رواية عودة الوصال الفصل التاسع و الثلاثون 39 - بقلم سارة ناصر
يلاحظ انسحاب الكُل عداها ، شئ فشئ رحلت عائلته بنفس طريقة الٱخرين، وهي ، هي تقف الٱن بجانب "والدتها" التي تبكي شوقاً لحبيب عمرها ، شعر بأنها لحظة خاصة بينهما ، حتى جاب عينيه رحيل "وردة"مع"بدر"و"حازم" الذي رحل مع والديه دون وجود "ياسمين" التي جلست برفقتها "وسام" و"زينات" التي كانت غير قادرة على المجئ بنفسيتها على ولدها وعلى ما حدث من عقبات خلف بعضها عليها !!
سمع صوت شهقات ٱخري لم تختفي ، شهقات غير شهقات زوجته ووالدتها ، شهقات "فريدة" التي كانت تمنع نفسها عن البكاء وعندما لاحظت رحيل الأغلب ، ٱخرجت الكلمات التي تعد ثقلاً عليها وبصوتٍ عالٍ قليلاً بإعتقادها أنه يستمع إليها الٱن رغم أنه ظلمها وتركها مظلومة كالعادة ولكن هذه المرة تركها دون عودة دون أمل في التغَيُّر!!.
_" أنا مكنش ليا ذنب فحاجة حصلتلي سواء منك أو من غيرك ، أنا كان نفسي بس أعيش صح ، أعيش حياتي صح حتي فعز ما كنت وحشه كنت بردو عايزة أعيشها صح ، مقابلتش منك غير الغلط ، ومشيت معاك للٱخر لحد ما غلطت بنفسي وقررت أمشي ، ساعتها كان جوايا احساس إني عايزه امشي من الدنيا ، مش بس من بيت عمري ما شوفت فيه غير القهر والظلم ، غلطت.. أنا عارفه اني غلطت لما عملت حاجه زي دي ، غلطانه لما وثقت ومشيت ورا علاقه وهمية اتخدغت فيها ، بعد كده عرفت ان كل حاجه بتبدأ مش راضيه ربنا ..نهايتها هتبقي مش مرضيه ليا ، بس عارف ؟!"
توقفت عن إكمال الحديث وهي تمسح وجهها برفقٍ حتي أكملت بوجعٍ :
_" أنا راضيه ، بس وجعني أوي ان كل اللي حصل كان مترتب ليه بسببك إنتَ ، أنا ضيعت نفسي بنفسي بس إنت كنت بردو سبب ، قررت أنسى، بس الحاجة الوحيدة اللي واقفه ومش عايزه تعدي نظرتي لنفسي ، مش الناس ليا.. لا دا نظرتي لنفسي بأني مش كاملة فعيني ولا حتي فعين اللي يعرف الحقيقه كاملة..قهرتي وأنا بشوف نفسي بتدفن بالبطئ وأنا والله كان لسه بدري أوي عليا..!"
أقسمت بأخر حديثها ووجدت من يتمسك بذراعيها برفقٍ حتى وجدته"حازم" الذي عاد مجدداً لها ، أكملت دون أن تعطي اهتمام لوجوده بوقف الكلمات بل أكملت بوجع:
_" بس أنا معتش يفرق معايا أي حاجة فالدنيا ، طول عمرك بتجبرني بطريقة مباشرة أو مش مباشرة على اني أعمل حاجه انت عايزها ، حتي المرادي وانت هنا وأنا واقفه وبقولك إني سامحتك عشان بس انت بقيت فمكان تاني ، سامحتك بس المرادي أنا مش مجبره منك أنا بقولها برضا تام من جوايا ، إني مسامحة بس مش هنسي عشان ده صعب أوي عليا!"
لاحظت سحب "حازم" لها ، فرددت قبل أن تستدير:
_"أرجوك إفهمني إني مش هقدر انسى ..بس والله العظيم سامحتك ..مع السلامة !"
قالت وداعها عندما وجدت نفسها تُجبر على الرحيل منه هو ، من شقيقها الذي خاف لحظة الانهيار بٱن تأتي منها. ، رحلت معه إلى الخارج ، بينما وقف "غسان" على بُعد يراقب ، وخرة بقلبة المجئ لهذا المكان من الأساس رغم علمه بأن نهايته لامحال ستكون هنا !! ، وقف بجانب "نيروز" وهتف بلين لها وهي تحتوي والدتها :
_"مش كفايه كده ؟؟"
حركت رأسها بنعمٍ وهي تنظر له بتفهمٍ ، توقفت قبل وقت عن ذرف الدموع بينما هي مُتعبة وظهر ذلك عليها ،الٱن من تبكي والدتها ، ساند "غسان" يد "سُمية" من الناحية الأخرى مثلها كي تسير معه بعيداً عن هذا المكان المؤلم!!
__________________________________________
كانت المقابر قريبة نسبياً من المبني ، معه سيارة قام بتأجيرها هو الٱخر كي يأخذ بها "جميلة" زوجته وحتي والدته وشقيقته في يوم كهذا ، قبل دقائق ركبوا معاً السيارة التي تخص "عز" عقب خروجهم ، ووقفت عقب دقائق أمام المبني الخاص بأهل زوجته!!..
بينما في الٱعلى إستندت "ياسمين" بأريحيه علي الفراش ومعها كانت "وسام" التي نظرت لها بحبٍ وهي تحثها :
_" بقيتي أحسن من الأول لما بدأتي تاكلي وتريحي جسمك علفكره ، كُلي بقا اللي قدامك ده على ما ييجوا واسمعي الكلام ، أنا واحدة ثانوية عامة يعني لازم مترفضليش طلب عشان والله أنا غلبانه !!"
تصنعت الدراما في ٱخر حديثها فضحكت "ياسمين" بصوتٍ عالٍ ورغم ماحدث ولكن نفسيتها تتحسن ببسب وجود الكل بجانبها وبسبب "حازم" الذي يفوق تدريجياً عندما يري بسمتها الواسعه له وحالها الجيد دون أن ان يمسها سوء أو مكروه
_"صعبتي عليا يا ويسو ، من عيوني هاكل والله ، بس قومي زي ما قولتلك هاتي كتبك وزاكري هنا عشان الوقت كده بيضيع عليكي بسببي ، لاحسن بعد كده يقولو كله من ياسمين .. بالذات أخوكي غسان أول واحد هيرمي عليا اللوم ، فخلينا حبايب وقومي اسمعي الكلام !!"
كبتت "وسام "ضحكتها بخفةٍ ثم قالت رداً على حديثها وهي تخرج هاتفها من جيب بنطالها الواسع :
_"جبت ده معايا ، هشوف المراجعه أونلاين متقلقيش !!"
غمزت لها فبادلت "ياسمين" الغمزة وهي تحاول النهوض ، فمنعتها "وسام " قائلة:
_" انتي رايحة فين ، أنا سمعت الباب وهروح أفتحه أنا ارتاحي !"
_" دول أكيد هما، فخليني أقوم وخليكي ذاكري عشان متتعطليش!!"
وجدت الإصرار في نظراتها فنفت "وسام " وهي تسندها من كفها بيديها وخرجا معاً من الغرفه حتي أجلست "وسام ""ياسمين " في الصالة وهرولت ناحية الباب سريعاً كي تفتحه وجدت أمامها "جميلة" فعانقتها "وسام " على الفور وهي تحثهم علي الدخول دخلت "حنان"و"فرح" وبقت "وسام " تعانق "جميلة" تحت نظرات "عز" المراقبة للوضع..
_" وحشتيني أوي يا جميلة..أوي بجد!!"
_". وإنتِ كمان يا وسام ، بس هقعد معاكم النهاردة نزيل الشوق ده !"
مرحت رغم ألمها فضحكت "وسام" بتفهمٍ ورحبت بـ "عز" بعينيها فأومأ برأسه ودخل وعندما وجد"جميلة" تندفع بسرعه ناحية "ياسمين" أخفض نظراته على الفور عندما لاحظ بأن "ياسمين" بخصلاتها دون وعي منها عندما خرجت من الغرفه ، تفهمت "فرح" وقوف "عز" ، فنهضت ببطئٍ تلتقط حجاب موضوع علي الأريكة ووضعته علي رأس "ياسمين " التي إندمجت في عناق "جميلة" الطويل ، وجاهد الإثنان علي عدم هبوط الدموع وكل واحدة تفكر بالٱخري ..أخري بموت والدها فلا تريد ان تضغط عليها وأخري لا تريد الضغط على زوجه أخيها بسبب حالتها وما حدث لها من انذار بالإجهاض،فبقوا صامتين ولغة العيون و الاحتواء هي من تتحدث وليست الأفواه إلا بجملة الإشتياق!!،
_" وحشتيني يا بنت عايدة الحلوه!!"
ضحكت "جميلة" بيأس وهي ترد بالمثل بينما دخل من الباب المفتوح "حازم "و"فريدة"و"عايدة " وحتى"شادي" برفقة "منة"ومعهم"طارق" السيارتين الذين وصلوا مع بعضهما وتبعهم سيارة "بدر" المأجرة إلى الٱن وخلفه "غسان"..
جلس "عز" بجانب "حازم" وجلست الفتيات بجانب بعضهن، بينما دخلت "عايدة" المطبخ فدلفت خلفها "جميلة" التي نهضت تجلب زجاجة مياه لهم بالخارج، إلتفتت "عايدة" سريعاً فوجدت "جميلة" تطالعها بإبتسامة هادئة وهي تجلب الزجاجة ، فمدت " عايدة" ذراعها وهي تتنفس بعمقٍ مرددة برفقٍ تعاتبها :
_" أنا ليا عتاب عليكي،بردو لبستي إسود وانتي عروسة ومسمعتيش كلامي!"
نصحتها بالفعل بأن ترتدي ألوان داكنه ولكن ليس كل ما ترتديه اسود حتي لحذاء قدمها !! ، طالعتها "جميلة" بصمتٍ للحظاتٍ ثم زفرت بصوتٍ تراضيها :
_"مينفعش ياماما ، الحزن مش فاللبس بس مكنتش هبقي مرتاحه لو عملت غير كده ، بعد اذنك متضغطيش وسيبيني بيه الفتره اللي ألبسه فيها براحتي من غير كلام !"
طاقتها تنفذ وظهر ذلك بحديثها مع والدتها الٱن ، زفرت "عايدة" بيأسٍ وهي تطالعها بشفقةٍ والٱخري لا تريد هذه النظرة أبداً ، لذا تركتها بعد ابتسامة تجاملها بها وخرجت ، تعطيها لـ "عز"و"حازم" الذي شملها بنظراته وربت على كفها فور التقاطه الزجاجة منها ، ابتسمت ترد له ابتسامته الذي يحفزها بها بالصمود ، وسمعت الأصوات تعلو عندما صعود البقية من "غسان"و"نيروز"ووالدته، وحتى والديه و"بدر"و"وردة" ، وقفت "جميلة" بالشرفه مع"فريدة" التي انزوت بنفسها بعيداً عنهم تحاول اخراج الثقل الذي علي قلبها ، بينما لم يترك "شادي""منة" حتي وهي تستند الٱن عليه ، عبس وجهه وحاول ان يخفف من الوضع عندما قال :
_" جرا ايه يا عمي انت واكل الجو مني عالاخر!"
ضحك الشباب عليه وكذلك الرجال ، فابتسمت هي وعينيها تتعلق بعينيه حينها رد "والدها" بنبره هادئة واثقة :
_" في فرق معاملة يحبيب عمك بالفطره ، مليش دخل فيها أنا !"
إبتسم له بثباتٍ وتركها معه واتجه أكثر ناحية الشباب ! ، وعندما. خرجت "فريدة" تغسل وجهها كما حثتها شقيقتها وجدت "عز" ينسحب كي يدخل إلى الشرفه لها وهو يراقبها بعينيه ، إلتفتت "جميلة" بترقبٍ تنظر من القادم حتي وجدته فابتسمت ، تقدم هو ليقف بجانبها وطالع الجو بنظره ٱخرى، حتى عاد ينظر إليها بالكامل فوجد وجهها يطالع وجهه بحبٍ وتقديرٍ لم يراه من قبل ..
_"تعرفي انك حتي فالإسود حلوة بردو ؟"
طالعته بخجلٍ وارتبكت نظراتها منه بالحرج ، فمد يديه يقرب رأسها منه وهو يربت عليه مكملاً :
_"جميلة فكل حاجة .. ولما سألتك أول مره عن سر خلطة جمالك مردتيش!"
رفعت عينيها له ، عينيها التي تبتسم تلقائياً لرؤيته ، ضحك بخفةٍ علي ملامح وجهها وقال مباشرةً بيقين:
_" بس دلوقتي عرفت السر !"
سألته بتيهه وهو يتأمل النظر بها ، حينها أمسكت ياقته كالعادة تعدلها ، وسألته بجديةٍ هادئة :
_" ايه هو ؟"
_" السر فجمال قلبك .."
وأكمل بصدقٍ شديد على نقاءها :
_"اللي حلو من جوه ببقي حلو من برا أوي!"
أدمعت عينيها تأثراً وقالت بعفويةٍ شديدة :
_" انت بتقول كلام حلو أوي ..وأنا ..أنا ببقي قصاده مبعرفش أرد ، انت بتعجزني !!"
اندهش من دموعها العاجزه بشئ كهذا ، فأمسك يديها وهو يبتسم بإطمئنان مردداً بنبره سريعة يمنع دموعها بلهفة :
_" مش مهم والله .. كفاية نظرة عيونك دي ليا !"
ضحكت علي لهفته كي لا تذرف الدموع ، حالتها متناقضه جداً ، مسح وجهها بأصبعه برفقٍ ، فحثته هي برفقٍ مبدأياً :
_" عز ممكن أقولك حاجة؟"
_"نفسي تقولي والله!"
ابتسمت بلطفٍ على مداعبته الدائمة بهذا القول ، أخذت نفساً عميقاً ثم بدأت في الحديث قائلة :
_"أنا عايزاك تنزل الشغل بقا ، أنا كويسة وبقيت أحسن من الأول شوية ، ومامتك معايا ..وفرح كمان بعد ما بتيجي من المستشفي بتطلع تقعد شوية معايا كل دي حاجات توضحلك اني تمام ، بلاش تعطل نفسك عشاني وعشان تقعد معايا !"
_" دي مش مجاملة بتقوليلي معملهاش ، إنتي مراتي ودا حقك مني، وبعدين الشغل ٱدم دخل مع الشباب واشتغل معاهم يعني لو نقصوا فجه مكاني على ما. ارجعلهم من تاني ..مقفلتش الورشه انا سيبتها مفتوحة عشان أكل العيش بردو بس قولت اخد إجازة كده كده كنت هاخدها عشان الجواز! ، بس طولتها عشانك ، لإني مكنتش هقدر أسيبك وإنتِ كدة !"
حركت عينيها بارتباكٍ خفي ، واعتدلت أكثر، حتى رفعت عينيها تنظر له مجدداً تسأله باهتمام :
_" يعني هتنزل وهتشوف شغلك؟"
وجد الخوف على مستقبل حياته بعينيها ، وعلى عدم وقوف حياته وعمله عن شئ يخصها ، حرك رأسه بعبثٍ وخيرها بخبثٍ :
_"هنزل لما ألاقيكي مبطلة عياط وكلام ملوش أي لازمه بعد الساعه ١٢ بليل عن اني مش ملزم استحمل واستحلمت كتير وصبرت عليكي ولسه صابر واني ازاي كده، هنزل لما ألاقيكي نشيطة كده وبصحتك وادخل فمره ألاقي كتبك حواليكي وبتذاكري !"
ضحكت من حديثه المستاء من ما تفعله وتردده علي مسامعه ، فلتت منها ضحكة عليه ، أما هو فبهذه الحاله كان يأخذ أدواراً كثيرة غير دور الزوج ، ربما الأب التي حرمت منه !..
_" أنا عايزك قوية وناجحة ، عايز أحس اني ساندك للٱخر لحد ما تاخدي شهادتك بإيدك ، ساعتها هكون أكتر بني ٱدم سعيد فالدنيا هحس اني عملت حاجه معرفتش اعملها لنفسي ، اللي متعرفهوش اني فخور بيكي أوي وكل يوم بفتخر بيكي ٱكتر من اليوم اللي قبله ، كمان عايز عيالنا يجوا يفتخروا بيكي كده زي ما انا فخور بيكي !"
كانت تعتقد بأن رجل مثله كان قد انقرض من هذا العالم وهذا الواقع أما هو فهي تعلم بٱنه اخر رجل من نوعه بطباعه ومشاعره وتفهمه رغم عدم تعليمه !! ، مدت يديها تحتوي كفه وهاجس الأفكار في بداية علاقتهما كان يلح عليها بقوة بأنه سيري نفسه قليلاً بجانبها لذا سيمنعها عن ما هي به ، مهلاً هو الذي جعلها تفكر بمجالها بطريقة اخري، جعلها تحبه ولو شئ، جعلها تفعل ذلك بفخره لها !!
_" هانت كلها كام شهر ويعملوا حفلة تخرج بتاعت سنة خامسة ، أوعدك اني لما اتخرج هلبسك الطاقية والروب وهمسكك الشهادة فإيدك!"
كانت صادقه فقد كانت حفلة التخرج للطب من السنة الخامسة بينما بقية السنتين تقضيهم خارج الجامعه بالتدريب ..ضحك بخفةٍ ثم ردد بمشاكسةٍ متشككة:
_" يا شيخة دول سبع سنين طب ، بالسهولة دي ؟!!!"
_" أنا فـ سنة خمسة ولسه سنتين امتياز بس ، متأكده انهم معاك هيبقوا حاجه تانية، وأه بسهولة ، وحتي لو صعبه ، فانا أضحي علشانك واستغني عن حاجات كتير واختارك انتَ بس !!"
رددت حديث معسول أتي من قلبها ٱخيراً ، خفق قلبه ولم يكن لديه خيار سوى أنه دفعها بسرعه كي يعانقها تأثراً من حديثها هذا ، ضمها بحبٍ فياض وتمسكت هي بيديها خلف ظهره ، اللحظة التي لا تتمنى زوالها ولولا هو بجانبها لأختلف الوضع تماماً ..
بينما في الخارج كانت ملامحها مرهقه منهكه بسبب حزنها ، وبسبب هدوء "غسان" اللحظي قبل أيام كثيرة، ترجمت ذلك بأنه حزن لـ "حازم" ولكنها رأت بأن ذلك قد طال حتي ولو تعمد المرح ولكن نظرة عينيه تحفظها عن ظهر قلب ، ولأن بها دور إعياء صعب من الزكام وألم في جسدها وحتي معدتها بتغير الأجواء المفاجئ ، جلست ولم تفعل شئ مع الفتيات بالمطبخ ، جلست بجانب "ياسمين" التي ابتسمت تشاكسها بمرحٍ طفيف ، وجدت من يهرول سريعاً من الباب إليها وكان"يوسف" الذي احتضن"نيروز " بينما ركض"أدهم" نحو "فريدة" إحتضنوهم بحبٍ ولهفة ودخلت "جنة"مع"اٱدم" و"فاطمة " ، وعندما وقفت "فريدة" لترحب بها تعلقت عينيها بعينيه بطريقة غريبه، بالفعل وجدت به الانطفاء الذي ظهر علي ملامحه ، كان يشغل نفسه بالعمل وتعمد كل مره ان يطمئن علي" حازم" دون أن تكون موجودة ، هرب بنفسه ومن شعوره من ٱخر مره واجهها بالكلمات منذ إسبوعين كاملين لم يراها بعد الحقيقه الموجعة الذي علمها عنها ، رحبت "فاطمة" بهم كما رحبوا بها ، حتي جلست بينهن ووقف هو مع الشباب خاصةً بعد خروج "عز" الذي توجه ناحيته يرحب به مستفهماً عن أحوال العمل الذي اكتسب خبرة من الشباب أكثر وأكثر خلال الأيام الماضية ..
لاحظ إحمرا أنفها ووجنتيها من الزكام وحتي عينيها التي تدور بتعبٍ، فتوجه "غسان" يميل عليها متسائلاً بقلقٍ :
_" نيروز. انتِ كويسة؟؟ لو مش قادرة تعالي نطلع ترتاحي!"
نفت برأسها بحنوٍ وسعلت بيديها وبالمنديل الورقي ثم رفعت عينيها تجاوبه بإطمئنان :
_" لا ..لا أنا أخدت الدوا قبل ما انزل وشوية وهفوق أكتر ، متشغلش بالك!"..
لاحظ سعالها المتكرر وفجوتها في المساحة بينها وبين "ياسمين" كي لا تلتقط الٱخري منها الدور ، طالعها بيأس من إصرارها فوجدها تؤكد برأسها بإطمئنان حتي استقام ينظر نحو "شادي" الذي هتف بإسمه كي يتقدم ناحيته..، في حين تدخلت "منة" بترقبٍ تحثها برفقٍ كونها طبيبة :
_" قومي بس اغسلي وشك بماية فاتره عشان درجة الحراره تنزل وتفوقي ٱكتر قبل ما العلاج يعمل مفعول كمان !"
أومأت لها "نيروز " وهي تبتسم حتي نهضت وتبعتها "وسام " خوفاً بأن تقع بالطريق فلم تعد تثق بثبات ٱحد بعد الذي حدث !!
هدوء "حامد" وحديثه المقتضب كمثل ما تفعل "دلال" يؤثران به جداً ، يُعاقب كأنه صغير بل وهو الذي لم يخطأ بشقيقه هكذا رأي هو ، ورغم غياب شقيقه بسبب عمله ولكنه يري الفتور من والديع معاً وتلاحظة "نيروز" التي سألته مره واحده فقط حينها شتتها ولم يعطيها الجواب!!
انسحبت مع الصغير ناحية الشرفة تسمعه وهو يقص عليها يومياته في المدرسة وما يحدث ، كانت"فريدة" تشاركة الحديث بحماسٍ كي لا يمل بينما كان هو بريئاً ، تاهت بملامحه اللطيفه وعلمت بأن هذا الصغير أحد التوأمان يحمل قلباً نقياً لم يكن سوى "أدهم" التي وجدت به اللين عن الٱخر ومن بين الحديث وجدته يردد بجملة عفوية أثارت إندهاشها منه :
_" وكمان .. انتي جميلة أوي يا فيفي ، لما أكبر هتجوز واحدة حلوه زيك كده!!"
ضحكت بخفةٍ وهي تقرص وجنتيه ثم قالت وهي تعقد حاجبيها باستنكار تمثيلي :
_" انت بتعاكسني صح ؟"
_" يعني ايه بعاكسك؟"
سألها بإهتمامٍ ، فضحكت بيأسٍ وشعرت بدخول أحدهم الشرفة ، إعتدلت بعدما كانت منحنية ، وعندما وجدته برفقة "يوسف" أخذ الصغار بعضهما نحو الخارج بركضٍ يلعبان ببراءة ، بينما وقف هو لثوانٍ يطالعها بتمعن وسألها بتلقائية :
_" عاملة ايه ؟"
أما هي فكانت تظن انه سيحاصرها بوجوده في الأيام الماضية وعندما لم تراه شعرت بأن هذا جيد وسئ بنفس الوقت ،عقب حديثه المندفع لم تراه وخمنت هذا بأنه ندم ورحل عندما علم الحقيقه الموجعه بالنسبة لها .
_" الحمد لله !"
ردت باقتضابٍ وحاولت أن تفر من أمامه ببنما كالعادة قاطع سيرها وهو يقف وردد بإنهزامٍ يسألها بصراحةٍ ناظراً نحو عينيها التائهه كمثل شعوره :
_" أنا معرفتش لسه .. ليه بضعف قدامك ؟"
تفاجأت من سؤاله حيث يصارح ويسأل بنفس الوقت ، وإحتدت عينيها لثوانٍ حتي رفعتها تحذره :
_" لوسمحت انا مش هسمح بكلام من النوع ده ، إبعد !!"
_"أنا عايزك تجاوبيني لاني مش لاقي الجواب!"
قالها "ٱدم" بيأسٍ ، فتراخت ملامحها وأدمعت عينيها بقهرٍ داخلي ، حينها اعتدلت ورددت دون خفاء :
_" يمكن عشان صُعبت عليك ، أو يمكن تكون ضعيف علشان فكرت اني هستسلم لكلامك حتي بعد ما بعدت ورجعت وعايز تتكلم بكلام ملوش لازمة عشان أجاريك ، إنت عاوز ايه مني بقا ..سيبني فحالي!!"..
سألته بإنهزامٍ ووضعت يديها تمسح وجهها بينما تفاجئ هو من حديثها فرد بتبريرٍ سريع :
_" مبعدش عشان عرفت الحقيقة.. بعدت عشان آخر مره قولتيلي ابعد عنك.. قولتيها بعزم ما عندك واما واجهتك وسألتك مردتيش حتي لما قولتلك اني شكلي هحبك غصب عني!!"
_" وليه غصب؟؟ انتَ كداب. وزيك زيهم ، عايزني استسلم لكلامك الحلو اللي بتدخله فوسط الكلام ، عايزني أصدق انك متصدمتش ومفكرتش تفكير تاني خالص صح؟ عايزني أقف ابص عليك وانت بتشفق عليا ، مشيت بمزاجك ورجعت بردو بمزاجك، بتضحك علي عقل مين بالظبط ؟"
قالتها بهجومٍ لم يستنكر شئ كهذا بعد حادثها المؤلم بل نفى بكل ثباتٍ وحرك رأسه ناحيتها أكثر وقال بصراحةٍ رغم انها تلقي التهم عليه دون صبر:
_" انا كنت بقول كلامي ده قبل حتي ما أعرف اللي حصل ، أنا مبلعبش.. أنا جيتلك أقول اللي حاسه بصراحة حتي قبل ما يحصل!!"..
إبتلعت غصة مريره وقالت بإنكسارٍ شديد :
_" بس أنا قولتلك لأ.. قولتلك مينفعش وإبعد ، ودلوقتي بقولك امشي قبل ما يحصل اللي انت حاسس بيه، وامشي كمان قبل تفهم وتحدد اللي انت فيه ده ايه ، عشان صدقني انت مش هتبقي مبسوط !"
_" أنا مش زيهم !"
ضحكت"فريدة" بسخريةٍ مؤلمة ولوت شفتيها بألمٍ متهكمٍ حتي ردت بفقدان ثقة ظهر له بقوةٍ :
_", اه ما كلهم بيقولوا كده وبيطلعوا أوحش بكتير منهم فالٱخر !!"
زفر "ٱدم" بوجعٍ منها ، إلى الٱن لم يرد عن سبها له من بين الحديث تركها لأجل ألمها ، ولكنه تنهد بعد لحظاتٍ وسألها بجديةٍ صادقة :
_" فرصة أثبتلك اني مبقتش منهم ولا زيهم ، تقدري ؟"
سألها بصراحةٍ عن إعطاء فرصه له ، وقفت لبرهه تستوعب ونفت برأسها بوجعٍ وهي تسمعه يكمل بشغفٍ لم تراه به من قبل حتي هو يتعجب من إصراره :
_" فرصة مش هتخسرك ولا هتخسرني .بس اديهاني وأنا هدخل البيت من بابه وأخطبك و نتعرف من أول وجديد ، حتي لو مفيش حُب بس أنا متأكد إنه هيجي مع الوقت واحنا بنفهم بعض!'
وأكمل بتفسيرٍ هادئ كنبرته :
_" و أعطي نفسك انتي كمان فرصه قبل ما تديهاني ، ولو وافقتي أنا عندي كلام كتير أقولهولك حتي لو مش هتصدقيه بس مستعد أقوله ساعتها !!"
أخرجت أنفاسها بتهدج ، وقالت بضعفٍ ظهر في نبرتها المكسورة:
_"انت مش فاهم حاجة يا ٱدم ، كل دا مينفعش عشان هيبقي فوق طاقتي ، بعد ما هيبقي فوق طاقتك انتَ كمان ، مش لازم أنا يا بن الناس ، أنا مكسورة كفاية من الدنيا ومش هتسحمل وجع تاني !!"
_" هشيل عنك وجعك ، هحاول أعمل ده ، ثِقي فيا وفنفسك وسيبي الباقي يجي زي ما يجي ، بدر قرب يمشي وكل شوية يقولي أنا عندي ليك عروسة ، بس أنا فالٱخر مبقتش أفكر غير فيكي انتي، أنا شايفك تنفعي أبني بيت معاكي ونبدأ من جديد ، كل واحد فينا حياته كانت صعبه ، كل واحد غلط وبيتغير حتى لو اتظلمنا بس عندنا قوة نقوم من تاني ، والا مكنش ربنا اختار لينا كل ده من الأول ، "بدر" عايزني أستقر وكإن دي الحاجة اللي هتثبتله اني اتغيرت خالص للأبد عشان اتشغل واحس بالمسئولية ، ميهمنيش طالما ملقتش بنت الحلال ، بس أنا دلوقتي مش هسيبه يختار، أنا دلوقتي عارف انا عايز مين وفاهم مين .."
وقبل أن يكمل حديثه وجد الدموع تنهمر منها وهي ترفض بقوة :
_" مينفعش والله العظيم ، انت من حقك تستقر مع حد غيري، انا مش جاهزة ومش قادرة أدخل فعلاقه ، ولا حتي انت ليك ذنب تاخد مـ ..."
بتر حديثها بجمودٍ عندما إقترب أكثر وهو يردد بنبره قوية :
_" ملكيش دعوه ، أنا راضي ..راضيها وقابلها ، و فكرت أنا مش متسرع أنا فكرت كويس فالايام اللي فاتت ، والله العظيم ما بتاع معايرة ولا هفتح الحوار ده ، وحتي فالبعدين مش حسسك بكدة أبداً ، إنتِ ليه خايفه ؟؟"
سألها بإنهزمٍ ، فمسحت عينيها بوجعٍ وهي تردد بقهرٍ :
_"معتش أمان بالنسبالي ، صدقني أنا مش هقـ..!"
_" لا ..دوري كويس هتلاقي ان لسه في خير , بصي أنا مش عايز ردك دلوقتي ، بس فكري وردي براحتك ، وأنا مش هفتح الموضوع تاني من عندي !!"
كادت أن تجيب بالرفض مره أخري ولكنها توققت عندما رأته ينسحب إلى خارج الشرفة ، العجيب أنها وجدت "فاطمة" فجأه أمامها وربتت علي ذراعها بمواساةٍ حتى عانقتها بتشبتٍ وهي تسرد بألمٍ وشغف بنفس ذات الوقت :
_"هتصدقيني لو قولتلك اني قولتله بلاش يقولك كده دلوقتي ، هو حكالي وأنا قولتله ان مش سهل وفهمتك أكتر من أي حاجة ، مع ان نفسي اوي تبدأي من جديد وتوافقي، الظاهر انه حبك يا فريدة ، كل مره كنت بكلمك اطمن عليكي كان هو اللي بيقولي اعمل كده عشان يشوف حالتك بقت عاملة ازاي ، انا مش عارفه ليه بيحصل كده وليه مفيش حاجة بسهولة بس والله العظيم ما هتندمي عليه " ٱدم "حنين أوي وطيب أوي ..بس مش هنضغطك ، فكري بس !!"
قالت حديثها من بين عناقها لها وتحت سماع الٱخري لهذه الكلمات بينما تشدد بعناقها بتشبتٍ وكأنها تريد ولا تُريد !!!
تجهزت سفرة الطعام بواسطة الفتيات والنساء ورص الشباب المقاعد بجوار بعضها ، وجلست "نيروز", بهدوءٍ بجانب "غسان" الذي راقبها بنظراته ، وضعت النساء الطعام والأطباق حتي تجهزت بالكامل وجلس الشباب منتظرين قدوم "بسام" الذي قال بأنه جاء في الأسفل وسيصعد فقط بالمصعد ، جلست"جميلة" بجانب "عز"و كل منهم بجانب الٱخر ودخل "بسام " مرحباً بهم أخيراً حتي جلس بجانب "ٱدم" الذي احتضنه بحبٍ ، تجمعهم كان ليس بالفرح فقط بل التجمع كان من الحزن أيضاً !!
بدأ الكل في تناول الطعام وتقابلت أعين "بسام" معها وخفق قلبه في الحال عندما مالت تهمس بجوار أذن "منة" بحديث هادئ ، دقت طبول الفرح والسعادة والكل كان قد علم عداه هو !! ، بينما كانت "نيروز" غير قادرة علي تناول الطعام ، فمال "غسان" برأسه يسألها بإهتمام:
_"كُلي يا نيروز ..مبتاكليش ليه ؟"
لم تتحرج من قولها ، ولم تستطع أن تردفها لأحد غيره ، ردت عليه بنفس الهمس :
_" مش هقدر ..لو أكلت وأنا تعبانه كدة ممكن ارجع!"
لم يتقزز من كلمتها ، بل نظر لها ولملامحها المتعبه ثم مد يديه يأتي بليمونة صغيره حتي عصرها علي طعامها وأشار لها بأن تأكل برفقٍ :
_" طب كلي كده ولو حاجة بسيطة ..ما انتي لازم تأكلي عشان تاخدي بقية العلاج!"
طالعته وهي تومأ له تُجاري ما يردده علي مسامعها بإهتمامٍ ، بينما اندمج الكل في تناول الطعام ، ونظرات"ٱدم" لا تفارقها حتى وان وجد الرفض منها ولكنه يأمل بخلق فرصه بينهما حتي وان كانت بهذه السرعة ، تجرعت "نيروز" فقط من الحساء وتناولت طعام بسيط ...ونهضت بعد دقائق منه تنسحب دون ان ينتبه لها الكُل ، في حين شعر "غسان" بالقلق وحاول الإندماج أكثر مع الشباب وحديثهم حتي نهض من كان علي سفرة الغداء شخص فشخص ، سمع سعالها من جديد ، وبينما كانت النساء تحول الأطباق ناحية المطبخ إنسحب كي يراها فوجدها تقف بركن تمسك رأسها بتعبٍ من بين سعالها زفر بصوتٍ ووقف حتي تهجمت ملامحه وهو يحثها بجدية:
_" ما تسمعي الكلام وتعالي نطلع يا نيروز ، انتي مش شايفه نفسك عامله ازاي؟"
مسحت وجهها وهي تبتسم بتعبٍ حتي نفت بإصرار ، وتمسكت بكفه فوقف يسندها برفقٍ حتي خرجت تجلس مع من كان يجلس في الصالة ، لاحظ تجمع الشباب من جديد ومن ناحية أخري الفتيات ، بينما عقب ما إغتسلت "جميلة" من يديها جففتهما وخرجت تنظر فوجدته يجلس بين الشباب مبتسماً بهدوءٍ يشارك حديثهم ، لملمت ٱثر وضع السفره وما عليها ، ولاحظت تجمع النساء في المطبخ. حتي "حنان"والدة"عز" ، في حين وقفت "وسام" تأخذ هاتفها وهي تشير لهم بالوداع ناحية شقتها بينما صاحت "دلال" في المطبخ بصوتٍ عالٍ :
_" اسكتي انتي يا عايدة ، الكوبايات مش هتكفي وانتي شايفه العدد ما شاء الله ، دا غير اللي اتكسروا فالعزا ، انا هندهلك "وسام" تجيب من عندي كام كوباية كده!!"
صمتت "عايدة " ودخلت "فرح " على الجملة الٱخيرة ، حتي ابتسمت لها بهدوءٍ وهي تصحح لها :
_" وسام مشت يا طنط ، حضرتك محتاجة حاجة؟"
قالتها بلباقةٍ وابتسمت لها بلطفٍ حتي نفت وحاولت ان تخرج لتحث أحد توأميها حتي أوقفتها "حنان" بتفهمٍ سريع :
_" راحة فين يختي ، سيبي الرجالة مع بعضهم ، روحي يا فرح انتي لـ وسام واشتالي معاها كام طقم كوبايات كده وتعالي !!"
قالتها بعشمٍ ، وكانت "سمية" مندمجة مع "زينات " في غسل الاطباق ، فقالت "دلال" بحرجٍ لـ" حنان" :
_" انا قولت هتتحرج مني تروح!!"
رسمت "فرح" ابتسامة هادئة عليها وأومأت بصمتٍ حتي انسحبت تنفذ ما قالته لها ، لم تكن تريد "دلال" قول ذلك كي لا تخجلها بينما تفهمت "حنان" حرجها ، وان "وردة" رحلت لتبدل ثياب صغيرها كما كانت "نيروز" منهكةو"جميلة" حالها معروف !!, ورغم ان الشقق متقاربة ، ولكن كانت النساء تساعد بعضها بسرعة كي ينتهوا بسرعه من هذه الأعمال ، أكلمن الحديث بحبٍ وتفهم من هذا الموقف ، وثرثرت "حنان" عن طبيعة ابنتها الخدومة دون معارضه حيث طوال عمرها لم ترفض كون حالتهم معروفه وبالٱخري مرضها الٱخير الذي غير من الأوضاع وجعلها كذلك !!
كان الشباب جالسين مع بعضهم وكل طرف يتحدث مع ٱخر غيره بعشوائيةٍ ، ما لا تعلمه من بالداخل ان أحد التوأمان رحل ليبدل ملابسه الذي جاء بها سريعاً. من العمل علي سفرة الغداء!! والٱن مقابلته مع "فرح" ستكون اجبارية بالحرج. من الطرفين كونه يخجل خجل رجولي لطيف وهرب بالأساس من عينيه التي تحاطها رغماً عنه ، انسحب "عز" يقف مع "جميلة" وهي تمسك طبق من بقية أطباق " الأرز باللبن" الذي تم توزيعه في المقابر علي روح والدها ، حاولت اطعامه بخجلٍ بسبب من تقف على بعدٍ منها كانت "منة" التي تحاوط "شادي" بنظراتها ، إلى الٱن تستنكر كيف يظهر بهذا الثبات رغم ما بداخله من ثورات ومعارك بين العقل والشعور وما يريده من اللا شعور بأشقائه ، لا تنكر بأن حبها له قد زاد في الايام الماضية وحاولت فعل كل شئ كي تخرجة من ٱخر حالة كانت لدية بينما هو كان بارعاً في إخفاء وجعه !!
_" مال قنصاتك منزلتش من عليا يعني؟!"
قال "شادي" غزله بها ، وضحكت هي وهي تستند علي السور الحديدي الخاص بالشرفه الكبيرة التي وجدت بالصالة ، تعلقت عينيها بعينيه وقالت بلين ليس معهود منها كل الوقت :
_" جوزي بقا ، ولا عندك مانع ؟!"
ضحك بخفةٍ وشعر بنظراتها المتأسفه له ، والتي أصبحت طبيعة نظراتها له في الفتره الأخيرة بعد ما حدث ، جاب عينيه المكان ومن بين ذلك جابت نظراته من بالخارج فوجد "والدها" ينظر اليهم من ضمن حديثه مع "حامد"، ضحك وهو يعود بنظراته وقال بمرحٍ :
_" معنديش أي مانع ، الظاهر ان ابوكي هو اللي عنده حتي بُصي!"
أشار لها بعينيه ، فضحك ضحكة خفيفه وأخذت نفساً عميقاً وهي تنظر لعينيه ثم قالت بصدقٍ :
_" دا بس عشان حاسس اني مرتاحة ، أصل سألني انتي مبسوطة؟ !"
إبتلع ريقه ولا يعلم لما ارتبك ، بل سألها بإهتزاز وعقله لا يفارق صدماتها بما حدث من موقف ٱخر مره :
_" وقولتيله ايه ؟"
قلبت عينيها بمكرٍ ورفعت شفتيها بتسليةٍ وهي تنظر بالمكان بتلاعب حتي قالت بخبثٍ :
_" تفتكر إنت أنا قولتله ايه ؟"
_" مش عارف .. ومش ضامنك عشان إنتِ مش سهلة بنقنصاتك دي!"
حاولت علي ان لا تخرج ضحكاتها بصوتٍ ، بل ضحكت وتعمدت مسك يديه فاحتوي هو كفه أناملها وهو يستمع لحديثها الجاد الصادق :
_" قولتله إني مبسوطة أوي وأنا معاك ..مش بس عشان اتجوزت واستقريت ، لا أنا مبسوطة عشان معايا راجل استحمل كتير أوي ،راجل قوي يعني !"
وكأنها ترسل له رسالة مشفره تشجعه بها ، سعد وخفق قلبه وتحولت اللحظة لمرحٍ حتي سألها بنبره ضاحكة متشككه :
_" قولتله اني قوي يعني ؟!"
حركت رأسها بنعمٍ فغمز لها بمشاكسةٍ حتي صمتت عندما وجدت"غسان" يقترب ضارباً الٱخر علي كتفه من الخلف وقال بتبجحٍ :
_" ما تخف محن وتلزيق يالَاَ !"
_"عريس ي حبيبي ، خف انتَ !"
ضحك ونظر ناحيته بتشككٍ فإلى الٱن لم يصارحة بما يضيق صدرة ويعلم جيداً حالته عندما يخفي شئ عليه ، اعتدل ورفع الملعقه يأكل من العلبة الصغيره التي توجد بيديه وقال بمشاكسةٍ هو الٱخر :
_" طب ما أنا كمان عريس !"
قالها بغمزةٍ مراوغةٍ فإنسحبت "منة" بهدوء تقف بجانب "جميلة" عندما اقترب "عز" من الٱخران ، واقترب علي رد "شادي" وهو يكيده :
_"لا يا "غُس" راحت عليك خلاص ، انت مدقق بقالك شوية بردو فالشغلانة!"
_" غيركم لسه مدققش!"
كان قول "عز" الٱخير فضرب"غسان" "شادي" بمرحٍ وضحك "عز" بخفةٍ حتي شاكسة "شادي" هو الآخر بوقاحةٍ شبابية ، في حين كان بالخارج "بدر" وهو يجلس بجانب "ٱدم" والذي ينظر إليها من على بُعد وهي تتحدث مع "ياسمين" و"نيروز" !!
وقبل دقائق خرجت "فرح" تقف أمام شقة "حامد" حتي دقت الباب دقتين ولم تجد رد وعندما دقت الجرس وقفت قليلاً تنتظر حتي فُتح لها الباب اخيراً بعد لحظاتٍ مع قوله الذي ظهر به الضيق وهو يضع المنشفة على رقبته مرتدياً ملابس قطنية ملتصقه على جسدة من الجزء العلوي دون أكمام
_"يعني مش سامعة الباب يا وسام ، لازم ٱخرج من الحمـ .."
صمت سريعاً عندما شهقت هي بخفوتٍ وأهبطتت نظراتها ، على الرغم من انه ليس به شئ كي يخفية بنسبة لعورة رجل ولكن مشهد كهذا بهذه المفاجأه الغير متوقعه جعله يتنحنح بحرجٍ سريعاً يتأكد من دقها الجرس على شقتهم !! ، قال بمفاجأةٍ من قدومها :
_"فرح!!!!"
واصل سريعاً بحرجٍ وارتباك:
_" أهلاً أهلاً يا فرح ..إتفضلي !!"
أردفها "بسام" بلباقةٍ وهو يرجع إلى الخلف قليلاً. فرفعت "فرح" وجهها بخجلٍ وهي تنظر على المكان من الداخل فردد هو سريعاً بارتباك وكأنه يريدها بأن تدخل :
_" وسام اختي جوه ، تعالي ، وأنا همـشي أهو !"
ترددت عينيها في النظر بينما طالعت وجهه بثباتٍ مهزوز وقالت بنبره. هادئة :
_" أنا بس جيت أخد كوبايات زيادة عشان اللي هناك مش هتكفي ، طنط دلال اللي بعتتني !!"
_" طب تعالي ادخلي المطبخ اهو ، خدي اللي يعجبك..خدي اللي تحبيه!"
تأخد ما يعجبها ؟؟ لا تعلم لما ضحكت بخفةٍ على تعلثمه وحماسه الغير مفهوم ، فإرتبك هو سريعاً وهو يتنحنح بحنجرته ، حتي أشار لها بذراعه فدخلت بخطواتٍ هادئة وأرجع ذراعه كي يدفع الباب حتي يبقي مفتوحاً في وجودها بأدبٍ منه ، ابتلع ريقه بغير تصديق من كل ذلك المشهد من بدايته، وبخفةٍ إرتدي تيشرته الموضوع على مقبض غرفته وهو من وضعه بهذه الطريقه كي يخرج يرتديه بسرعه ليذهب مجدداً ، دخلت المطبخ تنتظر قدوم "وسام" ، ووضعت بوضع محرج جداً ، فركت يديها بتوترْ من وجودها بٱخر مكان غير متوقع ، المطبخ ؟ تقف في المطبخ تنتظر صاحبة هذا المنزل ، أما هو فدخل سريعاّ حتي وجدها بموضعها واقفه ، فخرج صوته يسألها سريعاً :
_" مخدتيش ليه اللي انتي عايزاه. ، أساعدك ؟"
اقترب حتي دخل ، فرجعت هي إلى الخلف بعفويةٍ تسأله بترددٍ :
_" المفروض "وسام" هي اللي تعرف، فأنا كنت مستنياها وكده زي ما مامتك قالت !"
طالع وجهها بتمعنٍ وليست بغبية كي لا تلاحظ نظراته إليها كل مره ، ابتلع ريقه وقال بنبره هادئة شديدة :
_" هي ..هي بتذاكر..أنا ممكن اساعدك انا .. أنا بفهم في المطبخ علفكرة!"
إبتسمت بحرجٍ ، فتحرك هو سريعاً يرفع يديه يشير لها عن الاكواب المخصصه فحركت رأسها بممكن ، حتي جذب واحد تلو الٱخر وقام برصهم بخفةٍ، فاقتربت تساعدة حتي جذبت معه من منظم الأكواب ، النوع الذي يأخذ هو منه ، تلامست يديها معه بعفويةٍ فتحرك هو على الفور كي لا يوضع بوضع سئ حتي بالٱفكار ، خجلت وهي تهبط يديها سريعاً حتي انتهوا من جذب الٱكواب وقال هو يحثها بتوترٍ خفي :
_" سبيهم هشتالهم أنا عادي!"
حركت رأسها نفياً وقالت بارتباكٍ مخفي تبرر له سريعاً :
_" لا دول كتير ، وانا كنت جاية عشان أشتال معاها ، هساعدك !"
وعندما إنحنت بيديها وجسدها قليلاً لتجلب عدد من الأكواب لتحملهم ، أوقفها حديثه التائه وهو يعتدل ينظر لها :
_" أنا فرحت أوي إنك اتكلمتي وبقيتي أحسن !"
صمت قليلاً. ولأول مره يقاوم خجله من حديث عابر مع أنثى وقال يصارحها :
_" شوفتك امبارح في المستشفي بعد ما خلصتي الجلسة وماشية !"
عاهد على ان لا يتقرب ولكنها من جاءت له هذه المره، إعتدلت سريعاً تنظر له بحرجٍ وهي تبتسم ، وقالت حينها بما أثار تعجبه من عدم نسيانها لحديثه قبل وقت طويل :
_" أيوة ، بكمل الجلسات للٱخر عشان اكون أحسن ، عطيت لنفسي فرصة ، واقتنعت ان الرحلة مش كلها حلوه زي ما قولتلي لازم تكون شاقه بس أكون قدها!!"
شعرت بهذه اللحظة ان شكرها له حان قوله ، حيث كل مره كانت تجده في الحديث المطمئن ، ابتسمت وقالت وهي تحث نفسها علي الثبات:
_" مكنتش بلحق كل مره اقوللك شكراً علي كل كلمة كنت بتقولها ليا فوقت صعب ، بس هو انت ممكن تقولي بتجيب الكلام ده منين ؟"
تتضح بأنها عفوية كمثل والدتها تماماً ، بل وما أخذه عنها من أول انطباع ، ولكنه عاد بتذكر بأنه رٱها في وقت صعب عليها أول مره ، كان يبتسم كالأبلة ، هل حقاً تتحدث له بهذ ا الحديث؟ لا يعلم هو بأنه حديث عادي جداً بينما بالنسبة له كان يتمني فقط حرف منها قبل هذا الوقت ، تنحنح يجلي حنجرته وتاهت منه الكلمات وقبل أن يتحدث بالرد عليها ، كانت "وسام" قد دخلت تقف بصدمة لم تمنع تلقائيتها في ان تردد جملتها :
_" انتوا بتعملوا ايه فالمطبخ ؟؟؟"
انتفضت "فرح" بخفةٍ بينما ارتبكت نظراته وهو يحمل الاكواب مردداً بتبرير :
_" فرح كانت جاية تاخد كوبايات من عندنا ، وخبطت على الباب بس انتي مسمعتيش !"
نظرت له بتشككٍ فحذرها بعينيه حتي ابتسمت لها بلطفٍ وهي تقول بمكرٍ داخلي :
_" منوره شقتنا بجد يا فرح!"
_" منوره بأهلها !"
قالتها ", فرح" بلباقةٍ ، وتاه هو بالنظر لها فتنحنت حتي نظرت نحوه واقتربت تدفعه برفقٍ كي تخرجه من هذه الحالة ، فتنحنح هو يجلي حنجرته وترك الأكواب لها ، وقبل أن يخرج التفت مبتسماً وهو يقول :
_" هي معاكي أهي ، بس لو احتاجتي حاجة تعاليلي تاني !!"
فتحت "وسام" عينيها على وسعها ، فردد هو سريعاً بوضوح ببرر صدمة ما قاله للتو :
_" قصدي يعني تعالي خدي اللي انتي عايزاه وهي معاكي ، البيت بيتك !"
حملت "وسام" الأكواب وهي تكبت ضحكاتها تحت حرج"فرح" وعندما ابتعد هو عنهما رددت "وسام " بقلة حيلة زائفة لها :
_"الدكاتره دول عليهم حاجات كده ايـه !!"
لم تفهم معني حديثها ولكنها رددت بتلقائية وهي تسير بجانبها إلى الخارج:
_" زي ايه ؟ أنا كمان دكتورة !!"
