رواية عودة الوصال الفصل الاربعون 40 - بقلم سارة ناصر
فاته كل شئ و. توجب عليه دائماً الثبات واليوم يُرافع برفقة من سانده، ومعه كلاً من "غسان"و"بدر"و"ٱدم" ، الموضوع مُنهك بشدةٍ تقسو عليه ، ولو يعلم هو ما يُدار من خلفه ، وما توصلت له شقيقته لإنهيار بنفس ذات اللحظة الذي سمع بها صوت القاضي بالإعدام بعد مرته الأولى بـ إحالة أوراقه إلى قضية المفتي ومن ثم دُلت البراهين على أنه المتسبب رغم اعترافه من الأساس ، وانتهت بحكم الآعدام ، هذه نهايته ؟ نهايته هنا ، بمكان وضع به أكثر شخص يكرهه وبمكان وضعت به شقيقته بالظُلم !! ، يلاحظ انسحاب القُضاه ولم يكن هناك أشخاص بالقاعه سواهم ، لذا وقبل أن يخرج "شريف" مع أحدهم إلى حيث ما أتى تقابلت عينيه مع كل منهم ، كل منهم يحمل تجاهه كره مختلف ، لم يستطيع "حازم" الوقوف أكثر لذا قبل أن يخرج من هذا المكان إقترب وهو يبتلع ريقه ينظر داخل عيني "شريف" بقوة ، والذي قابل نظراته بصمتٍ مُريب لفترة حتي خرجت نبرته يخبره بأن كل ما حدث لا يُثير له اهتمام:
_" فِكرك كل دا مآثر فِيا؟؟ "
ابتسم وكأنه مختل عقلي للتو ونفى برأسه بلامبالاه وقال :
_" ولا الهوا يا متر ، بس انت شكلك ارتاحت !"
احتدت عيني "حازم" تحت ترقب "غسان"و"بدر"و"ٱدم" ، واندفع يردد من بين ضغطه على فكه :
_" راحة عمرك ما جربتها ولا هتجربها وانت حي ولا وانت ميت"
وصمت يلمح له بقصدٍ :
_''..قصدي مشنوق !"
لم يعطيه فرصة للحديث أكثر. ود لو يفر هارباً للبكاء ، يريد البكاء وبصوت عالٍ ولولا نظرة بأنه رجل لفعلها في الحال بإنهيار صارخ بكل من يقف أمامه ، لذا سارع بخطواتٍ منفعله ناحية الخارج دون حتي ان يشير للشباب !! ، انسحب "بدر" على الفور خلفه عندما رأي حالته هذه ، في حين إقترب "ٱدم" فتمعن "شريف" النظر نحو معالم وجهه التي تغيرت وضحك بإستهزاءٍ وقال يستخف به :
فاته كل شئ و. توجب عليه دائماً الثبات واليوم يُرافع برفقة من سانده، ومعه كلاً من "غسان"و"بدر"و"ٱدم" ، الموضوع مُنهك بشدةٍ تقسو عليه ، ولو يعلم هو ما يُدار من خلفه ، وما توصلت له شقيقته لإنهيار بنفس ذات اللحظة الذي سمع بها صوت القاضي بالإعدام بعد مرته الأولى بـ إحالة أوراقه إلى قضية المفتي ومن ثم دُلت البراهين على أنه المتسبب رغم اعترافه من الأساس ، وانتهت بحكم الآعدام ، هذه نهايته ؟ نهايته هنا ، بمكان وضع به أكثر شخص يكرهه وبمكان وضعت به شقيقته بالظُلم !! ، يلاحظ انسحاب القُضاه ولم يكن هناك أشخاص بالقاعه سواهم ، لذا وقبل أن يخرج "شريف" مع أحدهم إلى حيث ما أتى تقابلت عينيه مع كل منهم ، كل منهم يحمل تجاهه كره مختلف ، لم يستطيع "حازم" الوقوف أكثر لذا قبل أن يخرج من هذا المكان إقترب وهو يبتلع ريقه ينظر داخل عيني "شريف" بقوة ، والذي قابل نظراته بصمتٍ مُريب لفترة حتي خرجت نبرته يخبره بأن كل ما حدث لا يُثير له اهتمام:
_" فِكرك كل دا مآثر فِيا؟؟ "
ابتسم وكأنه مختل عقلي للتو ونفى برأسه بلامبالاه وقال :
_" ولا الهوا يا متر ، بس انت شكلك ارتاحت !"
احتدت عيني "حازم" تحت ترقب "غسان"و"بدر"و"ٱدم" ، واندفع يردد من بين ضغطه على فكه :
_" راحة عمرك ما جربتها ولا هتجربها وانت حي ولا وانت ميت"
وصمت يلمح له بقصدٍ :
_''..قصدي مشنوق !"
لم يعطيه فرصة للحديث أكثر. ود لو يفر هارباً للبكاء ، يريد البكاء وبصوت عالٍ ولولا نظرة بأنه رجل لفعلها في الحال بإنهيار صارخ بكل من يقف أمامه ، لذا سارع بخطواتٍ منفعله ناحية الخارج دون حتي ان يشير للشباب !! ، انسحب "بدر" على الفور خلفه عندما رأي حالته هذه ، في حين إقترب "ٱدم" فتمعن "شريف" النظر نحو معالم وجهه التي تغيرت وضحك بإستهزاءٍ وقال يستخف به :
_" الكيف بيجهد ويتعب بردو ي ٱدم ، بس طلعت ناصح أنصح من صاحبك !"
تتشنج تعابير وجهه منذ ان رٱه ، لم يغفل عن ان من أمامه هو من جعلها تعاني ، هو من فعل بها ما لا تستحقه أي فتاه !؟ ، هو من دمرها وقهرها ، ابتلع "ٱدم" ريقه بسرعةٍ ورد مندفعاً يوبخة صراحةً :
_"صاحبي اللي ضحكت عليه ووديته فداهية زي ما وديتني معاه ولا أخته اللي اغتصبتها يا قذر ي بن الـ *** "
سبه سبة نابية بذيئة لم تغير الوضع ، وتابع "غسان" بترقب في حين اعتلت ضحكات "شريف" بتشفي يخبره ما لا يعلم بأنه يخبره:
_"تصدق اني كنت عارف انك بتحبها وهتموت عليها ؟ بس أقولك؟ انت خسارة فيها ، وحتى خسارة صحوبيتك لأخوها ، الواد يبقي لاطك معاه فمصيبة سودة وبردو متعرفش تبعد وتقوله لأ ، يأخي لو كان عندي ربع ولائك وآخلاصك وربنا ما كنت زماني هنا !!"
يسخر منه بشدةٍ في حين أخذ أنفاسه يكمل كي يضغط علي جرحه أكثر:
_"لا بس البت اتدمرت ، اتدمرت يعني بالجامد ، مع انك خسارة فواحدة زيها بس هي بردو بت حلوة وتستاهل وخسارة حتى لو خسرت ، إسأل مجـ .."
أمسك "غسان" ذراع "ٱدم" الذي ما ان تقدم أكثر سيكون معه بنفس المكان لا محال حاول الإندفاع فنظر له "غسان" نظرة فهم معناها ، ولكنه لم يستطع منه لسانه عن سبه سبات نابية بالقرب منه وأكمل بعدها بانفعال:
_".. قسماّ برب الكعبة لو كنت قدامي يا بن الكلب يا *** لـ كنت موتك بعد ما اخليك عبرة فنظر الكل!"
ابتسم "شريف " باستفزاز وأشار برأسه بغير اهتمام وقال ببرود يرد :
_"فات ٱوانه الكلام ده ، مع السلامة يلا ، وبقولك .."
رفع رأسه بعينيه الحادة ينظر وهو ينصت من بين مسك "غسان" له ، فأكمل "شريف" بغمزة وقحة :
_"لو مصمم يعني فإنت هتبسط ، خد مني ومتراجعـ.."
ولولا القفص لانقض "ٱدم" عليه اندفع يدفع "غسان" بشررٍ وتمسك بالقفص بعصبية يهتف بكلمات مضغوطة وعروق رقبته تظهر من كتمان انفعاله:
_" اخرس يا يا قذر يا زبالة يا و** ، عليا النعمة لأقتلك ياض هقتلك وأشـرب من دمـك النجـ.س ده..."
وقبل أن يكمل أكثر أبعده "غسان" بتحكمٍ ورفع عينيه ناحية الٱخر يردد بإستهزاءٍ :
_" بقولك ايه ..كفاية عليك اللي انت داخل عليه ، لو منك اجري اعمل لٱخرتي المهببة دي ، روح اقرألك قرٱن وصليلك ركعتين كده بدل القرف اللي انت فيه ، كتر خير الدنيا اللي مجمعتكش بـ عز وأهله !"
لم يجيبه بل حرك رأسه ببرودٍ وعند كلمات شقيقه اعتلى صوته يحاول بالإيقاع بينهم لٱخر فرصة ينتهزها :
_" عز وأهله ؟؟ ، معاكم عذركم ما أصلكم لسه هتشوفوا اللي محدش شافه على يد أمه ، وأخته ، هي مش أخته بردو اللي باعت البت اللي تبعكم!!"
كان رد "غسان" الأسرع في الضغط عليه عندما قال بوقاحةٍ شديدة:
_" لا بت ايه بقا دي مدام عقبالك "
تجمدت ملامح الٱخر من وقاحته في حين أكمل "غسان", بنفس الضغط عندما علم بأن هذه النقطة هي التي ستثير انفعاله :
_"أصل هي واخوك دلوقتي متجوزين وقريب هيجيبوا عيال ..عقبـ .."
توقف "غسان" عن الحديث وتصنع الشفقة ليهزمه ببروده الأكثر ، واستخدم نظرية محاربة البرود بالبرود :
_" ولا عقبالك ايه ، ما انت كدة كدة ميت !!"
أكثر ما يثير استفزازه هو البرود المماثل لما يفعله كي يشعل من غضب من أمامه أما الٱن فهو يواجه شخص قد تغلب عليه بها او لربما فهم ما يفعله ، اغتاظت ملامحه وتمسك بالقفص يهتف بغلٍ :
_" كل اللي حصل ليكم دا انتوا تستاهلوه وأكتر ، كل واحد اخذ جزائه ، أنا مش خايف من الموت سامعين ؟؟ مش خايف طالما خدت بتاري بإيدي ودوقت كل واحد من نفس الكاس وبردت دمي اللي فضل يغلى لسنين!!"
هز القفص بعصبية بالغة فسحبة العكسري على الفور بسرعةٍ ناحية الداخل ووقف "غسان" يخرج أنفاسه بتنهيدةٍ مسموعة وهو ينظر بأثرة بتقزز ، حرك عينيه صوب "ٱدم" الذي وقف وكأنه الهش الضعيف وعلم أن الجرح الذي بداخله لأجلها شعر به عند هذه المشاركة بشئ كهذا ، يتألم لأجلها وللمره الذي لا يعلم عددها حتي وهي لم تكن موجوده أمامه الٱن ولكنه يشعر بالعجز ، ضرب "غسان" كتفيه كي يعي ، في حين حرك هو رأسه يرفعه تجاهه فوجده يحثه بأنظاره وقال يحثه كي لا يتغير نمط تفكيره بما حدث لها :
_" متخليش كلام واحد مقرف زي ده يأثر علي دماغك !"
ٱغمض جفنيه بسرعةٍ وفتحهما واجاب بنبرةٍ خاوية يخفي اهتزازه :
_" مأثرش!"
علم "غسان" تخبطه بهذه اللحظة وهذا الوضع ، قرر ان يجاريه بالمكشوف وقال يصارحه بجرأةٍ :
_" لا أثر ، ودماغك غصب عنك بتراجع نفسها فاللي كان ، ان ازاي كانت مشت وراحت وقعدت معاه فشقة واحدة قبل كل ده ما يحصـل !"
كأي رجل طبيعي عقله كان سيراجع هذه الأشياء رغماً عنه ، مع أنه يريد التمسك بالفعل ومازال ولكنه يريد محو هذه الأفكار ، ربما الٱتي من أحداث سيثبت له أن هذه الأفكار لديه هو بالأخص ليس لها معني ، وجد "غسان" يردد مره أخرى بوضوحٍ أكثر:
_" قررت تتمسك يبقي تاخدها على كدة ، صعب عليك متفكرش فاللي حصل بس لازم تعمل كدة ، وده مش أمر إجباري عشان لو مش هتعرف تتحكم فدماغك ومشاعرك دي يبقي تبعد احسن وتسيبها وبلاش تقرب منها !".
بطريقة ما جعله يستكشف أمر ٱخر ، بأنه لم ولن يستطع التخلى ٱكثر من قبل ، ابتلع غصة مريرة بحلقه ورفع عينيه الحزينة يخبره بإستسلامٍ :
_"مش قادر أبعد بسببي.. ولا عارف أقرب بسببها!"
سارا معاً ببطئٍ ناحية الخارج ومن بين هذا الحوار الكاسر لأحدهم ، زفر "غسان" بصوته وهو يحرك رأسه وعقب ما انتهى الٱخر من ترديد كلماته هتف "غسان" من بعده مباشرةً :
_"سببك كراجل مقدور عليه ، لكن هي أنا متأكد إنها كارهه الصنف بحاله وقبل كل ده خايفة ، وطالما قررت تقرب يبقي تشيل ترددك ده عشان لو لسه موجود جواك هي هتفضل لسه خايفة وبالذات منك ومن دخولها علاقة مع واحد بصفحة جديدة ، يعني انت بإيدك تمسح لها اللي فات ي ٱدم!"
_" مش عاطيالي فرصة!"
_"هتعطيك لما تفضل مكانك مستنيها ومتتحركش من مجرد فكرة أو كلام أو حتي مشكلة ، لكن انت دلوقتي اتهزيت !"
وقفا على بعدٍ من السيارة وإلتفت "ٱدم" برأسه يبتلع ريقه وقال يخبره بصراحةٍ خائبة :
_" غصب عني !"
_" عارف ، وعارف كمان انه مش سهل عليك ، بس في سؤال يجاوب على كل ده بـ اه تفضل ولا لا متفضلش !''
قرأ المسطور في عينيه بالسؤال ، فزفر "غسان" بصوتٍ وابتسم يسأله :
_" بتحبها ولا مُعجب بيها ولا. متعلق و مشدود ليها وبيها ؟!"
الثلاثة اختيارات يشتتون ! ، استبعد الإختيار الثاني ، وفكر فالأول والٱخير ، خاصةً الٱخير الذي هز كيانه بينما الأول يشعر به منذ فتره ورددها على مسامع شقيقه بتسرعٍ ، وجده "غسان" متخبط شارد ، فمد كفه يربت على كتفيه برفقٍ وقال يحثه بنبرته الهادئة في هذا الوضع :
_" أنا كدة كدة مش محتاج جواب ، بس فكر براحتك و جاوب علي نفسك!"
_"وان معرفتش؟"
حرك "غسان" كتفية ببساطةٍ وقال يخبره بجهل البشر عن القادم:
_" ومين عالم ما يمكن يحصل أي حاجة توضحلك موقفك ايه !! ، انت اللي مستعجل بس !"
وجد التشتت رفيقه ورفع عينيه يسأله بنبره هادئة أشبه بالمستسلمة :
_" انت شايف كده ؟"
حرك "غسان" رأسه تأكيداً تزامناً مع اقترابهم من السيارة التي جلس بها "حازم و. بدر" ، ولم يغفل "غسان" عن ذهاب ذاكرته بالصمت نحو موقفه مع "نيروز" وظلت مشاعره تتلاعب به حتي وان اعترف بينما لم يأخذ الفرصه الحاسمة له إلا عندما حدثت عقبة زواجها من غريب مجهول بتدبير عمها ، هنا ولم يتحمل وفكر بأي طريقة واجهته كي تصبح له هو وحده ، لم يكن ليتخيلها مع غيره أبداً !!! ، ركب السيارة وكانت سيارة "غسان". الذين ركبوا بها وجاءوا بها أيضاً ، وهذه المرة ، من قاد السيارة ليتشتت عقله كان"ٱدم" وركب في الخلف "غسان" مع "حازم" وهو يملي عليه كلمات هادئة مواسية ، في حين تحرك "بدر" للجلوس في الأمام وعينيه تراقب تعابير وجه كل من "حازم " وكذلك "ٱدم" الصامت في الأمام الذي ركز عينيه على الطريق ، حاول "بدر" التخفيف عنهما ، فردد بسخريةٍ يخبرهم في الخلف:
_" ملقيتوش غير ٱدم اللي يسوق ، دا مجنون وممكن يموتنا ولا ناسين اللي حصل!"
ضحك "غسان" وكذلك خرجت ضحكة "حازم" فابتسم "ٱدم" باستفزازٍ وأسرع من سرعة السيارة وهو يشير ناحية عينيه لشقيقه :
_" من عيني يا بدر ، ننولهالك ، ودعت ابنك ومراتك قبل ما تخرج ولا هتروح كدة وهم واحشينك !"
هنا وتذكر "بدر" حديث "حازم" مع "ياسمين" ء وتحت الضحكات والحماس بزيادة السرعة ، رد "بدر" يشاكس "حازم" الذي يحمل له معزة خاصة بقلبه ولم يفعل كل ذلك الا للتهوين عليه :
_" لا مودعتش ، الواد حازم ابن المحظوظة هو اللي ودع بالجامد !"
تعالت ضحكات "غسان" في حين اندفع "حازم" يشير من بين ضحكاته :
_" ونبي ي "بدر" تسيبني فحالي ، مش ناقصة قر !"
_" ماشي يعم الله يسهلك"
رددها "بدر" له فضحك الكل عليه تزامناً مع قول "غسان" المرح لـ "ٱدم"
_"، هدي بقا يعم انت السرعه دي ، عندنا عيال وفي عيال لسه جاية فالسكة ، الدنيا لسه عايزانا !!"
لبى غرضه وكذلك حثه "بدر" فابتسم بإستسلامٍ ، واستمر الحديث بينهم بعشوائيةٍ. ، وقرروا الذهاب والعودة ناحية المبني ليهبطوا ومن ثم ليقود من بعدها "غسان" للرحيل نحو منزل "عز" كي يأتي بـ "نيروز" أو هكذا قرر دون أن يعلم ما القادم!!
____________________________________
«وحـدي
أراود نفسيَ الثكلى فتأبى ان تساعدني
على نفسي،
ووحـدي .. كنت وحدي
عندما قاومتُ وحـدي ..
وحدة الروحِ الأخيـرة.»- محمود درويش-
تقاوم نفسها ولم ترد مساعدتها ، حالة أشبه بالإختلال والجنون ، وكأنها تنهار عصبياً وتُزيل بنفسها ٱخر ذرة من العقل كانت قد بها ، باتت لا ترى الٱن سوى أنها سوف تلقي بنفسها كي يفتح لها الموت ذراعيه ، اعتقدت بشئ لا يحدث اعتقدت من كثرة الوجع بأنها ستقابل الراحة الأبدية بمحاولة فعل شئ قررته بداخلها بعزمٍ وكأنها لا تهاب ، عندما قررت الإنتحار ، انتحار ؟ وماذا يجلب هو غير العذاب؟؟ بعيد كل البعد عن الراحة الأبدية وبعقل أصبح ضعيف من التحمل كانت هي تعتقد ذلك ، وفي البداية كانت تعتقد ان كتمانها ليس مؤذي وأنها تتخطى بالفعل بينما الٱن الشئ الوحيد الذي ينتبه له الجزء العاقل من عقلها ..أن التظاهر باللاشئ والتعامل بطريقة عادية ليس طبيعي أبداً ، تأكدت ان عدم التأثر في البداية ليس شئ مُفرح و أن الكتمان كان أكبر خطر !!" ، وللمره الثانية تسأل نفسها لما الحياة وأنا بلا حياة؟!
الأصوات تتداخل الوقت يمر واللحظات تتخطى ،. وهي تقف تغمض عينيها تارة وتفتحها تارة تحذرهم من الإقتراب ، دخل "حامد " بخوفٍ يحذرها وتصلبت ملامحة برهبة رجل سنه لا يسمح بهذا الفزع المميت ، الكل يصرخ ببكاءٍ والهواتف تقوم بالتصوير في الأسفل ، والناس تصرخ عليها وتهتف في الأسفل بأن تتراجع ، أما هي فلا حياة لمن تنادي ، لا حياة لها من الأساس ، نزلت دموعها وركزت بعينيها ناحية الصراخ وسارت رهبة بجسدها وتشنج من هذه الأصوات المتداخلة ، فرفعت رأسها ٱكثر وهي تتمسك بنفسها لٱخر لحظة وصرخت بصوتٍ عالٍ تخرس صراخهم وبكاءهم :
_" بــــس ، قــــولت بـــس اخرسوا !!"
وضعت كف واحد على أذنها ، فابتلع الكل ريقه بخوفٍ ، وحاول "حامد" الإقتراب يشير لها بيديه المجعدة يحثها بتقطع مهتز :
_" إعقلي يا بنتي وارجعي ، ارجعي حرام عليكي ، اللي بتعمله دا حسابه عظيم عند ربنا ، حرام واللهِ ، ارجعي!!"
نفت "فريدة" برأسها وتجمعت الدموع أكثر بمقلتيها وأشارت بكفها الٱخر له كي يتراجع فوقف مكانه عندما شعر بأن من الممكن ان يختل توازنها. ، كانت "عايدة" تبكي مع "سمية" و"وردة " والخوف كان رفيق "ياسمين"و"زهور"و"مروة" وفي الخلف "سامر" يقف يترقب بعينيه بفزعٍ مماثل لفزع "وسام" في الشرفة وهي تقف بجسد متصلب بعدما وقع الهاتف من يديها ولم تقوي علي الانحناء لحمله !، نفت"فريدة", بقهرٍ وخرجت نبرتها الباكية تزامناً مع وصول "عز" وحده في الأسفل ، خرج من السيارة بركضٍ ودفع الناس بيديه بقوة وهو يرفع رأسه ينظر بهلعٍ ،. ركض بأقسى سرعة كي يصعد ، في حين وقفت هي تردد بخواءٍ :
_" ومش حرام عليها الدنيا ؟ أنا نفسي ارتاح بقا ، نفسي ارتاح ، سيبوني أموت واريحكم مني انتوا والدنيا اللي مسابتنيش ولا عايزة تسيبني فحالي !!!!!!"
إندفعت "ياسمين" في بكاءها تردد هذه المره بنبره باكية ضعيفة :
_" مش حل ، ده مش حل والله العظيم ، ونبي عشان خاطري تنزلي إحنا منقدرش نعيش من غيرك !!"
وافقتها "وردة" تؤيد بكلمة واحدة مؤيدة والاثنان يحتضنان بعضهما بخوفٍ ، ابتلعت "دلال" ريقها وهي تتمسك بجسد "حامد " من الخلف كي لا يقترب حتي لا تفعل الٱخري ما أقسمت عليه ، وبادرت "زهور" بصوتٍ مرتفع تشير بعصاها أكثر وهي تقترب :
_" يابنتي انزلي و مـ ..."
_" إرجــعي ورا ،إرجــــعـــي!!"
دوت الصرخة ترن بأذنهم ووصل صراخها إلى الأسفل كما ان الوقت يضيق ، انسحبت"عايدة " بركضٍ لتفتح الباب الذي كانت دقاته عاليه بقوةٍ من الطارق أبعد جمع الناس المتجمعة بفظاظةٍ رغماً عنه بهذا الوضع كي لا يتأزم وبقى هو وكان"عز" الذي كان يلهث بأنفاسٍ عالية وما ان فتح الباب ركض بسرعةٍ ناحية الداخل يدفع من قابله بطريقه إلى ان وقف واعتلى ضغط دمه بهذا الحال المُرعب لأقواهم ما ان يري ذلك ، إلتفتت جميع الوجوه له وإقترب بحذرٍ يشير لها بذراعيه الإثنان برهبةٍ يجاريها بذكاءٍ لم يفعله أي منهم من قبله :
_" بصي .. اهدي..اهدي بس واثبتي وقوليلي ، قوليلي عايزه ايه وهعملهولك حالاً ؟!!!"
ابتسمت بسخرية للشبه الذي بينه وبين من كان أحد أسباب وصولها لهذه الحالة الصعبة ، أغمضت جفنيها تتجنب النظر له وابتلعت ريقها تجيب وهي تتحرك باهتزاز ، حرك موضع قلوبهم من أماكنها في الحال :
_" عايزة أمـــوت !"
بُحت نبرتها بوجعٍ شديد ، فابتلع "عز" ريقه يجيبها بإختناقٍ :
_" حرام !"
نفت بإندفاعٍ مُنهار ودموعها تسيل على وجنتيها :
_" لا حق!"
إبتلع "عز" ريقه من إصرارها هذا ، وأجاب "حامد" هذه المره يخبرها بسكون يمنع نفسه عن الإقتراب :
_" بس مش بالطريقة دي ، حق بس بأمر الله ي بنتي ، ارجعي واخزي الشيطان ، ارجعي بالله عليكي !"
سكنت وكأن العالم أغلق جميع أبوابه لها ، يرتجف جسدها أكثر و أكثر وكل فترة ثباتها يهتز شئ فشئ ، وقبل ان يحاول "عز" ايجاد الحل بشمله لنظرات الغرفة او الشُرفة ، تابع "سامر" بهجومٍ رغم خوفه ولكنه اعتقد ان قوله هذا سيجعلها تتراجع باهتزاز :
_" ارجعي لانك جبانه ومش هتعملي كده ، انزلي!"
لم يكن وقته بتاتاً قول هذه الكلمات ، وقبل أن تمنعه والدته ، فُتحت الٱعين بفزعٍ من تحركها ، فعاد "عز" يندفع نحوه بإنفعالٍ مردداً يوبخه :
_" انت بتقول ايه ي غبي انت ، اخرس خالص مسمعش أم صوتك ده فاهم؟؟؟؟!!!!"
كانا على مشارف الإمساك ببعضهما بشجارٍ في حين تعالى البكاء أكثر وهي ترد عليه بنبره جامدة رغم الدموع وأظهرت مدي عنادها بقوةٍ :
_" أنا مش جبانة ، سامع ؟؟ مش جبانة !!!!"
كانت تنفعل بهستيرية في حين أشار لها الكل بأن تسكن بريبةٍ ، تحت لهفة "وسام" برؤية سيارة "غسان" تقف في الأسفل وهي تنظر من شرفتها
خرج بسرعةٍ الأربعه من السيارة ينظرون نحو النظرات والتجمع ، ورفع "غسان" رأسه مع "حازم"و"بدر"ٱدم" وأذن الثاني تستمع لكل شخص يهتف باسمه بخوفٍ من على بعدٍ يخبره دون فهم ، وعندما وجد جسدها ، انتفض جسده وأذنية لا تسمع أي شئ ، سارت القشعريرة ببدنه وفتح عينيه بقوةٍ حتي خفقات قلبه تسارعت كمن تسابق أحدهم على الموت ، حالته كانت مثل حالة "ٱدم" الذي انصعق وهو يردد بإسمها بإستيعابٍ :
_" فــريدة ؟!!!'
ركض على الفور وركض معه "بدر" في حين شحب وجه "حازم " و"غسان " الذي دفعه بقوةٍ كي يستوعب ، فنفى "حازم " بصراخٍ شديد ينفي وهو يرفع ذراعه لأعلى برأسه :
_"لا ، لا متعمليــش كدة أبوس إيديكي !!!!"
ركض ركض الوحوش في البرية ، أو بغابة واسعه لا يري بها شئ في حين ان الناس تهاتفه وتردد باسمه ، دفع الكل بيديه ووقع من وقع بسبب هذا الحشد ودخل من البوابة الكبيرة للمبني بهلعٍ يركض بأقسي سرعة، سرعة قياسية سبقها "غسان" عندما لم يأت برد فعل منه في البداية بسبب صدمته !! ، لم ينتظر أي من الذي دخل المصعد بل ركضوا بهرولةٍ ناحية الٱعلى على السُلم ، كي يصعدوا بأنفاسٍ لاهثه عالية!!...
وهي ؟ هي بالأعلى شهدت اندفاع "ٱدم"و"بدر" الٱن بهذه السرعة في داخل الغرفة ، وقف "بدر" متسمراً وهرولت "وردة" باندفاغ تلقي بنفسها بين ذراعيه في حين آقترب "ٱدم" يسألها بنبره شارفت علي الإنهيار بعدم التصديق :
_" انتــي بتعملــي ايه؟!!! بتــعمــلي ايه يا فريدة؟!!!"
فاقت على نبرته وتمسكت بالعمود الجانبي أكثر وابتلعت ريقها ،ودموعها لا تتوقف عن الهبوط ، حركت رأسها بأسىٰ وصارحته بما جعل قلبه يخفق بقوة عليه :
_"هموت نفسي !"
وقف يلهث بأنفاسٍ عالية ودخل "غسان" هذه المره عندما وصل قبل "حازم" ، دفع "سامر" وحتى جسد "مروة"و"سمية"دون التركيز واقترب يقف بصدمة ظهرت علي ملامحه ، في حين اختنقت نبرة "ٱدم" برهبة موجعة :
_" مينفعش ، مينفعش ارجعي عشان خاطري ، إحنا عايزينك ، عايزينك أقسم بالله ، قوليلي بس ايه يراضيكي ومتعمليش فنفسك كدة ، هعملك اللي انتي عايزاه بس بلاش ، بلاش ونبي!!!!"
صرخت بإنهيارٍ تمسك رأسها بكفيها وشعرها يتطاير بفعل الهواء وتناست بأنها الٱن تفقد توازنها صرخ الكل في حين كان صوتها الأعلى حتى كادت ان تُقطع احبالها الصوتية:
_" أنا مــــش عايــزة حاجــة سيـــبوني فحـــالي بقـا !!!!"
انتفض البعض علي صراخها ، فحاول "غسان" تهدئة الوضع بسرعةٍ حتي جذب ذراع "حازم" بقوة يخرجه من حالته الضعيفه يقربه من وقفة "ٱدم" وفتح باب غرفة "نيروز" على مصرعيه ، وردد بصوتٍ مرتفع :
_" إطــلعوا برا "
وقف الكل بصدمة من ما قاله للتو ، فصرخ بهم كي يسرعوا :
_" بــــرا !!!"
دفع بيديه بغير احترام جسد "زهور" حتي خرجت من بين صدمتها ومعها فتياتها ، وأشار بعينيه لـ "بدر" الذي فهمه ودفع "وردة" ناحية الخارج ، وحرك "غسان" يديه على كتفي "دلال"و"سمية" يحثهم بحدةٍ تلازم نبرته ونظرة عينيه ، بقت"عايدة" مع الشباب والرجال وأغلق "غسان" الباب ، ونجح في تركيزها مع خروج من تبغضهم في حين كان يحاول ان تصب تركيزها مع من يهمها أمرهم أكثر من بين كل ذلك الحشد ، ورغم الطرقات على الباب ولكنه وقف يتابع بأعصابٍ هشة يحاول تماسكها ، في حين أدمعت عينيها. وهي تتمسك بالعمود بذراعٍ واحد تردد كلمة الأسف له هو لمن يستحقها ، لـ شقيقها "حازم" :
_" أنــا ٱسفـة !!"
نزلت دموع "حازم" فالحال دون حرج ، واقترب أكثر فلم تمنع هي اقترابه إلى أن أخذ تحسباته ووقف على اعتاب باب الشرفة وبخفة كان بجانبه "ٱدم" ، فركز "حازم" عينيه وخرجت نبرته الخاوية ينفي برأسه يخبرها بوجعٍ :
_"مش هستحمل صدقيني ، متوجعنيش فيكي وارجعي ، أنا بحبك ومش هخلي حد يأذيكي أقسم بالله ، بس ارجعي عشان خاطري ، وحياة أغلى حاجة عندك فحياتك ، أنا هموت وراكي يا فريدة ، هموت والله العظيم ما هقدر!!"
نزلت دموعه مع. دموعها وأكملت هي تقاطعه بوجعٍ ونبره أهدأ تردد بكلماتٍ مؤلمة :
_" أنا نفسي أرتاح بقا نفسي أموت وارتاح ..قولي ليه الدنيا بتعمل فيا كدة؟!! انا عملت ايه عشان يحصل فيا كل ده ؟!!! أنا عمري ما خدت حاجة عوزتها ، عمري ما لقيت اللي محتاجاه ،ليه كل حاجة مبتراضنيش مع اني بحاول ارضي؟!! ليه بيجيوا عليا دايماً ؟!! ليه الماضي مش راحمني ولا عايزني اعيش زي الناس ، انا مبقتش حاسة بأي حاجة أنا نفسي أموت أنا مبقاش ليا لازمة ، كل حاجة ضاعت مني حتي أغلى حاجة عندي راحت بسبب أخوه!!"
أشارت بيديها ناحية "عز" بوجعٍ تسمر جسدة بألم لأجلها ولو كان لا يحبذ القدوم في التجمعات فكان هذا بسببها هي ، لانه يشعر تجاهها بالأسى ويحاول محو هذا الشعور من أجل التعايش ، ولكنه لم ولن ينسي ما حدث لها على يد شقيقه بينما يود الٱن ان يقسم بأنه ليس لديه ذنب ، أكملت بوجعٍ مره أخري تخرج بكل شئ كان ومازال بداخلها :
_" خد مني اللي أي واحد دلوقتي شايفني من غيره وحشة ، عارف أنا سمعت إني بيتقال عليا ايه ؟؟ عارف شريف القذر وصل خبري على لسان مين؟؟ بعت مين يوصيهم بالكلام عني ؟؟ ، عارف أنا كان بيجيلي رسايل من الجامعة واللي اعرفهم ازاي؟؟ ، عارف أنا قفلت كل حاجة ليها علاقة بالتواصل معاهم ليه ؟؟ عرفت مبنزلش الجامعة ليه وبطلت أقابل صحابي ليه؟؟ "
صُدم من حديثها بقوةٍ كما صدم البعض ، تلومه ولم تشاركه من الأساس بل كانت تكتم وتكتم بعيد عنه كي لا تذكرهم بما حدث من قهر لهم وللعائلة ! ، حرك رأسه بإنهيارٍ وتصلب جسد "آدم" وقال قول حل محل شقيقها :
_" طب ارجعي وأنا هجيبلك حقك من كل واحدة اتكلمت عليكي، اوعدك اني مش هسيب الموضوع ده يعدي كدة بس انزلي لو بتحبي ربنا يشيخة !!"
ردد ٱخرها بضعفٍ ، فهبطت دموعها وإقترب "غسان" بسكون يقف بجانبهما وقال يحثها مبتلعاً ريقه :
_" لو نزلتي هاخدك معايا ومع حازم تجيبي حقك من أتخن تخين اتجرأ وجاب فسيرتك، هجيب إيدك تحطيها فعنيهم وتقطعي لسانهم اللي اتكلم عنك بنفسك، قربي واسمعي الكلام وثِقي فينا ، بس انزلي!!!"
نفت برأسها ووجهت عينيها نحو شقيقها الصامت برهبةٍ وتجاهلتهم وهي توجه له حديثها تلومه بقهرٍ :
_" انت ضحكت عليا ومشيت وسيبتني ، مع اني قولتلك متسبنيش لـ سامر وكنت مرعوبة ، معملتش حساب للحظة اللي كنت خايفه منها لما جاب المٱذون والشهود وغضب عن عين الكل عايز يتجوزني غصب فغيابكم ، محدش عرف يوصلك ولا يوصلهم ، سيبتني ومشيت ليه، أنا زعلانة منك أوي لو كان خدني غصب مكنتش هسامحك ي حازم!!!!!"
سألته بنبره باكية بشدة ، صُدم الكل من حديثها المندفع ، فقال هو برهبةٍ يحاول الإقتراب أكثر :
_" أنا ٱسف ، ٱسف والله العظيم ، بس انزلي وهجيبلك حقك !!!!"
ابتسمت بألم وعندما شعرت بإقترابه أشارت بآنفعالٍ منهار تحثه :
_" ارجع ، ارجع هرمي نفسي لو قربت !!"
وقف بخوفٍ منهار وأمسك رأسه بإنهاكٍ منهار يحاول وجود حل بعدما هرب الحديث منه ، وقف "آدم " يخبرها عندما جاء بعقله شئ ما :
_" لو رميتي نفسك من هنا أنا هحصلّك يا فريدة !'
كانت نبرته جادة , انصعق "بدر" في حين اقترب "غسان" على فهم ما ينوي فعله من تهديد لها لتتراجع ، بينما "ٱدم" لم يقل ذلك عبثاً او حتي ليكن مختل عقلي بل قالها لوجود تلك النظرة منها له ، نظرة لأول مره يتلقاها منها غير نظرة الاعجاب الذي كان يشك بها ، نظرة الٱن جعلته يرتجف وكأنها تبث شوقها إليه قبل أن تلقي بنفسها ، وداع للمره الٱخيرة؟ قاطع حينها النظرة هذه بقوله ذلك ، فابتلعت ريقها بتصديقٍ لم تكن لتتوقع ذلك ، نفت برٱسها وقالت بنبره خاوية:
_"متقدرش ، سيبني فحالي وارجع ، لو قربت تطلع هنا هرمي نفسي علطول من قبلك!!"
قالتها بتقطع متلهف متخوف ، في حين ترقبت الأنظار وإقترب بعناد من الناحية الٱخري والعائلة تتابع من الشرف المربعة الجانبية كما ان في الأسفل الكل يتابع إلى الٱن ، شهقت من محاولته في التسلق تحت تركيز "غسان" على معالم وجهها وعندما وجد الخوف رفع عينيه نحو "ٱدم" ، حاول "عز" الاندفاع فمد "غسان" ذراعه يوقفه مع صراخ "بدر " بصدمة :
_" انت بتعمل ايه يا مجنون ؟!!"
نظر "غسان" ناحيته يشير بعينيه على الصمت ، فوقف يفتح فوهه بصدمة تحت نظرات "عايدة" الغائمة بالدموع والجهل والخوف ..، وخرج صوت "حامد" يوبخه بخوفٍ :
_" انت ساكت ليه ؟ ساكت ليه؟!!"
_" اهدوا واستنوا "
رددها "غسان" بهمسٍ وقصد إيصاله لهم جميعاً حتي لـ "عايدة" ، سمع الكل صوت دقات الباب العالية من الخارج بصراخٍ وعلم الكل بأنه صراخ "زينات" :
_« بنتي!! افتحولي اشوف بنتي؟!! فريدة؟!! انزلي با فريدة ونبي ، بلاش تعملي كدة فقلبي !! افتحوا !! افتحولي بقولكم حرام عليكم عايزة اشوف بنتي؟!!»
ذهبت بنوبة بكاء هستيري بعد تجاهل الكل لها في الداخل وتوجه لها بعض من الخارج يلحقون بسقوط اعصابها بهذا الإنهيار التي تحاول تماسكها ولكنها فشلت وتفشل..،. بينما في الداخل تسلق "ٱدم" ووقف على بُعدٍ منها ، تسلقها بسهولة وبساطة شديدة لطالما يعتاد على هذه الافعال بالماضي ، ابتلعت ريقها بهلعٍ وقال هو بملامح جادة صادقة :
_" عرفتي اني أقدر ؟!"..
زاغت عيني "فريدة" بالدموع ، وأشار "غسان" لـ "عز" بمسك "بدر" كي لا يندفع في حين مد "غسان" ذراعيه يبعد "حامد" أكثر وأشار لـ "عايدة" بالصمت ، تحت صراخ الناس بالٱسفل ، وصراخ العائلة من الشرف ، وخوف "وسام" التي تتابع كل ذلك من البداية بجسد متصلب !!
_"إنزل حالاّ ، انزل بسرعة بقولك هرمي نفسي!"
_" لأ مش نازل !"
رددها بعنادٍ لها ، وابتلع ريقه وأخذ أنفاسه وتقابلت عينيها معه ، فحاول تشتيتها بالإقتراب الأكثر منها يحاول ترك العمود وهذه تعد منطقة أكثر خطورة ! ، جحظت عينيها بفزعٍ فهو معرض للسقوط عنها بأي لحظة لم يكن بجانبه أي عمود ليستند بل يتقدم ويسير بغير توازن !!! وانتفضت ولكنها لم تترك العمود بجانبها ، فأشار لها بيديه يحاول وزن جسدة بالوقوف والسير بحذرٍ :
_"فاكرة لما قولتيلي بليل فمحل الورد هتديني ردك ونتقابل؟ "
أكدت بهلفةٍ كي يهدأ ويسكن. لكنه حاول الاقتراب دون تعلثم وواصل يكمل بعدما سلب تركيزها:
_" اهو احنا دلوقتي اتقابلنا بس هنا على السور ، بس أنا قررت أرمي نفسي زيك بالظبط وقبلك كمان عشان الدنيا كانت وحشة معايا بردو !!"
خرجت نبرتها الباكية بإنهيارٍ خائف هذه المره ورفعت يديها تمسح وجهها تردد بلهفة :
_" انت .. انت مش فاهم حاجة خالص !!!"
_"أنا فاهم كل حاجة ، وعايز أقولك حاجة واحدة بس قبل ما أرمي نفسي من هنا قبلك !"
جحظت عيني من بالداخل ، فرمق "غسان" بطرف عينيه وفهم على الفور أنه يشتتها ، آقترب وكادت ان تتعثر قدمه فصرخت هي بسرعةٍ :
_" حــاســب ، حـــاسـب !!"
حاول التوازن ، وواصل بلعبته في التشتيت :
_" مش قبل ما أقولك أهم حاجة نفسي تعرفيها ، والا هرمي نفسي من قبلك بسرعة لو مسمعتنيش !"
انتفضت بفزعٍ تشير برهبةٍ تحت ذهول "حازم" ومحاولته هو الٱخر في الاقتراب مع الٱخران :
_" لا ، لا قول ، قول بسرعة !!"
ابتلع ريقه وبات قريباً يقف بجانبها ، وتحسباً للفشل ، مد ذراعه وهو يقف بهذا القرب وحاوط كتفيها للدلالة على الاقتراب لقول ما يريد قوله ، انتفض جسدها وتمسكت بالعمود أكثر واهتزت قدميها عندما تحرك جسدة باختلال وهو يمسك بكف يديها الٱخري. كف يديها الذي يوجد ناحيته مغمض العينين يتحاشى النظر ناحية الأسفل كي لا يقع وقبل ذلك حثها برفقٍ تحت تيهتها :
_" هاتي ايدك بسرعة ، هقع "
قدمت كفها بفزعٍ وباليد الٱخري تتمسك بالعمود. وذراعه الٱخر يحاوطها به ، فاقترب "بدر" مع "عز" ناحية "ٱدم" الذي يسلب التركيز منها له ، وإقترب "غسان" مع "حازم"، أشار لهم "غسان" وهو يحرك رأسه ، فمد "غسان" ذراعيه الأثنان مع ذراعي "حازم" يجذبان جسد "فريدة" بقوة عليهم ناحية الداخل ، وبعزم ما لديهما من قوة دفوعها ، كما فعل "عز" و"بدر" مع "ٱدم" ، وقعت "فريدة" ناحية الداخل عليهم بشدةٍ مع وقوع "غسان" على ظهره بألمٍ وكذلك "حازم" وهي معهم وسحبت بكف يديها "ٱدم" الذي لحقه الإثنان الٱخران ، ووقعت الستة أجساد بصوتٍ واحد في أرض الشرفة ، تأوى الكل ، وشهقت "فريدة" برهبة وجسدها يرتعش ، حاول "غسان" التحرك فتحركت هي فالبداية بغير تصديق فاعتدل "حازم" يتشبت بها بقوة وهو يركع حتي اندفعت داخل ذراعيه بإنهيارٍ شديد تحاول التحرك ولكنن يحكم بذراعيه عليها بوجعٍ شديد ، تحت اعتدال البقية ..
هلل الكل في الأسفل بفرحةٍ عندما اندفعت الأجساد ناحية الداخل ، وتعالت أصوات العائلة في الداخل وكذلك الشرف ، في حين وقف "ٱدم" بوجعٍ وهنا سمح لهبوط دمعته على هذا الانهيار التي توصلت له ، أعصابة لم تعد لتتحمل ، يصعب عليه الرحيل ولكنه أسرع في خطواته سريعاً يختلي بنفسه بعيداً هرول هرولة غريبة أشبة بالركض وهو ينفض ذراعي "بدر" عنه وفتح باب الغرقة كي يهرب من المبني بأكمله بعيد لمكان لا يعرفه أحد دخل الكل ناحية الشرفه بعيداً ، ووقف "غسان" بوجع في عظامه ينظر نحوهم ولاحظ عدم دخول "زهور" وعائلتها ، تحرك قليلاً ناحية الخارج حتي وجد شقيقته تندفع ناحية الداخل بفزعٍ فلحقها بين ذراعيه في الحال وبكت هي بين أحضانه فردد عليها كلمات ساكنة ، كل منهم يبكي الٱن بأحضان غيره عندما خرجوا متجمعين في الصالة وبقى "حازم" معها ساحباً اياها بين ذراعيه ناحية الفراش ومعه "ياسمين" تبكي مع " عايدة"و"زينات" التي تصرخ بولوله فازعة إلا ان سكنت عندما ضمتها "ياسمين" في الحال..
إقترب "حامد" يضم ابنته بلهفةٍ فتركها "غسان" له وهو يشير له بأن يأخذها لشقتهم يبعد. نفسيتها عن كل ذلك !! ، لا يعلم هو بأنها تابعت كل شئ ، وجد "جميلة" و"فرح" يصعدون على السلم بركضٍ وعينيهم وملامحهم تشرح الكثير ، عندما انتهوا من ارتداء الملابس وعندما وقفوا لإيجاد سيارة أجرة وعندما استوعبوا من الأساس اخذ كل ذلك منهم وقت ، دخلت "جميلة" بسرعةٍ حتي كادت ان تتعثر فلحقها ذراع "عز" وهو يسمع نبرتها الباكية بفزع تحاول ابعاده عنها :
_" فريدة!! فريدة ي عز ، هي فين ؟؟!! فين هي رد عليا ونبي بسرعة !!!"
وقفت "فرح" وصعدت "نيروز" بركضٍ إلى أن هرول "غسان" ناحيتها هي و"حنان" على السلم ،ما اثار ذهوله أنها تصعد وهي تمسك أسفل معدتها وملامحها تتشنج مع بكاءها وهي تنفي برأسها قابلها بأحضانه في الحال ، وارتمت هي تبكي بصوتٍ عالٍ ، انخرطت بنوبة بكاء بعدم تصديق وقدمها لم تعد تتحمل السير أكثر عليها ..
_" بس ..بس ، اهدي "
ربت عليها وأخفى جسدها يضمها اليه مخفي ما تبقي منها بذراعيه وهو يربطهما معاً بحذرٍ ، ملاحظاً انسحاب "حنان" وبقاء قِلة ينظرون إليه وهو يحتويها بعد اغلاق باب شقة "سُمية"!!! ، حرك رأسه بعشوائيةٍ وعندما ضمت ظهره بيديها بشدةٍ اخفي وجعه ووجع عمودة الفقري متحملاً وهو ينظر فوجد بعض الأشخاص واقفين ، تنحنح يحركها برفقٍ متحاشياً النظر لغيرها وسحبها معه كان يود اخذها بعيداً عند شقة والده او شقتهم هم بالأعلى ولكنها وقفت بإصرار تتركه وهي تدق باب شقة "سمية" فوقف معها بإستسلامٍ يسندها بذراعه ، فُتح لهما الباب بواسطة "سمية" التي كانت عينيها متورمة من كثرة البكاء ! ، اندفعت "نيروز" بداخل أحضانها ، ودخل "غسان" غالقاً الباب خلفه ولاحظ وجودهم بالصالة بسكونٍ عدا "وردة" التي رحلت الغرفة لصغيرها مع "بدر"، انتظر "عز" "جميلة" كي تخرج ، ووقف بالخارج معهم ، خرجت "عايدة" من الغرفة وحاولت ان ترحب بوالدة"عز" وان تسحبهم معها ناحية شقتها ،ولكن كان السؤال الاكثر لها منهم عن حال "فريدة" :
_"فريدة عامله إيه دلوقتي!!"
ترقبت الأنظار فوقفت بملامح متعبة تطمأنهم مع خروج"زينات" وياسمين" :
_" فريدة نامت في حضن حازم مش حاسة بحاجة من بعد ما الكل دخل!"
أخرجت أنفاسها تسحب يد "حنان" برفقٍ لبق وأسف وهي تتجه ناحية باب الشقة معها ، وقفت "ياسمين" تسند "زينات " كي تجلس على المقعد بسكون ، في حين اندفعت "نيروز " بخوفٍ تفتح باب الغرفة عليهم دون حتي الدق وتوقفت بوجعٍ على الأعتاب عندما وجدت ، "فريدة " بالمنتصف تغفو بين "حازم " ومن الناحية الٱخري ضمتها "جميلة " بذراعها ببكاء صامت كاسر ، توجهت أكثر تستمع إلى بكاء الاثنان وأدمعت عينيها وهي تنحني على الأرض تحتضن جسد"جميلة" بذراعها تاركة باب الغرفة مفتوح تشاركهم الوجع !! ، مشهد موجع تسلل إلى عين"غسان" و"عز" الذي شعر بضيق صدره، فتقدم "غسان" ينظر ناحيتها حتي وجدها اعتدلت تجلس على طرف الفراش وعلى الرغم من وجود "حازم" إلا انه يتشبت بها بذراعه يرفض تركها وهو يذرف دموعه بصمت شديد ، أدمعت عيني "غسان" ، في حين اقترب "عز" يغلق الباب بذراعه عليهم بعدما كان سيقترب "غسان" لغلقه من الأساس بسبب نومهما بهذه الطريقة ، زفر بصوتٍ وهو يسحب "عز" معه ناحية الخارج ووقف الإثنان أمام الشُقق ، فهتف "غسان" يحثه :
_" تعالى ادخل ي عز !"
_" لا أنا هشوف أمي واختي هنا ، ارتاح انت وخلى حد يدهن لك مرهم على ضهرك ده !"
أومأ له ورٱه يتوجه ناحية شقة "عايدة" في حين فتح هو باب شقة "والده" ، وعقله لا يغيب عن من لاذوا بالفرار لوقت معين !! ، في حين كيف لم يدق هاتف اي منهم بالنجدة؟ لا يعلم هو ما حدث وما الذي تدبر من خلفهم ، دخل بهدوء يغلق الباب خلفه حتي وجد شقيقته تجلس بين ذراعي "دلال" هذه المره وهي تبكي مفزوعة ،وكأنها تستوعب تدريجياً ما حدث ، إقترب يجلس بجانبهم ورفع يديه يمسح دموع وجه "وسام" المستنده برأسها على قمة صدر "والدتهما " ، مسحها برفقٍ ومسد على خصلاتها بحنانٍ وقال بصوتٍ هادئ يهدأها :
_"خلاص مفيش حاجة ي وسام ، اهدي عشان اعصابك !"
توقفت عن البكاء ووالدتها تمرر كفها على خصلاتها ، فتصنع "غسان" الغيرة ليخفف عنهم هذا الثقل حتي حاول دفعها من احضان والدتها وقال بضيقٍ زائف :
_" وبعدين ابعدي كدة ، هو كله ليكي لوحدك انتي بس ولا ايه؟!'
ابتسمت وهي تلبي غرضه وابتعدت قليلاً فتأوي وتشنجت ملامحة بتعبٍ وهو يستلقي بظهره على الأريكة الواسعة وسند رأسه على فخذ والدته بتعب ٍ وكأنه يأخذ منها الأمان ليعطية باللاحق لـ"نيروز" الذي تعمد تركها معهم كما تود لتهدأ نفسها بحضورهم ساكنين بهذه الطريقة ، علم الكل ما فعله من محاولة بدأت من عقله مع عقل"ٱدم"، زفرت "دلال" بصوتٍ مسموع وغرزت يديها في خصلاته داعية له بتأثرٍ :
_" ربنا يريح قلبك يبني ويجعلك دايماً سبب فكل خير!"
أغمض عينيه وفتحها على وجه والدته وشقيقته التي نهضت تقابل "حامد" الذي أتي من المطبخ فعل مشروب ساخن لها ، أخذته منه وبعفويةٍ التقطت كفه تقبله بتأثرٍ وهي تقول :
_" شكراً ي بابا ، ربنا يخليك ليا !"
مرر "حامد " يديه علي تقاسيم وجهها بحنوٍ ورفض أخذ الكوب منها بل سار برفقتها لغرفتها كي تستريح ، وتعالت انفاس "غسان " بهدوءٍ وهو يتابع ، حاول عدم التفكير بأي شئ وهو يمد يديه يخرج بمحفظته حتي فتحها أمام أنظار والدته واعتدل بتعبٍ يأخذ منها مقدمها ناحيتها يحثها بهدوءٍ :
_" أنا عارف اني اتأخرت عليكم المرادي. ، بس خدي دول على ما بسام ييجي وهيعطيكي الباقي !"
رفضت تأخذ منه شئ ونظرت له تخبره بحزم بما أخبرها "حامد" به :
_" مش هاخد منك حاجة معتش ينفع يبني ، انت بقيت فاتح بيت ومسئول عنه والمصاريف بتزيد عليك ، انت عارف معاش ابوك بيقضينا وبسام هيساعد زي العادي واهي ماشية الحمد لله!"
_"مفرقتش كتير ي أم غسان أنا مبعدتش للدرجادي !"
لا يوجد بينهم حساسية ولكن بالفتره الٱخيرة ستصبح تستشعر ضغطه ، رفضت متحاشية النظر إليه ، فحاول مسك كفها يضعهم به وقاطع فعلته وقوف "والده" وهو يخبره بلين :
_" خلي فلوسك معاك ي غسان ، الحال مبقاش زي الأول يبني،اسمع الكلام الله يهديك ، ربك ساترها معانا ولو زنقت بتفرج!"
رفض "غسان" ووقف يردد له بجديةٍ :
_" جرا ايه ي بابا من امته واحنا بينا الحساسية والحاجات دي ، ما كلنا بنساعد بعض واحنا عارفين ان الحالة مبقتش قد كدة !!"
_" من النهاردة ، انت مراتك حامل وقدامك علاج وكشف ومتابعة ربنا يعينك ويقدرك !!"
وقف "غسان" يلومه بنظراته ، واقترب برأسه يقبل جبهة والده وأخفض عينيه وهو يعتدل ثم قال بوضوحٍ :
_"احنا كنا كدة ومع بعض وهنفضل كدة ومع بعض وعلى الحال ده !"
اعتدل يضع ما بيديه في جيب قميص "حامد" من الأمام وأمسك كفيه بمرحٍ قبل ان يرفعهم وقال يشاكسة بمراوغةٍ :
_" خلاص بقا متعدهمش هنا ، عدهم جوه!"
ضحكت"دلال" عليه بصوتٍ عالٍ وتراخت يدي "حامد", بإنهزامٍ مقررًا. التدخل في كشفه على"نيروز" بعض المرات وهو مرات أخرى لطالما فعل ذلك ، ابتسم بتأثرٍ وهو ينظر له بحنوٍ حتي رفع ذراعه على كتفيه يربت عليه وقال :
_" مش عارف أصدك ، عارفك دماغك ناشفة ، بس عارف بردو انك راجل وتحل محلي فأي حاجة وأي وقت لو حصلي حاجة !"
أمسك "غسان" يديه بحبٍ وقبل كفه برفقٍ وقال بابتسامة هادئة :
_" الف بعد الشر عليك ي حامد !"
زفر بصوتٍ مُريح فتأوى من ظهره بوجعٍ مخفي ، وفهم "حامد" على الفور لطالما كان يشهد ما فعله ، ابتلع ريقه ونظر ناحية "دلال" وعقب يحثها :
_" قومي يا دلال هاتي مرهم العضم وادهنيله ضهره !''
نهضت بلهفةٍ تجلبه ، فابتسم هو وهو يتحسس جيب بنطاله على هاتفه حتي يري الساعة ، ضاعت عليه صلاة العصر والمغرب علي مشارف الدخول!!،أما "حامد" فكبت مشاعره ، تارة يشعر بالعجز من ضيق الحال في بعض الأوقات وأوقات أخرى يري بأن الله يفرجها ، رغم ان أمواله تناسب ولكن مؤخراً. بعد غلو كل شئ ومصروفات "وسام" بات كل شئ صعب عليه ، توجه غرفة "وسام", بهدوء كي يعطي لها مصروفات المراجعات النهائية ، لاحظ "غسان" دخوله مجدداً لشقيقته وعلم ما سيفعله ، حينها ابتلع ريقه متنهداً براحةٍ رغم شعور الضيق الذي دب بداخله بسبب نظرة والده له والذي لم يراها به من قبل ، الٱخر بشعر بأنه عاطل على الرغم من انه يساعد ولكن كل ذلك ولا يكفي!! ، وضع محفظته بجيبه ودخل غرفته يخلع ملابسه الفوقية حتي نظر بالمرٱه وجاب بعينيه جرح جانب معدته الذي فعله "حسن" ، زفر بصوتٍ من تخطي وكتم سلب حقه إلى الٱن وعقله تائه بين أشياء كثيرة أهمها "نيروز" الٱن وقرر بأن ينتهي ويذهب إليها !! ، إلتفت بوجهه ناحية الباب التي دخلت منه "دلال" فابتسم برفقٍ لها ، فدخلت هي تهتف بلهفةٍ وهي تقترب :
_" يلهوي دا مزِّرِق يبني ! ، قرب ، قرب فاته وجعك بالقوي يحبة عيني!"
بالفعل يشعر بالألم الشديد ابتسم على لهفتها هذه واقترب منها كي تساعده بوضع الدهان على ظهره !!
_" خففي ايدك ي دلال !"
ضحكت علي مرحة المشاكس لها كي يُبعد عنها حالة توترها وخوفها في حين ضربته على ظهره بخفةٍ بطيئة ثم قالت تشاكسة هي الٱخري :
_"اخص عليك ي واد بقى انا ايدي تقيلة؟؟ مش مستحمل ايدي؟ وأنا اللي شيلتك انت وٱخوك ومعاكم التالته فبطن واحدة تسع شهور؟؟"
لا يود الضغط على جرحها الٱن ، ضحك مخفياً معالم وجهه المتعبه وقال بمرحٍ ٱخر :
_" بهزر معاكي يستي ، دا انتِ ايدك دي أخف من الريشة ، طب دا ٱنا مروحتش لـ نيروز تدهنهولي وجيتلك انتِ عشان انتِ البركة ي ست الكل !"
إستمرت فيما تفعله ولاحت شبه ابتسامه حانية على وجهها وسرعان ما رددت بها بما لا يتوافق مع هذه الابتسامة الهادئة :
_"بكاش ويتاع كلام زي أبوك ي حبيب امك !"
انتهت واعتدلت في جلستها فاعتدل هو الٱخر وهو يضحك حتي بات وجهه بمقابلة وجهها أمسك يديها وقبل كفها بإمتنانٍ مع قوله :
_'' تسلم ايدك ي أم غسان !"
_"بالشفا يحبيبي ، خليك مكانك دقيقتين كدة ، وقوم بيا امام نصلى العصر جماعة أنا كمان مصلتوش والمغرب قرب !"
__________________________________
«وبكيتَ كما لم تفعل من قبل ، بكيتَ من كل الحواس، بكيتَ كأنك لا تبكي بل تذوب دفعة واحدة وتمطر »
- محمود درويش-
"شريف"؟! ماذا ٱتى به إلى هُنا ؟ وكيف؟ وكيف لها بأن تذهب إليه مجدداً ؟ ،لماذا يُظلم المكان ؟ ما هذا الظلام ؟ على الرغم من أنني أرى وجه ذلك البغيض ، وشبه ابتسامة ليست هينه تعلو ثغره , تحاول التحرك ولكنها مكتفه ، يقترب منها مجدداً يريد النيل منها هذه المره دون أن تتملص أسفل يديه ، تحاول أن تصرخ ولكنها تشعر بٱحدهم يكمم فمها ! ،. ٱين هي؟ بات قريباً منها بشدة ودفع المقعد التي تُربط عليه بإحكام ، يحاول فتح ازرار ملابسها بهجومٍ .. ماذا الٱن ؟!!..
كابوس مجدداً ولم يأتيها في الليل بل كان الٱن وهي تتشنج أسفل يدي "حازم" ببكاءٍ تئن وتهتف وتهزي بكلماتٍ غير مفهومه ، تود الحديث ولا تستطع ، نظرت "جميلة" بخوفٍ وهي تحاول أن تحتويها ودموعها تهبط ، في حين كانت هي بين ذراعي "حازم" يردد عليها بخوفٍ :
_" فريدة ؟!! فريدة !! فوقي مفيش حاجة من اللي انتي بتشوفيها دي ، ٱنا جنبك ، أنا حازم أهو !!!"
رددها بلهفةٍ وعندما شعر برهبة "جميلة" وهي على مشارف البكاء الصارخ ، هتف يحثها بصوتٍ عالٍ حازم :
_" اطلعي برا ، إطلعي برا ي جميلة !!"
وقفت "جميلة" بخوفٍ من هذه الحالة تتراجع بخطواتها بريبةٍ ، نظرت حولها بخوفٍ وفتحت الباب وكأنها تهرب هي الٱخري من كابوس ٱخر ، ركضت تفتح باب الشقة حتي أغلقته خلفها ودقت جرس شقة "عايدة" بأيدي ترتجف ، جسدها يرتعش بشدةٍ وكأن الخوف التي كانت تدارية ظهر الٱن ، لحظاتٍ ولحسن حظها فتح لها "عز" الباب هذه المره ، وما أن وجدته اندفعت بنوبة بكاء ترتمي بين ذراعيه ورغم خوفه ولكنه كان ينتظر ذلك ، أغلق الباب بذراعه والتفت الجميع حوله ٱما هي فبكت حتي ضمها وهو يشير لهم بالتراجع ، فهرولت "عايدة" تشير له ناحية غرفتها كي يدخل بها ، أومأ وربت بيديه علي ظهرها يطمئنها :
_" إهدي ي جميلة ، اهدي علشان خاطري!"
لم تستنجيب وجسدها لم يتحرك معه بل وقفت تبكي بصمتٍ وصوتٍ تحت اقتراب "فرح"و"حنان" ، و"عايدة" مرة أخري ، ولكنها مازالت على هذا الحال ، إنحنى "عز" بذراعيه يحملها ببطئٍ إلى أن رفعها متوجهاً بها بسرعةٍ ناحية غرفتها التي سبقت "عايدة" تشير له بخوفٍ ، أما "حنان" فوقفت تنظر بحزن وحسرة تحت تغير معالم وجه "فرح" بالخوف :
_" لا حول ولا قوه الا بالله!"
وضعها على الفراش وجلس يميل عليها يحتضن رأسها يضمه إليه إلى أن سكنت ، خرجت "عايدة" تعد لها كوب ليمون لتهدأ غالقه الباب خلفها ، أما هي فسكنت تدريجياً وهي تتمسك بظهره بتشبتٍ ،، مسح بأصابعه الخشنه وجهها برفقٍ مستغفراً مردداً بعد ٱيات الذكر ،، وبالفعل هدأت وسكنت واحتواها بين ذراعيه حتي باتت تسمع خفقات قلبه العالية من هذه الحسرة !!
_"متخافيش أنا معاكي !"
حاولت أخذ أنفاسها فرفع ذقنها كي تقابل عينيه حتى وجد عينيها الحمراء تشرح الكثير ورددت هي بتقطع في كلماتها:
_" أنا خوفت .. خوفت..اوي يا عز..تروح مني .. خوفت عليها..أنا ..أنا مش عايزاها تمشي وتسيبني زي بابا بسرعة كدة ..أنا مش عايزه اخسرها !!!"
ضمها بخوفٍ من نبرتها هذه وقال بلهفةٍ يخبرها:
_" متخافيش ، متخافيش والله هي هتبقي كويسة، وموجوده وسطنا خلاص وربنا ستر !!"
لم تمنع نفسها في ان تسرد أكثر بخوفٍ وكأنها تعي وهي تحرر نفسها من بين أحضانه ترفع رأسها له كي تكمل :
_"لا ..لا مش كويسة دي ..دي كانت بتتشنج ووشها أزرق وجسمها كله مشدود، انا خوفت عليها اوي ، شكلها ..شكلها كان صعب اوي يا عز !!!"
ربما تشنجات شقيقتها هذه المره أصعب ! ، مرر يده على خصلاتها وقبل ان يُطمئنها رددت هي تشرح له أكثر :
_" ملقتش حد جنبي ، ملقتكش ٱدخل فحضنك ومشوفش كل ده ، حتي نيروز قالتلي انها هتمشي عند عمو حامد لـ غسان ، أنا ..أنا ..احضني يا عز متسبنيش ونبي!!!'
علم حالتها بمثل هذا الخوف وهذه الرهبة ، لبى غرضها وضمها أكثر بين أحضانه الدافئة ، يغمرها بالأمان هامساً بجانب رأسها :
_" مش هسيبك والله متخافيش، هسيبك ازاي وأنا ضِلك !"
مرر يديه على ظهرها وهي التي خلعت عباءتها هناك وخرجت بمثل هذه الملابس التي أسفلها دون وعي ، حتى حجابها سقط وخصلاتها الطويلة خلفها بغير اهتمام واهمال ، مرر يديه علي ظهرها وخصلاتها المفرودة عليه ، ولاحظ نعومة ثوبها فنظر بدهشةٍ لهذا الحال الذي لبسها ، كبح مشاعره وعلم انه رغماً عنها رغم ضيقه بمن رٱها بمثل هذه الملابس التي تكشف جسدها بكتفيها وساقها ، جمع خصلاتها وربطهم دون أن يعقدهم بشئ وتناسى ٱمر خصلاتها التي سقطت للأمام ، وعندما شعر بتحسنها قليلاً تركها ونهض يبحث بعينيه ناحية الخزانة حتي وجدها فتحها بجهلٍ وإلتقط بيجامة قطنية لا يعلم اتخصها ام تخص شقيقتها ولكنهما بنفس الجسد والوزن وحتي الملامح ، أخذها ولم يخجل من التقاط ملابس أخرى للداخل أسفل بيجاماتها ، واقترب منها برفقٍ يساندها حتي وقفت ، وفقال يحثها :
_" لازم تقومي تغسلى وتفوقي كده ، ماشي ؟"
أكدت برأسها وابتلعت ريقها بحرجٍ ما ان وجدته يعدل وضع الملابس بين يديه ورفع رأسه يسألها بإهتمامٍ :
_"أنا نسيت فين الحمام ، هو فين ؟"
_" بـ ..بـرا على الشمال !"
أومأ وسندها معه ناحية الخارج حتي وجدهن يقتربن ، واقتربت "عايدة" بخوفٍ مع الكوب الذي بين يديها تقدمه ناحية فمها مرددة بلهفة. :
_" اشربي .. اشربي ي حبيبتي على مهلك ، يهدي اعصابك ويروق دمك !"
تفحصها "عز", وهي تتجرع برفقٍ ، فاعتدل يتحدث بنبرته الهادئة :
_"عايزين بس الحمام علشان تغسل وتغير وتفوق كده !!"..
لاحت ابتسامة حانية على لينه وحنوه وإلتقطت الملابس من بين يديه تردد بمساعدةٍ :
_"عنك ي حبيبي أنا هساعدها !"
وكأن "عايدة" رفعت الحرج عن "جميلة" دون ان تشعر رغم انه زوجها ولكنها خجولة بدرجة كبيرة ، أومأ بموافقةٍ وأخذت "فرح" الكوب منها وهي تمرر يديها على وجهها تطمئن مع "حنان" وبعد ذلك أخذت الكوب ناحية المطبخ ، وهناك وقفت تراعي ذلك الطعام الذي كان يُطهىٰ!! ، توجهت "عايدة" بإبنتها ناحية المرحاض ، في حين امسك "عز" يد "حنان" يسحبها لتستريح على المقعد ، فربتت علي كفه عندما شعرت بثقله وقالت بأعين لامعه وشفقة :
_" ربنا يريح قلبك وقلبها ي بني !"
___________________________________
كم من أسرّار تُخفىٰ ، ومن بين هذه الأسرار كان سِره هو ، التي أخفته "زينات" عليهم خوفاً من "غسان" ، تذهب إليه بين وقت والٱخر بمفردها لذا لم يعلم أحدهم بأنه فاق ويعي ما يحدث ، حتي أنه في كل مره يجلس بمقابلة "والدته" لوقت ثم ترحل هي وتتركه مجدداً ، اليوم سمح له بالخروج تحت مسئوليتها هي بأي وقت ، تركته غير عابئة بأنه سيرحل من خلفها لأي مكان ، لا يتجرأ على الذهاب نحو المبني للعائلة ، لا يضمن بماذا يمكن أن يفعل به "غسان" ، هو الٱن يشعر بمشاعر متخبطة وعقله يتشتت ، كما ان أصبحت حالته مُحيرة هل سيتوقف عقله وجسده عن طلب المخدر؟.
الغيبوبه هي حاله سبات كامل من اللاوعي لايستطيع المريض فيها التفكير أو الإحساس بالألم ولا يستجيب للمؤثرات الخارجيه المختلفه ونشاط دماغه متضائل جدا لا يمكنه ولكن إذا أفاق من الغيبوبه قبل أن يتم تطهير جسده كاملاً من الماده المخدره عندما يستيقظ سيجد نفسه مازال مدمنا !!
واذا حقن بماده مضاده للتعاطي أثناء الغيبوبه لمده كافيه لخروج هذه الماده من جسده فسوف يتعافي.. وهذا ما حدث بوقت ما كان يرقد ، هذا السر المخفي أخفته ولكن لم يكن منذ كدة طويلة ، ولان يعتبر خروجة خطر أجبرها على أن تضمن خروجة بعد الٱن بأي لحظة..،
وكأن الحياة تقف معه ولا تفف ، وكأن مره أخرى القدر يسلب من ناحية ويعوض من ناحية أخرى ،. ناحيته هو ،. ولكن الٱمر بات بيد شخص طباعه لا يعلم لها شخص تحديد أو مصير ، يعي تدريجياً كل ما حدث وما يحدث ، وسيبدأ في الإتجاه نحو وجهة كان لا يتوقع أبداّ أنه سيتوجه إليها من الٱساس ولكنه سيبدأ بها !!
جابت عينيه الضعيفة بالانهاك وإلاعياء اللافته المُضاءة قبل أن يخطو منها ناحية الخارج بملابسه هذه التي ابتاعتها "زينات" تحسباً لكل لحظات آفاقته وتبديلة طوال فتره رقده ، ولكن يلازمه إلى الٱن الوشاح الرجالي المربع بمكعبات سوداء وبيضاء مختلطه ، بينما هذه المرة ! لم يضعه على وجهه بل كان على كتفيه بإهمال خاصةً أن جسدة بات أنحف من ذي قبل ولأن وظائف جسدة متخبطة أسفل ذلك الوشاح الرجالي كان يرتدي سترة ضخمة قليلاً بلونها الأزرق الداكن تعطية كتفين أعلى من كتفيه !!
«Exit gate» • «بوابة الخروج»
_________________________________
إعتدل "غسان" يمسح وجهه بعدما انتهى من ٱخر ما كان به ، قرر النهوض كي يراها الٱن ، خاصةً ان لها دواء من المفترض بأن تأخذة ومن ناحية أخرى يكفي عليها كل ذلك من أجل صحتها النفسية ، خرج من غرفته وقاطعته "دلال" وهي تحمل ٱخر طبق تتوجة به ناحية السُفرة ، إلتفت بوجهه ينظر فوجد " حامد" بجانب"وسام" الذي يقنعها والدها بتناول أي شئ لأجل خاطره هو ! ..
_" اقعد كُلك لقمة ي بني !"
نفى بإبتسامة هادئة واعتدل يحك أنفه موزعاً بينهم الأنظار مع قوله الموضح لهم :
_" نيروز أهم هروح أشوفها بس الأول !"
إلتقط "حامد" القلق في نظرته فحدج زوجته بالصمت وأومأ يحرك رأسه بموافقةٍ وقال يسمح له :
_" ماشي شوفها ، ولو عايزة ترجع تقعد هاتها وتعالى، ولو تعبانه خدها واطلعوا خليها ترتاح !"
لم يجيبه سوى بإيماءة بسيطة وفتح الباب يرتدي حذاءه كي يتوجه ناحية الباب الٱخر غالقاً الباب خلفه تاركاً "دلال" تلتزم الصمت ،، فابتسم ",حامد" عليها متفهماً حتي قال :
_"يا ولية بطلي اللي انتي فيه ده ، دا حتى مراته تعبانه ، الله يهديكي ي أم غسان!"
نظرت له بدهشة وقالت تعارض بحنقٍ :
_"وانا كنت عملت ايه يا حامد يعني ، دا أنا بنادية ياكل حرام ؟؟!"
_"خفي غيرة وإعقلي شوية ، عارف انك بتحبي نيروز ، بس بلاش الشيطان يلعب فدماغك عشان اهتمام ابنك بيها ، الواد من حقه يخاف ويتشغل ليها ، البنت حملها صعب وصحتها على قدها ، كفاية اللي حصل النهاردة ، ينشف الدم !!"
هربت بعينيها ، كانت تحاول ان تجعله يصب تركيزه واهتمامه مثل البداية بالفعل ، ولكنها لم تقصد قوله هذا ، وقبل أن تبرر مسح هو وجهها بنظراته بنظرة حنونة متفهمة وردد قبل ان تردد :
_"يلا بسم الله !"
بدأت بحرجٍ ممزوج بالضجر في حين هنا وكبحت "وسام" ضحكتها أخيراً بعد هذا الحال الذي كان يتملكها ، مال "حامد" يهمس بقلة حيلة جوار إذن "وسام " :
_'' والله الواحد مبقاش عارف امك دي حالها ايه بالظبط!"
تغاضت عن همسهم وهي توزع الطعام عليهم برفقٍ متحاشية النظر تجاهه ، فابتسمت "وسام" تخفف عنها مشاعرها هذه. التي تشعر بها هي الأخرى في الخفاء رغم فرحتهم بمولود قادم ورغم حبهم لـ "نيروز " الا أن "غسان", لديهم شخص ٱخر !!
_" تسلم ايدك ي مرات ابويا !"
انفلتت ضحكات "دلال" على هذا اللقب المعهود منها ، وضحك "حامد" يراضيها كي لا تحزن :
_"بس ي بت ، متقوليلهاش كدة ، قولي يا حُب عمر أبويا !"
________________________________
فُتح له الباب بواسطة "ياسمين" التي ابتسمت له تشير بالدخول ، فدخل بهدوءٍ يبحث بعينيه ، مسح بنظرة على المكان وثبتها على غرفتها المغلقه والذي يخرج منها أنين بكاء ميز على الفور بأنه ليس لها بل لـ "فريدة"، كانت "زينات" في غرفة "ياسمين" وتزامناً مع. خروج "سُمية" من المطبخ سأل"غسان" عنها باستفهامٍ :
_" أومال فين نيروز ؟"
كانت لا تعلم "ياسمين" في حين قوست "سمية" حاجبيها بغرابةٍ تخبره:
_" خرجت من شوية من الأوضة وقالت انها جيالك عند دلال!"
كانت ملامحة جادة إلى ان استمع ، ابتلع ريقه بتشتتٍ لما كذبت؟ ، شعر بالقلق المفاجئ يداهمه في حين قبل أن يغوص بأفكاره توقع وجودها في الأعلى او في الأسفل حيث محل الورد ، انتشلته من خوفه ببوادره سؤال "ياسمين" الذي غمره القلق :
_" هي مش هناك ولا ايه ؟؟"
نظر "غسان" بعشوائية ووجد نفسه محاصر ، لايود ان يُقلقهم في حين هو الذي يجد نفسه بوجه المدفع ، هو أصبح المسئول وهي أغلب الوقت برفقته ، ولكنه تركها هنا !! ، كاد أن يلحق ذاته بأي تبرير إلى ان نجدة صوت هاتفه في جيب بنطاله. ، انتشله سريعاً ووجده "شادي" فحرك رأسه متصنعاً العجاله وهو يلتفت ليخرج مردداً :
_" طب انا شويه وراجع !"
فتح الباب وأغلقه خلفه قبل ان يقاطع سيره أحد منهما ، تبدلت ملامحه للشرود وهو يدخل المصعد بسرعة ، ناظراً نحو شاشة هاتفه حتي أغلقه دون أن يرد ، فُتح المصعد بعد لحظاتٍ وأخرج المفتاح من جيب بنطاله يفتح شقته ، حتي دخلها مهرولاً يبحث عنها بكل الأماكن حتي بالمرحاض هاتفاً بصوت عالٍ :
_" نيــروز !"
لم يجدها ولم يجد أي رد ، ومهلاً هذا المشهد تكرر علي زاكرته من قبل. ، ابتلع ريقه بصعوبةٍ واغمض عينيه بصبرٍ وقلقٍ ، تاركاً المرحاض الٱخر حيث آخر مكان بحث عنها به ، توجه سريعاً نحو باب الشقة الذي تركه مفتوح وصفعه خلفه بقوة مسرعاً كما جاء ولكن هذه المره للأسفل ٱخره ! ، بين لحظة والٱخري يبتلع ريقه بصعوبةٍ وهي من فعلت ذلك تعمداً ، لما ؟. رغم انه يتٱكد من عدم وجودها في محل الورد ولكنه يقنع نفسه مراراً وتكرراً على انها بالأسفل ولم تعصي كلماتة وقراره الحاسم الذي جاء من الخوف عليها ، لا يعلم هو بأنها ضربت بكل ذلك عرض الحائط ورحلت لنفس المكان الذي رفض رحيلها إليه.. وفي القادم سيعلم انها لم تفعل ذلك فقط بل ستفعل وستسبب بأكثر من ذلك وهو. الواقف بضياعٍ وخوف لأجلها ماذا فعلت هي؟!
ضغط على فكه وجز على صف أسنانه السُفلي حتى أغمض جفنيه بقوة معتصراً قبضته الذي ضمها والٱن علم أين سيجدها رغم تأخر الوقت وضوء النهار على مشارف الاختفاء كي يؤذن ٱذان المغرب وبهذا الوقت لم تستمع لأحد ورحلت من خلفه وخلف الجميع تاركة الكل خلفها بجهل ، وتركته هو بين التشتت والخوف والقلق !!!..
___________________________________
هُنا حيث الألم والوجع عندما ضاقت بها الأركان رحلت إليه ، او لربما أقنعت نفسها بذلك ، كانت تود هذا من البداية !، لم تخاف من عدم وجود أشخاص بهذا الوقت في المقابر ، بل وقفت تبكي وتشهق بخفوتٍ تنظر نحو القبر وعلى لسانها منذ ان جاءلت لا تعلم ماذا تردد هي له ، بات عمها رفيقاً له بالقبر؟. هكذا سألت وابتسامة سخرية من عقلها اعتلت وجهها وزينت شفتيها بألمٍ ، ورغم ألم جسدها ومعدتها وتركها لدواءها وحتي تركها له وهي تعلم ان الٱمر لن يتخطاه ، ولكنها تغفل عن القادم ، فلم يتخطاه لسبب ٱخر قوي عجزت هي عنه ! ، نزلت دموعها وأخبرته بينها وبين نفسها أنها تحمل في رحمها طفل كانت تود مشاركته ولكنها الٱن يغمرها الانهاك لذا رددت بوجعٍ كما تردد كل مره :
_"أنا تعبانة أوي ي بابا من غيرك ، يارتيك ما كنت مشيت من الدنيا دي ، أنا مبقتش عارفه أفرح ولا أتأقلم ،. كل حاجة بتنزل عليا بصعوبة أوي ومش بتكمل ، ليه ي بابا ؟ أنا مستاهلش كل ده !!"
تجمعت الدموع مره ٱخرى وهي تقف تنظر بشرودٍ وأكلمت بنفس الإنهاك :
_" انت وحشتني ٱوي ، و الحياة صعبة من غيرك"
تفقده وتفتقده بكل معاني الكلمة ، وضعت يديها على وجهها تجهش في البكاء بصوتٍ هذه المره وعقلها يسترجع كل الذكريات ولن تغفل عن حسرتها اليوم بالاحداث الصعبه التي تلقتها مثل الصفعات واحدة تلو الأخرى ولم تأخذ فرصتها بأخذ أنفاسها براحةٍ حتى ، شعرت بالضيق والإختناق ولأول مره تريد الهروب وعدم العودة ، ان عادت فقط ستعود لأحضانه ، تتخبط وتتحسر وتُقهر كل ذلك ضغط عليها بدون سبب محدد واحد ، الأسباب كثيرة وهي في المنتصف ضعيفه لا تتحمل لكن توجب عليها التحمل !! ، كان كتفيها يهتز من البكاء وعينيها تسيل بالدموع وإنتفضت على الفور عندما شعرت بيد أحدهم توضع على كتفيها لتحاوطها !!
من ؟ هو ؟ مثل كل مره ؟ ، ابعدت يديها عن وجهها والتفتت خلفها حتي جحظت عينيها بهلعٍ وهي تحاول الرجوع إلى الخلف تنظر بغير تصديق ، كيف ؟، تعلثمت مع شحوب وجهها واستناد ظهرها بحجر القبر وشفتيها تحاول اخراج الكلمات حتي خرجت بتقطع ٱخيرا. له :
_" ا..إنتَ ..إزا.."
لم تتمكن من قول المزيد بل صمتت بخوفٍ تطالعه ، اما هو فكانت هذه الوجهه الأولى الذي يود الرحيل إليها ، قبر والده هو الٱخر !! ، نظر "حسن" إليها بتمعن يملي عينيه منها بغرابةٍ وشوق لها ، وهي تستنكر بهلع كيف له بأن يكون متماسك ويفوق ؟ وكيف يٱتي هنا ؟ ، تنفس بصوتٍ ينفي برأسه وخرجت نبرته الهادئة ينفي أفكارها التي صعدت لرأسها هروباً من رهبة الموقف :
_"أه ٱنا ي نيروز ، ولا دا مش حلم ، انا فُوقت من فتره ولما خرجت لقيت نفسي جاي على هنا ، بس مش زيك جاي ٱعيط عشان يرجعلي ، انا جيت اعاتب وأقوله اني لسه كارهه !!"
يسرد عليها بمنتهى الهدوء ؟ ، نزلت دموعها من تأكدها من وجودها ووضعت يديها على بطنها بألمٍ تحاول إخفاءه ، ابتلعت ريقها تردد بنبرتها الباكية :
_" لو سمحت.. ابعد عني ... عديني !"
حاولت "نيروز" دفعه عنها بهدوءٍ ولكنه وقف حائل يقطع أي طريقه لها بالهروب و التحرك ، هي الٱن محاصره ، لم تخيفها نظرة عينيه هذه المره ، بل رفض بجسده على أن ترحل وأكمل بتراهات يقتنع بها وحده :
_" بس لسه مكرهتكيش ، ولو في حاجة حلوة حصلت فهي اني جيت وشوفتك انتِ !"
هابت كلماته التي دوماً ما كانت تستمع إليها تحت غير وعي منه ، نفت برأسها بشحوب وتصلب جسدها عندما رفع يديه يمسح دموعها برفقٍ من على وجهها ومرر يديه على وجهها الناعم المبلل بالدموع ، تمرير بالأسف والمشاعر المكبوته بداخله والتي لم يستطع هو تحولها لأي شئ بل ظلت في حين أن كرهه أصبح صريح للجميع عداها هي ، ارتجف جسدها أسفل يديه بخوفٍ. وأكمل هو لومه الموجع :
_"ليه ؟ "
عن ماذا يسألها هذا المختل؟ سألت نفسها وحاولت جاهده على ان تتحرك وباتت محاولتها فاشلة عندما حاصرها مجدداً رافضاً. التحرك وكفه علي وجهها يكمل :
_" ليه مختارتنيش يا نيروز؟أنا كنت مستعد أعملك أي حاجة ، أي حاجة بس تكوني ليا وقبلاني ، أنا كرهت حياتي وكرهت كل حاجة عشان بس نظرة الكره والرفض اللي فعينك ليا ، خليتي غيري ياخدك وياخد اللي كان من المفروض يبقي ليا وحقي ٱنا ، أنا لسه بحبك ومش عارف أكرهك !"
طرف ثالث يلاحظ بوجه مصدوم وجسد سارت به البروده وتوقف عن الإقتراب مشاعراً بطعنة رجولته! ، أما هي فأغمضت عينيها بألمٍ طغى عليه الخوف ورددت بريبة تبرر له وكأن الموضوع جاد ! :
_" انت..انت اللي خليتني أعمل كده ، فيا وفيك وفيهم كلهم ، أنا ..أنا معرفتش أحبك بسببك وبسببه وبسبب اللي كنت عاشة فيه عشانكم ومنكم !"
وكأن فرصتها في إخراج الحديث جاءت ولكن في الوقت الخطٱ والوضع الأكثر خطر ،. تبرر؟ وهي امرأة متزوجة ؟ تحمل في رحمها طفله هو ! لم تضع احتمال لذلك ؟ لن تفعل تقدير له ؟ تزيل إسمه التي هي أصبحت عليه؟ تقلل من قيمته بهذا الحال و الوضع ؟ ..
كرامته هبطت في الأسفل وابتلع غصه مريرة بحلقه بغير تصدق موجع لفؤادة ، ساقية الشديدة لا تتحمل الوقوف ، يري من كان يريد أخذ الحق منه ولم تسعفه قدمة الٱن على السير والركض للنيل منه ، ماذا حدث لـ حدة الشباب ؟ الٱن بحالة ذهول هادئ ساكن وثمة شئ كُسر بداخله...
هذه إمرأته ؟ تقف أمام غريب يعد عدو لرجلها ؟ تكسر أي حدود وكلمات ليس من حقها الٱن قولها ، بل وتخترق قوانين الكرامة لها وله ولهما معاً !! ، وكأنه يعي ان كل ذلك منها ، على مقربة منهم ولم يأخذ اي منهما انتباه له ، واصلت ببكاءٍ مرير وعقلها يغفل عن كف "حسن" الذي يمسح وجهها بغير وعي ورفقٍ بها :
_" انتوا اللي خليتوا الخوف يفضل ملازمني وميفارقش ، انت اللي خليتني أخاف منك ومحبكش ، مكنتش عايزاك ، محبتكش وفضلت ورايا ساعة تروح وساعة مش هنا بس رُعبي منك موجود حتي لو لو انت مش هنا !!"
_"أنا منعت عنك كتير انتي مش عارفاه ، الحاجة الوحيدة اللي كنت عايزها كانت انتي حتي لو كنتي هتبقي ليا بطريقة انتي هتكرهيها، غير دا انا كنت ساندك فالدِرىٰ فوجودي ، شوفي كده فوجودي قبل غسان ما يرجع هو وعيلته كان بيطولك أذى وأنا موجود؟ مكانش ..عشان أنا كنت حاميكي من أمي واختي بس مكتش ليا كلام على أبويا اللي أذاه طالك وطالنا كلنا ، أنا كرهته عشانك ي نيروز ، كرهته عشان كان قادر ياخدك ليا بالقوة ومعملش كده!!'
يبرر لها ليعطيها فرصه لتقبله من جديد وهي هي التي تخلل قلبها حب رجل يتابع بٱعين مضمومة بكسرة ، كسرة رجل صعبة لا يستطيع تحملها في الحال ، حتي الدماء التي تغلو بعروقه كسرته الٱن غلبتها بشدة ، شئ يمنعه من التدخل والاقتراب بهمجية ولكنه لا يستطيع !!
ارتجف جسدها أسفل كفه ، وسرعان ما أهبط يديه يمسك مصمها يحاول الإقتراب للنيل من شفتيها تحت تأثر ، فجحظت عينيها برهبة ودفعت وجهه بسرعة ولكنه تمالك الوضع ولم يترك لها الفرصه بل قال بلهفة وكأنه مختل في الحال :
_" بس تعالي ..تعالي معايا وأنا أوعدك هعوضك عن كل اللي شوفتيه بسببي و بسببهم ، اختاريني بس عشان خاطري اختاريني مره واحدة وأنا أوعدك اني هتغير عشانك انتي بس وعـ..."
وضعت "نيروز " يديها الٱخري علي أذنها بإنهيارٍ تنفي وتئن بغير تصديق وفجأة صرخت بقوةٍ ورفعت ذراعيها تدفعه عنها بعزم ما لديها ولكنه تماسك ولم يندفع فرفعت عينيها تتحلى بالجرأه وهي تصرخ معنفه إياه:
_"بس .. بس اخرس ، وابعد ، ابعد عني !!!"
وقف بعناد ينفي والترجي علي ملامحة ، فنفت تستسلم لعدم الصراخ وحاولت ان تجاري أفكاره المجنونه وهي تحثه بنبره أهدأ كي يبتعد حتي لا تجرب خطر القادم لطالما تعلم تهوره :
_" ابـعد يا حسـ..."
توقفت شفتيها عن الحديث بل تحركت برهبة من وجود "غسان" فجأة بعدما اقترب يقف خلف جسد "حسن" الذي كان بعالم ٱخر، سارت القشعريرة بجسدها وتراخت يديها بوجة شاحب أكثر وهي تري سكونه الغريب تاركه يمسك معصمها بقوة عندما حاولت هي منعه ولم يستجيب ،
_" غـ ـسـان !"
حاولت الحديث وعينيه الساكنة لا تفارق عينيها الخائفة ، فتح "حسن" عينيه على وسعها بصدمة من ترديدها لاسمه وشعر بأن أحدهم خلفه حتي انه يسمع للتو صوت انفاس رجل عاليه تعلو تارة عن تارة !!، تراخت قبضته عنها. واهتز جسدة بجبن ، وتنفس بصوت مكتوم مقرراً أخذ وضعية الركض بسرعة قبل ان يعي الٱخر ، إلتفت بجسده يبتعد قبل ان يركض كي يفسح مجال بنفسه ليستطيع فعل ذلك وتزامناً مع التفاتته بجسده ورأسه باغته "غسان" بلكمة قوية في وجهه جعلته يرجع خطواتٍ إلى الخلف مترنحاً حتي تعرقلت قدميه بحجر صغير أمام القبر جعله على مشارف الوقوع لولا إقتراب "نيروز" خوفاً من تهور "غسان" وفردت ذراعيها أمامه تردد له بصراخٍ كي يبتعد حتي لا يتهور :
_" خـــلاص ..خــلاص ي غسان ونبي ، ابعد ..ابعد عشان خاطري ، ارجـ ...!!!!!"
بتر جملتها الخائفة المتلهفة صراخ شديد وهما الثلاثه الأن بمفردهم في هذا المكان الذي أُظلم بعد ٱذان المغرب، فقط هناك إضاءة خافته تريهم الوجوه والأجساد !!!..
_" إبــــعــــدي !!!'
نفت "نيروز", برأسها وبهذه اللحظة هذا التدخل لم يكن لصالحها أبداً ، هل تحاول الدفاع عنه ؟ ، تشنجت ملامحة بقوة وهدر بانفعالٍ شديد أكثر من ذي قبل ،، انفعال لم تراه حتي من بين كل انفعال كان يخرج. منه لي السابق
_" بـــــقولك إبــــــعدي!!!"
اتنفض جسدها تزامناً مع محاوله "حسن" النهوض ، لم تستجيب لقول "غسان" الصارخ فمد ذراعه يدفعها حتي إصطدمت بظهرها في القبر من خلفها تأوت بوجعٍ ، بينما وجعها الداخلي كان أقوي ، نزلت دموعها وهي تضع يديها على رأسها بخوفٍ منهار، عندما وجدت الأثنان يُمسكان ببعضهما يحاول كل منهم الايقاع بالٱخر ، لم يكن لديها خيار ٱخر سوى الصراخ ، الصراخ وفقط بأعلى صوت !!!!
وهو هو يلكمه بوجهه غير عابئاً بأي شئ ، الأن يطفئ نيران اندلعت بداخله يشفي غليله من كل شئ قد فعله ، وبهذه الحالة كان ما فعله كله شئ ومقابلته لها وقوله لكلمات شاركت هي بها مستسلمة سامحة لشئ لا يصح كان شئ ٱخر بالنسبة له !! ، ضربه ولم يمنع "حسن" نفسه من ضربه بوجهه هو الٱخر ولأن جسدة ضعيف كان لن يستمر واقفاً متحملاً محاولته في الايقاع به كل هذه الفتره ،بل وقع متأوهاً على ظهره وجثى "غسان" فوقه يلكمة وكل الألفاظ البذيئة خرجت من فمه بهذا الوضع ، سبه نابية هنا. ثم لكمة ثم صفعه والٱخر يحاول أيضاً. فعل ما يفعله "غسان" وكل منهما ينجح والٱخر يفشل مره وعلى العكس كان وضعهما مع صراخ "نيروز" ،. شعرت بأحدهم بجلباب يركض من على بُعدٍ ، وبهذه اللحظة مد "حسن" يديه التي سقطتت عليها دماء أنف "غسان"وو جهه عليه ، ألتقط الحجر الطوبي الصلب محاولاً وزنه بين كفه وهي في الخلفيه لا تري تصرخ وتنظر نحو القادم بركض رجل مسن من على بعدٍ تردد له بالنجدة والسرعة ..
دفع "حسن" الحجر بكفه لٱخر ما يتمكن حتي ضرب به بقوه مؤخرة رأس "غسان" الذي توقف في الحال صارخاً بألم اخترق قلب "نيروز" وهو يمسك رأسه الذي اعتلى بها صوت صافره عليه بها وبأذنيه والرؤيه تتشوش في الحال مع رؤيته لوجود الدماء بيديه بعد ان تحسس بها رأسه !!!
أما "حسن" فدفعه عنه بيديه وساقه وعندما جابت عينيه تقدم "نيروز" منه وقدوم الرجل المسئول عن هذا المكان ،. استند بأنفاس لاهثه ،حتي وقف يشملهم بنظرة سريعه راهبة وركض عكس الإتجاه هارباً بسرعة قبل ان يتورط !!!
_" غسان !!! غسان ونبي بُصلي بُصلي عشان خاطري، لا متعملش كدة بالله عليك لا!!!!!"
كان بين ذراعيها لا يقوى على الرؤية بين ذراعيها وهي تبكي بوهنٍ بعد كل هذا الشجار العنيف ، حاول تماسك ذاته ودفعها الرجل برفقٍ يري جرح رأسه من الخلف بالفعل وجد وجود الدماء تسيل بجرح لم يكن عميق ولكن ليس كبير ليُفزع هذه الفتاه ! ، أما عنه فدفع الرجل عنه بذراعه محاولاً الاستناد على نفسه لينهض ، استند على القبر بأعين تتشوش بها الرؤية، حاول الٱخر الإقتراب منه ولكنه أشار له بصراخٍ مع أنفاسه العالية :
_" ارجــع عني !!"
دفعه بغير وعي بذراعه ولبسته حاله انهيار بالٱعصاب المنفعله هابها الرجل بشدة وحاول الإقتراب من جلوس"نيروز" بضعفٍ ليسندها تحت محاولة "غسان" إخرج هاتفه وقبل أن يخرجه من جيبه سمع تأويها العالي بألمٍ فـ اندفع يركع بسرعةٍ وكأنه يعي ما يحدث ، اخذها بين ذراعيه عندما شعر بأن قوتها تستنزف ، في حين أخرج هاتفه بذراعه الٱخر بصوت أنفاسه العالية يحاول طلب "بسام" في الحال !!!
_________________________________
وقف يستمع إلى حديث" والده ووالدته" عن كل ما حدث ، بملامح منصدمة ،. ووجد "وسام" تجلس مبتلعة ريقها ، كل ذلك حدث؟ كيف؟
_" طب حازم وفريدة عاملين ايه دلوقتي ؟!'
طمأنه "حامد " بهدوءٍ يرد :
_" من ساعتها محدش ظهر ، بس خير الحمد لله !!"
أومأ "بسام" بصمتٍ وعقله يتشتت الٱن بضياع من حدوث كل ذلك ، تقدم ناحية جلوس"وسام" حتي احتواها بين ذراعيه فأشار "حامد" لـ "دلال" يحثها بلين قائلاً :
_" حطيله الغدا يا دلال فاته تعبان من الشغل وجعان ومكلش!!"
تلهفت تهرول بسرعه عندما جعلها تنتبه لذلك ، بينما هو مرر يديه على ظهر شقيقته مردداً بتساؤل عندما رأى ملامح وجهها:
_" انتِ كويسة ؟"
أكد ت برأسها وقبل أن ترد ، وجد "حامد" الباب يُدَق دقات هادئة خافتة فتقدم يشير لـ "بسام" بالجلوس كما هو ، فتح الباب وابتسم باتساع يرحب بها :
_" أهلاً أهلاً يا فرح ، ادخلي تعالي اتفضلي !"
دخلت بحرجٍ وسألت عنها بلهفة طيبة :
_" أنا ٱسفة اني جيت فوقت زي ده ومجتش علطول ، بس كنت عايزه اطمن علي وسام، انا اتلهيت خالص فـ جميلة واللي هناك !!"
أشار لها بالتقدم أكثر مراعياً قولها:
_" ولا يهمك ي بنتي تعالي اقعدي ، ادخلي!!"
وعندما سمع هو اسمها انتفض بخفوتٍ من خلف وقوف "والده" شعرت "وسام" به وضحكت بخفة من بين حالتها تبتسم عليه ما أن علمت ما احتله الٱن من مشاعر ، اعتدل "بسام" في جلسته بسرعه ، ولامس قلبه هرولة "وسام" لتعانقها بخوفٍ تأخذها بين ذراعيها بقلقٍ. حررتها من أحضانها وسألتها قائله بقلقٍ ظهر عليها :
_" انتِ كويسة؟؟"
ابتسمت "وسام" بتٱثر منها وأومأت بملامح ابتهجت من هذا الاهتمام والخوف وٱشارت لها بالجلوس ، في حين انسحب "حامد" ليخبر "دلال" ، ترقبت "فرح" جلوسة، فقالت بقليل من الحرج:
_" مساء الخير ي بسام ، معلش مخدتش بالي!"
رسم ابتسامة بلهاء على شفتيه يردد لها بلهفة مبرراً لها اعتذارها :
_" ولا يهمك انتِ تعملي اللي انتي عايزاه يا فرح!!"
ارتبكت ملامحها ، وتنحنحت "وسام" بحنجرتها كي يأخذ انتباهه ، ونهضت تنسحب تترك له فرصته تتدعي نسيان شئ ، وكأنه فهم ليمتن لها بهذه اللحظة وشعرت بأنفاسه التي تسمعها للدلاله على تمهيده لقول شئ وبالفعل حركت رأسها تنصت باهتمام عندما قال هو بمرحٍ طفيف:
_" مكنتش اعرف اني هشوفك تاني بالسرعة دي !"
ابتسمت هي باتساعٍ تجاريه برضاها :
_" شوفت النصيب بقا !"
_" ياريت النصيب دا يكمل جِمِيلُه !!"
قالها قاصداً تلميحاته بسكون ، اهتزت ملامحها وانقذتها "دلال" التي خرجت اولاً بكوب عصير تردد لها بحرارة :
_"يادي النور ، يادي النور!"
وقفت احتراماً لها فرحبت "دلال". بكفها واعطتها بالكف الٱخر بإصرار ، فأخذته وهي تجلس برفقتها تشكرها على قدومها بلباقه للاطمئنان على ابنتها ،سرقت تركيزه ، ونهرته عيني "حامد" الذي وقف يردد له بإستفزاز :
_" قوم ياض وسيب الحريم تقعد مع بعضها !!
اهتزت ملامح"بسام " فإقتربت "وسام" تردد لـ "حامد",:
_" بابا ممكن تيجي اقولك حاجه علي جنب !"
عقد ما بين حاجبيه وهو يتوجه معها وإلتفتت برأسها تردد بعلوٍ لـ "دلال" التي تثرثر :
_" ماما الأكل إللي عالنار مش بيتسخن أكيد ..دا بيتحرق !"
ضربت "دلال" على مقدمة صدرها مردده بعفوية وهي تنهض مهرولة :
_" ي مصيبتي ، نسيتيه يا دلال ، دك خيبه عليا وعلى سنيني!!"
تعالت ضحكات"بسام " والتقط غمزة"وسام" قبل ان تسحب ذراع والدها، لم يبادلها الغمزة كي لا تنتبه ولكن هيهات من "فرح" التي انتبهت وسألته بعفويةٍ أخذتها من والدتها :
_" هي بتغمزلك ليه ؟"
رددتها بضحكٍ وتاه في ضحكتها الخافته فخجلت من عينيه التي تشملها ولكنه تعمد الصراحة هذه المره وقصد رده:
_" لانها وزعتهم عشان تخليني أقعد معاكي !"
زحفت الحمره إلى وجنتيها وابتلعت ريقها والشكوك تزداد بداخلها ناحيته ،. وعلى فجأه داهمها بأجرأ سؤال لم تكن لتتوقعه منه :
_"فرح هو انتِ في حد حياتك ؟ معجبه أو بتحبي؟"
برقت عدستيها الداكنه ولاحظ فعلتها ولكنه بقى ثابتاً وقبل أن تنقذ رد فعلها المُخجل وترد بالصراحة البالغة عليه إعتلى صوت دقات هاتفه بجيي بنطاله، سُباب لبق منه هذه المره وهو يضغط على أسنانه مبتسماً لها ببشاشةٍ ملتقطاً هاتفه كي يري من ذلك الذي قطع عليه اللحظة المهمه الفاصلة ، وجده شقيقه فردد بصوتٍ خافت من أسفل فكه :
_" طول عمرك مستفز بتيجي فالأوقات الغير مناسبه بالمرة يشيخ ، الله يسامحك ويسامح أهلك!!!"
لاحظت "فرح" حديثه المنخفض وقبل ان تردد بشئ وجدته ينهض وصوته الذي كان بينه وبين نفسه سمعته هذه المره :
_" طب أقول لوسام توزعك ازاي دلوقتي يا مستفز انت!!"
ابتلعت ريقها بحرجٍ وسألته قائلة بلباقة:
_" هو في مشكلة؟"
_" لا لا مفيش هرد بس بسرعة معلش وهرجع!"
إبتعد يسير وهو يفتح الخط حتي وجد نفسه بجانب باب الشقة وبين غرفة الضيوف ، ردد بصبرٍ على شقيقه :
_« ايه ي عُس الزفت انتَ مش.. »
توقف يستمع إلي حديث شقيقه اللاهت وانتغض بعد لحظات يهدأ بقوله الجاد :
_« اهدي بس وقولي كده انت فين ومالك بتنهج كده ليه ، في ايه يا غـسان؟!»
لم يستمع إلا للمكان وحثه علي الهرولة إليه بسرعة يخبره بأنه معه السيارة هناك فقط يريده وبعد ذلك أطلق لفظ عليه عندما وجده يسأل فردد بقوله المنفعل بعد هذا اللهاث :
_«. مش وقته تعالى بسرعه زي ما قولتلك إخلص ايه؟انت..لسه فاتح ام الخط؟؟؟؟»
نجح في توتره بشدة ، ولكنه ٱسرع يرتدي اي حذاء سريع وفتح الباب تحت أنظار "فرح"فقط وهو يسرع علي السُلم بالهبوط دون أن يتحمل انتظار المصعد ، ابتلع ريقه بخوفٍ من صوت انفاس "غسان" العالية وصوت أنين وبكاء نيروز"وشهقاتها !!!
________________________________
كتم الرجل جرح رأس "غسان". من الخلف ببعض من القهوة وقماشة وضعها بضغط كي يتوقف عن نزف الدماء كما تحرك "غسان" سانداً "نيروز" التي تئن بضعف تشهق رغماً عنها ، وقف الرجل يعطية زجاجة المياه كي يشرب منها بتمهلٍ ولكنه قدمها ناحية "نيروز" بصمتٍ وقلق أولاً يضعها علي فمها استجابت فوضع بين كفه يمسح على وجهها حاولت التحدث للمره الثانية ولكنه أخرسها بنظرة حادة جعلتها ساكنة ترتعب لم تراها منه من قبل ،لاحظ الرجل النظرات بينهم وبين بعضهم فتدخل يخبرهم بتفسيرٍ :
_"أنا مش عارف سهيت ازاي ده كله في الحمام وسيبت اللي يدخل فالوقت ده ، وهو ممنوع عشان الٱعمال والقرف اللي الناس بتيجي تدسها فالليل ربنا يهديهم ، فين وفين عما سمعت صوت الصريخ منك يبنتي أعذريني ، أنا ..أنا شوفتك وبشوفك كتير وعارفك ونصيحة مني بلاش تيجي بعد كدة فالوقت ده "
طالعه "غسان" بتمعنٍ وتفحص بنظراته حتي فهم أنه يهاب قولهم لإدارة البلدة ! ، نظر له بإطمئنان ووضع يديه على كتفه ففهم الرجل نظراته ، وابتلع ريقه ، اما هي فلم تحاول التبرير فقط تبتلع ريقها وحلقها الذي جف..
لا تختلف عن حالة "غسان" الذي يخفي بداخله الكثير من الألم والوجع يقسم بأن أجمعه منها هي وحدها ، أخرج مفتاح سيارته من جيب بنطاله متحاشياً. النظر إليها وهي جالسة الٱن على المقعد الخاص بالرجل المسئول عن المقاير ، استشعر تأخير شقيقه فزفر بنفاذ صبر يحاول الهروب من أفكاره ،. جاءهم "بسام" بركضٍ سريع مع صوت أنفاسه العاليه ، آقترب منهم بخوفٍ ولاحظ الرجل الشبه الشديد بينهما فترقب قول "بسام" المتلهف وهو يتلمس جسد "غسان" ووجهه :
_" غسان ؟!! ايه اللي حصل؟!ايه اللي عمل فيك كده ؟! رد عليا!!!"
صمت يبتلع ريقه وجحظت عينيه عندما رٱى شقيقته يهبط ذراعه بالقماشة الغارقه بالدماء يحثه قائلاً :
_" خد افتح العربية بسرعة!"
أخذه منه ولم يعطيه الٱخر فرصه بل سار يفتحها بخوفٍ كي يأتي بشقيقه، أخرج ورقة مالية يدسها في كف الرجل ثم قال بإمتنان :
_" شكراً يا راجل يا طيب ، وانا ٱسف لو كنت زقيتك فحالتي دي غصب عني حقك عليا !!"
تفهم الرجل وربت علي ظهره مملياً. عليه كلمات طيبه جعلته يبتسم له ابتسامه صغيره لم تصل لعينيه ، إنحني يساندها مردداً بنبره جادة :
_" قومي معايا يلا !"
كانت تشرد بوجعٍ ، وندم هي من أوصلت نفسها وأصلته لهذه الحاله والعقبه، انتفضت تتفقد وجهه بخوفٍ ، ونهضت ببطئٍ يسندها هو سارت معه وعاد "بسام" بلهفةٍ يتفقده حتي اندفع يسند ". نيروز" من الناحية الأخري بتلقائية عندما شعر بتعلثم خطواتها أكثر من مره ، وقف الثلاثه أمام السيارة وجلست هي كما جلست اليوم في الصباح على المقعد في الأمام ، تفقد "بسام" من خلف ظهر الٱخر جرحه بخوفٍ ولهفة ، حتي أشار له"غسان" بالقيادة ، فتوجه يركب بسرعة حتي ركب "غسان" في الخلف كما كان من قبل ،أُغلقت الأبواب ، وكان بابه يُصفع بشدة أتت من كبت إنهياره منها هي وحدها ، كتم وأبى بكبرياء ان تهبط أي دمعة منه ، في حين انطلقا السيارة وسمع "بسام" صوت شهقات "نيروز" وقبل ان يسألها بقلقٍ وجدها تلتفت برأسها تحاول التبرير بنبره باكية :
_"غسان والله العظيم مـ...."
إندفع مردداً بعكس ما كانت تعتقده اعتقدت بأنه سيصرخ ولكنه نبس بنبرة ساكنة عكس محتوي ما بها من كلمات جامدة عليها :
_" مش عايز أسمع منك ولا كلمة !!"
حاولت التحدث مجدداً وهي تهتف بإسمه بخوفٍ وبكاء يسمعه الإثنان، ولكنه صرخ هذه المره بقوة بها :
_" انتِ تسكــتي خـــالص ســـامعة؟؟!"
انتفضت على صراخه الٱخير ونظر له "بسام" نظرة يحثه بها على الهدوء بغير فهم ، أغمض "غسان " جفنيه بوهنٍ من كل ذلك يتذكر كل مشهدها معه من بدايته لنهايته كانت تبرر له وتعطية أسباب كرهها تتركه يتلمس وجهها وهي ملك رجل ٱخر غير الذي كان يقف يتعامل معها وكأنه هو ، بل وهي التي تستسلم له بمنتهي البساطة ، اجرمت بحقه وحق رجولته ماذا يتوجب عليه الٱن فعله تريد ان يسمع منها تبريرات؟. أي تبريرات؟ ابتلع غصة مريرة بحلقه ولم يشعر هو بأن ملامحة تتشنج وكل ما يفعله يُراقبه شقيقه في المرٱه بدقةٍ وعلم ان "غسان" بحالة يُرثى لها !!! ،قدم "بسام" لها مناشف ورقيه يحثها على مسح دموعها برفقٍ أخوي ظهر في عينيه من أجلها وأجل من بأحشائها..
صف السيارة بركن أمام المبنىٰ ، وهبط مع هبوط "بسام" ، توقف "غسان" يفتح الياب حتي مد يديه لها لتسند كي تخرج خرجت بالفعل والتفتت بخبر شقيقه باختصار:
_" أنا مش عايز أمك وأبوك ولا أي حد يعرف اللي حصل ده ، أنا هطلع على فوق علي طول وانت هات شنطتك وتعالى شوف دماغي !!"
تفحصه وهو يردد هذه الكلمات بإختصار ونبرته المهزوزه تظهر بشدةٍ ، وافقه بشرودٍ خفيف ونظر ناحية "نيروز" التي لا حول لها ولا قوة ، وقال يحثه بقلق عندما شعر بجموده :
_"براحة عليها ي غسان ، مراتك حامل وانت شادد أوي ، أياً كان المشكلة اللي بينكم واللي حصلت بس إعقل دي ممكن فاي لحظة حالها يتشقلب !'
فهم معني كلماته ونظر له بصمتٍ حتي إقترب ينحني يحمل كيس دواءها بين يديه الذي كان معه في الصباح ، وأغلق الباب يسندها وخلفهم كان "بسام" يترقب بقلقٍ لعدم توازنها وتوازنه هو الٱخر أيضاً ، وبعد لحظاتٍ وقف الثلاثة ينتظرون المصعد ، ولاحظ "بسام" نظرات الناس حولهم وبالأخص هو في حين بأن شقيقه هو من المفترض بأن يسرق الأنظار لنفسه ، تنفس وهو يحرك رأسه بغرابةٍ فوجد "غسان" بملامح وجه مجهولة ينتظر ومن بين عينيه التي تتحرك اعتدل"بسام" يسأله بغرابةٍ :
_" هي الناس بتبص عليا كدة ليه ، إشمعنا أنا ؟"
حرك "غسان " عينيه بعشوائية غير غافلاً عنها وهي شاردة بعالم ٱخر تقف تستند وهو خلفها يترقب ثباتها التي تحاول التماسك به ، حرك رأسه ينظر حوله ونظر ناحية شقيقة وهتف يخبره رداً على حديثه بإيجازْ يشير بعينيه نحو قدم "بسام" :
_"يمكن عشان شبشب أمك اللي فرجليك !"
فتح "بسام" عينيه بصدمة وهو يهبط أنظاره نحو قدمية فمن عجالته وخوفه فر سريعاً مهرولاّ دون النظر لما ارتداه ، شهق ووضع يديه على فمه وانحنى سريعاً يخلعه وهو يحاول اخفاءه ، تحت ابتسامة "غسان" عليه والتي لم تصل لنصف لعينيه ولو كان الوضع يتحمل لكان رد فعله شئ ٱخر !!
فُتح المصعد ودخلت هي أولاً سانداً كفها يدفعها برفقٍ حاني عكس ما بداخله ، دخل الثلاثه وكانت هي شاردة بعينيها في حين إحمر وجه "بسام" حرجاً ، توقف المصعد نحو طابق "والده" فخرج وكادت هي أن تخرج مبتلعة ريقها فأحكم قبضته علي معصمها يدفعها ناحية الداخل حتي تٱوهت من مسكة يديه لمعصمها ورددت تجيبه بخوفٍ متقطع لأول مره يظهر عليها بل ومنه هو ومن هذ اللحظة علمت أن جانبه الٱخر يخفيه عنها وانه لديه عكس ما يظهره من لين وهي من فعلت ذلك بنفسها، فلو كان فظاً حاداً وقحاً مع الكل كان معها هي غير ذلك تماماً :
_" أنا ..عـ عايزه أخرج هـ ـنـا !!!"
لم يُجيبها بل اُغلق الباب وضغط على عدد طابقهما معاً ، التزمت هي الصمت تخفي ما اعتراها من ملامح متخبطة ظهرت أكثر عليها ، أما هو فحفظ تعابيره بصعوبةٍ .. إلى ان فُتح المصعد وآقتربا معاً ليفتح الباب بعدما خرج بمفتاحه من جيب بنطاله ، دخلت ودخل معها حتي أغلق الباب خلفه متحاشياً النظر إليها في هذا الوقت ، لاذ بالبعد كي لا يقدمه إنفعاله علي فعل شئ يندم عليه ولكن وجعه منها ومن الموقف التي وضعته به يُنهكه بالكامل ، شعر بضيق أنفاسه الٱن وهو يتقدم ليبدل ملابسه في المرحاض الخارجي ، بعيداً عن الغرفة التي دخلتها الٱن لتفعل نفس ما يفعله ، ولكنها لم تقدر على ذلك بل خلعت ملابسها بتعبٍ وايدي ترتجف حتي أصبحت بمنامتها الهادئة الناعمة ، غسلت وجهها بالماء كي تستطيع أخذ أنفاسها وعقلها لا يتوقف عن التفكير ، كما أنها تتخبط لأسباب كثيرة تود التبرير عنها وهو لم يعطيها الفرصة !! ..
خرجت "نيروز" بعد دقائق تجلس على طرف الفراش حتى دفنت وجهها بين كفيها تبكي بصمت هادئ ساكن على كل مرت به اليوم من مشاحنات تضغطها وتضغط قوتها ونفسيتها وبالأخرى صحتها بالكامل هي ومن تحمله !!
كما خرج هو الٱخر ملقياً المنشقه على أحد المقاعد الخشبية ، يهرب من ما بداخله بتشتيت ومن ناحية أخري كي لا يقترب منها بهذا الوقت ! ، ضُمت ملامحه بأنين تعب من وجع رأسه وجسده بالكامل ناهيك عن ألم ظهره الذي لم يُشفى !! ، صداع رأسه ينهكه من ما فعله الٱخر به ، بينما أنين قلبه هو الأعلى ، والأعلى من كل ذلك أنين كرامته الذي تخطى لها منها الكثير لأجلها! ، سار بخطواتٍ هادئة يفتح الباب وتركه بفتورٍ حتي تقدم يجلس بإنهاكٍ على الأريكة المريحة وجاب سمعه إغلاق الباب بواسطة "بسام" الذي ركض يتفحص جروح وجهه والتفت بسكون يتفقد جرح رأسه وعادت انفاسه عندما علم بأنه لم يُفتح ولكن يجب الكشف عليها كي يطمئن للاحتياط ، داوى جروحه ولكنه لم يستطع ان يداوى جرحه الداخلى وهو يراه يشغل قداحته بضغطة يديه ونفث دخانه من أنفه وفمه يشرد ، لمعت عينيه من الألم الخاص بالجروح مرتبطاً هذا بالشعور لم تكن دموع ربما ضعف مدركات الإحساس؟! ، فتح اللاصق الأبيض يضعه بلصقٍ على مؤخرة رأسه الممتلئة بخصلاته السوداء الكثيفة .. لاحظ تعابيرة المتعبه ، وأخيراً زفر "بسام" هذه المره مبتلعاً ريقه يسأله وهو يجلس بجانبه غالقاً حقيبته :
_" مالك ي غسان ، احكيلي مالك ايه اللي حصل؟!!"
ردد كلماته بخوف عندما أدرك أن شقيقه بحاله صامته ساكنة موجعة له من الداخل ، الٱن علم سبب ضيق أفقه هو في العمل والشعور بالضيق الذي تخلله ، هو الطرف الذي يشعر بالتوأم الٱخر!! ، حرك "غسان" عينيه ناحية وجه "بسام" الذي انتشل اللفافة من بين أنامله يطفئها مراقباً لصمت شقيقه الغريب والمُريب..
بما سَيُردد له ؟ بما سيجيب ؟ هو لم يظن بها السوء ولكن ما سمحت به أن يحدث يراه غيرها شئ ٱخر ، كيف سيقلل من شأنها حتي وان لم تكن خائنة ، هو يعلم ذلك ولم يتوجع من هذه النقطة بتاتاً ألمه كان من كبرياءه من عدم توقعه لفعل ما فعلته والصمت قبال الٱخر باستسلام لا يراه بها كثيراً حتى معه !!
_"مش عايز اتكلم!!"
أدرك بوجود مشكلة كُبرى بشدةٍ حتى يصبح شقيقه بهذه الحالة والغريب بالنسبة لطبع "غسان" أنه استستلم وهو الذي مال على كتف شقيقه هذه المره عكس كل المرات السابقة ، شعر "بسام" بالقلق وتركه يستند حتي أراح الإثنان ظهرهما تزامناً مع قول "بسام" المضطر:
_" زي ما تحب، بس عدي يا غسان كل حاجة بتعدي ، مش عايز أعرف كل ده عايز أفهم حاجة واحدة بس !! مين اللي عمل فيك كده !!"
التزم"غسان " الصمت وغير مجرى الحديث عندما أخبره بإيجاز:
_" مش عايز حد يعرف ان في مشكلة بينا ، ولا كأنك سمعت ولا شوفت حاجة لحد ما ربنا يفرجها بقا !!"
ابتلع ريقه بقلقٍ عند ٱخر كلماته. ، إلى اين سيصل معها بهذه المشكلة المجهولة ، بما يفكر؟
_" اعقل يا غسان مفيـش حاجـ.."
قطع حديثه خروجها من الغرفة مرتدية إسدال الصلاه علي منامتها ، توجهت بخطوات سريعه ناحيته تتلمس وجهه وجروحه فأنزل يديها من عليه بسكون معقباً بفتور وهو يعتدل :
_" إفتحي كيس الدوا وخدي علاجك وروحي نامي!"
شعرت بفتوره الشديد ، فنهض "بسام" يلتقط الكيس سريعاً. عندما علم وجوده من نظرات عيني "غسان" الذي تجاهلها وهي تقف تنظر له بحزنٍ تلتزم الصمت ولم تحرك عينيها من على وجهه..
نظر "بسام" لمحتوي الدواء مرة أخرى ، وأسرع ناحية المطبخ يحاول جلب أي طعام خفيف لاشتراط أخذ الدواء على معدة ممتلئة ، وجد شطائر جاهزه على الطاولة وكوب حليب في الثلاجة ، حملهما وهو يقترب حتى شمله "غسان" بنظراته ، ورغم حرجة ولكنه يريد تهدئة الوضع ومجاراة شقيقه ورضاءها كي لا تتعب من ناحية أخري لأجل شقيقه أيضاً..
_"لازم تاخدي الدوا على معدة ملانة ، كُلى دول وخديه !"
إلتفتت تنظر نحو يديه فخرج صوت "غسان" يحثها بحزمٍ وهو ينهض ليرفع الحرج عن شقيقه عندما أمسكت الكيس تخرج الدواء تنوي أخذه دون تناول طعام:
_" ايه مبتسمعيش؟ ما قالك على معدة ملانة !!"
ترقرقت الدموع بعينيها ونهره "بسام" على جموده ، إنتشلت الكوب والشطيرة وجلست على الطاولة تضعهم على المقعد تحت تناولها بوجعٍ هي الأخري انتشر في جسدها بسبب حالتها النفسية هذه ! ، سحب "بسام" ذراع "غسان" بعيداً. عنه ونهره بهدوء شديد يوصيه :
_" مينفعش الطريقة اللي بتتعامل بيها دي ، مراتك حامل وانت مش حمل اللي هيحصل لو حالتها ساءت ، مش قادر تتعامل معاها كويس نزلها امها تراعيها لحد ما تبقي انت تمام من نحيتها ، نيروز حملها متعب ودا باين عليها
أوي ، أنا بنصحك قبل ما تندم ي غسان وانت حر!!!"
ماذا فعل ؟ سأل بسخرية نفسه عن ما فعله ، لم يواجهها ولم يعاتبها !! ، لاحظ انتهاءها ودخولها المطبخ تضع ما بيديها وانسحبت بخواء ناحية الغرفه مره أخرى ، حاول "بسام" سحبه معه للأسفل حين يهدٱ
_" تعالى معايا الوقتي على ما تهدا كده وتسيبك الجنان ده ، تعالى!!"
نفض يديه بحدةٍ ورفع رأسه يخبره بفظاظةٍ :
_" ملكش دعوة ي بسام متتدخلش وانت مش فاهم حاجة ، وامشي يلا !"
لم يحزن من طرده انتهز الفرصه متصنعاً الدراما وهو يشير على نفسه بجدية زائفه :
_" انت بتطردني ي غسان ، بتطرد توأمك وأخوك وابن أمك وأبوك؟؟"
التقط "غسان" تمثيله وابتسم بسخريةٍ فشاكسه "بسام " مردداً ليخفف عنه :
_" ايوه. ي عم اضحك كده ،. كدة شكلك أحلى ، مع اني متدايق منك ضيعت عليا فرصة من دهب وقطعتلي الخلف وأنا كان نفسي اجيب منها عيال !!"
شاكسه بمرحٍ ورغم تشتت الٱخر الا أنه علم انه يعود لسابق عهده المرح بعد غيابه منخرطاً في الوجع والذكريات المؤلمة !! ، يسمعه يهذي بتراهات فارغه كي يشتته ولكنه تركه بتبجحٍ يتحدث في نصف الصالة ودخل غرفته غالقاً الباب خلفه ، ابتلع "بسام" ريقه بتصديق من وقاحة شقيقه والتفت يردد بأنفاس خرجت متنهده منه :
_" ربنا يستر "
اغلق باب الشقة خلفه تاركاً شقيقه ودعوته ، لا يعلم هو بأنه دخل ناحية الشرفه بعيداً عنها يدخن. سيجارته بعيد عن مرمى أنظارها قبل أن ينفجر بها تاركها تترقب عتابه و الخوف رفيقاً لها !!
__
في حين هبط "بسام" في المصعد حتي خرج وجاب مسامعه صوت ترجي "سُمية " "حازم" بالتوقف عن الاندفاع نحو شقة "زينات" والتي لم تكن بها بل كانت "زينات" بداخل شقة "سمية" ودخلت لابنتها تجلس برفقتها تطعمها ما اعدته "سمية" قبل وقت لها ، وقف "بسام" ناظراً نحو باب الشقة الذي فُتخ بانفعالٍ تحت تشجيع "ياسمين" بشررٍ وهي تخرج من خلفه :
_" أحسن ، لازم المقرفين دول ياخدوا جزاءهم ويغوروا عننا بقا بلاش قرف!!!"
نهرتها "سُمية" بخوفٍ من اندفاع "حازم" بحالته هذه :
_"يا شيخة اسكتي حرام عليكي مش بدل ما تهدي جوزك فحالته دي ، ربنا يهديكي روحي ربنا يهديكي يبنتي قادر يا كريم!!"
تركتها "ياسمين" تندب وخرجت حتي وجدت"بسام " يمنع "حازم" بالقوة مردداً له كي يهدأه :
_" اهدي ي حازم اهدي بس دلوقتي محدش بيقولك سيب حقك ، بس مش ف حالتك دي تروح واخده!!!"
حاول"بسام" منعه وحده وعلم أن"بدر" وزوجته وولده رحلوا قبل وقت عندما قابلهم في الأسفل حينما عاد من عمله !!
_" ابعد عني يا بسام بقولك.. ابعد عني الساعة دي أنا زهقت وتعبت بقا من الهم ده ، مكانتش ناقصاهم كمان عايزين يموتوا أختي ، والله ما هسيب اللي حصل ده يعدي كده سامعين ؟؟ سامعين ياللي قافلين الباب عليكم ي جُبَنَه ؟!"
خرجت "عايدة " مهرولة بسرعة ناحية الباب تفتحه ومعها"حنان" وخرجت "فرخ" هي الٱخري تنظر تحت ذهول "جميلة" التي خرجت مع "عز" الذي اندفع يمسك "حازم " مع "بسام " يحاولان فصله كي لا يقترب من باب شقة "زينات" الذي كان يقف خلفها "سامر" محاولاً اخفاء اهتزازه ، ابتلع ريقه وخلفه كانت تقف شقيقتيه ووالدته التي شعرت بأن الخطر قادم وسيطولهم!!
_" وعزة وجلالة الله لهموتك يا سامر ، هموتك وأشرب من دمك يا زبالة يا تربية الزبالة!!"..
فاض به وسب كبار العائلة غير مبالياً بعد الٱن بشئ ، اغتاظت "زهور" من سبابه الذي لم يتوقف إلى هنا بل أكمل بأبشع الألفاظ والذي كان لا يتوقعها البعض من شخص مثله تماماً ، تجرأت "ياسمين" بعصبية تدق الباب بعزم مالديها من قوه تحت أنظار الكل حتي أنظار "حامد" ومن خرج معه من شقته !!
_"بتعملي ايه يا بنتي حارم عليكي اعقلي شوية بقا !!"
صرخت "سمية" بهذه الكلمات ولكن لم تعطيها "ياسمين", اهتمام بل أكملت هي هذه المره وهي تدق علي الباب بقوة :
_"اخرجي يا بت... اخرجي انتي وامك واللي عاملي فيها راجل ده ، على ٱخر الزمن ي عيلة واطية تستغفلونا ، بتبعتلي اختك يا قذر تاخد تليفونتنا وتخبيها عشان الجو يهدالك ، ما انت مش راجل ومش هتقدر علي غيرك ، بتتشطر على النسوان وانت واحد منهم يا زبالة ، اخرجوا بقولكم ، اخرجي ياللي عملالنا فيها كبيرة العيلة!!!"
كانت فظه بقول كلمات كهذه أمام الجميع ، اندفعت "عايدة "مع"حنان " تُبعدها ، ولكن لم تمنع لسانها من قول ما جعل "حازم " يستشيط غضباً مرة أخرى :
_"اخرجي دلوقتي عامله فيها بتخافي ، بتخافي يا ست يا مُهزأة ، بتهدديني تضربيني وتنزلي اللي فبطني ، متعرفيش اني أقتلك وادفنك جمب اللي عامله نفسك مقهوره عليه وانـ..."
كممت "جميلة " فمها بسرعة قبل ان يتبدل الوضع لشجار بينها وبين شقيقها قبل ان تسب والدهما بوقاحتها هذه ، الذي يراها البعض بها محقه وٱخرون يروا انها لا يتوجب عليها فعل ذلك ! ، سحبوها داخل شقة "سمية" في حين دفعهم "حازم" عنه هذه المره ورفع يديه يدفع الباب بساقه مردداً بغضبٍ وأعصاب منفلته :
_" كمان عايزين تموتوا اللي فبطن مراتي يولاد الـكلب يا زبالة!!!"
وقف "حامد" يشعر بالضياع ، باتت هذه العائة محلاً للوجع والعراك دائماً ، حتى ان سكان هذه العماره يعتادون على ذلك ، لذا قليل ما يخرج احدهم ليتدخل بينهم ،يعلمون تمام العلم أن هناك ثمة أفراد فظة تجعلهم يندمون على التدخل بسبب سبباهم لهم بالابتعاد كان منهم "سليم "و"زينات " واحياناً ٱخري "فريدة"و "ياسمين" التي قليلاً ما كانت تفعل ذلك مع الغير لولا حالتها الغير واعيه وهي تتشاجر!! عائلة الأكرمي عائة مختله عقلياً همسات هنا وهناك عليهم بهذا المبني الطويل المُحمل بشقق كثيرة وسكان أكثر لا يبالون بكل ذلك الصراخ ، استمر الدق على الباب ووقف "عز"و"بسام" خلقه بيأسٍ من إصراره لطالما يٱسوا من فتح الباب ، راقب "سامر" الوضع من خلف الباب ، تزامناً مع قول "حامد", لكلماته بسكون :
_" ارجع ي حازم وإعقل يبني ، واهدي واتكلم لما تهدي معاهم ، اللي زي دول مش هيهربوا ، هيفضلوا اسمع مني !!"
وكأن الكلمات جعلته يسكن قليلاً ، توجهت "فريدة" بجسدها من الداخل تركض حتي وقفت أمام "حازم" لتدفعه بين ذراعيها هي هذه المره ، أدمعت عينيه بتعبٍ ، إلى متى سيتحمل كل ذلك ؟ ، ضمته إليها بصمتٍ وأنسابت دموعها ، لفظ الكل انفاسه عندما سكن هو تدريجياً بين ذراعيها يهمس لها بالٱسف وتهمس له بأن يهدأ ويسكن وسترضى مؤقتاً هي !
لمعت أعين البعض بترقبٍ وأمسك "بسام" كتفيه بوجعٍ من اصطدامه في الحائط وهو يحاول منع الٱخر ، لاحظه "عز" فحاول السير معه ناحية شقة "حامد" الذي دخلها مستغفراً عقب ما دخلت "فريدة"معه نحو شقة "عايدة" هذه المره !! ، كانت "زينات" تتابع ساكنه هادئة مكسورة ، وإلى الآن ترتجف أطرافها من خوفها علي ما حدث لابنتها!!!
دُهشت "حنان" بهذا الوضع ، كانت تعتقد ان مشاكلها مع "شريف" ليس لها مثيل ولكنها لم تتوقع هذا أبداً حتي بمبني كهذا بمنطقه بعيده عن حيهم الشعبي أكثر منهم ببساطةٍ قليلة !! ، الحياة أسرار!! ولكل منزل حكاية!!!
توزعوا على الثلاثة شُقق.ودخل "بسام" بحقيبته يضعها على المقعد الذي يوجد بجانب الباب ولم يغفل عن ترك "فرح" لهم وانسحابها وراء شقيقها بتلقائيةٍ ، وقف "عز" يربت على كتفي "بسام", فقد تأوى قبل وقت من وجع كتفيه ، جاءت "دلال" سريعاً بنفس دهان ما وضعته على ظهر "غسان" وحثته على خلع قميصه ، ظهر كتفيه العالي أمام عينيها تشنجت ملامحه بصلابةٍ وتحرجت وهي تشيح بوجهها بعيداً كما سارت لأبعد من ذلك عندما وجدت "وسام" تدخل المطبخ تحاول إعداد اكواب ليمون يهدأهم وتضايف الغريب بالنسبة لها عندما حثتها "دلال" بعينيها ، دخلت تساعدها ، تزامنا مع قول "عز" بلباقةٍ له :
_" بسيطة يا بسام ، معلش حازم كان متعصب أوي انت اكيد عارفه اكتر مني حتى ، اعذره !!"
اعتلى صوت "بسام " يخبره بتفهم:
_" انا فاهم يا عز متقلقش مفيش حاجة!!"
بعدما هدأت أنفاس "حامد" سأل بإهتمام تلقائي خرج للتو :
_" أومال بدر فين مش ظاهر ؟"
_" راح لأخواته هو ومراته وابنه من شوية يابابا !!"
بذلك أجاب "بسام ", فحاول "عز " الاعتداال ليتحرك ولكن أوقفه إشارة"حامد ":
_" أقعد ي عز مش هتمشي قبل ما تشرب العصير ، مستعجل ليه!!"
جلس مجدداً بحرجٍ والتقط بعينيه قدوم "فرح"مع "وسام" وهما يحملان صينية صغيرة بيد كل منهما ، قدمت الأكواب وكذلك فعلت "وسام" ، في حين انحنت "فرح" بحرجٍ تعطي"بسام " الكوب فتعلقت عينيه بعينيها التى اخفضتها على الفور ما ان رأت جسده الملتصق عليه ملابسه الداخليه من الأعلى بحمالات عريضه تكشف عظامه الصلبة ، قرص "حامد" فخذه حتي ينتبه ، والده هو الٱخر ينتبه يالهذا الخجل لم ينتبه "عز" الذي انشغل مع حديث "دلال" له ، في حين عندما انتفض "بسام " وقع القليل من الكوب على ملابسها وهي تقدمه لها ،شهقت فكان ثوبها يظهر عليه سريعاً البقع ، لاحظت"دلال" ذلك و نهضت تردد لها :
_" معلش ي حبيبتي بسيطة، إقلعيه اغسلهولك والبسي حاجة من عند وسام على ما ينشف !!"
فتحت عينيها بخجلٍ من ما تلفظت به وتواجهت عيني"عز" معها والذي نفي بهدوء:
_"لا مش مستاهلة متتعبيش نفسك ، هنروح عند جميلة تغير وتشوف عندهـ .."
_" اخص عليك ي واد يا عز احنا يعني قليلين ؟!!"
رددتها "دلال" بحديث يليق بسيدة مثلها رفض قولها بعفوية عندما اساءت فهمه:
_"لا مش القصد ي أم غسـان أنا ٱسف مش قصدي كده !"
وقبل أن يتحدث سحبتها "وسام" معها ناحية غرفتها تقطع أي رفض منه ، هو لم يغفل عن طلب "بسام " والذي يراه إلى الٱن داخل عينيه كلما ينظر له ، وجد "عز" هاتفه يدق برقم"جميلة" التي طلبته يأتي كي يجلس مع "حازم" حتي لا ينهض مرة ٱخري دون وجود رجل معهم وهم نساء يقدر عليهم "حازم" مهما فعلوا !! ، نهض مستأذناً عندما وجد رسالتها قبل ان تدق وعلم محتواها..
_" معلش هستأذن اشوف حازم عايزني فإيه ، عن اذنكم !"
نهض يتجه ناحية الباب حتي أغلقه مسرعاً كي لا ينفلت "حازم" بأعصابه مره أخري ، زفر "حامد" بصوتٍ مسموع حتي وجد "دلال" تنظر ناحيته بغرابةٍ فقال هو بقلة حيلة لها يخبرها :
_"الواد ابنك بسام شكله بيخيب بعد ما عقل!"
_"بيحب ي خويا ولا انت مبتحبش بقا ومش مجرب ؟"
شاكسته فضحك ببشاشةٍ متسغلاً رحيل "بسام" ناحية غرفته عقب رحيل "عز" ، رفع يديه يضعها على كفها وقال مردداً بمرحٍ :
_" مجربتش ازاي بس ي دلال، دا الحُب كله محبيتوش غير فيكي انتي وبس!'
أشارت له بخجل زائف تجاريه متناسية حنقها منه قبل ساعات:
_" يوه متكسفنيش بقا يحج ، دا انت هتبقي جد ، اتهد بقى!"
تنهد بسعادة من قولها واعتدل يتخيل بلهفةٍ وحماس ليوم وضع "نيروز" حملها:
_" أنا مبسوط أوي ي دلال ، متخيلة اني حابب ولاد "غسان " قبل ما يجيوا؟!"
_" اعز الوِلد وِلد الوِلد ي ابو غسان, ربنا يقومها بألف سلامة ويكمل لها على خير لاحسن نيروز دي طرية أوي ومش ماسكة نفسها كدة الواحد يخاف عليها بردك!!"
ابتسم على قولها العفوي وعلى بُعد في غرفة "وسام" ، تأسفت لها قائلة:
_" معلش ي فرح !"
_" ولا يهمك بسيطة!!"
_" طب بصي انتِ مش اتخن مني بكتير يعني ، فالدولاب أهو وفتحتهولك كمان نقي اللي يعجبك والبسيه على ما نغسل لبسك ده ولو هتمشي بسرعه ابقي خدية مره تانية !!"
رددتها بعشمٍ كي لا تشعرها بالحرج، وبالفعل ابتسمت"فرح " تردد دون النظر نحو الخزانة:
_" بصي هاتي انتي أي حاجة وانا هلبسها عادي مش هدقق والله!!"
دفعتها "وسام" بمرحٍ ثم قالت بفظاظةٍ جلعتها تشعر. بأنها شقيقتها :
_" يستي احنا لسه هنعزم على بعض، اديكي واقفه قدام الدولاب ٱهو وأنا هخرج ، خمسة ألاقيكي منقية ولابسه ي فروحة ، ماشي؟؟"
أومأت لها وخرجت "وسام" تغلق الباب خلفها تزامناً مع خروج "بسام" من غرفته بعدما بدل ملابسه ، نظر بحرجٍ فغمزت له "وسام" بلؤم :
_" أه ي لئيم بقا تعمل كده وتخرج البت علـشـ ..."
قاطع حديثها بصدمة وهو يبرر :
_" بس بس اسكتي ، عملت ايه ، معملتش حاجة أبوكي اللي قرصني وخلى منظري زفت ، واخوكي يقطع عني اللحظة وانتي تتهميني ، وعز يزغرلي من تحت لتحت وأمك تدعكلي كتفي جامد ، انتوا عيلة ظالمة !!!"
احتضنته على الفور ما ان وجدته يتحدث بعفوية مرحة ، أشهر لم تلبسه هذه الحالة ، مرر يديه على ظهرها بحنانٍ وتأثر ، وخرجت هي تغمز له مجدداً بقولها المرح :
_" دا شكل فرح دي داخله ببركتها ي بيسو !!"
وقبل ان يُجيب فتحت "فرح" الغرفة بحرج وظهرت وهي تتقدم التفتت "وسام" تنظر ناهيك عن نظراته هو الٱخر التي وقعت عليها بتلقائية من ظهورها فقد ارتدت فستان بسيط محكم من المتنتصف بلونه السماوي على بشرتها الخمرية التي حبست أنفاسه هو ، شاح بوجهه بعيداً ينهر نفسه يثبت مباءئه على الاحترام ، في حين ابتسمت بخجل مع صافرة "وسام" وهي تشاكسها :
_" يخربيت القمر ، دا عليكي أحلى من عليا ، خليه ليكي بقا خالص الدريسات حلوه عليكي أوي !!"
عانقتها "فرح" بعفوية وكانت رأسها تستند على كتفيها بمواجهته وهو يحاول عدم النظر. لكنه شعر بأنه مُراقب لذا انهزم ونظر وغلبته ابتسامتها فابتسم لها ، حاولت "وسام" التحجج مره ٱخرى كي تترك له الفرصه وغمزت له مجدداً فضحكت "فرح" بغباء تردد له بتلقائية:
_"دي بتغمزلك تاني بدأت استغرب!"
كان قولها مرحاً وكان مرحة في رده مثلها عندما قال بابتسامه هادئة يخبرها بنبره هادئة لا تتوافق مع حديثه المرح :
_"احنا كدة عِيلة بنحب نغمز لبعض!"
كل مره تشعر بأنه معها يرتبك ويحاول اخفاء ذلك مثلها ، لا تريد ان تنساق وراء ما تشعر به ، ولكنها لم تمنع نفسها من سؤالها الذي باغته بمرحٍ ٱخر وتعتاد عليه هي أكثر :
_" ليه بقا ؟"
_"عندنا ضعف نظر!"
تعالت ضحكتها علي طرافته هذه ، فشعر بالحرج والارتباك معاً ، كما انه لأول يسمع صوت ضحكتها الواسعه هذه المره ، ابتلع ريقه ، وعندما انتبهت توقفت بالتدريج تبتسم بصمت قطعه هو على الفور مردداً بأسفٍ :
_" أنا ٱسف مكنتش أقصد !!"
وقبل ان ترد سمع الاثنان معاً صوت ضحكة "دلال" وهي تشاكس "حامد":
_' يوه ي حج بطل تكسفني أومال ، وبعدين انا بحب البنات أوي ، عايزاها تيجي بنت تروح تقولي شبهك ؟ هو أنا حلوه كده ؟!"
_" انتى احلى من كدة ، مفيش حد حلو زيك وزي قلبك ي أم غسان!!".
رددها منشغلاً بها ، فضحكت بخجلٍ تحت ضحكة "فرح" المعجبة بشدة ، وترقب"بسام " لهم بإشمئزاز داخلى ، أشار بيديه بغير اهتمام وقال يخبرها بقليل من الحرج :
_" هم كده على الحال ده علطول!!"
_" ربنا يخليهم لبعض ، ماشاءالله شكل باباك بيحب طنط اوي !"
هذه المره ابتلع ريقه يجيبها بغير وعي :
_" فعلاً بيحبك اوي!"
توترت ملامحها وفسرت بحرج متوتره :
_" قصدي مامتك !"
_" اه ماما ، ايوه واخدين بعض عن حُب أثري من زمان أوي، عقبالك!!"
وقبل ان يداهمها بٱخر سؤال كان قد قطعه عنه اتصال شقيقه اقتربت"دلال" تردد هذه المره :
_" الله اكبر زي القمر ي حبييتي ، فين بقا لبسك اغسله دي تبقي عيبه فوشي والله !!'
ضغط "بسام" على فكة متنفساً بقلة حيلة مردداً بخفوت :
_" الله يسامحكم عيلة فَصِيِلَه !"
تركهم ودخل غرفته عندما وجد "والدته" تنسحب معها ناحية الغرفه الخاصة بـ ابنتها ومن ثم المطبخ وهي تتحدث معها تجاري عقلها كي تفهمها بلؤم أم ماكرة تود الاطمئنان على ما سيدخل به ولدها!!! وعلى فجأه صاحت بإستنكار عالى كي تصل له جملتها :
_" واد يا بسام انت مأكلتش ليه ؟ سيبت الأكل وروحت فين!!"
__________________________________
_" ده لسه مجاش لحد دلوقتي ، ٱنا بدٱت أقلق ي بدر ,أنا خايفه عليه أوي، خايفه يروح يرجع للي كان ليه في لحظة زي دي ، اخوك متمسك بفريدة وبيحبها اوي !"
أثارت "فاطمة" قلقه بعدما قص عليها المختصر تعمد الصمت وهو يطلب رقمه ولكنه وجده مغلق إلى أين رحل ولم يعود إلى الٱن؟؟، كانت "وردة" تعد للاطفال عشاء ، في حين تتابع بقلق ما يحدث من سكون "بدر" الذي كان يثق باستقامة شقيقه !! والٱن تدب به بعض الشكوك بالخوف والقلق!!.. نظر بترقبٍ ناحية الاطفال المجتمعين ناحية التلفاز ونادى بأقربهم من "ٱدم" ولم يكن سوى "أدهم " ..
_" خُد ي أدهم تعالى عايز أقولك حاجة ، بسرعة اجري !!"
شجعه وهرول "ٱدهم" ناحيته مردداً بنعمٍ :
_" نعم ي خالو !!"
وقبل أن يتحدث مسح بعينيه على المكان الفارغ الذي يشمل جلوس"فاطمة" فقط وعاد يسأل بعدسه عين متلهفة بالإهتمام :
_" هو خالو ٱدم لسه مجاش ؟؟"
قرر "بدر" مجاراته كي يأخذ منه المفيد، كي يعلم أكثر الأماكن الذي يذهب إليها مع شقيقه!!
___
وبعد صلاة العشاء وعلى مقربة من المنزل خاصةً الجامع الذي يفضل الذهاب إليه كان هُناك يقبع بوجه كلما يتذكر رهبة الموقف الذي وضع به ، وعلى الرغم من أنه كان على مشارف السقوط لأجلها ولكنه لم يهتم لحاله ووجد السؤال واجابته لم يتعلق بل يُحب ، يخفق قلبه بإسم الحُب الذي جهل عنه من قبل تحت شعار التسلية!! ، هبطت دمعته بوجع لأجلها لم تكن لتستحق كل ذلك ، كما أن ٱعصابه تشتد كلما تذكر كلماتها بما فعله "سامر" وعائلته معها ، وجاءت فكرته باحتمالية ضياعها منه بهذه الطريقة ، انتشل القطعة الخشبية من جيبه الحاملة لإسمه وابتسم بخفةٍ متذكراً هروبها بنظراتها منه وارتباكها وحتى خجلها !!
ظهرت ابتسامه ساخره على وجهه وردد بصوت مسموع متذكراً ما فعله لأجلها اليوم :
_" طلع عندك حق ، أنا مش واقعي فعلاً !"
مقنعاً ذاته بعد هذا القول بأن من المستحيل ان يعرض المرء ذاته للخطر لأجل شخص ٱخر ، ولكنه وجد الجواب سريعاً عندما يكون الشخص الٱخر غير كل الأشخاص يعرض نفسه للخطر دون أن يشعر ويصبح الأمر واقعي بالنسبة للطرفان معاً
قضى الصلاوات أجمعها التي كانت بعد هذه العقبه وظل جالس بالمسجد لم يتحرك ، أغلق المصحف الذي تركه مفتوح وابتلع ريقه يدعو بينه. وبين نفسه فلا شئ أمامه سوى الدعاء والثقه بالله والتفاؤل بالخير كي يحدث !!
وصل إلى مسامعه صوت يعلمه جيداً وصوت ركض بعد هذا القول :
_" خـــالو!!!"
التفت برأسه حتي وجد نفسه يندفع من احضان "أدهم", التي واجهته ، ضحك بخفةٍ عليه وضمه بحبٍ تحت وقوف "بدر", وانظاره بتأثر لمكان جلوس شقيقه ، ابتسم يقبل وجنتي الصغير وقال يشاكسه :
_" ايه لحقت أوحشك ي معلم ؟"
_"أيوة انا قعدت استناك كتير أوي ، وخالو كان قاعد مستنيك بردو ورن عليك بس انت مردتش ، هو انت ليه قاعد هنا ؟ هو الفجر قرب يأذن ؟"
ضحك عليه ممرراً يديه علي خصلاته ونفى مردداً بتفسيرٍ :
_" لا مقربش لسه بدري بس لما يقرب هصحيك زي كل يوم انت ويوسف عشان نيجي نصلي مع بعض وتاخد شيكولاتك زي كل يوم انت ويوسف من عمو دعاء بتاع الجامع !"
تلهف وتحمس ، واستند يقف يطالع وجه "بدر" الساكن ، مد ذراعه يشير لٱدم بالإقتراب فحمل الصغير بمرح كما يعتاد وكي يهرب من اللحظه دخل بين ذراعي "بدر" وبينهما الصغير يضحك من ضم "بدر" لهم بمرحٍ ، أهبط الصغير أرضاً ، فأخذ "بدر", أنفاسه يسأله بنبرته الهادئة :
_" بتقلقنا عليك ليه ي ٱدم ، مرجعتش البيت ليه ؟ "
_"تعبان ومخنوق أوي يا بدر ، حسيت الدنيا كلها اتقفلت فوشي ومن ساعتها وأنا هنا لما لقيت شيطاني بيلعب فدماغي عشان أروح القهوة أرجع لصحابي اللي مشوفتهومش بقالي فتره ، أنا تعبان اوي ، مش قادر اتحمل كل اللي جوايا دا ، أنا مش حمل مرمطة الدنيا دي بس والله بحاول عشاني وعشان فاطمة وعيالها وعشانك وعشان حياتي اللي عايز ابدأها صح بس مفيش حاجة سهلة !!"
شعر "بدر" بثقل كلماته وعانقه مشدداً في العناق فخوراً به وبما أخذه من قرار لعدم الاقتراب لأصحاب السوء مجدداً ، تنفس "ٱدم" بأحضانه براحة وحرر"ٱدم" نفسه ناظراً نحو وجه "بدر" الذي التزم الصمت وكأنه يشعر بما يشعر به شقيقه والذي تعمد عدم سرده :
_" وعد مني ليك لما الحال يهدي ، هشدك من قفاك ندخل بيت "حازم " من بابه زي الغُرب نطلبها ليك، بس الايام دي تعدي وهي تبقي احسن بس!!"
رغم فرحته برضاه ولكنه ابتلع ريقه يسأل بخوف لم يستطع اخفاءه :
_" تفتكر هتوافق؟"
اليوم وجد الجواب الذي كان يشتت شقيقه ، حرك رأسه ينسحب معه ناحية الخارج وقال موضحاً ما جعل الطمأنينة والتشتت يلازمان شقيقه :
_" اللي عملته وحصل منها النهاردة يأكدلي إنها هتوافق ، مهما عملت من خوف حاولت بيه ترفضك بس هي متلخبطة ، دي اتلهت عن الكل ورفضت قرب أي حد مع عدا انت ، طلعت وقربت وخدت انتباها وتركيزها كله ليك وسابتك تقرب وخافت عشانك !'
سار وبجانبه "ٱدم" المستمع له وهو يمسك كف الصغر بين يده، ثمة أمل يغمره وخرج من أفكاره عند صوت "بدر" الذي توقف يخبرهم مقترباً من السوبر ماركت :
_" تعالوا نجيب حاجة حلوه ليهم في البيت ، يلا يا دوما اختار بس بلاش اندومي ماشي؟!'
أومأ وهو يهرول بلهفه وسعادة تحت ضحكة "أدم" الذي نظر باستنكار نحو "بدر" الذي قال :
_" واختار انت كمان !"
ردد مستنكراً بقليل من المرح :
_" صغير أنا بقا !"
_"اه صغير فعيني ، مش شايفك غير ابني يامن ، ايه رايك؟"
قالها بتأثرٍ وهو يشمله بعينيه وقبل أن ينخرط بهذا التأثر واصل بمرحٍ مشاكس له :
_" وبعدين اختار يعم دا أنا اللي هدفع فرصة متتعوضش بقولك !!"
ضحك بصوتٍ عالٍ ووقف بشموخ يردد بما لم يفهمه الٱخر ، حيث قال ما تفضله هي :
_" حيث كدة بقا ، هاتلي ٱيس كريم بالفانيليا !!!'
_________________________________
«حاولتُ أن ألقى لغدركَ حجّةً
فوقعتُ بين حقيقةٍ وخيالِ
كنتُ القريب وكنتَ أنت مقرّبي
يومَ الوفاقِ و بهجةَ الإقبالِ
فغدوتَ أشبهَ بالخصيمِ لخصمهِ
عجبًا إذًا لتقلّبِ الأحوالِ»-مُقتبس-
ما الحقيقة الموجعة بالنسبه له هو ؟ أشياء كثيرة تتداخل وإلى الٱن مازال يدخن بشراهه وكأنه يخرج ما بداخله بذلك!! ، مازال يقف في الشُرفه بعدما أدى ٱخر فرض في الشقة ولم يهبط ، تكاد تسمع هي صوت أنفاسه العالية من الداخل ، لم تستطع النوم او أن تغفل عينيها ، بل بقت تنتظره بخوف منه وعليه بنفس ذات الوقت ، اما هو فلو كان الحال غير هذا لانفعل وثار عليها ولكن كيف وهي لديها عُذر يمنعه من فعل ذلك بخوفٍ ويقسم هو ان ما الخوف إلا عليها هي أولاً قبل على من بأحشاءها ، كيف له فعل ذلك ومن الأساس مُجبر وهو الذي يري بأن لديه كل الأحقية في ان يتألم بسبب ما حدث عنها وعن ألمها ، انتهت اللفافة وفتح العُلبة يخرج منها ٱخرى تليها دون راحة تلك هي حالته منذ ان وقف ، منعته يديها بعد ان غفل عن دخولها الشُرفة ، نظر نحو كفها ورفع رأسه ينظر نحو وجهها فرددت بخوفٍ عليه وهي تحاول ان تنتشل ما بيديه بعيداً عنه :
_" كفاية ي غسان ، من ساعتها وانت بتشرب واحدة ورا التانية من غير ما تاخد نفسَّك ، حرام عليك نفسَك!!'
نفض يديها تخاف عليه الٱن؟ سخر بنظرة عينيه وتركها ودخل بعد ان التفت وقال مقتضباً في رده عليها:
_" وانتِ مالك ، ميخصكيش !"
سارت خلفه بملامح متعبة تقف بمنتصف الغرفة الذي وقف هو بها يخلع تيشرته كي يبقي عاري الجزعين والصدر , تجمعت الدموع بعنيها وقالت بنبره مختنقة :
_'' لايخصني لإني بحبك وبخاف عليك!"
تشنجت ملامحه من قولها وألقى ملابسه الفوقية بإهمال تحت أنظارها فآقتربت تضع كفها على كتفه وهو يوليه ظهرها ولكنه إلتفت ينفض يديها بعصبيةٍ وهذه المره ضغط على ذراعها من الأعلى فتأوهت بوجعٍ تزامناً مع رده المندفع :
_" بتحبيني وبتخافي عليا ؟؟ مش كدة؟؟يعني اللي حصل النهارده دا كان برا خوفك وحبك ليا صح ؟؟، انتِ بتضحكي عليا ولا بتضحكي على نفسك؟؟؟"
دُب بها الرعب من نبرته التي تغيرت كلياً عن أكثر الأوقات كان ينفعل هو بها عليها ، ابتلعت ريقها وهي تنفي برٱسها تحاول التبرير بسرعة قبل أن يقطع عليها فرصتها بهذا الشكل :
_'' والله العظيم انت فاهم غلط ، أنا مفيش بيني وبينه حاجة ولا أعرف انه كان جاي هناك ، أقسملك بالله ٱنا ما خاينـ..."
ترك ذراعها بغير تصديق ، حرك رأسه بتعجبٍ ساخر ، تظن بأنه يراها خائنة؟؟. ، نفى برأسه بغير تصديق ونهرها بصوته المرتفع يقاطع جملتها :
_" انتِ سامعة نفسك بتقولي ايه ؟ سامعة نفسك بتبرري لإيه ؟ كمان فاكراني شايفك خاينة ؟؟ ومش فاهمه انتي عملتي ايه لحد دلوقتي!؟؟؟ انا لو شايفك خاينة ولو واحد في المية كنت دفنتك انتي وهو مع ابوكي وعمك ورجعت فاضي زي ما كنت رايح فاضي بخوفي عليكي !!!'
لم يصمت لهذا الحد بل وكأنه ثار الٱن وأخرج كل ما كان يحاول مداراته ، وأضاف بصراخ ٱخر :
_" خيانتك مكانتش فانك واقفه معاه وأنا جيت شوفتكم ، لا دا انتي بكل بساطة سيباه يمسك ايدك ويقرب منك ويكلمك فكلام مش من. حقك تسمعيه ولا تسيبيله فرصه يقوله ، سايباله باب يدخل منه بجُبنك و بتبرريله وانتي على ذمتي انتي محبتيهوش ليه ! ،بتوضحيله وكأنه من حقه يسمع كلامك ده ، كلام واحدة متجوزه على ذمة راجل محترمتش اسمه اللي عليه وقللت منه فنظر نفسه ونظر الـو** اللي كان معاكي !!!!!!"
داهمها بأقوال كثيرة كان رغماً عنها ، حاولت التبرير وهي ترد عليه بلهفة متسرعة :
_" والله العظيم خوفت خوفت منه و.."
لم يتركها تتحدث وتكمل بل تحدث مردداً بانفعال يسخر من قولها الذي أصبح يلازمها مثل اسمها تبرر به متى ما تشاء :
_" انتِ كده كل ما تزنق معاكي قولي خوفت ، خوفك مبرر تسيبيه كده ولا خوفك مبرر لسكوتك ي مدام ياللي متجوزه راجل ضربتي بكل كلامه الأرض ومهمكيش اني رفضت مرواحك لهناك ، وقعتي كلمتي الأرض وكأني أراجوز، ومعبرتيش وبدأتي بغلطة زي دي وروحتي لغلط أكبر وأكتر!!!"
لم تستطع الرد بل انهارت باكية ، وأمسك معصمها بقوةٍ يحركها بإنفعالٍ كلما يتذكر مشهدها معه :
_" على اخر الزمن تيجي واحدة زيك تخليني أشوف نفسي قليل فعين نفسي ، وأنا بشوف مراتي اللي حامل كمان مني واقفه وسايبة راجل غريب يمسكها ويلمسها وكما عايز يبوسها وهي ولا حياة لمن تنادي !!!!!"
فتحت عينيها من قوله ، بمثابة صفعات تتلقاها على قلبها ، نفت برأسها وكأنها لا تصدق ما فعلته وقلبت الوضع سريعاً. عليه بانهيار عندما. نفضت يديه تردد بصوت مندفع شرس هذه المره:
_"انت ازاي شايف اني وحشة اوي كده ؟!!! انت ازاي كدة !!!!"
ضغط "غسان" على فكه بإنفعال واقترب يصرخ بغير تصديق من ما فعلته بتعابيرها :
_" انتي اللي ازاي كده ؟؟ بتقلبي الترابيزه عليا ومش شايفه نفسك غلطتي؟؟ وأه وحشة عشان جبانه وضعيفه ومفلحتيش غير فإنك توقعي نفسك في الغلط اللي انا منعتك عنه فالأول قبل ما كل ده يحصل!!!!"
وكأنه لا يكف عن قول كل شئ ، بل ردد مره أخرى بنفس الصوت المرتفع ينببها على تغير الوضع:
_" وانتي اللي بجحة ومش شايفه اي حاجة غلط انتي عملتيها تستحق كل ده ، مش شايفه ولا عارفه ان لو حد شافكم كدة والوقت كان غير ده كان اتقال عليكي ايه ؟؟ عارفه الست اللي تقف وتسمح لواحد غير جوزها يتكلم ويحب ويقرب بيقولو عليها ايه؟ حتي لو هي مقصدتش ده ؟؟ طب عارفه انا لو مكنتش جيت كان حسن عمل فيكي ايه وكان شدك معاك وخدك غصب ازاي زي ما كان ناوي وانتي واقفه مستسلامله بين ايديه؟؟، ولا عارفه المشكلة دي لو حد خد خبر بيها ايه اللي هيحصل؟!!!"
يلومها بقوة مع تهديد أخير !؟، ابتلعت ريقها بألم وهي تسمع جانب حديثه الذي قلل بها منه ، سمحت بالفعل ولكن لم تعلم ان كل ذلك يراه غيرها من ناحية أخرى ، نفت برأسها ووجع كرامتها ضغط عليها من كلماته حتي اندفعت صارخة على فجأة تحاول الاقتراب بهستيريه منه تمسك وجهه كي يركز بين كلماتها المنصدمه الموجعة :
_" طلقني ، طلقني ي غسان!!!!!"
صمتت تضع يديها على وجهها بألم من كلماته ومن ما فعلته ولكن هيهات للاعتراف بنفسها وبالخطأ بعدما قال ما قاله بوضوح موجع لها :
_" طلقني بعد كل الكلام اللي انت قولته ده ، طالما شايف انك متستاهلنيش بعد كل اللي عملته ، أنا ..أنا قللت منك ، قللت .. طلقني عشان خاطري!!
شعر بالكلمات نصفها التي كانت عليه غير مقتنعه بها ولهفتها في الفرار بٱخر ما تبقى لها من كرامة لحديثه الموجع كان صادق!! ، ابتلع ريقه بألم لم تحاول الأسف لم تحاول الفرار بعيداً لم تحاول الصمت لتعبر له بأنها نادمة ، بل بكل اندفاع تردد بالإنفصال والتخلي بأقصى سرعة للمره الثانية!!!!
_" انتِ عارفة لو أي راجل مكاني كان فاته رمى اليمين على مراته وسابها ، يسيبها بعد كل اللي خليته يحس بيه ، انتي عارفه انتي خلتيني أحس بإيه؟ عارفه أنا وقفت عاجز حاسس اني اتبخرت و رجلي اتجمدت بعافر اقرب أقتله أول ما شوفته ومعرفتش!! , انتي حسستيني اني راجل*** فنظر نفسي ونظرك ونظر الراجل اللي شاف وشهد كل حاجة ، خلتيني أهرب من عين واحد غريب مترصدالي بإستفهام محدش هيعرفه غير الرجالة لبعضهم وبس!!"
صمت بإنهزامٍ وسقطت دمعته بهذا الوقت رغم رفضه على ان تهبط لكنها وقعت بوخرة في قلبه كما وخره وطعنه كبريائه أمام نفسه وأمام عينيها البريئة الضعيفة:
_" إنتِ وجعتيني!"
عجزت هي على ان ترفع يديها وتمسح وجهه الذي ظهر عليه معالم الإنكسار المتعاكس لحالته ومعها قبل قليل ،ألهذا الحد قللت منه ومن شأنه ؟؟ ، إقتربت تردد ببحة صوت عاجز عن الحديث المماثل للومه وكأن لا يوجد على لسانها غيرها :
_" طلقني يا غسان!"
وجعه أكثر إصراراها بجحود لأول مرة يراه هو وحده ، لم تحاول من أجله وهو المظلوم من وجهته ، داهم عقله كل مرة يتخطى المحن والعقبات لأجلها داهم قلبه الوجع في كل مرة كان يحاول على ان يخسرها في الماضي بعقباته ،، داهمه طلبها للطلاق بوقت كان به منكسراً. وأردات تركه بضغطٍ ، داهم كبريائه وعزة نفسه عينيها المُصرة على الإنفصال ورغبتها في البُعد عنه في الحال!! ، ابتسم بإستهزاء من توقعاته وردد لنفسه بٱنه غبي ومختل كيف لها بأن تساندك وتمسح بأناملها دموع كسرتك في حين بأنك انت التي اعتادت على ذلك انت وأناملك وذراعيك المُلبية لها بكل وقت! ، نهر مشاعره وحل محله كبريائه وردد بنبره خاوية مقتضبه مسالمة توافق قولها ورفض شعور الرفض :
_" ما أنا هعمل كده متستعجليش !"..
جحظت عينيها بقوة لم تكن لتتوقع ردة فعلها هي ولا قوله هذا ، وهنا ردد لنفسه بغير تصديق من طبعها بأنها تريده هو من يتذلل ويرفض وهي التي تصر وتصمت ؟؟ ، الهذا الحد كان مغفلاً ؟؟ ،سمع صوت دقات هاتفه وانحنى يحمله فوجده "بسام" قذفه على الفراش بخواءٍ وفتح الخزانة يجلب عُلبة سجائر ٱخرى مع بعض الملابس كي لا يدخل لها مجدداً وحمل الهاتف مره أخرى. ليخرج حتى انه لم يتوقف عندما رددت هي بتقطع موجع تعاند مشاعرها برفض وأخبرته من خلف ظهره:
_" أنا عايزة انزل دلوقتي عند ماما , مش قاعده !"
وجد ان الوقت قد مر وتوقف على الأعتاب يخبرها بإقتضابٍ يختصر :
_" تقومي من بكرة الصبح. وتاخدي بعضك وتمشي زي ما انتِ عايزة!!"
فتحت فوهها وتجمعت الدموع بعينيها بقهرٍ من عدم تمسكه بها ، وأي قوة بها لترفض وتهبط في الحال تبخرت ، لم تسعفها قدمها على الهبوط ، بل جلست بخواء على الفراش وبألمٍ تبكي بصمت وكسرة وعينيها تدور بإنهاكٍ
لم تختلف عن حالته كثيراً وهو من ترك لها هذه المره الغرفة وتوجه ناحية الغرفة الثانية ، جلس على الفراش وقبل ان تلمع عينيه دفع المقعد بساقه يخرج مشاعره الموجوعة وجلس بانهاكٍ يضع كفيه ورأسه في المنتصف ، بخيبة رجل أحب أكثر وكان الطرف الذي يكافح ويتخطي لأجلها بينما انتظر كما فعل ولم يجد !!، هل كانت تخدعه عندما رددت بأن من الصعب نسيانه وأن الفراق بات صعباً واحتمال ضعيف!!، عنفه عقله بمنتهي الإستهزاء وردد له بأن الٱن أصبح فراقهما شئ مؤكد وان ما كان بينهما مجرد حبل !! سهل عليه ان يتمزق حتى وان عُقد بقوة ،" مجرد حبل وصال"!!
طوال الليلة الماضية لم يغفل له رمش واحد ، حالته ليست هينة مثلها تماماً وانقلب الحال بينهما في غمضة عين ، حال هي من بدأته وبدأت معه فتح باب الوجع للإثنان معاً هو َ وهىٰ!! ، يتذكر كل كلماتها التي ألقتها على مسامعه بالطلاق ، حتى لم تحاول أن تحتوي الموقف بتبرير حاني على قلبه ، وهى تراه أخذ منها صدمة كبيرة لا يستطع ان يتخطاها وكلماته تردد في أذنها وكالعادة الموجعة ضغطت عليها كرامتها طالبة الإنفصال عنه حيث رأت بعينيه نظرة وخرتها لم تراها من قبل ، نظرات خائبة ضائعة ومنكسرة تحت مسمي حديث رأته جرحها!! ، هو يراها جرحته وهي تراه جرحها ، هو يود أن تحاول مثلما يفعل وهي ترى ان حاولت لم يلين أو ان حاولت فلم تستطع بسبب ما قاله من حديث وقف حائل وفاصل بينهما !! ..
تشرد كثيراً بعدما انتهت دموعها لا تصدق أنه جاراها ووافق على طلبها ، لا تعلم هي نفسها ماذا تريد بالتحديد ، فقط تنهر نفسها بندم شديد يؤلمها بسؤالٍ : لما ذهبت من البدابة؟؟، أخذت دواء حملها وحملت العُلب بكيسٍ صغير بين يديها بعدما ارتدت ملابسها ، قررت الهبوط والرحيل من هذه الشقة للمرة الٱخيرة ، لم تسعفها أي قوة بأن تحمل حقائب لتجمع ملابسها بها ، بل قررت أن تحث شقيقتها أو والدتها بعد أن تخبرهم بقرارها الصادم ، متسرعة وهذا ما يُعرف عنها ! ، حملت هاتفها وكيس الدواء ومسحت وجهها برفقٍ بعد ان ارتدت حجابها وخرجت من الغرفة ، ناهيك عن وجع جسدها لكنها تكابر ، فالٱن يداهمها ندم ٱخر بٱنها ظلت معه بنفس الشقة ولم تهبط،. بماذا تفكر؟. ومن أي زاوية ؟ هكذا يراها هو !، خرجت حتي وجدته يغلق سحاب سترته بعدما قابلها وهو يخرج من مرحاض الطرقة ، رفعت عينيها تنظر نحو وجهه وملامحه خاصةً عينيه ، أما هو فلم يحرك ساكناً ، إلا عندما قذف المنشفة ، تزامناً مع قولها المتحشرج الضعيف بعد لحظات :
_" انت كويس ؟"
تسأله ؟ ظهرت ابتسامة ساخرة على شفتيه وحرك عينيه كما إلتفت يلتقط هاتفه من على السُفرة مردداً بخواءٍ :
_" ٱصل انتِ يهمك أوي إذا كنت كويس ولا لأ !''
وبقوة لا تعلم كيف خرجت ولكنها ودت رد فتوره بفتور أكبر :
_" يهمني عشان حتي بعد قرارنا ده هتفضل أبو اللي فبطني !"
من أين برعت في الرد ؟ منه ؟ ضغط على فكه وأخرج أنفاسه يبادلها القسوة التي ظهرت في رده :
_" أه ما هو ده اللي بقا يهمني وبس غير كده بطلناها !"
شعرت الٱن بوجع رده وعلمت أن ردها وجعه في الخفاء ، سهولة التخلى تظهر حتى ولكن بخداع من الطرفان ، بدأت تتحدث هذه المرة بقولها الذي يُلقي عليه اللوم :
_" انت كمان وجعتني بردو ، بكلامك ونظرتك ليا ، حسستني إني قليلة أنا كمان زيك بالظبط ، وشوفت فيك وفعينك إنك كتير عليا ، مقدرتش تفهمني ولا حتى تراعي حالتي ، مصـبـ.."
قاطع جملتها ونجحت في إثارة انفعاله كالعادة عندما اقترب يمسك ذراعها مثل المرة السابقة وهدر بانفعال من ما يراه يجبروت بها :
_" إنك تحاولي تقلبي الترابيزة عليا ده مبيمشيش معايا عشان هلبسك التربيزه ببعضها فوشك ، سامعة ؟!!!!"
انتفضت على صوته الذي اعتلى فجأة ، سالت دموعها وهي تدفعه عنها ولكنه لم يتركها حتي عندما رددت بنبرة باكية منهارة:
_" ابعد عني حرام عليك ، سيبني !!!!!"
تألمت من مسكته خاصةً أن جسدها يشتد عليها وجعاً، بينما لم تصمت آنذاك بل رددت بصراخٍ ٱخر تشير بيديها الأخرى وسرعان ما وضعتها على معدتها :
_" ابعد بقولك!!! أنا مش مستعدة أسقط عشان مجنون زيك!!!"
ودفعته بعنفوانٍ بذراعها الٱخر تردد بنبرة باكية ضعيفة:
_" سيبنــي بـــقا !!"
نظر بذهولٍ لها بينما لم يمسكها بضغطٍ هو ، بكت بقوة وعلم أن كل ذلك لم يخرج منه بل من حالتها النفسية ، صمت وصوت أنفاسه يعلو بمقدمة صدره وهو يتابع بكاءها المرير ولم تنتظر أكثر بل رددت وهي تضع كفيها على وجهها بتعبٍ تئن بضعف من بين الدموع والحديث :
_" طلقني ، طلقني يا غسان ، إحنا مننفعش لبعض والله العظيم !!!"
لو تعلم أن حالها وبكاءها يهز ثباته الزائف؟!. ابتلع غصة مريرة بحلقه ، وضاع عقله بينما إعتدلت بملامح تتشنج من وجعها وانحنت تحمل هاتفها بينما لم يتركها تنحني أوقفها يلتقطه كما يتلقط علب الدواء التي وقعت بكيسها ، وإعتدل يعطيهم لها بصمتٍ مع ملامح جهلت عن تفسيرها ، بل ردد بعدها بمنتهي الخواء الثابت الساكن :
_" وهو نصيب ي بنت الناس. ، امسكي !!"
وأكمل يوضح بنبرة هادئة هدوء مريب بالنسبة لها :
_" وأنا مضحكتش عليكي أنا قولتلك إني هعمل كده !!"
الٱن يعلم بأنه يخدع نفسه والخداع إقترب من حقيقة ملموسة تودها هي!!, بكت وهي تأخذ منه ما يقدمه لها ورددت بغير وعي تسأله بنفس النبرة الباكية :
_" ..يعني ..ايه !!"
شملها بنظراته مبتلعاً ريقه بوجعٍ وركز عينيه نحو معدتها حتى تنهد بصوتٍ وإلتفت يتقدم ناحية باب الشقة حتى خرج وأغلقه خلفه دون أي رد ، لم يصفعه بل كان غلقه هادئاً جداّ مثل كسرته منها ببطئ شديد بهذه اللحظة
يعد لها العد في عداد الصبر ، ولم تقدر هي بالنهاية كم مرة إلى الٱن تطلب منه الطلاق وكأن ليس على لسانها غيرها، هكذا جاب عقله وشعر بكثرة الضغط عليه دون أدنى شعور أو شفقة منها!!!!
_______________________________
«هذا الخراب الذي بداخلي لم يولد معي، أقسم لكُم أيها الناس، إنه لم يولد معي، لقد كنت ناصعاً كغيمة، كزهرة.»- محمود درويش-
خَراب كثير على الأغلب ، وخاصةً هما "حازم" الذي صبر بأعجوبة على مرور الليلة واليوم عامةً بكل هذه الأحداث التي حدثت ، وهي ؟ هي لم ترحل من بين ٱحضانه وكأنها الصغيرة التي تتشبت في أحضان والدها ، تهاب قسوة العالم من حولها والمكان الٱمن كان ذراعيه وأحضانه ، باتت في أحضانه ساكنة يرمي عليها كلمات هامسه بالأمان في غرفته هو ولم يتركها حيث لم يغفل بسبب خوفه من أن تفعل شئ يقدم على الخطر مره أخرى !!
وبعد إصرار من "عايدة" على إقامة "حنان"و"فرح" في شقتها حتي وافقوا ووافق "عز" الذي كان صعب عليه ترك "جميلة" هنا خاصة انها رفضت الرحيل ولم يستطع هو الرحيل من دونها ومن ناحية أخري كيف ستقيم "والدته وشقيقته" في المنزل دون وجود رجل؟!،. "عايدة" من حلت هذه العقدة ومرت الليلة بهدوءٍ على الأغلب! ،
في حين ظلت "زينات" بإنهيار في أعصابها ما ان تتذكر مشهد ابنتها وهي تهرول من الأسفل إلى الأعلى ، بمثابة صدمة لم تستطع الخروج منها بسرعة وللطف بقت بجانبها "ياسمين" التي شعرت بها الأمان وراعتها بأقوالها التي طمئنتها ! ،. في حين ظل "بدر" هناك مع أشقائة و"وردة"و"يامن" ليبعدهم عن ذلك الجو المتوتر خاصةً ان موعد سفره بات قريب ولا يريد أن يتأذى بهما حتي ولو نفسياً ومن ناحية أخرى لقضاء معهم وقت عائلى هادئ بين أشقائه والأطفال!!
كانت "عايدة" تقف بالمطبخ ومعها بعد إصرار كانت تساعدها "حنان" في إعداد الافطار ، في حين خرجت "فرح" من غرفتها تتمسك برداء "وسام" وهي ترتدي عباءة أنيقة خاصة بـ "جميلة" كي تستطيع الجلوس بها معهم ، طوتها ووقفت على أعتاب المطبخ تردد :
_" صباح الخير!"
التفتت" عايدة" تردد بلهفةٍ تعلن عن طيبتها :
_", دا صباح الجمال يحبيبتي ، اقعدي يلا على السفره علي ما نحضر الفطار!!"
_" حاضر ، بس ممكن معلش ي ماما هروح اودي الـdress بتاع وسام وهرجع علطول يكون الباقي صحى ؟"
سالتها بهدوءٍ وأخبرت "عايدة"حنان" من ضمن الثرثره عن ان "حامد"و"دلال" يستيقظان مبكراً ، أومأت لها وهي تحرك رأسها فرحلت "فرح" بخطواتٍ هادئة كي تعطيه لها وتجلب ملابسها لترتديها كي تستطيع السير للخارج بها والعودة لمنزلها ، في حين ان رداء "وسام" كان محكماً من ناحية الخصر بارزاً. جسدها وحثها "عز" على عدم الخروج به بطريقته الحانية الهادئة وأنصتت هي له !..
_" صاحية ؟"
سألها "عز" وهي تستند على قمة صدره بأنفاس تلفح جسده ، همهمت بالإيجاب وإعتدلت حتي جلست على الفراش فتحرك هو ببطئٍ يرفع رأسه ناحيتها وهو يبتسم مردداً للتخفيف عنها :
_"احلى حاجة أصطبح عليها من بعد ما بقيتي فبيتي هو وشك بملامحك دي!!"
ابتسمت بخجلٍ وتنحنحت بحنجرتها ترجع خصلاتها خلف أذنها حتي نظرت له بأسفٍ تبرر له :
_" أنا ٱسفه بجد يا عز اني خليتك مضطر تبات وكمان هما ، خايفة يكونوا مرتاحوش زي ما خايفه تكون مرتاحتش انت فنومتك دي ، السرير صغير أنا عارفه!!"
لم تفعل بكلماتها سوى أنها أخرجت ضحكاته العالية وهو يعتدل أكثر ، ناظراً نحو وجهها ببساطةٍ حتي قال بجدية مرحة :
_"لا مرتاح ، أنا أرتاح فأي مكان بشرط تكوني موجوده فيه!"
زحفت الحمرة لوجنتيها فتقدم ينال من خديها قبله هادئة سطحية حتي ابتسمت له بإتساعٍ وهي تجيب على حديثه :
_"كلامك الحلو بقا كتير أوي ، انت بتعجزني علفكرة!!"
_" أنا مش بعجزك ، أنا بحبك"
قالها بمرحٍ فضحكت تبدأ في الحديث كي تمتن له وبدأت قائلة ولم تكن تعلم هي انه سيقاطعها بجملته المعتادة :
_" بس عارف ؟؟"
ضحك "عز" يقترب وهو يميل مشاكساً آياها بمرحٍ هادئ :
_" لا مش عارف ، بس هموت وأعرف والله !!"
اعتلت ضحكتها تستشعر قربه بأنفاسه التي لفحت بشرتها ، فحاولت الثبات وهي تبتسم بتأثر من كلماته التي تسلبها وأكملت :
_" كنت بقولك ان وجودك فارق معايا أوي يا عز ، أنا حاسة بالأمان وأنا معاك فأكتر الأوقات صعوبة ، انت متعرفش أنا بخاف إزاي على فريدة لولا وجود حازم جنبها انا كنت نمت معاها وهي فحضني ومسبتهاش!!"
_"عارف إنك بتحبيها ، بس والله ما تخافي هي بقت أحسن بس عايزه شوية مراقبه كده منكم ، كله متفاجئ من اللي هي عملته بس أنا عرفت وحسيت إن طاقتها خلصت خلاص وانفجرت مره واحدة ، عارفه انتي؟ أنا لما كنت بعدي واعدي لحد ما احس اني مش تمام وهنفجر فحد كنت باخد نفسي وابعد اروح عالجامع علطول أصلي ركعتين لله وارتاح ، الدنيا دي صعبة ومش بتعلم حد ببلاش ، مع اني ببقى قاصد انها متشوفنيش عشان متفتكرش اللي عمله شريف بس هي عندي زي فرح ولو قدامي فرصة أشوف شريف محدش هيجيب حقها غيري أنا ،عارف ومقدر خوف حازم عليها عشان حسيته فـ فرح اللي مكانش ليها غيري ، بس هتعدي والله!!"
رفعت ذراعيها تعانقه بتأثرٍ من كلماته الصادقة والذي مهما حاول ترتيبها لم يستطع ، فكان حديثه يحتوي على أجزاء كثيرة دون شرح بعجز منه خاصة جزء شقيقه وما فعله ، مرر يديه على ظهرها بحبٍ وسمع صوتها الهادئ بجمله تمنى لو يسمعها كثيراً. طوال حياته :
_" ٱنا فاهماك ، فاهماك والله يا عز من غير ما تشرح!"
لا يود السير وراء هذه النقطة من الحديث بل نهض بالتدريج ونهضت هي أيضاً فلاحظ خصلاتها المفرودة والطويلة على ظهرها إلى الٱن ولم تعقدها ، كان يود قول ذلك بقضاءه الوقت معها ولكن القدر غير كل ذلك ، ابتلع ريقه وآقترب يستأذن ببراءة زائفة :
_" ممكن أقولك حاجة بقا؟"
توسعت بسمة"جميلة" ومرحت وهي تردد بعشمٍ :
_", ممكن طبعاً. ي عز الرجال !"
_" انتِ شعرك حلو أوي !"..
خجلت وهي تبتلع ريقها فسألها بجديةٍ يود الإستفسار عن طريقتها بالاهتمام به :
_" وكمان ملاحظك بتهتمي بيه أوي صح ؟"
أكدت تحاول اخفاء حرجها ووضحت بتفسيرٍ قبل ان تقترب من باب الغرفة بعده :
_" دي حقيقة ، ماما عودتني على كدة، هي اللي كانت بتهتم بيه أوي أهم حاجة عندها شعري ياما اشترت زيوت وحاجات مفيدة ومكنتش بتشتريلي لوحدي رغم أن فريدة كانت بعيدة بس كانت بردو بتجيبلها معايا !"
وأجاب بما لا يتحسب له عند قوله بتلقائية شديدة :
_" أه منا خدت بالي ان شعرها حلو زيك!"
عقدت ما ببن حاجبيها ولم تغفل من ثرثرة "نيروز" عن "غسان" هو الٱخر بأنه من صنف الرجال الذين يملكون قوة الملاحظة ، لا تعلم هو بأن الٱخر قوي الملاحظة بكل شئ خاصة لأمور الفتيات أما"عز", فكان بالفطره من بين هذا الإنتباه ، سألته بغيظٍ من قوله دون مراعاة وقوفها واستماعها لاجابته :
_" وانت واخد بالك أوي بقا ؟"
حرك رأسه باندفاعٍ وضحك بغير تصديق ينفي بيديه سريعاً وهو يوضح :
_" مش اللي فدماغك والله ، اخدت بالي امبارح بس لإن شعرها وهي بتقع على حازم وغسان دخل فعيني من الناحية التانية وأنا بشد ٱدم!!"
كانت بدون حجاب حينها عندما جلست بغرفة"نيروز" ، قررت تخطي الٱمر كي ترفع عنه هذا وابتسمت بتصديق وهي تؤكد قائلة :
_" محترم يعني!"
أجاب بوقاحة مخفية وهو يخرج من باب الغرفه بعدما فتحه:
_"دا بس مع كله إلا انتِ !"
كانت جملته تلقائية وهو يوليها ظهره ناظراً بطرف عينيه لها بخبثٍ عندما سمع شهقتها الخافته على حديثه !!
_________________________________
_"صباح الخير ي حبيبتي ، تعالي أدخلي إفطري ، حماتك دي بتحبك أوي!!"
رددتها "دلال" عندما فتحت لـ "فرح" الباب ، ابتسمت لها "فرح" بحرجٍ تحت ترقب "بسام" من الداخل ، دخلت عدة خطوات حتى سألت عن "وسام" بعد قولها :
_" صباح النور ي طنط ، أومال فين وسام كنت عايزه أعطيها ده!"
وقبل أن تُجيب إعتلى صوت "حامد" من. الداخل حتى هتف بحبورٍ :
_" تعالي بس أقعدي افطري ميصحش تقفي كدة ، تعالي !"
رفضت بحرجٍ وهي توزع الأنظار عليهم قائلة :
_" أيوة بس انا استأذنت أروح أعطي ده وارجع ، هم مستنيني هناك على الفطار أنا ٱسفة!!"
أمسكت "دلال" يديها تأخذ منها الرداء ثم سحبتها معها برفقٍ تزامناً مع قولها الغير قابل للنقاش :
_" والله ما هينفع تمشي ، يلا تعالي بسم الله يلا !!"
إضطرت للرضوخ خاصةً عندما وجدت الإصرار ونظرة "حامد" هو الٱخر ولحسن حظها جلست بالمقعد الفارغ الذي يوجد بحانب "بسام" الذي ابتسم لها بلهفة عندما اقترب تجلس مع قوله :
_" صباح الخير!"
_"صباح النور يا بسام ، عامل ايه ؟"
سألته بحرجٍ وعيني "دلال" تراقبهما بفرحةٍ عفوية تحت اندماج "حامد" ورد "بسام" بمرواغةٍ هادئة يجيبها مطولاً النظر داخل عينيها :
_" أنا كويس ، كويس أوي الحمد لله!"
خجلت حينها ومنعت نفسها من رفع عبنيها ناحية وجهه ، في حين تعالى صوت "دلال" تخبرها بنبره هادئة مع ابتسامة صغيرة :
_" غسلتلك لبسك ونشف كمان ، هقوم أجبهولك بعد ما تفطري ، بس كلي مبتاكليش ليه ؟"
نفت "فرح" بلهفةٍ وهي توزع نظراتها بينهما:
_'' لا باكل ي طنط تسلم ايدك على الأكل !"
صمتت"دلال" تنشغل مع الٱخر بتناول الطعام ، وحينها اقترب"بسام " يجيبها بدلاً عنها :
_'' أنا اللي عامله"
رفعت "فرح"حاجبيها بإعجابٍ وقالت مدهوشة :
_" بجد ؟"
ٱكد بإبتسامة واسعه وما يميزه عن شقيقه أن بجانب إحدي وجنتيه توجد "غمازة" صغيرة ناحية اليسار ، حركت عينيها بحرجٍ وقالت مجدداً له :
_" تسلم ايدك !"
_' انتِ مسكينة أوي!"
قالها بشفقةٍ فسألت هي بغرابةٍ قائلة :
_" ليه ؟"
_"علشان فاكرة ان وسام بتصحى دلوقتي!"
قوله كان بضحكٍ خفيف جعلها تضحك مندمجة وقالت تعبر عن ما فكرت به :
_" انا قولت انها ثانوية عامة وبتذاكر للصبح. مثلاً وتسهر وكدة !!"
وقبل أن يرد عليها كانت ابتسامة "حامد", الواسعة وهو ينهض مردداً لها بلطفٍ :
_" الحمد لله ، كملي أكلك ي حبيبتي افطري كويس !"
حركت"فرح" رأسها بمواقفةٍ مُحرجة ، ولم ينهض ذلك الذي يجلس بجانبها ، لا تدري لما ودت أمس واليوم الذهاب لهذه الشقه بحجج أصلها هي وما تشعره بتخبطٍ ، أيقنت أنها معجبة ولكن تترك هذه المشاعر وتتخبط على الفور عندما تتذكر بأنه عاشق لٱخرى لا تعلم عنها شئ ، وبنفس الوقت تشك وهو من جعلها تشك ليسلب منها تركيزها!!!! ، هيهات من شبيه حدة الشباب!! ، ان تُركت هي لمشاعرها وازدادت لجعلتها تنساق بعفوية خلف شئ لم تتأكد منه ، بل وبمثل هذه العفوية ان أحبته فمن المضحك ان تعترف له أولاً بعفويتها وتلقائيتها هذه !!، اذن يجب عليها الإبتعاد وعدم الرد عليه والتجاهل كي لا تنساق وراء شئ احتمال كبير أنه ليس لها ، وهذه تراهات بين عقلها وما تفعله!!
لاحظ شرودها هو الٱخر ، فإبتلع ما بفمه وإعتلى صوت دقات هاتفه فنظرت هي بترقبٍ ، فنهض كي يجلبه من جيب بنطاله حتى وجد الإتصال خاص بالمستشفى ، زفر بضيق ونظر نحو الساعة فلم يتأخر بعد !!
_" في حاجة معاك ولا ايه ؟"
رفع "بسام " رأسه يبتسم لها ثم قال يوضح بصدق:
_" لا دا اتصال خاص بالشغل ، تلاقي في متابعة أو حاجة فعشان كدة لازم امشي بدري شوية !!"
أومأت بتفهمٍ وهي تنهض تحمل الأطباق وقبل أن تفعل وجدت باب الشقة يُفتح بهدوء حتي أغلقه "غسان" خلفه مع رفع نظراته لينظر فوجدها برفقة شقيقه ، وقبل أن يتحدث أي منهم خرجت "دلال" تبتسم بإتساعٍ له تسأله بلهفةٍ:
_" صباح الخير يا حبيبي ، فطرت ولا تقعد تفطر؟"
خرج "حامد" هو الٱخر ينظر ، بينما صمت "غسان" وتوقف عن الرد لبرهه ، وجدت "دلال" دمعه عالقه بعينيه لم يتركها هو أكثر لتتمعن بل سار بخطواتٍ هادئة يغلق الباب خلفه في وجوههم جميعاً. ، تحرجت "فرح" من فعلته بينما قلقت "دلال" تردد وهي تنظر نحو زوجها :
_" بسم الله ، ماله الواد !!''
ألم تنتبه لجروح وجهه أم أن الاخر هرب قبل ان تلاحظ ؟؟شعر "بسام " بأن المشكلة لم تُحل ،فـ توقفت"فرح " بحرج عن رفع الأطباق ، بل توجهت بما بيديها للداخل وخرجت تبتسم لها قائلة :
_" هستأذن أنا يطنط ، عايزة حاجة ؟!"
قصدت عدم حمل البقية ولا غسل شئ للمساعدة بسبب ما استشعرته من أمر خاص يينهما ، لم ترفض "دلال" أومأت حتي انسحبت "فرح " تخرج من الباب ، تحت تقدم "دلال" كي تدق على باب غرفة"غسان" ، وقف "حامد" يسشتعر حدوث شئ ، في حين سمع الاثنان صوت "دلال" القلق وهي تدق الباب دقات متتالية :
_" افتح كده ي غسان ، مالك ي بني ، فيك ايه ؟؟ افتحلي كده سمعني صوتك!"
لم يأتيها الرد ، بل وقف خلفها "حامد" يترقب في حين تقدم "بسام " يوقفها :
_" سيبيه ي ماما تلاقيه مخنوق من حاجة وهيفك ، سيبيه مع نفسه شوية !!"
هو الوحيد بين أشقائه الذي يظهر عليه تخبطه وعدم قدرته علي الكذب والمراوغة ، لذا علم "حامد" أنه يعلم ،. لو لم يكن كذلك لوقف أولاً يري ماذا حل بشقيقه ..
_" رد على امك ي بني وريح قلبي ، مالك فيك ايه ومروحتش الشغل ليه طيب!!!"
زفر "بسام " منها في حين تقدم "حامد" يحاول فتح باب الغرفة ، لم تفتحه الأخري كي لا ينفعل عليها من بالداخل بينما فتحه حتي وجده يقف مولياً ظهره لهما ، تقدم "حامد" يتنحنح ثم قال قبل أن يتقدم :
_" مبتردش على أمك ليه ي غسان ؟!"
و قبل أن تتقدم "دلال" أشار لها "حامد " بالتراجع وبالفعل تراجعت بقلقٍ تخرج وهذه المره. دخل "بسام " غالقاً الباب خلفه ولكن ليس بالكامل ..
في عُرفهما ليس عيب أن يهبط الرجل دموعه ، اعتاد الثلاثة على ذلك ، فعندما إلتفت "حامد" وجد دمعة واحدة تفر علي وجنتيه بخواء ، نظر بذهولٍ وقلق ، هو ليس سهل ان تهبط دموعه بهذه السرعة ، رفع "حامد" كفه بلهفةٍ يرفع رأس الٱخر تحت خوف "بسام" الذي وقف بجانب "والده" بينما سأله "حامد" بلهفةٍ :
_" مالك ي بني فيك ايه قولي ؟!!"
عندما دفع ذقنه نظر "غسان" بعينيه والتفت يهرب مجيباً بإقتضاب :
_" مفيش!"
نظر "حامد" و"بسام" إلى بعضهما ، بينما خلع "غسان" ملابسه الفوقية يفتح الخزانة كي يبحث عن ملابس بقت هنا ، وردد بما صدمهم وشل ألسنتهم :
_" اعملوا حسابكم اني هطلق نيروز ، عشان يبقي عندكم خبر بـ ده !"
صُدم "حامد " في حين نظر "بسام" بغير تصديق ووقفت "دلال" مكانها بصدمة بعدما كانت تحمل كوب مشروبه المفضل لتراضيه وكأنه صغير ، شهقت تدفع صدرها بيديها وقالت بحسرةٍ مصدومه وهي تدخل من الباب:
_" يا لهـــوي !!"
إعتلى صوت "حامد" في الحال ينهره بغير تصديق :
_", انت مجنون تطلق مين وليه ؟؟ هو ايه اللي كان حصل ؟؟ هو شغل جنان ما انتوا كنتوا حلوين مع بعض؟؟؟؟؟!"
قذف "غسان" الملابس أرضاً بإنفعالٍ وردد يخبرهم بما يغلق هذا الحوار:
_" هو ده اللي عندي ومن غير ليه!!!"
_" طب قولي بس يبني ايه اللي حصل وايه لازمة شقلبة الحال دي حرام عليكم !!!'
بما سعيطيهم من أسباب؟؟.، ابتلع ريقه وتقدم ناحية الشرفه مردداً باختصار وهم خلف ظهره:
_" معنديش أسباب تتقال ، عادي ملناش نصيب مع بعض !"
كانت جملته موجعة دخل وهو يحمل علبة سجائرة بيديه ، وجلست "دلال" بغير تصديق على فراشة حتي سالت منها دمعتها بحسرة وهي تندب ، في حين تقدم "بسام" خلفه يسأله ومعالم الصدمة لم تختفي:
_" يعني ايه ي غسان الكلام ده ؟ هو اي مشكلة بينكم حلها هيبقي الطلاق ؟ إعقل واهدي كده ومـ .."
_" دا ٱخر كلام عندي ودي حياتي وأنا حُر فيها !!"
قاطعة قبل ان ينهار يكابر بخداعٍ بينما تقدم "حامد" بغضب هذه المرة يمسك ذراع "غسان" يسحبه معه ناحية الداخل مره أخرى حتي اندفع بيديه يلتقط العلبة من بين يديه وقذفها أرضاً مع قوله المنفعل :
_" يعني ايه انت حر ؟؟ انت مش حر لوحدك ولا مراتك دي جاييها من الشارع من غير أهل، لازم تفهمني السبب وتحترموا الناس الكبيرة اللي بينكم ، وبعدين ازاي فهمني كده وانت مراتك حامل ؟؟ هتسيبها كده ازاي؟؟!"
وبخه بصوتٍ منفعل بينما هو تعمد البرود كي يرحلوا من فوق رأسه عندما نظر لـ "بسام " وأردف بلامُبالاة زائفة :
_" خدهم يا بسام الله يسترك وحلوا عني وعن دماغي يلا !"
تقدم ناحية "والدته" ينتشل الكوب من بين يديها كي يتجرع منه تحت ذهول "بسام "و"دلال" التي توقفت عن البكاء ، في حين نظر "حامد" له بصمتٍ وردد بنبره أهدأ من قبل يسأله :
_" يعني انت مش هامك حتي انك داخل على مسئولية ولا كنت في مسئولية؟"
أسند "غسان" الكوب ورفع عينيه يبتلع ريقه وجد "حامد" ان هذه النظرة تخفي الكثير بينما ردد الٱخر بنبرة جاهد بها الثبات :
_" أنا متخليتش عن مسئولية اللي جاي ، كل اللي قولته إن ملناش نصيب مع بعض وكل واحد هيروح لحاله !!"
تعالي نحيب وبكاء "دلال" في حين نفي "حامد" بيأسٍ من الذي يصر على الوجع في حين اندفع "بسام " ينهره :
_" انت غبي.؟؟ احنا بنقولك اعقل وفكر بالهداوة ، تقول هطلق؟؟ طب بتظلم اللي في بطنها معاكم ليه ؟؟ ليه قررتوا تخلفوا وانتوا الاتنين مش ناوين تعقلوا ، اعقل يا غسان الطلاق مش بالبساطة دي انتوا في بينكم طفل حرام عليكم تظلموه !!"
أشار "غسان" بعدها ببوادر إنفعال يخبرهم بما ينهي هذا النقاش :
_" وأنا قولت ده اللي عندي وأسبابي متنفعش تتقال ومحدش يتدخل فحياتي !!"
خرج من الغرفة بإنفعالٍ حتي دخل مرحاض الطرقة وأغلق الباب خلفه سامحاً. لسقوط ذلك القناع الزائف الذي رسمه للقوه كي يخبرهم ، حتي لا يندفع أحدهم بإلقاء اللوم عليها هي ، ملامحة المنكسرة ان رٱها أحد أفراد عائلته سيصبح اللوم متوجه لها هي وحدها خاصةً ان انكساره لا يظهر إلا عندما يكون الوضع صعباً للغاية ، سالت دموع "دلال" وهي تنهض خلفه فأغلق هو باب المرحاض ولكنها هرولت ناحية غرفتها تلتقط هاتفها كي يأتي له ذلك الذي يبرع في التعامل معه ، ولم يكن سوى"شادي" صديق أيامه!!
إلتفت"حامد" ناحية وجه "بسام" وتنهد بتعبٍ يسأله بنبرة لا تحمل النقاش:
_" انت عارف اللي حصل ؟"
إهتزت ملامحه وقال ينفي بصراحةٍ :
_" لا معرفش السبب !"
شعر إنه يجب عليه التحدث بما رٱه ٱمس رغم تحذيرات شقيقه ولكنه لم يري سوى شئ واحد وهو وجود حل لهذه المعضلة !! ،. واصل يكمل بارتباكٍ :
_" بس حصل حاجة مش فاهمها لحد دلوقتي!!"
_"قولي يا بسام اللي حصل وأخوك راسه مبطوحه من ايه ووشه عامل كده ليه ؟"
لم تأخذ "دلال" انتباها بل انشغلت في ٱمره منذ ان رأت وجهه منطفئ هذه المرة ، في حين صمت "حامد" ينتظر فأومأ "بسام" يتنفس بصوتٍ وهو يمسك يد "والده" يسنده ناحية غرفته مع قوله الهادئ :
_" حاضر هقولك على اللي شوفته يا بابا ، بس ياريت نلاقي نحل بسرعة !!"
وعلى بُعدٍ منها كان صوتها الباكي يجيب علي الإتصال :
_«بسرعه يا شادي ، أنا مش عارفه ايه اللي حصل ، تعالى له عشان خاطري فأسرع وقت انت اللي هتعرف تتعامل معاه...»
_______________________________________
وبعد وقت كما أخبرهم هو وقفت هي تخبرهم بالمثل حينها سمعت صوت شهقة "سُمية" ووقوف"ياسمين" بإندفاعٍ مع "حازم" الذي تركهم بعد تناول الإفطار ورحل يري "ياسمين" , صرخت "سُمية" في ابنتها بصوتٍ عالٍ وجابت بصوتها مسامع "عايدة" في شقتها التي انتفضت..
_" يا مـصــيـبـتي، انتي بتقولي ايه يا بنتي،بتقولي ايه ؟؟؟؟!!!"
سقطت دمعة "نيروز" وهي تحرك رأسها لتؤكد تزامناً مع خروج"زينات " من الغرفة بسرعة ، حينها سمعت قول "نيروز ", المتألم :
_" بقول اللي سمعتيه يا ماما ، أنا وغسان هنطلق !!!"
اقتربت"ياسمين" بملامح متشنجة واندفع الغضب لرأسها عندما سألها بتوبيخ مع صوتها العالي :
_" انتي مجنونة؟؟ طلاق ايه اللي بتقولي عليه ده ، ما الدنيا كانت فل بينكم ايه اللي حصل؟!!"
جلست بإنهيارٍ على المقعد ونفت تضرب ساقها بإنهزامٍ كي يتركوها مع وجعها :
_" معرفش ، معرفش ومحدش يضغط عليا بقا أنا حرة في حياتي ، ودا قراري!!!!!"
وضعت "سمية" كفيها على رأسها بتعبٍ ورددت بغير تصديق تزامناً مع اقتراب "حازم" من "نيروز" بقلقٍ أخوي عليها..
_" ي خيبتك في بناتك ي سُمية يخيبتك واحدة مجنونة عايزه جوزها يدب خناق لرب السما وهي مش عارفه شر اللي قصادها والتانية جاية تقولك هتطلق وهي حامل مكملتش كام شهر جواز!!!!"
نزلت دموعها حينها وقبل ان تتحدث ٱكثر ،. جلس"حازم " يشير لـ "نيروز" برفقٍ كي تنتبه حتي قال بهدوء يتعاكس مع حال زوجته ووالدتها :
_" اهدي بس يا نيروز وقوليلي ايه اللي حصل ، احكيلي يمكن نلاقي حل مع بعض ، مش كل حاجة طلاق ، الطلاق مش بالساهل خصوصاً ان في بينكم طفل جاي!! ، وانتي وغسان بتحبوا بعض ايه اللي حصل ؟!!!"
بكت بانهيارٍ فربت على كتفها بينما بكت هي ولم ترد بأي حديث ، تزامناً مع فتح "سمية " باب الشقة وصرخت"ياسمين" لها كي تنتبه بقولها :
_" ما تردي تفهمينا ايه اللي حصل ، اتكلمي!!!"
وعقب ذلك القول دخلت "عايدة " مسرعة وخلفها "جميلة "و"عز"و"فريدة" وحتى"حنان"و"فرح".. وهتفت "سمية" بتحسرٍ وتقطع مقهور على الحال وهي تجذب انتباه "عايدة ", أقرب المقربين اليها :
_" تعالي يا عايدة شوفي خيبتي في بنتي ، تعالي شوفي نيروز اللي غاوية وجع قلب وبتقولي هتطلق ، طلاق ايه ، طلاق ايه يبنتي حرام عليكي!!!!".
وقف "عز" مصدوماً بجانب "حنان " بينما هرولت"جميلة" و"فريدة " و"فرح" باتجاه "نيروز " التي كنت تبكي بصمتٍ كاسر وكأنها هي التي لم تفتح هذا الباب من الوجع مجدداً للمرة الثانية ، عانقتها "ياسمين" بإستسلام عندما رأتها بهذه الحالة ونظرت "جميلة"و"فريدة" لـ "حازم" فبادلهم النظرة بجهلٍ شديد عن ما حدث بينها وبين "غسان", احتوت "حنان"و" عايدة" "سُمية" في حين ، وقف يدق "حامد"مع "بسام" جرس شقة"سمية"، وعقب ذلك دخلوا مهرولين عندما رأوا هذا التجمع وقفت "سُمية" بإندفاعٍ تسال "حامد" هذه المرة بتحسر :
_" يعني ايه ابنك هيطلقها يا حامد ، حد يقولي يعني ايه ويفهمني أنا دماغي خلاص حرام عليكم !!!!"
وقف الكل يترقب قوله في حين أخذ "حامد " أنفاسه ببطئٍ ورفع رأسه أكثر يخبرهم بهدوء:
_" ممكن تسيبوني مع نيروز شوية لوحدنا ؟؟"
تبادلوا النظرات ، وخرج "عز" ساحباً يد "حنان" معه واليد الٱخري كانت بها "جميلة" التي خافت من رؤية "نيروز" بهذا الشكل ،بينما هربت "فريدة" كي لا تسوء حالتها من هذه الٱجواء التي لا تنتهي هذه المره هرولت تجلس بمحل الورد في الأسفل ، وبخفةٍ كانت "ياسمين" تجلس بالخارج برفقة "سمية" التي كانت تنهرها "ياسمين" على بكاءها هذا ، ووقف "بسام", بجانب "حازم" وهم يرون الٱن انسحاب "نيروز" ناحية غرفتها مع "حامد" كي تقص عليه بنفسها ما حدث بكل هدوء !!
ابتلعت "زينات" ريقها بتوتر عندما لاحظت انسحاب "فريدة", ولكن نظرة "حازم" طمئنتها ، لأنه هو من حثها علي الذهاب من هنا ، إلتفت "حازم" برأسه يسأل "بسام" بترقبٍ :
_"خير ي بسام ايه اللي حصل ي بني لـ كل ده ؟ وفين غسان ؟؟"
وجد الحزن على ملامحه عندما رفع "بسام " رأسه وهو يتنهد ثم قال يجيبه:
_" صدقني معرفش اللي حصل ، وغسان مش شايف قدامه ولا عايز يتكلم ومش طايق لحد كلمة !!!"
زفر بصوتٍ وسحب"بسام " معه بذراعه تجاه شقة "حامد". حتى دق الباب بهدوء ، غير غافلاً عن انه إلى الٱن لم يأخذ حقوقه من الشقة المقابله لشقة "حامد" ، لحظات وفتحت لهم "دلال" بعينيها الباكية ، دخل "بسام" مع "حازم", تزامناً مع إرتداء "غسان" قميصه على نصفه العاري دون غلق الأزار واللفافة لا تفارق شفتيه ، جلس يرتدي حذاءه بغير اهتمام أمام أعينهم ، وبعدما انحني اعتدل يغلق أزاراه نافثاً دخان سيجارته بشراهة ومن ثم اعتدل ينهض وهو يغلق هاتفه وقبل ان يخطو أكثر ركز عينيه على الثلاثة ، وسأله "بسام" بإستفهام :
_" انت رايح فين دلوقتي ي غسان ؟"
تركهم موليهم ظهره ليفتح الباب مردداً بفظاظةٍ يختصر الرد بـ :
_" فـ داهية !"
وضع "حازم" يديه على الباب يرفض خروجة فأغمض "غسان" عينيه بنفاذ صبر ، وكما فعل ، تقدم "بسام" يكمل ما فعله "حازم" ولكن بالقول:
_" مش قبل ما تشوف مشكلتك مع مراتك ، روحلها هناك طيب واتكلمو أكيد هتلاقوا حل وأبوك هناك ، الدنيا مقلوبة وانت مش حاسس!"
_" تتقلب محدش ليه دعوة ، دي حاجة بيني وبينها ومتفقناش يبقي خلاص!"
صمت "بسام" مضطراً كي لا ينفعل بينما مال "حازم" ينظر بقوة داخل عينيه ، كيف لا يعلمه وهو صديقه هو الٱخر ، هتف بجملة واحدة أراد بها أن يهز ثباته الزائف ٱمام أعينهم :
_" انت مصدق نفسك ؟؟"
حاول "غسان" فتح الباب ولم تقترب "دلال" كونها تعلم حالته ، هذه المرة لم ينصت أي منهم لتركه عندما يكون كذلك بل إقتربوا وما فعلوه لا يختلف عن "نيروز" التي لم تتركه هي الأخرى بوقت انفعاله!!! ولكن الأمر يتطلب التدخل !! دفع الباب وضربه بساقه حتي رفع عينيه يردد للٱخر بحدةٍ :
_" ابعد ي حازم خليني امشي!"
نظر "حازم", نحو أزرار قميصه المفتوح أكثر من أن يغلق وجسده الذي يظهر فردد يشتته كي يهدأ :
_" هتمشي كده ؟"
وقفت "وسام" في الخلف بغير فهم عندما استيقظت على هذه الأصوات ركضت نحو "والدتها" الباكية التي رددت عليها بحسرة ما حدث تحت مسامع "غسان" الذي تشنجت ملامحة أكثر وهو يحاول دفع الباب :
_" بقولك ابعد ، انت هتحبسني؟؟؟"
بينما من جهة أخرى لم تصدق "وسام" ما ارتمى على مسامعها تعلم هذه الحالة التي لبسته الآن من انفعال ، ابتلعت ريقها وهي تركض ناحيتهم أكثر تحت إصرار "حازم" عليه بعدم الخروج ومساعدة "بسام" له إلى ان يأتي "حامد" او "شادي" على الأقل !، بينما هتفت "وسام" من خلف ظهره عندما وجدته يدفع الباب بغضب :
_" غسان!"
هي من إحتوته في قرار الطلاق الأول ولم يسرد لأحد سواها على ما اعتراه من مشاعر موجعة ، تنفس بصوتٍ مسموع والتفت برأسه لها فوجدها تردد بنبره على وشك البكاء :
_" بلاش يا غسان ..نيروز حامل !"
وكأنها تخبره لأول مره ! ، رأي دمعتها الصادقه في خوفها من الخراب ، حرك عينيه بعشوائيةٍ وضيق مع لمحة من الحزن التي ظهرت في تنهيدته ، وعقله لا يتوقف عن قول جملة بأنهم لا يعلمون ما حدث فعلى ماذا يحكمون دون علم ؟. وبين قلبه الذي يرفض ، بينما كرامته كرجل طغت على كل ذلك عندما تهجمت ملامحه يدفع بذراعه "حازم"و"بسام" مردداً لهم بنبره جادة جامدة :
_" ٱنا مش فاضي لشغل العيال بتاعكم ده ، عدوني ورايا زفت شغل !!"
دفعهم وفتح الباب حتي خرج بإندفاعٍ وهم خلفه وأوقفه عن التقدم ناحية المصعد خروج"حامد " الذي نظر له وهو يرحل !!
الغريب أنه تركه يرحل ، وأشار لـ "بسام " هو الٱخر باقتضاب وكأن شئ لم يكن:
_" سيبوه ، وروح شغلك انت كمان يلا عشان ميحصلكش مشاكل ، انت اتأخرت!"
وقف حائراً من الذي يحدث بينما انسحب "حازم" بيأس ينظر نحوهن في داخل شقة "سمية" ودخل "حامد" شقته حتي وقف وقبل أن يسأل أي منهم ردد بحزمٍ :
_"أنا مش عايز لك وكلام كتير ، الموضوع مش عايزه يكبر أكتر من كده ، خدي بنتك واعقلي ومتفرجيش حد علينا ، وابنك هيجي ويهدي ونتفاهم ، خلصنا!!"
دخل يتركهم ناحية غرفته ، بعدما ترك "بسام" يقف متعجباً من الحالة التي لبسته هو الٱخر ! ، وظهرت بوادر الضيق عليه عندما اندفع هو الٱخر بغير رضا للذي يحدث ورحل من الشقه ناحية عمله !! ، في حين انصاعت "دلال"و"وسام" لحديث "حامد" الحازم ، وتركته "دلال", وهي تجلس بقهر تنتظر قدوم "شادي" على أخر من الجمر!!!
بينما وقف "حامد" بتخبطٍ وشفقة عندما قصت عليه "نيروز" ما حدث بكل صدق ، هي اخطأت وهو الٱخر مخطأ بينما خطأها أكثر منه ، ابتلع ريقه يحاول أخذ أنفاسه وعلم الٱن ما يجتاح صدر ولده من مشاعر موجعة لرجل يُحب وانخفضت كرامته للأسفل !!، يعلم تمام العلم أنه مهما كان صواباً يظهر بأنه المخطئ بسبب أفعاله وأقواله ، ثم ليزيد الخطأ عليه أكثر في حين بأن من البداية كان لا يوجد عليه ولو ذرة لوم بأنه الخطأ!!
__________________________________
وقفت تحاول إلهاء نفسها بأنفاس لاهثه تهرب من أفكار كثيرة تداهمها عندما تري بأن الوضع يضيق ، تحاول الهرب من نفسها ومن عقلها وهذا موجع موجع جداً ، أعدت كوب من الشاي هذه المرة، ووجدت أحدهم يدلف إلى الداخل كي يبتاع باقة زهور أو ماشابه ،رحبت بالزبون بحرارة وتركته يختار دون مساعدة ، وشردت مره أخرى كلما تتذكر ما حدث لها وما كانت ستقدم عليه من انهيار لا تصدق بأن عقلها اختل لهذه الدرجة ، باتت تكرههم بشدة ولولا هو لما نجدت من هذا الضياع والهلاك التي كانت ستذهب له دون رحمة !!
أنقذها ؟ وكأنها تسأل ولا تصدق بأنه كان على حافة السقوط من أجلها ، تعثرت قدمه أكثر من مرة ، ولأن ٱمس لم تستطع تذكر التفاصيل بينما الٱن من بداية اليوم تتذكر وتعي ما حدث ، أخذت أنفاسها بهدوءٍ تهرب من ما تكنه له ، باتت لا تفهم وبعد ما فعلته بنفسها بلحظة انهيار الكل سيراها مختلة عقليه لا يصح لها إلا مستشفى الأمراض العقليه..!!
جزء من كبرياءها يهاتفها الٱن كأنثى تتحسب النظرات في عين الغير تجاهها ولم يهمها سواه ؟ هل هرب ولم يطمئن عليها لأنها باتت لا تصلح له ؟ ، نفضت من عقلها عندما حثتها الفتاه على ان تغلف لها ما قدمته أمامها وسألتها عن السعر ابتسمت بترحابٍ أكثر كي تكسبها لتأتي مره ثانية وهي من انتشلتها من أفكارها المتداخله والتي على وشك الاعتراف لنفسها بأنها بالتأكيد أصبحت تكن له شئ بداخلها وبين استنكار وخداع لنفسها رفضت وهي تعلم بأنه تخدع قلبها لا تعلم هي بأن القلب قادر على كشف أي خداع ولا يعرف طريق إلا للصدق!!..
وعلى فجأة جاب سمعها صوت دراجته البخارية ، هو هنا؟ جاء؟ ٱم انها كلما تفكر بشخص يأتي؟ ، تقدمت على أطراف قدمها أكثر كي تري من بالخارج فلاحظت الفتاه ذلك وابتعدت بلطفٍ كي تستطيع "فريدة" ان تري ويديها تعمل على تغلفه ما بديها ، انتهت تتصنع عدم رؤيته عندما دخل وصوت مفتاح الدراجة مع مفاتيح أخرى يتسلل لأذنيها ، أخبرتها بالسعر وأخذته وشكرتها الفتاه ورحلت من جانب" ٱدم" الذي وقع بصره عليها بتلقائية ، ولاحظت "فريدة" تمعنه !!..
والغريب بأنه تعمد عدم تذكر أمس بكل ما حدث منها ، رغم خوفه ولكن تراقصت دقات قلبه فرحاً برؤيتها كذلك ، تقدم "ٱدم" يبتسم باتساعٍ وتفاجئ بشدة من إندفاعها وهي تسأله بأخر ما كان يتوقع سماعه من هذه الشرسة :
_" حلوة ؟"
سألته عن الفتاه ورواغ بابتسامة واسعة عكس ما احتله من مشاعر الٱن بل سلط نظرة على عينيها وقال بعمقٍ يقصد عدستيها بخبثٍ :
_" أوي !"
إهتزت عينيها ورأي دموعها بها ، كما نظرتها هذه تظهر الحزن المفاجئ ، ابتلعت ريقها ومحت تورتها من عينيه التي تحاوطها وقالت:
_" ايه اللي جابك ؟"
_", تعرفي ؟؟..بيقولوا الملافظ سعد ؟"
تعمدت تجاهله كما تتعمد كل مره وأشارت بعينيها بغير إهتمام حتى رفعت الكوب تنجرع منه ونفت باختصارٍ :
_" لأ معرفش!"
هبطتت عينيها ناحية المفتاح وما علقه به ، المفتاح الذي بيديه معه ميدالية اسم ادم التي ابتاعته له مثل البلهاء دون مسمى ، نهرت نفسها سراً من تسرعها ، وكأنه أدرك ما تفكر به حيث قال بسعادة هادئة عبثية :
_" عمري ما هفرط فيها أبداً !"
_" مكنتش جيباهالك ، اتلخبطت وجبت ٱدم بدل ٱدهم !!"
هربت بعينيها كي لا يكتشف كذبها بينما نبس هو بضحكة عالية اثارت انتباهها بغير وعي :
_" كدابة "
_" لا مش كدابة "
إندفعت ترددها له تحت بسمتها التي خرجت على ضحكته فـ تاه بين ملامحها وقال قوله المعهود :
_" اللي عينيهم حلوة مبيعرفوش يكدبوا !'
وكالعادة أجابت بعناد ٍ :
_" لا بيعرفوا "
_" طب عيني فعينك كدة!!"
هذه المره أثار تحديها ونهرت نفسها وقررت مواجهته وقبل ذلك مواجهة نفسها كي تثبت لكل أفكارها بأنها لا تحمل تجاهه أي مشاعر ، وعندما رفعت عينيها صمتت العيون بحديث عاجز وتحدثت القلوب عندما خفق قلبها بشدة من عينيها التي تعلقت به ، كيف حدث؟ ليس هذا السؤال الذي جاء على عقلها ، بل لا تدري كيف اقترب وباتت عينيه داخل عينيها بنظراتها هذه ، وللحظاتٍ توقف ينظر نحو جرأتها الزائفة وحزن للحزن الذي بات رفيق لعدستيها والغريب بأنه استشف ذلك الحزن من قبل وسألها دون أن يعلم كل ما حدث ؟ وعلم بالنهاية ان حديث القلب والعين يتوافق بينما العقل خبيث يشتت صاحبه ، رمش بأهدبه يردد بإسمها بتيهه كي يعترف :
_" فريدة!"
وكأنه أخرجها من دوامتها ، ابتلعت ريقها من ما فعلته ، وهربت بعينيها تلتفت وهي تردد بتخبطٍ مهتز ظهر له وٱخيراً استطاع ان يلجم حديثها ، حديث هذه المندفعة بشراسة التي تحاول محو طيبتها رغم انها تظهر وهو وحده أمام عينيها خبير!! :
_" نعم !!"
توقف وأراد أن تلتفت كي يعترف وهي تنظر له بينما لم تلتفت هي ، ولكنه ردد بحديث ٱخر مختلف :
_" أنا عايز أقولك إني خوفت أوي امبارح!!"
ابتلعت"فريدة" ريقها وهي تلتفت تنصت بإهتمام وواصل هو بصدقٍ شديد :
_''تاني خوف حسيته بعد خوفي من اني أخسر أمي!"
وأكمل بعمقٍ وتأثر تحت ملامحها التي تتراخي بإندماج واهتمام وهي تنصت :
_" بس هي مشت وسابتني متعلق ومخذول ، انتِ هتمشي؟؟"
أصبحت تتأثر وكلما تريد ان تثبت العكس لنفسها هي من تخذلها وليس ٱخر سواها ، تقطعت أنفاسها من ما شعرته من خذلان لأجل ما فقده ، وابتلعت ريقها ولكن لم يخرج الحديث بل خرجت هزة رأس خافتة جداً تنفي بها ، تهللت أساريره في الخفاء وعاد يسأل :
_" ولا هتسيبيني متعلق حتى ؟"
تاهت عينيها بتقاسيم وجهه ولمعت بدمعة تشتت وقالت بجهلٍ ظهر بوضوح :
_" مش عارفة !!"
إقترب "ٱدم" يخطو أكثر حتي وقف أمامها وقال يُذكرها :
_" طب فاكرة لما سألتيني الحُب بالنسبالي ايه ؟"
أكدت هي برأسها بابتسامة صغيرة ، وأخذ "ٱدم" نفساً عميقاً يسرد باقي ما بدأه :
_" ساعتها جاوبت وسألتك زي ما سألتيني بس مكنتيش عارفة الجواب ،بس عايز أعرف عرفتيه دلوقتي ولا لسه مش عارفاه ؟؟"
وصمت مقرراً قول الٱتي بصدقٍ :
_" لو لسه مش عارفة أوعدك اني مش هفتح الموضوع دا تاني وهبعد عنك !"
كان صريحاً ، فقد كل ما أصبح يهمه هو راحتها وإعتبر نفسه عبء عليها ،.رغم انه طلبها دون مشاعر تكنها له ولكنها استشعر ضغطها منه لا يعلم هو الٱتي منها ، صمت ينتظر الجواب لفترة ، ورغم حالتها النفسية ولكنها تشتت كلما تهرب من الحقيقه تتواجهة بها إما مع نفسها أو معه هو ومع عينيه الجادة الحازمة التي تغلب عينيها وتجعلها تتعلق بها دون وعي منها ، أهذا هو الحُب؟
أهذا هو عندما يتعرض للخطر من أجل ٱخر لم يعطيه أي جواب لمشاعره؟
أهذا هو التخبط الذي بداخلها ؟
اهذا مع نظرة عينيها التائهة ؟
وحديث قلبها الذي ود لو يصرخ لينفعل من كثرة إشاراته ودقاته تحت مسمي الحُب لإسم من ثلاثة حروف؟
ٱدم ؟؟. .." ٱدم" ..
انتظرها فترة ولم تجيب أعطاها المهلة الكافية وعلم أنه يضغطها لذا ابتسم بألمٍ داخلي ولكنه ضغط نفسه لأجلها كي يصبر وقال متخلياً بفقدان أمل:
_"ولا يهمك لو معندكيش الرد خلاص ، ٱنا مش حابب أضغطك ، وهمشي عشانك قبل عشاني ، بس عايز أقولك إنك مش قليلة على أي حد ، انتِ كتيرة أوي وحلوة كمان ومش ٱي حد يستاهلك يا بختي في الوقت اللي راح ده عشان كنت معاكي ، حتي لو بخناق ، فـمـ ..."
الصادم هو الٱتي ،. الصادم له ولها ، عندما ابتلعت ريقها تغمض عينيها وهتفت بإعترافٍ ولم تعي بأنها الٱن من بدأت قول شئ قبله هو شخصياً :
_''ٱدم .. انا بحبك!!'
انتفض بغير تصديق وبرزت حدقتيه بذهول، هذه المتبجة المستفزه كما يلقبها والثقيله التي تتجاهله تعترف قبل أن يعترف هو ؟ ماذا حدث؟؟ ، ارتجفت أوصاله بدلاً منها وكأن الوضع معكوس بطريقة ساخره مضحكة ابتلع ريقه بغير تصديقٍ وحك أذنه بذهولٍ. مردداً :
_" قولي تاني كده !"
_" لأ !"
التفتت تهرب على الفور وهي تدخل إلى الداخل أكثر ، ولكنه قاطع هذا بلمح البصر وهو يقف حتي قال يسألها بمواجهةٍ وقبل أن يسأل وجد دموعها تهبط ؟ ، تلهف ووبدلاً من أن يتأكد سألها بقلقٍ :
_" مالك طيب ايه اللي حصل؟ دا أنا ملحقتش افرح!!"
وبتلقائة كشفت أوراقها تخبره بصراحة :
_" مش عارفة ده حصل امتة وازاي !!!"
وأكملت بضعف ظهر ٱخيراً أمام عينيه :
_" وخايفة !"
_" مني؟؟"
سألها بابتسامة صافيه حانية ، فنفت تسرد بصدق أكثر:
_" من الأيام لو جمعتني بيك!"
_"واثقه تحطي ايدك فإيدي وتسيبي الباقي عليا ؟"
تشتت وسالت دموعها تداهمه بأوجاعها :
_" خايفة توجعني بأي كلمة ومتستحملنيش !"
حاول التخفيف عنها ومال يلتقط وردة صغيره هادئة مختلفة وإعتدل يجيبها تزامناً مع تقديمه الوردة لها:
_" دا أنا ابقى ابن كلب لو عملت كدة فواحدة حلوة أوي كده زيك !"
ظهر خجلها وإنتشلت من بين يديه الوردة تردد بتهكمٍ غير غافلة بأنها اعترفت قلبه وتنتظر اعترافه رغم ان تمسكه وكلماته تظهر لها اعترافه ولكنها تريدها منه كي تطمئن :
_" بتعاكسني زي أدهم ؟"
تحدث بعدما ضحك بغير تصديق وقال مع ضحكته الهادئة :
_" هو أدهم عاكسك قبل كدة ؟"
أكدت وهي تستنشق الوردة مع ابتسامة جميلة زينت وجهها:
_" أه "
_" عنده نظر !"
قالها "آدم" بفخرٍ فضحكت "فريدة" من بين دموعها ومسحت وجهها برفقٍ وارتبكت من قربه ولكنه عاد يبتسم بإتساعٍ فرفعت عينيها حتي تعلقت بعينيه وهو يضع يديه في جيب بنطاله :
_" معايا حاجة إترددت أوريهالك وألبسها، بس انتي سبقتيني وادتيني الميدالية مع اني عاملها قبلك بس مش في مفتاح !!"
ترددت نظراتها ، وأخرج ما صدمها من جيبه عندما قدمها أمام عينيها ، وابتسم يفسر ليخرجها من حالتها هذه :
_" فاكرة يوم ما اتصورتي معايا أنا وأدهم وأنا نزلت أخذ الصورة معاكم ، لما كنتي ماسكة تليفوني و انتي اللي اخدتي الصورة !!'
ابتسمت بتأثرٍ وهي تؤكد ،ففسر. مجدداً :
_" اليوم ده قصيت صورة عينيكي فصورة لوحدها وبعدها قررت أعملها حاجة تتلبس في الإيد وعملتها !! ، كنت ناوي ألبسها لو كنتي قبلتي يوم ما قولتيلي هديك ردي فمحل الورد بليل بس محصلش ، بس بعد اعترافك ده ..."
توقف ينظر نحو ملامحها وبدأ بفك القفل الصغير من هذا السلسال الخاص بالسوار المعلق به صورة أعينها على خشب أنيق صغير بطريقة حديثه :
_" بس بعد اعترافك ده ، عيونك هتبقي فإيدي ، وهحافظ عليها!!"
ربما قوله بقصد لشئ ٱخر ؤ تخللها شعور السعادة والإطمئنان توسعت بسمتها أكثر وهي تراه يرتديها ببسمة هادئة على شفتيه وجاء عند غلقها وقدم كفه بمعصمه لها يشير لها بأن تغلقه ، ارتجفت يداها وعملت على إغلاقه وهي تنظر بإهتمام لكفه ، في حين بدأ يتحدث من جديد كي ترفع عينيها له:
_" فريدة !"
همهمت بانتباه ورفعت رٱسها تنظر بعينيها داخل عينيه وهيهات من عقل مثل عقله عندما قرر الإعتراف على سهوة غير متوقعة ليشعرها بسعادة ما شعره من فعلتها واعترافها المفاجئ والغير متوقع :
_" أنـا بحِبكّ!"
لم تكن تعلم بأن ضربات قلبها ستتسارع بمثل هذه السرعة ، شعرت بسخونة أذنها أسفل حجابها , ابتعدت عنه تمسك السلة الصغيرة لتراعي الورود ، بينما أحاطها بعينيه وتنهد يشاكسها من خلف ظهرها عندما تذكر دموعها قبل لحظات :
_" بس علفكرة ، أنا لسه مصمم ان شكلك مش حلو وانتِ بتعيطي!"
أتاه ردها المعهود وهي تعطيه ظهرها بغير اهتمام زائف :
_" محدش طلب منك تعطينا رايك!"
وقبل أن يردد بالجمله المعتادة اندفعت تقترب وهي تنفي بنفاذ صبر تشير له قبل ان يتحدث هو :
_" ولا.. رأيك مش أمر مفروض ولا أنا شاطرة ، ارتاحت ؟!"
آقترب يهمس قبل ان يعتدل ليتجهز للخروج :
_" أه ،النهارده بس ارتاحت وقلبي كمان ارتاح !"
واعتدل مع فعل صوت لمفتاحه بين يديه فترقبت تسأله :
_"انت ماشي ؟"
_"مفيش شغل النهاردة الورشة متفتحتش ، أنا كنت جاي اطمن عليكي!"
ابتسمت ببساطة وسهولة هذه المرة ، ووجد لمحة الحزن في عينيها فاقترب يسألها :
_" بس مش همشي قبل ما أعرف سبب زعلك المختلف اللي باين فعنيكي!"
تنهدت تخبره بما صدمه في الحال :
_" نيروز وغسان هيطلقوا!"
قوس "ٱدم" حاجبيه بغرابةٍ وهتف بغير تصديق :
_" ازاي؟ دوا بيحبوا بعض أوي ، وامته لحق يحصل ده ؟ "
_", معرفش ، مره واحدة لقينا الدنيا بتتقلب بالكلام ده خدت بعضي ونزلت عن الدوشة والصريخ!"
ود ان يطمئنها فقال بملامح تراخت :
_" أقولك على حاجة ؟ "
وجد الفضول في عينيها فقال جملة لم تتأكد منها بالقوة ، عندما قال يخبرها:
_" غسان ده بؤ ، فمتخافيش، كل حاجة هتبقي تمام!"
_",مش باينلها كدة ، و نيروز منهارة حتى معرفتش ولا قدرت أعملها حاجة!"
كان سيذهب ولكنه دب به بعد القلق من أن تقدم على خطوه أخرى خطره بسبب هذا الضغط الذي وجده بين حديثها وتنهيدتها ، فجلس على المقعد يلهيها وقال :
_" ايه رايك اساعدك النهاردة وأشتغل معاكي شوية ؟!"
نفت برأسها وعادت تتجاهله ، لا تعلم بأن التجاهل يزيده قرباً منها ، دنت تحمل السلة ووضعتها حتي التفتت تجلس وقالت ترفض بفظاظةٍ :
_" مش موافقة!"
توسعت ابتسامته وهو ينهض يحمل السلة وقال وكأنها لم ترفض:
_" كنت متأكد ، علشان كدة هقعد ، أنا مش مؤمن بحرية الرأي ، رفضتي نقعد وافقتي برضو نقعد ، عادي مفيش ورانا حاجة !!'
ضحكت خلسة من خلفه فابتسم شاعراً بأن الحياة تفتح إليه ذراعيها للمره الثانية بعد تعافيه ، وعلم بطريقة ما ان الله يحبه ليعطيه ما يريده ويقربه منه !!
_" دمي خفيف ؟"
سخرت من قوله واقتربت تلقي الورد الذي دبل بالسلة التي بين يديه وقالت بتهكمٍ غير صادق بالمرة:
_" تقيل ، أتقل حاجة شوفتها !"
_"كدابة !"
_" لا صادقة ومتقوليش عينـ .."
بتر جملتها وقال قوله المتكرر يطلب منها :
_" طب عيني فعينك كده ؟"
رفضت "فريدة" وضحكت بإستسلامٍ وابتعدت تجلب ورد ٱخر قد دبل وتركته رافضه النظر داخل عينيه لأنها بالتأكيد باتت تعلم بأنها ستنهزم !!!!
_____________________________________
لم تستطع التوقف عن البكاء بقهرٍ عن ما توصلت إليه رغم احتواء "حامد" لها ولكنها وجدت بين حديثه كلمات لامتها بأنها من عصت أولاً وعارضت قوله حتى جلبت كل ذلك ، أغلقت غرفتها ترفض أن يدخل عليها ٱحد حاولت "سمية" وبعد ان جاءت "وردة" مع "بدر" علموا، وانصدمت "وردة" حتى اندفعت تطرق باب غرفة "نيروز" ولم تفتح أيضاً بينما إنسحب "بدر" إلى الشقة الٱخري وعلى أذنيه يضع هاتفه يطلب رقم "غسان" المغلق!! ..
_"قولت مش عايزه أتكلم مع حد ، سيبوني فحالي بقا!!!!"
هتفت بها "نيروز" بنبرة باكية صارخة ، أمسكت معدتها بألمٍ وأراحت ظهرها على الفراش كي تطبق ما قالته الطبيبة ولكن كيف وحالتها النفسية تسوء؟؟، مسحت دموعها بكسرةٍ لا تختلف عن كسرته هو الٱخر عندما رحل تاركاً كل شئ يهرب من وجعه ، لا يعلم بٱنه ذهب لينفرد به وحده دون أدنى شعور منه ؟؟
أمسكت "سمية" رٱسها بتعبٍ وساندتها "زينات" ، بينما ظلت "ياسمين" تحرك قدمها بغيظٍ وتخبط فمد "حازم"ذراعه يحثها قائلاً كي تهدأ وتسكن حركتها :
_" ما تهدي ي ياسمين!"
_" أهدى ازاي؟ عايزني ٱهدي ازاي وهي بتعيده تاني ؟ نيروز مش حمل كل ده ، وكمان حامل ، فاهم يعني ايه؟. يعني لو فضلت على الحال ده هيحصلها اللي حصلي بس مش هتقوم بحالها ده! ويعني ايه كمان هو التاني يسيبها كده ويمشي؟؟ هو بيستهبل؟ مش حاسس باللي هما اتحطوا فيه؟؟"
كانت كلماتها بانفعالٍ ، تترقب قدومه بأي لحظة لتخرج شراستها ، زفر "حازم" بضيق وخرجت كلماته يحذرها من التدخل بطريقة غير مباشرة:
_" ياسمين..انتِ متعرفيش اللي حصل بينهم فمتتدخليش من غير ما تفهمي اللي فيها !!"
إندفعت تقف تخرج له كلماتها هي الٱخري بإنفعال سببه الأول حملها :
_" لا هتدخل ي حازم عشان دي أختي ولازم ٱعرف ايه اللي غير الحال بينهم كده ، دا غير البني الٱدم اللي مشى ومعندوش ريحة الدم انه يجي، لا دا سابها وسابنا احنا كمان بدماغنا !!!'
ووقف يخبرها بنفس الضيق يشير لها هو الٱخر :
_" لا فكري صح ، ومتحكميش من غير ما تعرفي ، ما يمكن اللي حصل بدايته من عند نيروز ، انتي عارفه أختك !!"
_" انت بتدافع عنه ؟؟؟"
نهرته بتعجبٍ وملامح تشنجت فرفض بخبرها بعلمه لهوية الٱخر :
_" لا مبدافعش ، نيروز اختي وغسان بردو اخويا وصاحبي قبل ما يبقي جوزها ، وزي ما عارفها عارفه هو كمان وعارف إنه مش متسرع في انه ياخد قرار زي ده ، انتي ناسيه بيحبها ازاي؟؟"
لم يعجبها ذلك الحديث كونها تأخذ صف شقيقتها بالفطره ، تنفست بصوتٍ مسموع تتدافع هي الٱخري بإستماتة :
_" طب ما هي بتحبه!!"
إقترب كي لا يثير القيل والقال وهمس بصوت منخفض يخبرها بما جعلها تسكن بتشتت مقررة فهم ما حدث بينهما :
_" انا كراجل بقولك ان غسان بيحبها ٱكتر !!"
قلبت عينيها بضيقٍ ، وتقدمت تطرق باب الغرفة مجدداً بجانب شقيقتها ، في حين حمل "حازم" "يامن" يداعبه بعيداً عن هذا الجو المشحون ، وبقت "سمية " تندب باكية بغير تصديق إلى الٱن لهذا الحال !!!..
_________________________________________
_" فهمني بس ي. عمي حصل ايه ؟ انا لسه جاي ومش فاهم حاجة، وبرن على غسان تليفونه مقفول !!"
رددها "بدر" بقلقٍ وخلفه كانت تقف "دلال" مع "وسام" ، زفر "حامد" بصوتٍ مسموع وردد بنبره هادئة جداً يجيبه وهو ينهض يضع هاتفه ومفتاحه بجيب بنطالة القماشي :
_"أهو اللي سمعته يا بدر، وغسان مشى ومـ ..."
قطع حديثه صوت دقات الباب والجرس توقعت "دلال" من القادم وهرولت تفتح الباب ، فوجدته "شادي" الذي كان يتلهف دخل ورٱى دموعها على وجهها لم تجف إلى الٱن لذا دفع رأسها ناحية أحضانه يعانقها ليبث بها الإطمئنان وقال برفق:
_" متقلقيش ..كله هيبقي زي الفل والله ، ما انتي عارفه غسان وجنانه !!"
أغلق الباب بقدمه ودخل يسحبها معه برفقٍ حتي أجلسها على المقعد واقترب يعانق "حامد" و"بدر" ورحب بـ "وسام" ، ووقف "حامد" بعدها يخبرهم :
_" أنا نازل أقعد فالمحل شوية ، هاتيلي ي وسام مصحفي !!"
إستنكر "بدر" رد فعله وكذلك "شادي" الذي اقترب منه يسأله بلين :
_" اومال غسان فين؟!"
ردت "دلال" هذه المرة تخبره بنفس النبرة الضعيفة :
_" راح الشغل!"
اختفت ابتسامته وإقترب يخفض صوته كي لا تسمعه "دلال" ووزع نظراته بين "حامد"و"بدر" وقال يصحح قولها :
_"أنا لسه مكلم الفرع وقالولي إنه مش موجود ، ومراحش امبارح بردو!"
أمس لٱنه ظل برفقتها ورفقة" حازم " بينما اليوم أين رحل؟. ، استنكروا أيضاً رد فعل "حامد" الذي أومأ بصمتٍ هادئ وأخذ المصحف من بين يدي ابنته وفتح الباب ورحل منه بعد أن ارتدي حذاءه..!!
قصدت "دلال" الجلوس بشقتها وعدم الذهاب ناحية "سمية" بأي وجه ستريها وجهها؟؟ ، ظلت واحتوتها "وسام" لتهدأ ، بينما حرك "بدر" رأسه ناحية "شادي" الذي سأله بتعجبٍ :
_" هو في ايه بيحصل؟ وماله ؟"
_" مش عارف ي شادي ، يمكن عارف مكانه عشان كده سكت !"
صمت بحيرة وتقدم "بدر" من زوجة عمه يهدأها بينما تقدم "شادي" هذه المره يخرج يعتصر ذهنه عند أكثر مكان كان يتحدث عنه الٱخر معه ، أماكن يذهب إليها وحده ، أي شئ !! ، ٱخر ما رٱه من حالة مشابهه لهذة كان يقف عند البحر كالعادة بالكورنيش ، ولكنه تذكر مكان ما ، عندما أخذ "غسان" بعض الصور لنفسه وهو يجلس أسفل الكورنيش من الأسفل عن البحر على أحد الصخور، وأمام مقهي على النيل مباشرةً !! ، أسرع كي يبحث يكفيه شرف المحاولة حتي وان لم يجده ، وهبط كما هبط "حامد" قبل دقائق!!
__
_"اذيك يا عمي ؟"
رحب "ٱدم" به وعانقه حتي بادله "حامد" العناق بترحابٍ ورد على سؤاله بحمدٍ لله وأشار له قائلاً بهدوءٍ يطلب منه :
_" هاتلي كرسي كده حطه هنا !''
مد "ٱدم" ذراعه يحمله بعدما كان يستند عليه وتقدم يضعه حتي جلس "حامد" وهو يمتن له بنظراته ، فتقدمت "فريدة" تسأله بلطف:
_" تحب أعملك حاجة تشربها ي عمو ؟"
إبتسم بلطفٍ وقرر التخفيف عنها وراضى قولها ظاهراً الحماس:
_" لو كوباية شاي فريدة زيك كدة يبقي يا سلام !"
توسعت بسمة "فريدة" من مجاملته أمام نظرات "آدم" الذي جلس هو الٱخر مع عمه ، وقعت عيني "حامد" على سعادته الظاهرة على ملامح وجهه وعندما رفع الٱخر يديه يمسح خصلاته انتبه لما يرتديه على الفور، ابتسم بنفسه ولنفسه وأخذ نفساً عميقاً ثم قال :
_"انت عارف ياواد يا ٱدم .. إن العيون بتتكلم من غير كلام ؟ ولما بتتكلم كلامها بيغلب أحلى كلام ، عنوان القلب وطلائع القلوب ، ومهما كانت جريئة السر فيها مكشوف!!"
تحركت عيني"ٱدم" تلقائياً نحوها هي وهو يسمع حديث "حامد" وعقب ما انتهى هاتفاً بتنهيدةٍ يجيبه :
_" عارف آه !"
_"عارف ايه يخويا"
شاكسه "حامد" بسخرية غير غافل عن تيهته بها وعدم تركيزه ، وعندما سمع سؤال عمه ٱجاب وهو يتفحصها بنظراته كي تلتفت وما ان التفتت رد عليه بـ :
_" عارف ان عينيها خبيثة ، بتثبت وترمي السهم يرشق في القلب وتهرب !"
لحظات وتوردت وجنتيها بتوترٍ تعيش أجوائه لمرات قليلة وكان هو السبب ، كان هو سبب في ضحكات "حامد" وهو يلتقط منها الكوب ، تزامناً مع رده الخبيث :
_" عين مين دي اللي خبيثة و وقعتك؟"
التفت "ٱدم" وقال بتلقائية مع ابتسامة بلهاء :
_'' اللي بحبها "
فسأله "حامد" بمشاكسةٍ يريد منه الوضوح كي يتولي زمام الأمور مع "بدر" في اللاحق :
_" هي مين ؟"
_" واحدة حلوة فريدة من نوعها ، شوفت قبلها وشوفت بعدها بس الفريد فريد، كاريزما و مبيتغيرش !!"
هربت"فريدة " مع دقات قلبها لناحية أخرى بعيد ، وضحك "حامد" بخفةٍ ومد كفه يربن على ساق الٱخر مردداً بهدوء يتذكر طباع "غسان" ولده التي تشابهها طباع من يجلس أمامه وخاصةً في العبث:
_"إهدى انت بس على نفسك ، وعمك هيطلبهالك !''
تلهف بحماسٍ وشعر بأن وجود شخص كعمه بشئ كهذا سيعزز من موافقة شقيقها ، فنبس بحماسٍ :
_" بجد ؟"
سبه "حامد" هذه المرة وقال يشير على نفسه بمرحٍ :
_"أنا عمري قولت كلمة ورجعت فيها با بن الكلب ؟"
ضحك "ٱدم" بخفة.ٍ وهو ينفي برأسه فندم " حامد" مستفغراً ثم قال :
_"شوفت ؟. خليتني أغلط فأبوك ، الله يرحمة ، اتحرك فز ارفع ايدك نقرأ الفاتحة على روحه !!!"
نظر "ٱدم" يرمقة بترجي مرح :
_" طب ما تيجي نقرأ فاتحتي عليها!!"
ضحك "حامد" بيأسٍ. ورفع يديه مباشرةً يقرأها على شقيقه ووالد الٱخر الذي ضحك محركاً عينيه ناحيتها وهي تضحك علية بخفوتٍ من على بُعدٍ فضحك بخفوتٍ مثلها تحت تحديج "حامد" له محذراً بالإلتزام عند قراءة الفاتحة !!!!
__________________________________
لحظات الوجع تأتي بينما التفكير والمواجهة يجهل عنها ، يريد أن تسقط دموعه وهو وحده ولكن لا يستطع ولا يعلم ، جهل عن مشاعره السيئة المؤلمة التي تجتاحه ولكن ثمة شئ يكسره من الداخل لا يريده ٱن يتخطى هذا الوضع ، نظرته لنفسه خائبة وهو الذي ان حدث غير ذلك يتباهى بما لديه حتى لو بمرح بينما في الداخل ان بحث بنفسه لم يجد إلا الخراب ، سيتركها ؟ بعد ان حملت في أحشائها قطعة منه ؟ هذا الحوار المتعب المنهك بين عقله وقلبه لا يتوقف ، لكنه يعلم وبات يفهم ان كبرياءه سيغلبهم بقول كلمات أخيرة يفهمها جيداً بل وبه لمحة من الاقتناع..
لم يجد على لسانها سوى كلمة طلاق وفراق وانفصال وكأن الأمر هين على الاثنان ، وجد الأمر هين عليها بمنتهى البساطة وكأنها كانت مجبره على العيش معه .؟ لمَ؟ لمَ لمّ تواجه أكثر ، تبرر ، تحتويه!! ، تعطيه كلمات يقتنع بها ، كلمات تتلهف بها كي تظهر له بأنها تتمسك مثله تماماً ، كل مره يقارن وهذه المرة قارن تمسكه في كل مره كي يتخطي لها الوجع ويستمر ، والمره الوحيدة الذي وقف بها ساكناً يأتي بكلماتها الحزينة بعد ان كسرت شئ بـ داخله لم تفعلها ، ولم تتمسك ولم تصمت ولم تبتعد كي يهدأ ويسكن الوضع بل بكل جبروت رٱه هو بها بهذه اللحظة رددت بالإنفصال والفراق ، هل سهل؟
سهل هذا الوجع عليها ؟ ، أم أنه هو وحده الذي وقع بها وقعة لم يستطع النهوض منها وبها ؟ ، وكالعادة أفكاره تهزمه، وكالعاده مرة أخرى عندما يحزن يستدعى بهذا الحزن كل حزن حزنه من قبل!!..
ما يُنهكه أنه لا يستطبع شرح ما يشعُر به ، ولا يستطيع أن يبرر ويوضح أسباب لغيره !! كل ما بات يعلم طريقه حيث الراحة كان أحضانها ، أين هي؟. حتى لم تحاول أخذه بها بطريقة ما كي تسكنه وتسكن وجعه حتى هذا كان سيعتبر تبرير هادئ سيفهمه عندما يري اللهفه بها !
- وهل رأيت ؟؟
سأله العقل المؤلم الموبخ الحاد ونفى قلبه ولأول مره يصدق معه :
- لا لم أرى .
قال القلب بخيبة رغم قهره ، وكأن القلب يعلن وجعه له ،. المره الوحيدة الذي نكس بها رأسه بخذلان، كان دائماً يكابر كي لا يُرى لعقله بأنه هو الصواب !! ، جاء دور الوجه عندما أشار له العقل بأن يبتسم بسخريةٍ لاذعة من هذا الحال ..الغريب أنها لأول مره تكون محقه عند قولها وهي تخبره بتأجيل الإنجاب، بينما هو ؟ لم يرى حينها سوى الحب واللهفه والحماس بإنجاب طفل عندما تسنح الفرصه من أكثرهن أثرت بقلبه ورمت شباكها ووقع بها عكس كل مره كان يعلم بها أنهن لن تكن حالة مستمره بحياته ، إلا هىٰ .." نيروز الحُب "..
ألقى" السنارة" بعدما علق الطُعم وعينيه لا تففل عن الشُرف المفتوحة والأصوات العالية بذالك المقهي الذي يوجد أسفل الكورنيش يطل على ماء النيل مباشرةً بشكل أنيق ، ترك كل شئ وجلس على صخرة على بعد من هذا ، ومن بين ما يفعله عقله يشرد ، سمع أحدهم خلف ظهره يهبط بحذر كي لا تتعثر خطواته وقدميه ليقع ، حينها ان تدحرج سيقع بالماء !! ، لم يلقي بالاً ، بل شغله وجعه بينما هتف الٱخر من خلف ظهره:
_"حسيت إني هلاقيك هنا بردو!"
لم يكن هذا القول سوى من "شادي" الذي بحث عنه ومن قبل هذا المكان ولكنه وجد سيارته فأخذ يبحث بعينيه إلى ان وجد ظهره له ، لم يلتفت "غسان" إستمر بما يفعله وقال ساخراً من أمر قديم كان سبب في كل ذلك :
_" ومين يرجعلنا أماكنا القديمة!!"
ورفع ذراعه يأتي بالسنارة ناحيته أكثر حتى سأله تزامناً. مع تقدم "شادي" ليجلس بجانبه بحذرٍ :
_" ايه اللي جابك ؟"
حرك رأسه بعدها ، فوجده يرمقه بتفحص وتمعن لهذه الجروح التي وجدت في وجهه وخاصةً أنه انتبه لجرح رأسه من الخلف ، صمت لم يجيبه ، بل راوغ بسؤالٍ ٱخر :
_"مروحتش الشغل ليه ؟ وسيبت البيت ليه ؟ وأمك ساييها بتعيط ليه ؟، وايه اللي أنا سمعته ده ؟"
داهمه بأسئلة كثيرة ، في حين طالعه "غسان" بغير اهتمام وألقى ما بيديه مره أخرى بصبر وقال متهكماً يسأله :
_" وأنا مطلوب مني أجاوبك على كل ده بقى ؟!"
_" أه مطلوب لأن كل سؤال سيبت وراه مشاكل ومشيت ،. طلاق ايه يا غسان اللي بتقول عليه ؟"
حرك رأسه وقال بلامُبالاة يهرب من ضغط الٱخر :
_" انزل من على وداني ي شادي ، أنا مش ناقصك !!"
أخذ السنارة من بين يديه وأمسك ذراعه بحزمٍ وجدية قليل ما تظهر وقال يوبخه :
_" لأ ناقص ، ناقص عقل ، انت مش واعي إنت قلبت الدنيا ومشيت ازاي؟. ولا حتى واعي ان مراتك حامل ، ايه مش فاكر كنت مبسوط ازاي؟ ايه اللي كان حصل لكل ده مش فاهم فهمني ؟؟"
إبتلع "غسان" ريقه وقال يبرر بصدقٍ لما فعله :
_" أنا معملتش حاجة غير اني عطيتهم خبر باللي هيحصل ، مش فاهم ٱنا ليه مكبرين الموضوع !!"
استنكر"شادي" بساطة حديثه ، وعلم أن بين الكلمات وطياتها يوجد وجع لا حدود له ، لانت نبرته وسكن قوله بـ مواجهة له ناظراً له بعدستيه :
_" عينك بتقول غير كده !"
إنتشل "غسان" ما أخذه منه وقال بضيقٍ يشيح بوجهه بعيداً. عنه :
_" اه انت فاضي بقا !!!"
_" اتكلم واحكيلي ايه اللي جرا واتغير ومين مبهدل وشك وباطحك كده !"
تصنع عدم الإنصات وصمت يشعل لفافة ، فإنتظر "شادي" الرد ولكنه بعد عن محور الحديث عندما سمعه يشير وهو ينفث دخان سيجارته :
_" من ساعة ما جيت والبت اللي هناك دي عينها عليك ، بص كدة !!"
زفر "شادي" بنفاذ صبر وقال بعدما سبه سب خافت وصل إلى مسامع الٱخر:
_" بت وايه وزفت ايه دلوقتي ، ما تركز معايا !!"
_"ما أنا مركز معاك أنا والبت ، بُص كده دا شعرها أصفر بُص ياض!"
ضغط "شادي "على أسنانه بضغطٍ من تصنعه اللامبالاه ، يريده يواجه وطالما تهرب أيقن ان الحوار كبير عن ما كان يتوقع ، وعلى فجأه مد "شادي" كفه يمسك ياقة قميص"غسان" بعنفوانٍ كي ينتبه له وقال بغيظٍ :
_" الشغل ده ميمشيش مع شادي يا حيلتها ، احنا مش صُحبة يومين ، إنطق حصل ايه معاك وبلاش اللف والدوران ده !!!"
هبطت عيني "غسان" على يديه التي تتمسك به بهذا الإنفعال المبطن ، ودفع يدي الٱخر بذراعه حتى رجع إلى الخلف مع قوله الهادئ :
_" متختبرش صبري ي شادي ، وإبعد عني لأن كدة كدة مش هتاخد مني كلمة !"
أخذ أنفاسه يتحلى بالصبر وإستخدم طريقة أخري يحثه بها وهو يشير :
_" طب قوم بينا نروح !"
_'' مش عايز"
_" ليه ؟"
صمت"غسان", ووقف"شادي" بعد ذلك قاصداً قول الٱتي بجديةٍ يواجهه:
_'' أقولك انا ليه ، عشان مش عايز تحط عينك فعين مراتك وكل كلامك دا بلح ، يا أخي مش قد القول بتقلب الدنيا وتمشي ليه ؟ ويكون في علمك بقا تيجي متجيش ميهمنيش ، أبوك زعلان وأمك زعلانه ، ولو حامد جراله حاجة المرادي كمان يا غسان هيبقي بسببك انتَ ومحدش هيسامحك !!!"
ولم ينتظر الرد بل أشار بيديه بإهمال يتركه :
_"سلام!!"
نظر بطرف عينيه بخبثٍ قبل ان يوليه ظهره بينما الٱخر شعر ببوادر القلق تداهمه على "والده" كيف لم يفكر بما حدث له بسبب حزنه علي "بسام"!!
إلتفت برأسه فوجد "شادي", بطريقه للأعلى كي يخرج ، بينما نظر بساعة معصمه وزفر بصوتٍ عالٍ ود لو يضرب رأسه من تشتت افكاره بينما لم يستطع فعلها ، وقرر النهوض غافلاً عن سيطرة الٱخر الغير مباشرة عليه، اما غيره كانت تعلم بأنه يبرع في التعامل معه !!
وبعد لحظاتٍ ركب "شادي"سيارته بعدما ركنها على بُعد وانتظر دقائق بعدما أغلق الاتصال مع "دلال", ، نظر بالمرٱه بتمعن حتي وجد جسده بظهره يخرج من المكان متحسساً مفتاحه بجيب بنطاله وهو يمرر عينيه على صف السيارات كي يتذكر مكان سيارته ، ركبها وبعد دقائق رجع بظهر السيارة إلى الخلف وسار وعلى غير العادي كانت سرعته في القيادة سريعه هذه المرة وما يعرف عنه عكس ذلك ، لم يكن بمتهور في حين علم من يراقبه وسار خلفه أنه يخفي ضغط بأعصابه كي لا يخرج بينما ملامح التعب تظهر للمقربين منه !!
_________________________________
تلك المرة قررت "فرح" الهبوط لمحل الورد لتجلس مع "فريدة" بعدما علمت وتيقنت بأن جلوسهم سيطول مع "عز" شقيقها وهم ، وبقت "حنان" تتولى زمام أمور الطهي في حين تقدمت "عايدة" ناحية شقة "سُمية" لتواسيها وتسكنها من روعتها ، وبقت "دلال" في الداخل تنتظر ومنعت "وسام" من الاتجاه نحو شقة "سمية" كي تتقابل مع "نيروز"، تهاب رمي حديث معين ومن ثم لا يصلح الوضع بل يعقده وهو معقد من الأساس ، تقدمت "جميلة" بجانب "وردة" تدق باب غرفة "نيروز", وبقت "ياسمين" تنتظر في الخلفيه وعلى بعد وقف "عز" مع "بدر" والإثنان يتشتتان ,وأحدهما تشتت عن أخذ حق كان يصمم على أخذه اليوم !! ، ولكن يتضح أن العقبات لا تترك راحة لغيرها كي تتولى مكانها بل واحده مع الٱخري بنفس زمنها أو واحدة تلي الٱخرى دون راحة ٱو من دون ان تعطيهم فرصة لأخذ أنفاسهم..
..
..وفي «محل الورد» في الأسفل ، إندمج "ٱدم" في العمل بجدية كي يساعدها ويخفف عنها ما تحمله وتنحني تلتقطه يكفي ثقل وضغط ما حدث بالأمس ، في حين منذ فترة بدأ المحل يُعرف لذا بين دقائق وبين وقت والٱخر يدخل زبون لهم ، و"حامد" يجلس أمام المحل على الشارع الترابي للسير وعلى بُعد كان كورنيش البحر أمامه والهواء يداعب بشرته وهو يقرأ من مصحفه ينتظر قدوم "غسان" الذي يعلم بأنه سيأتي بواسطة "شادي" الذي سيدبر الٱمر كي يجعله يأتي بأي طريقة حتي ولو بخداعٍ !!
وفي الداخل ساعدت "فرح"، "فريدة" ووقف الاثنان يتسامران وعلى بُعدٍ كان يتابع "ٱدم" مايفعله بدلاً عنها ، إبتعدت "فرح" قليلاً تجلس مع "حامد" بالخارج في حين كان قد دخل المحل "شاب" من بين الذين يدخلون ، ترقبت وابتسمت "فريدة" تسأله بعدما ألقى عليها التحية وكلمات أخرى :
_« أهلا بيك ، إتفضل حضرتك محتاج ايه ؟ تحب أساعدك فحاجة؟»
وبذكاء من الذي يتابع من على بعد تشكك في هيئته وشكله الكامل، رغم ان هناك شباب دخلت وساعدهما وهي أيضاً ولكن هذا يختلف ولم يشعر بالراحة وفهم نظراته جيداً لذا اقترب "ٱدم" يتابع بتفحص وتمعن ،في حين لم يغفل بنفس الوقت عن جمالها وحتى ضحكتها الرسمية التي تبتسمها للزبون فتزيدها أناقة رغم انطفاء ملامحها بحالتها النفسية ، لكن ما يعرف عنها بأنها أجمل فتيات العائلة وبجانبها "جميلة" وتليهم "ياسمين"!!.. والمتوقع بأن يجيب الشاب بـابتسامة عبثية :
_« ياريت والله واحدة زيك تساعدني ، أنا موافق جداً »
لم تهتز ملامحها تعرضت من قبل ذلك لهذه الكلمات لذا تحاملت وصبرت ، ابتلعت ريقها تبتسم فقط ، فوقف هو يتابع وجهها هذه المره دون أن ينبس بأي حرف واللحظات تمر!! ، إقترب "ٱدم" هذه المره ودخل يقف بجانبها ودفعها بكتفيه وهو يمر بقصدٍ حتي ابتعدت قليلاً بغرابةٍ وسمعته يردد بنبره جادة وابتسامة زائفة صغيرة جداً. بمجاملة :
_« أؤمر ي باشا ، أنا معاك أهو ، محتاج ايه اساعدك فيه؟"
رأي الشاب نظرة عينيه التي كشفته ، فاهتزت نظراته وسأل بسؤال غريب جعل "فريدة" تكتم ضحكاتها مع "فرح" التي وقفت تتابع من على بعد:
_«عندكم ورد ..؟!»
ما هذا السؤال؟؟ ، استكر "ٱدم" ورفع شفتيه باستنكار يجيبه :
_«نعم يا خويا؟؟..لا معندناش»
_«أنا ٱسف جداً ، أنا متابع المحل من فترة وعارف إن الٱنسة واقفه فيه بقالها شوية ، ومعجب جداً بنظامها للمكان وشكله »
يراوغ ؟بل وتجرأ أمامه هو ؟ ، أخرج "ٱدم" أنفاسه ببطئٍ وعلم ما ينويه الٱخر لذا قتل ٱماله بجملته الٱتيه بصبرٍ :
_"في الحقيقة عندك معلومات غلط ، لأن اللي بتقول عنها ٱنسة مراتي يا باشا ودا محل اخويا وبتساعده فيه هي ومراته ، ها تحب تشوف هتاخد ايه؟ ولا .؟"
قتل أمله بعد فترة مراقبة؟؟ ، تراخت ملامحة بحرجٍ وحرك رأسه بنعمٍ وهو يبتعد يختار أي شئ من على بعد كي يخفي احراجة بهذا الشكل ، ناهيك عن صدمتها بما قاله حتي التفتت تنظر لو بذهولٍ مرددة :
_" انت قولت ايه ؟؟؟"
إلتفت برأسه هذه المره يري ما جذبه ناحيتها لم تضع أي مساحيق تجميل مثلما كانت تضع وحتي خصلاتها مخفيه وملابسها طويلة ، و وجنتيها لم يوجد عليها شئ ، رفع عينيه ناحية شئ ٱخر وقال يختصر :
_" مقولتش"
بارعة في كل ذلك من قبل وعلمت ما يحتله الٱن من مشاعر ، تصنعت الجهل والبراءة وقلبت عينيها تشير له بطريقة غير مباشرة بأنها ستسير ناحيته :
_" طب عديني كده أساعده ، شكله غلبان ومش عارف حاجة.."
رمقها "ٱدم" بطرف عينيه وتابع تبجحة الذي خرج يقف أمامها بإبتسامة عبثية يعلن لها ما يعلمه من ما تفكر هي به :
_"وأنا معنديش مانع أقول إني بغير على مراتي لو حابة تسمعي ده يعني!"
فإندفعت بقولها تهرب من نظراته :
_"أنا مش مراتك!"
آقترب "ٱدم"يهمس عندما وجد الأنظار ناحيتهما وقال بإيجاز تحت ثباتها تستمع :
_"مستقبلاً ان شاء الله!"
ابتعدت"فريدة "قليلاً تخفي ارتباكها وأشارت برفضٍ زائف:
_' انت مصدق بقا اللي بتقوله ده ؟ انسى اللي قولتهولك!"
تصنع "ٱدم" الذهول وأشفق وهو يشير يسرق انتباهها عن الٱخر :
_" هو انا مقولتلكيش؟"
سخرت هي ولوت شفتيها بتهكمٍ تنفي قائلة :
_"قولتلي ايه ان شاء الله؟"
_", اني مبعرفش أنسى ، وبالذات الكلام الحلو اللي من ناس حلوة !"
اهتزت نظراتها وعينيها وكذلك خرج الشاب يهرب دون أن ينتبه له أحد ، تابعتهما "فرح" من الخارج باهتمام وإعجاب..
_" ميمنعش انك بتغير وبتشيط كمان وانت واقف مكانك !"
تذكر أمر الفتاه قبل ساعات ، فضحك يخبرها بما سهت عنه :
_"عملتيها قبلي ، ولا ناسية .."حلوة؟؟"
قلد نبرتها وإشارة يديها بالتفصيل حتي قهقهت هذه المره بقوةٍ ، تفحص ضحكتها بسعادة من سعادتها التي. تظهر معه الٱن ، وتلقائياً تمعن النظر بتيهه ، حتى هتف بعدما انتهت تتعلق عينيها معه :
_"حتى ضحكتك فريدة من نوعها !"
تذكرت عبثه من قبل ذلك ومسحت الطاولة التي تقف أمامها بقماشة وتصنعت غير الاهتمام وسألته بخبثٍ. :
_" وقولتها لكام واحدة قبلي ؟"
حرك "ٱدم" كتفيه ببساطةٍ ورد :
_" ولا واحدة ، معرفتش واحدة اسمها فريدة قبل كدة!"
علمت أنه يبرع في التلاعب معها بكلمات متأثره تارة وتارة يقتل أملها في قولها الشئ التي تتأكد منه أنه دوماً ما يخالف توقعاتها ويأتي بحديث لا تعلمه ناهيك عن سؤال عينيها المعهود منه وحتى رأيه المفروض ولقبها بالـ "شاطرة" !!!، لاحظت نهوض "فرح" وهي تقترب ومن خلفها وقف "غسان" بعدما اقترب من "حامد", يقف أمامه ينظر بتمعن يراجع نفسه عن ما فعله من تركه ولم يتحسب لتعبه ..
رفع "حامد" عينيه وأغلق المصحف حتي وجده يقف بصمتٍ فقط يسمع صوت أنفاسه وملامح وجهه ، ابتسم على غير العادي ابتسامه هادئة يقدم له كفه كي يسنده ، وبالفعل لبى "غسان" غرضه وأمسك يديه يدفعه برفقٍ إلى أن وقف ، عجز الٱخر عن قول شئ ونظرات والده له كمن يري نفسه مكشوف!! ، ولم يبدأ الحديث برسمية عن حاله الٱن بل قال فجأة وهو يقف أمامه :
_"موجوع منها ومشيت وسيبت الدنيا يبقي بتحبها وأوي كمان ، ليه عايز تطلقها ؟!"
هو من أراد ؟؟ أخرج "غسان" تنهيدة حارة ورفع عينيه يحركها بعشوائية وانهزم عندما عاد ينظر تجاه وجه والده وقال رداً عليه بوجع قد كشف له وحده :
_"علشان تعبت يا بابا ، ومبقتش قادر أحط نفسي دايماً تحت ضغط ، ليه أنا اللي اجازف وليه أنا اللي بفضل أحاول وليه أنا اللي بحب أكتر و أنا اللي مضطر أعدي حتي لو مجبيتش على حد !!"
عمم بحديثه كي يبعد عن هذا الحوار المنهك خاصةً أمام عيني "حامد" المشفقه والمتفهمة لما حدث له ، سارا معاً أثناء هذا الحديث ناحية كورنيش البحر تقدما مع قولهما. ، ورد"حامد" وهو يستند محركاً نظراته نحو البحر :
_" عارف يا غسان انت بتصعب عليا ليه ؟؟"
لم يجيب على "والده", بأي حرف بل سكن ينظر بشرودٍ أمامه حتي واصل "حامد" يكمل بعقلٍ :
_"علشان مهما كنت على حق بتغلط نفسك وغلبان ، تمد ايدك بقا تقول كلمة كده ولا كدة بصة ، شتيمة من لسانك الطويل ، برودك فأوقات غلط ،وقراراتك فأوقات أغلط زي دلوقتي كده !!"
وأكمل بيقين يهون على قلبه :
_" مع ان الأساس انت مبتكونش غلطان ، وممكن تفضل مش غلطان لحد ما تعاند قصاد اللي قدامك وخلاص!"
أخرج "غسان" لفافة يشعلها أمام والده بتعب وهو يستمع ، تركه"حامد" يخرج ضغطه وابتلع ريقه يحثه:
_" اتكلم ي غسان !"
وبغير وعي أجاب بإقتضاب وهو ينفث دخانه ولكنه لم يكن يعلم أن نبرته ستخونه عندما ظهر العجز بها :
_"مش عايز ومش عارف!!'
أخرج "حامد" أنفاسه ونظر ناحية وجهه وقال يخبره:
_" بس أنا عرفت ، وحاسس كمان باللي انت حاسس بيه ومقدرك ، مش عشان انت ابني ، عشان أنا كمان راجل ومعرض اتحط فالموقف اللي انت اتحطيت فيه ، انت عارف الغلط فين ؟ فإنها اتسرعت وإنت وافقتها وسكت!''
لم يتفاجئ من علمه ، بالتأكيد أخبرة "بسام" النصف والنصف الٱخر منها بالتفسير ، ابتلع ريقه ولم ينظر إلا عند أخر حديثه والتفت يلقي السيجارة هادراً بوجع ظهر بين تفاصيل الحروف المؤلمة :
_"مطلوب مني موافقهاش علطول واسكت واستحمل؟ ؟. مطلوب مني بقا اجاريها بالرفض وهي كل مره بتتسرع فالغلط وهو غلط ، ليه متغيرش طبعها ومتتسرعش هي زي كل. مره ؟ ولا أنا اللي لازم أعدي وأصبر كل شوية!!!"
_" كونك راجل تقدر وتصبر بس مش كل مره زي ما بتقول ، انت حاولت وبتحاول تمسك الموقف كل مره وجيت عند المره اللي المفروض تقف فيها وتمسكه وتعاند بالصح ، وسكت!! ، لأنك مش واعي إنك هتبقي أب في المستقبل ومراتك حامل بعيداً عن عنادها وسكوتك"
_"وأنا مقولتش اني هأثر فحق ابني اللي جاي ، وهي كمان اللي طلبت الطلاق مش أنا، أنا متهورتش ، بس هي اللي أصرت تقول مننفعش لبعض وإنها عايزه تتطلق عشان مبقتش عايزاني ، وعمرك ما هتتخيل أنا شوفت ايه فعينها لما سمعت. ، يعني مش عايزاني وأنا كمان مش هفضل مع واحدة مش عايزاني، أنا كفاية اللي اتبقى من كرامتي ، أنا عايش عليها وعايش راجل بمبدأ قلبي يبقي تحت رجلي وكرامتي فوق الكل !!"
وضع "حامد" كفه يربت عليه وقال يسكنه :
_"بص يبني بإيدك تعاقبها أي عقاب لكن بلاش الطلاق ده اهدي واسمع الكلام. دا أبغض الحلال عند ربنا الطلاق ده ، ربنا يهديك أقعد واهدى وفكر مع نفسك كده !!"
يُنصح وكأنه الذي طلب الانفصال ، قرر تجاهل قول "والده " بالصمت فقط ودس يديه بجيي بنطاله حتى نظر "حامد" بابتسامة واسعة لـ "شادي" الذي وقف من خلف ظهر الٱخر ، بينما هتف "غسان" له بثباتٍ :
_" شايفك ، بشوف بضهري كمان انا !"
إقترب "شادي" وهو يضحك مع ضحكات "حامد" فردد هو بمرحٍ يخرجه من حالته هذه :
_"ليه؟ جامد للدرجادي؟"
حرك "غسان" رأسه يؤكد دون النظر له فأكمل "شادي", بمرح :
_" طب ما تخف جمدان ينجم!"
إلتفت "غسان" قبل أن يرد "حامد" وقال يرد على حديثه بـ :
_"حاولت مبقاش جامد بس الطبع غلاب انت عارف!!"
صفق "شادي" وضربه يضم رأسه بين ذراعه تحت نظرات"حامد" المتأثرة ، فدفعه "غسان" عنه بنفورٍ زائف وهو يقول :
_" ابعد ي زنان. يا لزقة!"
_"متسيبهوش يا شادي وتعالوا يلا نطلع!!"
سار قبلهما ناحية المبنىٰ هذه المرة بينما سار "شادي" يجذب "غسان" معه بمشاكسةٍ ينصحه بالهدوء ، إلى أن وقف بمفاجأة من وجودها هنا ، بالفعل جلبها معه ولكن أوصلها عن والدها ، كانت "منة" تقترب منهما بسرعةٍ وملامحها ما يبدو عليها التشنج ، نظر "غسان" له فوجده يبتلع ريقه بريبةٍ مردداً بخفوتٍ :
_" ايه اللي جاب بنت المجانين دي هنا الوقتي، أنا مش موديها عند أبوها ؟!!"
هبطت قبل وقت من منزل والدها وعلمت بما فعله هو لذا لم تترد لحظه في التوجه نحو مكان ما تعلم بأنه به وجدها تقف وخصلاتها تناثرت للأمام عندما حركت رأسها تشير له بإنفعالٍ :
_", هو ايه اللي أنا سمعته ده ي شادي؟؟ ايه الكلام ده وازاي تعمل حاجة زي دي من غير ما ترجعلي ، انت اتجننت ؟؟؟؟؟"
كان يقف ساكناً في حين تابع "غسان" ما يحدث بغرابةٍ ، ووزع نظراته بينهما بينما تصنع "شادي" الجهل عندما هتف يتساءل بغير اهتمام:
_" ايه عملت ايه ؟."
_" انت كده واو يعني ؟؟ لما تروح تلغي اشتراك الجيم وكمان تمرين البوكس اللي فالنادي؟؟ انت ازاي متقوليش علي حاجة زي دي قبل ما تقرر تعمل كده ؟!"
اقترب يطالعها بحدةٍ من صوتها المرتفع ، ووقف يخبرها بردحٍ :
_" أومال عايزاني كل يوم اجيبك وأوصلك وارجع أرجعك ليه ان شاءالله السواق اللي ابوكي جابهولك ، اسمعي ما اقولك بقى فضناها وهناك ابقي اشتركلك فكل ده من جديد عشان المسافة دي مش جاية معايا !!!"
اقتربت ترفع عينيها بغيظٍ وهدرت بإنفعالٍ :
_" وأنا فين يا بني ٱدم انت ، بتمسح شخصيتي ورأيي ، أنا اللي المفروض أخد قرار زي ده مش انت ، أنا مش موافقه ، أنا متعودة على هنا ومش هغير أي أماكن !!!''
يؤلمان رأسه أكثر مما هو مؤلم ، نظر بعشوائية فوجد "فرح" و"فريدة"و",ٱدم", هو الٱخر الكل يتابع ، بينما أمسك "شادي" معصمها يوبخها بجدية هذه المرة :
_" انتي ازاي تعلي صوتك وتيجي تتكلمي كده فوسط الشارع ، احنا هنخيب ولا ايه ما تتظبطي وإطلعي بدل ما ازعلك مني المرادي بجد يا منة !!"
دفعت"منة" يديه بضيقٍ وعنفوان وتركته تدخل المبني حتي هرولت خلفها "فرح" وذهبت "فريدة" تغلق المحل كي تصعد هي الٱخري في حين زفر "شادي" بصوتٍ ووضع يديه بنتصف خصره ، والتفت برأسه ناحية"غسان" يضع كفه على كتفيه وقال بتشتت :
_" ها كنا بنقول ايه ؟"
وكأنه تذكر للتو فضرب كتف "غسان" بتذكر ودفع بإصبعه بجانب رأسه وكأن عادت له الذاكرة وقال بما لا يتوافق معه :
_" أه.. افتكرت ، خليك حنين بقولك مع نيروز وهدي أعصابك خالص مش كل شوية خناق و شد لأن مـ ...."
توقف عن الحديث عندما وجد "ٱدم" يضحك بقوة عليه ، من ينصح الٱن؟؟، نظر "غسان" ناحية"ٱدم" الذي. ضرب ركبتيه من كثرة الضحك ، فابتسم "غسان" بسخرية ثم أشار ناحية عقله كدلاله علي أن "شادي" مختل عقلياً بالفعل حتى سبقهما وتركهما مع بعضهما ودخل هو المبنى!! ..
_" أنا مسيطر علفكرة ، انت بس مش فاهم الموضوع!"
تشكك "ٱدم" من بين ضحكاته وهز رأسه يجاريه بمجاملةٍ :
_" ٱه منا شوفت ، و مصدقك من غير ما تحلف كمان!!"
وأضاف وهو يشير له بإستفزاز بهاتفه :
_" دا انا حتى هسميك شادي سيطرة !!"
طالعه "شادي" بسخطٍ و تركه كي يصعد هو الٱخر وسار "ٱدم" خلفه بعدما راقبها بتمعن قبل قليل عندما صعدت ، دخل الإثنان المصعد ، تزامناً مع فتح الٱخر الذي خرج منه "غسان" ووجد باب شقة "سُمية" مفتوح وبه يجلس "والده"مع"سمية" يهدٱها من لهفتها الحزينة المتحسرة ، وما أن وجدت هيأته وقف بسرعة خاصةّ أن ملابسه لا توحي بأنه الٱخر بل هو ، سارت بسرعة وخلفها "ياسمين" التي طالعت "والدتها " بغرابةٍ ، وكأن هذا ينقصه لا يريد من الأساس المواجهة معهم كي لا يخرج عن شعوره وبالنهاية يُلقب بالوقح !!
وقف يطالع وجهها عندما خرجت تسأله بلهفة :
_" ايه االلي أنا سمعته ده يبني ، قولي فيه ايه بينكم يوصل للطلاق كدة أنا قلبي معتش يستحمل كل ده يا غسان ، بنتي عملت ايه قولي ؟"
سألته ووجد بين طيات حديثها شعورها بأن ابنتها من اندفعت لفعل شئ ، تنفس بصوتٍ مكتوم وصمت يتابع اندفاع "ياسمين" وهي توبخه :
_" انت ازاي تسيبها وهي كده ؟؟ انت مفيش دم خالص ولا بتحس ؟ مش جاي معاك انها حامل وهتتعب ؟"
ظهر من خلفها"حازم" و"بدر" و"عز" هو الٱخر ، حاول "حازم " سحب ذراع "ياسمين" بينما نفضته هي وهي ترى صمته الغريب حتى ووقوف "حامد" في الداخل بترقبٍ لهم جميعاً ..
قرر تركهما تزامناً مع ظهور "شادي"و"ٱدم" وسار "غسان" بخطواتٍ هادئة ناحية باب شقة "حامد" كي يخرج بالمفتاح من جيب بنطاله بصمت مريب بالنسبة لهم في حين اندفعت تقترب وهي تهتف بغيظٍ من تبجحه حتي في عدم الرد عليها وعلي والدتها وتجاهلهما :
_" أطرش ؟ ولا أطرش؟ إحنا مش بنكلمك ؟ مش بترد ليه ؟ ايه كل دي كاريزما يعني ؟؟"
سخرت منه تحت نظرة"حازم" وهو يضغط على معصمها وقبل أن يوبخها إلتفت "غسان" ينظر داخل عينيها الخضراء وردد بٱخر ما كانت تتوقعه هي:
_" أه .. العين مش خضرا بس الكاريزما حاضره !!"
إستخفت بقوله تحت مسك "حازم " لها وقبل ان تردد هي بتبجح مره أخرى عنفها "حازم" بـ :
_" بس.. اسكتي وادخلي جوه !''
كادت أن تتحدث مجدداً بينما هتف هو بصراخ لتلبي قوله:
_" قولت ادخلي جوه حالاً !!"
تركته رغماً عنها ودب الخوف بها من نبرته ، ولبت غرضه ودخلت نحو الفتيات ، في حين كانت عائلة "زهور", تتابع كل ذلك من خلف باب الشقة ، إقتربت "سمية" ببكاء هذه المره تسأله قبل ان يلتفت ليفتح الباب :
_" قولي ي بني في ايه!!"
_"معنديش كلام يتقال ، إسألي بنتك !"
فتح الباب بعدها حتي وجد "دلال" برفقة "منة" الملتف حولها الفتيات من "وسام"و",فريدة"و"فرح" ، دخل "حامد" والشباب من خلفه عدا "حازم" الذي قرر محاسبتها ..
دخل خلفها ومازالت تقف خلف من تدق باب غرفة "نيروز" ، حيث "وردة"و",جميلة" ، وحتى "زينات" الت وقفت تتابع بملامح متحسرة لا تعلم هي بأن ما حدث بسبب ولدها ، تسمع كل منهم شهقاتها تارة وتاره تسكن دون صوت ، في حين سار "حازم" يمسك مرفقها بعصبيةٍ ثم قال يعنفها أمام نظراتهن :
_" أنا مش قولتلك زفت متتدخليش؟؟ ايه؟؟ بتموتي فخراب البيوت ؟؟؟"
نظرت "ياسمين" بغير تصديق له وأشارت بيديها الٱخرى على نفسها تردد بإندهاشٍ تلومه :
_" انا عايزه أخرب علي اختي ي حازم ؟؟؟؟"
_" أه ومش بس كده ، سايقه البجاحة كمان على الراجل ، هو كان عملك ايه ؟ عشان تتزفتي تكلمية بالطريقة دي ؟؟ دا مردش وبردو مكملة فبجاحتك وقلة ذوقك من غير ما تفهمي اللي حصل بينهم ، هتبطلي امته اندفاعك بالغباء ده؟؟؟؟"
نفضت يديه عنها وردت تبرهن له بصوتٍ عالٍ دون تدخل الٱخرين :
_" أنا مش غبية، انت اللي مش فاهم ولا حاسس باللي أنا حاساه عشان أختي ، دي نيروز وأنا عارفاها ٱكتر من أي حد ، ومش عايزاها ترجع لحالة هي بطلتها من زمان ، وحتي هو بايع ومش قادر يفهم ان مش تعبها فحملها وبس ، دا ساب ايديه من كل حاجة ومطري دماغه !!"
_" اسكتي ..تعرفي تعملي كده ولا مبتعرفيش؟. انتي مجربتيش حتي تقفي فوق راس اختك لحد ما تقولك الموضوع فيه ايه ، لا دا وانتي مغمضه راحة ترمي عليه اللوم وسيبتيها ، فوقي يا ياسمينا وبطلي شغل الجنان ده ومتدخليش فاللي ميخصكيش طالما مش هتعرفي تحلي وهتخربي بإسلوبك ده !!!"
وقبل أن تتحدث بنفس الإنفعال رددت "سمية" بيأس منها :
_" ربنا يهديكي ويحط فدماغك شوية عقل !!"
تركتهم وتقدمت هذه المره تدق باب الغرفة بإصرارٍ وأعلى في الصوت تحت ترقب البقية ، اعتلى صوتها وهي تردد لها بالداخل :
_" افتحي يا نيروز ، افتحي خلينا نتكلم !!!"
..
فُتح باب شقة "حامد" كي يخرج منه بعضهم في حين بنفس ذات الوقت صرخت "نيروز" وهي تقترب تهيج بهم بعدما فتحت الباب بإنفعال :
_" انتــوا عـــايــزين منــي ايـه بقا ، عايــزين ايه ، سيبوني فحالي مش عايـــزة اتكلم مش عايــزة أشوف حــد !!"
وكالعادة أكثر من تصرخ كانت هي، رددت حديثها ببكاء صارخ صدم البعض ودفعتها "جميلة" تهدأها بلهفة في أحضانها فبكت "نيروز" بعد هذا الصراخ الذي جعل من في الشقة الٱخرى يخرج والمفاجئ بٱن "زهور" فتحت باب الشقه تخرج منه سريعاً على الصوت وخلفها فتياتها وٱخيراً المتشبه بالرجال "سامر" ، وقبل ذلك هرولت " الفتيات" مع "دلال" التي وأخيراً خرجت ،بعد أن سار "غسان" بخطواتٍ سريعة بعد ان هزمه خوفه عليها واخترق قلبه صراخها المنهار ، ارتجفت بين ذراعي "جميلة" ترفع رأسها ببكاءٍ أكثر حينها وقعت عينيها على الجميع وامسكت رأسها وهي تسمع الٱحاديث بحسرة من طرف وغرابة من اخر واخرون !!
_" بـــــس ، بـــــس بـــقا !!"
صرخت بقوةٍ وصراخ ٱخر جعل الكل يتلهف بقلقٍ وأولهم هو وقبل أن يقترب تحولت ملامح "زينات" للخوف ورددت لها كي تهدأ :
_" اهدي يا بنتي ، اهدي خلاص !!"
الصادم هو الٱتي عندما اندفعت "نيروز" بشراسةٍ تلقي اللوم عليها هي ، اقتربت بعنفوانٍ تردد بهيجة أعصاب ثائرة على الكل خاصةً هي وأمام عينيه هو هتفت بنبرة قوية لها :
_" بس اسكتي خالص ، كله بسببك انتي ، كله بسببك ربنا ينتقم منك ومن ابنك ومنكم كلكم عشان ارتاح!!!"
رددتها ببكاءٍ مع انفعالها ، عقد البعض ما بين حاجبيه وشعر "غسان" بٱنها ستكشف الذي تعمد ستره هو لأجلهما ولأجلها هي خاصةً ، اقترب يمسك ذراعيها برفقٍ كي يسحبها فإنتفضت هي تصرخ عليه مرددة :
_"ابعد عني ، متلمسنيش!!!'
ومن بعدما إقترب عندما وجدت الخوف على ملامح الٱخري وبين الملامح المنصدمة هدرت هي بقوة أخرى لا تعلم من أين جاءت بها:
_"ليه؟ حرام عليكم أنا عملت فيكم ايه ؟ لما كل شويه تخربولي حياتي بالشكل ده ؟ خبيتي ليه ان حسن فاق وبقا كويس ها؟؟."
وبختها وسمعت "زينات " شهقات النساء حتي"زهور" نفسها لم تكن تعلم هذا ، ابتلعت ريقها ونظرت ناحية "حازم " بخوفٍ والذي يطمئن عليه منها واتضح بأنها اخفت عليه هي الٱخري ، حاولت التبرير ولكن قطع حديثها قبل خروجه صراخ "نيروز" الٱخر :
_"ليه ؟؟ ردي عليا.؟؟ خرج وخربلي الدنيا ومشي زي ما بيخربها وكل مرة يمشي!!! المره الأولى كان السبب وبردو هو السبب فـ المرة دي، ٱنا عملت ليكم ايه عشان يحصل فيا كل ده ؟؟؟"
ابتلعت ريقها ، ووقفت"فريدة" مصدومة من هذا الخبر وبجانبها وقف "ٱدم" هو الٱخر أخر مره سأل عنه وزاره كان بها غافياً ولم يذهب بعدها !!
أغمض"غسان" جفنيه بصعوبة من ما فعلته بتهورٍ الٱن إن تُركت الألسنة للحديث من "زهور" وفتياتها لن يحدث خيراً ، خاف وهاب سُمعتها لأقصى حد لذا لم يتعمد حتي السرد لشقيقه وهي؟ هي تقوم بذلك ٱمام العائلة ببساطة ؟؟تظن نفسها ستتركهم دون التفاصيل؟؟ ، هو من سيفعل ذلك قبل أن تسرد أكثر. ، مد يديه يمسك معصمها وهو يتحامل على ذاته وهدر بأمرٍ :
_" تعالي معايا !"
حاولت "نيروز" أن تترك يديه ولكنه أمسكها بحزمٍ يدفعها بضغطٍ مردداً مرة أخرى:
_" قولت تعالي معايا..أخلـــصي!!"
وقفت تٱبى حدوث شئ وكل ما فعلته يشعره بأنه لا يوجد أمامه سوى أن يصفعها صفعة علها تفوق بينما لم يقدر علي فعلها ، لم ولن يفعل ذلك !! ، سحبها ولكنها وقفت بعنادٍ تحاول تركه بعنفوانٍ وهو الذي يجبرها الٱن ٱمام الأعين ، علم "حازم" ما يفعله "غسان" بتفكيره ، لذا إقترب وحل محل شقيقها الأكبر أو لربما والدها عندما نظر لها مردداً بلهجة ٱمرة مع نظرته الجامدة :
_" إسمعي الكلام وامشي معاه!"
حركت عينيها ونظرت نحو عيني "غسان" التي تحذرها من فعل أو قول أي شئ ، سارت رغماً عنها معه ناحية شقة "حامد" الذي انسحب خلفهما تحسباً لأي تهور ، في حين جلست "سمية" بغير فهم تقهر على هذا الحال وحولها النساء ، بينما هذه المرة رمقهم "حازم" بتفحص وجاءت اللحظة الحاسمة ، إقترب من الباب وأخذ المفتاح من على الطاولة ووضعه في الباب حتي جابت مسامع الكل إغلاقه بالقفل !!!!
اندفع "سامر" برأسه فوجد "حازم", يتابع بملامح وجه جادة يوزعها بينهم بتفحصٍ وبين "فريدة" التي تقف بجانب "ٱدم" ، وردد بنبرة ليست هينة بالمرة :
_"نيجي بقا للحق اللي لسه مرجعش !!"
وأكمل بإبتسامة صفراء يدعي البراءة :
_"ايه ؟. فاكرِنِي نسيت ولا ايه ؟؟"
ابتلعت "أسماء" ريقها في حين تجمدت ملامح "زهور" مع "سامر" ورغم شماتة "مروة" الا انها نظرت بترقبٍ له وهو ينفي برده علي حاله بنبرةٍ جادة وبشدة :
_"لا دا حازم ابن سليم مبينساش وبيعرف يأذي زي أبوه كمان "
هنا وتوسعت إبتسامته أكثر وقال يعترف بخصال الشر المكبوتة :
_"أصل العرق دساس!!!"
وكان بعد هذا القول ترقب من الكل انتظر "ٱدم" اللحظة وجاءت له على طبق من ذهب وخافت النساء والفتيات عداها هي عدا "ياسمين" التي وقفت تتابع بملامح هادئة ساكنة للتترقب في الٱتي منهم ومعها "فريدة" التي تود الشعور بالإنتشاء بطبع مثل طبع الٱخرى !! ، و"عز" الذي تفحص ملامح وجه "حازم" بينما لم ترى عايدة"و"زينات" بهذه اللحظة في النظر نحو ملامح وجه "حازم" وحديثه الغير هين الجاد بقدرته على الأذي سوى ٱنه لم يكن بهذه اللحظة إلا سليم ، سليم الأكرمي الراحل!!!
___________________________________
صفع باب غرفته خلفه بقوةٍ تاركاً من انسحب خلفه يقف ومن سحب نفسه خلف "حامد" كان "بدر"و"شادي" و"دلال" و"وسام".. وقفوا بتوترٍ وتركوه معها بالداخل ، أما هي فإنتفضت علي صفعه الباب وأول ما وجده أمامه كانت زهرية أنيقه على طاوله طويلة بجانب الباب وكي لا يرفع ذراعه عليها مد ذراعه يدفعها بإنفعالٍ حتي وقعت أرضاً بقوة وتهشمت أمام شهقتها وهي تتراجع إلى الخلف مع أنفاسها العالية ، خفق قلب من بالخارج بينما فهم "حامد" ما فعله من إخراج الإنفعال ، توقف ولم يتحرك وكذك هم ، في حين شحب وجهها برببةٍ وهو يعطيها ظهره سانداً بذراعه على الباب الذي أغلقه هو !!
صوت أنفاسه العالية يظهر هو الٱخر وهي تستمر في التراجع بعيداً عنه حتي وقفت وخلفها المقعد الخشبي ، حاولت أن تُخرج الحديث ولكنها عجزت وشُل لسانها بينما إعتدل "غسان" يلتفت بتعابير وجه مشدودة متصلبه ، اقترب وزاد خوفها من إقترابه حتي بات قريباً منها فسقطت بجلوسٍ على المقعد وهي ترفع عينيها بتيهه مريبة تنظر له ، أما هو فسألها سؤال واحد هادئ يحاول محو أي انفعال كي لا تخسر ويخسر هو الٱخر :
_" ايه اللي انتِ عملتيه ده ؟"
وصرخ بصوتٍ أعلى :
_" ردي!!!!!!"
انتفضت وحاولت تحريك شفتيها وحثت نفسها على الثبات رغم أن الٱن تود الصراخ ، تقطعت كلماتها وهي تبرر :
_" مـ ..مـعملـ ـتـ.."
توقفت عن قول أي شئ عندما وضعت يديها على معدتها لشعور الألم الذي يداهمها في بداية شهور الحمل ، وتشنجت ملامحها ، بينما صبر هو إلى النهاية ورد على تقطعها هذا بـ :
_"معملتيش؟؟ للمرة التانية شايفه نفسك مش غلطانة وبتقولي معملتيش؟؟"
توقف وسألها بلومٍ جامد ظهر بحدته في نبرته المماثله له :
_" كنتي جاهزة يطلع عليكي كلام من أي نوع ؟؟ ولا مش عارفه بردو إنك كنتي هتفتحي على نفسك فاتوحة ملهاش ٱخر بكلام ناس ملهومش أي ستين لازمة !"
وجد دموعها تتجمع في بُنيتها الفاتحة وقبل ان تبرر بتراهات يراها هو بعينيها صرخ هو بصوتٍ عالٍ :
_" مـــش عارفــــة كان هيتــقال ايـــه؟؟"
أهبط كفه وهو ينحني برأسه ومسك كفها كي تقف لتواجهه ووقفت تضم عينيها بتعبٍ فواصل صراخه المنفعل ينهرها :
_"سيـــرتك سهلة تتجــاب؟ سهل عليكي تتجاب بالوحش يا غـبية!!!"
حرك معصمها واهتز جسدها بالكامل وهو ينهرها مره أخرى :
_",هتفضلي لحد امته كده ؟؟. هتفضلي لحد امته متسرعة وكل الغباء مراحش غير ليكي لوحدك وبس !!!!!"
وٱكمل بظهر لها إنهاكه منها :
_"كل مشكلة تبوظيها بغباءك وتمشي عاملة حسابك ان في حد ضامناه وراكي هيصلحلك ، المفروض مطلوب مني ايه المرادي !!! ردي !!"
إعتلى صوته أكثر، وشعرت بضغطه منها إلى كثيرٍ ، سالت دموعها أمامه وكأنها تنتظر السؤال ، من قبل ومن بعد ، عندما شعرت بثقل كلماته وضغطه منها قالت بخواءٍ كاسر رداً على ٱخر حديثه ببكاء شديد :
_" تطلقني ، تطلقني يا غسان ، إحنا حتي لو رجعنا بعد كل ده أنا مش هقدر اشوف فعينك بصتك دي ، بصتك دي بتكسرني وبتدبحني ، أنا تعبت .. كفاية عليا كدة حرام ، حرام واللهِ ، أنا كنت مستنية اليوم ده ، مستنياه بكل خوف وكنت عارفه إنه هيجي ، مسيرة كان جاي وفرحتنا دي كانت هتقع فأي لحظة ، انا كدة وانت اخدتني كدة بس اللي فات كوم ودا كوم تاني ، كوم تاني بكسرتك اللي اول مره أشوفها ، أنا حتي مبقاش عندي طاقه اقولك لا ، ولا كان عندي ، المرادي ابعد ، انا بقولك ابعد عني وسيبني ، سيبني بقا!!"
كلماتها موجعة كاسرة في حين بنفس ذات الوقت أبعدته عن محور الوجع الرئيسي ، لذا أُنهكت ملامحه وحاول الحديث بتعبٍ فقاطعته هي مرددة :
_" طلقني ، طلقني بقا !!"
رددتها ببكاءٍ وكأن ليس على لسانها غيرها ، وهو الذي يتوجب عليه التحمل إلى متي أيها القلب اللعين؟ سأل العقل وأجاب الفؤاد بنظرة. خاوية لمعت بها عينيه وهو ينظر لخاصتها مردداً بنفس الإنهاك الذي احتلها:
_"أنا بضرب قلبي ده مية قلم إنه حبك ودق ليكي انتي بالذات ، قلب عمره ما قسى ولما كان بيجمد يرخى علطول عشان ضعيف قصادك ، سألت نفسي امتى أنا كنت ضعيف كدة ؟ ، امتى كنت غبي واتخدعت ورا شوية مشاعر جابوني الأرض وكسروني ، كان ليه الحب مادام مش قد وجعه !!!"
واجابت بنبرتها الخاوية الباكية وهي تنظر لمعالم وجه وكأنها تشبع نفسها من رؤيتها:
_"نَصيـب!"
_"بس أنا مش مسامح النصيب ده !"
صدمة قلبها الهش هي نبرته في قولها ، ورغم أنه وجد الاصرار في عينيها ، تجمدت دموعه في لحظة الوداع ، ما يظهر في عينيها الٱن عكس ما كان يتوقعه منها في كل مرة ، هي من أرادت وكفى ضغط منها على كرامته ، الحوار من بدايته لنهايته مسموع منهم بالخارج!!
الموجع له ولقلبه الذي خانه أنه دفعها بين ذراعيه بقوة وكأنه يخرج بها كل كبت من مشاعره الثائرة بالانفعال ، ضمها وتوجعت بعظامها أما هو فتلمس معدتها بذراعه برفقٍ يودع صغيره هو مستنشقاً تلك الرائحة الخافته التي تتسلل منها ، وبالذراع الٱخر يضم جسدها سانداً رأسه على كتفيها بإنهاكٍ حينها بكت بشدة تركته يفعل ما يشاء غافله عن الٱتي ، تنفس براحةٍ للمره الٱخيرة وهي في ضمته وهمست بنفس الطلب بإصرار من بين بكاءها ، فآبتلع ريقه يومأ بعينيه دون أن تراه سقطت دموعها مع سقوط دمعته فرفع ذراعه يمسح وجهه واعتدل ينظر لها وردد هو ٱخيراً ، ردد بالقول الذي فارق معه روحه ، القول الذي أعلن الفراق بينهما ومن قبل هذا كان فراق روحهما معاً وحبس أنفاسها هي :
_" إنتِ طالق !"
رددها ؟؟ أغمضت عينيها ونفت برأسها بوجعٍ تحت شهقات من بالخارج بصدمة ، ابتلع ريقه ينظر نحوها أهذا ما كانت تريده ؟؟ ، ود لو يقسم بهذه اللحظة أن ملامحها التي شحبت بهذه الطريقه التي لم تكن تتخيل بأن هذه الحالة ستلبسها عند سماعها لذلك ، لما قالها هو من الأساس!! ،لحظات تستوعب وشددت في ضم عينيها وهي تنفي بكسرة وخرت قلبه ، ولكنه وقف صامتاً ساكناً موجعاً ودموعه تنزف بالداخل !!
إنتفضت عندما ركضت تفتح باب الغرفة بسرعة وفتحته ناهيك عن ركضها على الذي هشمه هو بنفسه لم تتأوي بل وجعها الداخلي كان أقوى من ذلك ، لم تستمع لأي منهم بل رحلت ، رحلت بركض سريع حتي أغلقت باب الشقة بنفسها رافضه هرولة الكل خلفها !!
أما هو فأغلق باب الغرفة بسرعة بالمفتاح قبل أن يدخل عليه أحدهم ووقف لم يحرك ساكناً بل الٱن دموعه من تهبط على وجنتيه وتتحدث. بدلاً عنه وعن الذي بداخله!!! ، سمع صوت دقات الباب وصوت "دلال" يتداخل مع "حامد"و"بدر" و"شادي" و"وسام" ببكاءها هي الٱخرى !!
اما هو فأمسك رأسه بين كفيه لا يطيق سماع هذه الأصوات المتداخله ومن بين الأصوات صوتها المُصر على الانفصال طوال الوقت !! ، إحنى رأسه وضعها بين كفيه وهو يقف وهنا رأي قطرات الدماء التي سقطت أرضاً أمام عينيه الزائغة !! ، وضربات قلبه التي تسارعت وضع يديه على موضع قلبه يحاول تحمل كل هذ ا مُجبراً!!!..
بينما في الخارج أمسك "شادي", يديها يوجهها ناحية الغرفة يحاول التهوين عليها بعدما فقدوا الأمل في أن يفتح هو الباب ، ووقف "حامد" بهذه اللحظة شاعراً بألم ولده !! ، ضاق صدرة وجلس على الأريكة بينما نجده أحضان "وسام" وهي تتلهف له ببكاء في أن لا يحزن لأجل خاطرها !! ، بينما وقف "بدر" يحاول للمره الٱخيرة ان يدق الباب بقوة أكثر ليراه ، والٱخر بعالم موجع أكثر من عالمهم المؤلم ، فالألم عليه كان أضعاف مضعفة !!!
______________________________________
حُبست الأنفاس عند هذه النقطة عندما إندفع "حازم" يمسك "سامر" بين ذراعيه بقوةٍ يِحركة بانفعالٍ مردداً بعدما قام بضربه على وجهه:
_''جواز وغصب ومأذون من ورايا يا روح امك.؟؟ بتتصرف من دماغ أهلك على أختي اللي حذرتك من القرب منها بعد ما رفضتك ؟؟ "
كانت "فريدة" في قمة سعادتها عندما وجدت "حازم " لم ينسى وعلى عكس العادة تركوه الجميع يتصرف بإرداته تحت خوف"زهور" بينما اقتربت "ياسمين " تمسك "مروة" من ياقتها وهي تردد بتوبيخ :
_" كنتي بتقولي ايه بقا يا حلوة ؟. فكريني كده كل القديم عشان ذاكرتي بعافية معلش!!!"
كُبتت الضحكات على غير العادة وحاولت "مروة" دفعها بينما صفعتها "ياسمين" على صفحة وجهها وقفت "زينات " بدهشه مع "حنان " و"عايدة "و"سمية " في حين الكل يتابع انقلاب الوضع بأخذ كل طرف لطرف ٱخر بشرٍ ، وكما هما توجهت"فريدة" هذه المره أمام "أسماء" تمسكها كما فعلت "ياسمين" ورددت لها من أسفل فكها :
_" بتستغفلينا .؟؟ بتاخدي التليفونات وتخبيها يا بت؟؟ فكرانا عُبط احنا. صح؟؟ لا فوقي ، فوقي كده وصحصحي !!!"
ابتسم "ٱدم" باتساع وفخر بها وجاب عينيه ملامح وجه "زهور " عندما شهقت تحت سكون "عز" مع "جميلة"و"فرح "و"منة" بينما لكم "حازم " "سامر " بوجهه بقوة وأحكم مسكة وأمسكة " ٱدم" بتشفي من الناحية الٱخري وهنا ضربات وهناك صفعات تتلقاها "مروة" من "ياسمين" التي هرولت ناحيتها "وردة" وعندما شعرت "وردة" بخطر ما تفعله الٱخرى بأسفل معدة شقيقتها دفعتها بفزع حتي وقعت أرضاً. نظرت "ياسمين" بذهول لما كانت مقبله عليه من ضرب لتهبط ما في رحمها بينما جثت فوقها بقوة وشرر تضربها وكأن بهذه اللحظة ولدت هذه العائلة في الشارع !! حيث التشرد!!
_" أنا مغصبتهاش ، مغصبتهاش صدقـ.."
وقبل أن يكمل "سامر" وهو محكم بالمسك من ذراعي "ٱدم" و"حازم" الذي يضربه لم يتركه بعدها بل ضربه وقاطع جملته بصراخ ٱخر :
_"إخرس!!!"
هرولت "زهور"ان تدفع 'ياسمين" عنها بينما فصلت "جميلة" "فريدة "عن "أسماء" تحت ترقب الكل ، تحاملت "زهور" وهي تسند"مروة" التي نزلت دموعها بوجعٍ في جسدها وخدوش يديها تنزف دماً ، كما الدماء التي بجانب فمها ، مسحت فمها بألمٍ وجذبت العصاه من يد "زهور" على فجأة بقوةٍ وقبل أن تضربها مدت "منة" ذراعها بسرعة تأخذه منها بقوة وهي تردد بإشمئزاز :
_" انتي مبتحرميش يا بت ، ايه راحة فين تاني !!"
ذُهلت "ياسمين" مرة أخرى وحاولت أن تنقض عليها بينما أبعدتها "وردة" بأعجوبة كما أبعدت "جميلة" "ياسمين " ، التسلية كلها كانت في نظرات "عز" الذي جلس براوقة يتابع بتمعن ما يحدث وكأنه فيلم بتصنيف أكشن!! ، أشارت له "جميلة" كي ينقذ الوضع بينما اندمج "حازم " بغضب يصبه لوجه الٱخر وحتي معدته ، الثلاثه تأذوا اليوم ، ترك "ٱدم" "سامر " حتي وقع أرضاً على ركبتيه ينهج وهو يمسح وجهه الذي كان به دماء أثر خاتم "حازم " الذي يرتديه وقام بجرحه ! بينما صرخت "زهور" على فجأة :
_" بــــس ،كــفاية !!!"
آقترب "حازم " هذه المرة أمام عينيها يردد بانفعال:
_"لا مش كفاية ، انتي تاخدي بعضك انتي وولادك وتغوروا فستين داهية بدل ما أوديكم أنا فداهية وأنا قادر أعملها كويس أوي ، برا ..ومعاكم وقتكم تلموا فيه بعضعكم وتمشوا !!!"
اغتاظت من طريقته. ورددت تجيبه بتهديد وهي تسند فتياتها بنفسها:
_". مش هسيبك كده يا حازم ، وبكرة نشوف !"
لم يعطي بالاً لقولها ورغم لديه قوة أكثر من تلك في أخذ الحق ولكنه اتي بٱخره قدرته علي التحمل أصبحت معدومة ، ابتلع ريقه ووقف يتابعهم في حين وقفت "ياسمين" في الخلف تردد لها :
_" استني ، خدي بنتك التالته اللي بدقن دي!!"
لم يمنع "عز"و"ٱدم" بأن تخرج ضحكاتهم بصوت ٍ عالٍ وكذلك الفتيات على قولها ، نظرت بشرر تحت بسمة "حازم" الجانبية الهادئة بتهكمٍ وهو يقف في حين اعتلى صوت "آدم" بسعادة غريبة :
_" عندها حق ، وربنا خسارة فيك العيون الخضرا ، مكنتش تجيبهالي؟؟ والله كنت وقعت كام واحدة فحبي بدل ما أوقهم في وسـ ..".
صمت ببراءة ووضع كفه علي فمة مردداً بغيظٍ له وهو يراه يتحامل علي نفسه كي يقف :
_" اسكت ي بؤي بقا ، في ستات ، وست تانية مش قادرة تقوم!!"
تشنجت ملامح "سامر" من الاهانه وعلم بأنه يرد له ما فعله به ، ضغط على فكه ماسحاً وجهه بتشنج وألم ، ووقف "ٱدم" يطالع أجسادهم وهم يقفون ينتظرون فتح الباب :
_" بقولكم !"
نظروا بحقد والغل يظهر في عينيهم بينما تابع "ٱدم" بمنتهى الثبات بخبرهم :
_" انتوا اللي علمكوا الأصول كان راجل مسطول صح؟؟!"
كيد عائلة البدري ؟ ، ضحك البعض بقصدٍ وأيدت "ياسمين" قوله بفظاظةٍ :
_'' هو مفيش أصول من أصله ، ده أصل عيلة ناقص مع عدا أبويا ، معرفش ازاي قدر يعاشر ناس زيكم جاتكم القرف !!"
نهرتها "جميلة" بعينيها فـ اشارت "ياسمين " برأسها ، ووقفت "زهور " تردد بحزمٍ :
_" ما تجيبوا المفتاح ولا ناوين تحبسونا ؟"
ذكرت "حنان " ربها من اختلال عقل هذه العائلة !! ، ووقفت مصدومة ناهيك عن صدمة"فرح" هي الاخري بينما "منة" تعتاد والٱن تضحك بإندماج وهي تراقص حاجبيها لـ "مروة" !!! ، اقتربت "فريدة" منهم تنظر بشمامةٍ وظهرت ابتسامتها الواسعة تردد :
_" أنا مش قادرة أعبرلكم عن سعادتي اللي أنا فيها دلوقتي ، أصل العرق دساس زي ما انتوا فاهمين وزي ما حازم قال ،فـ شر ولاد سليم موجود وعلى أي حد يجي علينا بيطلع حتي لو كان مين ، معلش عيلة وملهاش عزيز ومعروف عنها كدة ..ودا ميمنعش بقا نخرج الأسرار عشان الناس تاخذ حذرها .."
في تلك اللحظة كان يقف "بدر" خلف الباب بالخارج قبل أن يدق سمع هذه الأقوال ، خاصةً الٱتي :
_" ابقي خدي بالك ي وردة على جوزك ، أصل الست زهور وبنتها جايين زي ما بيجوا كل مره بأعمالهم عشان يدسوها ويشربوها لجوزك وبيفشلوا ، يا شيخة دول طلبوا مني قبل كده من سنة أجي هنا وأجيب حاجة من قطره، مع اني مكنتش أطيقكم بس أصدمهم بقا باللي عملته ساعتها لما جبتلهم أي قماشة ملهاش أي ستين لازمة ، ما أنا بردو كان عندي رحمة ومصعبش عليا حد غير الواد الصغير يامن حبيب قلبي ، وزي ما عملوا كده عايزين يعملوا كده مع حسن عشان يقع فإسماء بس أنا مسمحتش ليهم وزي المغفله مقولتش لٱمي اني سمعت خططهم دي وخبيت عشان موقعش اختين فبعض ، ألا من حق ي خالتي هو حسن موقعش على عينه ليه لحد دلوقتي؟ مع أسماء؟؟"
لم تترك لهم فرصة للحديث بل واصلت بتفسبر أمامهم جميعاً :
_"دلوقتي بس يعرفوا بنفسهم ليه بتكرهي نيروز اوي كدة و مش بعيد حياتها بتتخرب بسبب عينك أو الله أعلم يمكن عاملالها عمل ما انتِ رجلك بقت حافظة طريق الشيخة خديجة المغربية لرد الحبيب وجلب الزبيب واللي مش عارف ايه!!!!"
أسرار أخرى تُكشف !! ، صدم الكل وشحب وجه "وردة"و"سُمية" في حين إقتربت "أسماء" بذهولٍ لم تكن لتعلم بأن والدتها فعلت ذلك ! ، بينما صاحت"فريدة" هذه المرة بتقززٍ لـ "أسماء" :
_"أه يا غبية بقا بذمتك حد يحب واحد زي حسن؟؟ إهربي نصيحة مني لأنه زي ما عرفنا هو فاق ولو رجع ووقعتيه فيكي قولي على نفسك يا رحمان يا رحيم بعد كدة معاه!!!"
تكن له حب سري لم تكن تعلم بأنه مكشوف أمامهن!! ،. ذُهل الكل مع دقات الباب بعصبية من "بدر" ولكن اندمج الكل في صدمته واقتربت"زينات" تهتف لها بنبرة منصدمة :
_" انتِ كنتي بتعملي أعمال لآبني يا زهور ؟؟؟"
وردت "مروة" حينها رغم تشنج وجهها بالألم :
_" ايه ما انتي كنتي معاها عالخط وقاعدين مش سابين غيركم فحالهم ولا بتنسي يا خالتي؟؟؟"
كان حديث النساء أشبه بـ :
_" لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم!"
_" حسبي الله ونعم الوكيل"
كانت الأقوال بعد تلقي الصدمات. ، اقترب "حازم" الغير مقتنع بهذه التراهات التي تفعل من النساء لذا لم يشغل باله وقرر محاسبة زوجة أبية بوقت لاحق ، أخرج المفتاح من جيب بنطاله ودفعهم بفظاظةٍ كي يفتحه تحت توجه الشرر ، ولكن ما يغفل عنه وما توقف عنه بذهولٍ أن بعدما استوعبت "ياسمين" الٱن ما كان يُدبر منها لشقيقتها التي ارتجفت اوصالها بخوفٍ ، ركضت تنقض وهذه المرة لم تنقض سوى على "زهور"التي اختل توازنها بعيداً عن العصاة ووقعت أرضاً وبرزت حدقات الكل بصدمة كبيرة من ما فعلته تلك الفظة للتو !؟ ، وقبل ان تضربها دفعها "حازم" عنها مع فتيات الٱخري وهما يسمعونها تهتف بـ :
_" اه يا بنت الكلب يا واطية ، بتعملي أعمال لٱختي وجوزها يا قذرة يا زبالة ، وديني لٱعرفك يا*** "
يتأزم الوضع كل مرة وهذه المره سبتها سبه نابيه غير لائقه بتاتاً أمام الجميع وخاصةً الرجال، خرجت و سبه كهذه أمام الرجال!؟ ، قرر "سامر" المراوغه حيث لديه معلومات لم تفصح بعد ولكنه سيفعلها حتي وهو على مشارف الرحيل بوقت لاحق لم يترك حقه. هكذا !!!
تفاجئ "عز" و"حنان" من طبيعة "ياسمين" الشرسة!! ، وتخلل "عز" من الداخل شعور عدم الاستحسان لما رددته للتو من سبة نابية رغم انه يؤمن بأنها لديها الحق في فعل أكثر من ذلك ، نظر تجاه "جميلة" التي نظرت بضياعٍ وحسرة وبالٱخر حرج من وجوده ووجود عائلته للتدخل في هذه المشاكل الصعبه بينهم وبين عائلتها التي لا تكف عن المشاكل، مشهدها أمامه الٱن لا تريده يكفي أنهما بينهما ماضي من العائلة واستمرا رغم كل ذلك!! ،. ابتلعت ريقها تمسح دموعها بكسرةٍ ، أبعد "حازم" "ياسمين" بإنفعالٍ بعدما فتح الباب وسحبها بقوة ناحية غرفتها وصفع الباب خلفه بقوة هزت أرجاء المنزل !! ، انتفض البعض ء وقابلت بوجهها "بدر" وفتياتها يساندونها ، فوقف يتحامل على نفسه يسألها بهدوء ما قبل العاصفه:
_" هو سؤال واحد بس.. انتِ لسه شغالة فالقرف ده ؟؟ لسه موجود ؟؟"
نفت بوجعٍ في جسدها ، وسارت بخوفٍ تحاول إخفاءه وخلفها كان "سامر" يسير بعدم توازن ، في حين الشئ الوحيد الذي يطمئن "بدر" أنه يواظب على الصلاة وقراءة الأذكار والقرٱن مثل "وردة"!!! لذا لم يطولهما الأذى!!
دخل بلهفة فوجدها تركض ناحية الغرفة وهي تضع يديها على وجهها تخفي دموعها الخائبه ويديها التي ترتجف ، أشار لهم بالتوقف ورحل هو خلفها بسرعة مقرراً انقاذ الوضع بالبراهين !! ..
وقفت "فريدة" تنظر بصمت بعدما حدث ، وبعد كل ذلك اعتادت على الهروب لأسفل كي لا تصعد حالتها لشئ تعجز عنه ، ركضت على عكس مشهدها وهي تفعل ما فعلته ولكنه الأن بات يعلم أن قوتها زائفة ، انسحب "ٱدم" خلفها ،ووقفت "عايدة" تود حفظ ماء وجهها من عائلة "عز" نظرت إلى "حنان" بأسفٍ ولكن الأخرى بادلتها النظرة بتفهمٍ وحنو ، آقترب "عز" يمسك يدي"جميلة" التي كانت تبكي وفقط ، وسحبها معه ناحية شقة"عايدة" التي استأذنت من "سمية", بحرج فتفهمت وأشارت لها بأن تأخذهم ناحية شقتها ، خرجت "حنان" ومعها "فرح" تسندها ، بينما وقفت "زينات" ورغم كل ما فعلته إلا أنها تابت وندمت ولكنها قررت على الرحيل ناحية شقتها حيث غرفتها دون ان تحدثهم ، وسارت أمامها حتي بقت "منة" مع "سمية" تحاول مواساتها!!!!
_______________________________
السؤال هو أين ركضت وذهبت وشقة والدتها كانت مغلقة يخرج منها أصوات عالية ، بهذا الشكل بعدما سمعت كلمة الطلاق سار الألم في قلبها الهش ، وجسدها الضعيف ، لم تجد أمامها سوى الركض حتي لم تنتظر المصعد ، ركضت تهبط على السُلم إلى ان ألمتها قدمها التي تنزف الدماء ، جلست على احدي الدرجات تبكي بصمت موجع ، الدرجات التي تُصعد لأول الطابق الثالث حيث هم وعائلته هو !؟ ، إن صعد أحدهم سيجدها هكذا بهذا الشكل ! ، جلست تضم ركبتيها تبكي وسالت دموعها بغزارة ناهيك عن بصمات الدماء التي خلفها على درجات السلم ، من السير ، عقب ما هبطت أول درجة بقوة. حينها بدأت عندها قدمها تنزف من الزجاج الذي تهشم وسارت هي عليه بغير وعي ، كيف ستعيش مع كل هذا الألم ليس ألم قدمها بل ألمها الداخلي لم تكن لتتخيل بأنها ستوجع بهذه الطريقه ، هي من بدأت بالوجع ومن طلبت الألم في كؤوس لتتجرعه دفعة واحدة بعدما كان الحال بينهما هادئ ساكن من الطرفان بدفء والدين ينتظران قدوم طفلهما ، إين والده؟
أين الدفء والانتماء؟؟
أين حبه ؟؟
أين تمسكها ؟؟
هل كنت أستمر في قدرتي على التحمل كى تبقى هذه هي النهاية؟؟
هل نهايتي هنا؟؟
حيث الوجع؟؟
وحيدة ؟!
شهقات تمزقها وسمعت صوت قطع الكهرباء بالسكون خاصةً سكون المصعد ! لم تعي بأن من سيصعد سيصعد عليها بهذا الشكل ، هي ظلت بعباءتها ولكن ما تغفل هي عنه وما غفل هو الٱخر عنه خصلاتها التي كُشفت دون ستر بالكامل!! ، لو يعلم هو حالها الان لركض إليها دون أدنى شك بينما أين رحل هو ؟؟ أم أنها هي التي رحلت؟؟ ، اهتز جسدها من البكاء وصوتها العالي يتخلل لأذن أول من صعد وسمعت خطواته ، جاب مسامعه هذا الصوت وهو يصعد وما ان التفت ليصل الطبقة الأخرى وجد جسدها يُضم بهذه الطريقة ، هذا الجسد يعلم هيأته !! نيروز ؟؟ زوجة شقيقه ؟؟ .
فتح "بسام" عينيه بصدمة من حالها وجاب عينيه قطرات الماء ، تلهف بخوف عليها واندفع بيديه يرفع رأسها مردداً بتيهه وعدم واستيعاب :
_" نيروز !! نيروز!!!'
رفعت رأسها بتعبٍ وعينيها الزائغة تدور وما ان وجدت وجهه تمعنت وعلمت أنه ليس هو ،، صمتت بإستسلام ودموعها تهبط فسألها وهو يتفحصها بنظراته كي يعلم مكان نزف هذا الدم ، ولوهله انتقض ماذا لو كانت هذه الدماء نزيف جنينها وطفل شقيقه !! ، حُبست أنفاسه وعادت عندما جلس بسرعة يمد يديه على جرح قدمها بقلقٍ ٱخوي صافٍ ، ابتلع ريقه وسألها باندفاع:
_" ايه ده من ايه .؟؟؟ قومي. قومي معايا بسرعة ؟!!"
تبخرت أي قوة بها ونزلت الدموع وكأنها تعي للتو ، وأخبرته كي تثبت لنفسها بأنه حقيقه :
_" غسـ ـان طـ ـلقني!"
نبرتها الخاوية الباكية صعبه أشفق بعدما انتفض بصدمة ، مغمضاً عينيه بضغطٍ من كل هذا ، ربما رحيله للعمل وتركهم هو أنه اعتقد بأنها مشكلة وستُحل بينما ما يسمعه الٱن صدمة ، قرر التحامل على كل ذلك ، ونهض يتلمس ذراعها كي يسندها متخلياً عن الحرج وهو يقول :
_" قومي معايا ، قومي يا نيروز!"
حاولت النهوض ولكنها لم تقدر سندها بيديها ونهضت تستند على سور السلم ولكنها ما ان وقفت على قدميها كان سيختل توازنها من الألم والزجاج الذي بقدمها ، أسند ظهرها بسرعة من عدم تماسكها وسألها وكأنه لا يري :
_" انتِ ماسكة تفسك ولا لأ؟"
نفت وهي تغمض عينيها بألمٍ ، فردد لها بحرجٍ :
_" طب أنا ٱسف ..مش من حقي بس مضطر!!!"
لم تفهم قوله ولكنه قاوم أي شئ وأهبط ذراعيه يحملها مشيحاً بوجه بعيداً عن وجهها وصعد بسرعة كي ينقد جرحها هذا ، حالها لم يصدمها كثيراً ،، ولكنه دق باب شقة "حامد" بقدمه بقوة حتي هرول "شادي" يفتح الباب وما أن فتحه صدم بقوة ، هرول بها بسرعة ناحية الأريكة الطويلة يسندها تحت ركض "حامد" بألم من ساقة ما ان وجد المشهد ، انحني يتلمس وجهها وهو يسأل بقلقٍ :
_" مالها ، مالها يبني ؟؟؟؟"
لم بجيب وشهق "حامد" بسرعة ما ان وجد دماء قدمها ، أسرع "بسام" يجلب حقيبته وجلس يتفقد جرح قدمها ٱما هي فعينيها الزائغة تدور وهي توزع النظرات بين "شادي"و"حامد" !!! ، لم تستطع التركيز بل فقط ترديد كلمة طلاقها تعلو في أذنيها فتهبط دموعها وتنفي بسكون , وقف "حامد" يتابع بخوف والٱخر يطهر جرحها ويخرج منه ما دخل به ،في حين وقف "شادي" ينظر نحو باب غرفة "غسان" الذي لم يخرج منه أي صوت !!!
كانت "وسام" تجلس مع والدتها في الغرفة غافلتان عن كل ذلك في حين انتهى "بسام" بعد وقت من ما فعله ، ناهيك عن عينيه المحرجة الذي كان يبعدها عن ساقها الذي وكأن "حامد" تفهم الوضع بينهم فمد يديه يدفع طرف عباءتها أكثر على ساقها كي لا يُكشف !! ، أما هي فحاولت أن تعتدل وهي ترفع يديها تضعها على وجهها تخفيه بكسرةٍ ابتعد "بسام" ما ان شعر بتحركها فنهضت هي وتقابلت عينيها مع عيني "حامد" الحزينة..
الغريب والموجع بنفس ذات الوقت أنها وقفت على ساق واحد تستند به ونظرت نحو وجهه تحاول فرك عينيها بإنهاكٍ ولكنها وجدت وجه والدها به ، الملامح تتداخل وعقلها يتشوش وانتفض قلبها وهي تدفع نفسها بين أحضانه بقوه حتي اندفع "حامد" إلي الخلف ولكنه ربط ذراعيه يضمها بحنان وشفقه تحت تفهمه لما يجري معها الٱن ..
بينما صدم "بسام وشادي" من ما فعلته ولكن بمثابة سهم اخترق قلوب الثلاثه عندما رددت بتحشرجٍ وبكاء ضعيف يعلن عن هشاشتها :
_"متسبنيش تانـ ـي يا بابا ..متسبنـ ـيش ..أنا تعبانة من غيرك اوي واللهِ ، متمشيـ ـش!"
لمعت عيني "شادي" من هذا الاحتياج الذي يفتقده هو الٱخر منذ ان كان أصغر! فقدان لا يشعره سوي من جربه بالفعل !! ، اما الٱخر فابتلع المرارة بحلقه على حالها وهي ؟ هي لم تختل لتراه هو بل تعلم وبكل وجع تجاري عينيها وعقلها بذلٍ لتنعم بهذه اللحظة حتي ولو كان ليس هو !!
سقطت دمعة "حامد" على وجهه ومرر ذراعه على ظهرها بشفقةٍ وحزن ، ولم يرغب في الحديث كي لا تنصعق ويخيب رجاءها الخائب من الأساس!!!
وكأنها تعي الٱن عندما حررت نفسها تنظر حولها برهبةٍ رفعت يديها تمسح وجهها التائه وثبتت عينيها على غرفته الساكنة !! ٱخر ما نظرت له وبعدها حاولت السير بسرعة كي تخرج من الشقة تحت قول "بسام" :
_" يا نيروز استنـ.."
قطعت قوله إغلاق باب الشقة خلفها بسكونٍ حيث حاولت دخول الشقة الٱخرى !! ، جلس "حامد" على المقعد بسكونٍ ، ووقف "شادي" بتشتت مع "بسام" ، وإلى الٱن غرفته ساكنه من الداخل!! ، فتح "شادي" الشرفة أكثر وأكثر كي ينير المكان ، في حين انسحب "بسام" يدق باب غرفة "غسان" مع دق جرس المنزل ، تقدم "شادي" يفتحه بينما ما ان وجدها تدخل تمسك كفه بلهفة تسأله :
_" أيه ده يا شادي نيروز مالها وطلاق ايه اللي حصل. دي مامتها منهارة وهي مدتش فرصة لحد ودخلت قفلت على نفسها!!!"
سحبها لتجلس كي يغلق الباب ورأت العجز في عينيه ، توجهت تنظر بصمتٍ،. وهي تسمع صوت "بسام" القلِق:
_" غـسان!..انت سامعني؟؟؟"
لم يأخذ أي رد سوى الصمت. السكون المريب ، بينما وقف "حامد" يحثه على التراجع وقال يخبره :
_" سيبه يا بسام ، سيبه وبلاش حد منكم يقوله علي اللي حصل ، خلاص!"
قطع أي حديث كان سيُقال بينما وقف "حامد" يخبر "شادي":
_" روح وروح مراتك يا شادي يلا !"
_" أنا مستني هنا مش همشي ألا ما أطمن عليه !"
_" مش هيطلع ، أنا بقولك ان أنا ابوه ومش هيطلع ألا ما ربنا يسهل ، مراتك واحدة وراها امتحانات ومحتاجة تذاكر ولازم تكون كمان معاها ، يلا ومتقلقش هطمنك !!"
وجد العجز بعينيه ، ونظر صوب "منة" التي حدجته بصمتٍ ووقفت ما أن وجدته يومأ رغماً عنه ، إعتدل يودعهم كي يرحل ، وكما سيرحل هو. كانت قد عقدت "عايدة" عزمها على أن ابنتها "جميلة" يستوجب عليها الرحيل مع زوجها وعائلته وان لا تجلس وسط هذه الأحداث وبالنهاية تحت مسمي عروس!! ، رغم تلقي خبر الطلاق ومحاولتهم في الوصول لها صعبة بعدما أغلقت على نفسها تنفرد بالوجع !!!
وحتي "سُمية" يأست وذهبت لغرفتها تنذوي بوجعها كما كان غيرها ، وٱخر ما سمعته من صوت"حازم" وهو بنهرها بالصمت ومن ثم قرر الصمت معها لمعاقبتها دون تبرير وهيهات من تلك الشرسة!!!
وكما صمتا هما صمتت "وردة" تكتم كالعادة تجاري الحديث لحديث ٱخر بعدما انهكت نفسها في البكاء والخوف عليه هو وعلى حياتهما سوياً وبكاء ٱخر على حال شقيقتها!!!
______________________________________
«قد مات فينا فجأةً، ما نشتهيه ويشتهينا»- محمود درويش-
أما هو فكان بعالم اخر مع نفسه عالم حيث الألم والمعاناة. الوجع , المياة التي تهبط على جسدة بغزارةٍ وهو مغمض العينين ، المرحاض بصوت خرير الماء العالى لم يجعله يستمع إلى كل ذلك ، ولكن هل الأصوات التي حوله ٱعلى من تلك التي تعلو بداخله بوجعٍ. وان امتزجت مياه دموعه مع مياة الإستحمام فكيف سيميز على أية حال الإثنان يهبطان بغزارة ، أخرى تلبي غرضها وأخرى تعبر عن غرضها !!
وما الغرض؟؟ العودة؟؟ نهر مشاعره التي تجتاح صدره وخاصةً قلبه ، ذلك العضو الضعيف تجاهها يضخ بحروف اسمها ؟ تشبية ساخر !! ساخر جداً منه ومن حاله المؤلم ، يرى بأنها تساهلت وتخلت وكذلك تري هي ، على الرغم من انها طلبت ولكنها لم تردد بالعكس أبداً ، ربما كان يريد منها رؤية التمسك الذي عاش يفعله ،. وعلى الرغم مره أخرى من أنها ليست مقارنة بينهما ولكنه سأل سؤال واحد رغماً عنه ..
-لمَ لم نأخذ مثلما نُعطي؟؟
ثم سؤال آخر :
-لمَ دائماً لا تريدنا الأشياء التي نريدها؟.
ثم :
-لما الوجع؟
وبعده :
-لما العودة ؟؟ ولما الوصال من الأساس!!
وصال ؟ "وصال" وصاله الذي عاد معها وبعد ذلك رددت له في أواخر علاقتهما بأن حبل هذا الوصال رُبط بشدة وصعب فكه ، صعب البُعد ، صعب الفراق وليس هين الإنفصال!!
هل كانت تكذب؟؟ تخادع ؟؟ ترمي مجرد كلمات تحت مسمى الهوىٰ؟؟
منذ متى ويردد العاشق بكلمات ليست صادقة؟؟ أحياناً يتم ترديد كلمات الحُب بنغمة معينه لم يفهما سوى الطرفان وفقط بينما الٱخرون سيروا أن هذه مجرد تراهات !! هل كانت ٱخرون ؟ طوال هذه الفترة ؟؟
أسئلة كثيرة ليس لها جواب وعقله على وشك الإنفجار !! كما ان قلبه كذلك حتي من قبل الانفصال تُرى ماذا سيفعل به قلبه في اللاحق؟؟ ، مجبر وسيجبره علي التحمل لا محال ليس لديه خيار ٱخر !! ، وجد جواب يهزه من الداخل بأن ان خالفت الظروف يتخلى طرف عن طرف لأجل ٱخر!! ، لأجله ؟؟ نفض ذلك وقال ناهراً هذا الجانب الذي يلين ويتحلى بالوفاء تجاهها:
مجرد تراهات من يُحب لا يتخلى ومن يهوىٰ لم ولن يقدر على الفراق!!!
من بين الوقت خرج بعدما إرتدى ملابس مريحة بالنسبة لعضلات جسدة المتشددة بصلابة من هذا الضغط ، رفه يديه يرجع خصلاته المبللة إلى الخلف وإنحنى يلتقط ذلك الزجاج الذي هشمه بغير وعي التقطه يضع ما بدييه في سلة المهملات بحذرٍ ونهض بعدها ، من بين مرور الوقت شعر بإنسحاب الكل ، بينما لم يهون على والده تركه بعدما حث الكل بحزم على ذلك ، بل ما أوقفه في متتصف الغرفة وهو يلقي المنشفة بإهمالٍ دقة واحدة خافتة مع قوله الذي ظهر به القلق عليه :
_" أنا عارف إنك صاحي وسامعني ، بس افتح كلمني دقيقة بس واقفل تاني زي ما انت عايز، بس اشوفك يا بني!!"
شعر بإختناق نبرة "والدة" ، أدمعت عينيه بلمعة غريبة وهو يتوجه يلتقط السجادة الخاصة بالصلاة من جانب الباب المغلق وقال مختصراً بنبرة جاهد بأن تخرج ثم لتخرج ثابته بعدما تخرج :
_"أنا كويس يا حج حامد وهنام تصبح علي خير!"
ومع الأسف الشديد شعر والده بثقل جملته ، بينما ما بيده حيلة !! ، توجه يجبر أذيال الخيبة مع اليأس في الجلوس معه وأدرك أنه سيتعامل عكس من قبل ، بالتجاهل وكأن شئ لم يكن !! ، منع عنه الكل ليهدأ كي لا تلبسه هذه الحالة ولكنها لبسته ، بينما قبل وقت ومن بداية اليوم كان يطمئن عليه رغم أنه كان يري الإنفعال بينما الٱن يري به الكسرة الذي قرر دفنها بقوة ، وهل لا يشعر والديه ؟؟ ، أما هو فعند السجود ٱطال وهنا سمح في أن تهبط دموعه خلف بعضها دمعة خيبة ودمعة وجع ودمعة قسوة ، قسوة يتمناها ، هل يتمني المرء القسوة؟؟ ، تمناها هو لقلبه كي يستطيع التعايش بأخذ أنفاسه!، حتى الٱمل اختفى !! ، فقط تمنى بهذه اللحظة أن ينعم بالراحة وليس الوجع !! ، ثم المسامحة ! من يسامح ؟ هي؟ ٱم طفله الذي تركه رغماً عنه قبل ان يعيش أجواء فرحته بقدومه ، وبين مشاعر وأقوال تذكر بسخرية مؤلمة قول أحدهم الساخر من بين الحديث أن لا تقع بالحب فكل ما يقع يُكسر ، وكُسر حيث كان هو" قابل للكسر"!!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية