رواية عودة الوصال الفصل الثالث و الخمسون و الاخير 53 - بقلم سارة ناصر
ذكريات مرت ، وآخر الأحداث تعد ذكرى لا تُنسى أبداً ، سعادة بالغة ، فخر وثفة ليس لهما حدود ، تحقيق أحلام ، مشاعر الراحة ، هدوء الأيام رغم الوجع الذي يوجد بين تفاصيل الساعات بالذكريات الكثيرة التي مرت على كل شخص في حياته كُلها! ، فهذا هو مفهوم العائلة ..عائلة ترضى ، عائلة تحزن ، عائلة تفرح.
وهذه هى الحياة ، ليست جميعها على نهجٍ واحد تسير! ، بعض من الفرح ، قليل من السعادة ، جزء من الحزن، وتخطي الخييبات، بداية عقبات ، لمحة شقاء ، لين وحنو ، رفق ولطف وتسير العقبات وتأتي غيرها ، فتنتهى الدموع!
ولكنها ليست النهاية ، الكل يعتقد بأنها آخر مرة يمكن أن يهبط بها الدمع ،ولكن المؤكد لدى الجميع أن القادم مجهول ، والقادم مُدَون دون علم البشر ، والإنتظار بصبرٍ ورضا تام يكن هو المطلوب.
والآن بين مُر الأيام وحُلوها ، تمر ، بل ومرت، إلى أن مر ستون يوماً ، ما يقارب شهرين كاملين على الكل بدون استثناء, أيام كثيرة دون ذكر عقبات شديدة يمكن أن تكون قد حدثت في هذه الأيام ، ورغم أن هناك تطورات ولكن أول تطور هو أن..
هذا اليوم حيث يوم زفاف "بسام"و"فرح" ، و الفرحة تعم بجميع الأرجاء هنا وهناك ، والبهجة هى العنوان ، وما حدث في هذه الأيام أشياء عدة ازدادت بهجتهم من أجلها..
فبالنسبة لـ "وسام" تم نجاحها في اختبار القدرات منذ وقت كبير وكتبت الرغبات بمساعدة"بسام" هى و"إيمان" ، وبعد أيام من تدوين الرغبات جاء لها أنه وأخيراً..
تم قبولها في كلية "الفنون الجميلة "، تم تحقيق الأحلام وسعدت أكثر سعادة من قبل وتم تقديمها إليها ، وعقب هذين الشهرين تم بدء الدراسة بالفعل ولكن في بوادر البداية تقريباً!
كما تم قبول صديقتها في كُلية "الصيدلة" ، والآن يعيشا معاً مشاعر مختلطة ومازالت معهما لم تذهب هذه المشاعر، كونهما يذوقا أول مرة معنى أن يكون الشخص في مكانه الصحيح والذي يرغبه حقاً ، فهل هناك أفضل من هذا الشعور؟
وبالنسبة لـ "حسن" فبعد " عشرون يوماً " من جلوسه برفقة والدته و"أسماء" تم ذهابه لأول تجربة في الجيش والذي يقيم بها أربعون يوماً متواصلين خلف بعضهم ، لا يعلم عنه أحد شىء كونه كان ووُضع في مكان به تدابير وتحفظات كثيرة ، فمنذ وقتها لم تعلم عنه "زينات"شىء مما يقلقها وبالأخرى "أسماء" التي تتلهف رجوعه بأي وقت وشوقها له يعذبها بعد كل هذا الغياب ما ان لم يقيم معها أيام كثيرة منذ آخر مرة، بينما "حازم" يعلم أن هذا شىء لا بد من طبيعته مادام شاب ورحل إلى الجيش ، فلم يكن لديهما حيلة سوى الدعاء له.
وبالنسبة لـ "فرح" وزفافها وأموره ، تم نقل جهازها مرة خلف الأخرى قبل أسبوعين ، وتم ترتيب الشقة بعد انتهاء تجهيزها من "بسام" واليوم تعد آخر اللمسات التي ستوضع بشقة العروسين والتي تضعها "حنان" بنفسها مع "جميلة" والتي أيضاً تتابع بين فترة والأخرى حملها ، مما جعلت الأيام معدتها تبرز قليلاً عن قبل، ومعهما "عز" في هذا الوضع يساعد بما يمكنه المساعدة به ، حتى هذه اللحظة وهو يرى" والدته"تقوم بفرش مفرش الزفاف على الفراش بشقة "بسام" فوقف يتابع ويتلقط العلب الفارغة ليضعها بأكياس بلاستيكية ونطق من خلفها وهو يمسح وجهه المتعرق:
_ها يا أم "عز".. خلصنا كدة ولا لسه في حاجة هتتعمل تاني؟،عايزين نقفل الشقة ونمشي بقا عشان بنتك قاعدة هناك مع البنات لوحدها وفي ناس بتيجي بتسأل عليكي انتِ!.
عدّلت"حنان" من وضع مفرش الفراش واعتدلت بفعل كف "جميلة" التي ابتسمت لها تردد بلطفٍ:
_على مهلك يا طنط.
حينها عادت "جميلة" ترتب ملابس "فرح" بداخل الخزانة ، وأذنيها قد التقطت رد "حنان" على "عز":
_مرات خالك هناك متقلقش ، واحنا خلاص خلصنا أهو، حطيتي الأكل في المطبخ يا "جميلة" و لا ايه؟؟
سألتها بإهتمام فحركت "جميلة" رأسها تؤكد فتعالى صوت الأخرى تخبرهما :
_طيب ، هروح أطمن برضه قبل ما نقفل ونمشي.
تركتهما وخرجت ، بينما إعتدلت "جميلة" تغلق الخزانة بحذرٍ وإلتفتت وعاق نظرها شرود "عز" والحزن الذي لم يرض ظهوره إبدًا ، بخفةٍ وجدته ينتفض ما ان وضعت كفها على كتفه فنظر سريعاً يخرج من شروده حينها غمزته تخفف عنه بمشاكسةٍ:
_المهم أكون أنا اللي واخده عقلك مادام سرحان أوي كدة!
ابتسم "عز" برفقٍ وتنهد يخبرها بصدقٍ وعينيه لا تفارقه حجم معدتها:
_أنا عقلي معاكِ علطول وخايف والله عشان مصممة تتعبي نفسك كدة!
من الجيد والتي اكتشفته هى ان حملها ليس عزيز مثل "نيروز" التي تتعب من أقل الأشياء ، توسعت بسمتها تحرك رأسها نفياً ووضحت له:
_متقلقش أنا مش تعبانة واللهِ ، وكمان حبيت أكون جنب طنط "حنان" خصوصاً اني فهمت ان ملهاش رغبة حد يدخل شقة "فرح" غيرنا وغير أهل "بسام" وكدة.
يعلم رغبة والدته أيضاً في ذلك ، خافت ان يحدث شىء من زوجة خاله فوضعتها هناك بمنزلها وجاءت هى هنا على فترات، تنفس "عز" بصوتٍ مسموع ومسح عنقه بتعبٍ فعادت هى تتساءل:
_انت بتهرب ليه يا معلم "عز" ، ما تقول انك زعلان وخلاص أسهل!
شاكسته فعبس وجهه كعلامة للهروب ونفى وهو يحاول الخروج من الغرفة بالأكياس التي بين يديه:
_زعلان من ايه؟! ، مش زعلان ولا حاجة ، عادي!
فخرج فخرجت خلفه وهي تبتسم وأغلقت الغرفة بعد ان نظرت نحو نظافتها وترتيبها مرة أخيرة ، وقف وهو يعطيها ظهره ، ولم تتوقع أنه سيلتفت ناحيتها بإستسلامٍ ورفع عينيه بعينيها وصارحها:
_أيوة زعلان ، بُعدها من قبل ما يحصل مأثر فيا ، عندك حل؟
يسأل وكأنه ينتظر الحل بتيهةٍ ، تفهمت ما يعانيه فهو قد عاش معها كل شىء ، وكأنه والدها ، ابتلع ريقه وهو ينتظر الجواب فإقتربت هى تطمئنه وهى تتلمس ذراعه بحنوٍ:
_الحل في فرحتها يا "عز" ، أنا متأكدة ان على قد ما هتزعل على فراقها ده على قد ما برضه هتفرح أوي لما تشوفها النهاردة بالفستان وهى مبسوطة وماسكة في ايد شخص اختارته ووثقت فيه ، وانت كمان واثق انه مش هيجي عليها وهيخليها مبسوطة ، كنت تتمنى ايه غير كدة؟؟
سألته واحتوت الموقف ببراعةٍ فرد في استسلامٍ يؤكد :
_مش هتمنى حاجة فعلاً بعد فرحتها وراحتها مهما كان.
ابتسمت "جميلة" براحةٍ ورفعت ذراعيها تحتضنه بإحتواءٍ تعزز من شأنه مثل مرات كثيرة آخرها إلى الآن حينما نطقت بصدقٍ:
_انت أطيب واحد وأحسن واحد أنا شوفته في حياتي، وأكتر حد بيضحي وضحى كتير أوي من غير ما يتكلم ، أنا فخورة بيك حقيقي لإنك قدرت توصل للحظة دي بعد تربيتك ليها وتعليمك وتعبك عشانها وكل حاجة ،لحد ما هتسلم الأمانة ، أنا حاسة انك عملت حاجة كبيرة أوي اتمنى تتكرر مع ولادنا في المستقبل.
في لحظة كهذه كان في أشد الاحتياج لسماع هذه الكلمات ، تلهف فؤاده ما ان أنصت وبان تأثره على ملامح وجهه وكلماته التي لم تخرج بعد حتى بعدما خرجت تنظر له بثقةٍ به فاقت الكثير وساعدته وهي تحمل من بين يديه بعض الأكياس الخفيفة فيما تعلق هو بعدستيها ورد بما يخصها هى:
_وأنا لو لفيت الدنيا عمري ما هلاقي حد جميل كدة زيك ،هفضل أشوفك نعمة وعوض كبير من ربنا ، اذ كان انتِ أو اللي في بطنك!
سعدت"جميلة" من كلماته وبكفها الآخر تلمست معدتها بحنانٍ لصغيرها وكأنها تربت عليه وتعده بهذه اللمسات أن هنا حيث والده وهو يقف ، والد وأب ينتظره بفارغ الصبر كي يعوضه ويضع به ما لم يأخذه هو من والده ولا حتى هى ، تعاهد الاثنان على إخراج عائلة سوية نفسياً كي لا تتكرر الخيبات من جديد..ومادام "عز" هنا يعدها كما يعدها كل مرة فكيف سيهرب الإطمئنان منها؟؟.
وضع "عز" الأكياس أمام باب الشقة وخرجت "جميلة" خلفه ومن ثم "حنان" التي أغلقت باب الشقة بحرصٍ ووقفت تحث "عز" قائلة:
_عايزين قبل ما نمشي نعدي على حماة أختك نشوفها ، خمس دقايق بس ونمشي عشان مش هنفضى نقعد أكتر من كدة!
حرك رأسه يوافق ومن الأساس كان سيمر ليرى الشباب وهم برفقة "بسام "في الأسفل ، اقتربت "جميلة" تستند عليه برفقٍ فإبتسم يسألها مقترحاً:
_مش هتخشي تشوفي "نيروز" قبل ما ننزل ولا هى تحت؟
شقة "غسان ونيروز" كانت جوار شقة "بسام وفرح"، ولكنها ابتسمت تنفي وأخبرته:
_نيروز تحت عند طنط "دلال" من بدري، هنزل معاكم أشوفها وأشوفهم وهروح معاكم علطول عشان "فرح" ويمكن هى تيجي معانا لأن البنات كلهم هناك أصلاً بس هي قعدت تستنى لحد ما "غسان" يوديها يعني.
فتدخلت "حنان" توضح ببشاشةٍ وهي تركب معهما المصعد:
_كدة كدة الغدا عندنا ان شاء وكلهم هيجوا كمان شوية ، عشان كدة عايزة انجز أشوف مرات خالك عملت ايه يا عز!
منذ آخر مرة تشاجر بها "عز" وحديثه قليل معها وعليها ، لذا لم تتعرض "ميرفت" لـ "جميلة" بأي كلمة مما سعدت "جميلة" من وجود سند بظهرها مثله ، وحتى بعدما علمت الأخرى انها تحمل برحمها صغير ، باركت لها وكأن لم يحدث شىء وحينها لم تتحدث بعشم وكثرة كي لا توقع بنفسها أمام "عز" من جديد.
______________
_«يا خلق لو هتناموا , لا للثوانى متناموش
شارع 8 و العلواية , الابطال و يا الوحوش
القمة و الدخيلة , راجعين يعملوا هوليلا
متشوفش ناس بخيلة ولا ناس ميرحموش
صباح باشا يا باشا على كل واحد مستنينا
الولعة و الكماشة و نزل شيشة على شاى خمسينة
سقف علشان هتنام هنام جنبك و اصحى و صحينا
سقف علشان هتنام هنام جنبك و اصحى و صحينا
هنرص كلام و فى ثانية , يخرب و يهد الدنيا
على ابطال العلواية و وحوش شارع 8
و المسا باعته اسلام فانتا هنخش فى حدوتة تانية
افتحلى طريق ده ابو قلب جرئ خاف منى و جلا و طاطا
و بعته يجيبلى سجاير قولتله روح على كشك شلاطة
و ان زرجن يالا وياك طب طلع سيفك والصداده
فرخة و كفتة و عشواية و من ع الإمة نجيب فركاية
و نشغل فيلم السهرة و نسهر فى الشارع سهراية
هنقضى الليلة الحمرا و بره عن الناس اى حكاية»
خرجت هذه الكلمات من الأغنية الشعبية في شقة "حامد" ، داخل غرفة"بسام" الذي كان يتراقص بها بسعادةٍ بالغة قبال "غسان" و"شادي"و"آدم" و"حازم"و"بدر" ، الكثير من الرقص ودندنة الكلمات بفرحةٍ قبال باب الغرفة المفتوح والتي وقفت أمامه "وسام" تضحك جوار "نيروز" والتي نظرت ناحيتها "وسام" بسعادةٍ تخبرها بتأثرٍ:
_نفسي يفضلوا فرحانين علطول كدة بجد
لم تتوقف عندما نظرت ناحيتها "نيروز" بابتسامةٍ واسعة بل أكملت لها "وسام" على نفس نهج أمنياتها:
_ونفسي كمان تقوميلنا بألف سلامة انتِ وحبايبي.
بلحظة كهذه ربتت "نيروز", على ذراع "وسام" بخفةٍ وحبٍ تم قطعه بواسطة زغرودة عالية من "دلال" جعلت الشباب يخرجون نحو الصالة ، ومعهم "حامد" الذي ابتسم على سعادتها وهي تردد له بلهفةٍ:
_ما ترقص مع أمك يا وَلا ، تعالىٰ!
اقترب "بسام" يضحك على غيظها الذي انتشله وغيره ما أن أمسك كلا كفيها يتمايل معها برفقٍ وهو يبتسم بإتساعٍ ، ووجد نظرة بعينيها لم يراها من قبل ، حتى تعابير وجهها توحي له بالكثير والكثير ، تراقص معها بخفة وغمزها مشاكساً:
_طب والله عمري ما شوفت أم عريس عسل كدة ، هيتلخبطوا بينها وبين العروسة!!
هو الآخر تعلم كيف يثبتها بالكلمات ضحكت ونظرت له بشكٍ ، جوار رقص"وسام"مع "حامد" ومن ثم "آدم"مع "بدر" و"حازم"..
بينما هو وقف ينظر ناحيتهم وكالعادة لا يُضيع هذه اللحظات إلا وقد أخرج هاتفه يدون الذكريات قبل أن تنتهى وتتناسى ، في هذه اللحظة حول التصوير ناحيتها بالكامل فإلتفتت "نيروز" برأسها وتوقفت عن التصفيق ما ان شعرت أنه يتعمد تصويرها وبخفةٍ ، أحكمت مسك معدتها وهى ترفع رأسها تبتسم بإتساعٍ وفعلت رقم عدد الشهور المتبقية لها كي يأتي صغارها وسط هذه العائلة ، اتسعت ابتسامة "غسان" فيما اقتربت هى منه ترفع عسليتيها لعدستيه اللامعة بوميض السعادة ..
كان قد وضع هاتفه على الطاولة وتمسك بكلا كفيها يتحرك معها بهدوءٍ فصارحته قائلة بحرجٍ:
_كان نفسي الفرح يتعمل بعد ما أولد ، مش أروح كدة و بطني بقت قد كدة قدامي ومش قادرة أعمل حاجة!
أنصت "غسان" بإهتمامٍ وعلم أنها تريد التحدث لتفريغ ما بداخلها عامةً ، في الأونة الأخيرة كان منشعل مع شقيقه بالترتيبات والتجهيزات ، لذا لم تكن تقضي معه وقت كثير مثل السابق ولكن الجيد بالنسبة لها أنه لم يقل اهتمامه بها أبداً :
_بس عارف؟، أنا أعيش عمري كله أضحي بكل حاجة قصاد بس اني اشوفك فرحان كدة، على فكرة انت بتبقى حلو أوي وانت فرحان بعد ما بتبقى حلو برضه وانت خايف !
صارحته الأخير بضحكٍ خفيف فإبتسم بإتساعٍ واعترف تلقائياً وعينيه تحتضن عينيها:
_عامةً أنا معرفتش طعم الإثنين صح إلا لما عرفتك.
أقصى مراحل السعادة بالنسبةِ لها حينما يربطها بكل شىء يحدث له ، كل شىء يفرحه ويسعد موضع فؤاده الذي يرفع شعار حُبها هىٰ وحدها ، لم تكن بيديها لتفعل شىء سوى أنها أحتضنته بسعادةٍ وهمست جوار أذنه كي يسمع من صوت الٱغاني:
_عندي إحساس ان النهاردة هنعرف هما نوعهم ايه ، عكس كل مرة!
ضحك "غسان" هذه المرة بصوتٍ عالٍ وعلق ساخراً :
_متأكدة؟ يعني هنروح مش هنلاقيهم عاطينلنا ضهرهم هما الاتنين ومش عايزين يقولولنا هما ايه ؟ ، دا كأنهم متبرين مننا من قبل ما يجوا ، أنا مكنتش متهلف أعرف ايه هما ، بس كل مرة بروح فيها عشان أعرف ومعرفش خلتني عايز أعرف نوعهم من كتر الإنتظار!
صارحها بمشاعر عديدة ، فوضعت يديها معدتها وهى تنظر له وأخبرته:
_مش عارفة بقا بصراحة بس في حركة كتير ، ممكن نلاقيهم باينين المرة دي ، لإني بدعي بقا من كتر ما بستنى وماما كمان هى وطنط عايدة عايزين يشتغلوا ليهم لبس ومستنين يعرفوا.
هنا خفقات قلب عالية تزداد شىء عن شىء ، رمش"غسان" بأهدابه بلهفة الإنتظار ، وقبل ان يُفتح باب المنزل سألته :
_المفروض ميعادنا عند الدكتورة كمان شوية ، هنروح قبل ما نروح عند أم عز وفرح ولا بعدها وبعد كدة نيجي نجهز للفرح؟
ترك كفها وعدل وضع حجابها ناحية مقدمة صدرها وقال موضحاً برفقٍ وهو يبتسم:
_لا هنروح قبل ما نروح عند" فرح " عشان منضيعش وقت بعد كدة.
حركت "نيروز" رأسها بموافقةٍ فيما دخل من الباب "عز" و"جميلة" التي اقتربت من "نيروز" تعانقها وكذلك "حنان" فيما نادى "بسام" بعلوٍ "عز" بعدما كان يرحب بـ "غسان":
_يلا يا معلم عز ، خش معانا نرقص يلا!
رفع "عز" عينيه إليه بإستخفافٍ واضح ، وتجاهله وعاد يتحدث مع "حامد" و"غسان" الذي ضحك وفهم ما يجري بينهما هما الإثنان هو و"حازم" الذي كبت ضحكاته هو و"آدم" ما ان تساءل "بسام" ناحيتهم بنبرة منخفضة عليه:
_ماله ده؟
حينها خرج صوت ضحك "حازم" وهو يضرب كتف"بسام" مردداً:
_المعلم غيران يعم ، ايه خليك لماح!
تفاجئ من تعابيره ناحيته هكذا ، دائماً ما يعرف عنه بالعقل ماذا حدث؟. ، فناداه "بسام" مجدداً قاصداً قول اللقب بمرح:
_ما تعبرنا يا معلم يا عز ياللي مدمرنا ، اش حال ما فرحي على أختك النهاردة ، كدة؟ دا انا عريس!
كانت هناك مراقبة من "شادي"و"آدم"و"بدر"و"حازم" ، بينما تابعه "عز" بملامح مجهولة اقترب بها يقف أمام وجه "بسام" وهتف بهدوءٍ يسأله بجمودٍ :
_انت عاوز ايه؟
حرك "بسام" كتفيه ببساطةٍ رغم غرابة الأخرين بضحكهم على سؤاله الذي رد عليه "بسام" بعفويةٍ:
_عاوز أختك!
عند هذه الكلمة ضحك "حامد" بقوةٍ هو الشباب بعدما اندفع "عز" يمسكه من تلابيبه بقوةٍ ومزاحٍ لم يظهره فتفاجئ "بسام" الذي رسم على ملامحه الخوف بالفعل وهو يرفع كلا كفيه أمام وجهه مبرراً:
_ايه؟؟ والله العظيم ما كان قصدي ، وربنا بهزر!!
ضحك "عز" هذه المرة محركاً رأسه ناحية ضحكاتهم وسرعان ما دفع "بسام" ليستند داخل أحضانه بسعادةٍ ، ابتسم الجميع على هذا المشهد فربت "عز" على ظهره وقال مصرّحاّ:
_ألف مبروك يا "بسام" ، حلال عليك "فرح" وطيبتها ، خلي بالك منها ، مش محتاج أقولك انها أمانة وأمانة غالية كمان ومش سهل اعطيها لأي حد ، بس انت كمان مش حد , ربنا يسعدكم!
ضمه "بسام" بسعادةٍ وفي تلك اللحظة دخل "آدم" يحتضنهما هما الاثنان بمرحٍ ومعه "حازم وبدر" ، فنظر "شادي" بحبٍ ناحيتهما والذي دفعه "غسان" برفقٍ حتى ربت على ظهر "عز" مقدرًا خوفه ونطق وهو يحتضنه:
_ متخافش يا "عزوة" ، أختك في الحفظ والصون ومع راجل ابن حلال وعيلة مش هتحسسها بالفرق ، اطمن وطمن قلبك.
عانق الشباب بعضهم ووقف "حامد" ينظر بسعادةٍ وجلس يستريح جوار "دلال", التي جلست برفقتها "حنان". ، حينها تعالى صوت " شادي" وهو يردد بحماس:
_شغلولنا حاجة بقا للعريس وأخو العروسة وأصحابهم هنا ، يلا بينا!!
قامت "وسام" بتشغيل أغنية عالية جنونية تم رقصهم عليها بمرحٍ وامتلأت صالة الشقة بسعادةٍ بالرقص بين الشباب ، واندمج "عز" معهم بالفعل أمام فرحة والدته ووالدة "بسام" التي تعلقت عينيها مع "حامد" وكأن نظراتهما المتأثرة تشرح الوضع وأكثر ، فها هى ثاني فرحة في هذة الشقة على وشك الإكتمال ، ولن يتبقى سوى فرحتهم الصغرى "وسام"..
والتي كانت تتمايل وهى بمكانها لم تتحرك ، فقط تمسك كف كلاً من "نيروز وجميلة"التي غمزتها بمزاحٍ مرددة :
_شوفتي انتِ اللي فلتي منها وهتعرفي تروحي مع "فرح" الستنر ، بدل ما كل واحدة مننا بطنها قدامها كدة.
المرافق في هذا الوقت للعروس واحدة فقط وكانت "وسام" ، وان كان أكثر لأتيحت الفرصة لـ "فريدة" لتذهب ولكنها لم ترض فعلها وظلت مع الفتيات البقية.
ضحكت "وسام" وهى تحرك رأسها لهما وأكدت بغرورٍ زائف:
_هو أنا أي حد ولا ايه ،دا أنا اخت العريس!!
غمزها الإثنان بوقت واحد وضحكت هى بعد ذلك ووجدت "جميلة" تنظر ناحية وداع "حنان" لهم هى و"عز" الذي كان يودع الشباب بقوله:
_يلا همشي أنا بقا عشان اليوم طويل زي ما انتم عارفين ، مستنيكم على الغدا ،متتأخروش.
ودعهم وداع مؤقت ، فيما إعتدلت "جميلة" تلتقط حقيبتها وودعتهم هى الأخرى قائلة:
_أنا كمان لازم امشي متتأخروش ، يلا باي.
أشارت لهم بعجالةٍ وودعت شقيقها وهى تحتضنه فهمس لها "حازم" من بين العناق:
_متتعببش نفسك يا جميلة ومتعمليش حاجة ، خلي بالك انتِ حامل ومش زي الأول!
حركت رأسها توافق خوفه وأشارت له بالوداع وهى تخرج من باب الشقة معهم حتى أغلقه "غسان" خلفهم فوجد بينهم الحديث العشوائي بضحك وكلمات وحديث ولم يجد شقيقه ، فغمزه "شادي" مشيراً ناحية الغرفة الذي انسحب بها "بسام" يتحدث مع "فرح " مكالمة فيديو ، كان يتمسك بهاتفه بالفعل وتحدث يخبرها بمزاحٍ:
_عز ومامتك لسه ماشيين حالاً ، وأنا هاجي وراهم ان شاء الله أنا وهما!
فعاد لم يترك لها الفرصة وشاكسها حينها :
_بس بقولك ايه ، على فكرة انتي وحشاني!
ضحكت "فرح"على الجهة الأخرى وتجاهلت طلبه لفتح الكاميرا ، وأخبرته ترد بضحكاتها:
_انت بتتكلم جد يا بسام؟ دا احنا كنا لسه مع بعض امبارح بنتمم على حجز القاعة وبنودي الفستان للسنتر!!.
ضحك"بسام" بصوتٍ عالٍ ومازحها كالعادة:
_ما أنا لما بحب حد بيوحشني كل ثانية زيك كدة ، ما تفتحي الكاميرا طيب!!
طاوعته رغم جرحها وعلى ناحيتها كان يتابعها الفتيات من على بعد واللاوتي حثونها بعدم فتح الكاميرا لكنها فتحتها ، فشهق متسعاً الأعين وسألها بصدمةٍ:
_ايه اللي انتِ حاطاه على وشك ده ؟ نهارك مش فايت ، انتِ كدة هتخلصي الخضار في بيتنا ،لا بقولك ايه مش لاعب!
اهتز الهاتف من ضحكاتها العالية والتي كممتها بيديها وهى ترد عليه بنبرة بها أثر الضحك:
_دا ماسك عشان الإرهاق في الأيام اللي فاتت ، "فريدة " اللي عملتهولي!
أكملت ضحكاتها على تعابيره فيما إعتدل هو يتنفس براحةٍ وأخبرها مع اقتحام الشباب عليه الغرفة:
_أنا بس كنت عايز أقولك اني فرحان فرحة محدش فرحها في تاريح الفرحانين قبل كدة يا فرح.
اتسعت ابتسامتها ورغم انها إلى الآن لم تبادله الإعتراف بحبها ولكنها رددت بمشاعر :
_وأنا كمان.
ابتسم بعذوبةٍ وطالع ضحكاتها مع مشاكسة الفتيات ، وعلى جهته تمت مشاكسته ما ان تهجم عليه "آدم"و"غسان" يبركون فوقه ، فالتقط "شادي" الهاتف يغلقه تزامناً مع صراخه عليهما كي يبتعدان عنه :
_ابعدوا عني ، أنا لسه مــدخلتش دنيا ، اصبروا بــس!!
حاول دفعهم من عليه وهو يضحك وتم ضربهما منه فيما خرج صوت "غسان" وهو ينهض وضحك ما ان اعتدل الجميع بضحكاتهم، فآقترب بصوته الهامس بجراءة جوار أذنيه بمرح:
_عايزك ترفع راس أخوك النهاردة !