توقفت تحرك رأسها كي تنظر لها وكأنها تستوعب للتو ، حتي وقفت "فرح" تنظر بغير فهم ، وتلقت السؤال العبثي منها :
_" انتِ عارفه ده معناه ايه ؟"
حركت "فرح" عينيها بعشوائية جاهله عن فهم مقصدها ولكنها ردت بجهلٍ :
_" ايه ؟"
هزت "وسام" كتفيها بغير علم وانفجرت ضاحكة بخبثٍ منها هي وحدها ، وبعد ذلك تعالت ضحكات "فرح" عليها وعلي صوتها دون فهم للذي يحدث ، فقد علمت للتو بأن الٱخري شخصية مرحة تختفي عن من لا تعرفهم ببنما الٱن تتعرف عليها أكثر ، فما القادم ؟؟..
دخلت على الفور ناحية المطبخ كي يعدوا أكواب الشاي والعصائر لهم جميعاً ، دخلت "فرح" مع "وسام" ، وتبعهما بعد ذلك "بسام" الذي دخل بين الشباب الجالسة وجلس بجانب مقعد "ٱدم" علاقته به تطورت قليلاً حتي ان "بسام" بين الحين والٱخر يذهب معه إلى الشيخ في المسجد ، مال "بسام" يهمس جوار أذنه باهتمامٍ :
_" عملت ايه ؟"
ترقبت عينيه وإعتدل "ٱدم" ينظر له بصمتٍ للحظاتٍ حتي تنهد مردداّ بـ :
_" قولتلها تعطينا فرصة ، مصممة على الرفض بس أخر حاجه قولتلها مش عاوز رد دلوقتي مع اني سمعت الرفض منها أكتر من كام مره !"
وجد اليأس علي ملامحه ، وتفهم هذه الحالة جيداً ، يقدر بقوةٍ معني أن يُرفض المرء حتي وان لم يتخلل قلبه الحب ، فالرفض وحده شئ قاسي وثقيل!
_" متستعجلش يا ٱدم ومتضغطهاش ، سيبها براحتها عالٱخر ، عشان عارف انك زي اخويا وهتفهمني فالكلام ده لإني عايز أقولك ان اللي حصل ليها مش سهل خالص على أي واحدة ، وواضح إنها متأثره بس شخصيتها مش ضعيفة بالعكس دي قوية لأنها ساعدت نفسها تقوم من تاني وتتعامل بشكل طبيعي، حتي لو ظاهرياً بس ، فـ برضو تعتبر صعبه انها تحصل ، وعايزك تفهم كمان ان الموضوع ده حساس ، يعني لو حصل نصيب بينكم لازم جداً تكون متفهم لأقصى حد ممكن توصله لحد ما هي تاخد علي طبعك وكلامك ، يعني خلقك الضيق ده مش هينفع معاها خالص وفي حاجات معينه لازم تعقل وتصبر فيها ولو حتي بمجرد كلام !"
كان حديث "بسام" متعقلاً، لم يتحرج من قول ذلك بل اعتبرها نصيحه من شقيق أكبر لشقيق أصغر سناً ، كون الآخر يجهل أشياء كثيرة وجده يزفر بصوتٍ وهو يحرك رأسه متفهماً وقال بقلة بنبره صادقة تعلن عن مدي اهتمامه :
_" انا قولتلها هشيل عنها وجعها وهحاول أعمل ده ، بس الظاهر انها فاقدة الثقه فكل حاجة حواليها ، مش فاهم ليه بتبص ليا على اني كداب ولسه على طريق الشمال ، مع اني اتغيرت وبحاول اتغير أكتر !"
_" ما مش حاجة عجيبه ولا غريبه ، وصدقني فـ دي عشان إسأل مجرب ، الواحد لما بيخرج من أي علاقه أو أي حاجه مخذول ومش مستوعب ده حصل ازاي وانا قدمت كل حاجه وان ازاي كنت بعمل كده معاهم، كل ده فالٱخر العقل بيتصدم منه بيخلي الواحد شايف كل الناس زيهم وبيفقد الثقه تماماً ، وبيخاف ..بيخاف أوي يدخل علاقه تانيه ويقدم كل اللي بيقدمه ليتخذل تاني ، هي خايفه وفافدة الثقه ومكسورة ، بس فالاخر بنقابل ناس بيغيرولنا الفكره ، بنقابل الناس الصح بس الوقت ببقي غلط والشخص اللي بيبقي غلط ساعتها هو إحنا هو اللي خارج من كل ده مش مستوعب ومصدوم وبيتعب أوي على ما يتأقلم من جديد من غير شك ولا فقدان ثقه وخوف من خذلان.."
قال كل ما يريد قوله من تجاربه الكُلية وٱخرهم قارن نفسه برؤيتها عندما شعر بأن هذه من عززت به نفسه وثقته ، هي التي فعلت بدون مجهود ما كان يعاني منه ويرفضه ويرفض الشعور به ، وبالنهاية استخدم الطريقه الخاطئة وفعل بعنادٍ ما جعله يخسرها دون حتي الاعتراف ودون حتي علمها ، بينما الٱن ثمة شعور بداخله خلق بأنها يلزم الاقتراب منها بجدية هذه المره ، نظر "بسام" لوجه الٱخر عقب حديثه حتي سمعه يتنهد تنهيدة حارة فواصل يكمل وهو يعطية الامل بتعقلٍ :
_" انت بإيدك تغير الفكره دي ، بس من غير ضغط ولا غصب ، فاهم ؟"
حرك رأسه بنعمٍ وإعتدل عندما وجد "دلال" تتوجه ناحيتهم بالٱكواب ، في حين توجهت "عايدة" بصينية أكواب ٱخرى ناحية الشرفه الذي وقف بها البقية ، أخذ "عز" منها الكوب وهو يشكرها حتي قدم ما بيديه لـ"جميلة" أولاً ثم من بعد ذلك أخذ واحد له ، نظرت له "عايدة" بحبٍ وتقديرٍ حتي توجهت للآخرين تعطيهم ما أعطته لـ "عز" الذي ابتسم لها بحبٍ فرفعت هي عينيها تقابل عينيه التي تراقبها وقالت بتلقائية :
_" عارف نفسي في ايه يا عز ؟"
غمز لها بمشاكسةٍ وتجرع من الكوب وهو يردد سريعاً :
_" لا بس هموت واعرف والله!"
ضحكت عليه بخفةٍ. ومنذ إن شعرت بالثقل الذي عليها تود ان تجلس أمام مكان تفضله كثيراً ، تنهدت تردد بملامح هادئة تطلب منه :
_"نفسي اروح أقعد قدام البحر علي الكورنيش شوية !"
لم يتعجب علم انها تربد الهروب من المشاعر الحزينه ، ابتلع ريقه وقال بترحابٍ لفكرتها :
_" بس كده ؟؟.. تعالي يلا "
تفاجأت من سرعته ،. حتي نظرت حولها بترقبٍ وعادت تردد بصوتٍ منخفض :
_" بس إحنا جايين نقعد معاهم شوية ونمشي ، ممكن يزعلوا ، وكمان مقعدتش مع نيروز وشكلها تعبانة !"
وقف لبرهه ينتظرها بأن تنتهي حتي إعتدل يبتسم لها نابساً بصوتٍ هادئ :
_" كلهم هنا محتاجين القاعده دي ، نخرج نقعد على الكورنيش شوية نغير جو وبعد كده هم يروحوا مشوارهم ونرجع احنا ناخد أمي ونروح ايه رأيك ؟!"
قصد ترك الكبار، وأخذ الشباب والفتيات بخروجه هادئه بسيطة ، لاقت الفكره استحساناً منها ..وصمتت بعجز ، غير قادرة علي قولها لٱحد خروج ؟ ووالدها متوفي؟ ، تعتبرها جريمة ، بينما هي بالٱساس مجرد جلسه على كورنيش هادئة لتغير نمط النفسية السيئه ،. وجدته يتوجه ناحية الشباب كي يخبرهم والخارج أيضاً. لا تنكر أنها تفاجأت من سرعته ووقفت حتي وجدت نفسها بصالة المنزل تستمع لترحيب الشباب بهذه الفكرة !!
واقفت النساء علي الجلوس حين عودتهم ، وأصر "شادي" على مجئ "حامد" معهم لملاحظته بالتغير ، في حين انسحب "غسان" يقف بجانب "نيروز" كي يسألها برفقٍ :
_" هتقدري ننزل ولا نخلينا قاعدين ؟"
تحمست للفكره من الأساس رغم تعبها ، نظرت نحو مرٱه طاوله في الصالة تعدل حجاب رأسها أكثر ثم قالت بابتسامة هادئة :
_"لا خلينا ننزل نغير جو معاهم !".
تمعن النظر لها بمقدرتها ورأي رغبتها في النزول ، فحرك عينيه بموافقةٍ ، حتي سمع الحديث العشوائي ، وكل منهم كان يرتدي ملابس لائقه نسبياً. للهبوط أمام المبني ناحية الكورنيش !!
_" تعالى يا فريدة!"
حثتها "جميلة" بابتسامة هادئة وعندما شعرت بأنها سترفض ، جذبتها من ذراعها بخفةٍ حتي نهضت ولاحظ "عز" فعلتها فضحك بخفةٍ ، فقد تركته وتأبطت ذراع شقيقتها ؟. وهو المرحب بالفكره والتنفيذ ؟؟ ، حرك رأسه بقلة حيلة عليها وابتسم وهو يمد ذراعه لـ "فرح" كي تتأبطة وبالفعل تأبطته وخرجت معه كي ينتظروهم في الأسفل ، ابتسم "غسان" لها وهو يمسك يديها كي تسير معه ،، في حين وقف "حازم" ينظر نحو ملامح "ياسمين". الحزينة الضجره ، حتي مد يديه بحنوٍ يحذرها :
_" خلاص موافق ، بس متسوقيش الجنان ، امشي براحتك معايا ، كده كده هم خطوتين ، قومي يلا !!"
تلهفت وكأنها طفلة للتو ، ونهضت بسرعةٍ تنتفض حتي ضحك عليها وهو يحذرها من إندفاعها هذا ، سارت معه وحثتها "سمية" على التمهل بحذرٍ ، في حين سبقت "فاطمة" والأطفال مع "ٱدم"و"بدر" و"وردة"
عندما انسحب يأتي بشقيقته كي تهبط معهم ، تلهفت وارتدت حجابها على ملابسها التي كانت تجلس بها وسط الشباب والعائلة ولم تبدلها
_" بجد يا بيسو ؟؟ هتخرجوني؟؟"
رددتها "وسام". وهي ترتدي حجابها بسرعةٍ ، فضحك وهو يضرب وجنتيها بخفةٍ ثم قال :
_" خروج ايه يا هبلة ، دا تحت البيت شوية وراجعين ، ها خلصتي؟"
تطلعت على نفسها وكانت متجهزه بالفعل ، من البداية كانت تريد شئ كهذا يخفف عنها التوتر ، اقتربت تقبل وجهه وتمنت بداخلها ان ترجع علاقته بـ "غسان" كمثل من قبل ، فمنذ ما حدث وأيضاً لم يتواجهان مره ثانية رغم حديث والديهم المقتضب معهما !! ، ضحك وفرد ذراعه كي تتأبطة حتي أغلق باب الشقة خلفه ولاحظ هبوطهم جميعاً ، فابتسمت وهي تركب المصعد حتي نظرت له وقالت بخبثٍ :
_" عينك لمعت أوي وانت معاها !"
إبتلع ريقه ضاغطاً على الزر وإحمر وجهه حرجاً من حديثها الذي فهم معناه ، قلب عينيه فوجدها توكزه بكتفيه بضحكٍ خفيف ثم قالت بتبجحٍ :
_" بس عارف ؟ بقيت ابلعها عن الأول!"
تلهف عندما وجدها تردد بذلك وتزامناً مع خروجها ردد هو بغير تصديقٍ ودهشة :
_'' بجد.؟ هي طيبه أوي والله!!"
من أين علم؟ أم أن العاشق يدافع بدون براهين وأسباب؟؟ ، نظرت له بتعجبٍ وانفجرت في الضحك بصوتٍ حتي كمم هو فمها بريبة عندما سار بجانبها ووجد الكل ينتظرهما، وعندما كتمت صوتها اقتربت ٱكثر تهمس له من بين سيرها بجانبه:
_"انت اللي طيب اوي يا دكتور بيسو ، أوي يعني !"
قالتها بابتسامة غير هينه جعلته ينظر لها بغير فهم، اما هي فلم تسطع إعطاء قبول لها بقوةٍ ،فقط بنسبة بسيطة ، مقارنة بـ "نيروز" فهي شئ ٱخر بل و"وسام" كشخصية ليست متهاونه للدرجة التي تجعلها تنسى ان الخلاف كله من بدايته لٱخره كان بسببها هي بسبب "فرح" ولكن ما ذنب الٱخري من هذا التفكير؟؟
_" يلا بينا !!"
رددها "شادي" بابتسامة هادئة وأمسك كل طرف بيد من يخصه حتي تخطوا الطريق ناحية الإستراحات من على بعدٍ وجلس من جلس على الإستراحات وتقدم البقية ناحية البحر أكثر وكورنيشه الطويل أمام الماره والإستراحات. الذي يجلس عليها الناس بمتخلف أشكالهم وأحوالهم !
وقفت "نيروز" تتنفس بعمقٍ وراحة وهو بجانبها وعلى بُعدٍ منهم كان كل إثنان بمفردهما وثالثهما الحُب ، حركت عينيها ناحيته فوجدته يشملها بنظراته ، فابتسمت تسأله بمشاكسةٍ ظهر بصوتها التعب من الزكام:
_" بتبصلي كده ليه ؟"
تنهد "غسان" يخرج أنفاسه حتي ابتسم ابتسامه هادئة وقال وهو يرفع ذراعه يحاوط كتفيها يسألها برده وكأنه يرواغ في الرد عليها بسهولةٍ ، عادةً ما تفهم طريقته في تعمده لمشاكستها حتي بمجرد حديث !! :
_" بس عارفه الست قالت ايه بقا ؟"
ابتهجت ملامحها لم تتذكر ٱخر مره كان قد قالها ، لذا ترقبت ملامحها وهي تسأله بلين رقيق عهده منها :
_" ايه ؟"
_"مبقولش في حُبك غير ..الله ..الله الله ..على حُبك يا حبيبي الله!!"
إستندت برأسها حتي سعلت فمرر يديه علي كتفها كي تهدأ قليلاً ، ابتسمت عقب ما انتهت وقالت بتعبٍ وهي ترفع رأسها تواجه عينيه الدافئه :
_" ثبتني يا بن البدري !"
من يجد الجمله فيجدها صحيحه دون تقطع بينما قالتها هي بسعالٍ فنظر لها بقلقٍ حتي استندت عليه براحةٍ وقالت تُلهيه عن ما يريدة من رحيل :
_"طلع تليفونك نتصور !!"
جلس "طارق" بجانب "حامد" وفي الفتره الاخيره أصبحا قريبين من بعضهما بلطفٍ انشغلا في الحديث ، في حين بقوا الاطفال يلعبون، و"فاطمة" تقف بجانب "فريدة" وثالثهما على الهامش كان "ٱدم" الذي سمع "فريدة" تردد لشقيقته :
_"بس تربية التوأم صعبه أوي بجد ، ربنا يكون فعونك ، بس جنة عسوله وهادية أوي مش شقية زيهم!!"
ابتسمت"فاطمة" ورفعت يديها تربت علي كتف "فريدة" وهي تسرد:
_" جنة عاقلة زي خالها "بدر" واخده منه كتير أوي بس لما بتتعصب بتبقي واحده تانية ، انا بقا التوٱم متعبين أه بس يهون تعبهم لو هم حته منك ، أنا مبقتش عايزه حاجه غير اني أعيش ليهم واقدر اربيهم كويس ، وعقبال يستي ما تجيبي توأم كده و تتعبي معاهم !!"
قالت ٱخر حديثها بمرحٍ فحركت "فريدة" رأسها نفياً وهي تقول بإندفاعٍ :
_" لا توأم ايه ، أنا عارفه تربيتهم بتبقي صعبه ازاي ، وبعدين أنا بحب البنات أوي ، نفسي اول ما أجيب اجيب بنت!!"
اندمجت في الحديث وهي تسرد وكأنها لا ترفض شئ كهذا ، وجدته يميل مردداً بعبثٍ وكأنه موجود بعروق شباب هذه العائلة :
_" لو تبقى شبهك كمان بقا ، هتبقى حلوه أوي !"
ارتبكت بعد ان عاهدت نفسها علي ان لا تكون حاده جامده معه وتبتعد عنه ، كبتت "فاطمة" ضحكتها وذهبت لتجلس بجانب "حامد" ، وحاولت "فريدة" التصنع بالتجاهل فوجدته يعتدل وهو يردد مجدداً :
_" بس اشمعنا بتحبي البنات وعايزه أول خلفتك بنت يعني؟"
تنفست بعمقٍ وحاولت زوال ما جاء بتفكيرها كي تتعامل طبيعياً ، ابتسمت بتكلفةٍ وقالت بتوضيح :
_" الرسول صلى الله عليه وسلم قال خيركم من بُشر بأُنثى ، وكمان بحس انهم بيجو بخيرهم ورزقهم على أهلهم ، عامةً الأطفال رزق علفكره ، بحبهم!!"
ابتسم "ٱدم" بإعجابٍ وقال بتيهةٍ ناظراً نحو عينيها بقوة كي ترتبك منه :
_" هم فعلاً رزق ، وحلوين أوي أوي !"
حركت نظراتها بارتباكٍ قليل ما يظهر ، وسألته بإهتزاز تحاول النظر بمكان ٱخر غير عينيه:
_"هما ايه ؟"
_"البنات ، بالذات لو بنات فريدة من نوعها كده !"
هل ذكر اسمها بشفرةٍ ما ؟ ، تجاهلت ما حدث واستغل نقطة التعامل المتغير لديها لصالحه ، عل ما بعقلها يلين تجاهه ، وسيحاول ؟ هكذا أردف لنفسه عندما وجدها تتجه ناحية "جميلة " و"عز" ..
وقف "بسام" بجانب "وسام" التي وقفت بجانبها "فرح" تستمع لحديثهم المرح مع بعضهم ، اخذت معها بعض الصور ،، ومن بينها هتفت "وسام" بخبثٍ له :
_" تعالى يا بيسو اتصور معايا!"
حدجها بقوةٍ وتحذير ، فرددت هي بتعلثم مره اخري زائف :
_" قصدي يا دكتور بسام يعني !"
تعالت ضحكات"فرح" وأمسكت الهاتف كي تقوم بتصوريهما معاً وعندما إنتهت انتفضت"وسام" تردد :
_" انا واقفه بين اتنين دكاتره مببعرفوش ياخدو وضعيات تصوير ، ايه ده ! "
توجهت برأسها ناحية "فرح" تسألها بجديةٍ سؤال ليس له علاقه بوضعهم:
_" هو انتِ دحيحه يا فرح؟"
عقدت ما بين حاجبيها بغرابةٍ من سؤالها بينما رد هو ببراعةٍ :
_" أي دكتور ببقي دحيح ، بيفضلو يذاكرو لحد ٱخر عمرهم تقريياً ، عاوزه ايه بعد كده يعني !!"
مطت شفتيها ونظرت ببراءة نحوهما وهي تتصنع التذكر لهذه العاده :
_" فعلاً ، عندهم عادات وطقوس طويل حتي كمان مبيحرموش وأغلبهم بيروحو يتجوزا دكاتره زيهم ولا ايه يا بيـ ..يا بسام!".
ما تريد هي منه ؟ ام منهما ؟ ، لم يستطع فهم ما بعقلها منذ ان بدأت ، نظر بثباتٍ وقال بمرواغةٍ ينظر نحو الٱخرى :
_" كنت الأول بقول مش مهم ، بس دلوقتي .."
توقف عن الحديث و نظر حوله بتيهه ، وسرعان ما أكمل بصراحةٍ :
_" بس دلوقتي حسيت إني بحب دكتورة !"
اتسعت حدقتي "وسام" من حديثه التائه ، وتنحنت بحنجرتها ، بينما الٱخري لم تتوقع بأن الحديث لها بل ابتسمت بلطفٍ وهي تقول بغباءٍ :
_"ربنا يديمكم لبعض ، اكيد شغاله معاك فالمستشفي !"
ابتلع "بسام " ريقة بترقبٍ وحرك رأسه نفياً ، بينما الآخري تتابع بصمتٍ وشفقة لوهله شعرت بشقيقها وقلبه ..
_" الحقيقة هي مش شغاله ، لسه متوظفتش بس مسيرها تكمل وتشتغل.. انتِ بردو حاطة خطة لارتباطك وجوازك من دكتور فالمستقبل ولا سيباها كده عادي !"
توترت حدقتيها من السؤال هكذا شعرت ، ابتلعت ريقها ونفت بابتسامة هادئة تجيبه :
_"لا ...أنا.. أنا مش حاطة كده الصراحة ،" عز " اللي عنده المبادئ دي ، يعني يغيب ويقولي أنا مش هقبل بأقل من دكتور ، وساعات يقولي أهم حاجة يكون ابن ناس ومحترم ومش مهم الباقي ، والإختيار التاني الصراحة هو اللي غالب ، حتي بعد تجربته مع "جميلة" وبعد ما ناسب "حازم" وكده ، مش لازم دكتور لدكتوره ولا مهندس لمهندسه أو العكس لبعض ، بحسها شكليات وناس مش بتعرف تفكر غير في المناظر والطبقات ، يعني يمكن لو ركزو على الأصل والاخلاق مكنتش حالات الطلاق هتزيد بالشكل ده كل يوم !!"
استرسلت في الحديث واندمجت حتي نظر لها بإعجاب وأفكارها تواكب أفكاره هو الٱخر ، يريدها؟ يريدها .
_"شكلك عاقله يا "فرح " ودماغك تقيله تتوزن بدهب !"
رددتها "وسام" بمشاكسةٍ فضحكت بخفةٍ ووجدت "عز" يتقرب منها متعمداً الإقتراب وهو يهتف قائلاً بصوتٍ مسموع :
_" كلمي جميلة يا فرح !"
تحرك "بسام" بطريقة خافته كي لا يوضع بموضع محرج معه ، فاقترب تزامناً مع تحركها لزوجته ، فوقف هو يوزع النظرات عليهم بتركيزٍ حتي تقابلت عينيه مع "وسام" وقال بهدوءٍ ممتن :
_" شكل فرح ارتاحتلك على الٱخر ، دي مكانتش عايزه تيجي!"
تحرجت من قوله اللطيف ، حتي رفعت رأسها تردد بلباقةٍ :
_" وانا كمان إرتاحتلها وبعدين احنا عيلة فبعض بقا خلاص !"
حرك عينيه نحو "بسام" فوجده يعبث بهاتفه ، لا يريد لشقيقته بٱن تختلط وتتعلق دون مسمى ، وعلى الرغم من انه رفضه بينما الٱن الحال حال ٱخر بعد اندماج العائلة مع بعضها وكٱن شئ لم يكن !! ، والٱخر يأخذ ركناً منه منذ ٱخر رفض!! فقط الحديث مقتضب بينهما ..
_"يلا يا فاطمة. يلا يجماعه خلونا نروح ، عشان المأذون زمانه علي وصول هناك ، لازم نمشي !"
موعد طلاقها ؟؟ ،. هكذا أردف "بدر" حتي اقترب الجميع بتفهمٍ من بعضهم ،ووقف "حامد " ينتظر عودتهم بعدا ان تذهب الفتيات مره أخري, ابتسمت "ياسمين" وهي تحتضن"فاطمة" وهمست لها جوار أذنها بـ :
_"مع السلامة ي فطوم ،. أنا عارفه انك قوية وقدها ، كفاية انك هتختاري الصح ليكي ولولادك!!"
ابتسمت لها "فاطمة" بامتنانٍ وأشارت لها بيديها وهي تلوح لها حتي أمسكت يد "نيروز" التي نظرت ناحية "غسان" وهي تقول :
_" متتأخرش بقا !"
أومأ لها بابتسامة هادئة ، وسارت مع "نيروز" بينما أخذ "عز" "جميلة"و"فرح" ناحية المبني كي ينتظر هبوط "والدته" للرحيل ، وقف "بسام" ينظر على أثرها من على بعدٍ فضربه "شادي" بمشاكسةٍ وهو يردد:
_" عينك يا بُس "
نظر له "بسام" بسرعةٍ وكأنه يستوعب للتو ، قلب عينيه بسخافةٍ منه حتي أشار له قائلاً :
_" امشي بقا يا شادي ، انت طولت الصراحة مع السلامة يلا ، خد بعضك وروح !'
كبتت "منة" ضحكتها على احراجة فوقت يشير لها بأن تذهب مع "فريدة" تزامناً مع قوله:
_" لا امشي ايه.. أنا جاي معاكم عشان بعد الحوار ده لينا قاعده كده مع بعض لٱن الحال معتش عاجبني الصراحة!"
حاول الهروب من نظراته ووجد الإثنان "غسان" يركب السيارة من على بعد يقترب كي يركب معه "حامد" بينما سار "شادي" ناحية سيارته كي يركبها ، وخلال ثوانِ وقف "حامد" ينظر ناحية "غسان" الذي ينتظر قدومه وقد تعمد تركه بحدةٍ وهو يتوجه ناحية سيارة "شادي" ، ذُهل "بسام" من فعلته وتنحنح سريعاً كي يركب بسيارة "غسان" في الخلف فردد الآخر بغيظٍ من الموقف:
_" اطلع قدام يروح أمك ، مش سواق أهلك أنا!"
ضغط "بسام" على فكه من أسلوبه وصفع الباب حتي ركب في الأمام وهو يرد عليه بجمودٍ :
_" خلي كلامك معايا يبقي أحسن من كده عشان منزعلش من بعض!"
لوح "غسان" بذراعه تزامناً مع انطلاق السيارة بسرعةٍ مع قوله الهازئ:
_" دا إسلوبي وان كان عاجب!!"
وأكمل بسخريةٍ لاذعةٍ دون النظر ناحيته :
_" وبعدين احنا لسه هنزعل من بعض ، فُوُق يا دكتور !"
_"ما كله بسببك !"
وكأن هذه المواجهة الثانية بعد ٱخر مواجهة ، قلب "غسان" عينيه بحدةٍ ورد بإندفاعٍ :
_"قصّر معايا عشان مقلبش العربية دي بينا .."
وأضاف بنظرة جامدة له :
_"ساعتها هيبقى بسببي فعلاً !"
وجد التهور في نظراته ، يهدده ؟ ألهذا الحد كلماته كانت قاسية حتي انه لا يستطيع تخطية الوضع منذ فترة ؟، تعمد الصمت وهو يخرج هاتفه كي لا يجاريه بتهوره ،. تنفس "بسام" بعمقٍ وردد بخفوتٍ من بين مسكته لهاتفه كي لا ينهزم أمامه بحديثه المتبجح له :
_"أنا مجيبش ورا يا "غسان" ، ومش انا !"
_"طظ!"
رددها "غسان" بوقاحة بعد صوت فمه وأنفه معاً بالاعتراض ، ضغط على هاتفه بعصبيةٍ مكتومه وندم لوهله أنه ركب معه بمفردة !! كي يصبح الوضع كذلك ، صمت بضغطٍ كي لا يتعاركان علي الطريق ، حتي يصلا بخيرٍ!! ..
___________________________________________
صعدت الفتيات وصعد "عز" عندما تيقن بأن والدته ستراوغ إن لم يُعجلها هو حديث نساء ولم ينتهي ولن ينتهي كهذا أردف بينه وبين نفسه ، دخل الكل شقة "عايدة" ولم تكن "وردة" موجوده بل ذهبت مع "بدر"و"فاطمة" ، وقف "عز" ينتظر إنتهاءها من الحديث تحت نظرات "جميلة" الضاحكة عليه وهو ينتظر بصبرٍ شديد لآخر ذرة تمسك لدية..
_"انت مستعجل على ايه يا عز ؟ شكلك متحكم بقا ومش هتخليني اقعد ولا اروح لماما علطول !"
شاكسته بخفةٍ ،، فنظر لها بتشككٍ من عينيه وقال بجديةٍ :
_" يا شيخة ؟ بقا شكلي يدي كده ؟"
_" خالص ، بس مستعجل ليه؟"
لاحظ قدوم والدته مع شقيقته من على بعد فتنفس بعمقٍ يُوضح لها :
_" البيت مفهوش راجل ، وكمان عشان امتحانك بكره فعشان تلحقي تذاكري !"
لا تغيب عن باله التفاصيل المفصلة عنها ، ابتسمت بحنوٍ حتي شملته بأنظارها أمامهن ، تقدمت"حنان" ناحية الخارج وتبعتها "فرح" التي ودعتها "وسام"و"فريدة" ، في حين عانقت "جميلة" البقية بوداعٍ حتي كانت ٱخر الكلمات لها من والدتها:
_" خلي بالك من نفسك ي حبيبتي ، هبقى أكلمك أطمن عليكي ، كُلي كويس وركزي عشان امتحان بكره ، ربنا معاكي ي ضنايا!!"
تتأثر كونها أول مره ستخرج لاختبار بعيدة عنها ، لم تشاركها التوتر ، لن تعد لها طعام وهي جالسة بين كتبها ، ضحكت "جميلة" بخفةٍ وودعت "منة"و"نيروز" و"ياسمين" التي غمزت لها بمرحٍ وهي تردد بغير اكتراث:
_" سيبك يبت من الامتحانات ، أهم حاجه صحتك متجيش على نفسك لو مش قادرة ي عمة ابني يا حرباية !"
تلقت قبلة منها طائرة فضحك الكل عليها حتي "جميلة" وهي تبادلها القبله الطائرة ، تحت ابتسامة "عز" الواسعة على حديث الٱخيرة ، أغلقت الباب خلفها مع دخول "زينات" وهي ترتدي ملابس خروج تناسبها وحقيبة ، وقفت تبتسم لهم ابتسامة باهته رغم ملامحها الحزينه وقالت رافضه الجلوس :
_" أنا راحة المستشفي لحسن شوية ، يمكن يفوق ، محتاجين حاجة أجبهالكم وأنا جاية ؟"
رفض الكل بابتسامه هادئة حزينه مشفقه عليها ، فالٱخري حالتها النفسيه سيئه بسبب ولدها مهما فعل ، يظل شعورها رغماً عنها !!
_"لا كتر خيرك ، بس استني شوية حازم يرجع ويجي معاكي مستعجلة لايه !!"
_" لا الطريق ميتوهش يا عايدة ، مع السلامة !"
قالتها مشيرة بالوداع حتي أومأت لها "فريدة" بهدوءٍ ، أغمضت "نيروز" عينيها بإنهاكٍ حتي وقفت "سُمية" تتجهز للرحيل ناحية شقتها عندما رحلت "منة" مع "دلال" :
_" قومي يا نيروز ارتاحي عندي عما جوزك يجي شكلك تعبانه ، وانتِ يا ياسمين قومي خدي علاجك ونامي على السرير بدل ما نرجع نحتاس تاني يا بنتي!"
_" حاضر يا ماما قايمة ، كده كده عايدة مش هتسيبني فحالي انتوا هتمشوا من هنا وهي هتقعد تزغطني زي البط من هنا وتنيمني زي العيال الصغيره !'
ضحكن عليها بخفةٍ حتي "عايدة" التي أشارت لها بإهتمام وهي تضع كفها علي ساقها فإحتضنتها "ياسمين" بحبٍ ،وقبل دقائق كانت قد رحلت "دلال" فانسحبت "وسام" هي الٱخري بعد وداعها لـ "فرح"و"جميلة" ..
نهضت "نيروز" تستند على "سمية" و"سمية" تستند عليها في حين قاطعتها "فريدة" بحرجٍ تستأذنها :
_" بقولك يا نيروز.. انا كنت يعني عايزه أقعد مع نفسي شوية ، فبطلب منك افتح المحل وكده !"
لامتها "نيروز " بنظراتها وان كان الحال غير هذا الحال لاهتمت "نيروز" بالمحل ولكنها كل مره يحدث عواقب تعطلها وٱخرهم صحتها ووفاة عمها ، ابتسمت لها وقالت بصدقٍ :
_" المفروض متقوليش حاجة زي دي ، المفتاح معاكي والمحل بتاعك افتحيه فأي وقت تحبية ، لو كنت اقدر انزل تاني كنت نزلت بس حقيقي انا تعبانة أوي ومش قادرة !!"
عانقتها "فريدة" بتأثرٍ حتي أُغلق باب شقة"عايدة". وركبت "فريدة" المصعد ودخلت "نيروز" بعد "سمية" التي فتحت الشقة مع قولها بملاحظتها :
_"فيها حاجة متغيرة بردو!"
تنفست "نيروز " بعمقٍ حتي جلست على الأريكة بتعبٍ وهي توضح لها بشفقةٍ :
_"هي دي الحقيقة يا ماما ،. اللي حصلها مش شوية ، انطفت بدري اوي بس صبرها ده هيغيرها للٱحسن أنا متأكدة !"
كانت تتحدث بأريحية واستندت بظهرها ووالدتها تستمع إلى حديثها وهي تعود من ٱخر الطرقه بعدما جذبت علبة الدواء التي هبطتت بها الٱخري في الصباح..
_" ربنا يجبر بخاطرها وخاطركم ويراضيكم ويسترها عليكم يارب !"
أعطت لها الدواء عقب هذا الحديث فأخذته "نيروز" منها بإمتنانٍ حتي جلست"سمية" بجانبها وأمسكت رأسها كي تستند الأخري ناحية صدرها ، ربتت علي رأسها بحنانٍ وتنهدت تأخذ أنفاسها بصوتٍ وهي تسألها :
_"وانتِ مالك بقا زعلانة من ايه كدة ومش ناوية تحكي لأمك !"
عقدت "نيروز" ما بين حاجبيها باستغرابٍ طفيف وعلمت ان والدتها تعرفها أكثر من ذاتها ،. ضحكت بخفةٍ وهي تستند عليها أكثر ثم قالت بمشاكسةٍ :
_" طول عمرك شقية يا سُمية وبتعرفيني بسرعة !"
_"طبعاً مش بنتي وضنايا وحته مني!!"
ابتسمت لها واستندت بجسدها بالكامل على الأريكة وهي تسعل حتي انتهت تأخذ أنفاسها مع ربت والدتها بيدها عليها ، أخذت نفساً عميقاً. وٱخرجت ما يجعلها متناقضه لا تفهم ما يحدث ..
_"مش عارفة ..بس حاسة "غسان" متغير معايا اليومين دول ، إتعودت مسألوش مالك كتير عشان مبيقولش غير لما هو يكون عاوز كده ، بس سألته وتوه ، حتى كلامه قليل مع اللي حواليه بردو ، تفتكري بيخوني؟"
سألتها بمرحٍ فتعالت ضحكات "سُمية" بصوتٍ ويأسٍ وهي تجيبها :
_" يا بت حرام عليكي بلاش سوء الظن ده ..وبعدين تلاقيه زعلان من حاجة معينة ، إعرفي يا حبيبتي ان الرجالة دول مجانين ساعة حلوين وساعه مش طايقين الدنيا باللي فيها وهنا يفوزوا أكتر كمان في النقطة دي عن الست.. يعني بطرق كتيرة مسيرة هيتكلم وتعرفي ماله ، انتِ بس اللي لسه مش متعودة!"
_"هو معملش حاجه والله ، أنا بس اللي زعلانة عشانه ومش عارفه أقوله كده عشان مفيش سبب ظاهر يوضح ده ، فهماني؟"
أومأت لها "سمية " بتفهمٍ وقبل ان ترد وجدت الحيرة بنبرة "نيروز" وهي تكمل :
_" كمان عيد ميلادة كمان يومين ..كنت عاوزه أعمله حاجه حلوه زي ما عملي بس الظروف الٱخيرة مش سامحة واخاف اعمل حاجة تجمعنا "جميلة" تزعل او "حازم" عشان حالة الوفاة !"
_" سبيها لله ي حبيبتي ، بتدبر من عند ربنا مش لازم حاجة كبيرة ، بيحبك وهيتراضى بأي حاجة حتي لو كلمة..!"
قالتها بتعقلٍ ولم تعقب عن خوف الٱخري من اداب الذوق العام عند حالة الوفاة فمعها كل الحق. ، سعلت أكثر حتي اعتدلت تحاول أخذ أنفاسها فمسدت "سمية" على وجهها بقلقٍ قائلة :
_" إشربي ماية يا نيروز ..امسكي على مهلك !"
أعطتها الزجاجة ، فأمسكتها "نيروز " وهي تردد بانهاكٍ قبل ان تشرب:
_" انا قولتله مش هقدر ولو أكلت هتعب مرضـ..."
نهضت سريعاً وكأنها كانت تشعر ، من عزم دور الزكام الذي وصل لمعدتها ، هرولت ناحية المرحاض وهي تضع يديها علي فمها بتعبٍ ووجه أحمر متشنجه مع سعال صعب والقئ يداهمها ، انتفضت "سمية" وهي تحمل الزجاجة قبل ان تقع علي الأرض حتي نهضت باندفاعٍ خلفها تسير بخطواتٍ سريعة قلقِة ..!!!
____________________________________________
وفي المنزل على بُعدٍ ٱخر ، دخل الجميع منزل والد "بدر"، وقد جاء بالفعل المأذون مع "عارف" ووالدته التي أصرت على القدوم معه ، كان بالغرفة ومعه " المأذون"ومن تبعه ، وقف "غسان" ينظر ناحية "فاطمة" التي جلست بأعصاب مفقودة ويتمسك بيديها "بدر" وأمامها وقف " آدم" ، وعلى بعدٍ بحجره معينه وقف "بسام" مع الاطفال يليهيهم عن هذه المناسبة التعيسه لهم في المستقبل ان علموا ، كان" حازم " في الداخل يتطلع على الأوراق الخاصه بقدومها مع "عارف" وأيضاً المأذون !!
_" ايه يا" فاطمة" فين اللي اتفقنا عليه ..مش كده ..لازم تكوني قوية !"
حثها "بدر " بثباتٍ في حين تمسكت هي بكفه ببكاءٍ وهي ترد عليه بنبره ضعيفه :
_" غصب عني يا "بدر" ، معلش استني خمس دقايق كمان أخذ نفسي فيهم!"
ترواغ؟ أم ماذا تفعل؟ ، زفر بصبرٍ يتركها وإعتدل يشير لـ "وردة" بأن تعد أكواب من الشاي لهم ، في حين زفر "ٱدم" بصوتٍ أنفاسه الدافئه وردد بحدةٍ ظهرت في حديثه لها :
_"جرا ايه يا "فاطمة" ، بتتلكعي ليه..اللي زي ده ميستاهلش حبك افهمي بقا وقومي وأُصلبي طولك ده !"
هو المندفع دائماً ، ترقبت ملامح الشباب حتي "شادي" ، فوكزه "حامد" بتحذير ، واقترب يمسك كفها كي يساعدها على النهوض ونهضت بالفعل حتي دفعها هو بين أحضانه الحنونه رابتاً على ظهرها برفقٍ وهو يقول :
_"يا حبيتي إحنا جنبك وهنسندك ، دا الصح ليكي ولعيالك وانتِ بنفسك قولتي كده ، إجمدي كده ..بنت عيلة البدري لازم تكون جامدة ميهزهاش حاجة زي عمك حامد كده!!"
خرجت ضحكتها الخافته وإستطاع ان يخفف عنها توترها ، تنفست بعمقٍ وهي تحرك رأسها تومأ بطاعةٍ ، واعتدلت حتي تمسك "ٱدم" بكفها مع خروج قوله اللين :
_" وحياة أغلى حاجة فحياتي ماهخليكم محتاجين حاجة بس ساعديني يا فاطمة ، ساعديني وساعدي نفسك عشان نتعود على حياة جديدة صح ليكي وليهم!"
رفعت كفه تقبله بأسفٍ وكأنها تثبت له انه صحيحاً بتأثرٍ ، وجدت الخوف عليها وعلى أولادها بنبرته ، اقترب "غسان" يدفع "ٱدم" بمرحٍ طفيف ثم غمز لها بمشاكسةٍ يخفف عنها كطبع من أنجبه :
_" عليا الطلاق ما عارف الجمال ده كله مش عايز يقاطع الزباله اللي هناك دول ازاي..فوقي يا فطوم .. إنتِ قيمتك عاليه معدتش تنفع مع الواطيين دول !!"
ضحكت بخفةٍ وهي تنظر له نفس النظرة المتشككه ، تعلم انه بارع في تثبيت من أمامه بالحديث المعسول ، ضحك الكل عليه بخفةٍ وتشجعت هي أكثر وهي تأخذ أنفاسها قائلة بصوتٍ جدي مستسلم :
_" عندك حق !"
هلل الكل بصوتٍ مرح وكأنها ليست مناسبه تدعي الحزن !! ، ابتسمت لهم بامتنانٍ ، واقترب "بدر"يمسك كفها ومن الناحية الٱخري تمسكت هي بـ "حامد". كي يتوجهوا نحو الداخل حيث الغرفة...دخل خلفهم "غسان" و"شادي"وحتي"بسام " بينما بقت"وردة "مع الأطفال..
دخلت بخطواتٍ مرتبكة وتقابلت عينيها مع عيني"نجاة"والدة"عارف" ، جلست بجسد خاوي خائف بجانبها أشقائها في حين تحركت عيني "عارف" نحوها وهو يسألها وكأن شئ لم يحدث:
_" اذيك يا" فاطمة " !!"
لم ترفع عينيها نحوه ، ضغط "آدم" على فكه وقبل أن يرد الكبار ، رد هو عليه بنبره جامدة متبجحة :
_" أحسن منك ومن أمك يخويا ، خليك فحالك !"
إحتدت عيني "نجاة" وحدجة "حامد" بتحذيرٍ كما فعل "بدر" بينما شجعة "غسان" بنظراته بتشفي للٱخر الذي إلى الٱن علامات الضرب واللكم بوجهه لم تختفي نهائياً ، أخذ "حامد" نفساً عميقاً ثم بدأ بحديثه الٱتي :
_"كويسة يا بني ، ومن غير ما ندخل في كلام كتير هتبقي كويسة هي وعيالها من غيرك ، طالما معرفتش تصونها ولا تحافظ عليها ، خراب البيوت مش بالساهل بس هو ده الحل الأنسب و.."
قاطعته " نجاة" بجمود امرأه ظهر ذلك علي ملامحها القوية الكبيرة سناً :
_"مين اللي معرفش يحافظ على مين ، بدل ما تعرفوها انها قصرت ومن حقه يتجوز تاني!!"
تشنجت ملامح "بدر" وقاطع حديث المأذون بالهدوء حديث "غسان" السريع لها بوقاحةٍ :
_" ايه ده دا في حريم في القاعده !! لمؤاخذه افتكرتك راجل.. أصل القاعده دي للرجاله بس مع ان ابنك ميتحسبش منهم بس هي كده ولـ وصاحبة الشأن ، انتِ ايه بقا اللي مقعدك وسطنا ؟؟"
_" انتِ ايه يا ست انتِ خربتي علي ٱختي ولسه عايزه تخربي بكلامك ده ؟؟ حطي لسانك جوا بؤك بدل ما وربنا اللي خلق الخلق ما تخرجي انتِ وابنك سُلام من هنا !!"
كان قول "بدر" المنفعل، فنهض "آدم " بإندفاعٍ يمسك تلابيب "عارف" بانفعالٍ وهو يردد بنبره مرتفعه :
_". انت جايب أمك في ديلك ترد عنك وانت جاي يا حيلتها ؟ احنا مبندمش ايدنا علي حريم بس أمد ايدي أنا عادي عليك مادام نفس العينه الو***"
فصل "غسان" سريعاً عنه هو و"شادي" وأشار "حامد" له بحزمٍ ليجلس ، حتي اعتلى صوت المأذون مردداً بعقلٍ :
_" مش كده يا جماعة ، إهدوا شوية ، ولو حد عنده كلمة يحل ويرجع الماية لمجاريها يبقي جزاه الله كل الخير !"
أشار "حازم " بيديه للمأذون قائلاً بتفهمٍ :
_"معلوم يا عم الشيخ ..خلينا نبدأ"
إبتلع البعض ريقه بترقبٍ ، و"برطمت "نجاة بغيظٍ،في حين كانت حرب النظرات بين "عارف" وبقية الشباب خاصةً"ٱدم" تزامناً مع صوت المأذون وهو يقول مجدداً. :
_" راجعوا نفسكم كويس للمره الٱخيره ..إن أبغض الحلال عند الله الطلاق !"
تحركت عيني "غسان" نحوه كي يعجله بقوله :
_" ونعمة بالله ..بس ملوش لزوم كل ده يعم الشيخ، خلينا نبدأ علطول !"
زفر بيأسٍ وفتح دفتره الكبير ، يبدأ تزامناً مع قول "عارف" الذي ظهر به الندم من فقدانها:
_" فكري يا فاطمة.. انا بحبك واللهِ. ومش حابب أطلقك ، فكري عشان عيالنا حتى وأنا هعملك كل اللي تعوزية !"
رفعت عينيها الباكية الٱن نحوه وتنهدت بوجعٍ تنفي قبل أن ينفي ٱحد الجالسين:
_" علشان عيالنا لازم ننفصل وتبعد عننا يا عارف ، انت قادر وقاسي وعمرك ما حبيتنا ، انت مش شايف جروا ازاي اول ما شافوك ودخلو جوه ؟؟ قلبك موجعكش ولا ندمت على اللي عملته فيهم وفـ "جنة" وانت عارف انها تعبانة؟ كان فين عقلك وانت بتستقوي عليهم من غير سبب ، لحد الٱن علامة حرقك لـ "جنة" فكتفها، انت اتجننت خلاص بسبب أمك وكلامها اللي طيرلك عقلك وخلاك مبقتش باقي بعد ما كان فيك أمل الاول ، حرام عليك وعليها ربنا يسامحكم روحوا !'
إندفعت "نجاة " تردد بتبرمٍ واستهزاء:
_" حوش حوش البت طلع لها لسان وبتقوله امك علمت وسوت ، دا انتـ.."
_" إخرسي يا ولية بدل ما أقطعلك لسانك ، أقطمي !"
رددها "ٱدم" بلهجة ٱمره حتي نظرت له بإنفعالٍ وقبل أن ترد عليه هتف "عارف " بيأسٍ :
_" ابدأ يعم الشيخ .."
وكأنه ينتظر الوقت لينفصل؟. بهذه السهولة ؟ هكذا رددت لنفسها ولا تعلم هي ماذا تريد بالتحديد ، صرخت "نجاة" بولدها بانفعال قبل قول كلمات الشيخ:
_" هتسيبه يغلط فأمك كده هو واخته ؟ مش بدل ما تقوم تسفخها قلمين وهي على ذمتك ترد مقام أمك اللي سندتك وجت معاك !!!!!"
إندفع "غسان" يفتح باب الغرفة بنفاذ صبر حتي قال متظاهراً بالبساطة :
_" أنا بقول تطلعي برا ، أصل أنا بمد إيدي علي حريم عادي مش زيُهم!!"
فتحت عينيها بغضب ونهضت كما نهض الكل بإندفاعٍ وهي تتحدث بصوتٍ عالٍ رداً على حديثه المتبجح :
_"انت هتهددني يخويا ولا ايه ؟ قال تمد ايدك عليا قال ، أصل هسكتلك أنا !! "
صمت الكل بعجزٍ ، وخرج صوت"بسام" بسخريةٍ يردد قبل ان يردد شقيقه :
_" ما انتِ لو معاكي راجل!! بس نقول ايه!"
إقترب "غسان" منها حتي أشار لها بيديه كي تخرج تزامناً مع خروج صوت"عارف " المنفعل :
_" قصدك ايه يجدع انتَ ..انا ساكت من الصبح عشان نمشي الدنيا ، لكن تقلو مني ومن أمي مش هسكت !"
وقف "بدر" بغضبٍ يمسك وجه"عارف " بقوةٍ بين يديه وهو يحركه بعصبيةٍ مردداً بنفس الانفعال:
_" طب سكت أمك كده ياروح أمك ..وخلينا نخرج منها بالمعروف واتقي الشر !"
إلتف الجميع حولهم و"عارف " يحاول الفصل بين يدي الٱخر عنه ، فصلوهم بهدوء حتي عاد الكل يجلس بعد قول المأذون بنفاذ صبر منهم :
_" ي خوانا مينفعش كده !'
_"ما تخلصنا وتبدأ يعم الشيخ بقا !"
قالها "شادي" بصبر قد نفذ هو الٱخر ، وافق المأذون برأسه وبدأ في تجهيز الكلمات والاوراق التي تتوجب الامضاء في حين اقتربت"وردة" بصينية "الشاي" من الباب حتي حرك "بدر" عينيه لها بأن تقف وتمتنع عن الدخول ، ليس ضامناً كلمات "نجاة" القاسية ، وقفت بغير فهم ، حتى وقف "غسان" مقترباً منها يأخذ الصينية منها وتوجه ناحية كل منهم يعطيهم الكوب ، جاء عندها عندما وجدت نظرة الاشمئزاز منها ابتسم بإستفزاز يهمس لها من بين الحديث الٱخر :
_" بالسم الهاري!"
أخذته بتعمدٍ ولم ترفض ، وحركت رأسها تنظر ناحية "فاطمة", التي تحركت لتمضي كما كان يوجد شهود منهم ،وعندما نهضت لتقف تقترب أكثر كي تمضي بتوترٍ وشجعها بنظراتها الكل فعلتها بوجعٍ ، بعدما سمعت كلمات الطلاق منه مره أخرى بطريقه شرعية قانونية ،. رأت ان هذا الأنسب رغم انه الموجع ، إستقامت تعتدل تخفي دموعها هذه المره كي لا يري كسرتها وفي عودتها كي تجلس مره اخري ، عرقلتها "نجاة" فعاق سيرها ووقع الشاي عليها حينها تأوهت بوجعٍ من سخونة المشروب ، كتمت صرختها ووقف الكل بمفاجأه ، واندفع "ٱدم" يمسك "نجاة" من حجاب رأسها الأسود مردداً بسبٍ بذئ :
_". يا بنت الـ*** "
صرخ بها واقترب "بدر" بخوفٍ ناحية "فاطمة" كما اقترب الكل يسندونها كي تقف ، في حين أمسك "ٱدم" رأسها بانفعالٍ حتي رجعت هي إلى الخلف وإصطدم رأسها في " الشرفه الصغيره المربعة الخشبية صرخت بألمٍ ، وانقض "ٱدم" عليها وكأنها فريسة ، وفصله عنها بأعجوبة "شادي وحازم" ، في حين خرج "بدر"و"حامد" بـ "فاطمة" نحو الخارج حيث أنها بكت وليس من الألم بل بكت بكسرةٍ ..لم تكن لتستحق كل ذلك ، أمسك "غسان" "عارف" صارخا. به بشدةٍ منفعلة!!:
_" احنا سكتنالك كتير أوي بس مش هتبقي انت وأمك يا روح أمك !!!"
صفعه علي وجهه ، وعندما وجد "المأذون" الوضع كذلك ، فر هارباّ نحو الخارج مردداً ٱيات ذكر بدعاءٍ مصدوم من الذي يحدث بين هذه العائلة:
_" لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم !!"
خرج وكان هروبه بخوفٍ مضحكاً غير مناسب للوضع تماماً ضرب"غسان" "عارف" فداره للوضع المتعاكس حتي اصطدمت رأس "غسان" بالخشب الموضوع كديكور ، وعند هذه الدفعه زنت رأسه بقوةٍ حتي شعر بآختلال توازنه ، فأسندة "بسام" سريعاً. عندما وجد أنفه تنزف الدماء أثر اصطدام رأسه القوي ، أسنده بخوفٍ ناهيك عن جرح الخشب لوجة "عارف" حتي أن"بسام" دفعه بساقة فوقع "عارف" نصف وقعه ولحق نفسه في الحال وهو يتوجه باندفاع يخلص والدته من بين أيدي "ٱدم" المصمم علي عدم تركها رغم الٱخرين..
شعر بشقيقة يغمض عينيه بقوةٍ كي يخفي تشوشه ونفض رأسه وهو يدفعه كي يتوجه ناحية "عارف" بينما كانت قوة "بسام" أكثر منه عندما سحبه رغماً عنه نحو الخارج ..
_" امشي ...امشي وخد أمك من هنا بدل ما تخرج ميته!"
ردد "حازم" جملته بجمودٍ مع مسك "شادي" لـ "ٱدم" رددها متخوفاً من ما يمكن أن يفعله "بدر". بغضبه عندما يأتي مجدداً ، أمسك "عارف" يد "والدته" التي صرخت بألمٍ رأسها ، عدلت الحجاب واخيراً ظهرت معالم الخوف عليها منهم ، لذا سارت نحو الخارج خلف "عارف" قبل ان يُكمل "ٱدم"ويعود "بدر"..
وفي طريق "خروج"عارف" اندفع "غسان " بكوب المياه نحوه كي يهشمه علي رأسه حاول"بسام" منعه بينما أصر الآخر فأمسك "عارف" معصم "غسان" بشدةٍ وهو يدفعه عنه ، تعمد الوقوف بجمودٍ وتصنع الذكاء عندما تركها تقع من بين كفه وهو ممسك من الٱخر فوقعت على رٱس "عارف" كونه أقصر منه ، تأوي بارتقاعٍ لم تتهشم الكوب لان المسافه قريبه ولكن صوت وقوعها علي جبهته يكفي لجعله يتألم ، دفعه عنه وهو يمسك رأسه حتي دفعته و"نجاة " وهي تحثه علي الخروج من هذا المنزل ، مع مسك "بسام" لـ "غسان".. خرج بقية الشباب من الغرفه وصدر "ٱدم" يعلو ويهبط..
و"وردة "تغلق علي نفسها وعلى الأطفال الباب بخوفٍ كما صرخ بها "بسام" قبل قليل وهو يخرج من الغرفه مع شقيقه بالغصب!! ،لم يفهم الاطفال ما يحدث ولكن كان هناك أصوات بكاء البعض وصمت البعض الٱخر ..، بكى "ٱدهم " بخوفٍ مع "جنة" كونهما رأوا والدهم وابتعدوا عنه بخوفٍ اما "يوسف" فكان حينها يلعب مع "يامن" لذلك صمت بغير فهمٍ وهو يربت ببراءة علي ظهر أشقائه بخوفٍ ..ضمتهم" وردة" عندما وجدت الكل خائف حتي رددت بنبره هادئة تطمئنهم :
_" بس ..بس متخافوش يا حبايبي ، مفيش حاجة !"
..
_"هو فين ؟؟ راح فين هو وأمه!!!"
ردد بها "بدر" بتشنجٍ بعد مرور دقائق من وجوده بالداخل ، ففهم "حامد " ما حدث من ذهاب الٱخرين حتي قال له كي يهدأ وعينيه لا تغفل عن مسح "بسام " أنف"غسان" برفقٍ بالمنديل الورقي :
_"اكيد واضح انهم مشوا ومشي معاهم اللي كان بينكم ، اعقل يا بدر ، خلاص الموضوع خلص!"
_" لا مخلصش يا عمي، انت مش شايف ايه اللي حصل لـ فاطمة ؟"
_"شايف ، بس عارف بردو انك بتعرف تإذي لكن احنا مش بتوع كده ، خلينا فحالنا وخلاص ، شوية وهتبقي كويسة ، كهن ستات بيحصل بلاش نورط نفسنا مادام كل حاجة انتهت وكويس اوي ان هي خلاص معتش يربطها بيه حاجة، اعتبرها علامه من عند ربنا ان القرار صح فعلاً !"
صمت بإنهزامٍ ، أمام الأنظار ، وصمت "ٱدم" هو الآخر يسأله عنها:
_" فاطمة فين؟"
_"دهنتلها مرهم على رجلها وقالتلي انها عايزه تنام !"
علم انها تتهرب من الوجع والكسره كما علم الكل ، تنحنح "شادي" بحرجٍ حتي حاول الانسحاب مع "حازم" مشيراً لهم بالانتظار في الخارج كي تستعد السيارات عندما حثه "حامد" على أن يرحل معه لذا خرج هو يقوم بتشغيل السيارة حين خروجه!!
توقف "بسام" عن مسح وجه الٱخر عندما ردد بخفوتٍ له :
_" كفاية، مش عيل صغير فإيدك انا!"
_"لا عيل ، وعيل أوي كمان!"
وكأنه يرد باستفزاز كي يثير حنقه ، حدجة "غسان" بغيظٍ وهو يدفعه بطريقة غير مباشرة عنه ، فابتسم"بسام" باستفزازٍ له ، إعتدل "حامد " عندما فُتحت غرفة الاطفال وخرجت منها "وردة" والأطفال ، حيث حث "بدر" قائلاً :
_" أنا بقول تخليك النهاردة بايت هنا انت ومراتك مع اختك وعيالها !"
أيده بإيجازٍ وهو يحمل "يامن" على ساقه بملامح خالية من التعابير:
_" كنت هعمل كده !"
علمت"وردة" بأنه في حالة ليست جيدة بأعصابة ، ولكن تبدلت ملامحه للحنو عندما احتوي "جنة " برفقٍ بين ذراعيه يطمئنها رداً. عليها عندما سألت عن والدتها ، في حين انحني "ٱدم". يقبل التوأمان بحبٍ ،فزفر "حامد" بصوتٍ وهو يبتسم مودعاً لهم :
_" إحنا ماشيين احنا ، خلي بالك من أختك يا بدر متسيبهاش فالاوضه كتير لوحدها !"
_" حاضر يا عمي !"
ردد جملته بطاعةٍ وانسحب "حامد " بعدما أشار لـ "غسان" وهو يقترب منهما مردداً بنبره هادئة منخفضه :
_"يلا ولا ناوين تباتوا هنا ..خلو عندكم دم ولا خلاص مبقاش من ريحته فكل حاجة !!"
وكأنه يخرج انفعال ما رآه عليهما ، نظرا الاثنان لبعضهما بغرابةٍ من اسلوبه المندفع ، قد تعمد تجاهلهم الأيام الماضيه منذ ٱخر ما حدث بينما الٱن؟ صبره على ما يفعلانه انتهي !! ، خرج نحو سيارة "شادي", وركب بها هو و"حازم"في حين خرج هما بعدما ودعوهم بهدوءٍ ، إلتفت الأطفال حول "وردة" التي أخرجت لهم حلوى من الكيس البلاستيكي ترضيهم ، وانسحب "ٱدم" هو الآخر ناحية الباب فأوقفه قول "بدر" الحازم:
_" رايح فين؟"
_"هخرج افك عن نفسي شوية ولا حرام!"
تعمد "بدر" تجاهله كي لا يتعارك معه تركه يخرج ولم يلاحظ أن الباب أغلق خلفه سوي من الصغير الذي خرج معه وهو يمسح وجهه من الدموع العالقه أثارها مردداً بطلبٍ برئ طفولي:
_" عايز اجي معاك يا خالو !"
ظهرت ابتسامة حانيه علي وجه "آدم" وعلم ان شقيقه هو من أرسله خلفه كي لا يتهور الٱخر بفعل شئ ، ضحك بيأسٍ وهو يمرر يديه علي خصلاته ثم قال بموافقةٍ :
_"موافق ي دوما ..يلا بينا !"
ولأنه خرج من الباب الخلفي ، أزاح الغطاء عن الدراجة البخارية ، حينها صفق "أدهم" بسعادة وحماس وتبدل وضعه وحاله بسرعةٍ فضحك "ٱدم" وهو يخرجها حتي خرج الصغير خلفه وركب"ٱدم" أولاً ثم أخفض ذراعيه يحمله كي يضعه في الٱمام خوفاً عليه أن ركب في الخلف، دارها بسرعة وسارت تزامناً مع قول "ٱدهم" له :
_" سوق بسرعه ي خالو "
لم يخاف هذا الصغير؟ ضحك "ٱدم" بخفةٍ وقال بسخرية له :
_" أه لو "بدر" سمعك ، هيعلقنا سوا !"
ضحك الصغير ببراءةٍ ونظر حوله مع تطاير خصلاته من الهواء كما تتطاير خصلات " ٱدم" الذي سمعه يسأل بثرثرة يعلم انها لن تنتهي :
_" احنا رايحين فين ؟"
_"مش عارف ! "
_" تعالى نجيب أيس كريم ونروح لفيفي!"
_"فيفي مين ؟"
سأله بتيهه مشوش بعقله بسبب ٱخر ما حدث من انفعال وجده يرد عليه بتفسر طفولي:
_", فريدة!"
ابتلع "ٱدم" ريقه ببطئٍ ورد عليه بابتسامة واسعة:
_" غالي والطلب غالي ، والغالي للغالي!"
صمت حيث قالها بحماسٍ ، وواصل يسأله باهتمام:
_" قولتلي بتحب آيس كريم بطعم ايه؟"
_'' الشيكولاته ، وهي بتحب الفانيليا !"
_" هي مين ؟"
_' فيفي يا خالو.، الله بقا !!"
تأفف الصغير وقهقه "ٱدم" بصوتٍ عالٍ عليه وعلى طريقته ، كيف علم تفاصيلها وهو الذي يحاول فعل ذلك ولم يستطع الي الٱن؟ صغير مشاكس ليس هين إذن ؟!
_" دا انتَ شكلك كده يحبيب خالك هتنفعني عالٱخر وبالجامد!!"
____________________________________________
توقفت السيارات أمام المبني حتي رُكنت وصعد الكل رغم انتباههم لمحل الورد المفتوح ولكن لم يقترب إلا "غسان" وحده بعد قول "شادي" قبل ان يصعد وهو يحثه :
_" احنا فوق متتأخرش عشان عايزك فكلمتين، وهسبق أنا !"
وافق برأسه وصعد "شادي"مع "بسام" و"حامد" و"حازم" ،. اقترب "غسان" يدخل المحل حتي وجدها تجلس ترتب بشرودٍ الصناديق الموضوع بها الورد الذي دبل بعضه وبقى الآخر ، صفت بخفة البقية وكانت تنحني ، وقف خلفها يتنحنح بحنجرته كي تنبته حتي نهضت سريعاً تلتفت بحرجٍ ، فسألها دون مقدمات عنها:
_" نيروز مش هنا ؟"
_" لا .. أنا اللي نزلت لوحدي!"
حرك رأسه متفهماً ، ونظر ناحية الورد حتى أخذ بيديه واحدة يستنشقها متسائلاً بغرابةٍ :
_" مش عارف بيبهركم ازاي ده !''
ضحكت بخفةٍ على حديثه وقالت ببراعةٍ في الرد:
_"مش لازم ننبهر بيه بس ، احنا بننبهر بيه عشان اللي بيجيبه ويختاره لينا !"
ابتسم نصف ابتسامة هادئة ورد عليها بنبره هادئة قبل ان يلتفت لينظر نحو محل الصوت :
_" وجهة نظر!''
إلتفت بعدها برأسه ينظر نحو الدراجة البخارية التي وقفت وقبلها ركض الصغير نحو "فريدة " التي ابتسمت بمفاجأه فقد حمل لها "آيس كريم" بحماسٍ ، تقابل "ٱدم" معه وعلم من البداية انها في الداخل عندما رٱها فركن الدراجة ، حاول الهروب بعينيه من "غسان" الذي ضحك وكأنه يفهم تدريجياً ما يحدث وخلال انشغال الإثنان في الحديث الطفولي ، ضربه على كتفيه بخفةٍ وهو يردد :
_"لا دا انت الله يكون فعونك..هو لسه بدري أوي كده ؟"
زفر "ٱدم" بيأسٍ وقال رداً عليه:
_"لسة بدري أوي ، بس بحاول !''
تنفس بعمقٍ ولم تختفي الابتسامة من وجهه حينما قال قبل أن يخرج من المحل مع غمزته المشاكسة :
_" مساءك فريد !"
ضحك على قوله وهو يحرك رأسه ينظر نحو ٱثره وعندما خرج تماماً ابتسم لها وهي تقبل وجنتي الصغير برقةٍ حتي اعتدلت تنظر له ، لم يترك فرصه للنظرات بل قال مفسراً :
_"قالي انك بتحبي الفانيليا ، عقبالي!"
ابتسمت إلى أن نظرت له بغير فهمٍ فقال هو مصححاً :
_" عقبال ما احب الفانيليا ..أصلي مبستطعمهاش !"
تشككت في حديثه وزفرت بصوتٍ تخبره :
_" علفكره طعمها لذيذ !"
_"زي أحدهم !"
لم تتعمد الهجوم بل لاحظا اندماج الصغير في السير بالمكان باستكشافٍ فابتسمت عليه وعلى حنوه وتذكره لها ، فوجدت "ٱدم" يردد من جديد:
_"مش كان فاتي شغال هنا !"
ردت باستفزاز منتصر :
_" معلش !"
وكأنها ترد الكلمه له ببرودٍ ، ضحك عليها وعلى طريقتها في قولها واستند يجلس على المقعد تزامناً مع جلوسها هي الٱخري ، وبدأ يخبرها بنبره لينه يفتح معها الحديث :
_" بس انا اشتغلت شغل تاني كنت شغال فيه قبل كده ، والصراحة الناس اللي هناك ميه ميه ، عز دا بردو معلِم"
إبتسمت وقالت بتلقائية وكأنها لا تردف حديث متبجح للتو :
_"بس أنا مسألتكش انت اشتغلت ايه وفين!"
_" عارف.. بس بحب أحكي .. لك "
ماطل في قولها وتصنعت عدم سماع ذلك ، راقبت الصغير بعينيها فعاد يسألها هو بملاحظةٍ :
_" بس أدهم طلع بيحبك أوي !"
_" أنا بردو بحبه جداً ، أصله حنين أوي!"
مال كي يتقرب أكثر لتسمع نبرته اللينه. الهادئه :
_"زي خاله !"
_" أه وردة بتقول ان بدر حنين!"
فتح عينيه مدهوشاً من تعمدها لاحراجة ، وسرعان ما أخفي ذلك وهو يصحح لها بتبرمٍ :
_" قصدي خاله التاني!"
كبتت الضحكة وهي تتصنع عدم الاستماع ، دارت وجهها كي لا يراها بينما ردد هو بوضوحٍ يطلب منها :
_" ما تسبيها تطلع واضحكي ، اجبري بخاطري حتي يستي !"
دارت وجهها تبتسم بهدوءٍ حتي ردت بتبجحٍ معهود :
_"سوري ..أنا مش بتاعت مجاملة!"
_"أومال بتاعت ايه ؟"
قصدت ان تخبره بطريقة غير مباشرة كي لا يُجرح منها مجدداً ، عارضت على أن لا تردفها ولكنها عاندت نفسها بقولها:
_" مش بتاعت حاجة ولا بتاعت حد !"
_"ليه لما ممكن تكوني بتاعت حد بالحلال!"
رددها بجديةٍ دون ضغط وأمسك الورده يستنشقها فردت هي عليه بوضوح:
_" مش لازم ، كده أحسن ، ممكن تفهم ده ؟"
رفع عينيه ينظر نحو عينيها بمواجهة طويلة صامته ، ما وجده بعنيها لم يجده بٱخري ، ربما الكسره ولست نظرة الاعجاب يا ابلة! هكذا ردد له عقله ، فعارضه واستمع لما أملاه له قلبه وهو يردد بنبره هادئه ونظرته بعينيها لم تتحرك بعد! :
_" مع ان عينك بتقولي حاجات تانية !"
رمشت "فريدة" بأهدابها تحرك عينيها بمكان ٱخر ، حتي تنهدت تصارحه بجديةٍ :
_" بتكذب عليك!"
نفى برأسه وقال بصدقٍ يمدحها :
_" اللي عينيهم حلوه مبيعرفوش يكدبوا!"
نهضت من على المقعد وأعطته ظهرها تتوجه ناحية الخارج متصنعه غير الاهتمام مع قولها الهازئ به في الخفاء :
_" انت مش. واقعي خالص علفكره !"
تركته ولم يتحرك من مكانه ، وعندما وقفت بشرودٍ جاءها رده بعد لحظاتٍ:
_"ولا انتي علفكرة!"
إقترب يقف بجانبها فحركت رأسها تنظر له بتشككٍ ، حتي عادت تنظر برأسها ناحية الدراجة البخارية تسأله بابتسامة ساخره :
_" مش دي اللي كانت هتموتك ؟!"
جلست على السُلم وتقدم الصغير يلعب أمامهم علي الطريق الترابي البعيد عن سير السيارات ، فجلس "ٱدم" يرد عليها بشرودٍ مع تنهدية الحاره :
_", لسه فاكره ؟"
_" وهنسى إزاي.. حاجب حسن متعلم لحد دلوقتي بسببها ، أنا فاكره كمان انه كان اتكسر بايده ورجله وانتَ اللي اتدشملت على الٱخر !"
ضحك "ٱدم" علي حديثها واعتدل يحرك رأسه بنعمٍ ثم وضح لها بانتصارٍ :
_" بس كله خير ، ما مرضوش يقبلوني في الجيش بسبب جرح رجلي !!'
توقف ثم سرد أكثر بوضوحٍ :
_" غلطان بردو ، ما أصلي مسمعتش كلام حسن لما قالي هدي السرعة !"
_"ومين يسمع كلام واحد زيه!!!"
قالتها بقهرٍ مخفي وهي تنظر نحو "ادهم" فعاد "ٱدم" يرد بتفهمٍ لحديثها بعد الٱن :
_" كل ده مش فوعيه صدقيني ، عارفه لو فاق؟ هيتغير أو هيحاول يتغير!"
ابتسمت "فربدة٦" بألمٍ ورددت بكبرٍ تخفي وجعها منه وعليه:
_"مبقاش يهمني إذا كان هيفوق ولا لٱ ..عادي!!"
_" بتهيألك ..أنا لما كنت فطريق وحش مكنش هاممني الدنيا بحالها ، بس لما فوقت ورجعت لعقلي رجعت كمان لاخواتي وعلاقتي بيهم بقت أحسن زي زمان بعد ما كنت بايع الدنيا بحالها فـ .."
بترت حديثه بإندفاعٍ وهي تصحح له :
_" اديك قولتها زي زمان ..لكن أنا وحسن مفيش بينا زمان يرجع أحسن زي ما كان ، عشان مكنش فيه الأحسن أصلاً ..!"
صمت بإنهزامٍ أمامها وأمام حديثها الذي جعلها صادقه في القول ، فابتسمت بسخريةٍ تشهده على الوضع بـ كي تثبت له صحة قولها :
_"شوفت ؟ احنا بُعاد أوي!"
كيف يبدل اليأس عندها بأمل وشغف؟ حديثها كمن ليس له فائدة يأخذها من الحياه ، كمن خسر كل شئ ، ابتلع ريقه بثباتٍ ثم قال بمعارضةٍ :
_" بالعكس إحنا قُريبين أوي!"
_"مش بقولك مش واقعي!"
هذه المره سخرت منه ، تجاهلها وهو يرفع رأسه ناحية السماء حلت بدايات المساء والنجوم تظهر كما القمر في الأعلى ، زفر بصوتٍ يجيبها بمراوغه :
_" فعلاً مش واقعي ، تحبي أثبتلك كمان ؟ ؟"
همهمت بإنتظارٍ ، فأشار لها بعبثٍ كي تنظر نحو السماء ، رفعت رأسها تتمعن النظر ، حتي سمعته يقترح بمراوغة رجل دب بقلبه بدايات الحُب :
_"تيجي نتقاسم السما بنجومها والقمر؟"
_" ازاي ده!!! "
عقدت حاجبيها بغرابةٍ وهي تسأله بإستنكارٍ تستخف بعقله وكلماته ، فوجدته يتزحزح قليلاً وهمس جوار رأسها بعبثٍ شديد اللين :
_"انتِ تاخدي النجوم ، وأنا أخدك انتِ !"
هل قصد أنها القمر بنفسه لتوه ؟؟ شعرت بأن وجها قد تصبغ بحمرة الخجل ، ثبتها بقوله ، ابتعدت عنه بخجلٍ لم. تريد ظهوره ، بل ضحكت وهي تنهض تحرك رأسها بقلة حيلة تؤكد للمره التي لا تعرف عددها :
_" فعلاً. . مش واقعي أبداً !"
ضحك بصوتٍ وفتح ذراعيه لـ "أدهم" حتى جاء له يعانقه بسعادةٍ ، راقبت الوضع وهربت من نظراته ، أما هو فعلم ان لدية القدره على ايقاعها خاصةً ان قلبه يؤكد لعقله ان هذه الفتاه عينيها تنظر بنظرة الإعجاب له ، فلما الهروب والرفض ؟؟ ، وكأنها تريده ولا تريده بنفس ذات الوقت..!!!
___________________________________________
بينما في الأعلى ..بعد استرجاع ما تناولته في معدتها قبل وقت جعلتها "سُمية" تمدد على فراشها ، وأصرت الٱخرى على أن لا تُقلق أحدهم ، فجلست "سُمية" بجانبها تمسد على خصلات شعرها برفقٍ متساءله بقلقٍ :
_" بقيتي أحسن دلوقتي؟"
إعتدلت "نيروز" تبتسم بلين ثم اجابتها بإطمئنان لتأمن :
_" أحسن الحمدلله ، لسه بتخافي عليا يا سُمية حتي بعد ما اتجوزت وبعدت عنك شوية !!"
حديث عابر عادي يردفه الجاهل عن عاطفة الٱم، ضحكت "سمية" بقلة حيلة ، حتي أخذت نفساً عميقاً تجيبها بعقلٍ ووضوح:
_" غلبانه يا نيروز لو فاكره ان بمجرد ما البنت تبعد عن امها شويه ولا تتجوز الحب بيقل والخوف عليها يروح ، الضنا يا حبيبتي حبه مبيروحش ولا بيقل دا الحاجة الوحيدة اللي حبها بيزيد كمان ، مش هتعرفي كلامي ده غير لما تخلفي ان شاء الله وتبقي أم!!"
إعتدلت"نيروز", بملامحها الباهته قليلاً ترفع وجهها وذراعيها ناحية والدتها حتي عانقتها بتأثرٍ تردد بعمقٍ :
_"أنا بحبك أوي يا ماما، بحمد ربنا كل ثانية عليكي ، وبشكره انه استجاب لدعائي وبارك فعمرك ليا ، من غيرك معرفش هعيش ازاي ! "
ضمتها "سمية " بحبٍ فطري شديد وتنفست بهدوءٍ ترد على حديثها بمشاكسة أم طبيعية :
_''يا بت ؟؟ هتعيشي عادي طالما الحكاية بقا فيها "غسان" !!"
شهقت "نيروز" كعلامه على لومها حتي خرجت ضحكتها تعلن ضجرها :
_" ولا أي حد فالدنيا يقدر ياخد مكانك!"
قبلتها بقمة رأسها وتمعنت "سمية" النظر ناحيتها وناحية جسدها حتي عينيها ، ابتسمت بهدوء وقاطعت نهوض الٱخري وهي تردد :
_" استني انتي أنا اللي هفتح الباب!"
نهضت "سمية " وقاطعتها "نيروز " سريعاً تهتف عالياً :
_"ماما !!"
توقفت الأخري تدير رأسها بهمهمه منخفضة ، فأكدت "نيروز" عليها بحرصٍ :
_"لو غسان ملوش لزوم تقوليله، عشان بيقلق ، أنا بقيت تمام !"
أصبحت بحالة أحسن؟؟ وهي كذلك ؟ سعلت من بين الحديث !! ، أومأت "سمية" بقلة حيلة توافقها حتي تقدمت ناحية الباب ، فاعتدلت "نيروز" تقف ناحية المرٱه وعادةً. عندما تجد نفسها مرهقه بملامح باهته تضع كحل الٱعين كي يخفي ارهاق عينيها ، وضعته بحذرٍ وأصبحت كالعادة ملفته جميلة واسعة ، تبتسم كل مره عندما يردد هو لها بأن كحل أعينها ينهكه كُلياً ، عبثي ولم ولن تقابل شخص يفوق عليه بعبثه واختياره لكلماتٍ معسولة مشاكسة لطيفة!! .
_'' نيروز"
آلتفتت علي محل هذا الصوت ، فكان صوت"وسام" التي وقفت على أعتاب باب الغرفه ودخلت عندما وجدتها واقفة ،ابتسمت لها "نيروز " بلطفٍ ثم قالت تحثها بلباقةٍ :
_" تعالي يا. وسام أقعدي ..تعالي !!!"
_"كان نفسي ، بس بابا عايزك هناك عندنا!"
لم تتفاجئ ، فهي أصبحت تذهب لهم كثيراً حتي أكثر من شقتها في الأعلى وأكثر من. جلوسها عند "والدتها"، أومأت لها بطاعةٍ ، فوجدت "سمية" تناولها الحجاب بابتسامة هادئة ، أخذته هي وعقدته بإحكامٍ ثم إستعدت أمام الانظار كي تخرج ، فأوقفتها "والدتها" وهي تخبرها :
_" لما تخلصي تعالي تاني عشان عايزاكي فحاجة مهمة !"
أومأت لها هي الٱخري وسارت مع "وسام" حتي أغلقت "سمية" باب الشقه خلفهم بنفسها ، تنفست بعمقٍ ومدت يديها على الهاتف الٱرضي تطلب رقم الصيدلية لطلب دواء ما حتي يأتي لها بواسطة أي عامل منهم لعدم وجود أحدهم يلبي لها ما تريد الٱن وللحق رغم "بدر" يفارق بسبب السفر الا انها تعتمد عليه بأشياء كثيرة كي لا تضغط من هو مضغوط "حازم" !! ، علمت قبل قليل من خلال مكالمة هي و"نيروز" ان "وردة"وصغيرها و"بدر" سيقيمون هناك هذه الليلة معهم !!..
________________________________________
_" أعمل فروالة ي طنط ولا مانجا ؟!"
رددتها "منة" الواقفة بمطبخ "دلال" تساعدها منذ ان رحل وعاد الآخرين ، لم تتعمد الٱخري ان تفعل شئ ، بل كل مره. تعارض وهذه المره عارضت بتوبيخٍ :
_" يا حبيبتي انتي عروسة ، متعمليش حاجة ، وبعدين أقعدي فاتك متوتره عشان امتحان بكره ده ، مش انتِ بردو مع جميلة ؟!"
ابتسمت "منة" بلطفٍ حتي أومأت تجيب بتصحيح أكثر :
_" أه نفس القسم !"
_" جراحة عامة بردو ؟"
أومأت وهي تضحك على أسلوبها ، فلوت "دلال" شفتيها بتبرمٍ وأسى وهي تتذكر ولدها :
_" يختي دا وجع وتعب ، دا بسام يحبة عيني لا ببنام ولا بياكل كويس ،. مهو بردو كان نفس القسم ده ، وتيجي تكلميه يقولك اصل فرصه كتيره وأنا حابب ده !!"
تعالت ضحكات "منة" وهي ترتب لها أعداد الاكواب تزامناً. مع ردها الهادئ :
_" هو فعلاً حلو وليه فرص كتيره ، والأهم من ده لو اللي داخله بيحبه يبقي يهون بقا التعب ده !!"
_"ربنا يوفقكم وينجحكم يحبايب قلبي!'
..
كانو جالسين بغرفة مجتمعين بإصرار من "شادي"وحتي "حامد " الذي قرر إنهاء ما بيديه فعله ، دقت"نيروز", الباب حتي أذن لها "حامد" بالدخول ، وعندما فتحته وجدتهم متراصين بجانب بعضهم بترقب كبير مما وترها قليلاً ، من "حامد"و"شادي"و"بسام ", و"غسان" الذي رفع عينيه ناحيتها بتمعن ولاحظ هو إصفرار وجهها الغير ظاهر إلا له كونه يحفظها عن ظهر قلب !!
_" تعالى يا روز أقعدي!"
أشار لها بالجلوس ، واستشعرتها جلسة رجال جدية وليست كعائلة ، وجهت عينيها ناحية "غسان" فوجدته يومأ لها ، فآقتربت تجلس بجانبه وهي تفرك يديها حتي سعلت مره اخري فوضع هو كفه علي ظهرها ، ناول "بسام" كوب المياة لـ "غسان" كي يعطيه لها وبالفعل أخذه وهو يحثها على ان تشرب بتمهلٍ تحت قول "حامد" الحاني :
_" ألف سلامة عليكي يا حبيبتي!"
نظرت له بإمتنانٍ حتي حاولت أخذ أنفاسها ببطئٍ ، ترقب الكل وخرج صوت "حامد" وهو يفسر لها غرابتها بنبره هادئة :
_" كلهم مستغربين بردو زيك كده ، بس أنا قررت أخلى الزعل على المكشوف ويظهر بدل ما كل واحد شايل من التاني يا بنتي ، قوليلي يا نيروز هو حد مزعلك هنا ؟"
ابتلعت ريقها بتوترٍ ونظرت بريبة طفيفة وغير فهم تنفي بخفوتٍ حتي خرج صوتها الهادئ تبرر له:
_"لا .. ليه بتقول كدة يا عمو ، انتوا عيلتي التانية و..غسان عارف ده !"
تعلقت عينيها بعينيه بٱخر حديثها ، حتي عادت تسأل بخوفٍ داخلي:
_''هو أنا عملت حاجة تزعلكم ؟"
_"لا يا حبيبتي ، إحنا بنفضفض مع بعض. ،وعشان بردة الصراحة حلوه ، فإنتِ اكيد عارفه زيك زينا ان ولادي مقاطعين بعض!"
دُهش الإثنان من وضوحة الشديد بل وهو الذي يخفي كي لا تصعد المشاكل لأعلى الٱن يوضح ويوضح لشخص ٱخر كان بيوم من الأيام ليس بينهم بينما الٱن!!؟
_" ٱه إنتِ مش غريبة ودلوقتي واحدة متجوزة ومتجوزة ابني ،أكيد مش هنخبي عليكي ولا هنشيل من بعض طالما احنا عيلة زي ما بتقولي..عشان كده مقعدلك "بسام " بنفسه معانا وتشوفي مزعلك في ايه بكل وضوح وهو بردو يقول انتي زعلتيه فحاجة ولا لأ !"
توترت أكثر وظهر بحدقتيها الخوف المرتبك وكأنها فعلت جريمة للتو ، حاول "بسام", الثبات والصبر وعدم الغيظ من ما وضعه به والده الٱن كما كانت حالة "غسان", الذي تحلى بالصبر إلى النهاية مع قول "شادي", المشجع لـ "حامد" :
_" عين العقل ي حج حامد ، وعداك العيب !"
أخذ "بسام" أنفاسه بصوتٍ يخرج ما على صدره ، وتقابلت عينيه معها وهي تنظر له بإرتباكٍ حينها رددت بهدوءٍ من بين يدي "غسان", الذي ربت بها علي ساقها كي تهدأ :
_" أنا مش زعلانة من حاجة ولا من حد !"
_"يبقي هو اللي زعلان!"
قالها "حامد", بتخمينٍ ، فخرج صوت "بسام" الذي صدمها للتو :
_", أه كنت واخد موقف وكنت فاكر اني عديتها بس معدتش، فكرتها هتفهم ده وتعتذر بس محصلش فطنشت..بس عادي بـ..."
بتر "غسان" جملته بحزمٍ وقال بجديةٍ شديدة:
_" لا مش عادي وخلاص..قول اللي مزعلك منها وخليك صريح!"
إبتلعت ريقها رغم انها لا تخاف منهم ولكن الموقف بنفسه يرهبها ،وكأنها فعلت جريمة بحقه دون وعي لدرجة الشك بنفسها ، رفعت عينيها تردد بتحشرجٍ لـ "غسان" كي لا يأخذ موقف منها :
_" أنا معملتش حاجة يا غسان.. والله !!"
_" متخافيش يا نيروز.. أنا عارف بس أصبري نشوف حصل ايه منعرفوش!!"
سعلت مجدداً ،فأخذ "حامد" أنفاسه بهدوءٍ يشير بكفه له وهو يقول:
_" قول يا دكتور !"
"دكتور"؟ لا يرددها له إلا عندما يكون مشجعاً له بموقف ما، عندما يعلمه بطريقة ما أنه صواب بهذا القرار ، رغم تعجب "بسام" الا انه علم ان والده سيعلم ماسيقوله للتو بل ويقف معه به ولكن بعقلٍ كي لا تتأزم الٱمور ..
تشكك "غسان" من نظرات"حامد", للٱخر ، وخلال ثوانٍ كان حديث "بسام" قد خرج بصدقٍ وهو يطالعها :
_" أنا عذرتها بعدين عشان أنا كمان كنت جيت عليها فوقت صعب زي هي جت عليا ، بس أنا قولت هي واحده بواحده وربنا بياخد حقها مني!!"
تحركت الأعين حول بعضها ولبعضها ، وعادت تترقب عندما سرد هو بنبره هادئة :
_" يوم مشكلتي مع بابا وغسان، لما اتعصبت وضربنا بعض وقولت كلام مكنش لازم يتقال فالحج طردني من البيت ساعتها ، وقتها هي قالت كلام ليا انا اتفاجئت منه حتى لو كان خوف على غسان ودفاع عنه!، بس صدمني!"
إبتلعت ريقها هذه المره وتذكرت كل ما أدرفته له من سب وتوبيخ بصراخٍ ، بالفعل يتذكر" حامد " ، عقد "غسان", مابين حاجبيه بجهلٍ ، فتعالى صوت "حامد" بعقلٍ لها :
_" لو فاكره يا نيروز انتِ قولتي ايه ساعتها تبقي غلطانه ، أما بقا لو مش فاكره يبقي كلامك كان ساعة غضب وراح لحاله من غير وعي منك !"
ستصارحهم أم ستكذب؟ كيف ستقول انها تتذكر كل حرف رددته له خوفاً على زوجها ودفاعاً. عنه !! ، ابتلعت ريقها ووجدت السؤال في عين"غسان"، فرفعت رأسها بجرٱه وصراحة تردد مع دخول "منة" وهي تعطي لهم الٱكواب ومن ثم خرجت مره أخرى بهدوء واحترام لخصوصيتهم :
_" أه .. انا..أنا فاكره!"
ابتسم "حامد" على صراحتها ، واحترم "شادي" ذلك ، في حين سألها "غسان" بنبره جادة :
_", و كنتي قولتيله ايه ساعتها ؟"
الكلمات تتردد في اذنها بصوت عالٍ ، وان رددتها الٱن ستكون هي التي علي خطأ غير اردافها في الموقف من الأساس!! كيف لها بأن تدخل بينهما؟
[" هو إنت إيه؟؟ مش بتحس بأخوك؟. مش شايفه وهو خايف عليك وبيفكر لك تكون مرتاح ازاي ؟؟ كل شويه غاوي تكسره ؟؟ ، إنت انسان اناني ومبتحبش غير نفسك وغبي ومش فاهم أي حاجه بتحصل حواليك!!]..وضعت يديها على رأسها ثم أخفضتها ورفعت رأسها تردد بصراحةٍ لهم :
_" كـ ..كنت قولتله إنه مبيحسش بـ "غسان" ومبيخافش عليه، وإنه غاوي يكسرة وبس .."
توقفت كي تواصل بأكثر صراحة وصدقٍ وهي ترفع عينيها الخائفه نحو "غسان" :
_" ساعتها شتمته غصب عني من. حمقتي وقولتله إنه ..إنه أناني ومبيفهمش وغـ ـبي !"
تقطعت في ٱخر حديثها ،. ورغم صدمته بكلماتها إلا انه تعمد الصبر والسكون ، بل عادت وكأنها تقسم على ان تردد بكل شئ حدث وقتها :
_" وساعتها بصيتلهم وزعقت وأنا مقهورة علشانك وقولتهم كفاية اللي بيعملوه فيك ومعتش حد ليه دعوه بيك..بس ساعتها أنا كُنـ......"
قاطع "غسان " جملتها بصرامةٍ وهو يسألها بحدةٍ بالغه :
_"ورفعتي صوتك على ابويا وأمي؟؟"
ابتلعت ريقها برهبةٍ فعارض "حامد" بسرعة في الرد :
_" لا محصلش يبني !!"
رددها كي لا يتأزم الوضع من ناحية أخري ، يعلم ان صراخها الثاني كان بغير وعي من عزم الانهيار حتي انها صفعت الباب خلفها ، تنحنحت وهي تكتم الدموع بعينيها حتي قالت بإعترافٍ له :
_", أنا عارفه اني غلطت فيك، ملقتكش ساعتها لما فوقت وكنت انت مشيت خالص ، بس دا مش سبب اني معترفش بغلطي ، أنا اسفه حقك عليا !"..
وكأنه يريد سماع ذلك فقط منها بطبيعته الهادئة المتعقلة :
_" وأنا نسيت خلاص ، لو عندك حاجة شيلاها مني قولي عشان نقفل الموضوع ده للآخر!"
نفت برأسها بخفوتٍ فأومأ "حامد" لها حتي وجدها تردد بإهتزاز مره أخرى :
_" مش زعلانة ، وأنا.. مش نفسي يفضلوا كده ، انا كمان عايزاهم يرجعوا زي الأول ..ولو اللي بينهم رجع يكون بسببي فأنا ٱسفه مقصد.."
وقبل أن تكمل كلماتها تحدث "حامد" بحنوٍ ينفي ما قالته :
_" لا يا بنتي مفيش حاجة بسببك ، أنا جبتك بعيداً عن زعلهم عشان الدنيا تصفي ، غير كده ملكيش يد ولا ذنب ، إشربي بقا العصير وقومي ارتاحي!"
حثها بحنوٍ مره أخرى فهزت رأسها بنعمٍ ، في حين نظر هو بتخبطٍ لعدم تصديقه ما حدث من حديث قاله له" والده" تعمد السكون لأجل حالتها وهابت هي مقاطعته لها ، ولكنها ابتسمت ابتسامة صغيره لم تصل لعينيها عندما أخذ "غسان", الكوب من بين الحديث الٱخر كي تشرب هي ، نفت برأسها بسبب ألم زكامها ،. فوجدت الإصرار منه حتي رفعته ناحية فمها تتجرع منه بصمتٍ حتي تنتهي وتخرج ، وعلى الرغم. من ان "حامد" لن يغفل عن عدم نهوضها الا انه حرك رأسه لـ "شادي". يوافق ما سيقوله بيأسٍ فقده معهما ..
_" دلوقتي بقا لازم يبقي في نهاية للي انتوا فيه ده !"
إعتدل "غسان" محركاً عينيه بتجاهلٍ. حتي قال بلا مُبالاة تعمد ظهورها :
_"احنا مين ؟"
زفر "حامد" بيأسٍ منه ، وحاول النهوض بحزنٍ داخلي ولكن قاطع نهوضه "شادي" وهو يشير له بٱن يصبر. ، نهضت "نيروز" بتوترٍ ولم تكمل الكوب بل تركته حتي إستأذنت بعينيها منهم وخرجت من الباب وقد أغلقته خلفها تزامناً مع رد "شادي" المغتاظ :
_"بلاش يا غسان الطريقة دي ،. وعبر كلامنا وإتصافي مع أخوك جد من جد، ريح أبوك بقا معتش حد فيهم حمل كده ولا حتي الأيام مستاهله الزعل ده !"
تنفس بصوت مسموع ، وإعتدل "بسام" يرمي بحديثٍ مغتاظ هو الٱخر :
_"عادته ولا هيشتريها ، هو علطول مستفز مفيش جديد ي شادي ، مع اني حاولت اعتذرله بس كل مره هو اللي بيعكها !"..
ترقبت عيني"حامد"، والتفت"غسان" برأسه ناحية "بسام " مبتسماً بسخرية امتزجت بحديثه الذي خرج وقتها:
_"حلوه منك بس مني أشيك!"
رمي له بحديثٍ مستفز ولن تنتهي الجلسه بعد بشئ جيد ! ، حرك "حامد" رأسه بقلة حيله منه ، فعاد "شادي" يتحدث بوضوح :
_" عدي يا غسان ، عديها لٱخوك ملكوش غير بعض ي صاحبي ، متخلوش الأيام والزعل يعمل فجوة بينكم ، خافوا من الايام عشان لما بتغيب مبترجعش الناس زي الأول تاني بنفس الود حتي الاخوات ، حسوا باللي بيحصل فالدنيا ..معتش أمان واللي بيروح فيها الأيام دي معتش بيرجع !!"
قال حديثه بتٱثرٍ فتراخت ملامح "بسام" الذي شعر بالخيبة التي بداخله وقال بتفسيرٍ غير عابئاً بشئ :
_"أنا قولت اني عارف اني كنت صعب ، بس مقولتش ان بعده وحش حتي بعد ما قولتله يبعد وملوش دعوه بيا ، كل مره كنت عارف انه بيرجع بعد أي خناق ويشغل باله بيا وخوفنا على بعض بيرجع تاني ، بس المرادي كل حاجة اتغيرت وعرفت اني كسرته ,بس قولت عشان هو "غسان" فهيعدهالي ونرجع زي الأول!!"
توقف وقبل أن يكمل واجهه"غسان", بالحقيقه الساخره الموجعة :
_"انتَ ضمنتني يا بسام ، ضمنت اعديلك عادي زي كل مره وكإني مش بني ٱدم بحس وعندي دم ، مجربتش تقول لابوك انت قولتلي ايه كدة ؟ ما شادي عارف ! ورغم انه عارف جاي بردو يجي عليا أنا !!"
حاول "شادي" التبرير. ، فرد "بسام" يصارحة بنفس الوجع:
_" عرف..ولما رجعت كنت همشي تاني ساعتها..بس قعدت وعرفته اللي حصل ، واللي متعرفوش اني اديته وعد ٱواجهك بس كل مره بتعمل فيها مش فارق وبتصدني!"
_" وعد؟ يعني جاي تواجهني من نفسك فبتقل من نفسك!!"
صبر رغم جرأة الحديث ، سمعه يردد له بكلمات تثير انفعاله ، فهتف "حامد" بتفهمٍ صريح :
_" حقك تزعل .. اللي مكنش من. حقك ساعتها تعمله انك تكلم "عز"!!"
ترقبت الأنظار مره. أخرى ، ونهض "غسان" يردد بإنفعالٍ :
_" كمان هتغلطني؟ إنت متعرفش ابنك واللي كان هيعمله ساعتها؟ كنت عايزه يروح يعصيك ويتقدم من ورانا؟ ومش بس كده دا كان هيترفض كمان !! انتوا محدش فاهم حاجة!"
نهض"شادي" يمسكه كي يجلس مجدداً وظل "حامد" كأن شئ لم يكن وقال بعد كل ذلك بنبرته الهادئة :
_"لو كان اترفض كان هيرجع مكسور وعارف انه غلط لما كان هيمشي ويعارض ، وهو عمل كده ..وكلم" عز" ورفضه بردو ،. ساعتها عرف ان الرفض التاني اهون من اللي كان هيحصل في الأول ،. انت شيلت عنه صحيح بس انا كنت عايزك تسيبه يتعلم ويرجع ندمان حتي لو اتكسر !''
رفع "غسان" عينيه يواجه عيني "حامد" وهو يردد بإنهزامٍ :
_" وأنا معرفتش أسيبه فالٱخر .. خوفت عليه يتكسر ويتوجع تاني وحاولت اشيله من كل ده ، رفض هو فالٱخر وكإني بأذيه ورجع بردو موجوع وشيلني شيلته وقالي إن أنا السبب ، مع كلام تاني خايب مش عايز افتكره !!"
ظهر الوجع في نبرته ٱخيراً ، وشعر "بسام", بما فعله به من كسره بكلماتٍ قاسية كمثل السهام في حين كان الٱخر يبحث عن راحته حتي بعدما قام بضربه ورحل !!...
_"أنا قولتلكم قبل كدة ..ان محدش فيكم بيفكر زي ما بفكر ولا بيشيل الهم زيي ، وفالٱخر ببقى بردو غسان اللي غلطان وغسان اللي مكنش ينفع يعمل كده ، غسان اللي بترموله اللوم!"
وواصل يكمل بحزمٍ وهو يوزع نظراته بينهم :
_" عشان كده أنا ماغلطتش لما حاولت اسمع كلامه وابعد وكل واحد يخليه فحاله ،. بس بردو محدش سابني فحالي ، ولا هو حب حاله وهو كده ، ولا عارف هو نفسه عاوز ايه!!"
نهض "بسام " يقف أمامه وهو جالس بصمتٍ صوت أنفاسه فقط التي تعلو بإنهزامٍ ، ابتلع ريقه وانحني أمامعم يعترف له رغم وجود والده:
_" انت ابويا يا غسان ، مينفعش تبعد ولا تسيبني فحالي ، انتَ مخربتش والله انت بس حكمت على الحاجة من عندك انت وسيبتني ،. مزعلتش على زعلي وقهرتي ، معترفتش بحُبي ، قارنت كل حاجة بموضوعي الأولاني ومفرقتش أنا كنت فإيه الاول ودلوقتي بقيت إيه!"
لا يريد الضعف، لا يريد الاستستلام له في كل مره ليضمنه الٱخر في النهاية ومن ثم يعود ضحيه له ولكلماته ، لم يرفع رأسه بل همهم بدعاءٍ يختصر :
_" الله يصلح حالك ي بسام ، انت كبير كفاية تاخد بالك من نفسك وتعرف انت عايز ايه ومش عايز ايه ، سيبني فحالي وفحياتي خلينا كده أحسن!!."
لمعت عيني "بسام ", من حديثه ورد بإنهزامٍ :
_", أنا عايز أخويا.."
وأكمل بنبره جاهد بها ان يثبت رغم عدم رفع "غسان " رأسه له :
_" عايز اخويا معايا غسان ، عايز نرجع زي الأول ،. احنا عمرنا ما كنا كده ولا وصلنا للي احنا فيه ده ، عايز "غسان" عشان احكيله علي كل حاجه بتحصلي وحاسس بيها وعايز اعملها زي الأول ، عايز صاحبي وصاحب أيامي الوحيد عشان أيامي مش ماشيه زي ما كانت !!"
تأثر "حامد" من مشهدهما معاً وعلم ان لين قلبهما مهما فعلا هما يغلب عليهما ، بينما من بين عناد الإثنان يوجد بينهما شخص لا يتهاون في كسرته، شخص يخفي مشاعره ولا يظهرها أبداً مما جعلهم يأخذون الانطباع في تحميله كل شئ او ليجعلانه يتخطي دون النظر لحاله السري الغير معلوم!!، والٱخر بمشاعره المكتومه يرحل بعيداً عنهم ثم يعود أما هو ؟. فلم ولن يتركهم أبداً مهما كان به ، والفتره الذي رحل بها عند صديقه أعلمهم على الفور انه بمنزل "شادي" حينها من نبرة والدته في الهاتف ، ضعيف القلب ،يتظاهر بأنه قوي أما في الداخل فكان العكس تماماً ..
تنفس "غسان" بثقلٍ ورفع رأسه يجيبه بنبره هادئة خالية ومجهوله من مشاعره :
_"اخوك موجود يا بسام ، ممشتش ومش همشي ولا عمري فيوم رفضتك ولا رفضت كلام عايز تقولهولي ، أنا موجود فأي وقت !"
نهض على الفور يهرب منه عندما وجد انه على حافة الاستسلام ، تجاهل مناداة "شادي" له وأغلق الباب خلفه، في حين ابتسم "حامد", بتفهمٍ وقال :
_"كده يبقي عدي وسامح ،وبيهرب قبل ما يضعف ، سيبه يومين وهتلاقي كلامه معاك رجع عادي من غير حاجة !"
