Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الثاني و الاربعون 42 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

 

 رواية عودة الوصال الفصل الثاني و الاربعون 42 -  بقلم سارة ناصر

ظن أنه سيتعافى بعد رؤيتها حين ٱخر ما حدث ، ظن أنه سيهدأ بعدما قبل كفها وعانقها إلى ان غفت بين ذراعيه  ،  كل ذلك ذهب هباء ، والغصة المريرة التي توجد بقلبه   وحلقه لم يستطع أن يتخطاها حتى ، بل تصر وهو يَصر على الوجع!! ما نهاية كل ذلك ؟؟! ,منذ اليوم التي كانت لا تكف به على الصراخ ، هزم قلبه ولم يتعمد رؤيتها فقط يطمئن من والدته وشقيقته ووالده!! الذين لا يكفون على الزيارة لها ، انصاعت "دلال" وأصبحت تزورهم بالفعل ومن حين لحين كانت تذهب "وسام" لها هي الأخرى ، بينما هو عارض كل مشاعره مثل السابق وبقى بين نفسه وعمله ووجعه الذي لا ينتهي!!..



أما هي فحالها من نفس حاله ، وعلى الرغم من أنها تتذكر عودة "حسن" وما حدث من انهيار لها ومنها إلى أنها تصنعت عدم تذكر ذلك كي لا ينتهي بها المطاف وتتيقن من الحقيقة الموجعة ، بأنها بالفعل لم تهدأ سوى بين ذراعيه ، تتذكر قدومه ولكن بعد ذلك تم محو كل شئ من ذاكرتها ، ولكنها تأكدت بأن قلبها قد خانها بقول إحدي الكلمات له ، كي يتصنع الكبرياء ولم يسأل عنها !! هكذا اوصلها عقلها ، تحمل تجاهه مشاعر متخبطة منذ مقابلتهما في الشرفة وقوله لمعلومات سيفعلها وخطط بالقادم جعلت الدماء تغلى بعروقها !! 



لا تستطيع هي الأخرى فهم ما يجري بداخلها ، تريده ولا تريده ، عودة حسن من جديد تشكل لها خوف ولكن ليس منه بل خوف عليه هو على "غسان" التي ولأول مره تشعر بمدي الخطر الذي يكنه للٱخر !! نهاية ذلك تهاب منها ولا تريد ان تخسره ، حتى وان باتت بعيدة وان اختارت هي البُعد من الأساس!! ..



سعلت بخفة ٍ وهي تتسطح على هذا الفِراش التي لم تتركه ، ليل نهار باتت هي عليه و لم تتركه ولم تعد تحبذ الجلوس معهم بالخارج ، رغم ان "ياسمين" رحلت أمس لشقتها ولكنها ستعود مجدداً ، بينما اليوم علمت أن "جميلة" ستأتي لها بمفردها ،  وقفت "فريدة"  ترفع يديها كي تدق باب غرفتها تحاول معها كي تجعلها تخرج ، شجعوها بالخارج علي فعل ذلك ، وذهبت "سمية" إلى المطبخ ومعها "وردة" ، في حين أذنت "نيروز" بصوتٍ خافت للطارق :



_" أدخل!"



فتحت "فريدة" الباب برفقٍ  وظهرت ابتسامة هادئة ، اقتربت تقف حتى ابتسمت لها "نيروز", ابتسامة هادئة فقالت الٱخرى وهي تجلس بجانبها على طرف الفراش :



_" ايه يا روز ،  عاملة ايه النهاردة ؟؟"



حركت "نيروز", رأسها ترد بنبرةٍ هادئة :

_" أنا كويسة الحمد لله!''



اشففت حتى على نبرتها الضعيفة ، نظرت نحو معدتها التي تضع عليها هي كفها كالعادة بتشبتٍ وكأنها تهاب صغيرها ورحيله من ما تفعله ، حركت "نيروز" عينيها نحوها فوجدت "فريدة" تنهض تحاول فتح شُرفة مربعه صغيرة كي يطل منها الضوء ويدخل بها الهواء ، وفتحت بتلقائيةٍ خزانتها تخرج لها ملابس هادئة ذات لون فاتح تعكس عليها حالتها كي تتحسن ، والتفتت تبتسم تحت غرابة "نيروز", وقالت تحثها :



_" ممكن بقا تقومي معايا تغيري عشان تفوقي شوية ؟؟ ويا سلام لو تيجي ننزل نقعد فمحل الورد !!"



محل الورد؟ التي هي الٱخرى تهاب التفكير به ؟ إلى الآن تفكر لماذا ستتصرف بهذه التي اصبحت معضلة معها ، لم تقبل هذه الهدية لطالما أصبحا منفصلين بعد الٱن  ! ، شردت للحظاتٍ وخرجت  بينما الٱخرى تتابع بإهتمام ولكنها ابتسمت تجاربها برفض غير مباشر :



_"تمام سيبيهم وهغير يا فريدة كمان شوية ، بس معلش مش هقدر انزل معاكي ، انزلي انتي !!"



ظلت للحظاتٍ تستمع وارادت تركها كما تشاء وهي تربت  على ساقيها الملابس وتحركت تحثها :



_" ماشي هسيبك بس بمزاجي علفكرة ، وكمان هنزل وياريت تيجي تفكي على نفسك شوية هستناكي حتي لو مش موافقة !"



تركتها "فريدة" من بعد ذلك وخرجت تومأ لـ"وردة وسمية" التي حملت واحدة منهم صنيية طعام صغيرة وأخرى دواءها ..، انصرفت تخرج من الباب كي تتجه نحو الأسفل،  بينما اعتدلت "نيروز" أكثر بملامح خاوية تنظر بشرودٍ وكأنها لا تستمع إلى قول والدتها :



_"يلا يا حبيبتي بقا عشان تاكلي وتاخدي الدوا!"



ساعدتها "وردة" وهي تسحب الطاولة لها فجلست "سمية" على طرف الفراش تحاول  اطعامها مثل الصغيرة ، ابتسمت لها بإتساعٍ تحثها أكثر وحاولت سلب تركيزها وهي تنظر نحو ملامحها ، فتحدثت "وردة" بمشاكسةٍ :



_" شوف مين بتبص لمين !! ،انتهزي انتي الفرصة يا روز وبصي لماما عشان تخلفي شبهها !!"



ضحكت "سُمية" بخفةٍ ، فابتسمت "نيروز" بانتباهٍ ، وسمعت قول والدتها :



_"يختي تبص لمين ، ما خلاص بقا راحت علينا ، وبعدين هو في احلى منها يعني ، هي تبص لنفسها بس وتجيب عيال حلوين كده زيها مع اني اشك بقا عشان محدش هيجيب زي جمال بناتي !!"



عند هذا القول وضحكت"نيروز", تنخرط مع الحديث وقالت لها بسخريةٍ مُحببه :




        
          
                
_"واثقة من نفسك أوي يا ماما "



_" طبعاً أومال ايه ، ولو جينا للبص بقا فأنا مبصتش لحد غير ابوكم ، الله يرحمه كان أجمل راجل تشوفه عيني ويحبه قلبي !!"



ترحموا عليه خاصةً هي بحزنٍ ، وخرج صوت "وردة" تشاكسها بمرح :



_" ايوة يا شقية عشان كده انا وياسمين طالعين شبهه ، ونيروز بقا اللي واخده منكم انتوا الاتنين !"



أيدت وهي تحرك رأسها ومازالت تطعمها بينما واصلت بتفسيرٍ مرح يلوم من تُطعهما :



_"بس بقا يا وردة متقوليش كده لاحسن نيروز بتزعل عشان شبهي أنا أكتر ، كان نفسها تبقي شبه ابوها أصلها كانت تحبه أوي أكتر مني !!"



نفت "نيروز" بلهفةٍ تحت ضحكاتهم وقالت تبرر :



_'' متقوليش كده ياماما ،محصلش الكلام ده "



_"ولو حصل يعني فيها ايه ؟ يعني هو ابوكي يا بت مكنش يتحب؟؟"



أتاهم الرد من "ياسمين", التي جاءت ولم يشعر بها أحد ، ردت هي عليها بتبجحٍ :



_" يا ولية احترمي نفسك بقا الراجل ميت وانتي عجزتي ، كفاية شقاوة يا سمسم ؛"



انتفضت"سمية" وضحكت "نيروز" بينما لاحظت "وردة", قدومها منذ لحظات ، فاندفعت"سمية", تردد بإندفاعٍ حانق ناهيك عن بقية الضحكات:



_" انتِ بتطلعي منين ، جيتي امته ؟؟"



_"جيت من شوية مع حازم بس هو هناك عند عايدة وجيت أنا  لقيتكم قاعدين تعاسكوا فالراجل وهو ميت ، أومال لو حي يا سُمية كنتي عملتي ايه ؟. مش مكسوفة ؟؟"



اقتربت تجلس بكيدٍ بين" وردة" و"نيروز" بينما لوت "سمية" شفتيها  بتهكمٍ وقالت ساخرة :



_" دا  أهلاً وسهلاً انتي جيتي وفضيتي بقا !"



والمتوقع أنها ردحت لها تراقص لها حاجبيها مرددةٍ وهي تستند على  كتف "وردة" :



_"بيت ابويا يا ست سُمية واجي فالوقت اللي أنا عايزاه!"



ضحكت بيأسٍ هذه المره ، واقتربت تأكل مكان شقيقتها وهي من لحقت ما بالملعقة ، فضحكت "نيروز" على طفولتها التي لم تنتهي بعد ، ونظرت "سُمية" لها بغيظٍ ،  فرفعت "ياسمين", ذراعيها تحتوي "نيروز"و"وردة", وسألتهم بجديةٍ مضحكة بسبب الطعام الذي لم يبتلع بعد في فمها :



_" بقولكم ايه ؟؟ قولولي بصراحة أمكم  صارحتكم قبل كده وقالتلكم انها لقياني على باب جامع ؟؟ صح ؟؟ قولو أه !!"




        
          
                
ضحكن الثلاثة عليها بحبٍ ومن عفويتها التي لا تنتهي وحتى تلقائيتها !!، ونفت شقيقتيها وأيدت "سمية" بيأسٍ مع ضحكتها وهي تحرك رأسها بنعمٍ ، فضربت "ياسمين" ساقها بإنهزامٍ وقالت:



_" أنا كنت حاسة ، كنت شاكة واللهِ !!"



_________________________________________



وقفت "زينات" تضع الوشاح على كتفيها وحجاب رأسها ، علمت بأنها مطلوبة في الحديث مع "حازم" الذي حاصر "فريدة" قبل النزول وانتظر قدوم "جميلة" هي الٱخرى ،  خرجت من الغرفة تتحاشي النظر نحوهن وبالأخص شقيقتها وفتياتها ، وقاطع سيرها صوت "زهور" وهي تسألها بإستفهامٍ :



_"راحة فين يا زينات  مش خير ؟؟"



وردت بتأففٍ تلتقط المفتاح من على الطاولة:



_" راحة مطرح ما راحة !''



أغلقت "زينات " الباب من خلفها ووقفت تنظر ناحية باب شقة "عايدة" حتى رفعت يديها تدق جرس المنزل إلى أن مرت لحظات وفُتح لها الباب بواسطة "فريدة" التي نظرت لها بصمتٍ ، فسألتها "زينات " بلهفةٍ وهي تدخل :



_"اذيك يا فريدة عاملة ايه ؟؟"



اختصرت "فريدة" حينها  الرد باقتضابٍ وهي تتركها حتي دخلت بعد قولها:



_" كويسة !"



لما تتجنبها مجدداً ؟؟ ، ألمها قلبها من بُعد ابنتها عنها بالتدريج ،دخلت بخطواتٍ تشرح مدى حزنها من الموقف ، ووجدت "حازم" يجلس وبجانبه "عايدة" ، ابتلعت ريقها وجلست ، فحرك رأسه ينظر تجاهها  إلى أن مرت لحظات وحثته والدته على التمهل بينما لم يستطع اخفاء الحدة في نبرته رغم ان هذا القول ليس هو سبب  رغبته في قدومها :



_" أنا عايز أفهم اختك ممشتش لحد دلوقتي ليه هي وعيالها ؟؟"



تقطعت نبرتها منه ومن سؤاله ، تعجز عن حثهم على الرحيل حتي ، ابتلعت ريقها ورفعت عينيها برأسها تلتفت نحوه ثم قالت بما جعله يستنكر :



_" معرفش!"



_"يعني ايه معرفش دي ؟ ممكن تعطيني تفسير واحد ليها ؟ أنا كل حاجة حصلت كابتها وكاتمها جوايا وبقول معلش  متتكلمش بس انتِ متعرفيش أنا عاينلك يه لحد دلوقتي!!"



ترقبت الأنظار ، واتجهت "فريدة" سريعاً تفتح الباب ، في حين واصل هو بنبره هادئة جادة :



_" مش ده السبب اللي عايزك عشانه ولاممكم ليه ، بس قبل كل ده طالما حصل فرصة نقعد مع بعض كده من غير قرف اختك وعيالها فأنا من حقي أتكلم وأقولك  واحاسبك كمان عشان انا فاض بيا وساكت !!"




        
          
                
هابت "عايدة " القادم وكان الطارق "جميلة" التي اتت  مع "فرح" بمفردهما بسيب عمل "عز" ،  وقفت بجانب شقيقتها واستمع الاثنان لحديث "حازم" الٱخر :



_"سيبك من انك سكتي لأختك وعيالها ، أنا عايز افهم حاجة واحدة بس, ليه بتستغفليني وكملتي تستغفليني من أول ما نيمتيني على ان ابنك لسه في غيبوبته ومفاقش ؟؟ كل شوية اسألك تكذبي ، هو انتِ شايفاني ازاي؟؟."



ابتلعت "زينات " ريقها بقلقٍ واعتدلت تأخذ أنفاسها وهي تبرر :



_"أنا مقصدتش استغفلك ولا اكدب عشان حاجة غير اني خوفت على ابني يتأذي وانت عارف كويس مين ممكن يطوله لو عرف بس انه بقى تمام  ، غير كده كنت ممكن أقول ، بس انا ابني بخاف عليه غصب عني ونفسي ياخد فرصة جديدة بمساعدتك أول واحد بس حتى انت مش مشجعني تاخد فرصة زي دي معايا !"



تحرك وحرك رأسه بأسى وانهزمت نبرته التي أظهرت مدي عجزه بهذا الوضع :



_" ابنك اللي مش مساعد نفسه حتي ولا عاطي لنفسه فرصة ،  وكأن دماغه بقت متسستمه على ان ده  هو الحال وحابب كده ولو فاق يرجع تاني ، قوليلي انتي هو فيه كده ،في حد عايز يبقى كدة.؟؟؟؟؟"



_"حسن فعلاً متشتت يا حازم ، حسن ابني ضايع ومحتاج اللي يقومه ، انت مشوفتوش كان عامل ازاي!!"



كان قولها بنبرة باكية ، وخرت قلب "فريدة" و"عايدة وجميلة " التي ادمعت عينيهم ، بينما هو أخذ نفساً عميقاً يخبرها بقوله :



_" لو نفسه يبقي كويس عالأقل كان شال دماغه من نيروز بدل اللي حصلها منه ٱخر مره لما كان موجود بردو بدون علم أي حد هنا ، ولا انتي فاكراني مش عارف انكم سامعين الصريخ وكل حاجة وبالك مهداش الا ما  تابعتيه بيجري وبيهرب ، لحد امته هيفضل كده ولحد امته هيهرب ؟؟"



سالت دموعها شققةً عليه وقالت بدفاعٍ فطري :



_" حسن معمي  ، مش شايف قدامه حاجة غير انه ملوش دنيا وحياة ،  مقنع انه بيحب نيروز وانها هتكون ليه حتي لو ايه حصل ، انت  مش حاسس باللي انا حاساه ، أنا مش قادرة اشوفه كده ولا قادرة اسلمه تسليم أهالي ، أنا شايفة ابني ممروض ، وممروض   بنيروز اكتر من المرض اللي فيه من اللي بيدمنه !!"



تعالت أنفاسه تأثراً في الخفاء ، ولمعت عينيه وهو يتذكر تشتته بٱخر مره ، رفع رأسه وسألها وهو ينظر لها  وكان سؤاله حازم مثله تماماً :




        
          
                
_" وهو فين دلوقتي ؟"



نفت  "زينات" بنفس النبرة الباكية عندما تذكرت ٱخر مكالمه وٱخر ما علمته من اخبار:



_" معرفش ، ومشي من المستشفي ، حتي كان فايق يدوب بداية  على انه يتعافى ، بهروبه اليومين اللي فاتوا فهمت انه رجع للي كان فيه بعد تعب طويل ،  اللي مصبرني انه هيرجع لانه مش هيعرف يسد فلوس كيفه الا مني زي كل مره بياخد مني فلوس فيها ويمشي تاني !"



نزلت دمعة "جميلة" قهراً ، والٱن تتجمع العائلة !! ،بينما رفعت "عايدة", عينيها تلومها بحسرةٍ حزينة :



_" ضيعتي ابنك يا زينات ولسه بتضيعيه ، ليه مقولتيش من بدري!!'..



يشعر ان الهموم تزداد والثقل والحمل أيضاً كذلك ، أخذ "حازم" أنفاسه ببطئٍ، وابتلع ريقه يتغاضى  عن تصرفها وقال يحثها :



_" على تليفون منك  أول ما ييجي تعرفيني علطول وتسيبي الباقي عليا !''



أكدت برأسها بلهفةٍ ، أما هو فقرر ان يأخذ القرار الصحيح حتي وان لم يقتنع بمدي إصرار شقيقه في ان يصبح أفضل ،  جلست"جميلة" بجانب"فريدة " وبدأ "حازم" تغير هذا الحديث بقوله الٱتي :



_"أنا مجمعكم عشان فلوس وحق كل واحد !"



ترقبت العينين من الجميع ، بينما "عايدة و"زينات" كل واحدة منهما لم تكن لديها ارث ، خاصةً انهما قد طُلقا منه قبل أن يموت وجرت الأمور بعدها ، ركز عينيه على "زينات"  واعطاها ورقه ما أخرجها من حقيبته وقال يشرح لها الوضع :



_" كمحامي قسمت كل حاجة بما يرضي الله ، وحطيت فلوس فريدة فحساب في البنك تعمل بيه مشروع ، أنا جهازها فأنا اللي هكمله وأنا المسئول عنه ، واللي معاكي دول رقم فلوس حسن اللي اتحطت بردو ، بس مش لازم يفهم ده غير بعد ما اشوف هعمل ايه معاه ، أنا وثقت فيكي وعرفتك اللي فيها عشان لو حصل اي حركة منك مش هتشوفي كويس ،  وعرفتك كل ده لانك من حقك بردو تعرفي ،  وفلوسه دي ان شاء الله هيبقي منها  علاجه الجاي دا لو اخد واخدنا معاه الفرصة ، والباقي لما يفوق يبقي يشغلهم فحاجة ، دا غير انه قرب اوي يجيله انذار من الجيش المتأخر عليه بسبب سقوطه فالجامعة  فمصاريف كل حاجة موجوده بين ايدكِ !!"..



حركت رأسها بتفهمٍ وطوت الورقه تنظر له بإمتنان واهتمامه جعلها تتأثر تعجز عن الرد ، بينما تحدثت"فريدة" بلطفٍ :



_" ربنا يخليك لينا يا حازم وتفضل سندنا طول العمر !"



ابتسم لها بإتساعٍ وابتسمت "جميلة" الذي نظر لها "حازم", واكمل:




        
          
                
_" وانتِ كمان ياجميلة فلوسك زي فريدة بالظبط فحساب ليكي ، وانتِ ليكي كامل الحرية فيهم ، ولو عايزة رأيي أرجح انك تحفظيهم لحد ما تكوني مؤهلة انك تفتحي عيادة وتعمليها  ان شاء الله يا دكتورة !"



أدمعت عينيها تأثراً واقتربت تعانقه حتي احتواها بحبٍ ، تحت دعاء "عايدة" لهم ، واقتربت "فريدة" هي الٱخرى تدخل بذلك العناق ، بينما ترددت "زينات " في الحديث ولكنها تحدثت وحسمت الٱمر :



_"  انا عارفة اني مليش حق اسأل سؤال زي ده بس من رقم الفلوس عرفت ان مش هم دول بس ، انت رجعت حق سُمية وبناتها ؟؟؟؟''



هذه المرة ابتسم ولم يشعر بالضيق ، بل رد بنبرته الهادئة يخبرها :



_". رجعت حق مراتي وامها واخواتها اللي كان اخده ابويا ورجعولهم مش كامل ، اظن دا حقهم ولا ايه ؟؟"



ابتسمت تؤكد ، واكدت "عايدة" بلهفةٍ :



_" طبعاً حقهم يا حبيبي ، ربنا يصلح حالك ويوفقك فحياتك يارب وينصرك دايماً واشيل عيالك بقا !!"



ضحك عليها كما ضحك البقية ، وأشار ناحية عينيه وقال :



_" من عيني يا عايدة ،. كلها كام شهر وتشتالي زي ما انتي عايزه!!"



وكان قول "زينات" السريع وهي تحاول النهوض:



_" ربنا يقومها بألف سلامة !"



تعلقت عينيها بعيني "فريدة" التي نهضت هي الٱخري تستأذن كي تنصرف  لأسفل حيث ينتظرها "حامد" ، وتقابل الاثنان عند باب الشقة ، هنا وتجمعت الدموع بمقلتي "زينات" تسألها بحزنٍ :



_" زعلانة مني ليه يا فريدة ؟؟ أنا مليش ذنب فحاجة والله العظيم!"..



فُتح الباب وخرجا الاثنان ، ونظرت "فريدة" لها بعدما أغلقت الباب وتأثرت بحزن والدتها فأجابت توضح لها :



_" أنا مش زعلانة ، أنا خايفة يا ماما ، وانتي الوحيدة اللي اقدر اقو ليكي اني خايفة ، نفسي احضنك وانام فحضنك بس مش قادرة ومش عارفه ادخل البيت ، قوليلهم يمشوا !!"



رفعت "زينات" ذراعيها تضمها بتشتبتٍ فأرتمت الآخرى بين أحضانها تتنفس بعمق ، تعلم أن المكان لا يستدعي لذلك التأثر ولكن تحدثت الٱخري تبرر لها بضعف:



_" والله العظيم ما بيدي حاجة يا فريدة ، انتي وحشاني أوي، ونفسي ابقي معاكي ، قولتلهم بمشوا كمان بس معرفش ايه اللي مقعدهم ،. بس مسيرهم يمشوا ، لكن والله غصب عني سامحيني !"




        
          
                
أم وابنتها ولم يقدرا علي عيش حياه طيبيعة ؟ لمَ ؟ بسبب أشخاص لم تعرف معني العقل؟؟  خرجت تومأ برأسها وتخلت عن أي شئ لترضيها وكأنها تشعر بالحزن الذي بداخلها ، فُتح باب شقتهم وخرجت" أسماء " بترقبٍ بعد فترة مراقبة ولكن ليس لهم بل تريد وتنتظر عودة شخص ما من الخارج من الشقة المقابله ولم يأتي الي الٱن فقررت الهبوط لشراء أي شئ بحجة كي تنتظره وتلحق به عندما يعود رغم انها لا يوجد بينها وبينه أي حديث أو تعارف وهي من ستبدأ  تُرى من هذا ؟؟..



_" راحة فين يا أسماء؟؛"



كذلك سألت "زينات " بينما رمقتها "فريدة" بحدةٍ واستنكار. ، فنظرت لها الأخرى بصمتٍ وعادت تخفي توترها بقولها :



_" رايحة الصيدلية اللي تحت اشتري حاجة ، عايزة حاجة يا خالتو ؟"



وقبل أن ترد "زينات " ردت "فريدة" بفظاظةٍ عليها :



_" لا مش عايزه ولو هتعوز انتي وأهلك اخر ناس نعوز منهم حاجة ، شوفي طريقك يلا بقا  يختي!!"



اعتاظت "أسماء " منها ورمقتها بجمود وهي تتخطاها حتي هبط بها المصعد  قبل لحظات، فوبختها "زينات" بقولها :



_'' ليه كدة يا فريدة ،طب دي حتى طييه عن اخواتها!"



سخرت منها "فريدة" وعدلت حجاب "والدتها" بعفويةٍ وقالت بتهكمٍ :



_" دا انتِ اللي طيبة يا أم حسن !"



ضحكت  بخفةٍ على شراستها ، لم تغفل عن انها أخذت طبعها وطبع العائلة عامةً ، ابتسمت على ضحكتها فتنفست بعمقٍ  تزامناً  مع والدتها لها :



_" خدي بالك من نفسك !"



حركت رأسها وتحركت "زينات" تفتح الباب حتي أغلقته خلفها وفُتح باب شقة "عايدة" التي خرجت منه وتبعها "حازم و"جميلة " ، فنظر لها "حازم"  متفهماً وقال يخبرها :



_" لما تفضي كدة تعاليلي عشان عايز اتكلم معاكي شوية !''



استغربت ولكنها أومأت وانتظرت المصعد كي يُفتح ، ودخلت "عايدة" الشقة المقابلة  وهرولت "جميلة", تعانق "نيروز" ما ان رأتها تخرج من المرحاض مرتدية تلك الملابس الطويلة التي اخرجتها لها "فريدة" وساعدتها "وردة" بعد الطعام ،  ابتسمت واحتضنتها بحبٍ ورغم انها تأتي لها دائماً إلا أن "نيروز", ردت عليها بنفس تأثر قولها :



_" وانتِ كمان وحشتيني!!"



_" يامحنكم !!"



ضحكوا على قول "ياسمين" التي تشعر بالغيرة ، فضحك "حازم" الذي يأخذ موقف إلى الٱن منها ، تناست كل شئ عندما نظرت لضحكته فتجاهلها هو على الفور وعادت تحزن هي  ثم نظرت له بضجر ، تتخبط في مشاعرها ولكنها تعمدت تجاهله مثله تماماً , سحبوها كي تجلس وسطهم وبإستسلام جلست  ناهيك عن خصلات شعرها التي تتركها أمام "حازم" بغير وعي  بيما وضعت "وردة". على رأسها الحجاب تنهرها ، فشردت "نيروز", بتعبٍ بماذا ان كان هنا ورٱها كذلك أمام غريب ، أمام غيره ؟؟ ،حتى غيرته تشتاق لها ! ،ابتلعت ريقها تنهر كل ذلك ، وترقبت كما ترقب الكل عندما تحدث "حازم" بصوتٍ عالٍ يلفت انتباههم :




        
          
                
_" عايزكم فحاجة مهمة عدى عليها كتير ، بس ده حقكم ولازم تاخدوه وتعرفوا اللي حصل!!"



ترقبت الأعين من الجميع ، حتي "ياسمين" التي جهلت عن ما فعله ، اما الٱن فتعمد سرد كل شئ عليهم وأخبارهم بمبالغ كل شخص منهم !!



______________________________________



خرجت  من غرفتها تنظر على وجودهم في الشقة بينما لم تجد أحد سوى "دلال" التي تجلس شاردة أمام التلفاز  ، اقتربت منها "وسام" تبتسم وسألت عن "يامن" الذي كان هنا قبل  وقت قليل ولكنه هبط مع "حامد" :



_" أومال فين يامن وبابا راح فين كمان ؟؟"



رفعت "دلال" رأسها تجيب وهي تنشغل بتقشير  ما بيديها :



_", نزلوا تحت يقعدوا في المحل!"



_" وغسان لسه مجاش برضو ؟"



سألتها "وسام " بإهتمامٍ ، فنفت "دلال" بيأسٍ :



_" لا ٱخر مرة اتصلنا  عليه عشان يلحق الغدا معانا ، اديكي سمعتي ساعتها انه مش هيتغدى معانا وقالي متعمليش حسابي هتٱخر شوية فالشغل ، برن عليه تاني تليفونه مقفول !"



