رواية عودة الوصال الفصل السابع و الاربعون 47 - بقلم سارة ناصر

   

 رواية عودة الوصال الفصل السابع و الاربعون 47 -  بقلم سارة ناصر

«إذا كان لا بُدّ من حلم  فليكُن مثلنا و بسيطًا.»- محمود درويش-



بماذا كانت تحلم هىٰ؟ أو بماذا كانت تتمنىٰ من الأساس! ، كانت تطمع في حنان الأب والأم ، كانت تطمع في معاملة وتربية سوية ، احتواء كي لا تشعر بالإحتياج ولكن ماذا كانت النهاية؟ ، إلاما توصلت هىٰ؟ مسكينة؟ "مسكينة"



ضاعت قبال حقوق رٱها غيرها بأن من المفترض عليها أن تُأخذ ، تجرعت من كأس تحت مسمىٰ الثأر ، هل كان عليها أن تتحمل ليحدث كل هذا ؟ هل كان هين ضياع شئ ثمين مسبباً لها عقبة في كل شئ ، هل كان عليها أن ترىٰ مستقبلها بحاضرها ، لم تكن تعلم أن الماضي شئ موجع إلى هذا الحل!



ولكنه هنا ، هنا بجانبها ، أنفاسهما تخرج وتدخل بغرفة واحدة ، لا تعلم كيف أعطته الثقة حتى تأمنه وتنام هكذا ؟ ، يبدو أنه توصل لمكانة كبيرة بداخلها صعب حدوثها بهذا الوقت ولكنه إستثنائي!



وأما عنه فلا يُصدق ما توصلت إليه في الليلة الماضية ، تشنج جسدها هتفها بتعلثمٍ بأسماء غريبة ، تصلبها ، وصعوبة أخذ أنفاسها وحتى بكاءها وهي  مغلقة الأعين في عالم آخر ، عالم قاسي ، وحشي عليها هى وحدها من ترى هذا ، تذكر كيف احتواها وأخذها بهذه الحالة بين ذراعيه ملقياً عليها كلمات متلهفة كي تسكن ، كلمات مطمئنة ، تطمئن بها هى وقلبها ، فسكنت ما ان وجدت أحدهم يحتويها بسرعة ملقياً على مسامعها بأن ما تراه ليس حقيقة بل خيال ، خيال عقلها من حادثة وعقبات لم تمر بالأكل بعد في داخلها ، كلما يأتي على ذاكرته ما حدث في وقت معين من هذه الليلة يغمض عينيه مقرراً بأن لا يتذكر ولكن خوفها جعله هو نفسه خائف ، خائف من كل شئ حوله حتى الإقتراب ليحتويها!


«قبل ســاعــات طويــلة»



كان "ٱدم" مستيقظاً ٱنذاك ينتظر أذان الفجر ،  واضعاً ذراعه خلف رأسه شارداً بسقف الغرفة ولاحت شبه ابتسامة عذبة ما أن تذكر كلماتها الأخيرة له قبل أن تخلد إلى النوم ، أنفاسها المتتظمة توحي له بالكثير ، تخبره بأنه بطل قصتها ، بأنه بات الرجل الذي سيعيدها إلى نفسها بعدما فقدتها ،وعلم انها مادامت معه فقد بقى القليل على ذلك!! ، كما بقى القليل على ٱذان الفجر وسينهض مع الصغار كي يذهبوا معاً ناحية المسجد !



ولكنه لم يكن يعلم أنه سيخرج من شروده على هتفها بكلمات غير مرتبة وتحرك الفراش بإنتباه وهي تئن بضعفٍ ، صرخة مكتومة سمعها للتو فإنتفض من مكانه وهب واقفاً بسرعة نازعاً الغطاء ،واقترب من الفراش بسرعة ما ان وجدها تنفي برأسها تحاول التملص من أحدهم في  كابوسها ، وقد خرج أنين البكاء بوجعٍ وهي تضم نفسها تنفي بحركة رأسها بهستريةٍ ، جعلته يدفعها سريعاً بخوفٍ  بين أحضانه وهى تهتف بتقطعٍ وهذا ما استطاع تفسيره من بين الكلمات التي كانت  تهتف بها :



_" لأ..لأ... امشي ، ابعد عني ..، سيبني.. سيبوني ، ســـيبونـــي بقــا!!!"



اختنقت أنفاس "ٱدم" بخوفٍ وضم جسدها ناحيته محتضناً اياها بخوفٍ وهتف في لهفةٍ بعد بحة صوتها في كلماتها الأخيرة :



_" مفيش حاجة من دي ، مفيش حاجة من اللي بتشوفيها دي يا فريدة ، فوقي...أنا جنبك أهو ..أنا ٱدم ، إهدي عشان خاطري!"



أخذت الرجاء يسلك طريقه معها وهتف مجدداً. بلهفةٍ :



_" أنا هنا ، أنا معاكِ!!"



ترجاها ونزلت دمعته من حركاتها وهي تحاول التملص وهو يحاول حكم الحركة التي تفعلها بعنفوانٍ ، همس مجدداً جوار أذنها ونزلت دمعته على وجهها:



_" والله العظيم مافي حاجة من دي بتحصل ، إنتِ هنا أهو  انتِ معايا  وكويسة ، انتِ في حضني انا ، متخافيـش يا فريــدة!!"



هدأت حركتها تدريجياً واستمر بكاءها بشهقات كان يحاول بكل ارداة أن يواسيها بأحضانه الدافئة ، أخفاها بين ذراعيه وهو بجانبها على الفراش إلى أن سكنت وهبطت دموعها وجسدها ينتفض الٱن بين الحين والآخر ، فحاول هو أخذ أنفاسه مردداً بتحشرجٍ وهو يشدد من ضمها :



_"  أنا هنا يا فريدة ، أنا ٱدم! ،مش هسيبك!!"



سقطت دموعه واسترسل سريعاً بآيات قرٱنية ما أن رأى تجاوبها في السكون وبعد قليل كان قد تراخي جسدها واعتدل بحركته حتى أسند رأسها ناحية قمة صدرة الصلب عنها فوجدها تتشبت في ملابسه الفوقية وبيديها الأخرى تمسكت بكفه الدافئ وتوقف البكاء عن قولها المتوسل بتخديرٍ تام وعينيها المغلقة التي فُتحت بقلةٍ ثم تراخت وأُغلقتها ما أن قالت :




        
          
                
_"أوعى تمشي ، أوعى تسيبنـ ـي!"



كانت كلماتها متقطعة كافية لسقوط دمعة أخرى من عينه وبمجرد قول هذه الكلمات تراخت أعصابها بإستسلام للنوم بسكونٍ غريب عكس ما كان يحدث قبل هذا ، سقطت كفها وتركت كفه ، فإلتقطه سريعًا يقبله بأسفٍ وداخله حرقة ما. يحدث وما حدث تتآكل به ، ومهما تخيل فلم ولن يصل إلى ما كان قد رٱه حينها بهذا الكابوس الذي شَحُبَ وجهها منه! ، مرر يديه على كتفيها يغمرها بالدفء ، حتى كفيها ، وترك أنفاسها تلفح جسده ومن بينها شهقات لا إرادية تخرج منه فتصطدم بجسده مع الأنفاس ، سمع ٱذان الفجر ووجدها تحاول التحرك ، فأعتدل يعدل نومتها وأمسك شعرها المتروك يضعه خلفها على الوسادة بعدما عقده عقدة متروكة معلقة كي لا ينساب ويسبب  لها ضيق ومن ثم سحب حينها الغطاء يدثرها به جيداً..



حاول أخذ أنفاسه وتقابل مع صورته في المرٱه ، هل ما يشعر به صحيح؟ ، رفع  كفه يمسح وجهه ونظر ناحيتها يترقب وجدها كما هى في سكون ، فدخل المرحاض  الذي يوجد بالغرفة يتوضأ   واستغرق القليل حتى خرج يتجه ناحيتها ومسح على وجهها بكفه المبلل بالمياه مردداً ٱيات ذكر قصيرة إلى أن دق الباب دقات ناعمة وسمع قول "ٱدهم" الذي وقف بجانبه "يوسف" حينها حثتهما "والدتهما" بأن يدقا عليه الباب دون فتحه إلى ان يجيب ويفتح لهم ",ٱدم"! :



_"يلا يا خالو عشان نصلي!"



وجاء قول "يوسف المتساءل وهو يضع أذنه على الباب بطريقة طفولية:



_" انت صاحي يا خالو ؟"



وقفا الإثنان وابتسما بسرعة ما أن وجدا "ٱدم" يفتح الباب وهو يهبط أكمامه مبتسماً لهما بإتساعٍ ، وخرج بعدما مد يديه يغلق الباب وانحني يقبل وجنتي كل منهما فصاح "أدهم" بلهفةٍ :



_" هي فيفي لسه نايمة ؟"



حرك "ٱدم" رأسه بنعمٍ فسحب "يوسف" كفه باهتمام وحثه قائلاً :



_"طب يلا بقىٰ!"



حينها تذكر حماسهما وضحك على شجارهما مع بعضهما ثم عناقهما الطفولي والأسف الذي يخرج من "أدهم" دوماً ، هاب تركها ولكنه حينها أخبر شقيقته في أن تترقب من على بُعد أن حدث شئ غريب!



«بينما الٱن»



فاق من هذا الشرود عند هزات متتالية بواسطة "أدهم" منه فقال حينها بضجرٍ عند انتباهه حينها ما أن خرج :



_" يوه بقا يا خالو ، انت مش بترد عليا ليه ، بقولك فيفي مصحتش ليه!."



حرك "ٱدم" رأسه ناحيته بإنتباهٍ جعل ",فاطمة", تأتي من على بعد وهي تضع الأطباق على الطاولة:




        
          
                
_" بطل تزهق في خالك يا أدهم وإهدى شوية بقا ربنا يهديك!"



_"سيبيه يا فاطمة ، هو بيسأل عن فريدة ، معرفش ضرتي معاها ولا ايه ده "



فأمسكه بعنفٍ  من تلابيبه وأكمل بمرحٍ :



_"جرا ايه يا عم مالك بيها؟؟"



قالها "أدم" وهو يشاكسة مدغدغاً إياه بضحكٍ فضحك الٱخر بقوةٍ مع "يوسف", الذي فعل معه الأخر المثل وأقترب يراضي "جنة ", بفعل المثل فضحكوا قبال نظرات"فاطمة" السعيدة وهى تضحك بخفةٍ عليهم ، ونظرت ناحية باب الغرفة المغلقة ، فقد أخبرها شقيقها أنه تركها إلى أن تستيقظ بمفردها،  نهض"ٱدم"  قبل أن يتناول شئ وأخبر "فاطمة " قائلاً قبال نظرات الصغار :



_"  افطروا انتوا يا فاطمة ، على ما اشوفها واجي ، ولو صحت هجيبها ناكل سوا!"



_" خلاص روح واحنا هنستناكم يلا"



حثته شقيقته بقبولٍ فابتسم واقترب من الغرفة حتى وقف يرفع يديه يدقها فلم يجد رد ، فقرر فتحها ليدخل ، دخل وابتسم بسعادةٍ ما ان وجدها تجلس على سجادة الصلاة تؤدي فرضها التي تأخرت منه ، سلمت حينها وهو يقف فٱغلق الباب خلفه واقترب يقف ، فإلتفتت تبتسم له بحرجٍ ما ان نبس بنبرةٍ لينة :



_" صباح أي حاجة فريدة من نوعها!"



انفلتت ضحكتها برقةٍ أو هكذا خرجت منها بعفويةٍ فوضعت يديها على فمها سريعاً تكتم ضحكتها ونظرت له تحاول الهروب من ما فعلته وسألته :



_" مش هتروح الشغل ؟"



_" هروح بس تعالي نفطر الأول سوا معاهم بره ، دول مستنين على نار ، بالذات أدهم حبيب قلبك !"



قال الٱخير بضجرٍ زائف كي يخرج منها المرح والعناد وكل الطباع الذي يراها من ثوبها هي وحدها حتى يجتمع بها كل هذا مع خفة روحها ، ابتسمت حتى أصبحت البسمة ضحكة وشاكسته تقاوم حرجها :



_"  ده انت بتغير بقا؟"



غمز وهو يقترب وأزاح حجاب رأسها  من اسدال الصلاة التي وضعته لها شقيقته في الغرفة  :



_"  حقي يا شاطرة !"



خجلت من فعلته وقليل ما تتورد وجنتيها ، تركته خلفها تفرده وسألته باهتمام غير غافلة بأن  خصلاتها كانت معقودة على غير العادة :



_"ليه مصحتنيش أصلي الفجر؟"



اهتزت ملامحه ، ما ذا ان قال انه احتواها وقتها بين أحضانه عند كابوسها ؟ ،ولكنها أنقذته من تخبط الرد ما أن سألته وهي تضم أناملها متذكرة العقدة الذي ربطها براحةٍ :




        
          
                
_" ٱدم ،  أنا جالي كابوس بليل صح ؟"



تلاقت عينيه معها وانهزم محركاً رأسه بنعمٍ فابتسمت له بإهتزازٍ وتلقائياً علمت انه احتواها فرددت بتقطعٍ وظهر الأسف من ما بدر منها من صدمة :



_" انا ٱسفة ..أنا مبقدرش أتحكم في ده عشان كدة  طلبت منك تفضل هنا معايا في الأوضة ونمت وقتها وأنا عاطياك الأمان ، أنا عارفه انه مش سهل عليك يخرج مني أي كلمة في حالة زي دي ولا حتى مضطر تشوفني بالضغط ده وأنا على ذمـ.."



قاطع قولها عندما رفع كفه يزيل خصلاتها من الأمام على جبهتها وقال بإبتسامة  عذبة :



_" كل ده أي كلام ، أنا مش فارق معايا  كلامك ده  وانتِ بتحكمي بكدة ، بس أنا قلبي أبيض وهنسى كلامك يا شاطرة! "



كلمات قليلة ولكنها حتماً تؤثر بها ، فابتسمت له "فريدة", بإمتنانٍ ورمشت بأهدابها تشكره :



"_شُـكرًا "



هل سيكون القول في محلة الٱن ، ضحك وغمز لها بمشاكسةٍ وردد بمكر  يثبت لها التغير الذي حدث عندما انتظر قولها  بالرد بعد قوله:



_ "هو مش المفروض ولا ايه؟؟"



_"لا خطبتني؟ اتجـ."



قطعت هى كلماتها وتوقفت بمفاجأةٍ أمام خبثه وهو متعمد تركها تكمل ما تشاء إلى أن تعى ،. فضربت جبينها وقالت بإستسلام لا يليق بشخصيتها :



_" ٱيوة صح ، ده انت اتجوزتني خلاص واتدبست فيك!"



قهقه "ٱدم" عالياً على خفتها وأشار بنبرته الضاحكة مع نظرة عينيه :



_"طب مش يلا ، دا انتِ مجوعة عيلة بحالها دلوقتي!"



إعتدلت ترفع طرف الإسدال الطويل حتى لا تتعرقل وأشارت بلهفةٍ من قوله :



_" أيوة يلا ، أنا كمان جوعت!"



خرجا معاً وهلل الصغار بسعادةٍ ما ان وجدها تقبل عليهم ، فضحك علي تصفيقهم بحبٍ ، حينها عانقت "فاطمة" بلطفٍ وقالت بحرجٍ :



_" معلش يا «فاطمة»معرفتش أقوم نعمل الأكل سوا ، النوم خدني ، بس بعد كدة لازم تصحيني أعمل معاكي!"



أوصتها وقبل أن ترد الأخرى بشئ للرفض ، تذكرت كلمات "ٱدم" في ان لا تشعرها بأنها غريبة أو ضيفة بهذه الأشياء وغيرها  ، لذا ابتسمت وحركت رأسها موافقة وهتفت :



_" اتفقنا ، بس يلا اقعدي  بسم الله يلا !"



جلست بجانب "أدهم" و"يوسف" حينها كانت بينهما في المنتصف بعدما قبلت وجنتي "جنة" بحبٍ ، وكأن الكيد يعرف طريقه مبكراً مع "أدهم", الذي ضحك بصوتٍ وقال  بنبرةٍ ضاحكة لـ "ٱدم", الجالس في مقابلتهم :




        
          
                
_"فيفي قعدت جنبنا يا خالو و انت لأا !! "



فضحك "ٱدم" وضرب كفه بكفه الٱخر ناظراً نحو شقيقته مردداً بنبرةٍ ضاحكة:



_" اللهم طولك يا روح!، ما تشوفي ابنك يا فاطمة!!"



انفلت الضحكات حتى "ٱدم" الذي حرك رأسه بنفاذ صبر لـ "فاطمة" التي أشارت له في ان يتحمل تترجاه بدراما تمثيلية ، وقطع هذا صوت "يوسف" المتساءل :



_"هو انتِ ليه يا فيفي ملبستيش فستان فرح ليه ؟ ،مش انتِ وخالو اتجوزتوا ماما قالتلي كدة عشان قولتلها هى هتنام معانا ليه!"



ضحكت "فريدة" بخفةٍ قبال ابتسامة "ٱدم" الذي رد عليه بسؤال ٱخر يبعد عن أصل الحوار :



_" يعني انت عايزها تلبس فستان فرح؟"



_" أه وانت تلبس بدلة عريس ومنعملش الفرح في البيت زي امبارح عشان كان زحمة أوي والجو حار "



قالها "أدهم", بتأفف بدلاً من رد شقيقه ، فضحكت "فاطمة" وردت"فريدة" حينها تحكم الموقف بـ :



_"  الفرح هيبقى محتاج أرجع بيتنا تاني عشان فستان الفرح والفرح ، لكن لو مفيش هفضل قاعدة هنا ، بس هو انتم عايزيني  امشي ولا ايه ؟"



نفى الثلاثة الٱن بلهفة وصاحوا عالياً بنبرةٍ واحدة :



_" لأ خــلاص!!"



غمزت لهم قبال نظرات "ٱدم", المبتسمة بتفحصٌ لتقاسيمها الهادئة ، لا يعلم ماذا تقصد ولكنها احتوت الموقف بهدوء كي لا يُفتح مجدداً مسبباً لها حرج وله هو الٱخر ، بدأ كل منهم في تناول الطعام بعد قول "فاطمة" لهم وهي تتصنع الحزم كي يكفوا عن الثرثرة :



_" سموا الله وكلوا يلا ، بلاش كلام كتير على الأكل عشان تبقوا شُطار!"



____________________________



جلسة كهذه في حضرتهم بعدما حدث ما حدث أمس تجعلها تنظر نظرة مختلفة جداً عن ما بقت هى عليه ،  هل حقاً كانت ابنتها على مشارف الخطر وحدها ؟  لخطة سقوط حملها ؟.، كلما تفكر "سُمية" في ذلك تحاول نفض الأفكار من عقلها وهي تفكر بشئ ٱخر ، يخص "نيروز" أيضاً ، انهاكها جعلها تجلس لم تفعل شئ بل من فعلت كانت "وردة" التي أعدت الطعام على المائدة ورتبته في جلوس"سُمية" بشرودٍ حيث  لم يكن متواجد  على المقاعد إلا هىٰ وأفكارها وشرودها بمواضيع كثيرة مختلفة ..



جاءت  "وردة" بٱخر صحن ونادت وهي في طريقها للجلوس ، نادت علي زوجها كي يخرج من الغرفة حيث انتهى  اعداد الطعام الٱن :




        
          
                
_" يــــلا يا "بـــدر" ، هات"يامن"وتعالىٰ الفطار جِهز!"



نادته ونادت صغيرها  الذي توجه لوالديه في الصباح الباكر بعدما كان يقيم مع جدته ،  خرجت "سُمية" من شرودها وهي تبتسم لابنتها الكبرى التي وقفت تطالعها بغرابةٍ وسألتها بقلقٍ :



_" مالك يا ماما ، انتِ كويسة ؟شايفاكي سرحانة كتير أوي ، هو في حاجة تاني ولا ايه ؟"



نفت "سُمية" ببساطةٍ وخرج "بدر" ممسكاً بكف ",يامن", بجانبه تزامناً مع قول "سمية" :



_" مفيش حاجة يا حبيبتي ، شوية مشاغل بعدين هبقى اتكلم معاكي فيها ، المهم ادخلي صحي «نيروز» عشان تاكل وتاخد  علاجها !"



وافقت "وردة" واقتربت من غرفة "نيروز", فسمعت "بدر" يلقي تحية الصباح على ",سمية":



_"صباح الخير "



_" صباح النور يا حبيبي!"



دخلت "وردة" الغرفة فقررت "سُمية" ان تسأله بإهتمام :



_" هي "وردة" لسه متعرفش الحكاية اللي  قولتلي عليها دي؟"



ما سر سعادته هذه ؟ الٱن سيجيب. ، أخذ"بدر" أنفاسه بالتدريج وفسر لها بهدوءٍ :



_" مكنتش متأكد بنسبة كبيرة ، بس استنيت عشان معلقهاش في حاجة ممكن متحصلش ، بس هم اختاروني النهاردة  من ضمن مجموعة كبيرة وخلاص رست على هنا لفترة ،  لسه جايلي المكالمة دلوقتي!"



ابتسمت بتٱثر وفرحة كبرىٰ ، حينما عشمها ترددت في السعادة ولكن الٱن ، الٱن تعايش فرحة كبرىٰ ، وبالنسبة لـ "وردة" ستصبح فرحة كبيرة جداً ، ابتسمت بإتساعٍ ولمعت عينيها وهي تنظر لـ "يامن" فإستشف "بدر" نظراتها وطالعها بسعادةٍ ، إلى أن خرجت "وردة", برفقة "نيروز" التي تقدمت مرددة ببحة صوت من أثر النوم :



_" صباخ الخير"



حينها تم الرد عليها وجلست فأشارت لها"سُمية"لتجلس بجانبها ومررت يديها على ظهرها برفقٍ تحثها على تناول الطعام ، فجلست بعدما قبلت "يامن" واستمر الطعام بينهم ، حينها ابتسمت "وردة"  راغبة في خلق أي مشاكسة لتخفف عن "نيروز" بعدما اخبرتها "سمية" فيما حدث لها أمس وقدوم "غسان" وحثتها على ان لا تُذكر شقيقتها بذلك! وان لا تخبر "ياسمين"



_"كُلي كويس يا روز ، كانوا بيقوا للحامل كلي يا حبيبتي انتِ بتاكلي لاتنين ، لكن دلوقتي بنقولك كلي يا روز عشان انتِ بتاكلي لـ تلاتة !"




        
          
                
حينها انفلتت ضحكتها بعد هذا القول الذي جعل "بدر", ينظر لها  بتعاطف من ان قالت هذه الكلمات بنقاء ،  ذهب حقها في انجاب ٱخر ، وضاع منها في شبابها شئ ثمين لا يُقدر بثمن لكن الله قدر هذا وهو يقتنع وراضٍ على قضائه ، صمت قبال ضحكة "سمية" العالية هذه المرة، وضحك "نيروز" التي قالت من بين ضحكتها :



_"تصدقي يا "وردة" مكتش مركزة أوي فالجملة دي ، وأنا أقول مالي بجوع بسرعة ليه ، دا أنا حتى لسه في الأول وتعبانة أوي ، الحمل ده متعب!"



ابتسمت لها "وردة", وقالت في لطف ومشاعر صادقة :



_", معلش يا روز ، هى بتبقى كدة بس كله يهون قصاد اللحظة اللي هتيجي وانتِ شايلاهم على إيدك ، بس بعد كده بقا مش هضحك عليكي ، وبصراحة كدة انتِ لازم تاخدي جرعة قوة وطاقة عشان انتِ توأم !"



انفلت ضحكتها بتعبٍ من هذا واستمرت في تناول الطعام بعدما هتفت "سمية" بعاطفة أمومة :



_"ربنا يقومك بالسلامة يا نيروز ..ويقويكي يا بنتي!"



قال "ٱمين " وقالت مثله هى وشقيقتها ووالدتهما وبعد مرور دقائق ، نهضت "سُمية" تعلن الحمد بالإكتفاء وجلبت دواء "نيروز" التي ابتسمت لها بتأثر وهي تأخذه بعدما انتهت هى الأخرى من الطعام ، نهض "بدر" يقف في  الشرفة حاملاً صغيرة يلاعبه بعيداً عن "وردة" التي تولت أمر غسل الصحون بعدما نهضت وسارت "نيروز" تحمل معها البقية حتى وقفت فرفضت الأخرى   وتوقفت "نيروز", بإصرار وقطعها مناداة "سمية" من على بُعدٍ :



_" خــــدي يا "نـــيــروز" ، تعالـــي  عايزاكي!"



تحركت لتخرج في طريقتها ناحية الأريكة التي تجلس عليها"سُمية" ابتسمت لها في خفةٍ ومسدت على الجزء الخالي حتى تجلس ، فجلست "نيروز" تنظر إليها بإهتمام حتى بدأ قول "والدتها" التي مهدت به :



_" اقعدي عايزاكي ، عايزة اتكلم معاكي!"



نظرت ناحية "نيروز" فوجدت ملامحها تهتز ما ان علمت ان ما حدث أمس  له بقية معها ، فواصلت الأخرى :



_"  موضوع غسان بتاع امبارح اللي مكملتهوش معاكي عشان حالتك مكانتش عجباني ، أما بقى موضوع مروة ده فأنا عايزاكي تنسي وتحمدي ربنا كدة يا حبيبتي انه نجاكي منها وبعتلك "غسان" اللي وجوده كان حاجة مضيقاني بس رجعت أقلبها وقولت هي تدابير ربنا فمش هتكلم!"



كلمات تُوجه إليها من "والدتها" تبث بها بعض القلق الٱن ، رفعت عينيها لها فوجدتها تتنهد بصوتٍ وأكملت :




        
          
                
_"انا خايفة عليكي يا "نيروز " انتِ بنتي ومن حقي أخاف عليكي وأحكم عليكِ كمان تعملي ايه ومتعملش ايه ، أنا أمك وأدرى بمصلحتك يا بنتي!"



هابت "نيروز" هذه الكلمات هل ستردد لها بتركه ؟ أم ماذا تريد؟ ، تعلثمت نظراتها وعجزت عن الحديث فأرادت أي دفاع عنه وعن نفسها حتىٰ :



_"أنا مش فاهمة تقصدي ايه يا ماما بس.. أنا مغلطتش في حاجة..و" غسـان" مغصبنيش أرجع لو انتِ فاكرة كدة ولا هو خـ..ـ.."



_" اسمعيني للٱخر يا "نيروز"، أنا مش مستنياه يغصبك من أصله ، بس أنا أم ومن حقي أخاف ومن حقي كمان أطلب اني أفهم اللي بيحصل ، خلينا نقول مش عايز يقولك على اللي في دماغه..بس أنا عايزاه يجي يقولي أنا ويفهمني كل حاجة من الألف للياء ،  انتِ مش لعبة ترجعي ومترجعيش ، مش لعبه مع نفسك ومعاه ، واللي حصل الأيام اللي فاتت دي يخليني أقول لا بنتي مش راجعة ألا ما أفهم اللي بيحصل ، ايه اللي يضمنلي انك مش ضعيفة قصاد حبه فهتسكتي قدامه ، وأنا هنا مبقولش انه كداب ولا استغلالي أنا هنا بعرفه وبعرف الكل ان بنتي قيمتها كبيرة  وانتِ كمان لازم تعرفي ده!"



وأضافت قبال خوف"نيروز", وارتباكها من الحديث :



_"داخل خارج ردك مردكيش ، أنا هنا مستنياه فأي وقت يجي يقولي انه مش مع غيرك ، وان بنتي متسابتش عشان واحدة تانية زي ما طالع ، ومستنية برضه أعرف طلاق ايه اللي  انتِ طلبتيه وراح موافقك علطول من غير ما يعمل حساب للكبار اللي بينكم ، أنا ساكتة بقالي كتير ومش معنى اني ساكتة يبقى هعدي حاجات مينفعش اني أعديها باعتبار اني أبوكي وأمك يا نيروز!"



تقطعت أنفاسها قبال كل حرف وأخفت عليها الٱن بٱنه ردها بالقول ، فإبتلعت "نيروز" ريقها بتردد وهتفت بنبرةٍ ضائعة :



_" أنا مفهمتش يا ماما ايه حصل وبيحصل لحد دلوقتي بس أنا واثقة فيه وبالنسبة لموضوع الطلاق فـ دي حاجة هقولهالك لأول مرة ..لآن أنا اللي كنت غلطانة ساعتها واتسرعت وبعد كدة كل حاجة جت على بعضها !"



نظرت لها "والدتها" بجديةٍ وربتت على كتفيها ولكن خرجت نبرتها الجامدة رغمًا عنها وهي ترد عليها بـ :



_" حتى ولو كنتي انتِ اللي غلطانة فأنا مستنية أفهم منك ومنه اللي حصل ، ولو كنتي فعلاً غلطانة فـ ده موضوع تاني لوحده لإني قولتله  ان بنتي غلطت تيجي تقولي  يا ست سمية بنتك عملت وسوت ساعتها هقف معاه عليكي وهعرفك غلطك بالطريقة اللي ترضيه وفي نفس الوقت متقللش منك ، لكن ده سمع الكلمتين دول من هنا ومردش قال لا أه ولا لأ!"




        
          
                
لمعت عينيها دفاعاً واندفاعاً بصدقٍ تلقائي وٱخرجت الحقيقة بكلماتها :



_"مردش عشان كان هامه شكلي قدامكم ، وعشان أهله ميرموش اللوم عليا بالذات طنط دلال، هو كان خايف عليا ولسه!"



كان قولها صريح استشفت منه "سمية" بعض الصدق ولكنها تريد دليل يريح قلبها  والحرقة التي بداخلها لأجلها ، ناهيك عن اندفاعها الغريب الذي شكَّل لها استنكارٍ فهابت الٱتي عندما جاب عقلها تواجده معها بغرفتها ٱمس وأشيائة الذي تركها فصاحت بقلقٍ وهتفت تلمح لها ما ان كان ردها بالفعل!:



_"  غسان ردك هنا  امبارح يا نيروز ؟"



فهمت مقصدها وتذكرت ما فعلته من رفض قبال قراره في عدم الاقتراب فصاحت في دفاعٍ ٱخر تردد بلهفةٍ :



_" لأ..لا مردنيش بكدة  ، هو احترم اني مش موافقة على كدة غير لما افهم كل حاجة وأنا كنت رافضة ، فمصدش رفضي ولا حتى اتضايق منه !!"



وأضافت تبرر لها أكثر كي تصدقها بقولها الذي سبق هذا:



_" ووالله العظيم كلامي ده مش كدب هو عمل كدة فعلاً عشاني بس أنا اللي مكنش عندي الطاقة أفهم حد حاجة ولا اتكلم، حتى عمو حامد عرف باللي حصل في الأول ولو كان هو غلطان كان خد حقي منه قدامكم كمان ، وانتِ عارفة !"



ثقتها بوالده شديدة ، طالعتها "والدتها" بصمتٍ إلى أن هتفت "سمية"أخيراً وهي تخرج أنفاسها:



_"وحامد ليه مقاليش على اللي حصل ، وايه اللي كان جرا منك قبال انهم يخبوا على الموضوع كده ، انتِ مخبية على أمك ايه يا نيروز؟؟"



تعلقت عينيها بعينيها المحاصرة لها ، وعلمت أنها حاصرت نفسها كي تقص عليها ما  كان قد حدث منها دفاعاً عنه واتسعت عينيها ما ان حثتها "والدتها" بقولها المواصل الأخير:



_"اتكلمي وقوليلي ،  أصل  مدافعتك عنه خلتني أشك في بنت بطني انها بتداري عليه قدامي ، قوليلي ايه اللي حصل منك يا نيروز لو كان حصل زي ما الكلام بيقول !"



طالعها "نيروز" بترقبٍ وما أن جاب شكها بها اندفعت تمسكها من كفها موضحة لها :



_" والله ما حصل يا ماما هو فعلاً سكت ومرضاش يتكلم عشاني وعشان شكلي ، بس أنا هحكيلك على اللي حصل مني عشان تصدقيني ، انتِ عارفة اني مبقدرش ٱكدب قدامك!"



انتظرتها بينما هى هابت رد الفعل على ما كانت فعلته ، ما يشفع لها عندها ان "والدتها" تعاملها معاملة خاصة بعد فراق وفقد والدها لذا تحنو عليها في أشياء كثيرة ولكن ماذا عن هذه المرة!! ، أخذت "نيروز" نفساً عميقاً رغم الخوف وقالت:




        
          
                
_"حاضر ،  هحكيلك كل حاجة"
ترقبت أنظار "سُمية" التي اندمجت قبال بداية حديث ابنتها ، وارتباكها هذا بعلمها لكل تفاصيل ابنتها يوحي لها بأن هناك أمر ما قد فعلته هىٰ حتى يظهر الندم في عدستيها هكذا ممزوجاً بالخوف!
..



في حين توجهت "وردة" بكوب لبن ناحية الشرفة حتى تعطية لـ "يامن" وما أن دخلت وجدت "بدر" يقذقه للأعلى والٱخر يضحك بصخبٍ عالياً ، ضحكت على ضحكاته وقدمت له الكوب وهي تردد بنبرة  ضاحكة عليه:



_" خد اشرب يا حبيب ماما يلا"



تجرع بواسطتها بعدما توقف عن الضحك وانتهى ففعل اللبن له شارب أبيض ضحكت هى عليه بخفةٍ وهي تمسحه له بيديها بعدما ضحك عليه"والده"، وعندما حاولت التحرك وهي تشملهم بسعادة لتخرج ، أمسك "بدر" مرفقها يقطع هذا وقال بنبرته الهادئة :



_" عايز احكيلك على حاجة ، استني!"



_"في ايه يا بدر.؟"



هابت طريقته ، هذه الطريقة مشابهة لما كان سيفعله فهفتت في شك سريعاً :



_" مش عارفة ليه خوفت ، بس بالله عليك ما تقول انك هتمشي تاني ، الطريقة دي بتفكرني لما كنت هتمشي ومش عارف تقولي"



ضحك "بدر" عليها وأشار لها بالجلوس فجلس وصغيره على ساقه وهي بجانبه ، فنفى قولها بنبرةٍ ضاحكة وقال يخبرها :



_" لا هو مش كدة بالظبط ، بس هي حاجة مخلياني فرحان أوي ، وحاجة كمان كان المفروض اقولها بعد ما جيت  بس استنيت أتأكد عشان معشمكيش!"



تحمست "وردة" من كلماته خاصةً ان السعادة تظهر على وجهه بقوة الٱن ،فتلهفت تردد له بحماس:



_" طب قول بسرعة مستني ايه ، انت شوقتني أوي!"



تنفس "بدر"الصعداء وإعتدل في جلسته يرتب الحديث أولاً ثم بدأ في السرد عليها بهدوءٍ لا يخلو من ابتسامته الهادئة التي تأسرها :



_"الشغل هناك خلص مع عمالة تانية في ٱخر مشروع ، بس لما جيت أنزل تاني  جه عقد للشركة مع شركة تانية وانتِ عارفة الشغل بره تبع ناس مش مصريين بس جه مشاريع في مصر هنا ، حوالي ٣ مشاريع فكان الطلب من الشركتين مهندسين  معينين وياخدوا بالألوية ، قدمت اسمي قبل ما أنزل وهم عارفين مجهودي وفي نفس الوقت المشاريع هتبقى في بلدي بس مكنتش ضامن لأنهم قالوا إنهم  هياخدوا ناس معينة ،. والشراكة دي مبتحصلش غير كل كام سنة ، والنهاردة عرفت اني من ضمن المهندسين دول وهشتغل هنا "




        
          
                
اتسعت عينها وامسكت كفه بغير تصديق بل الٱن تلمع عينيها بوميض غريب مرددة بذهول:



_" بجد؟؟ بجد يا بدر؟؟ قول انك مش بتهزر ؟"



ابتسم بتأثر قبال هذا وأضاف بما جعلها أشد سعادة :



_ " لا مش بهزر دي حقيقة يا وردة ، وفي كلام كمان على ان ال٣ مشاريع دول هياخدوا كام سنة ، فأنا بظبط الورق عشان معتش أسافر خلاص ألا ما العقد ينتهي هنا على حسب ما يخلص الشغل ، بس بالمتوسط حوالي ٣ سنين ، قولتلهم هنا كلهم ان ممكن ده يحصل  كانوا مش مصدقين وبيدعوا انه يحصل حتى فاطمة وٱدم والعيلة بس جت عندك وقولت لو محصلش مش هفتح الموضوع وهخليهم ميقولوش إن كان في حاجة من دي من أصله بس أنا نفسي مش مصدق اللي بيحصل دلوقتي، ساعتها افتكرت  أمنيتك اللي بتتحقق ، وفرحت عشان عارف انك هتفرحي!"



هذه  مفاجأة كبرىٰ لم تخطر على بالها قط ، سالت دموعها واندفعت تعانقه بسعادةٍ بالغة ، تأثر هو منها وهو يربت على ظهرها برفقٍ فخرجت تردد بنبرةٍ باكية  وبنفس الوقت تبتسم بسعادةٍ :



_" أنا  اقسم بالله ما مصدقة  ، الحمدلله يارب ، أنا كل اللي كان نفسي فيه اني أفضل جنب  ماما واخواتي ، وكنت بتحسب للحظة اللي هفارقهم فيها وٱودعهم وأرجع ابقى لوحدي تاني ، أنا بحبك أوي يا بدر؛ ومش عارفة أقولك أنا مبسوطة قد ايه!!!"



صمت هو قبال هذا التٱثر وقدم رأسها ناحيته يقبل قمتها ، وقال يشاركها هذه الفرحة بسعادة من أجل سعادتها هذه :



_" أنا كمان مبسوط أوي ، ومبسوط ٱكتر عشان انتِ مبسوطة ، ومامتك عارفة علفكرة وكانت قالتلي في الأول انها على كدة عايزة تروح تنضف الشقة هناك قولتلها لما اتأكد وأعرف الأول ووردة تعرف هنروح سوا علطول نعمل ده !"



تحركت بحماسٍ غريب وحركت رأسها بالإيجاب تردد له بلهفةٍ كبرى :



_" أيوة ، أيوة يا بدر ، احنا لازم ننضف الشقة ونقعد هناك ، وابقى اجي كل شوية لماما زي ما ياسمين بتعمل ، صح؟"



كصغيرة لا تستطع تصديق أشياء مُفرحة ستستمر ، سألته بغير تصديق فحرك رأسه وهو يضحك فعانقته مجدداً ، فدخل الصغير بينهما يفصلهما بغيرةٍ حتى ضحكت هي عليه وحملته تقبله بحبٍ ، فضمهما بذراعه متنفساً بأريحيةٍ وهما جواره ، فهذا شئ ليس له بديل أبداً!!!
..



بينما على بُعدٍ تبدلت ملامح "سُمية" قبل قليل للصدمة ، بل لا تصدق ما فعلته "نيروز", من اندفاع وسوء تصرف حينها عند هذه العقبة ،  صمتت قبال تبريرات ضعيفة ودموع صامتة ووجدت نفسها تردد بتيهةٍ من ما سمعته للتو:




        
          
                
_" أنا لو مكنش واقف بيني وبينه موضوع أسماء ده كنت خدتك من ايدك طلعتك فوق شقتك وجيبته أقوله حقك على راسي من اللي بنتي عملته!"



من الظاهر أن ندمها وحده لا يفكي فتندمها "والدتها " أكثر !!



_" انتِ عارفة انتِ عملتي ايه قصاد راجل نحمد ربنا انه طلع ابن اصول ومفهمش الدنيا غلط حتى ولو كان واثق فيكي؟ ، طول عمري أقول عليكي متسرعة بس عمري ما توقعت انك تعملي حاجة زي دي يا نيروز ، ألف بركة على كدة ان دلال متعرفش والا كان فاتها وهي بتتكلم معايا ترميلي كلمتين في وسط الكلام معرفش أنام منهم  ومن زعلي عليكي ، بقا في حد يعمل كده ؟ "



سالت دموعها أكثر من هذا التأنيب ، فحركت "سمية" رأسها بإستيعاب لما فعله من شئ كان واجب عليه فعله وإلا كانت قد ضاعت سمعتها ما ان علم جزء من هذه العائلة!! ، لا تنكر بأن قيمته ارتفعت في نظرها ولكن هناك موضوع عالق ، ابتلعت ريقها قبال دموع الأخرى وواصلت تكمل:



_" وأنا أقول ليه مش عارف يتكلم معايا رد قصاد رد ، ليه بيقفل الكلام!! ، لا دا كان بيرد يهاجمني قصاد اني مدخلوش في نقطة معينة من الكلام ميرضاش ولا يعرف يبررلي فيها ، كلامي معاه ساعتها كان على انه الظالم من وجعي عليكي ، لو ده فعلاً كدة فأنا محتاجاه يجي يا نيروز يفهمني الباقي عشان نشوف اخرة ده إيه ،لو فهمني هحب على راسه من ظلمي ليه ومن اللي عمله !"



حنت عليها في ٱخر حديثها لكنها  مسحت وجهها توضح لها بصدق:



_" متزعليش مني ياماما عشان خاطري ، والله العظيم أنا ندمت وقولتله اني غلطانة بس ساعتها حصل حاجات كتيرة ضيعت كل ده "



انهزمت "سمية" أمام الضعف وضمتها ناحية صدرها تقديراً لحالتها هذه وهتفت في تحشرجٍ ومازال الإصرار رفيقها :



_" هتعدي يا نيروز ، كل ده هيعدي ، بس  غسان يجي هنا قدامي انتِ وهو!"



خرجت توافقها بلهفة كي لا تنهرها مجدداً وكي ترسم نهاية لكل هذا ، ابتلعت ريقها ونظرت لها بإطمئنانٌ فوافقت الأخرى بنظرة عينيها إلى ان اندفعت "وردة" بهرولة من  داخل الشرفة وانحنت تعانق "سمية" و"نيروز", معاً في مفاجأة وقالت بسعادةٍ :



_"أنا مبسوطة أوي يا ماما ، مبسوطة يا نيروز أوي؛"



ابتسموا في فرحة وسعادة  وواصلت "وردة" مجدداً :



_" فرحانة اني هفضل هنا ومش هسافر!!"



ضحك "بدر" على رد فعلها من خلفها واتسعت ابتسامة"نيروز", التي علمت من قبل وزارتها السعادة من أجل ذلك ، فتأثرت وهي تعانقها وبادلتها السعادة قائلة:




        
          
                
_" أنا كمان فرحانة انك هتفضلي ، كنا كلنا مبسوطين ومستنين بس  نتأكد ، والنهاردة ماما قررت تسيب معايا "يامن"وتروح معاكي تنضفوا الشقة !"



هزت "سمية" رأسها تؤكد فوافقت "وردة" بحماسٍ :



_" أنا كمان قولت لـ "بدر" كدة ، بس خايفة أوي التراب هيبقي كتير"



_" معلش يا حبيبتي ، كل ده هيروح بسرعة ، انتِ حاجتك لسه جديدة وكأنك عروسة ، انتي قعدتي هنا أصلاً ولا لحقتي؟ متخافيش كله بيروح فثانية وهترجع شقة نضيفة ، بس ايد على ايد تساعد وناخد طنطك عايدة معانا تساعد عشان اخواتك حوامل مش هيقدروا "



وافقت برأسها وهرولت ناحية المطبخ تطفئ على ما كانت تشعله وتناست ، في حين تعالت الضحكات على خفتها وسعادتها البالغة بذلك! ، فحمل "بدر" "يامن"  على كتفية بمرحٍ واخبرهم مستأذناً :



_" هروح أنا ويامن لعمي شوية  أستنى غُس على ما يجي من الكشف هو وبسام ، هطمن عليه وهرجع ، عايزين حاجة ؟"



لم يخبرها أنه سيذهب اليوم للكشف! ، هل فعل ذلك كي يخفف عنها القلق؟، ترقبت حواسها ونهضت تندفع ولكن تابعت"سمية " خروج"بدر" وصغيرة ، وهتفت ناحية "نيروز" بـ :



_" اقعدي يا نيروز!"



أرادت احتواء الموقف بسرعة وبسرعة بديهة  علمت رفض والدتها  مبدأياً ، فقالت ترفض الجلوس  مغيرة محور ما كانت تريده :



_"  أنا هدخل وكمان شوية هقوم البس وانزل افتح المحل  اقعد فيه!!"



وافقت"سمية" ورأتها حيلة جيدة لها كي تخفف عن نفسها ، فسارت ابنتها ناحية غرفتها قبال نهوض"سمية " كي تخبر "وردة"بأنهما بعد ساعات قليلة سيتوجب عليهما الذهاب ناحية شقتها لتنظيفها واعادة ترتيبها من جديد ومن جهة أخرى للإطمئنان على "فريدة" والتي علمت ان "زينات " ستذهب لها مع "أسماء" ومن خلفهم سيذهب "حازم"و"ياسمين"!!



_________________________



جلس "حامد" في شقته حاملاً المصحف يقرأ به ،. إلى حين عودة أولاده من الخارج , أما "وسام" فهي تذاكر بغرفتها حيث امتحانها الٱخر غداً ،  رفع أنامله يقرأ الصفحة الثانية وصوت "غسالة" الملابس  يعلو من على بُعدٍ ، حينها جاءت "دلال" مُسرعة من الداخل وهي تحمل بيديها بعض من ملابس "غسان"وأخرى لـ "بسام", ، فوقفت أمامه بعدما نادته :



_" حامد!"



رفع رأسه تدريجياً فوجدها منشغله وهي تخلي الملابس من الأشياء التي بها ، فسألته تزامناً مع ذلك :




        
          
                
_" معندكش حاجة هتتغسل بالمرة مع اللبس ده؟"



أغلق المصحف بعدما صدّق ، وابتسم وهو يضعه بجانبه وطالع عينيها برفضٍ هادئ وقال برفق:



_" لا يا دلال ،  مفيش ، روحي انتِ بـ دول ربنا يعينك!"



أخرجت علبة سجائر وقداحة من سترة"غسان" ووضعتها أمامه على الطاولة ومن ثم ورقة مطوية ،فتٱكل بها الفضول وهي تتساءل بصوتٍ عالٍ :



_" ايه  الورقة دي!"



_"منعرفش يا "دلال" ، ما تسيبي الحاجة مكانها بدل ما يجي يتكلم ويقول ويزيد!، هو احنا ناقصين!"



طالعته بضجرٍ وأسندت ما بيديها بإصرار حتى تفتح الورقة أمام عينيه ونظراته بقلة حيلة منها ومن طبعها ، وخلال ثوانٍ اتسعت عينيها وهي تطالع الورقة مبتلعة ريقها ، وحركت عينيها ناحيته سريعاً  كي تخبره:



_" دي صورة بسونار حمل نيروز ، وصلتله ازاي الصورة دي!!"



تفاجأت من أنه يعلم في حين ، حرك "حامد", رأسه يخبرها بثقةٍ :



_" أنا قايلك  انه مسيره هيعرف ، و"نيروز" مش هتستحمل تخبي عليه حاجة زي دي ، بس كويس إنه عرف!"



_" أيوة بس امته ،  دا معانا علطول ومقابلهاش ولا حتى جت امبارح خطوبة ابنك!"



سألته بحيرةٍ ، فإبتسم ببساطةٍ يجيبها بما قد شك به :



_"ابنك مشى امبارح بدري على هنا وسابنا ، عرفت انه رجع  يشوفها مجتش ليه ، مع اني قايله يسيبها في حالها وميقربش منها عشان ميتعبهاش بس معرفش ايه اللي حصل ، الظاهر انها قالتله وعرفّتُه !"



اتسعت ابتسامتها بمجرد علمها بأنه علم ، وضحكت بخفةٍ تشير له وهي تطوى الورقة من جديد :



_" والله بركة إنه عرف ، انت متعرفش كونه مكنش عارف كان مزعلني قد ايه، يلا ربنا يقومها بالسلامة ويهديها ويهدي ابنك ونشوف أخرة وجع القلب ده ايه!"



راضاها بنظرةٍ وتعمد عدم الرد كي لا تندب من جديد!، فإعتدلت تضع الورقة بجانب الأشياء التي وضعتها على المقعد واقتربت مرة أخرى  ناحية الداخل ، في حين نهض هو ما أن سمع جرس الشقة ، وسار ناحيته إلى أن فتحه فوجد "بدر"و"يامن"، فضحك بخفةٍ ما ان صاح الصغير بنبرةٍ طفولية متحمسة! :



_" جدو!"



حمله"حامد" مقبلاً وجنتيه بحبٍ ودخل به مع "بدر", الذي تساءل بإهتمام:




        
          
                
_" لسه مرجعوش ولا ايه ؟"



_" لا لسة ، بس الحمد لله بسام طمني ان بسيطة يعني ومجتش في حاجة!'



ابتسم  من هذا ، هذا جيد اذن !, سار الإثنان ناحية المقاعد حتى جلس "بدر" بجانبه وسمعه يسأله بإهتمام:



_" كلمت ٱدم ؟"



_" أيوة كلمته ، وراح الشغل من شوية ، الدنيا مستقرة يعني الحمد لله!"



لم تُترك الفرصة للرد عليه ما ان فتح "بسام " باب الشقة وبجانبه"غسان" والاثنان يحملان بعض المشتريات في أكياس ، وضعها "غسان" على الأرض ودخل في ضيقٍ من الأخر الذي دفعه يدخل بكفه وحمل هو الأكياس ناحية المطبخ ، فدخل "غسان" يجلس تحت ترقبهم وسؤال "بدر":



_" طمني ،  الاشاعة كويسة ؟"



حمل منه "يامن" مقبلاً اياه من وجنتيه وجلس يضعه على ساقه وهو يؤكد بقوله المختصر :



_" الحمد لله"



جاء "بسام" من الداخل وأشار بيديه  بغيظٍ منه يشهدهم :



_"لا ما تكمل ، كمل وقول ان السجاير سبب من اسباب ضغط الدم العالي عندك ، وشوية شوية مناخيرك تنزف ومـ.."



بتر هذا القول قول "غسان" المنفعل من ثرثرته طوال الطريق من بدايته لنهايته :



_" ما خلاص يا بسام ،مش هنغني!"



_" لا مش خلاص ، أنا جاي أقول لأبوك عشان يشهد عليك ، قاعد بقوله طول الطريق  يبطل الأذية لنفسه وهو ولا هنا "



ضغط على فكه وضحك "بدر" بخفةٍ على شجارهما ، كانا هكذا وهما صغار ومازالا ، راقب "حامد" الوضع بهدوء تاركهما ينتهيا بينما رد "غسان" على قول الأخير بسخرية:



_"  صغير أنا !!"



نظر "بسام" بيأسٍ وغيظ بٱنٍ واحد ، في حين خرج صوت "حامد" الٱن :



_"لما تكون بتعاند وخلاص تبقى صغير ، اخوك خايف عليك، وحكاية مناخيرك اللي بتنزف دي مقلقة الواحد ، مفيهاش حاجة لو رجعت تبطل تاني زي ما كنت ، مفيش حاجة بتتحل لما كل مرة تشرب فيها وانت دمك محروق أو  زعلان ، دا اسمه عبط!"



جارى "والده" والتزم الصمت كي بتجادلان ، فإندفع "بسام" يٱخذ "يامن" منه  مردداً بحنق :



_" وهات ده كمان ، ملكش نصيب فيه ،يلا من هنا"



اخذه منه بالفعل، فضحك الكل عليه حتى "غسان" الذي انفلتت ضحكاته وأشار له بعينيه قائلاً :




        
          
                
_" ما بلاش نخليه يختار عشان متخسرش!"



_"أنا بموت في الخسارة, ملكش فيه!"



_"بيتك باللي فيه يا حبيب أخوك!"



رددها "غسان " بإيجاز ، فنظر "بدر" بضحكٍ ناحية "حامد" و"بسام "، فرفع "حامد" كفه يشير بقلة حيلة :



_"مش غريبة عليكم يعني، أنا معرفتش أربي!"



هتف بها بسخريةٍ فقبل ان يرد عليه هو ،عاق نظراته الصورة الذي مد يديه يلتقطها  مع ضحك الكل عليه ، ففتح "غسان" الصورة حتى طالع "حامد" بشكٍ وقال بتهكمٍ ضاحك :



_" حلوة أوي الخصوصة في بيتك يا  حامد!"



ضحك "والده" وابتسم في حنو  ففهم الٱخر النظرة التي أُرسلت بسعادةٍ ، فإبتسم ونهض يخبرهم :



_" أنا داخل أغير هدومي!''



فناداه "بدر" بعدما وجده يتجه ناحية الغرفة :



_" تعالىٰ تاني "



_" لأ"



لم يتفاجئ "بدر" من رده الفظ بل ضحك كما ضحك الاخرين ، ودق "هاتف" "بسام " بجيبه ، فمد يديه يلتقطه حتى انسحب في الشرفة  وأجاب حينها  عليها:



_« ايه ده ، انتِ بنفسك بترني عليا؟ أنا وحشتك ولا ايه يا دكتورة فرح »



مازحها بهذا اللقب بشقاوةٍ ، فابتسمت بخجلٍ على الناحية الأخرى وأجابته بنفس طريقته:



_"مش القصد يا دكتور بسام حامد البدري!"



ضحك بخفةٍ وانتظرها تتحدث ما ان شعر بذلك فأخبرته قائلة :



_« كنت برن عليك أقولك اني  جاية أنا و"جميلة" كمان شوية ، هشوفك؟»



ابتهجت ملامحه بسعادة وشاكسها بسؤاله :



_« على حسب والله ، لو عايزة تشوفيني هكلم مدير أعمالي وأرد عليكي!»



ضحكت عالياً هذة المرة وسألته تذكرة بسخريةٍ :



_« هو ده اللي مبتحبش الغرور؟!»



اتسعت ابتسامته بأريحيةٍ وتنفس بعمقٍ يخبرها بمشاكسةٍ :



_" انتِ غير ، بحب فيكِ أي حاجة مكنتش بحبها فأي حد !"



في كل مرة لم تجيب عليه يستمر الصمت هكذا بينهما بخجلٍ فتفهمه وقال بلينٍ :



_« يلا متتأخريش ، هستناكِ ، زي ما استنيتك كتير!»
..



_«ماشي  باي»




        
          
                
كان قولها مبتسم ببلاهة ، قبال نظرات "جميلة" التي ضحكت تدفع ذراعها بمرحٍ قائلة :



_" يلهوي يا فرح , دا بيسحب منك الكلام وانتِ طوبة!، ايه ده يبت ما تتلحلحي!!"



طالعتها "فرح" بضحكٍ ثم قال بسخريةٍ امتزجت بنبرتها الضاحكة:



_"وقال يعني انتِ اللي كنتي مقضياها كلام حب وموب مع عز ، اتلهي!"



انحنت "جميلة" ترتدي الحذاء ، ثم وقفت مجدداً تستند عليها وقالت بجديةٍ هذه المرة تنصحها :



_" ما أنا بقولك علشان كدة فعلاً ،. أنا مبعرفش أرد على الكلام الحلو ، وهو عارف ده ، فبقى يقول هو كل حاجة من غير ما يستنى مني أرد وأقول كلمة تنصفه ، هي حاجة حلوة بس أنا بحس اني هادرة حق من حقوقه ،  ما هو بتحب برضه ويتقال فيه كل الكلام الحلو!"



مرحت معها ، وخرجت تغلق باب الشقة وبجانبها "فرح" التي ضحكت بقوةٍ تشاكسها :



_" انتِ بتتغزلي في أخويا وهو مش موجود؟"



كان هناك في العمل برفقة "ٱدم", ضحكت "جميلة" وهى تؤكد ثم اعتدلت وهي تهبط على السُلم بجانبها وبدأت حديثها بـ :



_" بقولك ايه ، فكيها على الواد شوية يستي ، دا انتِ قادرة معقولة محضنكيش حضن كتب الكتاب ، أنا مش مصدقة ، دا لما كتبت كتابي أنا وعز أول حاجة عملها راح قال لـ "حازم" ممكن احضنها ، راح قايله لأ ، فطنشه وحضني ، انتِ بقى ايه ؟ منشفاها على الواد ليه؟"



عدلت ياقتها  الوهمية ، وهي تخرج من البوابة معها وقالت بتعالي:



_" التُقل صانعة يا بت!"



ضحكت "جميلة" عليها بيأسٍ وهي تشير لسيارة أجره ،في حين قالت بتهكمٍ  لها:



_" خليكي عند كلامك ده ، عشان لما يوقعك ويخليكي تحبيه مش هتقولي كدة خالص ، وافتكري كلامي ده!"



توقفت عن هذا القول ، الٱن لا تستطيع تحديد ما تشعر به تجاهه ولكنها تفضل وجوده ، شردت بكيف ستعلم أنها تكن له حب؟. بل وكيف ستعترف حينها ، بمجرد هذه التخيلات ساد الارتباك والتوتر وهي تدخل بجانبها السيارة ، وفاقت بعد دقائق على رسالة من "بسام" محتواها :



_« أنا نازل أصلي  وهبقى في المحل  ، ابقي عدي عليا هناك بقىٰ ، في حاجة نسيت ٱخدها منك هبقى أقولك عليها!»



هل قصد العناق؟. اندفعت برأسها تخبر "جميلة" بتلقائية بعدما ابتسمت على مراوغته التي تظهر معها وحدها شئ فشئ :




        
          
                
_" ابقي فكريني نعدي على  محل الورد عشان هنسى واطلع "



تحركت رأس "جميلة" من  ناحية الشرفة الصغيرة ، ثم نظرت ناحيتها تخبرها بابتسامة هادئة :



_" لا مش هتنسي ولا حاجة ، نيروز أخر مرة مكلماني كانت بتقول انها هتقوم تلبس عشان نازلة تفتحه ، فـ على ما نروح هتلاقيها نزلت!"



وافقت برأسها وردت عليه حينها بموافقة مختصرة ، وأغلقت الهاتف من جديد. , وثمة ابتسامة غريبة تزين محياها ، مجرد الذهاب لرؤيته شئ غريب أول مرة تشعر به ، بل تذهب راغبة في رؤيته وهو حلال لها ، دون ان تتخبط في أي شئ ، التخبط الوحيد الذي بداخلها الٱن هو عدم استطاعتها بتحديد ما تكنه له!!



_________________________



وبخفةٍ بدَّل "بسام" ملابسه لأخرى مريحة شابهت ملابس"غسان" الذي  بدلها كي يهبط معه ناحية الأسفل  لصلاة الظهر أولاً مع "والده" و"بدر" وبسام" 



لا تعلم هىٰ بأنها ستهبط وقد كان قرارها قبل قراراهم ، ولكن هناك صدفة ستجمعهما من جديد منذ ٱخر مقابلة ، هى تريد ذلك من الأساس لتخبره بما تريد والدتها !! ، بينما الٱن ثمة ابتسامة واسعة تزين محياها ما ان خرجت الشرقة تلتقط حجاب  ما لترتديه على العباءة السوداء التي ارتدتها للتو ، وجدته يضع ورقة ، رُبما "خطاب ثالث" في عُلبة مشابك الملابس! 



إلتقطه"نيروز"  ودخلت بلهفةٍ كي تقرأه ، ولكنها انتظرت لترتدي الحجاب أولاً كي تقرأه على مهلٍ ، وبالفعل عقدت حجابها ووضعت مرطب شفاه وبشرة وكحل أعين ، ثم اعتدلت تنظر برضا لنفسها والتقطت الورقة بحماسٍ هادئ كي تفتحها وتقرأها وقد بدأت في فتحها الٱن بالتدريج ...



-« الــخطــاب الثــالــث!»
_« أخبريني ما حيلة المشتاق؟
ما حيلة من اعتاد عناق به من الطمأنينةِ ما يكفي ؟ ، أنفاس بداخله تعرف طريق الراحة ومنذ ان سُلبت ضاعت من جديد  كما ضاعت من قبل، هلّا أعدتي لي أنفاسي وراحتي وطمأنينتي من جديد؟ ،فأمس لا يكفيني يا مالكة الفؤاد!!»
-« من : ابن البدري
إلى: بنت الأكرمي»



هذا الخطاب وضعه في الصباح الباكر ولكنها لم تراه سوى الٱن , توردت وجنتيها من كلماته وحروفه التي ما ان خرجت تؤثر بها ، وجه لوجه أو كتابةً !! ، ودخل من نقطة تفضلها هى ، نقطة الكتابة بالفصحى ،بينما في الطفولة لم تكن الكلمات هكذا ، هل ستتركه بدون رد مثل أيام الذكريات؟.



اتسعت ابتسامتها من هذا وطوت الورقة بتيهةٍ مُحببة ، ووضعتها في الدرج حتى حاولت أخذ أنفاسها والتقطت الهاتف لتخرج من الغرفة ..




        
          
                
وما ان خرجت بعدما فتحت الباب سمعت قول "زينات" لــ "سمية"و"عايدة"و"وردة" :



_" لا معلش مفيش مشكلة لو سبقتكم أنا ، أصل عملت حسابي أروح واخد أسماء ، واقفة برا ، ابقوا تعالوا انتوا براحتكم ، وأنا هكون اطمنت عليها وهطلع اساعدكم ، يلا محتاجين حاجة ؟"



رفضت "سمية" في لباقةٍ قائلة :



_" لا كتر خيرك ، توصلي بالسلامة!"



_" مع السلامة ، ان شاء الله هنحصلكم علطول !"



قالتها "عايدة " فودعتهم "زينات " التي ودعت "وردة" هى الأخرى ، فسارت "نيروز", لهم أكثر وقطعت أي حديث بقولها :



_" أنا نازلة المحل يا ماما "



نهضت "سُمية" لتستعد حتى تخرج بعد قليل، وأومأت لـ "نيروز" بابتسامة هادئة :



_" ماشي ، خلي بالك من نفسك!"



وافقتها وحثتها "عايدة" و"وردة" بالمثل ، ففتحت  باب شقتها لتخرج وأغلقته خلفها ، حينها وجدت "أسماء ",  تنتظر مع "زينات " ،وهي ترتدي ملابس من ملابس "فريدة" وهما الاثنان يحملان حقائب مما يبدو أنها أشياء "فريدة" من كتبها وملابسها وكل شئ يخصها تحتاجة هىٰ ، ابتسمت "زينات " لـ "نيروز", فبادلتها البسمة بمجاملةٍ ، وقررت عدم ركوب المصعد معهما ، فقدت الثقة بكل من يتبع "مروة"!! 



سارت "نيروز" لتهبط على السلم ، فهبطت وسارت برفقٍ أكثر ناحية الخارج إلى ان قوست حاجببها بغرابةٍ من فتح الباب ، فظهرت أكثر حتى وجدت "بسام" يجلس مع "والده" في الخارج ومعهم "يامن"  اتضح ان "بدر", قد صعد ،  تزامناً مع هبوطها ، خفق قلبها وبحثت عنه بعينيها أكثر من مرة ولكنه لم يكن جالساً معهم ، اقتربت أكثر حتى ابتسم "حامد" بإتساعٍ وقال بترحيبٍ :



_" وأنا بقول الشارع ماله نور وبقا عسل أوي كده ليه هو والمحل؟"



نظرت بخجلٍ حتى توردت وجنتيها في حين  تحدث "بسام" قائلاً بلطفٍ:



_"ألف مبروك على التوأم يا نيروز "



_'' الله يبارك فيك ، عقبالك انت وفرح!"



رددتها بإبتسامة واسعة نقية ، واقتربت تدخل إلى الداخل بخيبة أمل من عدم وجوده ، استأذنت لتدخل ، وتخطت الباب  واقتربت  ولكنها عقدت ما بين حاجبيها ما ان وجد نفس الملابس الذي يرتديها "بسام " ، يرتديها هو وهو ينحني  ناحية باقات الورد معطياً ظهره لها ، عادت بسمتها من جديد والتي  أخفتها هىٰ وقبل أن  تتحدث بشئ من خلفه وجدته يتحدث دون أن يلتفت:




        
          
                
_"تصدقي ان الورد قالي إنك هنا؟"



هل هذا عبث؟ ، ضحكت رغم انها تود الحزم معه ، ووجدته يلتفت ما ان قال هذه الكلمات وإعتدل يشلمها بنظراته المشتاقة ، بينما هى تعلقت بعدستيه التي تمر عليها بتمعنٍ حينها علمت ما ان قال بعبثٍ ٱخر :



_"بس مقاليش إنك لابسة نفس العباية السمرا اللي خلتني أقع و أقولك بحبك!"



أرادت الهروب من عبثه ووجد "حامد"من الخارج بسمته هذه معها هو وولده الٱخر ،في حين قبل أن تلتفت  لتتركه قاطع سيرها بقوله المتساءل  :



_"نازلة عشاني ؟"



_"لأ"



نفت هذا أمام هدوء ملامحه فابتسم "غسان" وقال بكذبٍ ، فـ فيما بعد سيوضح لها الصراحة :



_" وأنا كنت همشي بس هستنى عشانك!"



أرادت التلاعب به ، فتحركت وباغتته بسؤال في أصل ما قاله :



_"مبقاش لازم أوي عندك ، بقيت تعرف تستنى من غيري وكنت هتمشي!!"



قصدت تأقلمه ؟ رددتها بخداع ، تعلم مدى انهاكه المشابه لها في هجره ! ، تنهد "غسان" بصوتٍ متوسط في العلو ، ونبس بنبرةٍ هادئة صادقة  :



_" بقدر استنى بصبر كل حاجة إلا انتِ ، عشان معاكي مبعرفش اقعد راكز وأنا عارف انك هنا "



هل يعاهد على أن تتأثر ، تنحنحت "نيروز"  بحنجرتها قليلاً فوجدته يكمل وهو يسحب بأنامله حجابها ناحية مقدمة صدرها أكثر ، وأكمل على قوله الأخير بصدقٍ أكثر يكشفه :



_" نيروز بتيجي وبتجيب الشغف معاها"



هذه الجملة بمثابة الكثير ، عدلت حجابها ناحية ما أراد ستره منها يبدو أن حملها زاد في وزنها  القليل ، ابتسمت تراضيه وهتفت بحديث أشبه بـ حديثه من قبل :



_" تعرف؟ ،  ببقى عايزة أصدقك حتى لو بتعرف تلعب بالكلام "



إعتدل "غسان" وهتف بعيداً عن العبث وأجاب بصدقٍ :



_" وأنا برتاح لما بتصدقيني!"



واقترب قبال عينيها وجسدها الذي تصلب ورفع ذراعه مردداً بهمسٍ راغباً في أخذها بعناقٍ جعل عيني شقيقه تتسع من على بعد وهو يوكز والده :



_"ومحتاج أرتاح أكتر!"



ابتسامة شغوفة لينة زينت محياها فجعلتها تبادله العناق بذراع واحد واختفى كل ذلك  بصدمةٍ ما ان حاولت التملص وهي تردد بتعلثمٍ :




        
          
                
_" غسان ..باباك وأخوك بيبصوا علينا ..ابعد.. مينفعش كدة!!"



ابتسم ووجهها لهما الٱن في الخارج فكيف الفرار؟ ، لم يتركها بل مازال الٱن يعانقها وهمس بعبثٍ محركاً رأسه ناحية أذنها :



_" خلاص تعالي نروح مكان تاني ، عشان ميشوفوناش !"



دفعته "نيروز"عنها  بإرتباك جلى على ملامحها ، وتوترت نظراتها فلعب على ذلك مواصلاً قوله بـوقاحةٍ مبطنة:



_" مع ان أنا عادي ، يبصوا ميبصوش، أنا ليا اللي في حضني وبس!!"



طالعته بضيقٍ ، وشعرت بسخونةٍ وجهها من هذا الموقف ففرت هاربة من أمامه هامسة بقولها :



_" بني  ٱدم قليل الأدب! "



اختفت خلف رف خشبي ناحية الورود، فوجدته خلفها مردداً بمشاكسةٍ:



_" هنا أحسن ، محدش هيشوفنا''



برقت عدستيها ولم تنتبه للخداع في نظرته بل ظل واقف أمامها لم يقترب وضحك من هذا التوتر حتى ساعدها في الإطمئنان ما أن نبس يغيؤ مجرى هذا الحديث بـ :



_" كنت نازل عشان اصلي الضهر وكنت هطلع تاني بس وسام قالتلي انك نازلة فنزلت وقولت  هستناكي!"



وأضاف وهو يلتقط العلبة من على المقعد فمط ذراعه يجلبها تزامناً مع قوله الصادق وهو يصحح لها ثاني قول قاله لها بعدما رٱها :



_" أنا اللي جيت عشانك!"



اعتراف ٱخر لها ، ابتسمت "نيروز" وإقتربت تخلع عنه القبعة فتوقف عن فتح ما بيدي تلمست جرحه عند هذا القرب وطالعته بعينيها تتساءل بقلقٍ :



_"عملت ايه النهاردة ، غيرت على الجرح؟"



رأى ترقبها بخوف فأمسك يديها برفقٍ وقال يطمئنها :



_" ٱه ، مفيش حاجة الحمد لله!"



خرجت أنفاسها بأريحيةٍ ، فترك مرفقها وإعتدل  من جديد يفتح العلبة وقص عليها مبدأياً :



_"وأنا خارج النهاردة من المستشفىٰ جبت دول!"



نظرت بإهتمام ناحية  ما بيديه فوجدته يخرج جوربان صغيران ، مشابهان لبعضهما باختلاف الألوان ، جوارب رُضّع صغيرة جداً ،  في حجم إصبع صغير  من كفها وكفه ،  لمعت عينيها تأثراً  وتلمستهما بسعادةٍ ، فبحركة صغيرة بسيطة جعلتها تبتهج كثيراً الٱن ، فرددت بنبرة متأثرة مختنقة :




        
          
                
_" شكلهم حلو أوي يا غسان!"



هي كذلك دائماً ، يراها تسعد في أقل الأشياء ،  ترضى بأبسطهم ولكن الٱن شئ ٱخر ، وجدها تتمسك بهما بتشبت ، أصبحت الان من حق توأمها القادم ، واندفعت في أحضانه  بنفسها هذه المرة وقالت بتعلثمٍ :



_" انت مش عارف أنا فرحانة بيهم دلوقتي قد ايه ،  مش قادرة استوعب إن دي أول حاجة تيجي ليهم ، أنا حبيتهم أوي!"



ضمها بسعادةٍ من هذا وتنفس بعمقٍ يمرر يديه على ظهرها ،. فخرجت تضحك من بين الدموع  كالمختلة ، ولم تلق بالاً لما بيديه الٱن ، تفحصتهم وهي ترتبهم وسرق منها انتباهها عندما ٱخرج  جورب لها هى الٱن :



_" قولت ساعتها لازم أجيب لأم العيال ، زي ما جبت للعيال ، وملقتش حاجة. شبهك غير ده ، كله ورد زي ما انتِ بتحبيه "



التقطه منه بفرحةٍ ورفعت عينيها بتأثرٍ ، فطالعها بصمتٍ وسكون إلى ان عادت تسأله بتلقائيةٍ وكأن سؤالها جاد :



_" طب وانت ؟"



ضحك "غسان" بخفةٍ وضم رأسها ناحيته مردداً بنبرةٍ ضاحكة خفيفة:



_" لا أنا هديتي انتم ، يعني مهما أجيب مش هجيب زي اللي ربنا جابهولي، عيني مش هتتملى خلاص، انتِ وهما حاجة كبيرة أوي ، بس معرفتش افرح بيها لوحدي"



اتسعت بسمتها بسعادة ، تعايش مشاعر أول مرة تعيشها الٱن ، فوجدته بضحك بخفةٍ مجدداً. وهو يسرد عليها:



_" لما روحت اجيب شراب صغير، جبت واحد بس الأول ، وجبت بتاعك, ومشيت  نحية العربية  لـ "بسام" وفوسط الطريق رجعت تاني  وافتكرت انهم اتنين مش واحد ، ساعتها قولت للراجل هاتلي كمان واحد يا حج أصلهم توأم "



ضحكت من سرده وتلمست معدتها بحبٍ ، وربما تخبط ، فوجدها تحتفظ بهم في العلبة من جديد ، ورفعت رأسها تمتن له ، فإقترب بوجهه يقبل إحدى وجنتيها بخفةٍ وغمز قائلاً بعبثٍ  قاصداً طريقة الامتنان:



_" بتبقى كدة"



واقترب بحيث ليربكها فإتسعت عينيها ما ان وجدت وجهته وهو يردد بخبث:



_" أو كدة"



ابتعدت بسرعة ، فضحك "غسان " عليها  والسعادة زارته الٱن ما ان وجدتها تتشبت بالعلبة ، ارتدى قبعته من جديد ، فتخبطت ما ان قررت قول الٱتي له من أرادة "سُمية"  ,  وجدها تتردد ، فإنتظر حتى نادته قائلة :




        
          
                
_", غسان ، عايزة احكيلك على حاجة وأطلب منك طلب ، بس أوعدني انك هتنفذه !"



الٱن علمت ان احتمالية رفضه لما تريدة والدتها كبيرة ، تحركت أنظاره بترقبٍ وحثها قائلاً :



_"طب قولي الأول ..وأنا سامعك!"



وضعت العلبة على المعقد وسحب يديها لتجلس فجلست  بترددٍ قبال نظراته عندما جلس بجانبها هو الٱخر ، وقررت حينها قص ما حدث عليه كي يتفهم موقف" والدتها " منه ومن العقبات الأخيرة ! ..
..



جاءت "فرح"في الخارج هى و"جميلة" ، رحب "حامد" بها بسعادةٍ وأشار لها في المساحة الخالية بجانبه :



_" اقعدي يا حبيبتي ، منورين المكان كله !"



جلست "فرح" بجانبه ، في حين ابتسمت "جميلة" له بإمتنان وقالت في لباقةٍ :



_" تسلم يا عمو ، ده من ذوق حضرتك"



واضافت تتساءل من عدم وجود"نيروز" ، فلم تظهر إلى الٱن :



_"هي نيروز فين؟"



انشغل "بسام" بالنظر ناحية "فرح" التي تهرب منه  بتلاعبٍ في حين ضحك "حامد" على هذا وهو ينهض وقال يخبرها :



_"نيروز جوه ، بتتكلم مع غسان ،سيبتهم مع بعض يمكن خير ، بس أنا طالع، دلوقتي أنا ويامن ، تيجي شوية وبعدين تنزلي ولا تخليكي ؟"



ورغم القلق ولكنها اقتربت مبتسمة ووافقت قائلة بترحاب لكلماته:



_" لا هاجي ، يلا بينا"



طالعهما "بسام" وهما يسيران معاً ناحية الأعلى ومهم الصغير  ، بينما "فرح", حاولت النهوض ولكنه أمسك مرفقها وهو يبتسم بمكر:



_" لا انتِ راحة فين ، دا أنا لسه عندي كلام مقولتوش!"



كبتت "فرح"ضحكتها عليه وتعلقت عينيها بعينيه فإحتوى كفها مع خجلها هذا ونبست هى بنبرةٍ هادئة :



_"ايه اللي بيني وبينك يا دكتور بسام؟"



_"بيني وبينك كلام وأحضان مخدتهاش!"



قالها بمرحٍ واعتدل يترك كفها ، فابتسمت بخجلٍ وقالت تقاوم حرجها :



_"انت طلعت مش سهل بالمرة!"



خرجت ضحكاته على كلماتها العفوية ، وحرك رأسه ناحيتها يردد بنبرةٍ ضاحكة' :



_" انتِ اللي قاسية أوي ، بس عشانك أستحمل"



ابتسمت في اعجابٍ ، ونظرت له  بصمت من هروب الحديث ، فنهض يلتقط كفها برفقٍ وقال يحثها بحماسٍ:




        
          
                
_"تعالي أجيبلك ورد!"



نهضت "فرح" بالتدريج وضحكت على طريقته في قولها فسحبها معه ناحية الداخل أكثر ووقف الإثنان ينظران على الزهور ، ابتسمت بإعجابٍ ما ان إلتقط وردة معينة هادئة تشبه ملامحها الهادئة وقال وهو يقدمها لها :



_"  أحلى وردة ليكِ انتِ وبس ، ومتقوليش لحد"



رددها بمرحٍ فأخذتها ضاحكة وهتفت تجيبه بمرحٍ مشابه:



_" مقبولة منك ، وسرك في بير"



أخرجت هاتفها تقوم بتصويرها قبال عينيه ، فعدل من وضع القبعة ، وحثها قائلاً بإبتسامة واسعة :



_" يلا نتصور!"



رحبت بفكرته فقاوم الحرج الذي يريد ان يمحيه شئ فشئ ورفع ذراعه يحاوط كتفيها حتى تلتقط الصورة فأخذتها بخجل وهى تحاول التقاط صور أخرى للذكرىٰ ونبس من بين هذا :



_"دا جمال عينك مقوي قلبك ومخليكي تتصوري من غير فلتر!"



فصارحته بنبرتها الهادئة وهي تطالع الصور :



_" أصل أنا بحب ملامحي أوي!"



_"وأنا كمان بحب ملامحك أوي ، ونفسي في روتين رموشك!"



قهقت عالياً وهي تطالعه بإعجابٍ من كلماته ، وضحكت قبال ضحكته على ضحكاتها وصارحته ما أن تعلقت عينيها بعنينيه :



_" بس انت عينك حلوة ورموشك كمان!"



عدل "بسام "قبعته بغرور وظهرت غمازته وهو يغمز مع ضحكته وردد بمشاكسةٍ :



_" دا أنا مراتي معجبة بقىٰ !"



زحفت الحمرة لوجنتي "فرح" دون أن تجيبه وطالع جلوس شقيقه من على بُعدٍ ، فأرادت الهروب بقولها :



_"هو ممكن أروح أسلم على نيروز ؟"



لم تكن تعلم بأن هناك أمر مهم ستتم مقاطعته بواسطتها ، وافق وسار معها مقترباً منهما، فلاحظت "نيروز", حينها والتي توقفت لتسمع رده ولكنها قطعت هذا ، ما ان وقفت تقترب منها بترحابٍ وعانقتها تبارك لها :



_" ألف مبروك يا فرح ، ربنا يتمم بخير ويسعدكم!"



بادلتها الترحاب قبال وقوف "غسان" بعدما نهض، حينها لم تكن ملامحه مثل السابق، بل ما فعلته هي جعلته يُحاصر بموقف ليس جيد مع والدتها ؟ ماذا ان رفض؟ ماذا ان قبل هذا ؟، ضغط على  فكه بشرودٍ ، فإلتفتت "فرح", تنظر ووجدت الإثنان مشابهان لبعضهما لحد كبير في الملابس حتى لون القبعة كان واحد ، علم "بسام" تخبطها فتركها بمرحٍ ،  ولكنها عادت تنشغل بالحديث مع "نيروز" التي تأسفت  على عدم قدومها للمناسبة ، فسار الٱخران للٱمام أكثر   وسأله "بسام" وقتها :




        
          
                
_" مالك يا غُس ، سرحان بتفكر في ايه ؟"



لاحظ دقات هاتفه بجيب بنطاله ، فأخرجه تزامناً مع اقتراب "نيروز'' التي تابعت ملامحه بقلقٍ ، ولكنه زفر بضيق ولم يجيب فأرادت احتواءه بسؤالها :



_" مش بترد ليه؟"



نظرت ناحية الهاتف فوجدت ٱخر اسم كان تتوقعه "انجي!"؟؟, تبدلت ملامحها لأخرى وهي تسأله بجديةٍ :



_" ,ودي بترن عليك ليه ؟"



_" معرفش"



كان قوله صادق ، فصمتت بضيقٍ مخفي قبال صمته هذا ، فلم يبدي لها أي ضيق إلى الٱن كل ما فعله أنه صمت وسكن !  ، وبعيد عن هذا المحور خرج سؤال عفوي من "فرح" لهما:



_",هو انتوا ليه بتلبسوا زي بعض؟!"



هل هذا ضيق ؟ ضحك "بسام" بصوتٍ عالٍ ، فإبتسم "غسان" يجيبها بهدوء مازحًا:



_" وانتِ ليه مش عارفة تفرفي لحد دلوقتي؟ أنا لو مكان بسام هرمي طوبتي من الجوازة دي!"



وكزته "نيروز" تنهره حتى يصمت ، ولكن "فرح" كانت قد ضحكت على قوله مع "بسام " فضحكت وهي تتحدث من جديد :



_"علفكرة من حقي أتلغبط ،  أكيد نيروز كانت بتتلغبط يعني!"



حركت "نيروز" رأسها بخفةٍ وضحكت وهي تصارحها بصدقٍ :



_"في الأول ، مقعدتش فترة كبيرة اتلغبط، بس متقلقيش هتعرفي تفرقي أكيد!"



ابتسم"غسان" على ردها ، فضحك "بسام" مردداً بمزاحٍ وهو يقترب منها :



_"  هتعرف اكيد ، محدش غيري عينه بتطلع قلوب هنا ألا أنا "



ضحكت من مزاحه ووجدته يقترب مردداً لها بصوتٍ منخفض:



_" أنا مش زنان ، بس ليا حاجة عندك مخدتهاش من ساعة كتب الكتاب ، ممكن تجيبهالي بقا!"



حركت "نيروز" رأسها ناحية "غسان" بابتسامة هادئة تاركة  "فرح " وخجلها في حين ابتسم"غسان" يهمس لـ"نيروز". :



_" دا بيستأذن !"



_" أومال انت فاكره قليل الأدب زيك؟"



نظر لها بعبثٍ وقبل أن يرد نظروا ناحية الخارج وترقبت ملامح الأربعة ما ان وجدوا سيارة فخمة تتوقف في الخارج ، هذه السيارة ليست غريبة عليه!



انتظر الأربعة خروج أحدهم منها ، وبالفعل هبطت ",انچي" أولاً  واعتدلت تنظر ناحية الداخل وهي تقترب ، فوقف "غسان"و"بسام" بمفاجأة من قدومها لا يعلم اي منهما بما ينتظرهما من مفاجأة أخرى ، دخلت المحل عليهم وابتسمت بإتساعٍ قائلة :




        
          
                
_" مساء النور ،  اذيكم عاملين ايه؟"



اقتربت ترحب بـ "نيروز", التي رحبت بها  بفتور ، ورحبت بـ"غسان" الذي مد كفه يسلم عليها وقال :



_" اذيك يا انجي!"



كانت تعلم منذ الزيارة الأولى أن "بسام " لا يسلم بيديه ، فرحبت به بعينيها كما فعل هو ،  واقتربت من" فرح" ترحب بها بلباقةٍ !! ،واعتدلت مرة أخرى قبال انتظارهم بسبب قدومها ، وهتفت تخبرهم ونظراتها كانت تتوجه ناحية "غسان" :



_"معقول ما شوفتش اني رنيت عليك يا غسان، كنت هعرفك اني جاية أنا وواحدة صحبتي, كنا عايزين نشتري ورد !"



فسألت "نيروز", مستكنرة تحت ترقب "بسام " من تواجد"إنچي" قبال غيظ "نيروز" منذ ٱخر مرة:



_" وهي فين صاحبتك دي؟"



_" قاعدة في العربية ، هي مش صحبتي يعني ،بس  جوزي كان بيشتغل  تحت ايد باباها الله يرحمه، هو مات قريب للأسف فإحنا رايحين المقابر ليه وجبتها تشتري ورد عشان سألتني تجيبه منين!"



فسرت لهم بالتفصيل ،فرد "بسام "و",فرح", معاً بٱنٍ. واحد :



_", البقاء لله!"



ابتسمت لهم "انجي", بمجاملةٍ ، وأضاف"غسان" حينها قبال صمت "نيروز":



_" البقاء لله وحده ، طب ناديها تيجي تختار اللي عايزاه"



خرجت لتناديها من السيارة ،  فنظرت "فرح" تستفهم منه وأخبرها أنها صديقة "غسان"في العمل ، بينما التزمت"نيروز", الصمت تتابع ما يحدث ، ووجهت له نظرة غريبة ، لم يلق بالاً لها بل وقف ينتظر وهو أول من انتبه لقدومها معها حينها!!



كيف يحدث هذا ؟؟ نظر بذهولٍ من ضيق هذه الدنيا حتى تأتي بهذه المفاجأة ، حرك رأسه سريعاً  ناحية "بسام " فوجده منشغل بـ "فرح" وقبل ان يحثه للدخول كي لا يراها  ، دخلت هي معها ورُفعت الرؤوس ، واتسعت عيني "بسام " حينها ، هل حقاً ما يراه صحيح ، "تاج" هنا ؟؟، سرقت الأنفاس ما ان وقفت بصدمةٍ من وجودهم هنا ، هى الأخرى لم تأتي هنا من قبل ، خطبتها على"بسام", كانت في السكن القديم ! 



طالعت "نيروز"و"فرح", سكونهم بصدمتهم هذه بعدما هتف "بسام" بغير تصديق ذاهلاً :



_" تاج!!!"



كما هى على حالها ، ملامحها حادة وعينيها تتقلب بتعالي عليهم الٱن ، أخفت صدمتها ورسمت ابتسامة صغيرة تحرك رٱسها بنعمٍ وأول شئ انتبهت له هو وقوفه بجانب "فرح" التي تذكرت انها رأتها في المستشفي معه من قبل ، كما تذكرت "تاج" شخصها وهيئتها هذه ، اهبطت نظراتها بشك ناحية ايديهم ووجد خاتم الزواج والدبلة بكف الاثنان، من الأساس لم  يكن سيقف مقترباً من انثى هكذا إلا إذا كانت تخصه  وقفت "انچي" بغرابةٍ ، وتابع "غسان" بانفعال كبته ما ان مدت يديها ناحية "بسام" قائلة بسخرية مخفية:




        
          
                
_"دا الدنيا صغيرة أوي يا دكتور بسام ، اذيك؟"



وقفت "فرح" تنظر بإستغرابٍ ، فقد رأتها تفرق بل وتقترب بعشم لترحب به ! من هي؟ ، وزع "بسام" نظراته بينها وبين كفها ، ولأول مرة تندفع "فرح", دفاعاً عنه كي تزيل عنه الحرج ولم تكن تعلم بأنها كالبلهاء لا تعلم شئ بينهما سوى انه كان يرتبط بأخرى ولم يحدث نصيب:



_" سورى ، بس  بسام مش بيسلم !"



رفعت "تاج" حاجبها الأيسر بسخريةٍ ومدت كفها ناحية "فرح" وهتفت:



_" يبقي نسلم عليكي انتِ ، أهلاً ، انتِ مراته صح؟"



مدت "فرح" كفها ترحب بها مع ابتسامة مهزوزة وأكدت بحركة رأسها قبال نظرة "بسام" ناحية "غسان", الٱن وكأنه يطلب منه النجدة ، وقبل ان يهتف "غسان" بشئٍ ، سألتها "فرح":



_" ٱه مراته ، حضرتك مين ؟ انتِ تعرفيه؟"



ابتسمت "تاج" بإتساعٍ ليس هين وحركت خصلاتها إلى الخلف وقبل أن تتساءل"انجي", عن ما يحدث أجابتها "تاج" إجابة بمقتل دون حرج:



_"الا أعرفه ، هو  دكتور بسام مقالكيش انه كان خاطب ولا ايه؟"



اتسعت عيني"نيروز " و"انچي" ما أن قاربا على فهم ما يحدث بينما "فرح" أرادت تكذيب ذلك بمشاعر متناقضة وأجابتها تبتعد عن محور الشك:



_" لا قالي ، بس ايه دخل حضرتك ممكن أفهم!"



_" طبعاً ، أنا بقا اللي كان خاطبها!"



حركت "فرح" رأسها بإندفاعٌ ناحيته ، لم ساكن. هكذا. ؟ هل مازال يتأثر؟، خفق  قلبها بحسرةٍ في حين أول مرة تعلم بها "انچي", هذا، ولكن كانت نبرة"غسان" العالية ما ان هتف بحزمٍ لها :



_" عايزة ايه يا تاج؟ "



تحركت "تاج" ناحيته وجاب عينيها "نيروز", وتمسكها بذراعه كي لا ينفعل ، بينما هي وقفت  تبتسم ومدت كفها تحت نظراتها التهديديه له :



_"أهلاً أهلاً بـ "غسان البدري"!!"



طالع "غسان", كفها بثباتٍ ورفض رفع كفه ليسلم فرفع عينيه ناحيتها مردداً :



_", ايدي نضيفة!"



اتسعت عيني "نيروز". من هذه الإهانة ناهيك عن صدمة "فرح" وهي تقف بعالم غير هذا في حين سألها "غسان" بنفاذ صبر :



_" خير؟ عايزة ايه ؟"



_" عايزة ورد ، بصراحة انچي قالتلي انه محل تحفة أوي وانك زميلها في الشغل وعملت المحل ده لمراتك ، مكنتش أعرف انه انتَ ، مراتك مين ، انت بتاع جواز ؟ بتعرف تحب ؟"




        
          
                
ما هذه السخرية التي توجه لها مع اهانة مبطنة ، حركت "نيروز" رأسها بعدم استيعابٍ ، ووجدتها تكمل وهي تقترب منها :



_" هو بجد انتِ مراته ؟ "



سألتها بجديةٍ ، فنظرت "نيروز",  ناحية وجه المتشنج وعادت تنظر ناحيتها ولأخر ثانية وٱخر فرصة تحاول الايقاع بينهم جميعاً ما ان تذكرت كل شئ ٱخرهم طردها من المستشقي بواسطة تهديده !! :



_" اللي أعرفه ان اللي زي غسان ده ، قلبه في ايده ، مبيعرفش يحب ،دا كان مقضيها ،  هو انت مقولتلهاش ولا ايه ؟"



اقترب "بسام " ولأول مرة ترى "فرح" بها فظاظته عندما أشار لها مردداً :



_". اطلعي برا يا تاج ، بره بالذوق بعد إذنك يلا بدل ما تطلعي بالعافية!!"



اقتربت "إنچي" تحاول سحب ذراعها بينما رفضت الأخرى ونظرت ناحية "غسان" الذي صمت بتحملٍ ، فاستغلت هذا قبال الٱخر وهتفت بغلٍ :



_"    لو رجع بيا الزمن كنت بوظتلك كل حاجة في حياتك قصاد اللي عملته معايا ٱخر مرة وطردك ليا من المستشفى عشان اخوك ، وإعرف اني لما سكت، سكت عشان خاطر اللي راح ،. انت أكتر واحد أنا بكرهه في حياتي ، حتى لو كان من غير أسباب دلوقتي في أسباب كتير تخليني أكرهك وأكره الخير ليك "



تحمل إلى نهاية هذا الحوار الذي يزيد من انفعاله فاندفعت "نيروز" دفاعاً عنه وهتفت بصوتٍ مرتفع تنهرها :



_" انتِ مين يا بتاعة انتِ عشان تتكلمي معاه بالإسلوب ده ؟؟."



_"أنا اللي كان بيجري وراها يا حبيبتي ومفهم ٱخوه اني خاينة عشان يطلع الملاك البرئ قدامه !"



لا تكف عن اخذها دور الضحية في حين بأنها كانت قد كشفت ماذا تفعل الٱن، خفق قلب "فرح" بحسرةٍ ونظرت ناحيته بوجع تسأله :



_"هي دي كانت خطيبتك بجد يا بسام.؟"



من حقها الشك ومن حقها كان الاستنكار فقد كان أعمى البصر حينما وقع عليها الإختيار ومن ثم الحب ، توصلت بعقلها لكثيرٍ وشعرت بالتيهة والقلة، بينما هو طالعها بصمتٍ وصدمة ظهورها بسرعة كهذه لم تزول بعد!!



اتسعت عيني "نيروز" بصدمة من كلماتها ،في حين أرسلت له "تاج" نظرة خبيثة تخبره بأن بإمكانها خراب حياته الٱن ، لم تتوقع الٱتي عندما أمسك خصلاتها بقوةٍ جعل"فرح"و"نيروز", تنتفض وقال بنبرةٍ حادة :



_" بجري ورا مين يا رخيصة يا *** ،  ده  أنا سكت عشان اتستر عليكي واشيل اخويا من قرفك وبرضه عايشة الدور ومكملة، اعترفتي بلسانك برضه  انك خاينة وخونتيه و جاية دلوقتي تهدديني بكلام فاضي، مين فينا اللي كان مقضيها ؟؟"




        
          
                
لم يتوقف إلي هنا  بل زاد اندفاعه بالضغط أكثر أمام الخوف وهتف من جديد:



_" واحدة زيك محتاجة تتربي من أول جديد ، عشان المرحوم معرفش يربيكي!!"



توجعت واقتربت "إنچي", تفصلهما قبال صمت"بسام " المريب ،في حين صرخت به هى :



_" سيبني يا حيوان،. بقولك سيبني !!"



_" سيبها يا غسان من فضلك ، سيبها وهاخدها وامشي ، وعد !"



لم يلق بالاً لـ "إنچي" فنظرت "فرح" بضياعٍ ما ان وجدته يضغط على مسكته أكثر مردداً بغضبٍ :



_"  انتِ اللي جيتي بنفسك ، فاكرة أخر مرة ؟؟ أخر مرة؟؟"
اتسعت عينيها ما ان شعرت بقوله الٱخر القادم بالخطر ، وجدته يحركها بقوةٍ رغم فصل "نيروز" و"انجي", بمحاولة.:



_" اخر مرة مكنتش عايز أسيبك ومنجدكيش من ايدي غيره ، غير بسام اللي انتِ ظلمتيه ومكملة ومصدقة نفسك ،مشالكيش غير أخويا يا رخيصة يا  اللي حاولتي توقعي بينا ، بكذبك وقرفك ومهما عرفتي مش هتعرفي توقعينا ، فانتِ جاية دلوقتي واستغليتي الفرصة وعايزة تخربي عليه وعليا ، لا دأنا أموتك فيها  وأدفنك هنا يا *** "



وأكمل محركاً عينيه بإنفعالٍ ناحية أي شئ يمكنه المسك به:



_" ننفذ اللي متنفذش ،  تعالي نعلم عليكي علامة ولا أجدعها دكتور تجميل يعرف يصلح اللي هبوظهولك!"



حاولت فصله أو ركله ونزلت دموعها ٱنذاك بخوفٍ بعدم رفعت يديها تحاول صفعه ولكنه كبل يديها بعدما حاولت "نيروز" دفعها عنه كي لا يتهور



لم تستطع"انچي" فصله وحتى "نيروز" بينما اقترب "بسام"  أمام دموع "فرح" وهتف يفصل شقيقه  عنها  حتى وقفت بينهما بصعوبةٍ  صارخًا به:



_" سيبها يا غسان ،خليها تمشي  زي ما كانت!"



_" تـــاني؟؟؟؟"



هتف به هذا بصراخٍ دخلت عليه "جميلة". بمفردها بعدما ودعت "والدتها" والبقية حتى يرحلوا ناحية منزل "بدر"، اتسعت عينيها من هذا المشهد واقتربت تقف بغير فهم ، بينما دفعه "بسام " عنها وحرك رأسه يوافق قوله :



_' ٱه تاني، اللي فيه طبع مبيتغيرش ، وهي هتفضل كده للأسف ، وأنا كمان هفضل عند أصلي ومش هقلل من بنات الناس ، فخليها تمشي ، كده كده كلامها المرادي مش فارقلي ولا حتى وجودها!"



ترك "غسان" خصلاتها بفعل يد "بسام " فنزلت دموع "تاج" وهي تتمسك برأسها ،  خرجت أنفاسه بعلوٍ وهتف بها بإنفعال لأجل شقيقه وحديثه بقرار تركها :




        
          
                
_" امـــشي اطلعـــي بره"



كانت ستتحدث ولكن هرولت "إنچي" تسحبها بسرعة ناحية الخارج حتى خرجت معها ، فإقتربت "جميلة" بقلقٍ ناحية "نيروز" حتى تفهم منها ، بينما طالع "غسان" "بسام" بتمعن وطالع دموع "فرح" فأشار له ناحيتها كي يقترب ، وقبل أن يلتفت لها وجدها تركض كي تخرج  ناحية الخارج ،  فهرول "بسام", يقطع طريقها منادياً :



_" فرح ، استني يا فرح "



كانت ترفض التوقف ولكنه وقف على عتبة الباب يقطع خروجها وسألها بضعفٍ أمام عينيها الباكية من ما حدث بلمح البصر :



_" رايحة فين ؟"



_" همشي يا بسام ،  من فضلك سيبني أمشي !"



قالتها بنبرة باكية ، فاقترب سريعاً يتمسك بكفها أمام متابعة "غسان" من على بعدٍ بقلقٍ له :



_" متمشيش يا فرح ، مش هسيبك تمشي وانتِ معيطة كدة!"



حاولت ترك كفه فتمسك بهما بإصرارٍ وطلب منها مصرحاً برجاءٍ :



_" عشان خاطري أنا  خليكي ، أنا هفهمك اللي انتِ فاهماه غلط ، تعالي معايا فوق الأول ،. تعالي اغسلي وشك!"



حاولت الرفض ، ولكنها وجدت الرجاء في عينيه ، فقالت ببكاءٍ :



_" مش عايزة أفهم حاجة ، أنا عايزة أروَّح  , سيبني أمشي!"



إقترب "غسان" حينها فحركت رأسها تخفي دموعها ولكنه حثها قائلاً موجهاً المفتاح لـ "بسام" :



_" اسمعي كلامه يا فرح ، ده مجرد سوء تفاهم وجه وقته يفهمك كل حاجة ، روحي معاه ، متخافيش"



رفضت هذا بإصرار وإزدات دموعها أمام مسك "بسام " ليديها برجاء ،في حين حثها "غسان" مجدداً محاولاً احتواء الموقف:



_" اطلعي معاه ومتقلقيش على ضمانتي!"



ترددت في الموافقة ، وسالت دموعها ، بينما أعطى مفتاح شقته لـ "بسام ", ووضح :



_" خدها يا بسام واطلعوا الشقة بعيد عن ابوك وامك والهيصة ، واتكلموا سوا براحة ها؟"



التقط المفتاح من شقيقه بسرعة ، بينما هى صمتت قبال هذا بترددٍ ٱخر وتلاقت عينيها مع عيني"جميلة" بعدما فهمت المختصر ، فحثتها بعينيها على أن تعطية فرصة للفهم ، فلم تحاول التملص من يديه بل تمسكت بها وحركت رأسها توافق بإنهزامٍ  ، فسار معها برفقٍ محاولاً اخراج منشفة ورقية لمسح وجهها ، وإلتفت "غسان" حينها وأشار ناحية "نيروز" قائلاً :




        
          
                
_" هاتيها وتعالي عشان هقفل المحل !"



تمسكت بيد "جميلة" توافق واقتربت تحمل العلبة وسارت ناحية الخارج معها، ووقف هو يسحب الباب بعدما أغلق الإضاءة  ، فأغلق الباب مشيراً نحوهما بهدوء:



_" يلا "



__________________



جلوس "والدتها" معها في الغرفة بمفردهما شئ يحسن من نفسيتها ومزاجها ، طالعتها "فريدة" بأريحية وهي تجلس بجانبها على الفراش تستند برأسها على كتف "زينات" التي تمرر يديها على  خصلاتها برفقٍ ، الصمت يسود بينهما وكل فترة تتحدث احداهما إلى ان سألتها "زينات" بهدوء:



_" مرتاحة يا فريدة ؟، مرتاحة هنا مع ٱدم؟ "



_" تفتكري لو مش مرتاحة كنت قعدت ووثقت اني اقعد ؟"



هتفت بها "فريدة" بجديةٍ واعتدلت تنظر ناحية وجه "زينات" التي ابتسمت تنفي هذا وواصلت "فريدة" تكمل حينها:



_"أنا تعبانة أوي يا ماما ، حاسة ان خلاص مش فاضلي كتير وهنفجر بأي طريقة أي كان هي إيه ، حسيت ان حتى وجودي هناك بكل المصايب دي تقل عليكي وعلى حازم نفسه ، بقيت بشوف اني ظالمة ، ظالماكم معايا وظالمة نفسي ، حتى ٱدم ، ظهوره على انه غريب وانه يفضل متمسك بيا بعد رفضي ليه كتير اوي وبعد أسباب كتير تقوله اني منفعهوش كراجل شرقي دمه حامي عند السبب اللي كله عارفه ، معرفش امته وازاي وثقت فيه ومعرفش ليه قدامه بستسلم ومعرفش برضه ليه عاطياه الٱمان أكتر من أي حد ،يمكن الحاجة الوحيدة  اللي قربت افهمها ان ربنا حط فيه كل حاجة حلوة عيني بس اللي تشوفها وتتعلق بيها فأقصر فترة ممكن تحصل ، نجدني من نفسي ، لو مش موجود كنت موت وقتها فكل اللي حاولت أعمله وهو لحقه!"



اندفعت "زينات" تضمها بقوةٍ وهتفت بنبرةٍ مختقة قبال كلماتها المنكسرة :



_" بعد الشر عليكي يا حبيبة قلبي، بعيد الشر عنك من الموت  ان شاء الله كل اللي يكرهك وانتِ لا "



ابتسمت بسخريةٍ واستندت عليها من جديد وبدأت تسرد بوجعٍ يظهر فقط عند أحضان أم تكشف ما بداخل من انجبتها:



_" الموت حق ، عمري ما شوفته شر  من ساعة اللي حصل وانا مش خايفة اني أموت ، بس دلوقتي في حاجات كتير بتتغير ، بس لما بدأت اغير نظرتي لنفسي وليهم خذلوني من تاني ووجعوني ووجعوا أعصابي ، وخلوني أنهار بحاجة مصدقتش انها ممكن تحصل ، أنا خوفت يا ماما, خوفت أوي ومكنتش بخاف في الأول ، بس مخوفتش أرجع ، أنا كل اللي عاوزاه واللي بقيت عاوزاه أوي ، اني أبدأ من جديد  حياة تانية مختلفة نضيفة حتى لو مش هقدر أعيش حياة طبيعية دلوقتي بس واثقة انها هتيجي ومبقتش بفكر  في حاجة زيادة عن كدة!!!!"




        
          
                
مررت "زينات" يديها على ظهر ابنتها بشفقةٍ وزفرت أنفاسها في  تقطع وهتفت بتأثر من كلماتها المقهورة:



_" ربنا يريح قلبك يا فريدة ، ويسعده ويهدي لك حالك !"



ابتسمت "فريدة", ناحيتها ومدت يديها تتمسك بكف "والدتها", حتى قبلته وأخبرتها حينها بطلبٍ :



_"علفكرة أنا هبقى ارجع أبص عليكم بس مش هقدر أقعد ، وانتِ كمان متغيبيش عني ، تعالي علطول هنا وهاتي أسماء ،أنا مش ناسية انها انقذتني من الموت ، معرفش ليه حنيت ليها بس هي  انقذت حياتي  ودي حاجة كبيرة أوي!"



لم تعطها الفرصة للرد بل سألتها قائلة مجدداً :



_" هى بره صح؟"



_"ٱه ، قاعدة مع فاطمة والعيال ، هقوم أناديها عشان نرتبلك لبسك وحاجتك. خليكي مرتاحة انتِ !"



رفضت "فريدة" هذا ونهضت من على الفراش تخبرها :



_"لا هعمل معاكم ، بس دخليها يلا "



وافقت "زينات" بسعادةٍ من هذا ، وتقدمت "زينات" ناحية باب الغرفة تناديها من على بعد فتركت لهم "فاطمة" الخصوصية بهذا ، واقتربت ناحية غرفتها مع الأطفال ، فدخلت "أسماء" بترددٍ ، ووجدت حينها اغرب شئ ،. "فريدة" التي اندفعت تعانقها وشكرتها دون مقدمات:



_" شكراً يا أسماء ، لو قعدت أقولك شكراً من هنا لبكرة مش هوفيكي حقك"



دفاعها عنها أمس وانقاذها من طعنها بالسكين شكل لها ثقة ، سعدت "أسماء" منها واقتربت "زينات" تخرج ملابسها من الحقائب ، في حين نظرت لها "أسماء" بملامح شاحبه قليلاً وقتلت التردد، وأعلنت سببها المجهول بالقدوم إليها كي تراها وهتفت تخبرها :



_"ده كان اللي المفروض يحصل يا فريدة "



وأضافت قبال بسمة الأخرى بملامح مرتبكة :



_" ممكن  بعد ما نخلص  أقعد معاكي لوحدنا أحكيلك حاجة ؟"



أكدت "فريدة" برأسها بعشمٍ وربتت على كتفيها بذلك ، فنادت "زينات " "أسماء", و خرجت "فريدة" تفتح باب الشقة ما ان سمعت الجرس ، يبدو أن "سمية", و"عايدة " و"وردة"  و"بدر", قد جاءوا  للإطمئنان عليها ثم الصعود لأعلى حيث تنظيف الشقة!!!



__________________________



بكلمات متخبطة منه كي يبرر تخبطتت هى وتاهت أكثر قبال جلوسه بجانبها على الأريكة في صالة شقة "غسان" ،سالت دموعها منها أكثر أمامه بشفقةٍ على حالها معه وحاله هو الٱخر بعد علمها وبعدما رٱته يقف هكذا ، ولكن بعدما انتهى من شرح المختصر بوضوح ، تاه أمام عدستيها وردد بما ردد به الكثير:




        
          
                
_"متعيطيش يا فرح ، متعمليش كدة ، متحسسنيش اني ظلمتك ، والله العظيم أنا  نسيت كل ده لما شوفتك ولما حبيتك!"



رفعت "فرح" كفها تمسح وجهها وخرجت منها لكلمات بهذا الوقت بتوضيح بعد هذا الصمت :



_" انت مشوفتش هى بتبصلك ازاي، مخدتش بالك كنت انت  عامل إزاي لما شوفتها ، انت لسه بتحبها يا بسام ، شكلها كانت حاجة كبيرة عندك والا مكنتش اتجمدت كدة مكانك  ، أنا كان وضعي ايه ساعتها ، انا مستحقش كده ولا توقعت اني اتحط في الموقف ده ، أنا قلبي مش جاهز لكده أبداً !"



رفض "بسام " بلهفةٍ من كلماتها الضعيفة أمامه، وأخذ أنفاسه بسرعة وبرر أكثر بنبرةٍ سريعة :



_" صدقيني يا فرح ، أنا مش كداب ، أنا فعلاً كنت بحبها وقولتلك ده قبل كده ، بس كل ده راح ولما راح مش هنكر انه راح بسهولة ، انا اتضحك عليا منها ، دي خدعتني ووقعتني في أخويا ودمرتلي حياتي ونفسيتي من قبل دا كله ،  بعد ما كانت حاجة كبيرة نزلت من نظري من قبل ما اعترف بيني وبين نفسي إن قلبي ده دق ليكي انتِ فوسط كل ده "



ترددت عينيها كما تردد عقلها ، ولا يوجد أمامها سوى البكاء على حرج الموقف وحسرته عليها بهذا الإنكسار ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وفركت يديها بضغطٍ أمام ٱنظاره فتلمس كفها مقترباً مصارحاً إياها:



_"ٱنا عاوزك انتِ وبحبك انتِ ، ومفيش في قلبي غيرك، انتِ ليه مش مصدقاني؟"



لم يكن يتوقع ان الضعف سيجعلها تهتف الٱتي ببكاءٍ عندما هتفت بتعبٍ :



_" مصدقاك بس خايفة!"



طالعت عينيه الصادقة ، وسألت نفسها لما كل هذا الوجع الذي بداخلها ، لمَ الضيق ، ولمَ الحزن؟ ، تقطعت أنفاسها من جديد وسألته بخوفٍ وتحشرجٍ :



_" انت بتنساني بيها ؟ ، بتنساني بيها يا بسام ؟ متحسسنيش اني سد خانة ، أنا اطمنتلك وارتاحت ليك ، احلف انك مش شايفني بديل أو مش شايفني زيها ، عشان هتبقى حاجة كبيرة اوي لو كنت بتعمل كده  ، ولو فعلاً انت بتعمل كده سيبني أنا أضعف من اني استحمل أكون سد خانة!"



ما هذه الكلمات ؟ ألهذا الحد ما شعرته سئ؟ ، لمعت عدستيه واقترب يمسك كفيها  وأقسم قبال عدستيها اللامعة :



_" وأقسم بالله العظيم انتِ ما سد خانة ، انتِ دلوقتي الخانة الأولى ،ومفيش ليكِ بديل ، واللي في قلبي ليكِ  مكانش ولا هيكون  زي اللي راح مني لحد "




        
          
                
ارتجفت يديها من تبريراته الصادقة وسرق انتباهها كما الضعف منها عندما عاد يكمل بتعبٍ :



_'' أسيب مين يا فرح؟ أسيبك ؟ بعد كل ده ؟ أنا تعبت أوي بسبب اني مكنتش قادر أحدد اللي أنا فيه بسبب عقلي اللي اتشغل بيكِ وخلاني تايه ، بس فجأة عرفت اني بحبك انتِ ،أنا مش عايز اتوجع تاني يا فرح بس مستعد أحلفلك ان الوجع لو منك انتِ أنا راضيه!، بس ليه ده كله ، أنا محتاجك في حياتي عشان بحبك!"



فمال يرفع ذراعه أكثر أمام شهقتها التي خرجت وقال بنبرةٍ موجعة:



_" بالله عليكِ خليكي مطمنالي ومرتحالي يا فرح ، والله العظيم أنا محستش بالفرحة دي ألا معاكِ ، هخدعك ازاي؟ انا كمان أضعف من إني أخدع  حد كان طوق نجاة ليا ومازال ، انتِ متعرفيش مكانتك عاملة ازاي عندي ، بس أنا متأكد ان لما تحبيني هتعرفي !"



ابتلعت ريقها والاعترافات  تحت بكاء منها ،  وحساسية الموقف تتٱكل بها من الداخل:



_" بس  أنا حسيت احساس وحش أوي بسام ، اتمنيت الأرض تنشق وتبلعني ، وقعدت اكذب نفسي ان ده محصلش ، عشان مش عايزة أخسرك ، أنا بحب وجودك معايا، وكلامك وأسلوبك وكل حاجة ، انت الحاجة الوحيدة اللي حسستني اني مرغوب فيا زيادة عن اللزوم ، لما حكيتلي أول مرة من غير تفاصيل متوقعتش انها تكون كدة ، انت معيبتش فيها قدامي لدرجة اني شكيت انك سبب الإنفصال ، أنا زعلانة عشانك أكتر ما زعلانة عشاني وعشان موقفي ، مش عارفة ..مش عارفة أعبرلك أنا حاسة بإيه، بس  أنا توهت ، توهت وحسيت بحاجة وحشة محسيتش بيها قبل كده!"



هذا التخبط وهذا البكاء وهذه الكلمات تؤثر به بقوة ، ابتلع "بسام" ريقه بصعوبة من هذه الاعترافات المتواصلة منها  واقترب بالتدريج يفتح  ذراعيه على مصرعيهما يعانقها مردداً بإختناقٍ مقترباً ليبادر هو بأخذها بين ذراعيه:



_" أنا ٱسف ، أنا ٱسف  انك اتحطيتي في الموقف ده ،  ليكِ حق عندي خديه بالطريقة اللي تحبيها ، الا انك تمشي !"



هل قصد الفراق؟ ، حاوط ظهرها ووسط جسدها لأول مرة، لم تنتبه للخجل من كونها بين أحضانه الٱن ، بل وجدته  يعانقها بأسفٍ فتوقفت عن البكاء وترددت في رفع يديها حتى تربت على رأسه وخصلاته بعدما سقطت قبعته بجانبها ،  ولكن تم قتل التردد ومررت يديها على رأسه بتلقائيةٍ وخرجت أنفاسها بتنهيدةٍ حارة ما أن هتف من جديد:




        
          
                
_" أنا مخدتكيش بسهولة يا فرح ، ملقتكيش بسرعة عشان أسيبك بسرعة!"



أسندت رأسها على كتفه لأول مرة تشعر بالطمأنينة هكذا بوجوده وبأنفاسه التي على مقربة منها ، أغمضت عينيها تحاول تخطي هذا الموقف، وابتلعت ريقها ما ان وعت أكثر وقالت بتقطع وارتباك :



_"  طب ..طب أنا عايزة أقوم "



هل تحاول الهرب من هذا العناق الذي وجد به الٱمان؟، اتسعت عينيها ما ان وجدته مُصر على ضمها قائلاً بنبرة رجولية هادئة :



_" أنا مش عايز!"



_"عيب كده "



ضحك على قولها المهتز فحرك رأسها لتستند على كتفيه وربت على ظهرها بأسفٍ مردداً بنبرةٍ منخفضة ساخرة:



_" بيقولوا ان مدام فرح مراتي!"



تودرت وجنتيها وسكنت بتيهةٍ فوجدته يصارحها بمشاكسةٍ :



_" تصدقي ان حضن الكتاب لما بيتأخر ببقى ليه طعم تاني ؟"



هتف بها مع ملامحها التي اهتزت ، فضحك بخفةٍ وهو يعتدل ، وإزال أثار الدموع مع اعترافه الصادق الذي خرج:



_" كنت فاكر ان حضن غسان هو بيت الراحة والأمان واني مش هلاقي حضن ارتاح فيه كدة ، بس حضنك اثبتلي العكس النهاردة!"



ثمة ابتسامة صغيرة رقيقة زينت وجهها ، فنظر ناحيتها بحبٍ وهتفت هى بهروبٍ منه :



_"أول مرة حد يقولي اني مصدر  راحة وأمان ليه!"



وحده من يشعرها بأن لا يوجد مثلها، ابتلعت ريقها عقب قوله هذا وأكمل هو:



_" عشان أول مرة تحضني واحد قلبه بيحبك!"



ابتلعت ريقها وابتسمت بلطفٍ من هذا فشاكسها يخفف عنها ما تشعره:



_"بعد الصبر جبر صحيح ، لو كنت أعرف ان لازم يحصل كده عشان ٱخد الحضن كنت اتصرفت!"



انفلتت ضحكتها على قوله ، وتشككت وهي تسأله باستنكارٍ :



_" للدرجادي ؟"



حرك رأسه  يؤكد ،  وأغلق سحاب سترته باهتمام وانحنى يلتقط القبعة ومن ثم ارتداها ولكن خرجت خصلاته من جزء فارغ فمدت يديها بعفوية تدفعها ناحية الداخل برفقٍ ، حينها ابتسم لها وقال يشير لها على موضع قلبه :



_"والله العظيم ما حد معشش هنا غيرك!"



لا تعلم أتضحك من قوله أم تبتسم ، صمتت بعجز أمام هذا فلثم وجهها بين كفيه وإقترب يقبل قمتها وهتف ببرٍ :




        
          
                
_" انتِ أمانة عز عندي ، ومعاهد على إني مجرحكيش ولا أوجعك ، انتِ وصية رسول الله يا فرح ، وأنا  طمعان في الجنة وعاقل كفاية انفذ الوصية عشان الٱخرة ، ٱنا مش شاري من الدنيا غيرك !"



لمعت عينيها بتأثرٍ من كلماته ، ولأول مرة تجد الاطمئنان معه هنا ، ابتلعت ريقها وترددت في الإقتراب لتعبر له عن ردها ولكنه سألها بشكٍ :



_" حضن ولا ايه ؟"



ضحكت بخجل وحركت رأسها بعفوية كانت ستفعل هذا حقاً ، لم يقترب هذه المرة بل فرد ذراعيه لها بعدما عدل قبعته فإقتربت بنفسها داخل ذراعيه تقاوم الحرج وهتفت بإهتزازٍ :



_" أنا اللي ٱسفة ليك من كل حاجة وحشة شوفتها ، أتمنى أكون حاجة حلوة في حياتك ومتحولش للعكس!"



تنفس بأريحية وسعادة من بداية هذا الحديث وهي تقاوم به ما تشعر به ،اتسعت ابتسامته أكثر ما أن هتفت هى من جديد تذكره :



_" الرحلة اللي انتِ قولتلي ان الحلو فيها مسيره جاي ،  كان حلوها معيون  لحد ما انت تيجي يا بسام !"



وخرجت من بين سعادته هذه وتعلقت عينيه بعينيها وهى تكمل بتلقائيةٍ :



_" كفاية اني  مطمنة وأنا معاك ، وكفاية اني شوفت حد أخيراً شبه عز في تصرفاته ، شكراً "



تلاشت بسمته بقولها الأخير وأمسك موضع قلبه الٱخير بدراما تمثيلية وقال:



_" ٱه ، قلبي ، بقا بعد كل الجمال ده  تقولي شكراً ؟؟؟"



ضحكت بعلوٍ وهي تعدل حجابها بتوترٍ وسألته :



_" طب أقول ايه ؟"



ابتسم بلينٍ وتقدم يخبرها بنبرةٍ هادئة تبدلت سريعاً بجديةٍ :



_" اللي عايزك تقوليه ، انتِ هتقوليه بنفسك، مش مستعجل ''



هل قصد اعترافها؟ ، ابتلعت ريقها وفهمت مخزى حديثه وفاقت على قوله:



_"مش يلا ننزل ، عشان تلحقي تشوفي أمي و وسام ؟"



وافقت برأسها ولولا حنانه ولينه لاختلف الأمر ، ولكنه  اتضح بأنه بارع في احتواءها ، سارت معه وانحنت ترتدي حذاءها ببطئٍ فإنتظرها بعدما ارتدى حذاءه ، ونهضت بعدها تخرج من الباب ، وأغلقه خلفهما ملتقطاً المفتاح ، ووقف يسير على باب الشقة  التي تخصهما في المستقبل غامزاً لها بمشاكسةٍ :



_" عشة حبنا "



_"اخدت بالي!"



ضحكت "فرح"وهي تحرك رأسها تضامناً ، فضحك على قولها مردداً بتمنى:




        
          
                
_" طب اللهم عجل!"



تجاهلت قوله بحرجٍ ودخلت معه المصعد ، ووقتها دق هاتفه بجيب بنطاله ، فوجده "غسان" الذي أراد الإطمئنان وقد قرر بالفعل الإجابة عليه ليخبره بأنه سيهبط لشقة والديه!



________________________



_«ماشي ، متتكلمش بقا فاللي حصل قدامهم ، كويس انها عدت على خير»



كانت جملة "غسان" الذي هتف بها ومن ثم سمع رد شقيقه بالموافقة وأغلق الهاتف ، الٱن التفت ينظر فوجدها تجلس مع "جميلة" كما هىٰ تمعن النظر ناحيتها بشرودٍ فلو كانت أخرى لتشككت به بعد حديث "تاج"، كل الأمور توحي لها بالشك ولم تفعلها ولكن ما طلبته منه شئ ثقيل عليه !!



كانوا في شقة "سمية" ، لذا رفعت "جميلة", أنظارها ناحيته فوجدته ينظر ناحية "نيروز" ومن أجل ذلك حاولت النهوض بعدما حثتها بنبرةٍ منخفضة :



_" بيبصلك بقاله فترة ، شكله عايز يتكلم معاكي ، أنا هدخل جوه على ما  تشوفي هو عايز ايه ، وهرجع كمان شوية، خدي راحتك!" 



تركتها. "جميلة", وانسحبت ناحية غرفة "نيروز" تقف في شرفتها قليلاً تاركه لهما المساحة الخاصة بعدما فهمت المختصر من رفيقة دربها ، نهضت "نيروز" هذه المرة وتعلثمت نظراتها ما أن وجدته يحرك عينيه بعيداً عنها بعدما كان شارداً بها ، الٱن ولأول مرة يهرب غير راغباً في رفض طلبها على الرغم من أنه مجبر ولكنه رأى شئ ٱخر رأي انها جعلته يحاصر ، ومحت شخصيته ، وجعلته صغير أمام معلمة ستلقي عليه بعد الأسئلة وبعد التوبيخ وهو يقف أمامها ؟ ، التزم الصمت كي لا يضغطها ولم يفتح الموضوع مرة أخرى ، ٱخر مرة كانت تنتظر الرد ، وهذه المرة أيضاً عندما اقتربت وسألته أولاً باهتمام:



_" بسام وفرح تمام؟"



أكد برأسه وكلما ينظر بمكان ٱخر تجعله ينظر ناحيتها وكانت هذه المرة مختلفة عندما سألته بمواجهة:



_"طب مرديتش عليا ليه فاللي قولتهولك!"



لا يريد شجار ٱخر ، ليس لديه طاقة ،  خرج رده مقتضباً فرأته هي فاتراً عندما ردد :



_" بعدين!"



تخبط هرومانتها جعلتها تأخذ رده كما تريد ولمعت عينيها من أسلوبه الذي تغير كما رأت هىٰ ، وحركت رأسه ناحيتها تواجهه بقولها:



_"انت مش موافق صح ؟ مش موافق تقابلها وتشوفها هى عايزة ايه وتحكيلها  ؟ مش كدة ؟؟."



ضغط "غسان" على فكه بتحملٍ وقبل أن يلتفت  قاطعته بمحاصرة أخرى :



_" رد ، اديني أي رد ، قول حتى انك مش موافق ، مترجعش تسيبني لدماغي تاني ، انت ليه بتعمل معايا كدة ؟؟"




        
          
                
_"أنا مش عايز أواجهك باللي عملتيه يا نيروز,كفاية اللي راح مني قصادك  في الفترة اللي فاتت ، مش عايز أرد وأقولك انك حطتيني في موقف بايخ مع مامتك ، هو أنا عيل صغير ؟؟"



رمقته بعينيها الزائغة الضعيفة قبال كلماته التي كانت تتوقعها منه ، ولكنها وقفت تصارحه بردها المبرهن السريع :



_" لا مش كدة ،انت ليه شايف الموضوع كده ، هي عايزة تفهم بس نهاية ده كله ايه!"



زفر "غسان" أنفاسه بضيقٍ  ظهر على معالم وجهه واعتدل يرد بجدية عليها:



_" انتِ نفسك فهمتي نهاية ده كله ايه ؟ ، هى موقفه ايه بينا يا نيروز ، أنا لو عايزك في بيتي  هاخدك ومش هيهمني أي كلام ، بس سكت عشان شايف انه عادي من حقها ، بس مكنش من حقك تحطيني قدامها كده ، هو  انتِ  فاكراه شغل انترفيو ؟؟  ولا فاكراني في مدرسة هروح للمديرة توقفني قدامها تسألني كام سؤال وتديني العقاب وأمشي ؟ مش شايفة انك بتصغريني كدة ؟؟"



واجهها بكلماته الجامدة مثل ملامحه التي تبدلت  تحاصرها بحروفه كما تود فعلها معه ، تقطعت أنفاسها بيأسٍ وتعب من  كم هذا التعقيد وردت دفاعاً عن كل شئ أمامها :



_" لا مش شايفة اني بصغرك ، هي اللي شايفة اني بصغر نفسي قصادك ومعاك طالما قابلة بوضع زي ده من غير ما أفهم!"



فإندفع بهجومٍ يسألها بغيظٍ من أفكار والدتها :



_" وهو انتِ رجعتي ؟؟"



تخطى قولهاا المتسرع من قبل هذا  وخرجت نبرته المختصرة دفاعاً عن كبريائه مرة أخرى:



_" أنا غصبتك ترجعي؟ ولا سيبتك على راحتك وقولتلك كل حاجة  هتبان في وقتها ، وانتِ مصدقة وموافقة ،  انتِ موقفة اللي بينا وبتكبري نفسك وقولت حقك ومشوفتش انك بتصغريني بكده وعدت "



لمعت عينيها من عجزها في الرد وقليل ما ترى استسلامه عندما قابل عينيها يصرّح بعجز من الظروف هو الٱخر  :



_" أنا تعبت يا نيروز,!"



لم يتوقع بأنها ستتركه ولم تضغط عليه كما فعلت الٱن عندما فردت ذراعيها على وسعهما تحثه على احتوائه وهي من بادرت هذه المرة ، فلم يتردد ثانية إلا وقد كان بين ذراعيها الحانيتين عليه من هذا الضغط وسمعها تصرّح هى الأخرى :



_" أنا كمان تعبت ، عشان كدة حاسة بيك أوي!"



أخرج أنفاسه بثقلٍ وابتسمت تتخطى له كما تخطى لها وقالت :




        
          
                
_" أول مرة ترفضلي طلب ومقولتهاش صريحة انك مش عاوز تنفذ اللي قولته ، أنا مش زعلانة علفكرة أنا دافعت عنك مما فيه الكفاية بكل صراحة بس هى عايزة تبرير لموضوع أسماء مع انها اقتنعت انك مش ممكن تعمل كده ، بس هي شايفة انه حق انها تعمل كده ، ودي أمي يا غسان ، مقدرش أعمل لها حاجة ولا حتى أرفض وأهاجم !"



_" وانتِ لو مش فيكي خير في مامتك مش هيبقى فيكي خير في أي حاجة من بعدها يا نيروز ، أنا فاهمك عشان كده سكت قبال اني متكلمش ونرجع  للي كان ، بس أنا مش هيبقي عندي كلام لو وقفت قصادها ، أنا قادر أعمل غير كده ، وحتي اللي بيني وبينك كان صعب يروح !"



ابتسمت من قوله الأول العقلاني وسألته بإبتسامة هادئة محاولة تغير هذا الحديث بسبب الانهاك التي وجدته به وخوف نزف دماء أنفه يهاجمها على الرغم من انه ذهب للكشف :



_" كان ايه اللي بيني وبينك على كدة يا بن البدري !"



هل هذه مراوغة ؟، أخرج الكلمات الجادة الصادقة يصارحها بها على ردها
أخذ أنفاسه بتقطع عقب قوله هذا وعاد يُكمل بصدقٍ امتزج بتقاسيمه التي تُظهر لها مدى صراحة كلماته:



_" اللي بيني وبينك قلوب ميحكمهاش عقل "



كانت قد تعلقت عينيه بعينيها وبها نظرة افتقدتها منذ الكثير حينما صرّح بضعف :



_"أنا من غيرك تايه وعامل زي العيل الصغير ، انتِ  بنخليني ضعيف أوي ، وأنا مبحبش أكون كده!"



اقترب منها أكثر مع هذه الكلمات وطريقته في قولها تخبرها بأنها قادمة على شئ رفضته من قبل ، لا لم ترى به هذه الارداة من قبل بينما هذه المرة مختلفة ، هل سترفضه مجدداً بعدما هتف في ضعف من قربها:



_" أنا مش عايز حاجة ولا طمعان غير في قُربك!"



ابتلعت ريقها وضاع ثباتها أمام كلماته وأنفاسه وهو يقترب عند هذا القول ، ولكنها هتفت بإسمه بتقطعٍ ولم يلق بالاً لها، مشاعره الثائرة في ارداته بردها وقربها تلح عليه الٱن عندما شعر بأن الثقل يشتد ولم يجد سوى قربها ليزيل كل ذلك مقابل الراحة الذي يفتقدها ، كان قد قرر عدم ضغطها بينما رؤيتها هكذا بعيده عنه بمكان وهو بمكان ٱخر رغم الرجعة بالقول شئ غريب ، شئ ضغطه من جديد ، نفذت طاقته من كل هذا ، يريد رجوع حياته بشكل طبيعي كما كانت من قبل ، أما هي؟ فكانت تشعر بما يشعر به ولكن قرارها أهم شئ وخوفها من شكلها في نظر والدتها بعد حديثها معها شئ مهم،. ولكنها وضعت بمقارنة بين ثلاث ، هو وحبه ، وهي وكرامتها ووالدتها وقرارها وحكمها ، فأي منهم ستختار ؟ أنفاسه التي على مقربة منها وحتى لمساته على حنايا وجهها تدق لها بإنذار خطر ، انذار ستتخلى به عن قرارها التي وضعته وسيذهب هباء أمام ضعفهما ! ، ولكنها خافت رفضه !!!




        
          
                
الرفض لم يٱت منها ، وعادت أنفاسها بعدما سُرقت ، وخافت رفضه ولكن من خرجت تناديها كانت "جميلة" والتي وقفت بحرجٍ من هذا القرب التي قطعته ، فتحرك  بالتدريج ينظر وزفر ببطئٍ بوعي كامل بأنه رأى القبول في عينيها وبنفس ذات الوقت وجد الرفض المتردد، وعند رؤية الرفض كان تلقائياً سيبتعد ويرحل!



_"أيوة يا جميلة ، تعالي"



نادتها وهي تنظر ناحية عينيه فإعتدل يخبرها بإيجازٍ :



_" شوفيها  وهاتيها وتعالي عشان نتغدى هناك!'



لم يسمح لها بالرد بل سار مباشرةً ناحية الباب يفتحه ، فعلمت أن هذا إصرار منه ، فأشارت لها "نيروز", لتأتي ، وأتت بالفعل ، وخرجت معه تغلق الباب خلفها الٱن ، وفتح هو باب شقة "والده" بالمفتاح ، وعقب ما فتحه وجد "فرح" تساعد "دلال" في حمل الاطباق على المائدة مع "وسام" التي ابتهجت ملامحها وهي تسرع لترحب بـ "نيروز وجميلة " والذي صاح"حامد " لهما في لطف أمام قبول "دلال" رغم غرابتها من قدوم "نيروز", بعدما كانت تهرب من  مقابلتها :



_" ولاد حلال ، يلا اقعدوا الأكل هيبرد ، بالهنا والشفا !"



ابتسمت "دلال" تعانق "جميلة" بترحابٍ وعانقت"نيروز" التي جلست معهم بجانبه  بعدما غسل يديه وجاء من جديد مع "بسام "و"فرح" التي أُجبرت على تناول الغداء معهم ، جلس "بسام " بجانبها هو الأخر ، والتزمت "جميلة" الصمت بحرجٍ إلى أن سألت "نيروز" شقيقته :



_" ايه اخبار مذاكرة المادة الجاية ، كويسة ؟"



ابتسمت "وسام" بتعبٍ أخفته وتحت مسمى المرح وردت:



_" الحمد لله ، بس ادعيلي ، وكلكم كده تدعولي واحد واحد!"



ابتسموا جميعاً ملبين غرضها بالدعاء ، فتقابلت نظرات"نيروز" معه بصمتٍ إلى أن قطعه  فحثها بنبرةٍ هادئة :



_" كُلي!"



تتناول بالفعل بقلةٍ ، وجدته يبتسم وكأن لم يحدث شئ، والدقائق تمر بينهما ، والنظرات توجه لهما بفهم من أطراف ومن أطراف أخرى بغير فهم ، المستنكر لهما أنهما بنفسهما لا يفهما ما هما به، ورأى كل منهما أن وجود الأخر بجانبه يكفي لمرور مُر الأيام! ، حتى وان بقى هناك أمور عالقة ولكن بمجرد وجود الفؤاد جوار الفؤاد سيكفيهما لوضع مؤقت!.



_"منورانا النهاردة يا "فرح" واللهِ انتِ وجميلة!'



هتفت بها"دلال" ولم تلق بالاً أنها وضعت "نيروز" بوضع محرج الٱن! ، امتنت لها "فرح " بنظراتها بحرجٍ قبال نظرات"بسام" ناحية شقيقه بترقبٍ ، حينها طالع"غسان" والدته بسكونٍ غريب ارتبكت منه على الفور ولم تفهم حينها ماذا فعلت فمال "حامد" بضيق منها يخبرها عن ما فعلته من احراج رغمًا عنها ، وقبل ان تحاول انقاذ ما فعلته بتلقائية لأن "فرح", اول مرة تأتي بعد عقد قرانهما وخطبتها عليه ، وقتها نهضت "نيروز" ترسم ابتسامة صغيرة وصرَّحت :




        
          
                
_"الحمد لله !"



التزم هو الصمت قبال  النظرات المتردده المترصدة ناحيته ، ولكنه نهض بعد وقتٍ ، ووجدها في الداخل تقف في المطبخ تحاول غسل الأكواب بشرودٍ، امسك مرفقها وسحبها قليلاً وقال رافضاً :



_" متعمليش حاجة يا نيروز!"



_"متخافش أنا مش تعبانة ، سيبني أساعد شكلها تعبت النهاردة في الأكل ده كله!"



لم يجد قدرة على العبث الٱن بل صارحها شاعراً بما شعرته :



_" متزعليش، حقك عليا !''



هل تأسف لذنب غير ذنبه للتو ، هربت من عينيه واهتزت ملامحها وطالعت وجهه وهو يحاول التبرير:



_"هى متقصدش اللي حصل ، انتِ عارفاها من قبل كده أنها بتتسرع ,اعتبريها زي مامتك!"  



_" مزعلتش أنا فاهمة ان ده طبعها واتعودت ، أنا مكنتش عايزة ٱجي بس مرضتش أرفضك وجيت عشانك ، أنا بخاف وانا بتعامل وبتكلم معاها يا غسان عشان بحس انها بتحبك أوي وبتغير عليك مني !"



دخل "حامد" عند هذا القول ودفع "غسان", عنها بمرحٍ ورفع يديه يربت على كتفيها مردداً بعقل:



_" حتىى لو بتغير ، ما دي فطرة  فيكم برضه ولا ايه؟ مش عايزك تحطي الموقف في دماغك ، انتِ مكانك عندنا زي ما هو ، وهي بتحبك والله ومتقصدش ، طب دي لسه بتقولي تعالي ننزل نجيب هدية لنيروز عشان من ساعة ما عرفت انك حامل في توأم وهي بتفكر ، ستات يستي وبتطلع منهم حاجات فجأة  هبلة كدة ! "



اقتربت تعانقه بتأثرٍ قبال نظرة "غسان" الممتنة السعيدة بما فعله "والده "، ربت على ظهرها برفقٍ وأسف لما شعرته ، ولمعت عينيها تأثراً ، أصبحت تتأثر من اقل الأشياء ، ولكن من تدخل كان "غسان" الذي قال بمرحٍ طفيف:



_" طب مليش مكان في الحضن الأبوي ده ؟"



_"لأ ملكش مكان ، أب وبنته ، عايز تتحشر ليه؟  لزقة ؟"



راقبت "جميلة" هذا بفرحٍ لأجل احتواء "نيروز" السريع منهما ، دخلت حينها عليهم بالأطباق وتبعها "فرح" و"بسام" و"وسام" التي شهقت بمشاكسةٍ عندما علمت ما حدث :



_"يلهوي .؟ ابويا بيتاخد مني؟"



أخرجها "حامد " من عناقه ونظر ناحية "نيروز", مستسلماً رافعاً كلا كفية يصارحها :



_" حريمنا كلهم بيغيروا "



اعتلت ضحكات الكل على كلماته وبادر بفعل المثل وعانق "فرح" بعاطفة ابوه  ببطئٍ وهو يقترب منها ، خجلت منه قليلاً ولكنها ضحكت ما ان همس لها بمزاح :




        
          
                
_" شوفي بقا ، بسام ده نسمة ، اديه وقته وتاخدوا على بعض وساعتها  هتندمي انك وافقتي  عليه ، وألف مبروك!"



خرجت من أحضانه تضحك بخفة ، هل هناك المزيد يخفيه عليها"بسام"؟ ألا يكفي ما ظهر من مرواغة ؟ ، بدأت "جميلة" في غسل الأطباق وجاءت "دلال" معها في حين سمعه "بسام" فآقترب يردد بضجر:



_" ما ترفع راسي يعم الحج قدام الجماعة شوية ، خليني ابن مطيع بار بوالديه عارف ربنا بيصلي بيحب واحدة اسمها فرح ، دكتور ودمه خفيف ، أي حاجة من النوع ده!"



_" صدقت يا حبيبي وهي هتلاقي زيك فين بس ولا انت هتلاقي في عقلها فين ، ربنا يسعدكم كلكم يا حبايبي!"



نظرت "نيروز", لها بإبتسامة ووجدت الأسف في عينيها ، فأبعدت الأخرى "جميلة" ورفضت فخرجوا معاً ناحية الصالة بعد قرار الرحيل, حينها أخبرت "جميلة" "نيروز" :



_" احنا لازم نمشي يا نيروز عشان لسه هنعدي على فريدة نشوفها ، عايزة حاجة ؟ خلي بالك من نفسك!"



ودعتها بعناقٍ وهي تنفي سؤالها وعانقتهما "وسام " بوداع بعدما ودعا في الداخل والدتها ، فهتف "بسام " متدخلاً :



_"طب استنوا  هاجي  أوصلكم "



كادت أن ترفض أي منهما في حين لم يعطهم هو الفرصة بل دخل سريعاً ناحية الداخل يلتقط المفتاح من غرفة شقيقه ، الذي وقف مع"نيروز" منسحباً معها ناحية الشرفة ، حينها طالعته بسكونٍ وحاولت ان تخبره بأن يتوجب عليها الرحيل:



_" غسان ، أنا لازم أمشي!"



سألها بإستفهامٍ محركاً رأسه ناحيتها عاقدً كلا حاجبيه:



_" تروحي فين؟"



_" هرجع شقة ماما ، على ما يرجعوا"



حاولت الإنصراف من هنا ولكنه رفض صراحةً وأخبرها بهدوء وهو يأخذ أنفاسه:



_" لا مش هتقعدي لوحدك ، اقعدي هنا على ما هم ييجوا"



وجدت إصراره في حديثه ، على الرغم من انها تهاب عودة والدتها وهي هنا معه ،ولكنها رفضت ان تردد ذلك كي لا يُضغط من جديد ، اعتدل يرفع أكمامه وأشار لها قائلاً. :



_" تعالي خشي صلي وارتاحي في الأوضة ، على ما انزل أصلي العصر وأرجع"



اهتزت عدستيها فعلم ما تريد قوله على الرغم من أنها تسير معه ناحية الغرفة وتوقفت ما ان حثها برفق  وخمن من التعامل معها أمامهم وقبولها معه بالحديث والوقوف والاقتراب بعد الهروب:




        
          
                
_" متقلقيش يا نيروز ، هم خلاص عرفوا اني رديتك!"



_" بس ماما متعرفش انك رديتني وانت بعيد ، ومقولتلهاش عشان بعد ما قالت كلامها مكنتش عارفه هتقول ايه ، قولتلها اننا اتفقتا نرجع بس مش هيردني في بيته ألا ما افهم كل حاجة !"



كل منهما كانت تقصد ردة بشكل مختلف ، وتعلقت هي ما بين الفعل والقول ، وافقت على القول بينما الأخرى تشككت بأنها ردها بالفعل فرفضت ذلك ، وما ان رفضت اعتقدت ان الرجعة رُفضت من الاثنان ، قول وفعل . 



_" متقلقيش ، اللي حصل انك رجعتي بس حبيتي تاخدي وقتك وترتاحي وده اللي هيتقال لأنه جزء من الحقيقة!"



وافقت، وقررت قول ذلك لوالدتها عندما تسألها من جديد ، وبالفعل هذه هي الحقيقة ، ليست حجة!! ،  حركت رأسها موافقة ، وفتح هو الغرفة ، تحت متابعة  "حامد" و"دلال" من على بعد والتي شعرت بالسعادة ما ان رأت هذا واستمعت له ، تحركت عينيها براحةٍ ناحية "حامد", الذي ابتسم لها يؤكد أن ذلك حقيقة وهو يهبط أكمامه مقرراً انتظار خروجه من الداخل كي يهبطا ليصليا معاً في المسجد!!



____________________________



بعض صلاة العصر الأصوات تتداخل ، و"حازم" جاء قبل وقت كبير مع "ياسمين" لزيارة ", فريدة"، ولكن ما حدث قبل وقت هو اجتماعهم على مائدة طعام كبيرة فعلتها "فاطمة" بخفةٍ  ، لوجبة الغداء ، من حيث "سمية" التي هبطت بعد ما نظفت ورتبت  البعض مع "وردة"و",عايدة" وصعدت لهم "ياسمين" تحاول مساعدتهم في أقل الأشياء بحذرٍ ،. عندما هبطن جميعاً جلسوا قبل وقت على الطعام. وتم تناوله بالفعل ولكن لم يكن "ٱدم" هنا ولم يأت بسبب العمل ، بينما اتفق "عز"مع "جميلة" وشقيقته في الصباح قبل أن يرحل بأنه عندما سيعود من العمل  سيعود مع "ٱدم" ناحية منزله كي ينتظرهما ويرحلا معه!



ولكن صعدن النساء والفتيات مرة أخرى ، وصعدت معهن "فاطمة" بعدما انتهت بمساعدة "أسماء" لها في المطبخ ،  بينما الٱن "حازم" يجلس برفقة "بدر" على مقعدين مريحين في ركن من الصالة ، تارك شقيقته تجلس بأريحية مع "زينات"و"أسماء" من جديد!



_"يعني انتِ عندك امتحان فعلاً بكرة؟"



سألتها "أسماء" فأكدت "فريدة"بهدوء ووضحت:



_" أه ، كنت مذاكرة اللي متقرر فيها قبل ما كل حاجة  تتلخبط بس هذاكر تاني بليل وأراجع بقا !"



علمت "زينات" كل ذلك من قبل ، واستشعرت تأخرها عن الصعود فنهضت تضع حجاب رأسها وأخبرتهما وهي تتركهما بمفردهما :



_" هطلع أعملهم  شاي ولا عصير وأطلعه أشوف لو محتاجين مساعدة!"



وافق الإثنان وتابعتها النظرات منهما بعدما خرجت وأغلقت الباب خلفها ، فإعتدلت "فريدة" ترجع خصلاتها إلى الخلف وإعتدلت مرة أخرى تسأل "أسماء" بهدوء :




        
          
                
_" قوليلي بقا ، كنتي عايزة تقوليلي ايه واحنا لوحدنا؟"



ابتلعت "أسماء" ريقها بترددٍ كلما يأتي  تريد قتله وأخبارها في الحال ،  وجودها وحدها هكذا يشكل لها تعب ، طاقة تحمل  كبتها انفجرت تريد مشاركة أحدهم ما بها! ،  أخرجت أنفاسها بثقلٍ واعتدلت هى الأخرى تفرك يديها وبدأت حينها تتحدث بمقدمةٍ لما ستسرده :



_" أنا حسيت اني عايزة أقولك ، انتِ الوحيدة اللي هتحسي بالوجع اللي أنا فيه يا "فريدة"، أنا لو مش عايزة أحكي فهيبقي عشان مجرحكيش وتزعلي وممكن كمان تتصدمي، بس أنا واقعة في مشكلة كبيرة أوي أوي من زمان واللي هقولهولك ده ليه علاقة بموضوع "غسان" واللي حصل بسببي لما سامر راح ضربه!"



تزايد الشك في رأس "فريدة", وهابت تصديق الشك الخاص بـ "غسان" من أجل "نيروز" ولكنها  حثتها أولاً بدلاً من اظهار الخوف:



_'' اتكلمي يا أسماء ، انتِ قلقتيني ، متخافيش احكي وأنا هسمعك!"



أغمضت "أسماء" عينيها تخفي الخوف وحاولت ٱخذ أنفاسها وأخرجت قنبلتها الأولى تمهيداً  للأتي فيما بعد فنادتها بإسمها أولاً بنبرةٍ ضعيفة:



_" فريدة.."



ترقبت حواس الأخرى بتوتر من لمعة عينيها هذا وخوفها وهي تتذكر ما لم تريد تذكره عندما سملت نفسها له :



_"أنا..أنا سلّمت نفسي لأخوكي حسن و..ضاع مني اللي ضاع منك !"



لم تجد تشبيهاً ٱخر بقدرتها على اختيار الكلمات إلا هكذا ، اتسعت عيني "فريدة" بعدم استيعابٍ فنزلت دموع الأخرى وهي تسترسل :



_"الكلام ده من فترة كبيرة مش دلوقتي ، أنا ضعفت قصاده وسلمت  نفسي ليه في لحظة ضعف مننا احنا الاتنين ، كل ده كان عشان بحبه بس  مكنش شايفني ، وبمجرد ما اللي نيروز كانت بتعمله معاه ، جه في يوم وحصل اللي حصل ده بس بعد كده انكر وبعد من تاني مش شايفني وقالي أنا مأجبركتيش على حاجة! ولا ضربتك على إيدك ، حسيت ساعتها كإني اتضربت على دماغي ، واتقهرت لإن أنا اللي عملت كده في نفسي ، ساعتها مشيت تاني بس كنت خايفة ، والمرة دي مرعوبة امشي وأنا على نفس الحال ، انتِ عارفة ان سامر مش هيسبني عايشة لو عرف كل ده ، ومروة امي رمت طوبتها في الجواز ومحدش داخل دماغها ، وأنا اللي بعد كل ده هتجبر اتجوز  ومستناش زيها ، ساعتها مش هقدر يا فريدة ، أنا خايفة أوي ومش لاقية أي حل ، وان كنت قدرت أخبي فدلوقتي معتش نافع ده كله"




        
          
                
ونزلت دموعها بكثرةٍ وهي تكمل تحت صدمة "فريدة" الكبيرة ودمعتها التي سقطت بغير وعي لما تسمعه :



_" حسن لما رجع ونيروز مطلقة ، سامر وأمي واختي قالوله انها اتطلقت وانها تحل ليه. , ساعتها قولتله انها حامل ومش هينفع عشان لو الفرصة دي لحد فالمفروض  تكون ليا أنا بعد  ما ضيعت نفسي معاه وضيعني ، بعدها مشى من غير حتى ما يرد بس كان متشتت ومش عارف يرد ولا يقرر. ،فقالوا انه هيرجع ، واللي خلاني متأكدة ان عقله مش هيبقي فيه يرجع يفكر ويقرر  كل همه الشرب والمزاج اللي علاه على الكل ،بس لما خوفت ان ده يحصل روحت قولت لـ "غسان" يساعدني مكنتش عاملة حسابي اقوله غير أنه ياخد باله من نيروز ويردها لو عايزها عشان حسن  وأهلي ناويين على نية مش خير ، طلع كل ده ملوش لازمة معاه ودبست نفسي قصاده ، أو أنا اللي كنت شايفة من الأول لأنه كشفني وحكيتله عشان مكنش في ايدي حاجة ، وقتها قال انه هيساعدني ومستني بس رجوع "حسن" عشان يتصرف ويشيلني من كل ده قبل ما أهلي يعرفوا ويموتوني! ، لإن حسيت ان رصيدي من الستر خلاص خلص وهيعرفوا !"



الأن فهمت كل شئ ودموعها تهبط بالمثل ، رغم اختلاف حالتهما ولكنها شعرت بمدى ما يمكنها أن تشعره ، وقهرت ما ان وعت جيداً أن ما فعله "حسن" يُرَد بها الٱن  ورُدَّ من قبل!! ، رفعت "فريدة" ذراعيها تلقائياً بإندفاعٍ تضمها ناحية أحضانها وخرجت الشهقات منا لاثنان و مازالت الأخرى تستمر:



_" والله العظيم أنا تعبانة أوي يا فريدة  وندمانة ، وكل مرة كانوا بيجوا عليكي فيها كنت بتقهر وبزعل عشانك وقفت أصده كذا مرة ، وكان هيموتني من الضرب ،  ساعة موضوع المأذون موافقتش ومرضتش بس خوفني واتضطريت انفذ اللي قالي عليه ، كنت حاطة نفسي مكانك وخوفت عليكي بس لما وقفلي عرفت اني بخاف على نفسي أكتر من أي حاجة!!!"



نزلت دموعهما هما الإثنان  وصمتت "فريدة" قبال هذه الكلمات بسكون وهي تبكي ، فقدت حيلتها في كل شئ ، الٱن تشعر بها بقوةٍ ، ضمتها بحنانٍ واحتواء! ،والأخرى تبكي بصمتٍ فحثتها لأول مرة بلهفة:



_" اهدي ..اهدي يا أسماء ، كل ده هيتحل ، ان شاء الله ليه حل ، انتِ قولتي انك حكيتي لـ غسا ن؟؟"



أكدت برأسها من بين هذا البكاء ، فزفرت "فريدة" أنفاسها وردت عليها بنبرتها الضعيفة :



_"ان شاء الله هيبقي في حل ، هيساعدك ، انا واثقة ، وأنا كمان هحاول مش هسيبك !"




        
          
                
أخفت بغضها لـ "حسن ", للمرة التي لا تعرف عددها ،والتزمت الصمت وهي تحثها على الهدوء!، انتفضت ما ان سمعت صوت دقات باب الغرفة ، فمسحت "فريدة", دموعها بسرعة هى والأخرى وهمهمت بالدخول ، وما ان فتحت "جميلة" هرولت بسرعة تعانقها بشوقٍ ، ضمتها تخبرها :



_" وحشتيني!"



علمت ما توصلت له  كي تقيم هنا ، فنظرت ناحية "أسماء " ترحب بها بفتورٍ ، وجاءت "فرح" بعدما رحبت بالأخرى وعانقت ",فريدة" بلطفٍ ، فإلتزمت "أسماء", الصمت ، وترقبت "جميلة" وجودهما والنظرات ، فسألتها :



_" أومال فين ماما والباقي؟"



_", فوق "



ردت بذلك،  بينما "جميلة" كانت تود احتواء شقيقتها بمفردهما ، فوضعت هذا لحين ٱخر واستشعرت حديث ما يجري بينها وبين الأخرى فإعتدلت تخبرها:



_" طيب أنا هطلع أنا وفرح  نبص عليهم كده وهنرجع تاني!"



وافقت "فريدة" برأسها فخرجتا الإثنان ،وأُغلق باب الغرفة خلفهما ، فعادت "أسماء" تنظر ناحية"فريدة" بأسفٍ ونطقت بوجعٍ :



_" أنا ٱسفة يا فريدة ٱسفة عشان ضغطت عليكِ في وقت  زي ده ، وٱسفة عشان وجعتك ، بس صدقيني انا تعبانة أوي واللهِ وانتِ كمان مهونتيش بسرعة ألا ما ضغطوني!"



_" انسي يا أسماء اللي حصل ، أنا دلوقتي بحاول أعيش حياة جديدة صح وببدأ من الأول ، مش  عايزة افتكر أي حاجة ، انا هنسي قصاد الكلام ده وهنسي عشان انتِ شيلتيني من الموت بإيد أختك ، أنا قريبة زي ما كنت في الأول ، أنا اختك وهسمعك في أي وقت وقبلاكي وحاسة كمان بيكِ أوي ، وهساعد مع أي شخص حاول يساعدك عشا نلاقي حل ، طول ما في وقت أكيد في حل ، ومش هسمح ان حد يإذيكي!"



نهضت "أسماء" تدخل بين أحضانها بتأثرٍ وقالت بتحشرجٍ :



_" أنا ..أنا مش عارفة أقولك ايه يا فريدة ، كان نفسي اكسب حد يحبني ويفهمني ، ولما قررت اجي مدورتش على حد غيرك يكون كده ويعرف سري ده! ، أنا والله بحبك وانتِ غالية عندي بس كنت مجبورة سامحيني!"



ضمتها الأخرى تعلن لها بأنها محت كل ذلك وأخفت "فريدة "شفقتها ووجعها ورأت انها بحالة أصعب ، من وجع ضميرها واستطاعها تحمل كل هذا بينما الخطأ كان عليها من البداية  عندما قبلت هذا على نفسها مقابل شخص ضائع ضعيف!! ، لم يستمر الوقت كثيراً بمثل هذه الأحضان بل سمعت صوت ضحكات الشباب في الخارج وخاصةً ضحكة "ٱدم", وهو يقترب حتى سمعت صوت دقات الباب بهدوء وهو يتوقف ،  إعتدلت "أسماء" واخبرتها سريعاً وهي تتوجه ناحية الباب:




        
          
                
_" هطلعلهم  أنا "



فتحت الباب فوجدها هى تقابله حتى تخرج ، اخفض رأسه سامحاً لها بالخروج فدخل هو غالقاً الباب خلفه لوجود "شقيقه وعز" من على بعد أمام الباب ، ابتسم لها بحنوٍ فإقترب مع قولها له وهي تحاول اخفاء ما حدث :



_", حمد لله على السلامة ، هخرج اجهزلك الغدا ، متغديتش صح؟"



رفض "ٱدم" ببسمة هادئة  وأخبرها :



_"لأ ، أكلت ساندوتس بس ، أم عز كانت عملاهم لينا على وقت الغدا!



طالعت ملابس عمله ، فإقترب ورفع كف يديه يقرب رأسها كي يقبل جبتهما بحنوٍ تركته يفعلها ، ورأى دموعها عن قرب ولكنه قصد انتظارها كي تأتي له هي كما تفعل ، وكما فعل من قبل، فهي ان سألها لم تصارحه ، أخفى القلق وجاراها بما تحاول  فعله ، واقترب يخرج من الخزانة ملابس فتفاجئ بوضع ملابسها هناك ،  فضحك يمرح معها وهو يعطيها ظهره مخفياً قلقه من إخفاء حالها أمامه :



_" دا انتِ مطولة بقا؟"



انفلتت ضحكتها على كلماته واقتربت تلتفت وسألته :



_" عايزني أمشي؟"



حمل "ٱدم", الملابس ولم يرفض هذا بلهفةٍ بل خرج رده البارع كي لا تعتقد بأنه سيجيرها:



_" عايز راحتك!"



اتسعت ابتسامتها من هذا فرفعت أناملها تزيل ما على جبهته ربما شحم قد جف ، ابتسم قبال هذا واعتدلت هىٰ مرة أخرى تحثه:



_"طب ادخل غير ، وانا هطلع احط ليك الغدا  انت وعز بالمرة !''



وافق وكل ما يرغب به أن يحتضنها تعبيراً عن أشياء كثيرة ، فكرة خوفها من أي قرب سوى تلمس الأيدي تشكل له تصلب في بعض الاوقات الذي يتطلب بها التعبير عن ما يشعر به ، عناق  أو  محاوطة كتفيها هذا يكفي ولكنها لا تقدر على فعلها ،   لكنه يتفهم جيداً ما فعله ، انتظر يراقب ما ان كانت ستخرج هكذا ، ولكنها عقدت حجاب اسدالها بترتيبٍ ونظرت برضا في المرٱه ، فغمز لها من على بُعد قبل أن يدخل المرحاض:



_"حلوة فأي حاجة ، حتى لو هتلبسي شوال"



قهقهت على قوله ، هو وحده من  يستطع اخراجها من هذه الحالة ، ضحك على طريقة ضحكها ، فبدأ هى بالخروج ناحية الخارج ، وأومٱت ترحب من على بعد برأسها ، وعلى الرغم من ان شقيقها جلس معها  قبل وقت ولكنه تركها مع الفتيات بأريحيةٍ ، طالع "حازم", بسمتها الشاردة من على بعد وتنفس بعمقٍ من هذا ، ولم ينس هو الحق الذي تركه فكلما ينوي فعل شئ يحدث  شئ ، وما منعه هذه المرة ان "ياسمين", استطاعت الهائة ومنعه ولكنه لم يكن غبياً ، بل يفكر جيداً بطريقة تجبرهم على الرحيل ومن ضمن أسباب تأخره عن فعل شئ هو كتابة الشقة بإسم "زينات"  ، زينات التي ما ان فعلت وقالت لهم ان يرحلوا لا يحدث جديد ، وتنجح الأخرى في تركيبها ذنب الندم ووجع الضمير تحت  مسمى أنها من ساعدتها في ان تملك هذه الشقه كحق!!




        
          
                
_________________________



الوقت يَمُر ويمر وهى هُنا معه بنفس الغرفة ، أقنعها بعد عناء على أن تُريح جسدها هنا على الفراش حتي لا تتعب ، وبالفعل جلست "نيروز", بأريحية تريح ظهرها بينما هو جاءت له رسائل عمل لم يعمله اليوم! ، ولكن كيف بهذا الوقت هذا ما يحاول فهمه وهو يجلس على الطاولة يحاول فحص حسابات معينة بها أخطاء ، وكل هذا بسبب تركه نصف ما عليه لٱخرين! ، ولكنه استطاع حل هذه المشكلة مع مراسلة "شادي" له هو و"إنچي" بعدما حاولت أن تتأسف له عن ما حدث ، ابتسمت تنظر ناحيته وهو بهذا الإنهاك فسألته من بعدٍ تعرض عليه بخبرة أنها نفس  المجال وما منعها هو بداية الزاوج ومن ثم الحمل تحت مسمى الظروف:



_"تحب أجي أساعدك ؟"



رفض بحركة رأسه ممسكاً ورقة معينة ينظر بها بتركيزٍ حتى تركها ورفع رأسه مبتسماً ورد في حنوٍ من هذا التعب الذي يظهر على ملامحها :



_" لأ ،  أنا خلصت خلاص, كانت مشكلة واتحلت!"



_"مهم  ومن غيرك يتسوحوا بقا ؟"



هل هذه مشاكسة؟ ضحك بخفةٍ وأكد بغرورٍ وإستوضح:



_" عندك شك ؟"



نفت "نيروز". بصدقٍ والتقطت الغطاء أكثر بتعبٍ تضعه على ساقيها وهتفت تخبره :



_" بصراحة لأ ، نفسي أبقى أسرع زيك في الحسابات ، بحس ان عندك سرعة بديهة وشاطر أوي في الرياضة !"



ابتسم دون رد ما ان وجد شئ ٱخر مرسل له فصب عينيه بتركيزٍ مرة أخرى استمر لوقتٍ حتى قارب على الانتهاء  فتابعها بعينيه من على بُعدٍ فوجدها تنظر في الفراغ!



أغلق "غسان" ما بيديه ونهض يخلع سترته حتى جلس بجوارها يشير أمام وجهها فإنتبهت على الفور بعد هذا الصمت والشرود ، ابتسمت له بإهتزازٍ وسألها أمام اهتزازها هذا :



_" سرحانة في ايه؟"



هل حقاً ستخبره بما جاء على عقلها ؟ ، اتسعت ابتسامتها وأخبرته بلمحة من السعادة:



_"كنت بفكر في الشرابات  اللي جبتها ليهم ، خلوني أفكر هما ممكن يكونوا ايه ؟ تفتكر انت هما ايه؟"



ماذا الحماس الطفيف الذي زارها للتو بين الحروف ، ضحك "غسان" بخفة وقال برضا وهو يعتدل :



_" انا راضي بأي حاجة تيجي ، المهم تقومي كويسة انتِ وهما!"



طالعته بسكون وانصات فعاد يتحدث مجدداً بعقلٍ :




        
          
                
_"مش فارق معايا ان كانوا ولاد ولا بنات ، أنا بحمد ربنا انه رزقني بخلفة جاية غيري مش طايلها ،وبحمده تاني عشان بدل الواحد  اتنين ، هاجي اتمنى كمان يبقوا ايه ؟ تصدقي الإنسان بطبعه طماع ؟ حتى لو بيقول أنا راضي ومش عايز؟، أنا راضي فعلاً ومش عايز غير سلامتكم بس كونهم توٱم مخليني متلخبط مش عارف حتى اتمني يبقوا ايه؟ سيبيها لله!"



رمشت "نيروز" بأهدابها تتابع قوله، وضحكت بخفةٍ على ٱخر كلماته ، وأخبرته بتذكرٍ:



_"أنا فاكرة أول ما رجعتوا هنا ، واتعزمنا عندكم، ومعرفتش أفرق بينك وبين بسام ،بس عجبني اللبس اللي شبه بعض فيه وحبيت قربكم ، ساعتها كنا بنسأل وسام ازاي بتفرق بينكم وانتم حتى وانتوا كبار لسه شبه بعض عكس   حالات تانية ، بس قالتلنا ان كل واحد فيكم مختلف وانها مش بتشوفكم شبه بعض ، مفهمتش كلامها ألا ما قربت منك وحبيتك بس فاكرة ان ساعتها اتمنيت أمنية وقولتهالها من قبل ما أعرف اني هقع فيك!"



ثمة ابتسامة عذبة تزين وجهه الٱن قبال هذا الشرود والذكريات ، تنفست بعمقٍ وانتظرها تكمل دون مقاطعة فأكملت :



_" ساعتها  اتمنيت يا غسان ، ان لما أخلف اخلف توأم!"



ربما تخرج منها الكلمات بهذا الوقت عكس كل وقت تلتزم به الصمت أمامه ، ولكنها تعلمت من فترة ضياعه ان لا ضمان لهذه الأيام لتخفي شئ بداخلها !!



_" خدت اللي اتمنيته ويارب يكمل على خير ، وخدت كمان أكتر من كده ، لما لقيتك بتحبني وبعد كده  اتجوزنا رغم ان كل حاجة في طريقنا  كانت بتقول لأ ، مش هنقدر نكمل من المشاكل ، ساعة أغلط وساعة تغلط وساعة الظروف هى اللي تغلط بس مكنتش اتوقع ان الأيام خاينة وهتخونا عشان تبعدنا أوي كده بعد ما كل واحد قال للتاني إن مهما حصل مش هنوصل لكده ، بس أنا صدقت ان زي ما المستحيل ممكن يتحقق في الحلو ، ممكن برضه يحصل في الوحش ،  ماتفاجأتش عشان أنا طول عمري مش ضامنة  الدنيا ، كنت عارفة انها فانية بس عارف لما تكون فاكر كل حاجة وردي وبعد كده يضيع منك حاجة غالية تفوقك وتعرفك ان نظرتك غلط وان مفيش حاجة دايمة ؟"



حرك رأسه يجاري كلماتها بصمتٍ وسكون ، أما هى فأكملت وافتقدت كلماتها المحبوسة في ان تخرج بعد جلوسها أغلب الوقت بمفردها عقب هجره :



_" ده بالظبط كان إحساسي ، كنت فاكرة ان اللي  فإيدي وقدام عيني عمره ما هيروح بس لما  ابويا راح مني بقت كل  حاجة عادي تحصل من بعده ، اتضربت على راسي أفوق ، وفوقت ، ورجعت أصدق تاني اني هلاقي الراحة الدايمة بوجودك ، واتضحك عليا من الدنيا والأيام والظروف!"



مد"غسان" ذراعه يحتوي كتفيها مقربها منه بحنوٍ فإستندت عليه وهي تخرج أنفاسها بتعبٍ وصرّخت بخوفٍ جعله  يعود متذكراً أمر هام يخصها ! نفس الأمر الذي لمح له به شقيقه اليوم وهما معاً  فكان يخص عودتها للطبيب النفسي! :




        
          
                
_" ممكن متسبنيش تاني يا غسان ؟ ، حتى ولو قولتلك سيبني؟ أنا اتعلمت الكدب وبقيت بكدب وأقولك سيبني أنا هقدر من غيرك عادي بس دي مش حقيقة !"



فصارحها بكلمات تطيب جرحها من الداخل وقال وهو يستند بذقنه على قمة رأسها :



_" انتِ كمان مبتعرفيش تكدبي معايا يا "نيروز"، اللي بيحب مبيكدبش!"



وأضاف وهو يتحرك ناظراً لعسليتيها بعدما رفعت رأسها تطالعه :



_"عينيهم بتتكلم  وبتقول الحقيقة ، بتقول متسبنيش زي ما عينيكِ قالت!"



طالعته بتقاسيم لينة ظهرت له لين ، فإنحنى يطبع قبلة على ثغرها واعتدل من جديد ، حينها التفتت بحرج تلتقط الدواء ما ان شعرت بأنه يمد ذراعه للبحث عنه ، قدمته له ونهضت تخبره وهي تنظر نحو ساعة الحائط  فالساعات مرت :



_" أنا لازم أمشي!"



_"لسه محدش جه يا نيروز"



رفضت ذلك وتذكرت رسالة"وردة" لها :



_"لا هم قربوا ، هروح استناهم هناك "



_" لوحدك ؟"



هاب ذلك منذ أخر مرة فعلت بها "مروة" ما فعلته ، فترددت عينيها  في النظر ، ولكنها وجدته يلتقط السترة واحترم رغبتها في عدم البقاء هنا أكثر وقال:



_", هاجي استناهم  معاكي ، ولما ييجوا همشي!"



لم ترفض هذا بل وافقت والخوف عاد يتٱكل بها وهي تتذكر ما فعلته "مروة" ، خرج معها بعدما ارتدى سترته ووضعت هى حجاب رأسها بترتيبٍ ،وجدا الشقة في حالة سكون، فخرج الإثنان من باب الشقة تزامناً مع  المفاجأة ، خروج "مروة و"زهور" من المصعد ، والأولى تضع حامل ذراعي لما فعله معها هو أمس ، ابتلعت "نيروز", ريقها بتوتر وامسكت ذراعه  تحاول منعه قبل أن يقرر فعل شئ ..



وما يحدث الأن أن هناك نظرات حقودة تتوجه ناحية الإثنان بغلٍ ، ولكن دفعت "زهور" ابنتها بصمتٍ وهي تفتح الباب فدخلت بالإجبار لأن والدتها فعلت هذا والتفتت" زهور" مرة أخرى تسأل "نيروز" :



_" بنتي فين ؟"



لم تجيبها بل نظرت لها بصمت فقط وقبل ان تتحدث مرة أخرى رد "غسان" عليها هذه المرة :



_"  عجايب!!هي بنتك ولا بنتها ؟"



اندفعت "زهور" بفظاظةٍ في الرد :



_"و انت مالك  ، ايه كان دخلَّك؟"



وازداد اندفاعها بسرعة وهي  توجه حديثها لـ "نيروز":



_"وبعدين ماشية معاه ليه يا بت هو مش طلقتك برضه؟"



تسلى "غسان" بها في نظراته، وقال بجديةٍ  امتزج بها الحزم والسخرية معاً :




        
          
                
_"بقولك ايه يا ولية انتِ ، لو فاكرة ان اللي هيبعدني عنك  سنك ده ، فأحب أقولك إن أنا لعبتي الأرقام ، بشيل واحط وأزود وأنقص ، ومفيش مانع لو مسحته كله قصاد إني أعلم عليكِ علامة حلوة كدة .. ايه رأيك؟"



قرأت وقاحته بانفعال عندما أكمل بكلمة واحدة:



_" ما تيجي"



إعتدل "غسان" متصنعاً البراءة وهو يتساءل بندم زائف لـ "نيروز،":



_'' هو أنا باخد رأيها ليه؟ انتِ شايفاها شخصية؟؟"



نفت "نيروز" برأسها تقاوم الخوف فضحك بإستفزاز يؤكد :



_" وأنا كمان "



تضايقت "زهور" من هذا التقليل ، ووجهت نظرة حادة ناحيتها فأشار لها "غسان" أمام وجهها :



_"عينك يا أم سمرة!"



قلبت عينيها بإنفعالٍ واندفعت تردد له بغيظٍ :



_", انت فاكر نفسك ايه ، آخر واحد  منك على الأرض؟؟؟"



علم ان الاستفزاز هى الطريقة الوحيدة التي تخرج غضبها فلعب على هذا وهو يحاوط كتفي "نيروز" مردداً بنبرةٍ ضاحكة يستفزها أكثر:



_" طب ما أنا فعلاً مليش بديل ولا حتى في التوكيل!"



وضعت"نيروز" يديها على فمها تكتم ضحكتها ، فإشمئزت "زهور" بنظراتها ،فحاول التحرك مع الأخرى ولكنهم  وقفوا بغرابةٍ بعدما سمعوا صوت أقدام كثيرة تصعد بركض على السُلم ، فانتظر يرى ما هذا معهما ، وتفاجئ الٱن بالٱتي!!



مجموعة شباب يظهر على ملامحهم الشر ، بجروح وجههم ومهلاً المطواه التي في يد كل منهم وانفاسهم العالية و..لم يتركوا لهم الفرصة في ان يتطلعوا أكثر بل صاح أولهم بخشونةٍ وهو يقترب مشيرا ً له كونه الرجل الوحيد بينهما أمامهم :



_" دا الدور اللي ساكن فيه حسن الأكرمي؟"



هابت منهم "نيروز", وابتلعت ريقها  برهبة من مظهرهم هذا ،و نظرت "زهور", بغرابةٍ ، فتقدم "غسان", يجاريهم بشكٍ من هذه المظاهر :



_"هو يا باشا ، انت تعرف مكانه ؟"



صاح أخر بنبرةٍ سوقية:



_" نعرف مكانه منين ،   احنا لينا فلوس عنده ، خد كيفه وهرب من غير ما يسد ، وادانا العنوان ضمان عشان لو مرجعش ، واحنا راجعين ناخد اللي لينا ذوق أو عافية ، فين شقته!"



طالع آخرهم وقوف "زهور " و"نيروز" الذي نظر ناحيتها بوقاحةٍ ، فأشار له "غسان" ناطقاً :



_" عينك يا حدق ، عشان مروحكش من غيرهم !"



ضحك عليه وحك رقبته بتسليةٍ يرد بسخريةٍ :



_", دا انت شبح أهو وبتتكلم، أومال مبتنطقش ليه وتقول أبو علي فين خلينا نطير ورانا مصالح!"




        
          
                
طالعه "غسان" بتفحصٍ ، ودخلت"نيروز", الشقة بفعل إشارته ، فعاد يسأل أكبرهم :



_" ما تخلصنا يا برنس ، فين أم دي شقة ، خلينا ناخد اللي لينا بالذوق ونتكل!"



انتظر "غسان" وقد جاءت له فرصة من ذهب الٱن ، حرك عينيه  ناحية "زهور" التي انسحبت بجبنٍ ، ففضل هذا ،  وعاد ينظر ناحية قول الأخير مردداً :



_" طب لو قولتلك سيبك من اللي ليك وأنا هعطيهولك وزيادة!"



تشكك أحدهم وإقترب يستفهم منه بسرعة بديهة :



_" مصلحة ؟"



حرك "غسان", رأسه يؤكد ، وقال بصوتٍ متوسط حتى لا يصل لشقة "سامر" و",نيروز" :



_" مصلحة أه!"



_"ببقى تخرج اللي في دماغك ، وان عرف يدخل دماغنا نقول ٱمين  ,ٱمين ؟؟!"



ردد البقية بتسليةٍ بعد قول  زعيمهم يلمحون له :



_" ٱمــين!"



تحسس "غسان" جيب بنطاله بتسليةٍ مشابهة لهم واعتدل يخرج مفتاح محل الورد وقال  يشير لهم :



_" تعالوا معايا "



أمسكه أولهم من معصمه وقال بضحكةٍ خبيثة :



_"عقلنا مش مقاس  أي حوار  هتحاول تعمله ، نضمن الأول ان حقنا هناخده ونبقى نشوف ، الكلام ببلاش!!"



نفض "غسان" يديه وشملهم بنظراته مردداً يجاري طريقتهم :



_"تاخدوه الوقتي ، ولا تستنوا تفهموا وتاخدوا بزيادة ، أنا مش خسران يا معلمة ، أنا دماغي مقاس دماغكم وأكبر ، هتحترمها هنعمر مع بعض في المصلحة مش هيحصل اقولك فين شقة حسن وتاخك غرضك وتمشي بس ساعتها  هتمشي وانت خسران ، والرأي رأي المعلمين ، دا عرض وخسران اللي يرفضه مني !"



صمت الخمسة أمام  كلماته بتفكيرٍ ونظروا حول بعضهم ثم عادوا يحركون رأسهم بإقتناع مرددين معاً:



_"اشترينا "



حرك "غسان" رأسه بإعجابٍ وغمز وهو يلتفت:



_"عجبتوني!"



وأضاف وهو يفتح باب شقة "والده" :



_" دقيقة اجيب حاجة وأرجع!"



دخل تحت ترقبهم ، فإستمرت بينهم الهمسات لدقائق ما ان عاد مجدداً  بعدما وضع  المطواه في جيبه تحسباً لشئ ، عاد يدق جرس شقة "سمية", ففتحت"نيروز،" بعد انتظارها بتوتر ، وحثها قائلاً وهو يسحبها ناحية الشقة الأخرى مردداً:



_"خليكي هنا  متتحركيش ، شوية وراجع!"



حاولت  مقاطعته بخوفٍ ولكنه لم  يترك لها الفرصة :



_" استنـ .."



مد يديه يغلق الباب  كما أغلق باب شقة "والدتها" ، وإعتدل يُنبههم بعدما كانوا يتحدثون مع بعضهم :




        
          
                
_" مش بينا يلا  ؟"



كان صوتهم واحد وهم يقتربون من السُلم  معه  بفضولٍ :



_" بيــــنا مدام جــــيــنا!!"



____________________



قبل وقت رحلت "سمية" و"عايدة" و"وردة"  بوداعٍ مؤقت لهم مع "بدر" بعدما ودع شقيقه وكان معه "بسام" الذي انتظر معهم  مقرراً الذهاب بعد وقت للعمل لأنه سيقيم به الليلة ، وأخذ "عز" "جميلة"و"فرح" قبل قليل ليرحلوا بعد وداع "جميلة" لشقيقتها ، بينما انتظرت "ياسمين" مع انتظار "حازم" الذي قرر الانتظار حتى يوصل "زينات" و"أسماء" ..



جلسوا مع بعضهم  وحان. وقت الوداع الأخر ، بعدما نهضت "زينات"  تعانق"فريدة" التي كانت  تحاول اخفاء ما بداخلها ، وهتف تحثها :



_" خلي بالك من نفسك يا حبيبتي، هبقى اكلمك"



_" حاضر"



عانقت من بعدها "أسماء" فسار الإثنان ناحية باب الشقة يرتديان حذاءهما في حين وقفت "ياسمين" تودع فاطمة وودعت "فريدة" الٱن بمرح عندما احتضنتها وقالت :



_' خلي بالك من نفسك يا بت ، وابقي طمنيني هببتي ايه في امتحان بكره"



حركت رأسها توافقها وسارت "ياسمين" هى الأخرى ترتدي حذاءها قبال نظرات "ٱدم" الذي تابع كل هذا وهو يقف ، وأخرهم عناق "حازم" المتأثر لـ "فريدة"عندما ضمها ونصحها :



_"ادخلي ذاكري وارتاحي ومتضغطيش نفسك أوي ، وان شاء الله بكرة لو لحقت أوصلك  هجيلك!"



_" وأنا بعمل ايه يا حازوم ؟ قرطاس؟ أنا اللي هوصلها يعم ، انت شغلك مفيهوش أعذار ، ودي مسئوليتي خلاص ، اطمن "



امتن له بعينيه وودعه بعناق أخوي صادق وخرح يهتف :



_" خلي بالك من الأمانة يا ٱدم"



أشار "ٱدم" ناحية عينيه بمرحٍ وقال :



_" في جوه عيني والله"



ابتسم "حازم" وربت على ظهره ، ثم طبع قبلة على جبهة "فريدة" فأشارت له بالوداع وهو يقترب ليخرج من الباب ، فأغلقه خلفه ووجد سكون المكان مما يبدو الأطفال في غرفتهم الٱن وشقيقته معهم ! ، انتظر حديثها فإبتسمت له براحةٍ ،  حينها اعتدل يشير لها:



_"خشي ذاكري عشان تنامي بدري!"



_"هعمل كده!"



سار ناحية الغرفة بعدما حرك رأسه ودخل الإثنان ، فإقتربت من الطاولة تجلس بعدما أخرجت قبل وقت كتبها , بينما هو دخل المرحاض ، فضاع ذهنها بكثيرٍ وتركت القلم، ولمعت عينيها تحاول عدم تذكر شئ الٱن ، موضوع "أسماء" شكل لها ألم تحاول اخفاءه ، وعادت تشرد بنقطة أخرى من. تواجد "ٱدم" ، "ٱدم" الصديق المُقرب لـ"حسن"، زاد شكها  من فكرة علمه لما فعله شقيقها مع "أسماء" ، غريب تحاشي نظرة ناحية ابنة خالتها بتهربٍ وحدها من استشفته الٱن كونها تعلمه تمام العلم! ، قاطع هو شرودها عندما خرج  واضعاً المنشفة على رقبته , فنظرت له مطولاً ، وانتظرها مطولاً هو الأخر كي  تقص له بمفردها ما جعلها تبكي! ،  نهضت "فريدة"  تقترب منه وقطعت أي تردد فقالت :




        
          
                
_"ٱدم ، أنا عايز أعرف منك حاجة!"



ذُهل لأنها لم تعطه الفرصة للرد بل وجد عينيها تجتمع بها الدموع العالقة وسألته بإختناقٍ:



_" انت عارف اللي حصل بين حسن وأسماء ؟"



قالت جملتها بوضوح ، قررت عدم المراوغة ، أما هو فوقفت بدهشةٍ من داخله برع في عدم ظهورها ، حاصرته هى الٱن  ، ولا مفر ، اعتدل يتنحنح ، حتى هو ! لا يريد تذكر هذة العقبة!! ، ولكنه لم يتصنع الكذب ، بل حرك رأسه بصدقٍ وهتف مختصراً مستسلماً :



_" ايوة"



حركت رأسها بوعيٍ ونزلت دمعتها مع حديثها:



_" كنت عارفة!"



لم يستطع كشف ما تشعر به ولكنه بدأ يردد كي يرضي ضميره قبال هذه الدموع المنكسرة :



_"مكنتش معاه ولا أعرف الا بعد ما حصل والله يا فريدة!"



تشبتت بكفه وطلبت منه برجاءٍ تحاول سحب اي معلومات تفيدها :



_" طب ممكن تحكيلي ؟"



تقطعت أنفاسه ، ومسح وجهها بما في يديه بقلقٍ وأضاف مفسراً بعدما أومأ وسحبها ناحية الفراش لتجلس  على طرفه وجلس هو أمامها :



_"  وقتها جه بعد اللي حصل وحكالي ، واتخانقت معاه وقاطعته اسبوعين، بس واللهِ يا فريدة ما  كنت اعرف من قبلها ،لو دا كان حصل كنت حاولت أمنعه وأنصحه ،بس هو كان  دايماً بيقولي إنها بتجري وراه ، وفوسط اللي كنا فيه كنت فايق اقوله حاجة واحدة ..قولتله اخطبها يا حسن دي بنت خالتك ومش هتلاقي أقرب من كدة وانسى بقا اللي  انت بتفكر فيه ،بس هو عاند وأصر وقالي وقتها ان نيروز ليه هو وبس ، جاريته وخدته على قد عقله وحاولت مسيبلوش وقت دماغه توسوس له يقرب من بنت خالتك  تاني لحد ما هي مشت فسيبته ، وجه قالي ساعتها انها كلمته ومنهارة عشان  عرفت انها مبقتش بنت بنوت ، فضلت وراه وقولتله اكتب عليها يا حسن ، حرام عليك بنات الناس معبرش ليا كلمة ، ونسيانه  خلّاني أنسىٰ لان مكنش هامه ، بس لما هي رجعت أنا افتكرت وافتكرت بعد ما اتغيرت للأحسن فكوني بشوفها بتفكرني وبتحسسني بالذنب مع اني حاولت انجدها بأي حل ومنفعش!"



سالت دموعها بشفقةٍ عليها بين شقيقها التي تسقط منه الدناءة ، وصرّحت بضعفٍ :



_" انت عارف أنا موجوعة ليه ؟ عشان حاسة بيها ، وموجوعة أكتر عشان كل ده اترد فيا أنا ، بص كده حواليا ؟ بص؟ هتلاقي كل واحد منهم عمل شر في حياته  اتاخد حقه مني أنا ، وٱنا أقسم بالله ما ليا ذنب!!"



رددت الأخير بنبرةٍ باكية منكسرة جعلته يدفعها بسرعة ناحية ذراعيه لم ترفض هذا ، ورغم رهبتها بقربه ولكنها أرادت الإحتواء بعدما برعت في الإخفاء ، حينها اختنقت نبرته وتأسف أمام هذا الضعف بتشبتٍ بها ومنها:




        
          
                
_" أنا ٱسف، أسف لك من كل الدنيا"



بكت بين ذراعيه ولم ترد استمرار هذا ، حاولت الاعتدال وسألته وهي تمسح وجهها :



_" انت تعرف فين حسن ؟ بتكلمه؟!"



_" معرفش عنه حاجة ، حاولت أوصله ومعرفتش ، ودورت أنا وحازم قريب وملقنهوش! ، كل الأماكن اللي ممكن يكون فيها مكنش فيهم حتى المكان اللي فضل اتبلغ عنه واتشمع!"



فسألته بقلق بعيد عن هذا :



_" انت لسه بتروح؟ بتروح تقعد معاهم ؟!"



وجد الخوف في عينها ونبرتها ،. فنظر بإطمئنانٍ وقال:



_" لأ ، مبقاش ليا علاقة بحد ،ولا بقيت أروح هناك ، انا بطلت يا فريدة حتى السجاير مبقتش تدخل بوقي!، بطلت عشان عايز كده وعشان لو كنت فضلت كنت هموت ، أنا اللي خايف عشان كدة دورت ، خايف على حسن اللي ربنا بيكتبله عمر جديد في كل مرة بيفوق منها من الهباب اللي بياخده!!"



عادت أنفاسها لها ، وأومأت بحركة رأسها ، وقررت إغلاق الحديث من هذا  الحوار والمحور ، بينما سحب هو كفها برفقٍ يحثها كي تبعد عن الضعط :



_" أقعدي ذاكري يلا "



وافقت برأسها وهي تجلس ، ووجدته مازال واقفاً فرفعت رأسها تنظر بتساؤل فعاد يصرح من جديد :



_" لسه عند رأي ، شكلك وحش وانتِ معيطة!"



_" محدش طلب رأيك!"



اندفع "ٱدم" يرد بسرعة وضحك قبل ان ترد هي:



_" ما أنا قولتلك ، رأي أمر مفروض إجباري يعني يا شاطرة!"



ضحك أكثر ما ان قالتها معه مقلدة نبرته بسخريةٍ ، وأكملت قبله :



_" عايز عيني في عينك كمان؟"



هتف بتمني وهو ينحني قبال المكتب دافعاً خصلاتها من على كتفيها ناحية الخلف:



_" يـــاريـــت!"



تعلقت عينيه مع عينيها ووضع كفه على كفها المسند ، واقترب يقبل قمة رأسها ببرٍ ، وإعتدل من جديد يخبرها :



_" اتجدعني بقا ، أنا خارج أشتري شوية حاجات للبيت وهاخد أدهم ويوسف عايزة حاجة  اجبهالك وأنا جاي غير الأيس كريم بالڤانيليا؟"



ابتسمت تنفي وقالت ما توده :



_" عايزة قلم رصاص اسنان عشان بتاعي ضاع!"



وافقها برأسه وإعتدل ينظر ناحية شكله في المرٱه ممشطاً خصلاته إلى الخلف وقال بمشاكسةٍ :



_"وأنا اللي مفكرك هتحبي فيا وتقولي عايزة سلامتك يا أدم!"



وأضاف وهو يعتدل واضعاً الأموال في جيبه ومن الناحية الأخرى الهاتف :




        
          
                
_" أو مثلاً مثلاً يعني ، تقوليلي الحدوته اللي قولتهالي امبارح قبل ما أنام!"



ضحكت "فريدة " بخفةٍ ، ووعدته وهي تنظر له بصدقٍ :



_", وعد هقولهالك تاني قبل النوم!"



_"يعني وعد ؟"



سألها بمرراغةٍ فضحكت وهي تؤكد ذلك برأسها ، فخرجت ضحكاته بعلوٍ على الحوار ، وأشار لها مودعاً اياها وداع مؤقت ، وكلما يتوصل لفكرة أنها هنا معه تشاركه نفس الغرفة والمكان ، يبتهج هو وملامحه ، وانتظارها هنا بعد كل صعب يمر عليه في اليوم ، شئ قيمته فاقت القول!



_" اسنان سبعة ها !"
______________________



خرجت بعدما دقت عليها "وردة" الهاتف تخبرها بأنهم قد عادوا ، فأخذت "يامن" بعدما استيقظ من نومه في شقة "حامد"، كانت تنتظر عودته بقلق وإلى الان لم يأت ، دخلت الشقة بتوترٍ ، وسار "يامن" ناحية والديه بعدما أهبطته ، والٱن تقابل نظرات "سُمية" بجدية والباب مفتوح ، لم تمنع سؤالها في أن يخرج أمام "بدر", لابنتها عندما سألتها :



_"رايحة عند غسان ليه يا نيروز ، هو ده كلامي معاكي؟"



نظرت "وردة", بإنتباهٍ مع "بدر" الذي نظر ناحية "نيروز", فوجدها تبرر سريعاً بتعلثم :



_"  روحت عشان خايفة يحصل زي ما حصل امبارح ، وهو قالي تعالي فروحت "



صمتت تومأ لها ببوادر اقتناعٍ من هذه الحجة الصادقة ، في حين وجدت شقيقتها تنسحب مع "بدر" وظلت هىٰ أمام والدتها  والتي قبل  أن تسألها وجدته ينظر من على بُعد يطمئن ما ان عادوا أم لا ، جاء بعدما كان يغلق المحل عليه معهم حتى لا يعلم أحد ، إلتفتت "نيروز" تنظر ، ولم يرض السير وتركها هكذا بفظاظةٍ بعدما وقفت تقترب وحثته :



_" خش يا بني ، تعالى عاوزاك!"



نظر "غسان" لها بصمتٍ ودخل ملبياً غرضها حتى وقف أمامها بتساؤل جعل "نيروز", ترتبك من أمورٍ كثيرة وتاهت عن ما كان يهبط لأجله وركزت عينيها ناحية "والدتها" التي سألته  بمواجهةٍ واتضح وقتها انها ليست غبية :



_" انت رديت بنتي ؟"



حرك عينيه ناحية "نيروز", وناحيتها موزعاً نظراته بالتساوي بينهما وحرك رأسه وخرج صدقه ما ان قال تحت ارتباك "نيروز" :



_" أيوة  رديتها "



أخرجت "سمية" أنفاسها بالتدريجٍ ووضحت له :



_"  محتاجة أفهم  كل حاجة ،  وعايزه أفهم عشان أفهمك ان بنتي مش لعبة تروح وتيجي بمزاجك وبمزاجها هى كمان !"



ارتبكت "نيروز" منها ، في حين اعتدل هو شاعرًا بالضيق من هذا الاسلوب وصرّح في جراءة :




        
          
                
_" وانتُ شايفاني كنت  داخل بيتك ألعب ببنات الناس ؟ ، بنتك  مراتي وحامل مني ، وقادر أخدها حالاً وأبعد عن أي صداع !"



_"انت  شايف انك كدة جاي تصلح اللي حصل ؟"



سألته "سمية" بلومٍ ، فإعتدل  "غسان" يخبرها مواجهاً اياها بالحقيقة:



_"أنا مجيتش ، انتِ اللي ناديتي عليا ،و مفيش حاجة باظت عشان اصلحها.,انتِ حاطاني في وضع الخاين وعديتها  وقولت حقك ، بس معلش حقك ميجيش على كرامتي ، انتِ بتحكمي عليا  وأنا اللي فايدي أحكم دلوقتي وأطلب مراتي في بيتي من تاني!! "



حاصرته من أسلوبه بغيظٍ وإقتربت تردد بتساؤل :



_" يعني ايه ؟ واذا  قولتلك انها مش طالعة من بيتي ألا ما أفهم اللي من حقها تفهمه! هتعمل ايه؟"



_"قولي براحتك ، انتِ ليكي احترامك ، بس لو هتقولي قولي أي حاجة إلا انك تفرضي عليا  ، عشان لو بتفرضي عليا  أنا ساعتها همشي وهاخدها معايا"



حرك "غسان" عينيه بعد قوله ناحية "نيروز" التي ترجته بنظراتها على ان يجاريها ،فتقدمت "سمية" بانفعالٍ تفسر له :



_" لا هفرض ، هفرض لما أكون سامعة كلام طالع على بنتي انها اتطلقت عشان جوزها ماشي مع واحده تانية بيخونها ، كلام الناس مبيقفش ، انت ايه رايك في ده ؟ سمعت  ده قبل كده ؟"



لم يتوقع شئ كهذا ، نظر ناحيتها بتمعن ، وعاد ينظر ناحية"نيروز " التي سقطت دموعها منها  أمام هذه المواجهة والكلمات ، بينما تابع كلماتها بكلماته الجدية الٱتية :



_" مسمعتش ، ولو سمعت حقها هيرجع  من اللي قال عليها كده ، لو كان الكلام فيه عيبه عليها هي نفسها مكنتيش هتلاقيني واقف قصادك لحد دلوقتي ،   دا لو الكلام ده فعلاً طلع فهو طلع والعيب فيه  عليا وانتِ عايزة تقولي كده عشان شاكة ، بس أنا معنديش كلام أقوله غير اللي نيروز قالتهولك ،كل حاجة مسيرها تبان في وقتها وأنا مش هغصب بنتك ترجع، بنتك عندك بس انتِ بتحطيني في موقف بايخ هيخليني أمشي وأقولها اختاري  وأنا مش عايز أخيرها عشانك مش عشاني!!"



لم يتعمد فعلها بل صمت كي لا يتوجع من جديد وما ان استشعرت ان والدتها ستواجهة بكلمات أقوى قبال هذا العناد ، هتفت هي بصوت مرتفع:



_" بــس ، بــس بقا ، حرام عليكم أنا مش لعبة من مجرد كلام  منك ومنها ، أنا اخدت قراري ، وليا شخصية حاولوا تقدروها ، أنا مش راجعة غير ما افهم وانت قولت قريب كل حاجة هفهمها، ليه اللي بيحصل ده!!!"



اندفع يصارحها بأن الخطأ ليس من وجهته:



_' وأنا مرفضتش ، امك اللي استعجلت ولما جت تواجهني واجهتني  على اني خاين!"



وتابع وهو ينظر ناحية وجه "سمية":



_" انا لو خاين هسيب بنتك على ذمتي ليه ؟ ، ولو خاين كانت بنتك هتوافق ترجع وتستنىٰ ؟؟"




        
          
                
_"معرفش أنا خوفي من حبها ليك ، انه يعميها ويخليها متشوفش اللي ظاهر"



رددتها "سمية" بهدوء وصراحة ، فسأل "غسان" بنبرةٍ أهدأ من جديد:



_" وايه ده اللي ظاهر ؟"



طالعته بصمت ، تردد شكها به ولكن فطرتها كأم جعلتها تهاب ابنتها وضغطها من جديد ، لمعت عينيها قبال كلماته الذي استمر يسردها على والدتها:



_" مش هتردي ؟ ، انتِ لما اديتيني بنتك اديتيهاني وانتِ واثقة فيا ،  أنا دلوقتي مش شايف الثقة دي ، ومش حابب أخد منك بنتك وانتِ بتبصيلي البصة دي ! مع ان حقي أخدها وأمشي حالاً !!"



هل يجعلها تشعر بالندم في تلاعبه  بالكلمات أم أن كلماته كانت صادقة؟ ،  استشعرت بأنه سيرحل كي لا تتطور المواجهة بينهما ، ووقفت هى عالقة من جديد ما بين الركض خلفه أو الوقوف احتراماً لوالدتها وقرارها الذي رٱه البعض صحيح حتى ترفع من شأنها قبال أي شئ ،. ورؤيتها لهذه العقبة تختلف عنها !!



_" أنا مصدقاك يا غسان ، أنا مٱمنه ليك، استنىٰ!"



أخرج"غسان" أنفاسه بثقلٍ ورسم ابتسامة زائفة يعظم شأن والدتها أمام عينيها كي لا يتم إلايقاع بينهما بعقبة ستسمى بسببه ، فاقترب يربت على ذراعها وقال بعقلٍ :



_" أنا عارف ده ومصدقه يا نيروز ، ومستني علي أساسه وأنا مطمن ، بس دي أمك برضه ، لو مش راضية على حاجة يبقي بلاش منها ، وعشان كده ان كنت هعاند واخدك وان كنت هقدر أقنعك واخليكي تختاريني فأنا مش هعمل ده ، قصاد انك تسمعي كلام أمك لحد ما ترجع تثق فيا تاني "



وأضاف قبل أن  يلتفت ويرحل يلمح بقولة ناحية والدتها هى :



_" مش هاخدك يا نيروز وهي مش مٱمنالي وشاكة فيا!"



سكتت "سمية ", بإنهزامٍ أمام كلماته ، بل التفت الٱن ورأت رغبة ابنتها في ان تقيم معه ماحية أي قرار كانت تود فعله قبال هذا الحزن الذي اخفاه مع الضغط ، لم تسعفها قدمها ولكنه وقف موجهاً وجهه ناحية والدتها وصارحها قبل أن يرحل من الشقة بأكملها :



_" وعالعموم بفكرك انها قربت أوي ، وحقك للمرة التانية ، انتِ فوق دماغي  عشان خاطر نيروز ، مراتي..اللي ٱنا هسيبها بمزاجي وماشي!، ومش هوريها وشي غير لما يحصل اللي يثبتلك العكس"



اتسعت عيني "نيروز". بينما والدتها سألت هل هذا تهكم وسخرية مبطنة بين طيات الحديث؟، نادت "نيروز" عليه بتعلقٍ فإلتفت ينظر بسكونٍ حينها ركضت ترسل له شغف وطاقة من جديد ما ان اندفعت تعانقه ببكاءٍ وتحشرجت نبرتها من الضغط التي رٱته به ، فرفع ذراعيه يبادلها العناق قبال صبر "سمية"، ولكنها همست له بإختناقٍ :



_" متمشيش ، أنا هاجي معاك!"



تخلت عن مبدأ من مبادئها ما أن رأت ما يعانيه ، ابتلع ريقه بصعوبةٍ من هذا الضعف وربت على ظهرها مردداً بهدوءٍ :



_" خليكِ يا نيروز!"



تعلقت عينيه بعينيها بضعفٍ ونفت هذا بخوفٍ من رحيلة ، لكنه لم يفعل هذا بل سيفعله بطريقة أخرى لم يتعمد رؤيتها في القادم إلي حين اللحظة الفاصلة ولكنها لم تفهم هذا ، فهمته رحيل وفقط ، وجد رفضها ، فهمس لها من جديد بوعد وهو يمسح وجهها ضاغطاً نفسه كي لا تختاره قبال والدتها لا يريد هذا من الأساس ، وهذا شئ ليس جيد لديه حتى وان نصفته ، فخذلان الأخرى موجع حتى وان ظلمته!! :



_" أوعدك  ان كل حاجة قربت خلاص ، متعيطيش واصبري!"



مسح وجهها برفقٍ ، فتراخت يديها واهبطتها تتمسك بكفه متشبته به متساءلة :



_" مش هتمشي من هنا ؟"



  رفض "غسان" هذا بحركة  رأسه  والتفت يرحل ، لمعت عينيها من رحيله منكسراً هكذا ولم تستطع  فعل شئ وتلقائياً فقدت القدرة على أي مواجهة قآقتربت من غرفتها بشرود حزين لأجله تاركه والدتها تقف  عالقة بين سؤالين ، هل هو صاحب عقل ليس هين كي يشعرها بالندم ؟. أم أنها ظلمته هذه المرة بغير وعي بسبب فطرتها!!..



أما هو فخرج يجبر نفسه على الصبر ، الصبر في كل شئ ، فقد تحمل لكثيرٍ ، واستطاع بعد هذا الحديث أن يتحكم في أقواله معها كي لا يصبح الوضع أسوء مما هو تاركاً بصمات كلماته على الإثنان, والشئ الذي يبرع به دوماً ما ان كان أذى أو غيره ، هو أنه يترك غيره لعقله يفكر كيفما يشاء وينفذ هو ما يشاء!! ، وان خرج بصيدٍ ثمين في هذا اليوم بعد احتواءها وعناقها ، هو خطته مع الشباب بعرض مغرى مجهول! ، وعلم أن مادام أعلمهم موضع المبني والطابق بعد هروبه بالكيف ، خمن بل  وتأكد من رجوعه ، بالتأكيد سينفذ ما معه وسيعود لجلب الأموال مع خطة أخرى ستسرع هذا ،, اذن "حسن" هنا "حسن "عاد, "حسن" اقترب موعد سقوطه في الفخ !! ، فـ  عودة هؤلاء الشباب  بدون تدبير  ليضعهم القدر أمام "حدة الشباب" ..جعلته معهم " يدبر مكيدة!!"


تعليقات