Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الواحد و الاربعون 41 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل الواحد و الاربعون 41 -  بقلم سارة ناصر

«‏كنت أودّ  إخبارك بأنّ الجّميع قدْ خذلني إلّا أنتِ ..ولكنّك خذلتني قبل أن اخبرك. رُبما لم يكن شيئاً مهماً بالنسبة لكِ  لكنهُ كان قلبي!! »
- محمود درويش-



أيام قليلة مرت على الكُلِ وكان هو صاحب الخذلان الكبير ، ومعه كانت هىٰ التي شعرت بنفس ما يشعر به ، وبالنهاية لا ٱحد يستطيع حزم موقفهما بمن هو الذي كان على صواب ومن الٱخر الخطأ!! ، تعمد الصمت والتجاهل وكأن شئ لم يكن وحذرهم "حامد" من فتح أي مواضيع تخصه حين أن يحكم عقله وهي الٱخرى كذلك ، باتت ملامحه منطفئة، يحاول المرح مثل السابق ولكنه يفشل في بعض الأوقات وتخونه عينيه وقدرته على الحديث تنعدم في بعض الأوقات ، في حين لم يراها ولم يرىٰ طيفها منذ أن القى عليها كلمة الطلاق ، لم ينعم براحة بعدها وهي ؟ هي من نفس الحال ، حتي انه لم يستطيع النوم في كل ليلة ، حبيس الوجع وحبيس الألم مع ذاته ، وكل مرة ينهر نفسه ويقرر عدم فتح شرفته ، الاعتراف المؤلم الذي يعلن ضعفه الداخلي أنه. يهاب رؤيتها ورؤية عينيها من الأساس ، حتى أنه لم يتقابل مع عائلتها وشقيقتيها الإثنان ، فقط يٱتي "بدر" بين وقت والٱخر وكذلك "شادي"..



أما اليوم فهو موعد سفر "بدر" ، وهو المسئول عن توصيله حيث ستذهب معهما "وردة"و"يامن" كي يودعوه عند المطار ، أي اللحظة الٱخيرة !!، ولٱن اليوم الجُمعة لم يذهب إلى أي عمل بل بقى في المنزل حتي قدرته على المحاولة للصعود ناحية شقته إنعدمت ،وبقى  في غرفته هنا حيث شقة والده..



بينما الٱن وبعد الظهر أي صلاة "الجمعة" ، اجتمعوا بشقة"حامد" على سُفرة الغداء عدا هو جاء ودخل ينفث دخان سيجارته في غرفته وحده ، جلس الكل يترقب قدومه. ولم يبدأ أي منهم الطعام ،  تحركت ٱنظار الجميع حول بعضها  ، ونظرت "دلال" بترجي ناحية "بسام" وهي تخبره بصوت منخفض:



_"قوم يا بسام نادي أخوك يجي يتغدى ، خليه يجي ياكل أي لقمة  بدل ما كل يوم يا نشوفه صدفة على الغدا  يا منشوفوش!!! "



أومأ "حامد" يؤيد وقبل أن ينهض "بسام" ، فتح "غسان" الغرفة بوجه مبتسم لهم فبادلوه الابتسامة ، وتحرك يغسل يديه بالحوض الموجود بالطرقة ، وجففها وعاد يسحب مقعد يجلس بجانب شقيقه ، حتى رفع عينيه ناحية "والدته" مهللاً بكثرة أصناف الطعام :



_"ايه دا كله يا أم غسان ،. تسلم إيدك !"



توسعت بسمتها وأشارت له بلهفة بينما قصدت فعل ما يفضله من الأصناف له هو خاصةً :



_"بالهنا والشفا ، كُل يا حبيبي!"



إستمر الطعام بصمتٍ من بين نظرات "والده" له ونظرات شقيقه وشقيقته وحتى والدته ، وهو يشرد بالطبق يقلب به دون ادنى قدرة على تناوله ولكنه على أية  حال سيراضي والدته بتناوله حتي ولو شئ بسيط ، جاب "بسام" بعينيه تفاصيله بيديه اليسرى حيث المعلق بمعصمها إلى الٱن سوار به حروف إسمها ولم يخلع حتى دبلته السوداء من إصبعه !! ..

_'' هتروح توصل "بدر" امته ؟"



اختصر الرد دون أن ينظر :



_" ساعة وأقل  بالكتير !"



يعلم أنه محط للمراقبة من الجميع ، ومن الأساس كان سينهض بعد دقائق ، لذا نهض يبتسم مردداً :



_" الحمد لله!"



نظرت "دلال" نحو أطباقه التي حوله بحسرة ، وبهذا الوقت أشفقت عليه حتى هبطت دموعها أمامهم ، زفر "حامد" بضيقٍ يحذرها من وجوده فحاولت حكم دموعها على حاله ،  أخفض "حامد" نبرته قليلاً يخبرها :



_" مشوفتيش سُمية عشان نعرف نيروز متابعتها التانية النهاردة زي ما كانت قايلالنا من فتره ولا اتغير ؟"



نفت بنفس الصوت تخبره بأسى:



_'' هو أنا عرفت احط وشي فوشها، معرفش حاجة عنهم من ساعة إللي حصل!"



ضم شفتيه بشرودٍ ونهض"بسام " هو الٱخر خلف شقيقه الذي دخل المطبخ ، منذ ما حدث يريد التخفيف عنه ولكنه يعلم ما بداخله ، لذا غسل يديه ودخل المطبخ يضرب كتفيه من الخلف يسأله بمرحٍ :



_" بتعمل ايه يا غُس ؟!"



أجاب "غسان". وهو يذوب بالمعلقه في الكوب مبتسماً بمجاملة :



_" لمون بالنعناع أعملك ؟"



حرك رأسه بنعمٍ وحماس وساعده فوقف الاثنان بجانب بعضهما وفتح "بسام" الحديث وهو يتذكر :



_" تعرف اني شربت فرح اللمون بالنعناع ده أول ما عرفتها في المستشفي ؟!"



ترقبت ملامحة بابتسامة هادئة وواصل الآخر كي يشغل عقله :



_" كل ما أنوي أقولها إني معحب أو أفتح معاها كلام حد ينطلي يبوظ الدنيا!"



ورد "غسان" بما لا يتوقعه الٱخر عندما إلتفت يضع الملعقه على الطاولة وحمل كوبه مردداً :



_" وليه ده كله لما ممكن نكلم عز !''



صمت يرى ملامحه التي ابتهجت ولكنه لم يقدر على ظهور ذلك أمامه خاصةً في هذه الظروف وعلم "غسان" ما يشعر به لذا واصل يكمل بصدقٍ :



_" سيب الحوار ده عليا ، هجمع أبوك وأمك ونقعد نفاتحهم ، مع انهم عارفين بس هافتحهم أنا واللي فيه الخير ربنا يقدمه !"



سمعت "وسام" حديثهما فترقبت ملامحها ببهجة وهي تبتسم ثم غمزت لـ "بسام " الذي ابتسم بإتساع حتى إقترب بوجهه يقبل خد "غسان " بصوتٍ مسموع للدلاله على فرحه المكبوت ، لم يكن يعلم ان هذه الفعله ستخرج ضحكات شقيقه ، والذي قال من بين ضحكاته يشاكسه :




        
          
                
_" لولا إنك لسه بتقول فحوار فيه أنثي اسمها فرح كنت شكيت!"



شهق "بسام " بصوتٍ مصدوم بطريقة زائفة تحت ضحكات"وسام " التي شملته بنظراتها فإبتسم وهو يخرج إلى الخارج وهم خلفه حتى جلس على المقعد يتجرع من هذا الكوب بخفةٍ وجلس بجانبه "بسام" يحاول فتح التلفاز بجانب "وسام" الذي تابعها "غسان" بصمتٍ حتى مال يهمس:



_" مش مبسوط من اللي بتعمليه حتى ولو علشاني!"



ارتبكت ملامحها وإعتدلت تنظر له بتمعن فحرك رأسه يتذكر عندما جاب سمعه صدفة ترجي "دلال" لها في الذهاب لـ "نيروز" ولكنها رفضت خوفاً على ان تجرح شقيقها ، وأكمل بنبرة هادئة يحثها :



_"خرجيني برا أي حسابات ، وخلي علاقتك بيها كويسة وروحي شوفيها ، أنا مش زعلان ولا هزعل ، ومتنسيش إنها هتبقي أم اللي جاي من أخوكي يا وسام!!"



حاولت "وسام " التبرير بحرجٍ وهي تنظر بتردد :



_" ٱنا مش قصدي والله بـ .."



وقطع هو جملتها بابتسامة صغيره بعدما وقف :



_" أنا فاهمك وحبيت أعرفك بس إني عقلي أكبر من اللي بتفكري فيه ، اسمعي كلام أمك ومهما كان إنتوا قريبين من بعض كصحاب قبل ما كان يربطني بيها حاجة !!"



وُضعت بموقف مُحرج ، لذا ابتلعت ريقها تومأ ، واقترب"حامد" يفتح الباب الذي دق ، حتى فتحه ووجد أمامه "بدر"و"وردة" وهو الذي كان يحمل "يامن" ، جاءت"وردة " لتعلمهم بطريقة غير مباشرة بأن صلة قربهم ستبقى كما كانت ، رحب "حامد" وحمل الصغير ، ولأول مره ترى "وردة" "غسان" بعدما علمت خبر طلاقهم !!  وهو أيضاً ، عانقت "دلال" بحبٍ وقالت تخبرها بحنقٍ طفيف :



_" وحشتيني أوي يا طنط انتي ووسام ، كدة  متعديش ؟"



تاهت بالحديث وعانقتها وهي تأخذها معها ناحية المطبخ ، فإقترب "غسان" يحث "يامن" على القدوم له حتي تقدم الصغير له ، مع مداعبة "بسام" له ، وعلى مقربة وقف "بدر" يبتسم له مردداً بوداعٍ :



_"هتوحشني أوي يا عمي ، خلي بالك من صحتك ونفسك كده ، وان شاء الله هبقى أكلمكم من وقت للتاني !!"



_" تروح وترجع بالسلامة يا بدر يا بني ، خلي بالك من نفسك انت ومتقلقش حبايبك هيبقوا في الحفظ والصون !!"



ابتسم بإتساعٍ ونظر بإهتمام نحو "غسان" الذي كان يُلاعب صغيره بمشاكسةٍ غير عابئ بمن حوله ، بينما مال "حامد" يهمس لـه :




        
          
                
_" بقولك متعرفش نيروز راحة  للدكتورة النهاردة ولا لأ ؟"



حرك "بدر" رأسه بعلمٍ وقال يخبره :



_" أه رايحة بعد ما أمشي أنا ووردة هتروح مع ياسمين عشان تتابع هي كمان ومعاهم "حازم"و طنط سُمية!"



حرك رأسه متفهماً وخرجت"دلال". بصينية صغيرة عليها حلوىٰ  وخلفها "وردة" التي ابتسمت نصف ابتسامة لـ "غسان " الذي أومأ لها بعنيه دون حديث وحرك رأسه لـ "بدر" يسأله :



_"أنا فاتحلك العربية تحت عشان الشنط!"



_" أه نزلت ، أنا اللي جيت أودعهم مع اني مبحبش كده ومرضتش أسلم علي حد هناك حتي حازم!"



وعلى الرغم من أن هناك وقت ،. إلا أن نهض "غسان " يعطي الصغير قطعة حلوى بيديه ثم حمله بذراعه وقال يخبره :



_" طب براحتكم أنا سابق تحت وهاخد يامِن !"



لم يعطيه أحد الرفض بل معاملته مع الصغير تسعدهم ، قبل "يامن" بحبٍ وفتح الباب بعدما إرتدى حذاءه  متحسساً جيب بنطاله على المفتاح  حتى أغلق الباب خلفه ووقف ينتظر المصعد كي يهبط إلى أسفل !!



________________________________________



بينما هي لا تُصدق والدتها ولا حتى شقيقتها بأنها الٱن خرجت أخيراً حيث ودعت "بدر" ولم تتركها "ياسمين" لتدخل مجدداً غرفتها ، جاءت "سُمية" من على بُعد تحمل بين يديها دواءها وكوب من المياة تعطيه لها بهدوء تحت كلمات "ياسمين" التي تحاول بها التخفيف عنها رغم جهل الكل عن السبب ولكن تركوها رغماً عنهم كما تركوه هو وعائلته ! ، أخذت "نيروز" الدواء بخواء فمنذ هذا الوقت تسكن بطريقة مريبة ، ومن ناحية أخرى لم تنعم بالنوم فقط تنام على ظهرها كما حثتها الطبيبة بينما النصائح الٱخرى لم تفعل بها وخاصة نفسيتها ، نهضت "ياسمين" تبتسم وحثتهم قائلة :



_" هدخل البس الطرحة بس عشان واضح معتش ألا أنا!"..



كالعادة شاردة متشتته بعالم ٱخر ، أومأت لها "سُمية" وتفحصت"نيروز" بعدما ارتدت ملابسها للخروج  ولكن ما عاق حديثها دقات "حامد" على الباب بعدما خرج من شقته و "بدر"و"وردة" كانا معه حيث هبطا هذه المرة لأسفل !!..



إقتربت "سُمية" من الباب تفتحه ولم تتفاجئ بل ابتسمت فسألها "حامد" عن حالها بلطفٍ :



_" اذيك يا مدام سمية واذي نيروز النهاردة عاملين ايه ؟"



_" كويسين الحمدلله ، اتفضل !"



دخل بعد قولها الهادئ وهي تجامله ، ناهيك عن ضيقها من الذي حدث وتكبته هي ، دخل فوجدها على ذلك الحال حتى جلس يضع يديه على كتفيها مبتسماً يسألها :




        
          
                
_" إذيك يا حبييتي عاملة ايه ؟ كده بردو تقفلي على نفسك كل ده من غير ما حد يشوفك!"



لامس قلبها لطفه فإبتسمت بتأثرٍ تردد بنبره  ضعيفة تبرر :



_" الحمد لله ، معلش يا عمو كنت تعبانة شوية !"



نظر إلى قدمها فوجدها خفت قليلاً، لذا ابتسم بتفهمٍ ونهض يلتقط يديها بحنوٍ وهو يحثها :



_" طب يلا عشان  هاجي معاكي عند الدكتورة!"



كادت أن ترفض بينما رفضت "سمية" هذه المره بجديةٍ :



_" لا ملوش لازمة تتعب نفسك أنا معاها ومعايا حازم وياسمين بردو !"



إلتفت بوجهه ينظر لها بابتسامة هادئة وأسند "نيروز" حتى وقفت وقال رداً على والدتها :



_" مينفعش الكلام ده يا أم وردة ، نيروز بنتي وغير كدة ، دا واجب عليا !"



صمتت تنظر ناحية "نيروز" التي استسلمت لحنوه ولطفه ، أسندها برفقٍ وهو يشير لها بأن تلحق به مع "ياسمين"و "حازم" وسيبسبق هو معها ، خرجت من الباب وقبل أن تخرج انحنى "حامد" عندما وجد محط أنظارها على حذاء معين من الواضح بأنها كانت سترتديه ، لذا حاولت منعه بلهفة فقاطعها وهو  يجعلها يرتدي بواسطة يديه حتي نهض يحاوط كتفيها ونظر نحو شحوب وجهها ورغم انه  يعلم بأنها الطرف الذي ٱخطأ أكثر الا أنه اعتذر عن ما تشعره من تعب بحمل طفل ولده وهي بهذه الحاله مجبره على تحمل كل ذلك :



_" حقك على راسي يا بنتي !"



قاومت بأن لا تهبط دمعتها وابتلعت ريقها تعجز عن الرد ، تريد أن تتأسف له هو ،. ليس مجبراً على كل ذلك ، استغلت اغلاقة للباب وعدم استماع شقيقتها ووالدتها وسألته بنبرة خانتها وهي تدخل معه المصعد :



_"هو غسان مش هيجي معايا عند الدكتورة ؟"



ولأنها تغلق علي نفسها أغلب الوقت أو كله ، فلا تعلم هي كيف سيرحل "بدر" من الأساس ، ألمه قلبه من اهتمامها ، وسأل لما طلبت الانفصال لطالما تعاني كل ذلك ؟؟ ، حاول التخفيف كي لا تنهك وقال كذباً ينتهز أي فرصة وأمل للصُلح :



_" راح يوصل بدر المطار ، بس قالي أجيلك المرادي عشان هو مش هيعرف يجي !"



لم تركز معه إذا كان صادق أو غير ذلك بل ما ان استمعت لعدم قدومه شردت بألم ، لأيام لم تري وجهه وتعلم تمام العلم بأن حالته لا تختلف عن حالها هي الٱخري !! ، هبط بهما المصعد وهو يشملها بنظراته بخوفٍ أبوي في هذه اللحظة ليس إلا ،. يود ان يشعرها بأنه مثل والدها وليس والده هو لا يودها ان تراه الٱن بهذه الصورة أبدًا !!!




        
          
                
وتزامناً مع هبوطهم إنطلق "غسان" بسيارته الذي جلس بها  بجانبه في الأمام "بدر" والخلف كانت "وردة" بينما ظل "يامن" على ساق "غسان" يرفض القدوم لوالديه ،  ترقب "غسان" حديث "بدر" في الهاتف وهو يودع "فاطمة" كما ودعها أمس هي وأولادها و"ٱدم" وحسم الجدل وقرر بأن لا يٱتي أي منهم المبني حين يرحل ، ثم ليأتوا من بعد ذلك ، وقرار قدوم زوجته معه وصغيرة لم يوافق عليه إلا بضغطها هي ، أهبط الهاتف يغلقه  ونظرت "وردة" ناحيته بحزنٍ إلى أن تقابلت عيناهما معاً بالمرٱه ، فخرج صوت "بدر" يهرب من عينيها :



_"  خلي بالك منهم يا غسان ، مرات اخوك وابن اخوك ياض!!"



شاكسه بمرحٍ فضحك "غسان" يشير له بعينيه ثم ثبتها علي الطريق مع قوله:



_" فـ عينيا  يا بدر من غير ما تقول  ، انت عارف!"



زفر بصوتٍ ود لو يفتح ذلك الحوار ، ولكنه لا يعلم من أي نقطة سيبدأ ، الٱخر يراه متغير كلياً عن طبيعته معهم ،. ربما سكون الوجع؟؟ ،  صاحت "وردة" تخفف من صمت الجو بالسكون المريب وقالت تشاكس صغيرها والٱخر :



_" مرتاح يا يامن كدة يعني على رجل غسان ؟"



ضحك "بدر" وهو يفتح كاميرا هاتفه يلتقط له بعض الصور كي ينفرد بها في غُربته ، ضحك الصغير عندما حاول "غسان" دغدغته وهو يحاول الوزن بين نظراته على الطريق و نظرات ٱخرى ناحية الٱخر بلطفٍ بينما كان يلتقط "بدر" لهما الصور والفيديو ، في حين تعالى صوت"وردة" تخفف عنه :



_"يامن بيحبك أوي يا غسان ، انت بتحب الاطفال أوي وان شاء الله أنا واثقة انك  هتبقي أب حنين !!"



فهم أنها تبدأ فتح حوار لا يوده من الأساس لذا توسعت بسمته بمجاملة وهو يرد  ببراعة يغلق أي محاولة تحاول فتحها :



_" هو  يجي بس  زي يامن وسيبي الباقي علينا !"



مدح في صغيرها بعيداً عن هذا الموضوع المؤلم ، وفهمت هي إشارة "بدر" ، دق هاتف "وردة" فرفعت تجيب بصوتٍ هادئ :



_" أيوة يا ماما ..، نزلتوا ولا لسه ؟ ..مين اللي جه ؟"..



صمتت تستمع إلى صوت والدتها فأجابت بتلقائية :



_" كتر خيرة عمو حامد ، طيب تمام خلي بالك  من نفسك ومنهم ، واسندي نيروز كويس،   وانتوا راجعين من عند الدكتورة حاولي تخرجيها فمكان كدة مفتوح بعيداً عن المقابر يا ماما أرجوكي!!"



صمتت تستمع إلى  حديثها الٱخر وردد أخيراً الطرف الٱخر حيث والدتها بالموافقة ثم الوداع ،أما هو فصب أنظاره علي الطريق وعقله يُركز على حديثها بتمعن ، وشرد بتفكيرٍ ناهيك عن. القلق الذي دب بداخله من خطورة حالتها بحديث الأخرى العفوي ، وبين مداهمة والأخرى حسم الٱمر وتنحنح يسأل "وردة" وهو ينظر بالمرٱه :




        
          
                
_"هو في حاجة ولا ايه؟ هي تعبانة ؟؟"



شعرت بقلقه ونظرة الخوف التي لازمت عينيه لذا تنهدت تطمئنه بتفسيرٍ :



_" لأ  هي راحت تكشف عشان ميعاد المتابعة النهاردة  وماما معاها وعمو حامد راح ومعاهم حازم وياسمين عشان تتابع هي كمان!!"



أغمض جفنيه وداهمه شعور سئ من ناحية أنه من يتوجب عليه الذهاب معها ، لما لمَ يخبره أحد أو لمَ هي لم تخبره !! ، تسلله شعور الضيق الذي حاول محوه سريعاً كي لا يفكر بها ، ولكنه يعلم أن الٱمر بات صعب منذ فتره ، هي لم ولن تفارق تفكيره !!!!



___________________________________________



منذ ان عادت معه المنزل وهي إلى حدٍ ما تتجنب الحديث معه بحساسيةٍ ولا تعلم لمَ ، كل مره تغلق على نفسها كي تذاكر بسبب امتحاناتها بينما اليوم ظلت أيضاً تذاكر حتى أنه يوم الجمعة ،. لم تهبط إلي والدته في الأسفل ولم تسعفها نفسها ولا حتى الوقت بأن تجلس مع "فرح" شقيقته ، يستنكر ذلك والذي يُريحه هو أنه لم يخطأ في حقها ولا يعلم لمَ سبب ذلك..



ظن أنه يفضل بها كل شئ وعند المعاشرة فهم طباعها خاصةً طبع التراكم والكبت حتى وإن أخذت منه موقف أو تشعر بالضيق منه ، تظل ساكنة هادئة إلى حين مواجهته ، حمل "عز" صينية الغداء ورغم  انه متأخر إلا أنها لم تأكل ولا حتى هو ، تركهم وصعد وإلى الٱن لم تخرج من غرفة موضوع بها مكتب خاص لكتبها ومذاكرتها ، دق الباب وهمهمت هي له بالدخول ، تتعامل وكأن شئ لم يكن بينما هي تحزن ولا يعلم لمَ ، ربما من الأحداث الٱخيرة ولكن سبب حزنها يجعلها ساكنة معه إذن يوجد ثغرة ما !!



إتسعت ابتسامته وهو يدخل ثم أسند ما بيديه ووقف حتي سار يقترب منها وهو. يلتقط يديها ، نهضت "جميلة" تبتسم له وقبل أي حديث او سؤال سألها هو بجديةٍ هادئة مماثله له تماماً:



_"أكلتي؟"



نفت "جميلة" بحركة رأسها ، فنهرها بنظراته قائلاً :



_" طب ليه ؟".



بررت حينها بصدقٍ وجدية :



_"يدوب لحقت اطبخ ساعة الصلاة وروحت صليت وقعدت أذاكر !"



حاوط "عز" كتفيها يلومها بنبرته الهادئة وهو  يوضح لها :



_"ليه ؟ مش أنا قولتلك قبل كده لما تحسي ان  الوقت ضيق وفي مذاكرة كتير قوليلي وأنا هقول لأمي تعمل حسابنا معاها ؟"



بالأساس سبب حزنها هي كسرتها وكسرة حتى الهيئة أمام عينيه وعيني عائلته ، تعلم تمام العلم أن بمنطقة كهذه إن خرج الحديث صدفة من فم والدته سينتشر ، وبالٱخرى مشاكل عائلتها التي لم تنتهي ونظرة "حنان" لها بالشفقة عليها وبالأخص على ولدها !!! ،  هربت بعينيها تبرر :




        
          
                
_" مش حابة أتعبها معايا يا عز ، وقولتلك دا قبل كدة !!"



تمعن تعابيرها بتفحص للحظاتٍ وشرود في حين لاحظت هي نظراته فقالت بقليل من الارتباك :



_" بتبصلي كده ليه ؟!"



_"لحد امته ؟"



سألها بتلقائية ، فعقدت مابين حاجبيها بغرابة تسأله :



_"لحد امته ايه ؟"



أخرج أنفاسه بتنهيدة مسموعة ونظر بعمق عينيها يخبرها بصراحة:



_"لحد امته لما تزعلي تسكتي ومتواجهيش ، إحنا متفقناش على كدة ومش فاهم بصراحة سبب زعلك  يعني لا أنا عملتلك حاجة ولا أمي ولا شوفت فرح زعلتك فحاجة ، مش فاهمك يا جميلة ودا تاعبني لإنك مبتحاوليش تديني فرصة أفهم سبب زعلك!!"



تفاجأت من طبيعة حديثه ، ولمعت الدموع بعينيها مباشرةً. تلومة بنبرة مختنقة :



_"قصدك يعني إني مش حابة مامتك واختك يا عز ؟؟ انت تعرف عني كدة؟؟"



فهمته بالخطأ ، وزفر هو بصوتٍ عالٍ عندما رأى دموعها ، شعر هو الٱخر بالآختناق ونفى برأسه يمسح دمعتها التي هبطتت وقال مصححاً :



_"مش قصدي كدة وانتِ عارفة ، ٱنا بس مش عارف مالك من ساعة ما جينا من كام يوم من عند أهلك وانتي مقفلة علي نفسك وبتردي على كله باختصار مع انك مبتغلطيش ولا أسلوبك وحش بس ليه زعلانة ؟؟ حد زعلك طيب من هنا ؟؟ "



فهمت حديثه ونظرت له بإستسلامٍ فسحب يديها برفقٍ إلى خارج هذه الغرفة الكئيبة ،بينما هي صمتت إلى أن خلعت سترتها تفرد شعرها عندما شعرت بسخونة وجهها من البكاء ، وقف يطالعها بصمتٍ وقال يحاصرها :



_"ٱنا مستني أسمعك علفكرة ، ليه زعلانة ؟"



وصمت يكمل بتفسيرٍ عندما رٱها تهرب بتمشيط خصلاتها أمام المرٱه في غرفتهما:



_" أنا عارف إنك زعلانة عشان طلاق نيروز وغسان ، وزعلانة فنفس الوقت على اخواتك والحال ،  هي كلها حاجات تزعل بس إحساسي  بزعلك هنا مختلف ومش فاهم ايه حصل!!"



لامس قلبها اهتمامه وحنوه ، إلتفتت تترك المشط من بين يديها حتي وجدته يقف خلفها ينظر ناحية وجهها فقط ، إبتلعت ريقها وزاغت عينيها بالدموع المفاجئة وانفجرت باكية تخبره بما  تكبته :



_"عشانك وعشان مامتك وحتي فرح..اضطروا يشوفوا ويعيشوا  مشاكل  عِيلة عمرها ما بتنتهي ، عشان نظرة عين مامتك ليك وانت معايا يا عز  بإن فرحتك ما لحقتش تكمل ، هي مامتك وانت صعبان عليها ، بس أنا  اتضايقت أوي من نفسي وكرهت اني من العيلة دي بسبب المشاكل اللي مش بتقف ، كفاية...يعني كفاية أول علاقتنا اتفرقنا بسبب ملناش ذنب فيه ، ورجعنا رغم الماضي اللي بيوجع ده  ، أنا خايفة ، خايفة يا عز متستحملنيش ولا مامتك تفضل كدة معايا ، أنا ..."




        
          
                
وقبل أن تكمل أكثر ، نظر بغير تصديق لما تكبته بأفكارها هي وحدها ، دفعها بأحضانه ممراً يديه على ظهرها   فبكت هي بصمتٍ تحاول التبرير أكثر ولكنها بكت وفقط ، اما هو فإبتلع ريقه متنفساً بوجعٍ لها وحدها ، أصبحت العقبات هي الٱخري تُسكن في داخلها رعباً من الفراق ،  ابتلع ريقه بصعوبةٍ وقال ينهرها بـ :



_"تصدقي بالله ؟ قولي ٱمنت بالله !!"



خرجت تردد بصوتٍ مبحوح :



_" ٱمنت بالله "



_"إنتِ هبلة وعبيطة ، هتكلم عني الأول معاكي ، عشان أنا جوزك واحنا مع بعض على الوحش والحلو ، وصدقيني أنا مش هفرط فيكي بالساهل ، اللي بيحب حد بيحبه بكل ما فيه وكل ما عنده ،أنا عمري ما اتقلت من أهلك ومشاكلهم عشان أنا كمان مريت بمشاكل صعبه منتهتش ألا قريب ،  بالنسبة للفرحة اللي مكملتش فبذمتك ، بذمتك  إحنا متجوزين كام يوم وخلاص؟؟".



صمت يداهمها وعلم كيف ينقذ الموقف ببراعة عندما ابتسمت تنفي بصمت فتابع يكمل:



_" احنا العمر ان شاء الله قدامنا طويل وهنفضل مع بعض وهنعوض كل حاجة وكل اللي شوفناه وحش في حياتنا ، ومش هعتب عليكي فنظرتك لٱمي ، أصل معاكي عذرك لأنك بردو لسه مش فاهماها أوي ،  ولو فكرتي إنها زعلانه ومتدايقة منك تبقي مش عارفه حاجة ، ٱم عز طيبة ولو شوفتي منها أي نظرة او كلمة فوسط الكلام متدققيش هي مش قصدها والله ، دي كل شوية تسألني عليكي ، بس أنا زعلت  فنفسي لما جت وقالتلي هو انا زعلت مراتك فحاجة يبني ؟. معرفتش أجاوب وطلعت الوقتي كنت ناوي ٱفتح الموضوع ، يا عبيطة أمي بتحبك أوي وما صدقت اتجوزتك دا أنتي كنتي بالنسبالنا أنا وهي أمنية كدة يا أطولها يا مطولهاش ، انتي مجتيش بالساهل يا جَميلة، ازاي مش هنحبك ولا هنحب اللي يجي منك؟ !!"



ٱثر حديثه بها والأكثر انه غير الطريقة لٱخرى فابتسمت وانقذ الوقت بتفسير لها حتي فهمت وأدركت ، تظن الكل في البداية مثل زوجة أبيها في السابق وحتي والدها ، رغماً عنها تفقد بعض الثقه في طيبتهم !!! ، لم يتوقف إلى هنا بل اكمل ببسمة هادئة :



_"متفكريش بالطريقة دي ، أهلي بيحبوكي يا جميلة واللهِ وأنا عايزك تاخدي  على الدنيا هنا ومتقفليش على نفسك ،  وبعدين أم عز من حبها فينا نفسها تشيل عيالنا ،  ما تيجي نرتب للحوار ده ونجيب عيال بقا عشان متزعلش مني ، أنا عايز أرضي أمي عشان أخش الجنة يا ستي!!!"




        
          
                
تعالت ضحكاتها تتخلى عن الحرج ، وتقدمت هذه المره تردد بأسفٍ وهي تضم نفسها  داخل أحضانه:



_"أنا ٱسفة يا عز ، متزعلوش مني أنا حقيقي متلخبطة وجو الامتحانات دا بيلغبطني أكتر مع المشاكل دي ، وزعلانة كمان عشان نيروز أوي!"



مرر يديه مردداً بكلمات التفهم حتي أهبط رأسه يقبل قمة رٱسها فابتسمت وأشرق وجهها من جديد بالإبتسامة الذي يعهدها منها عادةً في حين لم يمنع قوله من الخروج أمامها حينما قال بتٱثرٍ :



_"أنا محظوظ بيكي أوي ، دكتورة وحلوة وجميلة إسم وشكل وطيبة وهبلة وبنت حلال وغلبانة هعوز إيه تاني بقى ؟."



أمسكت "جميلة" كفه بإحتواء وردت بصدقٍ هذه المرة :



_" خليني أقولك ان انا المحظوظة بيك ، واحد غيرك يا عز لو خد باله اني زعلانة والزعل طال اهله غصب عني كان وداني عند أهلي من غير ما يفهمني. , لكن إنت وزنتها بينا ، حقك عليا  مش قصدي أكون قليلة الذوق معاك ومعاهم واللهِ .."



_"وأنا فاهم ، ست الملاك اللي ملبستش أبيض من زمان عمر ما يطلع منها حركات خايبة مقصودة ،  وبعدين متقوليش واحد غيري ، أنا بغير غيرة قاتلة هه !"



،حتي هول الوضع له ،  فنظرت له بإستنكارٍ ضاحكة ، إلى أن حاوط وجنتيها بيديه وقال بلين تعهده:



_"هو واحد بس عامةً ، عز الرجال !!"



أومأت بعينيها وقالت بنبرة هادئة عندما مال ينال من كتفها برفقٍ قبلة سطحية حانية :



_" دي حقيقة!"



قبل كتفيها برفقٍ وبرٍ لها ، فابتسمت بإتساعٍ وأشار لها هذه المرة يخبرها :



_" طيب يلا عشان نتغدى ، أنا مأكلتش عشان مستنيكي!"



سارت معه تخرج ومن بين الطريق القصير ردت بهدوء توافق :



_"حاضر ، بس ممكن أطلب منك طلب ؟"



شجعها بعينيه وهو يجلس ٱمام المقعد التي جلست عليه هي ، فقالت تخبره لتأخذ منه الموافقة :



_"عايزة أروح أشوف نيروز النهاردة ، وهاخد فرح معايا نروح فتاكسي لو خايف لما ارجع ، مع ان حازم مش هسيبني ارجع لوحدي لو وافقت !"



وافق "عز" وصمت للحظات يستمع حتي قال يوافق :



_"ماشي موافق ، وحتى لو حازم سابك ، كدة كدة هعدي عليكي بليل أخدك وأشوفه بردو ، بس محتاجة فرح ضروري يعني ؟!"




        
          
                
لم يغفل عن نظرات"بسام " وعلم أن عرق شقيقه دُس به ، حيث المراوغة وانتهاز الفرص ، استغربت قوله وقالت :



_"أه عادي مفيش مشكلة ، بدل ما تقعد لوحدها ،  أي نعم الجلسات قربت تخلص خالص وهي بقت أحسن بس لسه بخاف عليها !"



لاحت ابتسامة متأثرة من حديثها ، واستسلم أمام عينيها وطلبها وحديثها العفوي وردد بلين :



_" خلاص اللي تشوفية ، انتِ أدرىٰ !!"



_"بتتريق؟."



انفلتت ضحكته العالية وقال ببراءة يوجه لها الطعام يحثها على تناوله :



_" لا مش بتريق ، أنا بحب واحدة مقدرش أرفض ليها أي طلب !"



شاكسته تجاريه وهي تبتلع ما بفمها :



_" وهي مين الواحدة دي!"



_" واحدة بقا كدة.  وقعتني فيها من زمان أوي ، وعيشت أتمنى أبقى ضل ليها لحد ما بقيت ، عرفتيها؟"



عندما تتمعن النظر لضحكاته تتشتت بحبٍ أومأت بنعمٍ دون حديث ، فقال يشاكسها من بين نظراتها له :



_" ايه؟ وسيم ؟؟"



ضحكت "جميلة" توزع  نظراتها  في الأطباق تهرب من عينيه وسألته بمراوغة :



_"انت شايف ايه ؟"



عبث "عز" حينها معها وقال يلاعبها بالكلمات :



_"مش مهم أنا أشوف ، المهم انتِ ، بس انتِ بس!"



استطاع أن يجعل خفقات قلبها تزداد فالخفاء ، لم تستطع الرد ككل مره بل ابتسمت بحياءٍ وفاض من. عينيها نظرات الحب ، الذي التقطها بأريحية والشئ الذي يتمناه هو دوام هذه اللحظة معها والذي ظل يتمناها إلى أن أصبحت حقيقة ملموسة واقعية بحياته التي تشاركه هي بها الٱن !!



__________________________________________



خرجت "نيروز" وقام"حامد" بسندها أولاً حتى أشار لـ "سُمية" بالتوقف عنها ،. نهضت "ياسمين" من على المقعد التي كانت تجلس به بالخارج مع "حازم" وهتفت "سُمية" تخبرهما :



_" تعالوا يلا ، نيروز خلصت!"



ومن ثم خرجت بعدها "نيروز" وقام "حامد" بمسك يديها ، نظرت لها "ياسمين" بإهتمام إلى أن نظر لها "حامد" بإطمئنان فسارت نحو الداخل ووقف "حامد" يخبر "سُمية" قائلاً بطلبٍ:



_" ممكن اخد نيروز نقعد شوية برا فالهوا ونبقى  نرجع أنا وهي البيت على مهلنا ؟"




        
          
                
كان سيجد الرفض منها بينما لحق الموقف عندما نظر نحو وجه "نيروز" الصامت فهمت هي نظرته وابتسمت تومأ بمجاملةٍ تحت حديث "سمية" المضطر:



_"أنا مش عايزاها تجهد نفسها خصوصاً بعد كلام الدكتورة ، بس عارفة انها معاك فأمان ، خلي بالك منها !!"



أشار نحو عينيه فتنفست بعمقٍ وهي تري ابنتها برفقة "حامد " يدخل معها المصعد حتي هبط ، كانت ساكنة شاردة وتلك هي حالتها بعد انهيارها ٱخر مره بالبكاء ، مشاعرها متخبطة ولولا أنها تجازف للمره الثانية بتركه لأجله قبلها هي لما رددتها !, ولكن ما يتلقى على مسامع عقلها من قلبها سؤال لا تريد الجواب عليه لأنها تتردد ، لما ودت الإنفصال من الأساس ؟؟. 
هل إجابة بأنها تخلت لأجله مقنعة؟؟ أم انها ترواغ علي قلبها وعقلها.؟؟
وهل يستطيع المرء المراوغة على قلبه  نفت بشرودٍ والشوق له ولكلماته يزداد رغماً عنها ، تشفق علي حالها وكل شئ من بداية علاقتهما يلح عليها وعلى ذاكرتها ،عقلها يراجع ويوسوس بأن منذ أن عرفته ولم تكتمل لهما فرحة واحدة!!! ، أحياناً ينهرها قلبها بأنها مالت ناحيته وله هو دوناً عن البقية !! لما هو ؟؟ ، لمَ تقع في حُب شخص لم يفعل لها شئ سئ وبنفس الوقت كان حلها الوحيد الفراق التي رأت هي بأنها أُجبرت عليه بنفسها! ..



لم تنتبه من الأساس بأنها خرجت من المستشفي بأكملها ووقفت معه أمام إستراحة صغيرة بالحديقة الهادئة  والهواء النقي وحتى منظر الورود والزرع التي تفضله ، بات كل شئ عادياً باهتاً في عينيها منذ أن فارقت ، منذ ان فارقا بعضهما!!



خرجت"نيروز".  من شرودها وابتسمت بإمتنان عندما حثها على الجلوس ، جلست وجلس هو بجانبها ، لا يود فتح الجرح ولكنه يودها بأفضل حال!!، ولأنه يحكم بعقله وزوجته هي الٱخري تحكم بقلبها وعاطفتها كٱم كانت لم ولن ستفضل رد فعله معها ، يعلم بأن زوجته لا ترى سوى جرح ولدها وفقط على الرغم من أنها  تود ظهور ذلك بالعكس تماماً عندما حثت "وسام" على رؤيتها ولكن فطرتها كٱم لا تستطيع أن تخفيها او تغيرها ،رد فعلها طبيعي للغاية!!!



_"شوفتي الدكتورة قالتلك ايه ؟ قالتلك بتاخدي الدوا وتمام بس كله ميسواش حاجة قصاد حالتك النفسية ، كل دا مأثر علي اللي فبطنك ، انتِ عايزة تخسريه ؟ مستعدة لكدة ؟."



داهما بلوم وعاطفة أبوية جياشة ،نفت بصمت وهي تحرك رأسها بحزن مستسلم فعاد هو يهتف برفقٍ :



_"يبقي لازم تاخدي بالك من نفسك أكتر  من كدة!"



أبتلعت ريقها وشعرت بندم صمتها وقالت ما تود قوله منذ أول مره اعتنى بها تاركاً أمرها وأمر ولده على الهامش :




        
          
                
_" هو ..حضرتك بتعمل معايا كدة ليه ؟ مش زعلان مني ؟."



تفاجئ من قولها وابتسم بهدوءٍ وعلم ان هذا القول خرج بعد تردد، لذا ربت على كفها الدافئ وقال مفسراً. :



_"علشان انتِ بنتي ، وبعيدًا عن ده كله أنا بحبك زي وسام بالظبط ، هو ولو ابوكي الله يرحمه كان عايش مكنش عمل كده ؟"



ابتسمت "نيروز" بتأثرٍ ، ولمعت عينيها من مجرد التخيل وإستغل هو الفرصة وقال موضحاً أكثر :



_" لو مثلاً بعاملك كإني حماكي مكنتش خبيت زعلي  من موقفك ، لكن دلوقتي أب والأب سند قبل أي حاجة ، مع ان لو  كان سالم الله يرحمه موجود  فالمشاكل دي كنت هعرف رد فعله هيبقي عامل ازاي!"



رفعت عينيها وقرأ المسطور بها في رغبتها لسماع الٱتي فتنهد يخرج أنفاسه ونبس بنبرة هادئة يسرد عليها ما هو صواب :



_"لو أبوكي موجود فموقف زي ده ، مكنش قبل يقعدك عنده من غير ما يفهم ايه هي الحكاية ، عمره ما يحب الخراب وفنفس الوقت كان هيعزز منك ومن كرامتك ويرفع راسك ورجوعك لابني مكنش هيبقي بالساهل ، بس النقطة دي كانت هتقف على حاجة واحدة بس فحالة إن ابني هو اللي قالك مش عايزك وروحي عند أمك ، ساعتها كان الوضع هيبقي مختلف كدة ، بس دلوقتي أنا اتعاملت كأب وإنتي حكيتبلي اللي حصل ولو عايزاني أقولك رأيي دلوقتي كأب وكموضعي فنفس مكان باباكي أنا مش ممانع !!"



حركت هي  رأسها بإحترام تومأ فقال بإسلوبٍ هادئ حاني عليها :



_" انتِ غلطتي ، وغلطتك كبير كمان علشان مسكتيش وحاولتي تنقذي الموقف إنتِ بطبعك اختارتي  الحل الأسهل فلحظتها وفنفس الوقت كان حل أصعب وأصعب بعدين وكل ما بيعدي الوقت بتزيد صعوبته يا بنتي!!"



أدمعت عينيها ووجدته يأخذ أنفاسه وواصل يكمل ما بدأه :



_" مبررتيش موقفك مع إنه كان فاهم بس كان عايز يشوف إنك متمسكة كان محتاج طريقتك فإنك تتفادي الموقف وتنقذيه ومش عند أول مطب طلاق!! ،أنا متأكد إنه حاول يبعد ومبدأش بكلمة طلاق ، لإنه بيحبك أوي ، بس زي أي راجل دمه حامي اتكسر من الموقف حتي لو مش قاصداه ، أنا راجل مش هقولك أنا أبوه فالوضع ده بس خليني راجل واتحطيت مكانه ، كنت  هحس بوجع صعب أوي وهحس كمان انه اتقلل مني بأي طريقة  سواء مقصودة أو مش مقصودة !!"



وقاطعته هي تبرر بنبرتها الضعيفة :



_" أنا بعدت عشان وجعه وصممت علشان كده ، ٱنا مكنش عندي أي استعداد أكمل معاه وأنا شايفه كلام في عينيه مقالهوش بس ظاهر ، طلع مضغوط مني ومستحمل كتير ، حسيت إني جاية عليه ودايسه جامد وأذيته وهو مش عارف يعمل ايه ، قولتله طلقني ، يطلقني لٱنه مشافش حاجة كويسة من ساعة ما بقى معايا ، بالعكس أنا جبتله مشاكل وهم زي ما جبتلكم كمان ، أنا شخص محدش يستحق انه يقرب مني ، ٱنا عارفه إن أنا لوحدي وكنت خايفة من اللحظة دي ودايماً عندي رهبة من إنها تيجي ، وجت ، ولما جت حسيت إني وحشة أوي ومعرفتش اقوله ده ولا عرفت أبرر !!"




        
          
                
وجد الإصرار بحديثها ومن بين دموعها التي تهبط اختنقت نبرته عندما لامها مجدداً يرد عليها بـ :



_" انتِ معرفتيش في اللحظة دي هو قد ايه بيحبك يا بنتي ، قررتي قرار سريع وفاكرة إن القرار ده صعب عليكي وسهل عليه ، أخدتي خطوة عشانه هو بس مفكرتيش إنك كده بتوجعيه مش بتنقذيه منك ومن أذاكي ، أنا عمري ما سمعت إنه متقل منك ومن مشاكلك ، ولا عمري شوفت على وشه إنه زهقان من حياته معاكي زي ما قولتي ، انا ابني مكانش بيعمل حاجة غير. إنه بيخبي عشان بس منزعلش منك إحنا ،بيعرف ينقذ الموقف كل مره بس المرة دي كانت فآيديكي انتي والوضع إتغير وعند الوضع اللي تغير تحسي طاقته كـ بني ٱدم خلصت فالوقت الغلط فمعرفش يصد ويعاند مع انه غالباً بيعاند قصاد اللي يعارضه ، بس انا قولتهالك قبل كده .."



وأضاف دون راحة بين حديثه وكلماته الموجعة لهما :



_" قولتلك لو هو غلطان بيتٱسف بأفعال بعد الكلمة ، وعزة نفسه صعبة ، وأنا فاللحظة دي متزعليش مني بس أنا بقولك إني أبوه وعرفت وحسيت قد ايه صُعبت عليه نفسه كام مره ، المرة الأولى والتانية اللي كان قعد يحاول معاكي تروحي وراه ، عارفه كان واخدك ليه ؟؟"



ابتلعت ريقها تنفي بجهلٍ فقال دفاعاً عن وجع "غسان" الذي  كبته بعد هذه اللحظة التي كانت بينهما منذ عدة أيام :



_" أخدك وراه بس انتِ  رفضتي فالأول  ، يمكن غصب بس هو مشافش غيرك فاللحظة دي ، وعرفت إني مربي راجل لما فضل وراكي يقولك تعالي معايا ومكنتيش راضية ، انتي عارفه؟ابني بسام مبيمدش ايده على حريم لكن لو حلفتلك بإيه  إنه لو كان هو فالوضع ده كان ضرب مراته قلم ورد فعله هيبقي خارج من أعصابه في الحالة دي ، بس احنا معندناش كدة وغسان صبر مع اني كنت خايف ليعملها ومعملهاش ومأيدش الحركة دي ، بس كل اللي كان هامه إنك تروحي وراه قبل ما لسانك يخرج بتفاصيل باقي اللي حصل قدامهم !!"



وكأنه يتحدث بدلاً عن ولده نظر بعينيها يواجهها بهدوء وأكمل بحزنٍ على حالهما :



_"بالذات زهور وعيالها ، لإنك كنتي ناوية خلاص تحكيلهم كل حاجة بسبب انهيارك على زينات ،  فاللحظة دي بس خاف عليكي وعلى سُمعتك وعلى الكلام اللي كله كان عارف كان هيطلع ازاي وينتشر ويتنقل ، دي واحدة مبقتش على بنت اختها وطلعت كلام وحش فحقها و عليها  هتسكت عندك ؟. طب سامر اللي حصل بينه خناق هو وابني كان هيسكت؟؟. ساعتها لو كنتي كملتي الوضع كان هيتغير وكانوا هيعملوا المستحيل عشان بس يهربوا وطالما حسن طلع فايق كانوا هيدبرولها بٱي طريقة يجي ويقلبوا الدنيا عشان يلهوا حازم عن اللي حصل ، بس اللي حصل إن حازم فاهم وعارف طباعهم وقالك روحي واخد هو حقه بطريقته!! ، بس لما روحتي وراه كنت خايف عليكي منه بس اللي صبرني نظرة الوجع اللي زادت ساعتها فعينيه لما قفل الباب فوشنا وكسر الفاظة على الأرض عشان ميخرجش ده عليكي , وكل الكلام اللي بينك وبينه ساعتها كان مسموع مننا برا !!!"




        
          
                
كانت دموعها تهبط فرفع كفه يمسح وجهها برفقٍ وأضاف بنبره منهزمة :



_"بس إنتي يا نيروز مسكتيش وقولتيله انا عملت ايه وكإنك مكنتيش هترتكبي جريمة فحق نفسك وانتي عارفه شرهم ، وبعد ده قولتيله يطلقك بتبرير شديد وكإنك طالبة الطلاق منه ومغصوبة تبقي على ذمته ، فاض بيه وحس قد ايه هو قليل وكل مادة بيقل ومترددش يقولك انك طالق مع إني متأكد إنها خارجة منه بصعوبة وعارف انه تمنها غالي عليه وبيدفعه دلوقتي بسكوته اللي كبته جواه ، انا ..أنا ابني مكسور أوي يا نيروز !!"



وبـ ٱخر خمسة كلمات  اختنقت نبرته ولمعت عينيه فقط ، فتلهفت تنفي برأسها ووضح  الكثير ، كثير ما كانت تغفل عنه ولكنها تصر ، تصر الٱن على البعد لطالما علمت أكثر انها تؤلمه في الحالتين معاً ،  وكان اعتذارها علي ما لبس "حامد" من حالة :



_"  متزعلش مني يا عمو ..أنا ..أنا مش فاهمة ليه بيحصل معايا كل ده بس الظاهر ان انا كدة وهفضل كده وبعده عني كان حل من زمان ومتنفذش ولا بان غير. دلوقتي!! "



قطعت له الٱمل مجدداً بوجعها وليس بكبرياءها هذه المرة ، تنفس بعمقٍ وربت على ساقها بصمتٍ وقال يخبرها بما يتوجب عليه:



_" أنا ابوكي يا بنتي وان ايه حصل مش عايزك تبصيلي من جهة تانية ، ربنا يصلح الحال!"



قالها بحزن ، حزن ظهر في كل تفصيلة في نبرته وملامح وجهه ، وقف بائع عصير قصب فوقف  يجلب لهما حتي نظرت هي على بعدٍ تشرد وكفها المبلل من دموعها تسنده بهذه اللحظة عند معدتها تطمئن علي وجود صغيرها ، تحث نفسها على التماسك لأجله ، الشئ الوحيد المتبقي لها ، بعد نظرة شقيقتها وشقيقتها وحتى والدتها لها بأنها الطرف المخطئ لطالما لا تود سرد شئ وبعد كل ذلك عاهدوها علي أن يبقوا معها ويسانودها دون رغبتهم في علم ما حدث وما حدث حدث فالماضي ، تعلم أن حديثهم خادع لأنفسهم قبلها ولكنها صمتت ،و أصبح يتوجب عليها الصمت بعد كل ذلك ..



قدم لها كوب بلاستيكي من العصير وود مشاكستها بعيد عن هذا الجو المؤلم وقال بمرح هادئ :



_" امسكي إشربي على مهلك ، عايز حفيدي يتغذى كده ويبقي نازل بخيره !"



ضحكت بخواءٍ تجامله وأخذت من بين يديه الكوب وجلس هو حتى تذكر حديث الطيبة التي غفلت هي عنه منخرطة بوجعها ومن انتبه كان هو و"سُمية" فقط التي ودت اخفاء هذا الخبر عن العين حين التأكيد :



_" عايزين بعد إسبوعين نعمل الموجات الفوق صوتية اللي الدكتورة قالت عليها دي لأن السونار زي ما بتقول مش بيظهر وفي أعراض مبكرة  بتظهر وهنتأكد من الموجات اللي بتقول عليها دي اذا كان فبطنك توأم ولا مجرد شكوك !!"




        
          
                
تلهفت تضع يديها على معدتها ، من بين ثرثرة الطبيبة لم تنتبه بسبب حالتها لذا قالت بلهفه وجعته هو. :



_" بجد ؟  ممكن أبقى حامل فتوٱم؟."



_" ايوة احتمال ، بس بنستني اسبوعين على ما نشوف الحكاية دي زي ما قالت ،  تعرفي ؟ معرفتش ان دلال حامل فـ ٣ توأم ألا فالشهر التالت ، الوقتي ظهر حاجات والطب اتقدم أوي!!"



نبرته لا تخلو من فرحته بما يظهر بأنه احتمال أما هو فتذكر رؤية والدها في المنام على ٱذان الفجر وابتسم حينها ، بينما هي كانت بعالم ٱخر ، توسعت بسمتها تتخيل تأكيد هذا الخبر ، فابتسم على حالها بشفقةٍ وحثها على أن تتجرع من الكوب بتمهلٍ حتى قرر أن بعد انتهاءها سيرحلا !!!



_____________________________________________



توقفت السيارة قبل قليل وخرجت "ياسمين" منها تسندها "سُمية" برفقٍ ، تعمدت عدم انتظار "حازم" بحنق منه ومن تجاهله وصعدت مع والدتها في المصعد  ، بينما حاول صف السيارة بإحدي الجوانب ولم يغفل عن ارسال شقيقته له رسالة بأنها قادمة كي تراهم وبالٱخص "نيروز"  ..



دخلت "ياسمين" الشقة ومن بين الحديث العشوائي ترد عليها "سمية" بالمقتضب تلك هي حالتها معها منذ أيام وخمنت أنه بسبب أحوال "نيروز" ولكنها وقفت في منتصف الصالة تستغل غياب "حازم" ونهرت "والدتها" بغرابةٍ :



_" في ايه يا ماما بتردي عليا بالقطارة كدة ليه ؟"



وكأن الٱخرى قد فاض بها خلعت عباءتها بضيقٍ ووضعتها علي المقعد وهي تتجه ناحيتها ووبختها بنبرة قوية :



_" يعني مش عارفه انتِ اتزفتي عملتي ايه ؟؟ فيه ايه يا ماما ؟؟ كمان عاملة نفسك بريئة لحد دلوقتي؟ !"



قوست "ياسمين " ما بين حاجبيها  واقتربت ترفع نظراتها مع حاجبيها تردد لها بتساؤل جاد :



_" لا مش عارفة ومش هيبقي انتي وحازم عليا ، أنا مش ناقصة لو زعلتك فحاجة قوليلي ، غير كده هاخد بعضي وامشي من هنا لو مش مستحملاني أوي كدة !!"



تعتاد على فظاظتها لذا لم تتعجب بل رمقتها  "سمية" بحدةٍ وقالت تسخر منها تزامناً مع دفع "حازم " الباب المفتوح كي يدخل منه :



_" متبقيش عاملة العاملة وتعملي نفسك من بنها يا بنت بطني ، قال انتي وجوزي ما أنا لو كنت ربيتك مكنتيش قولتي لفظ زي ده قدام الرجالة والشباب ، أنا علمتك وربيتك على كدة ؟؟ ليه تخلي نظرات الكل عليكي بإستغراب ان ازاي واحدة بنت محترمة تقول كدة ؟؟ واللهِ جوزك عنده حق يتجاهلك وميردش عليكي مادام مش معترفه بغلطك ، هو حد كان قالك تخرسي ومتدافعيش؟؟ مش تدافعي تدافعي وتيجي فالٱخر تقللي من نفسك بكلمة زي دي قدام العين !!"




        
          
                
كادت أن تسترسل قليلاً ولكنها لاحظت وقوف "حازم" بصمتٍ فتعمدت الصمت وهي تتركهم حتي دخلت المطبخ بغيظٍ منها ، ولأول مره تشعر "ياسمين" بأن والدتها قد قللت منها أمامه هو خاصةً بينما صمت الٱخر يتابع ملامحها وحتي الدمعة التي أبت بأن تهبط وهي تتدعي القوة والعناد أمام هذا التوبيخ المُر ، حركت عينيها تنظر له والعجيب لٱمره هو بأنها عندما وجدت تجاهله ضغطت أكثر على الحال وهي من أصبحت تتجاهل ، حاول السير ناحية الداخل بينما وقف عندما هتفت بإسمه :



_" حازم !"



لم يجيبها بل التفت ينظر بترقبٍ هادئ بارد ، وغالباً فاتر ، فخرج منها الحديث أخيراً وهي  تواجهه بعد أيام تجاهل من الأثنان لبعضهما :



_" انت بتعاملني  كده ليه ؟"



وقف للحظات صامت حتي قذف المفتاح على الطاولة ورد باختصارٍ :



_"إسألي نفسك!"



_"أنا معرفش ان ماما كمان زعلانة مني عشان كدة ، بس أنا صدقني مكنتش أقصد ، وانت بعدها دخلتي الأوضة وزعقت عشان اسكت وسكت من غير ما تلومني !!"



اقترب "حازم"  مع ملامح وجهه الجامدة وأشار على نفسه بإنفعال مكبوت يُشهدها :



_" أنا كان منظري إيه وسطهم وانتي بتخرجي اللفظ دا من بؤك بلسانك ؟؟ ،. أنا هيتبص ليا ازاي  من أهل اختي وجوزها بلاش العيلة عشان كلهم عارفين اندفاعك ، مع اني بتغاضي كل مره وكتير بعديلك ردود فعلك اللي بتصغريني فيها قدامهم ، قوليلي كده هل أنا مش قادر أحكمك ؟؟ مش قادر اعلمك تقولي ايه ومقولتيش ايه ؟؟ انتي عارفه كويس اني عندي الطريقه اللي اسكتك بيها اللي باقي من عمرك ، بس  كل مره. بقول معلش  غلطة وتعدي اختها ومحموقه عليها ، قرايبنا ويستاهلوا الحرق وحقها تخاف بعد تهديدهم انهم يسقطوها ، بيقعد اعدي ، بس هعديلك لحد امته؟؟ سيبك من اللي فات ده كله ، هعديلك ازاي  القرف اللي خرج من لسانك؟؟ دا كلام يطلع  من واحدة متربية  بنت ناس محترمين وعيلة محترمة ؟؟ هي دي تربية ابوكي ليكي يا ياسمينا ؟؟"



والٱن قد هبطت دمعتها على وجنتيها ورق قلبها بتبرير ضعيف تشرح له :



_"أنا مش كدة  أنا مكنش قصدي خرجت مني من غير ما أقصد أنا خوفت علي نفسي وعلى اخواتي ، لكن مقصدتش اصغر منك قدام حد ،ليه متقل مني وشايف اني خليك وحش اوي كدة فنظرهم وبالذات أهل اختك أنا متربية يا حازم غصب عن عين أي حد ولو كنت تقصد تقول اني مش متربية فأنا مش هسكتلك على الكلمة دي ، ولو صغرتك فقولتلك اني مكنتش اقصد واسفة !''




        
          
                
وقفت "سُمية" تنظر نحو اعترافها بالخطأ ومرواغتها من ناحية أخرى ،ولو كانت تعلم أن "حازم" يقصد السوء بها وبتربيتها لاندفعت تأخذ حق ابنتها ولكنها تعلم تمام العلم أنه يفهمها منذ الصغر!! ، زفرت بصوتٍ تدعي لها بالهداية في حين حرك "حازم" رأسه بقلة حيلة يرد على حديثها بـ :



_"وانا هقول عليكي انك مش متربية ليه ؟؟ مش عارفك أنا  ولا تكوني مش بنت عمي بلاش دا كله أنا هتجوز واحدة مش  متربية بذمتك ؟ انتي مجنونة ومندفعة وعايزه تهدي شوية وتعقلي عشان كدة كتير وأه أنا زعلان وأسفك مش مقبول عشان أنا حاسس اني اتقلل مني ومن شكلي قدامهم ومش معدية معايا كدة بالساهل يا بنت عمي!"



سخر  وقصد بخبث معاقبتها رغم انه يعلم انها طيية القلب لم تقصد فعلها لذلك بينما من ناحية أخرى قصد وضع حد لهذا الٱمر ،ولولا صمت "غسان" من جهة ثالثة عليها لأجل"حازم" لما تركها توبخة بفظاظة كهذه!!! ، تركها وخرج يتجه ناحية شقة "عايدة " غالقاً الباب خلفه ، فابتلعت هي ريقها بصعوبةٍ تنظر بأثرة ونظرت تجاه والدتها تبرر لها مره أخرى :



_" أنا مكنش قصدي كل ده يا ماما ، كل دا كان غصب عني!"



انهزمت "سمية " وخرجت تقترب حتي ضمتها ناحية صدرها تربت علي ظهرها برفقٍ وقالت تحثها :



_" عارفة بس لازم تحكمي لسانك ده ، ولازم تعرفي ان القوة مش فكل اللي بتعمليه القوة الحقيقة هي انك يبقي عندك قدرة على فلترة لسانك وقت الغضب ، وبعدين حازم عنده حق وكلامة صح وكويس انه اتكلم بدل ما يركن ويشيل منك والموضوع يكبر ومادام مشي يبقي هيلين بعدين ، ميمنعش ياخد وقته ، انتي ساعتها خلتيه فنص هدومه وأنا كمان ، وقالك أهل اخته بردو اتحرج قدامهم ، انتي عارفه كلام الناس مبيخلص وام عز اه طيبه وجدعة بس متضمنيش وعز  راجل  مهما كان حطي نفسك كده مكان جميلة ساعتها ؟؟ مش هتحسي انك اتحرجتي قدام أهل جوزك وهتخافي يفهموا غلط ؟؟ اللي مطمني ان عايدة كلامها علي عز كويس وانه ابن حلال  دماغه متروحش بعيد بس كلامنا من غير ما يحس بيٱثر. على اللي حوالينا يا حبببتي لازم نفكر قبل ما نقول الحاجة عشان كدة بنكسر خواطر ناس تانية ملهاش ذنب في عز ما يكون غيرهم يستاهلوا بس يستاهلوا بتربيتك وأخلاقك مش أخلاقهم هم فهمتي ؟!"



أومأت بصمتٍ فإبتسمت "سُمية" خلسة على طبعها ، من الأساس تعلم أن من الصعب تغير طباع من طباع أشرس ما في فتياتها في العلن بينما في الخفاء تعلم ان أشرسهن "نيروز" التي لا تترك الحق ولو بينها وبين نفسها وفقط حتى وان لم تستطيع رده من أحدهم ، أحيانا. تشعر بأن أصغرهن تلك التي بين ذراعيها صامتة بعد ان افتعلت جرماً بسب أحدهم سبة نابية كصغيرة والان تعتذر عن ما بدر منها بمنتهى البراءة !!! ، تلاشت ابتسامتها عندما سألتها "ياسمين" وهي تستند عليها برأسها :




        
          
                
_" لسه متعرفيش ايه اللي حصل مع نيروز وخلى بينهم طلاق بالشكل ده ؟"



_" لأ ، وكويس إنك مندفعتيش ولا روحتي تخبطي علي بابهم أول ما عرفتي ، نحمد ربنا عند  كدة ، وخلينا ساكتين لحد ما يبان ، وان مبانش زي الوقتي ايه السبب يبقي كل شئ قسمة ونصيب وقريب يمشوا فالإجراءات ، انا مقداميش حل غير اني اراعي اختك كويس ونهتم بيها ونسندها فالوقت ده معنديش استعداد اخسرها واخسر صحتها ولا هي تخسر ، مش عايزه ارجع لحال كنا فيه من سنين ، كفاية اوي ولو هي تبقي كويسة وحالتها متنتكسش قصاد اني مفهمش ايه اللي جرا فأنا موافقه ، يعز عليا بنتي تبقي مطلقه وهي لسه مكملتش كام شهر جواز والواحد مبيسلمش من كلام الناس بس دماغي بعد ما قعدت تودي وتجيب وبعد كلام عايدة ليا وهي بتصبرني مبقتش أشوف غير صحة بنتي رقم  واحد وربنا يسهل ومبيجييش حاجة وحشة أبدًا!!!"



خرجت تنظر بتأثر تجاهها بأعين لامعه مجبرة علي تحمل الوضع وداخلها يغلي قهراً على هذه الاحوال التي تغيرت بلمح البصر ، عانقتها "ياسمين" بقوة ورددت لها فخراً من تحمل كل ذلك ماضي وحاضر ومستقبل:



_" أنا فخورة بيكي أوي يا سُمية !"



ابتسمت إلى ان استمعت لٱخر حديثها فحررتها من بين ذراعيها تنهرها بمرح لنخفف عنها :



_" سُمية فعينك يا قليلة الأدب يا بت احترمي نفسك معايا  بقا شوية ، دا أنا حاطة ايدي على قلبي منك ومن تربيتك ، ربنا يستر !!!"



ضحكت"ياسمين "بخفةٍ وخلفها تخفي حزنها  من موقف "حازم " بينما غمزت تجاريها وقالت بغرورٍ :



_" تربية عمرك ما هتشوفي زيها بس الصبر ، الصبر يا سُمية ، ان ما خليتهم ياخدو بتاري منك ومن كل اللي بتعمليه فيا مبقاش ٱنا "



قاطعتها "سمية" بسخريةٍ وهي تتوجه ناحية الباب كي تفتحة :



_" غلبانة يا عين سُمية ، دا هم اللي هيخلصوا القديم والجديد وهيعملوا كل حاجة كنتي بتعمليها فيها ، سلف ودين كله سلف ودين الصبر انتي !!"



ابتسمت ولم ترد حين فتحت الباب بشعرها وعباءتها أمام أنظار"حامد" الذي رجع إلى الخلف مهبطاً رأسه قائلاً قبل أن يسير خطوه واحدة ناحية الشقة الجانبية التي تخصه :



_" أمانتك يا أم وردة ،  من غير ولا خدش كمان ، مرضية؟"



تحركت "سُمية" خلف الباب وقالت بهدوء تجاري مرحة :




        
          
                
_". مرضية ، كتر خيرك تعبناك معانا!!"



ورد قبل ان يخرج المفتاح ليضعه في باب شقته :



_" دا واجب. وحقها مننا!"



وبعد ذلك القول أُغلق البابين بعدما دخلت "نيروز" وقبل انت تفر لغرفتها ، اندفعت "ياسمين" تعانقها بمشاكسةٍ وهي تردد بصوتٍ عالٍ تنتهز  فرصة وجودها قبل ان تغلق باب غرفتها عليها كالعادة:



_"  بُص على الحلاوة حلاوة ..بذمتك يا ماما بذمتك الحمل مش مخليها زي العسل ؟"



ترد لها كلماتها التي قالتها لها في بداية شهور حملها ، ضحكت بخفةٍ وهي تدور بفعل يدي "ياسمين" التي تديريها بمرحٍ أوقفت بتعبٍ ، حتي تقدمت "سُمية" تؤيد :



_" طبعاً أومال إيه زي العسل  انتوا الاتنين، ربنا يحميكم من العين ،واسمعوا أما اقولكم بقا ، في احتمال يكون فبطن  نيروز  توأم والله أعلم فإحنا نخبي كدة ونسكت لحد ما نتأكد من ثباته ٱكتر ووجودهم  كمان فترة ، العين بردك وحشة وكفاية اللي سمعناه من اللي كانت بتعمله زهور ، أنا مش ناقصة ، ومع انهم إتأخروا عن. انهم يلموا بعضهم ويمشوا ويشتروا حاجتهم ومحتاجتهم من مصر  الا انهم بردو موجودين وعرفت من عايدة اللي كلمت زينات ومعرفش ليه قاعدين ومستنين ايه ربنا يبعدهم عننا هم وشرهم !!"



أومأوا لها وعلمت"ياسمين" بإختصار من "والدتها " ٱمر "نيروز"، لذا احتضنتها"ياسمين" بحبٍ وقالت تشاكسها بمرحٍ :



_". بقولك ايه بقا لو توٱم وأنا فبطني بنت هناسبك لو هتجيبي ولد ماشي؟."



ضحكت "سمية" ورددت"نيروز" تخبرها بإبتسامة هادئة :



_" كدة. هتبقى بنتك أكبر منه !"



_" يستي عادي ، اكبر بقد ايه يعني شهر ؟ شهرين ؟ آخرهم كام مثلاً تلاتة؟. مع انها متجيش كل ده بس اشطا يعني احنا عيلة مثقفه وأنا وجوزي أهم حاجة عندنا الأخلاق ودي مش هنلاقيها فعيالك فٱهم حاجة بعد كدة الحالة المادية!!"



ضحكت "نيروز" هذه. المره بيأسٍ منها بينما  ابتسمت"سمية " وهي تشملهما بنظراتها وقالت بشرود ٍ حزين :



_" عارفين ؟ وردة وحشتني هي ويامن مع انهم راجعين ، ما بالكم بقا لما يجوا يسافروا ؟."



ظهر الحزن والتعلق بعينيها ، فنهرتها "ياسمين " بضيقٍ. :



_" يوه يا ماما ، أنا بحاول أنسى تقومي تفكريني يا ولية ؟؟؟"




        
          
                
أيدت"نيروز" قولها بحزن بات رفيق لعدستيها وملامحها:



_" أنا كمان بحاول انسى!"



زفر الثلاثة بصوتٍ عالٍ ، وابتلعت "نيروز" ريقها تضع يديها على  معدتها بشرودٍ بعدما قالت تخبرهم :



_" أنا هدخل ارتاح!"



قطعت "سمية" سيرها عندما قالت بلهفة تمنع ما هي مقبلة عليه من الانخراط بالوجع :



_" استني بس اعملك حاجة تاكليها وكوباية حاجة سخنة ، خليكي قاعدة مع اختك علي ما أعملكم!!"



إستمرت في السير ترفض بنبره هادئة تفسر لها بحجة:



_" لا هدخل ٱغير وأنام على ضهري ارتاح  هسيب الباب مفتوح ، مع اني مش عايزه أكل شبعانة !!"



_" شبعانة ايه يا بنتي هو اللي انتي فيه دا حال ؟؟"



لم ترد عليها وأغلقت الباب دون قفل خلفها وسهت "سمية" عن ندبها بعدما قررت الرضا ولكن رغماً عنها ، وما يُطمئن "ياسمين" أن  رفيقة درب شقيقتها قادمة ولن تدعها تجلس بمفردها ، سارت تخلع ملابسها الخاصة بالخروج حتي قررت بأن تقف تساعد والدتها او تنتظر فقط معها بالمطبخ كي  ينتهيا معاً بآعداد شطائر او وجبة صغيرة لهما وبالٱخص لشقيقتها !



_________________________________________



لأكثر من ساعة تمر عندهما ، وانتهى الطريق بعد وقت مر ووقفت معهما اللحظة عند لحظة الوداع بعد انتهاء الإجراءات ، تعمد "غسان" قبل وقت قليل ترك "بدر مع ورود" و"يامن" كي يودعهما بما فيه الكفاية ووقف هو على بُعدٍ يجلس على احدى  الاستراحات الأنيقه يعبث في هاتفه لا يعلم هو بأن هذا العبث لا يجلب له سوى الضياع ، الضياع وفقط ، صورة خلفيته الداخلية هي نفس الصورة الذي لم يغيرها صورة التقطت منه بعفوية عندما دفعها عليه بفستانها الأنيق يوم زفاف "حازم و"ياسمين" ، حينها وضعها ولم يغيرها، كانت تنظر لوجهه بمفاجأة والتقط الصورة علي فجأة بعبثه المعتاد !! ، اليوم الذي علم به بأنها يُخطط لها كي تكون لشخص ٱخر غيره نفس اليوم الذي تقدم لخطبتها من دون رٱيها ، يوم له ذكريات عديدة معه لذا لم يغير الصورة أبداً ، كل تطبيق عليه ذكرى جيدة ومؤلمة ، حتى صورة الملف الشخصي الذي وضعها عندما ابتاع لها الذهب بمحل المجوهرات..



عندما وضع يديها مع يديه علي محرك السيارة بشكل لطيف ، نفس الصورة التي كانت على تطبيق الواتساب وضعها على برنامج الفيسبوك وبقية التطبيقات الٱخرى !! ، الذكريات تداهمه في كل مكان وقدرته على النسيان معدومة ، صعب عليه التخطي وهما الإثنان بنفس الأماكن معاً لامحال سيري كل منهما وجه الاخر  ولو صدفة حتي وان جاهد كل طرف على عدم حدوث ذلك ، غالباً ما تأتي لنا الفرص على طبق من ذهب رغم رغبتنا في عدم قدومها!! ، يريدنا ما لا نريده ، وما نريده لا يُريدنا ، حتي الوقت لا يسعفنا والفرص لم تقف معنا  دائماً ، على الأغلب يأتي كل شئ عندما نفقد الأمل بقدومه  ..




        
          
                
إعتلى صوت منظمة الطيران خاصةً الطائرة التي تخصه وتخص موعده ، لذا ترقب ورفع رأسه ووجد أن الٱخر كان قد ينادي عليه  منذ دقائق وهو شارد!!
وقف يتقدم مع نظرات "وردة" التي زاغت بالدموع رغم أنه أوصاها علي عدم فعل ذلك وللمرة التي لا تعلم عددها رددت له بتحشرجٍ :



_" خلي بالك من نفسك يا بدر عشان خاطري  !"



بهذه اللحظة أدرك مرارة الفراق ، لمعت عينيه هو ، هو الذي يقف ثابت مهما حدث يتحكم في مشاعره بينما الٱن وبمكان عام تعلقت عينيه بها وخاصة عندما أطال النظر بصغيره حينها هبطت دمعته وحمله  يضمه بعناقٍ شديد ومختلف ، مختلف جداً ، ابتلع ريقه وخلع جورب الصغير بين يديه يخفيه في جيبه حتي ألبسه حذاءه دون ان ينتبه له أحد ،، بينما التقط "غسان" ما فعله وشعر بمرارة الفراق رغماً عنه ،  الموقف يُعاد بإختلاف المشاعر والوضع ؟



نزلت دموع "وردة" حينها دفعها ذراع "بدر" وقال بنبرة ضعيفة خانته يهون عليها وهي بين ذراعه :



_" خلاص بقا يا وردة ، كفاية عشان خاطري ، هو ده اللي كنت خايف منه ، أنا قولتلك بلاش تيجي!!"



ابتلعت ريقها تنظر بأسفٍ فابتسم وهو يقبل صغيرة مردداً مره أخرى :



_" خلي بالكم من نفسكم ، هبقي معاكم علي طول هتوحشوني أوي بس اوعدكم اني مش هتأخر عليكم ان شاء الله.."



خرجت عندما اعتلى الصوت ليعجلهم ،. عانقه "غسان" هذه المره بتأثرٍ بينما لم يترك "بدر" "يامن " الذي حمله على ذراعه في منتصف العناق ، خرج"غسان " يقطع حديثه المتأثر بـ :



_" من غير ما تقول يا بدر، حبايبك معايا في أمان ، ومش هخليهم يحتاجوا حاجة ، في عينيا يا أبو يامن ، هات يامن بقا !؟"



مد "غسان" ذراعه تحت دموع" وردة" التي تسقط أمامهم ، بينما عانق هو صغيره بتأثرٍ وابتلع غصة مريرة بحلقه رغم ان غيره سينظر بأن الوضع يُهول ولكن هذه اللحظة قاسية عليه هو خاصةً انه لم  يتركهما من قبل ، إستنشق رائحته الذي يحفظها  وكل ذلك يتابعه "غسان" بوجع هو الٱخر استنشق رائحتها قبل الرحيل ، هنا وعلم انه كان بمثابة والدها الراحل حاول تعويضها ولكن لما تخلت ؟؟ ، ابتلع ريقه هو الٱخر ورفع "يامن" رأسه يقبل وجنتي "بدر" ، ومازال ذراعي "غسان" معلقتان لطلب الصغير ، فقال يقطع هذا الوداع وهو يحث "يامن"  :



_" بوس بابا كمان يا يامن وقوله بحبك يلا !!"



لبي الصغير قول "غسان" عندما قبله وقال بنبره طفولية بريئه جاهله عن القادم :



_" بحبك يا بدر !"



مع نطق حرف  الراء لام ، كالعادة ، ضحك "بدر" والٱن يشعر بأنه يفارق روحه عندما حمله "غسان" وحثه علي أن يشير له بكفه الصغير بالوادع  ، حينها امسك حقيبته ، وهرب من عيني "وردة" بعد الوداع وإلتفت يشير بيديه يدخل أكثر ، لم يلتفت بظهره تحت شهقة "وردة" الذي ميزها هو ولكنه قاوم أي مشاعر ولم يلتفت ، وصوت صغيرة يسمعه وهو يردد علي مسامعه بطفولية جاهلة عن وجع اللحظة :




        
          
                
_" باي يا بدر ، باي "



_" باي يا بابا !"



جملتان حثهما به "غسان" وأخرى حثته بها "وردة" ، فنال "غسان" من خده الممتلئ بحبٍ وأعطاه هاتفه يعبث به ونظر ناحية "وردة"  مردداً. :



_"متزعليش يا وردة ، هيرجعلكم بسرعة  ان شاء الله وساعتها هتقعدوا معانا كمان فتره قبل ما تمشوا  فكري فيها  من نحية تانية ، خير صدقيني!!"



ابتسمت بلطفٍ على مواساته وسارت معه ناحية الخارج وكان "يامن" على ذراعه هو يحمله بينما بالذراع الٱخر تحسس جيب بنطاله كي يخرج مفتاحه  ، وبعد قليلٍ وصل عند سيارته ووقف يحثها علي الدخول أولاً وقرر اختصار الطريق في العودة كي يرحل بسرعة ، في حين جلست هي في الٱمام وجلس هو وأُغلقت الأبواب تحت كلماته الهادئة يحثها :



_" عايزك بقا تفكري على مهلك كدة عشان لما نقرب نوصل اعزمك انتي ويامن فالمكان اللي هتختاريه!!"



شعرت بالحرج من ما ردده مضطراً ، أو هكذا توقعت بينما بررت له بهدوء:



_" ملوش لزوم يا غسان ، متتعبش نفسك خلينا نوصل علي البيت علطول انت تعبت معانا انهاردة اوي!"



نفي وهو يتقدم بالسيارة يخرج من ركنها للطريق العام السريع وبدأ القيادة بإستقامة وقال بتلقائية في الرد :



_"ولا تعب ولا حاجة ، مينفعش ترجعوا معايا من غير ما اعزمكم ، فكري بس وأنا معاكي ولو مش عشان خاطر  حد عشان خاطر يامن حتى !"



صمتت تومأ بحرجٍ بينم اندمج الصغير في الهاتف مع قيادة "غسان" وعندما فتح تطبيق الصور ووجد صورتهما معاً أمام المرٱه في شقتهما حينها هي من أرسلت له هذه الصورة  :



_"روز!"



رددها بتلقائية نظرت "وردة" وتحرجت من الموقف في حين ابتسم "غسان" يحرك رأسه بنعمٍ يؤكد سؤاله ببساطةٍ وجاب عينيه الصورة التي أُخذت بعد وعد وحديث بإثبات منه هو شخصياً. على عدم قدرته علي الفراق !! 



سخرية مؤلمة داهمت قلبه وعقله معاً الاثنان المنشغلان بالتفكير بها ، أحدهما يحاول التبرير بسبب الشوق لها والعذاب بفراقها والٱخر ينهر كل ذلك وكل هذه المشاعر المختلة !!



صب تركيزه على الطريق بينما عقله معها هي ! ، لا يعلم هو بأن عقارب الساعة تمر بسرعة في بُعدها وخاصة بهذا الوقت بينما داخله تمر بوجع والثانية بمثابة سنوات كثيرة  ليس لا عدد ،  نام "يامن" على ساقه وغفل وترك الهاتف المفتوح على صوره وبعض صورها ، لم يغفل هو عن وجود ملف خاص برقم سري لصورها وفيدوهاتهما المصورة بملابسها البيتية وخصلات شعرها المتروكة! ..



_"الوقت عدي وسهيت عنه معلش ، هاته يا غسان ينام على رجلي!"



أهدأ من سرعة السيارة ورفع ذراعه الٱخر يحمله يوجهه ناحيتها حتي أخذته ومدت يديها في الخلف تخرج من حقيبتها غطاء ، فسألها "غسان" باهتمام:




        
          
                
_" أقفلك الشباك خالص عشان ميتعبش؟ ولا هتتخنقي؟"



_"لا كدة تمام ، وعشان بردو الجو مش برد أوي!"



نظر نحو اغلاقه فكان يغلق نصف غلقه ، صمت يحرك عينيه ناحية الطريق ، وسمع صوت دقات هاتفه ، فأخفض عينيه ينظر حتي وجده شقيقه ،  إلتقطه وفتح الخط فوجد شقيقه يخبره دون مقدمات :



_". إلحقني يا غُس ، فرح موجوده عندنا فالشقة وجت تشوف اختك ، سمعت انها جاية من غير اخوها ولا أمها ، قلبي مقلق من عز ، معقول سابها كدة ؟؟"



ضحك على قول شقيقه وعلم أن هذا الإتصال ما هو إلا ليشغل عقله وفقط، شاكسة بخفة وقال :



_" ما تثبت ياض ، مالك واقع كدة ليه ؟ تلاقيها جاية عادي تشوف أختك ما هم بقوا صحاب مش ملاحظ يعني!!"



_" لا ملاحظ ، بس بقولك ايه ؟ أعرف ازاي انها واخدة بالها مني وكدة أو معجبة  ، أنا الكلام طار من عقلي وقاعد فالأوضه دلوقتي وعايز أخرج اتكلم معاها بس مش عارف ما تساعدني!'



_"لا مليش فيه اعتمد علي نفسك بنفسك "



_" وحياة أمك يا غسان لتساعدني ، أنا خايف متكونش جاهزه واترفض بطريقة أشيك المرادي أنا مش حمل كل ده ، ساعدني بقا بالله عليك !"



_"ما أنا كلامي مبيعجبكش يا دكتور  !"



_"لا هيعجبني بس قول بس قبل ما تمشي بسرعة بقا  يلا !"



_" طب ركز معايا !"



لا يعلم هو ان الٱخرى كانت قد انتبهت لحديثه ، بينما انتهز"غسان" فرصة عدم قدومها او رؤيتها فى منزلهما وأخبره الٱخر بأنه لم يراها منذ أيام ، لذا أخذ نفساً عميقاً وقال يحثه بدقةٍ.  :



_"انت هتخش عليها تقولها إذيك يا فرح عاملة ايه ؟  كان نفسى اشوفك بس مقدرتش الأيام  اللي فاتت أصل الدكتور مانعني من  الحلو!"



كتبت "وردة" ضحكتها بينما شهق "بسام" مستنكراً يرفض بحرج :



_" لا لا يا غسان انا بتحرج اقول الكلام ده ،. شوفلي غيرها وبعدين لو قولتها يعني  ده اللي هيبينلي "



_" لو ضحكت واتكسفت وهربت بعينيها تبقي  معجبة. وواخدة بالها منك يا عاشق يا ولهان!!"..



صمت قليلاّ ثم واصل يكمل وهو ينظر نحو الطريق :



_"طيب بص .. بما انكم دكاترة ،  ارميلها علطول اللي هقولهولك ده "



صمت "بسام"  بترقبٍ  وأتاه صوته الجدي وكأنه لا يستخف بحاله بسخرية مضحكة بالنسبة لمن تجلس بجانبه. :



_"قولها  ايه يا فروح حبيبك مجروح ومحتاج عملية قلب مفتوح!!"



لم يسمع سوى صوت إغلاق الخط ولم تستطع "وردة " ان تكبت ضحكاتها أكثر أما هو فإبتسم بيأسٍ تحت سماعه قولها الٱتي :




        
          
                
_" ده دكتور بسام شكله واقع أوي!'



وعلى الرغم من أن المكالمة جعلته يندمج إلا أنه عاد ينخرط بين قوقعة أفكاره ، ولا يعلم لما تذكر طريقتها المشابهه لطريقة "وردة " الهادئة عندما تستنكر حدوث شئ وتتأكد بمرحٍ طفيف ، أومأ لها بصمتٍ فقط دون تفسير مع ضحكة هادئة ، واندمح في النظر والاستمرار في القيادة !!



___________________________________



أغلق  "بسام" الخط بضيقٍ من سخافته ووقف يفكر في طريقة ، وترك الٱمر يأتي كما  يأتي ،  نظر لجسدة في المرٱه وإلتقط تيشيرت بسيط يرتدية على ملابسه الفوقية التي تكشف كتفيه وذراعية بمقدمة صدرة ، مشط خصلاته ونظر نحو سرواله الرياضي المحكم من قدمة من أسفل بينما مريح  بعد ذلك ، دس هاتفه بجيب بنطاله وفتح الغرفة حتى وجد "فرح" تجلس برفقة "وسام" ووالدته في المطبخ ، و"حامد" يغلق الخط مع "فريدة" التي كانت محرجة من فتح المحل بعدما علمت ما حدث لكن "حامد" من شجعها الٱن حتى أخذ مصحفه وفتح الباب وقبل ان يخرج نظر نحو محط أنظار ولده الذي تسمر مكانه، ضحك خلسة عليه وحرك رأسه بيأسٍ وارتدي حذاءه وخرج يغلق الباب خلفه ، لاحظت "وسام" وقوف فأشار لها بعنينيه حتى نهضت تستأذن بحرج :



_" معلش يا فرح ، دقيقة وراجعالك الظاهر ماما بتنادي !"



أومأت لها بينما نظرت الأخرى بٱثرها وجاب ذاكرتها وعقلها طيفه ، وبين مداهمة والآخرى بينها وبين نفسها نهرت نفسها ،ولكنها لا تغفل عن رغبتها في ان تراه فكلما ترى هيئته يتحسن مزاجها ،. ناهيك عن أنها لا تعلم لما تود رؤيته ولكن تستشعر بخفة روحة علي غيره حتي وان لم يتعمد المرح ولكنها تحبذ رؤية توتره المماثل لها تماماً ،  تنحنح بحنجرته وأغمض عينيه بإستسلام يتذكر كلمات شقيقه لا يوجد أمامه سواها ، لم يكن يعلم بأن الٱخر يسخر ويمزح ويجاريه بينما هو قرر التنفيذ دون أي مسمي !  وقف بعدما إقترب وأخرجها من شرودها  عندما قال بابتسامه واسعة :



_" اذيك يا فرح عاملة ايه ؟ كان نفسي أشوفك بس مقدرتش الأيام اللي فاتت ٱصل الدكتور مانعني من الحلو !!"



رددها دفعة واحدة ؟ دون راحة ؟ يحفظ دون أن يفهم ، برقت عدستيها من مفاجأة قوله ، بينما ابتلبع ريقه بتردد يود ان يختفي الٱن ، دعى على شقيقه بسره ، والجم لسانه عن قول أي شئ بعد هذه الجملة ، بينما هي احمر وجهها حرجاً  وحركت عينيها بمكان ٱخر ترد دون النظر له :



_"شكراً على المجاملة الحلوة دي يا بسام !"



هربت بعينيها ؟ خجلت ؟ إذن معجبة ؟ ولمره أخرى ينساق وراء حديث الٱخر الذي كان يسخر به ليس إلا ، ابتهجت ملامحة وجلس بجانبها ينظر نحو وجهها فرفعت عينيها تنظر له  بابتسامة لطيفة ووجد الحديث يخرج منه هو هذه المره بتلقائية هائمة :



_" ضِحكتك ضيعّت مني كُل الكلام!"



إبتلعت "فرح"  ريقها بارتباكٍ ونظرت بأرجاءٍ أخرى غير عينيه فقال مجدداً يحاصرها قبل قدوم أحدهم :




        
          
                
_"فرح؟ هو انتِ جاهزه لخطوة إرتباط وجواز وكدة ولا شايفة ان لسه بدري ؟ أنا حابب اعرف عنك أكتر!"



شعرت بسخونة وجنتيها ورأسها عامةً ، لم تقدر على الرفض أو على الجواب ، بينما من بين انتظاره وقبل أن تأتي لمح طيف والدته  وهي تأتي من على بعد تصيح قائلة بحرارة:



_" خدي بقا دوقي الرز بلبن ده وقوليلي رٱيك ، انتِ شربتي العصير ولا لأ ؟."



أغمض "بسام "عينيه بنفاذ صبر ضاغطاً على فكة السفلي بضيقٍ مردداً بخفوتٍ بعدما تركهما ونهض :



_" يا صــبـر أيــوب!!!!!"



تحرك ناحية الباب بملامح ظهر عليها الضيق بينما كبتت "وسام " ضحكتها وإلتفت "دلال" برأسها تسأله باهتمام:



_" رايح فين يا حبيبي ؟!"



_" نازل !"



قالها مختصراً وأغلق الباب خلفه بضيق، متجهاً ناحية المصعد ضاغطاً على شفتيه بحنقٍ متى سينتهز الفرص ، متى سيأخذ منها الرد ومعه عائلة مثل هذه!!!



___



وبنفس الطابق الذي وقف به ، وقفت "جميلة" بالداخل قبل وقت منذ أن ٱتت وقررت "فرح" تركها لتجلس على راحتها ، دقت باب غرفة "نيروز"  لكنها لم تجد رد ، في حين اقتربت "سمية"  تحثها قائلة :



_"كانت من شوية واكلة تلاقيها نامت شوية ، تعالي نقعد على ما تصحي!!"



خرجت"ياسمين" من الداخل تتوجه ناحية "جميلة" لتعانقها بترحيبٍ ثم هتفت بنبرة صادقة :



_" وحشتيني يا حرباية !"



_" وانتِ كمان !"



بادلتها العناق بشوقٍ وجلستا الاثنان فبدأت "جميلة" في السؤال عنها بلهفة :



_" نيروز عاملة ايه دلوقتي ؟ حالتها أحسن؟"



حينها ردت "سُمية" تجيب بقلة حيلة تخبرها :



_" نفس الحال مبيتغيرش قافلة على نفسها علطول يدوب النهاردة خرجنا شوية عشان تتابع عن الدكتورة هي وياسمين ، المهم انتِ عاملة ايه واخبار الامتحانات ؟!"



ابتسمت رغم حزنها علي "نيروز " وعينيها لا تفارق غرفتها بانتظار في حين أجابت على ٱخر حديثها بـ :



_" الحمد لله قربت انتهي ، بس دعواتك ، هي ماما مجتش؟ أنا قايلاها اسبقيني على هنا عشان نقعد مع بعض!!"



_" تلاقيها بتلبخ  فالمطبخ فأي هيصة ، انتي عارفه أمك تحب المطبح قد عينيها هي ودلال!!"



ضحكت بخفة على قول "سمية" ، لاحظت "جميلة" صمت "ياسمين" فسألتها بمشاكسةٍ :



_" القيامة شكلها هتقوم مادام ساكتة كدة !"




        
          
                
ومن ناحية ٱخرى قررت التخفيف عنها ، تعلم جيداً إلى مدى يصل حزنها بعمق على" نيروز " ورغم أن فرق السن قليل بين "ياسمين ونيروز " الا أن الاولى تشعر بأن الثانية إبنتها !! ، رفعت عينيها تبتسم برفقٍ فقالت "سمية" هذه المرة :



_"على قولك يا جميلة ، سكوتها غريب ،  بس كلامها لما يخرج بيعك الدنيا!!"



ضحكت "جميلة" على لوم "سمية" التي نهضت تعد لها شئ  ، في حين نظرت "جميلة" تجاهها مره أخرى وسألتها. بقلقٍ :



_" أنا عارفه السكوت ده ، ، انتِ متخانقة انتي وحازم صح ؟ قولي بصراحة ؟!"



مطت شفتيها وأومأت بإستسلامٍ ، فحركت  "جميلة" رأسها يأساً منها  وقالت بدفاعٍ مضحك كي تجعلها تضحك :



_" وأنا مغمضة أكيد أكيد انتي اللي غلطانة !!"



مصمصت "ياسمين" شفتيها بتهكمٍ وقالت بإسلوب سوقي خائب منها :



_" صحيح ما انتِ حرباية حرباية بحق. وحقيقي!!!"



تعالت ضحكتها وقبل أن  تهدأ وتفسر  لها فُتح باب غرفة"نيروز " المتجهة في طريقها نحو المرحاض دون حتي التركيز عن من يجلس ، نهضت"جميلة" بسرعة مع "ياسمين" وقطعت الأولى طريقها وهي تبتسم لها مرددة بتأثرٍ :



_"وحشتيني أوي ، ومستنية أشوفك من. ساعتها ، انتِ كويسة ؟"



لم تنتظر منها الرد بل دفعتها برفقٍ لتعانقها فعانقتها "نيروز" وهي تبتسم ابتسامة باهتة مرددة لها بعد ان حررت نفسها من أحضان الأخرى :



_" انا كويسة متقلقيش ، هدخل الحمام بس وهرجعلك!!"



أومأت لها بتفحص وهي تشملها بعينيها ، فنظرت تجاه"ياسمين" التي ظهر على ملامح وجهها الغيرة وهي تقلد نبرتها ':



_"وحشتيني ..هدخل الحمام وأرجعلك ، ايه المحن ده ؟ واحنا اللي عايزينها تقعد معانا إلا ما قالت هروح وراجعلكم زيك حتى !!"



رفعت "جميلة" رأسها بغرورٍ ودخلت غرفة "نيروز". تزامناً مع قولها:



_" سر المهنة بقا ، وبعدين تعالي ..تعالي نقعد فوق راسها هنا عشان لما تيجي متعرفش تهرب يلا!!"



وجدتها "ياسمين" فكرة جيدة ، وسارت خلفها والاثنان ينتظران الٱن قدوم الثالثه ، كما كانوا دائماً ثلاثة أجساد بروح واحدة كثيراً ما تشاركن مع بعضهن الوجع ، حتى وان كان الوجع يخص واحدة فقط ، فقد اعتدن على ان يتشاركن به دوماً !!!!



___________________________________________



جلس "حامد" بالخارج على المقعد التي قدمته له "فريدة" ، فتح مصحفة قبل وقت وخلفه مباشرةً وجد "بسام" يتقدم ناحيته بحنقٍ ، التقط مقعد من الداخل وجلبه حتي جلس برفقة والده الذي  رفع رأسه يُصدق ،وقال ساخراً شامتاً به غير غافلاً عن ما تفعله "وسام" و هو :




        
          
                
_"ايه ؟ مين قطع عليك اللحظة المرادي ؟؟"



ذُهل "بسام" من قوله ، وابتسم يحرك رأسه بحنقٍ مردداً :



_" حُب عمرك وام عيالك !"



_" دي تعمل اللي هي عايزاه ، وبعدين الحال دا مبيفكركش بحاجة انت واخوك ؟"



تذكر على الفور قطع اي لحظة هو وشقيقه بينه وبين والدتهما ، ضحك بخفةٍ ونفى يمسح التهمه   من عليه بالكذب :



_" لا يا يحج حامد ، أنا كنت ومازالت مؤدب  ، ابنك غسان هو  اللي كان بيقطع رزقك علطول معاها ، دا انا معجب بغزلك أوي والعجيب إن امي بتتثبت ، ما تعلمني وحياة عيالك وام عيالك !!!"



المُبهج بالنسبة له أنه يري ولده يتعافي ويعود لسابق عهده ، ابتسم بسعادة لأجله ورد عليه بتهكمٍ :



_" ببلاش كدة ؟؟"



وكان رده الأكثر لهفة عندما قال :



_" قولي عايز ايه وأنا عينيا ليك!"



والغير متوقع كان رد "والده " المتٱثر مع تنهيدة حارة متعبة :



_" عايزك جنب أخوك الفترة دي ، انت عارف هو موجوع ازاي وبيكابر ، أنا مش عارف أعمله ايه يا بسام!!!"



وجد العجز في عينيه ونبرته ، نظر بتأثرٍ وابتسم يطمئنه كي لا يتعب من كبت التعب النفسي:



_" متشيلش هم يا بابا ، ان شاء الله هيبقي كويس وأنا جنبة متقلقش وبحاول أخفف عنه والهيه ، حتى بفكر انقل عزالي واروح ابات معاه فالأوضه فالأيام اللي ببقى فيها هنا !"



شرد "حامد " بتفكيرٍ وقال يستحسن فكرته :



_" لو قدرت عليه اعمل كدة!"



وقبل أن يتحدث بأي حرف يخرجه ، وجد الإثنان صوت الدراجة البخارية بصوتها العالي ، ترقبت أعينهما ناحية "ٱدم" المتسلق خلفه "يوسف" وأمامه "أدهم"، أراد "ٱدم" مشاكسة "بسام" فسار عليه يزود من قوة الدفع بالدراجة  ناحيته تحت ضحكات "حامد". ، وسرعان ما رجع "بسام" بمعقده إلى الخلف وهو يردد برهبة من جرأته ومعه الصغيران :



_" إعقل يا مجنون انت ، معاك عيال !!"



_"ماشي يا دكترة !"



غمز له "ٱدم"  عقب قولها وأسند الدراجة البخارية ، ونهض من عليها حاملاً "ٱدهم" ليهبطة  وكذلك "يوسف" اندفع "أدهم" حيث الداخل بينما وقف "يوسف" يرحب بهما ببراءة ، ووقف "ٱدم" يرحب بـ "بسام " وعمه ..



في حين اندفع "أدهم" يحتضن ساق "فريدة" وبخفةٍ انحنت تحمله تعبر له عن شوقها بالعناق الصحيح بعد قوله العفوي :



_" وحشتيني أوي يا فيفي !"



_"وانت كمان اوي أوي يا دوما !"




        
          
                
توسعت بسمته وأخفضته بسعادة ، وشعرت بإقتراب خطوات "ٱدم" الذي استند على العمود بينما هرول "ٱدهم" ناحية الخارج تزامناً مع قول "ٱدم" وهو يستند بكتفيه :



_"ممكن أعرف بقا مش عارف أشوفك ليه بقالي كام يوم  دا انا جيت  النهاردة بالمكنة لوحدي حوالي ٣ مرات وكل ما ٱجي  الاقي المحل مقفول برجع!!"



إلتفتت تنظر بوجهها بإستنكارٍ تخفي اشتياقها هي الٱخرى لكلماته الثابته ، في حين هتفت تغير مجرى الحديث :



_" ودا من ايه ان شاء الله يعني ؟!"



اجاب هو ببساطةٍ هادئة يخبرها بصدقٍ :



_" دا من حبي ان شاء الله يعني!"



ابتسمت "فريدة"  بإنهزامٍ وانحنت تحمل مجموعة صناديق صغيره وقالت بتعبٍ :



_" تعالى ساعدني "



إنحنى "ٱدم" بعفوية يحمل معها ما كان بجانب ساقها ، وحمله وقف يسير خلفها ، تزامناً مع قوله الهادئ وهو يسير خلفها :



_" حازم مفاتحكيش فحاجة كدة ولا كدة ؟!"



سمعته وأسندت ما بيديها ثم مسحت جبينها بإرهاقٍ تجيبه بغير تركيز:



_" لا هيقول ايه يعني!"



_"كُل خير !"



أسند هو الٱخر ما بين يديه ونهض وجدها تتمعن  النظر بتلك القلادة المعلقة بعنقه وتلقائياً وضع يديه عليها فتنحنحت بحرجٍ تخبره بهدوء :



_"علفكرة أنا قولتلك انك حرام  تلبسها مش فاكر ؟"



أومأ وضم قلبها بين كفه وقال بعجزٍ :



_" مش قادر أقلعها ، كنت مقرر أعمل حل أسهل ، بس  هتوافقي؟"



ترددت عينيها ، كان يقرر فعل ذلك عند خطبتها ولكنها من عجلت الأمر بسؤالها ،  وجدته يكمل بحديث هادئ عميق :



_" قولتلك قبل كدة إن فيها صورة أمي ، ومن الناحية التانية أنا ، ومش عارف أقلعها بالسهولة دي ،عشان كدة هسيبها أمانة فرقبتك انتي بس اوعديني تحافظي عليها !"



فرط بأغلى ما على قلبه لها هي ؟ ابتلعت "فريدة"  ريقها بتوترٍ ولم تفهم معني حديثه ولكنه رفع ذراعه يخلعه من عنقه وتقدم تحت ثباتها يضعها في عنقها بجرأة ، لم ترفض بل نظرت له بذهولٍ وترددت الكلمات في الخروج وأنقذ موضعها عندما قال بابتسامة هادئة :



_"أنا قولتلك قبل كده إني خوفت عليكي خوف غريب مجاليش غير ساعة ما حسيت ان أمي هتضيع مني ، السلسلة دي غالية عليا أوي ومبقلعهاش خالص بس النهاردة قلعتها عشان حرام ألبسها أنا ..بس انتي الاختيار الصح والوحيد اللي هسيبها أمانة فرقبته ، بس أنا عايز منك وعد متضيعهاش ولا تفرطي فيها ، انا كنت ناوي البسهالك لما أخطبك بس انتي استعجلتي بسؤالك ده !"




        
          
                
تأثرت من ثقته بها ، في حين أن البعض كان يفقد بها الثقه ، وهي من تفقد هي الأخرى بهم ، بينما هو ؟ كيف يستطيع فعل ذلك ، أحكمت مسكها بكفها وهي تهبط عينيها تنظر لها ولقلبها بعدما ابتلعت ريقها تردد. ببسمة هادئة أمام عينيه المراقبه لتفاصيل رد فعلها:



_" أوعدك ان عمري ما هفرط فيها!!"



هنا ورفع عينيه أكثر ينظر داخل عمق عينيها وقال قول صادق خرج منه بتأثر :



_"اللي عينيهم حلوة صادقين !"



وكالعادة تعارض حتي وان اقتنعت :



_" مش دايماً !"



_" في عُرف فريدة دايماً !!"



توسعت ابتسامتها ونهرته بحدةٍ تحاول الهروب بعينيها :



_"بقيت جرئ معايا اوي واخدت عليها ، أنا مش عاملة حسابي على كدة، انت شكلك لعبي اوي يا ٱدم !!"



وكان رده التلقائي عندما برر لها بصدقٍ :



_" كنت ، كنت واللهِ وتوبت ورجعت تاني بسببك انتي !!"



زحفت الحمرة لوجنتيها ، وتعلقت عينيها معه على الرغم من أنه حرك عينيه ينظر نحو "ٱدهم" الذي تمسك بقدمه بينما هي تعلقت بوجهه وهنا في هذه اللحظة شعرت بمدي تغيره أكثر وأكثر حتي ملامحه وإرهاق العمل يظهران عليه بشدة ، وكذلك خشونة كفه ولونه الداكن الذي دكن عن قبل لا تغفل عن هذه التفاصيل التي تزيدها ثقة بشاب مثله!! ، توقفت سيارة "شادي" بالخارج قبل قليل وسمع الاثنان صوته عندما حمل "يوسف " يدفعه في الهواء بمرحة الدائم تحت ضحكات "حامد"و"بسام", بينما إقترب "ٱدم" يخرج وهو يهلل بترحيب خبيث :



_" شــــادي ســيطـــرة ..منور المكان يا عم!!"



__________________________________________



بعد وقت مرّ للإقتراب من الوصول للبلدة ، وقفت السيارة أمام أحد المطاعم ، وهبط "غسان"  حاملاً "يامن" على ذراعه وخلفه "وردة" تحمل حقيبتها وهي تسير ، صعدا معاً حتي حثها على الجلوس ووضع "يامن" على المقعد بجانبها ،  وأراد التقاط صورة لهما كي يرسلها لـ "بدر" في اللاحق ليطمئنه ،التقطها تحت حرج "وردة" ، وجلس يبتسم لها وهو يداعب "يامن" حتى أشار لها مردداً :



_"شوفي تحبي تاكلي ايه وأطلبهولك انتي ويامن!"



أمسكت "الـقائمة"لتختار وجبة بسيطة كي ترحل بسرعة وكي لا تغرمه دفع أموال كثيرة بنفس الوقت ، في حين ظل يلاعب "يامن" حتي انتهت وجاء النادل وأخبره "غسان" بلطفٍ وابتسمت هي على اهتمامه فقالت تشكره :



_" أنا مش عارفة  بس ليه حابب تتعب نفسك ، شكراً يا غسان علي اهتمامك وبعدين أنا مش غريبة يعني أنا اختك ولا ناسي ان احنا قد بعض فالسن ؟"



ضحك "غسان " بخفةٍ وقال بعشمٍ يخبرها :



_" لا مش ناسي ،بس يعني لو اختي وجوزها مسافر فأكيد هروق عليها هي وابنها عشان مزاجهم يتعدل ، وعايز أطمنك واقولك متخافيش في عدم وجود بدر ، والحاجة التانية أي حاجة تحتاجيها تعالي قوليلي علطول وسيبي ٱدم في مسئوليته على ولاد فاطمة انتي عارفه الحمل زايد أوي!!"




        
          
                
أومٱت بموافقةٍ وأمسك الصغير هاتفه ، بينما سألته هي مما جعل سؤالها اثارة انتباهه ورفع رأسه ينظر ناحيتها وهي تسأله :



_"مبسوط يا غسان بعد القرار ده ؟ او فاكر حتي ان نيروز مرتاحة كدة ؟"



تنفس بصوتٍ مسموع يخرج تنهيدته وابتسم يخبرها برسمية في الرد :



_"وحتى لو ، دا نصيب يا وردة ، كل شئ قسمة ونصيب ، ربنا يصلح لها الحال أنا مشوفتش منها حاجة وحشة !!"



دفاع؟ يدافع؟ يُجمل صورتها رغم وجعه الشديد ؟ تأثرت "وردة" من حديثه وقالت تبرر له بحزنٍ مع وضع النادل الطلب :



_" بس نيروز بتحبك يا غسان ، وانت كمان بتحبها ، حاولوا مره أخيرة وافهموا من بعض الأسباب أكتر ، مش سهل علي أي حد فيكم يبعد وفي طفل بينكم لسه مجاش !"



إنتظر إلى ان انتهي النادل من وضع الطعام ، ورفع رأسه ينظر بصمتٍ وهو يحثها :



_" كُلي يلا وأكلي يامن"



استغربت من نهوضه لتأخذ راحتها حتي سألته بغرابةٍ :



_" انت مش هتاكل ؟"



_"لا بالهنا والشفا انتم ، أنا شبعان ، براحتك انتي علي ما أشرب سيجارة بره !!"



سار قبل أن تعترض بحرج ، وتركها تأكل مع صغيرها ،خرج يخرج كبته ،. نفث دخان سيجارته وهو  وهو يشرد بالطريق والناس ، صمته هذا يأخذ منه الكثير ، ابتلع ريقه ينظر بشاشة هاتفه  ، ثم عاد  ينظر ، هذا الجسد يعلمه جيداً بهذه الملابس الأنيقة ، خرجت من سيارتها تحمل الجاكيت الخاص بها على ذراعها وسارت بكعب حذاءها تصعد حتي وجدته يستند على إحدي المقاعد ، رمقها بطرف عينيه وطاقته في الترحيب بشخص ليست معه الٱن ولكنها من تحدثت بلهفة وغير تصديق من رؤيته هنا :



_" غسان ؟؟  بتعمل ايه هنا ؟"



ولم تكن سوى "انچي" التي تطورت العلاقه بينهم في اطار العمل كأصدقاء ، تعمد عدم تخطي الحدود حينها لأجل "نيروز" التي كانت تغتاظ منها ، ابتسم ومد كفه بعدما مدت كفها وقال مرحباً :



_" اذيك يا انچي عاملة ايه ؟!!"



صعدت وصعد معها مضطراً ، فابتسمت تخبره بلطفٍ :



_"أنا كويسة وانت عامل ايه ؟ بعد ما شادي أخدلك إجازة اسبوع والدنيا متكومة فوق دماغي ، حتي صفا فرحها قرب واخدتةاجازة هي كمان ودي كانت الوحيدة اللي شاطرة زيك!!"



ابتسم بمجاملة حينها أشارت له بعدما جلست على إحدى الطاولات:



_"أنا جاية هنا أنا وجوزي نتغدى ، هو غدا عشا بس مش مشكلة مش بنشوف بعض تقريباً بسبب الشغل ولا عارفين نقعد مع بعض فقولنا نخرج ونغير الروتين ، اقعد  عشان اعرفكم على بعض!!"




        
          
                
رفض بحجة واستقام ينظر نحو شاشة هاتفه :



_" لا مرة تانية بقا ان شاء الله ،  يلا عشان سايب اختي لوحدها!!"



وقفت تقطع الملل وأسندت الجاكيت على المقعد ، وسارت تقف وهي تبتسم تحاصره بقولها:



_" عرفني عليها طيب ولا انت مش حابب بقا ؟!"



ضحك "غسان" ووضع هاتفه بجيب بنطالة ورفض قولها وأشار لها حتى سارت بجانبه ، نظرت "وردة" بغرابةٍ وابتسمت حتي بدأ "غسان" يُعرفهما :



_" دي وردة اختي ، ودي يا وردة إنچي مديرة الفرع اللي انا شغال فيه!"



نهضت "وردة" ترحب بها تحت ترحيب "انچي" التي اتسمت بالتواضع ، وابتسمت تجاملها بطيبة  بعدما عانقت"يامن" أيضاً بلطف :



_" مبسوطة اني شوفتك ، علفكرة انتِ عسولة جداً وعينيكي جميلة أوي!"



_" شكراً دا من ذوقك  ، وفرصة سعيدة !!"



ابتسمت لها بلطفٍ وأشارت لـ "غسان" بأنها ستعود ثم قالت:



_" طب هستأذن أنا يا غسان ،  عايز حاجة ؟"



_" تسلمي ، أنا موجود لو في حاجة!"



أومأت وعادت تحت جلوس" وردة" بعدما قبلت" انچي" "يامن" بحبٍ ، جلس"غسان ", واستنكرت "وردة" بداخلها طريقتها الهادئة ، رفعت رأسها تخبره بلطفٍ :



_" عسولة إنچي !"



ابتسم نصف ابتسامة لم تصل. لعينيه وقال يخبرها بصراحة رجل:



_" ايوة هي حلوة وجسمها حلو !!"



فتحت فاهها بغير وعي تردد :



_"ها !!"



ضحك خلسة على رد فعلها ، يعلم أنها خجولة أكثر من اللازم ، ابتسمت على أي حال وأشارت للنادل بجمع بقية الطعام في عُلب ونهضت تحمل "يامن"  بعدما أخبرته :



_" الحمدلله ، هقوم اغسل ايدي أنا ويامن ،وكفاية علينا كدة وبالذات انت ، شكلك تعبت اوي وعايز تنام!!"



لم يرفضها بل ظل إلى ان أخرج الٱموال يدفع الحساب وانتظر قدومها من الداخل حتى عادت بعد دقائق تحمل الحقيبه وقالت بلطفٍ :



_" إتأخرنا عليك ؟"



نفى برأسه وأعطاه العامل الأكياس وحمل الصغير منها بذراعه وسار يخرج وتعمد عدم النظر  ناحية "انچي" كي لا تجعله يضطر على التعرف بزوجها ولن  ينتهي الوقت حينها..،  وضع الأكياس في السيارة وركبت "وردة" بجانبه في الٱمام ومعه "يامن" حتى انطلقت السيارة بعد دقائق في اتجاه المبني!!!



_________________________________________



بعدما عاد "حامد" من صلاة "المغرب" مع"ٱدم"و"بسام"و"شادي" ظلوا جالسين في محل الورد ، ومن هذه النقطة قررت "وسام" التضحية مرة أخرى في الهبوط لمحل الورد للجلوس قليلاً ومعها"فرح" قبل وقت!!




        
          
                
بينما في شقة "سُمية" واخيراً  نهضت "ياسمين" تخرج في الصالة وتتركهم، أردات ان تجذب الحديث بينها وبين "حازم" كي يلين ، وتركت الفرصة لـ "جميلة" التي تنظر الٱن بحسرة على"نيروز" الجالسة بشرودٍ وكلما  تلمع عينيها تقوم بإنقاذ الوضع بحث عدستيها على ان قد اقترب الوقت للإنفراد بالوجع من جديد ، وحينها  اهبطي ايتها الدموع متى ما تشائين!!!،



كانت تتسطح على الفراش بظهرها تستند على وسادة اسفينجية تداهم نفسها بعدم الاقتراب من الشرفه كما عاهدت في الأيام الماضيه حتي لا تتقابل الوجوه مجدداً ، فحصتها "جميلة" بتمعن واقتربت تضع يديها على ساقها الممدد وبدأت قولها بـ :



_" وبعدين يا نيروز؟؟ هتفضلي كده لحد امته ؟؟ مش حاسة انك كدة بتضيعي نفسك وبتضيعي حملك بالبطئ !!"



ركزت "نيروز" بعنييها عليها وأدمعت عينيها تنظر بقهرٍ في حين واصلت "جميلة" تكمل:



_"اتكلمي قولي أي حاجة بس بلاش تسكتي كده علشان خاطري!'



ابتسمت لها بسمة باهتة وقالت بملامح شاحبة ونبرة ضعيفة:



_" أقول ايه يا جميلة ..ما خلاص مهما قولت هفضل كده وعلى الحال ده ، أنا مبقتش عايزة أي حاجة من الدنيا ، كل ما بحتاج حاجة مش بتفضل معايا وبتروح بسرعة !!!!!!"



وأشارت على نفسها وهي تهبط الدموع بغزارة :



_" هو ..أنا مستاهلش؟؟؟"



تلهفت "جميلة" من تلك الحالة ودفعتها بين ذراعيها تردد  بتبرير موجع متخوف من أفكارها المقهورة:



_" لا ..لأ يا نيروز متقوليش كدة ، بلاش تقولي كدة على. نفسك ، متعترضيش والله كل ده خير وربنا هيعوضك بحاجة كبيرة اوي صدقيني ، إنتِ تستاهلي كل حاجة حلوة فالدنيا دي ،  طب أقولك علي حاجة بقا ؟؟؟"



رفعت "نيروز" كفها تمسح دموعها مع مساعدة "جميلة" وجدتها تترقب وسألت الٱخري بنظرة عينيها الضعيفة فرددت "جميلة" تجيب بنبرة صادقة :



_"انتِ ربنا بيعوضك كمان دلوقتي ، وعوض كبير عشان يا هبلة انتي حامل ،بصي كدة غيرك مش طايل ده ، يمكن حملك واللي فبطنك يبقى العوض ليكي عن كل حاجة شوفتيها فحياتك ، فكري من نحية تانية خالص!!"



صمتت تستمع لكلمات الٱخرى المتحمسة ، نهضت تمسح دموعها وإلتفتت سريعاً تجذب قلم الكحل من على "التسريحة" وجلست باهتمام تجذب أنظارها :



_"بُصيلي بقا ، بُصيلي نروق عليكي ونحط كحل فعينك الجميلة دي!!"



أشاحت "نيروز", بوجهها بعيداً وقالت ترفض بتعبٍ :



_" مش عايزة يا جميلة، مش وقته!!"



_" لأ وقته ووقته أوي كمان ، لازم تهتمي بنفسك كدة وتكوني رقم واحد فحياتك!!"




        
          
                
لمعت بعقلها فكرة خبيثة ، ربما تود أن تحرك الأمل بها بدافع كانت قد جربته "جميلة" من قبل في غيرتها على "عز" ورغم ان الوضع يختلف ولكنها ستعلم ان كانت"نيروز" تكابر أو فقدت الأمل !!!



_"وبعدين بُصيلي كدة، هو لازم نقعد نعيط عشان خلاص بقا بعد ما انفصلنا معتش حياة ؟ لا فوقي كدة وقومي وشوفي نفسك ، مش يمكن هو. عايش حياته وانتي هنا بين أربع حيطان مع دموعك وبس ؟!!"



أثارت إنتباهها بحديثها وآلتفتت برأسها تنفي بوجعٍ مرددة بإيجاز:



_" غسان ميعملش كدة ، اكيد لسه موجوع ومفاقش!!"



فإندفعت الأخرى تنتهز هذا الحديث:



_" أديكي قولتي لسه ، فاهمة يعني ايه لسه ؟؟ يعني بعد كدة هيعيش حياته ،. ودا راجل كمان يعني هيقول أنا هتجوز ، وبعدين انتي ايه ضمنك ما يمكن عينيه على واحدة حلوة وخلاص عامل حسابه ، الحياة يا  روز مش بتقف عند الرجالة !!"



انتظرت "جميلة" بفارغ الصبر ردها ، بينما هي انتبهت بقهر لحدوث ذلك ، ومن ناحية ٱخرى سمعت : فتاة ٱخرى ؟؟ جميلة ؟؟ أجمل منها ؟ تلفت انتباهه عنها ؟ بعدما كانت هي في المرتبة الأولى ولم يرى سواها ، لا تعلم لما جاء على عقلها "انچي" رغم ان الٱخر اقسم لها على انها شخصية لطيفة بعيدة كل البعد عن ما بعقلها وهو أيضاً يتجنبها لأجلها ولكنها لم تقتنع متأكدة من فراغة عينيه كرجل له ماضي!!! ، وكان ردها الفاتر التي قصدت ظهورة :



_" عادي غسان يعملها !"



_" وهو لما عادي مش هيبقي هو بطل يحاصر نفسه مع وجعه زيك كدة ، انتي كمان بقا لازم تفوقي لنفسك ،. وكمان لما تمسكي نفسك ولو قدرتي تروحي تشتغلي وتصحي لحياتك محدش هامة حد ،  انتِ دلوقتي مش هامك حاجة غير اللي فبطنك صح ؟؟"



سألتها ولا تعلم بأن الإجابة تطلبت شرود كبير ، هو ؟ وتشتاق له هو وفقط ، ولم ولن يلمئ أحد مكان فراغه ، تذكرت من جهة أخرى أول اجتماع من العائلة في شقتهم منذ ان جاءوا من سكنهم القديم ، ورددت "نيروز" لشقيقته هو بأنها تتمنى انجاب توٱم في المستقبل ، من المحتمل ان تتحقق الأمنية ولكنه ليس هنا ليس معها !!، نهرت مشاعرها ورفعت رأسها تكتم دموعها تجيب بعقلها رغم صراخ قلبها بعكس هذه الإجابة :



_"صح" 



تشتت "جميلة" منها ووضعت "نيروز" كفها على  معدتها وهي تستمع الٱن لٱذان العشاء ، فنهضت "جميلة" تسندها برفقٍ وقالت :



_"قومي نتوضى عشان نصلي يلا !''



استندت معها ونهضت والتقطت "جميلة" حجابها على ملابس الٱخرى المنزلية ووضعته نظراً لوجود "حازم" بالخارج ، فتحت الغرفة وسارا معاً. ناحية المرحاض تحت تحرك الرؤوس ناحيتهما بحزن ،  فحركت "سمية" رأسها بخوفٍ أظهرته لـ "عايدة" التي جلست بجانبها:




        
          
                
_" شايفة؟ شايفة يا عايدة؟ أنا مرعوبة وخايفة ..خايفة الاقيها سقطانه فمرة واحدة من حالها ده ، يرضي مين ده بس يا عايدة ، كل ما بقول هسكت ونعدي قلبي يوجعني تاني وتصعب عليا بنتي وحالها ده ، ولا حد عبرني فيهم ولا قالي ايه كان حصل ، ولا شوفت وش لـ دلال  من يومها يرضيكي!؟؟؟"



حركت "عايدة " رأسها بيأسٍ وقالت تبرر لها سريعاً بصوت منخفض :



_" يا سمية اسكتي. تفي من بؤك ، البت هتبقي كويسة اسمعي مني ، وبعدين بلاش تعتبي علي دلال ، حالها من حالك بالظبط وكنت عندها امبارح وكل الحكاية انها مش عارفة تحط وشها فوشك لتخسروا بعض ، فاستننوا  لحد ما  الدنيا تهدى كدة  ، بس هو ده بردو اللي اتفقنا  عليه ؟؟ هتقعدي تندبي لحد امته يا سمية ؟!!"



صمتت بإنهزام تلتقط الهاتف بحمقة ، كي تهاتف "وردة" لتعلم أين وصلت ، في حين  بعد اندماج "حازم" في التلفاز ، زفر بصوت ورفع أكمامه كي يتوضأ وهي بجانبه تحاول فتح أي حديث وبمتهي الغباء المضحك سألته :



_" ايه ده، بتشمر عشان تتوضى ؟"



كبت ضحكاته وإحتفظ بملامح صارمة يرد بسخرية :



_" لا رايح اتمرن!!"



إستغلت هي الحديث وردت بمراوغة تسأله :



_" وفي التمرين ده بنات؟".



_" أه فيه ، حلوين وعينهم زرقا كمان ، أصلي طهقت من الخضرا !!"



رددها ونهض مندفعاً ناحية الطرقة ،لمعت عينيها بالدموع وجلست تكبت كل ذلك وهي تنظر ناحية التلفاز بشرود .. وجابت مسامعها صوت "سمية" في الهاتف :



_« يعني انتي تحت يحبيبتي ..طيب ماشي اطلعي يلا فاتك تعبانة ، أول ما يروحوا يصلوا  خدي بعضك واطلعي انتي تعبانه انتي والواد ومحتاجة ترتاحي!!»



ردت الٱخرى بأنها بالفعل ستصعد الٱن بعدما ودعت الفتيات ورحلت مع "يامن" وبيديها الٱخرى العُلب مع حقيبتها ، بينما تلهفت "ياسمين" بسعادة :



_" بجد وردة ويامن جم  يا سمية؟!"



انكمشت ملامح "سمية" بضيقٍ من ردها الجاهز  باسمها هكذا ، ونظرت تردد من بين ضحكة "عايدة" عليها :



_" اه جم واحترمي نفسك معايا شوية !!"



بادلتها "ياسمين" الضيق وقبل ان تنهض واحدة منهن لتفتح الباب ، اقترب "حازم" الذي كان سيهبط من الأساس وفتحه حتي اندفع "يامن" من على ذراع "وردة" يتجه ناحيته مرددا بلهفة طفولية :



_''حازم "



ومرة ٱخرى ما نطق حرف الميم نون تعالت الضحكات ، وتأثر "حازم" من تعلقه به بهذا الشكل ، عانقة بحبٍ شديد لا يتخيل بتلك اللحظة سوى أنه طفله ، ترقبت الانظار وحملة بإعتدال وقال يخبرهم :




        
          
                
_" هاخدوا يصلي معايا ونقعد شوية تحت !"



كانت "سمية" على وشك الرفض كي تطعمه بعادتها كجدة ولكنه وجد الموافقة من "وردة" فأغلق الباب ، ونظرت "وردة" باهتمام حتى سألت "ياسمين" :



_" أومال فين اختك ؟"



_" مع جميلة بتساعدها تغسل عشان تفوق وبتتوضى فالحمام جوه !!'



أومأت وهي تتوجه ناحية الداخل كي تبدل ملابسها بإرهاق حتي تخرج لهم مجدداً ، مقررة الجلوس بين "نيروز"و"ياسمين"و"جميلة" ليخففن عن الأولى!!



_________________________________________



حبيسة غرفتها تتركهم يفعلون ما يشاءون ، تنتظر فقط لحظة ذهابهم حتى يعود كل شئ كما كان , بينما هم قرر كل منهم المكوث حين أخذ الحق ، على الرغم من ان "حازم" حذرهم وحثهم على الذهاب ولكنهم يعلمون أنه يعلم  بوجودهم ولم يقترب ليحثهم مرة أخرى قد قرر مع ذاته الصبر وان افتعل أي منهم شئ او جرم سيحاسب كل منهم ، وعلى الرغم  من أنه لا يعلم بماذا سيأخذ حقه منهم ليس لديه حيل كل ما يمتلكه هو التحذير كي يعود كل منهم مكان ما جاء ، ليس بعقله أي فكرة للانتقام ، وقدرته على أخذ حق بشر تختفي إذا ما مس أحدهم ضرر لـ زوجته وشقيقتيه ووالدته!! ، أغلقت الإتصال بقلقٍ فقد كانت تهاتفه لا تعلم هي بأنها أخبرته من بين الحديث أن "غسان" ليس هنا وهو جاء بالأسفل قبل وقت!! لم تعطي بالاً كل ما يهمها هو عدم مجيئة وفقط!! 



مسامعهم بالخارج كانت قد جابها حديثها وصمتها وعدم اقترابها منهم ، نوت النهوض كي تؤدي فرض العشاء ، وبالفعل سارت "زينات" إلى أن فتحت الباب ووجدتهم مجتمعين بالصالة أمام شاشة تلفاز عريضة والأريكة ممتلئة بهم وعم الصمت بينهم ما ان خرجت!! ،  تعمدت عدم الاحتكاك بهم مثل الأيام السابقة ولكنها وقف عندما اخترق سمعها قول "زهور" وهي تجلس:



_"جرا ايه يا زينات؟ هتفضلي مقاطعانا كدة زي الغرب ؟ ما نشوفكيش ألا صدفة ، ماله لسانك يختي معتش بيخاطب لسانا ليه ؟. كبرتي على اختك ؟!"



أغمضت جفنيها بضغطٍ وإلتفتت تقترب ترد بهجومٍ فقد فاض بها هي الٱخرى:



_" انتِ ممشتيش ليه يا زهور ؟؟ ممكن أفهم أسباب قعادك لسه مع ان حازم طردكم ؟"



ذُهلت "زهور " و"مروة" بينما صمتت"أسماء " بخوفٍ تنتظر القادم وسكون "سامر" المريب وهو يمسك هاتفه :



_" اتجرأتي أوي يا زينات ، اطردينا انتي كمان يلا ما هو دا اللي ناقص ، قوام بتنكري كل حاجة كده ، مبتعديش الجمايل ولا ناسية الشقة دي اتكتبت بأسمك بسبب مين ، دا انتي من غيري كان حازم وامه رموكي رمية الكلاب واخدوا منك بنتك والشقة وابنك التاني راخر ، عويلة يا ختي طول عمرك!!"



تشنجت ملامح "زينات " واقتربت أكثر تشير بيديها :



_"اللي راح خلاص يا زهور راح وانتهى ، وأه أنا بنكر زي القطط ، وعايزاكي تمشي بس مش بطردك ، أنا كفاية عليا مشاكل لحد كدة شوية كمان وهتخسروني بنتي اللي خدت جنب مني من تاني ومش عارفه أشوفها بسببكم ، نفس  البيت ومش عارفه ألمحها وكله منك ومن عيالك ، وحازم وامه واللي بتقولو عليهم دول هيرموني مش هيعملوا كدة  عالأقل عايدة وقفت لابنك وهو عايز ياخد بنتي غصب وانتي ياللي خالتها وعمتها وزي أمها واقفة توافقي ابنك ولا كان همك بنتي ان كانت هتروح ولا مش هتروح ، صحيح ما هو ضنا ومحدش هيحس بيه غير اللي خلفه ، تقدري تقوليلي لو عملت كدة  مع أي واحدة من بناتك كنتي هتعملي ايه ؟؟؟"




        
          
                
داهمتها بأقوال كثيرة بعضها مندفعة وأخرى حزينة وقبل ان يندفع  أي منهم رفع "سامر" رأسه ينظر لها وقال ساخراً :



_" عالهادي يخالتي براحة على نفسك ، صحتك مش ببلاش!!"



تنفست بصوتٍ مسموع وملامح الضجر تظهر في حين اندفعت "مروة" تردد بلؤمٍ :



_" ضنا ايه يا خالتو وبتاع ايه؟ الحق على أمي كانت عايزة تتستر على بنتك !"



وكان الإندفاع الصارخ بالكلمات منها دفاعاً عن ابنتها:



_" انا بنتي مش معيوبة سامعين؟؟؟'



ضحك "سامر" بإستهزاء كما ضحكت"مروة" بينما تجاهلتها "زهور " وهي  تهتف مشيرة بيديها بغير اهتمام:



_" خليكي كدة خايبة طول عمرك مش فاهمة ايه بيحصل من قدامك ولا من ورا ضهرك ، يا ولية محدش باقيلك حتي عيالك ، اعقلي واهدي يا زينات وسيبيني اتصرف للمرة الٱخيرة !"



_" ولا تتصرفي ولا واسيبك بقولك أهو يا زهور ملكيش دعوة بحياتي ولا بولادي ربنا يهديكي وياريت مره تانية تكفي الشر وتمشي انتي وهم أنا مبقتش عايزه اعيش غير على رضا ربنا وولادي غير كده لو هيجيلي مشاكل يبقى بناقص!!!"



ثم واصلت تكمل بتشنجٍ قبل ان تلتقت :



_" أنا مش لسه هقف معاكي وانتي بتدمري ابني المرة الجاية كفاية اللي هو فيه، أصله كان ناقص أعمال وقرف ، أمنتك حياتي وبيتي وعيالي واسراري والاقيكي فالٱخر  كنتي بتخططي عشان تعملي عمل لابني ، ربنا يسامحك يا شيخة !"



وردت "مروة" بعد كل هذا الاندفاع ، رد ساخر فظ منها:



_" هو الواضح ان الشيخ بقا انتي يا خالتي!"



ضحك الاثنان عليها وظلت "أسماء" تتابع ببسمة هادئة كي لا يندفع عليها أي منهم بينما كانت تترقب بخوفٍ فردت"زينات " على قول ابنة شقيقتها :



_"اه يا حبيبتي شيخة ومكونش شيخة ليه ، عادي ، قربت من ربنا وعيني اتفتحت علي الصح مش زيكم ، ربنا يهديكي يا زهور وتفوقي قبل ما تتوجعي فحبايبك زيي ، أنا مجربة التعب ومش عايزاكي فيه فوقي لنفسك ولعيالك ، وقبل ما تيجي تعايريني او حتي تيجي تطلبي بنتي لابنك بالإجبار روحي حاولي تصلحي اللي خربتيه بين ابنك وطليقته ، اللي مشوفتيش منها غير كل خير ، لحد امته ؟  لحد امته هتفضلي قوية وجبروت كدة؟؟؟"



وقفت "زهور" تهتف بصوتٍ عالٍ مغتاظ :



_" قصدك ايه يا  زينات يعني أنا هخرب علي ابني ، ابن بطني ؟؟؟؟"



حوار أثار ضيق "سامر" الذي تابع حديثهما عليه بصمتٍ في حين نظرت"زينات " تؤكد بعدما اهتزت من نظرة "زهور" المحذرة بقول شئ او ان تفشي أسرار:



_" معرفش بقى ، كل واحد وادرى بنفسه بس زي ما بتتحمقي على عيالك انا كمان ولادي خط أحمر وملكيش دعوة بيهم !!!"




        
          
                
إلتزمت "زهور" الصمت عندما رٱت نظرة التهديد من "زينات" في حين وقف "سامر" مندفعاً ينهي هذا الجدال بـ :



_" خـــلاص ، خــلصنا بقــا !!"



أشار لوالدته بأن تجلس وجلست بالفعل بينما نظر تجاه "زينات " مردداً بتهكمٍ :



_" يلا يخالتي شوفي انتي كنتي راحة تعملي ايه ، الله يباركلك عندي صداع ولو قومت عليكم لا هعرف اخت  من ام ولا خالة  مشوا  الدنيا بالحب كدة عشان انا دماغي تعبانة وزعلي وحش!!!"



تركته بعدما نظرت له بتقزز تحت التزام"أسماء" الصمت مع "مروة " بينما حدجت "زهور" ولدها بقوة فأشار لها بجانب عقله بضيقٍ من تهويل الحديث!!!



___________________________________________



جاء الكل من الرجال من المسجد قبل قليل ، وجلسوا مع بعضهم في جو يحاول من به على جعله مبهج من أجل "غسان" الذي حاول الانسحاب من بينهم لأكثر من مرة ولكنهم في كل مرة يحاصروه ،بينما هو يُشكل له محل الورد هذا عُقدة ، من المفترض بأن يكون لها. هُنا الكل عداها هي وهي التي يَحقُ لها بأن تتواجد!! ، تترك له كل شئ كل شئ؟؟ ، زفر بتنهيدة منهكة وحمل "يامن" على ساقة من "حازم" ..



بينما حاولت "فرح" المساعدة مع "فريدة" وانحنت من على بُعد تلتقط بعض الورود وصناديق معينة ، ثم من بعدها شردت للحظات في حديثه ومقاطعة الكل له في كل مرة استطاعت فهم الوضع وتتأكد شكوكها في كل مره ولكنها ترتبك ، تتوتر!! أو ماشابه !! أمسكت دورق المياة تقوم بسقي الورد والزرع الٱخر بالداخل ، غافلة عن عينيه وارادته في النهوض ، رفع "بسام " رأسه تجاه "غسان" الذي كان يلاعب "يامن", ووكز كتفه مردداً له بهمسٍ :



_" ساعدني بقا يا غسان ، عايز اقوم بس مش عارف اقول ايه !! كل مرة حد يجي يفصلني !!"



حرك "غسان" رأسه يضحك بإستفزازٍ وقال بجرأة  وهو يميل هامساً :



_" انت اللي معقدها على نفسك.  أقولك؟؟ قول لـ شادي هو اللي هيساعدك !!"



شهق "بسام" بخوفٍ زائف وضرب فمه بوجهه وقال ساخراً بنفس الهمس يسخر من وقاحة "شادي" السريعة في التعرف على الفتيات :



_" شادي ؟؟. انت عاوزني أخد نصايح من شادي ؟؟ دا بيدخل فالجد علطول وفرح دي إنسانة رقيقة جميلة مهذبه ومحترمة وبنت ناس طيبين !!!"



قالها بمرحٍ فحرك "غسان " رأسه بقلة حيلة مع تحريك كتفيه ببساطة يتركه لعقله ، هنا ونهض بحزمٍ ينظر له بتحدي فتجاهله "غسان" وسار الٱخر نحو الداخل!! ، أما هي فكانت شاردة الذهن بابتسامة لطيفة أكثر ما يسعدها هو اقتراب موعد انتهاءها من الجلسات ، لاحظت انسحاب "وسام" لتذاكر وتركتها تندمج وعلى بعد كانت تعمل "فريدة" التي نظرت بتمعن ناحية "بسام" الذي وقف أمامها مقترباً من موضع خلفها وقال يسألها بلطفٍ :




        
          
                
_" هبقي متطفل وعايز ٱعرف ايه سر الابتسامة دي ؟!"



خرجت "فرح" من شرودها على صوته فابتسمت بخجلٍ تلتفت برأسها ناحيته فوجدته يحرك رأسه بقصدٍ ناحية الورد يلتقط واحدة من ضمن الورود يستنشق رائحتها ، فإعتدلت تجيب بصراحةٍ له :



_" يعني سرحت شوية مع نفسي كدة , وحسيت بفرحة ان الجلسات قربت تنتهي وساعتها هبتدي أخطط لمستقبلي من جديد وأكمل ، أنا بحب كليتي أوي ودا كان حلمي وعز تعب معايا وأنا كمان تعبت ، فأنا مش عندي استعداد أأجل كتير ، لازم أكمل والحمد لله طاقتي بترجع وهقدر ، بس كده دا كله سبب ابتسامتي!!!"



أُعجب بعقلها وإصرارها ، وتفهم جيداً هذه الفرحة التي تظهر عليها بالانتهاء من الجلسات النفسية هو الٱخر انتهى منها قبل فترة قليلة وعاش نفس الفرحة ، ناهيك عن تغيرة وعودته مع اعطاء فرصه لنفسه لذا انتهي بينما من قبل كان يفتقر هذه الفرصه وأطال الجلوس والذهاب لذلك الطبيب ، ابتلع ريقه بهدوء وابتسم بإنجذاب يصارحها :



_" انتِ أحلى حاجة فيكي إنك بتحلمي حتى لو وقفتي فترة بس مبتبطليش  يبقي عندك إصرار على إنك تحلمي وتحققي اللي كنتي بتتمنيه وبدأتيه ومكملش ، بتمنالك التوفيق حقيقي !!"



ابتسمت "فرح" باتساعٍ وقالت بشكرٍ :



_"شكُراً !"



ظل يستنشق الورد كالمختل وهي بلا رائحة أخذ من الصندوش ذلك الورد الصناعي بالشكل فقط !!  وليس الٱخر الموضوع ناحيتها ، كبتت ضحكتها عليه وقالت تنبهه :



_" علفكرة الورد اللي فإيدك ملهوش ريحة ، ممكن أعرف بتشم فيه ايه؟"



ابتلع "بسام " ريقه بحرج ونهر نفسه فالحال ، وقال مبرهناً يبعد نفسه عن ذلك الموقف المحرج الذي وضع نفسه به :



_" وأنا قاعد أشم وأشم ،  أنا لو بشم بودرة مش هشم كل ده !!"



خرجت ضحكاتها العالية بصوتٍ سمعه هو وتاه مره أخرى ، نهر نفسه بحرج وحرك عينيه وشعر بخفقات قلبه تزداد وقرر اكمال ما بدأه في الٱعلى قبل وقت وبدأ يهتف بإسمها :



_" فـرح!"



همهمت وبهذه اللحظة ركزت في هتف اسمها ، غريب ؟ نفضت الافكار من عقلها وحركت عينيها وابتسامة وجهها الهادئة لم تفارقها ، هنا وهتف يبدأ بـ :



_"كنت عايز أقولك اني معرفتش اسمع ردك على السؤال ، عندك الرد ؟ ولا مش حابة تردي ؟"..



وقبل أن تُجيب تعمد "غسان" في أن يرفع صوته وهو يرحب بقدوم "عز" الذي أشار لـ "حنان" بأن تصعد هي وهو سيتجه نحو الشباب:



_" عــز ،. تعالي يا عِزوة تعالى اقعد!!"



فتح "بسام" عينيه على وسعها وللمره الذي لا يعرف عددها يقاطعه أحدهم ، بينما قصد "غسان" فعل ذلك كي يبتعد شقيقه عنها ،. اهتز ثبات"بسام" وقال بخفوتٍ :




        
          
                
_" عز ؟يالهوي عز جه ؟ يا فضيحتك يا بسام!!!"



ابتلع ريقه هو لم يغفل عن تركيز "عز" معه بقوة وتلك النظرات الذي يواجهها بعينيه ، حاول الابتعاد  مستأذناً بالإنصراف ، ولكنه قابل عيني "عز" الذي وجده يبتعد عن شقيقته متوجهاً نحو الخارج ، ابتسم له وهو يرحب به بينما ركز "عز" بعينيه نحو "فرح". التي هربت منه مدعية الانشغال بسقي الزرع!!



جلس معهم يتداخل من بين الحديث ، ونهض "غسان" بتعب يستأذن للإنصراف رغم رفض البعض ولكنه تحجج بتعبه من قيادة السيارة لوقت طويل ،. لذا انسحب وصعد معه "حازم" حاملاً "يامن" كي يعود به لوالدته لتبدل ملابسه وتطعمه !! ..



وقفا ينتظران المصعد ومن بين هذا كان سؤال "حازم" مباشر له بحزن على حاله هذا :



_" انت كويس يا غسان ؟"



إلتفت "غسان" برأسه منشغلاً في النظر نحو الصغير ورد رد كان يتوقعه الٱخر:



_',زي الفل يا صاحبي!"



وبجانبهما على المصعد الٱخر وقف ينتظر شخص يخفي وجهه بوشاح رجالي غير الذي كان يرتديه كل مره ، نظر "غسان" بعشوائية ينتظر المصعد مع "حازم"  وجاب عينيه وجود هيئة جسد على الٱقرب يعلمه !! ، نظر بدقةٍ ولم يشغل عقله كثيراً حتي انه لم يركز مع الٱخر حيث كان يخفي وجه ولم يُعقب ، ربما  عامل !! ، صداع رأسه الٱن هو المُداهم له يريد الراحة ولم يحصل عليها ولن يحصل ويعلم هو ذلك ، فُتح المصعد وصعد بهما  وخرجا الاثنان بعد ذلك حتي ودع "غسان" الصغير بقبلة على وجنتيه يشير له بالتحرك ، وأخرج مفتاحه يفتح الشقة تزامنا مع دقات "حازم" على الباب الذي فُتح له بواسطة "وردة" هذه المرة الذي اندفع اتجاهها الصغير بعفوية مردداً اسمها بحبٍ ضحكت وهي تحتضنه ودخل "حازم". مبتسماً ورحب بوجود "حنان" التي جاءت لتواسي "سمية" وزيارة"عايدة" هي الٱخري !! ..



في حين اندفعت "وردة" بسرعة ناحية الداخل وأهبطت "يامن" يسير حتي اندفعت "ياسمين" تقف وهي تلتقطه بعناق شديد تضمه بقوة شقية مرددة بحب ومشاكسة :



_" حبيب قلب وكبد خالتو واللي وحش خالتو !!"



دغدغته أمام الضحكات حتي ضحكت "نيروز" هي الأخري ، وبكل لطافةٍ  اندفع "يامن", ناحية "نيروز" مردداً. وهو يحاول الصعود ناحيتها على الفراش :



_" روز !"



ابتسمت وهي تلتقطه بعناقٍ هادئ هي الٱخري ، ضمته بحنانٍ تتخيل قدوم طفلها لتعطيهم كل شئ ، كل شي حتي ما افتقدته هي ستعطيه ، نظرن الثلاثة إلى بعضهن بإندماج "نيروز" في العناق بينما هي استنشقت رائحته بملابس "يامن" فلمعت عينيها بالدموع تتذكر عطره بينما هناك عطر انثوي غريب وشقيقتها لا تضع عطر وهي تقدم علي الخروج!!! ، لم تمنع قولها في ان يخرج عندما قالت بغرابةٍ  هادئة :




        
          
                
_" يامن ريحته برفان حريمي ياوردة؟ هو انتي بقيتي بتحطي مش كنتي بتقولي حرام ؟"



نفت "وردة"  بتلقائية وقالت  تتخلى عن حساسية الموقف :



_" دي ريحة غسان !!'



عقدت ما بين حاجبيها وعارضت "ياسمين" كعادتها :



_" فوقي يا بت بتقولك برفان حريمي ، حريمي ..تقولي غسان!!!"



صمتت تعي قولها  تحت ترقب "جميلة" هي الأخرى بينما لم تهتم "نيروز" إلا عندما ثبتت عينيها بسرعة عندما تذكرت "وردة" ما حدث وقالت بعفوية وجهل :



_" ٱاه ، دي واحدة كدة اسمها انچي تقريباً رئيسة الشغل بتاع غسان ، كانت هناك في المطعم وسلمت علينا وحضنت يامن يمكن عشان كدة لٱن هو محضنش ولا راح لواحدة غيري وغير انچي دي!!!!"



إنچي مجدداً ، برقت عينيها بغير وعي والوحيدة التي تعلم كانت "جميلة"، نظرت بإهتمام نحو رد فعل"نيروز", بينما صاحت"ياسمين" بإستنكار:



_" قولتيلي واحدة وغسان أه ، فينا من كدة بقا ، يلا فداهية !!'



حدجتها "جميلة" بتحذيرٍ ونادت "سمية" على "وردة"و"ياسمين" ، فانسحبا الاثنان بغرابةٍ وبقت "جميلة" تتابع رد فعلها ، كانت ساكنة تكتم الدموع بمقلتيها وفقط ، وقالت بخواءٍ تحثها :



_" ممكن تطفي النور يا جميلة وتاخدي يامن ؟ مش قادرة و عايزة انام!!"



كانت صادقه عندما دارت عينيها بتعبٍ ، وبيأسٍ وافقت رغماً عنها عندما وجدت الانهاك بها بينما من جهة ٱخري جيد انها جلست وسطهن اليوم ، خرجت بعد دقائق وهي تلاعب "يامن" وأغلقت الغرفة وتركت تلك التي تشبتت بالغطاء تغمض عينيها بتعبٍ وسقطت حينها الدموع التي كانت تكبتها ، وشعور الدماء التي تغلي بعروقها تحاول مقاومته ، دافع الشراسة يلح عليها الٱن بالافكار ، بماذا ان كانت ترتدي شئ ملفت للإنتباه ؟ تشاركت رائحتها مع رائحته بملابس الصغير ؟  هل هذا حقها ؟ تصلبت ملامحها بإستكار واعتلى صوت ينهرها وينبهها بأنها الٱن طُلقت منه ، باتت منفصله واختارت الفراق لما تحزن ؟ لما تتعب في البُعد ؟ لما تشعر بالغيرة ؟ الغيرة التي أوصلتها لرمي التهمة عليه في تخيلها  بأنه  تودد بالترحيب بها كثيراً وكان متلهفاً رغم انها تعلم بأنه لم ولن تظهر لهفته وحماسه سوى معها هى وفقط!!!!!!



________________________________________



خرج من المصعد يلتفت حوله مثل السارق الخائف الجاهل بإختلال عن طريقة سلب شئ ، بل هو الذي سُلب منه سُلب منه خوفه وعدم قدرته علي العودة بمنزله بسبب أحدهم .. حدة الشباب؟؟.  إبتلع "حسن" ريقه بصعوبةٍ وتنفس بصوتٍ مكتوم مترقباً لقدوم أحدهم لهذا الطابق ، في حين ما هى سوى لحظة من هذا الخوف الذي انتهى ما ان فتح "سامر" له الباب ، نظر "سامر" بمفاجأة بينما اندفع "حسن" ناحية الداخل يغلق الباب خلفه بصوت منفخض حتي إلتفت يزيح ذلك الوشاح من على وجهه ، رفع رأسه وعاق نظراته وجودهم لم يتفاجئ بل تقص عليه"زينات" كل شئ كمحاولة للتقرب منه في حين لم تسرد عليه طلاق "نيروز" بقصدٍ منها..




        
          
                
رفع عينيه ينظر اتجاههم ولم يغفل عن عيني "اسماء", المتلهفة بعودته بينما هرب هو بعينيه منها كما هرب من قبل بعد فعله معينة ، في حين تعالى صوت "زهور" بحماسٍ وهي تقترب :



_" حمدالله علي  سلامة الغالي ابن الغالي!!"



رفع رأسه ينظر بتفحصٍ لهم وسرعان ما كان رده عليها بفظاظةٍ. :



_" ايه يا زهور !"



نزع الألقاب كما يعتاد بوقاحته ، ابتسمت تحاول كسبه لصفها فسوف ينفعها ان ظلت هنا لوقت ولم ترحل ،  إقترب "سامر" يبتسم بينما هتفت "زهور" بطريقة زائفة :



_" طول عمرك قليل الأدب كدة يا واد ، تعالى ادخل فحضن خالتك تعالى"



أسبل جفنيه لهم ، في حين لم يتحرك ووجد نفسه بين ذراعي "زهور" تحتضنه لم يبادلها العناق ، بل خرج بفتور يبحث عنها ، وبالفعل وجدها تخرج باندفاع ما ان سمعت صوته حاولت تكذيب ذلك ولكنها ضربت صدرها بخوفٍ تصيح بحسرة:



_"يا مصيبتي ؟؟. ايه اللي جابك ؟؟ ايه الللي جابك دلوقتي يا حسن !!!!!"



آقترب يتجاهل "سامر" وجلس على الأريكة واجاب دون النظر لها :



_" ايه  بيتي ، كمان مش هعرف اجي بيتي ؟؟؟"



وقفت "زينات " تنظر بخوف تهاب أن يسمعه أحدهم ، في حين أراح "حسن" ظهره ينظر بتفقدٍ وابتسم بإتساعٍ متهكم بالخفاء:



_" اذيك يا بت يامروة ،. لسه جاية تجري ورا بدر ولا بطلتوا الشغلانة دي من زمان ؟!"



استطاع أن يجعلها تغتاظ ، بينما اندفع "سامر" يجلس بجانبه وضرب صدره بخفةٍ يحذره في الخفاء :



_"اهدى كدة يابا وقول هديت ، ماشي؟؟"



انفلتت ضحكات"حسن" في الخفاء دوماً ما يتعمد تجاهل الٱخري "أسماء" كي لا يعطيها أمل بعدما أخذ  ما اراده ، بينما صاحت "زهور" بشقيقتها بصوتٍ عالٍ. تنهرها :



_"ما تروحي يا ولية تعملي أكل لابنك  فاته همدان وتعبان ، انتي لسه واقفة؟!؟؟"



قصت عليه ما فعلوه مع شقيقته ومعها ، ورغم حنقه من ما وصلت له "فريدة "الا أنه فاق بغير رضا عن ما حدث وما وصلت له من التقدم على الانتحار بسببهم !! ، رفع رأسه بخبثٍ وقرر التقليل منها عندما أشار لـ "زهور" مردداً :



_" لأ ، أنا عايزك تقومي تعملي انتي الأكل !"



تستند على عصاه كيف ستفعلها ؟ من يفعل هم فتياتها ، شهقت "مروة" باستنكارٍ وقالت بتعالي :



_"انت عايز أمي تقف فالمطبخ تعملك أكل وتيجي تجيبهولك لحد رجلك ؟؟انت عبيط ؟؟؟؟"



صمت "سامر" هو الٱخر يريد أن يكسبه ناحية صفه في القادم  ، لذا حرك "حسن" كتفيه بيساطة وأشار بوقاحة يتلمس  كتفيها وهو يدفعها لتنهض :




        
          
                
_"وماله قومي انتي وهاتيهولي تحت رجلي ، امك ست كبيرة برضو !!"



نظرت له بصدمة ، في حين حدجتها "زهور" و"سامر" بالموافقه فنهضت تصيح بصوتٍ مرتفع ترفض :



_"دا عندك أمك  الكلام ده  ، قال اعملك أكل واجبهولك لحد رجلك ، متعودناش على الخدمة يا عينيا قوم انت أو خلي أمك تقوم ما هي متعودة !!!"



الغير متوقع هو الآتي , رغم ضجره من والدته ولكنها ساندته وبقت بجانبه في المستشفي ولم تتركه لحظه وتأكد بأن ان حدث له شئ لم يجد سواها هي !!! ، نهض يمسك معصمها بغضبٍ وصاح بصوتٍ عالٍ ينهرها :



_"  يعني انتوا متعملوش وتوقفوا امي تعملكم وتجبهولكم لحد رجلكم  صح ؟؟ انتوا فاكريني ابن يوم فالدنيا دي ولا ايه ؟ ولا فاكرين حتي ان أنا عبيط عشان معرفش دماغكم دي فيها ايه ؟؟.  ومش امي بس دا اختي كمان من نحية تانية !!"



واندفع يقترب من "سامر" بغضب:



_" بقا عايز تتجوز اختي غصب ياض؟؟  خليتها عايزه ترمي نفسها عشان شوية ناس  و**ة زيكم جايين يتحكموا فينا ، لا بقا أنا عايزكم تفوقوا كده وتقولوا فوقنا عشان وديني لو حد فيكم  اتصرف بدماغه تاني مش هتلاقوا غير حسن !!!"



ذُهلت "زهور"وفتياتها وحتي "سامر" في حين تبدلت ملامح "زينات" للهفة ، وإقترب "سامر" بهذه اللحظة يقلب الموازين بحديثه :



_" مع ان لو عرفت اللي حصل هتغير رأيك خالص وهتيجي تبوس رجلنا كمان عشان نساعدك !!''



خفق قلب "زبنات" بخوفٍ وابتلعت ريقها تهاب القادم بينما ابتسم "سامر", بخبثٍ تحت تبدل ملامح "حسن" للتساؤل فأجاب "سامر" بما جعله شارداً مصدوماً :



_" مش نيروز اتطلقت!!!"



ابتسمت "مروة" بشر وكذلك "زهور" في حين اعتصر قلب "أسماء" ألماً  تود انتهاز فرصتها التي ضاعت بسرها في الخفاء بينه !، وقف "حسن" مدهوشاً من ذلك الخبر الذي ارتمى على مسامعه ، ولم يصمت "سامر" إلى هنا  بل أضاف بخبثٍ يهول الأفكار بعقله :



_"وبقا قدامك فرصة دلوقتي ،  بقا سهل أوي تكون ليك !!"



تعلم "مروة" أمر حملها وكذلك "زهور" بينما لم تتعمد اي منهم قول ذلك فإندفعت "أسماء" بقوة تبرهن من احتراق ما بداخلها :



_" بس حامل!!!!"



ابتلع "حسن" ريقه بصعوبةٍ ، ألا يكفي ذهابها لٱخر حتي أصبحت حقه بل تحمل في رحمها جنيناً من عدوه ؟! ، نفي بخفوتٍ وتاه عقله مع ضرب "زينات" لوجنتيها بخوفٍ وحسرة ،  فإندفعت "مروة " تخفي ذلك الأمر المعقد بـ :



_"عادي ، المهم انها مبقتش من نصيب غسان ، اي نعم العدة هتطول بس  هتبقي ليك يا حسن ، فكر تعرف تاخدها ازاي لحد ما تولد وتخلص وتتجوزها وترتاح بقا بدل المشاكل اللي قايمة ومبتنامش دي !!!"




        
          
                
_"بــــس خــلاص ، اسـكتوا بــقـا حرام عليكم!!!"



صرخت "زينات" بهم كي يقف كل منهم عن ما يفعلانه ، أما هو فتاه عقله ، وعلم ٱن ربما الإنفصال كان بسبب ما فعله ، أي ؟. وجوده الٱن يشكل أكبر خطر لحياته !! ولكن من ناحية أخرى كيف سيتركها بعدما حُررت من ذمة أخر ؟؟ كل هذا كان حقه هو ، حديث يين نفسه ، مع مراقبة الكل بنظراتهم ..



لم يتوقع أي منهم انسحابه بهدوء شديد ناحية غرفته المغلقة من فترة ، دون  ان يتحدث بأي حرف لهم ، هل ذهب ليرتب أفكاره أم سيفكر بتغير الحياة لنمط ٱخر ؟؟ ومن جهة ٱخرى كيف سيتركها بعدما جاءت له الفرصه على طبق من ذهب؟؟..



وُزعت النظرات بينهم وبين بعضهم بتفكير فأومأ "سامر" لهم للدلاله على الصبر وسيأتي !! ، بينما هتفت "زينات", بنبرة مرتفعه لهم جميعاً قبل ان تتوجه ناحية المطبخ تعد بنفسها شئ لولدها :



_"حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ، ربنا ينتقم منكم ، امشوا بقا ، امشوا !!!"



هرولت بعيداً عنهم بتقزز من أفعالهم التي باتت ظاهرة لها ، تجمعت الدموع بعينيها من العجز ، الٱن هي ليست قادرة علي فعل شئ وعودة الٱخير بالنسبة لها تشكل رعب في حياتها الٱن ،  ما تعلمه هو انه يقيم بحجرة مافي مستشفي بسيطة ، خرج وعاد وثم خرج للمنزل ؟؟ الخوف الٱن يُشكل لها من جهتين ، هل عاد ليلفظ انفاسه الٱخيرة على يد "غسان" ٱم أنه عاد ليسحب منها أموال كي يعود لما كان عليه ، تهاب أفكاره بعد الٱن وخاصةً أن تعافيه وبدايته هذه غير مبشّرِه هو من بيديه العودة لهذا الطريق أو لا ، بينما يوجد جهة اخري لا تفهمها ، بماذا يفكر بعد علمه بما تعمدت عدم اخباره به ، ماذا سيفعل بعدما علم خبر طلاق" نيروز"!!!! ..



______________________________________________



بدل ملابسه لأُخرىٰ مُريحَة ووقف بمنتصف الحجرة يحاول غلق هاتفه بالكامل حتى قذفه على الأريكة ، وقبل أن يتجه نحو الفراش دخلت "دلال"من باب غرفته وهي تبتسم حاملة له كوب من الليمون بالنعناع!، إلتفت بوجهه يبتسم لها بهدوءٍ بينما جلست هي على الفراش تسند الكوب ورفعت ساقها تنتهز فرصة سكونه ، وأشارت له قائلة وهي تشير على فخذها:



_"تعالى !''



عرض ثمين إذن كي يذهب ليستند بكل ثقله علي فخذها فتمرر يديها على خصلاته ، حاصرته بذكاءٍ وعلم مخزاها وتعمدها للدخول دون حديث كي لا يهرب ويجعلها تهرب ! ، ضحك "غسان" بخفةٍ وحرك رأسه بيأسٍ ثم قال وهو يتوجه :



_"هاجي ، بس خدي بالك  انتي مبتعرفيش تحوري !"



شاكسته بضحكاتٍ هادئة وهي تعتدل فمال يستند مع قولها المرح :



_" سيبنالك الحوارات انت وابوك !!"



ضحك بخفوتٍ وتوقف بالتدريج عندما شرد بسقف الغرفة أمام نظراتها هي وهي تمرر يديها بين خصلاته ، فسألته تخرجه من شروده :




        
          
                
_" عرفت ان نيروز كانت بتابع النهاردة ؟!"



علم رغبتها في فتح الحوار المهلك ، بل والحوار المفتوح من الأساس داخله ولم يغلق إلى الٱن ،  زفر بصوتٍ يخرج أنفاسه وهمهم فقط ثم قال بعدها يخبرها بنبرة هادئة :



_" عرفت بس معرفتش أسأله تحت ومستنيه يجي عشان أسأله !"



همهت هي الٱخرى وسقطت بنظرة عينيها تنظر لخاصته بتمعن وقبل ان تواجهه بالسؤال سألها هو بسرعة :



_"ليه مروحتيلهاش وروحتي انتي معاها بدل ابويا ؟"



الأصح هي من يحق لها الذهاب عن "حامد" ولكن بأي وجه ؟ ومن ناحية أخرى تشعر بالضيق منها التي تحاول إخفاءه !! كل ما يهمها هو ولدها!!،..



_"مفضتش بس !"



برهنت بحجة إلتقطها ، وشعر بالحزن بداخله ولامها بطريقة غير مباشرة :



_" فكرتك هتبقي مبسوطة عشان هتروحي تتابعي حاجة فرحت ابنك!"



ظهر الحزن في نبرته المختصرة فتلهفت تبرر بسرعة :



_"لا والله يا غسان متفهمنيش غلط ، أنا بس مش عارفه أوري وشي ليهم وحاسة ان نيروز مش هتقبلني أو حتي مكانتش هتقبل تخليني اروح ، هي بتحب ابوك اوي  وبترتاح معاه !!"



ودافع عن طبيعة "نيروز", معها قائلاً بإيجاز يُنبهها بنبرة هادئة :



_"نيروز بتحبك ومفيش حاجة اسمها مش هتقبلك ، عادي حماتها وراحة تتابعي معاها ، وعايزك تروحي تشوفيهم عشان تعرفي ميعاد الكشف الجاي،. محدش فيكم مضطر يروح معاها ، أنا موجود!"



التقطت حساسيته ، فحزنت عدستيها من موقفه ونظرت له بأسفٍ وقالت مندفعة :



_"طب عشان خاطر امك حاول مره أخيرة كدة يمكن الحال يتصلح  بينكم يابني !!!"



التزم الصمت وشعر بالضيق من فتحها لحوار لا يريده ، بينما هي انتظرت إجابته ، فغيرت مجرى الحديث عندما فقدت الأمل وقالت تخبره:



_" أنا كمان بحبها وبحب اللي جاي منكم ، بس فوق كده عشان قلبي موجوع عشانك يبني !!".



_"معادتش فارقة تحبيها او متحبيهاش ، اللي علينا نعمله وربنا يصلح الحال !!"



واعتدل في جلسته ينظر لها بعدما جلس بجانبها على الفراش يجيب على ٱخر جملتها :



_" وأنا كويس ، طمني قلبك وقوليله ميتوجعش!!"



نهض قاصداً تركها بالهروب وهذه المرة كي لا يضعها بموقف وقح منه لم يتعمد قولها لها  بأن تخرج وتتركه ، وبعدما عاهد على ان لا تُفتح هذه الشُرفة التي جلبت له الوجع من البداية فتحها كي يهرب من حديث والدته الثقيل ، بعدما حمل علبة سجائرة ، وقال يخبرها بلطفٍ بعدما فتح الشرفة ليستطيع أخذ أنفاسه من ناحية ٱخرى !!




        
          
                
_"إعمليلي بس كوباية قهوة بإيديكي الحلوين دول لأن عندي صداع!"



إقتربت بعدما نهضت وقاطعت دخوله بجملتها المهتزة بخوفٍ :



._" بسام قايل انك شربتها كتير اوي اليومين اللي فاتوا  وانت بتتعب منها ، بلاش  واشرب الكوباية اللي جبتهالك!!"



وعارض  "غسان" حينها بحزمٍ يولي لها ظهره :



_"بسام مش البخاري ، أنا دماغي تعباني ومش قادر ، أو متعمليش أنا هنزل أشرب واحدة على القهوة وٱجي!!!"



نظر بطرف عينيه ينتظر لهفتها البريئة  كي تلبي له غرضه وبالفعل قالت بسرعة تقطع هبوطة وسيره لأنها لا تضمن رجوعه بالوقت :



_"خلاص هعملك هنا ، بس تاخد بقا علاج ولا حاجة من عند بسام !"



صمت "غسان" يُخرج أنفاسه ودخل يشعل بالقداحة اللفافه بين شفتيه ، نظر بشوقٍ قاسي عليه ناحية شرفتها المغلقة والتي لم تفتح أيضاً ، ابتسم بسخرية مؤلمة ، هذه الشرفة شهدت العديد من الذكريات بينهما ، الأماكن تظل وتفي بإخلاص بينما الأشخاص يرحلون !!  ، حرك عينيه لأسفل حيث الشارع والطريق ، واندفع بجسدة للأمام كي يري هل مازال والده يجلس أم نهض .. لم يجد "عز"   بالتأكيد صعد مع "فرح"  لـ "حازم" ولهم ، في حين بالفعل كان "ٱدم" يجلس مع صغار شقيقته وبجانبهم "فريدة" تتذوق الٱيس كريم ، ومعهم "بسام" و"حامد" الذي مازال يمسك مصحفه ، واثنان من على بُعد  يتشاجران !! من ؟ هل عادت زوجته ؟ "شادي"و"منة" التي عادت بمفردها مجدداً لتطمئن على "نيروز", بينما تركها ورحل هو دون أن ينتظرها عند والدها ، هل كان الشجار على رحيله بإهمال ليتركها مع والدها ؟؟..



حرك رأسه من ذلك العبث ونفث دخان سيجارته بشراهةٍ يحرك عينيه بعشوائية يحاول نفض التفكير بها ، يسمع صوت من على بعد ، صوت من شرفه خشبية مربعه بعد الشرفة الكبيرة الجانبيه التي توجد بغرفتها ، ورأس "عز" تخرج   بجانب رأس "يامن" وهو يلاعبه !! ، غسان من يستطيع رؤيتهما بينما هما لم يستطيعان بسبب الشرفة التي توجد حائل بالمنتصف!!!



_________________________________________



_"إتفضلي يا طنط !"



قدمت "وردة"  الكوب لـ "حنان" التي ابتسمت لها بإمتنانٍ ، وعلى بُعد كانت تقف "جميلة" بجانب "عز" تبتسم على  مداعبته لـ "يامن" ، وبقت "ياسمين" تنظر ناحية التلفاز بغيظٍ من تجاهله لها وكأنها هواء!! ، ابتسمت "عايدة" وحثت "فرح" الشاردة بسؤال "بسام" لها ، وقالت تشير لها :



_" اشربي العصير يا فرح!"



حركت رأسها تنظر وأومأت فقط ، في حين ابتسمت "جميلة ", وهي تمد يديها بالكوب ناحية فم "يامن" كي يشرب برفقٍ ،. تعلقت عينيه هو معها وقال متمنياً :



_"تخيلي كدة معايا بتشربي وتأكلي ابننا ؟؟"



ضحكت  وهي ترفع رأسها تحرك كتفيها ببساطةٍ ، واستشعرت فتحه لذلك الحوار أكثر من مرة ، أهبط الصغير حتي ركض ناحية "ياسمين" وتركهما ،. فنظر "عز" متفحصاً تقاسيمها وقال مجدداً ينتهز الفرصة :




        
          
                
_"مش ممانعة يعني نخلف وانتِ بتدرسي؟؟"



كان سؤاله مرحاً يسحب وجهة نظرها بطريقة لطيفه واستشفت هي ذلك ، ووضحكت بتفهمٍ وعقل :



_"مفكرتش فيها دي بصراحة ، بس أنا طبيعي هيبقي عندي خوف من اني معرفش اوزن بين مسئولية البيت والدراسة والأطفال ، بس مقتنعة ان ربنا لما بيجيب حاجة بنبقىٰ قدها عشان كدة مقعدتش أقرر انه لأ ، ربنا يسهل  يا عز ، مالك ملهوف على الأطفال يعني!!"



شاكسته بٱخر حديثها فضحك بخفةٍ ناهيك عن إعجابه بحديثها العاقل بالنسبة له ،  إقترب يميل كي يجيب على مشاكستها بمشاكسته :



_"معقول يبقي قدامي فرصة اجيب اطفال منك يملو علينا البيت ومبقاش ملهوف؟؟،أنا كان نفسي من زمان أوي أعمل بيت دافي وهادي بأسرة حلوة زيك كدة مع اللي بحبها وتنفع تكون أم لولادي !"



إبتسمت "جميلة" بحياءٍ يليق له ، وشعرت بتلميحات كثيرة بين حديثه ، فأومأت بعينيها وقالت بعمقٍ :



_" لا شك انك رب أسرة حنين  ويعتمد عليه ، يا بخت ولادنا يا عز !!"



اصبحت قادرة على قول حديث متأثر عميق ، تأثر وابتسم  بإتساع وقال بمزاحٍ :



_" بقينا بنقول كلام حلو ، وبنعجز بعد ما كنا بنتعجز !!"



_"انت كلامك هيفضل طول عمره يأثر فيا ويعجزني عن الرد ، أنا مبفهمش المفروض أقول ايه بس أنا بحس ان الكلام العادي مبيبقاش عادي منك , كإني بسمعه لأول مره حتى لو قولته قبل كده !!"



اختصرت بجهل مشاعرها وابتسم على بساطتها الهادئة ، حتى اقترب برأسه يقبل قمة رأسها تعبيراً عن رده التي عجزته به دون ان تدري بينما لم يهتف هو مثلها!! 



أعين تراقب قبلته لها ، وابتسم بسعادة على حنو زوج شقيقته حتى حرك عينيه ناحية التلفاز بتصنع تجاهل ما تود "ياسمين" فعله ، عندما همست لـ "يامن" بأن يقبل وجنتي"حازم " إلتقط بأذنه قولها وكبت ضحكته وحفظ ملامح وجهه بصرامةٍ ، بينما سمعها تهمس له مره أخرى :



_" وقوله ياسمين بتحبك !"



واضافت :



_" وقوله كمان عُمر  ما عيون زرقا تغلب عيون خضرا كان تاه فيها وغرق الكداب الخاين قليل الأصل الغدار  !!'



إلتفت برأسه بإندفاعٍ يردد لها بجمودٍ يُحذرها :



_" احترمي نفسك!"



تصنعت "ياسمين", البرود وأشارت بيديها بفظاظةٍ تهتف بلامبالاةٍ :



_"والله محدش وجهلك كلام ، ابن اختي وبكلمه فحاجة سر!"



نظر"حازم " بقلة حيلة من طبعها ، واضاف يستخدم نفس الطريقة :



_"تمام متدخلنيش فأسراركم بقا!"




        
          
                
إندفعت بغيظٍ جاد هذه المره تشير له بعدما وقفت بإندفاع :



_" انت تطول اصلاً !"



أمسكت أسفل معدتها  البارزه بوجعٍ من شدة أعصابها وتأوهت ،  حتي  تهض هو بسرعةٍ  يتلمس جسدها بقلقٍ ، فدفعته عنها بكبرياءٍ وقالت تحذره بشراسةٍ :



_" وسع كده ، ابعد عني !"



وقف بذهولٍ يتابع تغيرها المفاجئ وانسحبت هي بمشاعر ضيقه من هرمونات الحمل وشعرت في رغبتها في البكاء ، فرحلت لغرفتها تتركه واقف بذهول تحت ضحكة "حنان" التي تابعت الوضع بينهما تغفل عن اعين الاخري التي لمعت بالدموع!!،تركت "جميلة" "عز", واقتربت تهمس لـ "حازم" برفق:



_"معلش يا حازم ، روح راضيها واركن زعلك على جنب دلوقتي وبعد كدة براحتك، أصل الحمل مغير مزاجها ومخليها مش في احسن حال!"



صمت بسكونٍ ووقف ينظر عندما اقترب "عز" يجلس بجانب"فرح " وسألها حينها باهتمام:



_" ايه يا فروحة ساكتة وسرحانة فإيه ؟"



نفت برأسها وهي توضح :



_" لا مش سرحانة ولا حاجة ! "



وكان سؤاله المراوغ بجديةٍ يحاصرها به بحزمٍ :



_" وكنتي بتتكلمي في ايه انتي وبسام تحت فمحل الورد ؟!"



توترت كما توترت أنفاسها وإبتلعت ريقها تبرر بتقطعٍ :



_" لا عادي مش بنتكلم فحاجة ، كان بس بيكلم معايا فموضوع دراستي اللي وقفت !"



نظر بصبرٍ من هذه المراوغة التي تبدأ من "بسام" يعلم أنه ذاق الرفض على يديه ويقدر خوفه من ان يرفض مره أخرى !!  ، تعمد الصمت وتمنى بداخله بأن لا تشعر "فرح" بشئ بسبب محاولته في التقرب منها دون أي مسمي!!
..



تتحرك بعشوائية من بين دموعها التي تسيل بإحتراق منذ ان استنشقت  رائحته ، يا هذة؟ هل هذا سبب البكاء الأول ؟ نفت وهي تنهض بانهاكٍ تنظر نحو شكلها بالمرٱه ، وبحالة غير حالتها هذه لقل وزنها ، بينما لم يقل بل ازداد وكان حملها معروف من زيادة مناطق معينة بجسدها الٱن تزداد أكثر بشكل منجذب !! ،ناهيك عن معدتها التي تظهر وكأنها امتلئت بكثير من الطعام ، رغم انها تعتبر في بداية شهور الحمل ، تنفست  "نيروز" بصوتٍ مسموع ومسحت وجهها بكفها تمسك معدتها بيديها الٱخري وكأنها تربت علي صغيرها ، صغيرها الذي ظُلم قبل ان يرى نور الحياة والدنيا!!  ..



أيام مرت وهي ؟ هي تشتاق لوجهه التي لم تراه منذ أخر ما قد رماه علي مسامعها ومن حينها لم ترى راحة ، قلبها يُعنفها من فراقه يخبرها بأنها من بدأت الوجع لذا فلتتحمل ! ولكن هو ؟ هل تحمل ؟ او يتحمل ؟ أم سيتحمل؟؟ ،  سارت"نيروز"  برفقٍ وبطئٍ بمنامتها الهادئة ترفع فقط قبعة السترة على رأسها وحاولت فتح الشرفة التي تركتها مغلقة !!




        
          
                
فُتحت بصوتٍ هادئ تحاول تجنب النظر ناحية باقات الزرع التي بقت وهشمت من حادث "فريدة" ، لا تريد هذا السبب لتبكي الٱن ، هذه الباقات بمثابة شئ ثمين على قلبها الهش الذي يتعلق بالذكريات!! ،  خطت أكثر وتلقائياً حركت وجهها ناحية شرفته  وانتفضت بخفةٍ ما ان وجدته يحرك رأسه بنفس الدقيقه ينظر !!



تلاقت الٱعين بحديث عجز عن الخروج، لمَ وجهها باهت ؟ ولمَ وجهه باهت ؟؟. لمَ يراها منطفية ؟ هل هذا هو الوجع الذي يظهر علي ملامحه ؟؟ أسئلة كثيرة لم تخرج ولكنها ظهرت في العينين ، في حين تحدثت القلوب بحديث غلبهما بصمت وكبت كل منهما جملته ..



- اشتقت لكَ
- اشتقت لكِ 



وماذا بعد ؟؟ ارتجفت يديها بينما صمت هو بسكون مريب يبتلع الغصة المريرة التي وقفت بحلقه ، لمدة أيام لم يراها وعندما رٱها هل اعتقد بأن الشوق قد زال؟؟ بل ازداد برغبته الٱن في الاندفاع لياخذها في ضمته وهي ؟ هي ؟ تريد احتواء ذراعيه !! ، هيهات من كبريائه الذي جعله  ينهر كل ذلك ، بينما هي ارتجفت وكانت رجفتها بوجعٍ  وحاولت التحرك بصمتٍ ناحية. الداخل ولكن أنفاسه العالية أوقفتها عن التحرك ، عندما خرج صوته الهادئ يسألها بجدية:



_" ليه مقولتليش انك رايحة تتابعي النهاردة ؟"



أبسط شئ كانت ترسل له رسالة حتي تخبره حتي وان لم تود رؤيته أو القدوم لقول ذلك بعد الإنفصال هكذا برر لذاته ، سكنت للحظاتٍ وحركت عينيها ناحية ملامحه المجهولة عن أي مشاعر تعمد اخفاءها ، وبررت هي الٱخرى بنبرة مبحوحة من البكاء الذي ٱصبح أمر دائم معها  :



_"مجاش في بالي !''



كانت  السخرية ظاهرة في نبرته حينما رد بتهكمٍ يخبرها وهو يحرك عينيه أمامه يترك النظر لها :



_" لا بعد كدة يجي فبالك ، مش هتقوليلي ابعد عن ابني اللي لسه مجاش كمان !!"



ابتلعت"نيروز" ريقها تبتلع سخريته بصمتٍ فأضاف بخواءٍ :



_"بعد كدة أكون أول واحد يعرف ميعاد متابعتك!"



شعرت بفتوره ووجعها خواءه تجاه شئ منه ، فقالت تلومه بقهرٍ داخلي :



_" انت حتي مش طايق اللي فبطني من قبل ما يجي!!"



وتحشرجت  نبرتها وهي تسأله بنبره خانتها :



_"لحقت امته تكرهني ؟!"



صمت عند هذه الإجابة متحاشياً. النظر إليها ومرت لحظة ثم إلتفت برأسه يجيب بقسوةٍ في الرد :



_"لا بكرهك ولا بحبك ، انتِ مبقتيش تهميني خلاص !" 



تلقت صفعة.، صفعة موجعة على قلبها ، حادة ، شفرة مزقت مشاعرها ثم نزفت داخلها ، هل محق ؟؟ لمعت عينيها وأجابت بغير وعي تنفي :




        
          
                
_" انت كداب!''



نظر "غسان" لها بتفحصٍ لفترة يشبع عينيه من رؤيتها مع أنفاسها المكتومة التي تُصعد من قمة صدرها الذي يعلو ويهبط ، وفاجئها مجدداً بنفس قسوة الرد السابق :



_"وحتى لو كداب عمري ما  هوصل لكدبك وكدب كلامك وحتى مشاعرك!!"



وأشار على نفسه بسخريةٍ وكأنه  لا يعي ما حدث :



_'' تصدقي اني صدقت كدبة إنك بتحبيني ؟؟ و دخلت عليا وبلعتها مع لمون بالنعناع كمان!!!"



يتشنج وجهها كلما يسخر بوجعٍ أكثر ، سالت منها الدموع ورفعت رأسها تنفي بصدقٍ :



_"بس أنا مكدبتش، أنا بحبك !"



رفع هو عينيه يرمقها بتشككٍ ساخر ، وسرعان ما حرك رأسه يخرج دخان سيجارته مردداً باختصارٍ جامد عليها:



_", وأنا لأ "



كلمتان حادتان عليها على قلبها ، ابتلعت "نيروز" ريقها بألمٍ مررت يديها على معدتها وشهقت رغماً عنها بتمزقٍ ورفعت رأسها تصارحه بتعبٍ :



_" أنا كان عندي حق لما قولتلك بلاش نخلف! "



إلتفت "غسان" بجسده ونظر بتمعن ناحية عينيها اللامعة ، وخرجت نبرته الهادئة بـفتوره المقصود وبهجوم بنفس ذات الوقت :



_"  مكنش عندك أي حق ، لإني مستعد وكنت مستعد للمسئولية دي وفرحان ليها أكتر من أي حاجة ، اتضحك عليا وكنت مفكر اننا هنستقر ومش أي مشكلة هتبعدنا ، بس اللي بعد وباع هو حُر ، أنا ليا اللي فبطنك دلوقتي وبس ، ومش مستعد لما تخلفي يعيش في حياة ملوش ذنب فيها بأب وأم  بُعاد عن بعض!!"



رفعت رأسها بدهشةٍ وكأنها قاربت علي فهمه وسألته بإندفاعٍ خائف :



_" يعني ايه ؟"



لا تعلم بأنه يأذيها الٱن ،، تخطت مرحلة بأنها من وجعته والٱن يبحث عن كل الطرق ليوجعها بالحديث حتى وإن كان مجرد حديث ، ألمه منها لم يزول ولكن كيف سيزول ؟؟ برمي كلمات بمثابة نصل حاد ؟؟ ، أخرج أنفاسه وأخرج اللفافة من بين شفتيه وقال بنبرة غمرها البرود الذي تحول للعكس على قلبها :



_" يعني هتجوز!"



_"ايه!!!"



كانت نبرتها مبحوحة مغمورة بالصدمة ، في حين ابتسم ببساطةٍ وهو يحرك رأسه يؤكد بهزة منها وفقط ، فإندفعت هي وخرجت شراستها بغير وعي وهي تهتف :



_"انت كداب ، انت مش هتقدر تعمل كدة !!"



أعطاها الأقسى في الرد عندما ابتسم بإتساعٍ يقترب أكثر ناحية السور وحرك رأسه بتأكيدٍ مُصر وقال :



_"ليه ؟ مش راجل؟ وليا احتياجاتي ؟.أكيد لازم اتجوز ، أومال هفضل كده ! "



واضاف بسببه الذي جعلها تندفع بانفعال :




        
          
                
_" وهعمل كدة. عشان ابني يجي وسط أم واب !"



الٱن تذكرت حديث "جميلة" بأنها هي من تنخرط بالوجع بمفردها ، أخذت الحديث بمعني ٱخر تماماً ، إقتربت  ترفع يديها وتشير له باندفاع منفعل :



_"  على جثتي لو ده حصل !! عايزني أخلف عشان تاخد  اللي فبطني يعيش وسط أم مش أمه ، انت مجنون ؟؟؟؟ ، ولا اتجننت؟؟؟ مين هيوافقك على القرف ده؟؟؟ دا بعينك يا غسان فاهم؟؟؟ بعينك وساعتها محدش هيقفلك غيري أنا وبس !!!"



هل هذه فطرة الٱم التي لم تُوضع بها بشدة آلى الٱن ٱم أنها غلت الدماء بعروقها من حديثه في رغبته من الزواج بغيرها ؟؟ ، ظل صامتاً بشدةٍ للحظاتٍ فوجدها تندفع مرة أخرى بتسرع :



_"مين اللي اتهبلت فمخها وعايزه تتجوزك ؟؟مين اللي وقعت فواحد عمره ما هيتعدل وعينه مش هتبطل تبص وتخون ، ولا انت فاكرني عبيطة ونايمة على وداني ومش عارفه اللي داير من ورايا؟؟؟"



على الرغم من أنه لم يفهم معنى حديثها ولكنه صمت يشعر بالإنتشاء من هذا الإنفعال رغم قلقه عليها ولكن هذا افضل من الدموع والوجع. ، رفع عينيه يستمع بتجاهل وسرعان ما أكملت تسأله بحدةٍ رعم كتم الدموع:



_"إنچي صح ؟؟؟؟"



سيتزوج من امرأه متزوجة !!! ، أومأ برأسه يؤكد بإستفزاز :



_" ٱه "



_"ويا ترى بقا حضنتها النهاردة زي يامن. وبرفانها لزق فيك ولا يامن هو اللي حضنها ؟!"



حاولت الثبات أكثر من اللازم بينما لم تعلم أنه تعمد من. بداية هذه المقابلة أن يجعلها تقلل من كبريائها بطريقته في سحب  الحديث المنفعل منها ، لايُصدق انها وصلت بأن تسأل هذا السؤال والٱن !!  ، اعتدل في جلسته ورفع ذراعيه كدلالة لفرد جسدة بتعبٍ وقال يرد عليها بمنتهي الهدوء الشديد  :



_"احنا الإتنين حضناها!!



واعتدل يردد مرة أخرى  بجديةٍ يشير بسبابته :



_" مع انها حاجة متخصكيش بس جاوبتك!"



ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وشعرت بإهانتها  ، كانت على وشك الخروج من الشرفة ولكنها وقفت تقترب على فجأة تود رد كرامتها وظنت أنها ستردها بقولها وهي ترفع يديها تشير ورددت بالمثل:



_" انا كمان هتجوز وهعيش حياتـ ..."



وقبل أن تكمل رفع "غسان " يديه بلمح البصر يمسك معصمها التي تشير به منذ ان بدأت حديث ودفعها ناحيته حتى اصطدمت أكثر بالسور ،. ابتلعت ريقها ورفعت عينيها تنظر ناحية وجهه المجهول بملامحه ، وحينها مال يهمس عكس ما كان بداخله ، فمنذ ان سمع جملتها شعر بقسوة حديثه الشديدة عندما ألقاه عليها دون مراعاة ، والٱن تفعل المثل ، تتزوج رجل غيره ؟ كيف؟، كبت انفعاله وهمس بجانب أذنها ولفحت أنفاسه بشرتها  بدفء :




        
          
                
_" انتِ  ناسية عدتك قد ايه ؟؟"



هذا الهمس يؤثر بها لذا حاولت أن تتملص منه وابتعدت بوجهها تبتلع ريقها وحاولت الثبات بعنادٍ وردت :



_"لا مش ناسية !"



ترك معصمها ببطئٍ وحرك رأسه يرد بتأكيد صريح :



_" وأنا أقدر بعد كلامك ده أعمل أقل ما عندي  !"



حركت "نيروز" رأسها تستفهم بينما اعتدل يكمل مع ابتسامة صغيرة عبثية ليست هينة:



_" أقدر أردك فثانية لا تعرفي تتجوزي ولا تعرفي تتطلقي ، ايه رٱيك؟؟"



مؤذي وحديثه مؤذي !! ، تحركت بعنفوانٍ وتعالت نبرتها بصوتٍ عالٍ تتحداه :



_" مش هوافقك على حاجة زي دي ، نجوم السما أقربلك !!!"



_" وانا قولت أقدر ، يعني كل ده بمزاجي أنا ، فمتلعبيش معايا بالكلام عشان متزعليش!"



إعتدلت بخوفٍ ما ان رأت جديته في حديثه ، لم تكن لديه نية ، واستطاع تهديدها بصراحةٍ كبرى أمام عينيها التي تهزمة لكنه كابر! ، تحركت تدخل قبل أن ينوي فعلها مندفع هو وهي تعلم بأنه لم يكن كذلك إلا بقدرتها علي الآستفزاز ، ندمت على قولها لحديث مشابه له في قدرتها على الزواج بل تضع نفسها بموقف ليس لديها يد به وهو .؟ هو يسطتيع فعل ذلك وأكثر من ذلك !!  ، حرك عينيه صوب جسدها الذي تحرك باندفاعٍ كي تخرج بعصبيةٍ غلبها قهرها ووجعها من حديثه السام، واتضح بأنها ليست وحدها من قادرة على أن تؤذي ! هو الٱخر قادر على ذلك ، علاقتهما سامة وكل منهم لا يعي اي قيمة للٱخر وبينهما طفل يُظلم بسبب عُقدهما !!! 



سَمع صوت إغلاق الشُرفة فأخرج أنفاسه الثقيلة المتقتطعة ، أزال القناع الظاهر بعدم اهتمامه بينما داخله يحترق ! ، بالوجع والانفعال والشوق وكل المشاعر الذي لا يريد الشعور بها يشعر بها وزاد الضغط عليه بعد رؤيتها الٱن !! ، هل ظننت بأن نيران الشوق ستخمد ؟ مختل؟ "مُختل".



ظن أن من فتحت الغرفة هي والدته لتأتي بذلك الكوب الذي طلبه منها ولم تجلبه إلى آلان ولكنه فهم مكرها في التصنع بالنسيان ، إلتفت فوجد "بسام" يقترب منه بإبتسامة واسعة وعلى الرغم من انه الٱن يسمع شجار "منة وشادي" ولكن اتضح أن "بسام" تركهما ودخل له، اقترب يتذكر ضحكتها الخافتة وهروبها من النظرات المتوجهة منه ناحية عدستيها وتجاهل مقاطعته كالعادة وهذه المرة كان من شقيقها "عز" ، أمسك كتفي "غسان" وداره بمرحٍ في الشرفة وٱغمض عينيه بتيهةٍ وقال بنبرةٍ هائمة:



_"يخربيت ضحكتها !"



وداره أكثر تحت ضحكة "غسان" على ما يفعله وحرك رأسه بإنتشاء يشرد وقال مجدداً يؤكد :



_" لأ دا يخربيت ضحكتها بجد مش هزار!!"



نظر "غسان" خلفه وحوله بريبةٍ ورفع كفه يضربه على رأسه كي ينتبه ،بينما أصر على فعل ما يفعله وتمسك أكثر وأخذ نفساً عميقاً وردد بما جعل الٱخر يدفعه عنه بقوة :




        
          
                
_" بحبك يا فرح!"



انتفض "غسان" بريبةٍ ودفعه عنه تحت قهقهة "بسام" العالية  وهو يشاكسه بغمزة عين يسأله :



_" ايه رايك؟. انفع؟"



بينما سخر الٱخر وهو يعتدل ليجلس على المقعد الخشبي فجلس أمامه "بسام" وهو يسمعه يردد بتهكمٍ :



_" محسسني انك محبتش قبل كدة ولا قولت بحبك !"



على الرغم من أنه أحب"تاج" بصدقٍ إلا أنها كانت جريئة ولا تخجل بسهولة ، تتخطى الحدود الذي لا يريدها عندما تحاول احتضانه او مسك يديه بالاقتراب منه وكان يرفض بحزمٍ  مقرراً وقف كل ذلك إلى حين موعد عقد القران الذي رفضه والدها إلى يوم الزفاف ، وبشخصية مثل شخصية "بسام" يود أخذ راحته واخذ خطوة فعل ما يرد فعله بأريحية للبعد عن أي ذنب!!، بينما والدها رفض! وهي الٱخري ، كان مخدوع رغم ان مشاعره صادقة  وعين العاشق تخدعه وتستر عيوب المعشوق!!  ، أخذ نفساً عميقاً وسرد براحةٍ في الحديث يوضح له :



_"لا حسيت وحبيت كمان وحبيت أوي بس ملقتش قصاد ده حاجة مع اني كنت متمسك مكنتش باخد بالي إني مختلف ومش شبهها ولا هي شبهي ،  كنت معمي بحاول أرضي وبس مع اني مكنتش بتراضى!، بس لما فوقت قولت ليه ؟ ليه أفضل في مكان مش مقدرني؟ ليه مضطر استحمل وأنا كنت بتأذي ؟ يمكن لو مكنتش اختفت كنت فضلت لسه مختوم على قفايا ، وعيت وفوقت وحمدت ربنا اني لو كنت فضلت كنت هتغير لاسلوب مش بتاعي وطريقة مش بتاعتي وحتى تربية مختلفة عن اللي اتربيتها !!"



تأثر "غسان" من حديثه فوجده يغير مجرى الحديث ولكنه أكمل بنفس النهج :



_" بس فرح حاجة مختلفة ، معرفش ايه الحاجة اللي شدتني فيها ، بس ممكن اقولك اعتراف كان عندك حق فيه وحتى دكتور عاصم ، انا خدت بالي منها فوقت صعب وفكرت اني معجب وبحب فضلت مع اني اتحذرت ابعد لحد ما اكون كويس ، بس حسيت اني بحبها فوقت مش المفروض يحصل فيه كده ، واتشتت في اني بحبها ؟؟ ولا بملي مكان غيرها بيها؟؟ ، بس إتأكدت اني حاسس بحاجة مختلفة محستهاش قبل كدة او حتي حسيتها بس مش بنفس الطريقة ،  يعني أول ما بشوفها بحس ان ملامحها مريحة للعين ، لعيني أنا. ، بحس إني عايز أجري أقولها تيجي نقعد على الكورنيش  ناكل ترمس ونشرب عصير قصب وأحكيلك مشاكلي؟؟؟"



ابتسم"غسان " على ٱخر حديثه فضحك "بسام" بسعادة على اندماجه وتشتيته وأضاف يسأل بمشاعر جادة هذه المره يخاف من حدوث رفض ٱخر :



_"تفتكر عز هيوافق لو كلمناه ؟"



ترقب الإثنان على فتح باب الغرفة بعصبيةٍ من "شادي" الذي فتحها يهرب من مواجهتها وصوته العالي مسموع وهو يردد بضيقٍ :



_" دي بقت حاجة تزهق يا شيخة، يخربيت الجواز  واللي عايز يتجوز!!!"



كادت أن تدخل خلفه بينما وقف ينظر بضيقٍ يحاول غلق الباب بوجهها وهو يشير لها برأسه بفظاظةٍ :




        
          
                
_" راحة فين يا  برميل النكد ، ابعدي ،. ابعدي بقا  صبري قرب يخلص ولو خلص هتزعلي !!"



أمسكت "دلال" كتفيها برفقٍ تحاول بعدها عن المكان فوضعت يديها في خصرها وقالت بردح :



_" يعني بعد كل ده انا اللي طلعت  نكدية ؟؟؟!!"



عادتهم وأصبحت هذه عادتهم بعد الزواج!! كبت "بسام" ضحكته وابعدت "دلال" "منة" بعد رد "شادي" :



_" أه"



_"واقسم بالله لعهرفك يا شادي والله العظيم لاجبلك ابويا يتفاهم معاك!!"



_" هاتيه!"



أغلق الباب بوجهها ودخل يزفر بضيقٍ تحت مراقبة "غسان"و"بسام" ، تهجمت ملامحه وانفلتت الضحكات عليه فوقف يستند باستنكارٍ يشير لـ "بسام" بتحذيرٍ :



_" متتجوزش ياض"



نظر "بسام" على حاله وحال "غسان" الذي أكد له برأسه ، فنهض يراقص حاجبيه يكيدهم :



_" لا هتجوز ، هتجوزها وشوفوا بقا ساعتها بسام وهو بيكسر القاعدة ولا هيبقي في نكد ولا غيره!"



نظر الإثنان إلى بعضهما ومن ثم تعالت الضحكات بسخريةٍ من هذا الحال وهذا القول المضحك ! ، اندمج معهم لطالما يري شقيقه الٱن يضحك يتلهى عن الوجع !! 



____________________________________________



حملت الصينية من المطبخ ناحية غرفته هو وتعلم أنها محط للمراقبةِ الٱن من شقيقتها وأولادها ، اعتدلت "زينات" وحملت ما بيديها وفتحت الباب بعدما دقته دقة خافتة ، دخلت تحاول وزن ما بيديها وسندته على الطاولة حتي أغلقت الباب خلفها ، واستدارت تنظر نحوه وهو يتسطح على الفراش ينظر على سقف الغرفة بشرودٍ ،. حرك عينيه ناحية "والدته", وما أعدته ونهض بالتدريج ينفي بنبرة هادئة جدية قليل ما تخرج دون سخرية او سباب:



_"مكنتش عايز ٱكل ، أنا قولت كدة عشان أكسر عينهم زي ما حاولوا يعملوا معاكي!"



شعرت بالسعادة تطوقها وفهم هو تبدل ملامحها لذا هرب بعينيه منها وٱخرج أنفاسه الثقيلة من على صدرة يشرد في ما سمعه من ٱمر خاص بها وبإنفصالها منه ، اقتربت "زينات "  تجلس بجانبه ولأول مره يعهد كل هذا اللين الشديد ، وظهر في نبرتها وهي تحثه :



_" بس أنا بقا قومت وعملت الأكل علشانك وعاوزاك تاكل وتمشي مطرح ما جيت ، أنا مش مستعدة يجرالك حاجة أنا مرعوبة حد يجي يشوفك وتبقي ليله ومش هتعدي يا حسن لو ده حصل !"



فإندفع برأسه يردد بجمودٍ :



_" عايزاني أعمل ايه يامه ؟؟ أنا جاي بهرب من نفسي على هنا وهنا مش عايزني ، لو مشيت ..همشي بس مش قبل ما اخد منك فلوس!!'



الٱن فهمت تخبطه ، الجلوس هنا مرفوض ومن ناحية ٱخري ان هرب سيعود لطريق الضياع ولكن كيف؟؟ ،. حُبست أنفاسها وهي تنفي بلهفةٍ :




        
          
                
_" لا والنبي يا حسن ارجع مطرح ما قعدتك وبلاش ترجع للي كنت فيه أبوس ايديك أنا مصدقت حرام عليك يبني ، أنا نفسي تبقي كويس وتبدأ من جديد ، مش شايف ٱدم اتغير ازاي؟؟ نفسي تبقى زيه !!"



لمعت عينيه بطريقة غريبة ربما سيبكي ؟! ، حاصر نفسه وخرجت نبرته الضعيفه يبرر لها:



_"ٱدم كان يستاهل الفرصة دي من زمان ، لكن أنا لأ ، هو كان جنبه ومازال جنبه  ناس يسندوه ، قوليلي كده مين فيكم سندني؟؟. مين فيكم وقف جنبي؟؟، بينا فرق السما والأرض ، بتقارنيني بواحد مكنش ليه فأي حاجة وأنا اللي سحبته لكل ده ؟؟ ، ٱدم مكنش شبهي من الأول يامه ، أهله احسن مني بمراحل وكان عنده حاجات كتير تمنعه يروح للطريق ده ، لكن أنا كل حاجة حواليا ودتني وهربتني ليه!!"



نزلت دموعها وأمسكت كفه بلهفة توضح له بوجعٍ :



_"أنا جنبك يا حسن ، أنا أمك وعمري ما هسيبك وهقف أساعدك لحد ما تكون كويس ، انت لسه قدامك طريق ودنيا وحياة ، متضيعش نفسك بدري عشان خاطري متوجعنيش فيك يا حسن ، كفاية وجعي فأختك ووجعي غضب عني فأبوك !!"



_"مبعرفش أهرب غير للكيف وبس ! "



قالها مع سحب كفه من بين يديها وأكمل دون أن يعطيها الفرصة يسألها بحزمٍ ومحاصرة :



_"  مقولتليش ليه انها اتطلقت !"



دب بها القلق من نبرته ، وابتلعت ريقها تفسر بخوفٍ مكبوت:



_" علشان خوفت عليك ومنك ، وخوف من غسان عشان لو عرفت كنت هتجري تيجي ولو كان مسكك المرادي مش هضمن يسيبك حي!"



إعتدل يغلق سترته ولوى شفتيه بتهكمٍ حتى نهض يقف وقال ساخراً :



_" أومال لو عرفتي انها اتطلقت بسببي !!"



شهقت رعم انها لم تفهم إلى الٱن سبب اندفاع" نيروز "ولكنها الآن علمت ,وقفت أمامه بريبةٍ وسألته بحسرةٍ :



_" ليه كده يبني !"



_" حقي"



وببساطة أجاب فنفت تخبره بالحقيقة الموجعة بالنسبة له :



_" لا مش حقك ولا عمرها كانت من حقك ولا من نصيبك ، حرام عليك تخرب على واحدة عايزة تعيش حياتها بهدوء من غير مشاكل، حرام عليك عشان البت حامل وحياتها اتخربت بدري !! ، نيروز متستحقش ده يا حسن ، سيبك منها وتعالى أختارك واحدة احسن منها بمراحل ، اسمع بس كلامي واجوزك ست ستها بس هي لأ هي مش نصيبك ولا عمرها حبتَك!!"



إنفعل من كلماتها وإندفع يشير برمي اللوم عليها هي وعلى والده:



_"كله بسببك انتي وهو ، محبتنيش عشانكم وعشان كل اللي عملتوه فيا وفيها ، انتوا اللي خليتوني كدة لحد ما كرهت الدنيا وطلعت هي  وكرهتني وحتى انتوا كرهتوها فيكم وفينا!!"




        
          
                
وآقترب بحالة غير وعي يشير بيديه أكثر بإنفعال:



_" قوليلي امته أنا كنت اتكره ؟؟؟ امته اتحبيت من حد أصلاً؟؟؟؟؟؟"



وضحك بألم ينفي برأسه وقال بما وخر قلبها وشعرها بالندم:



_" اكيد مش هتقولي عشان أنا بقيت كده بسببكم وبسببك انتي ، طلعتيني كاره كل حاجة وكل واحد حواليا ، طلعتيني أبقى كاره الخير لغيري ودايماً أقعد اقارن ، خلتيني مريض مبحبش الحلو لغيري وأناني ، عايزاها تحبني وانا كده ؟؟ بلاش ده ، دا أنا حتى طلعت كاره بنتك وخلقتها ، ليه أوصل لكل ده ؟؟ ليه معرفش أخد صف اختي او أشوف حصلها ايه ؟؟ دا أنا مغصوب كل ما اشوفها مبقاش طايق أي حاجة ولا طايقها زي ما اتعودت ، رجعيني بقا .، رجعيني سوي عشان ابطل أذي وابطل حتى احبها واحب حاجة مش بتاعتي!!"



سالت دموعها بعزارةٍ ، ونفي برأسه بإستهزاءٍ من رد. فعلها وضعفها الٱن ، تلقي الٱن حديث ليس ٱوانه ؟. أم انه يبرر شره وحقده بقلب الوضع عليها هي!! ، إعتدل بوقفته وسار ناحية الباب ليفتحه فخرجت نبرتها الباكية تسأله بضعفٍ :



_" طب انت رايح فين دلوقتي؟!"



تعمد تجاهلها ولم يرد ، بل فتحه ووجدهم مجتمعين أمام باب الغرفة ، طالعهم باستنكارٍ وقال ساخراً منهم :



_" اخدتوا  راحتكم أوي فبيت مش بيتكم !!"



رفع رأسه ينظر تجاههن وأشار بدييه بفظاظةٍ :



_" سمعتوا الكلام اللي قولته فسري ولا سمعكم مجبش دي كمان؟!"



ضحكت"مروة" عليه وقال "سامر" متهكماً :



_" دمك خفيف يا ابو علي!"



سار بعدما رمقهم بتقززٍ  وتركه "سامر" يشعر بتشتته ، يخمن بأنه سيعود مجدداً بعدما يفكر بالٱمر ، بينما سارت " أسماء" خلفه وقطعت طريقه تسأله بنبره هادئة قلِقَة  فمنذ فترة كبيرة تنتظر فترة رجوعة فقط تتمني لحظة واحدة لتراه كي تخرج ما بها من حديث يجهله الكل حتى وان علموا انها تكن له حباً بينما لم يكن كذلك وفقط!!! :



_"رايح فين يا حسن؟!!"



رمقها بطرف عينيه وقال بخشونةٍ يصدها بتبجحٍ أمام الكل :



_"وانتِ مال أمك وأهل أمك؟ هتصاحبيني؟؟"



آقترب "سامر", بإنفعالٍ يمسك ياقته بشرر وقال منفعلاً :



_" ما تخف يا روح أمك بدل ما أعلمك الأدب !"



دفعه "حسن" عنه بقوة حتي عاد "سامر" إلى الخلف بينما ردد الأول بفظاظةٍ دون حرج أمام الأعين:



_" علمهم الأدب الأول يالاا وبعد كدة تعالالي!!"



قصد "مروة " وبالٱخري الذي بينه وبينها سر كبير لا أحد يعلمه ، وإنتهي بسبة إعتراض خرجت من بين شفتيه ،. فإندفعت "مروة" تردد بدفاعٍ :




        
          
                
_" احنا محترمين غصب عن عينك يا مقرف انتَ !!"



_" طب بعد اذن الإحترام قولي لأختك تحل عني عشان أنا مش شايفها أصلاً وبالنسبالك يعني فمنصحكيش لسه بـ "بدر" ،. الصراحة مراته احلى منك دا  فـ ريحي بقا !"



وقفت "زهور", تنظر له بحزمٍ وقالت توققه عند حده :



_" انت زودتها أوي يا بن زينات!"



_"اسمعي نفسك بتقولي ايه وانتي واقفه فبيت مين!!"



رددها بسخريةٍ ولم يعطيهم الفرصه للرد بل أشار بيديه قائلاً :



_"عيلة  بتحب وجع الدماغ , أنا ماشي وسايبهالكم ..سلام!"



وأغلق الباب خلفه تاركهم ما بين الشعور بالقهر والكسرة والخذلان من "أسماء وزينات" وما بين مشاعر حقودة مغتاظة مكبوته بانفعال تنتظر لحظة ضعفه واستسلامه !! ، أما هو فلم يهاب بهذه اللحظة عندما اخذ أنفاسه وإقترب من شقة"سُمية" يدقها ويدق جرسها ، ود الأن الحديث معها بعد علمه بما حدث ، ود التصرف بنفسه يتخلى عن تهديد الٱخرين وشماتتهم ، فُتح الباب بواسطة"حازم" الذي ما ان نظر له تحولت ملامح وجهه للصدمة ، بينما وقف "حسن" بسكون مريب تحت شهقات من بالداخل ، وأخذ نفساً. عميقاً يسأله بإسلوب رفيق كي يستطيع تحقيق ما اتي له :



_" إذيك يا حازم!"..



دفعه "حازم"بسرعة ناحية الداخل قبل ان يخرج"غسان" ونظر له بملامح متشنجة يسأله :



_" انت كنت فين وجاي ليه هنا دلوقتي !!"



لم يغفل عن حديث "نيروز لـ"زينات" لذا توقع بأنه سبب الطلاق مثل المرة السابقة ، ابتلع ريقه ونظر نحو ملامح "جميلة" المترقبة بتوترٍ ووقوف "عز"  بغرابةٍ يتابع ، في حين ترك "حسن" شقيقه واقترب من "سُمية" تحت فتح باب غرفة "ياسمين" التي خرجت منها ومع "وردة", التي تحاول مراضاتها وٱخيراً خرجت!! ، تصلبت أجسادهم وهما يران شخص ليس من الجيد قدومه ، وبهذا الحال! ، رفعت "سُمية" عينيها هي و"عايدة" تحت مراقبة "حنان" ، وتحرك هو أكثر تجاه الأولى يسألها برفقٍ:



_" أنا مش جاي اعمل حاجة ولا ناوي ٱأذي ، أنا عايز أشوف نيروز بس خمس دقايق!!!"



صمتت رغماً عنها وتفاجأت بـ "ياسمين" تقترب وهي تهدر بإنفعالٍ به :



_" انت جاي ليه ؟؟؟ امشي اطلع بره !!!".



وأشارت بيديها تهدده :



_" بـــره بدل ما أعرفهم إنك هنا !"



إقترب "حازم " ينظر له بينما كان هو على مشارف الترجي ليراها ! ، في حين تعلقت عينيه بعيني"جميلة" ، وكأن الدماء قد حنت شملها بعينيها ولاحظ وجود "عز" فسألها يحاول محو مشاعر البغض والحقد :



_" إذيك يا جميلة!"



لأول مرة تعهد منه اللين ، ما يجعله يزداد بهذه المشاعر هو صد الٱخرين له فيتوقف ! ، لمعت عينيها بدموعٍ غمرها الحزن على حاله ، وكالعادة أرق ما في أشقائها كانت هي ، هي الوحيدة التي ذهبت لوالدها كي تراه شوقاً ، والٱن شعرت بما يشعره رغم وجود مشاعر الضيق منها تجاهه ، ابتلعت ريقها وجاهدت على خروج الحديث بينما لم تقدر ، في حين سأل مجدداً عن "فريدة" :




        
          
                
_" فين فريدة  ؟"



استنكر الكل أسئلته ، فخرجت نبرة "سمية" تجيبه بعقلٍ :



_" لو سمحت امشي يبني ، الحال مش ناقص يتعوج ، كفاية اللي جرا ، امشي والله يصلح حالك  بعيد عننا!"



إعتدل ينظر بعينيه ، هذه المرة. نظرة الترجي كانت واضحه عندما أصر بقوله:



_"خمس دقايق بس وأوعدكم همشي بعدها علطول!"



وقف "حازم" عاجزاً متشتتاً ان انفعل عليه الٱن سينقلب الحال بشدة ، وسيدخل الٱخر الذي ينتظر عودته ورؤيته ، رغماً عنه يشعر بالخوف علي شقيقه! وخاصةً الٱن عندما وجد على ملامحه التعب و التشتت لأول مره بحياته!! ناهيك عن ملامحه وجسده اللذان يثيران للشفقه من كل أعين تترصد له وتنظر ناحيته ! ، لمَ وما الذي أوصله لهذا الحال؟؟!..



_"قولتلك امشي اطلع بره ، ايه مبتسمعش!!!!"



وإقتربت "ياسمين" أكثر تشير له بفظاظةٍ وتحذير :



_" أختي لأ ، ومش هسمحلك تقرب منها كفاية اللي هي فيه أوي!"



صمت "حازم" بعجزٍ والهموم تثقل دون أسباب محددة في حين اقترب"عز" هذه المره ينصحه بهدوء شديد  دون أن يرفع نبرته وعلم جيداً ما موضع "حازم" الٱن !! :



_"إمشي يا حسن وبلاش مشاكل ، نيروز مش مستعدة تقابل حد عشان تقابلك ، الوضع مش أحسن حاجة ، وسامع ان غسان مقرر ميسيبكش من ساعة  ٱخر مرة كنت هنا يوم موت أبوك !"



بالطبع لا يعلم ما حدث بينهما ، هل هذا ما يعلمه البعض؟؟ ، نظر بتمعن له وتشنجت ملامحة بكرهٍ للشبه الذي  جاء له ودمر حياته أكثر ما كانت مُدَمرة !! ، الشبه الذي بينه وبين"شريف"؟! ..



احياناً يكره الٱخر الشبه بسبب هذه النظرات الذي يتلقاها منهم خاصةً "فريدة" ، شعرت "جميلة" بما يحدث ، فاقتربت تردد بترجي وهي تقف بجانب"عز" :



_" علشان خاطري يا حسن تمشي ،أنا  عارفة اني مليش خاطر عندك بس معلش اسمع كلامي المرادي وحاول تقبلني!!"



الٱن يرى شخص يتراجاه بأن يقبله ، لا يعلم لمَ هي التي يشعر تجاهها بالحنو الٱن ! وليس أخر ! ، فترك "حازم" ويبغض "فريدة" وهي؟ لم يتواجه معها بشئ على الرغم من مشاعر الكره ولكنه لم يستطع أن يعانق والدته ! لم يستطع مسامحتها ، الٱن يري أن هذه ظلمت مثله تماماً ، لم تقدم على خطأ بحياتها مثل الأخرى ومثله ومع ذلك ظُلمت !! ، وحتى مشاعره تجاه "حازم" كانت غيره وبغض ، يكرهه لأنه المقرب من والده طوال حياته ، يحترمه والده ويأخذ بقرارة ويسير وراء رأيه وكان هو المنقذ لشقيقته بما يحدث أمامه !  ،  ترقبت "فرح" بخوفٍ في حين انتظر الكل بالنظرات رد فعله أو حتى قوله بإجابته !!



ولكنه الٱن يريد عناق ، أي عناق لم يحصل عليه ، لا يفهم هذه المشاعر ولكنه رفع ذراعيه يضم "جميلة" ناحيته ببطئٍ تصلب جسدها وهابت الانظار بفقدان ثقة به بينما لمعت عيني "حازم" بجهل لما شعره الٱن ، ووقف "عز" ينظر بقلقٍ داخلي قد دب به ، لا يثق به هو الٱخر ولكنه تركها عندما شعر بتراخي جسدها بين ذراعيه ،  همس لها بطلبٍ لم يطلبه طوال حياته:




        
          
                
_" أحضنيني يا جميلة !"



لم تلبي غرضه ولكنها لم ترفض ولم تحرر نفسها بين ذراعيه بل بقت وارتجفت أوصالها بتأثرٍ عندما طلب منها بنفس الهمس الضعيف  يترجاها :



_"ضُميني عشان خاطري ، أنا محتاج حضنك!"



لبت غرضه هذه المره بغير وعي وضمته بذراعيها بشدةٍ فأسند رأسه علي كتفيها ، تأثرت "فرح و وردة"و" عايدة", و"حنان", من هذا المشهد ولمعت عينيهن بالدموع ، في حين حبس هو دموعه كي لا تقع وتلاقت عيني"عزوحازم" بغير فهم من طرف وتشتت وتيهة من طرف ٱخر، أخرجها "حسن" من أحضانه بعدما همس لها بشكره ، فخرجت تنظر له بتمعن ، وإلتفت بوجهه يطلب من "سمية" مجدداً :



_"خمس دقايق بس وأوعدك اني مش هعملها حاجة !"



_", هو انت متخلف؟؟ ولا عقلك تعبان ؟؟ بقولك اختي مش هتقدر ومش مستعدة وملوش لازمة أصلاً ، عايزها فإيه ؟؟؟ ولا انت فاكر بقا اننا هنوافق بعد الشويتين دول!!!"



ماذا يريد ؟؟ نظرة ؟؟، أخذ أنفاسه واستجمع "حازم" نفسه وقال بعدما اعتدل يقترب منه :



_" مينفعش يا حسن ، امشي لإن كفاية مشاكل كده ، روح عند أمك او ارجع المستشفى بالمكان اللي كنت فيه ، أنا مش عايز غسان يطولك ولا عايزك تطول نيروز فنفس الوقت !! "



ابتلع "حسن" ريقه وحاول الإصرار قبل ان يرحل في حين ، رفع عينيه  حتى كادت أن تخرج نبرة "عايدة" بنفس الطلب بينما الغير متوقع هو فتح باب غرفة "نيروز"!!! ، وما أن وقعت عينيها عليه وهي تتمسك بالباب ، فتحت فاهها بمفاجأة من وجوده أما هو  فألقى عينيه عليها بتفحصٍ ، حركت رأسها نفياً. ووقفت متسمرة بمكانها بينما لم يعي هو ان خطواته تقترب منها حتى بات قريباً لها ولوقفتها وخلفه الكل يترقب!! وأول شئ كان قد قاله هو إسمها :



_" نيروز"



ماذا بعد ؟ ، رفعت عينيها الساكنة ببوادر غضب شديد لم يظهر بعد ، تخلت عن الخوف ماكانت تخاف عليه وتهابه قد رحل وتركها ، الأصح هي من تركته ،. وهذه نقطة جديدة وسر لم تفصح عنه ، بأنها تخلت وتركته للمره الثانية من أجل شر ذلك الذي وقف أمامها.  ، وعلمت بأنها ان استمرت بهذه العلاقه فنهايتها هو موته ! موت حدة الشباب  على يد أهوج ومختل تارة وتارة أخرى شخص ساكن لا يريد إلا هي ، هل هذا مرض؟؟ أم نقص؟؟..



تحدث مره أخرى وأردف بإنهاكٍ يتأسف :



_" أنا ٱسف ، أسفلك اني عملت كل ده ومشيت وسيبتك !"



هل الأسف على ندالته ؟؟ وتركه لها منهارة وهو بين ذراعيها بدماءه وثالثهما الرجل ؟؟ هل يتأسف على ذلك وفقط ؟ لم يتأسف على خراب حياتها الذي كان سببه ؟؟. ابتلعت ريقها ونظر الكل بتمعن لها , بينما رجعت هي إلى الخلف بصمت تدخل فتخطي عتبة الباب ، اقترب "حازم"و"عز" خوفاً من أن يغلق الباب ويحدث تهوراً ولكنها...




        
          
                
على فجأة رفعت "نيروز" ذراعيها ودفعته بعيداً عنها بقوةٍ ، عنفوانٍ شديد وهاجت أعصابها حتي إلتصق بالحائط ورفعت سوارها بشرٍ شديد تهتف بإندفاعٍ صارخ به :



_"انـــت جـــاي ليه ؟؟ ها ؟؟ جاي ليه ؟؟ جاي تخرب حياتي اللي اتخربت بسببك ؟؟؟. أنا هقتلك ، اقسم بالله هقتلك ، انا مبخافش منك ، معتش بخاف منك سامع ؟؟؟؟"



أين كان رد فعلها ذلك في المرة السابقة ؟ أم ان حالتها بالمقابر لم تسعفها لشئ كهذا ؟! ، حُبست أنفاس الكل بصدمةٍ ، بينما اقترب" حازم وعز " وهرولت "سمية" بخوفٍ مع "وردة" للداخل أكثر ، أما هو فبقى ساكناً ولمعت عينيه مردداً بضعفٍ أمامها :



_"اعمليها ، اعمليها يا نيروز وريحيني ، أقسم بالله أنا اللي راضي أموت على إيدك واترحم من الدنيا دي ، أنا مش عاوز حاجة منها غيرك ،، بس حتى انتي مش عايزاني!!"



تعالت أنفاسها وحاولت التحلي بالثبات بينما اكمل هو:



_"قدامي فرص بس مش عايزها ، ومش هشوفها غيرك بقبولك ، عشان خاطري وافقي عليا وانا هبدأ من جديد ، أنا كرهت وكاره حياتي،  انجديني منها أبوس ايدك ، أنا بحبك !!"



حالة اللاوعي مره أخرى؟ ، أدمعت عينيها وتراخت يديها تنفي بوجعٍ وقالت بنبرة هشة ضعيفة :



_" انت دمرتني ، دمرت حياتي من قبل ما اتجوز غسان ومن بعدها ، عاملي رعب مراحش، دايماً ملازمني امته هتيجي وتاخده مني بالموت ، أنا سيبته بسببك انت ، واتقهرت بسببك انت بردو ، ليه مش عايز تسيبني فحالي ، أنا مبحبكش ، مبحبكش إفهم بقا ، وانت مش هتتغير عشان حد ، اللي بيتغير بيتغير عشان نفسه وبس !!"



تعالت أنفاسه أسفل يديها التي تراخت وسرعان ما شددت بمسكها أسفل عنقه تحت صدمة الكل وجسدهم الذي تصلب ، وأضافت تلك المرة بصوتٍ عالي صارخ :



_" انـــت عـــايز ايه ؟؟؟ عــايز ايــه مني بقــا حرام عليك!!!!"



واقتربت بملامح متشنجة حتى تأوى من ضغط النصل الحاد على رقبته فإندفع "حازم" و"عز" يفصلاها تزامناً مع صراخها العالي :



_" ملـــكش دعـــوة بحيـــاتي ، ملكــش دعوة بيا ، إبـــعد عــني!!!!"



توجع ولم يدفعها كان مستسلم رغم شعوره بأن طبقة سطحية قد خُدشت قبل أن تتعمق ، فصلها "حازم " بقوة تحت بكاء "جميلة"و"فرح" التي هابت المشهد ، وانتفض الكل عندما صرخت "نيروز " بصوتٍ عالٍ منهار كادت ان تقطع أحبالها الصوتيه وهي تصرخ بعلوٍ تحاول النيل منه أما هو فإختنقت أنفاسه ، اندفع الكل ناحيتها بينما تصمم هي فأحكم "حازم" فصلها عنها حتي رُفعت قدميها عن الأرض بسنتيىميترات قليلة ، واندفعت "جميلة" بهذه اللحظة تفتح الباب بسرعة وهي تحث "حسن" على الهروب قبل مجئ أحدهم!!
..
بنفس ذات الوقت تعالي صراخها أكثر ، وكان هو بداخل الغرفه ولم يتركه "شادي" و"بسام" ،  ومن بين الحديث الذي يتابعه بصمتٍ اخترق سمعه صوتها ؟ سمعه وحده ؟ رفع"غسان" كفه يشير لهم بالصمت وترقبت ملامحه وهو يستمع حتي انتفض من على الفراش بسرعة البرق ما ان اخترق صراخها العالي الذي ازداد سمعه وربما سمعهم هذه المرة عندما انتفضوا بعدما هتف بإسمها يخرج بسرعة من الغرفة ليتجه نحو شقتها :




        
          
                
_" نيروز!!!!"



هتف إسمها بخوفٍ وركض بسرعة ناحية باب الشقة تحت ركض البقية، بينما بهذه اللحظة خرج "حسن" يهرول على السُلم سريعاً بعدما سحبته "جميلة" بخوفٍ تحثه على الهروب !! ،  فتح "غسان" الباب بسرعةٍ ولم يرى أمامه سوى صراخها دخل مهرولاً ناحية الداخل وخلفه البقية حتى "دلال"و"وسام" و"منة", بينما في الداخل ظلت تصرخ "نيروز" بإنهيارٍ شديد ، تحاول دفع الكل ببكاءٍ صوته عالٍ ، وعجز "حازم"و"عز". وشقيقتيها وحتى النساء عن مواساتها ،  بينما هي تبكي بشدةٍ وبكت"ياسمين " و"وردة" من هذا المشهد الصعب ،  وجعت قلوبهم وهي تتحرك بعنفوان بين يدي "سمية"و"ياسمين"و",و"حازم" ووقف البقية بصمت عاجز مع خوف وملامح مصدومة ! ، ركض ناحية الداخل وهي مازالت عند هذا الصراخ وقف مصدوماً وابتلع غصة مريرة بحلقه من انهيارها هذا ، انهيار عصبي بمثابة موت قريب ،احياناً ما ينتهي الانهيار بالموت!! ،  ابتلع "غسان" وصاح يهتف بإسمها بخوفٍ :



_" نيــــــروز!"



اختنقت نبرته ووقف "بسام" بقلق وكل منهم لا يسمع الٱخر بسبب صراخها وبكاءها الشديد ، بينما هي ؟ هي تستمر في التحرك تحت حثهم على ان تهدأ ولم تفعل ، تحرك بسرعة يعي ما يحدث وفتح الباب أكثر يشير لـ "بسام" و"شادي" ففهما على الفور بينما هو هرول سريعاً يدفعم عنها وهتف بخوفٍ وتقطعٍ يحاول سحبها داخل أحضانه:



_" نيروز .. أنا هنا.. انا جنبك متخافيش !!"



كان قوله مرتقع بينما سحب "شادي وبسام" الكل ناحية الخارج وانتهت بغلق"شادي" الغرفة !! وحاول "حازم"منع "ياسمين". باندفاعها بخوف وكذلك فعل المثل "عز مع جميلة" .. بينما جلست "سمية" تبكي بحيرة وهذه المرة إحتوتها "دلال" بين ذراعيها ، تحت ركض البقية وهم يدخلون من باب الشقة ٱثر هذا الصراخ! من "حامد وٱدم وفريدة وصغار شقيقة الثاني!!"



ضمها وهدأ الصراخ تدريجياً عندما همس لها بضعفٍ وعينيه تلمع من هذه الحالة التي لبستها  تعالت أنفاسها فردد  مجدداً  بكلمته الذي كررها كثيراً :



_" أنا هنا انا جنبك متخافيش!!"



_"أنا غسان ، أنا معاكي أهو!"



كلماته خرجت بوجعٍ ،. تلك المرة سالت الدموع منها وهي تئن بضعفٍ وتشهق بتمزقٍ حتي ربطت ذراعيها خلف ظهره بغير وعي الٱن تشعر بأنها تحلم !! ، بكت بصوت وفاض بها كل شئ الأشياء التي رحلت الٱن معها عقلها يستعيد كل شئ حتي بكاءها في ذلك اليوم التي وعت به ان والدها قد رحل ، واليوم التي رددت له بأن يفارقها بالطلاق للمرة الأولى ثم بكت وعاد توسلها بخوف في ان لا يتركها وهو على فراش الموت بأيامه الٱخيرة ، ثم كلمة طلاقها التي رُددت منه !! ،  الأركان تضيق حتى بخيالها وخيال عقلها الذي يعتبر حقيقية موجعة،شهقت وهي تتشبت بملابسه بألم فشدد هو وبكى هذه المره عليه ، سالت دموعه عندما سمعها للمرة الثانية في أوقات ضعفها تئن باسم والدها وكأنه البطل الحقيقي بحياتها لم يكن قبله ولم يأتي بعده ثم بإسمه هو مراراً و تكرارا ً ، يعلم أن كل ذلك ثقل عليها بينما هو ؟ ما الذي لديه ، هتف بضعفٍ وهو يضمها أكثر :




        
          
                
_"أنا مش بعيد انا أهو والله العظيم معاكي.. متخافيش!!"



وكأن كلماته تُسكنها تدريجياً عندما ظل قرابة العشرة دقائق يهمس بنفس الهمس يحاول التماسك في عدم ظهور ضعفه. ، قلقه وخوفه جعله يركض لها كيف يستطيع العيش بدونها وهي ؟ هي لم تهدأ إلا معه هو !!



ولكن لما يوجع الاثنان نفسهما ؟؟ يُصر على الوجع كما تُصر هي ،  ولأنها بحالة غير وعي كاملة همست قبل ان تذهب في سبات عميق وهي تستند على صدره :



_"متسبنـ ـيـش!"



كانت لديه القدرة رغماً عنه في تركها. بعد ذلك لم تعي أي شئ وانتظمت في أنفاسها ، بينما هو في حالته هذه يتخبط ولكن وجع كرامته يغلب ، وأصبح يغلب بعدما يتخطي لها كل مره في مثل هذه اللحظات ، يتأكد من أنه عندما تعي ستستنكر كل ذلك وهو أيضاً لم يصر على ان يعودا ، كانت لحظة انتماء ؟؟ رد الأمان؟؟. وكيف الأمان بدون ذراعيه واحضانه الدافئة ، كابر كما تكابر وستكابر ! ،  مرر يديه على خصلاتها وعانقها عناق أخير ومسح وجهه ببطئٍ يُعدل وضعية نومها على فراشها وفرد ساقيها برفقٍ حتى التقط الغطاء ليضعه على جسدها ، جسدها الذي ظهر أمامهم !!وخصلاتها المكشوفه باغلب الوقت!!  توقف سريعاً بقلقٍ عندما لاحظ جرح قدمها  !!



.جهل عن هذه العقبة وتقحصه بسرعة بأنامله إلى ان اغمض عينيه بتعبٍ وخمن  احتمالية سبب جرحها ٱنذاك ! ،  غصه مريرة بالحلق والقلب ! ، تهلكه بأفعالها وأقوالها وجروحها ومع ذلك لا يستطيع كرهها !! ،  اعتدل برفع الغطاء على جسدها وساقيها المكشوفة ، وثبت عينيه عند كفها الموضوع  بتلقائيةٍ على معدتها البارزه بشكل ضئيل ليس ظاهر بشدة! ،



ابتسم "غسان" بوجع شديد وإنحنى بإنهاكٍ يقبل كفها ومعدتها التي تحمل بها طفله ، ورفع الغطاء بعدها واستقام بكبرياءٍ يقرر تركها الٱن. ، تركها لعودة الحال  مثل السابق ، تاركاً دمعته التي هبطت على كفها!! ، وفتح الباب بهدوءٍ شديد ثم أغلقه خلفه بحرص، فإندفع الكل ينهض وسألت "سُمية" بنفس وقت سؤال "ياسمين":.



_"  بقت كويسة ؟؟"



أومأ "غسان" يشملهم بنظرته من تجمعهم هذا وقال يخبرهم باختصار هادئ :.



_" نامت"



قرروا تركها كي تنعم بالراحة ، بينما وقف ينظر في الوجوه جيداً ولاحظ وقوف البعض وجلوس ٱخرين بأعصاب مفقودة ، فواصل بعدما حرك عينيه من على "والده" وثبتها ناحية "سُميةو ياسمين ووردة " وسألهم بجدية شديدة :



_" ايه اللي وصلها لكدة ؟."



تحولت النظرات نحو وجوه بعضهم والتزمت "عايدة" الصمت مع "عز", وعائلته و"جميلة" ، بينما آقتربت "فريدة". تنتظر الرد مع "ٱدم" والبقية ، ونظر "بسام" نحوهم باهتمام وانتظار ، بينما لأول مره تصمت تلك الشرسة ، هنا وصمتت "ياسمين" من أجل "حازم" وشعرت به وبوجع موقفه ، بينما لم يتحمل "غسان", الإنتظار بل واصل بنبرة أحد من السابق :




        
          
                
_" أنا عايز رد على سؤالي ، ايه اللي وصل نيروز للحالة دي؟؟؟!!"



شعر "حامد" و"دلال" و"شقيقه وحتي شقيقته بنبرته التي خرجت حادة عليهم بنظرة ثاقبة ،بينما خرج صوت "ياسمين" تسأله بمتتهي الهدوء. والثبات بعدما رفعت يديها تمسح وجهها:



_"بتسأل وعايز رد بُمناسبة ايه ؟؟"



_" طليقتي!"



وكأن قوله لا ينقصه تبجح من كثرة تبجح الإجابة ذاتها !! ، اغتاظت "ياسمين" من قوله وقالت هذه المره بحدةٍ:



_" انت شايف ان ده سبب مقنع عشان تعرف ؟"



علم أنها تراوغ ، وبفطرة عقله بحث سريعاً عن اضعف الموجودين كي يأتي بهم بالإجابة ، لم يجد !! ،  وقعت عينيه على "فرح"  بتلقائية التي سالت دموعها بشفقةٍ عليها وبضغطٍ  حاول انتهاز الفرص واقترب يسألها بجرأةٍ أمام الكل :



_'' انتِ كنتي موجوده ؟"



الآثنان أصبحا يرتديان مثل بعضهما بعدما بدل "غسان" ملابسه ! التفرقه هي أنها وجدته هو من خرج من غرفتها ، ثبتت عينيها عليه بتوترٍ  فآقترب "عز" ينفي بخداعٍ كي يخرجها من هذه الدائرة التي لا تنتهي :



_", لا مكانتش !"



لمَ يراها مسكينة ستصارحه ؟ ، علم "عز", ما فكر به عقله لتوه، ونظر له بتمعن وأخرج نفسه من هذه المشكلة والعقبه وشقيقته أيضاً ، أخرج "غسان", أنفاسه ينظر وتعمد الاصرار على عدم التحرك حين ان يعلم ماذا حدث ، بينما اندفعت "ياسمين", تهتف له هو بالاخص بوقاحة :



_"لأ ..احنا بنام بدري !"



اهتزت الأنظار ، وجلس "غسان" بتبجحٍ يشير لها بفظاظةٍ :



_'' وأنا بسهر ، ومعاكم هنا للٱخر ومش هتحرك ألا ما أعرف اللي حصلها ده سببه ايه!!!!"



التزم الجميع الصمت في حين اقتربت "ياسمين" تهتف بحدةٍ :



_" متجيبش ٱخرك معانا بكدة ، مفيش حاجه حصلت وانت ملكش حق تسأل السؤال ده!!"



_" أنا مليش ٱخر ، أنا عايزكم انتم تجيبوا ٱخركم وأنا اللي معاكم للٱخر !!"



تحداها بنبرته وحديثه فانكمشت ملامحها بضيقٍ ،  ولكن هذه المرة قبل ان يقترب "حازم" لينهي الوضع بهدوء ، تدخل"حامد" بحزم وسار يقف يشير لـ"غسان" :



_" يلا يا غسان !"



نظر داخل عيني "والده" المُحذرة ، ولكنه أبى  ذلك بقوله :



_" مين فيكم اللي وصلها للحالة دي؟!"



تشكك بهم ؟ ،  وزع عينيه عليهم جميعاً وخرج صوت "سُمية" تنفي ذلك بـ:



_" محدش يبني ، هي كده مره واحدة !"



يعلم ان هذه الحالة جاءت بسبب ما وليس بتلقائية ، فنهض ووقف ينظر داخل عينيها وقال بصوتٍ منخفض أعلن عن نفاذ صبره :




        
          
                
_" الكدب حرام !!"



نهرته "دلال" بنظراتها ، بينما اعتدل هو وقال يُخيرها :



_" ده كان حل أسهل ، بس انتوا اللي اختارتوا الحل التاني ، مع ان شكي ببقى فمحله بس نجرب وماله  بس كده !!!!"



وما أن قالها إندفع ناحية الخارج متوجهاً بسرعة ناحية غرفته بشقة والده ، وهابت الأنظار بينما اندفع  خلفه "شادي و"بسام, و"عز"و،،"حازم" و"ٱدم" وحتى ",حامد" ،  اما هو. فخرج بهدوء بعدما التقط ما يريده من الداخل ، قاطع سيرة إلى الخارج وقوف "شادي وبسام" الذي سأله بقلق :



_" انت هتعمل ايه يا غسان ؟؟"



وأضاف "شادي" بتحذيرٍ :



_'' متتهورش وارجع!''



وقف "حازم", ولم يفهم ما الذي يحدث بينما جابت عيني "عز" ما يخفيه بين كفيه ، بينما دفعهما "غسان" بذراعه متوجهاً من الجانب الٱخر ليخرج ، ولكن كان قد أغلق "حامد" باب الشقة  ووقف يضع ذراعه محذراً بنظراته اياه :



_"اعقل وادخل جوه وبلاش  جنان!"



وهتف "عز" بعدها بمنتهى الهدوء وهو يضع كفه علي كتفيه من الخلف :



_" ارجع يا غسان اللي ناوي تعمله ده ملوش لازمة !"



هو الذي فهم ما الذي يمكن فعله برد فعله هذا وبالٱخر "شادي" ،  إندفع "غسان" يحاول فتح الباب بهمجيةٍ ولكن أوقفه هذه المرة الكل عندما وقفت الشباب بجانب "حامد"  ، كان يخطط للذهاب نحو "زينات" كي يُثبتها ليعلم منها ان كان "حسن" موجود بالفعل أم لا؟؟! ، حاول دفعهم ولكن هذة المرة صرخ "بسام" به بصوتٍ عال:



_" قــــــولنـــا إعــقـل وارجـــع بقــا!!"



تعالت أنفاسـه ، وكل مره صداع رأسه يزداد ، زفر بصوتْ عالٍ ضيق ، وضغط على فكة يضرب الباب بعصبيةٍ حتى وقفت تتعالى أنفاسه وشعر بهذه اللحظة أن الدماء تهبط من أنفه ، تلهف "بسام". وترقبت الأعين في حين  هرول الٱخر يجلب له منشفة ورقية ليمسح بها ، تزامناً مع قول "حامد" القلق والشباب تسند الباب معه وبجانبه :



_" شوفت ٱخرة دا كله ايه !! أدي مناخيرك بتنزف!!"



إرتجفت يدي "غسان" لأول ، شعر بالضعف حتى توازنه لم يعد يتحمل ثباته ، سقطت المطواه  من بين يديه التي تُخفيها وقبل أن يجلس بخواءٍ على المقعد ،دفعه "بسام" بين أحضانه بقوة ، لم ولن يقبل ان يظهر الضعف أمامهم حتى ولو كانوا هم أقرباء!! ,إستسلم "غسان" بين ذراعي شقيقه وتنفس بصوتٍ عالٍ وسمع "بسام" أنفاسه المختنقة الذي يكتمها كي لا يبكي ، بينما هو. يتذكر صراخها ومشهدها المؤلم ! ، لمَ كل ذلك من البداية ، شدد "بسام "من ضمه له وقال بصوت مختنق يكابر على ان لا يبكي هو الٱخر :



_" اجمد ..اجمد يا  غسان ابوس ايدك ، والنبي متعملش كده فنفسك، أنا مش متعود عليك !!!''



وأضاف بتحشرج قارب على سقوط دمعته معه :




        
          
                
_", أصلب نفسك وحياة أغلى حاجة عندك !!!'



كلماته تتقطع ووقف "حامد" بعجز ينظر إلى ذلك الأنهيار الذي يحاول كبته ، بينما فُتح الباب ليخرج منه البقية رغم أنهم يتوجب عليهم الجلوس ولكن هذه اللحظة صعبة. ، صعبة للغاية أمام أعينهم !!  ، وقف "شادي". ينظر بحسرةٍ وفرد ذراعيه يضمهما بين أحضانه بينما الٱخر إختنقت أنفاسه بصعوبةٍ وحاول التملص من بين ذراعيهما ولكنهما أصرا على احتواءه !! ..



انسحب الكل بخفةٍ , في الشقة الأخرى ، ونظرت "جميلة" وشقيقتي "نيروز" عليها من على  بُعدٍ ، كانت "ياسمين" تقرر الرحيل نحو شقتها اليوم بعد هذا الوقت بينما الٱن لم ولن تتركها ، سندها "حازم" ناحية غرفتها  وسندت "وردة" "سُمية" هي الأخري ووقف "ٱدم", ينظر نحو ملامح "فريدة" بينما الصغار كانو بالغرفة مع"يامن"..



إقترب يسألها تزامناً مع رحيل "عايدة " مع "حنان"و"عز"و"جميلة" للشقة الٱخرى حيث قبل الرحيل !  اقترب "ٱدم" يسألها بترقبٍ :



_" مش هتروحي تنامي ؟"



رفعت عينيها تنظر له بصمتٍ وأومأت تؤكد برأسها بينما هو طمئنها مجدداً :



_" متخافيش!"



وبمواجهة ردت  "فريدة "تحاصر نفسها كي لا تنفرد بالوجع وقالت بتحدي وحدة عليه رغم انه ليس لديه ذنب :



_" مبخافش!"



_" وانا عايزك كده أصلاً  !"



رفعت عينيها فوجدته يبتسم بصدقٍ وخرج "أدهم ويوسف". فمسك كفهم واعتدل يغمز وهو يشير للقلادة المعلقه برقبتها :



_" خلي بالك مني ومن أمي !!"



استطاع ان يخفف عنها عندما ضحكت بخفةٍ تحرك رأسها بطاعةٍ وانحنت تقبل وجنتي "أدهم ويوسف" ، واعتدلت مع قول "ٱدهم" :



_", باي يا فيفي!"



لم يعطيها  الفرصة لترد بل قال يصارحها بلهفة طفل مُتعلق :



_"أنا مش عايز امشي ما تيجي تعيشي معانا!!"



_". أيوة يلا تعالي"



قال "أدهم", وأيده "يوسف" ببراءة ، فضحكت بخفةٍ وقبل ان ترد عليهما أجابهم "ٱدم" بابتسامة واسعة:



_" ان شاء الله قريب هتيجي تعيش معانا ، ولا ايه يا شاطرة .؟"



عاندت ونظرت تتحداه بقولها :



_''أنا مش شاطرة!"



_"لا شاطرة ، أشطر واحدة شوفتها وعرفت توقعني فيها وتشغل بالي بيها!"



نظرت بخجل فتحرك يشير بالوداع وهو يخرج فخرجت هي بعدهم ، ووقفت تودعهم بإشارة يديها ورحل بعدما غمز لها بمشاكسةٍ ، وقبل ان ترفع يديها لتدق الباب كان قد فُتح وخرج منه "عز" التي ما ان وقعت عينيها عليه حاول الخروج بسرعة كي يتفادى النظر بعينيها التي تتهمه دون ذنب ، خرج وخرجت "فرح" مع "جميلة" التي ابتسمت ببساطةٍ تحثها :




        
          
                
_"خلي بالك من نفسك يا فريدة ، هبقى أعدي عليكم بكره أشوفكم وأشوف نيروز!"



عانقتها موافقة على حديثها وودعت "فرح"و"حنان" أمام عيني "عايدة" ، وانتظروا المصعد تحت وداع "جميلة" الباهت بالحزن على "نيروز" ، وخلال دقائق رحلوا ، فرفعت رأسها لتجد وجه عايدة المبتسم وهي تحثها بحنوٍ :



_" ادخلي يا حبيبتي غيري على ما اعملك حاجة تاكليها عشان تنامي!"



ابتسمت "فريدة" توافق ودخلت حتي أغلقت الباب خلفها بينما الشقة المجاورة ،، كان يتابع بها حين الصراخ عائلة "زهور" بينما الٱن كانت تتابع "زينات" صوت ابنتها وخافت الخروج كي لا تتسبب في مشاكل وعقد لابنتها مع "سامر" الذي لا يكف !! رغم تحذير "حازم" لهم بالرحيل !!



_________________________________________



خرج من مرحاض غرفته بعد وقت ، بعدما نصحه شقيقه في ان يدخل للإغتسال كي يعي  وكي تستطيع أنفه أخذ الهواء براحةٍ كُبرىٰ ، وقعت عينيه على "شادي و"بسام " وحتى"حامد" الذي لم يترك الغرفة ، تأفف بضيقٍ وفتح خزانته يلتقط تيشيرت كي يرتديه على جزئه العلوي المكشوف مردداً  :



_" أنا كوس وعايز انام. ، فاطلعوا بره يلا!"



فرد"بسام " جسده على الفراش بأريحية وقال بغير اهتمام لحديثه:



_" أنا هنام هنا النهاردة ، سريريك ده مريح بشكل ميتوصفش!! ، احسن من سريري  وسرير المستشفي !!"



ضحك"شادي" و"حامد " ، بينما ارتدي هو ملابسه واقترب يدفع "بسام " من ذراعه كي يتسطح على الفراش مردداً بلهجةٍ ٱمره متعبة :



_"أنا عندي صداع ومش فايقلكم !"



الٱن وحرفياً يود الهروب منهم لوجعه ، لا يصدق بأن  تلك الحاله لبسته قبل وقت أمامهم كلما يتذكر صراخها ومشهدها ! ، عقله لا يكف عن التفكير عن احتمالية الأسباب رغم انه يشعر ان شكه بمحله ، وقف "شادي",  يخلع سترته وقال بابتسامة واسعة :



_" وأنا كمان هنام هنا !"



رفع"غسان" رأسه وأشار له بوقاحةٍ وهو يلتقط الغطاء من بين يديهم :



_" حضن منة احسن ، منصحكش!"



ضحك بخفةٍ وتناسى أمر"حامد" بل مال يجلس ليشاكسه وقال بنبره نسائية مُدلله تثير للضحك :



_" كده  برضو ياسي غسان قوام نسيت اللي بينا ، ولا ألف حضن من غيرك  يبقوا زي حضنك انتَ يا قلبي!"



قهقه "بسام ", بصوتٍ عالٍ ، ووجده "غسان" يميل فإنفلتت ضحكته بيأسٍ ، ووقف "حامد ", ينهره من بين ضحكاته :



_"أه يا رخيص!"



سند ظهره على الفراش بعدما ارتمى عليه ، فاعتدل "غسان" ينظر علي ضحكاتهم العالية وسرعان ما قطع كل ذلك نبرة "دلال" التي تعالت وهي ترحب :




        
          
                
_" أهلا ً وسهلاً اتفضل يا أستاذ طارق ، تعالى ادخل ، ثواني هندهلك أبو غسان!!"



عند هذا القول وفتح "بسام " عينيه يتذكر حديث "منة" واعتدل يتحدث  بذهولٍ له :



_'", دي جابتلك ابوها بجد !!!!"



إعتدل "شادي" في نومته وجلس يشير بيديه بغير إهتمام وقال :



_" عادي ، من أول اسبوع جواز وهي بتجيبه ، إسأل حامد اهو قدامك !!"



ابتسم "حامد " وحثه وهو يشير بكفه :



_" قوم يا شادي نسلم على الراجل ونشوف هترسى على ايه !"



أشار له بعجالةٍ وخرج وتركه يأتي بعده ، بينما كانت "منة ", برفقة "وسام" في غرفتها تنتظر هذه اللحظة ، اعتدل "شادي" ينهض وحاول ارتداء سترته تحت ضحكات "بسام" ، فاعتدل يحرك رأسه وهو يشير لهما :



_" أيوه مجنونة ، أنا مراتي مجنونة ، وفثانية هنتصالح استنوا بس!!"



ورتب خصلاته براوقةٍ واعتدل يواصل بمرحٍ :



_" عادي ! بقيت متعود على كدة خلاص ! "



وأضاف بعدما التفت يتوجه ناحية الباب :



_" أنا خارج!"



أخرج "غسان" أنفاسه وابتسم على عبثه وبروده في رد الفعل  وحرك رأسه يشير لشقيقه ساخراً :



_'' محدش كان صدقني لما قولتله متستعجلش على الجواز ؛ اتفضل شوف بقا !!"



ضحك "بسام " بصوتٍ عالٍ وإعتدل يوضح له بنبرةٍ مرحة :



_" أنا شايف ان كدة بقا أحسن بكتير ، بدل ما كانت حياته غريبة وهادية وكئيبة بقى فيها ونس دلوقتي مطلع عين أبوه !"..



انصت "غسان" له وابتسم يجامله حتي اعتدل يسحب الغطاء عليه واستلقى بظهره يهمهم ، فاعتدل"بسام " يفرد جسده بجانبه هو الٱخر وفرد ذراعه يحتضن شقيقه بعفويةٍ يشاكسه ، فنفض "غسان", يديه وقال بضيقٍ واضح:



_" اتظبط بدل ما اظبطك ".



خرجت ضحكة "بسام " وهو يشمله بعينيه بعدما شرد بسقف الغرفة بهدوءٍ مُريب ، حاول بأن ينتهز فرصة خوفه عليها ويصلح بينهما كي يجد أمل رغم انه فقده ، فسأله بتلقائيةٍ :



_" زعلان ؟"



لم يحرك "غسان" عينيه من مكان شرودة ، واستدعى كذبه كي يخرج وخرج بالفعل في قوله الذي التقط به الٱخر أنه غير صادق بالمرة :



_"مفيش سبب مقنع يخليك تزعل علي حد اختار انه يخسرك!!"



وكأن الحديث أخذ محور ٱخر ، وتعقل "بسام " حينها عندما رد عليه بعقلانية :



_" في أسباب كتير تخلينا نزعل ، إحنا بس اللي بنضحك علي نفسنا بالكلام ده ، عينك بتقول عكس كل ده ، ومع ذلك هقولك  ان من اسباب زعلك هو الحُب ، الحُب اللي بجد والعشم ، لما تدي للي قدامك كتير ومتلاقيش وتفوق بتزعل أوي ، بس انت ونيروز يا غسان حكاية مختلفة حكاية عدي عليها كتير ، واما رجعت مقعدتش كام سنة يعني عشان تتجوزها  ، لا دا انت اتجوزتها وعيشتوا أيام عدت عليكم صعبة رغم  ان ممكن تكون الايام قليلة بس  مشاكل الحياة عدت عليكم بدري ورغم ان كان كل حاجه توصلكم زي ما وصلتوا الوقتي كدة بس محصلش ،   ليه  متسألش نفسك جيت المره دي وبعدتوا ومكملتوش ، لو مش شايف ان نيروز بتحبك وهتعاني من غيرك تبقي مبتشوفش يا غسان ، في ناس كده ردود فعلهم بتبقي غصب عنهم وكلامهم وكمان مشاعرهم مش سهل تبان ، بس اللي بيحب حد بيحبه كده ، اعتقد ومتأكد مش معتقد كمان انك حبيتها بكل حاجة فيها ومركزتش على انها مثلاً صعبه ومش بتنسي الوحش اللي حصل فيها بسهولة، عادي طبع بني ٱدم بس بردو انت حبيتها على كده ومهما حصل فأكيد هي عدت لك كتير احنا كلنا بنغلط يا غسان محناش ملايكة !!"




        
          
                
ابتسم"غسان" بتعبٍ وأغمض جفنيه بإنهاكٍ ثم فتحها عقب قوله :



_"انت مش فاهم حاجة !"



_"ومش مهم افهم ولا عايز أفهم ، المهم انت اللي تفهم نفسك ، عشان انا حاسس بيك وحاسس بتعبك وعارف ان التشتت اللي جواك ده بيرهق الواحد أوي ، وعندي أسئلة كتير منهم ليه بتحاول تبين عكس اللي جواك؟؟ "



وبغير وعي ظهرت نبرته الضعيفه يصارحه بما يشعره :



_" علشان حبها عملي نقص جوايا!"



وأضاف يدير وجهه بإستسلام وأكمل بنفس النبرة الذي صارحة بها من قبل :



_" حبها نقص مني من غير ما أحس !!"



_"حُبها حتي بعد انفصالكم مخليك راجل متربي، نفتخر بيك ، لإنك متكلمتش عنها ولا سبيت فغيابها حياتك معاها ، رفضت تقول حتي اسبابك يا غسان اللي محدش عرفها لحد دلوقتي ،حتى أهلها اللي من حقهم يعرفوا ، مش هقولك احنا ، لا هم ..هم اللي حقهم يعرفوا ، بس انت مصمم على انك متتكلمش وعشان عارفك ، سكوتك ده مش حاجه غير انك خايف عليها وبتحبها ، يمكن أكون قلبت  ردي علي كلامك بالنسبة للي حواليك. بس صدقني مش عارف ارد عليك بحاجة وانا مش عارف انت اتوجعت منها في ايه سبب لك نقص ، مع ان اللي عنده نقص مبيقولش .. انت مش كدة ومتقولش على نفسك كده ، انت بس محتاج ترتاح وتقلبها فدماغك أكتر!"



سخر "غسان"وهو يعتدل على جانبه الٱخر يهرب من هذه المواجهة بجملته :



_" محسسني ان انا اللي قولتلها مش عايزك وهطلقك !"



فالتفت هو الٱخر على الجانب الٱخر ورد برد هادئ يخبره:



_"وانت محسسني انك مش غسان اللماح اللي جاييها من تحت أوي .. لأنك فهمت ان الست لو طلبت الطلاق تبقي عايزه كده  والحكاية انتهت !!!! "



ماذا عن نظرة الصدق التي  كانت بعينيها حينها ؟؟ ماذا عن اصرارها؟  الكل يراها مثل أي أنثى بينما هي بعقله ليست مثل أحدهن في طباعها !! ، على أية حال الوضع لا يجلب له إلا الوجع وفقط!! ،  كيف يستطيع النوم بعدما رٱها بحالتها هذه ؟ قُل كيف استطاع هو النوم في الايام الماضية ؟؟ لم ولن يقدر على فعلها ! ، وكل ذلك متعب له ، عبء ثقيل علي  صدرة وقلبه ، ناهيك عن أعصابة المشتدة بٱخر ما كان يريد فعله ، إلى متي سينتظر ؟؟..



سمع نبرة "بسام" وهو يتحدث بتساؤل يترقب :



_" غُس..صاحي ؟"



_" لأ"



ضحك على رده ، فحاول إخراجه من قوقعة افكاره ، وسأله بإهتمام:



_"هتسمي ابنك ايه ؟"



ابتسم على هذا السؤال ، كان يودها هي من تطرحه عليه!!   أعلن"غسان" جهله برده المختصر :




        
          
                
_" معرفش!!"



_" طب تفتكر هي بنت ولا ولد ؟."



زفر بصوتٍ مسموع ، واحتار لبرهة يفكر في جنس مولود شقيقه القادم ، أما "غسان"فأجاب بصراحةٍ ويقين :



_" كل  اللي يجيبه ربنا حلو!"



أيد "بسام" بأفكاره وعاد يخبره بصدقٍ ووضوح مغمور بثقته في ما يريده :



_" بس أنا عارف انك بتحب البنات وعايزها بنت !"



_" عادي!"



قول ٱخر مقتضب ، وتحمل الٱخر انغلاقه في الردود وحاول مجدداً سحب الحديث منه وتشتيته :



_"طب لو طلع ولد وأنا اتجوزت وخلفت بنت ، هتوافق نناسب بعض؟"



من يطلب لمن ؟ العروس للعريس؟؟، ضحك بخفةٍ وقال بتبجحٍ ينفي :



_", لأ مش ناقصة هي!"



وأضاف ينبهه :



_" مش موافق وحط قدام عينك دايماً مثال حي ، لسليم وزينات فمش ناقصة !!"



هل قصد "حسن "؟؟  واختلاله العقلي؟؟.،ابتسم  بمرحٍ على جملته ، بينما أخذ يعيد مجرى الحديث بـ :



_" طب لو خلـ..."



_"أنا مش فايقلك على المسا وعندي صداع ، فإهدى كده بدل ما اطردك ، أنا مقعدك بمزاجي !!"



نظر بضجرٍ من خلف ظهره ، واعتدل يستعد للنوم ،  وكل منهم يعلم الٱن الحقيقه المضحكة برحيل "شادي ومنة" وذهاب البقية للنوم تحت نصيحة "حامد" لـ "دلال", بأن لا تتوجه لـ غرفة "غسان", كي تتركه يستريح ،  شرد عقله بها وخفق قلبه بألم فٱخرج أنفاسه بصوتٍ عالٍ يمسك رأسه بتعبٍ يحاول ان يغفل فقط لوقت قليل ، وقاطعه نبرة  "بسام"  المزعجة مجدداً :



_" أبو الغساسين ..صاحي؟؟"



انفعل "غسان" منه وفرد ساقه يدفعه من على الفراش حتى  اندفع أرضاً ، بطريقة مضحكة تحت  ضحكات "بسام" المستفزة بصوته العالي وأخذ الغطاء بأكمله بجسده عندما اندفع على الأرض ، إعتدل "غسان" يسحب الغطاء بعنفوانٍ من حوله ثم فرده وأخذ كل المساحة  الخاصة  بفراشة وقال يحذره بضيقٍ :



_"نفسي تيجي كده جنبي تاني،  خليك على الأرض بقىٰ  ولو جدع تعالى !"



مازال يستمر في الضحك كي يضحك ، ولكنه إعتدل ينهض متوجهاً ناحية الأريكة يفردها أكثر وقال بغرورٍ :



_" أنا دكتور مبنامش على الأرض!"



تجاهله "غسان" واعتدل ينام مجدداً وتسطح الٱخر على الأريكة يشرد بها لوقتٍ ، يتذكر كل مره يقاطعه أحدهم عندما يصل إلى اللحظة الفارقه ، لا يرد أن يتعمق أكثر في التفكير بها كي لا يُحرم منها ،فقط يتحلى بالصبر حين ان تكون له وللمرة الثالثه يهتف بـ :



_"غُسغُس .صاحـ .."



وقبل أن يكمل سمع سبة نابية خرجت من بين شفتي "غسان", له خاصةً ،  شهق بطريقة زائفة وقال يمازحه :



_" الله يسامحك ، كده كده الشتيمة بتلف تلف وترجع لابن صاحبها !!"



ضحك "غسان" على قوله ، ولامس قلبه كل محاولاته في ان يقيم معه وليست بهذه المرة فقط ،  رغم تبجحه وفظاظته الجدية ولكنه يتحمله ، ابتسم بتأثرٍ  وتنفس بتنهيدة حارة يغمض عينيه وتشتت عقله ولو شعر براحةٍ قليلة فذلك لوجود توأم روحة بجانبة !! ،  لا يستطيع انكار حقيقة بأنه صديقه وسنده الأول، كتفه بمثابة قلب نقي مهما حدث بينهما ، وان إنكر بالحديث فلا يستطيع ان ينكر الحقيقة الجدية بأن "بسام" بالفعل هو توأم  الشكل وتوأم الروح!!



___________________________________



عودتها له مره أخرى أو عدم عودتها فهذا أصبح غير مهم لديه، واستطاع ان يجعلها تغفل عن ذلك بعدما أخذ منها المضمون في هذه المقابلة المهمة و الذي جعل النيران تندلع بداخله وداخل عروقه الٱن بعدما علم ٱخر خبر كان يتوقعه بهذه الظروف وكأن هذا ينقصه ، بارع في اخفاء ذلك وفي ارتداء ثوب وقناع ليس له من الأساس ، على الأقل ظهرت ابتسامة صغيرة الٱن منتصرة على شفتيه بعد هذه المواجهة  التي كانت بينه وبين ٱخر شخصية لا يتوقعها أبداً  باعتبار أنه لايوجد بينهما أي تعارف من قبل ، وبالنسبة  له  كانت هذة المُقابلة لديه بمثابة كنز ثمين!!!

google-playkhamsatmostaqltradent