفقة، فأضاف بهدوء.. هفكر وارد عليك
غالب بتفهم سحب الكرت الخاص به ووضعه امامه... دا رقمي وهستنا موفقتك.
حرك صهيب راسه ووقف مكانه وبجديه... ربك يسهل... وغادر بعدها دون ان يضيف جمله اخري.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الجلاد لقلبي رغم حبي) اسم الرواية