دفعه "بسام" من أمامه بضحكٍ وأشار نحو عدستيه ، فضحك عليه الجميع ما ان رد بضجرٍ:
_طول ما انتوا كابسين على نفسي كدة مش هلحق!
اقترب بعدها يتلقط ملابسه التي تناسب الخروج من خزانته وأذنيه تلتقط لمزاحهم ومشاكستهم الشبابية ناحيته ،فضحك وهو يخرج ملابسه كي يتجهز للخروج مع عائلته ناحية منزل "فرح" فيما اعتدل "غسان" يخرج بعد ان اقترب يخبر شقيقه بابتسامة هادئة:
_أنا طالع أنا و"نيروز" عشان هنلبس ونروح نكشف الأول وبعد كدة هنجيلكم على هناك .
فوافقه "بسام" ، ودعى له بصدقٍ:
_ربنا معاكم.
ضرب "غسان" ذراعه بخفةٍ وأشار بذراعه للبقية وخرج من الغرفة بعدها فوجدها تنتظره جالسة على المقعد جوار الباب ، وبمجرد ما ان رأته وقفت وهى تبتسم وسألته :
_خلصت خلاص؟ ، هنطلع؟
هز "غسان" رأسه مبتسماً وحاوط كتفيها وهو يخرج من الباب بعدما أشار بكفه لـ "والدته ووالده" اللذان يجلسا جوار بعضهما متجهزين بعدما دخلت "وسام" لتبدل ثيابها وتعد الحقيبة التي ستأخذها معها من هناك إلى الستنر مع "فرح".
بينما هما كانا جالسان جوار بعضهما ، تكفي النظرات لشرح مشاعر كل منهما تجاه الآخر ، لمعت عيني "دلال" وهى تنظر ناحيته وتساءلت رغم معرفتها للإجابة:
_بتبصلي كدة ليه يا "حامد"؟
طالع هذا السؤال بمشاعر عديدة ، ثم ابتلع ريقه يتنفس بهدوءٍ كهدوء إجابته حينما هتف:
_فرحان ، فرحان أوي يا "دلال" ، بس خايف!
علمت مخزى حديثه جيداً فتمسكت بيديه بإحتواءٍ تفهمه وعليه ابتسم موضحاً بتأثرٍ:
_حاسس ان البيت بيفضى علينا ، مبسوط بيهم كلهم بس خايف غصب عني لأبقى لوحدي في الآخر مع اني عارف انهم مستحيل يعملوا كدة.
تأثرت وبان على ملامحها التأثر حينما نزلت دمعتها وهى ترد بلهفةٍ كبرى:
_ازاي تخاف بس وأنا معاك وجنبك ، دا أنا أسيب الدنيا بحالها ولا إني أسيب حبيب عُمري كله ، بالك انت بقى ، انت اللي مش حاسس اننا بنكتر مش بنصغر ولا بنقل!
بهذه اللحظة خصيصاً ارتدت دور كان يرتديه ويترأسه ، كشف لها مخاوفه ومشاعره قبل ان تفعلها هى ككل مرة ، لمعت عينيه بوميض التأثر ما ان رأي لهفتها وتمسكها بكفه المجعد ولم تكن لتتوقف بل زاد التأثر ما أن واصلت بنفس اللهفة لتطمئن قلبه الدافئ بحبها وحب أولادهما الثلاثة:
_ أيوة أومال ايه ، ولادك رجالة متربيين منك انتَ وواخدين كل حاجة حلوة من أبوهم ، لا عمرهم نسوا جِميل لحد ولا عمرهم باعوا حد فيه الخير ، لكن احنا اللي خلفناهم وربناهم ، عمرهم ما يتشغلوا عننا بالحلو اللي فيهم منك ، وبنكتر عشان اسمك مكمل في ولاد غسان واولاد بسام ولسه ، ربنا يبارك فيهم ويبارك في عمرك ويديمك نعمة في حياتنا كلنا يا "حامد".
تحسس وتأثر ، فرفع كفه يمسح أثار دموعها وصرّح على ذلك بقولٍ زادها تأثر وحب وسعادة في هذا الوقت:
_هتفضلي كل حاجة وأول حاجة حلوة حصلتلي في حياتي يا أم غسان ، عمري ما أندم يوم عليكِ ولا اني مرضاش عليكِ ،قلبي راضي عنك ليوم الدين وبيتمنى تاني وفي كل لحظة انك تكوني ليا في الأخرة زي ما كنتي في الدنيا اللي الوحش فيها كان بيتهون عشان بس انتِ جنبي!
قبلت كفه برفقٍ فضم رأسها ناحيته في راحةٍ وحينما شعر أن العمر يفني به ويمر بسرعة قاسية وقياسية ، سمح لدمعه منه بالسقوط دون أن ترى ، دمعة سعادة وفخر ، دمعة شملت كل المشاعر الذي لا يستطع شرحها الآن ، بل كل ما يستطع قوله أنه رفيق للراحة مادامت رفيقته المحاربة جواره.
_نيروز يمكن تعرف النهاردة اللي في بطنها ايه وايه ، بقالي كتير مستنية أعرف يا "حامد"، نفسي أنزل اشتريلهم لبسهم اللي هيلبسوه أول حاجة ان شاء الله وتكون معايا بقى ساعتها،مش عايزة أعدي اللحظات دي كدة ، دول ولاد حبيبي.
ضحك بخفةٍ وحرك رأسه موافقاً ومسح وجهه ما أن اعتدلت هىٰ وصارحها بعقلٍ بعد ذلك:
_هبقى معاكي هو أنا يعني من امته سيبتك ، بس بقولك ايه؟ أنا ليه حاسك عايزاهم بنات كدة؟
هربت"دلال" من عينيه وسرعان ما ضحكت تعترف له:
_ما انت عارف اني بحبهم أوي.
أراد مشاكستها ولكنه لم يكن يعلم بأن الأقدار تُأخذ من الأفواه ، فلربما قوله سيصبح حقيقه أو واقع! ، ضحكت هى على ضحكه ما ان وكزها ونطق:
_أقولك على حاجة؟ لو "غسان" ابنك جاب بنت هتبقى حلوة شبهك!
_تفتكر؟
رددتها "دلال" ضاحكة بخفةٍ فأومأ بعينيه يحفزها ، ومن ثم وجدها تميل لتستند على كتفه وهتفت تخبره بقليل من الحرج :
_لولا انك محلفني محتفلش بعيد ميلادك كنت عملتلك اللي نفسك فيه ، بس أهو جه مع يوم فرح ابنك ومخلتنيش حتى أعمل حاجة غير اني أقولك كل سنة وانت طيب!
رجل كبير بالسن مثله ، كان يتحسس لأجل هذا الموضوع مما جعله يردد لها مخاوفه بسبب عدم اهتمام "بسام وغسان" لأول مرة ، مما تعجب من ذلك ولكنه لم يرض اشغال باله وتوقع أنه بسبب انشغالهم ، واعتراف كهذا منها جعله يضحك متعمداً البعد عن هذا المجرى من الحديث:
_أعياد ميلاد ايه يا "دلال" ، أنا كبرت خلاص على الحاجات دي يا ولية ، خلينا في اللي احنا فيه ، هو ابنك لسه مخلصش؟
سألها وجاءه الجواب من فتح باب غرفة "بسام" الذي خرج بها والبقية من خلفه يصفقون ويفعلون الصفارات ، فضحك يرفع كلا كفيه بغرورٍ قطعه وقوف "حامد" سانداً كف "دلال" وخروج "وسام" تزامناً مع قوله:
_يلا عشان منتأخرش.
ابتسم يرددها وهو يقترب ، فتوجه ناحيته "بسام" ما أن ضحك يغازل ثيابه الأنيقة :
_الله.. الله ايه الشياكية دي يا أبو العريس؟
ضحك الشباب ، فتدخل "آدم" يتحدث بدلاً من عمه:
_ما هو أبو العريس بقا يا دكترة!
تلقى ضربة على عنقه من الخلف تأوه منها مع ضحكات الجميع ما أن رفع "حامد" رأسه بشموخٍ ونطق:
_أنا طول عمري شيك يا بن الكلب يا معفن انت وهو!
حينها ضحك الجميع بدون استثناء ، وتم التوجه للخروج من باب الشقة ، وكانت معهم أكثر من سيارة بدون سيارة "غسان" الذي سيذهب بها مع "نيروز"..
ومع هبوط الجميع وقف "بدر" يسأل "آدم" على السلم أمام الأربعة شقق:
_ايه ؟ ، مش هتيجي ولا ايه.؟
نفى "آدم" برأسه وهو يعتدل ناحية شقة "زينات" وصرّح يخبره:
_لا هاجي ، بس هشوف أم حسن ومراته لو هيجوا يجوا معايا ، اسبقوا انتوا وسيبلي عربيتك!
معه سيارة تخص العمل يسير بها ، تفهم ما يفعله حيث انه يضع نفسه مكان صديقه الغائب ، يضع نفسه رجل للمنزل مكان الرجل الذي لم يكن موجود ، ورغم علم "حازم" بقدومهم متأخر وحثهما له بأن يسبق ولكن هذا لم يقرر الرحيل إلا بهم حفاظاً على أمانة صديقه الذي تركها له بتوصية منه هو بالأخص قبل أن يرحل ،فـ "حسن" لم يجد أقرب من "آدم" له ليضع بيديه كل شىء في فترة غيابه!
وافق "بدر" وأخرج له مفتاح السيارة وأشار له حينها بالوداع حينها ركض يلحق بهم ، ووقف "آدم" يدق باب الشقة وجرسها بانتظارٍ.. وقطع هذا الإنتظار خروج "غسان ونيروز" من المصعد ، حتى حرك "آدم" رأسه لهما تزامناً مع سؤال "غسان" بإستفهامٍ:
_مشوا ولا ايه؟
فأكد "آدم" قائلاً :
_أيوة لسه حالاً.
تابعه "غسان" بتفهمٍ ، ثم نظر ناحيتها فوجدها تعتدل لترتدي حقيبتها على كتفيها ، وابتسمت تشير له بالرحيل ، فإستندت معه "نيروز" تزامناً مع إشارة "آدم" لهما وهما ينتظران المصعد من جديد ، وبالفعل تم هبوطهم، فيما نظر هو منتظراً فتح الباب مستنكراً تأخر الفتح ، وقبل أن يدق الجرس من جديد ، وجد "أسماء" تفتح له الباب وهى تعدل من وضع خِمارها وابتسمت ترحب به وهى تفسح له المجال:
_أهلاً ، إذيك يا "آدم" ، تعالى إتفضل!
دخل مبتسماً ،ونظر يبحث بعينيه بعدما بادلها التحية فإلتفت ينظر متساءلاً:
_أومال فين زوزو ؟
_في الحمام وخارجة.
رددتها بحرجٍ ، واقتربت مسرعة ناحية المطبخ تلتقط طبق الفواكة لتقدمه له وبعد لحظاتٍ خرجت ، تبتسم وهى تضعه أمامه ثم جلست فبدأ هو يتحدث بهدوءٍ:
_عايزكم تجهزوا بقى عشان نروح على هناك علطول ، دا "فريدة" هناك من الصبح ومستنياكم بقالها كتير!
_احنا جاهزين ، بس ماما زينات كانت بتعمل كالعادة أي أكل عشان لو "حسن" جه فجأة أو حاجة ، كل مرة بتعمل كدة وبرضه مبيجيش ، بقاله كتير أوي يا "آدم"، هو ده طبيعي؟
نظر ناحيتها بإنصاتٍ ووجد لمعة عينيها ولهفتها وهى تتساءل من جديد ولم تعطه الفرصة للرد:
_ انت متعرفش طيب عنه أي حاجة ، دا الأخبار اتقطعت عنه ، احنا قلقانين أوي وكل ما نكلم "حازم" يقولنا عادي عشان أول مرة.
تنهدت بحزنٍ بعد كلماتها هذه ، فإعتدل يخبرها بهدوءٍ :
_أنا حاسبله كويس هو بقاله قد ايه ، وفي خلال الأيام دي هتلاقيه موجود بإذن الله.
أطبقت شفتيها في تفهمٍ وتنهدت بحرارةٍ ، وانتظار ، فمهما كان لم تأخذ هى حقها في الإقامة معه أكثر وقت ممكن بعد ان كان من المفترض معاً بطريقة أخرى غير السابق ،أخرج هاتفه يجيب على الإتصال وهرب بعينيه وهو يطالع تلك الجالسة فلو تعلم من يحدث هو لوقفت تتلهف ، ولكن الآخر وعده بعدم إخبار أحد حينما أخبره "حسن", قبل أسبوع انه قادم ولكنه أوصاه بفعل شىء يريده وبقوة و ان هذا الشىء موعده سيتم اليوم!!.
تم إغلاق الهاتف بعدما كان يتحدث وكأنه يقوم بفك شفرات وألغاز ، لم تلاحظ "أسماء" ذلك حينما كانت تفتح هاتفها على صفحات قرآن بالشاشة تقرأ منها بتمهلٍ في نية أن يطمئن قلبها على حبيبها الغائب.
وقطع هذا خروج "زينات" وهى بأسفل ما تحت حجابها, ممكسة بحجابها بين يديها وابتسمت وهي تقترب ناحيته مرحبة به بحرارة:
_منور يا حبيبي، ايه اللي أخرك كدة مش قولتلك تيجي من بدري وتفطر معانا انت والبت الندلة اللي سابتنا ومشت على هناك من غيرنا دي!
ضحك هو بخفةٍ وأخبرها وهو يخرج من عناقها:
_لا بنتك مش ندلة واللهِ يا زوزو دي كانت عايزة تيجي بس وردة هى وفاطمة والعيال كانوا راحين فقولتلها روحي معاهم بالمرة وشوية وهجيبهم ونحصلكم بدل الفرهده وخلاص!
أومأت "زينات" وهى تضحك بقلة حيلة ثم توجهت لمرآه خلف الباب وبدأت في وضع حجابها وهي تتساءل بلهفة لم تظهرها بقوة ، بل تساءلت باهتمام رغم انهاةتتساءل له من قبل:
_مفيش جديد ؟ ، متعرفش حاجة عن "حسن"؟
قلبها يتآكل له ولكنها تتظاهر بالقوة غالباً ، وهذا طبع من طباعها منذ القدم ، حرك رأسه نفياً وسب صديقه بسره على ما جعله يفعل هذا التشتت بوالدته وزوجته وحتى شقيقته "فريدة وجميلة".. طالعت جهله بصبرٍ تحلت به وربطت عقدة حجباها بخفةٍ ثم حملت حقيبتها وأشارت لهما بخفةٍ:
_يلا ، خلصت.
اقتربت منها "أسماء" تساندها ببرٍ فربتت "زينات", على رأسها بحبٍ وكان خلفهما "آدم" الذي أغلق الباب خلفه حتى أصبح الثلاثة قبال المصعد الذي فُتح لهم وركبوا به ..
لحظات بل دقائق قليلة جداً وتم خروجهم من المصعد ، فتحركت "زينات" جوار "أسماء" وتعمد "آدم"البطىء حينما إلتفت برأسه يبحث نحو "حسن" مسرعاً فوجده يقف بركن ما أمام المصعد الآخر مرتدياً ملابس الجيش والقبعة وحقيبته على ظهره!!
سبب إخفاءه لقدومه مجهول كي لا يضغطونه بالقدوم معهم وهو يريد الرحيل لمكان آخر يرتب له منذ فترة كبيرة مع "آدم".. ، ما بعد ذلك تمت الإشارة بفعل عين "آدم" نحوه بمعنى أنه سيرحل يوصلهم وسيعود مجدداً له ، فأومأ له "حسن" وحرك رأسه بخفةٍ من على بعدٍ ، وتم فتح المصعد الآخر له بعد دقائق من الإنتظارِ ، وتزامناً مع ذلك فتح "آدم" السيارة ببشاشةٍ وأسند "زينات" لتركب في الأمام وركبت "أسماء" في الخلف ثم ركب هو كي يقود السيارة إلى أن حدث ذلك وهو يضحك مجيباً عليها في الهاتف:
_جرا ايه يا شاطرة مش قادرة تقعدي من غيري ، أنا عارف انك بتحبيني بس إتقلي شوية ، أمك ومرات أخوكي يقولوا علينا ايه؟ عيـب!!
ضحكت الإثنان ، فيما سمع هو صوت شهقتها في الهاتف وهي تجيبه بتبجحٍ:
_انت مصدق نفسك يا مستفز انت؟ ، اديني ماما..
_ايه ؟ بتقولي وحشتك؟ عايزة حضن؟، طب استني اجيلك عشان عيب الكلام ده على الطريق طيب!!
برقت عدستيها في الجهة الأخرى وبرد فعل يتناسق مع طباعها سبته وأغلقت الخط بوجهه فقهقه عالياً تزامناً مع ضربة "زينات" له بذراعه ورددت له من بين ضحكتها كي لا يضغطها وهى تخفي ما تخفيه دون علم منه:
_متزهقش فيها يواد يا "آدم" ، الله!
________________
_إلحقي يا "فرح" ، "بسام" جه بره!
خرج هذا القول بلهفةٍ من "ياسمين" وهى تضحك ، في داخل منزل "والدة عز" ، ومن كانت معها في غرفتها "جميلة"و"فريدة" و"وردة" وحتى "فاطمة" و"منة"، اعتدلت "فرح" وهى تبتسم بخجلٍ ونهضت تغطي خصلاتها بحجاب على عباءتها المنزلية المحتشمة للمقابلات ، اعتدلت كي تخرج من الغرفة وهى تبتسم بسعادةٍ وعقب خروجها وخروج الفتيات وجدت"دلال", أمامها فرحبت بها بحرارة وهى تردد بلهفةٍ:
_بسم الله ماشاء الله على عروستنا، ربنا يحميكِ ويسعدكم يا حبيبتي.
خجلت وهي ترحب وتعانقها وفور هذا العناق ، احتضنت "حامد" و"وسام" بسعادةٍ حتى عاد البعض يجلس ويتلهى في الحديث ووجدته هو يأتي مقترباً منها من على بُعدٍ ، احمرت وجنيتها بخفةٍ وهى تقابله ومد كفه يرحب بها فمدت كفها وسحبها حينها يحتضنها بحبٍ ممراً يديه على ظهرها بسعادةٍ.
إعتدلت "فرح" تنظر له بخجلٍ وقد أصبحا معاً بركن ما داخل الشرفة التي تطل على الشارع ، ابتسمت "فرح" تنظر بتيهةٍ ووجدت نفسها تنطق وهو يتأمل بها:
_شكلك فرحان أوي.
قالت هذه الكلمات بعفويةٍ ، فأكد هو برأسه وهو ينظر نحو تجمع العائلة في الخارج والأصوات العالية المتداخل بها صوت الموسيقى والأغاني وضحك الشباب مع بعضهم وحتى الفتيات وتصفيقهن ، نظر نحو هذا المشهد بتأثرٍ ثم عاد ينظر داخل عدستيها الداكنة وصرّح :
_فرحان لفرحتك وفرحتهم عشان فرحتي!
تعمقت لتفهم مخزي كلماته وابتسمت بإتساعٍ ، حينها اقترب يتلمس كفها وأخبرها بصدق فرحته بالفعل:
_وفرحان عشان الباقي من عمري هيبقى معاكِ انتِ يا "فرح".
لمعت عينيها تأثراً واحتضنت كفه بمشاعر عديدة وصرّحت بحبٍ:
_انت إنسان جميل أوي يا بسام ، يا بختي بيك، انت تستاهل كل الحلو اللي في الدنيا ، ياريتني كنت عرفتك من زمان أوي ، أنا من ساعة ما عرفتك وأنا حياتي اختلفت عن الأول كتير ، معاك بحس بحاجات مكنتش بحسها قبل كدة.
لم تستطع سوى الاعتراف بذلك فقط الآن ، ورغم ان اعترافها ليس واضحاً إلا انه سعد من كلماتها ورد على كلماتها بـ:
_كل الخير اللي ممكن استاهله كان انتِ يا" فرح" ، ربنا يكملها على خير ويهدينا لبعض ويسعدنا.
رمشت بإهدابها ونظرت بتمنى للدعاء فدفع كفها ناحيته إلى أن عانقها عناق دافىء وهمس بضحكٍ جوار أذنها من الخلف:
_اثبتي خالص بقا عشان احنا متراقبين دلوقتي من المعلم" عز" ومن الناس كلها!
شهقت بخفةٍ واعتدلت تنظر بخجلٍ فوجدهم يقفون يطالعون عناقهما لبعضهما وعقب ما نظرت ضحك الكل بلا استثناء ، وتم فعل صفارات من الشباب كتشجيع لـ "بسام" فضحك يرفع كلا كفيه على رأسه بشموخٍ وغرور زائف ضحكت هى منه بقوةٍ ما ان تفاجأت بأن الفيتات يسحبونها لترقص معهم بمتتصف المنزل قبل موعد الغداء ، يقضوا الوقت بمرح ، وكذلك تم سحبه هو من الشباب هو و"عز" الذي ضحك وهو يمسك يدي "بسام" كي يتراقصا معاً على صوت الأغاني..
وقفت "جميلة" تنظر بإبتسامة واسعة جوار "فريدة" التي تابعتهم وهى تضحك جوار "أسماء" بينما البقية تراقصن مع "فرح" فيما كانت النساء في المطبخ ومعهم "فاطمة" وتمر عليهم "وردة" للمساعدة.
وبوقت كهذا شعر بما تشعر به ، لم تجرب هذه الأجواء من قبل وقبل أن يقرر هو الرحيل لـ "حسن" أمسك "آدم" كفيها بمرحٍ وشاكسها حينما مال يخبرها:
_عايزك تعتبري ان النهاردة فرحك انتِ كمان يا شاطرة!
ضحكت "فريدة "بخجلٍ قليل ما يظهر وهمست وهي تتمسك بكفيه ، همست بسرية محببه له:
_فرحي بعد ما اتجوزنا؟؟ ليه كرستينا حامل أنا ولا ايه؟؟
سخرت فضحك بقوةٍ ووكزها ضاحكاً موضحاً:
_ يا ستي افرحي ، هو حد يقول للفرحة لا يا شاطرة ؟
نفت "فريدة" برأسها وتحركت معه بحذرٍ وهى تبتسم بإتساعٍ وتراقصت بخفةٍ وهى تنظر داخل عدستيه بسعادةٍ لرؤية سعادته هو بها .. وبخفةٍ أخرى كان "عز" يتمسك بكفي "جميلة" بحرص ليتراقص معها ، كما كان "شادي ومنة" و"بدر و وردة" وبسام وفرح " و"حازم" الذي حذر "ياسمين" من الحركة كون لم يتبقي سوى شهرين تقريباً على ولادتها!!
هكذا الفرح , شعورة سريع مفاجئ حتى وان زال ورحل تتبقى تفاصيله موجوده ، يتبقى به وجع بين تفاصيل الفرحة، ربما وجع وخوف ومن لحظة الانتهاء ، أو وجع آخر من نوع مختلف بين لحظات تفاصيل هذه الفرحة ولا يعلمها سوى القليل!!
تماماّ كالآتي بوضوحٍ حينما ترك "آدم" كفيها ومال يهمس بهمسٍ واضح لها بعجالةٍ:
_بصي أنا عندي مشوار كدة عالسريع وجاي، مش هتأخر متخافيش و هبقى هنا على الغدا ان شاء الله!
وكي لا ينهزم أمامها وتحاصره تركها دون إعطاءها الفرصة ودخل بين التجمع والأصوات يشير لها بكفه دون أن ينتبه أحد سواها ، فنظرت بيأسٍ من عدم صبره ورحيلة وعادت تتشتت بين السعادة من جديد غافلة عن سبب رحيله.
إعتدلت تتحدث مع الفتيات حينما سحبوا "فرح" ناحية غرفتها ليتم الرقص بينهن براحةٍ أكبر بدون نظرات الرجال والشباب ، وبالوقت ذاته كان "عز" يجلس مع بقية الشباب و"بسام" و"حامد" وحتى "طارق" والد"منة" ومن بين هذا الحديث العشوائي تساءل "عز" ناحية "بسام" بإهتمامٍ:
_أومال فين "غسان"؟
_معاد مراته عند الدكتورة النهاردة فـ زمانه راح وهيجي علطول على هنا!
أجابه "بسام" بذلك فتفهم "عز" ونظر نحو ساعة معصمه يرى التوقيت ، فهو الآخر يُريد أن يذهب لوجهة محددة يرتب لها منذ فترة ، يريد الرحيل دون علم أحد بين هذه العشوائية والتجمع ، نظر بترقبٍ ووجد الكل منشغل ولم يجد "حازم" أيضاً وهو يتابع جلوس الرجال جوار بعضهم! ، لم يترك نفسه للتفكير ، بل إعتدل يقف وابتسم بتكلفةٍ حتى قرر أن يخرج من الباب ليستطيع الخروج إلى هذا المكان مقرراً عدم التأخر دون علم أحد بأنه رحل من الأساس!
__________________
جلست معه قبل وقت تنتظر دور دخولها إلى داخل غرفة الكشف لدى الطبيبة المسؤولة عن حالتها وحملها ، في كل مرة تجلس معه هكذا تشعر بمشاعر عديدة ومختلفة تتخبط بها ، ولكن تلك المرة تشعر أنها تختلف ، تشعر بأنها حقاً على مشارف العلم بنوع صغارها القادمين!
ابتسمت "نيروز" ما أن وجدت نفسها تخرج من شرودها ووجدته يطالعها هكذا بإبتسامة عريضة سألها بها:
_جاهزة؟ ، شايفك تعبانة واليوم لسه طويل ومتعب.
تابعته "نيروز" وهى تضحك بخفةٍ وسخرت ما أن أخبرته على نفسها:
_من امته وبيفوت يوم مبتعبش فيه وأفرهد من يوم ما حملت!
لم تكن تتوقع قول الآتي بعد هذا الضحك ، بل رددت الآتي بخوفٍ وهى تطالعه متذكرة حديث الطبيبة في إحدى مرات تعبها:
_دا أنا حتى خايفة أوي أولد بدري عن ميعادي!
ضغوط كثيرة عليها جعلت ضغطها يرتفع في بعض المرات ، أحياناً بتشكل بالخطر ولكنها تواظب على أخذ الدواء وفعل ما ينصحه بها الطبيب النفسي التي تذهب له إلى الآن ولم تنتهي به ، بل وأخيراً شعرت وكأن راحتها تتشكل بالمواظبة على علاجها النفسي هذا ، وهذا بفعل تشجيع "غسان" وتحفيزه ومساندته لها..
مثل مساندته وهو يمسح أسفل عينيها من أثر الكحل الأسود وقال يطمئن هذا الخوف بإحتواءه:
_لا متقوليش كدة ، ان شاء الله كل حاجة هتبقى زي ما هي محسوبة ، متخافيش!
نظر بخوفه هذا الذي بان في بنيتيه الداكنتين والتي استطاعت كشفه ، وحالفه هو الحظ كي لا يُكشف قبال عسليتيها بفعل كلماتها إلا وقد حان دورهما ، فنهض يساندها وهتف ما ان نطق ملاحظاً انكماش تعابير وجهها وهي تضع يديها على ظهرها من الخلف:
_ على مهلك!
ابتسمت "نيروز" تطمئنه وتمسكت بكفه تدخل معه داخل الغرفة ، حينها رحبت بهما الطبيبة بلطفٍ وتم تسطح "نيروز" على الفراش وهى تتحدث ساخرة بضحكٍ:
_نفسي أعرف بقا يا دكتورة ، ادعيلي يبانوا قبل ما تشوفي في السونار الأول ، ليحصل زي كل مرة!
ضحك هو متابعاً الوضع ، فضحكت"الطبيبة" وهى تهتف بمزاحٍ :
_والله أنا نفسي يا مدام "نيروز" ، بس كل ما نشوف ألاقيهم ساجدين الاتنين في كل مرة ، ماشاء الله عليهم متدينين من قبل ما ييجوا
مازحتهما فضحكت "نيروز" بقوةٍ بينما هو ضحك متدخلاً بقوله المتمني حقاً بهذا الوقت:
_ياريت.
رفعت الطبيبة ثوبها برفقٍ ووضعت الدهان ثم جعلت الجهاز يسير نحو منطقة الإنتفاخ بمعدتها ثم الجهتين اليُمني واليُسري، فحملها بكيسين مختلفين ، مما يوضح أنه إحتمال اكبر أنهما لم يأتيا متطابقان مثل والدهما وشقيقه التوأم..
ابتهجت ملامح "الطبيبة" وهى تبتسم وبدأت تحفزهم بالإنتباه بقولها المرح:
_يا مُسهل!
انتبه "غسان" ووجد النوع يظهر قبل أن تفتح الطبيبة فمها للتحدث ، لم يفهم ولكنه يشعر مثلما تشعر هى حينما لمعت عينيها وهي تتابع تحركهما معاً بالأخص الجهة التي كانت ناحيته وهو يتمعن هو النظر بها بخفقات قلب عالية تكاد تكونومسموعة ، هل حقاً يتأثر ؟ من قبل مجيئهما ، ابتلع ريقه بتوترٍ لم يكن يتوقع يوم أنه سيوضع بهذا الوضع المرتبك المليئ بالمشاعر العديدة وكأن ببنه وبين صغاره تواصل روحي شعر به أن ما ناحيته ..
أن بالفعل ما ناحيته نطقت من خلاله الطبببة بإبتسامة متسعة:
_ما شاء الله ، شكلهم ظاهرين أهم
وواصلت ما أن وجدت لهفتها وهي تنظر ناحية "غسان" بدلاً من شاشة السونار الصغيرة:
_الكيس ده اللي نحية ايد الأستاذ "بنت" ، والكيس التـ..
توقفت عن الحديث حينما تمكنت أكثر كي تردده بوضوحٍ وبفعل الثواني نطقت من جديد توضح:
_وده "ولد" ان شاء الله ، ألف مبروك .
أما هما فتوقفا الإثنان معاً عند قول "بنت" و"ولد" ، نزلت دمعتها بتأثرٍ وهي تعتدل ورددت بغير تصديق من رزقها الإثنين معاً في رحمها بمرة واحدة:
_بجد؟ ، بجد فعلا يا دكتورة ؟؟
_بجد جداً ، ربنا يقومكم بالسلامة..خلي بالك وخدي حذرك في الشهور دي والعلاج ده هتكتـبـ...
لم تسمع,لم تركز ولم تهتم الآن ، بل وجدته يحدق في الجهاز منذ هذه اللحظة فنهضت هى بتمهلٍ تنظر ناحيته بسعادة بالغة خرج بها من شروده وهي تبتسم له .
هل حقاً وجدت لمعة بعينيه، ابتلع "غسان" ريقه وخرجت نبرته المهزوزه وهو يتلقط الورقة من الطبيبة التي ودعتهم:
_حاسس اني مش مصدق نفسي ان هما كدة فعلاً وربنا رضانا!
حرك رأسه بتشتتٍ حينها كانا معاً قبال الغرفة ونطق هو من جديد بإبتسامة اقتنع بها بالخبر أخيراً:
_مبروك ، مبروك علينا يا "نيروز"
دفعها داخل عناق مختلف الآن ، عناق أب وأم يعلمان صغارهم الآن و ينتظرونهم بلهفةٍ وشوق وحنين ، لمعت عينيها وهي تضم ظهره بفرحةٍ كُبرى وأخبرته بحماسٍ:
_ماما وطنط "دلال "وعمو "حامد "وكلهم هيفرحوا أوي لما يعرفوا يا "غسان".
أومأ بتأكيدٍ يؤكد مشاعرها وتوقعاتها ، وضحكت بخفةٍ ما ان تلمست معدتها البارزة وصارحته تعبر عن سعادتها:
_أنا فرحانة ، فرحانة أوي أوي كمان!
تأثر من هذه النبرة السعيدة وأسندها وهما يسيران معاً ناحية الدرج ونطق بصدقٍ وعينيه لا تفارق عينيها اللامعة :
_ وأنا نفسي تكوني كدة علطول يا نيروز .
وجدت أمنيته الصادقة وهي تهبط معه بحرصٍ فضحكت تشاكسه بمرحٍ وهي تعترف:
_طالما معاك هكون مبسوطة دايماً يا "غُس"!
أسند كفه على ظهرها وهو يساندها وضحك حينما كانت أقصر بفعل الدرج وكان هو الأعلى فمال بهمس بمزاحٍ وهو لازال يضحك:
_طب مش عايزة تعرفي الست قالت ايه في الحالات اللي زي دي؟
_ايه؟
رددتها بحماسٍ ولهفة كي تستمع ، فضحك وهو يتشبت بكفها واحتضنت بنيته الداكنة عسليتيها في هذا الضوء وهتف بكلمات كوكب الشرق قائلاً بهدوء امتزج بثباته المعهود دائماً أمامها بينما داخله في كل مرة أمامها بهذا الوضع يكن العكس تماماً:
_ انــتَ عُمـــري
هل حقاً نطق بذلك ؟ اختصر كل كلماتها بكلمتين فقط تأثرت هى بهما بقوةٍ وابتلعت ريقها ترى الصدق بقوله حقاً ، حينها ابتسمت تبادله الكلمات ما ان تحركا معاً أمام سيارته المركونة:
_حَيرت قــلبي معــاك!
ضحك على كلماتها وأشار لها بالدخول وساندها حتى ركبت حينها تعالى صوت هاتفها ووجدته رقم والدتها ، فأشار لها بكفه بأنه سيذهب بضع خطوات ، نظرت باهتمام وكبتت ضحكاتها حينما وجدته يقف أمام بائع "المشبك" ليبتاع لها عُلبة ككل مرة يكونا معاً في هذا المكان للكشف!
كفت عن أن تفهمه بأن وحمها يكن بمرة واحدة فقط وليست كل المرات طوال شهور الحمل ، ولكنه لم يقتنع ، حركت رأسها بيأسٍ وضغطت على الإجابة وردت وهي تبتسم حينما غمزها من على بُعدٍ أمام البائع وهو يناوله العلبة ، اعطاه "غسان" حسابه وعاد في طريقه لها مجدداً ، حينها نظرت له وهو يأتي نظرة مختلفة ، نظرت وكأن أمانها يعود، نظرت وكأن محقق أمانيها وسند أيامها ورفيق الصعاب قبل أن تسهل الأيام ، يأتي ، بل هو معها حقاً وهذه اللحظة لا تقارن أبداً بشىء آخر ، هو وحده لديها شىء ثمين لا يُقدر بثمن!!
__________________
بعد أن عاد ودخل الشقة ، اغتسل يبدل ملابسه ، حتى فعلها بالفعل وخرج "حسن" يلتقط صينية الطعام من على طاولة المطبخ ووضعها في الصالة أمامه على المقعد بعدما فتح شاشة التلفاز ، يعلم بالطبع أنهما رحلوا معه ..
الآن هو يجلس يتناول الطعام وهو شارد الذهن ، حتى التلفاز الذي قام بتشغيله لم يركز به.. نظر بشاشة الهاتف الذي وضعه أمامه ناحية الساعة وتذكر في أحد المرات أنه تمت دعوته من "حامد" على زفاف ولده حينما رآه صدفة في المسجد ، فلم يعده بالقدوم ومرة أخرى وجد "بسام" بنفسه يدعوه فرد عليه والطببعي أن الحديث لم يكن بعشمٍ زائد وقتها..
سمع صوت جرس الشقة فإبتلع "حسن" ما بفمه وهو يتنهد ووقف يعتدل مقترباً من الباب وفتحه ، واتسعت ابتسامته ما ان وجد "آدم", يبادله الإبتسامة فدخل الإثنان بأحضان بعضهما بعشمٍ ووفاء ردد به "آدم":
_وحشتني يا أبو علي ..مالك اسمريت كدة ليه!!
خرج "حسن" من عناقه وهو يدخل حتى جلس وهو يشير له مردداً بمزاحٍ:
_شقيان، متبهدل يا خويا وطالع عين أمي هناك!
ابتسم بتفهمٍ وربت على ساقه ، فأشار له "حسن" بتناول الطعام معه ولكنه لم يتناول ونظر ناحيته وهو يأكل رافعاً رأسه ناحيته وسأله وهو يبتلع ما بفمه:
_طب ايه؟.. انت مظبط اللي قولتلك ايه؟
حرك "آدم" رأسه بشرودٍ ، فإعتدل "حسن" ينهض وهو يحمل الصينية ناحية المطبخ وهتف من على بُعدٍ:
_كويس..قولي أمي وأسماء عاملين ايه؟ كويسين؟
وجده يقف خلفه ملتقطاً زجاجة المياة ليتجرع منها فإنتظره حتى ينتهي ، وانتهى "آدم" بالفعل يخبره بهدوء:
_ قلقانين عشانك وعايزين يعرفوا أي حاجة عنك بأي طريقة ، انت ليه معرفتهمش انك جاي بعد اسبوع زي ما كلمتني ؟؟
سأله بمواجهةٍ ، فأغلق "حسن" سترته الخفيفة ووضع قبعته على رأسه ليستعد للخروج وسار أمامه وهو يوضح له باحثاً بعينيه عن المفتاح:
_عايزني أعرفهم اني جاي عشان معرفش أخلع منهم ولا من "حازم" للمشوار ده بالذات ؟ ، انت عارف اني لازم أروح الزيارة دي بأي طريقة ،أنا صابر بقالي كتير أوي وحاسس اني متاخد مني حقوق كتير عشان مش طايله بعد كل اللي عمله ده!
وجد الشر في نبرته وحتى تعابيره، فتحرك "آدم" يقف أمامه ووضح له محذراً:
_حسن ، أنا طاوعتك عشان عرفت انك لو مروحتش ليه ممكن يحصلك حاجة ، أنا معاك للآخر بس عند أول تهور منك هيضيعك من تاني يبقى بلاها ، وطبيعي متطولوش عشان هو في الآخر خلاص بقا في السجن مرمي مستني حكم الإعدام يتنفذ يعني حقك مراحش!
ضغط على فكه بقوةٍ وتابعه حتى انتهى من سرد ما ردده له فلم يفكر "حسن" برده الذي دفعه للآخر بهجومٍ:
_قول إنك خايف ودمك الحامي اتطفى!
لم يتفاجئ "آدم" من كلماته ، بل بكل ثبات إقترب ينظر له بهدوء مريب ثم بدأ يلكمه بوجهه وردد في حدةٍ يطغى بها عليه وعلى انفعاله هذا بالكلمات عليه:
_دي عشان تفكر كويس في الكلام قبل ما تخرجه منك ، أنا طاوعتك عشان وعدتك أبقى جنبك ، وقدرت انك مقدرتنيش ولا فكرت فيها من زاوية تانية ، بس انت اللي بتحب العنف ، وبتحبني أخبطك بالكلام زي ما عملت ، اقولك بقا مقدرتش في ايه وأنا سكت؟؟؟؟
واجهه بذلك ، فإبتلع "حسن" يتحسس وجهه بألمٍ ولم بندفع بفعل المثل ما ان شعر ببوادر ندم حينما شرح له "آدم" مشاعره:
_فيها انك مفكرتش الو*** ده عمل في أختك ايه واللي هي مراتي دلوقتي!! ، وحتى لو أنا نسيت بس عمري ما فكرت أعمله زيارة أقف فيها قصاده ، عايزني أقوله ايه؟ ولا حتى عايز تبقى مشاعري ايه ساعتها ؟. لا وطاوعتك وقولتلك ماشي هاجي معاك..بس كله إلا انك تعيب في دمي ورجولتي يا "حسن".. سامع؟؟؟؟
ابتلع "حسن" ريقه بصمتٍ ، وأدرك انه تهور واندفع ، فلم يستطع ان يظهر نفسه المخطئ إلا بـ:
_متجيش يا "آدم"! ، أنا هروح لوحدي!
_مكنتش طول عمرك لوحدك يا "حسن" عشان تبقى لوحدك دلوقتي من غيري ، بس فكر في نفسك بطريقة تانية ، متبقاش أناني في كل حاجة وده مش عشاني بس دا عشان كل اللي حواليك، وبعدين عايزني اسيبك لوحدك عشان تعملها جريمة؟؟؟
صمت "حسن" بثقلٍ ، ولمعت عينيه حينما جلس مستسلماً على المقعد واضعاً رأسه بين كفيه وهو يبوح له بتعبٍ:
_أنا محدش حاسس بيا يا آدم ، محدش عارف أنا بمر بإيه حتى ، انا اختارتك عشان مليش غيرك يفهمني ، لكن معرفش انت حاسس بإيه ، أو حاسس بيا ولا لأ ، انا واحد ضاع بسبب انتقام ، واحد بهدلته الدنيا وبعدته خالص عن كل حاجة صح كان مفروض يعملها ، دا حتى أختي معرفتش ألحقها ولا أفهم انها ضايعة، معرفتش أفوق ليها وأعوضها وأشيلها من بين ايد الخطر ، أنا اللي كنت بين ايديه من قبلها لحد ما اتدمرت..محدش واعي للي مخبيه جوايا ولا حد حاسس أنا جوايا نار قد ايه محتاجة تتطفى!! ،أنا مش راضي عن نفسي ، مش راضي!!!
نزلت دموعه على وجنتيه بكسرةٍ لحقها "آدم", حينما جلس على ركبتيه أمامه ، ومسح وجه صديقه بحنوٍ حتى رفع "حسن" رأسه يطالعه بوجع محارب حارب في معركة خطأ ولم يفهم الصواب بعد !
_بُصلي يا حسن ، بصلي وافهم وفوق ان اللي انت فيه ده نعمة كبيرة من ربنا ، لازم تحمده عليها عشان طلعت من كل ده ، مش لازم تفكر بنفس طريقة تفكيرك زمان ، مش لازم تمد ايدك في الحالات اللي زي دي عشان تاخد حقك، واللي هو بين ايد الحكومة دلوقتي ، قولي في ايه أصعب من الشنق؟ أو قولي في ايه طريقة تانية تعمل اللي انت عايزه فيه بيها؟ ، كل حاجة اختلفت يا حسن ، كل حاجة اتغيرت وانت كمان بتتغير ، ولو حاسس انك مش راضي فمصيرك هترضى لما تقتنع ان كلنا راضيين عنك وعدينا اللي فات ده ، وقبل ده كله لما تحس ان ربنا رضى عنك بعد ما قربك منه وبقيت حاجة تانية غير اللي كنت عليها زمان!!
واجهه بكلماته الحانية هذه ، ولم يتذكر حينها سوى آية في القرآن :" إذ يقول لصاحبه لا تحزن" ، ابتسم يحفزه وواصل يتساءل بهدوء ينهي كلماته بهذا السؤال:
_يعني زمان ولا دلوقتي يا "حسن"؟؟؟
طالعه "حسن" وهو يمسح وجهه بتعبٍ ولم يهرب ولم يخجل من إجابته الصريحة :
_دلوقتي يا بن جنات
ضحك "آدم" وهو يوكزه فتحسس "حسن", وجهه بوجعٍ وقال حانقاّ بسخرية:
_هى إيدك سابقاك كدة علطول ولسه تقيلة؟!
_ما انت اللي عايز تعرف دمي حامي ولا لأ ، الله!
رددها ببراءةٍ , فضحك "حسن" ورفع ذراعه يقرب صديقه منه براحةٍ وتأسف صراحة على ما جعله يشعر به من قلةٍ :
_حقك عليا
شعر به وبما يريد قوله ولم يستطع قباله ، ربت "آدم" على ظهره برفقٍ فيما اعتدل "حسن" يواجهه بعينيه وحثه وهو يعدل ملابسه:
_يلا!
تحرك "حسن" في إتجاهِ الباب حتى فتحه وخرج منه "آدم" أولاً ثم "حسن" الذي أغلق الباب خلفه ، هبط الإثنان على السلم خلف بعضهم بهرولةٍ سريعة تناسبهما حتى أصبحا في الأسفل ، رافق بعضهما ووقف "حسن" يمد كفه ناحية "آدم" الذي جاء بدراجته البخارية:
_مفتاحك!
ضيق "آدم" عينيه ورفع حاجبه الأيسر محذراً :
_حسن!
ضحك "حسن" يطمئنه وحرك رأسه نفياً لأفكار صديقه وصرّح:
_متخافش أبو علي مش هيتهور المرة دي ، هاته بقى يلا!
ورغم قلقه منه إلا أنه زفر بيأسٍ وهو يخرج المفتاح لـ "حسن" كي يقود هو، فركب الأول ثم "آدم" من خلفه وضحك هو ما ان سمعته يمصمص شفتيه بسخريةٍ وهو يطالع ميدالية مفتاحه:
_شايل اسمك في ميدالية ليه..جون سينا يا خويا؟؟
قاد "حسن" الدرجة تزامناً مع صوت ضحكات "آدم" من خلفه وهو يخبره:
_لا يا خفيف، "فريدة" اللي جابتهالي ، عشان كدة تتشال في ميدالية عادي ان مكانتش تتشال جوه القلب!
ضحك "حسن" على إجابته واعترف له بجديةٍ هادئة:
_هى تستاهل برضه حد يحبها الحب ده كله ، خلي بالك منها يا بن جنات!
أكد له "آدم" دون أن يراه الأول ، وزفر براحةٍ يخبره بها:
_فريدة في الحفظ والصون ، خلي بالك انت من اللي معاك!
فهم "حسن"مخزي حديثه جيداً ، ولمرة أخرى يزفر أنفاسه بثقلٍ وأخبره لما لم يخبر به أحد:
_بحاول حتى بعد ما قالتلي انها عايزة تأجل الخلفة شوية ، اتدايقت كام يوم بس فهمت بعد كدة انه عندها حق! ، مع اني كنت عايز أعيش عيشة مختلفة غير اللي كنت فيها ، المختلف فيها بعيال مني أعطيهم اللي مخدتوش من حضرة المحامي بس كل شىء بأوان ، حقها برضه تخاف لسه ومتثقش في الأيام اللي محدش عارف هي مخبيالنا ايه!!
قص عليه لأول مرة ما لا يعرفه شخص سوى "فريدة" والتي علمت من "أسماء" كونها بئر أسرارها، حتى الأولى لم تخبر والدة زوجها.و"حسن" من أخبرها بعدم اخبارها كي لا تضغط عليها والدته بفعل شيء ليست في أتم الإستعداد له الآن!
فوجد "آدم" يحتويه برده الهادئ بعد استماعه لثقله في هذه الكلمات:
_اصبر يا حسن ، اكيد في حكمة من ده كله ، وعندك حق هي ممكن تكون صح فعلاً ، يمكن مش شايفة انها في الوقت ده ينفع تبقى أم وانت كمان ، سيب الفرص تاخد وقتها وكله هيجي في وقته ان شاء الله يا صاحبي!.
لم يتعمد عدم الرد،..ولكنه صمت بشرود ذهن آخر في تلك الوجهة القاسية ، والذي قطع هذا الشرود "حسن" الذي مازحه بمناسبة الحوار :
_طب ايه ،مش هبقى خال ولا أي حاجة تبسط الواحد كدة؟
سيصبح بالفعل ولكن ليس من شقيقته من الأب والأم معاً ، ابتسم "آدم" برضا وتفهم مخزى كلماته وصارحه مخبراً:
_ زي ما قولتلك.. كل شىء بأوان يا أبو علي! ، سيبها لله
_ونعم بالله.
كان هذا قول "حسن", الأخير قبل أن يقضي دقائق ليست قليلة ومن ثم توقفت الدراجة على بعد ليس قليل من هذا المكان ، هبط "حسن" متجهزاً ووقف "آدم" ينتظره ، فآحتفظ "حسن" بالمفتاح في جيب بنطاله وهو يستمع إلى كلمات الآخر:
_بحذرك يا حسن للمرة الاخيرة ، متتهورش ولو هترتاح في انك تخرج كلامك قدامك ببقى جبر ت على كدة انت مــ...
توقف "آدم" ما أن شعر بعدستي "حسن", مفتوحتان على وسعهما مع ترديده لذكر إسم شخص ما بصدمة:
_عز!!
_ماله "عز" دلوقتي ، انا مجيبتش سيرته في حاجة.
رددها "آدم" بإنفعال مبطن لقلة استيعابيه ، فيما سبه "حسن" وهو يدفع رأسه لينظر إلى الخلف:
_''عز".."عز" وراك يا غبي ، بص!
التفت"آدم", بمفاجأةٍ ونفس صدمتهما كانت تتمثل في صدمة "عز" الذي اقترب يتوقف وسأل بصدمة ضيعت منه الترحيب بعودة "حسن ":
_انتوا بتعملوا ايه هنا؟؟؟
نظر "آدم"و"حسن" نحو بعضهما بصمتٍ ، فتمعن "عز" بالنظر ناحيتهم وخمن يتساءل بثبات تصنع في رسمه قبالهم:
_انتوا جايين هنا لـشـ..
وقبل أن يكمل أكد "آدم" برأسه مستسلماً.. فيما وقف"حسن" ينظر بمتابعة وترقب أزالة "عز" ما أن أخبرهما بما لا يعرفانه:
_حكم الإعدام هيتنفذ النهاردة!
_النـــهـــاردة!!!
كانت صدمتهما معاً ، فأكد "عز" مبتلعاً ريقه ، ولم يترك له "آدم" الفرصة له سأله بوجع لأجله:
_وانت جاي ليه يا"عز" في يوم زي ده، عايز تكسر فرحتك بإختك بزيارة زي دي؟؟؟
نظر إليه "عز"بصمتٍ وعجز حتى عن الرد قبال توبيخ "آدم" ولومه ، وما قطع هذا هو قول "حسن" لهما :
_طب يلا نتحرك من هنا!
سار قبلهم غير راغباً في سماع شىء، فتحرك الإثنان من خلفه ناحية الداخل ,كان الصمت رفيقاً لهم مع آثار الصدمة التي لم تذهب بعد ، تحركا يقوما بالإجراءات الصغيرة التي تطلبت منهما وقت لفهم إلى من هذه الزيارة..
حتى توقفت بهم اللحظات وانتهى الوقت لسيرهم أمام الغرفة الذي سيأتي بها "شريف"، فُتح لهم الباب بواسطة عسكري ، ودخل "عز" أولاً ، وتوقف يُصدم الصدمة الثانية بوجود "حازم" أمامهم ، برقت عدستي "حسن" كما تفاجئ به "حازم" وهو يردد اسمه:
_حسن؟؟؟
توجه "حسن" ناحيته حتى عانقه بشوق , بينما لم يفهم "آدم" شىء حتى هو. و"عز", الذي سمع "آدم" يردد بسخرية:
_ ده كدة كملت أوي!!!
وتكرر نفس السؤال ولكنه خرج من "حازم" ما ان قال:
_انتوا جايبن تعلموا ايه هنا؟ ، جاي ليه يا حسن انت وآدم؟؟
واجههما بسؤاله الحازم مثل اسمه ولكنه وجد الصمت منهم عدا "حسن", الذي رد بجرأةٍ:
_عايز افهم ،. عايز أعرف ليه عمل كدة فيا وفيكم مادام مدسناش ليه على طرف ، عايز أعرف ليه احنا؟؟؟
فلم يخرج رد منهم جميعاً سوى من"عز" الذي رد مستسلماً:
_فات أوانه السؤال ده ، دا مبيديش جواب ولا بيريح حد ، كان فاته ريحنا وهو بره السجن ، مستني منه ايه انت وهو؟
عجز ، عجز في الردود إلا من "حسن وعز"، وبعد قول الآخير رد "حسن", مندفعاً ناحيته بعصبيةٍ:
_ما عشان أخوك لازم تقول كدة!
ترقب شقيق الآخير وحتى صديقه، فيما وقف "عز" بخواءٍ يبتسم بإستهزاءٍ من كلماته وخرج رده هو موضحاً الأمر بوجعٍ:
_لو شايفه فعلاً أخويا مكنتش كملت مع أختك ولا بقيت من ضمن العيلة ، ولا حتى كانت توصل بينا لليوم ده ، بفرح أختي على حد من عندكم بعد كل اللي حصل !!
جرحه في البداية بكلماته المندفعة هذه وابتلع ريقه ينظر ناحية من وجعه فوجده يكمل بتقديرٍ:
_بس أنا حاسس بيك ومقدر حالتك دلوقتي ، ولمصلحتك متقولش عليه اخويا في وشي عشان أنا مش جاي على انه أخويا ، أنا جاي شمتان ومش مكسوف وأنا بقولها ، جاي شاهد أشهده على حاجة كان مفكر انها مش هتحصل!
حدج "حازم" "حسن" بعينيه بتحذيرٍ ، فيما اقترب "آدم" يضع يديه على كتف "عز" ورد بأسفٍ بدلاً من صديقه:
_متزعلش يا "عز" ، حسن ميقصدش ، هو برضه موجوع وأذى شريف طاله!
جلس "حسن" على المقعد ضاغطاً على فكه بثقلٍ وأخرج بخفةٍ اللفافة من جيبه ، رغم انه توقف عن التعاطي وتعافي الا إنه عاد في إحدى المرات في الجيش لشرب السجائر في وقت فراغ خانته به نفسه ، شربها بشراهة يخرج بها كبته ، فيما وقف "عز", بصمت ما ان إقترب "حازم" منه وسار الآخر نحو صديقه ، وتلقى "عز" لوم مرة أخرى ما أن قال له:
_ليه كدة يا عز، ليه بتوجع نفسك في يوم زي ده .
حاول دفعه بعد ذلك بوجع له وحثه بتعبٍ:
_امشي!
رفض "عز" ذلك ووقف بكبرياء يخفي وجعه وصرّح:
_مش همشي يا" حازم" لو عايز تمشي امشي انت!
كاد أن يتحدث "حازم" ولكن رُفعت الرؤوس ما أن فُتح الباب ودخل منه "شريف " بمساندة عسكري تركه معهم وأغلق الباب خلفه..
توقف عن السير ونظر بتسليةٍ كُبرى ما أن هلل بصوته الذي يكرهه جميع من يقف أمامه:
_دا الحبايب كلها هنا!
إقترب يجلس على المقعد قبال النظرات الحاقدة ناحيته ، ونظر ناحية "حازم" الصامت يخفي غضبه وبالآخر "عز" الذي يطالعه بتحدي وحتى "آدم" الذي شعر بغلو الدماء في عروقه كلما يتذكر ما فعله مع زوجته قبل أن تكون له ، وبالأخير والذي كان أكثرهم ثبات في رد فعله من تعاييره، كان "حسن" الذي ابتسم بزاوية فمه وأراد وحده اللعب على نقطة ضعفه ، أراد تحديه بذكاءٍ وأخذ الحق بحرفةٍ في تهيج أعصابه مهما حاول:
_شكلك في الأحمر يجنن يا شريف!
_زي أمك مش كدة؟
إندفع "شريف" بقول ذلك ما ان وجده يتحداه ، وقبل ان ينهض "حسن" يمسكه من تلابيه ، اقتربت ذلك المندفع دائماً ، اقترب "آدم" يمسكه من تلابيبه مردداً له بإنفعالٍ:
_,اخرس يا بن الـ*** يا و***
تم الفصل بينهما سريعاً بفعل "حازم" الذي حذره بعدم الإقتراب وكما حذر "حسن" عندما كان على مشارف البدء في عراكٍ هنا بين يدي الحكم ، عاد "شريف" يمسح ملابسه بإستفزازٍ ونظر ناحية "آدم" يفخم به بكيدٍ وضغط:
_فُوقت وصحصحت يا آدم انت وأبو علي!
طالعه "آدم" ببغضٍ وأوقفه "حسن" هذه المرة يردد له:
_مبروك الإعدام ، عايزك كدة تجهز عشان جهنم الحمرا اللي شبه البدلة الحلوة دي منتظراك على نار!
رفع "شريف" حاجبيه بإستخفافٍ وجلس على المقعد بمنتهى البرود ، حينها نظر قبال "عز" وسألته بضحكة مستفزة:
_ايه يا "عز" ، مش هتسلم على أخوك بكلمة؟ ، جاي ليه؟ مش كنت عامل حسابك ان آخر مرة كانت آخر مرة ؟ ايه اللي جابك؟؟
اقترب "عز" يبتسم بوجهه في خطواتٍ واثقه انحنى بها يضع كلا كفيه على مسند المقعد ورد أمام وجهه يخبره:
_ لا ما أنا جاي عشان أقولك أكتر حاجة هتقهرك في أكتر يوم وحش عدى عليك عشان خلاص بعد النهاردة معتش هيعدي!
تابعه بفضولٍ فيما إعتدل "عز" بكيده هو يعدل له حلته الحمراء من الأمام وقال بنبرة متأسفة بريئة زائفة يلقي بما يعلم جيداً بأنه سيقهره:
_جاي أعرفك ان في أكتر يوم وحش في حياتك هو أسعد يوم في حياتي النهاردة ، مش عشان هتتعدم تؤ ..
توقف بتسلية وعاد يلقي قنبلته له :
_ دا عشان فرح فرحها النهاردة..
أكثر شىء يجعل الدماء تغلو بعروقه هو رؤية سعادة أكثر عائلة يكرهها ، أكثر عائلة يريد تدميرها ،. ابتلع ريقه بحسرةٍ ولمعت عينيه ما ان تابع "عز " يكمل كلماته:
_ أنا فاكر اليوم اللي جالنا فيه خبر قتلك لأبو مراتي ، يوم فرحي يا "شريف" ، خليت أكتر يوم حلو في حياتي أسود يوم عشان بس كسرة مراتي ، أما بقى النهاردة فـ دارت الأيام ولفت لحد ما بقى أسوء يوم في حياتك هو أسعد يوم في حياتي!
تابع كلماته بحرقةٍ وزاد غله ووضح بقوة ما أن واجهه بعينيه القوية ولم يندم ولو ذرة واحدة حتى الآن حينما نطق بكل معاني الكره:
_لو كنت حُر كنت خليته أسود يوم في حياتكم كلها!!
اشمئز الجميع من قوله الحاقد هذا ، مما جعل "عز" يشعر بالانتصار حينما اعتدل يشير بكفه ناحيته وقال:
_بس.. هو ده, أنا كنت جاي عشان أسمع الكلمتين دول ، كنت جاي عشان أشوف دمك وهو بيتحرق بالبطئ قدامي!
وقبل أن ينهض "شريف" كتفه "حسن" بذراعه ومال يهمس له :
_اثبت ، انت رايح فين ؟ احنا مش اتفقنا طريقك على فين؟!
عجز "حازم" عن قول شىء لم يرض التحدث قبال أوجاعهم جميعاً وأُجبر على إخفاء وجعه ، بينما "آدم" لم يصمت بل اندفع يسأله بحرقةٍ :
_كانت عملتلك ايه عشان تعمل فيها كدة؟. ، جالك قلب إزاي يا شيخ تكسر بنت بالشكل ده ؟؟ أقسم بالله انت لو في مكان غير ده لكنت خدت حقها منك بأوسـ ـخ طريقة ممكن. تتوقعها!!
_ملهوف عليها ليه؟ ، وبعدين بتسأل؟ هو حد يبقى قدامه واحدة زي دي ومينتهزش الفرصة ؟ الصراحة أنا مكسبتش حاجة غيرها دي كـ..
توقف ما إن اندفع "آدم" يسحبه حتى وقع وجثى فوقه مع تشنج تعابيره وهو يضربه بمعدته ثم مال يهمس بتشنجٌ مجبراً على همسه هذا كي لا يستمع أحد في الخارج:
_ لسانك الو** ده ميجيبش سيرة مراتي يا *** ، فريدة أشرف منك ومن مليون زيك ، سامع يالا؟؟؟؟ سامع ؟؟؟
ضغط "حسن" على كفه الموضوع على الأرض بضغطٍ وهو يجلس منحنياً مستنداً على ساقيه قباله وهمس نفس همس الآخر ناحيته قبال مراقبة "حازم", بوجعٍ ، همس بسباتٍ نابية تخص حتى والدته المتوفية مما جعل "شريف" يحاول النهوض ، فلمرة أخرى يفصلهم "حازم" الذي لم يستطع التحمل أكثر فالأوجاع تحاوطه من كل مكان :
_بس ، سيبوه ، خلينا نمشي يلا!!
وقف "آدم" جوار "حسن" الذي مسح وجهه بعنفٍ وانفعال لا يختلف عن انفعال "آدم" ، بينما "عز" نظر بعينيه نحو جلوس شقيقه أرضاً ولم يلحق بفعل أو قول شىء بل من بصق عليه كان "حسن" الذي نطق بكرهٍ:
_استحمى يا شريف!
هل ضحك صديقه بسخريةٍ؟ ابتسم "عز" والذي وقف بعد ان جذب "حازم" يدي "آدم وحسن" كي يستعدا الرحيل من هنا بينما هو وقف ينحني ناحيته وقال مصرّحاً:
_تستاهلها يا شريف ، تستاهل تتعدم ولو في أسوأ من كدة كنت برضه هتستاهله ، انت ازاي كدة؟؟ ازاي حتى معندكش قلب يقولك توب أو إندم؟ إزاي متعلق بالشر بالطريقة دي؟؟
طالعه "شريف" بغلٍ وتشنجت تعابيره هو الآخر وهو يتجاهل كل هذه الأسئلة بل إستند ليقف متحاملاً وطرد الآخر من مكان ليس ملك له:
_امشي ، امشي من هنا يا عز!
_ما أنا ماشي ، وانت كمان هتمشي بس في فرق كبير بينا كنت عايزك تفهمه ، وكويس انك هتفهمه!
استقام "عز" بقول هذه الجملة ثم وقف ينظر واعطاه ظهره ليرحل بينما "شريف" ابتلع ريقه يضرب بكفه الأرض يخرج طاقته الكامنة بالشر ، بل حينما استطاع اللحاق به ما ان قال الآخر قوله المودع المعهود معه:
_سلام والسلام لله!
حاول اللحاق به بعقل ضائع كي يتمسك به ، ولكنه قد رحل ومع هذا الركض الذي يوحي بأنه شخص مريض على وشك فقد عقله تمسك به العسكري ثم واحد آخر من جهة أخرى يكتفونه فها هى ساعات قليلة على تنفيذ حكم الإعدام الذي رفض به الكل الحضور حينها عدا "حازم" والذي قرر بآخر لحظة الرحيل قبل أن يحدث شىء ، حاول التملص منهم وهو يصرخ فهذه المقابلة ضيعت أعصابه وجعلته هائج ينادي شقيقه ينادي كل من يعرفه ، جعلته يسب ويبكي بصوتٍ عالٍ محاولاً الهروب ، ولكن لا مفر!!
سمعه يناديه وهو يلحق بهم ، سمعه "عز" الذي رفض أن يُدير رأسه ولكنه لم يرفض بأن تهبط دمعته مع انتهاء الأوجاع بفعل ما سيحدث بشقيقه ، قرر الصبر ، وتنفس يخرج هواء ساخن مع مسحه لوجهه وهو يغمض عينيه متحلياً بالثبات في مثل هذا اليوم ، أفاق على ركوب "حسن وآدم" الدراجة التي وقفت تنتظر قدوم "عز" ، ابتسم لهم وأشار بكفه بأنه سيتوجه ليركب مع "حازم" في سيارته ، فتحركت الدراجة أولاً بفعل قيادة "آدم" هذه المرة!! والقدوم غير الرحيل!.
ركب "عز", وهو يحفز نفسه غير تلك النظرات التي تلقاها من "حازم" بإحتواء ، فابتسم يحرك رأسه ناحيته بإطمئنان، حينها علم الآخر أن "عز" ذو شخصية حمولة وصبورة ، ذو شخصية قوية لم يراها من قبل حتي يفعل ما فعله اليوم من وجعٍ عكس السعادة التي توجد داخل بيته!!
__________________
_الله أكبر ، الله أكبر ، بسم الله ماشاء الله ،يجوا بألف سلامة ويقومك لينا بخير يا حبيبة قلبي! ، مبروك يا حبيبتي مبروك!!
خرجت هذه الجملة من فم "دلال" بلهفةٍ بعدما علمت نوع حمل توأم زوجة ولدها ، وبعد هذه المباركات الكثيرة التي وقفت تتلقاها "نيروز", بسعادة رددت حينها "دلال" ذلك خوفاً.. من الحسد ، فابتسمت "نيروز" التي خرجت من بين عناق الفتيات ، ووالدتها التي سعدت بقوةٍ وهي تربت على ذراعها بحنانٍ ورددت بلمعة عين:
_مبروك يا نيروز ، مبروك يا حبيبتي.. ربنا يعينك ويقويكي ، وتقومي بالسلامة!
كان هذا حديثها بتأثرٍ ناهيك عن سعادة "ياسمين" البالغة وهي تعانقها هى و"وردة" و"جميلة" وحتى "فريدة"و",وسام" وبقية الفتيات، وعلى الجهة الأخرى كان "غسان" يتلقى المباركات من الرجال والشباب ، خاصةً صديقه وشقيقه و"حامد" الذي عانقه وهو يردد بتأثرٍ:
_يجوا بالسلامة ويتربوا في عزك يا حبيبي.
طالع "غسان" فرحة وتأثر والده فنطق بنفس التأثر يخبره:
_يتربوا في عزك وبركتك انت كمان يا "حامد" ، ربنا يخليك لينا ويبارك في عمرك!
دعى له بتأثرٍ وقبل قمة رأسه مع سعادة "بسام" البالغة وهو يغمزه قائلاً:
_تسمي "بسام" بقى ، يمكن يطلع دكتور.
_لا تسمي "شادي" يا غُس ، "شادي" أحلىٰ.
_اشمعني يعني انتم ، ما تسمية "بدر" أو حتى" يامن "يعم!
كان قول الثلاثة بالترتيب ، "بسام" ثم "شادي" ثم "بدر" الذي ضحك قبالهم "غسان", وهو يجاريهم بخداعٍ:
_ولا تزعلوا نفسكم ، نجيب كمان ونسميكم!
ضحكوا وهم يحتضنونه من جديد، وبين هذه اللحظات السعيدة تقابلت عينيه معها ،فتركتهن واقتربت منه مجددا بعدما كانت معه في البداية وبارك لها والده وشقيقه والشباب ، تعلقت عينيها معه ، تزامناً مع وقوف "بسام" جوار "فرح", وهو يردد لها بإبتسامة حالمة:
_عقبالنا يا "فرح"!
_تفكتر هنجيب توأم يا "بسام"؟
رددتها "فرح" بحماسٍ وحب، فضحك يعلن جهله بقوله:
_مش عارف ، بس ليه لا ، كل شىء ممكن!
ضحكت على طريقته واعتدلت ما ان وجدت بعد هذا الوقت "عز" يدخل مع "حازم"و"آدم" فقط ، وما جعلهن ينتبهون هو صوت "حنان" وهي تصيح عالياً:
_عز جه أهو ، يلا نحط الغدا بقى!!
اقتربت النساء من المطبخ فيما اقترب "عز" ومن معه ناحية الشباب عدا "آدم" التي وقفت أمامه "فريدة" بمواجهة وتساءلت بجديةٍ :
_كنت فين ، ومشيت وسط الزحمة كدة إزاي من غير ما ترد عليا؟؟ ، انت بتتجاهلني؟!
ضرب "آدم"كتفها ودفعها برفقٍ مردداً بتهكمٍ:
_يلا يا شاطرة من هنا ، يلا روحي حضري معاهم الغدا!!
طالع وقوفها بجراءةٍ أمامه وأمام رجال وشباب أخرى من أصدقاء "عز" وأصدقاءه في ورشة العمل ، فتلقت نظرة تحذيريه من جديد وهو يحثها بعدما لاحظ أن النظرات تتوجه ناحيتها:
_يلا بقولك !
نظرت إليه "فريدة" بحدةٍ , والتفت بظهرها تسبه بنبرةٍ منخفضة بينما هو اقترب من الشباب يجلس معهم ومن بين ذلك كانت "زينات" ترد على الهاتف بلهفةٍ:
_«بجد؟؟ ، بجد يا "حسن" يعني انت في البيت دلوقتي؟؟؟»
كانت "أسماء" تترقب بقوةٍ جعلتها تسمع رده الظاهر من الجهة الأخرى وهو يرد بنعمٍ ، فتحولت ملامح وجهها للهفة والبهجة ، وما ان أغلقت "زينات" الخط بعدما حثته على تناول الطعام ، أمسكت هى يد "زينات" وهى تحثها بغير وعي:
_ مش هنروحله يا خالتي ؟؟
_هنمشي ازاي بس ، ميصحش والناس عزمانا كدة!!
رددتها بأسفٍ رغم أنها تُريد الذهاب إليه ، ولكنها فكرت بطريقة أخرى الآن ما أن وجدتها فرصة لتتركها معه بمفردهما دون أن تتواجد هذه الساعات في المنزل معهما ، لذا مالت عليها تهمس لها قائلة:
_بصي هستأذنلك منهم برضه ولو قدّروا هخليكي تمشي تركبي وتروحيله ، أهو تبقوا مع بعض شوية من غيري وأنا هبقى اجيلكم مع "فريدة" بعدين لما كل واحد يروح يجهز ، ماشي؟؟
أطرقت "أسماء" رأسها بخجلٍ وابتسمت توافق برأسها ، فتوجهت "زينات" بحرجٍ تتحدث مع والدة "عز" على إنفراد!!
فيما كانت الفتيات تخرج من المطبخ لتضع الطعام للشباب بالخارج كون بينهم غرباء ، وان لم يكن هكذا لتم تناول الغداء معاً على مائدة واحدة! ، وضعت الفيتات الطعام ، وتحرك الشباب ليجلسوا جوار بعضهم في جو مبهجٍ ، وعلى الناحية الأخرى تم وضع الطعام للنساء والفتيات على طاولة المطبخ الكبيرة ، وبعد ذلك جلسن جميعاً بعد انتهاء التجهيز في الخارج ، وقبل ان تجلس "زينات" اقتربت تهمس جوار أذن "أسماء":
_روحي انتِ يلا ، وخلي بالك من نفسك وانتِ ماشية!
عدّلت "أسماء" من وضع حقيبتها ووافقت حتى خرجت مخفضة رأسها من جلوس الشباب فلمحها من بينهم "آدم" الذي ابتسم بخبثٍ عالماً بما يحدث الآن!!
استمر الطعام بينهم حتى تعالى صوت "حامد" في بهجةٍ:
_متجمعين دايماً في الفرح ان شاء الله!
رد عليه كل شخص منهم ، بينما ظلت عيني "غسان" و"بسام" معلقه بوجه "حامد" هما و"شادي", بالأخص! ، ما يخفونه من مفاجأةٍ له بالتأكيد ستسعده حقاً..
بينما في الداخل لدى النساء والفتيات كان الحديث عشوائي وبالأخص لدى موضوع حمل "نيروز", التي كانت تستمع إليهم بسعادةٍ و ترقبت لسؤال "زينات " ناحيتها والتي تحاول أخذ المسامحة منها منذ فترة وإلى الآن لم تأخذها صراحةً ، فقد أخذتها من الجميع عداها هى! :
_وناوية تسمي ايه بقى بإذن الله يا "نيروز"؟
ترقبت "سُمية" لرد "نيروز" وهابت أن تقوم بإحراجها أو ان لم ترد وتتركها هكذا ، وحالتها كانت من حالة"وردة" ، بينما البقية ابتسموا منتظرين رد "نيروز" والتي ابتسمت بلطفٍ ناحيتهم ثم عادت تجيبها بهدوء وصدق:
_بصراحة مفيش أسماء محددة في دماغنا ، بس ان شاء الله أول ما هنعرف هنقولكم أكيد!
أسكتتهم بهذه الإجابة والتي اقتنع بها البعض ، فردت "عايدة" بنقاءٍ:
_يختي أي حاجة المهم تقومي بالسلامة انتِ وياسمين وبنتي جميلة وبعدين نبقى نشوف بقى هنسميهم ايه ، احنا يعني مستنين تولدوا بكرة!!
ضحكن على طريقتها في ردها ، وابتسمت "جميلة" التي كانت بجوار"منة" فتحدثت ناحيتها بلباقةٍ كي لا تشعر بجرح في الخفاء:
_عقبالك يا "منة" يارب!
تعاني من مشاكل بسيطة تذهب لحلها فهي لديها "تكيس في المبايض" كانت قد أخبرتها من قبل ، ولكنه علاج ليس طويل الأمد ، بينما وقت كهذا شعرت بها وقدرت شعورها، ابتسمت "منة" لها بحبٍ واستمرت في تناول الطعام بشرودٍ فحتى "شادي", لم يشعرها يوماً بأنها تأخرت في الإنجاب مقارنةً بهن ,ربتت على ظهرها "دلال" التي فهمت "منة" معنى نظراتها فحتى زوجها لا يخفي عن "دلال"شىء فهو يعتبرها والدته، ابتلعت ريقها وهى تنظر نحو ملامح "فرح" السعيدة والتي طالعتها "فرح" ، فمرحت "منة" وهى ترسل لها قبلة طائرة غامزة لها بمشاكسةٍ ، وهذا الوقت الذي يمر بينهن وبينهم في الخارج ستعد ذكرى من ضمن الذكريات التي لم ولن تُنسى أبداً !!
_______________________
وصلت أخيراً بعدما ركبت مواصلة سريعة ، الآن هى في داخل المصعد التابع للعمارة ، تتلهف شوقاً لرؤيته ، خرجت "أسماء" من المصعد حتى تحركت لتقف أمام الباب التي طرقته برفقٍ ,انتظرت قليلاً حتى يُفتح لها ، وبالفعل بعد لحظاتٍ فتح "حسن", الباب بمفاجأةٌ واتسعت ابتسامته ما أن وجدها تندفع داخل أحضانه ,سحبها حتى أغلق الباب وضمها بشوقٍ وهو يستمع إلى لهفتها:
_وحشتني أوي يا "حسن"، غيابك طال أوي وكنت هموت من القلق عليك ، انت كويس؟؟
خرجت من بين ذراعيه تتفقد وجهه وإرهاقه ، فإبتسم هو يؤكد آخر سؤال سألته له ورد يبادلها قولها:
_وانتِ كمان يا 'أسماء".
ابتسمت بعذوبةٍ وطالعته ما أن سحب كفها خلفه برفقٍ ناحية الغرفة فدخلت حتى حثها على الجلوس ، والتقط هو حقيبته يفتحها بحرصٍ فإبتسمت هى تتساءل:
_عاملي مفاجأة ولا ايه؟
ركز في صيغة السؤال والذي ما أن رد بنعمٍ ستكون في غاية سعادتها بهذا الإهتمام.. حرك "حسن" رأسه يؤكد فترقبت ملامحها وهي تعتدل حتى وجدته يخرج عُلبة صغيرة مربعة الشكل ، ومد كفه يحثها قائلاً:
_ايدك كدة!
أشار لها نحو موضع يديها الأخرى والتي كانت اليسرى ، وضعت كفها داخل كفه ففتح هو العلبة برفقٍ واتسعت عينيها بغير تصديق ما أن وجدته بالفعل قد ابتاع ذهباً لها!!
_ايه ده؟؟ ، ده عشاني؟؟
لم يجيبها إلا عندما أدخل بإصبعها ",الدبلة" ثم "الخاتم"، وتوسعت ابتسامتها ما ان وجدته يرفع رأسه يؤكد سؤالها وهتف:
_أيوة ده عشانك ، وحقك مني ، عايزك بس تصبري عليا ، أنا عارف انهم مش قيمتك .
ثم طالع عدستيها مع سعادتها البالغة بقوةٍ وهى تراقبه :
_انتِ قيمتك أكتر من كدة يا أسماء!!
فكر كثيراً ، شخص مثلها تخلت وتخلت واختارته أكثر من مرة ان فرط بها سيصبح صاحب الخسارة الكبيرة، وأيضاً قد بدأ يشعر بمشاعر قد نمت من معاشرته لها ومرافقته لها وإقامتها معه بمكان واحد ..لمعت عينيها بتأثرٍ ونفت وهى تخبره بلهفةٍ:
_,لا مش قليلين خالص ، دول ..دول أحلى حاجة وأحلى هدية جاتني عشان منك..انا بحبك أوي يا حسن !!
لا تكف عن إعطاء أكثر ما تأخذ !!, رفعت ذراعها تحتضنه فقربها حتى ربت على ظهرها برفقٍ وابتسم يوضح لها :
_انتِ بسيطة وطيبة أوي ..كان معاه حق اللي قال إنك راضية بقليلك ، بس أنا مش نفسي ترضي بقليلك ، أنا عايز أديكي قيمتك اللي لو دورت مش هلاقي قدها.. أنا مكنش معايا غير أجيب دول بس، وحتى فلوس ورثي مش في إيدي دلوقتي ، بس أوعدك لما تنفك وربنا يفرجها عليا وانزل اشتغل ويبقى في إيدي عرقي قبل حقي هزودهملك!
_أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غيرك يا أبو علي
رددتها بتحشرجٍ فضحك على قولها واقترب بقبل قمة رأسها برفقٍ وسألها بخبثٍ:
_يعنيى جاية لوحدك يعني!
ابتسمت هى بحرجٍ توضح له الأمر:
_خالتي اللي قالتلي!
نظر ملتقطاً ما فعلته والدته ، فإبتسم بزاوية فمه وضحك مردداً:
_طب والله بتفهم أمي دي!
ابتسمت "أسماء" بخجل وهي تطالع وجهه ثم هربت من عينيه وهي تطالع كفها المزين بذهبه ، فوجدته يقترب حتى فك عقدة خمارها وظهرت بخصلاتها السوداء أمامه ، مرر يديه عليها برفقٍ وهتف بمراوغةٍ:
_دُورِي بقا!
فرفعت رأسها تتساءل بجهلٍ:
_دورك في ايه؟
_تلبسيني الدبلة ، ولا أنا يعني فوق البيعة ومش مهم يا ''سمكة"؟؟
رددها "حسن"بسخرية وهو يضحك ملتقطاً الدبلة الفضية فأخذتها وهي تضحك بصوتٍ عالٍ على كلماته وأمسكت كفه تدخلها في إصبعه في اليد اليُسرى ، فطالع هو كفه بإعجابٍ ولم يترك كفها البارد الذي دلكه من ارتباكها من المفاجأة التي صدمت منها، طالع عينيها بشغفٍ قليل ما تراه به ، ولكنها تساءلت بحزن:
_خسيت أوي واسمريت ، مش كفاية شعرك الحلو اللي حلقته قبل ما تمشي!!
رددتها بحسرةٍ، فضحك "حسن" وهو يردد بمرح هادئ مشاكساً إياها بجراءةٍ تناسبه:
_مش مهم شعري ، المهم شعرك انتِ!
_ماله؟
_عاجبني!
احمرت وجنتيها وتركته يفك عقدة خصلاتها فتلك ليست المرة الأولى الذي يفعل لها بها هكذا ، ابتسمت ما ان وجدته مازال يفعل ما يفعله حتى انتهى فنظر نحوها وهى هكذا وابتسم بإتساعٍ وكاد أن يتحدث فتعالى صوت هاتفها في حقيبتها والذي لم يهتم له بعدما إقترب ناوياً عناقها وهو يردد:
_شكلك حلو أوي!
ابتسمت بخجلٍ أصبح يرافقها أمامه ، فإقترب يقبل وجنتيها ، فإرتبكت على الفور من دقات الهاتف وأخبرته فيما كان ينوي القُرب:
_التليفون بيرن يا "حسن "، شكلها خالتي وبتطمن عليا وصلت ولا لسه!
فلم تأخذ منه رد سوى كلماته قبل أن ينوي القرب بالفعل:
_مش مهم .
ضحكت هى بخفةٍ والآن تعايش مشاعر لم تتوقع يوماً بأنها ستيعشها أبداً ، هذا التغير الجذري الذي تغير به معها يعد شىء كان من رابع المستحيلات ، ابتلعت ريقها وابتسمت بسعادةٍ ، سعادة بالغة لم ولن تنساها أبداً أبداً في هذه اللحظات، فبعض اللحظات لا تُتنسى أبداً والبعض الآخر يُنسى ان طغى عليه أجمل وألطف اللحظات التي تُضيع الكثير!
__________________
تم الإنتهاء من تناول الطعام قبل ساعة واحدة ، فكانت النساء مع بعضهن في المطبخ ورحل الغرباء بعد وقت وتبقت الفتيات جوار "فرح" التي كانت تبدل ملابسها لأخرى كي تستعد للذهاب إلى الستنر برفقة "بسام"و"وسام", بينما في الخارج خرجت الفتيات وتركوها ترتدي ملابسها ، وعملت "منة" على تنظيف المكان مع "وردة" و"فاطمة"، فيما جلست "ياسمين" بتعبٍ جار "نيروز" ومعهما "جميلة" يتحدثن مع بعضهن فيما خرج صوت "ياسمين" وهى تبدي إعجابها بما حدث بفعلهن:
_لا بس حوار اني أنا البس فستان زي بتاع روز ووردة ده طلع تحفة أوي وكمان نفس اللون.
فوضحت "جميلة" بإبتسامة واسعة:
_ما احنا لقيناها بتتظبط كدة , كنت هلبس زيكم ومعاكم بس "فرح" قالتلي اصحاب العروسة زي بعض فأنا ومنة هنلبس زي بعض زي ما انتوا عارفين ..فريدة وأسماء زي بعض بنظام تاني عشان الخمار وكدة ..
فتدخلت "نيروز" تبدي إعجابها بفستان "وسام" لهن:
_أحلى حاجة عجباني فستان "وسام" ، جميل أوي!
"وسام", الوحيدة التي لم تكن لها شبيه ، وهى من تعمدت فعل ذلك ، أيدن قولها بقوةٍ ، فجاءت "فريدة" تجلس معهم بتعبٍ قطعه إشارة "آدم" الذي اقترب فقابلته ترفع عينيها بغيظٍ من آخر ما فعله ووضعت يديها بخصرها تردد:
_يا نعم؟؟؟
_ايه يا شاطرة مالك؟؟
سألها ببراءةٍ وكأنه لم يفعل شىء ، فنظرت له بتجاهلٍ ولكنه مال بهمس جوار أذنها بمراوغةٍ:
_هو انتِ فريدة أوي كدة إزاي ؟؟
سألها محاولاً مراضاتها بعد آخر أسلوب فعله معها ، فنظرت بإستخفافٍ وأشارت قائلة:
_قصره ؟ ، عايز ايه؟
_كوباية شاي ، بس من ايدك انتِ عشان بقرف!
كانت تعلم أنه يريد شىء ، حركت رأسها توافقه وتحركت فقبل أن ترحل قال يخبرها:
_واعملي حسابك اننا هنمشي على بيتكم بعد ما أشرب الشاي، خلينا نروح نرتاح شوية وبعد كدة نجهز بقا!
واففته برأسها وسارت ناحية المطبخ ، فعاد هو ينظر فوجد "بسام" ينهض متجهاً ناحية "فرح", التي خرجت فتعالت زغاريد الفتيات وخرجت "والدتها" تردد بلمعة عين:
_ بسم الله ماشاء الله, عروسة زي القمر ، ربنا يحميكي يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك!
قالت هذه الكلمات وهي تعانقها بحبٍ ، فلمعت عيني "فرح", كون هذا الرحيل آخر رحيل من هذا الييت لبيت لآخر ، ابتسمت بتأثرٍ عندما سمعت صوت الزغاريد يزداد خاصةً من "فريدة" التي فعلتها بقوة قبل ان تدخل المطبخ ، بينما هو انتظرها تودعهن بالإحضان حتى انتهت وبقى الإثنان محط مراقبة من الجميع حينما أشار لها برأسه مبتسماً:
_يلا؟
هزت "فرح " رأسها هزات متتالية وتمسكت بيديه ، منسحبين معاً ناحية باب الشقة ، ومعهما "وسام" التي كانت تزغرد بينما هى توقفت تترك كف"بسام " ، واندفعت بقوة داخل أحضان "عز" الذي لمعت عينيه ما أن استمع لبكاءها الصامت وتأثر البقية بهذه الحركة ، فلم تستطع التعبير سوى بـ:
_متتأخرش عليا يا "عز" سيب كل حاجة بس تكون معايا النهاردة.
قصدت قدومه لها عند الستنر وموقع التصوير ، لذا وافق برأسه يعدها:
_مش هنسيبك كلنا يا فرح ، ومش هسيبك أنا ليا مين غيرك؟
ابتسمت تمسح وجهها وإلتفتت تشير لهم جميعاً بالوداع فيما نظر لها "بسام" وهو ببتسم مخففاً عنها الوضع:
_هخطفك أنا بقى ولا ايه؟
اتسعت ابتسامتها تنفي وضحكت وهي تتمسك بذراعه وردت :
_لا ، وحتى لو هتخطفني أنا موافقة!
ضحك "بسام" يغمزها ومعهم ضحكات "وسام" التي ركبت تضع حقائبها وحقائب"وسام" في سيارة "غسان" الذي تركها لشقيقه اليوم ليوصل عروسه لمكانها ، ركبت هى جواره فيما ركب يبدأ في قيادة السيارة ,ولم يتناسى تشغيل الأغاني بمرحٍ مما تعالى من زغاريد "وسام" وتصفيقها مع انطلاق السيارة بسرعة من أمام المنزل..
المنزل الذين كانوا يتابعون به السيارة حتى سارت ، فعاد الحديث العشوائي وجاءت "فريدة" تعطيه كوب الشاي وحده بركنٍ كان يجلس هو به ، فيما خرجت "فاطمة" تعطي الصينية بأكواب الشاي للرجال والشباب.. وعادت تجلس معهن بعدما رُتب المنزل بالكامل.
بينما "غسان" حمل كوبه ليخرج حتى يجلس في الشرفة التي تطل على الشارع ، وتفاجئ بتواجد "نيروز" التي أصرت على نشر ملابس كانت ستنشرها والدة "عز", ولكنها رفضت وهتفت بأنها ستفعلها مادام هذا لا يشكل تعب لها .
ابتسم "غسان" وهو يقترب واستند جوارها وهو يردد بمرحٍ:
_تملي غاوية تعب كدة؟
_أقل حاجة ممكن أقدمها وأنا كدة
ضحكت "نيروز" وهى تردد هذه الكلمات وعادت تردد بغيظٍ زائف :
_ما هو ميعاد الفرح في وقت غير مناسب ليا بالمرة، أنا مش عارفة هلبس الفستان ببطني دي إزاي ، اذ كان أنا ولا ياسمين!
ورغم أن شقيقتها تسبقها ولكن حجم معدة "نيروز", الأكبر ، لا تعلم أهذه طبيعة حملها أم أن هذا الحجم سببه أنهما توأمان، ضحك "غسان" معززاً ثقتها وردد من بين ضحكاته:
_طب والله هتبقي بطل ، مالك يعني!!
اغتاظت ترد باندفاع وهي تضع المشبك على الثياب :
_مالي بذمتك؟؟
ضحك يضع ذراعه الآخر عليها وابتسم بحبٍ فسألته هى وهي ترفع عينيه ناحية وجهه:
_انت هتقول لعمو حامد كل سنة وهو طيب امته ، مش ملاحظ انك إتأخرت ؟؟
_أنا قولت نفضى من الحوار اللي احنا فيه ده ، واحنا لوحدنا في البيت هناك لما نرجع هنقوله ، دي هدية كبيرة برضه محتاجه يتفاجئ بيها على رواقة!!
ابتهجت ملامحها من حماسه وتحدثت تخبره هى الأخرى:
_عندك حق ، عشان كدة سيبت هديتي في أوضتك لما نروح اعطيهاله وتقولوله بقا عشان كدة كتير مش عايزاه يزعل ، أكيد ملاحظ وفاكركم ناسيبن وحاجة زي دي هتخليه حساس وزعلان من غير ما يقول علفكرة ، ولا انت ايه رآيك؟!
حرك"غسان" رأسه يؤيد كلماتها ، فحمل الطبق البلاستيكي الواسع عنها وخرج ، فإقترب "عز" يبتسم وهو يلتقطه منه بإمتنانٍ له ولزوجته ، فخرجت حينها "نيروز" معه ووجدت "حامد" يخبرهم :
_يلا يا دوب نتحرك احنا بقى نشوف ورانا ايه وبعد كدة نجهز نروح على القاعة ، محتاجة حاجة يا أم عز قبل ما نمشي ؟؟
ابتسمت "حنان" ناحيتهم وهم جميعاً مستعدين للخروج فهتفت تجيب وبين عناقها النساء تودعها وداع مؤقت:
_كتر خيرك يا حاج حامد ، كتر خيركم كلكم ، منتحرمش منكم أبداً.
دعت بذلك وودعتهم هى وزوجة أخيها وابنتها ، ساروا معاً في اتجاه الباب والذي وقف أمامه الكل يبحث عن الأحذية ، وفي الخارج خرج "شادي" أولاً ، وقف يحث "منة" على الركوب في الخلف بينما جاء "حامد" ليركب في الأمام وفي الخلف افسحوا الأماكن كي تركب "دلال" و"منة" وخلفهم "غسان" مع "نيروز" بإعتبار ان سيارة "شادي" أكثر سيارة فخمة بالسيارات ذات مساحة كبيرة ومقاعد أكثر
ركب "آدم" دراجته البخارية وركبت خلفه"فريدة" بينما اتجهت "زينات" بإشارة من "حازم" كي تركب معه ومع "عايدة"و"ياسمين" التي تركتها "عايدة" تركب في الأمام بسب تعبها ووجع عظام ظهرها من الحمل.
وفي سيارة "بدر" ركب هو والصغار جميعاً ومعهم "فاطمة" في الخلف تضحك على مرحهم الدائم ، بينما بجواره كانت "وردة" التي التفتت برأسها تنظر نحو تحول ملامح "فاطمة" للإنفعال مع إساءة "أدهم" لـ "يوسف" بجديةٍ بعدما كان الجو مرح ، فنظرت "وردة" ناحية زوجها ، والذي أوقف السيارة حتى إلتفت برأسه ناحية الخلف يردد بجمودٍ:
_مين اللي قال اللفظ ده؟؟ ، مــيــن؟؟؟
ابتلع "أدهم" ريقه بخوفٍ والتزم الكل الصمت فيما لم يرض "يوسف" أن يُسلم شقيقه فصمت ، حينها نظرت "جنة" بترقبٍ ما ان عاد يكمل "بدر" بحدةٍ:
_عموماً اللي قال كدة هيتعاقب ، عشان يبقى يحترم نفسه والأكبر منه ، لما نروح.. ماشي!!
توعد بها بجديةٍ زائفة كي يخاف الصغار، فإلتزم"أدهم" الصمت بريبةٍ مما جعل "فاطمة" تنظر له بتوبيخٍ وضحكت خلسة ما أن هتف "أدهم" بأسفٍ:
_أنا آسف يا خالو ، مكنش قصدي.
نظر "بدر" إليه بحزمٍ محاولاً عدم إظهار ابتسامته ، حتى قاد السيارة من جديد ، تزامناً مع صمتهم ، ونظراتهم نحو بعضهم بحنقٍ فعاد الشجار بصوت هامس بين التوأمان مما جعل الكل يضحك وهم يحركون رأسهم بيأسٍ منهما!!
انطلقت جميع السيارات ، فكانت سيارة "شادي" نحو المبنى ،وكذلك سيارة "حازم" بينما سيارة "بدر" كانت في طريقها نحو منزله هو عكس دراجة "آدم" الذي توجه بها نحو المبنى حيث شقة "زينات" فهما سوف يتجهزان هُناك!
______________________
وبعد قليلٍ من الوقت توقفت السيارتين أمام المبنى مع الدراجة التي وصلت قبلهم ، ومن قبل ذلك سيارة "غسان" والذي عاد بها "بسام"بعدما أوصل "فرح" وشقيقته..رُكنت السيارات وتم صعودهم دُفع متفرقة بسبب المصعد ، آخرهم "شادي مع "غسان ونيروز" وبالآخر كانت "زينات " مع "آدم وفريدة " وتم صعود البقية من قبلهم بدقائق بسيطة!!
خرجوا من المصعد وكالعادة حاوط هو كتفيها ناحية شقة والده ، ومعه "شادي" الذي دخل خلفه ، والجهة الأخرى دخلت "زينات" التي فتحت الباب بمفتاحها وخلفها "فريدة وآدم" وبمجرد دخولها وجدت المكان يعمه الصمت ، فخلعت حجابها وابتسمت بلهفةٍ ما أن وجدته يخرج من المرحاض متنحنحاً بحنجرته ، اقتربت منه فضحك "حسن" يفتح ذراعيه مردداً:
_وحشتيني يا زوزو!
عانقته بحبٍ وتقدمت "فريدة" التي علمت بقدومه من "آدم" فتلهفت بسعادةٍ وهي تدخل بين ذراعيه:
_حمد لله على سلامتك يا حبيبي!
ضمها "حسن" بشوقٍ فخرجت فتقدم "آدم" يتصنع رؤيته وكأنها اول مرة الآن ، فإحتضن الإثنان بعضهما ووكزه "حسن" وهو يكبت ضحكاته ، فخرج يحذره وابتسم في هذه اللحظة ناحيته وهو بدون خصلات ، فكبت ضحكاته وقبل أن يُقرر"آدم" التنمر بهذا الوقت ، خرجت "أسماء" من باب الغرفة بإسدال الصلاة الطويل ، فإقتربت تقف حتى تفحصها "حسن" الذي ابتسم يطلب منها برفقٍ:
_كوبايتين شاي بقى يا أسماء ليا أنا وآدم وعلى البلكونة ، الله يرضى عنك
رفعت "فريدة" ذراعها تردح لهما بغيظٍ قبل أن توافق الأخرى بطاعة:
_هو في ايه ، هو كل شوية حد عايز شاي.. شاي.. شاي ، ما تتهدوا شوية واللي عايز حاجة يروح يعملها بنفسه!
توقفت بغيظٍ ناحية صدمتهما معاً وضحكات "والدتها" ، فإندفعت تسحب يد "أسماء" بقوةٍ ناحيتها وتعالت نبرتها تحثها:
_سيبك يا بت منهم و تعالي نشوف هنحط ألوان ميكاب ايه تليق على الفساتين دي.
رفع "آدم" شفتيه وتحدث معارضاً قولها بقوله العالي الذي تعمد رفعه كي يصل لهما:
_مــ ..ايه؟؟ ميكاب؟؟ ، دا عندك أمك يا شاطرة!!!
توقف ينظر ناحية "زينات" الذي تنحنح ناحيتها بحرجٍ زائف وردد ببراءةٍ لها:
_لمؤاخذه يا حماتي.
ضحكت "زينات" تحرك رأسها بقلة حيلة، وقبل أن تذهب طلب منها "حسن":
_اعمليلنا الشاي انتِ يامه معلش!
_من عينيا يا حبيبي
اقتربت بعد هذا القول من المطبخ ، فيما نظر "آدم" ناحية "حسن", وهو يرفع كلا كفيه ببراءةٍ:
_شوفت؟؟ عشان تعرف ان أختك دي قادرة وأنا اللي غلبان!
ضحك "حسن" وهو يسحب ذراعه ناحية شرفة الصالة وأخبره بمزاحٍ وهو يجلس جواره:
_ مكنش ينفعك الا واحدة زيها !!
تنهد "آدم" بصوتٍ وابتسم يعلم استسلامه وحبه لها:
_واللي زيها مين بس يا أبو علي ، دي" فريدة " من نوعها ومفيش منها اتنين!
تغزل بها بصدق ، أسعد "حسن" في تلك اللحظة حتى ضحك ولم يكن يتوقع في يومٍ من الأيام أن صديقه هذا سيقع هكذا، بل ومن التي أوقعته ..شقيقته.."فريدة" .."فريدة " حقاً كما يُقال عنها!!
_________________
في شقة "حامد" كان "بسام" داخل غرفته ومعه "شادي" و"غسان" وفي الخارج كان "حامد" يجلس ممسكاً مصحفه يقرأ به ، وبداخل المطبخ كانت "دلال" مع "منة" تعد له كوب عصير كي لا يحدث له الهبوط واليوم لازال طويل بمناسبة كهذه.. أو لربما يعدان شىء آخر مفاجئ!!
فيما كانت "نيروز" تبدل ثياب خروجها في غرفة "غسان", التي كانت بها عباءتها المنزلية المحتشمة واسدال صلاتها التي تجلس به في منزل والد زوجها دوماً ، انتهت هى من تبديل ثيابها والتقطت الحقيبة وفتحت الباب حتى وجدته يجلس على المقعد قبالها يركز في قراءة القرآن بصوت متوسط في العلو
حينها اقتربت "نيروز" بهدوء تجلس جواره ولم ترض مقاطعته فإنتظرت حتى يختم قراءة السورة وبالفعل فعلها بعد دقائق ، حتى رفع رأسه يبتسم لها فإعتدلت هي تلتقط كفه تقبله بمفاجأة بالنسبة له ونطقت بمشاعر ظهرت في عدستيها وخلفها "بسام" و"غسان" و"شادي" براقبون مشهدها معه:
_كل سنة وانت طيب يا عمو ، يارب يديمك لينا في حياتنا ومنتحرمش منك أبداً .
تلقائياً تفاجئ ما ان جاءت "دلال" بالكعكة الكبيرة على صينية ودندن الجميع بصوتٍ واحد ومشاعر متأثرة وهم يصفقون مع بعضهم:
_«كل سنة وانت طيب
ومن قلبي قريب ..
والسنة دي معايا واللي جاي ويايا
يا أغلى الحبايب يا سكر و دايب ...
يا كل الحبايب حبايب كلك خير وطيب
وعمري اللي جاي هاشيلك بين عيوني شيل
ولو هاقدر يا روحي هاجيبلك نجوم الليل
حبيبي معاك الحب طعمه جميل
وعمري اللي جاي هاشيلك بين عيوني شيل
ولو هاقدر يا روحي هاجيبلك نجوم الليل
حبيبي معاك الحب طعمه جميل
و كل سنة وانت طيب»
دندنوا معاً هذه الكلمات وهو يقف وهم يلتفون حوله ، لمعت عينيه حينما توقفت الكلمات ومن أكملتها كانت "دلال" التي أمسكت كلا كفيه بحبٍ وكأنها شابة مراهقة في بداية عمرها ، تعشق وتحب العشق المتمثل برجل واحد هو الذي يوجد كفيه بين كفيها الآن وهي تدندن بسعادة وصوت هادئ مع ابتسامتهم جميعاً تحركه معها بخفة مع صوتها التي تلحن به الكلمات:
_«عيونك حبيبي رموشك يا عيني
خدوك يا سيدي يا سيدي الله عليك»
_«وعيدك ده عيدي و حبك نصيبي
و قلبك حبيبي حبيبي انا عمري ليك
عيونك حبيبي رموشك يا عيني
خدوك يا سيدي يا سيدي الله عليك»
ضمها "حامد"سريعاً بين عناقه بحبٍ بالغ بينما هى بكت بين ذراعيه على عمرهما الذي مر سريعاً والآن معاً لازلا ، لم يتغير شىء ولم يقل حتى الحب بينهما. ، مرر يديه بلهفةٍ ونزلت دمعة "نيروز" بتأثرٍ عليهما ، فيما لم يرض "غسان" التأثر له كي لا يتعب قلبها ويرتفع ضغطه هو ، فدخل بينهما بمرحٍ جعل "بسام" يحتضنهم بقوةٍ وانتهى "شادي" من التصوير فقذف الهاتف سريعاً على المقعد ودخل يعانقهم وهو يردد :
_,استنوني ، وسعولي مكان في حضن أبويا وأمي يا أندال!
احتضنه "حامد" بقوةٍ ولا يعلم كيف شدد بعناقه أكثر من توأميه اللذان كانا في عناق "دلال" والتي تركتهما تعانق فتياتها "منة ونيروز" في مقابل احتضان "حامد" لأولاده وهو يردد بتعلثم من التأثر:
_أنا.. أنا مفكركم ناسيين
فخرج صوت "غسان" ملاحظاً التأثر في نبرته :
_ازاي بس يا حامد ، ازاي ننسى حاجة زي دي ، دا احنا محضرينلك مفاجأة هتبسطك أوي ، جاهز؟؟
سأله بترقبٍ ، فعاد "بسام" و"شادي" يكرران السؤال:
_هـــا جـــاهز؟؟؟
نظر فوجد الجهل في عيني "دلال" ، فحرك رأسه بغير فهمٍ ، واستعد يستمع ، فبدأ "غسان" هو من يردد وهو يلتقط كفه ببرٍ:
_بُص يا حاج حامد ، إحنا مهما لفينا ومهما دورنا عمرنا ما نجيب هدية تقدر غلاوتك عندنا ، أنا بقالي فترة بظبط للحاجة دي مع "بسام" و"شادي", اللي أصر انه يدخل معانا فيها عشان تبقى معاك أكتر حد حبيبك، فعشان كدة..
أشار ناحية "شادي" و"بسام" فهتف الثلاثة بوقتٍ واحد كما خططوا:
_عــشان كدة قريب هتطــلع عُمرة انت ودلال!!
جحظت عيني "دلال" بصدمة واتسعت ابتسامة "نيروز" التي كانت تعلم فيما تفاجأت "منة" بينما "حامد", ابتلع ريقه يتساءل بشكٍ من الصدمة:
_انت..انت بتتكلم جد يا بن الكلب انت وهو ولا بتلعبو بيا؟؟؟
ضحكوا من سبه لهم ، فتدخل "بسام" ينفي وهو يقبل قمة رأسه ثم قمة رأس والدته:
_لا مش بنلعب بيك يا بابا ، عيب تقول كدة، احنا رجالة ولاد رجالة بنقول كلمة ومبنرجعش فيها يا حجوج!!
رمش بأهدابه وهو يطالع وجه "دلال" الذي أشرق من جديد،وهى تقترب منه تؤكد مفاجأته الذي وضع بها ، فإبتلع ريقه يبتسم بلهفة وعاد يحتضن الثلاثة من جديد فصرّح "شادي" من بين هذا العناق ومن بين مباركات الأخرتين لـ"دلال" :
_شوية إجراءات كدة طالبة وجودك ووجود الحاجة دلال عشان الدنيا تمشي ، يعني يمكن بعد فرح بسام يجي بإسبوعين هتسافروا علطول ، عالبركة يا حاج ، متنسناش من دعواتكم
_عمري في حياتي ما نسيتكم في دعواتي ، ربنا يسعدكم ويخليكم لينا.
تأثر "حامد" في قولها ، وجلس مع تقطيع الكعكة بفعل يد "غسان " بواسطة السكين ، فيما أعطت "نيروز" هديتها لـ "حامد" وهى تقول:
_اتفضل يا عمو ، أنا عارفة انها حاجة بسيطة بس حاولت اختار حاجات تناسبك.. كل سنة وحضرتك بألف خير وتروح وترجع لينا بألف سلامة!
فتح الكيس المخصص بالهدبة فوجده مصحف جديد أنيق بشكله ومعه "سبحة" تناسب رجل مثله وأيضاً سجادة صلاة بيضاء مع جلباب أبيض ، ابتسم بتأثرٍ وقبل قمة رأسها بإمتنانٍ ، حتى وجد "غسان" يعطيه الطبق ليتناول قطعته ، وأعطاها كذلك هى الأخرى ، كما أعطى البقية ، وكان هذا احتفال على قدر العائلة الصغيرة وفقط ، استمر تناولهم للقطع بهدوء والضحكات لا تفارق وجههم أبداً ، ولكن ما قطع هذه الجلسة هو نهوض "حامد" الذي قال بعلوٍ:
_يلا نتوضى عشان نصلي المغرب في المسجد ونرجع نكوي بقا اللبس ونجهز!!
نهض "غسان"و"بسام" و"شادي" حتى يتوضأ الكل ، وانسحبت "نيروز" لتصلي في غرفة زوجها بعد ان حثها "بسام" قائلاً:
_ عايز أخرج من الصلاة بقا ألاقي مرات اخويا مجهزالي أحلى بوكية يناسب عروسة حلوة زي "فرح"!
_بس كدة من عينيا واللهِ!
هتفت بها بضحك وصدق ، فابتسم يشكرها وهو يرفع كفه بمزاحٍ كعلامة لتحية لها ونظر نحو معدتها قائلاً:
_معلش هتعبك معايا
فنفت"نيروز "برأسها ونطقت بصراحة ولباقة:
_تعبك راحة انت و فرح !
اقتربت بعد ذلك لتؤدي فرضها كما ذهبت "منة" غرفة "وسام" لتأخذ ملابس صلاة تناسبها من عندها ، كما جلست "دلال" تؤدي فرضها مكانها وهى تقوم بالدعاء لهم جميعاً وقلبها يتراقص بسعادات مختلفة ، سعادة ولدها وسعادة زيارتها هى وزوجها لييت الله الحرام عن قُرب!!.
انتهت "نيروز" من أداء فرضها ونهضت ترتدي ثيابها وحجابها حتى فعلتها وخرجت بحرصٍ فوجدت "منة" تقابلها والتي مدت كفها تحثها بإبتسامة هادئة:
_يلا ، هاجي معاكِ .
ابتسمت تبادلها حماسها فأشارا لـ"دلال" وفتحا الباب حتى ركبا المصعد وهبطت معها لأسفل كي تفتح محل الورد وفي طريقهما رحبا بـ "سلطان" البواب وبينما وهى في طريقها لفتح المحل وجدت "حسن" و"آدم" أمامها ، ابتلع "آدم" ريقه يتابع ملامح "حسن", الذي وقف يرفض أن يتجاهلها فواجهها بسؤاله المبتسم رغماً عنه :
_إذيك يا "نيروز"؟
حركت عينيها تعطي المفتاح لـ "منة", فأخذته كي تقترب تفتح المحل تزامناً مع رد "نيروز", التي حاولت به الثبات:
_الحمد لله ، حمد لله على سلامتك يا "حسن".
ابتسم لها وأومأ برأسه يتخطاها برفقة "آدم" بينما هى ابتلعت ريقها تزفر وانتفضت ما أن وجدته يقف من على بُعد يتابعها بعدما دخل شقيقه وصديقه ووالده المحل ، ابتلعت ريقها بإرتباكٍ ما ان اقترب ، فإهتزت ابتسامتها تبرر له مسرعة:
_هو..هو كان بيقولي إذيك بس فرديت عليـ...
_مسألتش ومقولتش تبرري وقوفك!
بتر قولها بذلك ثم أمسك ذراعها يسندها معه برفقٍ فإبتلعت رقها توضح له:
_عارفة بس أنا ببررلك ، أنا فاهمة انه مينفعش أقف قباله كدة في الشارع بس لقيت نفسي مجبرة على الوقوف.
رفع عينيه يطالع عينيها الصادقة وهتف بعقلٍ راغباً في عدم فتح الموضوع :
_فاهم.
ابتسمت له بخفةٍ ودخلت المحل معه مقتربة من الباقات كي تعد بوكيه الورد لـ "بسام"،بينما هو وقف مع والده و"شادي" الذي التقط وردة حمراء وإلتفت يضعها جوار أذن "منة" على خصلاتها القصيرة فضحكت ما أن مال يمازحها بقوله:
_أم عيون قناصة بأحلى وردة حمرا هتاكل منها حتة!
ضحكت بخجلٍ وهي ترجع خصلاتها خلف أذنها ، فأخرجت هاتفها تقوم بتصويرها وهو معها ، فابتعد "غسان" يجلس جوار "والده" الذي ابتسم له ببشاشةٍ وهما يطالعان الآن وقوف "بسام" وهو يختار ألوان الزهور مع "نيروز" والتي ضحكت تمدح بذوقه :
_ دا انت طلعت دكتور وذوقك كمان حلو!
عدل "بسام" ياقته الوهمية بغرورٍ ناطقاً:
_كفاية أرجوكِ عشان بتحرج واللهِ!
ضحكت وهي تنظم له البوكيه فابتسم هو وهو يطالع ما اختاره ، حتى انتهت فإنتشله بإعجابٍ مردداً لها:
_تسلم إيدك .
هرول بعد ذلك يشير لهم بأنه سيصعد كي يستعد الاغتسال ثم اراتداء الحلة والذهاب إليها وآخر ما قاله هو:
_أنا طالع يا "غُس" ، ظبط بقى العربية قبل ما تطلع.
لم يترك له الفرصة للرد بل هرول ، فخرجت "نيروز" بالصندوق ناحية الخارج فهي من تبرع في فعل ذلك ، نهض هو ليساعدها وحمل عنها الصندوق ، فبدأت هى بقص اللصق والزهور كي تزين السيارة بتنسيقٍ بعدما لاحظت أنها نظيفة جداً عن السابق!!
طالعها هو بشرودٍ بها وهي تفعل ما تفضل فعله ، ابتسمت له وهى ترفع عينيها فمسح لها وجهها المتعرق برفقٍ وإقترب بعد ان قال:
_استني أجيبلك كرسي تقعدي أريح ليكِ!
هكذا هو دائماً لا يغيب عنه تفاصيلها حتى بتعبها البسيط يترقب هو له ويحاول محوه حتى وان كان ليس له يد به ، ابتسمت وجلست وهو يضع المقعد خلفها فجلست ترتب الأشياء أولاً كي تقترب من الجهة الأخرى فيما بعد بينما هى فتحت الحديث بابتسامتها الواسعة:
_اتبسطت أوي لفرحة عمو وطنط بالمفاجأة ، عقبال ما نروح سوا مع بعض يا "غسان" يارب.
طالع أمنيتها بحبٍ ووقف جوارها وهي تبدأ من جديد في تنسيق الورود على زجاج السيارة والمرآه ..
تفاجأت به مقترباً وهو يدندن بجوار أذنها بأحد كلمات كوكب الأرض على فجأة :
_يارب
ثم دندن حينها يكمل بكلمات هادئة تخص كوكب الشرق:
_يا أغلى من أيامي
يا أحلى من أحلامي
اتسعت ابتسامتها وهى تطالعه فضحك من صدمتها الهادئة وتركها تكمل وهى تضحك بخفةٍ فمازحها قائلاً مقرراً تخطي ما حدث بدون رغبة منها قبل قليل :
_ تصدقي حاسس اني ليا قبول عندك النهاردة برضه؟
_هو ده مش علطول يعني ؟
سألته بوعيدٍ وهي تضيق عينيها ، فرفع حاجبيه ينفي ضاحكاً وصرّح:
_يعني بذمتك انت كدة علطول معايا؟ ، دا انتِ تلت اربع حملك مش طيقاني ، استني بس عليا تولدي وكل واحد هيتحاسب منكم انتم التلاتة على اللي بتعملوه فيا ده!! ، وأنا راجل غلبان.
فوجدها بصوتها المتوسط في العلو وصرّحت مازحة وهى تواجه عدستيه:
_مفيش راجل غلبان!
ضحكت "نيروز" بعدها وهى تندمج بما تفعله ورددت بطريقة زائفة وبراءة :
_بس هى بقت كدة؟ ، دا احنا حبايبك يا غُس وملناش غيرك.
ابتسم بإعجابٍ ووكز ذراعها يكرر قوله ولكن بالجمع هذه المرة:
_انـتـوا عُمــري!
ابتسمت وقد انتهت أخيراً ، فناولته الأشياء كي يدخلها ووجد المحل قد أصبح متفرغ من "شادي ومنة" وحتى "حامد" الذي صعد معهم قبل قليل ، فإنتشل هو المفتاح وأغلقت هى الشُرف ، ثم عادت لتخرج كي يغلق هو ، وبعد دقائق أغلق "غسان" المحل بخفةٍ وابتسم برضا ناحية السيارة حتى عاد يفرد ذراعه كي تتمسك به وسألته :
_هنعمل ايه الوقتي؟ ، هنطلع نلبس علطول ولا ايه؟
_ايوة هنلبس عشان لسه هنروح كلنا قدام الستنر نستناهم بقى
جاوب بذلك وهو يضغط على المصعد الذي جاء ودخلا الاثنان به في نية للصعود ناحية الطابع السابع مباشرةً!
_______________
_يلا خش إلبس يا " آدم "، وقول لـ"فريدة " تطلع عشان ألبس أنا كمان أنا و"أسماء"!
رددها "حسن" بحنقٍ فضحك "آدم" يشهده:
_عشان تعرف ان أختك دي قوية ومستقوية!