تنفست بهدوءٍ واقتربت تجلس بجانبها وهي تطمئنها :



_" متقلقيش ياماما ، عادي يتٱخر فالشغل ، أكيد وراه حاجات كتيرة بعد الاجازة اللي خدها ، الوقتي يرجع هيروح فين يعني!"..



صمتت "دلال" تندمج في ما تفعله بحزن علي حاله ، وندبت مجدداً كالعادة:



_" قولي هيروح فين بمنظره ده ، دا معتش بياكل زي الناس ولا بقا يتكلم ويقعد معانا زي الأول ، أنا قلبي موجوع عليه أوي يا وسام ، مش عارفة هيفضل كده لحد امته ، لا منه عايز يفضل كده ولا منه قادر يرجع وبيعاند ، انا تعبتله واللهِ !!"



انكمشت ملامحها بحزن لأجله ، حتي هو معها لم يعد كما في السابق بسبب انفراده غالباً بالوجع ! ،  ربتت علي كتفيها وأخرجت أنفاسها تواسيها :



_" ان شاء الله هيبقى كويس ياماما متخافيش، هو هنا معانا والحمد لله انه ممشاش وكمان احنا جنبه !!"



_"دا ابني وانا عارفاه هو لا عايزنا جنبه ولا عايز يكون هنا ، هو عايزها هي ، وهي داست علي قلبها واتجاحدت وبعدت عنه  وقالتله يطلقها ، أنا مش كارهاها بس كارهه اللي عملته فإبني ، أنا حاسة ان غسان وقع المرادي بالجامد  انا مشوفتش اخوكي كده قبل كده ، وده اللي تاعبني !!"



أدمعت عينيها من حديثها وردت بعقلٍ تهدأها :



_" دا نصيب يا ماما و متعترضيش ، وبعدين ان شاء الله غسان هيبقي تمام ، وقوي وهيقدر يقف من تاني أو هو ماسك نفسه اصلاً ومش مبين حاجة ، اكيد دي قوة وهيكون كده بجد مش مجرد كلام ،. أنا كلمت نيروز وهي كمان شكلها تعبان ومرهق موجوعة ومعرفش ايه اللي وصلهم لكدة. ، بس أنا بدور على حل ليهم عشان يرجعوا ومش لاقيه ، أنا كمان مش مبسوطالهم كده !!"




        
          
                
توجب عليها الصمت بحسرةٍ كي لا توتر ابنتها التي اقترب موعد أول امتحاناتها ، ابتسمت لها بهدوءٍ ونهضت بتعب في جسدها وقالت :



_" قومي اعملك حاجة تشربيها وخشي ذاكري ، ربنا معاكي يا بنتي وميضيعلكيش تعب أبداً يارب !"



ابتسمت بحبٍ عليها ونهضت تقف معها بالمطبخ قليلاً.. تلك الوقفه التي تزيد من تحسن حالتها النفسية ، ابتسمت وهي تستمع إليها وهي تدعى لها مجدداً!!!



_________________________________________



_" وردة يا جدو!"



رددها "يامن". بطفولية وهو يحملها يوجهها له ،. ابتسم "حامد", بتأثرٍ وحمله علي ساقه بداخل "محل الورد " وابتسم يقبل وجنتيه وقال بمشاكسةٍ يدغدغه :



_" حبيب جدو وقلب جدو من جوه ، هاتلي حضن دافي يلا !"



عناق دافئ مجدداً ؟ عانقه الصغير بحبٍ وهو يضحك تحت مراقبة "فرح و"فريدة " لهذا المشهد اللطيف وسرعان ما اندمجت"فريدة", بينما اقتربت "فرح ", تداعب "يامن " من على بُعد فأشار لها "حامد" بالاقتراب حتي اقتربت تجلس بحرجٍ ، فقال هو يشاكسها بعاطفة أبوية :



_" ايه القمر ده بقىٰ؟؟"



طالعته "فرح" بخجلٍ من مجاملته وابتسمت تجيبه بلباقةٍ :



_"شكراً يا عمو دا من ذوق حضرتك !"



توسعت بسمته وقال بصدقٍ يصارحها :



_"بس دي مش مجاملة  خدي بالك ،  وعايز اقولك بقا ان عينيكي ورموشك حلوين وبيفكروني دايماً بعيون دلال ؛"



ضحكت من مشاكسته ، ولكنها بالفعل تمتلك أعين جذابة مثل والدتها تماماً ، توردت وجنتيها بخجلٍ ، وفركت يديها وتركتها تشاكس "يامن", مجدداً بينما هو سألها بجدية يهاب رفض ولده بالقادم :



_"قوليلي بقا ، مستعدة تتخطبي أو تتجوزي فالوقت ده ولا مش بتفكري في كدة ؟؟ اصل واحدة زيك حلوه أكيد العرسان على بابها كتير ولا ايه ؟"



تحرجت من طبيعة هذا الحديث ، ولكنها رفعت عينيها تجيبه بهدوء تتخلى عن خجلها:



_" أنا مرفضتش قبل كدة بصراحة ،  عز اللي بيرفض ومش بيوافق لأنه عارف الناس أكتر  ومش شايف ان حد مناسب ، ولو في ساعات برفض عشان ملقتش لسه الشخص المناسب ، ولحد دلوقتي مركزه فاهدافي لاني لسه برضو ملقتش الشخص اللي يناسبني أو اللي أنا شايفاه يناسب وعز بردو ، أصل عز بيغير أوي وما بيصدق يرفض !!"



اكتملت بعفويتها في الاندماج في الحديث ربما هذه العادة ما جذبته ناحيتها ، تستحق؟؟ أومأ "حامد", ونظر لها بسعادةٍ يحرك رأسه لأفكاره ، فهي الٱخرى شخصية لا تشبه "نيروز", تماماً ، وبعقلية وطباع مثل"دلال" ستفضل "فرح " بعفويتها  واندماجها السريع في الحديث وليست منغلقة مثل الأخري! ، ضحك بخفةٍ وقال يجاريها :




        
          
                
_" بس هو عنده حق فعلاً ، حقه يغير من اللي هيجي وياخد الجمال والعسل ده كله !  بس قوليلي انتِ شايفة المناسب ده شخص عامل ازاي يعني عايزاه يكون  ازاي؟"



لأول مره يسألها أحدهم بهذا الشكل تارك لها حرية التعبير لنفسها هي ، ربما هذا عامل من العوامل التي كانت تعاني من فقدانها في البداية ، أما الٱن فبدأت تشعر بعد تعافيها بأنها مسئولة وليست كل المسئولية علي غيرها ! ، ابتلعت ريقها وظلت برهه تفكر ثم بدٱت تتحدث بهدوء لتجيبه  بإختصار عفوي جداً :



_" عايزاه يكون زي عز!"



جمله جعلته يبتسم فخراً واعجاباً بها وبقولها اللطيف، توسعت بسمته وقال يؤيديها :



_"فعلاً عز ابن حلال أوي ، بس تفتكري لسه في منه ؟"



_"معرفش ممكن يكون لسه في منه ولا لأ ، بس أنا مش عايزه الا واحد زيه فحنيته وتفهمه وعقله ، انا عز دا بابايا وعيلتي كلها ، نفسي في شخص يفهمني من غير  ما اتكلم زيه كده ، ويستحملني حتي لو عملت ايه ، من كتر ما شايفاه مثلي الأعلى وعمل حاجات كتير أوي فأنا  مش قادرة اتكلم واقول على اللي عمله واللي بعمله ، أنا لو جالي وقت وبفقد كل حاجة فيه بيبقي هو السبب اللي هكمل  عشانه ، لازم امشي وأكمل الطريق اللي ببقى عارفه  خلاص ان نهايته بتكون فخر بيا ، بس الحقيقه أنا اللي ببقى فخورة بيه أوي ، انت  تعرف يا عمو ؟ أنا لسه فاكره فرحته يوم نتيجة الثانوية العامة!!!!"



اندمجت أكثر وابتسم يشجعها ويجاريها وعقب ما توقفت ابتسمت تتذكر رد فعله ، وصمتت تشرد بتأثرٍ تحت نظراته التي تراقبها  ، وعلم أنها شخصية سهل أن ترضى ، سهل أن تتعايش بينهم بمثل هذه الافكار والحديث ! ، لا يصدق انها بخفةٍ استطاعت ان تقوي علاقتها مع "وسام" ابنته ،  ضحك بينه وبين نفسه على "بسام" وقال بخفوتٍ ببنما نادت "فريدة" عليها :



_" طول عمرك عينك على الفالحة يبن اللذينة !!"



قصد حينها جمال" تاج"ولكن  كان جمالها خارجي وظاهري فقط!! لا غير ، ابتسم بأسى على تجربته السابقة وتنفس بعمقٍ يتمني سير الحال بهدوء كي يتم كل شي بمجرد مفاتحته لـ "عز" بعدما اتفق مع "بسام و"غسان" وزوجته " على ذلك  من بين الحديث  دون أخذ ميعاد محدد لذلك ..



..



أعلىٰ المبنى في الطابق الثالث ..دخلت هى غرفتها  وتركتهم. ،. انفردت في ذكريات مرت عندما سلب منهن "عمها" حقهن ، ولم يأخذن حقهن بالكامل ، نزلت دمعتها تأثراً ، وشعرت بلوعة قلبها في الإشتياق له ، على الرغم من انها تقف في الشرفة الٱن ولكنها ترى أن شرفته مغلقة !! ، تُرى أين هو منذ عدة أيام ؟؟ ، لمَ تعاني الٱن ؟ وهي من اختارت كل ذلك ؟؟ ، مسحت دموعها  وهي تنظر بعشوائيةٍ إلى أن تخلل سمعها صوت سيارته التي تحفظها عن ظهر قلب ، اهبطت رأسها تنظر فوجدته يصف سيارته ومن ثم خرج منها بعد دقائق ، تلك الهيئة الرسمية  التي تراه بها في أغلب أوقات عمله. ، أحياناً تُهلكها رغم انه طبيعياً بينما هي تراه بعين لم يراه أحد بها  ، تحبس كل غزلها وكلماتها به إلى حين ٱخر   وبلحظة تاه منها وضاع الوقت وسُلب منها هذا الحين!! ، خفق قلبها خفقة المشتاق ونظرت بتركيز فوجدت التخبط به وهو يقف ينظر على المحل الذي يذكره بها من على بعد وحسم أمره وقرر الدخول ناحية المبنىٰ!!




        
          
                
محل الورد. ؟ منذ ان عملت ما فعله "حازم" أول شئ جاء بعقلها حينها ان هذه الأموال سترد لصاحبها ، عندما ترد له حقه بذلك كي لا تأخذ منه شئ أصبح ليس من حقها ، أو هكذا تظن بأن هذا شئ عادي كي يحدث!! ، لم تشعر بأن كل ذلك يهلكها حتي مظهره ورؤيته بعد غياب أيام يؤلمها ويهبط منها الدموع الٱن !!



أما هو ، فنظر بتخبط بالفعل ، لم تكذب نظرتها ولكنه إلتفت وقبل ان يقترب من درج المبني وقف عندما وجدها تقترب منه ،. عقد "غسان" ما بين حاجبيه بغرابةٍ واستند على السيارة ما ان وجدها تشير له، ولم تكن سوى "أسماء" التي كانت تنظر بخوف حتي يراها احد !! ، ركز عينيه عليها بينما هي وققت بتردد تبدأ الحديث بـ :



_" أنا عارفة إنك مستغرب ، بس ممكن  خمس دقايق بس نتكلم فيهم ؟."



تفحصها هو بنظراته ،  الوضع قد مراقب منها في الٱعلى عندما فتحت عدستيها بصدمة من هذا المشهد التي تراه ، وبغير وعي سارت بإندفاعٍ تخرج ، حتي أغلقت العباءة ، وها هي تقرر الهبوط بعد أيام لم تري بها الطريق!! ماذا ستبرر في الخارج كي تهبط ؟؟ كيف ستهرب؟؟. لما تقف معه؟؟ ولم يستتسلم لها وهو ينظر لها كذلك ؟؟ ، فتحت الغرفة تحاول التماسك كي تعطيهم أي حجة لتهبط بينما بداخلها مشاعر غربية ، ربما الٱن تعلم قيمته بقلبها  وقيمة حبه بهذه الغيرة ؟؟.



..



_" وأنا هضيع من وقتي خمس دقايق عشانك ليه ؟ ، شخصية؟"



أشعل "غسان"  اللفافة بين شفتيه وأمسكها وهو يردد قوله هذا  بينما هي تتوتر بالأساس  ، ابتلعت ريقها بخوفٍ لم يختفي بعد ، ونظرت حولها بترقبٍ  وعادت تترجاه بقولها :



_" معلش تعالى على نفسك ،اللي محتاجاك علشانه ضروري وهينفعك قبل مني صدقني يا غسان!"



تعمد الثبات بمكانه كي يزداد خوفها ، أهذه طريقة لرد كل ما فعلوه بها ؟؟ ، لا يهم ، تفحص وجهها  بإنتظار وقال يختصر :



_" سامعك !''



فركت "أسماء" يديها ورفعت رأسها تقترب منه أكثر وهي تردد بصوتٍ منخفض وكأن أحدهم يسمعها :



_" مش هينفع هنا ، تعالى نقعد فأي مكان !''



لم تتغير ملامح وجهه بل نظر بهذا القرب بغرابةٍ وكأنها تخاف من ان  يسمعها هذا التراب ؟؟؟ ،  نظر بتسليةٍ وهمس بخشونةٍ يُنبهها :



_" ويا ترى بالقرب ده ، سامر اخوكي عارف اللي انتي بتعمليه وانتِ نازله تستنيني؟؟."



انتبهت من قربها وابتعدت وهي تتحرك لتقف بجانبه تلتفت مره أخرى ، ومن ثم ثبتت عينيها بعينيه وقالت بصراحة:



_" لا هو ميعرفش ومحدش يعرف علشان كده بقولك تعالي نمشي بعيد شوبة عن هنا ، ومش هتندم!"




        
          
                
اغراه قولها والفضول يتٱكل به كما القلق الذي توصل له بطبيعة تفكيرة ، بينما الجانب الٱخر جعله يلتفت برأسه حتي ردد بحدةٍ يهددها :



_"انتِ عارفة لو طلعتي بتستخفي أنا هعمل فيكي ايه؟؟"



إعتدلت "أسماء" تقف أمامه  ونفت برأسها بلهفةٍ :



_" والله العظيم ما بحور ولو عرفت اللي جيالك عشانه هتشكرني !"



أخرج الدخان من أنفه  واعتدل يخرج المفتاح مجيباً على قولها بفظاظةٍ :



_" مبشكرش ناقص!"



إبتلعت إهانته ونظرت مجدداً حتى وجدته يركز نظراته خلفها بتمعن وإهتمام ، تللك اللمعة الغريبة تظهر بعدستيه ولم يراها الا هو وهي ، هي التي سارت بهدوء ٍ شديد وبجانبها "جميلة" التي لا تفهم شئ ، فقط تردد بأنها تود الهبوط لمحل الورد للجلوس ! ،. وماذا الٱن ، إستندنت عليها بطريقة طبيعية ، وإقتربت توكز الٱخرى بأن تصمت ، بينما هو راقبها وهي تقترب مع ابنة عمها من على بُعد ، إعتدل "غسان" بوقفته يملي عينيه المشتاقة لطلتها برؤيتها وسرعان ما نهر نفسه وهو يحرك عينيه ناحية "أسماء" التي إلتفتت حولها أكثر من مره ، بينما "نيروز" اقتربت تنظر بإستنكارٍ له عندما تصنع تجاهل قدومها واقترابها ، بل  حرك عينيه ناحية "أسماء" وقال يسألها بتأففٍ:



_"عايزة نروح فين  يعني؟"



وقبل أن ترد "أسماء", سمعت خطواتها تقترب بل ووقفت الٱن تأخذ أنفاسها ورفعت بُنيتها الفاتحة تخبره من تحت فكها تتصنع البرود المماثل لما يفعله تماماً معها :



_" عايزاك فموضوع مهم على إنفراد !"



كانت نظرة عينيه من على قرب كادت أن تُكشف ، بينما ابتلع "غسان" ريقه ينظر نحو ملامحها الهادئة وقبل ان يجيب وجدها تحدج الأخرى باستنكارٍ غريب وهي تطالعه بغيظ مخفي ، حتي اقتربت "نيروز", أكثر ودفعتها بكتفيها بطريقة ليست واضحة فـ اندفعت الأخرى إلى الخلف منها ، برقت عدستي "جميلة", بينما لم يستطع "غسان" اخفاء بسمته ، بل خرجت  عندما سألها عن قرب :



_" و ايه الموضوع المهم اللي لسه بيني وبينك ؟؟"



أرادت تجاهله ، واقتربت"نيروز" حينها من "أسماء", الصامته وهمست لها بصوتٍ هادئ يحمل بين طياته الكثير :



_" انتِ واقفة بتعملي ايه هنا مع جوزي ؟"



من أين جاءت هذه الشراسة ؟. زوجها ؟؟ لم يسمع "غسان" ما قالته بينما فضحتها الٱخري عندما تعالى صوتها بإندفاع مغتاظ من دفعها لها قبل قليل :



_" جوزك مين ؟؟ انتِ ناسية انك  اتطـلقتـي؟؟؟ وبعدين انتي مالك واقفه ولا مش واقفة هو انا واقفة علي دماغك ؟؟"



الٱن ستكتم دموع قهرها بقولها الأول واستماعها له ، لاحظ تشنج عضلات وجهها بإخفاء بكاء منهار من الحقيقة الموجعة ، وتصنعت الثبات وهي تجيبها بنبره هادئة  تهددها :




        
          
                
_" هو فعلاً مش أنا اللي مالي ، أحنا نجيب أخوكي وامك يشوفوكي واقفة فين ومع مين ساعتها نبقي نراجع بقا ردك بعدين !!"



ابتلعت "أسماء" ريقها ووقفت "جميلة", تتابع بصمتٍ بينما واصلت "نيروز" بنبرة حادة ساكنة :



_" وانسىٰ اني اتطلقت أو منساش ملكيش الحق  انك تقوليلي كدة سامعة ؟؟؟ ولا اعيدلك تاني؟؟؟"



أخرجت "أسماء", أنفاسها بصوتٍ عالٍ وشعرت بأنها ضغطت عليها الٱن ، لذا اقتربت تهمس أمام وجهها بكيدٍ :



_" لا مش سامعة، أنا شايفة ، شايفة بس انك هتموتي عليه ومبقتيش طايلاه خلاص!!"



ذُهلت "نيروز" من قولها فأطبقت سريعاً على خصلاتها من خلف الحجاب وأمسكت بذراعها الآخر  كتفها بعنفٍ، حتي انتفضت "جميلة" ووقف "غسان" يتابع بإعجابٍ تحولها هذا من الغيرة !! ،  بينما تأوهت الٱخري تردد لها بصوتٍ عالٍ تحاول فصلها عنها :



_" ابعدي عني ..سيبينيي يا حيوانة انتِ !!!!!"



لم تتركها "نيروز", وكأن هذه هي فرصتها لإخراج كبتها الذي بداخلها ، بل حركتها بعنفوانٍ تحت محاولة "جميلة" للفصل بينهما بقولها المرتفع:



_" بس يا نيروز اسكتي.سيبيها مينفعش كدة احنا فالشارع !!!!"



لم تستمع لها بل تحاول جاهدة على أن تجعلها تقع بينما أبت الأخرى وحاولت دفعها ببراعةٍ من منتصف خصرها ناحية معدتها بعنفوانٍ ، فأمسك "غسان" ذراعها بقوةٍ وفصلهما ولم يترك يدها الذي حذرها بها بجمود معنفاً اياها:



_"ايدك دي  كانت راحة فين يا روح أمك؟؟؟"



ارتبكت نظراتها وحاولت التملص تحت صوت أنفاس "نيروز" العالية, بينما حاولت هى التبرير كي لا تخسر فرصتها فحذرها مجدداً :



_" لو ايدك اتمدت عليها هزعلك ، سامـــعــة؟"



حركت "أسماء" رأسها بطاعةٍ تحاول أن لا تخسر من وجدت به أمل المساعدة ، ابتلعت ريقها وحرك معصمها بين قبضته يتعمد التقليل منها عندما قال يرفع من شأن الٱخرى :



_''و إتأسفيها"



برقت عدستي "نيروز" فهي المنتصرة بالنهاية عندما قبضت على خصلاتها و وبالفعل سمعت إعتراضها وهي تحاول التملص بغيظٍ من بين يديه:



_" مستحيل!!! أنا مغلطش فيها هي اللي بـ ...."



بتر "غسان" هذه الجملة عندما ضغط على  معصمها أكثر وواجهها بعينيه التي تهددها بقوله :



_" إتأسفيلها بدل ما رد فعلي أنا اللي يزعلك بعدين!"



هل قصد ان يبيعها؟. ان يخبر شقيقها ووالدتها بأنها تنتظره ؟؟ ، نظرت "أسماء " بخوفٍ ورفعت عينيها ناحية "نيروز " التي تنظر  بمفاجأة وقالت بخفوتٍ :




        
          
                
_" ٱنا ٱسفة !"



هل كان الصوت منخفض؟؟ تراضت الاخرى من القول رغم أنها تبغضها ولكنها صدمت مجدداً عندما  اعتدل يشير لها بقوله يحثها أكثر :



_" مش سامعك عَلِّي صوتِك!"



أمسكت معصمها بألمٍ ولمعت عينيها بالدموع عندما لبت غرضه مجدداً تتأسف بصوت أعلى أمام نظرات "جميلة" المذهولة وقلل منها تعمداً كي يرفع من شأن "نيروز" أمام نفسها من قبلهم :



_"أنا ٱسفة يا نيروز !"..



هذا ٱخر رد فعل كان من قدرته فعله بهذا الحال الغير مفهوم بينما ،  قلبت "نيروز" عينيها بإستخفافٍ منها ووقفت تنظر للصدمة التي لا تعرف عددها بهذا الوقت عندما ضغط على مفتاحه بالزر وحث الٱخرى قائلاً رغماً عنه بتأففٍ ٱخر لا يخلو  من الثبات أمام عينيها التي تراقبه :



_" اركبي علي ما أجيلك!"



أومأت "أسماء", بطاعةٍ بينما رفعت "نيروز" رأسها تنظر له فوجدته يحرك رأسه ليطالعها تقابلت الأعين بحديث مكبوت ، ولمعت عينيها بغير وعي عندما سألته بتعبٍ ظهر في نبرتها  المُلامة له:



_" انت خارج معاها ؟؟"



وجعته نبرتها ووقفت "جميلة" تتابع الوضع بحسرةٍ بينما هو تحسس جيبه بغير إهتمام واعتدل بوقفته يردد بفظاظةٍ مقصودة:



_" ملكيش فيه!"



تحولت مائة وثمانون درجة الٱن ، عندما اقتربت تردد بتبجحٍ أخذته منه كما أخذت منه ردها الٱتي بـقولها المماثل لقوله من قبل:



_" بيتك باللي فيه !"



شهقت "جميلة" بينما لم تتحرك هي انش واحد حتي بعدما وجدته يقترب يميل منها وقال مردداً بإعجابٍ لامتزاج طباعها بطباعه وحتي الأقوال إلى الٱن:



_" حلوة منك أوي.. بس مني أشيك!"



شعرت "نيروز" حينها بأنه سيقبلها بكيدٍ على احدى وجنتيها كي يثبت لها سيطرته الموجودة إلى الٱن حتي في الكلمات !! ، دارت وجهها سريعاً بصدمة من جرأته بهذا المكان بل وبعد الانفصال بينما تعد هي بعدته ! ولكنها لم ولن تسمح بذلك !  ، ابتلعت ريقها واشمئز وجهها من ما فعله مع الٱخرى بخروجه أمام عينيها بكل وقاحة !!



_" انت ازاي طلعت  بالبجاحة دي؟ عادي كده و قدام عيني كمان؟؟؟؟"



انتهز "غسان"ضعف قولها واقترب أكثر يردد لها بوقاحةٍ يبعد عن محور الحديث:



_" بصراحة عينك ميحصلش قدامها كده ، متستسحقش بحلاوتها تشوف ده ، بس لو فاكرة ده مينفعش تشوفه عينك يبقي الجاي ايه ؟؟"



اتسعت بُنيتها بغير تصديق من وقاحته المبطنة ، وشعر بالانتشاء عندما وجعها الٱن ، لمعت عينيها ودارت وجهها قبل أن تهبط بينما تعالت نبرة"جميلة" تحثها على أن يبتعدا  من هذا المكان:




        
          
                
_" تعالي يا نيروز ، يلا نمشي من هنا !"



نفت ونفضت يديها بوجعٍ عندما دارت وجهها تنظر ناحية "أسماء" وهي تجلس بالأمام في المقعد  بالسيارة. هذا مكانها هي كيف تجلس  به ؟؟ ،  كبتت مشاعرها وقالت بمنتهي الغرور التي تحاول ظهورة وظهور الثبات:



_"مفيش فيها حاجة عِدلَة ، عشان كدة اتلميتوا على بعض !"



قصدت أن تظهر له بأنه مثلها لا يوجد به شئ جيد ،  نظر بهدوء لثباتها الذي يراه ومن ثم حرك رأسه تجاه الٱخرى التي تجلس بالسيارة. وقال بهمس قبل ان يرحل ويتركها :



_" لأ حلوة !"



وردد بإستفزازٍ يطالعها من أعلاها لأسفلها حتى أكمل بما جعلها تنظر بصمت عاجز عن الرد :



_" بس متحطيش نفسك في مقارنة معاها!"



بماذا يريد؟؟ ترك القول مفتوح بالسئ والجيد ، لم تفهم بعد الٱن ماذا يقصد !! ، الٱن يلعب علي نقاط كثيرة ، يجذبها ناحيته بقول وينفرها منه بقول ٱخر  حتي يجعلها مشتته نفس التشتت التي وضعته هي به بين الفراق واللافراق! ، ابتلعت ريقها تعي أذيته في قول الحديث لها ، ونزلت دمعتها التي فرت منها ومسحتها على الفور حتي تمسكت بها يد "جميلة" التي واستها بشفقةٍ :



_" متزعليش يا نيروز  سيبك منه ، تعالي معايا ، تعالي يلا نروح نقعد فالمحل شوية  !"



لم تسمع أي قول منها بل سارت خطوتين وقبل أن تخطو أكثر إلتفت بوجهها تنظر بألم ناحية سيارته الذي ركبها وانتظر حتي تدخل كي يسير بسيارته بعيد عن هنا ، وما ان وجدها تنظر إلتفت بوجهه ببطئٍ بعدما تقابلت أعينهما معاّ تابع دخولها المحل  عقب ذلك بالمرٱه مع "جميلة" ، فدار السيارة بصمتٍ وابتعد بها من أمام المبني...



دخلت "نيروز" تحبس الدموع بمقلتيها وتصنعت في رسم ابتسامة هادئة عندما رأت وجه "حامد", وهو يجلس كذلك ، اقتربت ولفتت أنظاره بالداخل كما البقية عندما قالت وهي تقف أمامه:



_" مساء الخير يا عمو!"



هل هذا صوتها ؟. رفع "حامد" عينيه سريعاً من على المصحف ورمقها بلهفةٍ وهو يشير لها بسعادة من هبوطها:



_" مساء الخير يا قلب عمو ، تعالي ، تعالي اقعدي ارتاحي ، ايوة كده انزلي واخرجي وشوفي الدنيا!"



رسمت ابتسامة حزينة على وجهها وجلست كما أشار فوجدت "يامن" يترك "فرح" التي رحبت بها بحبٍ فبادلتها الٱخرى الترحيب بينما ركض الصغير يردد باسمها:



_" روز !"



ضحكت بخفةٍ وحاولت أن تحمله بينما نصحتها "جميلة" برفقٍ وهي تحمله لتضعه على قدمها بحرصٍ :



_" براحة يا نيروز ، براحتك عشان حملك!"



امتن لها "حامد" بنظراته وتابع الحب الذي بينها وبين "نيروز" و"يامن" التي قبلته بحبٍ وهي تعانقه لا تعلم لما تشعر به في كل مره بأنه صغيرها هي ، او أنه يمهد لها قدوم صغير مثله مشاكس تماماً ،  هل نست ان هذا الصغير من رائحة صغيرها هو الٱخر ؟؟ من نفس العائلة ونفس الدماء على الأغلب ؟؟، أي رائحة الٱخر به ! ، ابتلعت ريقها تنظر معه في الهاتف الخاص بـ "فرح" التي قدمته له بأغنية طفولية بريئة ، ابتسمت بإتساع وهي تبادله حماسة البرئ كي لا ينفر منها .




        
          
                
أما "جميلة" فتركتها واقتربت من "فريدة" التي وقفت تنظم من على قُرب وهي تتابع ما حدث ، وانفلت كلمتها وهي تشاكسها قائلة بشفرة ما :



_" ايه يا عروسة !"



استنكرت "فريدة". القول وسألت تتخلى عن فكرتها التي جاءت بعقلها :



_" ايه عروسة دي ؟"



طالعتها "جميلة" بشكٍ والتقطت تصنعها الجهل ووكزتها قائلة بمزاحٍ :



_"يا بت !! بقى مش عارفة إن في كلام داير عليكي انتِ وٱدم ، ولا انتِ فاكراني هبلة وبريالة بقا عشان مخدتش بالي من نظراته والبتاعة اللي شوفتها فإيده !"



صمتت "فريدة" تتخلى عن الحرج وهربت بعينيها بينما تعالت ضحكات "جميلة" وهي تكمل :



_" أنا قعدت اقول فنفسي العيون دي مش غريبه عليا ، وفنفس الوقت ملفتة وفريدة ها ؟؟ "



عنفتها فريدة" بنظراتها بينما مالت الٱخرى تقبل وجنتيها وقالت بصراحةٍ تغازلها :



_" عينيكِ لو وسط مليون أقدر  أفرقها ، تعرفي ليه ؟؟"



سؤال ليس يحتاج لجواب الكل يعلم قرابة الشبه الكبير بينهما ،  أحياناً يظن أنهما توأمان على قرب الشبة بملامح الوجه الجميلة ، ضحكت "فريدة", وردت تجيبها :



_" مش محتاجة تفكير ، بس هو بيشوفها فريدة من نوعها علي فكرة!"



شهقت"جميلة" من جرأتها وعادت ترد بيأسٍ ضاحك منها :



_"طول عمرك جريئة وهتودي نفسك فداهية واللهِ !!"



عانقتها "فريدة" بفرحة هذه المرة ، وبادلتها الأخرى العناق بسعادة لأجلها ، وانتظرت الأولى لحظة حديث "حازم" بتوتر من الٱن عندما  ربطت الأمور ببعضها!!. ، بينما وقفت "فرح" تُلاعب "يامن" مع "نيروز", التي تبتسم بلطفٍ لم تشعر هي بأن دمعتها تتناقض مع كل ذلك وعقلها شارد بقوة به وبها ..



الٱن وحرفياً تشعر بكي قلبها ، مشاعرها تنهرها ، لمَ لم تصر في ان تفاتحه في ذلك الموضوع التي قالته له ؟ ، غبية ؟ هكذا سبت نفسها ، بينما لم تستطيع توقف التخيل ، ألم ما يفعله بها يزداد ، هل هي ألمته لهذا الحد؟ 
وان ألمته ؟ لما لم يستخدم نفس السلاح التي ألمته به ؟ بل يستخدم سلاح أقوى ،  غيرتها ؟؟ ، لم تعرف هي بأن هذا الأمر كان صدفة وليس من تدبيرة هو، يالسخرية هذه المشاعر ، العاشق لم تفضحه عيناه  بل تفضحه غيرته المفرطة حتي وان حاول أخفاءها ، الٱن يظهر كل ذلك منها ، لم تكن تعرف بأنها تكن له حباً كثيراً كهذا ، الوقت التي أصرت عليه هي بأن ينتهي بينهما بقول الفراق والإنفصال..يُثبت لها بأنها تعي قيمته جيداً في غيابه !!



تباً لهذا القلب المُتمسك بالخفاء ، وان رددت لأحدهم بأنها تُعاني الٱن فلن يصدقها أحد ، حتى هو ! ،  فعلت أقسي شئ يمكن فعله بقلبها الضعيف تجاهه ، بارعة في اخفاء اهتزازها أمامه وكل شئ ! ، كيف يخرج مع غيرها ؟ يبتسم ؟ ينظر ؟ وان جاءت هي للنظرات فهي تعلم أنه وقح يمكنه فعل أي شئ وهذا ما يحرق بداخلها شئ من جهة أخرى ، دقائق قليلة شردت بهم بدموع وجعها من كل ذلك الضغط ، بينما رفع "حامد" يديه يمسح وجهه برفقٍ بعدما أشار للفتياتِ بالابتعاد عنها قليلا ً بعدما انتبهها حتى لشهقاتها المسموعة دون وعي منها ، فاقت "نيروز" وانتفضت على يده الحانيه التي تمسح وجهها بتلهف يهدأ فزعها بقوله :




        
          
                
_" اهدي يا حبيبتي متخافيش!!"



ثم أضاف يسألها بقلقٍ وهو يوجه لها منشفة ورقية بيضاء :



_" انتِ كويسة ؟!"



كيف ستجيب على هذا السؤال ، سالت دموعها وهي تنفي برأسها وصارحته بإنهزامٍ :



_" لأ !"



تفاجئ من هذا الإستسلام الغريب ،بينما وضع كفه يربت على كفها بحنوٍ وقال وهو ينهض:



_" طب قومي معايا ، تعالي نتمشى شوية أنا وانتِ عند البحر وناخد يامن معانا ايه رٱيك؟؛"



حاصرها بقوله فإبتلعت ريقها توافقه ونهضت حتي عدلت من عباءتها أكثر  ومن حجبها ورُباط خصرها وإلتفتت برأسها تنظر فوجدت "جميلة" تعدل لها ملابسها أكثر من الخلف وواستها بهمسات هادئة مع"فريدة" وعلى ناحية ٱخرى ابتسمت لها "فرح " وهي تنظر لها ولحالها بحزنٍ ، فأشار لهم "حامد" بأنه. سيأخذها وسيسير بها قليلاً وبالفعل قد سارت هي تتمسك بكفه بعدما قدمه لها فتمسكت به بحرجٍ وكأنها الصغيرة التي تتشبت بيد والدها ، ومن جانب ٱخر تمسك "يامن" بكف"حامد " وهو يسير لأجله بتمهلٍ معها  وخرج الثلاثة من المحل ، تحت نظراتهن المُشفقة وترقبت عينيهما عندما نبست "فريدة" بتعبٍ من حالها :



_" نيروز بتتعذب  من البُعد ده وبتعذب نفسها واللي فبطنها معاها !"



ٱخرجت "جميلة" تنهيدة حارة وأجابتها بحسرةٍ :



_"اللي بينهم يستاهل اكتر من كده ، بس نيروز مش حِمل كل ده ، وهو كمان مش سايبها تاخد نفسها ، دا مش بيخرج كلمة منه ألا وبيبقي قاصد يتوهها ويخليها مش على بعضها ، وهي بتتأثر عشان بتحبه وهو بيكابر فهي تكابر زيه ، أنا تعبت من العلاقه دي أومال هي تعمل ايه!!!"



لم تفضل بأن تتدخل ولكن تلقائيتها جعلتها تتدخل حتى قالت تخبرهم بهدوء:



_"يمكن عشان هي علاقه متعبة زي ما بتقولي فالوقت ده صح ليهم عشان يقدروا بعض أكتر !"



نظرت"فريدة" تجاه "فرح " بإنصات فنفت "جميلة" بحزنٍ توضح لها :



_" مش لما يبقي فيها رجوع !,بالمنظر ده هيقفوا قصاد بعض على مين يوجع التاني ويعاند أكتر !"



قولها  كان من  خلال متابعتها المشهد بينهما قبل وقت ، التزمت الاثنان الصمت ، وجلست "جميلة" تخرج هاتفها كي تطلب رقم "عز" للإطمئنان عليه ، فوكزتها "فريدة" بجرأة حتى قالت تخبرها تنتهز الفرصة :



_" وخليه يطمني على ٱدم ،  أصل أنا رفضت اديله رقمي!"



ضحكت"فرح " عليها بينما ابتسمت"جميلة", تلبي غرضها بقولها له في الهاتف:



_« واخبار ٱدم ايه يا عز ، أصل في واحدة هنا بتسأل عليه وخايفة وقلقانة »



ضحك هو بمرحٍ على الجانب الٱخر  ونهض من أسفل السيارة يجفف يديه بملابس عمله ونظر تجاه "ٱدم" الذي يعمل وٱخبرها. بنبرةٍ ضاحكة:.




        
          
                
_  « زي الفل ، بيشتغل عشان يعرف يتجوز الواحدة اللي بتسأل عليه!»



برقت عيني "فريدة" من قوله ، عندما سمعت نبرته في مكبر الصوت ، ابتلعت ريقها وحينها قد إقترب "ٱدم" عندما ناداه "عز" ، وقال وهو يميل على الهاتف يردد بمشاكسةٍ :



_«  طب وربنا أصيلة يا شاطرة ، طلعتي ملهوفة عليا وبتسألي كمان !»



احمرت وجنتيها عندما سمعت ضحكته المساكشة لها وابتعدت دون رد ، فضحكت "جميلة" تستفهم منه بهدوء :



_" هتيجي امته ؟؟ أنا وفرح عندنا زي ما عرفتك ، ومستنين تيجي فأي وقت عشان نروح معاك'"



_«قربت اخلص ، لما اخلص ان شاء الله هروح أغير واجيلكم اطمن علي غسان ونقعد شوية ونروح »



أومأت وكأنه يراها بينما تطلعت على ملابسها اليوم الذي أخرجها هو لها عاقداً العزم على ان تترك ارتداء الملابس السودء وستبدأ اليوم في ارتداء ملابس ٱخري ملونه ، على الرغم من انها تذهب للاختبارات بملابس داكنه إلا أن اليوم أخذ هذا القرار قبل أن يرحل ، هتفت بإسمه قائلة :



_" عز "



_«عيونه والله العظيم! قولي سامعك»



ضحكت بخفةٍ وطالعت رداءها الأبيض وقالت تخبره :



_" أنا سمعت كلامك علفكرة ولبست الدريس الأبيض اللي طلعتهولي "



حتي نبرتها إلى الٱن يظهر بها الحياء ، لامس قلبه قولها ، وأتاها صوته الهادئ يسألها بمزاحٍ عميق :



_«يعني ست الملاك اللي بتطلع أحلى واحدة فالأبيض رجعت من تاني؟؟»



وأجابت بخجلٍ طفيف تؤكد :



_" ٱه ،  وعايزاك تيجي عشان تقولي انتِ أحلى واحدة شافتها عيني بتلبس ابيض بقىٰ؛"



_« تصدقي بالله ؟»



_" لا اله إلا الله "



_«حرام جميل زيك يطلب الإهتمام ، دا كدة كدة هيحصل».



ورغم انها زادت في مشاعرها بطريقة غريبة الا انها لا تستطيع التعبير سوى بهذه الغرابة الواضحة وهو يحب ذلك ، ضحكت بخفةٍ ، فسمعت صوته يحثها على الإغلاق من طرفها هي كي يري ما بيديه ومن يحدثه من شباب معه ، لبت غرضه وأغلقت ، ولم تغفل بأن حياتها تتغير كلياً على يديه هو، لم تنعم بأي شئ جيد سوي على يديه وبين يديه! ،كلمات الحُب كُلها لا توفي حق عز الرجال تتيقن وتتأكد من ذلك !! 



______________________________________



لايُصدق ما سمعه بإختصارٍ منها ، هل الخوف والقلق الذي داهمه ظهر عليه الٱن ؟ ،، ابتلع "غسان" ريقه بصعوبةٍ ورفع عينيه بصمتٍ دام لكثير بتعب ، لمَ قررت على ان تُفارق أولاً كي يحدث كل ذلك ؟! ، أخذ أنفاسه ورأى النادل يضع المشروبات ففتح عُلبة سجائرة يخرج اللفافة كي يشعلها وعقله منشغل بالكثير والكثير ! ، حتي في بُعدها تضغطه ويضغطه عقباتهما معاً ..




        
          
                
بينما هي رفعت عينيها بتوترٍ تنتظر أي رد منه وعندما لم  يتحدث أكدت عليه كي تتحدث باختصارٍ أكثر هذه المرة :



_'' لو مش مصدقني أنا ممكن أثبتلك بالطريقة اللي تحبها ,بس صدقني فعلاً اللي قولتلهولك دا بجد ، وسامر وأمي وحتى اختي مروة قعدوا  يلعبوا فدماغوا ويقولولوا انها اتطلقت منك ومعدتش راجعالك وانهم هيساعدوه زي ما قولتلك انه يتجوزها !"



احتدت نظرة عينيه وهو يراقب تفاصيلها عند اخراج الحديث ، يحاول استكشاف أي خداع بها ، بينما بقى ثابتاً بسرعة ينتظر منها بقية الحديث الذي كان قد شرد عنه للحظات، استنكرت صمته الشديد بينما واصلت هي تكمل بقلقٍ من صمته واستشفت مدي الخطر التي اوقعت به نفسها وهي معه الٱن !  :



_" بس زي ما قولتلك هو مشى وهم قاعدين منتظرين وبيراهنوا إنه أكيد هيرجع تاني ، شوية اتصلوا ورد وبعد كده تليفونه اتقفل ومنعرفش عنه حاجة ، وقبل ما يمشي عرفنا إنه هو اللي اكيد كان سبب الصريخ من كام يوم من نيروز ، أنا مقدرتش ابص بسرعة من أي شباك اشوفه هو ولا لأ بس سمعت خالتي بتتكلم معاه فالتليفون وبتترجاه ميجيش دلوقتي خالص عشان انت متعملهوش حاجة!"



أخرج دخان سيجارته بصبرٍ لا يعلم من أين أتى.  ، حرك "غسان" رأسه وتأكد شكه بوجوده حينها ،  وما دب القلق بها هو حديثه بنبرته عندما قال :



_"انتِ عارفة بعد كلامك ده ايه اللي ممكن يحصل ؟؟"



وزعت " أسماء" نظراتها بخوفٍ داخلي واندفعت تردد بشرطها :



_", أنا  عرفتك حاجة محدش عرف بيها ولا كان هيعرف ولو عرفوا فالبيت اني نزلت قولتلك حاجة زي دي هيموتوني ، انا شرطي بعد ما تعرف انك متأذيش حسن ولا تيجي جنبه  بس تمنع تهوره واللي ممكن يحصل على حسب تفكير سامر !!!".



كتلة صبر لبسته الٱن إمرٱه وان نهض وواجهها بلكمة ستقع أرضاً وسيلقى اللوم عليه ، أخذ ٱنفاسه بصوتٍ وخرجت سبة نابية من بين شفتيه سب بها "حسن", و",سامر" وحتى والدتها وشقيقتها. ،  اتسعت عينيها من وقاحته صمتت تكتم كل ذلك وأجاب هو على حديثها بـ :



_" مش هتاخدي مني ضمان بـ ده ، أنا مبمشيش على شروط حد !!"



_" بس انا عرفتك حاجة كانت هتضيع منك نيروز ،انا عارفة انك متقدرش من غيرها بلاش نضحك على بعض!"



تجرأت كي تثبت له بأنها ليست هينة ، بينما ابتسم هو بإصفرارٍ يقترب مستنداً على الطاولة وسألها بمنتهى السخرية :



_" المفروض كدة أخاف ولا أجيب ناس تخاف ؟؟؟"



قلب عينيه بإستخفافٍ بينما هي علمت أنه يكشف ارتباكها المخفي، كيف وهى تفرك يديها ؟؟ ، تركت يديها وأشارت له بتحذيرٍ رغم ارتجافة يديها بعدما علمت أنه لا يُوثق به أبداً :




        
          
                
_" أنا بحذرك لو جيت جنب حسن !! ،انت تشوف هتعمل ايه مع مراتك بعيد عنه !"



التقط "غسان" الخوف في عينيها عليه ، وربط الحديث ببعضه ،وسألها أوقح سؤال يمكن ان يسأله لها :



_"  اللي بينك وبين حسن وصل لحد فين ؟؟"



انفرجت شفتيها بصدمةٍ من جرأة السؤال ، وابتلعت ريقها تسبه بتعنيفٍ متوتر :



_"انت.. قليل الأدب، أنا غلطانة اني فكرت أساعدك من الأول !"



كادت أن تنهض "أسماء" بينما مد "غسان" ذراعه يدفع يديها حتي جلست مندفعه بتحريك المقعد قليلاً اثر دفعها. ،. تجمدت تعابير وجهه ورد بنبرة كشفتها :



_" تساعديني لوحدي؟؟ انتِ فاكراني مختوم علي ققايا ؟؟"



مازال يمسك معصمها بيديه تركه بإندفاعٍ وإعتدل يريح ظهره ومد يديه يخرج اللفافة من بين شفتيه وأكمل تحت ترقبها :



_"انتِ جاية تقوليلي  وليكي مصلحة من دا كله ، هتقولي ايه هي ؟ هسمعك مش هتقولي يبقي شرطك ملوش قيمة عندي!"



حاصرها وخيرها تحت ضغط ؟ ، رفعت عينيها تحاوطه بنظراتها للحظاتٍ ، وقالت تهرب من نظرته باعترافها الذي لم يعيره اهتمام :



_''أنا بحب حسن !"



لا تعلم سبب ضحكته التي خرجت فكتمها بقصدٍ ثم تغير كل ذلك عندما شهدَّها بلومٍ زائف :



_'' كده برضو تستخفي بعقلي؟؟؟"



الٱن تندم ، ندم شديد بأنها اتخذت مثل ذلك القرار ، جانبه الٱخر لا يظهر إلا مع من يستحقون ذلك ، هي كانت منهم ؟ ، عنفته بشرر من تلك النظرات التي لم تريحها قط :



_", قصدك ايه يعني؟؟''



_" اللي بعده !"



أشار لها هو بيديه كي تأتي ببعد هذا القول ، ماذا بعده ؟ وماذا يريد ، نهضت بعصبيةٍ تهتف بـ :



_" دا كل اللي عندي ودا أخري معاه ، اللي  بتحاول توصل ليه مش موجود ومحصلش من أصله !"



رفع "غسان" رأسه يشملها بنظراته وقال وهو يحرك رأسه نفياً بعدم اقتناع من اندفاعها بمثل هذه الطريقة :



_"مش مقتنع "



ونهض هو الآخر يضعها تحت تهديد وقال بعكس ما بداخله :



_" وأنا ونيروز انفصلنا وكل واحد راح لحاله ،  تشوف حياتها عادي ربنا يصلح حالها ، يعني ولا كأنك قولتيلي أي حاجة ، مخسرتيش بس غير اني بإيدي أضيعك دلوقتي عند أهلك باللي سمعته ، بس مش هعمل كدة "



وواصل وهو يخرج الحساب يضعه على الطاولة مع قوله :



_"ولا كإنك قولتيلي حاجة ، دا بإعتبار لو كنتي قولتي كل اللي عندك ، لكن لو في حاجة مخبياها فأنا مش هقعد أتشرطلك وأهددك ، لأ "




        
          
                
وأشار بيديه وهو يضع ما بيديه الٱخرى بجيب بنطاله :



_" ميهمنيش"



سارت بجانبه بصمتٍ وهي تسمع بقية حديثه عندما خرج من الباب :



_" اما بقا لو افتكرتي حاجة فأنا في الخدمة !"



وغمز يكمل قائلاً بتسليةٍ للفتك بأعصابها وأفكارها :



_" عشان جدع "



لمح لها بشئ سلب منها تركيزها !! ، لو تعلم أن قولها هو أكبر شئ سيجعله لا يمس "حسن" بسوء لقالت الٱن بينما اخذت هي عنه الانطباع هذا بكل النواحي لذا ترددت ، ركبت السيارة بجانبه بصمتٍ دون رد ، بينما هو تركها وضرب بكل ما قاله هو لها عرض الحائط ، وخمن عودتها له في اللاحق بمثل هذه العودة!!!



عودتها له مره أخرى أو عدم عودتها فهذا أصبح غير مهم لديه، واستطاع ان يجعلها تغفل عن ذلك بعدما أخذ منها المضمون في هذه المقابلة المهمة و الذي جعل النيران تندلع بداخله وداخل عروقه الٱن بعدما علم ٱخر خبر كان يتوقعه بهذه الظروف وكأن هذا ينقصه ، بارع في اخفاء ذلك وفي ارتداء ثوب وقناع ليس له من الأساس ، على الأقل ظهرت ابتسامة صغيرة الٱن منتصرة على شفتيه بعد هذه المواجهة  التي كانت بينه وبين ٱخر شخصية لا يتوقعها أبداً  باعتبار أنه لايوجد بينهما أي تعارف من قبل ، وبالنسبة  له  كانت هذة المُقابلة لديه بمثابة كنز ثمين!!!



ظنت الآخرى وقاربت على ان تقتنع بقوله الغير مبالي بـ "نيروز" ، وحرك الأفكار والشكوك برٱسها ، وسألت نفسها ، هل كل ما فعلته ذهب هباء ؟؟ وان قولها وحديثها له لم يفيده.؟؟ وجعله يضغطها بشئ هي  من بدأته دون تفكير؟؟ .
____________________________________



داعب الهواء بشرتها بملامحها الهادئة النقية ، حتى نظرة عينيها خاوية من أي شئ ، وبعد انفجار عقلها وشدة أعصابها أو حتى احتراقها لم تتحمل في النهاية بأن تظل كذلك وهي الٱن مع والده !! ، بل استسلمت واخترق قلبها بسهم الندم ،. الندم التي تشعره وشعرته منذ ان ردد لها كلمة الطلاق ، علمت ان عقلها وطبعها لا يُعرف بسهولة ، وانها لم ولن تستطيع أن تفارقه بينما وجدت ان هذا الصواب لا غيره وستصر على ذلك!!  تيقنت بأنها مُعقدة به ، مُعقدة بحبه التي لا تستطيع ان تتركه وتترك مشاعرها ، ظنت انه شئ سهل بإعتبار أنها تخلت بسهولة أو هكذا تصنعت بأنه بسهولة بينما من الداخل لم يكن كذلك أبداً !! ،  جابت عينيها المبني من على بعد بعدما التفتت فوجدت "حامد" يلاعب "يامن" ومازال ينتظر منها بأن تتحدث ولكن عندما تركته ووقفت تنظر بمفردها ، تركها ربما هذا سَيُريح من نفسيتها قليلاً ..



إبتسمت "نيروز" عندما وجدته ينظر لها بإهتمام وكأنه يسألها بعينيه فأومأت تخبره بنبرة هادئة :



_"  نرجع المحل تاني!"



سألته ورفع هو رأسه يبتسم لها وهتف بلطفٍ :




        
          
                
_"نرجع وماله ، بس بقيتي أحسن ؟"



ابتسمت بتكلفةٍ وهي تومأ له واقتربت تعود معه وبالفعل سارت بجانبه بخطوات هادئة إلى ان تخطى الثلاثة الطريق ، وتم التوجه  بالقرب من ناحية المحل  ،  ودخلت خلف "حامد" ولكنها  قبل أن تدخل سمعت صوت سيارته تقف فإلتفتت تنظر وتوجعت مرة أخرى ما ان رأتها بجانبه إلى الٱن كتمت دموعها ونهرت نفسها  على ان تلتفت ودخلت تنظر نحو الفتيات تتحمل هذا الوجع الذي احتلها  ، لاحظت "جميلة" دموعها العالقة بيما تصنعت هي بالإنشغال بأي شئ و على بعد رفع "حامد " رأسه ينظر له عندما دخل المحل فحثه على الآقتراب ليجلس :



_''تعالى أقعد ، اتأخرت ليه النهاردة ؟"



_"كان ورايا شغل كتير!"



هل يخدع والده ؟ ان خدعه فكيف يستطيع ان يخدعها هي ، هي التي تابعت كل شئ ، ارتجفت يديها واعتدلت رغم الانظار عليها ، ولكنها ابت ان تظهر هذا الضعف وقاطعت مسك "فريدة" للصينية وهي من امسكتها كي تقدم لـ "حامد" الشاي ، وأخبرتها قائلة بهدوء تقطع عنها التوجه والإقتراب :



_"سيبيه هوديه أنا "



تركته "فريدة" وانصاعت لها توافقها ، وحملته "نيروز" وخلفها الثلاثه يقفن يتابعتن هذه التي اقتربت ووقفت تتحلى بثباتٍ زائف وحتى البسمة المصطنعة وهي تميل لتعطي "حامد" الكوب بقولها :



_" اتفضل الشاي يا عمو!"



تفحصها "غسان" بنظراته ، ولو تعلم هي بأن هذه النظرات ما هي إلا نظرات اشتياق ! وألم الهجر والبعد !، دار وجهه عنها يتصنع التجاهل وابتلع ريقه يسمع قوله والده لها بحبٍ :



_" تسلمي يا حبيبتي!"



ابتسمت ابتسامة وظهرت انها باهتة رغماً عنها واعتدلت تقف وهي تتمسك بالصينية ، تفحصته هذه المرة بعينيها بينما كان هو لا ينظر ناحيتها ، انتهزت الفرصة وانشغلت بتعبٍ  به هو ، عينيها عالق بها أسئلة كثيرة جداً التقطها "حامد" الذي نهض بخفةٍ يشير لهن بتركهما معاً ربما يوجد هناك أمل!!



أما هو فلاحظ خروجهن لقليل بالخارج حتي الباب قد أُغلق ولكن ليس بالكامل ،. رفع رأسه ينظر ناحيتها فوجدها تتأمله ، ما بين نظرات لوم وعتاب وربما تقزز من ما فعله بجهلها عن ما يُدبر لها من خلفها! مسكينة؟؟،



تنهد يخرج أنفاسه ولاذ له تفحصها له بصمتٍ مُريب ولا تعلم كيف اصبح بهذا القرب عندما وقف أمامها فخرجت من هذا الشرود ويديها المتمسكه بالصينية ترتجف وسمعت قوله الساخر يسألها عن قرب :



_"وحشتك ؟"



رُبما هذا السؤال ساخر جدًا ، أو قصد بأن يظهره كذلك ، ما لا يعلمه بأنه خرج منه بإنهزامٍ مُوجع للغاية ، اما قلبه وعقله فهما مشتتان الٱن بما سمعه من الٱخرى ، لا يثق بها ولا بعائلتها ولكنه بنفس الوقت كيف سيسمح في أن يفكر بها غيره لطلب الزواج حتي وليس الزواج بالفعل؟ مشاعر صعبه تلبسه هو لا يريدها من الأساس ، ظن أنه سيتألم من البعد والٱن تثقل الضغوط عليه وأغلبها منها ومن ما يفكر وما سمعه !! ، هل تركها للنهاية؟؟ أم سيردها كي لا يستطع أحدهم بمجرد التفكير لزواجها ؟؟. كيف؟ وهي تحمل صغيره بداخلها ؟؟ وعدتها طويلة ؟؟. ما الذي يمكن فعله مع ذلك الذي يتشبه بالرجال وهو بعيد كل البعد عنهم، مشاعر متضاربة ..كما كانت مشاعرها تماماً وهي تسمتع لسؤاله ، بما ستجيب ؟ بنعم ؟؟ مستحيل ! ،، لوت "نيروز" شفتيها بإستنكارٍ مؤلم وتعمدت القسوة والفتور في الرد عندما هتفت بـ :




        
          
                
_" تبقى غلبان لو فكرت انك وحشتني!"



اتسعت ابتسامته وداخلها عكسها تماماً ، ضغطت على أسنانها بتحملٍ لهذا  ، بينما  ردد هو علي قولها بحديث  مُتهكم :



_" وأنا مش غلبان ، انتِ اللي غلبانة وأوي كمان!"



صمتت وتحلت بالصمت ، فتحرك هو يسألها بنبرةٍ جادة مجدداً :



_" ايه الموضوع المُهم اللي بيني وبينك وكنتي عايزاني فيه من شوية ؟!"



هل يتذكر إلى الٱن ؟ نهرت نفسها ورددت بأنه واجب التذكر عليه ، لمَ ؟ ولمَ خرج معها وتركها ثم عاد يهتم ؟؟



_"موضوع يخصك انتَ وانت المستفيد ، لأن لو يخصني فأكيد مكنتش هرد عليك بعد ما مشيت وجيت بمزاجك ، كنت استني ارد بمزاجي زي ما عملت بالظبط !"



جعلها تشعر بالضيق؟ إعتدل بترقبٍ وضغط على غيرتها بقوله الٱتي:



_" الحاجة اللي معايا مكنتش تقدر تستنى ، لكن انتِ موجودة فأي وقت !"



هل هذا قول مستفز ؟ أم إهانة ، اندفعت تردف بانفعال وهي تشير بالصينية التي بين يديها :



_" يعني ايه موجودة فأي وقت دي ؟؟ انت ضمنتني؟؟؟"



استطاع هو  أخذ هذا الرد المنفعل منها كي يكمل الآتي إقترب يأخذ الصينيه من بين يديها ليضعها على الطاولة واعتدل يرد عليها بنبرة هادئة جادة هذه المرة رفض بأن يخرج بها وجعه منها :



_"شوفتي لما تحسي إن اللي قدامك ضامنك بعد ما تفوقي بتتدايقي ازاي؟؟، حسيتي بوجعي وأنا شايفك ضمناني فكل وقت وكل مره ولا لسه محستيش؟؟"



وعارضت بقوة أشبه بنبرةٍ باكية تخفي خلفها الانهيار:



_" أنا مضمنتكش!!!"



_" لا ضمنتيني ،وأوي كمان لدرجة إنك فضلتي تقولي طلقني وانتِ واثقه اني مش هعملها ، واتصدمتي لما قولتهالك حتي لو كنتي عايزه ده !!"



واجهها بالحقيقة الموجعة ، ابتلعت ريقها بإرتباكٍ ظهر علي ملامحها وحبست دموعها بينما تحشرجت نبرتها وهي تسأله بوجعٍ  واضعه كفها علي وجهها والٱخر على معدتها :



_" انت عاوز ايه مني!!"



نبرة مستسلمة كهذه ستجعله يرد عليها بأنه لا يريد شئ سوى اندفاعها بداخل أحضانه وبين ذراعيه ومن ثم يروي عطش الشوق لها ! ، بينما نهر كل ذلك ورفض واعتلاه الكبرياء بتغير ردات فعله في كل مره وعكس كل ذلك بـ :



_"انتِ اللي عايزه مني مش أنا !"



لم تشعر بأن دمعتها قد هبطت وخانتها بينما رفضت مثله الضعف واكدت قوله قائلة بكبرياء أنثى :



_", عندك حق "



وأضافت بعدما ابتلعت ريقها وجلست على المقعد تريح جسدها بمنتهى الثبات أمام بُنيته الداكنة التي تراقبها بقوة :




        
          
                
_" أنا اللي محتاجاك عشان بعد كده  مبقاش محتاجة حاجة منك !"



لم يفهم "غسان" قولها ولكنه وقف ينتظر الٱتي أما هي فتنفست بصوتٍ عالٍ تخيرة بكبرياءٍ :



_" يا تاخد تمن  المحل يا تاخد المحل وميبقاش ليا فيه حاجة!"



هل تعمدت التقليل من شأنه ؟ ،  التزم الصمت وجلس يستند بإنتظار  ، فأضافت سريعاً تكمل وهي توضح:



_" مهما كان دي كانت هدية بينا فيوم من الأيام ، وعشان هدية كبيرة اوي كدة فأنا مش هقبل ده دلوقتي ، فإختار !!"



نفى "غسان" بشفتيه وغمز يرفض ذلك بـ:



_" تؤ ..أنا مبتخيرش ولا باخد فلوس هدايا من حد ، أنا بشفق بس!"



عقدت ما بين حاجبيها وسألته تنفي ما جاء بعقلها :



_", يعني ايه ؟"



_" يعني بشفق عليكي علشان انتِ عقلك تعبان ..فـ هسيب ليكي المحل ده تاكلي منه عيش بس مش عشانك ، دا عشان اللي فبطنك وعشان ده أكل عيش ناس تانية معاكي هنا !"



اندفعت تقف وأشارت له بانفعال عمل على خروجه بكلماته :



_" أنا مش محتاجة صدقة من حد "



ووقف هو الٱخر ببطئٍ ينفي بابتسامة هادئة ووضع  كفه بجرأة على معدتها وقال :



_"دي مش صدقة دي عشان اللي فبطنك ،و اللي مني ، أكيد هيحتاج مصاريف غير اللي هساعدك بيها وملزومة بيها مني والنص التاني بتاع بنت عمك والباقي لبيت ابويا!''



كيف رتب لكل ذلك ، ابتلعت ريقها وبعدت عن محور الحديث وهي تنفض يديه بعيداً عن معدتها وقالت تحذره بإشمئزاز :



_" ابعد ايدك دي عني!!"



نفض يديه منها بهذه الطريقة بمثابة وجع ٱخر ، وهو من جعلها تفعل ذلك ، اعتلى صدره بانفاسه التي تخرج وتدخل واقترب أكثر منها. ووقفت هي تتحلى بالثبات حتى بعدما قال يخبرها :



_"انتِ ناسية انه حقي وانك فى عدتي؟؟"



إبتلعت "نيروز", ريقها بطريقة ملحوظة ، فإقترب هو أكثر حتي  رجعت تصطدم في الطاولة وأكمل في جرأته عندما واصل بجملته الٱتية :



_"وحقي كمان أعمل أكتر من كدة!"



وازداد القرب وهي تقف بخوفٍ تتوتر ويظهر الارتباك علي معالمها وأضاف مجدداً بهمس هذه المرة :



_" زي اني أردك  مثلاً "



كادت أن تتعتر قدميها وتقع الطاولة خلفها بينما هو حاوط خصرها بذراعه ودفعها ناحيته أكثر حتى إعتدلت في وقفتها بخفقات قلب عالية ، بينما لم يتركها  هو وابتسم ابتسامة عبثيه يسألها :




        
          
                
_" ايه رأيك في حقوقي؟"



نفضت "نيروز"  ذراعه وحاولت التملص وهي تدفعه بقوةٍ مرددة بتعنيف :



_" دا فـ أحلامك ، ابعد ..ابعد عني وابعد ايدك المقرفه دي ، اللي يخليك تخرج مع واحدة غيري يخليك تعمل الأكتر من كدة ، بتحبها ؟؟ هتتجوزها صح؟؟ ومسكت ايدها كمان ؟؟"



اندفعت باقوالها تسأله بنبرة قوية ، نظر لها هو بتعجبٍ واندفع إلى الخلف منها ومن دفعها له ، فأحكم وقفته سريعاً وهو يستمع  لأسئلتها المندفعة التي ظهر بها الحدة والانفعال ، لا يصدق أن بعد هذا الانفعال دموع ، دموع غزيرة باستسلامٍ بعدما جلست بخواء على المقعد تخفي وجهها وكلماتها المتقطعة تخرج بوجع له تظهر له بعد ألم الخفاء القليل التي لم تتحمله رغم قصر الوقت بشعور الغيرة هذه:.



_"انت بتعمل فيا كدة ليه ؟؟ حرام عليك!!..أنا مش حِمل كل ده .. مستحيل ارجعلك لو قصدت تعمل كل ده عشان ارجعلك واقولك الكلام ده ..انت مبتحسش ومعندكش دم .وخاين وكداب"



وحركت رأسها بقوة من بين هذه الدموع ونهرته قائلة بإندفاعٍ ٱخر :



_".. انت كداب يا غسان!!!!"



كل هذا بنبرتها الباكية وهي تخفي وجهها أمام ذهوله واهتزاز ثباته ولم تتوقف  الي هنا بل  واصلت بنفس المشاعر والبكاء المؤلم :



_" قاصد توجع قلبي بكل ده صح؟؟ قاصد تركبها معاك العربية عشان تحرق دمي بوجودها معاك!! اختارتها عني قدامها ؟؟ فاكر لما خليتها تتأسفلي تبقي كدة رفعت راسي ؟؟ طب  لما  مشيت معاها مفكرتش انا ممكن أحس بإيه؟. مفكرتش بعد ما خليتني أحبك بسهولة وخليتني بردو أبعد عشانك تقوم تعمل كل ده ؟؟ ليه ؟؟ ده أنا بعدت عشانك قبل مني خوفت عليك ،  عرفت انك كداب وعمرك ما حبيت فيا حاجه!؟؟"



وجعته نبرتها ولومها التي مازالت الي الان تلقي عليه اللوم وتقلب كل الموازين عليه هو ؟؟ ، لمعت عينيه وسألها بنفس اللوم عند قول عدم حبه لها فأشار بإنكسار ناحية معدتها بعينيه وقال بسكون مؤلم :



_" وابني اللي فبطنك دا ايه يا نيروز ؟. مش حب ؟."



اندفعت تقف بانهيار أعصاب ونفت بأعين باكية حمراء :



_" لأ مش حب ،  مفيش حاجة اسمها حامل منك يبقي انت بتحبني ، ياما ناس سابوا بعض وهم لسه حوامل ، ومشوا او فضلوا ومبطلوش يأذوا فيهم زي ما انت بتحاول تأذي فيا كدة ،  مش كل حب بينتهي بجواز وعيال وخلفه ، في حُب انك متعرفش تشوف غيري ، حُب يعني تمسك حتى لو بان غير كده، انت عمرك ما فهمتني!!!!!!"



أرسلت له حجم كبير  من التشتت ، تجعله يندم ؟؟ أتعاتب نفسها ؟؟ ابتلع "غسان" ريقه بصعوبة وحرك عينيه اللامعة ناحيتها بإستسلام مؤلم وقال يرد على حديثها:




        
          
                
_", اديكي قولتي بنفسك ، حب يعني تمسك وانتِ اللي متمسكتش مش أنا ، أنا فضلت متمسك وانتِ اللي مكنتيش عايزه كدة ، لكن انا فعلاً معرفتش أشوف غيرك  ولا أذيتك زي ما بتقولي بالعكس انتي اللي اختارتي الأذيه دي وأذيتي نفسك قبل مني ، ظلمتيها وظلمتي اللي فبطنك بالقرار ده قبل ما تحسي وظلمتيني كمان !"



توقف وسألها بوجع شديد سؤال تجاهلته على الفور ولم ترد عليه:



_" قوليلي حاجة وحشة عملتهالك عشان استاهل منك كل ده!!!!"



سالت دموعها بغزارةٍ واقتربت تشير على نفسه بلومٍ ترد على حديثه الأول:



_" أنا هظلم اللي فبطني ؟؟ ابني اللي بحبه من قبل ما يجي ؟؟ هظلمك وأنا اللي حبيتك حب محبتهوش ولا عرفت أحبه إلا ليك وبس ؟؟. بلاش أنا ، أنا كده كده طول عمري بظلم نفسي ، بظلمها بالخوف وبظلمها بالاختيار وبظلمها كمان بالتعلق ، غبية عشان وثقت وصدقت وعدك انك مش هتبعد  بعد ما علقتني بيك ، رد !!! انا أستاهل كل ده !؟؟؟"



_"انتِ خونتي الوعد والعهد قبل مني ، قريب قولتيلي انك مستحيل تقدري تبعدي عشان ده !"



وانتهي قوله الساكن بإشارة يديه علي معدتها فتلقائياً تمسكت بمعدتها تتشبت ببكاءٍ بها وكأنه يذكرها بما تلومه به وهو لها من الأساس ..



_", فاكره قولتيلي ايه ؟ قولتيلي مستحيل تقدري تبعدي عشان حبل قربنا اتربط بالقوي ، حتي قبلها وكإنك كنتي حاسة ان في حاجة هتحصل ، مبتطلتيش تقوليلي أوعى تبعد عشان احنا حلوين مع بعض، قولتيلي كمان متعملش حاجة تكون سبب البعد بينا ، بس عارفه مين اللي عمل حاجة سببت البعد ؟؟؟"



صمتت "نيروز" بإنهزامٍ تستمع لوجعه وخفق قلبها من نبرته الموجعة عندما أشار يتهمها بصدقٍ تعلمه:



_" انتِ "



وابتسم هو  بإستهزاءٍ من هذا الحال ورفع رأسه يرد ساخراً من ما فعلته به حتى  مشاعره أُستهان بها :



_" وياريتها حاجة واحدة بس عملتيها!"



مسحت دموعها التي تهبط إلى الٱن ورددت بنبرة خاوية عندما وجدت كل اللوم يُلقى عليها الٱن دون قدرة منها على البراهين والتبرير :



_"احنا خلاص، مننفعش لبعض!"



وقف "غسان" ثابتاً بسكون هادئ ، فإعتدلت هي تتقدم إلى الٱمام وطرف عباءتها تعلق بالطاولة فرجعت إلى الخلف بإندفاعٍ ولحقها كفه الذي مسك كفها يدفعها برفقٍ ، تأوهت وهي تمسك معدتها بألمٍ فسألها بنبره هادئة قلِقَة حتى ظهرت لهفته رغماً عنه :



_" انتِ كويسة ؟"



هربت بعينيها الباكية ونفت قائلة بإنهاكٍ منه ومن هذه الظروف التي تجمعهم الاثنان وثالثهما الوجع بينهما :




        
          
                
_" لا ..وابعد عني مش عايزة اشوفك ، انت وجودك بيأذيني وبيتعبني ، حس بيا ، ولو عايزني ابقي كويسة انا واللي فبطني معتش تقرب مني حتي ولو بكلمة!!!"



حديث قالته رغماً عنها ، ابتلعت ريقها تخفي إهتزاز كلماتها الباكية ، اما هو فلا يعلم من اين اتى بهذه الطاعة أمام انهاكها وقال يجاريها بنفس الإنهاك:



_"ماشي يا نيروز اللي انتِ عايزاه!"



وأضاف ينبهها لبداية هذا الحديث الذي كان قد خرج منها وبرر رغم انه ليس من انصار التبرير ولكن أمام عينيها البريئة ينهزم وتتخبط طباعه وأقسى طبع لديه يلين أمامها ولها وحدها هي لـ "نيروز", وفقط :



_"وعشان تكوني عارفة أنا مش هرخص ولا هقلل من نفسي عشان أبقى قاصد اجيبها قدامك ،أنا لو عايز أعمل كده مش هتعرفي تتلمي على أعصابك ساعتها حتى ، عشان كدة مش محتاج اقولك ان دا مش ترتيب مني!!"



وجدت الصدق منه ولم تقتنع رغم شعورها بالقليل من الراحة وذكرته بقول كان قد قاله لها من قبل بقسوة :



_" مبقاش يهمني "



حديثها من حديثه لها في الشرفة وواصلت تذكرة بسخريةٍ موجعة :



_"زيك!"



حينها قد أكمل انه لا يهمه سوى صغيره التي تحمله هي ، أدمعت عينيها  مجدداً عندما ردد بخفوتٍ يصارحها :.



_" كنت كداب  وقصدت أكون كداب  ساعتها، مع اني بعرف اكدب يا نيروز !"



وأضاف يقترب ولبسته حالة الانهيار بمشاعره الموجعة:.



_" بس وأنا معاكي مبعرفش اكدب!"



إلتفتت واجهشت بالبكاء بصوتٍ عالٍ من هذا الضغط ، الاثنان عالقان بقوة وبالمنتصف المُميت هناك توجد رغبة الرجوع ولكن يأبى الطرفان..
-هو يأبى بسبب كبريائة الذي هزمه وجعه منها
-وهي تأبى بسبب رؤيتها لكل ذلك بعينيه ، فكيف ستعود وهو معها كذلك ؟ هل لم يستطع العودة كما كان معها من قبل؟؟
تلك هي العقبه الحقيقة الموجعة بالنسبة لنا جميعاً ..لانشعر بقيمة الشخص أو الشئ الا عندما يُسلب منا ، أحياناً يُسلب بمنتهي القسوة واحياناً ٱخرى يُسلب بمنتهى الهدوء حتي لا نشعر بزواله إلا فجأة  وبالتدريج تزداد المفاجأة !!!



حركت  "نيروز" عينيها التي غمرتها الدموع  والٱن كُشفت المشاعر واتضح السبب الذي يقف عائق رغم حب الاثنان الظاهر ، وأجابت بنبرة مختنقة ترد على حديثه بتأييد هي الأخرى :



_" أنا كمان مبعرفش اكذب ، بس خلينا نكمل في اللف والدوران على بعض ، خليك مكمل فكلامك وأنا كمان هصدق كدبك وهقول انك فعلاً مبقاش يهمك أي حاجة غير اللي فبطني وانك بطلت تحبني وقريب هتتجوز وهتنسي كل ده عشان راجل وليك احتياجاتك ومش هتقعد كدة زيي بس لو فكرت أعمل زيك حضرتك تردني ، فلما تردني معرفش أتجوز غيرك ولا اعرف اتطلق منك واعيش للي فبطني اربيه واخد بالي منه عشان متاخدوش مني لأم تانية غيري .. صح ؟ مش انت عايز كدة ؟ مش ده كلامك ليا ؟،"




        
          
                
لم تعطيه فرصة للرد بعد اندفاعها بكل ذلك بل  أضافت بابتسامة مستهزءة بنفسها :



_"و دا كذبك اللي أنا  هصدقة يا غسان !"



لم يكن يعلم بأن كل حرف أردفه لها تدخره وتتذكره بمثل هذا الألم. ! ، ولكنه ردد لنفسه بأنها وجعته أيضاً  لما لم يردد لها وعلى مسامعها بذلك مراراً وتكراراً ؟؟ ، ظهرت لمعة عينيه وقال يسألها بسكون:



_"نفس السؤال هسألهولك من تاني..عارفه ايه هى مشكلتك ؟؟"



اختنقت نبرتها وتوجعت بما فيه الكفاية من هذه المواجهة ، وكشفت مشاعرها بحبها له  وتحتسب شئ بسيط أمام ما كشفه لها كي تنظر بعين أخرى وليست عين المظلومة دائماً منه ، ردت باختناقٍ عليه وظهر حبها بقولها :



_" هكدب زيك عشان عايزه أسمعك يا غسان ، يمكن تكون  المرة الأخيرة!"



جوابه فعلته هي بجملتها الٱخيرة!! ، ولكنه عاد يرد وصارحها حينها بـ :



_" مشكلتك دايماً انك مندفعة ومتسرعة ، بس تسرعك ده فالٱخر بيجيب ندمك بأقصى سرعة  وساعتها بتعرفي كويس قد ايه انتِ كنتي غبية يا نيروز""



واضاف "غسان" بصراحةٍ ساكنة بعيدة كل البعد عن القصد بالسب :



_" ومازلتِ !!"



شهقت بتلقائة بصوتٍ خافت ، وحركت  عينيها بسكون وقبل أن ترد قاطعها هو ووضع إصبعه على شفتيها وداهمها بمحاصرته لسؤاله لها :



_" قوليلي ..مندمتيش على قرارك  وعلى اللي عملتيه ؟؟"



عجزت عن الرد حينها ، بما ستصارح؟ على أية حال تعلمت من مُعلمها الكذب ، نفت بخداعٍ برأسها تنفي فإبتسم يفهم خداعها وقال :



_" كدابة !"



_"حتي ولو كذابة ، فات أوانه الكلام ده !!"



وأضافت ترجع خطوة إلى الخلف عنه وسخرت منه بقولها الٱتي :



_" ولو كنت كذابة زي ما بتقول فأنا متعلمتوش غير منك !"



_"أنا مكدبتش عليكي فحاجة ولا حتى عرفت اكدب، كل حاجة كانت صادقة  مني ومعاكي، مش مشكلتي انك كدابة وشايفة الكل زيك ،  انتِ فاكراني كداب في مشاعري وحبي زيك بالظبط !!"



_" ونهاية دا كله ايه؟!"



كان قولها مبحوح من كثرة البكاء وحتى قوله واتهامه لها تركته ولم ترد عليه ، وكان رده عليها:



_"انتِ اختارتي نهاية كل ده من شوية!"



قوست "نيروز" حاجبيها بعدم تركيز ، فابتسم "غسان" بإنهاكٍ يُنبهها :



_" مش بقولك متسرعة !"



انتظرت قوله الذي تلى هذا ، قوله المنهزم عندما ذكرها بقولها بهدوء :




        
          
                
_" نهايته بُعدي عنك عشان وجودي بيأذيكي وبيتعبك ومش هقرب منك ولو بكلمة زي ما قولتي بالظبط !"



خفق قلبها بسرعة ، هل ستحرم حتي من كلماته حتي ولو كانت سامة ؟؟ ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وعقلها ينفي كل  الافكار التي جاءت بعقلها ولم يتركها بعدها بجواب ، وحتى هو لم يكمل بقول أي شئ ليريح هذا العقل الذي على وشك الانفجار لسبب واحد فقط !! للتفكير به !! ، ماذا فعل الهوىٰ بهما ؟؟
ماذا فعل الحُب لاثنان عجزت كل امور الحياة المنطقية فهم ما يجري بهما وفهم كل منهم للٱخر على الرغم من وجود الحب!!؟ ،ماذا فعل الشوق؟؟ بعد كل ذلك ؟ لم يفعل أي شئ سوى انه جعلهما يكشفان مشاعرهما بينما شيطان الحب موجود ولم يختفي ، الكبرياء؟؟ أحياناً يعتبره البعض شيطان !!
هو يعتبر شيطانها الكبرياء وهي كذلك ، والاثنان عالقان وعجزا عن وجود الحل للمرة الذي لا يعرف أياً منهما عددها!! 



إلتفت "غسان" بجسده كي يفتح الباب أكثر ، بينما هي وقف تتابعه بأعين لامعة ، لم تعد لديها قدرة على فعل أو قول شئ ، ولكنها هتفت للمرة الٱخيرة تصحح له :



_" حتي لو قولت ده فإنت مش هتقدر تعمل ده ، النصيب مخلي شُققنا جنب بعض وربنا أراد اني أحمل منك ، هتبعد ازاي ؟"



وبمتتهى الخواء الموجع للإثنان ، وقال قبل ان يخرج من المحل:



_"عادي هعملها طالما وجودي بيتعبك ، مش فارقة كتير اللي اتقال ..اتقال وخرج خلاص!"



هنا وقصد تركها على راحتها حين أن تضع حملها منه ، ما الذي بيديه كي يمكن فعله ،  شهور عدتها طويلة وهذا ما يلهمه الصبر ، حتي الصبر على "حسن" هو الٱخر ، ترك كل شئ إلى حين ٱخر ودخل المبني بوجعه منها وفقط!! وحتى هي هرولت لتصعد خلفه ناحية غرفتها قبل ان تأتي أي منهن لها تستجوبها من على بعد  ، لاحظ الكل خروجهما فجاء "حامد", معهن من  على بعد وحينها دخلت  "نيروز"  مهرولة تنتظر المصعد الٱخر كي تصعد ، تحث نفسها على التماسك لٱخر ذرة ، حين فقط دخولها لغرفتها حينها ستنهار ويتيح لهذا الانهيار المكبوت بالخروج!..



طالع "حامد" أثرهما بفقدان أمل وتمكن الحزن منه على حالهما حتي ظهر علي ملامحه التي رأتها "فريدة"و"فرح", بينما صعدت "جميلة"  تهرول خلف"نيروز" !! ، سمع ٱذان المغرب فأمسك "يامن", كي يأخذه  معه وأخبرهما مُردفاً :



_" هروح اصلي ، خلي بالكم انتم على ما ارجع!"



أومأت "فريدة" ودخلت"فرح " بعدها بحزنٍ على ما حدث بجهل منهم ، فالوضع وتعابير الوجه تشرح نفسها !!



_________________________________



بعدما فتح "حازم" الباب دفعت الكل من أمامها وهرولت ناحية غرفتها بسرعة فائقه ترفض أي شئ ، انتهت بإغلاق الباب بقوة ترفض فتحه لأحد ، تحت دقات "وردة" و"ياسمين" لها ووقوف "حازم" وهو ينظر بغير فهم ، بينما  خفق قلب "سُمية" بخوفٍ وجلست تضرب ركبتيها بحسرةٍ من حالها الذي عاد وخافت حدوث أي انهيار بعده !!




        
          
                
_"ليه كدة بس يا بنتي ، ليه حرام عليكي انا تعبت خلاص معتش فيا أعصاب لكل دا يعالم !!!"



واستها "عايدة" بينما "نيروز" لم تتمكن من كبت أي شئ وظهرت دموعها وانهيارها بالحزن أمامهم لذا  ركضت مسرعة  ناحية الداخل ، دخلت "جميلة", تهرول من الباب تتوجه ناحية غرفتها تدق هي الٱخرى معهم بصوتٍ عالٍ كمثل نبرتها في قولها الٱتي بخوفٍ :



_" افتحي كدة يا نيروز ، بالله عليكي افتحي وريني نفسك ، قوليلي طيب حصل  ايه ؟ عملك حاجة.؟. ردي عليا عشان خاطري!!"



استمرت "وردة" في ان تدق عليها الباب ولما تسمع اي واحدة منهن إلا صوت شهقاتها العالية بتمزقٍ وصوت البكاء ، بينما ترقبت أنظار"ياسمين" لقول "جميلة" فآندفعت  تسألها بنبرة ليست هينة بالمرة:



_"هو مين ده ؟؟ متقوليش انه غسان ؟؟ هي قابلته تحت؟؟"



أكدت "جميلة" شكوكها فنظرت "ياسمين" بغضبٍ ونهرتها قائلة :



_" وسيبتيها معاه ؟؟ انتِ مشوفتيش حالها من كام يوم  كان عامل ازاي؟؟ هو احنا كنا ناقصين ؟؟؟ انتِ بتفهمي ولا غبية ومبتفهميش؟؟؟؟؟"..



تجمعت الدموع بمقلتيها من هذا الهجوم ، وإعتدلت "ياسمين ", أمام عينيهم كي تتوجه ناحية باب الشقة لتتجه ناحيته بينما قاطع سيرها مسك "حازم" لمعصمها وهتف محذراً لها :



_", انتِ رايحة فين ! ، ملكيش دعوة باللي حصل !!"



حاولت دفعه عنها بعنفوانٍ وقالت بشراسةٍ رغم امساك جسدها من "عايدة":



_" وسع كده ، عايزني اسكت  ازاي؟؟ لازم اروح اشوف  هو عملها ايه وايه اللي خلاها تيجي بالشكل ده وتقفل علي نفسها وتقطع نفسها من العياط !!"



أحكم "حازم" مسكها وقال محذراً مرة أخرى عندما وجد "سُمية" تنهض تمسح عينيها بعجالةٍ تبحث عن حجاب رأسها بعينيها :



_'' ملكيش دعوة قولتلك ، انتِ ٱخر واحدة تتدخلي سامعة ؟؟؟"



وأضاف يسحبها أكثر كي يدفعها لتجلس على المقعد تحت سيطرته:



_" اقعدي ومتتحركيش من مكانك بدل ما رد فعلي ميعجبكيش ، أمك هي اللي هتتصرف وانتِ هتفضلي هنا وأي حرف منك بعد كلامي ده مش هيحصل!!"



كادت أن تتحدث بينما احتدت عينيه ينهرها وهو يشير لها بكفه :



_" بـــس اسكتي ، ولا كلمة !"



تشنجت ملامحها بغيظٍ وضجر شديد بينما انفردت "جميلة" بركن ما بنفسها  تبكي من حديث "ياسمين" لها وبالٱخري بسبب فقدان أملها بعدم فتح "نيروز" الباب ، ولكن تحشرجت نبرة "وردة", أمامهم عندما استمرت دون يأس في طرقها على باب حجرتها وقالت تحثها بلهفةٍ :



_" افتحيلي يانيروز ، افتحيلي أنا طيب عشان خاطري وبلاش تعيطي بالشكل ده ، خافي على نفسك بالله عليكي ومتعمليش كده !"




        
          
                
ومن ثم بعد ذلك خرجت"سمية" وهي تضع حجابها على رأسها وخلفها "عايدة" بينما بقى "حازم" معهن يحاول هو الٱخر فرض أمره على زوجته ومساعدة "وردة" في ان تفتح "نيروز", لهم الباب !! 



_"براحة بس يا سُمية واستهدي بالله!"



رددتها "عايدة " بقلقٍ من اندفاعها بهذا الشكل ، تركتها "سمية" هذه المرة دون رد ورفعت يديها تدق باب شقة "حامد" حتى فتحت "دلال" الباب  وتفاجأت من ملامح "سمية" التي سألتها بنبرة جاهدت بها الثبات:



_'' ابنك فين يا دلال ؟؟"



تعلثم لسانها من هذا السؤال المندفع فأشارت لها فقط على الدخول، فدخلت "سمية" وخلفها "عايدة" واغلقت "دلال" الباب ، وحينها ردت عليها بنبرة هادئة تسألها بقلقٍ :



_" في ايه يا سُمية ، ايه اللي حصل ؟!"



_" اللي حصل اني عايزة اشوف ابنك اخره ايه فكل المواضيع دي ، أنا ساكته بقالي فترة وبقول يا ستي عدي ، يستي ياما بيحصل مشاكل وبتخلص ، لكن اني احاول اسند بنتي وابعدها عن أي ضغط ويجي هو فلحظة يخليها منهارة وتروح تقفل على نفسها من تاني واحنا لسه من فترة  كنا بنحتاس فيها وفحالها يبقي ده ميرضيش حد أبداً ، أنا بنتي مش حمل كل ده يا دلال وابنك  حتى مش مقدر ولا حاسس ، دا حتى مش مقدر انها حامل وسايبهالي بالشكل ده ، أنا بقيت أخاف على اني  افوق فمرة ألاقيها سقطانه من اللي  بتعمله في نفسها بسبب ابنك!!!!"



داهمتها بأقوال كثيرة ، وتفاجأت "دلال " من هجومها بمثل هذا الخوف ماذا فعل الٱخر بها ؟؟ ، تعالت الأنفاس وكانت الساحة بمثابة كائنات تحارب فقط لأجل فلذات كبدها من خطر  كائنات أخرى ، او لربما من خطر فريسة تود النيل من الأبناء ! ،فطرة ؟؟ "فطرة" .



ابتلعت "دلال" ريقها وحاولت على ان تهدأ الوضع بعدما خرجت "وسام" من غرفتها تستمع إلى كل ذلك ، ووجدت نبرة "والدتها" تخرج وهي تحث "سمية", بقولها الهادئ :



_" طب تعالي نقعد كده بس واستهدي بالله ، وهناديلك غسان زي ما تحبي، تعالي اقعدي ، تعالي يلا انتي وعايدة واستغفري ربنا كدة مش عيالنا اللي هيوقعوا بينا يا سُمية ويخسرونا بعض!!"



اتجهت معها "سمية" و"عايدة" للجلوس وقالت الأولى تنفي قولها :



_" مقولتش نخسر بعض يا دلال ، بس أنا حقي  اني أخاف علي بنتي ، زي ما حقك بالظبط تخافي على ابنك وتزعلي عليه وعلى زعله ولا ده محصلش؟!"



_"لا حصل ومش هنكر ، معاكي حق فكل كلامك ده ،وانا زعلت فعلاً بس زعلي وزعلك ده انا وانتي عارفين انه ملوش اي تلاتين لازمة لأننا منعرفش لحد دلوقتي ايه اللي جرا بينهم ، وتاني حاجة مينفعش زعلنا على عيالنا يأثر بينا وبعلاقتنا ، انتي اختي يا سُمية وبدل ما نقول ابني وبنتك الأصح نحاول نصلح بينهم لو في حل!"




        
          
                
زواج الجيران والأقارب من أكبر العقبات بهذا المجتمع! مشكلة وحلها صعب ، بعد كونها عقبه كبيرة ومهما كانت المشكلة صغرى  فتكبر هي مع الأطراف الذين حولهم !! ،  أخرجت "سمية" أنفاسها واخفضت رأسها بعدما هبطت دموعها وصرحت لها بتعبٍ :



_" أنا عمري ما ازعل ولا اشيل منك يا دلال ، أنا كل زعلي علي بنتي  ، نيروز مش كويسة وبتعاني وأنا عاجزة مش قادرة أعملها حاجة ، محدش هيحس بيا غير لو اتحط فمكاني ، انتِ اكيد حاسة بيا ، بس انا شيلتي أكبر منك ، ابنك راجل ومسئول وبإيده يعمل حاجات كتير انما بنتي ليها ماضي صعب بخاف منه يرجعلها ، وكونها حامل دي مسئولية اكبر عليا وفي الأول وفي  الٱخر بنت مهما حصل هي اللي بتضر بسبب  نظرة الناس للحال، انا ليه اندم اني جوزتها؟؟ مع ان ده الصح ؟؟ طب هتزعلي لوقولتلك اني شايلة من ابنك عشان مجاش علطول يقولي انتي بنتك عملت واحد اتنين تلاته ساعتها لو بنتي غلطانه هقف فصفه وهفهمها غلطها بطريقتي ، بس ميسبهاش كده يا دلال ، ولا يسيبنا لدماغنا هو وهي !! ، انا ليه اراجع نفسي واندم اني وافقت عليه ؟؟ هو ده طيب اللي هيصونها ؟؟ دا أنا قايلاله بعضمة لساني دي ، ان انا عاطياك حته غالية من قلبي اوعي تفرط فيها  بالساهل !!"



حكمت بفطرة الأم !! وبتلقائية تأخذ صف ابنتها ! ، طبيعي اذن ؟! ، حركت "دلال" رأسها بأسى  ودافعت عن ولدها قائلة بنفس الحسرة:



_" فكرك غسان يعني مبسوط ؟ انا ابني مش كويس من ساعة اللي حصل وموجوعة عليه نفس وجعك على بنتك ، بس قوليلي كده ازاي هنحكم عليهم واحنا مش فاهمين حاجة ، أو ازاي بتندمي يا سُمية وانتي مش عارفة اذا كان ابني غلطان ولا مش غلطان ؟؟، وليه الندم وكل ده نصيب من الأول !!"



فاندفعت بعدها "سمية" تردد بنبرة باكية وبقوة تسألها بقهرٍ :



_'' والطلاق اللي بينهم ده بردو بقا النصيب خلاص يا أم غسان ؟؟"



كان رد "عايدة" هو الٱتي عندما حاولت التدخل بعقلٍ تهدأ من الإندفاع وتسكن من أوجاعهم :



_"صلوا على النبي بس كده ،  ان شاء الله خير وربنا عمره ما بيجيب  حاجة وحشه ولو وقفنا على رجل واحدة نقول خلاص  اتطلقوا ، وهم ليهم نصيب مع بعض بعدين يبقي ملوش لازمة ، احنا دلوقتي ندعيلهم ولو حد دماغه لانت منهم يفهمنا ساعتها ايه اللي جرا ولو في حل أكيد هنحاوله والباقي ده من عند ربنا ، اهدوا بس !"



وكان قولهما خلف بعضهما:



- "عليه أفضل الصلاة والسلام"
-"عليه الصلاة والسلام "



توقفن عن الحديث للحظاتٍ بينما دقت "وسام " غرفة "غسان" فلم تسمع صوته ولكنها سمعت صوت الماء بالمرحاض في الداخل ، لذا فتحت الغرفة واغلقتها خلفها تنتظر خروجة ،  وتحسباً لأي شئ اقتربت من المرحاض وقالت من خلف الباب تخبره كي يأخذ احتياطاته :




        
          
                
_'' غسان ، أنا مستنياك هنا فالأوضة، خلص بسرعة واطلع!"



سمع قولها من الداخل وميز صوتها وهمهم يوافقها وكل شئ يداهمه حتي دقات الباب على المرحاض عندما كانت تعجلة بتأفف ، صوتها  وهي تنهره في أغلب الأوقات بأنه مهمل يلقي ملابسة في كل مكان ! ، ابتسم بسخرية، واكتفى بكل الطرق في أخذ الوجع منها ، كل مره يتألم رغم انه يتوقع في كل مره بأنه هو من هزمها في الرد والوجع  الذي يلقيه لها فتأخذه ! الٱن سأل وبعد هذه المواجهة خصيصاً ..
- أي منهما وجعه أكبر ؟؟
-من  منهما تخطى لغيره الكثير وإلى الٱن يتحمل ؟
- من منهما تمسك بالهوىٰ ملبياً نظرية الحُب؟
- من بهما خان الوعد أولاً ؟؟
- أي منهما تمسك بالوعود والعهود بينهما ؟.
- أي منهما كان قلبه متسعاً ليأخذ من الحب ومن جهة أخرى يأخذ شوكه؟!
-من منهما المؤذي ؟؟
- من منهما القادر إلى الٱن على الأذىٰ؟



أمسك "غسان" رأسه بجوار  أذنيه بكلا كفيه وسالت دماء أنفه مع المياه كالعادة من ضغطه النفسي ، حاول أخذ أنفاسه وابتلع ريقه ، واعتدال ينوي الوضوء قبل ان ينتهي حتي يرتدي ملابسه..قرارات كثيرة تجرى أمام عينه ربما  سيقرر و سيكرر الرحيل مرة أخرى  بأخذ قرار موجع على البعض ولكنه وجد ان هذا الصواب !!،  انتهى من ارتداء ملابسه وأمسك المنشفة يجفف خصلاته ووجه ووضعها حول رقبته بإهمال وفتح الباب حتى وجدها  تقف خلف باب غرفته تستمع إلى الحديث بينهما في الخارج بقلق وتوتر من ان يتطور الوضع بينهم !! ،قوس حاجبيه ورمقها بطرف عينيه وسألها بجديةٍ :



_" مالك واقفة كدة ليه ، في ايه ؟"



ابتلعت "وسام "ريقها وأخبرته بقلقٍ :



_" طنط سُمية بره ، وكانت جاية محموقة ، بتقول نيروز قافلة علي نفسها من ساعة ما رجعت من تحت ، انت كلمتها ؟!"



يعلم انها أخرجت كبتها بالآنفعال والاقوال حين مواجهتهما معاً لذا لا يتأكد من حدوث انهيار ، ورغم القلق الذي اعتراه الا أنه أجاب على سؤالها الٱخير مختصراً :



_" ٱه "



حركت عينيها بعشوائيةٍ وهابت ان تسأله خاصةً بالفترة الٱخيرة أصبح حساساً تجاه أي حديث يحمل معنيان !! ، ولكنها قتلت التردد وسألته مُردفة  بخوفٍ :



_" طب انت عملت فيها حاجة فعلاً ؟؟"



نظر لسؤالها بغير تصديق ، بماذا يمكنه ان يفعل بها ؟ ، ٱخرج أنفاسه وقذف المنشفة يسخر منها بسرعة بدلاً من الاندهاش:



_" انتِ عبيطة يا وسام ؟؟  هعمل فيها ايه ؟ محصلش حاجة بينا غير كلام  !"



التزمت الصمت واتجه يمشط خصلاته أمام المرٱه بغير اهتمامٍ وملامح وجهه تتشنج بغيظٍ من ما يصل لمسامعه من الخارج! حديث نساء ؟؟ ، ترك المشط واقترب يفتح الباب غير مبالياً برفض "وسام " بحرصٍ ، ولكنه خرج وعندما فتح الباب ظهر أمام أعينهم ووقفت "سُمية" بإندفاعٍ ، وتلاقت الٱعين بصمتٍ بينما هو رأى دموعها على وجهها فهدأ قليلاً يراعي حالتها ، ترجته "دلال" بنظراتها فنظر لها دون رد وسمع قول "سُمية" :




        
          
                
_"عايزاك فكلمتين يا غسان !"



ابتعدت "دلال"مع "عايدة" وسحبتها معها ناحية المطبخ ، ووقفت "وسام" في الخلف ، وقبل ان يرد عليها  إلتفت يشير لشقيقته بأمرٍ هادئ :



_" البسي حاجة عليكي وروحي شوفيها !"



وكان الاندفاع من "سمية" بغير وعي :



_" مش لما تفتح لنا الاول ، عملت ايه في بنتي ؟؟؟"



ضغط على فكه  بتحملٍ من تهمتها له ، وتجاهلها وحرك رأسه مجدداً ورفع يديه يشير لها في التوجه لـ "نيروز" ,  انسحبت "وسام" ترتدي"خِمار" والدتها عليها حتي خرجت من الباب وأغلقته خلفها ، بينما هو إقترب من الأريكة التي توجد بالصالة وأشار لها يتعمد احترامها رغماً عنها :



_" اتفضلي!"



جلست "سُمية" بتعبٍ وجلس أمامها ينتظر قولها بصبرٍ قرر التحلى به ، ولم تنتظر هي قوله كي تبدأ الحديث بل بدأت هي تردد :



_" نيروز جاية من تحت معيطة وجرت قفلت علي نفسها ورفضت تفتح لحد ، انا عايزة افهم في ايه بيحصل معاكم بالظبط وعملتلها ايه؟؟؟"



وقبل ان يياشر حتي بخروج نبرته للدفاع عن نفسه انفجرت هي باكية بحرقة مرددة كلماته الٱتية وكأن طاقة تحملها انتهت عند هذه النقطة :



_" قدك هي ؟؟ قدك يا غسان وقد عنادك دي يبني ؟؟ حرام عليك البت حامل ومش حِمل أي حاجة من دي ، أنا تعبت واستحملت كتير ، اش حال ما انا مفهماك الوضع وحكيالك واخدت منك وعد بعد كل ده انك مش هتيجي عليها ولا هتوجعني فيها بقا كدة ؟؟ ليه ؟ ليه مجتش من أول خلاف بينكم تقولي نيروز بنتك يا ست سمية عملت وعملت وعملت ؟ كنت هرفضك يبني ؟ كنت هقولك لا مش عايزة اسمعك ؟؟؛"



رفع "غسان" عينيه ينظر لنحيبها ، وتنهد يخرج أنفاسه يخبرها بما يراه ويقنتع به :



_"مش كل   مشكلة كانت تبقي بين الواحد ومراته تنفع تتقال ، اظن في حاجة اسمها أسرار بيوت !!"



إلى الٱن دافع ويدافع عن صورتها بما فعلته حتى من أقرب الناس إليها , ومن ناحية أخرى لا يثق بها ان علمت فلربما تجبر ابنتها على الصلح وستجعلها تقدم على الاستمرار وهى الٱخرى ترفض ورأى الرفض بعينيها كيف سيجعلها معه رغماً عنها ؟؟؟ ، إندفعت مره أخرى تخبره بضعفٍ وهي تمسح بكفها دموع عينيها :



_" لا في حالات معينة لازم نعرف ، أو طالما انتوا مش عاقلين كفاية يبقىٰ تعرفونا الدنيا بينكم ماشية ازاي !!"



صمت يري اندفاعها وتسرعها بالحديث ، مثل ابنتها؟ سأل نفسه واعطاها هي مبرر ، تحت مسمي الفِطرة ، وابتلع ريقه ورفع رأسه ينتظرها كي تنتهي بكل ما تريد قوله ، وبالفعل واصلت تكمل بتعبٍ ٱخر :



_" انا مش هسمح لحد يجي على بنتي ، كفاية أوي اللي فيها ومش هشهدك على اللي حصلها عشان انت بنفسك شوفت اللي جرالها وهي مهدتش ألا معاك ساعتها ، لو هتفضل تشد وترخي حتي بعد ما رميت عليها اليمين وتقابلها  تزعلها بكلمة أنا اللي هقفلك يا غسان ، عشان بنتي مبقتش ضمناها ولا ضامنة صحتها دي ..دي ممكن تطب ساكتة مني فمرة واحدة من غير ما أحس ، نيروز مش زيك ولا زي اخواتها وأنا معطتهاش ليك عشان تلعب بيها شوية وترجعهالي  تعبانة ومعاها مسئولية هي نفسها مش واعيالها لحد دلوقتي بسبب طلاقك ليها!!!"




        
          
                
وتحمل هذه الكلمات أيضاً ، إلى ان انتهت وقال بصبرٍ شديد يخبرها :



_" بنتك اللي طلبت الطلاق!"



وأضاف يدافع عن نفسه من أقوالها هذه :



_", وأنا مش راجل لمؤاخذه عشان ألعب ببنات الناس ، وانتِ قولتي انك لحد دلوقتي متعرفيش اللي انتِ عايزة تعرفيه ووصل الحال لكده ، فمتلومنيش على حاجة انتي مش فاهمه فيها مين الغلطان ، ورجعت وقولتلك ده نصيب ، بس مترجعيش انتي تقوليلي إني بأذيهالك ومرجعالك بمسئولية انا شيلت ايدي منها..انا مش هخليها محتاجة حاجة ومخليتش ايدي من حاجة ومش محتاج ابررلك أكتر من كدة!!"



_" وأنا مش عايزة كده ، أنا عايزة بنتي بيتها يتصلح وميتخربش بس مش جيالك عشان اقولك رجعها ، أنا جيالك اقولك لو ناوي على الحال ده ، يبقي ترجع عنها وملكش دعوه بيها !"



اغتاظ من لهجتها ، واعتدل ينظر ناحيتها يسألها بإستخفافٍ :



_" وانتِ شيفاني عملتها ايه وانتِ عجزتي عن انك تداويه ؟؟، رجعت فيوم  زي ما حسن رجع وخلاها تصرخ ومحدش عرف يعملها حاجة ؟؟ ولما سألت كله سكت ومقالش  الحقيقة ؟؟ ، طب ما هي معاكي اهيه واتأذت عرفتي تعمليلها ايــه؟؟!!!!"



وأضاف يوقفها عن هذا الحد التي تخطه بالحديث دون فهم ما حدث  فقط ترمي اللوم ثم التهم وعند هذه التهم نفذ صبره :



_" ولا انتِ فاكراني نايم على وداني؟!"



حدقت به بعينيها وشعرت بالعجز عن الرد في هذا الموضوع ,في حين عاد يكمل لها هو :



_"كنتي هتوصلي بيها لحد فين ؟ وهتوقفي حسن ازاي ؟ اللي ميعرفش يوقفه عند حده السنين دي كلها مش هيعرف يوقفه دلوقتي ، بس دي زي ما قولتي بنتك فقوليلي بقا كنتي هتعملي ايه ؟"



_" انت قصدك ايه ؟ قصدك اني سايبة الأذى يطول بنتي وواقفة ساكتة ؟"



نظر "غسان" بلامُبالاة زائفة وأجاب حينها بما انهى هذا الحوار :



_" معرفش وميهمنيش أعرف ، اللي يهمني واللي يهمك  هي بنتك واللي فبطنها وأي أذى مش هسمح انه يطولهم حتي ولو كان مين ، دا بعد اني مبأذيهاش ولا مسيتها بسوء زي ما جاية تقوليلي!!!"



وقفت حينها "سمية" بسكون وأخذت أنفاسها وهي ترى "دلال" تخرج بأكواب عصير ،    أهبطت سُمية عينيها له وردت تحذره :



_" وأنا مش محتاجة منك انك تحميها ، أنا أم وعارفة اقدر أحمي بنتي ازاي !"



_" كُنتي حمتيها من زمان ، أو حتي من قُريب !"



وجعها قوله الصريح  دون حرج أو مراعاة , وجعلها تنظر في الٱمر بجدية بعد شعور العجز ، وربما بهذه اللحظة ورثت منها "نيروز" الكبرياء عندما قالت له قبل ان تسير :




        
          
                
_" بنتي ملكش دعوة بيها ، ابعد عنها ودا أخر كلام بيني وبينك في الموضوع ده !"



نهض "غسان" يقف أمام نظرات الٱخرين وقبل أن تسير قال يعاند قولها مصارحاً يلمح لحمل ابنتها منه :



_" انا وانتِ عارفين ان الكلام ده مش هيمشي بينا ولا هيحصل!"



_"لأ هيحصل ، وبنتي عندي وانت ملكش حاجة غير اللي فبطنها ومستغنين عن خدماتك لحد ما تولد ومسموحلك بعدها تيجي تشوفها وتشوف خلفتك!"



اردات رد  اي شئ شعرته ابنتها ، دفاع شديد بسبب ألم موضع قلبها علي ابنتها ، ظلمته الٱن بهذا القول ومزال يحاصرها بعناده وهتف بـ :



_"  مبسمعش غير اللي على مزاجي وبس!"



تركها حينها وتخطاها مقترباً من شرفة الصالة ،  بينما هي عاتبت"دلال" بعينيها وتركتها بعدما حبست الدموع بعينيها وخرجت دون حتي ان تنتظر "عايدة" التي نظرت بأسف لـ "دلال" الحزينة وقالت:



_" معلش اعذريها يا دلال ، اللي بيحصل بردو مش سهل عليكم ولا عليها ، ادعي ..ادعي ربنا يصلح ويهدي الحال!"



أومأت لها بسكون وجلست بعدها توافق على انصرافها ، حينها هبطتت دموعها بحسرةٍ على هذا الحال!!



أما هو فوقف يتنفس بصوتٍ عالٍ متعب ، يري الضغط من الكل يُوَجه إليه وهو ؟ هو المضطر على التحمل !! ، كابر على هبوط اي دمعة منه وابتلع ريقه يتذكر انه لم يقضي فرض المغرب ، لذا ٱخرج أنفاسه بثقلٍ واقترب يخرج حينها قابل بطريقة سكون والدته التي نظرت له بلهفةٍ وعجزت عن قول اي حديث ، لم تعد تعلم كيف ستتعامل الٱن ، رفعت عينيها الحزينة لعينيه التي تشابهها  وابتعلت ريقها تلومه بتعب من حاله :



_" كدة برضو يبني ؟ ليه دا كله من الأول بس!"



إلتفتت الرؤوس بسرعة ناحية الباب الذي فتح قبل اي رد من "غسان" ولم يكن سوى التوأم  الٱخر. ،  دخل "بسام" وأغلق الباب بقدميه من كثرة الأكياس الذي يحملها بين يديه ، فقط ابتاع ما يحتاجة المنزل ،رفع عينيه وهو يخلع حذاءه وابتسم بإتساعٍ :



_"مساءكم زي العسل اللي انا شاريهولكم بفلوسي وشقايا!"



استطاع شقيقه أن يجعله يضحك ، هل يقوم بإذلالهم ؟؟ ، ابتسمت "دلال" بيأسٍ منه ، وتركهما وهو يحول الأكياس ، واقترب "غسان" يحمل معه ناحية المطبخ فدخل الاثنان وهي تجلس في الصالة تحاول تماسك نفسها بكتم الدموع وخفت اثار بكاءها ، بينما خرج الاثنان بعد دقائق  واقترب "بسام" بحبٍ يجلس بالقرب منها يستشعر صمتها حتي انها لم تنهض لتساعده ، رفع انامله يداعب وجنتيها المنكمشة فضحكت بيأسٍ وراق لها اهتمامه في سؤاله  المشاكس:



_" مين اللي مزعلك يا أم غسان بس ؟ وفين حب عمرك ؟ ازاي سايبك زعلانة كدة ؟؟"



من كثرة ما كان يحمله لم ينتبه لمحل الورد ان كان مفتوح او مغلق بل صعد مباشرةً ، وقف "غسان" يتابع بسكون بينما نفضت يديه مرددة :




        
          
                
_" اسكت يا ولا ، ابعد عني ، خليكم طول عمركم كده محدش بيريح قلبي فيكم ربنا يسامحكم روحوا !!"



استنكر رد فعلها المبالغ به بل ونهضت تدخل المرحاض بعدما نظرت لـ"غسان" الواقف ، فطالع هو شقيقه بإستغرابٍ وقبل ان يسأله هرب "غسان" منه وأخبرة بما يجعله يبتعد:



_" فرح تحت !"



نهض باندفاع ونجحت خطة الاخر عندما ردد بلهفةٍ :



_" احلف!!!"



حرك رأسه يماشي قوله ، فاعتدل سريعاً يرجع خصلاته ممراً يديه عليها وابتسم بإنجذابٍ وسأله بحماسٍ :



_" ها  شكلي حلو ؟"



وان لم يكن توأمه لنفى بفظاظةٍ ،  فتعمد الثبات واعتدل يردد بتعالي زائف:



_" انت عارف ردي !" 



تحمس "بسام " أكثر ، وقبل ان يسير بسرعة كي يخرج ، نبهه "غسان" قائلاً :



_" بس ريحتك بنج ؛"



أشار له بغير اهتمام واقترب يرتدي حذاءه تزامناً مع قوله الغير مهتم :



_" مش مهم، ما هي دكتورة بردو وفاهمة الدنيا "



وكانت عجالته ظاهرة بشدة عندما واصل يشير بيديه بحماسٍ متلهف :



_"سلام!!"



ابتسم على قوله وسمع صوت إغلاق باب الشقة ، فتوجه "غسان" ناحية غرفته كي يُصلي قبل ان تؤذن العشاء!



_____________________________________



جلست بحيرة تتابع ملامح "حامد" من على بعد وحتى "يامن" الذي غفى على ساقه  فأخذ يُمرر كفه على خصلاته بحنانٍ ، شرد وبيديه الٱخرى  السبحة يُسبح ويستغفر ، يُفكر بأن نهاية هذا الوجع ليست مُرضية خاصةً لولده الذي يري به التغير الذي لم يراه من قبل، ومع ذلك مُجبر على الصمت ليس بيديه حل اي شئ وان كان فالوضع كل فترة يسوء عن قبل !! ، خرج "حامد" من شروده عندما وجدها تقترب وأشارت له بحنوٍ لطيف:



_" هات يامن عنك شوية يا عمو!"



ابتسم لـ "فرح", ووافق فقد ألمته ساقه ، أخذته منه وجلست على المعقد المُريح الذي أمامه ووضعته علي ساقها تهزها برفقٍ ، تابعها "حامد" فتنفست هي بعمقٍ ورفعت رأسها تحاول ان تهون عليه :



_" أنا مش عارفة أقول لحضرتك ايه ، ممكن مبعرفش أرتب كلامي أو اتكلم وأواسي ،بس أنا شايفة ان كل ده من عند ربنا ، وربنا مش بيجيب حاجة وحشة أبداً وبيعوضنا !"



تأثر من قولها ، واللطيف بأنها لم تعتبره كبير مقاماً لذا لم تهون عليه بكلمات بعلمها وتصبره بها بل تحدثت بتلقائية مُريحة جعلته ولأول مرة منذ ان رٱها يشعر بالراحة ناحيتها ، ابتلع ريقه وابتسم ببشاشةٍ ولم  يقاطعها وتفاجئ من اندماجها عندما واصلت :




        
          
                
_"تعرف ؟ دكتور بسام ابن حضرتك كان ربنا بيطلعه في طريقي كل ما  الدنيا تضيق بيا ، ومكنش بيبطل في كل مره يصبرني يفوقني ويفتح عيني عن ان كل اللي بيجرالنا هو ابتلاءات واختبارات من ربنا عشان نصبر عليها !"



لم تخجل من قول ذلك ورفعت رأسها تصارحه بابتسامه لطيفة :



_" أنا مُمتنة ليه جدًا علفكرة ومش ناسية ولا مرة كان موجود فيهـ .."



إلتزمت الصمت بخجلٍ عندما وجدته يقف خلف "والده" هو أم لا؟؟ تمعنت النظر بنظام ملابسه والأكثر  هي غمازته التى ميزته فعلمت على الفور انه هو وليس الٱخر ، التفت "حامد" برأسه وانتفض بمرحٍ حتي قال :



_" بسم الله الرحمن الرحيم ، ايه ؟ بتيجي على السيرة ؟"



وقف"بسام" غير مبالياً بأي قول بل ظل ينظر لها بتيهه ورد علي والده بنفس التيهه والقول المتشتت  بيهامٍ بها :



_"يا سلام. لو ٱجي كل مره علي نفس السيرة من نفس الشخـ.."



قرصه والده بذراعه فانتفض بتأوي، واعتدل بتنحنح بحنجرته وترك الأماكن وجذب مقعد يجلس بجانبه ومد يده يمررها على وجه "يامن" بينما نظر لها هو بحبٍ وسألها بإهتمام وهو مندمج :



_" مساء الخير يا فرح ، عاملة ايه ؟"



أما هي فلم ترفع عينيها ناحيته بل ردت وهي تنظر نحو وجه الصغير:



_"الحمد لله وانتَ ؟"



_" أنا زي الفل ، زي الفل اوي كمان عشان شوفتك!"



حينها مال بنفس الهيام يقبل وجنتي "يامن" على ساقها وتخلى عن حرجه بل وصل معها الٱن إلى ان يكشف طباعه المرحة أمامها باعتبارها ليست غريبه علي قلبه  !! ، اعتدل مرة أخرى أمام عيني "حامد" التي تتابعه بإهتمام ،فلم ينظر "بسام" ناحيته ونظر ناحيتها وقال بجرأةٍ يطلب منها :



_"ممكن تبصيلي ؟"



رفعت عينيها تقابل عينيه ، فتعلقت عينيه بها وحركها سريعاً يهرب من هذا التأثر وقال بلباقةٍ :



_" أنا مبسوط اني كنت جنبك بطريقة ما فوقتك الصعب ، ومبسوط أكتر انك لسه فاكرة كل كلمة قولتها ,أنا اللي مُمتن ليكي لإنك فنفس الوقت ظهرتيلي فوقت صعب !!"



رفع "حامد" حاجبيه يتابع هذا ، ولاحظت"فريدة" ما يحدث بعد خروج الزبون وضحكت بخفة وغير تصديق من هذه العلاقة التي ظهرت من نظرات "بسام" واقترابة بمثل هذا الشغف دون حد أو حرج ! ، بل  على الأغلب تراه ساكن خجول في بعض الأوقات الٱخرى ! ! ، تابعت بحماسٍ ما يحدث حتي من خجل"فرح "  التي عجزت عن الرد بينما صاح "حامد"يوقف كل ذلك بـ :



_" كفاية ..كفاية يا حبيبي سيبها تقوم وتشيل الواد !!"



حذره تحذير مبطن ، فتلهف هو وقال يحثها :




        
          
                
_" طب خليكي خليكي وأنا هشيله !"



_" لا سيبه عادي أنا كمان عايزه اطلع عشان أشوف نيروز وجميلة!"



رفض وحمله   من على ساقيها ووقف بحماسٍ يشير لها :



_" طب تعالي معايا وأنا اللي هشيله !"



شعرت "فرح" بالحرج ووافقته بينما سعد هو وهو يتخطي "والده" الذي ضحك وتركه يذهب معها فلو كان الٱخر بمثل هذه الدرجة من بداية التعارف لما تركه يُغلق عليه مصعد واحد معها !! ولكنه "بسام" !!



خرجت معه "فرح" وراق لها هذا الاهتمام والحديث المبطن منه ، التزم هو الصمت إلى أن صعد اول درجة من درج ما قبل البوابة الكبيرة الخاصة بالمبنى ، فقابل البواب المعروف حتى ابتسم له بإتساعٍ وصعدت "فرح" بجانبه وقبل ان تخطو أكثر نادى عليها أحدهم  عن قرب من خلفهما وبنفس الوقت قاطع به حديث "بسام" الذي كان سيخرج لها في الحين..



_" فَـــرح!!!" 



هل سمع صوته ؟ صوت "عز" الذي أصبح يشكل له رعباً ؟ ، حرك شفتيه يميناً ويساراً وابتلع ريقه يهمس بخفوت لنفسه :



_" يا مصيبتي ، يا لهوي يا خرابي، انت مبتجيش  تقفشني الا فالاوقات دي ، حبكت !!!"



ابتسمت ترحب بشقيقها اما هو فلم يلتفت بجسدة وظنه "عز" "غسان" لطالما يحمل "يامن" القريب منه ..



_'' اذيك يا غسان"



اقترب "عز" ينظر ومعه "فرح" التي كادت ان تصحح له بينما رفع الٱخر رأسه وهو ينظر ثم قال يرد عليه بخداعٍ :



_" اذيك يا عزوة عامل ايه ؟"



قال نفس رد شقيقه ليهرب من هذا الموقف المحرج الذي يقع به كل مره أمام عينيه ، ابتسم "عز" بخبثٍ وطالع ملامحه جيداً بينما ارتبك الٱخر فتصنع أنه لم يكشفه وقال رداً عليه :



_" الحمد لله ، انت عامل ايه ؟"



سار الثلاثة مع بعضهم ينتظرون المصعد ورد عليه "بسام" دون ان ينظر له داخل عينيه فانفلتت ضحكات "عز" وهو يهمس له بالقرب من موضع أذنه:



_" أنا بعرف أفرق علفكرة ، بيقولوا عليا لماح وانت؟"



شعر "بسام " بالحرج.و انقذ الموقف عندما قال بارتباك :



_" كنت بهزر معاك يا عز ، مش قابلها ولا ايه .!؟"



نفى "عز" برأسه وابتسم متعمداً هز ثباته الزائف :



_' لا ازاي دا انت حبيبي يا بسام ، قابل هزارك طبعًا. ..لو هزار !!"



تشرط بٱخر جملته ، فخرج "بسام" من المصعد وهم خلفه ومد يديه يدق الباب بهدوء، ومن فتحت له كانت "وسام" الذي تفاجئ من وجودها تنحنح يجلي حنجرته ودخل عندما سُمح له ولـ"عز" الذي بحث عنها بعينيه أول شئ رحب بـ والدتها وبالٱخرين وحتي شقيقها بينما لم يجدها والكل علي ملامحه الهدوء ، اخذت "وردة" صغيرها من "بسام" بعدما علم الكل انه هو ، وشكرته قائلة بامتنان :




        
          
                
_" كتر خيرك يا بسام ، شكراً !"



_" على ايه، ادخلي حطية علي السرير بقا خليه ينام شكله لعب لما قال بس!"



ابتسمت بخفةٍ وأكدت برأسها فتوجهت بعدها ، بينما هو تقابلت عينيه مع "وسام"ومال يسألها بهمسٍ :



_' هو في ايه كدة ؟"



_"تعالى أحكيلك !"



استأذنا للآنصراف ، بينما حرك "عز" عينيه فلم يجدها  ، حينها سأل "عايدة " باهتمام عنها :



_" اومال فين جميلة ؟"



_" في الحمام وخارجة "



ابتسم يومأ وجلست"فرح " بجانب"ياسمين" التي صمتت بعجز من عدم فتح"نيروز", الباب ، ولاحظ "عز" اقترابها ، لحظة ؟ ملامح وجهها لما بهتت فجأة وعينيها مُتعكرة ؟. هل كانت تبكي لتوها ؟؟ ، شعر بالقلق واقتربت هي منه تتصنع اللاشئ وشاكسته كي يظهر الٱمر طبيعي:



_" حمدالله على السلامة !"



_"الله يسلم جميلي!!"



ابتسمت بحبٍ علي ما لقبها به ، فنظرت بشرودٍ وقبل ان تنخرط  ، أمسك كفها يحركها معه حتي نهض بهدوء يبتعد ودخل شرفة الصالة بها ، ودارها بيديه برداءها الأبيض وقال يغازلها بما طلبته :



_"احلى  واحدة تلبس أبيض ، عاملة زي الملاك فيه !"



خجلت من قوله ولكنها لم تتحمس مثلما كان تتحسب ، رفع كفه يمرره علي  حنايا وجهها وقال يسألها بقلقٍ عندما لاحظ سكونها الغريب معه:



_"مالك ؟"



حاولت على ان لا تلمع الدموع بمقلتيها ودارت وجهها تنفي قبل ان تبكي :



_" مفيش حاجة ..عادي!"



دار "عز" وجهها بيديه بقلق ٱخر قد زاد ، وتفحصها بعينيه يردد بمفاجأة :



_" كل الدموع المحبوسة دي ومفيش؟؟"



صمتت "جميلة" بعجز فسألها بحنوٍ كي لا يضغطها :



_"ايه اللي حصل طيب ؟ في حاجة زعلتلك ؟ حد زعلك ؟ "



نفت تبتلع ريقها وقررت في ان لا تخبره شئ كهذا ، وابتسمت ابتسامة صغيرة تخبره :



_"لا مفيش ، نيروز بس زعلت تاني وقابلت غسان تحت فالمحل ولما طلعت قفلت علي نفسها ومش راضية تفتح لحد !"



هربت يعد ذلك بقولها رغم ترقبه لما قالته ولكنها لديه  العدد رقم واحد ، لذا عندما لاحظ هروبها بعينيها قال يحاصرها بجدية:



_" بس عينك بتقول ان ده مش السبب لوحده ، احكيلي حصل ايه تاني وزعلانة  من ايه بالظبط لانك مبتعرفيش تلفي وتدوري يا جميلة!"



وجدت أنها ستنهزم أمام هذا الحنو التي لم ترَ مثله ،  تتفست الصعداء و وجدته مازال ينتظر قولها ، بل هذه المرة دلك كفها بين كفه فنظرت له بإستسلام وقررت قص له ما حدث وأحزنها بهذه الطريقة رغماً عنها !!
..




        
          
                
_"قومي خدي علاجك "



نظرت له "ياسمين" بطرف عينيها ، إلى الٱن ومنذ أيام لم يتهاون بعد وما فعلته اليوم زاد من حدته معها ، رمقته بجمود والتزمت البرود ولكن كانت  نبرة "حازم" أحد عليها عندما قال يُنبهها :



_" ايه ؟ أنا بكلم نفسي ؟؟"



ودت الانفجار بوجهه في الحال عندما التفتت بكامل جسدها تحذره بشراسةٍ تتخلى عن استسلامها الذي لا يليق بها أبداً :



_" انت مالك ..ملكش دعوة بيا ومتكلمنيش بالطريقة دي ولا ترفع صوتك عليا!"



تحلى بالقليل من الصبر وأمسك كفها يهدأها بتحذيرٍ كي لا تجلب لهما الأنظار :



_'' صوتك يوطىٰ  عشان في ناس حوالينا مش لازم يسمعوا جنانك!"



_"أنا مش مجنونة ..وســع كدة !!"



نهضت بعدها تتجه ناحية المرحاض بمفردها ،  وتابعت "سمية" ما يحدث بينهما لذا حركت رأسها بقلة حيلة من ابنتها وتقابلت عينيها مع عيني "حازم" الذي ابتسم لها بهدوءٍ يُطمئنها بعينيه وفقط !!



..



_" فـ حسيت اني غلطت اني سببتها كدة معاه وهي كانت نازلة معايا من الأول بس واللهِ عمو حامد هو اللي قالنا ، واعتقد غسان معملش فيها حاجة هي اللي نفسيتها مش كويسة !"



ونزلت دمعتها بصمت وهي تكمل له ما قالته ببنما تعيد مره أخرى بحزن :



_"قامت ياسمين مزعقالي وقالتلي انتِ مبتفهميش وغبية ، حسيتها كانت هتهجم عليا من كتر الخوف  علي اختها ، انا بس مزعلتش منها على قد ما زعلت اني حسيت اني السبب فكل ده!!!"



رفع "عز" إبهامه يمسح دمعتها بحنوٍ ، وخرجت أنفاسه الدافئة يواسيها رغم ضيقه لأجلها ولكنه يتسم بالعقل في أغلب الاوقات :



_"متزعليش هي مش قصدها بالظبط يا جميلة ، وبعدين انتِ مش السبب فحاجة ، وعارف انك مش فإيدك تنمنعيهم يشوفوا بعض ، دي حاجة طبيعية ولازم لٱنكم جنب بعض وجيران كمان وقرايب ، الواحد بس لما بيتحمق عشان اخواته مبيشوفش قدامه !"



كلمات هادئة ساكنة لا تغير الوضع قليلاً ولكنه طمئنها لٱنه عز ، عز الرجال الخاص بها هي وحدها ، أومأت برأسها فعاد هو يشاكسها بقوله :



_" وبعدين صحيح مش انتِ قولتيلي ان مرات اخوكي دي هبلة، متاخديش على كلامها يستي"



_" بس يا عز متقولش على ياسمين كدة ، أنا بحبها أوي ومش بعتبرها مرات اخويا ، ياسمين اختي!"



ابتسم على لين قلبها وضم رأسها ناحية صدره وربت على ظهرها برفقٍ وقال قول عادةً ما يفعل به ، حمل كل الحقوق لنفسه رغم انه ليس لديه ذنب بها وبفعلها :




        
          
                
_" حقك عليا أنا ، متزعليش بقىٰ!"



اتسعت بسمتها منه ، وشاسكته بقولها أو بقوله هو الذي يردده على مسامعها دائماً :



_" هزعل ازاي ، وانتَ ضِلي!"



ضحك "عز" هذه المرة بسعادةٍ ،والسعادة من قبلها شئ ومنذ ان اصبحت معه شئ ٱخر تماماً، فرد ذراعيه لها وعانقته في حين قال هو :



_" عندك حق ، ازاي يبقي في زعل وانا ضِل جميلة!"



دخل "حازم" بضيقٍ من مشهدهما ونبهه بحنقٍ :



_" العشا بتأذن يا روميو ، يلا نتوضى عشان ننزل نصلي!"



ضحك"عز" علي حديثه بصوتٍ عال  وحررها بخجلها من بين ذراعيه واقترب يشير له ضاحكاً :



_" ايه يعم مراتي الله!!"



ابتسم"حازم" بهذه اللحظة بسعادة من سعادتها ولكن كيف لم يلحظ عينيها التي تظهر عليها أثر بكاء ، اقترب يمسك ذقنها يرفع وجهها له وسألها باستغراب غمره قلق :



_"انتِ معيطة ؟"



وقف "عز" وتعمد عدم الحديث اما هي فإن نفت فلم يصدقها ، توقع "حازم" السبب سريعاً فلثم وجهها بكفيه وقال بأسفٍ حاني بدلاً من الٱخرى :



_" انا ٱسف يا جميلة ، متزعليش منها ، أنا هكلمها أنا عشانك ، بس انتِ عارفه انه غصب ، مش غريبة عليكي هي كدة علطول !"



وأضاف يرفض تبريره لها وقال يراضيها :



_" بس ليكي عليا هعاتبهالك ، البت دي غلطاتها كترت يا بت يا جميلة ، اللي مصبرني عليها انها حامل بس والله!!"



كان حديثه مرحاً كي لا يجعل بينهما موقفاً من لا شئ خرجت ضحكتها الخافتة وقالت تؤيد حديثه بمعارضة ٱخرى:



_"لا متكلمهاش ، أنا مش زعلانة منها ، وربنا معاها الحمل مش سهل بردو!"



وشاكسها شقيقها ٱنذاك وهو يقرص وجنتيها برفقٍ وقال:



_" عقبالك !"



زحفت الحمرة لوجتتيها وابتسمت تجاريه بإيماءة بسيطة ، فرد "عز" عليه هذه المرة :



_"يارب يا حازوم ، ادعيلنا بقا !"



طالعه "حازم" بضجرٍ وتجاهله بغيرةٍ طفيفة ، ونظر بابتسامة واسعه ناحية شقيقته التي ضحكت بصوتٍ عالٍ عندما سمعت قول "عز" المرح لها :



_" شوفتي بيحبني أوي حازم  أخوكي ده !"



عمل الاثنان على التخفيف عنها وعلمت هي ذلك ، خرجت ضحكتها عليهما بحبٍ وهي تحاوطهما بنظراتها ، وربما علم "عز" الٱن انه طبيعي ما يفعله لطالما يفعل بودار ذلك مع "بسام" بمجرد النظرات فقط!!! ، انسحب الاثنان كي يقومان بالوضوء للصلاة ، واتجهت "جميلة " لتجلس بجانب"فرح" وعينيها لا تفارق سكون غرفة "نيروز "!!..




        
          
                
إقترب "عز"و"حازم"  وكان الأول يهبط أكمامه ، وفتح الاثنان الباب وأشار لهما "عز" بالوداع مؤقتاً ، وتزامناً مع اغلاقه الباب ، كان "بسام" يخرج من الباب الٱخر ومعه "غسان" الذي ابتسم له الاثنان واقترب "عز" يحتضنه بحرارة وقال :



_" اذيك يا عم ، فينك من زمان ، واحشني ،أنا كنت هجيلك علفكرة بعد الصلاة!"



ابتسم "غسان" له ورد عليه بنبرة هادئة :



_", هنصلي مع بعض كمان يعزوة ، وبعد الصلاة الحج حامد بيقول انه عايزك فهتقعد معانا حبه كدة !"



وافق برضا واتجه معه تحت لهفة "بسام" الذي رافق "حازم" هو الٱخر بعدما رحب بـ"غسان" ، وبعد قليل فُتح المصعد لهم حتى دخلوا وهبط بهم لأسفل..
..



أخذت أنفاسها ببطئٍ وحاولت الاستعداد كي تغلق محل الورد لتصعد ولكن ما يجعلها تنتظر  هو عودة "حامد" من المسجد ، ظهرت ابتسامة بسيطة على شفتيها وهي تتذكر لهفتها وسعادتها ثم خجلها من كلماته في الهاتف، تعذبه بكل الطرق حتي بعدما حصل على موافقتها ! ، وككل مرة تفكر به يظهر لها 
سمعت صوت دراجته البخارية وبلهفة واسعة أسرعت تقف على باب المحل فوجدته يقترب ، هبط بعدما أوقف الدراجة ورفع رأسه يبتسم لها بإتساع واقترب يغمز مُردفاً :



_"دا مساء أي حاجة فريدة من نوعها !"



ظهرت اسنانها من ابتسامتها الواسعة بشدة ورمشت بأهدابها تسأله باهتمام:



_" عامل ايه ؟"



_" عامل مستعجل والله العظيم وعايز  اتجوزك النهاردة قبل بكرة!"



حاولت تجاهل قوله وحركت رأسها سريعاً بجهة أخرى فنظر نحوها وسألها بمشاكسةٍ :



_" المهم انا عامل ايه أنا وأمي معاكي ؟"



تلقائياً رفعت يديها تتحسس قلادته ، وتنفست بصوتٍ مسموع وأومأت برأسها تخبره :



_" انت شايف ايه ؟"



_" أنا شايف اننا لازم نكون زي الفل طالما فرقبتك انتِ !"



كل مرة يثبتها بالأقوال ، احياناً تهاب هذه الأقوال ويلبسها الخوف من جديد  شردت للحظات واغمضت عينيها تحاول عدم تذكر ما جاء على ذاكرتها من ذكريات موجعة ، إلى متى ستظل تداهمها هذه الذكريات ؟! ..



_" فتحي عينك!''



انتفضت على قوله ونبرته الخشنة ، حركت"فريدو"  رأسها بعدما فتحت عينيها فوجدت بيديه وردة صغيرة بيضاء ، قدمها لها "ٱدم" وأخذ أنفاسه بصوتٍ مسموع وردد يخبرها بعمقٍ :



_"انتِ عاملة زي الوردة دي بالظبط عارفه ليه ؟"



نفت دون أن تردد أي حديث وابتلعت ريقها تأخذها منه بتردد من هذه المشاعر التي ظهرت بقوة وجدية عليه ، وقالت تستفهم بابتسامة رقيقة :




        
          
                
_" ليه؟  "



يعلم هذا التشتت والخوف والمشاعر المرتبكة التي تلبسها منذ ان ان اعترف الاثنان لبعضهما ، وتعمد قول الٱتي بطريقته :



_" علشان بيضة وحلوه زيك ، وعشان مهما جه عليها حاجة بيبان ، ولو مفيش بردو بيبان ، والأهم إنها نضيفة أوي وشكلها مريح للعين والقلب، وليها طاقة لوحدها بتملى المكان ، وقادرة تخطف الانظار ليها "



حينها سخرت من كلماته وقالت تسأله بتهكمٍ :



_" كل ده الوردة عملته ؟"



نفي بشفتيه وقال ينفي بحديثه:



_"لأ"



وأضاف"ٱدم" بصدقٍ نابع من فؤاده أمام هذه الأعين التي تهلكه :



_" كل ده فريدة اللي عملته!!"



وأشار على نفسه بأنامله وقال غامزاً لها بمرح:



_" بس فالعبد لله!"



استنشقت الوردة ونظرت له بتعالي ومن ثم إلتفت الاثنان برأسهما سريعاً عندما وجدا الشباب  يقتربون بعجالةٍ قبل أن تنتهي الصلاة ، علم "ٱدم" ، فقال لها بنبرة سريعة وهو يرجع إلى الخلف كي يقابلهم :



_" هروح أصلي وأرجعلك!"



أومأت ووجدت "حازم" يقترب منها باستنكارٍ بعدما رمق "ٱدم" بغيظٍ وهتف بنبره جادة :



_" ايه اللي موقفك كده ؟"



_"عادي كنت بشوف مين جه !".



حجة؟ نظر لها بعدم اقتناع وحثها على الدخول للداخل بنظرة عينيه ، فوافقت بتوترٍ من عينيه ودخلت وهي تتمسك بالوردة ، بينما رحل هو خلفهم ناحية المسجد القريب !!



..غَريب وعجيب هذا الٱمر هي التي ترافق  الزهور الٱن تتفاجئ وتسعد ما ان يهديها أحدهم  وردة؟؟ ،  علمت ان الأصل ليس أبداً بقيمة الهدية بقدر قيمة الشخص ومعزته وغالباً حُبه !!  ، حُب؟؟ الٱن وكأنه شئ غريب عليها رغم الاعتراف ولكنها تعيش مشاعر مختلفة لم تجربها من قبل..



من قبل كان خداع ! ..احتياج ..عرض..طلب..موافقة ..كل ذلك تحت علاقة دون مسمىٰ ، ورغم ان ما بينهما الٱن على مقربة من دون مسمى ولكن صدقه في الجدية لاكمال العلاقه بعلاقة شرعية ليست محرمة تصدقه ، بل الٱمر كان يقف فقط على الرفض أو الموافقة وهذا كان منها هىٰ !!
كانت تشعر بقلة شأنها ، هل سيأتي أحدهم بعدما حدث لها  حادثها وسيخيرها بالموافقه أو الرفض؟؟ ، لم يفعلها أحد سِواه !
رفع من شأنها ولم يتعمد الحديث بشئ حساس كهذا 
وان دخل منزلها من بابه فحينها سيحق له فتح هذه العقبة بلباقة عندما يكونا على مشارف الزواج! , ما يؤلمها هو ألمه ، أحياناً أخرى تفكر به وبمشاعره ولم تزداد هذه الفكرة سوى بعد سمعاها لكلماتهم السامة ، كلمات خالتها وبنات خالتها وحتى "سامِر"!! كل ذلك يتردد بقوة بين الحين والٱخر وأهمهم من سيتحملها ؟؟من سيتحمل حادثها حتي وان ظهر ذلك في القادم سيكون العكس تماماً، يحركون ثقتها التي تحركت من دون علمهم ! 
الكل يقتنع بأنها ذات قلب قوي لم ولن يؤثر بها شئ حتى حادثها 
أهذا لأنها تخطت؟. كيف وهي تتضح بأنها لم تتخطىٰ؟ ٱخرهم عقبة انتحارها ومحاولتها على فعل ذلك بمنتهى الانهيار.. الحقيقة ان داخلها عكس ظاهرها ..ما يوجد بداخل المرء ، مرء ٱخر تماماً بمخاوف وأفكار وأسرار لا يعلمها غيره !!




        
          
                
_« بقا هو  واخد عقلك كل ده لدرجة اني دخلت وانتِ ولا هنا يا فوفَّة».



انتفضت "فريدة" بحسرةٍ سريعة وفتحت عينيها بإتساع ، كيف يأتي إلى هُنا ؟؟ ، ابتلعت ريقها وحاولت أخذ أنفاسها تحاول نسيان تكرار هذا المشهد في بداية عودته مع والدته وشقيقتيه ، حاولت نهره بقوة وحدة كي لا يخمن بأنه استطاع ان يُحرك هذا الثبات :



_" انت جاي هنا ليه يا" سامر" ؟؟ عايز ايه ؟؟، امشي اطلع بره أحسنلك أو روحوا خالص أفضل زي ما حازم طردكم !!!!"



وأضافت وهي تتحرك ونظرت بتقزز تشير له بكفها وقالت بتبجحٍ :



_", هو انتوا ايه ؟؟ معندكوش ريحة الدم ؟؟ مبتحسوش ولا بتتكسفوا؟؟"



نظر لها بتسليةٍ واعتدل في حمل الأكياس الذي كان يهبط ليبتاعها من الأساس ، وابتسم يستفزها بنفيٍ :



_" لأ مبنحسش ولا عندنا ريحة الدم ، وبجحين كمان ،بس قوليلي يعني هل هيبقي أكتر منك يا بت!!؟"



ابتلعت ريقها بإرتباكٍ خفي ووجدته يكمل وهو يعتدل أكثر كي يسير :



_"أصل   المفروض بعد اللي يحصل لواحدة زيك تجري تقفل علي نفسها وتستخبىٰ من وشوش الناس ونظراتهم ليها ، ولا انتِ متعرفيش الوقتي الواحد مننا بيبص لواحدة زيك ازاي؟؟"



أثار انفعالها وحاولت كيده بنفس طريقته وقالت :



_" انا أشرف منك ومن عشرة زيك يا قذر انتَ ، ولا ناسي انت كنت هتموت وتتجوزني ازاي ..وفالٱخر معرفتش حتي تتجوزني غصب يا مقرف !!!"



ضحك "سامر" ليثير حنقها وقهرها أكثر وغمز بوقاحةٍ يخبرها :



_" لا ما أنا رجعت افتكرت ان أنا مبعرفش أخد حاجة مُستعملة ، ومحيت حتة الطيبة اللي فيا ، الحق عليا يا بت كنت عايز اتستر عليكي  وأوقف لسان الناس اللي تعرف !"



اعتلت أنفاسها بقمة صدرها وسبته ثم قالت تعنفه :



_"المستعملة دي تبقي امك واخواتك يا زبالة يا قذر !!"



إقترب "سامِر" منها متحكماً بانفعاله ، فرجعت هي خطوات إلى الخلف بينما ابتسم هو بإصفرارٍ وقال بنبرة منخفضةٍ :



_"عاذرك ..اللي حصل فيكي مش شوية برضو، بس اقولك على حاجة ؟؟"



صمت يري اهتزازها وواصل يلعب بأعصابها أكثر متعمداً التقليل منها :



_" يعني بسأل نفسي مين الحيوان اللي ياخد واحدة زيك غصب ؟؟"



تفحصها بجرأةٍ فإبتلعت "فريدة" ريقها بصعوبةٍ وتجرأت في الرد تأخذ حقها بالتقليل منه :



_"ميختلفش عن الحيوان اللي واقف قدامي بالظبط!"



صبر على سباتها المتواصلة ، ووقف ينظر على أنفاسها التي تصعد قمة صدرها وتخفضه بطريقة ملحوظة ، ولوي شفتيه بسخريةٍ وقال رداً على حديثها بـ :




        
          
                
_" عموماً يا بخته ويابخت اللي انتِ من بخته !!"



وأضاف يشير لها قبل ان يلتفت ليخرج :



_"مع اني متوقعش ، أصل الراجل مننـا مهما قال وزاد ، نظرته لواحدة *** مبتتغيرش!!"



خرجت سبة نابية من بين شفتيها على الأرجح لم يسمعها بوضوح بعدما تعمد السرعة كي يخرج قبل قدوم أحدهم وقبل ان تهزمه هي بردها كالعادة ، جلست  "فريدة" بصمتٍ تلفظ أنفاسها بسرعة جيد انه خرج وسئ ما تركه من ٱثر !!!



دار عقلها وتجمعت دموعها بمقلتيها متى ستنتهي من كل هذا ؟؟ ،  حديثه وكلماته بمثابة سهام حادة تجرحها ، حتى وان تظاهرت بأنها لا تُبالي !! 
عقلها يبالي.. قلبها يُبالي.. كرامتها كأنثى تُبالي !! ، رفعت كفها تجفف وجهها سريعاً ما ان سمعت صوت الشباب عن قرب هم و "حامد"، تصنعت الإنشغال بأي شئ في حين وقف "حامد" ببتسم لهم من بين الحديث العشوائي ، وراقب حديث "عز" مع "غسان", الذي أشار لـ "والده" بعينيه بعيداً عن "بسام" الذي  كان يتحدث مع "ٱدم" و"حازم" ..



_"اسمحلي يا عز يا بني في كلمتين كدة!"



حرك "عز" رأسه بإنتباه وقال باحترام يوافقه :



_" طبعاً يا حج حامد ، انت تقول اللي عايزه من غير استئذان !"



ابتسم "حامد " له وإقترب "عز" يحمل مقعد له بذراعه  كي يحثه على الجلوس ، في حين انسحب "غسان" كي يصعد فلحقه "بسام " كي يترك"والده" يمسك زمام الأمور أولاً ومن ثم سيبدأ هو ، بينما وقف "ٱدم"مع "حازم", في الداخل بعيداً عن "فريدة" التي انشغلت في تنظيم ما أمامها وبجانبها..



_" اتفضل ، خير ايه اللي حضرتك عايزني فيه؟!"



ابتسم "عز" عقب  ما ردده بلطفٍ ، بينما طالعه "حامد", وهو يُسبح بسبحته ، حرك رأسه يؤكد كلمته من بين جملته وقال مصارحاً :



_" هو خير فعلاً اللي جايلك فيه ان شاء الله!"



وأضاف بعد ذلك بتفسيرٍ مُحرج :



_", اللي يخليني محروج منك اني مخدتكش فوق عندي اكلمك بس حسبتها من نحية تانية وقولت ميصحش افاتحك فموضوع زي ده وانا قاعد في بيتي وانت اللي عندي ، عشان كده قولت نشيل الاحراج ده وافاتحك هنا كإني مقابلك واحنا خارجين من الصلاة وبعدين اقولك ، مفيش احلى من كده !!"



لم يفهم مُبرراته ولكنه حرك رأسه بغير فهم وانتظره بعدما قال ببوادر قلق:



_" ولا احراج ولا حاجة انا مش فاهمك بس مفيش بينا الحاجات دي ، انا سامع حضرتك اتفضل !"



تنفس "حامد" بصوتٍ مسموع واتسعت ابتسامته يخبره :



_" أنا جايلك في خير ، وطالبين  القُرب منك بالحلال ان شاء الله في اختك  الدكتورة فرح!"




        
          
                
وابتلع ريقه فهو الٱخر رغم ما يظهر عليه من وقار الا انه يهاب رفض ابنه :



_" لـ ابني الدكتور بسام "



ترددت عيني "عز" بتشتت سريع ونظر بعشوائيةٍ حتى ابتلع ريقه وقبل ان يجيب أسرع "حامد", وهو يكمل بقية حديثه:



_", واحنا مش مستعجلين خالص ، ومش مستني ردك دلوقتي، وعارف ان وسبق وطلبها ابني بس الطريقة ولا الظروف مكنوش قد كدة ، وعارف برضو  ان غسان كان قالك من قبلها متوافقش عشان كان خايف على اختك وعلى اخوه لان وقته هم الاتنين مكنوش فحالة كويسة تسمح للقرب ده ، يمكن محدش فيهم كلمك الأول عشان منفتكرش حاجات عدت ، بس أنا اللي بكلمك الوقتي باعتباري أبوه ، وربنا يصلح الحال !"



وضح له نقاط مجهوله كان سيسألها لمَ  لم يفاتحه أحدهما من جديد ؟, صمت للحظات واعتدل بجلسته يوضح له هو الٱخر بنبرةٍ هادئة عاقلة :



_"الحقيقة أنا مش متفاجئ ، ولا عندي احساس بالرفض وفنفس الوقت القبول مش كامل عندي ، أنا "فرح" دي اغلى حاجة على قلبي وأمانة كبيرة أوي بين ايدي علشان كده معرفتش اقبل اي حد بيجيلها ، وشهادة حق ان أولادك يا حج حامد.. حضرتك مربيهم تربية أنا أشهد بيها لأنهم فوقت من الاوقات كانوا جنبي والاتنين مش واحد بس ، وحضرتك كمان مش ناسي انك قولتلي اكتر خبر رجع ليا روحي من تاني يوم فرح غسان ، ساعة كتب كتابي على مراتي، انا لو قعدت اعد أصلكم وشهامتكم وجدعنتكم معايا مش هوفي حقكم ، بس ده جواز وعلاقة ومش حاجة بتروح وبتيجي دي حاجة دايمة !!"



ابتسم على لباقته في الحديث ورغم قلقه الا أنه انتظره للنهاية ، فأكمل"عز", بعدما أخذ أنفاسه ببطئٍ :



_" أنا كعز وأعوذ بالله من كلمة أنا مع حفظ غلاوتك ومقامك عندي ، بشوف ان الحاجات دي عايزة تفكير وقعدة ، بس  بما اننا معاكم ومعاشرينكم من فترة كبيرة فأنا معنديش كلام ينفع أقوله الوقت غير اني هكلم فرح اختي وهرد على حضرتك بعد ما أعرفها واسمع ردها !!"



ابتهجت ملامح "حامد" بينما سمعه يضيف مجدداً :



_"انك تكلمني دي حاجة على راسي بس اعذرني أنا مش بإيدي موافقة أو قبول ، لأن قبولي قبل ما اختي تعرف حاجة وبعده حاجة تانية ، وحابب أعرفك اني موافق مبدأياً بس نقط خوفي اللي بتقولي موافقش مش هقولها غير بعد ما نشوف النصيب هيودينا لحد فين ، لو حصل نصيب ان شاء الله هكلمكم نتفق ونتكلم  عن كل حاجة ساعتها ولو محصلش هبلغكم بردو ، واللي فيه الخير يقدمه ربنا!!"



حينها سعد "حامد" من تعقله ورزانته ومد كفه يردد ببهجةٍ وهو يربت على كتفيه:



_" عين العقل يا بني واللهِ العظيم..ان شاء الله يكون بينهم نصيب بأمر ربنا ونناسبك؛"



ابتسم "عز" بخفةٍ وقال يرد له لطفه بالحديث:



_" انا اللي يشرفني أناسب ناس زيكم بأمانة !"




        
          
                
نهض "حامد ", بعدها فأسنده "عز", بمساعدةٍ حينها إلتفت ينادى "حازم " كي يخبره بأنه سيصعد ، في حين رفع "حامد" رأسه فوجد الثلاثة يقفون بشرفة "غسان" ومعهم "دلال" فضحك بخفةٍ على انتظارهم للحظة الحاسمة وحرك رأسه بقلة حيلة منهم ، في حين دخل المحل ووجد "فريدة" تستعد لإغلاقه ،  صعد"حازم" مع "عز" بعدما أشار لها بأن تصعد خلفه فوافقت ، بينما ابتسم "ٱدم" لـ عمه وراقب سكونها الغريب بنظراته ، ولكنه التفت يضع المقاعد بالداخل ، ولاحظ انسحاب "حامد", للخارج وحثه قائلاً بعشمٍ :



_" ما تيجي تطلع معانا ، انت مش سامعهم بينادوا عليك  فوق ؟!"



تحرك "ٱدم" يرفع رأسه فهتف "بسام " بصوت عالٍ :



_" تعالى اقعد شوية بيقولك غسان !"



سخر منه بعدما ضحك وقال ساخراً وهو يشير له  بيديه بتساؤل بصوت مرتفع :



_"طب هو ايه نظامة ؟ مبيعرفش يتكلم ولا ايه ؟؟"



وكان قول "غسان" له من بين ضحكات الآخرين ، عندما رفع صوته يجيبه بتبجحٍ :



_" لأ بعرف يا روح امك جنات!"



شهق "ٱدم", ونظر حوله بريبةٍ واقترب يُشهده علي أفعال ولده :



_"دا  بيقول اسم امي فالشارع يعمي!!!"



_" الله يرحمها يبني ، متزعلش تعالى اطلع خد حقك!"



كان قوله مرحاً بصوت ضاحك ، فاعتدل "ٱدم" مع سكون الجو وقال يخبره :



_"لا  انا  هروح انا عشان متأخرش على فاطمة "



وافقه "حامد " بيأس وأشار له بالوداع حتي لمحه يدخل المبنى ، في حين  اقترب هو يدخل فوجدها تقف تحمل أكواب معينه كي تأخذها لتصعد بها ، حملهم منها فارتبكت في الخفاء ترفع عينيها بمكان ٱخر ، أما هو فخرج يسندهم على" الرصيف" ووقف ينظر ناحيتها وهي تغلق الضوء ثم سحبت الباب إلى  الخارج كي تغلقه ، تابعها بإهتمام وسألها برفقٍ من خلفها :



_" مالك ساكتة ليه ؟"



فأخبرته "فريدة" بهدوء شديد وهي توليه ظهرها :



_" مفيش"



ومن ثم التفتت تنحني لتحمل الأكواب ففرد يديه يقاطع فعلتها وقال قوله المعتاد ولكن بعمقٍ :



_" اللي عينيهم حلوة مبيعرفوش يكدبوا !"



صمتت وإعتدلت بخواءٍ تمنع سقوط دموعها وسألته بإندفاعٍ ٱتي من ضغطها:



_"هتبان على حقيقتك امته يا ٱدم ؟ هتمل مني امته وتعايرني!!!"



اتسعت عينيه من جملتها التي جعلته عاجز عن الرد لبرهة ، اما هي فوقعت دمعتها وتحشرجت نبرتها بشدة وهي تسأله بقهرٍ ظهر بتفاصيل حروفها عندما نطقتها   , حرك رأسه بخفوتٍ وتاه للحظةٍ يبادلها سؤالها بسؤال ٱخر:




        
          
                
_" ايه اللي خلاكي تقولي كدة؟!!!"



وقبل ان ترفع يديها لتزيل أثار دمعتها مسحها هو بتأثرٍ وقال يشعر بجرحها :



_" أنا ببان على حقيقتي معاكي ، ودلوقتي هي دي حقيقتي يا فريدة!"



وإعتدل يكمل بعدما ابتلع ريقه كي يبدأ وعوده :



_"ولو مش عارفة ايه هي الحقيقة ، فالحقيقة اني عمري ما هجرحك ولا هعايرك ، مش همل منك يا فريدة ، محدش بيمل من حاجة فريدة من نوعها اول مره أشوف زيها ، أو أول مرة أبقى كدة معاها !!"



وسألها بوجع اخذه منها :



_" انتِ ليه مش مصدقاني ؟"



ونفت برأسها ترد بنبره متألمة تصارحة بصدقٍ تحلت به الٱن :



_" علشان مفيش كدة ، مفيش كدة فمجتمعنا ده يا آدم ، مفيش حد هيقبل بواحدة زيي اتداس عليها ومبقتش زي ما أي راجل بيعوز شريكته وحبيبته ، مش ذنبي والله العظيم ، والله ما ذنبي يا ٱدم يا ريتني كنت مُت قبل ما كل ده يحصل ! "



وصارحته بمنتهى الألم :



_"  أنا خايفة أوي مع اني بحبك !"



لمعت عينيه منها ومن حديثها ومن وجعها الذي ظهر بكل انش ظهر في تقاسيم وجهها ، تنفس بتقطعٍ ونفى قولها بـ :



_"لأ في يا فريدة ، في حتي لو قليلين بس لسه فيه ، أنا عارف انه مش ذنبك بس مش ذنبي كمان احاسبك واعايرك مش من حقي ، مستعد احلفلك لو في يوم جيت عليكي ووجعتك بكدة يبقي أبعد عنك ساعتها ومستاهلكيش يا بنت الحلال ! "



وقفت تائهة ، وابتلعت ريقها ومازالت عالقه في كلماته قبل لحظاتٍ ، ابتسمت ترد بدلاً عن الحديث بابتسامة هادئة وأومأت فقط ، فنظر لها مطولاً وقال يسألها يشتت عنها تفكيرها هذا :



_"عارفة ايه اللي بقىٰ من أحلامي المستقبلية !"



رفعت "فريدة" عينيها تنظر بتساؤل فوجدته يشير بيديه على دراجته البخارية وإلتفت برأسه يخبرها وكأنه حلم بعيد وقريب بنفس ذات الوقت:



_" اني أخدك ورايا  هنا وانتِ مراتي ونفضل نلف الدنيا كلها مع بعض!"



استطاع ان يجعلها تضحك بخفةٍ وسخرت منه من بين ضحكتها العالية :



_"نلف كل الدنيا بـ دي ؟!"



_"ٱه ،أصل  لما بتكوني معايا ، أي حاجة مش ممكن تحصل بتحصل !"



أثر بها قوله وعادت تبتسم بخجلٍ ورفعت عينيها تخفف من اجواء الوجع  التي بدأت بها وقالت تمازحه وهي تذكره بحادثه مُلمحة بـ :



_" ونعمل أحسن حادثة ونتجبس احنا الاتنين في سريرين جنب بعض في  المستشفي الحكومي اللي على أول كوبري منطقتكم!!"




        
          
                
حينها غمز لها "ٱدم", وقال بمرحٍ وهو يميل مشيراً لها بقوله:



_" وببقي احلى us بين الواحد والواحدة !"



وضعت يديها على فمها تكتم صوت ضحكتها كي لا  تخرج بصوت عالٍ ، فضحك هو مثلها ولكن بصوت هادئ واقترب من الدراجة يركبها عندما اعتدلت هي ودارها بهدوء ، فحملت هي الأكواب وأشارت له بيديها بحذر وهي تتسمك بما تمسكه :



_"سلام !"



رفع عينيها الذي يعلقها بسوار في معصمه وقبلها بمشاكسةٍ وقال يشير لها هو الٱخر :



_" سلام يا صاحبة احلى عيون  حلوة مبتعرفش تكدب!"



وكالعادة أجابت وهي تلتفت لتسير :



_'' لأ بيعرفوا !"



وكان قوله المعهود وهو يسير بالدراجة أمام الطريق الترابي التي تسير عليه وقبل ان تصعد الدرجة الأولى وقف وهتف بصوتٍ مرتفع يخبرها بقوله المعتاد:



_" طب عيني فـ عينك كدة !"



بالوقت ذاته أخرج هاتفه وعلم أنها ستلبي غرضه ، فإلتفتت هي تنظر له بابتسامة واسعه واذ به كان قد التقط الصورة بسرعة فائقة فنظرت بغير تصديق وغمز لها مردداً :



_" استني بكرة موجز الأخبار بالدليل  وفوق الصورة عنوان : شاهد شاب يقف أسفل بيت فتاة سرقت قلبه وصرح قلبه التي سلبته  بأنه لن يتنازل عن حبها وسيظل متمسكًا بها لٱخر العمر ، المسروق منه قلبه بين قوسين ٱدم البدري ، ..سلام !!!"



سمعت بعد ذلك ضحكته العالية مع فعل احتكاك بالأسفلت ومن ثم أشار بالوداع وكل هذه الأصوات امتزجت مع صوت ضحكتها العالية بإعجاب وسعادة لما قاله للتو وبرع في قلب الموازين بكل سرعة!! 



_____________________________________



السعادة في بدايتها تحتله الٱن عندما سمع ماحدث بين "والده" وبين "عز" ، كان يجلس في غرفة "غسان" على فراشه وبجانبه "حامد" ومن الناحية الأخرى "غسان" وعلى طرف الفراش كانت"دلال" ومن  الناحية الٱخرى "وسام", التي تلهفت تسأل والدها بفرحةٍ:



_" يعني قريب هزغرط يا بوب ؟"



ضحك الثلاثة لها بينما نظرت لها "دلال" بحدةٍ تنهرها بسبب حساسية "غسان" من قولها خاصةً بأنه الٱن يُطلق عليه مُطلق والٱخر مقبل على خطبة ؟؟ ، لاحظ "غسان" نظراتها فمد ذراعه يقربها منه بحبٍ وقال يشاكسها :



_" ايوة ، زغرطي وعيشي حياتك وزيطي ، بس زغروطة خطوبة بسام عندي مش زي زغروطة نتيجة الثانوية العامة !"



ختم قوله بغمزة عين ، فرفعت رأسها بسعادة رغم توترها ، و على الرغم من ان الغد بداية امتحانات من نوعية (الاحصاء والتربية الدينية والاقتصاد.). إلا أنها تشعر بتوتر قصد "غسان" إخراجها منه عندما تعمد  الاصرار على ان تجلس قبل ان  تنام مبكرًا ، نظر "بسام" بسعادة وردد بفرحةٍ يترجاهم:




        
          
                
_"دعواتكم تكمل علي خير بقا  عشان ساعتها  هتبقي لا تسع الغرفة أجنحتي والله العظيم !"



شمله "غسان" بنظراته وهوي ضرب كتفيه بثقة وقال:



_" أنا اللي بقولك انا انها هتوافق!"



_"بجد ؟؟"



رددها بلهفةٍ ، فضحك الكل عليه وكان رد "دلال" طبيعيي منها حينما قالت:



_" بجد أوي كمان ، انتَ مستقل بنفسك ولا ايه ياواد ، دا انت دكتور قد الدنيا!!"



هذا اللقب تردده عادةً ، نظروا إلى بعضهم وانفجروا ضاحكين ، وقال "بسام وغسان" بصوتٍ واحد :



_" قـــد الـــدنـــيـــا تـــانـــي!!"



خرجت ضحكاتها بصخبٍ ونظر لها "حامد" بسعادةٍ ، حتي اندمج معهم وأجابها "بسام " بنبرة بها ٱثر الضحك :



_" طب ما هي دكتورة يا ماما !"



_" مليش دعوة يا خويا ، أنا  ليا ان ابني دكتور وقد الدنيا كمان!!"



اقترب "بسام " يقبل وجنتيها بسعادة ، حتي ابتسمت بحب رغم شدته في قبلته المَرحة إلا انها دفعته عنها أخيراً باشمئزاز زائف ونظرت تجاه"وسام " وحثتها قائلة:



_"قومي يلا يا وسام عشان تنامي ، عليكي بكرة امتحان بدري!"



لاحظ الآثنان توترها ووالدها أيضاً وبعدما نهضت هتف "حامد " مردداً يقاطعها :



_" استني!"



إلتفتت فأشار لها بأن تصعد على الفراش بجانبه ، جلست بينه بلهفةٍ وبين "بسام " التي شاكسته بضربها له كالعادة ، فضمها "حامد" بحنوٍ وسألها قائلاً :



_" خايفة ليه ؟"



وقبل ان تُجيب هتف "بسام " بنبرة هادئة يحثها :



_"مش عايزك تخافي طالما انتِ عاملة اللي عليكي ، انتِ مش زاكرتي المواد اللي ملهاش لازمة دي ؟ عليكي احصا ووطنية صح ؟"



أومأت ، فتدخل "غسان" يُطمئنها مردداً :



_" متخافيش هتعدي ، متوتريش نفسك علي دول ، ركزي فالجاي وشيلي أي خوف من جواكي ، ونامي بدري عشان أوصلك بكرة  ان شاء الله أنا وبسام !"



ابتسمت "وسام" فوجدت قُبلة "حامد" على جبينها هي الأسرع ، ففركت هي كفيها ،  وحاولت النهوض تردد لهم :



_" يلا تصبحوا علي خير !"



ومن بين تحركها ربتت "دلال" على ظهرها ، فأمسكت "وسام" كفها تقبله ونهضت مرددة بمرحٍ تخبرها :



_"بما اني مبعملهاش كتير ، بس بلا أهو حسنات تقف معايا في امتحان بكرة !"



ضحكت عليها بخفةٍ وأشار لهم  بمرحٍ حتي خرجت من باب غرفتها ، دعت لها "والدتها" في خروجها ، بينما هتف "بسام" يخبرهم بثقةٍ بها :




        
          
                
_" أنا واثق فيها خدوا بالكم ، ومتحمس أنا وشادي عشان نوفي بوعدنا ، محدش هيزغرطلها ألا أنا وهو!!"



ابتسم "غسان" وسأله بطبيعته التي لا تغيب عن ملاحظة التفاصيل:



_"هي ايديها بتترعش ليه .. عادي يعني؟؟"



_"عادي من التوتر ، ولا انت فاكر الناس كلها زيك باردة ، وبتنام وبتخرج وبتتفسح فثانوية عامة وٱخر حاجة تهمها المذاكرة !!



نظر إلى "والده " بذهولٍ وضحك بغير تصديق كما ضحك شقيقه ووالدته ، فإستسلم لقوله  بعدم قدرته الآن علي المعارضه او العناد والتبجح في الحديث :



_" اللى تشوفه يا حج انت أدرىٰ!"



وكزته "دلال" في ساقه وقالت تعنفه بمزاحٍ :



_" بيهزر معاك يواد ، متقفش كدة اومال!"



صمتت ونهضت تشير لـ زوجها تحثه على النهوض وهتفت بصوتٍ هادئ:



_" تعالى يلا يحج عشان تنام وتاخد علاجك !"



_"لأ مـ.."



هول "بسام" الوضع ونهض يشهق بصوت عالٍ وقال يفخم رفضه:



_" يا لهوي دا بيقولك لأ  يا ماما ..بيرفض كلامك!!!"



نظر "والده" باستنكارٍ له وتابع "غسان" في حين نظرت هي له بغير فهم ودارت رأسها ناحية "حامد" وأشارت علي نفسها بحزن :



_" انت بتقولي لأ يا حامد ؟؟"



حاول الدفاع عن نفسه وبرر سريعاً يحاول أن يجعلها تفهم الوضع:



_" لا مش قصدي يا دلال ، انا كان قصدي اني مش هنام جنبك النـ..."



شهق "بسام" مجدداً  وقال يفخم الوضع بمرحٍ :



_" مش عايز ينام جنبك؟؟؟؟؟ اللي أن سمعته ده بجد؟؟؟؟"



اعتلت ضحكات"غسان" ونهض "حامد" ببطئٍ يمسكه من تلابيبه وقال بضجرٍ من ما يحاول فعله بينهما :



_" انت عاوز ايه بالظبط ياض؟؟؟ عايز ايه ؟؟ احنا لسه فيها هكلم عز اقوله يصرف نظر عن الموضوع ده ونفضها سيرة !!!"



اندفع"بسام" يترجاه سريعاً بنبرة أشبه بباكية زائفة :



_" لأ خلاص ، خلاص والله هتعدل!"



تركه بعدما رمقه بحدةٍ ، وحرك "غسان" رأسه بيأسٍ منهما ومد يده يلتقط هاتفه ، وسمع قول "والده" بتبرير :



_" بقولك يا دلال روحي هاتي شنطة العلاج هنا ، النهاردة هنام مع غسان!"



حرك "غسان" رأسه بإندفاعٍ يترقب ، بينما ابتسمت هي ولم تعارض ، فقد  قاربت علي فهم ما يفعله للتخفيف عن ولده ، وافقت وخرجت بينما  شاكسه "بسام" بقوله الٱتي :




        
          
                
_" الله يسهله يا عم .. الحج حامد بذات نفسه سايب حب عمره وجاي ينام جنبك ، دا انت مش عادي بقا ، دا احنا نتصور معاك !"



إعتدل "غسان" يستند بظهره علي خشب الفراش وقال يوضح:



_" أنا مش عايزك تتعب نفسك يا بابا ، نام مكانك عشان جسمك ميوجعكش متقلقش انا كويس !"



_" لا مش كويس وأنا جنبك الليلة دي وهرقيك بقرٱن عشان تنام وترتاح ، بسام قالي انك مبتعرفش  تنام !"



سب شقيقه بسره ، والتزم الصمت ، ونهض يبتسم وقال مفسراً :



_"لسه شوية على ما أنام ، هخرج البلكونة أشرب سيجارة واقعد شوية وبعدين ارجع!"



نظر لشقيقه بجمودٍ فتحنح بحنجرته ووقف مكانه عندما قاطع"حامد" كل ذلك وقال:



_" مش ضروري سجاير يا غسان ، انت مبقتش تقعد دقيقين علي بعض من غيرها ، انت مكنتش كدة ، ودا غلط عليك ، مش يمكن دا اللي مش مخليك تعرف تنام !!"



هل يرواغ والده معه ؟ سبب أرقه معروف وواضح ! ، لا ينام من ألم الهجر والفراق ، لا يستطيع ان يغفل عينيه وهي ليست بين ذراعيه أو عالأقل يضم خصرها بذراع واحد والٱخر يحتضن به كتفيها كما اعتاد!!  وان لم يكن مل ذلك فلم يستطع  النوم بسبب ألم ما فعلته به كما يرىٰ ، أخذ أنفاسه ورد رد غير مقنع بل رد ليس له علاقه كي يستطيع الهرب من النظرات:



_" أهو بقا !"



اقترب يفتح الشرفه بعدما التقط العلبه وأخذ معه هاتفه ، وأغلقها خلفه مرة أخرى كي لا يدخل هواء للداخل ووالده هنا ، جلس "حامد" على الفراش ووقف "بسام" ينظر بشققةٍ وإعتدل سريعاً عندما رفع "حامد" عينيه له وهتف قائلاً له:



_" انت واقف عندك لسه بتعمل ايه ؟؟"



_"تفتكر هعرف أنام من الفرحة!"



_"مش عايزك تعشم نفسك أوي وأنا بقولك كدة علشان بحبك وخايف عليك مش بحبطك!"



إقترب "بسام " يجلس بالقرب منه وابتسم يؤكد قوله موضحاً له:



_", أنا عارف ده يا بابا ،بس بعيش فأي دور يخفف اللي غسان فيه ، مع اني خايف اني اترفض بس فنفس الوقت حاسس اني لو وافقت فرحتي مش هتبقي كاملة طول ما اخويا مش مبسوط من جواه ، حاسس بالذنب عايز القبول يجي بس ميجيش عشانه وعشان مشاعره !"



وكأنه يعي عندما رفع رأسه ببتسم لوالده وصارحة مرة أخرى بما جعل"حامد" يتأثر منه :



_" متعودتش أفرح من غيره!"



وأضاف يخرج أنفاسه ظاهراً وجعه الداخلي :



_" مربتنيش أفرح وأخويا زعلان!!"



رفع "حامد " كفه يفهم تبريره ومرر يديه علي خصلاته كصغير يصحح لوالده ما رآه كذباً يخرج منه بينما في الداخل عكس ذلك تماماً :




        
          
                
_"وأنا عارف ده ، مش محتاج تبرر لأبوك اللي رباك ،بس هي كدة الدنيا مش كل مرة معانا ولا كل مرة علينا ، ولا بتقف عند مصيبة معينة ، قدر الله وماشاء فعل ، واخوك هيبقي بخير وهيتبسطلك ، دا هو فرحانلك ومكلمني أكتر منك وكل شوية يقولي فاتحت عز ولا لسه!"



ابتسم "بسام" يأخذ أنفاسه وكي لا يتركه والده مع قوقعة  أفكاره شاكسه بقوله المازح :



_"لا بس البت فرح دي شكلها عينها منك وكاشفاك يا عبيط!"



_" تفتكر ؟؟"



وكان قول "دلال" الأسرع وهي تدخل بعلب الدواء وقالت بتكرارٍ :



_" وميفتكرش ليه ؟ هي تطول ؟ دا انت دكتور قد الدنيا!"



ضرب رأسه بمرحٍ وازدادت ضحكات "حامد", عليها وهو يتابعها تخرج له الدواء ،بينما ما ان لاحظ "بسام" خروج شقيقه ، أسرع ناحية غرفته يجلب غطائه كي يشاركهم الغرفة ، وجود "والده" معهما بالغرفة بمثابة كنز وشئ ثمين لا يتكرر كثيراً ، بينما حتي ولو لم يشاركهما الفراش بجانبهما فسيتسطح على الأريكة كما اعتاد منذ ٱخر مرة طرده شقيقه من الفراش بعنفٍ وعارض على نومه بعدها بقية الأيام بجانبه ، فيوم  على الأريكة وأيام أخرى بالمستشفي وهكذا ، الٱن رب الأسرة السوي نفسياً معهم كيف ستفوتهم الفرصة الذهبية هذه!!!



____________________________________



سكون الشقة يُخبرها وهىٰ داخل غرفتها حبيسة أن الكل قد رحل ، وبالفعل رحل "عز" مع "فرح" و"جميلة" قبل وقت , وكل ومل الكل من الدق على باب غرفتها وهي ترفض بأن تفتح ، لذا ذهبت "سمية" لغرفتها ، وكذلك "ياسمين" التي أبت الذهاب معه ناحية غرفته في شقة "والدته" هو.  ، بل ظلت فظل معها وتجنب الحديث كله حتي في حق شقيقته مقرراً عدم المواجهة الٱن بسبب حنقها واندفاعها الزائد عن الحد! ، بينما جلست "وردة" في غرفتها تتحدث مع "بدر" في الهاتف ، وقد استيقظ الصغير بعد فترة  من النوم الطويل ، سيظل يجعلها مستيقظة طوال الليل لطالما قد غفى وفاق!! ..



علمت من السكون الرحيل يشبه تمامًا ذلك السكون الذي بداخلها بمنتهى الوجع عقب الرحيل ،  رحيله من جانبها ، تسيل الدموع منها منذ ان صعدت بسرعة ، غفت واستيقظت والٱن تبتلع غصة مريرة بحلقها مؤلمة وكل المواجهة وحديثهما يتردد في أذنها ، باتت لا تعلم  ما الفجوة التي حدثت بينهما بهذه السرعة ، كيف؟ ومن أي سبب بالتحديد فكل الأسباب أمامها الٱن كثيرة .. كثيرة جدًا ، كيف كان سيصبح ثباتها ما ان رددت له بأنها بالفعل نادمة !! ، ما يوجعها هو ثباته هذه المرة على المبدأ ، أي أنها ضمنته كما قال تماماً ، وخرها قلبها ما ان استمعت لحديث أشبه بأنه سيرحل كي لا تراه بعد الٱن  ، حتي نظرته وتبححه ووقاحته في الحديث والنظرات ستحرم منها..



ولكنها لا تعلم ماذا يقصد بهذا الرحيل بالتحديد ، هل رحيل حقيقي؟ أم رحيل مجازي كي يقصد عدم الظهور أمامها ؟! ،مسحت بكفها دموعها ، وقبل ان تندمج أكثر في هذه الأفكار الموجعة خلعت سترتها عنها ووقفت تشعل ضوء خافت حتي نظرت بالمرٱه لطيفها ، لم تتغير كثيراً سوى فقط من ملامحها الباهتة والسواد الذي أسفل عينيها من الإرهاق! ، تلمست معدتها بألم من فقدان الكثير والكثير معها الٱن ، أمامها مشهد تخيلي من المفترض أن يحدث أو كان ، عندما يأتي من الخلف يضع كفه علي معدتها بسعادة يتشاركان الخطط المستقبلية لصغيرهما بكل حماس ولهفة ، ينتظران لحظة وضعه ، كل الكلمات التي تأتي منه في أنه يهابها ويخاف أن يمسسها ضرر ، وأنها العدد رقم واحد لديه،  مر بزواجهما الكثير من المحن والعقبات ، أقربهما عقبه تركت أثر في كتفيها ٱثر النصل الحاد الذي جاء بها وهي تفديه ، أقربها جرح جانبه بنصل حاد أيضا؟ عندما كان يفدي ابنة عمها من يد شقيقها وخطره!!
تحملت ضغوط وثقل كبير ولكن ثفل وضغط فراقه ان وُضع بكفة ميزان حتماً سترتفع كفة فراقه وهجرة من كثرة الألم والوجع! شهقت بتمزقٍ وهي تمسح وجهها ، والتفتت بوجهها تنظر ناحية الشرفة التي قللت من الظهور بها ، وعادت تتمسك بمعدتها بلهفة ، ما يوجد داخلها ٱخر شئ باقٍ لها !! 




        
          
                
وبسرعة سمعت صوت الصغير ببراءة وهو يدق علي الباب مردداً بنبرته الطفولية:



_" روز!"



ما لا تعلمه أنها ستنهزم وستفتح لتعلقها به وتخيلها بأنه صغير لربما سيشبه صغيرها فالمستقبل ، وما لا تعلمه بأنه مُرسل بتخطيط منه هو ، من "غسان" الذي هاتف "بدر", يخبره بذلك واثقاً بأنها ستفتح له ، عندما علم بأنها رفضت ان تفتح للجميع ، وانصتت "وردة". له ووقفت على بعد تنتظر وابتهجت ملامحها ما ان سمعت الباب يُفتح بخفوتٍ فتوسعت ضحكة الصغير ببراءة مره أخرى وهو يتلهف متوجهاً ناحية ساقيها يتمسك بهم :



_" روز "



انحنت "نيروز"  بحذرٍ تقبله حتى ضمته مشددة بعناقٍ عل عناقه هو سيريحها ويشعرها بالٱمان قليلاً، هبطت دمعتها وهي تقبله بتأثرٍ من. وجنتيه فرفع "يامن" كفه الصغير ببراءة يمسح وجهها ، هل هذه الفعله موروثة؟؟
حنو الصغير وكل شئ حولها يُذكرها به وبأدق تفاصيله ،  تركت الباب مفتوح واقتربت تجلس على الفراش وجذبت الغطاء بحرصٍ وهي تضمه إلى صدرها حتى استند برأسه عليها وهو يتمسك بلعبته ، فسألته هي بنبره ضعيفة طفولية كي تصل لعقله :



_" تيجي ننام ؟"



لم يجيبها ولكنها مررت يديها على رأسه بحنانٍ وجذبت الغطاء تربت علي ظهره برفقٍ وشردت تتخيل لحظاتها القادمة مع صغيرها ، ولكن هناك نقص بهذه اللحظات ما أن لم يشاركها هو حتي بمجرد المساعدة في حمله عنها , تتعلق بالمستقبل والمستقبل ليس به هو. من الأساس! ، يخيب ظنها ورجاءها ثم تعود بخيبة كبيرة مرددة بحسرةٍ  انها بمفردها!!



ابتلعت ريقها بوجعٍ  مجبرة على تحمل كل ذلك! ، والغريب بأنه غفى بين أحضانها وسقطت اللعبة عليها وانتظمت أنفاسه فعلمت أنه نام!!



لم تتركه بل ضمته أكثر لها ورفعت الغطاء أكثر عليها تحاول بأن تفعل المثل ، لتنام هي الأخرى ولكن كيف النوم مطولاً ويحتلها ألم الهجر والفراق مثله تماماً , تركتهما "وردة" لطالما اطمئنت وحاولت التوجه ناحية غرفتها كي تخبر زوجها بنجاح هذه المُهمة المدبرة بعقل حدة الشباب!!



___________________________________



لم يصعد إلى الٱن وعقله يتضارب بالأفكار والمشاهد ، يجمع بين ردود الفعل والنظرات ، ويحسم الأمر بعقله أولاً مع نفسه قبل ان يُفاتح به أحد ، عبث "عز" بهاتفه قليلاً وعقله بمكان ٱخر ،  رفع عينيه ناحية باب غرفة شقيقته المغلق ، يعلم ان "جميلة" معها بالداخل منذ ان عادوا من الخارج ولم يخرج لهما صوت ! ، رفع رأسه بانتباه لخروج والدته من المرحاض بعدما استعدت الٱن للخلود إلى النوم ، اتسعت ابتسامتها بلهفة واقتربت تسأله:



_" انت لسه مطلعتش؟ دا أنا فكرتك قفلت وطلعت!"



_" بتطرديني يا أم عز يعني ولا ايه ؟"




        
          
                
شاكسها "عز" بضحكٍ ، فضحكت "حنان " تنفي برأسها وقالت توضح:



_" مش القصد يا واد ، بس اكمني بس اتعودت خلاص على كدة !"



حرك رأسه بتفهمٍ واستقام يخبرها بهدوءٍ :



_" لأ لسه مطلعتش زي ما انتي شايفة ، وجميلة جوه كمان مع فرح ، بس أنا مستني عشان عايزكم فموضوع مهم ؛"



قوست حاجبيها ونظرت بفضول إمرأة لاق بسنها كثيراً ، فمد كفه كي تستند عليه وقال يحثها :



_"تعالي !"



سار الاثنان معاً بعدها ووقفا أمام باب غرفة "فرح" حينها رفع يديه يدق الباب دقات هادئة ، فسمحت له "فرح وجميلة", من الداخل ، وقتها فتح الباب وهو يقف بجانب والدته وما ان فتحه دخل الاثنان ووقف "عز" ينظر بغير تصديق لما يفعلانه  و,حرك رأسه يسألهما :



_"انتوا بتعملوا ايه دلوقتي ؟"



لاحظ مساحيق التجميل التي وضعتها "فرح", بترتيب على وجه "جميلة" مما أظهر جمال ملامحها برقةٍ ، ابتهجت ملامح "حنان" واقتربت تنظر بسعادة وقالت تصارحها ببهجة :



_" ونبي زي القمر وأحلىٰ !"



ضحكت "فرح" واقتربت تمسك كفه تسحبه ناحية الداخل أكثر وردت علي سؤاله وهي تحرك رأسه ناحيتها هي بعدما كان ينظر ناحية "جميلة", التي شعرت بالحرج :



_" انا لقيتها هادية ومكتومة كدة فقولت أفرفشها وأدلعها , ايه رأيك ؟"



ابتسم بلطفٍ و نظر نحوها فوجدها تقف وهي ترمش بأهدابها وتجرأت تسأله أمامهما :



_" شكلي حلو يا عز ؟"



أكد برأسه ونظر نحو تقاسيم وجهها بتيهة وقال يصارحها بـ:



_" أوي ، شكلك حلو أوي !"



إحمرت وجنتيها أكثر واضاف هو بصدقٍ بعدها :



_" بيه أو من غيره فإنتِ جميلة!"



صفقت "فرح", بحماسٍ وغمزت لهما بسعادةٍ وعدلت ياقتها الوهمية ، فضحك هو عليها بخفةٍ ، وسرعان ما اعتدل يخبرها :



_" طب اقعدي بقا عشان عايزكم فموضوع مهم !"



جلست "حنان" وهي تنتظر ، فجلست "فرح" بغرابةٍ ، واعتدلت "جميلة" بحرج تخبره :



_'' طب أنا هطلع انا عشان اغير وأخرج الهدوم من الغسالة.. هسيبكم مع بعض !"



أمسك "عز" مرفقها برفقٍ وابتسم يرفع عنها الحرج وأشار لها بلطفٍ قائلاً :



_" لأ ، خليكي ، انتِ مش غريبة يعني ولا ايه يا أم عز ؟!"



أشار لوالدته بعينيه وشقيقته. ، كان قد اخبرهم من قبل بحرجها الزائد  الذي يوضع حدود من لا حدود  بينهما ،  تلهفت حنان وهي تمسح على المنطقه الواسعه في الفراش وقالت :




        
          
                
_" طبعاً أومال ايه ، تعالي يا جميلة اقعدي ، انتِ لسه هتتحرجي مننا ، احنا بقينا عيلة خلاص، وسيبي العمايل ، ما العمايل يختي مبتخلصش ..في داهية اقعدي ..اقعدي!"



ابتسمت بحرجٍ واقتربت بعد تشجيع "عز" لها. فاتجهت تجلس بجانب "حنان" ومن الناحية الأخرى جلست "فرح " تنظر بغرابةٍ وقالت بقلق :



_" في ايه يا عز الرجال ، مجمعنا ليه كده، هتتجوز عليها ولا ايه !"



وكزتها "حنان" بعدما شهقت "جميلة", فضحك هو يؤكد وقال بشفرةٍ ما :



_'' هو مشروع جواز  فعلاً بس مش أنا ، أنا خلاص خدت نصيبي الحلو من الدنيا !"



نظرت "جميلة " بخجلٍ ، فاندفعت ", فرح "  بعفويةٍ :



_", أومال مين ؟ أمك ؟"



شهقت "حنان" وضربتها بخفةٍ تنهرها تحت ضحكاتهم:



_"اختشي يا بت !"



عدل هو ملابسه أكثر من بين ضحكاتهم واقترب يجلس بالقرب منهم على طرف الفراش ، وبدأ قوله بـ:



_"لا مش أمك ، أنتِ متقدملك عريس!"



ابتهجت ملامح "حنان" وتحمست "جميلة" لسماع الٱتي بينما نظرت بضيقٍ وأشارت له بيديها تجاريه كالعادة :



_" وبعدين رفضته زي عادتك يعني ؟؟"



_"لأ مرفضتش لإني حاسس اني هوافق أو موافق بس مش أوي يعني لإني محتاج اسمع رٱيك الأول وبعد كده نشوف!"



واندفعت "حنان " بلهفة  تردد بفرحة أم بحدوث هذا الموقف:



_" صحيح يواد يا عز الكلام ده ؟ عليه العين وصاحب مقام العريس دا ولا أي كلام!!"



وأضافت دون أن تعطيه الفرصه للتفسير :



_" أنا بنتي دكتورة متاخدش ألا دكتور زيها أو حاجه مقامها عالي كدة ؛انت عارف."



صمتت"فرح " تنظر على لهفة والدتها وترقبت "جميلة ", الٱتي منه عندما إعتدل يفسر لهم :



_" دكتور يا أم عز متقلقيش ومحترم كمان وابن ناس!".



لا تعلم لما شعرت بالضيق لربما تري بوادر قبول في عينين شقيقها ، بل رد فعله يختلف عن المرات السابقة ، رفضت بعفوية كي تغلق هذا الحوار وقالت تصارحه :



_" لا مش مستعدة ، مبفكرش في كدة دلوقت"



رد فعلها مختلف هي الأخرى ، ولا تعلم هي بأن هذا الرفض كان طبيعي منها بسبب انشغال عقلها به ، ولكن الٱن لم يأتي هو بعقلها ولا تعلم أيضاً. لمَ الرفض دون ان تعلم هويته , وكان رد فعل"عز" المتوقع :



_"خلاص براحتك، أنا مش هغصبك علي حاجة ، دي حريتك وليكي حقك في الرفض فيها أو القبول !"




        
          
                
كادت ان تتحدث"حنان" سريعاً تبرر لها بشئ ولكن كان حديث"جميلة", المندفع قبلها لربما انقذت هي الوضع:



_" استنوا بس يا جماعة ، احنا منعرفش مين هو العريس ده يا عز ، هي تعرفه طيب ؟؟"



كانت تتوقع "فرح" بأنه سيرفض لذا لم تترقب ولكنها حركت رأسها بإندفاعٍ عندما قال بصدق:



_" أه نعرفه كلنا ''



صمتت"حنان" تفكر بينما هي اندفعت برأسها بمفاجأة ، لا تعلم طبيب غيره !! ،. ابتلعت ريقها وشعرت بأن يديها ترتجف الٱن ! ، وسألته "والدته" بفضولٍ شديد :



_" طب مين ده يبني ، ما تقول انت بتجري ريقنا وتسكت!"



ضحك  "عز" على. قولها وشمل شقيقته  كي يري رد فعلها بالتفصيل عندما قال ما صدمهم جميعاً :



_" دكتور بسام حامد البدري"



ذُهلت "جميلة" واعتدلت "حنان" تضع صدمتها على جانب وقالت بفرح شديد :



_", بجد الكلام ده يا عز ؟؟ دا يوم المنى لو حصل ، انت متعرفش انا بعزه أوي ازاي ، دا محترم اوي وابن ناس وجدع ووقف جنبنا كذا مرة هو واخوه بردك!"



تركها تثرثر ، وجاب عينيه ملامح وجه "فرح", هو و"جميلة" ، بينما هي تلقت صدمة كبيرة  وكل الحديث من بدايته يرجع إلى ذاكرتها الٱن ، كان يحب طبيبة وهي لا تعلم عنه شئ ، طيبية تسمى فرح ؟؟، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وحتي مهما كان متوقع منه الا انها سعدت وشعرت بالضيق بنفس ذات الوقت ،. لا تكن له حباً لكنه يلفت الانظار إليه وهي كانت من ضمن الذين انتبهوا له ولشخصيته فوقعت بين اعجاب أقارب ومعارف !! ، أخذت أنفاسها وخرجت نبرة "عز" وترك اللعب بأعصابها وتعمد اللين وهو يسألها مجدداً :



_" رٱيك زي ما هو حتي بعد ما عرفتيه ولا لسه رافضة ؟ "



_" ترفض ده ايه ، لا هتوافق طبعاً اسكت انت وهي"



نهر "عز" والدته بنظرته وقال بجدية يوضح:



_" لا يا ماما ، ملناش دعوة غير الموافقة على الشخص مبدأياً بس ، غير كده هي اللي بإيدها الباقي من غير ضغط ولا فرض!"



التزمت الصمت بحنق في الخفاء ، ونظرت "جميلة" لها ، وتفاجئ هو من  ارتباكها عندما رفعت رأسها تصارحه بتشتتٍ :



_" مش عارفة يا عز ،أنا توهت!"



وقبل أن يردد بحديث يطمئنها تدخلت "جميلة" تنصحها :



_" يبقي تصلي استخارة دلوقتي قبل ما تنامي، وبكرة نعرف رأيك ، اذا كنتي مرتاحة أو مش مرتاحة ، واكيد هم مستنين رد منك صح يا عز ؟"



_" صح ، وأنا كمان مع كلام جميلة ، طالما تايهة يبقي نقوم ونسيبك تصلي استخارة وتنامي ، ومحدش هيفرض عليكي حاجة متخافيش!"




        
          
                
استسلمت بتشتت توافق ،. فابتسم هو ،. تحت نظرات "حنان" الذي أشار لها "عز". كي تخرج وتتركه معها ، نهضت "جميلة" تسندها كي تترك لهم الخصوصية وخرج الاثنان في الخارج ، اما هو فمد يديه يمررها علي ظهرها برفقٍ وقال يطمئنها بسؤالٍ :



_" انتِ خوفتي ليه كدة يا فرح ؟ لو مش عايزة من أصله يبقي بلاش ، وسيبك من كلام امك متحطيش فدماغك انها فرصه وهتضيع دا جواز مش أي كلام ، مستعده عامةً يبقي تصلي زي ما جميلة قالت وهنتظر ردك بكرة ، اتفقنا ؟؟"



ابتسمت من حديثه الذي طمأنها واقتربت تحتضنه وبعدت عنها أي أفكار او تشتت وقالت تصارحه بحبٍ :



_"ربنا يخليك ليا يا عز ، أنا بحبك اوي ، وكنت لسه بقول لعمو حامد اني مش هقبل بواحد أقل منك ، عايزاه زيك بالظبط !"



علم ما فعله "حامد" كي لا يضع نفسه بموضع محرج ، تجاهل ذلك وابتسم بسبب سري على عفويتها في الحديث والاعتراف دون علم منها ، وشاكسها سريعاً عندما قال يسألها:



_" وتفتكري بسام زيي  بقا؟؟"



_" انت مفيش حد زيك ابداً ، مينفعش تسأل السؤال ده!"



نظر لها بتشككٍ واقترب بعدها يقبل قمة رأسها ونهض يعتدل وحثها مره أخرى :



_"هسيبك تعملي اللي قولتلك عليه ، وهطلع أنا بقىٰ ،. تصبحي على خير!"



_" وانت من اهل الخير "



رددتها بابتسامة واسعة وخرج من الغرفة بعدها فلاحظ صعود "جميلة" وقبل ان يصعد قرر أن يذهب ليحث والدته بعدم الضغط عليها حين ان ياخذ منها اي رد ، أما هي فجلست بتشتت وخفق قلبها بتوترٍ فركت يديها ونظرت نحو الهاتف التي لم تنظر له منذ فترة ، وما صدمها عندما فتحت  الهاتف وجود رسائل منه هو شخصياً .!!



•Bassam El Badry•
•«صاحية ؟؟»



•«أنا عارف ان فات عز كلمك وكان ممكن افتح معاكي الموضوع ده أنا بس عملت حساب للرفض ، أنا مش عايزك تتسرعي وعايزك تفكري كويس ، أنا شايفك تنفي تبقي شريكة حياة وأم لولادي فالمستقبل. بس فنفس الوقت مش بضغط عليكي انك تقبلي ، بس لو في أي رفض بعد ما تفكري براحتك حابب تعرفيني هنا عشان أكون مهيأ لكدة ..»



ثم وجدت بعدها رسالة يساعدها به كما اعتاد بمساعدتها دوماً بظهورة في وقت ضياعها :



•« قبل ما أنهي الكلام ده دعاء الإستخارة  اللي برجح انك تعمليها عشان لو مش متذكراه او لو لسه هتدوري عليه ،فـ  إقرأيه من هنا ..»



تأثرت من رسالته هذه ومررت عينيها على الدعاء تتذكره قبل ان تنهض لتتوضأ وتعود لقراءته مرة أخرى ..



•«اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمِّي حاجته) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمِّي حاجته) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.»




        
          
                
واتسعت ابتسامتها أكثر عندما قرأت التالي :



•« وتصبحي على خير ، وأصبح أنا على قبولك يا فرح »



ارتجفت يديها بتخبطٍ بما سترد ؟  تفاعلت بالرمز قلب على كل هذه الرسائل وابتلعت ريقها تحاول أخذ أنفاسها كما استشعرت سخونة وجهها وخديها ، فنهضت تقرر الوضوء وفعل ما حثها علي أكثر من شخص وٱخرهم هو "بسام" المُتمني لقبولها !!



_______________________________________



وعلى الجانب الٱخر ، أضاء هاتفه فإلتقطه وهو مسطح بنومته هذه على الأريكة قبال فراش شقيقه الذي شاركه والده به ، كان "غسان" بجانب"حامد" على الفراش وعلى بعد منهما كان "بسام" الذي ابتسم ما ان وجد تفاعلها ، ورفع رأسه ينادي شقيقه بـ :



_" غُس.."



الغريب أنه لم يجيبه ومن الواضح ان قراءة القرٱن والاذكار عليه بواسطة والده الذي مسد على  خصلاته كصغير تحت كفه الحاني الذي يمرره ، قد غفى ، وانتظمت أنفاسه بتعبٍ فربت "حامد" على رأسه بشفقةٍ وحرك رأسه بضجرٍ تجاه الٱخر وسبه قائلاً :



_" اسكت يا زفت انت ، احنا ما صدقنا ينام ويرتاح ، عايز ايه منه !"



كان صوته منخفضاً فكبت "بسام" ضحكته وقال يتصنع الضيق:



_" ايه التفرقة دي يا حج ، ما انا ابنك بردو حرام عليك!"



_"قُصرة ،. عايز ايه أنا مش فايقلك وعايز أنام!"



ٱخرج "بسام " أنفاسه وأخبرة بهيامٍ شديد ظهر في نبرته المضحكة :



_" كنت هقوله رياكت القلب الأحمر ، معناه انها بتحبني ولا بتحبني أوي ؟!"



والمتوقع من رد "حامد" أنه قال بنبره مُعنفة :



_" نام يا بن الكلب وراك شغل الصبح ، وخف نحنحة شوية ؛"



تنحنح "بسام " بحرجٍ يجلي حنجرته ووافق "والده" بنبره جادة زائفة :



_" الله يعزك يا حج ، ماشي اللي تشوفه!".



وضع هاتفه علي الطاوله بجانبه واراح ظهره يجلب الفراش ، بينما ابتسم "والده " في الخفاء عليه وعلى كلماته المَرِحة ، اعتدل هو الٱخر يستعد للنوم فسأله "بسام ":



_"غسان نام فعلاً ولا ايه !!"



_"ٱه نام عقبالك!"



ابتسم ، وقال يفخم بقدراته:



_"بركاتك يا حج حامد ، دا كل يوم كان يقعد يُفرك فالسرير وميعرفش ينام ساعه واحدة على بعضها !"



تقطعت انفاس "حامد" وقال بحزن شديد على حاله:



_" اللي فيه يعمل أكتر من كده ، أخوك تعبان !"



صمت ولم يجد رد بل التزم "بسام " الصمت بنفس الحزن عليه ، على توأم روحه ! ، وعلم أن كل مشاعر الضيق التي  بداخله من أجل شقيقه لا أكثر ، سمع صوت أنفاس والده العالية ، فعلم انه قد غفى بعد شرود حزين متحسر على حال "غسان" ، اما هو فحتي لم يمسح دمعته التي فرت منه شفقةً وتعاطف عندما تذكر الليالي الذي يقيم بها معه في الغرفة ، حينها كان يتصنع هو النوم فيري أنفاس شقيقه تتقطع بهدوء وكفه يُرفع مره أخرى ليمسح عينيه ووجهه بتعبٍ ، وأوقات أخرى يستغل الآخر تصنعه في النوم فينهض ليصلي بعدما يفشل في قدرته على النوم فيسمع دعاءه في الصلاة بنبرة شملها بالألم ..ألم الهجر  والفراق، كيف تغيب عنه هذه التفاصيل وهو توأمه توأم الروح !!



_________________________________



خفق قلبها خفقات متتالية ، عند هذا القرب الذي ضيع عقل الاثنان معاً ، كان على وشك تقبيلها ولكنه تراجع سريعاً من تلقاء نفسه يحرك نفسه بعيداً عنها وكأنه وعى ما يحدث  أو ما كان سيقبل عليه هو وهو من بدٱ ذلك بنفسه وضيعها أمام أفعاله ، شعرت بندمه الشديد الٱن وسقطت دموعها خلف بعضها ،  والٱن من كان يُصدق بأنها هي التي وقفت ولم تعارض وهو الذي عارضها وعارض نفسه !! والوضع الٱن ليس شئ سوى أنه أصبح "حرب كرامة"!!

google-playkhamsatmostaqltradent