رواية مزرعة الدموع الفصل الحادي و الاربعون 41 - بقلم منى سلامه

 رواية مزرعة الدموع الفصل الحادي و الاربعون 41 - بقلم منى سلامه

Part 41 ( الجزء الاول ) و
(( الأخير ))

نزلت "ياسمين" بعد ساعة .. تبحث عن "عمر" .. لم تجد له أثراً فى الفيلا .. فقالت لها "كريمه":
- قالى انه هيخرج وهيرجع متأخر ما أستناهوش على العشا .. هو ما قالكيش رايح فين ؟
قالت "ياسمين" بسرعة :
- أصل هو خرج من الأوضة قبل ما نتكلم مع بعض .. أنا كنت طالعه أغير هدومى
خرجت "ياسمين" لتتمشى فى الحديقة .. اختلت بنفسها على أحد المقاعد وتركت لعبراتها العنان .. كانت تشعر بندم كبير بداخلها .. ندمت لأنها ظلمته .. وندمت لانها لم تثق به .. وندمت لانها لم تواجهه من البداية بما تعرف .. ندمت لأنها تركت شكوكها ووساوسها تتلاعب بها وتتحكم بها .. ندمت لأنه أشعرها بأنها لا تحبه ..

أجهشت فى بكاء صامت .. كيف يقول بأنها لا تحبه .. فحبه متغلل داخل قلبها .. أخرجت هاتفها من جيبها ومسحت عبراتها بظهر يدها واتصلت به .. لم يرد .. أعادت اتصالها عشرات المرت .. ونفس النتيجة لم يرد .. شعرت بأنها قد أضاعته من يدها .. أخذت تتساءل هل سيطلقها فعلاً .. هل كرهها .. هل سيهون عليه فراقها .. ألن يسامحها يوماً .. كيف ستحتمل العيش بدونه .. لن تستطع التحمل .. حل المساء .. ظلت ساهرة فى غرفتها .. واقفة فى الشرفة .. تنتظر حضوره .. حتى رأت سيارته تقف أمام الباب .. انتظرته ان يصعد الى الغرفة لكنه لم يصعد .. طال وقت انتظارها .. حتى فتح باب الغرفة أخيراً وجدها واقفه أمام باب الشرفة فى انتظاره .. غلق الباب وفتح الدولاب يبحث عن بيجامه يرتديها .. اقتربت منه قائله :
- "عمر"
لم يجب .. دخل الحمام .. جلست على طرف فراشها تنتظر خروجه .. خرج وتوجه الى الفراش وحمل أحد المخدات و أحد الأغطية وفرشه على الأرض بجوار السرير ونام عليه وأولاها ظهره .. فهمت بأن الخطب جلل .. صعدت الى الفراش وتدثرت بالغطاء وظلت تنظر الى زوجها النائم بجوارها على الأرض والذى يوليها ظهره .. تساقطت العبرات من عينيها وبللت وسادتها .. لكم تشتاق الى حضنه الدافئ وكلماته الحانية .. ظلت العبرات تبلل وسادتها فى صمت وعيونها معلقة به .. تقلبت فى فراشها وكأنها تنام على جمر .. جلست وهى تنظر اليه فى أسى .. حتى غلبها النعاس .
استيقظت على آذان الفجر .. نظرت الى مكان زوجها النائم توجهت اليه ونادته بهدوء :
- "عمر" .. "عمر" .. اصحى
استيقظ ونظر اليها فقالت مبتسمه :
- يلا عشان تصلى الفجر
نهض وتوضأ وعاد ليجدها فى انتظاره لتصلى معه جماعة مثل كل يوم .. صلى بها .. حاولت التحدث معه :
- "عمر" .. ممكن نتكلم
قال بخشونه :
- لأ
ثم توجه الى مكان نومه ونام .. ونامت هى وعيونها معلقه به .. فى الصباح استيقظت على صوت غلق الدولاب .. وجدته وقد ارتدى ملابسه .. اعتدلت بسرعة فى فراشها قائله :
- "عمر"
لم يجيبها توجه الى باب الغرفة فأسرعت ونهضت من فراشها وأمسكت ذراعه قائله بأسى :
- استنى .. "عمر" .. أنا آسفة .. أنا آسفة أوى .. أنا عارفه انى ظلمتك أوى .. "عمر" مش هقدر أعيش بعيد عنك
لم ينظر اليها .. فأكملت بألم وبصوت مرتجف وعينين دامعتين :
- لو انت عايز تطلقنى عشان تعاقبنى .. أنا موافقة يا "عمر ".. عاقبنى .. وطلقنى ..
تساقطت عبراتها وهى ترجوه :
- بس ردنى تانى يا "عمر" .. عشان خاطرى ردنى تانى

صمت ولم يجب .. بل ولم يلتفت اليها .. وفتح باب الغرفة وخرج .. وقفت لا تدرى ماذا تفعل وعلامات الألم مرسومة على وجهها .. رن جرس هاتفها .. فأتاها صوت "ريهام" قائله :
- حبيبتى يا "ياسمين" .. احنا جاينلكوا النهاردة أنا و "كرم" .. حماتك اتصلت الصبح وعزمتنا على الغدا
قالت "ياسمين" بوجوم :
- لو انتى مكنتيش جيتي النهاردة كنت انا هجيلك لانك وحشانى اوى اوى
- مش اكتر منى يا "ياسمين" .. احنا قولنا نسيبكوا ترتاحوا اليومين اللى فاتوا .. بس خلاص كدة لازم أشوفك
- خلاص يا حبيبتى منتظراكى ان شاء الله
تناول الجميع طعام الافطار معاً .. وقالت "كريمه" :
- على فكرة "ثريا" كمان هتيجيى النهاردة .. وكمان "ايناس" و "علاء"
تضايقت "ياسمين" عندما سمعت بإسمها .. وتذكرت ما قالته المرة الماضية عن الفرق بينها وبين خطيبة "عمر" القديمة .. وعندما قالت انها حب "عمر" فى الطفولة والمراهقة .. شعرت بنيران الغيرة تشتغل فى قلبها .. نظرت الى زوجها الجالس بجوارها دون أن يعيرها أدنى اهتمام .. كانت حزينه واجمه فسألها "نور" :
- مالك يا "ياسمين" فى حاجه مضايقاكى
قالت بسرعة :
- لا يا عمو .. يمكن بس متأثره شوية انى هشوف "ريهام" لانها وحشتنى أوى
ابتسمت "كريمه" قائله :
- ربنا يخليكوا لبعض

*****************************
جلست "نادين" فى حديقة فيلتها تحتسى كوباً من الشاى .. التفتت فرأت "نانسي" وهى توقف سيرتها وتنزل منها فنادتها قائلاً :
- "نانسي" تعالى شوية
جاءت "نانسي" وقالت :
- خير
- تعالى اعدى
- لا قولى اللى عايزاه بسرعة عشان عايزة أنام
صاحت "نادين" بغضب :
- طبعا رجعه الضهر من بره وطول الليل سهرانه كالعادة
قالت بتأفف :
- أوف انتى ناديتيلى عشان تسمعينى المحاضرة دى .. فكك .. أنا مصدعة وعايزة أنام
التفتت لترحل فقالت "نادين" :
- عرفتى ان "عمر" هنا هو مراته
التفتت الى أمها بحده قائله :
- انتى عايزة تحرقي دمى يعني
ابتسمت أمها بتشفى وقالت :
- عرفت الفلاحه تخطفه منك وتتجوزه
قالت "نانسي" بحده :
- عرفتى منين انهم هنا
- "جيهان" ما انتى عارفه انها صاحبة "ثريا" عرفت منها
ثم قالت بسخرية :
- لأ وايه .. حاجه كدة لوكل .. تصورى مرضتش تخلى "عمر" يسلم على "ايناس"
- ازاى يعني
- الهانم بتغير باين .. ولا ده عبط متعرفيش
رفعت "نانسي" حاجبها بخبث وقالت بحقد :
- بتغير .. جميل
التفتت لتدخل الفيلا فقالت "نادين" بحده :
- انت لحد امتى هتفضلى سارحه مع اللى اسمه " عماد" ده .. يا بنتى طول ما انتى مدوقاه العسل ومقدماله كل حاجه على طبق من فضه عمره ما هيفكر يتجوزك
صاحت "نانسي" بغضب :
- ملكيش دعوة بيا حياتى وأنا حرة فيها .. متركزيش معايا .. ركزى مع جوزك النسوانجى أحسن
تركتها لتدخل الفيلا .. وملامح "نادين" تختلط فيها الحســرة بالألـــم.

*************************
التف لجميع حول طاولة الطعام .. "نور" .. "كريمة" .. "ثريا" .. "علاء" .. "ايناس" .. "عمر" .. "ياسمين" .. "كرم" .. "ريهام" .. اندمج الجميع فى الضحك والمزاح ماعدا اثنان بدا عليهما الوجود .. "عمر" بدا وكأنه غير مهتم بالحديث الدائر .. أما "ياسمين" فبدت حزينه تتطلع الى "عمر" بين الحين والآخر وتراقب تعبيرات وجهه لتتبين فيما يفكر .. لم يوجه اليها حرفاً واحداً .. كان يمسك الملعقة بيد .. ويده الأخرى وضعها على قدمه .. نظرت الى الجميع لتجدهم مشغولون بالحديث .. و .. مدت يدها ولمست كف يده .. توقف "عمر" عن تناول الطعام ونظر الى يدها التى تمسك بيده .. ثم أبعد يده عنها ووضعها فوق المائدة .. شعرت "ياسمين" بالألم يغزو قلبها .. نهضت واعتذرت من الجميع متعلله بصداع أصابها .. كادت أن تتوجه الى غرفتها لكنها شعرت بالإختناق وارادت السير فى الهواء الطلق .. خرجت من الفيلا وتمشت فى الحديقه .. تبعتها "ريهام" قائله :
- "ياسمين" قومتى ليه
حاولت "ياسمين" الابتسام قائله :
- مفيش حسيت انى مصدعة شوية .. وكمان شبعت
-فى حاجه مضايقاكى
- لا أبداً .. بس لسه مش متعودة على الوضع هنا
عانقتها "ريهام" قائله :
- حبيبتى يا "ياسمين" وحشتينى اوى .. أنتى الحاجة الوحيدة اللى بتصبرنى على فراق ماما وبابا الله يرحمهم
تأثرت "ياسمين" بكلامها وبكت . قالت "ريهام" وهى دامعة العينين :
- أنا كمان وحشونى أوى .. بس ان شاء الله ربنا يجمعنا بيهم فى الجنة .. ربنا يخليكي ليا يا "ياسمين"
قالت لها "ياسمين" بعينين دامعتين :
- ويخليكي ليا يا "ريهام"
انتهى اليوم ورحلت "ريهام" و "كرم" .. وبقيت "ثريا" وأبنائها لاكمال السهرة .. استأذنتهم "ياسمين" وصعدت الى غرفتها .. كانت تشعر بألم حاد فى بطنها .. دخلت الحمام لتخرج متأففه :
- ده وقته

ارتدت ملابسها وصعدت الى الفراش وتدثرت وهى تتلوى من الألم .. شعرت بالحرج من الذهاب الى "كريمه" لتبحث لها عن دواء .. كما أنها لم تكن تقوى على الحركة .. بعد قرابة النصف ساعة .. وجدت "عمر" يفتح باب الغرفة .. أرادت أن تقوم للتحدث معه .. لكنها لم تستطع من الألم ..نظر "عمر" اليها ليجدها مغمضة العينين مقطبة الجبين وتضم الغطاء بقوة الى صدرها ويبدو على ملامحها الألم .. اقترب منها قائلا:
- انتى كويسه ؟
فتحت عينيها وهى لا تصدق أنه اخيراً تحدث معها .. ودت لو قامت تتحدث معه لكنها لم تستطع .. قالت بصعوبة :
- أيوة كويسة
تركها وخرجه .. نظرت الى الباب المغلق بحسرة وألم .. لكم تشتاق الى وجوده معها والى حديثها معه .. دقائق ووجدته يدخل مرة أخرى حاملاً كوب تتصاعد منه الأخبرة وحبة دواء .. نظرت اليه بإستغراب .. مد يده بالحبة .. فجلست وأخذتها .. ثم أعطاها الكوب قائلاً:
- اشربي ده .. ولو لسه حسه بالألم قوليلى وأنا أجبلك حباية تانية
شعرت بالحرج الشديد أخذت منه الحبة والكوب دون أن تنظر الى وجهه .. تمنت ان يرحل لكنه ظل واقفاً ينظر اليها .. أرادت أن تتحدث لكنه أوقفها بيده قائلاً بحزم :
- اشربي ونامى
ثم تركها وخرج ..

بعد عدة ساعات سمعت صوت الباب يفتح .. فتظاهرت بالنوم .. شعرت به وهو يغير ملابسه ثم يقترب منها ويمسح حبات العرق على جبينها بظهر يده ..يلفها بالغطاء جيداً .. ثم .. يحمل وسادته وغطائه ويفرشهم على الأرض وينام
استيقظت على آذان الفجر .. وقامت لتوقظه لكنه لم تجده نائماً .. بل وجدته واقفاً يصلى .. تابعته بعيناها حتى أنهى صلاته وتوجه الى مكانه على الأرض ونام .. شعرت بالحنق والضيق .. نظرت اليه لتجده يغط فى سبات عميق .. كانت تتألم من هذا البعد .. لم تعتد على بعده عنها بهذا الشكل .. قامت على فور وحملت وسادتها وغطائها وفرشتهم على الأرض بجواره .. ونامت وهى تتطلع الى وجهه
فى الصباح شعرت بيده توقظها .. فتحت عينيها فوجدته نيظر اليها بحزم قائلاً :
- ايه اللى منيمك على الأرض هنا
قالت بضعف :
- كده عشان انت نايم هنا
أمرها بحزم :
- الارض ساقعه وانتى تعبانه قومى اطلعى نامى على السرير
امتثلت لأوامره .. وهى تشعر بالحنق والضيق .. قام وغير ملابسه ثم خرج دون ان يتفوه بكلمه

***********************

بعد عدة أيام كانت "ياسمين" جالسه مع "كريمة" فى الحديقه
قالت "كريمه" :
- "نور" سافر النهاردة الصبح
قالت "ياسمين" :
- هيرجع امتى ؟
- كمان يومين سافر فى شغل مهم .. و"علاء" كمان مش هيكون موجود النهاردة لانه مسافر .. بس ناوية أعمل سهرة حلوة فى الجنينة
شردت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- يعني مش هيكون فى رجالة موجودة النهاردة
- أيوة .. "عمر" بس
- كويس
- اشمعنى
قالت بثقه :
- عشان أرد القلم
قالت "كريمه" بإستغراب :
- مش فاهمة قلم ايه
ابتسمت "ياسمين" :
- هتعرفى النهاردة

****************************
فى المساء .. أخرجت "ياسمين" أحد الفساتين الذى أصر "عمر" على شراءه يوم أن كانا معاً فى المول لشراء ملابسها .. كان رقيقاً للغاية ومتناسقاً مع بشرتها الخمرية .. ارتدت حذاء ذو كعب وصففت شعرها لأعلى وتركت بعض الشعيرات التى تتساقط على وجهها برقة .. كانت قد تعلمت الكثير من "سماح" عن وضع المكياج فإستعانت بخبرتها وبأدوات الزينة التى تزين التسريحة فى غرفة نومها .. كان مكياجها يتسم بالرقة والبساطة .. كانت راضية تماماً عن شكلها .. كانت تشعر بالخجل من الظهور بهذا المظهر أمام الجميع وخاصة "عمر" .. لكنها تشجعت ونزلت الدرج بعدما رأتهم من شرفة غرفتها وقد تجمعوا معاً فى الحديقه استعداداً لتمضية الأمسية بها .. خرجت الى الحديقة وقلبها يرتجف .. لكنها حاولت رفع رأسها والسير بإتزان دون أن يبدو عليها التوتر .. أول من لمحتها هى "كريمه" التى هتفت بدهشة :
- "ياسمين" !

ازدادت ضربات قلبها عندما وجدت أنظار الجميع تلتفت اليها .. لمحت نظرات التعالى فى عين "ثريا" وهى تفحصها من رأسها الى أخمص قدميها .. أما "ايناس" فكانت نظراتها تتسم بالحقد والغيرة .. كانت "ايناس" متحررة فى ملبسها .. وفى وضع الزينة .. لكن "ياسمين" تفوقت عليها بحسن اختيارها لما يناسب لون بشرتها وطبيعة جسدها .. فلم تفعل مثل "ايناس" وتحاول تغيير لون بشرتها بإضافة المزيد من مستحضرات التجميل والتى جعلتها تبدو كتمثال صب من الشمع فبدت مصطنعه الى حد كبير .. بل زينت ماهى عليه بالفعل .. فبدت أكثر رقة وأكثر شفافية وأكثر جمالاً ..

أما نظرات "كريمه" فكانت تتسم بالفرح والاعجاب والحنان .. لكم تعشق تلك المرأة الحنون الطيبة .. جلست ثم .. التفتت لتتطلع الى "عمر" .. خفق قلبها بجنون عندما ارتطمت بنظراته الشغوفة التى تتأملها بصمت .. شعرت بقلبها وكأنه سيقفز من مكانه .. ودت لو نهضت وارتمت بين ذراعيه
شعرت بالسعادة تسرى بداخلها وقد أيقنت بأنها أصابت عصفورين بحجر واحد ..

تعمد "عمر" طوال السهرة ألا ينظر اليها وألا يوليها أى انتباه .. ظلت تراقبه بطرف خفى .. اقترحت "كريمه" فجأة :
- "عمر" قوم ارقص مع "ياسمين"
توترت "ياسمين" .. لم ترد احراج "كريمه" .. لكنها قالت بخفوت :
- معلش يا ماما بس مش بسمع موسيقى
فقالت "ثريا" بحده :
- ليه بأه ان شاء الله .. رجز من عمل الشيطان
لم تجاريها "ياسمين" .. لأنها شعرت بأن المرأة تبغى شجاراً .. نهض "عمر" ومد يده الى "ياسمين" بصمت .. نظرت اليه أسلمت كفها له ونهضت معه .. سار بها قليلاً فقالت بصوت مضطرب :
- أنا مش بسمع موسيقى يا "عمر"
قال ببرود :
- محدش قال ان أنا هشغل موسيقى
أوقفها أمامه فقالت بدهشة :
- هنرقص من غير موسيقى ازاى
قال ببرود :
- نحاول .. أحسن من الحرب اللى كانت هتحصل من شوية بينك وبين عمتو

أخذ يتحرك بها يرقصان بحركات يتقنها "عمر" جيداً .. كان صوت نبضات قلبها عالياً يصم آذانها .. شعرت بالسعادة لقربها منه .. ظلت تنظر اليه .. لكنه بدا بعيداً عنها
نهضت "كريمه" بصحبه "ثريا" الى الداخل .. اقتربت منهما "ايناس" ووضعت يدها على ذراع "عمر" قائله :
- "عمر" تعالى نرقص سوا
شعرت "ياسمين" بالغضب والحنق والضيق ونظرت الى يدها الموضوعه على ذراع زوجها بنظرات نارية .. أبعد "عمر" ذراعه عن يدها قائلاً بهدوء :
- مش هينفع يا "ايناس"
شعرت "ايناس" بالضيق .. وعادت مرة أخرى الى مقعدها وهى تشتعل غضباً
نظرت له "ياسمين" هامسه :
- "عمر"
لم يجبها .. ولم يلتفت اليها
تطلعت اليه بعينين حزينتين قائله :
- طيب أعمل ايه عشان تسامحنى .. قولى أعمل ايه وأنا أعمل

ظل متمسكاً بصمته .. فشعرت بالألم يغزو قلبها .. التفتت لتجد "ايناس" تنظر اليها بشماته .. وقد بدأت "ايناس" تشعر بوجود خلاف بينها وبين "عمر" .. وانتبهت للوجوم البادى على وجه كل منهما .. تلاقت نظرات المرأتين فى تحدى صارخ .. تبادلتا نظرات نارية .. نظرات "ايناس" تقول : لن تملكيه أبداً لن يكون لكِ .. ونظرات "ياسمين" تقول : هو ملكى بالفعل وهو لى وحدى .. اشتعلت نظرات التحدى بينهما .. وفجـــأة .. لا تعلم "ياسمين" كيف أتتها الجرأة لتفعل ذلك .. لكنهــا .. نظرت الى "عمر" ألقت براسها فوق صدره .. أمام عيني "ايناس" التى ضاقت من الغضب .. وقامت فى عصبية لتغادر المكان
قال "عمر" بصوت خافت :
- ايه اللى انتى عملتيه ده
رفعت رأسها وقالت له بعند وثقه :
- انت بتاعى يا "عمر" .. مش هسمحلك تبعد عنى
قالت له هامسه :
- أنا اسفه .. سامحنى بأه
لم يقطعهما سوى صوت "كريمه" الآتى من الفيلا وهى تنادى على "عمر" .. همس اليها "عمر" وهو يوصب تجاهها نظرات حنونه :
- خليكي هنا .. هشوف ماما عايزة ايه وأرجعلك

ابتسمت له و أومأت برأسها .. بدا وكأنه لا يريد مفارقتها .. وقفت "ياسمين" تنتظره وقد وضعت يدها على قلبها وارتسمت ابتسامه على ثغرها .. فجأة شعرت بمن يطوقها بذراعه من الخلف ويضع كفه على فمها .. حاولت التخلص منه فلم تستطع .. حاولت الصراخ .. فجاء صراخها مكتوما .. شعرت بأنه يجرها فى اتجاه سور الحديقه التفتت اليه وهى تحاول التخلص منه لتفاجأ بوجه "مصطفى" .. نظر اليها بعينين تشعان كرهاً وقال :
- حياتى قصاد حياتك يا ياسمين .. انتى اللى عملتى كده فى نفسك .. لو مكنتيش هربتى منى مكنش ده كله حصل
حاولت التحرر منه لكنه كان يطبق عليها بقوة .. فجأة صرخ من الألم عندما تمكنت من عض يده التى تكمم فمها حتى سال الدم منها .. أفلتت منه وأخذت تجرى فى اتجاه الفيلا وهى تصرخ :
- "عمر" .. "عمر" الحقنى
جرى "عمر" فى اتجاهها وتلقاها بين ذراعيه باكيه وهى تشير الى اتجاه السور وتقول :
- "مصطفى" .. "مصطفى" هنا
جرى "عمر" فى الاتجاه الذى أشارت منه "ياسمين" .. أسرع "مصطفى" بالجرى وتسلق سور الفيلا وقفز من فوقه الى الجانب الآخر بسرعة .. لم ينتبه الى تلك الدراجة النارية التى أتت فى اتجاهه وتسير بسرعة جنونية .. ارتطمت به لتدفعه بقوة عدة أمتار قبل أن يسقط على الأرض والدماء تنفجر من رأسه التى ارتطمت بالأرض بشدة .. ليسقط جثة هامدة.

*******************************
رحلت الشرطة بعدما أخذوا أقوال "ياسمين" التى بدت مضطربة للغاية .. جلست "ياسمين" على احدى الأرائك وهى مازالت لا تستطيع ايقاف رجفة جسدها .. جلس "عمر" بجوارها ولف ذراعيه حولها وقبل رأسها .. قالت "كريمه" بأسى :
- آدى آخرة الظلم .. ضيع حياته على الفاضى .. هيقابل ربنا يقوله ايه دلوقتى
قالت "ثريا" بضيق :
- كان ملنا ومال المشاكل دى .. ما كنا فى حالنا
نظر اليها "عمر" بحده .. وجذب "ياسمين" من يدها واستأذن من الجميع وصعدا الى غرفتهما .. ألقت "ياسمين" بنفسها فى حضنه وطوقت رقبته بذراعيها بشدة .. أحاطتها بذراعيه وطمأنها قائلاً :
- خلاص يا "ياسمين" .. متخفيش
قالت بصوت مرتجف :
- خفت أوى لما شوفته .. ولما كتفنى .. معرفش كان ناوى يموتنى ولا كان ناوى يعمل ايه
قال "عمر" بحنان :
- خلاص انسى متفكريش فى الموضوع ده تانى .. خلاص مات ومعدش هيقدر يأذيكي تانى
جذبها "عمر" قائلاً :
- يلا نامى انتى .. وأنا هروح أشوف الثغرة اللى فى السور اللى عرف يدخل منها .. عشان أأمنها وميحصلش حاجة زى كده تانى
قالت بلهفه :
- لازم تروح دلوقتى
- أيوة معلش .. عشان أبقى مطمن
أومأت برأسها ..خرج .. دخلت الى الفراش وقد شعرت بأنها مرهقة للغاية .. حاولت السهر لتنتظره لكنها لشدة تعبها استسلمت لنوم عميق

*********************** عرض أقل

•تابع الفصل التالي "رواية مزرعة الدموع" اضغط على اسم الرواية

تعليقات