منذ وقتها وهى تبعد "أسماء",, ونفسها عنهما ، ضحك "حسن" بيأسٍ وهو ينهض وخرج معه من الشرفة حتى وقف ينتظر قبال باب غرفته التي كانت بها "فريدة" والتي استمعت لقول "آدم" وهو يدق على الباب:
_ما تـ يلا يا شاطرة ، هتباتي عندك؟؟
فُتح الباب وهى تحمل حقيبتها واقتربت بتجاهلٍ ناحية غرفتها دون أن ترد عليه فضحك "حسن" يضرب كتف صديقه مردداً قبل أن يدخل :
_دا انت ربنا معاك بقا
تحرك يدخل غرفته لزوجته كي يتجهزا فيما اقترب "آدم" بعدما علم ان "زينات" تتجهز بغرفتها ، اقترب هو يفتح الغرفة فوجدها تخلع ثيابها الفوقية السطحية ونظرت ناحيته بحنق مرددة:
_في باب بنخبط عليه قبل ما بنفتحه بهمجية!
تفاجئ من هجومها ، بينما هى تعمدت التعامل هكذا بعد تجاهله لها أكثر من مره هناك في منزل والدة "عز" ، تفاجئ من قولها ، فإقترب بعد ان دفع الباب بقدمه وتجرأ يرد:
_ بالنسبالي حلالي وأبص براحتي ، انتِ بقى ايه الدنيا معاكِ!
فاندفعت هى ترد بهجومٍ:
_تصدق انك وقح ومستفز وقليل الأدب كمان؟.
ابتسم بإستفزازٍ يحرك رأسه بتأكيدٍ وعاد البرود في رده:
_حصل فعلاً ، انتِ عندك حق!
ضمت شفتيها وقررت تفعل ما تفعله حينها أخرجت من حقيبتها الفستان واتسعت عينيها ما ان وجدته يربط يديه بمتتصف جسدها حنى مال ناحية الأمام مبتسماً مردداً بدندنةٍ وغناء :
_اللي تعبنا سنين في هواه .. عامل نفسه ما يعرفناش
بعد العمر ده كله معاه .. فاتنا وقال راجع ولا جاش
وأهو دلوقتي لمّا بقابله .. عيني في عينه ما نزّلهاش
حتّى إزايّك مستخسرها .. مستكترها ما بيقولهاش
ياللي في حبه ضيّع قلبي .. ضيّع عقلي ورحت بلاش.
حاولت "فريدة" كبت بسمتها ، فمال يختطف قبلة من وجنتيها وانتشل صينية كانت موضوعه ودندن مجدداً بصوته الهادئ وهو يدق على الصينية برواقةٍ ناحيتها:
_شفتوا إزّاي في قلوب خاينين .. شفتوا إزّاي ما فيهمش حنين
ولاّ القسوه ده طبع حبيبي ..وأنا من حيرتي ولهفة قلبي .. بظلم بس قلوب تانيين حتّى إزيّك مستخسرها .. مستكترها ما بيقولهاش..ياللي في حبه ضيّع قلبي .. ضيّع عقلي ورحت بلاش.
انفلتت ضحكتها تشير على نفسها بذهول:
_كل ده مخبيه جواك، كل ده عملته أنا؟
ضحك "آدم" محركاً رأسه ونفى وهو يلتقط كفها حتى دارها فدارت معه بحرصٍ على ذاتها ، ووقفت تبتسم حتى ضربت ذراعه :
_معتش تزعق فيا كده تاني وبلاش تتجاهلني عشان انت مش قدي على فكرة!.
ابتسم بحرك رأسه بطاعةٍ وبراءة ضحكت عليها وسرعان ما احتضنته بحبٍ فمرر يديها على ظهرها برفقٍ حتى خرج فطالعها من أعلاها لأسفلها بوقاحةٍ استشفتها على الفور حينما دفعته عنها بغيظٍ وانتشلت الفستان فعاد يضحك وهو يميل آخذا حلته من الحقيقة وحثها بتأديبٍ:
_غمضي عينك يا شاطرة عشان أنا بتكسف!
رفعت "فريدة" حاجبيها تتساءل في استنكارٍ:
_انت بتتكسف.. انت؟ طب قول كلام غير ده عشان أصدقك.
أخفى بسمته الماكرة وهو يرتدى بنطال الحله ثم القميص حتى وصل إلى السترة الذي كان منديلها القماشي من نفس لون فستانها والتي ارتدت نفس لونه هو بنظام واسع وهي تستعد لوضع الخمار الماليزي هذه المرة ، إلتفتت تنظر ناحيته وغمزته فضحك وهو يقترب جوارها أمام المرآه ودفعها بذراعه حتى توجعت واندفعت من دفعه لها بغيظٍ تزامناً مع سؤاله وكأنه لم يفعل بها شىءٍ:
_بس ايه رآيك؟
تحملت فعلته وعادت تنظر له وهو يمشط خصلاته فضحكت وهي تغازله:
_جوزي واد جان وأنا بغير خد بالك.
ضحك "آدم" وهو يلتفت لها فوجدها تعقد خمارها بتنسيقٍ ، فنظر بلطفٍ وهو يتابع اندماجها والذي قطعه ما أن حذرها:
_نقول تاني عشان لو مسمعتيش ، مكياج لا يا شاطرة.. عشان منزعلش من بعض وأنا زعلي وحش.
_مكياج ايه اللي بتقول عليه مع الخمار ، انا كان قصدي احط حاجة سيمبل ، افهم بقا.
رددتها بحنقٍ فتجاهل قولها ما أن انتهت وابتسم ما ان رأى شكلها النهائي والذي صفر بفمه وهو يديرها مردداً بمشاكسةٍ:
_ايه الجمال ده كله , صدق اللي قال فريدة من نوعك!
_ومين ده
راوغت بطبعه فإقترب "آدم" يميل هامساً ناحيتها حتى لفحت بشرتها أنفاسه الدافئة :
_آدم ، حبيب أيامك!
ابتسمت بخجلٍ راق له ، فمهما تصنعت القوة بقدرته في النهاية أن يُظهر هذا الخجل ، قبلت وجنتيه بسعادةٍ فعاد يفرد ذراعه ما ان حملت حقيبة مستحضرات التجميل كي يخرجا معاً وما أن خرجا وجدا "حسن" يرتدي نفس حلة "آدم" بنفس لون المنديل القماشي التابع لنفس لون ونظام الفستان الخاص بـ "أسماء" والذي كان من لون السماوي الفاتح ..
انبهرت "فريدة" بجمالهما واقتربت تتلمس حلة "حسن" وهى تغمزه:
_ايه يا عم الشياكة والحلاوة دي ، كان مستخبي فين دا كله.
ضحكت "زينات" براحة من تعاملهما معاً ما أن ضحك يقربها منه بذراعه في مشاكسةٍ مردداً بمرح:
_ بخاف من الحسد والله.
ضحكت "أسماء" الذي نظر لها "حسن" بإعجابٍ للمرة الذي لا يعرف عددها ، فهتفت "زينات" ناحيته:
_براحة على أختك يا ولا ..هي قدك ولا في قوتك حتى!!
استكر قولها هذا وابتسم كما ابتسم "آدم" مغيباً عن ما تخفيه عليه كما يخفي الجميع ، فتعالى صوت "آدم" يخبرهم وهو ينظر نحو شاشة هاتفه :
_يلا ، بدر جه تحت هو ومراته وفاطمة والعيال ، وعز ومراته و أمه كمان ، يلا ننزلهم .
______________________
بينما في شقة "حامد" خرج هو من غرفته متجهزاً بحلته التي تناسب رجل مثله في السن ، وكذلك "دلال" التي ارتدت عباءة سوداء ابتاعتها مع النساء ، عباءات أنيقة يظهر عليها ثمنها الباهظ ، فيما تجهز "شادي" هو و"منة" التي ارتدت فستان بأكمام طويلة من اللون البيج وكذلك كانت حلة "شادي" من نفس هذا اللون ، بينما كانت خصلاتها القصيرة متروكة هكذا ابتسم وهو يخرج معها من غرفة "غسان" فيما صفق هو بحماس وهو يطالع وقوف "حامد" جوار "دلال":
_هالله هالله على الفانله ، من قلقي وخوفي عليك يا جميل اتفضل ألبس قطونيل!
ضحكوا بقوةٍ على غناءه ، وتم الترقب منهم ما أن فُتح باب غرفة "بسام" والذي طل عليهم بأناقةٍ تناسب دوره في هذا اليوم ، فعلت "دلال" زغرودة عالية مثل "منة", والتي فتحت الباب لـ "غسان" و"نيروز" ، فيما لمعت عيني"حامد" وهو يطالع ولده ، وكذلك "دلال" التي بادرت بعناق "بسام" وهي تهتف بضعف:
_ الله أكبر عليك ، أحلى عريس في الدنيا كلها يا حبيبي.
ابتسم يقبل كفها وكذلك "حامد" والذي عانقه بمباركةٍ وهو يدعو له بتأثر:
_الله يسعدك يا بني
ابتسم لهما "بسام" والذي دفعه "غسان" و"شادي" في عناقهما بحبٍ وفرحة كبرى ، بينما أسند "حامد" زوجته وأشار لهم بأنه سيسبق بعد ان غازل الفتيات
كانت "نيروز" ترتدي فستاناً واسعاً بسبب حجم معدتها ، فستاناً بأكمام واسعة من بداية المرفق وكتف عالٍ بقلةٍ ، من النوع الستان ولون أخضر فاتح بقوةٍ هادئ ينعكس على عسليتيها فتعطي عينيها لون ما بين اللون العسلي واللون الأخضر الفاتح!!
بينما "غسان" إرتدى حله سترتها فقط من نفس لون فستان "نيروز" الهادئ والمُريح .
_مبروك يا "بسام"، مبروك يا توأم روحي وصاحب أيامي الحلوة والوحشة ، ربنا يسعدك ويهنيك ويجعلك مرتاح عشان أبقى أنا كمان مرتاح لراحتك دي!
كان هذا حديث "غسان" وعلم توأمه أنه في لحظة لا تتكرر كثيراً ،. وتفاجئ ما أن وجد عينيه تدمع ، بعدما انسحب "شادي" وزوجته يسبقان للأسفل كي يجهزا السيارة للركاب وتبقت "نيروز" فقط تطالع حبهما وتأثرهما.
_انت هتعيط ولا ايه يا غُس!
كان من المفترض قولها بمرح بينما وللأسف خرجت منه الكلمات بتحشرجٍ قبل أن يرتمي في عناق شقيقه وتوأم روحه لدقائق ، كانا معاً هكذا ملتصقان بكيس واحد في رحم والدتهما وبعدما جاءا للحياة ظل كل منهما ملتصق روحياً بالآخر وبالأخص من تعد فرحته اليوم ، يشعر بكل شىء يشعر به توأمه الآخر ، عقبات وأحداث وصعاب وذكريات مرت عليهما ولازال كل منهما سند وظهر للآخر.
عناق استمر لدقائق يتنفس به كل منهما براحةٍ كُبرى ، ربما كل منهم يشعر بالراحة لأن الآخر يشعر بالراحة فكان الشعور متبادل! ، خرج "غسان" ينظر في عيني شقيقه الذي ابتسم يحفزه بينما "غسان" عدل من خصلات شقيقه بتنسيقٍ ومسح وجهه برفقٍ وكأنه لآخر لحظة يأخذ دور الحامي له ، في القدم وفي هذه اللحظة ، ابتسم "بسام" ناحية حنوه الذي لا ينتهي أبداّ وابتسم يشير برأسه قائلاً:
_مش يلا؟.
هز رأسه يوافق وتركه يسبق بعد ان حمل باقة الورد ، بينما هى وقفت في ركن تنتظر وما ان خلت الشقة كرر هو مغازلته لها :
_عمري في حياتي ما شوفت حد حلو زيك كدة يا رزّة!
ضحكت بيأس من عبثه هذا وتمسكت بذراعه بعد ان دفع الباب يغلقه وسار معها بتمهلٍ كي ينتظرا المصعد الآخر، حتى ركبا وهبط بهما وخرجا منه ووجدا في الخارج التجمع عدا من "حازم" الذي تولى أمر النساء كي يوصلهم القاعة أولاً ثم يأتي وكذلك "شادي" الذي قرر توصيل "حامد ودلال" ثم ليعود..
توقف "بسام " يفتح السيارة كي يتجهز للرحيل ، بينما انتظر "غسان" قدوم "شادي" ليرحل معه هو زوجته وزجة الأول بسيارة واحدة ، والسيارة الأخرى الذي كان بها "عز" والذي هبط يرحب بهم مجدداً بعدما ارتدي وكانت "جميلة" في الداخل حينها فإقتربت "نيروز" تنظر وتقف منتظرة قدوم البقية ..
فيما كانت سيارة "بدر" بها الصغار وشقيقته و"وردة" التي حثته مقدرة تعب رأسه من صراخ الأطفال وشجارهم الذي لا ينتهي أبداً :
_ما تودينا القاعة الأول أحسن يا بدر شكل لسه بدري ، خلينا نروح نقعد مع ماما وياسمين والباقي!
وجدها فكرة لائقة ، فقرر التحرك بالسيارة وهو يشير للشباب حتى يرحل ، بينما الغير متوقع أن "حسن" قام بتأجير سيارة ركبها هو ومعه "آدم" وجواره "زينات" وبالخلف زوجته وشقيقته وزوجها "آدم" وقرر أن يسبق ناحية الستنر كي يقف ليجعل الفتيات تنتظر العروس "فرح" ، فلم يتبقى الآن بعد كل هذا الرحيل سوى "غسان"و"نيروز" وهما ينتظران قدوم "شادي" وكذلك "عز" و"جميلة" التي هبطت تقف فرأت "نيروز" ثيابها التي تشابه ثياب "منة" تماماً ، وللحق كانت جميلة إسماً وقولاً ! ، بينما "عز" كانت حلته مختلفة قليلاً عن الشباب كانت تشابه حلة"شادي" ولكنه كان الأكثر ظهوراً بها كونه شقيق العروس! ، فيما كانت "وردة"و"ياسمين" يشابهان فستان "نيروز" بلونه وتصميمه ، مما جعل أزواج الثلاثة يتشابهوا في ارتداء الحلة ونظامها المنسق المرتب بإنجذابٍ ولطافةٍ طغت على مظاهرهم جميعاً.
توقف "غسان ونيروز",و"عز وجميلة" يأخذون صوراً للذكرى وكل منهم يقوم بتصوير الآخر مع زوجته والخلفية كانت كورنيش البحر من على بُعد، وانتهى ذلك بإعطاء "غسان" الهاتف لـ "عز" كي يرى ما التقطه الآخر ، ونطق"غسان", بغمزة عين:
_أصلي وواجهة يا عزوة ، على وضعك يا معلم!
ضحك "عز" بخفةٍ ونظرت "جميلة" في الصورة بإعجابٍ ثم نظرت ناحية وجهه وملامحه ، قد كان وسيماً رغم الإرهاق ورغم الكفاح والجهاد مع هذه الحياة ،. اعطاه الله شكلاً جذاباً يتميز به ولكنه لا يحبذه كونه يشبه اباه وشقيقه ، فـ في كل سعادة تفاصيل وجع لا يعرفها الكثير!!
جاء "شادي" من جديد وتوقف بفعل احتكاك ضحك منه الجميع بحماسٍ ، فركب "غسان" جوار "نيروز" في الخلف ، وأشار هو بذراعه لـ "عز" الذي أومأ لهما وركب يستعد للرحيل بالسيارة هو و"جميلة"!! ، فإنطلقت السيارتين بإتجاه السنتر التي توجد به "فرح" برفقة "وسام"..
وبعد هذا الانطلاق لم يتبقى شخص ولم تتبقى سيارة ، لم يتبقى سوى دراجة "آدم" الذي أوصى "سلطان" عليها بحمايتها حين العودة في الليل ليرحل بها .. ترك هذه مع الصمت والهدوء والطابق الثالث الفارغ من أفراد العائلة التي كانت تعرف بالشقاء ، الآن تعرف بالسعادة وسعادتهم تتمثل في الزفاف الذين رحلوا إليه جميعاً ..ولم يليق بهذا الوضع سوى أنه كما قِيل من قائل وملقى وكاتب لشعر في الزواج مضمونه:-
_<الله يغنيه وسيعاً فضله
هو الغني عطاؤه مشكور
أمر النبي بذات دينٍ زوجة
فاظفر بذات الدين هنّ الحور
المال يفنى والجمال وديعة
والجاه يبلى كل ذاك غرور
الباقيات الصالحاتذخيرة
مذخورة ونعيمها موفور
ليس الزواج لشهوةٍ وغريزةٍ
إن الزواج تعففّ وطهور
ليس الزواج لنزوة عابرة
ذاك انفعالٌ فتنة تغرير>
___________________
بفعل عدة احتكاكات جريئة فعلها "بسام" كما فعلها من قبل في يوم زفاف شقيقه والذي علم البعض من خلاله بأنه مرح جرئ يخفي ذلك ، توقفت السيارة الذي هبط منها فوجد خلفه سيارة "حسن" تقف و"حازم"الذي عاد مع "ياسمين" من القاعة بفعل طلبها كيّ لا تترك الفيتات بهذه اللحظات.
توقف "بسام" ينتظر ونظر نحو شكله بالمرآة ، حمل البوكية بخفة.ٍ وابتسم ما ان وجد "آدم" يقترب بينما "حسن" ظل على بُعدٍ مستند على السيارة يدخن سيجارته وبجانبه تقف "أسماء" وكانت والدته داخل السيارة مع "فريدة" ينتظران قدوم الفتيات كي يخرجا ليصبحن معاً في انتظار العروس..
وقف يستعد وجواره "آدم" يحفزه على عدم التوتر ، بينما "أسماء" وقفت تنظر من على بعدٍ وتخيلت فلم يتركها هو مع تخيلاتها وهو يخرج الدخان من أنفه بعد ان سأل مبستماً:
_بتفكري في اللي بفكر فيه؟
_انت كان نفسك في فرح؟
بادلته "أسماء" السؤال بسؤال ، فحرك "حسن"كتفيه بجهلٍ رد به بصدق:
_مش عارف ، بس لو كان هيفرحني أنا وانتِ أكيد كنت هبقى عايز أعمله!
صريح يلقي بالكلمات دون أن يفكر بتزيينها ، على أي حال هي تتقبل كي شىء منه ، عدلت طرف خمارها وابتسمت تطالعه بحركة رأسها والتي أخبرته بعدها قائلةٌ بلطفٍ:
_عادي ملناش نصيب ، وأنا راضية ، رجوعك كويس لينا و..وجودك معايا يعتبر أحسن فرح في الدنيا
ابتسم لبساطتها الدائمة ، ورفع ذراعه يقربها منه فإستندت على كتفه تصرّح مع قدوم السيارات من خلفهم:
_عارف؟ ، ماما وسامر ومروة كمان وحشوني أوي .
عجز عن الرد فوجدها تتساءل بعينين لامعتين:
_هو مفيش أمل "مروة " تخرج؟ ، مينفعش تكلم "غسان" ، أنا خوفت أكلمه عشان حقه ، بس سمعت ان ماما تعبت الفترة دي و"سامر"جنبها لوحده و"مروة" حكمها متعلق وواقف لسه مفيش جديد!
ابتلعت بعد ذلك ريقها قبال عينيه التي تتابعها فأراد أن يحتويها بنظراته فلم تكفي فقال بجرأةٍ:
_هي متستاهلش يا "أسماء" ، بس عشان زعلك اللي ملازمك من ساعة ما اختارتيني هحاول ، هجرب أكلم "غسان" مع اني عارف ان ملناش قبول عند بعض بس هجرب ولو رفض حقه عشان متتعشميش ، بس يكفي اني أحاول عشانك!
ابتسمت بإهتزازٍ واتسعت عينيها ما أن وجدت نفسها تُسحب بفعل يد "فريدة" بإندفاعٍ ، فضحك هو بقلة حيلة وهو يتابع اقترابهما من الفيتات البقية والتي كانت معهن "نيروز", تقف أمام السنتر جوارهن ، أهبط عينيه من عليهن وعاد يفتح علبة السجائر ليتقط واحدة أخرى وهو كذلك يقف وحده رغم مناداة "حازم" و"بسام" الذي كلف نفسه كي لا يشعره بشعور سىء ولكنه تغاضى ورفض القدوم متحججاً بتوجع ساقه ، فجلس على وجه السيارة يعبث في هاتفه وابتسم ما ان وجد صديقه يتعمد عدم تركه ، فإختاره يقف جواره وهو يدفعه بمزاحٍ فضحك "حسن", وظهر الامتنان والحب في عينيه ما أن أخرج "آدم", هاتفه يحثه:
_يلا أخد لك صورة وانت بالشياكة دي عشان تغير صورة الفيسبوك!
ابتسم "حسن" يأخذ وضعية التصوير ، فالتقط له "آدم" والذي دار الكاميرا كي يلتقط صورة مع صديق أيامه وطفولته ، رفع ذراعه عليه ورفع الهاتف بالكف الآخر لأعلى وهمس يسبه بشبابية فخرجت ضحكات"حسن" على كلماته والتقط حينها "آدم", الصورة بضحكة صديقه الصادقة وليست المتصنعة!،
فلربما هذا ما نريده ، صديق وفي ومخلص ، يختارنا في جميع أوقاتنا ، لا يمل ولا يكل في محاولاته للتخفيف عنا ، يسحبنا نحو الطريق الصحيح ، وهكذا كان ذلك المخلص ، هكذا كان الصديق لصديقه ، هكذا كان "آدم" لـ "حسن".
..
بينما على ناحية مقابلة لهما وقف "بسام" يستعد للدخول ما أن علم ببدء دخوله ، تنفس بهدوءٍ وابتسم وهو يطالعهم مودعاً إياهم بنظراته ، بدأ يسير في خطواته ناحية الداخل من البوابة الكبيرة التي تقف خلفها "فرح" بظهرها ..
بينما هم قرروا الانتظار في الخارج بعد جلسة تصوير العروسين في الداخل ، دخل "بسام" مع بداية موسيقى هادئة تناسب دخوله ، وانبهر ما أن رأها تعطيه ظهرها بذلك الفستان الأبيض الطويل ذو الذيل الطويل ، إقترب بخطوات واثقة بينما من الداخل كانت دقاته تتسارع متساءلاً هل حقاً توصلت إلى هذه اللحظة؟؟.
ابتلع ريقه بصعوبةٍ ولم يغفل عن الكاميرات التي تقوم بتصويره بينما هى كانت تعطيه ظهرها بارتباك، وزفرت أنفاسها بتقطعٍ ما أن وجدته يضرب كتفها بخفةٍ ، فإستدارت ببطىء مع الموسيقى والأغنية ..
هل حقاً ما رآه صحيح؟ ملامحها الهادئة المريحية تسلب أنفاسه عينيها في الكحل والزينة تخطف موضع فؤاده ، بقى ذاهلاً فقط كانت بالنسبة إليه مُذهلة وجعلته يتعمق النظر ناحية وجهها والفستان بالكامل ، بينما هى لمعت عينيها عندما شعرت بصدق اللحظة واتسعت ابتسامتها قبل أن تفر منها الدمعة حينما أمسك موضع قلبه متوجعاً منكمشاً الملامح بقوله :
_آه ، أخدتي قلبي من مكانه يخرب عقلك يا دكتورة فرح!!
ضحكت "فرح" بينما ظهر على ملامحها التأثر ورددت بتحشرجٍ :
_سلامتك.
رددتها بإختناقٍ وسرعان ما عانقها بقوة ، هو الآخر لمعت عينيه بقوةٍ وهو يردد من بين هذا العناق:
_انتِ طالعة جميلة أوي ، أوي يعني..يا بختي
خرجت تلتقط البوكية منه وابتسمت تتعمق في ملامحه وصمتت بتأثرٍ قطعه ما أن اعترف:
_أنا أسعد واحد في اللحظة دي وأسعد واحد النهاردة عشان أخيراً بقيتي معايا يا "فرح" ، أنا مش مصدق نفسي!
اعترافه الأخير لم تتوقعه وهو هكذا الدمعة على وشك الهبوط، فقد صبر كثيراً وعانى أكثر والنهاية كانت "فرح"!! ، تلهقت تدخل بين ذراعيه تبادله القول بسعادةٍ بالغة:
_أنا كمان فرحانة أوي ومش مصدقة نفسي..
ضمته بقوةٍ فضمها بتلك اللحظة التي لم ولم تُنسى أبداً ،. بين يديه طوق نجاته وفرحته الكُبرى بين يديه ما يناديها دائماً كما سيناديها الآن وهو ببتسم بعذوبةٍ:
_يا وصية رسول الله ، يا طوق نجاة "بسام".
ثم دارها بكفه لتدور بذلك الفستان الكبير كي تقابل وجهه من جديد وهو يردد بصدق رغم مزاح الكلمات:
_يا سيدة كل النساء.
هل يوجد أكثر من ذلك؟ ، اتسعت ابتسامتها بحبٍ بان في عينيها له واقترب بنفسه يقبل قمة رأسها بعدما قبل باطن كفها برقةٍ مع انتهاء التصوير الأول بدخوله للعروس
توقف "بسام" هو يعطيها المنديل الورقي كي تمسح وجهها بحرص كي لا تتحرك مساحيق التجميل وابتسم وهو يتابعها باهتمام انقطع ما أن وجد "وسام" تركض ناحيته بفستانها الذي كان كبير من اللون الرمادي، ضيق من الجزء العلوي ثم تُرك حولها من بداية الخِصر ، به طبقة من اللمعة كما كان حجابها من نفس لون الفستان ، إندفعت في عناقه بقوةٍ تحت ابتسامة "فرح" ، فبادلها "بسام" العناق وهو يردد بذهولٍ :
_يخرب عقلك ،ايه الحلاوة دي كلها ؟
_بجد,شكلي حلو؟؟؟
سألته بلهفةٍ فأكد برأسه بقوةٍ مقترباً ليقبلها بين عينيها فلمعت عينيها وهي تبتسم وعانقته من جديد ، ثم ابتعدت ما أن هتفت منظمة التصوير بدخول العروسين لموقع التصوير في الداخل.ا
تزامناً مع اشارتهما لها أشارت هى لهما وابتعدت تخرج بلهفةٍ إلى الخارج ، وما أن خرجت من البوابة وجد "غسان" عينيها تقع عليه أولاً وتلقائياً هرولت ناحيته فإندفع يقابلها بعناق سريع ذُهلت منه ما ان وجدت نفسها تُرفع عن الأرض بفعل حمله لها ، فضحكت وهي تهبط سريعا ً ما أن قال بإعجابٍ:
_دا جمالك ده يا بت ولا جمال عبد الناصر؟
ضحكت وهي تضع يديها على فمها ووجدت حولها الفتيات ، فعانقتهم جميعاً بالأخص "نيروز" التي انبهرت بجمالها في الفستان ، بينما هو استند بسعادةٍ جوار "شادي" و"بدر" و"عز" وحازم" ، فنطق "شادي" مازحاً لصديقه:
_احنا نجوز وسام بقى يا غُس ، شكلها كدة عايزة عريس.
_دا عند أمك!
اندفع بقولها "غسان" بسخريةٍ فضحك "شادي" يضرب كفه بكفه الآخر مع تدخل "بدر" بإستنكارٍ ضاحك:
_أنا مش مصدق والله اللي انت بتعمله ده انت وعمي ، كل بنت مسيرها الجواز ، دي سنة الحياة يا غُس.
لم يفكر كثيراً بهذا الأمر بل ابتسم ناحيته بإستخفافٍ ونظر نحوهن بوجود شقيقته وسطهن بضحكاتها العالية وتصويريهن لبعضهن ، نادت "نيروز" "غسان" الذي أخرج الهاتف يقوم بتصويرهن جميعاً جوار بعضهن ثم أعطاها هاتفه كونه ذو كاميرا جيدة وتركه لها معهن ثم عاد يقف جوار الشباب من جديد ، وتلك المرة أخرج اللفافة يشعلها وتلك هى العادة السيئة التي ظلت ولم يستطع تغيرها ، فبوقت رجوعه إلي التدخين توقع بأنه سيقدر على منع ذلك ولكنه فشل!!
وبالآخر "عز" الذي أشعل له بقداحته كما أشعل لنفسه بينما انشغل "حازم"و"بدر" و"شادي", بالحديث عن السيارات وعطلها في إحدى المرات..
وقف قباله "عز", ببتسم وهو يشعل له اللفافة وتفاجئ "غسان" من طبيعة ما تساءل به دون مقدمات:
_يعني أضمن أخوك ؟
ضحك "غسان" تلقائياً وحرك رأسه باستنكار يجيبه بسخرية:
_انت فعلاً بتسأل؟ ، ما خلاص دي بقت مراته يا عزوة ومن زمان كمان ، مالك كدة؟ ما تنشف يا معلم!
_فرح مش أي حد ، أنا بخاف عليها أكتر من أي حاجة في الدنيا دي!
هذا الاعتراف خرج بتخبط بان وهو ببتلع ريقه فإحتوى "غسان" ذلك وهو يربت على كتفه:
_وحقك مقولتش حاجة ، بس مش عشان بسام أخويا ولا عشان دول ابويا وأمي بس شهادة حق أخويا بيتقي ربنا في كل حاجة ، وعند أختك هيشيلها جوا عنيه لأنه بيحبها فعلاً ، لكن أبويا وأمي طبيبين ملهمش في الشغل اللي بالي بالك ده ولو مش قادر تصدق روح إسأل نيروز من ورانا أو حتي أمها وإخواتها ، احنا مبنجيش على حد يا عز ، احنا عندنا بنات في بيوتنا فلازم نتقي ربنا فاللي معانا .
كانت كلماته بمثابة أمان ، جعله ينظر براحةٍ فيما فهم "غسان" مدى تعلقه بشقيقته جيداً في هذه اللحظة ، فلم يفعل سوى انه احتضنه باطمئنان ، ثم اعتدل يضع اللفافة بفمه وقبل ان يخرج الحديث منهما وجدا "آدم" يقترب مع "حسن" حتى وقفا أمامهما ، فنظر "حسن", ببسمة هادئة ردد بها لـ "عز":
_مبروك يا "عز".
_الله يبارك فيك..عقبال ما نشيل عوضك يا حسن وبعد كدة تفرح بيهم .
وكأن لم يحدث بينهما شىء اليوم ، أو من المحتمل أن يكون صديقه هو من أرشده ونصحه ، ابتسم له بلطفٍ ثم التفت مع ضحكات "آدم" مع "غسان" ونطق لـ "غسان" بطلبه:
_ممكن خمس دقايق من وقتك أتكلم معاك فيهم؟
نظر ناحيته "غسان" وهو يمسك اللفافة بين أنامله رفع نظراته صوب عيني "حسن", تجاههه فيما انسحب "عز", يترك لهما المساحة الخاصة وكذلك "آدم" الذي حذر "حسن", من قول أي شىء مندفعاً ، حثه على أن لا يتحدى الآخر وان يفكر بكل حرف قبل ان يخرج حتى لا تحدث عقبة في هذا الوقت الذي لا يتطلب ذلك ابداً..
_ أعتقد مفيش بيني وبينك حاجة تتقال يا أبو..علي!
تباطىء "غسان" في قولها فأخرج "حسن", يشعل لفافته مع انتهاء لفافة "غسان" ، فأخرج له "حسن" واحدة ، ومد يديه ناحيته ، نظر "غسان" أولاً بصمتٍ ثم قبلها منه وأخذها يضعها بين شفتيه فأشعلها له "حسن", وهو يجيب بثباتٍ برع في اصطناعه :
_لسه في بينا كلام غير اللي فات ، لإن اللي راح أنا نسيته.
فحرك "غسان" رأسه بكلمة واحدة يتساءل بتسليةٍ:
_يعني؟
واجهه بعينيه القويتين كي يخبره فأخبره "حسن" بجراءةٍ:
_بخصوص موضوع "مروة".
لم ينصدم "غسان" بل نظر إليه وهو ينفث دخانه وسأله بجديةٍ رغم فظاظة الكلمات:
_وانت مالك؟
الوضع يُراقب الآن بترقبٍ من "نيروز", التي هابت حدوث شىء، فيما رد "حسن" موضحاً:
_اخت مراتي ، وأنا عايز اشوف حل طالما انت معلق كل حاجة كدة ، أمها تعبانة وخروج بنتها من السجن هيفرق معاها ، فلو تخرج ونسفرها ويا دار ما دخلك شر عـ...
قاطعه "غسان" بإستهزاءٍ قائلاً:
_سهلة للدرجادي؟
اهتزت ملامح "حسن" وابتلع ريقه يرد في تفهم:
_على العموم هو حقك ولو رفضت مش هيحصل حاجة ، هى كانت مجرد محاولة وكنت عارف ان ملناش قبول عند بعض يخليك توافق وتتنازل بعد كل ده!
_اتغيرت أوي يا "حسن."
واجهه "غسان" بقوله هذا ، فتمسك "حسن" باللفافة وهو يخبره بنفس الاستخفاف:
_الدنيا بقى!
زفر "غسان" أنفاسه وصمت قليلاً ثم بدأت نبرته في الخروج في مواجهة لوقوفه:
_طب وهى الدنيا معلمتكش ان اللي ليه حق مش عيب يسكت عنه
فاندفع"حسن" بلتقائية معلقاً :
_ومش عيب يتنازل عنه!
رفع "غسان" كلا حاجبيه مع اقتراب "نيروز", بجراءةٍ من كثرة خوفها من هذه المقابلة ، وهاجمه برده الذي تساءل به:
_ضعف ده ولا طيبة؟
حاصره "غسان" بسؤاله فنظر له الآحر بعجز عن الرد ، ببنما هو من رد موضحاً من جديد:
_طب وحقي وحق مراتي وحق أخواتك البنات اللي اتمرمطوا على ايدها ، وحق أخوك حازم كمان اللي طلع عينه من كتر القهر اللي اتقهره ؟؟
حاصره بتلك الكلمات الشديدة عليه..فوقت بصمتٍ ونظر ناحية وقوف "نيروز" جوار "غسان" الذي نظر ناحيتها بخفةٍ ثم حرك عينيه يحثها على البعد بحزمٍ فإنسحبت رغماً عنها ولكنها وقفت على بُعد بتوترٍ!!
_أنا طلبت منك حاجة وقدامك القبول أو الرفض ، متسألنيش عشان أنا وضعي صعب في المعادلة دي!
هرب من أقواله بهذا ، يكفي شعور الذنب الذي لا يتركه ، ولكنه واصل يكمل مجدداً:
_وان كان لا فعايز افهم ليه كل حاجة لسه مفتوحة مادام انت ناوي على سجنها ، ليه سايب الحكم متعلق كده ؟؟ ناوي تخرجها بس لازم تحط بصمتك كالعادة في كل حاجة يعني..عِرق البدري ده صح؟!
سخر "حسن" منه ولم يرض ان يربح عليه فضحك الآخر بإستهزاءٍ ما ان مال عليه "غسان" يردد جوار أذنه:
_شاطر ، فكرت حسن القديم اختفى ، وقولت يا خسارة دا كان مُسلي أوي!!
اغتاظ من طريقته ولكنه تحلى بالصبر ، وبقى ثابتاً فيما وضح له "غسان", وهو ينظر نحو ساعة معصمه:
_عموماً هو براحتي ، أعمل اللي أنا عايزه ومش انت اللي هتقولي أعمل ايه ، دا انا اللي أقولك..
عدّل عليه "غسان" بذلك ثم تساءل "حسن", بعينيه فرد "غسان", بثباتٍ:
_هقولك ان عيب توقف واحدة متجوزة في الشارع تسألها عن حالها .
قصد "نيروز" فإهتزت ملامحه قباله وعاد"غسان" يحذره مجدداً رغم ابتسامته :
_بنت عمك في البيت عايز تسأل عنها تسأل عنها في بيتها وفي وجودي وقدامي ، أظن انت فاهم الوضع حساس قد ايه وأنا مش مركب قرون يا أبو علي ولما بعدي حاجة بعديها بمزاجي!
تنفس "حسن" ملتزماً الصمت ، وانصدم ما أن وضح له:
_دا أولاً ، ثانياً بقى واللي مش مهم تعرفه بس هعرفهولك و طيبة مني مش ضعف هـاا
لمح له بقول قد ردده قبل دقائق ثم عاد بسرد بوضوح:
_ أنا اتنازلت امبارح والمحضر اتقفل ويومين واخت مراتك تطلع ، وكويس انك جيت عشان أقولك ان لو لمحت طيفها في العمارة كلها مش في الدور التالت بس ، هزعلها وأظن برضه هي عرفت أنا زعلي عامل إزاي ، تخرج من بره بره يتجهز ليها تسافر وتغور من هنا ، ودا شفقة مني مع ان مش كفاية شهرين ونص بهدلة في الحبس بس أعمل ايه..
وتوقف "غسان" يفسر له ببراءةٍ بعد هذه الكلمات واسترسل:
_قلبي رُهيف وطيب ومتربي بقى ، وابويا علمني مهما حصل مجبش على حُرمة ، بس الصراحة حرمتكم كانت صعرانة وأنا مبحبش حد يتصعر عليا !
اندفع بكل شىء وكشف ما يخفيه ، فتفاجئ "حسن" الذي وقف منصدماً فلم يترك صدمته تأخذ مجراها معه بل هتف بإهتزاز رغم جدية الكلمات :
_كتر خيرك.
بادله "غسان" الإبتسامة ولم يرد ، فتحرك الآخر من أمامه تزامناً مع اقتراب "نيروز" بإرتباك وقبل ان تتساءل وجدته يتحدث ناحيتها بجدية متعمداً عدم فتح الحوار:
_مطلعوش لسه؟؟
طالعت بساطته وكأن شىء لم يكن، نفت برأسها فإبتسم يجاري تجاهله وسار برفقتها ناحية الفتيات والشباب من جديد في انتظار العروسين ، حينها وجد "غسان" "حسن" ينظر له ببسمة ممتنة التقطها هو فوجد نفسه يبادله الابتسامة دون تصنع ، فلاحظت "نيروز", ما يجري بينهما وعادت أنفاسها بعدما سُلبت لدقائق ..
وبعد مرور وقت ليس قليل صفقت "وسام" تخبرهم جميعاً بصوتٍ عالٍ:
_يلا، اجهزوا بسام وفرح قربوا يطلعوا!!,
ترقبت الفتيات وكذلك الشباب ، فوقفت "وسام" تتابع حتى فُتحت البوابة الذي طل منها "بسام" ممسكاً يد "فرح" التي ابتسمت شاعرة بفرحة بالغة وسخونة بوجنتيها من كثرة ما تسمعه من زغاريد وانبهار في الكلمات حينما وقعت عيني الفيتات عليها وتلقائياً اقتربت "جميلة", تردد بلهفة:
_شكلك تحفة أوي يا فرح ، ربنا يحميكِ .
عانقتها على الفور بتأثر وهي تبتلع ريقها بصعوبة فتعالى صوت الفيتات بمدحٍ بها ، ووقفت "فريدة" تنظر حتى اقتربت تعانقها بسعادةٍ وانبهارمن جمالها الهادئ ، وبالأخرى "نيروز" مع البقية والتي هتفت لها:
_زي القمر وأحلى يا فرح ما شاء الله.
ضمتهن "فرح" كلهن في سعادة شاعره بأنها تملك أشقاء فتيات حقاً في هذه اللحظة ولكنها في تلك اللحظة التي تعانقهن وتقابل مدحهن وحتى مباركات الشباب إليها بإحترام ووقوفهم جوار "بسام" إلا أنها لم تكف عن البحث عنه بعينيها وأخيراً وقد وجدته يقف على بُعد يمسح عينيه بالمنديل الورقي قبل أن يقترب..
لم تترك له فرصة للإقتراب بل تركت كل شىء وتوجهت نحوه ، نحو شقيقها والذي وُضع بموضع والدها في هذه اللحظة ، اقتربت بأعين لامعة حينما اقترب منها بنفس اللهفة حتى دفعها في عناق شديد سألته هى به بضعف وتحشرج:
_انت..انت بتعيط يا "عز" ، بتعيط ؟؟؟
حاول الثبات بقدر الإمكان ونفى وهو يضمها بقوةٍ فخرج ينظر نحوها بالكامل بسعادةٍ لم يتوقع بأنه سيشعر بها ولكنها ابتسمت ما أن احتوى رأسها بين يديه وهو يردد بتأثر قبل ان يقبل قمة رأسها :
_أحلى عروسة شافتها عيني يا فرح ، ربنا يسعدك
تأثرت وحينها لم تترد ثانية في امساك كفه لتقبله ببرٍ فضمها من جديد والكل ملتف حولهما الآن ومن استطاع أن يُصورهما قد فعلها ، خرجت من بين ذراعيه وهي تحمل طرف من فستانها بغير انتباه ولكنها وجدته يعانق "عز" الذي ضرب ظهره بخفةٍ يحثه دون النظر نحو عدستيه وعدستي شقيقته كي لا يضعف:
_إبدك في ايد عروستك يا غالي.
ابتسم "بسام" وتأبطت هى بذراعه حتى سحبها فأشارت لهم بالوداع وهي تضحك من فعل الزغاريد بصوت واحد ، وهذا التجمع جعل الانظار تلتفت ناحية هذه العائلة والذي ان نظر لهم أحد سيحكم من الظاهر دون علم الباطن..
ركب "بسام" جوار "فرح" في الخلف وتولى "غسان" أمر قيادة السيارة فلم ترض "نيروز" الركوب وحثت "وسام" على الجلوس جوار شقيقها ومع العروسين ،بينما هى اقتربت تجلس في سيارة "شادي " الذي أوصاه "غسان" على أن ينتبه عليها كي لا يقود بقوة وتهور!
تحركت سيارة العروسين أولاً ثم "شادي " وبوقت واحد سارت سيارة "حسن" ومن معه من عائلته الصغيرة و"آدم" ، وسيارة "حازم" هو الآخر ومن معه، والكل الآن في طريقه نحو قاعة الزفاف!! واللحظات السعيدة على وشك البدء ثم الإنتهاء!!
تعالت الزغاريد من "وسام" بسعادةٍ بالغة ، بينما "غسان" طالع فرحة "شقيقه" الذي كان يطالع "فرح" حتى انه مال يسألها بمرح وسط هذه الأجواء:
_عينيكِ جبارة ، ولسه عايز أعرف روتين رموشها ايه!
ضحكت"فرح" بخجلٍ ، بينما نظر هو من الشرفة كما نظر البقية ما أن وجد "آدم" يدفع صورايخ ومفرقعات وهو يخرج من سقف السيارة الذي قام بتأجيرها مع صديقه ، صفّر عالياً بسعادةٍ وهو يشير بكفه ناحيتهم ولازال يفعل ما بفعله بخفةٍ تحت ضحكات "فريدة" وهى تتابعه ، بينما تناسقت سيارة "شادي وحازم" خلف سيارة "غسان" بشكل متنساق يُعلن بأن اليوم يوم زفاف وان السيارة الأولى سيارة ليست عادية .. سيارة العروسين! ، كما كانت سيارة "عز", معهم والذي كان يعلو في صوت قيادته بحذر وبراعة فمن غيره بارع فيما يخص السيارات؟!
______________
_يا ختي دي " فرح "دي بنتي التالته بعد "وسام ونيروز" واللهِ ، انتِ بتوصيني على مين يا أم عز بس؟؟؟
كان هذا قول "دلال" وهى ترد على توصيات "حنان" ،فيما كان جلوسهم على طاولة كبيرة جداً تخص العائلة ، وقف "حامد", على بُعدٍ يرحب بالمعازيم خاصةً الأطباء أصدقاء "بسام" و بالآخرين أصدقاء "غسان وشادي" وبقية عائلته البعيدة هو وزوجته ، وما بعد ذلك نهضت "حنان" ترحب كون "عز" ليس هنا ، وجلست "دلال" جوار "فاطمة" التي كانت تتابع المكان بإعجاب ، وكان الصغار يلهون ويلعبون ، جاءت "وردة" بعدما كانت في المرحاض مع صغيرها ووالدتها التي تولت الأمر عنها وهي تحاول مراضاة حفيدها والتي حملته تقبله بسعادة ثم جلست جوار "دلال" والتي مالت عليها قائلة:
_منورة يا أم العريس ، عقبال أولاد "غسان ونيروز" ونعيش ونفرح بيهم سوا يارب.
صديقتها ومهما تحدثت لن توفي الكلمة حقها ، ابتسمت ترد في تأثر وهى تميل لتقبل "يامن", والذي تركهم راكضاً نحو وقوف "والده" "بدر", مع الرجال حتى تمسك بساقه فإنحنى يحمله وهو يضحك حتى طبع قبلة على وجنتيه مع تساؤلات الغير بهل هذا حقاً صغيره؟ ، فأكد لهم مبستماً .
_إذيك يا طنط دلال ، عاملة ايه ؟
تفاجأت "دلال" من وقوفها بعد أن علمت بأن من الصعب قدومها! ، وقفت بصدمة تقبلها بلهفة قبل أن تقبل وترحب بوالدتها التي تقف جوارها. . وحتى والدها وشقيقها وشقيقها الآخر اللذين يقفون مع "حامد", ليرحبون به:
_إيمــان ، حبيبتي ، ألف بركة انك جيبتي ، ونبي دا وسام كانت زعلانة اوي انك مش هتعرفي تيجي!!
رددتها بلهفةٍ ثم رحبت بوالدتها ، فضحكت "إيمان" تجيبها قبل ان تميل ترحب بالبقية بأدبٍ:
_ أخدت اجازة ونزلت من السكن يادوب لبست وجيت علطول معاهم!
سعدت لقدومها بلهفةٍ.. وجلست على الطاولة معهم هى ووالدتها ، إلى أن أعلن منظم الحفل بقدوم العروسين ، وبخفةٍ وجدت الشباب يقتربون منهم مع الفيتات ، وحينها اتجهت "وسام" مسرعة تعانق والدها ثم ناحية الطاولة وهى تحتضن الجالسين إلى أن تفاجأت بتواجد صديقها فصاحت:
_إيــمان؟! ، انتِ هنا بجد؟؟؟
_مكنش ينفع أسيبك في يوم زي ده يا ويسو!
ثم اندفعت تحتضنها بشوقٍ ، تلهفت بوجودها وجلست جوارها بلهفٍة وحماس ، فيما اقتربت "نيروز", تجلس جوار "غسان", على المقعد ، ثم "شادي ومنة" ومن ثم "آدم وفريدة" و"حازم وياسمين" و"حسن وأسماء" وهناك "بدر" جوار "وردة" وشقيقته وصغيرها وجوار "حسن" جلست "زينات" بعد ترحيبها بالنساء ، ثم جلست "جميلة" ووجدت "عز" يقترب فتفاجأت بجلوسه جوارها بهدوء وسألته بصدمة:
_ايه ده انت مش هتدخل بفرح الأول ؟
لم يخجل من مصارحتها حينما نطق يعلن خوفه ما ان خانته مشاعره:
_مش ضامن نفسي ، هتابع من هنا أضمن وأبقى أقوم أرقص معاها.
لم يرض أن يجعل شقيقته تبكي فيبكي لأجلها ، لم يرض افساد اللحظة فإنسحب بهدوء جار زوجته ، تأثرت وتمسكت بكفه تحتويه فإبتسم ومال يغازلها جوار أذنها:
_علفكرة أنا اكتشفت انك حلوة بس مش في الأبيض لوحده ، دا في كل الألوان ، وبالذات دلوقتي..
وأكمل وهو يغمزها مطالعاً فستانها وهي جالسة:
_في البيچ كمان!!
_بجد؟
أكد برأسه وذكر كلمات كان قد رددها من قبل بكثرة ولم يكف عن النطق بها لها:
_أه يا حلو ويا مسليني!
ابتسمت "جميلة"بخجلٍ راق له وظلت متمسكة بكفه فرفع يديها يقبلها بحبٍ قبال من تابع حبهما هذا ، وفي المقابل كانت تراقب "نيروز" بحب متمنية بتلك اللحظة دوام هذا الحب والراحة لرفيقة دربها فوجدته يميل ناحية أذنها مردداً بعبثٍ:
_أحلى رزّة في الرزات كلهم!
كبتت "نيروز" ضحكتها وسألته تشهده على ما يردده دون تفكير:
_انت شايف ان ده كلام حلو يعني؟؟
حرك "غسان" رأسه بتأكيدٍ ونطق وهو يتعمق بملامحها:
_خلصت فيكِ كل الكلام الحلو يا "نيروز" ، هتعملي فيا ايه تاني!
ربما اعتبرت هذه الكلمات كلمات جيدة متغزلة بها ، ابتسمت بإتساع وهي تشعر بحركة أحد صغارها واستندت على كتفه براحةٍ وكفها على معدتها تنظر نحو نظرات الجميع ما أن فُتحت البوابة ليدخل منها "بسام" و"فرح" معاً مع الصمت من المعازيم والمتحدث كانت الأغنية التي فعلت مشاعر عديدة والكل يتابع بإعجاب طلة هذين العروسين..
_«ادخلي عمري بخطوتك اليمين
اضوي ايامي وعتمات السنين
قرت عيوني بشوك مقبلة
يالملاك اللين العذب الرزين
اسمعي نبضي ورا صوت الدفوف
من لمحتك ضيع الشوق الحروف..»
خفق قلب "فرح" بهذه اللحظات وهي تتمسك بيد "بسام" الذي ظهر جذاباً حتى وهو ينظر ناحية رهبتها واحتوى كفها هامساً مخففا عنها حدة رهبة الوضع بكم هذه النظرات التي توجه عليهما وعلى العروس بالأخص:
_متخافيش..أنا معاكِ!
اطمئنت وهو يحتوي كفها وتم إكمال الكلمات والكل يتابع سيرهما ببطىء ناحية الداخل ، فلمعت عيني "حنان" وهى ترى ابنتها عروس لأول مرة تشعر بمثل هذه المشاعر ، مسحت وجهها برفقٍ وهي تتابع ابنتها بحبٍ وسعادة لا تختلف عن سعادة "حامد" و"دلال" بولدهما حتى وسعادة "غسان" هو الآخر..
_«يا ضيا عيني والله ما تشوف
اضحكي يا نور عيني واسعدي
خلي الفرحة في عمري تبتدي
العمر قبلك وهن ما يحتسب
هذي الليلة ترى ها مولدي
في وسط قلبي حفرت اسمك هنا
نورا بن تركي تراها لي انا
نصفي الثاني وفرحة دنيتي
دامي دام لي حياتي في هنا»
هل يوجد هناك سعادة أكثر من ذلك ؟ , لمعت عيني "فريدة" في الخفاء ولم تلاحظ أنه يتفحصها الآن حتى تلمس كفها فنظرت في اتجاه عينيه التي احتضنت عينيها وهو يردد بأمنيته:
_كان نفسي أشوفك عروسة وتطلي بالفستان الأبيض ليا!
تشبتت "فريدة' بكفه تواسي أمنيته العاجزة بتلك اللحظة وصرّحت بصدق:
_راضية وأنا معاك!
وضع "آدم" ذراعه عليها بإحتواء فآقتربت برأسها تبتسم بإتساعٍ وللمرة الذي لا يعلم عددها يلاحظ بأنها خصيصاً محط الأنظار كثيرة رغم احتشامها ، فحتي هو يحاول اخفاءها بجلوسه يحاول فعل ما يقدر عليه، هل وجهها يعد فتنة ؟؟ تساءل بحيرةٍ، فيما كانت "أسماء" جوارهما تشعر بالسعادة بمجرد ما أخبرها "حسن" بما قد فعله "غسان".
تم رقص العروسين رقص هادئ يناسب بداية هذا الحفل وتمت المراقبة من الجميع .. وعند إعلان منظم الحفل بالرقص لكل شخصين ، نهضت "منة" مع "شادي" و"بدر" و"وردة" و"عز مع جميلة" ، و"آدم" مع "فريدة" وأخيراً "حسن" الذي نهض يسحب كف "أسماء" كي يرقص جوارهم، لم تستطع "نيروز", النهوض بسبب بطنها المتتفخة أمامها هى وشقيقتها "ياسمين" ،فظل"غسان" معها حتى يحين الرقص الآخر مع الشباب ..
وبلحظة كهذه مع امتلاء الساحة بكل زوجين من العائلة أو غيرها ، قررت "فريدة" إخباره كما خططت ولكنه سبقها يحثها مبتسماً :
_عايزك تعتبري نفسك في فرحك يا شاطرة.
ابتلعت "فريدة"ريقها وتحركت معه بخفةٍ تخبره وهى بالقرب منه:
_فرحي وأنا واحدة حامل ؟ ، كرستينا حامل تاني ؟؟
رمش "آدم" بأهدابه بصدمةٍ وسألها بغير استيعاب:
_ايه؟؟؟
_ايه!!
رددتها بضحكٍ وازدادت ضحكاتها ما أن سألها:
_انتِ بتتكلمي جد يا فريدة ولا بتهزري؟؟؟
نفت"فريدة" برأسها ودفعت رأسه ناحيتها تهمس جوار أذنه بوضوح :
_والله العظيم مش بكدب ، أنا حامل فعلاً يا آدم ، وكلهم كمان عارفين من يومين زيي بالظبط ، وحسن عرف النهارة بس أنا قولت أعملهالك مفاجأة لوحدك واحنا بنرقص في اللحظة دي!
اتسعت عينيه وهو ببتلع ريقه بصعوبةٍ يحرك رأسه ببوادر استيعاب ، ألهذا كانت والدتها تحثه على عدم الضغط عليها ، اعتقد ان هذا طبيعي مع نصيحة "زينات", لـ"حسن " بأن بتهمل في امساكها والمزاح معها..
شهقت بقوة وتمسكت بسترته من الخلف ما أن وجدت رد فعله شهقة عالية مع حملها عن الأرض حتى دار بها بقوةٍ جعلت الكل يصفق لهما ، مع علم العائلة بأنه الآن علم أنه سيصبح أب!!
_أنا مبسوط أوي ، أوي يا فريدة!!
ضمها في عناق متأثر ، ولمعت عينيه بوميض غريب قبال سعادتها فإنسحب من ساحة الرقص معها كي يجلس من جديد فوجد "حسن" يقترب خلفه وعانقه بمباركةٍ كما نهض الشباب يباركون له ، وعند علم هذا الخبر من قبل يومين كان الأكثر سعادة به "بدر" و"زينات" و"حازم", و"جميلة" و"أسماء"..
تلقى مباركات كثيرة بينما هى تلقت غمزات كثيرة من الفتيات ، وعند إنقلاب الزفاف للرقص العبثي بتلك الموسيقى اقترب الشباب من "بسام" يحملونه ببهجة ورقصوا بجنونٍ يناسب عمرهم بينما على الناحية الأخرى كانت الفتيات بالقرب من "فرح" وتوقفت بينهم "نيروز" تصفق فقط وعند ملاحظها "ياسمين" تحاول التمايل والتحرك بقوة ، سحبت"نيروز" ذراعها بتحذيرٍ قائلة:
_اهدي يا "ياسمين" ، اهدي بدل ما أنادي "حازم" وانتِ حره!
فردت "ياسمين" وهي تُجبر على عدم التحرك ، ردت بحنق لها:
_فَصِيلة! ، انتِ وهو! ، انتوا الاتنين عينة واحدة!!
ضحكت شقيقتها تتجاهلها ووقفت تكمل تصفيق ولكنها تفاجأت به يمسك كلا كفيها واثقاً بأنها لن تتحرك ولم تتمايل ، تحرك"غسان" معها بخفةٍ وهو يضحك مدندناً مشيراً ناحيتها على الكلمات التي كانت تعد غزل بطرفها هى!..ضحكت "نيروز" بخجلٍ بينهن فيما كانت ساحة الرقص مزدحمة بقوةٍ إلى أن توقف كل ذلك وتواجد "عز" مع "فرح" بأغنية متأثرة فقط..
وحدهما قبال جلوس "بسام" ليستريح ماسحاً وجهه بتعبٍ واقترب منه أصدقائه الأطباء يودعونه في بوادر نهاية الحفل بعد كل هذا الرقص ، حتى توقفت اللحظة لتحرك "عز" مع "فرح" التي سألته بأعين لامعة:
_مبسوط عشاني؟ ، لو مش مبسوط هروح معاك!
ضحك بدلاً من التأثر وأشار بعينيه ناحية "بسام" وهو يتحرك بخفةٍ معها:
_تفتكري الواد الدكتور ده هيسيبك تروحي معايا عادي؟
ضحكت "فرح" وهي تطالع جلوس"بسام" منشغلاً بمن حوله خاصة بالأطفال و"يامن" الذي أعطاه "غسان" له كي يقوم بتصويرهما بواسطة المصور ثم وقف هو جوار شقيقه كي تُأخذ الصور لهما وتتابع بعد ذلك وجود "حامد", و"دلال" و"نيروز"، لإلتقاط صور كثيرة لهم تارة وحدهم وتارة كل شخص مع الآخر وتارة جميعهم ، ولازال مصور الفيديو يقوم بتصوير تحرك "عز" مع "فرح" التي لمعت عينيها ما ان اقتربت "حنان" تشارك رقصهم ليتحول الغناء إلى علوٍ وبهجة ، وأصبح الثلاثة يمسكون بعضهم في تمايل وخفةٍ.
خفة تقابلها خفة رقص "بسام"مع "والدته" ، وكذلك "غسان"مع "وسام" و", حامد" مع ",فاطمة" التي نهضت بفعل إشارة عمها وحولهم كان الصغار يتراقصون ببراءةٍ.
جلست "نيروز" بتعبٍ على المقعد وصادف جلوسها جوار "أسماء" مع "حسن" التي لاحظت اندامجه مع"أسماء" ، فتحركت عينيها ناحية الشاشة تتابع بإندماجٍ وشعرت أن بوادر النهاية تقترب حينما تم فقرة رقص الأم مع الإثنان ..
وبخفةٍ وسرعة وجدته عاد ليجلس جوارها كما عاد البقية فرفعت عينيها تنظر ناحيته في ابتسامة وأخبرته:
_نفس القاعة اللي كان فيها فرح منة وجميلة!
أكد ذلك وهو يبتسم ، وتلهى سريعاً ما أن مال عليه "يوسف" يسأله ولم ينس:
_عمو هى طنط عرفت النونو ايه ولا لسة؟
ضحكت "نيروز" ترد بدلاً منه وقالت بصدق:
_أيوة عرفت بس قولي انت مين فيهم الأول؟
_يوسف!
ابتسمت تضع كفه الصغير على معدتها فنظر ببراءةٍ ما أن سمعها تجيبه باهتمام أسعد صغير مثله:
_بص! ،هنا اتنين ، بنت وولد
_بجد؟؟؟
سعد من كونهما اثنان معاً مثلما كان هو وتوأمه "أدهم" ، فضحكت تؤكد ، مع ضحكات "غسان" الذي أمسك تلابيبه بحرصٍ ومازحه مردداً بحنقٍ زائف:
_وانت مالك ياض؟ شاغل بالك ليه؟؟
ضحك "يوسف" من دغدغته ، وتعالت ضحكته ما أن حمله "غسان" يقبله بمشاكسةٍ ، ضحكت عليهما "نيروز" وتفاجأت بركض "أدهم" ناحيتهما ما ان لاحظ ما يحدث بتوأمه..
وقت كثير وذكريات تحدث بالقعل وتُدَون في الذاكرة حيث صعب نسيانها ابداً ، الكل يسعد الآن ، الكل في حالة سعادة بالغة على الأرجح لم يجربها أحد من قبل كون قبل هذه السعادة راحة أيام كثيرة لم يحدث بها شىء!!
أعلن منظم الحفل انتهاء الحفل ، ونهض الكل ناحية السيارات في الخارج مع رحيل المعازيم شىء فشىء.. توقفت "فرح" تودع "والدتها"و "عز" بأعين فاضت بالدموع وانتهى العناق بتوصية"عز" لـ "بسام":
_ خلي بالك من أمانتي يا"بسام" ، خلي بالك من أغلى حاجة عندي.
تلقائياً عانقه الآخر وهو يعاهده ، فيما تم ركوب الشباب السيارات مع الفتيات والنساء بعد وداعهم للعروسين وتبقى"غسان " الذي حث "عز", على الرحيل هو ووالدته يكفي تعب اليوم، فوقف "عز", هو. و"حنان", التي كانت توصي "بسام", على جانب على ابنتها الوحيدة ، وقفوا إلى أن ركبت"فرح " و"بسام" في سيارة "غسان" والتي ركبت بها معه "نيروز" هذه المرة ، بينما ","وسام" كانت مع والديها في سيارة"شادي" بعد ان ودعت صديقتها وعائلتها ، واللحظات على وشك الانتهاء بعدما سارت جميع السيارات خلف سيارة العروسين!!
________________
السرعة كانت رفيقة للكل ، كل السيارات منتهزين آخر هذه اللحظات فبعد خمسة عشر دقيقة وصلت السيارة أمام المبنى وخرجت الفيتات تقوم بالزغاريد مع خروج "فرح" بمساندة "بسام" الذي ابتسم يدخل ، حتى دخل المصعد يشير لهما بذراعه هو و"فرح" ، وقف "عز" حتى اطمئن على صعودهم فعاد يودع الكل وركب هو ووالدته التي كانت تبكي بصمت وتأثر على فراق استطاعت فهمه الآن ، واستها "جميلة" مع انطلاق السيارة ، فيما تم صعود "حسن", و"أسماء" وتم رحيل "آدم" و"فريدة", بدراجته كما تم رحيل "بدر", وشقيقته وصغارها وزوجته وصغيره ، وصعدت النساء البقية وآخرهم كانت "دلال" "حامد" قبل قليل ، وكذلك "عايدة" مع ولدها "حازم", وزوجته "ياسمين" التي قررت ان تقيم مع والدتها كي لا تصبح وحدها..
تبقى "غسان" الذي وضع السيارة بالجراج، وعاد يبتسم ما أن وجدتها تنتظره فمازحها وهو يحاوط كتفيها ناحية الداخل:
_ايه ده ، دا انتِ مستنياني بقى؟
_وهفضل طول عمري استناك يا بن البدري.
رددتها "نيروز" بحبٍ وركبت معه المصعد وسألته :
_انت هتروح لعمو وطنط دلوقتي؟؟
أكد "غسان" وهو يضغط على رقم الطابق وسرد موضحاً بمشاعر مختلطة:
_لازم ، دلوقتي هم في لحظة إدراك حقيقة ان البيت فضى عليهم ، مش عايز أحسسهم بالإحساس ده!
ابتلعت ريقها وأكثر ما يلامس قلبها هو اهتمامه الشديد بوالديه ، ورغم الكثير من طباعه السيئة التي تظهر ولكن يبقى أفضل شىء هو بره لوالديه ، ربما سيكونا سبب دخوله الجنة ، أدمعت عينيها بالخفاء ,وخرجت برفقته من المصعد تنتظر فتحه للباب ، حتى فعلها ودخل يساندها ثم أغلقه خلفه ، وجد شقيقته في غرفتها بعد هذا اليوم المتعب ، ووجد الصمت عم بالمكان ، فإقترب يتركها في منتصف الصالة وبدأ يطرق غرفة والديه حتى أذن "والده" بالدخول في صوتٍ ثقيل كان يتوقعه هو منه..
دخل "غسان" فوجد "حامد" يرتدي جلبابه بتعبٍ ووجد "دلال" تمسح دموعها ، فإقترب يجلس على الفراش يسألها بمزاحٍ:
_ال ال ، دي دموع دي ولا ايه ؟ ، مالك يا أم "غسان" ، متحسسنيش ان ولادك ماتوا
_ بعد الشر عليكم أن شاء الله اللي يكرهكم وأنتم لا.
ابتسم على إندفاعها بذلك ،وراقب والده وهو يخفي عينيه اللامعة بدموعه ، فنهض يقف قباله وواجهة متساءلاً بضعفٍ:
_,كدة يا حامد ، عايز تخبي دموعك عن صاحبك وحبيبك؟ وبعدين بتعيط ؟؟ طب ليه المشاعر دي كلها طيب؟؟ يعني أعيط أنا كمان وأنادي نيروز تعيط ونبقى عيلة العيوطي؟؟
ضحك "حامد" من طرفته هذه ، هذه المرة طرفة تُضحك ، ضحكت "دلال" هى الأخرى فإقتربت "نيروز" تقف على الأعتاب وهى تتابع اعتراف "حامد":
_انت عارف ، مبحبش البيت من غير وجودكم فيه كلكم ، أنا اتعودت على غيابك بالعافية من ساعة ما اتجوزت ، سميها زي ما تسميها بقا يمكن أنا أب عاطي الأمور أكبر من حجمها بس أنا أكتر حاجه بكرهها هو سكوت البيت من صوتكم فيه.
تأثر "غسان" وهو يضمه بذراعه بإحتواء ثم ضم بالآخر "والدته" وهتف قائلاً لهما:
_البيت دا دايماً عامر بحسك يا حج حامد انت وأمي ، واحنا عمرنا ما نبعد ولا صوتنا يروح منه ، طب شوف كدة..قريب نيروز تولد ويتملى عياط وبامبرز ولبس ولبن ونكد وصريخ ، انت مستعجل على ايه؟ دا انت جايلك اتنين مرة واحدة ، قابل بقا يا حاج وافتكر اني قولتلك هتندم!!
ضحك "حامد" وهو يعانقه ، لا يفشل في اهتمامه بتفاصيل والديه أبداً ، لا يقل الاهتمام ، وهذا ما يجعله يختلف عن أشقاءه أنه ودوماً يهتم بأدق التفاصيل.. يشعر بالمسؤولية منذ الصغر ..
_,هم بس يجوا بالسلامة ومراتك تقوم كويسة من تاني وهبقى مبسوط أوي أنا وأمك!.
طالعهما هو مع اقتراب "نيروز", وهى تبتسم لهما براحةٍ وأخبرتهما:
_احنا معاكم علطول ، عمرنا ما نتخلى عنكم أبداً.
نظرا لها الأثنان نظرة امتنان، وفي تلك اللحظة لم يرض الصعود وتركهما فنطق يؤيد "نيروز" بـ:
_صح الكلام يا رزّة، عشان كدة هنبات هنا النهاردة
ابتهجت ملامح "حامد". و"دلال" ولاحظت "دلال" تعبها فآقترحت عليهما كي لا يُجبرا على الوقوف أكثر:
_طب روح يا حبيبي ، روح أوضتك غير هدومك انت ومراتك وارتاحوا بقى !
_يعني هخرج من الأوضة ومحدش هينام زعلان ؟
أكد له والديه ذلك فإبتسم "غسان" براحةٍ وأسند "نيروز" وهويغمز لوالده هامساً :
_براحتك بقا يا "حامد " ، بالإذن أنا!
ضحك والده بيأسٍ منه فخرج وأغلق "غسان" باب غرفة والديه خلفه وهو في طريقه معها ناحية غرفته كي يستريح بتعب بعد هذا اليوم الطويل ، تابعته "نيروز", وهو يخرج لها ملابسها ثم ملابسه وحثها أولاً على دخول المرحاض كونه يتحمل عنها وهي بهذا الوضع تتعب من أقل شىء!, فوافقته ودخلت تغتسل كي تستريح بإنهاكٍ بينما هو أمسك هاتفه كي يطمئن على صديقه وهو على طريق في هذا الجو .. ، واهتمامه وخوفه على من منه يبقى مع وده الذي لايزول وهكذا هو "غسان" وهكذا كان ولازال!
____________________
«الآن وبكل ثقة
قد ربحت
ربحتكِ زوج لي
زوج بدون نقاط.»
ربحها بالفعل روح له وكل شىء ، لا يصدق أنه وأخيراً توصل إلى هذه اللحظة ، مشاعر كثيرة وعديدة تداهمه وهو يقف إمام بها في بداية حياتهما يبدأها الإثنان بالصلاة ، هى خلفه ترتدي إسدال الصلاة السعادة تغمرها وبين تفاصيل هذه السعادة توجد رهبة طبيعية!
فيشرد الذهن منها وتتساءل ، هل حقاً أصبحت في بيت رجل آخر غير التي كانت تُدَلل عنده؟ ، هل حقاً في عصمة من كان لها حرية اختياره ، وفي النهاية اختارته برضا وراحة قبل الحب ذاته؟ زواجهما في البداية كان لا يشترط الحب بينما الآن؟ الآن يحاول هو تقديم كل شىء لها ، الآن يسعد لأن من معه تعد طوق نجاته ، من أخذته بيديه من قوقعة القهر لتخرجه دون أن تدري ، من اختارها الفؤاد اسماً وبالفعل ..
اختار فرح وبفرحٍ كي يفرح فتلك هى الفرحة..منذ ان اختارها وتزوجها قولاً ولم يمر يوم على فؤاده يعذبه ، لم يستسلم لأفكاره ، لم يظل مع القهر والحسرة والذكريات التي رحلت وحل محلها "فـــرح" ، تلك التي يحب كل شىء بها حتى عفويتها وعدم تنسيق الكلمات في أقوالها ، ضحكاتها التي تكبتها دائماً أمامه كي لا تخرج بصوت عالٍ ، ابتسامتها الخجولة التي تسلب أنفاسه ، رغبتها دائماً في التقرب من الله وتختاره هو ليحثها وينصحها دائماً من خبرته.. كل شىء بالنسبة إليه به فرح ، به طوق نجاة مادامت هى معه ، وفي النهاية ما دامت هى هُنا معه في منزل واحد ، في منزل الزوجية. .لمعت عينيه وهو يقرأ آيات من القرآن الكريم ، آخر ما تم قراءته في الركعة الأخيرة:
_وَمِنْ ءَايَاتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍۢ لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ
تأثرت "فرح" من قراءته ، كما تفضل سماع القرآن منه، ابتلعت ريقها تزفر أنفاسها وركعت خلفه ثم سجدت حتى انتهت بهما اللحظة عند قول:
_السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله.
حركت رأسها خلفها ، حتى انتهى "بسام ", أولاً ثم هى ، والذي التفت ينهض يطوى سجادة الصلاة كما فعلت ، حتى أسندها على المقعد ، واقترب بخطواته الهادئة ناحيتها وهي تعطيه ظهرها بتوترٍ كشفه هو بخفةٍ ، تلمس كتفيها ليديرها ناحيته برفقٍ فإلفتت حتى جلست جواره على طرف الفراش وهى تبتسم بإهتزازٍ ففاجأها وهو يضع كفه على رأسها كسُنةٍ ودعا مبتسماً وهو يطالع عدستيها اللامعة:
_اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه.
ثم اقترب برأسه يقبل قمة رأسها برفقٍ فابتسمت بتأثرٍ ما أن تابع وأمسك كلا كفيها البادرتين وهتف بمشاعر صادقة:
_يمكن لو قعدت أقولك من هنا لكتير إن النهاردة أحلى يوم في حياتي مش هوفي مشاعري حقها .
ابتلعت ريقها فقبل باطن كفها يواصل كلماته بصدقٍ:
_أوعدك انك معايا أمانة غالية ووصية هنفذها وأحافظ عليها ، أنا بحبك أوي يا فرح ، ومش مستعد أجرحك ولا أزعلك أبداً عشان انتِ أرق بكتير من انك تتكسري وتزعلي ، وأطيب من إني أجي عليكِ.
ثم رفع ذراعه يقربها منه فإستندت على قمة صدره بلمعة عين من كلماته ، فدلك لها كفها برفقٍ مردداً باطمئنان:
_متخافيش مني ، أنا دكتور أه بس مبخوفش والله.
ضحكت وهى تعتدل ، وطالعت عينيه بحبٍ حينها تشبتت بكفه وهى تردد بإهتزازٍ:
_ بتمنى ربنا يديمك ليا ونفضل مع بعض طول العمر يا "بسام" ، أنا معاك عرفت يعني ايه راحة ويعني ايه حُب ويعني ايه كل حاجة حلوة كنت مفكرة اني مستاهلهاش ، انت حسستتني اني مرغوب فيا واني استاهل اني اتحب بجد ، زمان مكنتش متوقعة ولا جه على بالي ان ممكن ربنا يعوضني بواحد زيك ، عوض جميل أوي.
تلك الأحرف التي تنطقها تحرك من ثباته ، ولكنها سقطت منها دمعه وهي تسترسل مسحها لها على الفور:
_كان نفسي أعرف اتكلم وأعبرلك انت غيرت في حياتي قد ايه ، أنا اتعقلت بيك ويومي مبقاش يعدي ألا بيك وبطنط دلال وعمو حامد اللي حسسني يعني إيه أب بعد ما كنت مفتقدة حتى معنى كلمة أب ، وانت كمان عرفتني وحسيت بيا من غير ما أتكلم وأقول ،فهمتني وقدّرت واستحملتني ووثقت فيا ، أنا لو هخاف فهخاف أخسرك عشان..عشـ..
توقفت تنقطع فمسح لها دموعها بلهفةٍ ، حينها إعتدلت تعترف بأكثر وقت كان لا يتوقعه :
_عشان انا بحبك يا "بسام" ، بحبك أوي.
برقت عدستيه بغير تصديق وتشبت بكفها وهو ينطق بذهول:
_إحلفي انك قولتيها ، ودلوقتي!! ،، احلفي عشان مش مصدق انك أخيراً نطقتيها!
كان هذا ما ينقصه كان يهاب أن يعطي أكثر دون مقابل الحب مثل السابق ابتسمت تؤكد ، فنهض يسحب كفها وفرد ذراعيه يحثها على عناقٍ دافىء هادئ ، دخلت بين ذراعيه وهى تبتسم بسعادة غمرها الإرتباك حينما تحركت مشاعره تجاهها فوجدته يخلع حجاب رأسها ممراً يديه على خصلاتها برفقٍ وبطىءٍ هتفت من خلاله وهى تشعر بقربه:
_بسام..
نظر "بسام", بعمق عينيها وهو جوارها من جديد ، فإبتلعت ريقها تهتف بضعفٍ:
_أوعدني انك هتفضل كدة معايا دايماً وانك عمرك ما هتسيبني!
لا يصدق أنها طلبت منه هذا ، انتشل كفها وأشار بواسطة ناحية عينيها مبتسماً وهو يقول:
_واللي خلق العين اللي هلكت قلبي دي ، عمري ما هسيبك أبداً ..و عمري ما هتغير مع طوق النجاة!
ابتسمت"فرح،ر بخجلٍ حينما إقترب يقبل عينيها هذه المرة نطقت بإسمه بعد ذلك بإرتباكٍ فإحتوى ظهرها بعناقٍ حتى مال يقبلها مجدداً ، وتلك المرة شعرت بقربه مع خوفها وهى تناديه ولكنه نظر إليها نظرة أمان لم تتذكر من بعدها شىء سوى أنها أصبحت ملك له بالفعل ، وتُمم الزواج من بعد ذلك بعدما ضاعت بين رفقه وحنوه ولطفه مطبقاً سنة رسول الله وما ردده الله في كتابه الكريم ، فأُنشأت بينهما المودة والرحمة وجعلها ملك له بالنهاية!
روحها وروحه ، زوجها وزوجه ، كان هذا ما ينطبق عليهما بقوةٍ ، فالسعادة بعد ذلك غمرته بالكامل ما ان نعم بقربها الذي كان يتمناه تحت مسمى الحُب الذي أعطاه لها أضعاف ما أعطته هى ، ولكن تلك المرة أعطى وقدم أجمل شىء لديه من مشاعر وطباع وتعامل في المكان الصحيح ، في مكان طوق النجاة ، "فرح".
__________________
هل حقاً اللحظات هذه على وشك الإنتهاء ، يوم ملىء بالأحداث نهايته عليهما أن كل منهما يتسطح على الفراش ، بينما هى كعادتها تستند على صدره فيما يحتضن هو بذراعه ظهرها وكتفها واضعاً يديه الأخرى على معدتها ، على صغاره فبادلته احتواءه لصغاره بوضع يديها على كفه وهى تبتسم بإتساعٍ..
اتسعت ابتسامة "نيروز", أكثر ما أن وجدت صوته يخرج بتساؤل:
_صاحية؟
_أه
أكدت "نيروز", وهى تبتسم بهدوءٍ فنظر "غسان" ناحيتها بحبٍ وتساءل يرجع بالذكريات:
_فاكرة يوم فرحنا ؟
تنفست "نيروز", بهدوء ، ورفعت عينيه ناحية وجهه تؤكد بحبٍ متبادل:
_دا يوم عمري في حياتي ما أنساه ، أحلى يوم في عمري كله!
ابتسم "غسان" بمجرد سماع هذه الكلمات فعادت تعتدل على الفراش تستند برأسها على الوسادة ، فطالعها باهتمامٍ وشرد ، ولكنها سألته وهى تواجه عينيه:
_بتبصلي كدة ليه؟
استند "غسان" جوارها وهو يمسح وجهه برفقٍ وابتسم بصدقٍ يقص عليها:
_مش عارف ، كنت بفكر لو مكانش في حياتي "نيروز' ، هل كنت هبقى زي ما أنت دلوقتي ولا كان ايه هيحصل!
تشتت وهو يسبح بخياله وابتسم وهو يعتدل أكثر وفسر:
_مش متخيل حياتي ممكن تكون عاملة ازاي من غيرك ، ولا قادر أفهم إزاي بعد لعب كتير قلبي جه قدامك وقال لا مش لاعب! ، عايز أفهم ليه اختارك انتِ وليه ضعفت قدامك وحبيتك بطريقة مختلفة محبتش بيها قبل كدة ، خدتي مني خوف كتير وفرحة بتظهر بمجرد ما بشوفك فرحانة ، ولهفة أول ما بشوفك جاية عليا وكإني مراهق!
واسترسل "غسان", مع لمعة عينيها بتأثرٍ شديد:
_مبوصلش لإجابة كل ما بفكر في كل ده ، حيران فيكِ وفي حُبي اللي خدتيه ..بس مرتاح..ودي أحسن حاجة ممكن أحس بيها معاكِ بعد الحُب .. الراحة.
هل حقاً ينطق بجدية وحب ومشاعر فياضة ؟ لا تراه هكذا كثيراً ، تابعته بحبٍ شديد بان في عسليتيها وهو لم يكف في التعبير عن ما بداخل فؤاده الذي أعلن الإستسلام لها وحدها:
_أحلى حاجة ممكن يحس بيها الواحد هى الراحة ، عقل وقلب، لو بقيت مرتاح في بالي وقلبي مش هحس ان محتاج حاجة خلاص بعد كدة ، اللي بيني وبينك حاجة مريحة بعد الحُب، وأحلى حاجة قبل ما أحس بالراحة هى اني أحس اني مختار اللي برتاح معاه صح ،و أحلى حاجة ان الإنسان يحب!
مسح لها دموعها التي وقعت منها بقلةٍ فإبتلعت ريقها تردد بتحشرجٍ:
_ثبتني يا بن البدري!
_ابن البدري لو لف الدنيا كلها عمره ما هيلاقي حاجة تحبه زي قلب نيروز ولا مكان يرتاح فيه زي حُضنها.
مالت "نيروز"تحتضنه بحبٍ بالغ، وجعلته هو من يستريح في أحضانها فأستكان وابتسم ، فنطقت هى:
_الست قالت كل حاجة علينا من قبل ما تشوفنا ، تعرف ده؟
سألها "غسان", بعينيه فرددت اسم أغنية لأم كلثوم :
_"انــتَ الحُب"
ابتسم يفهم معنى كلماتها جيداً ، فوجدها تعرض عليه بسعادةٍ وحماسٍ :
_تيجي نغنيها سوا؟
وافق "غسان" بترحابٍ فإعتدلت تدندن معه بتمايل في كتفيها وصوت مُلحن مثل صوته الهادئ وهو يحرك كفيه مع نظام الكلمات وبدأا معاً في لحنٍ ودندنة متناسقة :
_ياما قلوب هايمة حواليك.... تتمنى تسعد يوم برضاك
وانا اللي قلبي ملك ايديك... تنعم وتحرم زي هواك
الليل عليّ طال... بين السهر والنوح
واسمع لوم العذّال.... اضحك وانا المجروح
وعمري ما اشكي من حبك.... مهما غرامك لوعني
لكن أغير من اللي يحبك.... ويصون هواك أكتر مني..
توقفا يبتسما لبعضهما وهم يرددان معاً في صوتٍ واحد وعادا يُكملا وهما في عناق ..عناق الأعين المليئة بالحب:
_أول عيني ما جت في عينيك.... عرفت طريق الشوق بينا
وقلبي لما سألته عليك.... قالي دي نار حبك جنة
صدقت قلبي باللي قالولي
لكن غرامك حيرني.... وليل بعادك سهرني
تجري دموعي وأنت هاجرني.... ولا ناسيني ولا فاكرني
وعمري ما اشكي من حبك.... مهما غرامك لوعني
لكن أغير من اللي يحبك.... ويصون هواك أكتر مني.
ضحكت "نيروز" بخفةٍ وزادت سعادتها ما أن تحرك يقف فهبطت من الفراش وهو يجاري أفكارها وحماسها في هذه الساعة المتأخرة أمسك كلا كفيها ولا زالا يرددا معاً وهم ب
يتحركان بتمايل هادئ جدا يناسب الكلمات:
_أهواك في قربك وفي بعدك.... واشتاق لوصلك وارضى جفاك
وان غبت احافظ على عهدك.... وأفضل على ودي وياك
يورد على خاطري.... كل اللي بينا اتقال
ويعيش معاك فكري.... مهما غيابك طال
واحشني وأنت قصاد عيني.... وشاغلني وأنت بعيد عني
والليالي تمر بيا.... بين أماني وبين ظنون
وأنت يا غالي عليا.... كله في حبك يهون
واحشني وأنت قصاد عيني.... وشاغلني وأنت بعيد عني
وعمري ما اشكي من حبك.... مهما غرامك لوعني
لكن أغير من اللي يحبك.... ويصون هواك أكتر مني.
توقفت عن الترديد لعدم حفظها فأكمل "غسان" وحده وهو يحركها بخفةٍ مبتسماً بإتساع والآن هو في أقصى مراحل الحب والسعادة والراحة:
_ولما اشوف حد يحبك.... يحلالي اجيب سيرتك وياه
واعرف جراله إيه في حبك.... وقد إيه صانه ورعاه
أسأله إن غبت عنه يا حبيبي يشتاق إليك قدي أنا
وان جافيته يا حبيبي يسهر الليل ويناجيك زيي أنا
ألاقي قلبي أنا.... حبه ما جه على بال
لا عن هواك له غنى.... ولا يوم لغيرك مال
إنت الأمل اللي احيا بنوره.... عمره ما يبعد يوم عن عيني
وأنت الشوق اللي اسمع صوته.... لما تغيب عني يناديني
وأنت الحب اللي مفيش غيره.... لو يسعدني أو يشقيني
وعمري ما اشكي من حبك.... مهما غرامك لوعني
لكن أغير من اللي يحبك.... ويصون هواك أكتر مني..
انتهى فضحكت بغير تصديق أنها حققت ذلك حقاً ، ابتسمت ما أن فتح ذراعيه على مصرعيهما فدخلت بسرعة تعانقه وتتشبتت بظهره العاري بذلك الجزء الذي تركه بحرارة دون تيشيرت ، عانقته بحبٍ وابتسمت بإتساعٍ ما ان اعترف لها من خلف ظهرها:
_,كلامها كله بيقولي ان الحُب دايم ، وإن "نيروز" هى العمر اللي فات واللى لسه هيجي.
اتسعت ابتسامتها وشعرت بتحرك صغارها داخلها فزادت سعادتها ما ان تذكرت الذكريات مثله تماماً حينما فسر:
_ عارفة؟ رجوعنا لبعض بعد حب طفولة أهبل عامل كدة زي وصال اتقطع ورجع تاني!
وأضاف قبل أن تردد نفس الشىء وهو يطالع عينيها التي ظهر بها وميض الحب ، وميض حبه هو.. وميض حب حدة الشباب الذي لم يكن معها بحدةٍ أبداً ، بل كل معاني اللين ظهرت معها ، حتى هذه اللحظة حينما عدل حديثه بـ:
_عامل زي.."عودة الوصال!".
إذن نُظر الآن نحو الصفحة الأخيرة والتي كتب بها بخطٍ عريض يختلف عن السرد " نهاية سعيدة" ، خُففت القلوب ولمعت العيون وجاءت" لحظات الوداع ".
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية