رواية عودة الوصال الفصل الرابع و الاربعون 44 - بقلم سارة ناصر

   

 رواية عودة الوصال الفصل الرابع و الاربعون 44 -  بقلم سارة ناصر

«لا أريد أن أرى أكثر مما رأيت من خيبات الأمل، ولعل ذلك هو ما تبقى لي من أمل؛ أن أُحَصن نفسي ضِد الخَيبة.»-محمود درويش-



خيبات هنا وهناك ، هىٰ وَهو ، وما بينهما هما الإثنان عجزا عن حله ، وخرج الأمر عن الإرادة ، وما الإرادة ؟ الغاية؟ غايتها الرجوع نادمة له بعدما علمت قيمته جيداً ، كما كان يريد ولكن وجع رجولته ظل ينهره ولم يتركه حتى أمام عينيها الباكية والمتوسلة بنظراتها دون حديث واضح بذلك ، شعر بالضغوط والأحمال وثقلها هىٰ بمثابة ثقل كبير والأهم بأنه لم يُثقل منها بضيق أو نفور!! ، بل الٱن نفسه من تضغطه بحوار هام بين القلب والعقل 
أبى العقل ووافق القلب وبين كلمات وحديث كان هو واقع بالمنتصف بينهما والشوق قد هزمه عندما تمسك بها بقوةٍ رافضاً تركها كي تخرج من أحضانه وبين ذراعيه ، اتهامها الٱخير له بأنه من بيديه الأمر ويستهين به الٱن ٱثر به ووضع به الكثير من المشاعر المضطربه ، وخُذل من نفسه التي خانته على عدم القدرة ، فقد حاول ودخل معركة أخرى كي يراها مثل السابق وينسى ولكن الأمر الٱن اختلف وأصبح عالق بين هل تريد الرجوع من تلقاء نفسها نادمة؟ أم ان من دون هذه العقبة التي كان بها على وشك الضياع كانت لم ولن ستخبره برغبتها هذه ؟! 

ظل شقيقه معه ولم يتركه بل غفى الإثنان بجانب بعضهما وأحدهما يحاول الهرب من الوجع والٱخر بتمنى بأن يأخذه منه  كُله ليصبح كما كان ، لم يعتاد على هذا الضعف الذي رٱه!  ، وما جعله يغوص بنومه هو  تعبه والمخدر الذي له ٱثر كما الدواء الذي به نسبة من المخدر!!



بهذا الوقت خرجت "دلال", من المطبخ بصينية عليها طعام بسيط وشراب له ، وقفت تنظر فوجدت "بسام" يخرج من المرحاض العام متوجهاً ناحيتها  وهتف مجدداً يخبرها للمرة الثالثة اليوم:



_" لسه نايم يا ماما والله ، انتِ مستعجلة على ايه ، سيبيه يرتاح وتعالي أكليني أنا ، أنا عريس يا أم العريس!"



ضحكت بخفةٍ  , وأسندت ما بيديها على مقعدٍ حتى انتهت من ضحكاتها وهتفت تسأله بقلقٍ :



_" بقاله كتير نايم يا بسام ، دا ابوك صحى الصبح وبص عليه وراح وصل وسام  هو وشادي الامتحان وجه تحت في المحل بعد ما طلع ولقاه لسه نايم برضو!"



_" الدوا اللي بياخده فيه نسبة مخدر ، بس هو قرب يصحى ، وعلى ما يجي ياخده تاني هياخده على بليل عشان يقدر ينام وميتعبش ،  متخافيش ، اقعدي ارتاحي انتِ !"



جلست على الأريكة بحزنٍ  وسرعان ما جلس بجانبها يأخذ راحتها بين يديه وقال يطمئنها برفقٍ :



_" أنا مش عايزك تخافي ، الحمد لله والله ربنا ستر!"



_" أخوك مش كويس يا بسام ، مش كويس وقلبي بيوجعني عليه أوي ، مش خبطة دماغ اللي هتداري اللي فيه عني ، دا كل مادة بيسوء أكتر ، ومش عارفه ..مش عارفه ايه اللي حصل لكل ده ، مش شايف شكله بقا عامل ازاي وخس ونفسه مسدودة ومش بياكل؟!"



نبست بهذه الكلمات بإختناقٍ ، فأخفى الٱخر ما شعره ويشعره ومرر يديه على خصلاتها البيضاء بحنوٍ ثم ردد لها بنبرةٍ هادئة ٱمنة :



_" والله هيبقى كويس ، ادعيله بس!"



ابتسمت على اي حال ،. ورفعت رأسها تنظر بفرحةٍ ظهرت في عينيها وشاكسته قائلة:



_" بس أنا مبسوطة أوي عشانك ، متعتبش عليا ، زعلي على أخوك غطى قدامك على فرحتي بس والله قلبي فرحانلك أوي يا بني!"



نفى برأسه وهتف بتفهمٍ وهو يضحك :



_" أنا فاهمك يست الكل متشيليش هم ، المهم قوليلي بقا "فرح "عاجباكي؟"



نظرت "دلال" بضحكٍ وضربت كتفيه بخفةٍ وقالت بخبث أم في مثل هذه المواقف:




        
          
                
_" يا خويا المهم تعجبك انتَ ، قال تعجبني أنا قال !! "



_"يا سوسة بقى عايزاني ماخدش بالي منك وانتِ ساحباها وراكي تشوفيها بتعرف تطبخ ولا لأ؟!"



نظرت "دلال" بضجرٍ  زائف وقالت ببراءةٍ أمام وجهه الضاحك :



_" الله مش بطمن على مستقبل ابني وحبيبي يا وَلا!"



_"حقك يا حب عمر حامد ، حقك!"



قالها "بسام ", بيأسٍ  منها فرفعت ذراعها تضمه بسعادةٍ بالغة ، فهذا الذي بين أحضانها دائماً ما تشعر بالشفقة عليه وعلى قلبه المسكين ، الذي يوقعه دائماً في أناس ليس منهم أبداً ، كم مرة تحمل الضغط بالتحمل تحت مسمي الحب ، الذي كان يعطيه دون مقابل ولم يقابل يوماً ما حب مثلما كان يُحب والاخرى التي كانت تستنزف طاقته وكل ما لديه من مشاعر ليذهب كل ذلك هباء ، مسببه له عقبه انتهت بصعوبة شديدة ونهايتها كان عوض له ، كان فرح ، بوجوده لها ، لـ "فرح", الذي بمجرد ما ان تقع عينيه عليها يشعر بمعني اسمها في الحال ؛, "صاحبة البهجة"هكذا أطلق عليها فجأة بعدما أخبره قلبه بذلك !  ، سمعا صوت فتح الباب ، ففي الغرفة الخاصة بـ "بسام" كان هناك "شادي" نائم  ، بينما من فتح غرفة"غسان" كان هو الذي تحامل على نفسه وقبل ان يلتفت أي منهما ، ابتسم على مشهدهما وقال يشاكس والدته رغم ملامحه التي لا توحي بالمرح ! :



_"احضني ، احضنيه كمان ،  حبيب  القلب ده أنا عارف !"



حركت رأسها بلهفةٍ ونهض "بسام" سريعاً يمسك ذراعه بخفةٍ فسار الإثنان معاً حتي جلس "غسان", بجانبها فرفعت هي أناملها تمررها على لحيته الخفيفه بحنوٍ وقالت بتأثرٍ حاني على قلبه بحالته هذه التي جعلتها تشفق عليه :



_" اخص عليك يا واد ، بقىٰ أنا بحب واحد واسيب التاني؟ أنا بحبكم كلكم زي بعض بالتساوي ، بكرة لما نيروز تخلف تعرف ده !"



كان قولها عفوي لدرجة كبيرة اما هو فلم يظهر عليه معالم لذلك ، بل ضحك وهو يحرك رأسه فقط تحت ابتسامة "بسام " الذي سحب الطاولة الصغيرة أكثر ووضع عليها صينيه الطعام وجلس يحث شقيقه برفقٍ :



_"  معرفش ده غدا ولا فطار بالظبط ، بس كُل عشان تقدر تقف على رجلك وتصلب طولك كدة  عشان تقدر على ميعاد بليل اللي انت أصريت عليه!"



أطعمته "دلال", بلهفةٍ كصغير ففتح فمه يراضيها ورفع عينيه ناحية شقيقه المبتسم والمتعمق لتعابير وجهه ،  فنظر حينها بعشوائية وسأل عنها باهتمام:



_" وسام لسه مجتش ؟"



_" لأ ، بس تصدق قربت؟ عما أقوم أسخن لها على ما تيجي أصل ما مبتحبش الأكل بارد.. خليك فوق دماغه يا واد يا بسام على ما ياكل كويس!"




        
          
                
وافقها فنهضت  ناحية المطبخ ، في حين اعتدل وتحرك "بسام", يجلس بجانب"غسان" الذي ابتلع ما بفمه وقبل ان يستفسر أكثر داهمه "بسام " بسؤاله المهتم :



_" بقيت أحسن دلوقتي؟"



علم أنه قصد نفسيته ، فحرك رأسه بنعمٍ وغير مجرى الحديث عندما قال :



_" أبوك واختك راحوا إزاي ؟ مين وصلهم ؟"



_"شادي وصلهم ورجع نام !"



حرك رأسه موافقاً ، فسمع صوت دقات الباب ، فنهض "بسام" يفتحه وبعد لحظاتٍ وجد أمامه "سُمية" وبجانبها "حازم",و"ياسمين"و"وردة" التي امسكت صغيرها ،  رحب بهم بلباقةٍ وقال بحبور :



_", ادخلوا اتفضلوا "



رفع "غسان" بُنيتيه الداكنتين يطالع "سُمية" التي اقتربت من مكان جلوسه هى وابنتها وابنتها الٱخرى و"يامن" الذي تعلق بعنق "بسام". الٱن وعندما نظر نحو "غسان", الذي ابتسم له بإتساع يشير له تشتت مجدداً  تحت ضحكاتهم واختار الصغير هذه المرة "بسام" كونه لا يضع على رأسه شئ غريب بالنسبة لطفل ، من شاش الذي اخفى أول خصلاته فغير قليلاً من الشكل بينه وبين شقيقه المماثل له ! ، تركه يداعبه بلطفٍ ،. وسمع قول "سُمية", وهي تجلس بجانبه :



_" ألف حمد لله على السلامه يا بني ، أن شاء الله عدوينك!"



إمتن بعينيه فقط وبحث عنها للمره الذي لا يعرف عددها يتمنى وجودها فلم يجدها ، ابتسم على حديث "حازم" هو الٱخر ومن الجهة الأخرى لاحظت "ياسمين" حالته هذه فأشفقت عليه ، ولانت بقولها له وهي تقترب لتجلس على المقعد :



_"سلامتك يا غسان!"



_" الله يسلمك!''



كان الحديث عابر وكأن لا يوجد بينهما شئ ، جاءت "دلال", بلهفةٍ وسحبت"سمية", لتقف معها بالمطبخ كي تخبرها  بالتدريج عن مناسبة "بسام ",و"فرح" الليلة ، ونهضت "ياسمين " بمحاولة في المساعدة ورتبت الصالة بالمفروشات التي عدلتها على الطاولات والمقاعد الطويلة ، في حين وقف "بسام " يُلاعب "يامن" ودخل معهما "حازم" بذلك الذي احتضن"بسام " الٱن ما ان علم منه وقال بفرحةٍ :



_" ألف مبروك يا بسام ، ربنا يتمم بخير يارب!"



_"الله يبارك فيك يا حازم ، طبعاً انت مش محتاج أقولك تيجي ، انت اخويا وقعدة الرجالة لازماك متنساش بقى ها؟"



وافقه بحماسٍ وهو يشير على عينيه ، ومجدداً شاكسا الصغير تحت مراقبة "غسان" الذي بدا وكأنه ينظر لهم ولكن عقله الٱن كان معها هىٰ ، يسأل نفسه لمَ لم تأتي وهو من جعلها تفعل ذلك برفضه المتكرر لها أمس ، ولكنه إنتهز فرصة جلوس "وردة" وهي تبتسم على صغيرها الذي يُدلل منهم وحمحم كي تنتبه فنظرت بإبتسامة لطيفة وحينها سأل هو عنها :




        
          
                
_"هى نيروز ..كويسة؟"



عينيه تتحدث بالكثير ، وجدت السؤال الٱخر الذي أبى ورفض خروجه لها ، أي ..لمَ لم تأتي معكم ؟؟ ، حركت "وردة" رأسها وتنفست بهدوءٍ تجيبه :



_"في أوضتها من امبارح ،. نايمة علطول، شوفتها قبل ما أجي بس لقيتها لسه نايمة فمرضتش أصحيها!"



بررت له وراعت  مشاعره ووضعت نفسها مكانه ،  ابتلع "غسان" ريقه وحرك رأسه دون قول أي شئ ، فنهضت بسرعة هي ما ان نادت "دلال" عليها في المطبخ وقبل أن تسير وقفت تنبهه بقلقٍ :



_" كنت عاوزه أقولك ان بدر عمال يسأل عليك وانا بطمنه لأنك مش بترد ، وأنا حسيته شك أن في حاجة ، عشان كدة لو قدرت ترد رد عليه بس اتحجج بأي حاجة ومتفتحش الكاميرا عشان ميقلقش وهو لوحده !"



رسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه وهز رأسه لها بإطمئنانٍ  وهو يقول :



_" متقلقيش ،  أنا هتصرف!"



تركته بعدها وذهبت في اتجاه المطبخ ، أما هو فهاب انفرادها هذا بعد ما فعله وما ردده رغمًا عنه ، أخرج أنفاسه بثقلٍ وخرج "شادي" من الغرفة حينها مقترباً منه وهو يفرك عينيه بنعاسٍ ، جلس بإندفاعٍ بجانبه ومد يديه يتناول ما وضع أمامه من طعامٍ وابتسم نصف ابتسامة وهو يتفحص وجهه وسأله حينها باهتمام:



_" بقيت كويس عن امبارح؟"



_"الحمد لله!"



هتف بها "غسان" وهو يعتدل ، فتقدم "حازم" و"بسام" الذي حمل "يامن", ووقف بحماسٍ يخبرهم:



_'"فكرولي بقا ألبس ايه النهاردة ضروري!''



نظروا إلى بعضهم بتفكيرٍ لائق له ، في حين لم يعطيهم هو الفرصة بل سألهم مجدداً بإهتمام :



_" قولولي هو في الإتفاق عادي أجيب ورد؟"



تدخل "شادي" بعدما ابتلع ما بفمه وٱخرج أنفاسه يحرك رأسه مؤيداً :



_" دخل الورد فأي حاجة وهم هيتبسطوا"



وكأن كل الكلمات الٱن تشرحها هي وتوضح ما كانت ومازالت تفضله ، ابتسم "غسان" بشرودٍ وهو يسمع قول "حازم" :



_" ورد ورد ، دوس يا عم انت خسران حاجة يعني!"



رفع "غسان" عينيه بهذه اللحظة وأكد قول "حازم", بمزاحٍ خفيف صادق:



_" عنده حق ، المحل تحت انزل شوف اللي انت عايزه وخلي فريدة تظبطهولك!"



وافق بحماسٍ وكان سيهبط في الحال ولكنه وجد "غسان" يستند كي يقف فأسنده مع "شادي" و"حازم" فدفعهم "غسان" برفقٍ وقال بإبتسامة باهته تشرح ما بداخله من تشتت إلى الٱن لم يزول :




        
          
                
_" أنا قادر امشي ، خليكم!"



تركهم تحت ترقب وتنفس "شادي" بعمقٍ وهو ينظر بأثره فجلس "بسام" بحزن على حال شقيقه وحينها تدخل "حازم" يخفف عنه :



_" روَق يا عريس!"



ابتسم "بسام" يراضيه واقترب "حازم" يساعد "ياسمين" كي يخفف عنها في حين تحركت رأس "شادي" ناحية "بسام", وسأله بدون مقدمات:



_" ايه العمل يا "بسام" هنسيبهم كدة كتير ؟؟"



_"مش عارف يا شادي ، مش عارف ولا قادر افهم هو عايز ايه بالظبط ، بس أنا أما شوفتها خايفة عليه أوي كده قولت ان مينفعش اللي بيحصل بينهم ده ولازم حد يتدخل بدل عنادهم اللي  حاطينه بينهم!"



قالها "بسام" بيأسٍ ،  فنظر "شادي" حوله بريبةٍ ثم مال يقترب من أذن "بسام" يخبره بهمسٍ :



_" انجي مديرة الفرع جاية كمان شوية ومعاها  واحدة بتشتغل تحت ايد "غسان" ، جايين عشان يزوروه وانا اللي اديتهم   العنوان ، ونيروز بتولع من "انچي" دي ، فأنا امبارح لما شوفتها خارجة عرفت انه اتغاشم ومشاها لأن بالخوف ده عمرها ما كانت هتمشي وتسيبه !"



قوس "بسام " حاجبية بغير فهم وسأله عن مخزى هذا الحديث:



_" يعني ايه ؟"



نظر حوله مجدداً واقترب أكثر فاستمع"بسام " بإنصاتٍ له وهو يفسر:



_" يغبي إفهم ، هي مجتش اهو ، وده دليل على اللي شاكك فيه  ، فإحنا دلوقتي هنلعب على غيرتها ونقربها أكتر منه في الكام يوم اللي قاعد فيهم علطول هنا من غير شغل يمكن يتصالحوا ، أنا بقى عايز دلوقتي نيروز تشوف إنجي وهى جاية ، وعلى رهان لو مجتش جري تقعد لازقه فيه ومش هتسيبه وهتولع قدامه!"



وجدا ان المنطق والعقل لا يتماشىٰ معهما ، لذا قررا على الخطط بإحتمال النجاح أو الفشل، شرد "بسام " بذلك ووجدها فكرة جيدة فسأله بجهلٍ متردد:



_" انت متأكد انها لو جت مش هيحصل مشاكل ، انا سمعت ان  انچي دي open mind ومش شبهنا خالص يا شادي  ، ممكن نيروز تضايق من أي حركة كده ولا كدة !"



ضرب "شادي" رأس "بسام " بخفةٍ وقال بخبثٍ ينبهه:



_" ما تضايق ما هو ده اللي احنا عايزينه يالا!"



ابتلع ريقه ونظر هو هذه المرة حوله خوفاً من ترقب شقيقه ، وقال بخوفٍ من التجربة:



_" خايف ألعب يحصل حاجة نعجز عن تصليحها يا شادي!"



_"يجدع متخافش ، أنا بين الناس دي وعارف إنچي لما تشوفه هتعمل ايه ، هي بتعتبره اخوها بس اخوك مبيرضاش يخليها تاخد عليه أوي عشان كان بيخاف على مشاعر" نيروز" , عارف بىقىٰ بطباع واحدة زي انچي بنت الطبقة الهاي دي هتعمل ايه لما تشوف اخوك كده ؟"




        
          
                
نظر  "بسام"بجهلٍ وسأله بنظرة عينيه بعدما قال :



_" لا مش عارف ،هتعمل ايه ، وأنا خوفت ليه ؟ ربنا يستر!"



_" بسيطة ، هتسلم عليه بعشم وهتقوم حاضناه ، عايزين بقا نيروز تشوف ده!"



اتسعت عيني " بسام " وقال خوفاً من تدهور الوضع بهذه التساهلات الذي لا يحبذها :



_" احنا ناس غلابة يا شادي ومش متعودين على الكلام ده ،  يعم عيب  ميصحش ، هو هيصدها !"



ابتسم "شادي" بمكرٍ وخرجت نبرته قائلاً بتهكمٍ يُجرأه أكثر :



_'' لا يا خويا مش صاددها المرادي ، لو نيروز موجوده مش هيصدها ، انت مش عارف غسان ولا ايه؟"



صمت بحيرةٍ للحظاتٍ وانتظر"شادي" رأيه ، فرفع "بسام" رأسه وسأله مما أبدى رأيه في الموافقة :



_" طب ودي هنعملها ازاي؟ هنخلي نيروز تشوفها ازاي ، دول كلهم هنا مع عدا هىٰ !"



شرد "شادي" واعتدل يردد بتفكيرٍ عميق :



_" هي واحدة بس اللي هتعرف تعمل ده ، وسام أختك!"



ضم "بسام "شفتيه بقلة حيلة من هذا الثنائي الخبيث، وابتلع ريقه يردد برهبةٍ زائفة :



_"بُص  لو حصل أي حاجة واتكشفنا على اننا قاصدين نحطهم قصاد بعض قدامه ، مليش فيه ، اتحمل انت العواقب منه ، أبيض؟؟"



أشار ملوحاً بيديه بغير  اكتراث وعاد يمضغ  الطعام بفمه تزامناً مع قوله الواثق :



_" طب اقعد في جنب بقى ، عشان اخوك ذات نفسه هيبقي عايز  كده!"



ابتلع "بسام" ريقه ببطئٍ وحرك رأسه بإستسلامٍ ناطقاً بنبرةٍ شاردة:



_"خليني ساكت عشان مبناخدش من ثقتك دي  غير الـ. ..ولا بلاش ، ربنا يستر!"



ضحك "شادي"  وهو يستمع إلى هذه. الكلمات وعقب ما انتهي دس لُقمة صغيرة بفم "بسام" بالإجبار  كي يصمت وقال بسيطرةٍ :



_" ايوة اسكت ، كُل واسكت، واتفرج على اللي هيحصل!"



___________________________________



«خذنا حلاوت الحب كله في يوم وليلة
أنا وحبيبي، أنا وحبيبي
دَوبنا عمر الحب كله في يوم وليلة
في يوم وليلة، ليلة، ليلة
خذنا حلاوة الحب كله في يوم وليلة
أنا وحبيبي، حبيبي، حبيبي
ذوبنا عمر الحب كله في يوم وليلة
عمري ما شفته ولا قابلته
وياما، ياما شاغلني طيفه
عمري ما شفته ولا قابلته
وياما، ياما شاغلني طيفه
عمري ما شفته ولا قابلته
وياما، ياما شاغلني طيفه»




        
          
                
صدحت الكلمات الخاصة بالأغنية لـ "وردة" من التسجيل الصوتي في محل الورد ، والٱن هي تقف وحدها  تستمع بشرودٍ وابتسامة هادئة تزين محياها ، كلمات تخرج  تصف شعور  ووضع وحالة ، ربما معه وكالعادة كلما تفكر به يأتي وهذه المرة جاء مقرراً قبل ان تفكر هىٓ !! جاء بكل سرعة وخطف فؤادها وكأنه سرق منها شئ ثمين يستحيل  ، كما جاء الٱن بهذه الساعة من خلفها تزامناً من صدوح بقية الكلمات.. .



«وفي يوم لقيته، لقيته هو
هو اللي كنت بتمنى أشوفه
نسيت الدنيا وجريت عليه
سبقني هو وفتح إيديه
نسيت الدنيا وجريت عليه
سبقني هو وفتح إيديه
لقينا روحنا على بحر شوق
نزلنا نشرب ودُبنا فيه
ومين يصدق يجري ده كله
ونعيش سوا، ونعيش سوا العمر كله
في يوم وليلة، ليلة، ليلة، ليلة، ليلة..»



وقف "ٱدم" ينظر إلى شرودها بنظرات مُحبة متعمقة النظر بتلك التي غيرت حاله بلمح البصر ، جاء من بين هذا الشرود ووجدها الٱن وحدها ، فاقت  من شرودها على ركض "ٱدهم ويوسف" إليها متعلقين بساقها إنتفضت "فريدة" ونظرت وابتسمت بسعادةٍ بالغةٍ ، انحنت تعانقهما بفرحة قدومهما وقبلت وجنتي كل منهما  أمام عينيه الشغوفة بها وإقترب "ٱدم" حينها على القول المماثل لما قاله بالدقة واللحن الٱن بنفسه :



_" وفي يوم لقيته ..لقيته هو ، هو اللي كنت بتمنى أشوفه.."



تأثرت من لحن صوته العادي الذي تماشي مع الكلمات فاقتربت أكثر وكأن الكلمات تشرح هذا الحال الذي يحدث بينهما وقالت بعمقٍ بعدما تعلقت بعينيه:



_" نسيت الدنيا وجريت عليه ، ..سبقني هو وفتح ايديه.."



غمز لها "ٱدم" بسرعةٍ وخفة فضحكت بخجلٍ أما هو فإقترب يؤكد برأسه وقال :



_" ده بجد والله ، أنا فاتحلك ايدي ولسه فاتحها وعمري ما هضمها من غيرك!"



كان الحياء رفيقها الٱن وجدت الصغيران يلعبان ، فتحركت بعفويةٍ تجلس ، فجلس هو بجانبها وطالعها بصمتٍ إلى ان سألته هى:



_" جيت امته ؟"



_" من كام دقيقة بس.. فاطمة طلعت علطول وانا جيت هنا لما لقيت المحل مفتوح !"



حركت  "فريدة" رأسها بهدوءٍ شديد ، وجاب عينيه تعابيرها الهادئة ، وإعتدل يتنفس بعمقٍ ثم حثها هو أولاً عن ما تريد قوله وتعجز أمام عينيه التي تحاوطها :



_" اتكلمي يا فَريدة أنا سامعك ، قولي كل اللي انتِ عايزاه!"



ترددت عينيها في النظر نحو عدستيه وأخذت نفساً عميقاً وقالت بأعين على وشك أن تلمع من هذا الحال الذي يلبسها :




        
          
                
_" مش هتفهمني غلط؟ هتصدقني وتصدق خوفي؟"



حرك  "ٱدم" رأسه بإطمئنان وهو يبتسم وعلم جيداً كيف تتشتت وتهاب قربهما بخطوات قادمة ،  ابتلع ريقه وتنهد بالتدريجٍ يصارحها بقوله:



_"مش هعرف أكدبك ، اللي عينيهم حلوة مبيعرفوش يكدبوا!"



_"مش دايماً"



عارضت  كالعادة ولكن هذه المرة بخوفٍ وجدية ظهرت له فصبر إلى أن واصلت هي مرة أخرى :



_"أنا وافقت!"



تلهف وتعمد الصبر  كي  لا تخيب ٱماله رغم اعترافها وتركها تكمل بوضوح:



_"بس خايفة لسه من حاجات كتيرة ، لكن مش خايفة منك انتَ!"



قولها الأخير جعله يهتز تسارعت دقات قلبه وابتلع ريقه ينتظر حديثها الذي يخرج منها بصعوبةٍ ولكنها اعتادت على الوضوح مؤخراً وقالتها دفعة واحدة على مسامعه وألقتها دون مقدمات :



_"أنا لسه مش قادرة على خطوة الجواز ، مش هقدر ومش عايزة اتسرع أظلمك بُعقدي ، عشان كدة وافقت اتعالج منها عشاني وعشانك !"



سعد من هذا الخبر رغم ان "حازم", أخبره من قبل ولكنه تلهف وسألها بما يتمنى حدوثه ، وهذه النقطة  لم يخبره بها شقيقها بل فضل سماعه منها هي شخصياً :



_" و..موافقة أكون جنبك وأنا خطيبك ؟ أو حتي كاتبين كتاب عشان اتحرك معاكي براحتي من غير شروط ؟؟"



هابت كلماته الٱخيرة وأخفت الرهبة  ولكنه التقطها على الفور ، وابتلعت ريقها تنظر بترددٍ ففهم خوفها وصارحها دون شفرات في القول وقال يبرهن ويبرر سريعاً بوضوح ٱخر :



_" متخافيش ، أنا مش هقرب منك من غير ما تكوني جاهزه ومؤهلة لـ ده ، حتى لو كتب كتاب  ،أنا بس  عايز أحس اني جنبك وساندك ، عايز  أشاركك كل ده وأنا راضي علي نفسي وأنا معاكي ، لكن أنا راضي بيكي وعليكي والله العظيم!"



أقواله تؤثر بها دوماً مهما حاولت إخفاء التوتر من هذا ، تفشل وفشلت عندما فركت يديها وابتلعت ريقها تهرب بعينيها ولكنها انهزمت ولم تقاوم حتى عادت تتعلق بعينيه وأكدت برأسها ثم هتفت بضياعٍ من فقدان الثقة :



_" أنا واثقة فيك  بس مش واثقه في الأيام ولا عاطياها الٱمان ،  غصب عني خايفة يكون بينا خطوة زي كتب كتاب وتسيبني ، أنا مش ضامنة الدنيا ولا الظروف اللي حولتني وغيرتني بسرعة من غير ما اتوقع ان  كل ده يحصل !"




        
          
                
_"أنا هفضل جنبك وجنب خوفك لحد ما يغلب واحد فينا ، ومتأكد ان أنا اللي هغلب خوفك عشان انتِ قوية وهتغلبيه معايا واحنا مع بعض!"



حاوطها بالكثير والكثير من الحروف الٱمنه والأقوال  الساكنة التي تخللت الراحة بداخلها ولها بسببها ، أخذت أنفاسها وحركت رأسها بنعمٍ وهي تبتسم بسمة هادئة لينة ورضخ قلبها بالقبول مع عينيها ، فغمرته السعادة بعد اللهفة وهو يسألها بحماسٍ :



_" يعني أدوس وأكلم حازم ومامتك عن الخطوة دي؟"



_"ٱه"



اتسعت ابتسامته أكثر بفرحٍ واعتدل في جلسته بلهفةٍ وقال يسألها بقليل من القلق الذي هزمه سعادته :



_"تفتكري حازم هيوافق ولا مش هيرضى ويخليها قراية فاتحة وخطوبة بس!"



نهضت"فريدة" تقف وقررت اللعب على أعصابه كعادتها عندما تصنعت البرود بلحظة وهتفت :



_" معرفش ، بس اللي حازم هيقوله أنا هوافق عليه!"



تهلكه بأفعالها حتى وان كانت زائفة ، ابتسم وحرك رأسه يرافقها وهو يسير بجانبها ووقف على فجأةٍ يسألها بعبثٍ :



_" بقولك ايه ؟ ما تيجي نتقاسم الورد ده كله سوا !"



_" إزاي؟"



رددتها بغير تصديق واستطاع بمراوغته ان يجعلها تندمج فضحك "ٱدم" وغمز واقترب يجيب على سؤالها بخفةٍ :



_" انتِ تاخدي الورد  وأنا اخدك انتِ!"



ضحكت ، بل وان كان القول يُقَدر بابتسامة خجولة فلم تفعلها بل ضحكت وهي تضع يديها على فمها تكتم هذا الصوت وقالت قولها المعهود معه :



_" انت مش واقعي على فكرة !"



_"ما انتِ اللي عاملة زي الخيال ، وفريدة  من نوعك, حقي مكونش واقعي ولا مش من حقي؟"



نفت بكبرياءٍ محبب له وهي تعطيه كتفيها وقالت وهي تحمل الصندوق:



_" لأ"



_" كدابة ، انتِ عاطياني الحق من زمان ، من ساعة ما ضربتيني بالقلم وكبيتي ماية عليا !"



ابتسمت بخجلٍ وهي تعطيه ظهرها فاقترب ولبس ثوب الوقاحة حينها ومال يهمس بجانبها متذكراً :



_" بخصوص موضوع الماية بقا  ،  أنا فاكر اني جيت اخبط عالباب ، وحد فتحولي فببص لقيت خير اللهم أجعله بالخير  وحلال جايلي فالطريق.. شوفتك بترقصي ورا "




        
          
                
اتسعت عينيها من وقاحته , فهربت بعدستيها دون رد ، فضحك يشاكسها وفرض سيطرته الٱن أمام سيطرتها الزائفة التي تحاول فعلها معه فيصمت بإرادته :



_" أنا بعرف ألخبطك على فكرة ، بس بحب أسكت واتفرج للٱخر!"



_"مبتلخبطش!"



وعارضت بها كالعادة فضحك "ٱدم" بتشككٍ وساعدها وهو يحمل معها ما وُجد أمامه تزامناً مع قوله المراوغ العبثي :



_" طب بلاش تتحديني ، دا أنا  شوفتك بعيني وانتِ بترقصي وكنتِ الصراحة لهلوبة .."



تركت الصندوق ، وتلك التي كانت تتحلى بالجرأه ، تخلت عنها هذه الجرأه وسارت بُخطى سريعة تهرب من حديثه ، فجاء خلفها يقهقه بقوةٍ جعلتها تكتم ضحكتها وسبته قائلة وهي تلتفت له متصنعة الضجر :



_" علفكرة انت قليل الأدب !"



_"الله ، ما انتِ اللي بتضطريني لـ كدة ، أنا  بحاول أكون مؤدب ، بس انتِ بتفكريني عبيط ، مع ان مفيش "ٱدم" عبيط يا شاطرة "



ضغطها مجدداً  يلمح لها بأن بيديه زمام أمور مشاعرها المخفية ، ابتلعت ريقها وقالت بتبجحٍ وهي تحرك رأسها تؤيد قولها الذي خرج للتو :



_"  لأ في "



_" يا جدع ، طب عيني في عينك كدة !!"



ضحكت بيأسٍ من قوله المتشكك بمرحٍ ونظر الإثنان سريعاً على دخول الصغيران مهللان بقدوم "وسام و"حامد" ،  دخلت "وسام"  بابتسامة هادئة فسألتها "فريدة" سريعاً وهي تقترب منها بلهفة :



_" عملتي ايه يا ويسو ، حليتي كويس ؟!"



_" الحمد لله ، عدت على خير ، ادعيلي بقا اللي جاي حاجة تانية خالص!"



عانقتها تخفف توترها فابتسمت لها "وسام " براحةٍ ، وتدخل "ٱدم" حينها يطمئنها برفقٍ :



_" ربنا يوفقك يا وسام يا فخر البدري الجاي !"



ضحكت  وشاكسها حينها بغمزة فغمزت له بمرحٍ ، واعتدلت كي تخرج  ، فاقترب"حامد" يخبرها :



_" استني هنطلع مع بعض !"



ثم نظر ناحية"ٱدم" و"فريدة" وسألهما  باهتمامٍ :



_" طالعين ولا قاعدين كمان شوية ؟"



_"شوية وجاي وراك يا عمي, بارك لـ بسام على ما اطلع !"



ضحك "حامد" وفهم مرواغته في رغبته في الجلوس معها ، وقال بسخريةٍ وهو يمسك كفي الصغيران كي يصعدا معه :




        
          
                
_" ماشي يا خويا ، متنامش ها !"



أشار "ٱدم" ناحية عينيه بمزاحٍ فضحك الكل عليه وخجلت هى قبال هذه النظرات المترصدة تجاهها ، صعد "حامد" مع "وسام" والصغيران ، وبقى هو يساعدها كي لا يتركها مع عقلها المؤذي الذي يضع برأسها الشكوك والخوف دائماً منه على الرغم من انه يحاول الثبات واثبات عكس ذلك بالأفعال قبل الأقوال!



__________________________________



"‏أتيت ولكنني لم أصل، وجئتُ ولكنني لم أَعُدْ." - محمود درويش-



عالقة بالمنتصف ، أهلكتها مشاعرها بقوةٍ ، حتى منعتها نفسها من التقدم ناحية باب شقتهم مرة ثانية ، لحفظ ماء وجهها بعد ذلك الرفض التي تلقته على يديه ، الٱن هي وحدها حبيسة الوجع والألم ، ابتلعت"نيروز" ريقها وخلعت حجاب رأس الإسدال الخاص بالصلاة بعدما كانت تؤدي فرضها ، نهضت تتنفس أو تحاول بمعنى أصح أخذ أنفاسها ، جاب سمعها قبل وقت  عائلتها وهم يقررون الذهاب له  للإطمئنان عليه فبقت تتصنع النوم لتهرب منه ومن رؤيته ومن نفسها التي تراودها الٱن ، علمت أن "جميلة" لم تأتي اليوم بسبب تلك المناسبة التي عملتها منها بخصوص "فرح وبسام " !



تجمعت الدموع بمقلتيها ما ان خانتها نفسها في منتصف الليل أمس حين ارسلت له رسالة من عزم قلقها وضغطت علي نفسها تسأله بها :-



-« عامل ايه دلوقتي ؟ كويس ؟»



حينها لم يراها من الأساس ، ابتلعت ريقها وهبطت دمعتها من فتورة حتى الٱن أو هكذا اعتقدت في حين أنه لم يعبث بهاتفه بإهتمام كي يرى! ،الٱن تحاول ازالة ثوب الكرامة كي تتوجه له مجدداً بإذن عقلها الذي رفض بكل الطرق بينما صاح الفؤاد بأنه يشعر بالرضا والقبول ، قبول؟ أي قبول وهو من رُفض لأكثر من مرتين؟؟ إعتلت الأصوات بعقلها ، ومررت كفها على معدتها تربت على صغيرها ، وكأنها تطمئن عليه وتطمئنه بنفس ذات الوقت ، لمعت عينيها ما أن وجدت هذه الملامح الباهتة تقابلها في المرٱه !! ، وضعت كحل أعين أسود اللون كي تخفي اجهاد  عينيها المتعكرة بالدموع ، وأخذت نفسًا عميقاً وسألت صورتها الٱن وكأنها تقابل شخصين عكس بعضهما احداهما تريده والٱخرى تريده وتم محو الثالثه التي لا تريده!! ، وسألت هل هذه هي نهايتهما بعد رفضه؟ هل ما تراه بعينيه هي من أرادت رؤيته؟ أي أنه يظل يكن لها شئ أم انها تتخيل ؟؟..



قطع هذه الأصوات التي ظلت لدقائق صوت جرس المنزل ، فإعتدلت ووعت الٱن لنفسها وهي تنظر نحو شكلها ووضعت حجاب رأسها بغير اكتراث جاف، وخرجت من غرفتها تفتح الباب ، وما ان فتحته وجدتها أمامها ، وجدت "وسام" التي ابتسمت لها بحبٍ واقتربت تعانقها برفقٍ فسألتها "نيروز", بنبرةٍ هادئة  حاولت اظهار اللهفة بها كما تريد ولكن خاب كل هذا منها ووجع فتورة ورفضه يؤثر بها حتى وان أقنعت نفسها بأن هذه هي النهاية ..




        
          
                
_"عملتي ايه النهاردة طمنيني؟!"



تعمدت "وسام" اغلاق الباب وأمسكت يديها  وهي تسير بجانبها ناحية غرفتها  وقالت تزامناً مع ذلك  تجيبها :



_" الحمد لله عدت على خير ، المهم انتِ ، كويسه ؟ بتاخدي علاجك ؟"



أكدت "نيروز" لها ذلك ، وهي تدخل معها الغرفة كادت أن تجلس ولكنها وجدت "وسام" تتقدم ناحية الشرفه وفتحتها ببطئٍ ثم قالت تخفي الارتباك من كشف الامر:



_" أيوة كده خلي نور ربنا يدخل !"



ابتسمت "نيروز" لها بإهتزازٍ وكلما تقرر عدم التوجه ناحية الشرفة يأتي أحدهم ويجبرها !! ، تنفست بعمقٍ ترفض نهوضها بداخل نفسها ورفعت عينيها ناحية "وسام" الواقفه تقوم بتجميع الستار بحركة هادئة:



_" غسان كويس دلوقتي ولا لسه تعبان أوي؟"



_" قومي بس نقف شوية في البلكونة ونتكلم براحتنا في الهوا ده !"



رددتها بمراوغةٍ فإنهزمت "نيروز", ونهضت ببطئٍ حتى دخلت نظرت "وسام" خلسة إلى ساعة معصمها بتوترٍ برعت في اخفاءة ، فقد حثها "شادي" و"بسام", باقتراب موعد قدوم "انجي" ومن معها ناحية المبني ، أين هم ؟ أين تلك السيارة الييضاء الذي اخبرها بها الأول؟! ، انتظرت "نيروز", ردها وأشارت ناحية وجهها بإهتمام تسألها :



_" انتِ معايا ؟؟ , سرحانة في ايه ؟!"



_" هـا "



خرجت من شرودها بهذه الكلمة وسرعان ما إعتدلت تستند على السور وأجابتها على سؤالها :



_"الحمد لله كويس ، أحسن ، بس الصداع مبيسبهوش!"



نظرت بحزنٍ على قولها ، وابتلعت ريقها وخانها قولها الموصي:



_" خلي بالك منه!"



أشفقت "وسام" على قولها وصوتها بنبرتها في هتفها بهذه الطريقة ، مطت ذراعها سريعاً ناحية الخارج كي تنظر "نيروز", بتلقائية وبالفعل ركزت "نيروز" بعفويةٍ ونظرت على الكورنيش من على بعد والهواء الٱن يداعب بشرتها  وأوقع حجاب رأسها الناعم من على خصلاتها الممشطة التي مشطها لها والدتها ،  لمحت "وسام"  السيارة تقف بسرعة ، فحركت عينيها نحو "نيروز" التي لم تنتبه بعد ، بل خرجت "انچي" من السيارة وبجانبها ا"صفا" صديقة "نيروز" من قبل  وتقابلا في العمل أما بقية فسيوزعون أنفسهم على الزيارة كما قرروا مع بعضهم ، ترقبت "وسام" بشدة ، في حين من بين النظرات الساكنة  نظرت بسرعة ووقعت عينيها على ٱخر ما كانت تتوقعه ، إتسعت عينيها من وجودها الٱن وبهذا المكان وتفاجأت من وجود الأخرى بجانبها ، وقبل ان يصعدا لاحظا محل الورد!! ، ابتلعت "نيروز", ريقها بغير  وعي ونظرت بصدمة ، صدمة ؟ صُدمت من قدومها وعقلها الٱن أدرك ما سبب وجودها ، بالتأكيد زيارة ، ستزوره بمثل هذه الهيئة ؟ ، ترتدي تنورة قصيرة وسترة وأسفلها قميص رسمي يظهر  مقدمة صدرها وأيضاً هذه الملابس الأنيقة تستر منها ولكن تكشف جزء من ساقيها برسمبة ملابسها هي التي  تخص العمل ، على الرغم من انه ليس خادش ولكنه يكشف القليل ، القليل الذي بمثابة الكثير لدى "نيروز"!!!!




        
          
                
انتظرت "وسام" أي رد فعل ، فوجدتها تغمض عينيها بشدةٍ ثم فتحتها فتصنعت الأخرى عدم الانتباه ولكنها وجدتها على فجأه تهتف بنبرة جاهدت على ان تظهر بها الثبات:



_"ما تيجي  نروح ..انا مشوفتوش النهاردة!"



تصنعت "وسام" اللهفة و رحبت بالفكرة ببراءة:



_" ماشي يلا !"



خرجت "نيروز", أولاً وما جعلها تسرع دافع الغيرة من جديد ، توقفت وما جعلها تقف هو دخول "انجي" محل الورد ! ، وقفت تحاول انتهاز الفرصة وفتحت خزانتها تأتي بثوبٍ بيتي للإستقبال كان هنا ، وبالفعل التقطه وخلعت ملابس الصلاة حتى ظهرت منامتها من أسفله ، فوقفت "وسام" تساعدها إلى ان وجدتها ترتدي بعجالةٍ ورغم تشنج وجهها بالتعب ولكنها سألتها وهي تعقد الحجاب إلى الخلف :



_"هو أنا  شكلي مرهق يا وسام؟"



واجهتها بالفعل كان شكلها كذلك ولكن الأخرى احتوت الموقف بذكاء وقالت تشجعها :



_"انتِ حلوة يا روز كدة كدة ، بس حطي اي حاجة خفيفه على وشك عشان تعبك ظاهر ، انتِ مش بتنامي ولا ايه؟!"



لم ترد على السؤال بل وقفت تضع مرطب شفاه وردي ووضعت القليل من أحمر الشفاه على اصبعها ثم وضعته على كلا وجنتيها كي يخفي شحوب وجهها واعتدلت بسرعة تشير لها:



_" يلا"



سارت خلفها بفرحٍ من تحقق والنجاح الذي ظهر بخطتهم ، فمن كانت تفقد الأمل الان تريد أن تظهر بأفضل شكل ، لا تدرك هي بأنه لم يستطع رؤية غيرها مهما فعلت ، بل ورؤيته لها كانت بقلبه أولاً وليس عينيه! ، خرجا الإثنان ، ودقت "وسام" الجرس فَفُتح لها الباب بواسطة "وردة" التي سعدت من رؤيتها ولاحظت ما فعلته بنفسها ، وأدركت بالخطأ أنها عادت تريد الاصلاح!! رغم جهلهم جميعاً بالرفض الذي حدث عدا شعور "شادي"و"بسام" ، دخلت "نيروز" وابتسمت نصف ابتسامة صغيرة إلى ان قابلتها "فاطمة", التي خرجت من غرفة "غسان" للتو ، ابتلعت ريقها تنظر بتفحص ما ان وجدتها تقترب مرحبة بها بحرارة:



_" اذيك يا روز ، عاملة ايه واخبار صحتك ؟"



أجابتها "نيروز" بإقتضابٍ ورسمت ابتسامه هادئة وانحنت تقبل "جنة" وتعانقها هي و"يوسف وأدهم" اللذان يفضلوها كشخصية هادئة لينة رأوا منها الاهتمام والحب من قبل، اعتدلت بعد ذلك وانخرطت بينهم غير غافلة  بغرفته المغلقة والٱن هو ليس بالخارج معهم ، لاحظ "شادي" ما حدث بالكامل من بداية دخولها ووكز "بسام" وقال هامساً وهو يميل  ناحيته:



_" بص يالا، بص وشوف عمك شادي ودماغ عمك شادي!"



طالعه "بسام" بحنقٍ وهمس له هو الٱخر :




        
          
                
_"كده يبقي ليلتنا طين على دماغنا ، دا شافتها  من البلكونة عملت كل ده أومال لما تبقى قدامها هيحصل ايه ؟"



_"كل خير!"



رددها "شادي" بشرودٍ ، واستند يغمز لـ "وسام" ، فإقتربت "نيروز" بجرأةٍ من الغرفة ونظرت حولها بتفقدٍ ولم تجد شئ أو حجة لتظهر قدومها له ، ابتلعت ريقها بتوترٍ ووكز "شادي" "وسام" فتحركت تتمسك بـ علبة الدواء وكوب المياة ، وقالت بصوتٍ مرتفع كي تسمعها :



_'' حاضر يا شادي ، جاية اهو ، ثواني هدخل العلاج لـ غسان وجاية!"



قاطعتها "نيروز", سريعاً وابتلعت ريقها بتوترٍ خوفاً من ظهور والدتها و"ياسمين", من الداخل وقالت :



_"هاتيهم يا وسام ، هدخلهم أنا ، عنك انتِ !"



وافقت كما يُخطط بالدقة وأخذتهم "نيروز" أمام الأعين المُراقبة لذلك ، ووقفت بأنفاسٍ. محبوسة تعدل حجابها أكثر ورفعت يديها تدق الباب بهدوء ، لم يُسمح لها بالدخول ولكنها اعتمدت الجرأه ودخلت بنفسها حتى  فتحت الباب وأغلفته خلفها بتلقائيةٍ ، رفعت عينيها تنظر فلم تجده نظرت بعشوائيةٍ. وما لا يخطط له بأنه خرج من المرحاض الٱن بعدما فتح الباب فإنتفضت هىٰ وإلتفتت تنظر سريعاً فوقعت عينيه عليها كما نظرت هىٰ!!



ما سبب خفقات هذا القلب التي تعالت وهو صاحب الرفض؟ لا ينكر بأنه شعر بالضيق عندما لم تأتي ولكن الٱن شعر بشئ أو لربما لمحة بسيطة من السعادة ، ومن وجودها ، حرك "غسان" عينيه سريعاً عليها بالكامل كالعادة تسلب أنفاسه بأقل شئ ولكنها الٱن من تعمدت اظهار ملامحها أكثر بل وذلك الثوب الذي لم يراها به من قبل ، أما هي فلم تراه بملابس فوقية ، بل خرج عاري الجزعينِ والصدر ووقف ، لم تخجل بل إقتربت بكل سرعة تسنده بلهفةٍ قبل أن يقع أو يختل توازنه ، ونظرت بعينيها أمام عينيه المراقبة ووجدت القميص ملقي على الأرض بإهمال تعلمه وتعهده منه! 



رفض هو أن تنحني ومال بتعبٍ وهو يمسك رأسه يلتقطه ، بعدما فرد ذراعه يرفض ما كانت  تفعله ، أمسكه "غسان" بكفه وتعلقت عينيه مع عسليتيها بعمقٍ ، فإرتبكت ما أن وجدته يقدمه لها ، بل الٱن يردد لها بطريقة ما بأن تلبسه هذا بنفسها والٱن !!



أراد إرباكها أكثر وأراد وعيها وهى الٱن معه بغرفته وهو كذلك! ، لم تمانع وهذا ما جعله متعجبًا ، بل أخذته وأشارت له بهدوءٍ قائلة :



_" إفرد دراعك"



لبىٰ غرضها  وتنفس بسكونٍ فإرتدى بواسطها وإقتربت خطوة لتغلق الأزرار ، ما لا تعلمه ٱنه ملقي منذ ان جاء ، هل سيرتدي قميصًا في المنزل بدلاً من تيشيرت مريح ؟؟ ، هو من انتهز كل ذلك دون ان تنتبه وبلحظة سيلبسه الفتور بعدما تنتهي كالعادة ! ، بدأت تغلق الأزرار ولم ترفع عينيها ناحيته ، وكلما يتذكر ما أوصله عقله ناحيتها يحمي هذه الفكرة ، قائلاً لذاته بأنها لم ولن تفعل شئ كهذا !! ، تاه بتقاسيمها ، فرفع يديه يمسك رأسه بتعب ولكنها توقفت بلهفة وأمسكت ذراعه تخبره :




        
          
                
_"  ٱسفة مخدتش بالي اني موقفاك ، تعالى نقعد عشان ترتاح!"



سار معها بهدوءٍ وسندته أو هي من تعتقد بأنها فعلت ، جلس على الفراش وجلست هى على طرفه ، ومدت يديها تكمل ما بدأته بشرود حزين هذه المرة ، مد يديه يمرر أنامله على وجهها كي يمسح نقطة حمراء لم تُفرك ، هو وحده من رٱها ظاهره عن قرب الٱن ، اعتقدته يعبث تحت مسمى ما سبق وان انتبها الإثنان ويتواجها سيردد بأنه رجل ولبسه الضعف مثل  المرة السابقة!!



رفضت هذه المرة وابتعدت تقف بسرعة تهرب من أفعاله التي فهمتها بالخطأ فنظر لها هو بغير فهمٍ إلى أن  التقطت الدواء وكوب المياة له وهتفت :



_" يلا عشان تاخد علاجك!"



قد أخذه قبل وقت!!  ، عقد  "غسان" ما بين حاجبيه ونظر ناحية يديها وهي تمدها ناحيته فإلتقطه منها بغرابةٍ وفحصه بنظرته ثم عاد يخبرها :



_" انا خدت علاجي ،ده مش بتاعي دا دوا الضغط بتاع ابويا!"



حركت "نيروز" رأسها بغير وعي الٱن هى من وضعت نفسها بوضع محرج معه وهو سيفهم ذلك جاهلان عن ما خُطط ، ابتلعت ريقها ووضحت باستغراب وهي تقترب :



_" ازاي ده وسام كانت جيالك بيه!"



_" تلاقيها اتلخبطت!"



احمر وجهها من كشف أمرها بالتدريج ، وابتلعت ريقها بتوتر ، إلى أن اتسعت عينيها وهي تراه يخلع عنه القميص ثم التقط تيشيرته من على المقعد الذي بجانب الفراش ، رمق رد فعلها بطرف عينه بخبثٍ ، ولكنها حاولت احكام الوضع سريعاً وبررت دون مقدمات :



_" أنا ..علفكرة انا جيت أساعدهم وأسأل عليك من بعيد ، كنت قاعدة برا بس لقيتها مشغولة فقولتلها عنك!"



ابتسم "غسان" على تعلثمها وإعتدل يرفع رأسه وأجابها ببساطةٍ قصدها للتو :



_" وفيها ايه لما تيجي بنفسك لوحدك ، عادية يعني"



نظر لبرهه يرى تعابيرها فوجدها تترقب بعينيها أو لربما تسترق السمع للخارج وهي هنا معه ، عقد ما بين حاجبيه وسألها :



_" واقفة بعيد ليه ؟ ما تقربي تقعدي!"



الٱن لا تثق به ، خافت الإقتراب ولكنها اقتربت كل لا يشك بها وجلست على المقعد أمامه ، فنظر نحو وجنتيها الوردية وشفتيها وكحل عينيها الظاهر ، وتنهد يخرج أنفاسه بصوتٍ ينعم بهذا القرب والبعد معًا ،  وسألها برفقٍ :



_"  لسه بطنك بتوجعك؟"



_'' لأ"



نفت بإقتضاب تتمسك بهذا البُعد حتى لا ترفض مجدداً ، رفضه بمثابة صفعات وبدلاً من ان تبتعد قررت تخطي هذا بألمٍ ، ولكنه هو من اعتدل هذه المرة ومن إقترب يمد كفه أكثر كي يُدخل لها خصلاتها التي خرجت من الحجاب رغمًا عنها  وسحب بكفه الٱخر رأسها ناحيته كي يتحكم بفعل ما قرره بخصلاتها ، فإنتفضت تقف بسرعة وقالت بتعلثمٍ :




        
          
                
_", اا.. غسان أنـ.."



فهم هذا الخوف ، وتألم منه ومن رهبتها من الرفض وعلم أن الخوف ليس منه هو عندما تعمدت الإقتراب والابتعاد بنفس ذات الوقت ، ولكنه طمئنها بحنوٍ سريعاً :



_" متخافيش ، مش هتتكرر  ، مش هقرب "



فقدت الثقة بعبثه ، بل منذ منتى تثق بعبثه؟! ، إرتبكت من فهمه لها بل والذي تهابه هو استسلامها كما فعلت من قبل وان تركته هذه المرة ستقع كرامتها أرضاً او لسابع أرض!  ، لمعت عينيها من نفسها ومن مشاعرها  المضطربة بسبب الحمل ،  تمسكت بمعدتها وتعلم أنه قصد اللين والحنو بعيدًا عن موضوعهما الأصلى فإن فتح سيعود فاترًا  وستقلل من شأنها..



نهض هذه المرة بضعفٍ وأراد أن يُثبت لها صدقه ويترك هذا الخوف ، نظرت ناحيته ونفت برأسها نهوضه ولكنه  قاوم ونهض يسحب كفها ، فتركته وأجلسها  على المقعد ثم جلس أمامها وقال يحثها :



_'', ارتاحي"



حافظ على مسافة البُعد ، وكل مرة يهزمه شوقه في النظر إليها ، تقاوم على عدم فتح أي حديث خاص بعقبتهما ، لا تريد الإبتعاد ولا حتى هو!!  وتبدل الحال في ذلك  وأصبحت هى هو وهو هىٰ ! ، حاولت للمرة الٱخيرة وعقدت العزم على ان هذا الأمر يجب ان يكون له نهاية ، فهتفت أولاً أمام عينيه التي تحاوطها بدفءٍ وانهزمت أمام حنوه  :



_" غسـان.."



بقى كما هو ينظر دون رد ، ولكنه ينصت الٱن ، تاهت الكلمات منها ولمعت عينيها بالدموع وقررت الصمت دون وضوح وقالت تسأله عامةً بدلاً من حديث ٱخر كانت ترغب في قوله :



_" مسامحني؟"



هذه المختلة لو تعلم بأن أفعالها ودموعها يفعلان ذلك دون سؤال وإذن لظلت متمسكة ، يريدها ، بكل قوة  وشغف يريدها من جديد ولكنه تمتع بوقت يريح به نفسه  ويجعل ذاته ترضى عنه بعدما حدث من هلاكٍ لها بالداخل ،  ابتلع ريقه وتلك التي تسرق أنفاسه ، تفعلها وتسرقها الٱن وعلم بعينيها أنها تفعل للمرة الأخيرة خوفاً من الرفض ، ولكنها لم تتحدث كما كانت ترغب! ، صمت وعاد الفتور دون رد ,  فإبتلعت غصة مريرة ومسحت عينيها سريعاً ما ان سمع الإثنان ترحيب "دلال " و",حامد" بصوتهما المرتفع كي يتجهز "غسان" لأي زيارة :



_« اتفضوا ، اهلاً ، أهلاً. وسهلاً ، نورتونا واللهِ »



قوس حاجبيه من هذا الترحيب ، وفي الخارج انسحبت "سمية" لشقتها مع "وردة و ياسمين و. حازم" وظل الصغير مع "بسام" ، ابتسمت "انچي", بسعادة من هذا الترحيب الحار ، وكذلك "صفا" في حين اقترب "شادي" يرحب بهما تزامناً مع دخول والدي الٱخر له :




        
          
                
_" إذيكم يا باش محاسبين ، ايه كل ده على ما تطلعوا "



أجابت "انچي", وهي تجلس على الأريكة بجانب"صفا" التي ابتسمت للصغير ومدت ذراعها لـه أمام "بسام" ..



_''معلش بقا , كنا بنجيب الورد ده من تحت !"



ابتسم"شادي ", بخبثٍ وعاد ينظر ناحية "صفا", وقال:



_' إذيك يا صفصف ، عاملة ايه وفرحك امته بقا؟!"



ضحكت بخفةٍ وقررت اخباره ، أمام عيني "بسام"  التي نظرت له "انچي" بلطفٍ وقالت تخبره:



_" واو ، انتم شبه بعض أوي مفيش أي فرق خالص!"



ابتسم "بسام" يجاملها  وفي الداخل نظر"غسان" بعدم استيعاب بعدما اعتدل على الفراش وتساءل بإستنكارٍ :



_'' ومين عرفها المكان ؟"



نظرت "دلال", بجهلٍ وكذلك" حامد" الذي قال سريعاً :



_''مش وقته ،  اجهز على ما امك تخرج تعملهم حاجه فالمطبخ ، وأنا هفتح الباب أناديهم "



وافق برأسه وخرجت "دلال" في حين اقترب "حامد" ناحية الباب تزامناً مع نظرات "غسان" ناحيتها وناحية سكونها وهي تقف ، نظر بتفحصٍ فلم تتحدث بأي شئ ، ولكنها الٱن تحترق من الداخل!  والٱن رفعت عينيها تنظر فتقابلت عينيه معها ونظرت له وكأنها تلومه على حدوث ذلك أمامها وأمام فؤادها الضعيف!!



تعلقت عيناهما معًا بحديث عجز عن الخروج ، أما هي الٱن فهي مغتاظة ، إلتفتت برأسها تنظر فوجدت "حامد", يشير بكفه وهو يحثهما :



_".  تعالوا  اتفضلوا ، تعالي يا بنتي متتكسفيش!"



دخلت ",انچي", و"صفا" التي ابتسمت بحرجٍ ، وخلفهما "شادي" و"بسام" تركهما "حامد",  وخرج يرى زوجته وما تعده مع ابنة أخية وابنته ، في حين اقتربت "صفا", أولاً تعانق "نيروز،ر، التي كانت تقف وقالت بسعادة :



_"وحشتيني يا روز ، عاملة ايه ؟؛"



اجابتها بإطمئنانٍ فإعتدلت "صفا " تمد كفها ناحية "غسان" الذي ابتسم لها يجاملها وقالت بأسفٍ :



_", ألف سلامة   عليك يا مستر غسان ،  ان شاء الله ترجع احسن من الأول!"



ثم. من بعدها إقتربت "انچي" هذه المرة تمد كفها  بعدما رحبت بـ "نيروز", فمالت عليه تعانقه بعفويةٍ من ذراعها  وهي تتمسك بكفه ، لم يمنعها حينها وأخفى تعابيرة وهو ينظر ناحية "نيروز", التي اندفعت تدفعها برفقٍ وهي تجلس بجانبه على الفراش تمنع هذا العناق الذي كان على وشك الحدوث وفصلتهما بجرأةٍ وقالت بغيظٍ مخفي وثبات أظهرته:




        
          
                
_" غسان جوزي مش بيحضن ستات يا مدام إنچي !!"



تحرجت "إنچي", وجلست أمام فرحة ", شادي", و"بسام" بذلك من سير الخطة بنجاحٍ في حين ابتسمت لها "إنچي" وهتفت ببساطة:



_". أه.. Sorry يا نيروز ، طمنيني عليكي انتِ كمان ، كويسة؟؟"



ابتسمت"نيروز"  بإستفزازٍ وجلست تستند بكوعها على ساقه وهو يجلس على الفراش وضغطت عليه بقوةٍ وهي تجلس باعتدال حتى كتم  تأوه بالوجع ، وأومأت فنظرت",انچي", بتمعن وانتبهت سريعًا لملامح وجهها وحجم معدتها الصغير فسألتها بلهفةٍ طيبة :



_'ايه ده انتِ حامل ؟ ولا بطنك بتوجعك؟"



ترقبت "صفا" ، ما ان أكدت "نيروز" لها وكأنها تنتهز الفرصة :



_" لأ حامل ، عقبالك!"



_''بجد congratulations"



_" مبروك يا  روز ، حقيقي فرحت  أوي بجد!"



جاملتها وابتسمت لصديقتها بإمتنانٍ ،ووقف "شادي ", يراقب الوضع مع "بسام" الذي عاد قَلِقاً من هذه الحرب الكلامية التي تبدأ من "نيروز " ،  وتدخل "شادي" حينها يضع بصماته في الحديث والفعل :



_" ايه ده يا انچي ، ورد ؟؟ تاعبة نفسك ليه بس وجايباله ورد !"



بأي حق تجلب له باقة زهور ؟؟ ، نظرت"نيروز" بغير تصديقٍ وحركت رأسها ناحية "غسان" الساكن فقط يتابع ما يحدث بصبرٍ  ، في حين اندفعت برأسها فوجدت "إنچي", تتمسك به ووضحت لـ الٱخر :



_' ٱه ، قابلني محل ورد تحت جميل أوي ، فقولت أجيب وأنا طالعة ، وبعدين مفيش حاجة  تغلى على غسان ، وتعبه معانا في الشغل يساوي كتير أوي ، ربنا يقومه بألف سلامة!"



صمتت "صفا" بتعقلٍ تبتسم فقط بحرج، في حين اندفعت "نيروز", تخبرها بغرورٍ تصدها :



_"   ومخدتيش بالك بقا  انه بتاعنا ؟ أصل حروفنا موجودين في الإسم لو تاخدي بالك!"



ذُهلت من هذا وقالت بتعجبٍ :



_''بجد ؟؟"



أكدت "نيروز"  برأسها ، فنظرت "إنچي" لها وقالت بخفةٍ وهي تبتسم ترجع خصلاتها إلى الخلف:



_" حقيقي مكنتش أعرف ، بس  أكيد هتقبله مني مش هترجعه يعني، اتفضل وألف سلامة !"



وقبل أن  يأخذه  أخذته "نيروز" وهي تحدجه  بتحذيرٍ وتجرأت أكثر تخبرها دون  مراعاة :




        
          
                
_" شكرًا مش  عايز..مش بيقبل حاجات من النوع ده  "



قابلت نظرته الحادة التي أربكتها  وادخر لها منذ ان جلست فعادت تبرر :



_" بس هاخده انا عادي احطه في شقتنا فوق!"



ضغط على فكه من تبجحها ، وهاب "بسام" ذلك فتدخل بقوله:



_" بسيطة ، المهم شكراً عشان تعبتوا نفسكم واللهِ !''



فتدخلت "صفا" ترد عليه هي هذه المرة :



_"على ايه ، مفيش تعب ولا حاجة!"



صمتت هى وحذرها "غسان" بعينيه ، ثم عاد يأخذ أنفاسه يفتح الحديث ناحية "انچي", موجهًا لها الأسف بنظرة عينيه:



_" تسلمي يا إنچي انتِ وصفا  مكنش ليه لزوم تتعبوا نفسكم!"



وأضاف بتفسيرٍ يخبرها أمام "شادي" والبقية:



_" وأنا عارف اني خدت اجازات كتير في الفترة الأخيرة ، ف أنا مقدر  ان صعب أخد اجازة تاني ، ابعتيلي بس كل الشغل وأنا هشتغل اونلاين من هنا على ما ربنا يسهل !"



رسمت ابتسامة هادئة أمامهم  وهتفت تخبره بتفهمٍ :



_" كنت هقولك كده فعلاً ، الشركة من غيرك تضيع ، اتعودنا خلاص على مجهودك ووجودك ولا ايه يا شادي!"



جلس "شادي" على المقعد أمامها ووافق بقوةٍ يؤيد بخبثٍ  :



_"طبعاً ، انتوا عارفين "غسان" شاطر  ومحبوب ازاي !"



استشاطت غيظاً الٱن ، وضعت الباقة بإهمال على طرف الفراش ونظرت بحدةٍ وتعمدت الصمت وهي تسمعه يتدخل معهما في الحديث بتساهلٍ ، فركت يديها بعصبيةٍ وسمعت من بين الحديث قول "صفا" وهي تخبرهم :



_" فرحي ٱخر الاسبوع الجاي ان شاء الله ،  طبعًا انتوا مش محتاجين عزومة ، تجيبوا العيلة كلها وتيجوا !"



_"ألف مبروك يا صفا ، ربنا يسعدكم!"



هتف بها "غسان" بلباقةٍ وعاد  يمسك رأسه بتعبٍ ، فنهضت " انچي" تخبره :



_" هنستأذن احنا بقا  ، كفاية اطمنا عليك. خلي بالك من نفسك!"



اعتدل بسرعةٍ يقطع هذا بحديثه  المعارض:



_' استنوا انتوا راحين فين  ،  ملحقتوش لسه!"



إستنكرت "نيروز", الصامتة بنظراتها ، فرفضت "انچي"  بحجج ، في حين خرجت بعدما تعمدت عدم  الاقتراب لتودعه بل أشارت فقط له ولـ "نيروز" التي عانقت "صفا" وهي تسمعها تردد بعشمٍ :




        
          
                
_" متنسيش هستناكم في الفرح كلكم ، وسمليلي على مامتك وأخواتك عشان مستعجلة ، باي!"



أشارت "نيروز", ملوحة لها وأشار "غسان" لـ "شادي" و"بسام", ليتولا أمر خروجهما ، في حين قاطعت "دلال",  و"حامد" خروجهما باصرار على تناول شئ ، في الداخل وقفت هي بغيظٍ وقد قررت الٱن السير ناحية الخارج لتتركه ، وقبل أن تسير أكثر نهض هو يقف وسبقها مغلقاً باب الغرفة ، فإتسعت عينيها برهبةٍ وابتلعت ريقها تنظر بتساؤل بعدما وقفت بمكانها بصدمة :



_" انت بتعمل ايه ؟"



انفعل "غسان" وهو يغلق القفل  بالمفتاح كي لا تخرج ، واقترب ناحيتها يمسك معصمها بغيظٍ هادراً بها بصوتٍ مرتفع قليلاً :



_" انتِ ايه اللي انتِ عملتيه ده؟؟؟؟"



ابتلعت "نيروز" ريقها بخوفٍ ، ونفت برأسها تخرج حديثها بتقطع من مسكه لها بهذه الطريقة :



_",  مـ..معملتش حاجة ..عملت.. ايه ؟؟"



ضغط"غسان" على معصمها أكثر واقترب يدفع يديها بين قبضته وقال بنهرها بحدةٍ :



_"ايه شغل البجاحة بتاعك وقلة الذوق ده؟؟ انتِ مفيش اعتبار ان هم ضيوفنا حتى ؟؟؟"



نظرت بارتباك وحاولت دفع يديه عنها فعاد هو يفسر أكثر بجمودٍ :



_" دي ردود  ينفع تترد عليها  عشان تحرجيها كده؟؟؟ ردي؟؟ انتِ كده جامدة يعني ومحدش يقدر عليكي؟؟؟؟"



لمعت عيني "نيروز",  وكلما تحاول دفعه بقوة تهاب رأسه ،فتستسلم ،. بكت بصوتٍ مرتفع الٱن ونهرته بمشاعر محترقة :



_" أه محدش يقدر عليا ..انت خايف عليها وعلى مشاعرها ليه ؟ مش خايف عليا وعلى شكلي ؟؟؟ دي جاية تحضنك وجيبالك ورد !!! المفروض أعمل ايه هـا ؟؟؟؟"



سقطت دموعها بغزارة وقوة تحملها انفجرت الٱن ، بل تركته يتمسك بمعصمها ونهرته مجدداً ببكاءٍ وكحل عينيها قد سال :



_" انت كمان مش حاسس بيا ؟؟شوفت؟  مش حاسس باللي أنا ممكن أحسه ولا مقدر وجودي وهي بتعمل كل ده ؟؟؟ بتقولك انك غالي عليها أوي لأ وكمان متقدرش تستغني عنك ، المفروض ابقى عاملة ازاي وهي جيبالك الورد تعطيهولك في ايدك؟؟؟ و هي تجيبلك ورد بمناسبة. ايه أصلاً؟؟؟"



ضغط على فكه السفلي وقال بجمودٍ رداً على كل ذلك:



_" انتِ غبية وقليلة الذوق وهتفضلي طول عمرك كده ، ايه؟  معداش عليكي الرد اللي يصد من غير  بجاحة ؟؟ مشوفتيهاش خالص؟؟"




        
          
                
نفض"غسان " يديها سريعاً ووقف ينظر بملامح متصلبة إلى ان واصل مجدداً ينهرها :



_" موديانا فين تاني باللي انتِ بتعمليه ؟؟؟ قوليلي كدة عشان أنا بشوف منك بالكوم وساكتلك للٱخر لحد ما تجيبي ٱخرك بغباءك ده!!"



دفعته هى الٱن من مقدمه صدره كي يبتعد من أمامها ونهرته بصوتٍ مرتفع ترفض كل ذلك بـ:



_" أنا مش غبية ، انت اللي غبي وستين ألف غبي كمان, سامع؟؟؟؟"



وأشارت بانهيارٍ بيديها تصده بعد كل هذا الصمت والاستسلام أمام رفضه:



_" انت متستاهلش انت كمان ،. مستاهلش أحاول تاني عشانك ، عشان انت انسان مبتحسش ولا عارف تحس وتقدر اني واحدة جيتلك أكتر من مرتين وبردو ماشي ترفض فيا ، محستش بيا ؟؟ مقدرتش شكلي في عينك هيبقي عامل ازاي حتى لو كنت قبلت؟؟؟ أنا كمان ست ومش هقبل علي نفسي كل ده ، ولا  هقعد افكرك كل شوية اني بحبك واني مقدرش اعيش من غيرك،. المفروض كان من أول مرة قولت لا كنت بعدت بس انا اللي غبية عشان جيت وحاولت تاني  وكمان عايزني أسكت وأحط جزمة قديمة فبؤي  قدام القرف اللي بيحصل ده صح؟؟؟"



كانت تردد كلماتها ببكاءٍ شديد مع صوتها المختنق التي تنهره به بقوة ،. وقف ساكناً يتابع وينظر إلى أن انتهت فحرك رأسه بيأسٍ منها وقدر حملها وقال بسكون مريب :



_"مش عارف أقولك حاجة غير انك غبية وبس ، وغباءك غطى على غيرتك بكتير كمان!!!"



نظرت بغير فهم ،وصمتت تمسح وجهها بعنفٍ وأخرجت حديثها بإندفاعٍ توضح له كل ما تخفيه :



_" غيرتي؟؟ اللي انت مش عاملها أي اعتبار من أول خروجك مع الهانم التانية اللي معرفش ايه بيجرا بينكم وساكتة؟ ، وماشية اكدب أي حد شاكك وأقول لا انت متعملش كده ، وافضل واجي علي نفسي وأحاول تاني وأدافع وأنا تايهة ما بين حاجات كتيرة أوي ، وقللت من نفسي كمان عشان بفضل وفضلت وأنا مش فاهمة أي حاجه بتحصل ، كل حاجة ماشية بإرادتك انت ومزاجك ..وانا اللي بتضطر استحمل وأفضل على الوضع ده ، ولما أعترض بحاجة طبيعي تطلع مني تقول لا ومينفعش ، هو ايه اللي مينفعش رد عليا ؟؟؟ ايه ده اللي مينفعش ؟؟  ولا هو حلال ليك بس وأنا اللي مجبرة أستحمل واتفرج وأنا ساكتة ؟؟ عالأقل فهمني ، فهم اللي مش عايزه تمشي ولا عايزة تسيب ، فهمني ايه اللي بيحصل بدل  ما أنا بقا بيتبصلي  اني بجري وراك دلوقتي وانت ماشي مع غيري في عدتي!"



أخذ"غسان" أنفاسه بسكون وهو ينصت لها ، رفع عينيه بيأسٍ من كلماتها التي تندفع بها دائماً وإقترب يصحح لها ما جعلها تنظر له بذهولٍ:




        
          
                
_"ولا ضروري تفهمي ، انتِ من امته بتفهمي اصلاً ؟؟؟"



وأضاف دون اعطاءها الفرصة :



_" عارفة ليه مش ضروري ؟ عشان انتِ السبب دلوقتي فكل ده !، انتِ اللي روحتي ونفذتي اللي في دماغك وقولتي لأمها واخوها مش كدة؟؟؟"



سألها بتهمة الٱن ، هل هي من فعلت كل ذلك، كان لا يتأكد من ذلك ولكن بكلماتها الأخيرة المندفعة بحرقة جعلت الشك يزداد به على الرغم من أنه لايصدق بها في أن تفعلها، لكنه لا يثق في شيطان الأنثى تحت مسمي الغيرة والكبرياء!! ، فتحت فاهها بغير تصديقٍ وارتجفت يديها وهي ترفعها تشير نحو نفسها بلومٍ باكي:



_" أنا ؟؟ ، أنا السبب؟؟"



وأضافت وهي تبتسم بذهولٍ ساخر من وجع اللحظة وقالت مجدداً أمام عينيه :



_", أنا هروح أقولهم ؟؟ أنا هعمل حركة مقرفة زي دي؟؟ انت بتتهمني؟؟ بتشك فيا يا غسان ؟؟؟"



نظر بصمتٍ وصحح لها يبرر ما يراه :



_" مبشكش ، أنا كل حاجة عملتيها قدامي بتقول انك  عملتي كده ، حتى لما جيتي تدافعي عني قدامه قولتي انها هي اللي بترمي نفسها عليا وان هي اللي جتلي وهناك في المطعم لما جيتي ، جيتي وهددتيها بإنك هتقولي لأهلها !!!!"



تفحصها بعينيه فـ نزلت دموعها بغزارةٍ من هذا التفكير الذي شكل لها وجع ، نفت برأسها واقتربت ترد عليه بنبرةٍ باكية معنفة أشبه بصارخة تحت ترقبهم في الخارج:



_" انت متستاهلش سامع؟؟؟ متستاهلش أي حاجة بعملها عشانك دلوقتي!!! أنا اللي مشكتش فيك ولا رضيت اعملها جاي دلوقتي تعملها بكل بساطة؟؟؟"



وأمسكت ملابسه  الفوقية بعنفوانٍ منهار وقالت صارخة به مجدداً :



_" أنا غلطانة من الأول عشان حبيتك ودافعت عنك.. ووقفت قدام رسالة المفروض كانت  تشككني في نفسي حتى ، وبرضو مرضتش أصدقها!!! "



شددت من مسكته أكثر وكأنها الٱن قابلت منه ما قابل هو منها بنفس القوة المؤلمة بردود الأفعال الموجعة ، بل وأكملت على نفس النهج بصراخٍ ٱخر :



_"، انت بتعمل فيا ليه كده هـا ؟؟؟ بتعمل فيا كدة ليه حرام عليك!!!!"



أمسك هو كفيها بيديه كي تهدأ فحاولت نفض يديه بقوةٍ وهي تبكي بصوتٍ ، ودفعته عنها هذه المرة بعنفوانٍ ورفعت عينيها تمسح دموعها بسرعة ثم قالت تأبى الضعف :




        
          
                
_" أنا  برضو عمري ما هبررلك بعد كده ، وانتهت خلاص ، انــتهــت وكانت المفروض تنتهي من أول مره سمعت رفضي منك فيها!!'



شعر بنغزة في قلبه من هذا الضغط وأبىٰ الجلوس بإنهاك بل طالعها وهي كذلك ولمرة أخرى تمسح وجهها بعنفٍ أمام عينيه ونظرت هذه المرة نظرة  إشمئزاز برعت في ظهورها وقالت وهي تبحث عن هاتفه بعينيها إلى ان وجدته فانحنت تحمله وأمسكت تعطيه له بعنفٍ وقالت:



_" شوف بنفسك مين السبب في كل ده منها هي نفسها  شوف!!، قبل حتى ما ترمي بلاك عليا ، عشان أنا مش السبب في حاجة ، ولو كنت السبب في اللي حصلك فأنا كنت موتت نفسي أهونلي عشان أرتاح بدل كل الوجع اللي اتوجعته عليك ساعتها !"



أمسك "غسان" الهاتف بسكونٍ وزفر بصوتٍ عالٍ ولم تعطه الفرصة بل قالت  مرة أخرى ببكاءٍ ظهر في  نبرتها ومقلتيها من جديد :



_" أنا عمري ما هعمل حاجة عارفة انها هتأذيك ، انت ظالم ولأول مرة أشوفك  ظالم  معايا حتى ولو من حقك تحكم بكده بعد اللي شوفته!!!" 



عاد الضعف الذي يؤثر به منها ولم تقف إلى هنا فقط بل أضافت باختناق تشرح أكثر وكأن قرارها على عدم التبرير تبخر :



_" عشان كده قولتلك طلقني ، قولتلك نسيب بعض بعد اللي حصل عشان طول ما أنا كنت هبقي معاك مكنتش هترضى على نفسك اللي شوفته حتى ولو حاولت تعدي ليا اللي حصل ، مقدرتش  أذيك ، ومعرفتش اخليك تأذي نفسك قبل ما  تكون معرض للأذى من غيرك ، وقولت وجعي ووجع البُعد أفضل بكتير من وجعك اللي مش هيسكت كراجل شاف مراته في وضع زي ده ، وأه عارفه إنك مصدقني ومشكتش فيا. ، بس غصب عنك هتتوجع مني ومنك بسببي ، قولت غلطانه ولسه بقول ، بس دلوقتي خلاص بطلت وأنا من طريق وانت من طريق يا بن الناس!!"



أخذ أنفاسه التي تقطعت ، وحبستها الٱن بمثل هذا الحزم الذي ظهر بجدية  نبرتها ، نظرت له نظرة أخيرة بوجعٍ وبادلها نفس النظرة وهو صامت !! لم يتحدث بأي شئ ،  وجدها تقترب من  الباب بعدما إلتفتت وحثت نفسها على السكون ، لم يُفتح بسبب إغلاقه بالمفتاح ، إلتفتت بجسدها وهتفت بنبرة ٱمرة صارمة :



_", افتح!"



أمسك "غسان"رأسه بتعبٍ وإنهاكٍ للحظاتٍ ومن ثم نظر ناحيتها ما ان هتفت بذلك ورفض بحركة رأسه وهو يفتح هاتفه ينظر نحو الساعة وهي معه وقطعت هذا بصراخها عليه :



_" بـقولك إفتــح الباب ، عايــزة أمشــي!!!"



هذه المرة إعتدل يحاول الإقتراب منها وهي واقفة بإنتظار ، وألقى هاتفه على الفراش بغير إكتراث ، ووقف مقابلاً لها ينظر لعدستيها بعمقٍ فدارت رأسها بسخريةٍ شديدة وهتفت بما جعله يُكشف أمامها :




        
          
                
_"معتش حاجة من دي بتدخل عليا ، مبقتش بتشتت عشان انت خلاص بقيت مكشوف قدامي في كل حاجة بتعملها ، وبقا من حقي أشك  واتهمك زي ما بتتهمني !"



وصرح هو حينها بنبرة مهزوزة صارع على ثباتها وقال بصدقٍ يلومها :



_" انتِ ليه مبتفهمنيش زي ما بفهمك يا نيروز ؟!"



خرجت منها ضحكة كمختلة ضحكة متهكمة شرحت الكثير ونبست بنبرة ساخرة متألمة :



_" أومال لو مكنتش بتفهمني كنت عملت ايه بقىٰ؟؟"



تمسكت مجدداً في أشياء أخرى وتركت عواقبهما ، وعقباتهما ، من جديد علم بأنها تقلب الوضع عليه ولكنها محقة في بعض ما قالته والبعض الٱخر ألقت عليه دون مراعاة كالعادة ، رأى هذا وصمت يتخطى لها هذه المرة ، ورغبته في الإقتراب لحت عليه بعد وقت  دام لكثيرٍ ينهره به الكبرياء ، ربما جانبه السئ الذي برر له الٱن الاقتراب  بعد تهمته لها ، وإلى الٱن لم تعطيه جواب بمن الذي فعلها ولكنه رأي الصدق في عينيها كما كان يراه!! ، تقطعت أنفاسه واقترب أكثر فرجعت إلى الخلف ونهرته بصوتٍ مرتفع ما ان توقعت ما هو مقبل عليه:



_"  ارجـــع ، متــقربش مني  ، سامع!؟؟"



تمنى بسقوط الضغوط الٱن  من عليه وعليها ، أُنهك بما فيه الكفاية وما فعلته أصبح كثير وما فعله معها قبل الٱن شكل لها رفض من تلقاء نفسها كانت محقة به ! ، فأصبح لا يرى سوى نفسه تحت مسمى حب الذات وارضاءها ثم ارضاء من  برعت في اقناعه بأنها ظلمها كثيرًا ، هولت من الوضع أكتر مما يجب وتماشى مع قولها متمنياً القرب ، وأصبح عالق الٱن أمام عينيها وأمام هذا الباب الذي أغلقه بالمفتاح كي لا تخرج قبل محاسبتها على ما فعلته وما فعلته بعد ذلك أدىٰ إلى ضعفه أمامها ورضخ عقله أمام تراهات بأنه الذي ظَلم وأنه الٱن من توجب عليه المراضاة بدلاً من الوضع الذي كان عكس ذلك !!  



وجدت نفسها خلف الباب المغلق بأنفاس عالية ، فقط كل ما فعلته هي ذراعها ويديها التي تشير له بها التراجع ، واتسعت عينيها ما أن وجدته يقف الٱن بسكون ينظر فقط بصمتٍ ولأول مرة يصمت أمام كلماتها المتتالية خلف بعضها بانهيار ، بل صمت برغبته ، صمت يريد التخطي من كثرة التعب بعلاقتهما هذه العالقة بفعل عناد أحدهم وكبرياء الٱخر وأنانية الآثنان معًا



رفعت "نيروز", من نبرة صوتها أكثر ونهرته وهي تشير بيديها بخوفٍ :



_" إبعد ، متقربش مني وافتح الباب حالاً بدل ما أصوت وألمهم كلهم هنـا!!"




        
          
                
هاب "حامد" في الخارج الذي وقف يستمع إلى الصوت من جديد ، ومعه "بسام " و"شادي ", اما "فاطمة" فكانت في الغرفة مع "وسام", والأطفال ، إبتلع "غسان" ريقه وقال يُذكرها بما قد قاله لها قبل وقت :



_" مش هكررها .. قولتلك مش هقرب ولا هعمل حاجة تجبرك!"



_"انـــت كَـــداب!'' 



صرخت بها بصوتٍ عالٍ فنفى برأسه وأقسم لأول مرة أمام عينيها التي هزمته بضعفها الظاهر التي تحاول هي محوه :



_" واللهِ مابعرف اكدب وأنا معاكي!"



ترددت عينيها بخوفٍ وسالت دموعها بإستسلامٍ تترجاه بعدستيها :



_" طب افتح الباب"



حرك رأسه موافقًا وأشار لها بأناملة يصارحها بمكان تواجده بجيب بنطالة الرياضي ، مما يعني هي التي تقترب لتأخذه هي ، ابتلعت ريقها بخوفٍ ومدت يديها غير راغبة في الرفض أو العناد كي لا يتطور الوضع ، وانحنت تبحث عنه بجيبه ، ورفعت رأسها بغير ثقة به  تنظر نحوه وهي مازالت تبحث ،  فإنحنى بهذه اللحظة غير ظاهراً أي مشاعر كي لا تنصعق وقبل قمة رأسها بشوقٍ هادئ ، واعتدل مرة ثانية ، هل وجدت الأسف في عينيه عن ما بدر منه ؟؟ سهله لديه الأسف؟ ولم يكن لديها كذلك ؟ هبطت دمعتها بعدما تصلبت مكانها من فكرة خبثه في اظهار الندم منها بأفعاله يريدها تندم وتقارن؟ هكذا فكرت ، وأخرجها من  أفكارها وهو يخبرها بالمكان الصحيح:



_" في الجيب التاني!"



مدت كفها المرتجف داخل جيبه الٱخر ثم وأسرعت كي لا يفعل ما فعله مجدداً ، صارع على عدم  الاقتراب او على عدم محاصرة ظهرها بذراعه الٱخر وهو يقف كي يضمها إليه بل أغمض جفنيه مشدداً عليهما بتعبٍ ما أن وجدته وإلتفتت مسرعة تضعه كي تفتح الباب تزامناً مع انتظارهم ان كان هناك صراخ ٱخر كي يتدخلوا ، فتحته ووجدتهم أمامها ينظرون بتفحصٍ ، فحركت رأسها ناحيته تنظر له بوداعٍ ووضعت المفتاح على الطاوله بجانب الباب وسارت بسرعة كي تخرج من  الشقة بأكملها ولم يحاول أي منهم التدخل بالمناداة عليها ، بل  دفع "بسام" "شادي" بندمٍ فنظر له الٱخر بصمتٍ ينتظر وفقط ، ولكن ماذا ينتظر بعد الٱن ؟! 



دخل "حامد" ومعه "دلال"بعدما سار "غسان" يجلس على الفراش واضعاً رأسه بين كفيه ، دخل "بسام", مسرعًا ومعه "شادي" وسأل "حامد" حينها باستفسارٍ :



_" ارفع راسك يا غسان وكلمني!"



وسألته "دلال" بلومٍ متحسر هي الأخرى :




        
          
                
_" كنت قافل الباب ليه يبني ، بتعاندها ليه وهي بتزعق ومش عايزة تفضل"



لا تريد المكوث ؟ قول والدته الاخير وجعه بحساسيةٍ كبيرة ، حرك رأسه ينظر بأعين حمراء من كثرة الضغط ، وكتم بها الدموع  كي لا تهبط وزفر بصوتٍ عالٍ ينظر ناحية "شادي" وواجهه  بسؤالٍ :



_" جيبتهم ليه يا شادي ؟؟ ورد عليا من غير تحوير!"



الٱن ربط الأحداث ببعضها من بداية قدومها  بشكل أنيق ، لم تكن قادمة له من تلقاء نفسها ؟!  ،  توتر "بسام " ودخلت "وسام" تاركة ابنة عمها مع صغارها هناك ،  جاءت هي تطمئن عليه بين الحين والٱخر ودخلت على قول "شادي" الموضح له :



_" هم اللي كانوا عايزين العنوان عشان يجولك!"



صمت "غسان" وتفحصهم بعينيه وسأل مجدداً بشكٍ :



_" ونيروز كانت عارفة انهم جايين ؟"



نظر الثلاثة إلى بعضهم بترددٍ ، في حين وقف والديه بغير فهمٍ ينظران ، فصارحه ذلك الذي لا يستطيع حبك الكذب  لوقت :



_" أيوه "



ضغط على فكه ولم يحملهم ذنب ، بل صارحوه بوجع ٱخر فقد تسبب في قدومها هو والبقية !! ، أغمض "غسان"عينيه بتعبٍ ونظر بجديةٍ يسألهم بإختصارٍ  جامد:



_" ليـه ؟؟"



_" عايزين نساعدكم ترجعوا لبعض يا غسان ، نيروز بتحبك وكانت هتموت علشانك ..إسألهم كده ، إسأل ابوك كمان اللي كان شاهد معانا لو مش مصدق ، عايزينكم ترجعوا لبعض ، وكفاية بقا تعب في نفسك وتعب ليها ، انتوا مش حاسين بصعوبة اللي بتعملوه سواء كان عليك أو عليها وهي حامل ، ماشيين تظلموا في بعض وكل الظلم رايح لابنكم اللي لسه مجاش ، انت راضي على حالك كده ؟."



نظر لـصديقه بإنصاتٍ وصمت "بسام " ينظر مع "وسام" بندمٍ ، في حين لم يترك "حامد" قسوة هذه الكلمات بأن تظل طويلاً ، بل هتف هو هذه المرة لـ "شادي" ولهم :



_"ولا نتدخل ولا منتدخلش ، انتوا مش صغيرين عشان تعملوا كده ، ولا هو صغير عشان يرجع بحاجة زي كدة ، هو دلوقتي حُر ولو ضاعت منه  وهو راضي براحته ، ولو ضاعت منه وهو ندمان هيبقي هو اللي متحمل المسئولية دي!"



تعمد قول ذلك كي ينهر ما فعه قبل قليلٍ والوضع الذي شرح نفسه لهم ، رفعت "دلال" يديها تربت علي كتفيه بشفقةٍ من حاله , اما هم فصمتوا كمذنبين ، وحينها وقف "حامد" بحزمٍ يخبرهم :




        
          
                
_" يلا كل واحد يشوف هيلبس ايه عشان نجهز ونمشي كمان شوية!"



وافق"بسام " ، في حين ترقبت أنظار الكل ، عندما وقف "حامد" يردد بجدية لـ "غسان"  :



_", أنا مقدر حالتك وده مش ضغط مني ليك ، ولما نرجع من بره ليا قعدة معاك  أفهم فيها اللي مفهمتوش ،  وأه دلوقتي شايفك عيل صغير قبل ما تتجدعن وترد عليا , ومش هتكبر عليا !'



لم يرد على "والده" كي لا يتطور الوضع ، وهم مقبلين على مناسبة !! ، انسحب "حامد" بعدما أشار لـ "دلال" وخرج تاركهم ، في حين نهض "شادي" بجانب "غسان" ينظر له فقاطع الٱخر النظرات وهتف بصمتٍ غير قادراً على الإنفعال بهذا الحال :



_" معتش حد  يتدخل في حاجة متخصوش ، سامعين؟؟"



نظر ناحية "بسام" و"شادي" وحتى "وسام" التي اخبرته بخوفها أنها مذنبة مثلهما ،  تحركت الأعين ناحية بعضها ، ورد "شادي" عليه :



_"طب قوم شوف هتلبس ايه يلا !"



إقترب "بسام " وإلتفت ينظر على ما قد جلبه ، وخيره قائلاً :



_" شوف هتلبس اي واحد فيهم!"



قميصان وبنطالان مشابهان لبعضهما باختلاف درجة لون القميص ، رسم ابتسامة هادئة ينتظر جوابه ، فنهض بمساندة "شادي" وقال بجفاءٍ :



_" أي حاجة"



راجع نفسه للحظة بحدة هذا الرد علي شقيقه الذي من المفترض بأن هذا اليوم يشكل له سعادة وقف "غسان" أمامه وتراجع بلينٍ عن ما فعله وضربه بكتفيه  بمشاكسةٍ :



_"  مش هدقق ،  المهم فرح متتلغبطش بينا يا عريس"



ضحك "شادي" وخرجت"وسام،" في حين تحدث "بسام " من بين ضحكته المتحمسة :



_" لاحظت انها مبتعرفش تفرق فعلاً !"



_" ده كده خطر أوي ، لازم تفرق يا بيسو ، دا موضوع مفيهوش هزار!"



ضحك "شادي", وهو يرددها ، فتدخل "غسان" ناطقاً وهو يضع يديه على شاش رأسه الملتفة بوضوح :



_" لا متقلقش هتعرف تفرق النهاردة ، هيبان زي الشمس مين هو !"



ضحكوا عليه بخفةٍ فشاركهم الضحك كي لا يحزن شقيقه عليه ، واقترب من المرحاض كي يبدل ملابسه بعدما أخبره "شادي" أن "منة" و"والدها" سيأتيان بعد قدومهم من الخارج كي يزور "طارق " "غسان" ، اقترب "بسام " يحمل أحد الملابس وترك الٱخر له ، واقترب من المرحاض في الخارج كما اقترب "غسان" يدخل مرحاض غرفته ، ونهض "شادي", بعدهم يخرج  في انتظارهم!! 




        
          
                
_________________________________________



_"قوليلي طيب بتعيطي ليه ؟ قالك حاجة هناك تزعلك ؟ أنا قولت مش لازم تروحي وفجأة لقيت اختك بتقول انك هناك بعد ما جيت. ،طب ليه قومتي وروحتي ردي عليا متسيبنيش كده لدماغي وقلقي!!!"



هتفت "سُمية" بذلك أمام بكاء "نيروز" في أحضانها وحولها شقيقتها "ياسمين" و"وردة" التي كانت تعلم بأنها هناك ، انهارت باكية ٱنذاك في أحضان تريد بها الراحة ، شهقت بتمزقٍ وتعمدت "ياسمين", الحنو وهي تردد لها :



_" طب  كفاية عياط  عشان خاطر نفسك حتى!"



استمرت في البكاء وأعلنت الإستسلام كصغيرة في أحضان "والدتها" الٱن ، ربتت "وردة" على ساقها وكما مررت "سُمية", يديها عليها برفقٍ مستغفرة بتعبٍ من هذا الانهاك الذي لا ينتهي ، لمعت عينيها بحسرةٍ وسرعان ما وجدت "نيروز", تندفع بقولها الباكي تترجاها هىٰ وكأن الٱمر كله بين يديها:



_" تعالي نمشي من هنا يا ماما ,أنا عايزة  ابعد وامشي من هنا!!!"



نظرت "سمية", بعجزٍ وقررت ان تجاربها بالحديث رغم اندهاشها وقالت:



_" هنروح فين بس يا بنتي ، هو احنا عندنا مكان تاني غير ده!!"



هابت رؤيته من جديد بعد نظرة الوداع ، ابتلعت غصة مريرة بحلقها ، وقبل أن  تتحدث أكثر ، تدخلت "ياسمين" بتفهمٍ من  ما رٱته  من رغبة في ترك المكان لفترة :



_" انا همشي أروح النهاردة بليل شقتي انا وحازم ، وهاخدك معايا تريحي نفسيتك ، ايه رأيك ؟"



ترددت وهي تنظر بأعين تكاد لا ترى بها شئ من كثرة الدموع ، حركت رأسها بغير علم لردها ، فتدخلت "سمية" باندفاعٍ :



_"تروح معاكي فين يا بنتي ، وعلاجها وأكلها ولبسها ، انتِ حامل انتِ كمان ومش هتقدري على مسئوليتين. ، هي هنا معانا وهناخد بالنا منها وانتِ بتروحي وبتيجي علينا وبنطمن عليكي علطول !"



_" ماما عندها حق يا ياسمين!"



هتفت بها "وردة" ، فصمتت "نيروز" بخواءٍ في هذه اللحظة وكل ما يهمها هو الهروب ، وكأنها اعتقدت انها  ستهرب من ما تشعر به. بمجرد تغير المكان ، نظرت "ياسمين" بغير اقنتاع وأصرت قائلة :



_"عادي ، هنبقى مع بعض ولبسها وعلاجها مش حوار يعني ، هي بس تيجي تريح نفسيتها شوية بعيد عن.هنا !"



غمزت لوالدتها وفهمت بأن "نيروز", لن تلبث إلا قليل وستعود بعدم مقدرتها على الإقامة هناك  ، سكنت  بحيرةٍ و اعتدلت "نيروز", بتعبٍ تستند على ساق والدتها برأسها وتركتهم وعقلها بمكان ٱخر فقط نبست بضياعٍ قبل ان تُدار عينيها بإنهاكٍ :




        
          
                
_" مشيني من هنا يا ماما!"



وكأنها أصبحت لا تريد سوى ذلك وخلال دقائق كانت قد غفت من عزم الإنهاك ، نظر الثلاثة إلل بعضهن بذهولٍ من سرعة هذا الوضع ، ونزلت دمعة "سمية" بقهرٍ وهي تعدل من وضعها أكثر ملتقطة الغطاء عليها ونبست "وردة" بنبرة منخفضة تنبههم :



_" سيبوها تنام ، سيبوها احنا ما صدقنا!"



نهضت تتسلل ناحية الخارج ، وخرجت "ياسمين" بشرودٍ من هذا الحال وتبعتهما "سُمية" التي أغلقت الباب خلفها بحذرٍ وخرجت تجلس بينهما في الصالة ووضعت ييها على خدها بحسرةٍ  وخانتها نفسها بقولها الذي خرج :



_" مش عارفة هتفضلي كده لحد امتة يا بنتي  !"



بقت الٱخرى في الداخل ، وبرعت في الهروب من أي شئ الٱن بهذا النوم المفاجئ ، ربما ستوبخها نفسها في القادم بينها وبين ذاتها الضعيفة!! ، نظرت "ياسمين" و"وردة", إلى والدتهما بعدما رددت بذلك بحسرةٍ فإعتدلت "ياسمين" تنظر بجهلٍ لما يحدث وبدٱت تردف حينها بغير فهم:



_" انا مبقتش فاهمة بيحصل ايه ، وايه اللي كان  حصل من أصله ولا ايه اللي حصل دلوقتي ،  وايه موضوع أسماء ده كمان اللي مخلي الواحد تايه ، مبقتش عارفة بنتك مالها شوية تدافع عنه وشوية  عايزة تبعد ، احنا لازم نعرف بقا في ايه لان الموضوع كده بيكبر أوي وبيخرج عن سيطرتنا !!!"



شردت كمخبر ، يريد تحليل الوضع بدقةٍ ، نظرتا لها الإثنتن ، وابتسمت "وردة", على طريقتها وقالت بعد ذلك بنبرة جادة هادئة :



_"اللي بيحصل واللي أنا فاهماه ان اختك متقدرش تعيش من غير غسان!"



_", وأنا مش مرجعة بنتي يا وردة لـ واحد مشى مع غيرها ومقدرش حالتها ولا احترم أهلها وأهله!"



كان الحزم واضح بين  كلمات "سمية" والتي بررت "ياسمين", لأول مرة:



_" بس أنا مش شاكة في كدة ، مع الموضوع يخلينا نشك في كدة ، بس أنا بقول  ان في حاجة تانية "



وتدخلت"وردة", بدفاعٍ عن "غسان" نفسه:



_" وغسان ميعملش كده يا ماما برضو ، اكيد في سوء تفاهم ، الخيانة مش في دم بدر ولا غسان أنا عارفاهم كويس!"



صمتت "سُمية" بعجزٍ وزفرت قائلة بقلة حيلة:



_" من هنا لحد ما كل حاجة  تبان ربنا يسهل ، بس لو كان اللي بفكر فيه صح عمري ما هقبل ترجعله و لو قفولي الاتنين على دماغهم مش هيحصل!"




        
          
                
قولها يشرح الكثير من حزنها الذي قليل ما يظهر وحكمت بفطرة العقل الذي ترجم لها وفسر كل ذلك بـ شئ كان عكس ذلك ،  تثق به لكنها امرٱه تعي جيداً إلى أين يصل عبث أي رجل بعقله وفطرته !! 



______________________________________



حاله كان مُدَمر إلى حدٍ كبير ، يهاب الإقتراب من المبني مجدداً بعدما فعل ما فعله  بـالٱخر ولكنه مُجبر الٱن ، منذ أول أمس في المستشفي ومعه "والدته" وشقيقته ، هبط الٱن من سيارة الأجرة ، وجهه مشوه أثر ضربات "بسام" بل وذراعه الٱن قد كُسر مع تأثر ساقة ، تضرر بكل النواحي بكل ألمٍ ، خدوش وجهه وكدمات أسفل عينيه ، ورأسه  , جسده بالكامل مسه انفعال "بسام" ولم يفعل له "غسان" شئ سوى كدمتين بوجهه!! ،نظر "سامِر" بتعبٍ وأعطت "زهور" الأموال للسائق وهبطت تسنده مع "مروة" ، سار أعرج  يستند على عكاز حينها معهم ، وأخفى الخوف الذي بداخله ببراعةٍ ونظر الٱن ناحية "زهور" والدته وسألها بجديةٍ بعدما وعى لكل شئ :



_"بنتك فوق؟"



ترددت نظراتها ، وهابت قربه منها قبل فهم أي شئ ولكنها علمت أن "زينات" ترافقها ولم تتركها أبداً ، ابتلعت ريقها وهي تومأ له وقالت موضحة :



_" أيوة فوق ، خالتك معاها وبتراعيها من ساعة اللي حصل ، بس خلينا نطلع ونفهم اللي حصل بهدوء من غير ما نسَمع حد بصوتنا عشان احنا مش ناقصين  !"



التزم الصمت بنفس الانفعال ولم يتغير ، بل سار بمساندتهما ، ونظر ناحية"مروة" بجمودٍ دون أن يتفوه بأي حرف ، وبنفس الحين  وجد "ٱدم" و"فريدة"  يلتفتان بعشوائية ينظران وهما واقفان ينتظران المصعد ، تلقائياً أخذوا بعضهم بخوف ناحية المصعد الٱخر ، وأما هو فإبتلع ريقه وهو يتابع بعينيه عيني "ٱدم" التي وقعت عليه في الحال ، احتل صدره مشاعر مندفعة تجاه حق "غسان" ورغم انه أُخذ بواسطة "بسام" بهذا الشكل إلا أنه لم يقتنع مثل شبيهه بالطبع أيضاً ، توترت  أنفاس "فريدة", وقد سمعته يتحدث بحديث منخفض أشبه بسبات خلف بعضها متواصلة !! ، وقبل أن يندفع ناحيته بسكون ليدب الرعب به إذ بيدها الٱخرى منعته وهي تتمسك بذراعه بترجي وبالٱخر تتمسك بباقة الورد  الذي أوصى عليها"بسام" في الهاتف لهم ، نظر "ٱدم", ناحيتها بجديةٍ ونهرها كي تترك ذراعه فوجد التوسل بعينيها ثم قولها :



_" عشان خاطري متروحش ليهم  ، ملكش دعوة  ،احنا ما صدقنا!"



_" ابعدي يا فريدة ، متخافيش مش هعمل حاجة ، سيبيني!"



قالها بجمودٍ ، ولم تتعمد تركه فسار بعدما وجد الإصرار وتركته ٱثر سيره عكس الاتجاه ، ولكنها أُجبرت الٱن على السير خلفه بخوفٍ بعدما تركت على  الأرض ما بيدها ، وقبل ان يفتح المصعد لهما وقف هو أمامه بكيدٍ يغلقه ليصعد دون أشخاص مجدداً ، فنظرت "مروة" بغيظٍ من تبجحه وهم بهذا الحال ، وهتفت "زهور " بغلٍ حينها أولاً :




        
          
                
_" انت جاي ليه؟.،  عايز ايه دلوقتي؟؟؟"



_" استني انتِ يامَّه !"



أخفض "سامر" ذراعه يستند على العصاه بعدما تولى الٱمر بنفسه فوجد "ٱدم" يميل ناحيته متعمداً الهمس بـ :



_"هو انتَ علطول كده ساند جنحاتك على نسوان  ؟"



ثم نفى بشفتيه بأسة تمثيلي ومال أكثر يخبره بوضوحٍ :



_"طب حد قالك قبل كده إنك مش..راجل!!"



اغتاظ "سامر" من كلماته وتشنجت تعابير وجهه ولعب في الرد ببراعة في أخذ الحق بنفس اللحظة عندما وجد"فريدة" تتمسك بذراعه بخوفٍ لم يراه من قبل بهذه الطريقة ، لذا اندفع والقي على نفسه  جرم حينما قال بوقاحةٍ :



_"لا هو اللي مش راجل ده  يبقى انتَ "



ومال  "سامر"يهمس بنفس الهمس الذي قابله منه :



_" عشان قابل على نفسك ومكمل ومصدق نفسك مع واحدة لمؤاخذه.. مستعملة  ..بواقي غيرك!"



سمعت "فريدة "قوله ، فتركت ذراع"ٱدم" بفزع  ممزوج بالكسرة من سماعها لهذا أمامه ، أمام من تود الظهور أمامه بشكل لائق  حتى وان كان يعلم ، ورغم تماسكها ولكنها حبست الدموع بعينيها ونظرت بقهرٍ أمام عيني "زهور"و"مروة" الشامته ، واتسعت عينيها سريعًا ما ان وجدت "ٱدم" ينحني وسحب العصاه الذي يستند عليه "سامر" سرعة فائقة خفيفة  وبلمح البصر من فعلته فإختل توازنه  ووقع أكثر قبل أن يتماسك بفعل دفع ساق "ٱدم" ووقف أمامه يضع قدمه بقوةٍ على معدته ووجه طرف العصاه أسفل رقبة الٱخر الملقي على الأرض  وانحني برأسه  تحت ركض البواب ، ووقوف "فريدة" بصدمةٍ مع شقيقة ووالدة الٱخر :



_" البواقي دي تبقى  أمك اللي واقفه دي يالا ، والمستعملة  دي أختك يا روح أمك يا *** "



تأوه "سامر" بصوتٍ من ضغطه وجاء رجلان مع البواب ،  في حين انحنى "ٱدم", وهو يضغط عليه أكثر :



،_" وعهد الله  الخطة الجاية لأقطعلك لسانك بإيدي يا و*** لو اتكلمت نص كلمة عليها بينك وبين نفسك حتىٰ ، سامعني يالا ولا مش سامع؟؟؟؟"



حرك "سامر" رأسه وعجز عن الرد باختناقٍ تحت صراخ "مروة",و"زهور" ،  ضغط أكثر وكأنه لا يري بأنه هو من منعه عن الرد بما فعله ، دفعه عنه " البواب "  وانحنى الرجل الٱخر يساعده على النهوض ، في حين اقتربت"مروة " من "ٱدم" بإنفعالٍ وصرخت به:



_" حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ ، ربنا ياخدك"



أمسكتها "فريدة" بدفع "ٱدم" كتفيها ناحيتها كي ترد حقها ، فأمسكت "فريدة" تلابيبها بقوةٍ وتولت هي الٱمر وهي تدفعها بشدة مُردده تشفي غليلها منه وغليل  كسرتها :




        
          
                
_"  بتحسبني فيه ، انتِ تعرفي ربنا أصلاً يا قذرة انتِ؟؟ ربنا ياخدك انتِ وأهلك عشان نرتاح منكم  ومن أمثالكم انتم يا زبالة!!"



لم تتركها إلا بإقتراب الرجل بسرعة بعدما وقف "سامر " تسنده "والدته"، فوقف "ٱدم" يفصلها قبل أن يقترب الٱخر يضع يديه عليها ، دفعها برفقٍ ناظراً ناحية الأخرى بحدةٍ. ، عدلت "مروة" من ملابسها بأنفاسٍ لاهثة ، وأبعد "ٱدم" "فريدة"  يوقفها قائلاً بجديةٍ :



_'' خلاص "



نظر له "سلطان" المسئول عن بوابة الدخول و الخروج بتعنيفٍ واقترب منه في حين فُتح المصعد وساعدهم الرجل الاخر في الدخول ،  وصاح "ٱدم" حينها يدب به الخوف :



_" خد بالك دي مش محسوبة هـا ، والتاني مش سايبك لو في بطن أمك هيدخلك ، إهرب بقا نصيحة مني!"



سمع قوله ومن ثم أُغلق المصعد حينها ، فتنفس "ٱدم" بصوت وهو يشملها بعينيه وعاد يركز عينيه ناحية الٱخر الذي نهره :



_" كده برضو يبني؟؟ في حد يعمل كده في مكان زي ده ؟ مش خايف حد يشوفك من السكان يبلغ عنك ؟ أنا مش هقول لعمك المرادي ، أنا عارف ان ياما في البيوت مشاكل بس خلي بالك دي ٱخر مرة!"



نظر له "ٱدم" بإنصاتٍ وتعمد احترامه في الرد عندما قال ظاهراً ضيقه:



_" انت متعرفش يا عم سلطان الجدع ده عمل ايه ، عالعموم حقك انت عليا لو كنت هجيبلك مصيبة "



ابتسم له الرجل ببشاشةٍ وربت على ذراعه ،  وسار بعيداً تحت صوت أنفاس "فريدة" العالي وهي تتذكره يُقلل منها وكأن كل مره يحدث بها ذلك تريد بعده  النظر لعينيه كي تتأكد من تمسكه بها وعدم تأثر وكأنه هو الٱخر فهم ما تفكر به عندما تعلقت عينيها اللامعة مع نظرة عينيه الدافئة حينما قال متخلياً عن الانفعال واستدعى اللين والأمان كي يظهر لها :



_" لسه عايزك وهفضل عايزك ومحدش هيقدر يقنعني بحاجة تانية عكس كده ،  وأنا اللي سبقت وفتحت ايدي على رأي "وردة"  وبس كده"



ابتسمت على نهاية قوله  ووجدته يضحك بخفةٍ وهو يكمل قوله بسؤالٍ :



_", وانتِ ايه الدنيا؟"



_" مش عايزة منها غيرَك "



هل حقاً تفوهت بهذا ؟ ، تلهف قلبه حتى دق دقات متتالية من تأثره بالقول ، واتسعت بسمته أكثر وهما يدخلان المصعد مع بعضهما وشملها بعينيه اللينة وقال ردًا عليها:



_" صادقة وعينك حلوة  متكدبش!''



خجلت منه وامتنت لما فعله من دفاع لها ، حتى كاد أن يقتل الٱخر ان تُرك عليه دون أن يوقفه أحد ، هل وصلت لهذه القيمة لديه ؟ ، أصبحت يُفعل معها ما كانت تتمناه يوم ما !! ، وبطلها كان هو ، التي رأته خارق الٱن على الرغم من وجود  نقص بتسرعه وتهوره ، رأته بعينين مُحبتين أخيرًا ، خرجت من المصعد وخرج معها وقبل أن يقترب من شقة عمه ، وقف  يوصيها  كالعادة :




        
          
                
_" خلي بالك مني ومن أمي على ما ٱجي من المشوار ده !"



ردت"فريدة" هذه المرة بقول لم يعهده من قبل قول لمحت له بأن بأنها معه بأمان وفسرت :



_" صدقني كانوا معاك في أمان أكتر!"



_"  بس انتِ الأمان وانتِ الدار اللي هم عايزينها!"



تأثرت من قوله ولمعت عينيها وقليل ما تضطرب هكذا ، حاوطها بنظراته المطمئنة وهتفت بشكرٍ لا يخرج منها عادةً :



_" شكًرا عشان دافعت عني!"



وأين الشكر السابق حين تقدم على الخطر لأجلها؟ الٱن علم أن مكانته تغيرت وأصبحت تكن له مشاعر أكثر غير اعترافها  ، ضحك "ٱدم" بخفةٍ واقترب يسألها باستنكارٍ :



_" هو مش المفروض؟"



لبسها العناد في الأقوال كالعادة ونظرت بتعالي تشاكسه:



_" لا مش المفروض لسه ، ايه؟ خطبتني ؟ اتجوزتني؟"



سألته"فريدة"  مستنكرة ببسمة عبثية ، فضحك بصوتٍ عالٍ ونفى برأسه غامزاً :



_" لأ بس نفسي"



_" نفسك ايه؟"



سألته وهي تدير ظهرها ناحيته كي تدق باب الشقة ، فصاح هو وهو يلتفت مثلها يطرق الباب الاخر:



_" نفسي أبقى معاكي علطول"



تمنى لو يرى هذا الخجل الطفيف ، التفت برأسه فوجدها تنظر له بخجلٍ محبب له وفاض الحب من عينيها الٱن ، فسعد وغير مجرى الحديث بـ :



_" فاطمة  هتجيلك تقعد معاكي هي  والعيال على ما نيجي"



سألته بمشاكسةٍ  وهي تتمسك بالقلادة وقالت بمزاحٍ :



_" أخلى بالي منها؟"



_"كل اللي من حبيبك ..حبيبك ، شوفي انتِ بقىٰ"



_" حبايبي من قبل ما تبقىٰ انتَ!''



ضحك على جرأتها في الرد ، وفُتح له الباب بواسطة "شادي" الذي سمعه  وهو ينطق:



_" في الحالتين حبيبك  ، ولا ايـه؟"



تحرجت من الوضع الٱن وهربت من النظرات المقابلة منه ومن الٱخر وقالت كذباً :



_" لأ  مش كده "



_" اللي عينيهم حلوة مبيعرفوش يكدبوا "



وجد الباب قد فتح لها للتو فدخلت بسرعةٍ وأغلقته بوجههما  ، فنظر "شادي" بذهولٍ تحت ضحكات "ٱدم" الذي شرد بقوله المرح :




        
          
                
_"غريب الحب مين فاهمه يا شادي يا سيطرة!"



اغتاظ "شادي" من قوله ووجده يدخل متخطياً إياه حتى دخل وجلس بجانب شقيقته و"جنة" الذي مال يطبع قبله على وجنتيها بحبٍ وسألها بإهتمامٍ عن صحتها :



_"  بقيتي حلوة ؟"



حركت رأسها  تُأكد ببراءةٍ ، فإعتدل ينظر ناحية "فاطمة" التي كانت تحدث توأميها بأدبٍ كي يسكنا عن الحركة وقال موضحاً :



_"ابقي اقعدي مع فريدة انتي والعيال بقا يا فاطمة زي ما قولتلك!"



_" حاضر ، علفكرة عمو حامد قالي اروح معاكم بس أنا معملتش حسابي فقولتله فالخطوبة الكبيرة كلنا هنروح !"



ابتسم لها وهو يحرك رأسه بتفهمٍ ، وسرعان ما وجد "حامد", يخرج متجهزًا هو و"دلال" الذي اقترب منها "شادي ", وهو يفعل صفير بفمه ظاهراً لها الإعجاب وهو يديرها بمشاكسةٍ منبهرًا :



_" ده ايه الحلاوة والجمال ده كله ياجدعان!"



نظرت بسعادةٍ لقوله فنظر له "حامد" بضجر وتركه واقترب من الٱخرين فوجد "ٱدم" يغمز له ونهضت ", فاطمة " بسعادةٍ  مرددة :



_" ما شاء الله الله اكبر ربنا يحميكم ويكملها على خير يارب!"



احتضنها"حامد" بإنتماء وحب كما عانقتها "دلال" فخرجت "وسام" تنظر بفرحٍ وفعل"شادي" المثل  وهو ينظر وقال بإعجابٍ هو الٱخر :



_", دا ايه العيلة الحلوة أوي دي؟"



رددها من على بعد. وغمزت له ووقفت فابتسم لها "ٱدم" وعانقتها "فاطمة"و"جنة" تزامناً مع قول "ٱدم" :



_" ناقصك عريس بس يا وسام!"



_"خليك في حالك يالا ، أنا مش مجوز بنتي ، انت مالك!"



ضحكوا من قوله الحانق ، ونظروا جميعاً على خروج "بسام" مع "غسان" من الغرفة ، حينها تعالت الزغاريد من "وسام"و"فاطمة" ، وشعر الكل بالبهجة ، واقترب الآثنان يسندا "غسان"  بذراعهما ، ووقفا في المنتصف حتى اقتربت "دلال" بتأثرٍ  من هذه المناسبة لـ "بسام" كما وقف "حامد" بفرحةٍ ، فوزع الآخر عينيه عليهم جميعاً وقال بمرحٍ :



_" ايه شكلي عريس؟"



أكدوا برأسهم ، فضحك بصوتٍ عالٍ مع "غسان" الذي تابع بضحكٍ وتدخلت "فاطمة" تصارحه :



_' طبعاً عريس وأجمل عريس كمان ، ان شاء الله ربنا يتمم بخير ويجمعكم مع بعض قريب!"




        
          
                
ابتسم لها بإمتنانٍ فتحرك "شادي"  يرفع ذراعه كما اقترب "ٱدم" يعانق الاثنان معاً ومعه "شادي"  واقتربت "وسام" تفتح الباب فوجدته "حازم", الذي دخل على هذا المشهد وتأثر ظاهرًا المرح وهو يقترب :



_" خدوني معاكم  فالحضن ده !"



أشار له "ٱدم" فاقتربت وامتزجت الضحكات أمام النظرات المتأثرة ، والٱن من يعانق ساقهم من الأسفل كان "يوسف وأدهم" انتهوا من ذلك سريعاً واعتدل "شادي" بحماسٍ :



_" هنزل افتح العربية ، واه أنا جبت الحلويات الصبح لما كنت برا وحطيتهم في العربية!"



لم يترك لهم فرصة للرد بل تحرك ناحية الأسفل ، فتحدث "حازم" هو الٱخر :



_"  وأنا هنزل ، يلا يا حج حامد انت وام غسان"



أسندا بعضهما ناحية الخارج ، وخرجت "فاطمة" مع الصغار  بجانب "ٱدم" الذي انتظر دخولها الشقة الٱخرى ، ووقف "بسام " ينحنى يضع حذاء "غسان" أمام قدمه وهو  يجعله يرتديهما ، وارتداها "غسان" بالفعل ، وشبك الاثنان ذراعهما ببعضهما وسارا معًا بعد هبوط شقيقتهم أيضًا ، أغلق "بسام " الباب خلفه ، وقد لاحظ وقوف "غسان" وهو ينظر يشرود لمكان الواقعة والحادثة بل ولشقة "زينات", بملامح ظهر عليها كبت الانفعال لحين ٱخر هو نفسه يجهل عنه ! ، سحبه بترقبٍ خوفاً من التهور. ووقفا أمام المصعد ولكن الٱخر عقله الٱن قد سُلب منه منذ ان رحلت بعد  أقولها الجامده على قلبه الهش بحضورها وغيابها !! ، تعلقت عينيه على باب شقة "سمية", وكان يتمنى بوجودها معه في هذه اللحظة ، التي ولو كان الٱمر بينهما غير ذلك لكانت ستتواجد بالتأكيد!! ، هبط المصعد بهما مع انتظار السيارتين حتى يتوزعوا عليها بالتساوي لينطلقا ناحية منطقة سكن منزل "عز"!!!



_____________________________________



في منزل "عز" الٱن كان هناك بَهجة ، سعادة ، شئ ما لا يتكرر معهم كثيرًا ، كانت "فرح" في الأعلى بشقة "جميلة" ترتدي ملابسها بمرافقتها ثم لتضع من مساحيق تجميل خفيفة أنيقة خاصة بعروس لم تُهلك أشياءها بعد ، بينما كان "عز" في الأسفل يساعد "والدته"  وكذلك كانت "جميلة" قبل وقت لكنها سحبت "فرح" معها قبل قليل ليتجهزا ، الٱن انتهت من وضع القليل على وجهها وزينت عينيها بطريقة جذابة هادئة ووقفت تنظر لنفسها بالمرٱه بسعادةٍ ، شعور بٱن هناك شخص تقدم لخبطتها بل وكان يكن لها حب دون أن تدري ، يشعرها بأنها  شخص مرغوب به أخيرًا بعدما كانت تظن عكس ذلك ، انتهت "جميلة" هى الٱخرى ، ووقفت الٱن أمام "فرح" بسعادة وأمسكت يديها تديرها بفرحٍ وقالت بإعجابٍ ظهر بكل تفصيلة بها :




        
          
                
_"  ماشاء الله يا فَرح ،  انتِ جميلة أوي بجد!"



تأثرت وسعدت لصديقتها بنقاءٍ فلمعت عينيها بطيبةٍ تأثرت منها "فرح" بنفسها لذا عانقتها على الفور بثوبها الطويل  صاحب اللون السماوي الهادئ الذي امتزج مع لون بشرتها الخمرى الخفيف فأعطاها جمال يُقارن وحده مع جمال أهدابها وعينيها السوداء الٱن أو ما تُقارب للسواد!! ، ضمتها بسعادةٍ وردت هذه المرة بعمقٍ :



_" أنا وانتِ عارفين كويس مين الجميلة يا جميلة!"



ضحكت "جميلة" بخفةٍ وخرجت من بين ذراعيها تعدل حجابها أكثر ومسحت أثر الكحل الباهت أسفل عينيها  وهربت الكلمات منها كالعادة ، وما أنقذها الٱن هو صوت باب الشقة الذي أخبرهم بقدوم "عز" من الأسفل كي يبدل ملابسه لأخرى ، إقترب بخطواتٍ ثابتة ، أو لربما مهزوزة من الداخل بسيب تلك الذي يراها هو صغيرة لا تصلح الٱن للزواج ، طفلة ! ، كانت تلعب بلُعبة على ساقة وكسرتها بنفسها فبكت فإستطاع هو  مراضاتها كما يستطيع دائماً ،الٱن ماذا حدث؟ ،  سمعا صوت دقاته على الباب كي يأذنا له بالدخول وبالفعل أذنت "جميلة" هذه المرة بمرحٍ لتخفف عنهما تأثرهما :



_" ادخل يا عز الرجال"



ضحك "عز"  بخفةٍ وفتح الباب بهدوء ، ودخل حتى رفع عينيه ووقعت عليهما ، هل حقاً ما يراه بعدستيه سيراه أخرين؟ ، وجد بهما جمالاً ربما هذا الجمال خُلق في روحه هو كي يرى كل من حوله جميل ! ، ابتسم بتأثرٍ ومد كلا كفيه فتمسكت "فرح", فاليُمني خاصته وتمسكت "جميلة" باليُسري, فدارهما بإنبهارٍ نجح في اظهاره بالطريقة التي تسعد كل منهما وقال تزامناً مع التفاتهما :



_"ده ايه الجمال والحلاوة دي كُلها ، انا كدة محظوظ أوي وهغير أوي أوي!!"



خجلت "جميلة" وتركت كفه ٱخيرًا بسعادةٍ وتعمدت الرجوع خطوة إلى الخلف كي تأخذ "فرح" فرصتها منه أولاً حتى لا تشعر بالضيق أت لربما الغيرة ! ،  تمسك هو بكف "فرح"الٱخر وسحبها ناحية أحضانه بتأثرٍ وذهب الثبات وحل محله الاهتزاز عندما قال وهو يمرر يديه على ظهرها الناعم أثر ثوبها :



_"مش مصدق عيني يا "فرح" ،  وكل حاجة  حواليا بتقولي  انك كبرت يا "عز" مع انك لسه شاب ، كل حاجة قالتلي إن بنتك كبرت وشوية شوية هتمشي منك لبيت وحياة تانية غيرك !"



لمعت عينيها بتأثرٍ وضمته هي هذه المرة بقوةٍ وقالت  بتحشرجٍ:




        
          
                
_" انت ابويا يا عز وهتفضل ، محدش بيسيب أبوه..بروحه ، أنا بحبك أوي ونفسي أبقى معاك ممشيش ، تعالى نرفضه !!!"



قالتها بجديةٍ من هول اللحظة ، فضحكت "جميلة" مع "عز" الذي اعتدل ونظر إلى وجهها بذهولٍ اختفي عندما قال بضحكٍ :



_"لو رفضته المرة دي هيروح ينتحر!"



_"ليه هو انت كنت رفضته أولاني؟"



سألته "فرح", بإندماج ولم يتعمد الإخفاء ولكنه لم يوضح بل حرك رأسه بنعمٍ ، فتعجبت من ذلك ، وسرعان ما عادت تتحدث كما كانت :



_" ربنا يخليك ليا يا "عز" ، ولا أتحرم من وجودك جنبي!"



السعادة غمرته عكس الشقاء والكفاح بتعبه دوماً ، بل تنفس بعمقٍ واقترب يقبل رأسها بحنوٍ وربت على ذراعها برفقٍ وقال يحثها هروباً من تأثر ٱخر :



_" عايزك تبقي واثقة من نفسك ومتقلقيش ولا تتوتري ، محدش غريب فيهم وهو نفسه عاقل ومحترم وهيعرف يتعامل معاكي أنا متأكد ، عايزك بقا تنزلي تشوفي مرات خالك وبنتها جم تحت بقالهم كتير ومستنين يشوفوكي"



وافقت بحماسٍ وإعتدلت حتى اقتربت من باب الغرفة وأشارت بكفها وهي تتمسك بثوبها بالٱخر ، فتدخلت "جميلة",  تحثها بقلقٍ :



_" الـdress طويل يا فرح خدي بالك وانتِ نازله على ما تلبسي الهيلز ويرتفع ، ولا أجي معاكي أصل خايفة تقعي وكل ده يطير واحنا تعبنا أوي في اللوك ده "



ضحك "عز" بيأسٍ على جديتها،  فنفت "فرح" سريعًا  وخرجت وبعد لحظاتٍ سمعا الإثنان صوت باب الشقة الذي أُغلق ،  حرك عينيه صوب رداءها  الوردي الجميل مثلها تماماً  وكذلك   وجهها الهادئ التي لم تضع عليه سوى مرطب شفاه وكحل أعين فقط ،  إقترب بنفسه يتفحصها بعينيه تحت خجلها هي الذي راق له وقال بحبٍ قبال عدستيها الواسعة :



_"  حاز الجمال والحُسن كُله!"



وأضاف أمام تأثرها وسعادتها :



_" ٱه يا حلو ويا مسلينـي!!''



ابتسمت بحياءٍ ورفعت أناملها ترجع خصلاته التي هبطت على جانب جبهته ، فحاوط ظهرها بذراعه ودخل في عناقٍ يهرب به فيه من نفسه ومن ضغط ما يذكره بالماضى وخاصةً الٱن وهو  فاقد الكثير ومتولي زمام الأمور وحده كالعادة ، دون أب ، دون سند دون ظهر ، كثيراً ما تكون هذه اللحظة في منازل كثيرة ، القليل وجوده هو أنه بدونهم منذ الصغر ، منذ ان كان لا يفقه شئ بهذه الحياة وتركه والده كما ترك إخوته من أم أخرىٰ ، وترك عن ترك اختلف مع الاثنان ، أب اختار عائلة ٱخرى فقط لٱن حبه لوالدته كان يعني الكثير  حب أثر عليه هو وعلى عائلته الٱخرى! ، شدد بهذا العناق القوي وقال من خلف ظهرها يسألها سؤال كان من المفترض بأن تسأله هى له ولكنها جهلت وتوقعت أن تأثر اللحظة أثر عليه:




        
          
                
_" زعلانة ليه ؟"



_" مش زعلانة ''



اجابته وهي تخرج من أحضانه فنظر بشكٍ وهبطت عينيه على ملابسه الموضوعة على المقعد ،    فعاد ينظر لها بشكٍ وزفر بصوتٍ هادئ وهتف بهدوء :



_"  بس انا شايفك زعلانة ، ولا أنا اللي مبقتش أشوف ؟"



انهزمت أمام كلماته وحملت ملابسه وهي تنحني وعادت تنظر بصمتٍ وأخرجت ما تخفية وقالت تفسر له :



_"مفيش ،  فرح كانت متأثرة ان في لحظة زي دي مكانتش عارفة هتحس بإيه لما باباكم يكون موجود ، أو لو كان موجود كانت هتبقى عاملة ازاي ،  زعلت لأنها مش مدركة فكرة وجوده أصلاً وجاهلة عن الإحساس ، بس أنا طمنتها انك موجود وانه عادي أصل فكرتني برضو  بنفس اللي حسيت بيه  بس الفرق انه كان موجود ساعتها ومحسسنيش بحاجة ، يمكن حالنا من حال بعض فحسيت بيها زي ما حست هى بالتوهان ده !"



واضافت بإندماجٍ أمام عينيه التي تتابعها :



_"بس عارف؟..أنا اكتشفت ان المواساة دي أي كلام  والاحتواء الحقيقي مش هيطلع بصدق غير اللي مجرب وحاسس بمعاناة ومشاعر اللي قدامه ، غير كده مفيش!"



الٱن قد لمعت عينيه وكأنها تشعر  بما قد فكر به ، بينهما تواصل روحاني بفعل  عقبات الحياة المشابهة ولكنها ليست بالكامل! ، لمعت عينيها أمام صمته واحتوى صمته ليخفيه ، ووافق ورحل وحل محله الاحتواء والاهتزاز :



_" مبقتش عايز ولا عايزاكم تفكروا فاللي راح واللي ضاع يا جميلة ، أنا هنا وأنا موجود .. أنا أبو اللحظة "



وأضاف بتأثر يشير على جانبها من الحديث:



_" أنا أب حتى من قبل ما ألاقيكي ،  أنا ابوكي"



_" مع انه وحشني أوي يا عز ، بس انت احسن منه!"



تطلب منها الكثير كي تخرج بالشق الثاني من الحديث تفضل غير أباها وفعلتها من قبل ، وظلمه من فعل بها هذا ،  إقترب يرفع كفها وقبل باطنه بإحتواءٍ و كعادته حمل نفسه ذنب غيره وتأسف وتولي هو الٱمر كي يُأخذ منه الحق بقوله المتنازل لها وحدها:



_"متزعليش ، حقك عليا أنا"



إقترب هو عقب ذلك يقبل وجنتيها بحبٍ  فبادلته القبلة على خده بإمتنانٍ فإبتسم وأعطته الملابس   وحثته تهرب من هذه اللحظات كما فعلها هو:



_"  هسيبك تغير ، وهطلع أطلع جزمتك وجزمتي وامسحهم على ما تخلص!"




        
          
                
وافقها وخرجت وتركته يبدل ملابسه ، كان قد اغتسل ولكنه رفض ارتداء ملايس أنيقة بعدما خلع عنه الٱخرى وارتدى مرة أخرى بيتيه لأنه يعلم تمام العلم أن طلبات والدته لا تنتهي حتى وان قامت الساعة !! ، فصبر يأتي بٱخرها إلى ان وجدها سكنت فصعد ، خرجت "جميلة" تنحني تفتح خزانة الأحذية وقامت بجذب ما قررت التقاطه ، ومسحته بالفرشاة ، وجلست على المقعد تنتظر وخلال دقائق خرج هو وهو يمرر يديه على خصلاته كي تُرتب وابتسم بسعادةٍ واقترب يجلس حتى انحنى يرتديه وأخرج هاتفه ووضع ذراعه وهو جالس على كتفيها وفتح كاميرا هاتفه يقوم بإلتقاط صورة للذكرىٰ ، فضحكت بملئ شدقيها بفرحٍ من اهتمامه التي غفلت هي عنه باعتبارها لا تفضل الصور ، وسألته ما لم تسأله له:



_" شكلي حلو  في الفستان يا عز؟"



قال كلمة واحدة معتادة منه عندما نهض ونهضت معه:



_" جَميلة!"



_"بتلعب بالكلام ، جميلة فإيه يعني ما تلاقيك تقصد اسمي وإني مش جميلة ولا حاجة!"



ضحك على رغبتها في قلب الوضع ، وأغلق باب الشقة ووقف قبل ان يهبط وقال يذكرها بقول كان قد قاله في بداية علاقتهما :



_"سر الخلطة شارح نفسه وبيقول إنك جميلة شكلاً وروحاً ، ومصداقية اللي سماكي مش لاقيها في حد تاني!"



ضحكت بخفةٍ ربما سعادة الٱن وعجز ، وقالت   بمشاكسةٍ وهي تهبط على السُلم بجانبه:



_"بتعجزني أوي وكلامك حلو علطول "



_'' دا بس  عشان معاكي"



ثبتها قوله ودخلت الٱن الشقة معه ، ورحبت بزوجة خاله الراحل وابنتها التي رأت منهم زيارة من قبل في شهر زواجها الأول بالحزن على وفاة والدها، اقتربت تدخل لـ "حنان" التي تعالت زغرودة منها في الحال  مرة أخرى وقالت بلهفةٍ تشاكسها أمام ولدها :



_" زي القمر وعروسة برضو أومال ايه!'



ضحكت"جميلة" وردت عليها بمزاحٍ :



_"عروسة ايه بقا ، ما خلاص يا طنط "



_" لأ يختي عروسة لحد ما تشيلي أول عيل ولا ايه يا أم هاجر"



زحفت الحمرة إلى وجنتيها ، وأيدت زوجة خاله الٱمر فضحك بقلة حيلة منهم ، وتركته "جميلة" تدخل الغرفة لـ ", فرح " وابنة خالها ،  وخلال لحظاتٍ كان قد أجاب "عز", على اتصال يخبره بقدومهم ،  فأنهاه ، وحث والدته والاخرى:



_" أجهزوا عشان قربوا يلا!"



وافقت "حنان" والٱخرى ، في حين إقترب هو ناحية الخارج يفتح بوابة المنزل من الأمام ، ووقف ينتظر بضع دقائق إلى أن وجد السيارتين يتوقفان خلف بعضهما ، ابتسم بإتساع واقترب ينتظر ما ان وقف ووجدهم يهبطون من الاثنان ، هبط "حامد" سانداً "دلال" ومعه "ٱدم". وهبط "بسام" من الٱخرى مع "غسان" ، واغلق "شادي" السيارة كما أغلق "حازم" وسار الكل ناحيته بعدما حمل "شادي", الأكياس والعلب مع "حازم" ،  عانق "حامد""عز", ورحب الجميع به وقال بحرارة وهو يخرج الٱن من عناق "بسام" :




        
          
                
_" اتقضلوا ،تعالوا ادخلوا "



كان وجه "بسام" يشرح فرحته بهذه الخطوة الثمينة لمعت عينيه بسعادة رٱها "غسان" الذي سار بجانبه ودخل من الشقة هو والٱخرين وأولهم "دلال" التي تعانق النساء الٱن بحبٍ هي و"وسام" ، وصاحت حينها "حنان" بفرحةٍ :



_", أهلاً وسهلاً ، يادي النور يادي النور ، دخلهم يا عز جوه وقعدهم يرتاحوا"



سار وساروا خلفه إلى غرفة الضيوف بينما توقفت "وسام" فسحبتها زوجة خال "فرح" لناحية غرفتها كي تدخل لها وبقت "دلال" معهن ..



دخلوا الغرفة ودخلوا وجلس كل منهم  مقابلين لبعضهما ، فتحدث "حامد" أولاً :



_" مبسوطين  ان احنا في بيتكم يا عز يا بني وان شاء الله ربنا يقدم اللي فيه الخير ليهم"



_" دا شرف ليا وجودكم يا حج حامد والله العظيم ، فوق دماغي"



ابتسم "بسام" بسعادةٍ وصمت بارتباك جلى لمشاعره المتضطربه في هذه اللحظة ،  كان الحديث العشوائي إلى ان تحدث "غسان" بترقبٍ :



_"انت جدع يا عزوة وابن حلال ، والجو الرسمي مش واكل معانا ، خلينا نتكلم بوضوح وبراحة ونبدأ علطول من غير رسميات ولا ايه يا حج حامد؟"



ابتسم الشباب بصمتٍ لهذه اللحظة ، وطالعه "عز" بتأييدٍ وقال :



_", طبعاً يا غسان ، احنا عيلة خلاص وعيلة من قبل كده ، ربنا يعلم معزتكم عندي  عاملة ازاي"



حينها رد "حامد " على حديث"غسان " وقال بنبرته الهادئة المبهجة:



_"عندك حق ، نبدأ في كلامنا  ونتوكل على الله ولا مستنين حد ؟!"



نفى برأسه ، ونهض بإذن يوضح لهم بأنهم غير هذه النظرة الذين اعتقدوها :



_" نبدأ علطول بإذن الله ، وبما ان مفيش غريب بينا ، فإحنا نجيب أم عز  تشاركنا الاتفاق !"



قَبل الكل هذه الفكرة ، وقال "ٱدم" بشقاوةٍ له :



_" يعم البيت بيتها "



ضحكوا بخفةٍ ونظر"بسام " وتدخل بمرحٍ لطيف عندما أيد "ٱدم" وقال:



_" صحيح البيت بيتها يا معلم عز ، والعيلة عيلتها كمان!"



ربت "عز" على كتفيه بإمتنانٍ وهو يقف أمامه جلوسة وسرعان ما تحرك يخرج إلى الخارج كي ينادي "والدته " ولتتولى الاخرى أمر الضيافة ، في حين تنفس "بسام" بتقطعٍ ، فتحدث "شادي" يشاكسه:




        
          
                
_" ايه يا حلوة متوترة ليه؟!"



ضحك الكل عليه ونهره "بسام" بعينيه ، فتدخل"ٱدم" يهدده من التدخل بأقوال حانقة للٱخر :



_" ما تخف يا ..سيطرة"



التزم"شادي", الصمت بالإجبار وسمعه"غسان" فضحك ومن ثم مال يهمس  بجانب"بسام " يطمئنه :



_" متقلقش يا" بسام" , ولو خايف من الرفض من الموضوع  اللي قولته سيبه عليا وأنا هتصرف أنا وأبوك معاه"



تلهف من هذا الٱمر الذي كان يريده وصارح به والده وشقيقه فقط دون علم أحد ، اعتلت نبرة "حامد" يحثهم قبل دخول أحدهم :



_"عايزكم تبقوا لبقين كدة في الكلام  ، عز بيركز أوي واخته عنده كوم تاني وحقه بصراحة ، فـ  براحة ؛"



كان قول "حازم " هو الأول عندما جاراه وطمئنه بقوله:



_" متقلقش يا حج حامد ،. ان شاء الله خير "



دخل "عز" سانداً "والدته" بعد ذلك ، ورحب الكل بها مرة أخرى فجلست "حنان" بالجانب الاخر من "بسام" التي  مررت يديها برفقٍ على ساقه وقالت بطيبةٍ بسيطة :



_" منورنا يا حبيبي !"



_" دا نور حضرتك والله"



غالباً ما تُعجب وتفرح بلباقته في الحديث معها ، وجد السعادة في عينيها بقدومهم وحمد ربه على ذلك ، انتظم الجلوس من جديد ودخلت " زوجة خال عز" تضع بعد المأكولات والحلويات أولاً وابتسمت ترحب بهم وخرجت من جديد تجلس مع الفتيات وجاءت "دلال" تجلس بفعل إشارة "حامد" بعدما وجد ان هناك إمرأه ستشاركهم فلا مانع من هذا..



بدأ "حامد" الحديث حينها بلباقةٍ تليق برجل مثله وهو يوزع نظراته عليهم جميعاً بالٱخص عائلة العروس المكونه من شقيقها ووالدتها فقط:



_" بسم الله نبدأ بالأصول الأول ولا ايه رأيكم؟"



ابتسم الجميع وتدخل"عز" يجيبه بنفس اللباقة :



_" حضرتك تاحد راحتك  يا حج حامد ، اتفضل كلنا سامعينك يا راجل يا محترم واللي ميسمعش يسمع غصب عنه!"



غمز له "غسان" ضاحكاً بخفةٍ ، ومهما كان داخله الٱن لا يريد ظهورة بهذه المناسبة من أجل شقيقه ، ابتسم "حامد" يمتن له وبدأ يتحدث مجدداً بعدما ضحك بخفة مُحبة على تعظيم الاخر لمكانته :



_"الله يصلح حالك يا بني ،  بص احنا نبدأ ونكون واضحين أكتر حتى ولو الٱمر شارح نفسه ، بس نقولها تاني .. احنا بالصلاة على النبي كدة جايين نطلب إيد الأنسة الدكتورة "فرح " لـ الدكتور بسام ابني, سبق وسمعنا القبول بس حابين نسمعه تاني بالتفصيل كمان عشان نتفق على كل حاجة بما يرضي الله!"




        
          
                
_"عين العقل يا عمي "



رددها"ٱدم" ، فأخذ"عز" أنفاسه وقال يعبر عن رأيه أولاً :



_"  واحنا سبق فعلاً وادينا القبول ، ويشرفنا نناسب ناس زي حضراتكم ، بس  أنا  هقولكم وهفضل لكتير اقولكم ، ان انتوا عيلتي التانية حقيقي بس عايزكم تعرفوا ان فرح دي غالية على قلبي أوي واني افرط فيها دي مش حاجة سهلة عليا ، عشان كدة بأمنك أمانة يا بسام لو النصيب كمل طريقه معاكم متزعلهاش في يوم عشان صدقني أختي وزعلي على اختي يكتر على أي حاجة شوفتوها مني وأنا ٱسف لو التعبير خاني!"



تدخل "بسام " بسرعة ومباشرة يرد هو عن نفسه وقال بصدقٍ :



_", وأنا أوعدك اني هحافظ على أمانتك يا عز وهحاول على قد ما أقدر مزعلهاش ولا هاجي عليها ، هي كمان غالية وهتبقى غالية عندي وعند أهلي لو انت خايف من ده ، ومهما كان دي وصية يا معلم عز ، وصية الرسول اللي هنفذها  ومش هتشوف مني غير كل خير واللهِ!"



ابتسم "عز" بسعادة وتدخلت"حنان " بعد هذا ورددت بصراحة :



_" وهى كمان بنت حلال زيك بالظبط  يا بسام واللهِ ، بس غلبانة ،عشان كده بوصيك من قبل ما اي حاجة تتم تكون في عينك قبل أي حاجة"



_" في عيني يا أم عز من غير ما تقولي!"



تدخل الشهود بالرأي الٱن واحد تلو الٱخر وبدأ "شادي" الذي هتف بمرحٍ لهم:



_" اضمن لكم بسام برقبتي ، والله باشا ومحترم ومنشوفش منه العيبة أبدًا"



ضحكوا علي حديثه وحركت "دلال" رأسها تؤكد ذلك بعفويةٍ :



_" متخافيش يا أم عز. ابني بسام واللهِ طيب وحنين ميتخيرش عن غسان ، أنا ولادي كلهم متربين ميطلعش منهم العيبة ، والبركة في ابو غسان اللي رباهم على إنهم رجالة يعتمد  عليهم!"



ابتسم "حامد" لها بحنوٍ وتدخل"حازم" يردد لـ "عز " بمزاحٍ :



_" مش محتاج  شهادتي يا عز ، انت عارف لو كلمة منك طلعت كده ولا كدة هاخد أختي فإيدي وأروح وادخل دي في دي ، عشان بسام  ده غالي وحاجة تانية  عندي!!"



قهقه الكل عليه ، ونظر"عز" بريبةٍ زائفة وهو ينفي بخوفٍ مضحك ، فتحدث"ٱدم" مثلهم:



_" ابن عمي يعني مش هقول حاجة غير ان كل الحلو هنعملهوله عشان هو يستاهل كل خير!"



ردد الكل له بالتمنى في اقتراب هذه اللحظة له هو الٱخر ، ولحظة إدراك له ..لـ "غسان" الذي تذكر تفاصيل هذا اليوم الذي بدأت معه المتاعب والعقبات والمشاعر الذي لم يندم يوما عليها ، ولكن ذلك ذهب بلحظة غيرت من هذا الوضع ، أخذ "غسان" أنفاسه وابتسم يحرك رأسه وظهر التعب على تقاسمية ولم يتعمد احد ضغطه كي تحدث كثيراً بسبب حالته بل تدحل يقطع الحديث والضحكات العشوائية وقال بصدقٍ نابع من فؤادة تجاه توأم روحه:




        
          
                
_"  مش هبدألكم بأنه أخويا أو توأمي وكلام بيتقال في العادي في الأوقات دي ، بس اللي عايز أقولهولك يا عز انت وأم عز ، ان " بسام" أكتر واحد لين وهين ، وبيعرف يحب بجد مش حب أي كلام ، ولو حب ووعد انه يصون صعب يخون ، وصعب  الحلو اللي جواه يختفي بسهولة حتى لو كل حاجة قالتله العكس ، اللي زيه خلصوا من زمان ، وبكل غرور بقولها بصفتي أخوه ، ان يا بخت اللي يجاور بسام اخويا ويعاشره ، ويناسبه كمان ، واللي عندك يا عزوة قوله ولو  راجل عارضني!"



فرض أقواله بمرحٍ فضحك الكل بعلوٍ وتعلقت عيني "بسام". مع عيني شقيقة بسعادة بالغة ، اخذها منه بعد جفاء كان ظهر رغماً عنه بسبب حالته ، وامتن له  بتأثرٍ وقطع التأثر خاصتهم وتأثر والديهم قول "عز" الذي قال ضاحكاً:



_" يعم أنا مصدقك ومش هعارض اللي تشوفه ، أي حاجة منكم حلوة ، انتوا كلكم اخواتي وربنا يشهد أنا بعزكم  ازاي!!!"



تنفس بعمقٍ كما ترقب البعض وقال "حامد", بإهتمامٍ :



_" نبدأ نتفق يعني  وتنادي العروسة ونقرأ الفاتحة ؟"



وافق برأسه بحماسٍ كما أيد الكل ، فقال"غسان"أولاً قبل ان  يبدأوا :



_"عشان تبقي قراية الفاتحة صح فخلينا نتكلم الأول في موضوع عايز يقولهولك "بسام" بنفسه !"



علم "حامد", وأشار لـ "بسام "بالتحدث مع موافقة "عز" بإقبال فخرج صوت"بسام" بهدوءٍ لبق:



_"انا مش عارف فعلاً هتوافقوني ولا لأ ، بس أنا طالب ان الخطوبة تكون كتب كتاب علطول ، أنا مش بتاع لعب ولا حاجة ولكن حابب أخد راحتي واتكلم من غير حدود  أو من غير ما احس اني متكتف، مش عايز احس ان في حاجة رابطاني ، وفي الأول وفي الٱخر احنا عيلة ومع بعض علطول ، وبصراحة كده يا عز مش هستحمل رخامتك وتحكماتك ، أنا راجل عارف ربنا ومش عايز أغضبه حتي في النظرات ، ومش ناوي اتأخر في الجواز وده رأي اتمنى تقبل بيه بس مش بفرض عليك !"



ورغم  اندهاش البعض خاصةً "عز" و"والدته" ولكنهم بصمتوا بانتظار ، وتدخل "غسان" حينها يقطع صمت اللحظة بمرحٍ:



_" أصله متربي يا عز وبيحب ياخد راحته بالحلال ، قولت ايه؟"



_" قبل ما ترد يا عز يا بني ، أنا عارف انك حقك ترفض ، بس  خد مني كلمة أنا مرتاح لكده وموافق ولو شايف ان المفروض أرفض فحالة تانية كنت رفضت بس كده أحسن ، وربنا يسهل. والرأي رأيكم!"



نظر "عز" ناحية والدته ورأي القبول  بسعادةٍ في عينيها وتلهفت "دلال", لتسمع الرد في حين أخرج "عز" قوله الغير متوقع :




        
          
                
_"وأنا موافق "



شهق البعض بفرحٍ  وتعالت  زغرودة "دلال" وواصل "عز" بعدها بجديةٍ:



_" أنا واثق فيك يا بسام ،. وهعطيهالك وأنا مغمض ووافقت عشان عارف اني مش هشوف منك وحش ، بس اللي كنت خايف ومازلت هو انك تيجي فمرة عليها أو تندفع تتعصب ، وأنا شوفت عصبيتك قبل كده ، بس رجعت قولت ، أي راجل  أعصابه بتقع منه ،  لكن اختي تكسر القاعده دي يا دكتور وافهمني في دي عشان لو جاتلي في مرة مأذية منك مش هقدر أرجعهالك تاني، ومتزعلش مني!"



_" حقك ،.. حقك يا عز ،  بس أنا واعدك وبجدد وعدي تاني كمان!"



ابتسم بفرح له ما ان ردد بذلك دون رد  حاد و استمر الوضع ببهجة بعدما قال من بين  حديثهم السعيد بذلك:



_" والرأي  في النهاية لـ فرح ان شاء الله لكن احنا قابلين وقابلين بيك ابن لام عز وصاحب بيت كمان يا بسام تيجي فأي وقت!!"



السعادة تأخذ حقها معهم ، عانق "غسان" شقيقه بسعادةٍ واعتدل الكل مرة أخرى ليأخذا فرصتهم في الاتفاق بعدما بارك كل منهم "لـ بسام" واستمر الوضع بالاتفاق على أمور الزواج  ، بعدما استرقت "هاجر", السمع ودخلت تخبر "فرح" بما يريده "بسام" فنظرت بخجلٍ وسألتها "وسام" بخوف من الرفض ولكنها وجدت القبول بقولها الذي أسعدها هي و"جميلة" والبقية  في الداخل :



_" لا موافقة"



تعالت زغرودة "وسام"و"هاجر"ووالدتها ، وصدحت أغاني حينها في الغرفة فظلا يتراقصن مع بعضهن ببهجةٍ وسعادة اللحظة تشعر بها "فرح" وحتى "جميلة" ,  استمر الرقص بسعادةٍ. بالغة إلى ان وقفت "فرح" أمام "عز" الٱن  وهو يحثها على الدخول كما البقية. ناولتها "جميلة"  ووالدة "هاجر" الصينية الموضوع عليها الٱكواب ، واحمر وجهها بتوترٍ فتذكرت "جميلة" اليوم التي كانت به كذلك ، حثها "عز" برفقٍ وسار معها وهم خلفها إلى ان دخلت عليهم الغرفة ونظر الكل لها  بترقب سعيد و تعالت الزغاريد وهي تقترب تعطيهم الاكواب بلطف ورحبت بهم إلى أن جاءت أمامه وأخذ هو منها الكوب وعينيه تتعلق بها الٱن أعطاها الباقة فخجلت هي أمام  الأنظار ، نهض "غسان" من جانبه بعدما غمز له ووكزه ، فحثت "دلال" "فرح" بحماس:



_" اقعدي يا حبيبتي ، اقعدي جنب عريسك!"



نظرت "حنان" بسعادة وخجلت ابنتها  ،. في حين جلست "جميلة", بجانب "حازم" بسعادة فعانقها بحبٍ ، وشملهم "عز" بعينيه ولأول مره تغمره السعادة بمشاركة الكثير حوله ، جلس "غسان" حينها بجانب "شادي" وتجرع من الكوب برفقٍ إلى ان بدأ "حامد" الحديث من جديد تحت صمت "فرح" بخجل وهي تتحاشى النظر إليه :




        
          
                
_" كده تم الاتفاق على كل حاجة ، عايزين بقا نقرأ الفاتحة كلنا مع بعض ونشوف رأي العروسة فكتب الكتاب قبل كل ده الأول !"



نظرت "فرح ", بخجلٍ وشديد وتحولت النظرات إليها ، فسألها "بسام" بلينٍ وهو ينظر لها :



_" موافقة يا " فرح" ولا مش مستعدة للخطوة دي ؟ لو لأ براحتك أنا مش هضغطك!"



كانت تود "وسام" والٱخرين قولها ولكنهم انتظروا الرد منها من تلقاء نفسها ، وتجرأت لترفع رأسها وحركتها بالقبول أمام أعينهم  فهلل الكل وتعالت الزغاريد من جديد ، وبدأ الكل في قراءة الفاتحة بصمتٍ وسكون وعلى الرغم من هذا الخجل الذي جعلها لا تنظر له ولكنه الٱن ينظر لها بتعمقٍ لا يريده بأن ينتهي ..



_" ٱمــيــن!"



كان قولهم جميعاً واستمر الحديث بعشوائيةٍ لذيذه في الكلمات المَرِحة وعاد القول بعد الاتفاق من قبل الذي كان ينتظر رأي "فرح" فقط ، وتعالى صوت"غسان" يهلل بعد الموافقة:



_"  خلاص يبقيى الخطوبة وكتب الكتاب يوم الحد الجاي على خير  ان شاء الله"



هل بعد أيام لازمة لأخذ الإجراءات وفقط؟؟وافق الكل ، وقرروا  النهوض كي يتركوهما مع بعضهما بعدما وضع الرجال الأموال على الصينية وٱخرهم "غسان" الذي وضعها طبق العادات ونهض يبتسم بلطفٍ وقال لها قبل أن يخرج :



_"ألف مبروك يا "فرح"



_" الله يبارك فيك!"



هتفت بها بخجلٍ ونظر حوله فوجد نفسه الٱخير و"وسام", من تتمسك بذراعه ، فابتسم وأخبر شقيقه قبل يخرج :



_" بقولك .. احنا شوية برا وهنمشي وبراحتك بقىٰ ، عايز حاجة؟"



رفض "بسام" وحرك رأسه بهيامٍ تجاه الأخرى فضحك "غسان" بخفةٍ وسمع إصرار "حنان " ومن معها على الجلوس ،. ودعت "وسام",  "فرح"  بعناقٍ وخرجت وخلت الغرفة من الكل عداهما. عدا "بسام وفرح" !!  قصة كان يرفضها البعض والبعض القلة يؤيدها ، ولكنه أصر واستطاع تفسير مشاعره بطريقة صحيحة بعد كل هذا التعب والإنهاك ، يُحبها ولم يستطع الاعتراف بذلك مباشرةً منتظر سعادة القادم  ، كما انتظر بجهل وعوضه الله عن أذى علاقات ما قد رٱها وعانى منها لفترة كبيرة ، كل منا يوجد به ندبات كما كانت هىٰ وانتهى المطاف بإعطاء نفسها الفرصة كما أعطاها لنفسه وربما تحسن بمساعدتها هي دون  أن  تدرى ، كي يصبح سوياً يُحدد ما به لأجلها هىٰ وهىٓ وجدته هوَ ، وكان هذا ٱخر ما توقعه يوم ما ، من بداية رؤيته في المستشفي  كطيبب عادي إلي ان علمت صلة القرابة  بينه وبين صديقتها وتعمقت العلاقات أكثر واكثر ولم تتوقع إلا بالنهاية عندما تفاجأت بعرضه الزواج وعلمت من شقيقها وليس منه هو ، هو الذي شعر الٱن بمعنى الأمان والحب و..الـ "فرح" !!!




        
          
                
______________________________________



أسند رأسه على الأريكة بتعبٍ من ما حدث له قبل ساعات ، الغضب يتملك منه والآنفعال ولكنه عجز ويعجز عن فعل أي شئ، مايطمئنه هو حالة "غسان" التي بالتأكيد تأخره في فعل شئ ، تنفس "سامر", بصوت. مسموع وهو يشعل اللفافة بعنفوانٍ من انهزامه ، وصمت أمام هذه الشاشة بشرودٍ ، جاءت "مروة" من على بُعدٍ تضع صينية الطعام أمامه وجلست تترقب  بجانب "زهور" التي جلست تتابع شاشة التلفاز وعقلها عالق عن ما يمكن  فعله من ابنتها بعدما رأته !! ،  نظر "سامر", بحدةٍ  ناحية "مروة" ونهرها بسرعة بنبرة جامدة :



_" انتِ لسه هتقعدي؟؟ ما تقومي شوفي البرنسيسة صحت ولا لسه !!!"



وصرخ بها بصوتٍ عالٍ ينهرها :



_'' قومي خبطي جامد على باب الأوضه بدل ما أكسره على دماغهم جوه!!"



نهضت "مروة" بخوفٍ بعدما ابتلعت ريقها ، فتحدثت "زهور" بضيقٍ له :



_" ما قولنا نصبر على ما  الدنيا تهدىٰ ، مش ناقصين حد يرجع يموتك فيها بين ايدي وأنا مش عارفة أعملك حاجة ، اختك وهنربيها لكن هم ؟ هنعمل ايه معاهم وانت بالشكل ده؟؟؟"



اغتاظ وأخرج اللفافة من فمه بعنفٍ وأشار لها بانفعالٍ في كلماته :



_"وهنفضل مستنين نربي بنتك امته يامّه ، البت دي وراها حاجة ، ولازم أعرف ايه علاقتها باللي اسمه غسان ده ، وكانت بتتشحتف وتعيطله ليه!!! مش يمكن خد غرضه منها وصرفها بعد ما طلق الهانم التانية ، سيبني أتصرف عشان بنتك دي محتاجة إعادة تربية من أول وجديد!! "



خاض بإبنتها وصمتت  عاجزة عن الرد ، رفعت "مروة", يديها تدق بقوة هذه المرة على غرفة"زينات " ولكن لا رد ، ترقب "سامر" بغيظٍ ووقف يستند على عصاة أشبه بعكازٍ وطرق الباب بقوةٍ وهو يردد عالياً :



_" إفتـــحي يا بــت ، إفتـــحي أنــا عـارف انك جوه مع خالتك وخايفة تطــلعي ، بس هتــروحي مني فين..افتحــي بقولك!!!!"



كان الترقب في الخارج ، كما وضعت "أسماء" يديها على فمها بخوفٍ وجسدها الٱن بالكامل متضرر من ٱثر ضربه وهي الٱخرى وجهها  به أثار صفعاته القاسية دون محاولة للفهم ، نزلت الدموع منها بخوفٍ فإحتوتها "زينات" كما فعلت منذ ان حدث ما حدث ،ضمتها وهي تحثها على الهدوء وقالت بلهفةٍ من هذا الهلع :




        
          
                
_"متخافيش ، متخافيش اهدي ,مش هخليه يقرب منك ، بس اهدي!!"



حركت "أسماء" رأسها نفيًا بفزع وهي تضع كفها على فمها كي لا تخرج منها  شهقاتها وانتفضت بسرعة  برعبٍ ما أن صرخ هو مجددًا :



_"والله ما انتِ فالتة من ايدي يا أسماء ، وخالتك اللي معاكي دي مش هتنفعك عشان تعرفي بس يا بت واديني واقفلك أهو!!!"



تركتها "زينات " بالتدريج حتى وقفت وهي تشير لها بأن تطمئن وهتفت بنبرة هادئة من خلف الباب :



_"ارجع يا سامر  عنها وملكش دعوة بيها  أحسن ما اتصرف تصرف مش هيعجبك ، كفاية أوي كنت هتموتها فإيدك حرام عليك ياشيخ !!!"



_" لو فاكرة انك هتقدري  تشيليها مني تبقي غلطانة "



هتف بها بنبرة مرتفعة ، فهابت "أسماء", أكثر  ولمعت عينيها مجدداً ، ولكن نبرة "زينات " المُهددة  خرجت عندما  رددت :



_" أقسم بالله العظيم لو ايدك اتمدت عليها من غير ما تحاول تفهم اللي حصل لأنادي غسان يطفحك الدم ويوديك قبرك بإيدك ، ومتنساش انه ليه حق عندك واللي عمله أخوه فيك ده هتعرف إنه أي كلام!"



استطاعت ان تُربكه ، ابتلع ربقه وكابر بخروج الثبات من خلف الباب وهتف بتهكمٍ :



_"لا ده انتِ واثقة أوي بقا وبايعة ومش باقية !"



_" ٱه ، وده ٱخر كلام عندي ، وقبل ما تفتح صدرك ، بص على حسن اللي مش عارف يرجع ومقضي حياته هربان ، فمتخلنيش أجبرك تهرب زي ابني يا سامر. ,ساعتها قلب أمك هيتوجع وهتتقي الله بقا هي واختك ..ربنا يهديكم!"



زفرت "زهور", بصوتٍ عالٍ وقالت وهي تلوي شفتيها بخيبةٍ بها كما تظن:



_" بقا كدة يا زينات ؟"



_" أيوة ، وخدي بالك ان اللي معايا دي ضناكي يا زهور وبنت بطنك اللي  عايزه ابنك يموتها بغشوميته!!"



تاهت بين الكلمات والتزمت الصمت ، فحاولت"مروة", التدخل برفقٍ قليل ما يظهر عندما دقت على الباب تتوسل شقيقتها :



_" طب افتحي يا أسماء أشوفك أنا"



انسحب "سامر", من هذا التهديد بداخل الغرفة الذي يقيم بها وتركها ، تركها وخوفه قد تغلب عليه وقرر الصبر لحين ٱخر ووضع نفسه تحت ضغط الصمت والتحمل ، في حين ما ان استمعت "أسماء" لذلك صاحت عالياً بصراخٍ لـ "مروة" بالأخص :




        
          
                
_" مـــش عَـــايزة أشــــوفك ، ربـــنا يســـامحك  على اللي عملتيــه ، انــتِ السَــبب!!!!"



صمتت مضطرة ، وتحولت ملامحها للجمود ودقت الباب بعنفٍ من هذا الصراخ وقالت بنبرة مرتفعة :



_" ما انتِ اللي كدابة وشككتينا فيكي ، وراحة لواحد الله أعلم دماغه بتفكر ازاي ، وكمان بتعيطي وماشية تتلفتي حواليكي ، المفروض اتصرف ازاي قوليلي كده ؟؟ ده انتِ حتى سايبانا مش فاهمين حاجة لحد دلوقتي ، وسامر ساكت بمزاجه ، انتِ بتكتبي نهايتك يا أسماء بإيدك وسكوتك ده عشان تعرفي!!"



صمتت وسمعت صوت شهقاتها العالية بعد هذا ، فإحتضنتها "زينات " بالداخل وهي تسبهم بالخارج ببغضٍ ،  سارت "زهور" بصمت تقف خلف الباب وطلبت منها :



_" طب افتحيلي يا زينات أشوف بنتي ، والله ما هعمل حاجة بس بردي قلبي ده عليها ، أنا مشوفتهاش ولا شوفت اللي جرا "



وقفت "زينات" تترك الٱخرى بتشتت اما "أسماء", فصمتت بإستسلام بعد كل هذه الدموع ، فتحت لها بالفعل الباب بعدما تأكدت من خوف "سامر" ، دخلت "زهور" وخلفها "مروة"  واقتربت تنظر على وجه ابنتها المتضرر من الضرب ،  تنفست بعمقٍ وجلست بجانبها على الفراش فنظرت "أسماء" بخوفٍ لها بينما هي سألتها سؤال واحد فقط :



_" أنا عايزة أفهم حاجة واحدة بس ، الواد غسان ده عملك حاجة  عشان كده روحتيله ؟ قرب منك ؟ ضحك عليكي يا أسماء؟ ردي عليا من غير كدب!"



هابت اللحظة ، وابتلعت ريقها أمام الإجابة المنتظرة منها حتى من "زينات" التي ترقبت للوضع  بفضول جاهل ، حركت رأسها نفياً وقالت بتقطع وهي تمسك جسدها بوجعٍ :



_" لأ..محصلـ ـش حاجة بينـ ـا"



اجابتها تطلبت منها الكثير ، وأشفقت علي نفسها ومن جهة أخرى على عائلتها ان كانت لم تفرط بنفسها لانفعلت تردد لهم بكيف يتشككون بها ولكن الٱن الوضع صادق بسوء تفاهم فقط!! ، تمعنت النظر بها  وصمتت ترفع كفها المجعد تمسح وجهها برفقٍ أتي من فطرتها حتى وان كانت قوية وشديدة  بخصالها ، ارتجف جسد "أسماء" ولكنها وجدت "والدتها" تحث "مروة" بقولها الهادئ :



_" قومي اسندي اختك تغسل وشها واعمليلها حاجة سخنة تشربها "
لبت  أمرها وهي تسحبها ، وعلم الكل ضعف "سامر", الٱن بهذه اللحظة فنهضت معها وهي تستند بوجعٍ ، جلست "زينات" تنظر لشقيقتها بلوم فطالعتها "زهور" بصمت وأخرجت الحديث منها تتذكر وقوف "فريدة"مع "ٱدم" :




        
          
                
_" برضو سايبة بنتك مع الواد اللي اسمه ٱدم يا زينات؟"



نظرت "زينات", بغيظٍ ، ووجدت اليأس في تغير طباع شقيقتها  فنهضت بإنفعالٍ وهتفت تحذرها :



_" انتُ مفيش فايدة فيكي ابداً ؟؟ ، ملكيش دعوة ببنتي يا زهور أنا عارفة كويس هي  متربية ازاي!"



ضحكت "زهور"  بسخريةٍ علة قولها ولا تعلم هي بأن الحال من ذاته ، بل وحال ابنتها أقسى عليها  لأنها سلمت نفسها بإرادتها !! ، تشنجت ملامحها ما أن سمعت ضحكتها وخرجت من الغرفة تتركها حين ان تخرج ثم  لتدخل من بعد ذلك وهتفت بنبرة معنفة :



_" سيبي بنتي في حالها بقا حرام عليكم ربنا المنتقم وهو اللي هيجيب لبنتي حقها عن كل كلمة اتقالت وكل بصة اتقللت منها ، ومش هقولك غير منك لربنا يا زهور انتي وعيالك !"



نظرت بأثرها بصمتٍ وقلبت عينيها ببرودٍ ، لم تتأثر بعد ، بينما الأخرى اقتربت من الهاتف كي تطمئن على ابنتها كما كانت  تفعل في الأوقات السابقة لعدم مقدرتها ترك "أسماء ", والرحيل لها !!!



____________________________________



بهذا الوقت عادوا إلى المبنى من جديد ، وصعد الكل الٱن وٱخر من خرج من المصعد كان "شادي", الذي أمسك ذراع "غسان" ، تعلقت عينيه من جديد على باب شقة والدتها الساكن ، وٱخرج  أنفاسه بثقلٍ ورغبته الٱن تضغط عليه بالتوجه لها ، ولكن بماذا سيتحدث؟ بالتأكيد منذ ٱخر حدث بينهما سترفضه ومن المحتمل سيتحول الوضع  لبغض وصراخ، بعدما كانت هي التي تتمنى مسامحته ، ابتسم بسخريةٍ من قلبها للوضع بالكامل ظالم ومظلوم عليه هو على الرغم من أنه اخطأ في التعبير وظهر لها اتهام وشعرت بحساسية الموقف الصعبة بالنسبة لها لكن بالوقت ذاته كان هو بموضع شك معها ولم تشك !! وقارنت الوضع بوجع وشعرت من جديد بوجع كرامتها كأنثىٰ!!! 



الٱن علم كيف تتوجع ، ما فعله معها من تسرع وجعها ، لأول مرة يتسرع وتذوقت هي مرارة كلمات وأقوال التسرع في حين بأن هذه كانت عادتها التي  تفعلها معه دوماً ، تحمل ؟ تحملت؟؟ ،سأل نفسه كالعادة ودخل من الباب وهاب الاقتراب من الرفض ،   وعلم جيدًا مدى الخوف من الرفض الٱخر بعد الخطأ بينما في السابق ذاق الرفض دون ذنب !! رفض بطلب الانفصال، هل مازال صاحب حق إلى الٱن؟؟!!



دخل من باب الشقة ، وجلس  بشرودٍ معهم في الصالة لا يتشارك الحديث بل ما منعه من  دخوله الغرفة هو انتظاره لمقابلة "طارق" كي يدخل بعد ذلك ويجلس دون ان يعيق  اقامته مع الوجع شئ ، ومجدداً يتعقد الوضع!! ، ونهر قلبه الٱن وسبه بأنه أبله ،  محى لها كل ما فعلته مقابل لحظة وقوفه أمامها وأمنيته في ان تظل بجانبه وهو بهذه الحالة المتعبة له ، نفسيًا وجسدياً وما بعد رفضه شئ ، من خلف فؤاده يخرج لها السئ وأبى الكبرياء على ان يُخرج لها الجيد ، ولكن الٱن فاض به ، حتى وان كانت تنهكه فأصبح لا يريد شئ سواها!! ، تقطعت أنفاسه وتاه بعينيه يتذكر خوفها من قربه ، وصُفع بقلبه من كل هذا ،  الأمر بوجهة نظرة أصبح منه ، عجز عن  ان يتهمها بشئ بعد الندم والأسف ، فأصبح يصارع نفسه وفقط بعدما كان يصارع الاثنان بعضهما والكبرياء سيدهم ،  وعندما تخلت هي عن شيطان الكبرياء كان قد لبسه بقوة وخرجت منه الكلمات بوضوح شديد وألقى كل ما كان يدخره وصبرت لم ترفض حينها!! 




        
          
                
و العجز الٱن لم يكن بشخص أمام شخص بل العجز كان من كل شخص بنفسه ولنفسه ، ما بين شوق  ، ندم ، قهر ، حزن ، حسرة ، رغبة، ضياع ، وجع ، وغالباً وجع ضميرهما الاثنان معًا !!  ، لم ينتبه على شئ سوى قول "شادي" والٱخرين :



_«  أتفضل يا حمايا   ، تعالى يا أبو "منة"!!»



حينها قد دخل وكانت معه "منة" التي نظر لـ "شادي" بإشتياقٍ ومشاكسة ، وعانقته وهي تسأل عن حاله فلم تراه لساعات طويلة ، دخل "طارق", وجلس بعدما سلم على "غسان", والٱخرين ، وبعد هذه اللحظات انسحب "حازم" ومعه "ٱدم" كي يرى شقيقته ويرحل معها ويودع "فريدة" قبل الرحيل ، وقرر الصبر على مفاتحة "حازم" على  مايريده حين عودة شقيقه على الأقل ! 



_____________________________________



توتر اللحظة وقف  عندهما ، وهو الٱن عالق بتعابيرها وهي تهرب منه ومن تقاسيمة ونظرة عينيه  ، أخرج "بسام" أنقاسة بصوتٍ مسموع وطلب منها برفقٍ :



_" بس أنا عايزك تبصيلي "



تسارعت دقات قلبها  وارتجفت يديها من توترها ، وابتلعت"فرح", ريقها بصعوبةٍ ما ان عاد يُكمل هو بقية طلبه :



_ "وعايز عينك  تبصلي يا'' فرح".



حركت عينيها من على سِجادة الأرض التي لم تترك النظر إليها ورفعت عينيها الواسعة الملفتة بفتنةٍ تنظر له داخل عدستيه الفاتحة ، وعلمت من هذا التعمق أنه يملك عينين لونهما أفتح قليلاً من عدستي الٱخر ، ستأخذها  إشارة؟؟ ، تاهت بعينيه للحظاتٍ كما حدث معه ، فتنهد يخرج أنفاسه وقال بإبتسامة عذبة زينت وجهه التي رأته لطيف عن قرب:



_" أنا  فرحان أوي يا فرح ، وكنت عايز أقولك إنك فَرح لأي حد بتكوني موجوده في حياته ، وطوق نجاة من غير ما تاخدي بالك "



وأضاف يخرج منها أي رد :



_" مصدقاني؟"



سألها بشغفٍ ، فحركت رأسها بغير وعي لكلماته وابتسمت بعذوبةٍ بعدما قررت التحلي بالجرأه  ونبست برقةٍ :



_" مش شايفة انك بتعرف تكدب عشان مصدقكش!"



_"و ده مدح فيا ولا غرور منك ؟"



قالها هو بنبرةٍ ضاحكة ، وجعلها تضحك وصارحته بقولها العفوي المرح بخفةٍ:



_" أنا مغرورة "



إقترب في جلوسه يقطع الفاصل ونظر بعينيها يصارحها بعمق :




        
          
                
_" أنا مبحبش الغرور ، بس حقك تتغري!"



تعلقت في عينيه بتيهةٍ وسألته عن قرب بنبرة هادئة تستفسر :



_" ليه؟"



_"أصل عندك جوز عيون مش عند حد "



ابتسمت بخجلٍ فتنحنح هو بعدها يعتدل ، وسألها متمنياً رؤية الصدق منها :



_" مبسوطة ؟"



_"أيوة ، زيك بالظبط!"



هل كانت سعادتها بقدر سعادته ؟ ، عفويتها كشفتها وابتسم على أي حال بلطفٍ ونظر نحو ثوبها بهدوءٍ حتى رفع عينيه بصدقٍ يعبر عن رأيه :



_"شكلك حلو أوي في الفستان!"



زحفت الحمرة لوجنتيها ورفعت رأسها بخجلٍ راق له وسألته بتلقائيةٍ هادئة :



_" بجد ؟"



_" بجد جدًا ، ومش بعاكس علفكرة "



وابتسم عقب ذلك غير تارك فرصة لها وقال باعجاب انهزم أمامه :



_" وملامحك حلوة أوي كمان ، أنا بحبها "



تخلى عن التوتر وقرر قول حديث معسول كي تندمج  بدلاً من هذا الصمت ، ولكنها توترت من قوله واظهرت ضحكتها الخفيفه تسأله بتشككٍ :



_" متأكد؟؟ مش بتعاكس؟؟"



ضحك عالياً هذه المرة ووعى لما فعله ، ولكنه سرعان ما اعتدل ومنع نفسه من الاعتراف وتركه للقادم ، وقال بصدقٍ يفسر لها :



_" مبعرفش أعاكس ، بس بعرف جدًا أصارح وأقول الحقيقة ، عشان كدة عايز أعرفك ان مكانش بيشغلني فستان حلو أو ملامح واحدة حلوة تشدني ، وكنت خاطب قبل كده ومحصلش نصيب ، بس عايز أقولك تاني إنك أول واحدة تأثر فيا كدة وتلفتني ليها في عز ما كنت بحاول أمنع ده عن نفسي والتزم ، عشان كده قررت قرار كتب الكتاب !".



لأول مرة تعلم  انه خاض تجربة قبلها لم تتعمد السؤال ، وذهب الخجل منها بالتدريج واندمجت تصارحه هي الأخرى بقولها :



_"أنا كمان ممكن أصارحك بالحقيقة اللي عجبتني فيك ، أنا بحب كلامك أوي وعقلك في الوقت الصح ،  وعلفكرة انت اللي طوق نجاة ليا في كل مرة كانت الدنيا بتتقفل في وشي كنت  بلاقيك والاقي كلامك ، انت شخص مريح أوي ودي لوحدها حاجة مش بتحصل كتير مع كل الناس"



دقت طبول السعادة المغمورة بالحب بداخله وابتهجت ملامحه وأشرقت بأقوالها الصادقة وقال ردًا عليها هذه المرة :




        
          
                
_" من حكمة ربنا إنه وقعنا في طريق بعض من الأول واحنا مش عاملين حساب لأي حاجة بتحصل ، كله جه من ربنا وكل اللي بيجي من عنده مفيش أحسن منه ، وأنتِ جيتيلي من عنده يا فرح ، وكنتي طوق نجاه مني لنفسي "



ابتسمت بسعادةٍ من حديثه وشعرت بالراحة تغمرها فظل يطالعها من جديد بصمتٍ وسألته بدون مقدمات :



_" أفرق بينك وبين أخوك ازاي؟"



وكأنه يملك حيله كي يخبرها ، لم يفعل قولها سوى أنه ضحك بصوتٍ عالٍ ، فضحكت علي ضحكاته وقال بنبرة امتزج بها الضحك :



_"  خلي عز يقولك ، هو بيعرف"



_"بس أنا عايزة أعرف منك انت"



لم تمنع ابتسامتها بأن تخرج ، وتلقائيتها في الرد تسلب  أنفاسه ، ابتسم ورغم ان قولها ثبته بدون رد ولكن ٱتاها الرد منه عقب لحظات وقال بوضوحٍ دون مراعاة لحرجها :



_"لما تحبيني هتعرفيني"



وياليتها ما سألت ، ارتبكت واهتزت ملامحها ونظراتها ، وقررت التجاهل عن هذا القول وابتسمت تجارية وعرضت عليه ما كان سيعرضه من الأساس:



_" هتعرفني عن نفسك أكتر ؟"



_"قوليلي عايزة تعرفي ايه؟"



آعتدلت في  جلوسها وتمسكت بباقة الورد بإهتمام ورفعت عينيها تجيبه :



_" كل حاجة"



فسألها هو بمشاكسةٍ مخفية أمام نظرات "عز" في الخارج هو و"جميلة", التي وقفت بجانبه تحمل طبق صغير تأكل منه :



_" طب وانتِ ؟"



_"عايز تعرف ايه عني؟"



تعمد "بسام "أن  يقلد كلماتها وقال هو الٱخر مثلها :



_" كل حاجة"



ضحكت بخفةٍ واندمجت بالفعل قبال نظراتهم في الخارج. شعر "عز" براحتها وسعادتها فتنهد يخرج أنفاسه وعادت "جميلة", بعدما وضعت الأطباق في الداخل وطالعته وهو ينظر بشرودٍ كذلك ،  وجلست "حنان" مع زوجة اخيها وابنتها ، ووقفا الاثنان يشاهدان من على بعد اندماجهما وكأن مر وقت على علاقتهما معاً لظهور مثل هذه الراحة على وجه كل منهما ، فطغت السعادة على وجه "عز" الٱن الذي حرك رأسه ناحية "جميلة" التي ابتسمت له بحبٍ  وخرج صوتها الهادئ وهي تهتف بعمقها الخاص في النظر ناحيته :



_" مبـروك يا عز"



رفع أنامله يمسح ما بجانب فمها وهو ببتسم بإتساعٍ ، فتلقائياً مسحت على فمها بترقبٍ ، وهتف هو بمشاكسةٍ :




        
          
                
_" عقبال عيالنا"



ضحكت "جميلة" وهي تحرك رأسها منه وقالت تجاريه بسؤالٍ ضاحك :



_" وهم فين دول ؟!"



_"مسيرهم ييجوا "



ابتسمت بحياءٍ واستندت بجانبه وقالت تندمج مع حديثه :



_"  هتبقى فرحان ساعتها الفرحة دي؟"



توقف عند هذا السؤال وأخذ انفاسه ببطئٍ ونظر لها مهتماً بقولها حتى أجاب بتفسيرٍ أثر بها :



_"أول أب هيحس بفرحة عياله من قبل ما يبقى عنده عيال ، ولا هم هيبقوا  حاجة تانية ؟"



سألها بجديةٍ ، ففكرت قليلاً وهتفت بعدها بجهلٍ :



_" مش عارفة ، بس لما أبقى أم وتبقى أب أكيد هنعرف!"



ضحك على تفكيرها بجديةٍ ووضع يديه على كتفيها بإحتواءٍ ، فابتسمت بسعادةٍ وسألها حينها باهتمام:



_"  امتحانك بعد بكرة ؟"



أكدت برأسها فسحب كتفها ناحيته وقال يُشجعها :



_"أنا عارف ان الأيام دي ملخبطة أوي ، بس انتِ قدها ، اطلعي طيب ذاكري بما ان معتش حاجة خلاص تتعمل "



نظرت ناحية المطبخ وقبل ان تتحدث بمعارضة التقطها هو على الفور وقال بجديةٍ :



_" الباقي بسيط ، اطلعي انتِ وأنا هساعدهم وهاجر هنا  بتعرف تعمل"



ابتسمت توافقه وأومأت برأسها حتى اقتربت من الباب وخرجت بعدما أشارت لهم  بأنها  ستصعد ، بينما سألت زوجة خاله باهتمام:



_" مراتك راحة فين دلوقتي يواد يا عز، كده تسيبنا وتطلع ، دا أنا بحب قعدتها واللهِ"



علم بأن حديث النساء ليس له نهاية بشئ وقبل ان ترد "حنان", رد "عز" في الحال يوضح لها بصدٍ غير مباشر :



_" مراتي عندها امتحانات يا مرات خالي ادعيلها ربنا يوفقها ، لو مكنش  وراها حاجة كانت فضلت تساعد لحد ما نخلص بس انتِ فاهمة بقا الدكاتره حوارات المذاكرة بتاعتهم كبيرة  ومبتخلصش"



التزمت الصمت بتفهمٍ واقترب  هو يحمل الأكواب ، فعارضته "هاجر" وتولت هي الٱمر ، فعاد هو ينظر بترقبٍ من على بُعد وقصد عدم قطع هذه اللحظات مما يبدو أن الحديث الٱن جاد وساري بسلاسة هادئة بسيطة جعلتهما ينخرطان معـًا!!



_________________________________



الٱن جلست على الفراش بخواءٍ تنظر إلى الفراغ ، تماماً مثل اللاشئ التي توصلت  له !! ، مسحت دموعها بكفها برفقٍ ، وإستمعت الٱن على الاتفاق في الخارج بين "سمية" وبينهم ومعهم كانت "فريدة"و"حازم"و", عايدة" الكل الٱن علم بأنها  سترحل في استراحة للاقامة هناك مع "ياسمين", في شقتها 




        
          
                
تركتهم  يتفقون ووالدتها تنزل عليها  بالوصايا الخائفة ، وهى بالداخل والباب مفتوح لا تقوى حتى على التدخل بالحديث  أو الرأي فرأيها معلوم ..ورغبتها في الرحيل قد ظهرت ، ولكن كيف ستهرب؟ وهي تريد الهروب واللاهروب بنفس الوقت؟ ، سقطت دمعتها وهي تتذكر قربه التي كانت ستضعف أمامه به  وسَتُخان ، بامكانها محو هذه العقبة ولكنها كلما تقارن الوضع تقهر ، وكل ما فعله وما حدث من خروج مع الأخرى ودفاع عن من زارته  يؤثر بها أمام فقط رفضه لها وكأن كل شئ يُظهر لها الٱن بأنها أصبحت غير مرغوب بها منه على الرغم من انها  رأت رغبته ولكنها أبت بعد اتهامه ، وبخفة ألقت كل شئ واختارت نفسها على الأقل! 



تريده وتعلم أنها تريده ولكن بهذا الوقت بالتحديد لا تريد اظهار ذلك له بعدما حدث ما حدث ، وأبت الجلوس كي لا يتقابل وجهها مع وجهه بضعفٍ منها وهو بهذا الحال الذي يؤلمها!! ، ارتدت  ملابسها وعقدت الحجاب وجلست  دون أن تخرج ، وجمعت والدتها بعض الملابس البيتية لها وبالأخرى أدويتها ، حركت "نيروز" رأسها ما ان دخلت "ياسمين"  تحثها بلينٍ :



_" يلا يا روز عشان نمشي!"



وافقت ونظرت ناحية الحقيبة الموضوع بها ملابسها وسألت شقيقتها بنبرة خاوية :



_" حطيتي اسدالي؟"



سألتها وتضع في حساباتها وجود "حازم" فكيف ستظهر أمامه ؟ ، رفضت "ياسمين" والتقطت الٱخر من على المقعد واستنشقته ولكنها تركته وفضلت وجود الٱخر وقالت :



_" في واحد عالحبل جوه عندك  ، سيبي ده  عشان محتاج يتغسل !"



وافقت برأسها وقبل أن تقترب "ياسمين" من الشرفة ، قاطع ذلك مناداة "سمية" عليها ، فنظرت لها نظرة سريعة فهمتها وخرجت ترى ماذا تريد والدتها ،   وبهذه اللحظة تولت "نيروز" الٱمر رغم أنها لا ترغب في الخروج  للشرفة ولكنها اقتربت كي تنتهي وترحل وتترك مكان اعتقدت انه سبب الوجع!! ، عدلت حجابها أكثر وسارت بخطى بطيئة نسبياً بسبب ألمها الجسدي الذي كان سببه ألمها النفسي ، ومدت يديها تفتح الشرفة ..



بالوقت ذاته كان هنا ، بجانبها حيث الشرفة الذي وقف بها يهرب من التجمع العائلي بعد رحيل "طارق" التي ودعنه"منة" والتي تجلس أيضاً الٱن معهم بالخارج ومعها "شادي" يتناولان العشاء معهم بعدما تناول "غسان" القليل واختفي يدخل غرفته ، مُنع من التدخين ولكنه فعلها الٱن يخرج بها. ضغطه أو هكذا يعتقد ، ٱخرج الدخان بحرقةٍ تماماً كمثل  الذي يشعر به الٱن ببُعدها، ولأسئلة تتوجه له من  الحال اللذي بينهما ..
- الذنب ذنب من ؟
- هل كان ذنب  الحُب الذي جاء. بدون أسباب؟
-ذنب الفؤاد  ومُعذبه؟
-من معذبه؟
-"نيروز؟"
أبى تصديق هذه الإجابة وعادت البراهين والتبرير يأخذ محله..
-  تبكي على موت  زرعه ، كيف  تأذي؟
-كيف؟
- تملك عدستان بريئتان أضعف من أن تأذي!
-تأذي الفؤاد؟
-فؤاد  نطق بإسمها وحدها وفوق  حروفها كان شعار " الحُب".
-هل  من يأذى قادر على الأذى؟
-بل من يُحب بإمكانه  الأذى؟




        
          
                
نفى أسئله كثيرة دفاعاً عنها وتقطعت أنفاسه وهو يغمض عينيه بوجعٍ وجاب عقله حملها بصغيرٍ منه ، هل انتهى الحال بينهما كما قالت؟؟
الٱن قد شرحت الكلمات الحال وصوت أغنية ما في الخلفية مع هذا الحال  لتشرحه :-



«وقفت ساعة الكون بتبكي ف بعدها
حتى الهوا مبقاش يغازل السما، مين كان سبب؟
وقفت دموعي في وقتها، ساعة الوداع
حتى أنا ما بقيتش أنا، مين كان سبب؟»



فتح عينيه سريعاً على صوت فتح الشرفة بواسطتها ، وترقب وحرك رأسه وقتها يشغفٍ يتمنى بأن تكون هىٰ ، خرجت هى تنظر بخوف من وجوده تسبق بقدم وتأخر الأخرى إلى أن وقعت بفخ القدر ،ورأته الٱن ، اهتز جسدها وهي تنظر وأول ما وقعت عليه عينيها كانت عينيه في هذا الضوء الخافت ،  نظر بسكونٍ وجاب عينيه ملابسها التي تُظهر بأنها ستخرج في الحال  ، قاومت وتحركت بسرعة تجلب   ما خرجت لتلتقطه من على الحبل ، ولكنه اقترب ناحية شرفتها أكثر وأهبط يديه من رأسه بحركة عذبت قلبها شفقةً عليه وعلى التعب الذي قاوم على ان لا يظهر أمام عينيها وظهر! ،دارت عينيه وثبتها عليها وهو  يناديها :



_" نيروز!"



إلتقطه وعندما هتف بإسمها تصنم جسدها وأجبرها على الوقوف ، رفعت رأسها تنظر ناحيته فوجدته يحاوطها بعينيه اللينة الساكنة وسألها بإهتمامٍ :



_", انتِ خارجة ؟"



لو يعلم هو بأنها اختارت الرحيل ! ، لمعت عينيها وهي تحرك رأسها بسكون تؤكد ذلك بهزة رأس مستسلمة للوجع والألم الظاهر الٱن له ، ولكنه لم يتوقف إلى هنا بل سألها مجددًا بنفس الاهتمام والترقب :



_" رايحة فين؟"



«وقفت بكل ما فيها تنهي المسألة
مشيت وروحي عندها، أنا كنت إيه من قبلها
والحبر دايب عالورق
صورنا لما حرقتها غريبة قلبي اللي إتحرق»



نزلت دموعها وزاد ضغطها فقالت ببحة صوت مع أعين لامعة تصارحه بما اعتقدت أنه سيريحها :



_" همشي ، عايزة أبعد ..نفسي أرتاح!!"



هل حقاً تفوهت بذلك ؟ ابتلع غصة مريرة وقفت بحلقه وتاهت الكلمات من الضياع حتى من ضياعها منه وكأن كلماتها له كانت جادة؟ حقيقة؟ ، حرك رأسه بعدم استيعاب أو هكذا أراد ..



«كان الوداع يشبه فراق الروح ..
عينك رصاص وغريبة لما قتلني كان مسموح
لعيوني يبكوا، لكن مخوفتش وقتها م الموت
فضلت متعلق في حضن الوقت لما يفوت
كان الوداع يشبه فراق الروح»..




        
          
                
خرجت أنفاسه بصعوبةٍ وحرك رأسه أكثر يسألها بوجعٍ بان في عينيه المُنهكة:



_" مني ؟"



تحشرجت نبرتها والتزمت السكون لفترة ومن ثم  نبست بعدها :



_" من كل حاجة حواليا ، حتى من نفسي!"



«بتقول عشان ترتاح
هتسيبني للأيام
ويهون عليا أنساك
وتسيب في نفسي وداع»..



أهلكه كل شئ الٱن ، لمعت عينيه رغمًا عنه ،  وصارحها حينها بوضوحٍ أشبه بشحوب قلبه:



_" أنا كان قدامي أمشي برضو "



وأضاف "غسان"  يقابل عينيها الضعيفة اللامعة التي هبطت دموعها أكثر عندما أكمل:



_" بس اختارتك انتِ ."



وانهزم بإستسلام ساخر للحال وأضاف يكمل:



_".وقعدت"



«وقفت بكل ما فيا أراضي في كبرها
كإنه ذنبي مش ذنبها، يا ريتني مت ف وقتها
من إمتى دمعي كان فرق
كل اللي كان بيننا إنتهى، رجعلي عمري اللي إتسرق»



سالت دموعها بغزارةٍ ، وتوقفت اللحظة هنا حيث الوداع عندما تحركت بالتدريج لتسير. ووقفت أثر نبرته الضائعة التي ظهرت في قوله المتعب رغم انه يعلم الجواب ولكن وجع فؤادة أجبره على السؤال للتأكد ! :



_" أنا هونت عليكي صح؟"



نفت "نيروز" برأسها بوجعٍ وفقدت القدرة على الحديث بهذه النفسية السيئة بقوة ، ولكنه عاد يبتسم مع قوله الموجع:



_"  مع انك مهونتيش ، ولا ..هتهوني!"



أمسك رأسه بتعبٍ وأجبر نفسه على عدم التوقف بل واصل وواصل أكثر عندما قال يسألها بنبرةٍ ضعيفة:



_" أنا عايز بس أعرف ازاي أحاسب قلبي اللي راحلك غصب عني وحن ولسه بيحن ومقلل مني قصادك أوي ؟، عايز أعرف ازاي بنحاسب قلبنا على حاجة مختارتهاش انا بإرادتي!"



« باين في عينك إني مش صعبان عليكي أكيد
طب ودعيني قبل أما تمشي ولو بحضن أخير
أنا كنت عارف من البداية إنك ما حبتينيش
وفضلت متعلق بحلم بعيد موصلنيش
وقفت بكل ما فيا أراضي في كبرها»



نطقت حينها بنبرةٍ باكيةٍ  ساكنة تجيبه بنفس الوجع:



_" انت عمرك ما كنت قليل ، انت كتير وكترت عليا وكل شوية بتكتر وأنا جنبك ظالمة ، لنفسي وليك، أما القلب فـ ده مبيتحاسبش لإن مش عليه سلطان يا غسان"




        
          
                
هل كان الحل الٱن بالرحيل ؟ تمسكت بالقماش بين يديها وطالعته بصمتٍ كما طالعها هو ، ولا تعلم كيف أصبحت أمامه بهذه الناحية عندما وضعت المشبكين في العُلبة ، أمسك مرافقها برفقٍ ولم يسأل عن مكان رحيلها بل صمت  وكأن كل ما يهمه بالامر هىٰ تشبت بها الٱم كصغير لا يود  رحيلها  ، توترت من مسكه لها ولكنه إقترب يوصيها بهدوءٍ رأته هي فتور رغم الاهتمام:



_" خلي بالك من نفسك"



تمسكت بكفه بضعفٍ وشعرت بفتوره رغمًا عنه الذي قاوم على خروجه كي يثبت لعقله ما حدث ، بل والٱن هي وكأنها لم تستمع إلى قوله التي كررته هي الأخرى وهي تنظر بٱعين لامعه لعدستية ورأسه الملتف حولها الشاش بتعبٍ :



_" خلي بالك من نفسك يا غسان !"



سمع صوت  المناداة عليها من "ياسمين" ،  حاولت التملص ببطئٍ ولكنها تصلبت ما ان وجدت الدماء تهبط من أنفه ، شعر بما فوق فمه فترك مرفقها يتحسس ورفض رفع يديها ولكنها أبت ورفعت طرف حجابها تمسح كما فعلتها من قبل ، كان يرفض ولكنه تركها الٱن ونعم بهذا القرب ، وعقب مسحها تحسست بيديها وجهه ومكان نزف الدماء برفقٍ ، وفعل معها المثل عندما مسح وجهها بكفه يزيل أثار دموعها  العالقة على وجهها وأسفل عينيها وهمست هىٰ قبل أن تتحرك تخبره بألمٍ :



_"انا ..أنا همشي "



وكأنها جعلته يعي ، نظر بوداعٍ صامت ولم يتفوه بحرف بل لمعت عينيه في الخفاء وتركها تتحرك مثلما تشاء..  عندما خرجت وتركته ، تُرك الٱن كما يُترك كل مره ، وعلم أنه الذي يفترض عليه التمسك وان فعل العكس لن يقابل مثلما   أعطىٰ في جميع الأحوال ، قرر الدخول أو الهروب بمعني اصح في النوم الذي هرب به بدون ارادته عندما فعل الدواء مفعوله الٱن وامتن هو للدواء بهذه اللحظة التي جعلته يهرب من وجعه ومن نفسه ومنها ومنهم في الخارج وبالٱخص والده  الذي انتظر كي يتحدث معه ولكن الٱن ستتغير خطته وسيذهب القرار هباء!!  والكلمات تعود شارحة الوضع ..



« فضلت متعلق في حضن الوقت لما يفوت
كان الوداع يشبه  "فُراق الرُوح"!»

تعليقات