رواية آخر نفس الفصل الرابع 4 - بقلم رشا روميه
•• الفصل الرابع••
•• ثعبان ... ••
بيت ياسمين ...
وضعت "سعاد" إناء الطهى فوق شعله الموقد وهى تزفر بقلق بعدما أغلقت الهاتف وهى تحاول الإتصال بـ "ياسمين" للمرة العشرون دون جدوى ...
_ أوووف ... برضه خارج الخدمه ... أنا عارفه وافقتك ليه على الرحلة دى بس ... مش حينوبنى إلا القلق بس والله ...
إلتفت لتلتهى بصنع الطعام ليضيع بعض الوقت قبل أن تحاول مجدداً الإتصال بإبنتها للإطمئنان عليها ...
****
مرت ساعات أخرى بالطريق وقد إلتزم الجميع الصمت يتابعون تلك الرمال التى تحيط بهم على الجانبين فى صفاء تام ...
أخذت "ياسمين" تعبث بهاتفها لكن على ما يبدو أن ليس هناك تغطيه إطلاقاً بهذا المكان ...
لم يمر وقت طويل حتى إهتزت الحافله وضرب الجميع رأسه مصطدماً بالمقعد المقابل له إثر جذب المكابح فجأه من سائق الحافله مما جعله الجميع يهتف بضيق ...
_ فيه إيه ... حاسب ... الله ...
_ما بالراحه ...
وقف مشرف الحافله معتذراً مرة أخرى شارحاً ما حدث حتى لا يسبب أى إنزعاج لهم ...
_ أسفين يا جماعه ... ده تعلب جرى فجأة قدام الباص وإضطرينا نضرب فرامل أحسن نخبطه ...
ربما رأى الجميع أن هذا الأمر وارد بالفعل بتلك الصحراء ، لكن "ياسمين" أخذت تربط بين تلك الحادثه البسيطه وإنفجار الإطار بسوء الحظ الذى يحالفها بسبب ضياع السلسال ....
لم تغفل عينا هذا العاشق المتيم عنها حين تجلس وتغفو وتعبث بخصلات شعرها المتطايره ، كانت تلك الساعات التى تمر هى من أجمل الأوقات التى يقضيها "زيد" وهو يملى قلبه برؤياها أمامه ، تلك الأوقات المسروقه بحبها الذى لن يعترف به إليها أو لغيرها ، وكيف سيصرح بحبه أو حتى يظهره وهو يرى صديقه "هادى" يحبها وينوى خطبتها فور عودتهم .. كما يرى تعلقها الدائم به ...
وحتى لو كان الطريق ممهداً لقلبها فهو على يقين بأنها لن تفكر به مطلقاً فهو لا يتمتع بوسامه تزيغ لها الأبصار گ"هادى" ولا ثرياً مثلها لكى يتقرب إليها ... فهى بالنسبه إليه حلم بعيد لا يتعدى جلوسه على مقعد الحافله ، لا يغمض جفنيه عنها يحبس عشقها بداخله يوماً بعد يوم ...
بعد وقت ليس بالكثير توقفت الحافله تماماً لترتسم إبتسامه دبلوماسيه فوق ثغر مشرف الرحلة قائلاً بمهنيه ...
_ نقول حمد الله على السلامه ...
تلفت الجميع من حولهم لم يروا سوى الرمال الصفراء تحيط بهم من كل الجوانب لتبدو علامات الدهشه عليهم جميعاً قطعها صوت المشرف مرة أخرى ....
_ الباص مش حيقدر يكمل معانا إحنا حننزل نكمل بقيه الطريق سفارى مع بعض ونعمل كامب فى الجو التحفه ده ... وبعدها الفجر نتحرك لكهف (الجارة) ...
تحركوا جميعاً إلى خارج الحافله يحملون حقائبهم الكبيرة فوق ظهورهم لتبدأ رحلتهم الفعليه بتحركهم تجاه أحد الوديان القريبه لوضع خيامهم للمبيت بتلك الليله وسط أجواء حماسيه للغايه ...
*****
تقسم المرتحلين إلى مجموعات لوضع خيامهم بدائرة كبيرة تتوسطهم شعله كبيرة من النيران لإبعاد أى من الحيوانات والحشرات عنهم ليلتف الجميع حول تلك النيران يستمتعون بأحاديث شيقه للغايه لتغمر النفوس بسعادة وإستمتاع ببدايه رحلتهم بعد تلك الحوادث البسيطه بطريقهم ...
*****
جلست "يارا" بصمت إلى جوار "ياسمين" و "زينه" تستمتع بحديثهم دون الخوض فيه ، تتمنى لو تستطيع مجاراتهم لكنها تخشى أن ينفروا منها ، ولم لا فلم يبقى سواهن يقبلونها خاصه "ياسمين" فقط ، لكنها تشعر أن "زينه" لا تستسيغها بالمرة ، لكن ذلك لا يعنيها يكفيها أنها مع "ياسمين" ...
على مقربه منهن جلس "عامر" و "هادى" و"زيد" يتضاحكون ويتسامرون حتى سأل "عامر" سؤال أثار إنتباه "زيد" للغايه ...
_ إلا قولى يا "هادى" .... إنت بتحب "ياسمين" بجد ....؟؟!!
ترقب "زيد" الإجابه عن هذا السؤال بإهتمام وتلهف شديد ، يريد حقاً معرفه ما إذا كان يحبها بصدق أم أنه مجرد شعور عابر ...
إبتسم "هادى" بخفه وهو يطالع "ياسمين" الضاحكه ذات الوجه الفاتن المشرق للغايه ثم مر رغماً عنه لبقيه الفتيات من حولها ليجيب سؤال "عامر" الفضولى ...
_ وهو مين ميحبش "ياسمين" .... بص يا إبنى ... دى أحلى واحدة فيهم كلهم ...
ضيق "زيد" حاجبيه بإستنكار قبل أن يسأل "هادى" ..
_ بس ....!!!! إنت بتحبها عشان أحلى واحدة فيهم ... عشان شكلها الحلو يعنى ...؟!!
أعاد "هادى" جزعه للخلف مستنداً على ذراعيه بثقه ...
_ لأ طبعاً .... بس هو مين ميحبش الجمال والحلاوة دى ...
كظم "زيد" غيظه من "هادى" لكنه ظل يتسم بقناع اللامبالاة حتى لا يخسر صديقه فـ"ياسمين" أكبر بكثير من مجرد فتاة جميله ...
****
نظرت "زينه" بجانب عينيها بإتجاه "يارا" قبل أن تلقى بسؤالها المستفز تجاهها تتقصد بالفعل إشعارها بالدونيه ...
_ إلا إنتى بتجيبى هدومك إللى عامله زى الشوال دى منين .... ؟!!! لو حابه أساعدك واشتريلك معنديش مانع ... ولااااااا ... تمن الهدوم الاستايل غاليه عليكى ....؟!!!!!!
لم تهز طريقه "زينه" المحتقره لملابسها ومظهرها شئ بها فهذه ليست أول مرة تستمع لتلك التعليقات السخيفه منها ومن غيرها ، كما أن "زينه" لا تعلم أن "يارا" من عائله ثريه للغايه ولن يؤثر بها ملابس بتلك الأسعار الخرافيه التى تسعى إليها "زينه" دوماً ، فتلك أشياء بسيطه للغايه وفى متناولها لكنها تحب البساطه والإختفاء عن الأنظار وليس العكس مثلهن ...
رسمت "يارا" إبتسامه هادئه أثارت بها غيظ "زينه" وهى تجيبها بهدوء ...
_ لا خالص ... أنا بحب كدة ...
أعدلت من نظارتها الطبيه فوق أنفها لتخرج كتاباً من حقيبتها تسلى به وقتها لتهمس "زينه" بغيظ بأذن "ياسمين" ...
_ منك لله ... خنقتينا بيها والله فى الرحلة دى ... مش عارفه خليتيها تيجى معانا ليه ...؟!!
_ طيبه والله يا "زينه" ...
تململت "زينه" من دفاع "ياسمين" عنها طوال الوقت لتغير مجرى الحديث قائله ....
_ مش مهم ... قومى بقى ظبطى الروچ بتاعك كدة و زوديه ... "هادى" عينه عليكى ...
ملت "ياسمين" من تلك الصورة الصاخبه التى تظهر بها دوماً لتردف بتملل ...
_ لازم يعنى ... !!!
_ أه ... لازم ... عشان ميشوفش غيرك قدامه ...
_ طيب ...
دلفت "ياسمين" لداخل الخيمه لتظبط من مكياجها الصاخب كما طلبت منها "زينه" ...
دقائق قليله ودوى صوت صرخه عاليه ذاع صداها بالمخيم بأكمله ليتسائل الجميع من أين تأتى تلك الصرخات ، لتهتف إحداهن ...
_ ده صوت "ياسمين" ...
أطلقت "ياسمين" صرخات متتاليه أثارت الفزع بها لينهض "زيد" منتفضاً ناظراً نحو "هادى" يحثه على اللحاق بـ"ياسمين" ...
_ إيه إللى حصل ....؟؟؟ ما تقوم يا أخى ....!!!
تعلقت عيون "زيد" الفزعه بخيمه الفتيات وهو يهتف بـ"هادى" يحثه على التحرك ، تهدجت أنفاسه بقوة ولم يجد بُد من التحرك تجاه الخيمه فـ"هادى" متباطئ للغايه ...
خرجت "ياسمين" راكضه بفزع وهى تهتف ...
_ تعبان ... تعبان ....
هنا أدرك "زيد" سبب تلك الصرخات ليقتحم الخيمه الخاويه محاولاً الإمساك بهذا الثعبان حتى لا يؤذى أحد ...
لم تكن تلك المغامرة بالصعبه على "زيد" فقد تعرض لأكثر من مواجهه مع عقارب وثعابين خلال زياراته لأهل والديه بأسوان ، تلك البلد الرائعه التى أكسبته سمرته الجذابه ...
خرج بعض قليل ممسكاً برأس الثعبان الصغير الذى لم يستدعى كل تلك الجلبه لكن لأجل خاطرها فقط تهون الدنيا وما عليها ...
كان الجميع يقف بإندهاش وتقرب بعد دخول "زيد" للخيمه فيما إلتزم البقيه أماكنهم خوفاً من التعرض لإحدى لدغاته السامه ...
ألقى به "زيد" بعيداً عن تجمعهم ليعود بإتجاه "هادى" هامساً بلوم ...
_ إيه يا "هادى" كدة تسيبها كدة ... طب إفرض كان قرصها ....؟!!!
بأنانيه بحته أجابه "هادى" بصوت خفيض للغايه...
_ يلدغها هى ولا أموت أنا ....!!!!!
رمقه "زيد" بإحتقار فيما توجه نحو "ياسمين" ليهدئ من روعها قليلاً ...
_ حصل خير ... إنتى كويسه ...؟؟!؟
تهدجت أنفاسها مردفه بإنفعال ...
_ مش قلت لكم إن التميمة بتاعتى حتجيب لنا كوارث بعد ما ضاعت ...
تلاشت ملامح "زيد" اللينه ليردف بتهكم و حده من تفكير "ياسمين" الغير عقلاني ...
_ دى برضه حتقولى تميمه وتخاريف تانى ... ما تشغلى ده بقى ...
أنهى "زيد" عبارته وهو يشير بسبابته على رأسه لعدة مرات يقصد عقله ...
رفعت "ياسمين" حاجبها بإستهزاء لتقف بمواجهه "زيد" بتحدى لهذا الشخص البغيض الذى لا ينفك من معارضتها والإستهزاء بأفكارها ...
_ لااااا ... أنا بفهم كويس .. وعارفه أنا بتكلم على إيه .. ومتأكدة من كلامى .. مش زيك ...!!
إستكمل "زيد" بهذا التحدى اللذيذ وهو يدنو برأسه للأسفل قليلاً لفارق الطول الظاهر بينهما ...
_ إوعى تقللى من دماغى ... أنا معلوماتى محدش زيها خدى بالك ...
توسطت خصرها بكفيها ساخرة بتهكم من ثقته الزائدة بنفسه قائله ..
_ لااااا ... مين ... جوجل بنفسه معانا هنا .... هاه ...
أنهت عبارتها ودلفت لداخل الخيمه بخيلاء فقد شعرت بإنتصارها على "زيد" حين رأت إندهاشه عيناه من ردها ، بينما رسمت إبتسامه غبطه فوق محياه فحتى بتهكمها جذابه للغايه ويكفيه هذا القرب من تلك المشاكسه ...
قضت "ياسمين" بقيه الليل وقد إنشغل تفكيرها بهذا المتغطرس (جوجل) كما أطلقت عليه فقد إستفزها للغايه بطريقته المستهزئه تلك ، لكن ظل مشهد من نوع آخر يتكرر بذهنها ، تلك اللحظه التى خرج بها من خيمتهم ممسكاً بالأفعى من رأسها بجسارة وتحكم بصورة مذهله جداً ...
•تابع الفصل التالي "رواية آخر نفس" اضغط على اسم الرواية