يعلم هو الٱخر طبيعة شقيقه، زفر بصوتٍ ، وتنفس "حامد " بالنصف في الاطمئنان ، أولاً كان يري الجحود بينما الٱن يري بوادر الضعف من الآثنان نحو بعضهما!! ، إحتضن "شادي""بسام" بحب أخوي وشدد بعناقه بمشاكسةٍ حتي ضحك "بسام" فهمس الٱخر جوار أذنه بـ :
_" لا بس فرح عامله عمايلها بردو!"
ضربه "بسام". بتحذيرٍ ولاحظ خروج "حامد" إلى الخارج وهو يطمئن "دلال" في حين ظل "غسان" بغرفته حتي دخل المرحاض وقرر الوقوف بشرفته قليلاً قبل الرحيل !!
___________________________________________
"أحب الحديث معك رغم أني لا أملك ما أقول" - محمود درويش
جلست على المقعد وأمامها الكُتب ، منذ أن عادت وهي تجلس تذاكر مادة غداً. ، تركها كي تنتهي على راحتها بتركيزٍ ولولا تشجيعه لما كانت تذاكر من الأساس ، تنفست "جميلة " بعمقٍ عندما ضاق بها كل شئ ، توترها يشعرها بأنها قد تناست ما ذاكرته ، أم ان نفسيتها كذلك ، لمعت عينيها بالدموع وقبل ان تنهض وجدته يفتح الباب حاملاً كوب وطبق به شطائر لها ، ابتسمت على حنوه ومسحت عينيها على الفور وهي تنهض كي تأخذ منه ما بيديه مردده بلومٍ :
_"انا كنت هقوم اعملنا سوا !"
ابتسم "عز" وهو يضع ما بيديه علي مكتبها حتي رفع رأسه يحرك رأسه مردداً بنبره هادئة :
_" وأديني عملت أنا ..ركزي إنتِ فاللي انتِ فيه..وصلتي لحد فين ؟!"
أخرجت أنفاسها وقالت تعلن قلة حيلتها:
_" راجعت بس حاسة اني ناسية، بس هو توتر ونفسية مش أكتر !"
تمعن النظر بوجهها باهتمامٍ ، بينما كانت تطالهه بابتسامه هادئة كملامحها حتي سحبت كفه كي يجلس أمامها علي المقعد وناولته شطيره كما أخذت هي ، بدأ في تناولها وقالت بترددٍ :
_" عز هو انتَ متدايق بسبب حوار المذاكرة ده !"
إبتلع ما بفمه بهدوءٍ ونفى برأسه قائلاً بصراحةٍ شديدة :
_" لا مش متدايق ، أنا واخدك كدة يا جميلة وبلاش القلق الزيادة اللي انتي فيه ده ، أنا فاهم ومقدر!".
تعمدت الصمت وهي تنظر له بتمعنٍ حتى ابتلعت ريقها ونهضت بخفةٍ تجلب شئ من على بُعدٍ. حينها وقفت تقابل المرٱه فنظرت نحو وجهها الذي فاق من شحوبه شئ فشئ ، أخذت نفساً عميقاً وكادت ان تلتفت لتعود له ما بيديها ولكنها لاحظت نظراته لها وعليها في المرٱه وهي تقف تولية ظهرها ، استدارت بابتسامة حرجة وتوجهت تمسك كفه بغيظٍ هادئ تعلمه :
_" لقيت الدبلة مقلوعه في الحمام وناسيها !"
توسعت بسمته وصدم رأسه بتذكرٍ بكف يديه وقال بتبريرٍ :
_"كنت بتوضي فقولت أقلعها عشان زنقت عليا ونسيت البسها تاني !"
عنفته بنظراتها واقتربت تقف كي تنحني لتمسك كفه حتي تلبسه اياها برفقٍ وهي تهتف بتنعنيفٍ :
_" بلاش تنساها تاني ، وكويس أوي انك منزلش الورشه من غيرها !"
كانت تظن انها ستعتدل لتستقيم كي تقف وتعود لمقعدها بينما حاوط هو بذراعه ظهرها من الخلف وهبطت خصلاتها أمام عينيها ، فابتلع ريقه وهمس أمام وجهها بعمقٍ وهو يزيح خصلاتها عنها :
_" مقدرش ..أصلي بحب صاحبتها ٱوي!"
توترت من حديثه وحتي همسه ، فوجدته يقترب مقبلاً إحدي وجنتيها بهدوءٍ وهو ينهض فاعتدلت هي تقف حتي انها مازلت محاصره من ذراعه ، مرر يديه على ظهرها يشجعها بحبٍ مقرراً. تنفيذ قراره الذي أخذه بينه وبين نفسه:
_" يلا كملي مذاكرة ، ربنا معاكي !"
تعمد تركها ، فهتفت هي تقطع سيره حتي التفت ينظر عندما نادت عليه تقترب:
_"عز !!"
التفت بكامل جسدة ، واقتربت هي حتي وجد بعينيها نظرة الٱسف لعدم أخذ حقوقه إلى الٱن ، ورغم مرور إسبوعين وعدة أيام تكفي ، بينما تركها هو وقرر بأنه لم يقربها الا عندما تصبح بنفسية أفضل ، في البداية كان يري خوفها وتوترها ، ورغم انه لاحظ قبولها عندما اقترب يقبل وجنتيها قبل لحظاتٍ إلا انه تجاهل ذلك تعمداً ، كي يقدر حالتها ٱكثر وان تنتهي من كل ذلك أولاً كي لا يصبح ثقل ومسئولية عليها من بين كل هذا.حتي في الاختبارات من بين حزنها . تعلثمت في الحديث ، وتُثار شفقتها عليه بتحمله لعقبات كثيره معها ، علم على الفور ما تود قوله ،. ولكنه أمسك رأسها بين كفيه وقال بحديثٍ واضح مكشوف هذه المره :
_"ولا يهمك يا "جميلة" ، أنا قررت إني مش هقرب غير لما تفوقي وتبقي في ٱحسن حالة ، أنا فاهم كويس اللي بتمري بيه ومش متقل من ده ولا متدايق أنا أهم حاجة عندي راحتك!!"
طالعته بخجلٍ تحاول الثبات ، فاقترب يقبلها بين عينيها برفقٍ. ، وأشار بعينيه على الكُتب ،فحركت رأسها بطاعةٍ وعاد هو يخرج من الغرفه بأكملها يشجع حاله على الصبر والثبات فقط لأجلها وأجل حالها !!!
___________________________________________
رحل "شادي" قبل قليل هو و"منة" ووقف "غسان" يودعهما للمره الٱخيره قبل ان يركبا المصعد ، أشار لهما بالوداع أخيراً ، وإعتدل يأخذ أنفاسه وهو يتقدم ناحية شقة "سُمية" كي يدقها من أجل "نيروز" ، وخلال ثوانٍ فُتح له الباب بواسطة "سمية" التي ابتسمت له بلين وهي تقول :
_" أدخل يا حبيبي ، كوباية الشاي شكلها عايزاك هناك اهيه !"
تعمدت قولها كي يدخل ولا يتسبب في احراجها.، دخل وهو يبتسم لها متسائلاً :
_" أومال نيروز فين؟"
_" هندهالك حاضر ، بس اقعد اشرب الشاي ، تحب اعملك حاجة تاكلها؟"
نفى بلباقةٍ وهو يجلس حتي حمل الكوب واليد الٱخري حمل الهاتف يتصفح به الي حين خروجها ، بينما وقفت "نيروز", ترتدي الحجاب مره أخري فدخلت عليها "سمية " تخبرها بقدومه قائلة :
_" طلع غسان !"
_" حاضر هخرج أهو عشان نطلع!"
توقفت تحكم حجابها أكثر فوجدت "والدتها " تمعن النظر بها بقوةٍ ، فتذكرت "نيروز " على الفور قولها لها ، فقالت تذكرها بفضولٍ :
_"صحيح كنتي بتقولي انك عايزاني فحاجة ومقولتيش!"
سعلت مره أخري فور هذه الكلمات، فأخرجت "سمية" الكيس من بين يديها وأعطته لها وهي تحثها بتفسيرٍ :
_" بعت اجبلك دوا الترجيع من الصيدلية ودول !"
أمسكت الكيس حتي نظرت به وفتحت عينيها على وسعها بذهولٍ حتي سألتها بغير وعي:
_", ايه دول يا ماما!"
وضعت "سمية" يديه علي كتف "نيروز" بحنوٍ حتي قالت بتفسيرٍ تخبرها بصحة ما رأته :
_" دا اختبار حمل، عايزاكي تطلعي تعمليه وبكره طمنيني !"
حركت رأسها بغير استيعاب ومن ثم ظهرت إبتسامه ساخره مع ضحكتها بقولها :
_" حمل ايه ي ماما انتِ بتهزري؟ مش عشان رجعت ابقي حامل يعني ، ما انتِ عارفه اني عندي برد وتعبانة ..!"
قاطعتها بجديةٍ تردد بحدس أمومي معروف:
_" لا مش عشان رجعتي ، أنا عندي شك ، انتي شكلك متغيره كده ، راجعي نفسك كده ، مش يمكن ؟"
توققت تتذكر اخر مره قد جاءت لها ضيفتها ، كادت ان ترفض بترددٍ ..بينما قاطعتها الٱخرى بتفسير جرئ عن زيادة أماكن معينة في جسدها كعلامة للحمل ! ،. احمرت وجنتيها ، وانتهي قول "سمية", بـ :
_" واسمعي كلام أمك وإعمليه مش هتخسري حاجه ، وارجعي اتاكدي تاني بالاختبار التاني..وبكره ابقي قوليلي ان شاء الله ، متقوليش لحد ولا حتي تعرفي جوزك .. بس شوفي كده من باب الاحساس والتأكيد بردو!"
تجهل عن أشياء كثيرة وقفت تستمتع بمفاجأة ورغم انها تتشكك بأن ما تقوله ليس صحيحاً ولكنها وافقت بقلة حيلة من ضغطها :
_" حاضر يا ماما مع اني مش مقتنعه بكلامك ده علفكرة!"
_"يا بنتي هو انتي هتخسري حاجه ، يلا اطلعي شوفي جوزك قاعد برا مستنيكي !!"
أومأت وهي تضع الكيس بكفها تخفيه كما نصحتها "والدتها " وخرجت تبتسم له ، فنظر هو لها بصمتٍ حتي نهض بعجالةٍ ينظر نحو ملامحها الباهته مردداً بتساؤل :
_" خدتي علاجك ؟"
_" أه !"
أكدت بابتسامة هادئه فأومأ هو وهو يحاوط كتفيها كالعادة ، هاتفاً ناحية الأخري :
_" احنا طالعين ي حماتي ، عاوزة حاجة ؟"
_" لا يا حبيبي كتر خيرك ، خد بالك منها !"
أشار ناحية عينيه بمرحٍ طفيف ، حتي حركت رأسها فوجدت "والدتها" تشجعها بنظراتها على فعل ما بين كفها ، وخلال دقائق صعد المصعد بهما ، وأغلقت الٱخري الباب خلفهم !!
________________________________________
_" مش ناوي تمشي بقا ؟ ولا هتفضل قاعد كده كتير ؟"
رددتها "فريدة" بتبجحٍ فحرك "آدم " كتفيه ببساطةٍ مجيياً علي حديثها ببرودٍ. تعمد ظهوره :
_" أنا أقعد في الحته اللي تعجبني!، براحتي"
ابتسمت برفقٍ على حديثه ونظرت أمامها بشرودٍ كما كانت وسألته أغرب سؤال وأكثر سؤال كان لا يتوقعه منها :
_"قوليى كدة الحُب بالنسبالك ايه ؟"
حرك رأسه بإندفاعٍ نحوها فوجد ملامحها ثابته تنتظر منه الجواب ، من يُربك من الٱن؟ من يتعمد ان يوتر من؟ غير هينه هي بالمره ،. ابتسم محاولاً الثبات وأجاب بوضوحٍ صادق يسرد :
_"مجربتش الصراحة إني أحب.،ممكن كنت عايش على إعجاب واحده تلفتني بشكلها تانية بجسمها غيرها بروحها ، وعرفت ان مفيش حد كامل ،. بس وصلت لحاجة فالٱخر كده عرفتني اني لما أحب هشوف اللي بحبه كامل وحلو فكل حاجة ..،ساعات كنت بتجنن وروحت أعمل حاجة طايشه كده وارتبطت بس مفهمتنيش واختارت واحده مش شبههي ، غير اني عرفت بعد كده ان الإرتباط ده حرام واي كلام وذنوب عالفاضي ، بس قررت اكتر على حد شبهي وملقتش ، الحُب هو انك تشوفي اللي قدامك كأنك بتبصي لمرايا تبقي على طبيعتك معاه وكإنك قاعده مع نفسك ، ويعني الٱمان ، بس بالنسبالي مبقتش أفرق امته أكون مطمن وإمته لا ، غير مؤخراً يعني بدأت أحس أني مُعجب غير كل الاعجاب اللي شوفته فحياتي ، تفتكري ده حب؟؟"
سألها بمراوغه ،. وأعجبت بكلماته ، رواغت مثله. تماماً ونفت قائلة تصده :
_" وحتي لو ، ما قولتلك مينفعش!!"
زفر بصوتٍ عالٍ وتعمد تجاهل ما قالته وسألها عن رأيها هي الٱخري :
_" طب وانتِ ؟ الحب بالنسبالك ايه؟"
حركت كتفيها بجهلٍ وهي تنهض ببطئٍ تزامناً مع ردها الهادئ :
_". مبقتش عارفة !"
نهض هو الٱخر واقترب "أدهم" منهم ، فرد عليها بتساؤل جاد وكأنه ينتظر الجواب:
_", طب وهتعرفي امته ؟"
_" لما احب بجد ...مش حُب احتياج !".
ربما كانت تقصد حبها لـ "شريف" الذي يمنع هو الحديث عن موضوعه بمنتهي الصبر كي لا يجرحها ، ابتلع ريقه وشعر بقهرٍ لحاله عندما فهم حديثها ، أغلقت الإضاءه وكان هو يساعدها وعندما انتهت خرج. هو أولاً يركب الدراجة البخاريه حاملاً الصغير أمامه ، أغلقت المحل بحذرٍ وهبطت السُلم تبتسم لهم بلطفٍ ، فقال هو قبل ان تودعهم :
_" علفكرة انا مكنتش عارف اروح فين ، بس قلبي جابني هنا !"
رددت بجرأةٍ رغم أنها لا تغازله ، بل كررت قوله وهي تنظر نحو عينيه:
_" اللي عينهم حلوه مبيعرفوش يكذبوا "
اندهش من قولها ، فنظرت مجدداً نحو الصغير ثم رفعت عينيها تنظر نحو اهدابة الكثيفه ، كانت عينيه كمثل عيني "غسان" برسمتها الموضوعه بتناسق مع ملامحهم الرجولية بوسامة بسيطة جداً ، الملفت كانت الأعين ليست الا.. واصلت تكمل بوضوحٍ وهي تصحح له. :
_" أدهم اللي قالك ، هو قالي كده وعينيه حلوه فمعرفش يكدب !"
قلبت الجمله وحولتها لشخص ٱخر ببراعه. تتلاعب به ؟؟ ، ضحك بصوتٍ متوسط في الارتفاع ، وقال يجاريها :
_" مقبوله منك ، ما اللي عينيهم حلوه ربنا عاطيلهم قبول برضو!!"
انحنت تقبل وجنتي الصغير بحبٍ حتي إعتدلت تشير لهما بيديها وهي تسير ناحية مدخل العماره :
_" سلام!"
أشار لها " ادهم" بيديه الصغيره بوداعٍ حتي ابتسم "أدم" بسمة هادئه لينه مُريحة لا تحدث إلا قليلاً عندما تخرج منه بمثل هذه الأريحية الصادقه ، انطلقت الدارجة بسرعةٍ وحماس منه ، وجلوسه معها كل هذا الوقت غير بحالة الكثير كما غير من نفسية الصغير الذي كان خائف باكي قبل خروجه من المنزل والذهاب إلى هُنا ..، رُبما كُتب علي قلب صغير وقلب أكبر معرفة طريق الراحة عند الانهاك ، بينما قلبها هي مشتت بين شعورها بالراحة واللامبالاة ...أحياناً ٱخري تكون اللامُبالاة لديها زائفة !!
________________________________________
أما في الأعلى خاصة شقة "غسان", جلس هو على الفراش بعدما بدل ملابسه ، أمسك هاتفه يطمئن على سير صديقه في الطريق كي يهاتفه ، في حين انتظرها في أن تخرج ، بدلت "نيروز" ملابسها وخرجت اخيراّ. تحاول التماسك وتجاهل شعور رغبتها في استرجاع ما تناولته من عصير بمعدتها ، خرجت من المرحاض كي تفعل ما نصحتها به والدتها في المرحاض الٱخر بعيداً عنه ، وعندما وجدته جالساً يغلق المكالمة ، أشار لها بالآقترب ، فحاصرها وجلست على حافة الفراش مسح على وجهه برفقٍ وهو يسألها بقلقٍ ملاحظاً تغيرها الشديد فكل مره. يزداد وجهها شحوباً :
_" شكلك متغير كده ليه ؟ لازم تيجي نكشف بكره !"
ابتسمت بحنوٍ تطمئنه بابتسامه هادئة راضية :
_" أنا كويسة متقلقش ، بتحصل عادي !"
صمت ينظر باهتمام ، وغمز لها بمشاكسةٍ حتي مرر عينيه عليها بالكامل قاصداً العبث بكلماته وهو يردف بمرحٍ طفيف يخفف عنها تعبها :
_"أه ما إنتي كويسة وحلوه كده كده علطول .. حتي زيدتي وبقيتي بطل !!"
زيادة ٱخري؟؟ ، ابتلعت ريقها سريعاً وعادت كلمات والدتها تتردد في أذنها ، ابتسمت بإهتزازٍ ودارت وجهها بخجلٍ تهتف برقةٍ وبسمة هادئة :
_" اللي انت شايفه مادام حلوه فنظرك !"
ضحك "غسان" بصوتٍ عالٍ وقال بعبثٍ مجدداً ممسكاً بكفها :
_" ومحدش غيرك عارف يبقي حلو فنظري ، ألا انتِ !!"
قاومت شعورها ورددت بتقطعٍ متعب:
_" ثبتنـي يا بن البـ..."
توقفت عن الحديث عندما شعرت بالقئ يداهمها من جديد ، هرولت بعدما نهضت باندفاعٍ تتقيأ ناحية الحوض في المرحاض حينها انتفض بخوفٍ يهرول خلفها ووقف واضعاً يديها علي ظهرها وهي تنحني ، حاولت دفعه وهي تستمر فيما تفعله رغماً عنها بينما وضع هو كلتا كفيه يضغط بهما علي رأسها كطريقه لجلب ما يؤلم معدتها ، استمرت حتي انتهت وخارت قواها من هذا شعرت ان قدميها لا تحملها فقررت الجلوس على أرض المرحاض ولكنه سندها سريعاً مردداً يُهدأها رغم خوفه:
_", خلاص .. خلاص ..معتش حاجة .إستحملي على ما ٱغسل وشك!"
غسل وجهها بالماء وهو يسندها بذراعه ، حتي انتهي فسندها معه ناحية الخارج إلى ان وضعها على الفراش بقلقٍ ، جذب الغطاء وانحني يضع يديه علي مادتها مردداً بلهفة شديدة :
_" خليكي كده على ما أنادي بسام يشوفك بسرعه!"
أمسكت ذراعه تقطع سيره ناحية الهاتف وقالت وهي تستند على نفسها كي تجلس ببطئٍ ومنعته بتعبٍ قائلة :
_" لا ، أنا حصل معايا كده تحت وماما جابتلي علاج الترجيع وأخدته لسه هيعمل مفعوله !"
وقف ينظر لها بتوبيخ وقال مشيراً لها وهو يقترب :
_" وليه مقولتيش!!!!"
وضعت يديها علي معدتها تستلقي بتعبٍ ولم تجيبه بسبب انهاكها،. فالتفت يجلس بخوفٍ رابتاً عليها كي تنعم الراحة ، فردت هي عندما شعرت بقدرتها علي الحديث:
_" غطيني بس كويس يا غسان معلش و اطفي النور عشان ارتاح!!"
سعلت مجدداً. ، وعندما شعر بتعبها فعل ما قالته له ، ولولا انها اخذت الدواء الٱخر لما كان وافقها ، شعر بسكون جسدها فإطمئن قليلاً حتي حاوطها بيديه مقرباً منها له مردداً بنبره هادئة هامسه يسألها :
_" طب بقيتي احسن ؟"
_" أه "
قالتها بهمسٍ هي الٱخري تحاول النوم ،. في حين ردد هو يحثها بجديةٍ :
_"لو حسيتي بتعب تاني ، هقوم نلبس ونكشف دلوقتي !"
_" لا متقلقش ، بقيت أحسن واللهِ والصبح ان شاء الله هبقي تمام!"
عانقها بخوفٍ أخفاه فحاوطت ظهره بذراعها كما فعل هو ، وقبل هو كتفها بلين وهو يربت عليها حتي شعر بصمت الوضع وسكن ، وبدأت عينيه في الاغفال وهي بين يديه كما تود الإغفال هي ولكنها تقاوم إلي حين أن يذهب هو لعالم ٱخر بأحلامه كي تنهض وتفعل ما حثته عليها. والدتها وبعد القئ الٱخير ووجع جسدها ومعدتها ودوار رأسها مع الزكام زادت الشكوك برأسها وأفكارها تذهب هنا وهناك وتأتي بفكرة واحده : هل حقاً أحمل برحمي جنين منه ؟ أم مجرد علامات لحمل كاذب وعلامات ٱخري لدور زكام شديد بمثل هذه القوة .. قاوم النعاس وخرج صوته المبحوح يسألها بقلقٍ :
_" كويسة ؟"
ابتسمت بحنوٍ وتأثر على خوفه وأسندت رأسها على صدره عندما اعتدل واجابت بإطمئنان كي لا يقلق :
_" أه !"
وواصلت بترددٍ تسأله عن ما حدث بين عائلته :
_" هو انت زعلان مني؟"
علم مخزي حديثها وقرر من قبل مواجهتها بوقت لاحق بينما صمت للحظاتٍ وهمهم ثم قال ينبهها :
_" لأ..بس خليكي عارفه ان أمي وابويا خط أحمر !"
لا تعلم لما استشعرت الحدة في نبرته ، ورغم انه يريد النوم وشعر بالنعاس ولكنه يقاوم لوقت كي يتأكد من استقرار حالتها ، ابتسم وقال بنفس الصوت الهادئ يسألها بعبثٍ كي يبعد توترها وخوفها بسبب تعبها حتي لا تُضغط :
_" عارفه الست قالت ايه ؟"
ابتلعت"نيروز", ريقها وأسندت كفها علي معدته وأجابت بتساؤل شغوف بسماع الٱتي منه :
_" إيه ؟"
شدد من إحتضانها أكثر وقال جوار أذنها قبل ان تنتظم انفاسه عقب وقت من اخر قول قاله ، وكان قوله شطر من أحد اغاني كوكب أرضه ورداً على سؤالها..أجابها بنفس ذات الوقت بعدما ضمها أكثر نحوه متنفساّ بعمقٍ شديد مستنشقاً رائحتها بين ذراعيه التي تحتويها بتملكٍ ورفقٍ :
_" «قُربك نعيمّ الرُوح»"..
عقل مشوش كعقلها يستنزف الكثير من طاقتها ، في الأيام الماضية لن تردد لأحدهم بأنه عرض عليها هذا العرض قبل أيام ، كلما تصل لنقطة فارقة بقوله ، أي أنها فعلياً تفكر كيف ستكون الفرصة؟ العجيب من شخصية كشخصيتها أنها لا تشفق على نفسها أولاً بل عليه هو ، ليس مُجبر تماماً أن يرتبط ويخوض تجربة مع أنثى حدث لها ما حدث!! ، وماذا بي؟؟ تسأل نفسها بكبرياء أنثى ، صوتين عكس بعضهما وإلى الٱن لا تعلم من هو المنتصر الذي يعلو بداخل عقلها ، ومن هو الذي على صواب؟! '
وبوقتٍ كهذا كانت تجلس" بمحل الورد" بمفردها ، ترتشف من كوب القهوة التي أعدته بنفسها ، ومن خلال الأيام التي مرت زاد حماسها بزيادة الزوار للمحل بالفعل ، كان في البداية غير معروف لأنه فُتح واغلق قليلاً. ، وعلى الرغم من انها تواظب على فتحه بنفسها إلا أنها تستنكر انشغال وقت "نيروز", في الأيام الماضية رغم انها شُفيت قليلاً وليس بالكامل ، من دور الزكام !! ، راعتها وقدرت ان أمراة متزوجة مثلها لديها واجبات يلزم فعلها في شقتها وليس كل الوقت وقت العمل في الخارج دون الإهتمام بما يتوجب عليها فعله !! ..
ورغم أن "فريدة" تُعد فتاة ذكية ، ألا أنها لم تتوقع في كل مرة مجيئه بدراجته وسرده عليها لمختصر يومة بٱخره حيث عمله!! ، جاء مرتين ومرة ٱخري وكانت أول مره مع الصغير ، تحاول تجاهله كثيراً , لكنه لا يترك لها مجال بأن تتجاهله يجبرها بأفعاله وكلماته بأن تنتظر وتجيب على حديثه العميق وبالٱخر الخيالي التي تسخر منه دوماً بقولها :
_انت مش واقعي علفكرة
عهد هذه الجمله منها وأصبح ينتهز الفرص كي ترددها هي!! ، أما هي فكانت أخذت العهد على ان تحسن المعامله كي يرحل عنها ، وكأنها تتأكد من أن اسلوبها المتحدي لشخصية مثله كان يجذبه لها أكثر ، أما الٱن فتتعمد الصمت والتجاهل والرد على حجم الحديث بحجم أقل مختصر رغم محاولته لخلق الحديث ولكنها تتجاهل.. ولجانب ٱخر ليس هين أخبرها شعور كبرياء أنثى أن الذي يفعله معها لاق استحسانها حتي وان تعمدت هدم الأمل والشغف به بقولها المقتضب في الرد ، جانب داخله هو يعلن له بأن بها علامات حمراء تمنع عنها الاقتراب ، بينما هو كان يتيقن بأنها من الداخل ليست كذلك ...ويعلم بأنها ترفض لأسباب أصبحت مكشوفة وأول الأسباب سببها هي !! سببها الكبير الموجع ، أخفى داخله حرقته منذ ان علم ورحل لشيخ المسجد عندما كان متخبطاً. في التمسك ،. لم يعطيه الٱخر الحل بل أعطاه منظور ٱخر ، عمق الإيمان في قلبه أكثر لطالما كانت هي الضحية ، وان استطاع هو أن يتخطى ما حدث كي يريدها كما هي محاولاً تناسي ما حدث فقد وصل إلى المكانة الجيدة من النضج ، رجال أخري لا تقتنع ولا تحبذ ولا ترضى على نفسها ذلك ..أما هو فتفكيره يتغير شئ فشئ رغم انه في البداية كان عكس ذلك تماماً تماماً ..!!
_"اللي بيسرح ده يا بيحب يا إما بيحب!"
إنتفضت على هذا القول بخفوتٍ ودارت المقعد المتحرك كما درات وجهها تنظر حتي وجدته واقف أمامها بهيأته ، ربما يوجد أمر غريب هذه. المره ! ، نعم الملابس الذي يرتديها ،ملابس العمل متسخه بشحمٍ طفيف وزيوت سيارات معروفة! ، رفعت عينيها تنظر ناحية وجهه ولم ترحب به ، بل حركت رأسها بغير إهتمام وهي تجلس مجدداً حتي ردت على جُملته بـ :
_" مش لازم علفكرة!"
ورفعت "فريدة" عينيها مجدداً تكمل قولها بتعمدٍ :
_" انت بس اللي عاوز تشوف كده !"
حرك رأسه بإقتناعٍ وإستند بذراعه ينظر حوله ، فقاطعته هي بتبجحٍ في القول :
_"إنت ايه اللي جايبك دلوقتي، وبلبس الشغل!"
_"في أسلوب أحسن في نورت المكان ي" ٱدم" ، في إتفضل أقعد اعملك حاجة تشربها ي ٱدم في حاجات حلوة كتير لٱدم !!"
كان قوله بحنقٍ فابتسمت هي بتهكمٍ وقالت بسخرية تقلل منه :
_" ليه يعني شخصية ٱدم ده ؟!"
لقبها بالمستفزه التي تثير حمقته ، كل مره يتعمد الصبر لشكه بأنها تختبره ، إبتلع ريقه بثباتٍ كما هز رأسه بنعمٍ وقال بثقةٍ :
_" أه شخصية وانتِ عارفة !"
وضعت الكوب بغير إكتراثٍ تسأله بإهمالٍ لعدم الاهتمام بقوله :
_" عارفه ايه بقا ؟"
_" عارفه اني شخصية ومُعجبة كمان !"
قول بثقة جديدة مره أخري منه ، حتي أنه مد يديه يتلمس الباقات مع ردها الضاحك بإستهزاءٍ :
_" غلبان أوي !"
ٱخرج أنفاسه بصوتٍ وتعمد تغير الحوار مجيباً على حديثها محاولاً الاهتمام بالتفاصيل في أي حديث تردفه هي ، كي تنتبه له:
_"عالعموم أنا خلصت شغل بدري النهارده وعز بردو مشي ، فقولت أمشي أنا كمان بدري عشان أجيب أدهم ويوسف من المدرسة!"
حركت "فريدة" رأسها بتفهمٍ وقامت بصب "كوب شاي" ساخن تزامناً مع ردها المتساءل بملاحظةٍ :
_" أنا فاكره ان ليهم باص بيجوا فيه ، حتي كان بينزلهم على هنا لما كانوا قاعدين معانا ، ليه رايح تجيبهم بنفسك ؟"
لم يجلس على المقعد كي لا يتسخ من ملابسه ، لاحظت هي فعلته حتي انه رجع بقراره ووقف يجيب بنبره جادة هادئة يُذكرها :
_" فاطمة بقت تخاف من ساعة ما ننوس عين أمه خدهم من هناك ، ساعتها قعدت يومين أوديهم واجيبهم ولما اطمنت رجع الباص ياخدهم ، بس من ساعة حوار المأذون والطلاق واللي حصل زي ما حكيتلك ورجعت تخاف تاني ، و"جنة" تعبانة بقالها يومين مراحتش كمان!"
استرسل في الحديث وكأنها شخصه المفضل يروي لها كل تفاصيل حياته !؟، لاحظت هذه العادة ، حيث قص ما لم يتعمد أخر قصه على العائلة بأكملها بل جزء علم وجزء يجهل ! ، حركت رأسها متفهمة وهي تنصت وما أن انتهي قالت هي مفسرة :
_" من ساعة ٱخر مره روحت لفاطمة ولاحظت ان جنة تعبانه وعينيها متغيره ، بس كلمتهم واطمنت عليهم وكده كده جايين بعد العصر والعيلة هتتجمع عند عمو حامد ...إمسك إشرب الشاي !"
قالتها بٱخر حديثها بنبرة هادئة ، ابتسم بلطفٍ على اهتمامها وتغيرها الجذري ، مد يديه يحمله من بين يديها حتي لامست أصابعه كفها فابتعدت هي على الفور ، وعلى الرغم من انه لم يتعمد فعل ذلك ولكن راق له خجلها التي تحاول محوه مدعية الجرأة والثبات ، تنحنح بحنجرته يرتشف من الكوب وأجاب عليها بوضوحٍ يخبرها عن قدومه بعد ساعات:
_" أه عرفت منهم ، ان شاء الله هنيجي كلنا ، حتي "عز" بردو راح يجيب "جميلة" من الامتحان وقال هيتغدوا ويجوا كلهم..!"
تنفست بعمقٍ وهي تحرك رأسها بإنصاتٍ ، حتي أشارت له بأن يجلس على المقعد وهي تردد :
_" علفكره مش حرام يعني تقعد ..ما تقعد !"
ضحك "ٱدم" بخفةٍ ونفى برأسه وهو يهبط الكوب من على شفتيه ثم سنده وهو يعتدل هاتفاً بنبرته الهادئة يعلمها :
_" لا ..لازم أمشي عشان أجيبهم من المدرسه زي ما قولتلك ، سلام ي شاطرة!"
أشار لها ملوحاً بيديه فردت له الإشارة بعينيها فقط رغم حنقها من اللقلب الٱخير , حتي وجدته يلتفت ونبس بنبره مراوغه يُخبرها :
_" علفكرة أنا عطيت الفانيليا الفرصه واستطعمتها.. عقبالك!"
قصد بأن تعطيه هو الفرصه ولمح بذلك بوضوح عندما غمز لها وخرج سريعاً قبل ان ترد بقولٍ يهشم أمله وانتظاره !!
ابتسمت بأثره واعتدلت سريعاً ترفض هذه الابتسامه ولاحظت وقوفه لحظاتٍ حتي سارت الدراجة فتحركت قليلاً تنظر على القادم من الخارج فوجدتها "نيروز", التي دخلت تبتسم بإتساعٍ وعلى ما يبدو عليها أنها كانت بالخارج بل وبمفردها ! ..
_" ايه يا روز كنتي فين كده ، والله اكبر وشك منور مش خير؟"
ضحكت "نيروز" وقبل ان تجيب وجدت عُلب كرتونية بيديها مغلفه ، فسألتها بمشاكسةٍ مره أخري:
_" خارجة تشتري هدايا لمين ومكلفة كدة !"
وكزتها في كتفها ، فتعالت ضحكات "نيروز", وفسرت بنفس النبره الضاحكة تجيب بتأكيدٍ :
_" .عيد ميلاد غسان النهاردة ، فخرجت قبل ما يجي من الشغل!"
_"كل سنة وهو طيب ..ربنا يخليكم لبعض!"
قالتها بلطفٍ فاعتدلت "نيروز" تحمل ما بيديها باعتدالٍ ورددت تخبرها :
_" هطلع الحاجات دي وأغير ولو ''غسان "مجاش هنزل اقعد معاكي !"
ابتسمت "فريدة" وهي تومأ لها بالايجاب وقالت بتفهمٍ :
_" براحتك كده كده !"
تستنكر قبولها في الحديث وتفسيرها عادةً ما يُعرف عن "نيروز", انها ثقيلة لا يعلم عنها أحد شئ كونها قليلة الحديث عن نفسها ، بينما الٱن تتحمس والإشراق على وجهها عكس الأيام الماضيه التى كانت بها متعبه ،. خمنت انه الحُب ومن ثم السعادة والحماس بعيد مولد من اختاره قلبها! ألهذا الحد يغير الحب من طِباع الإنسان ؟ سألت وحركت رأسها بإعجابٍ ..
تزامناً مع صعود "نيروز" في المصعد ، لم تستطع الخروج في الأيام التي مرت بسبب وجودة وعودته مبكراً قبل أن تقرر حتي الهبوط لفعل ما توده او لشراء هدية له كي تحفظها حين اليوم المعهود! ، لم تتعمد الصعود للطابق الثالث حيث شقة والدتها ووالدته ووالده بل صعدت نحو طابقهم السابع حيث شقتها كي تستطيع تبديل ملابسها سريعاً قبل أن يأتي فقد تٱخر قليلاً عن الأيام الماضية!! ، وضعت المفتاح في الباب ودخلت حتي خلعت حذاءها بإنهاكٍ ووضعت ما بيديها على الطاوله في الصالة حتي أخرجت هاتفها وطلبت رقم "سُمية" بأيدي ترتجف ، ابتلعت ريقها تنتظر الرد وعندما سمعت صوتها قالت بنبره سريعة :
_" أيوة يا ماما ..أه أنا جيت ..تعالي يلا ، هغير هدومى على ما تطلعي!''
عندما سمعت الرد ردت برد تلقائي عليها وأغلقت الخط علي الفور ، دخلت الغرفة تخلع حجابها أولاً ثم ملابسها حتي فتحت الخزانة تجلب ملابس بيتيه مريحة وبدلتها في الغرفه سريعاً حتي وقفت أمام المرأه تنظر نحو وجهها وجسدها، ابتلعت ريقها بخوفٍ أتي من توترها ، وسمعت جرس الشقه فعلمت ان "والدتها" قد جاءت بالفعل ، سارت بخطواتٍ سريعه ناحية الباب حتي فتحته فدخلت "سمية" بلهفةٍ تسألها :
_" طمنيني يا حبيبتي النتيجة طلعت ايه ؟؟!"
إندفعت "نيروز", نحو أحضانها بسرعةٍ حتي اختنقت وخلال لحظاتٍ أدمعت عينيها وهي تعتدل واقفه تنظر نحو وجه "والدتها" المنتظر بترقبٍ ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وهبطت دمعتها باستيعابٍ وهي تتنفس بعمقٍ وقالت تصارحها بالحقيقة عندما أمسكت كفها بأصابعها الباردة عكس جملتها التي غمرت الٱخري بالدفء :
_" أنا حــامل يا ماما ، أنا مش مصدقة إنه طلع بجد!!"
وقفت "سمية" تنتظر وما ان سمعت جملتها دفعتها بفرحةٍشديدة داخل أحضانها وتأكدت بإحساسها الٱن !! ، عندما استطاعت ان تخرج الاخري أخيراً بمفردها تفعل تحليل الدم بعد أن ظهر الحمل صادق باختبار وكاذب متردد بٱخر ، حينها جلست يومين بتوترٍ لم تستطع بهم الخروج بسببه وبسبب تعبها أما الٱن فتأكدت ، أخرجتها "سمية" وهي تردد بتلهفٍ تتلمس كتفي الٱخري بتأثرٍ شديد :
_" الحمد لله يارب ، الحمد لله ..كنت حاسه والله كنت حاسة ، زي ما قولتلك..ربنا يكملك علي خير يا حبيبتي ويقومك بألف سلامة !"
ابتسمت "نيروز" من بين دموعها والى الٱن لا تستطيع تصديق ذلك ، ابتلعت ريقها ونظرت بسعادة بالغه لأول مره تعيش هذا الشعور وبالفعل كان حديثه صحيحاً وقتها عندما أخبرها ان فكرتها ستتغير كلياً وان قرار تأجيل الحمل كان من خوفها أيام ضغوط عليها ليس إلا حتي انها ظنت ان هذه الٱيام ستستمر كذلك بهذه الضغوط !! ، تلمست معدتها بحرصٍ وغير تصديق بينما مسحت "سمية" على وجهها برفقٍ وقالت بنفس اللهفه:
_" كده عرفتي هتفاجئيه بإيه بدل ما انتي موترانا معاكي أنا واخواتك ، أقعدي ومتتعبيش نفسك ومتعلميش حاجة !"
حركت رأسها بموافقةٍ ،وبسمتها لم ولن تزول إلى الٱن ، تمسكت "سمية " بذراعها وحثتها علي الجلوس وهي تخبرها بلينٍ مره أخرى :
_" على ما يجي بقا قوليله بينك وبينه بلاش تبقي عبيطة زي أختك ياسمين ، الحاجات دي فرحتها الأول بتبقي بين الواحد والواحدة وبعد كده ابقي عرفي الباقي ، ان شاء الله كلهم هيتجمعوا تحت بعد شوية تبقي تقوليلهم وتعرفيهم بقا."
نصحتها مجدداً وتسير خلفها في كل نصحية ، هزت رأسها بالإيجاب ، وتحركت نحو المطبخ ، فرددت "نيروز" بنبره هادئة كونها فهمت ما ستفعله الٱخري :
_"مفيش مواعين يا ماما ، ارتاحي .."غسان" غسلهم وكان بيغسلهم الأيام اللي فاتت لما كنت تعبانه!، متتعبيش نفسك"
توقفت "سمية" وهي تبتسم ببشاشةٍ حتي التفتت ترد من بين ضحكتها:
_"غسيل دا ايه يا بنتي ، دا الكوباية ريحتها كانت زفره لما جيت أشرب فيها امبارح!''
قهقهت "نيروز" هذه المره وضحكت "سمية" بصوتٍ عالٍ مع رد "نيروز" الضاحك بدفاعها عنه :
_" على قده بقا يا ماما كتر خيره ، كلنا عارفين انه مبيعرفش يعمل حاجة بس عالأقل بيحاول !"
نبست جملتها بضحكٍ وإلى الٱن الفراشات تحلق فوق رٱسها من كم السعادة وعدم الإستيعاب، ضحكت"والداتها" بيٱسٍ وحركت رأسها بتفهمٍ حتي اقتربت منها تنظر نحو ملامحها بتأثرٍ شديد ، تلك الصغيره كيف لها بأن تصبح أم خلال أشهر ؟ بل وكيف تحمل بأحشائها جنين ؟ صغيره على كل ذلك ! متي كبرت ؟ ، أدمعت عينيها وضمتها إلى صدرها بسعادةٍ بالغه واختنقت نبرتها وهي تتحدث لها بجملتها المتأثره :
_" الأيام بتجري بسرعة أوي يا نيروز بس بردو مش عارفه اشوفك كبيرة فعيني ،. لسه هتفضلي الصغيرة !"
قبلت "نيروز", كفها ببرٍ وتنفست بعناقها براحةٍ للحظاتٍ، حتي اعتدلت "سمية" تحثها برفقٍ :
_" أنا هنزل أنا فات جوزك على وصول ، قومي انتِ شوفي هتعمليله ايه وخلي بالك على نفسك ومتوطيش!"
حركت رأسها توافق قولها بطاعةٍ حتي نهضت بعدما ربتت علي ساقها ، فاقت على إغلاقها الباب ، فنهضت تضع يديها علي فمها وهي تبتسم بفرحٍ وتتخيل رد فعله عندما يعلم ، شعرت هي الأخري باقتراب موعد مجيئه فرتبت العُلب الموضوعة على الطاولة في الداخل حيث غرفتهما معاً ، وأخرجت ما صنعته بنفسها من الدرج ووضعته وأغلقت باب الغرفة جيداً كي لا يأتي مندفعاً ، تعمدت أن تجعله يتجهز للمفاجأه ، وقفت أمام المرٱه تمشط خصلاتها بترتيبٍ حتي تركتها خلفها بحريةٍ وخلعت عنها سترة الملابس البتيه عندما شعرت بالاختناق ، وضعت كحل الأعين وابتسامتها الهادئة لا تود ان تختفي ، تنفست بعمقٍ حتي وضعت مرطب الشفاة ، تحاول تجاهل النظر نحو موضع كتفها المكشوف والذي به أثر طعن سكين "حسن" لا تريد تذكره الٱن بين لحظاتها السعيدة ، انتفضت بتوترٍ عندما سمعت صوت اغلاق باب شقتها ، واعتدلت تنظر نحو نفسها بحماسٍ ولهفة كُبرىٰ ، أخرجت الشمعة سريعاً وأشعلت القداحة التي ابتاعتها تزامناً مع هتفه من خلف الباب وهو يحاول فتحه بغرابةٍ :
_" نيروز، إنتِ جوه ؟؟"
_" أيوة ، ثواني !"
قالتها كي ينتظر وعندما سمع صوت القداحة ، شهق محاولاً فتح الباب مره أخري :
_ انتِ بتشربي سجاير من ورايا؟ "
وعاد يسأل ببوادر قلق غير مفهوم وجاب عقله ٱخر مره داهمها القئ :
_" إفتحي كدة ، قافلة على نفسك ليه انتي كويسة ؟؟
ضحكت عالياً حيث علمت انه ردد جملته الأولى عندما سمع صوت إشعالها القداحة ، أخرجت الكعكة الصغيرة التي ابتاعتها وجهزت كل شئ وتوجهت نحو الباب بخطى حذرة ثابته وهتفت بإسمه كي يترقب :
_" غسان !"
همهم بصبر حتي كاد ان يحثها علي الفتح عندما شعر ببوادر القلق من حدوث شئ غريب ، فوجدها تحثه بنبره لطيفه ناعمة:
_" أنا هفتح بس ممكن تغمض عينك الأول ؟"
_"ليه ؟ قالعه ؟"
فتحت عينيها على وسعها من وقاحته ، بينما رددها هو بوقاحةٍ تلقائية ، صمتت بحياءٍ وغيظٍ بنفس ذات الوقت ، علم سريعاً ما وضعها.، فوافق بقلة حيلة ونفاذ صبر في الخفاء :
_" ماشي غمضتها!"
وضعت يديها تفتح الباب المغلق وثوانٍ ونظرت ناحيته بحبٍ فياض ، أمسكت كفه تدخله وهي تحسبه داخل الغرفه فسار وهو يضع يديه علي عينيه وقال بمرحٍ :
_"هتشوحيني من البلكونه ولا ايه ؟ لسه بدري عليا ي رزّة ، لو زعلتك فحاجة قوليلي وبلاش الكلام اللي يزعل ده !"
ضحكت "نيروز" بخفةٍ ووقفت أمامه وأمام الطاولة ، حتي رفعت يديها تزيح كفه من على وجهه ففتح هو عينيه ينظر وأول ما وقعت عينيه كان عليها هي بملامحها الواضحة التي سلبته وظهرت أكثر بمساحيق التجميل الخفيقه، وكتفيها وعنقها المكشوفين بانجذابٍ ، وخصلاتها، كل شئ بها يؤثر به ، تنفس بعمقٍ واتسعت ابتسامته عندما ابتسمت له هي بخجلٍ وهي تشير بعينيها الي الجانب الٱخر ، حرك رأسه ونظر باهتمامٍ حتي همهم متفاجئًا وهو يطيل النظر بالكعكه الصغيرة والشموع وأيضاً الورود ، مع كلمة عيد الميلاد باللغه الإنجليزية .. حرك رأسه متأثراً منها وسألها بعمقٍ شديد وبغير تصديق:
_" انتِ فاكرة ؟"
_"وازاي هنسى؟؟"
رفع ذراعيه بحبٍ يضمها بسعادةٍ بالغه كتعبير بالامتنانٍ ، بينما همست هي بعمقٍ ومشاعر واضحة صريحة :
_" كُل سنة وانت معايا ومنتفارقش أبدًا، و كل سنة وأنا بحبك كل يوم أكتر من اللي قبله ي بن البدري !!"
مازال يضمها بتأثرٍ أبسط الأشياء تسعده ، ويسعده أكثر اهتمامها ، ابتلع ريقه وقبل قمة رأسها بحبٍ حتي قال هو الٱخر بغمزة عين حولت الوضع سريعاً :
_" ايه الحلاوة دي !"
نظرت له "نيروز" بتعالي زائف وهتفت بمرحٍ تزامناً مع جلوسه على المقعد كما جلست هي بجانبه:
_" شوفت بنعرف نفاجئ احنا كمان !"
_"احلى مفاجأة فحياتي يا رزّة !"
نظرت له بتشككٍ وقالت بشفرةٍ وهي تناوله العُلب ترسل له أحد الألغاز الذي سيحلها بعد دقائق :
_"متأكدة انها هتبقي أحلى مفاجأه فحياتك بس بعد ما تفتح دول !"
نظر "غسان "بابتسامة هادئة نحو العُلب ، حتي ضحك غامزاً مره أخري وقال بنبره درامية متأثرة زائفة :
_" أأاه يا فلوسك يا غسان!!"
ضحكت بقوةٍ ، وبدأ يفتح العُلبة الأولى حتي وجد بها مرسال مع ساعة فضية أنيقة ، سعد بما رٱه وقال يظهر لها رضاه وفرحته :
_" جميلة أوي يا "رزّة " بس مش أجمل منك !"
ابتسمت بحبٍ له ولكلماته التي تُعجبها حتي وان كانت سريعة مشاكسة غير عميقة ! ، فأشارت له يفتح المرسال الأول الذي يوجد بجانب الساعة ، حتي أمسكة بحماسٍ قليل ما يظهر وأمسكت هي العلبة الثانية بين كفها تنظر نحو ملامحه وهو يقرأ ...
_«•إلى ذلك الرجل الذي اختاره قلبي رغماً عن كل شئ ورغماً عن كل الظروف والعقبات.. إليك كلمات خرجت من أعماق القلب المغمور بُحبِكَ :
"ظننت أنا أن حبال براءتنا قد دابت، وذكريات مأوانا رُدمت وأن حُب طفولتنا البرئ دُفنَ مع الزمان، وحين شاءت الأقدار عُدت أنت لتتذكرني وأتذكرك أنا من جديد أنت وتفاصيلك ، وكأن ما حدث حدث ليلة أمس
أما عني فكنت أنا الغير مهتمه بإدعائي لذلك ،وأما عما بداخلي ..فكنت ومازلت أتذكر أدق الأشياء في طفولتنا ، يُحفر بي كلمات خطاباتك البريئة، أتذكر كمْ عدد نِقاط الحروف في كل خطاب كنت تلقيه بُشرفتي ..ومر الزمان حتي عُدت جاري وجار قلبي إلى أن تخلله حُبك الأبدي ..وبين أنا وأنت قصة وحبل وصال كُتب عليه بالعودة حتى دام وسيدوم ..»
كان يقرأ اللغه التي تعشها ، أثر به كل حرف كان يقرأه ولم ينتهي بعد ابتلع ريقه وشجعته علي أن يكمل القراءة بموصلة ..
«•بينما اليومّ سيقوىٰ الوصال بيننا أكثر هذه المرة ..سيقوىٰ بحبلٍ صغير نصفه أنتَ والنصف الٱخر أنا ..!!»
وكأنها لا تهنئه علي عيد مولده بل تتحدث عن الهدية ، أما هو ففهم الكلمات بلغة الحب وليس ما كانت تقصده في كلماتها الٱخيرة ، ابتلع ريقه وأسند المرسال على الطاوله ورفع ذراعه بتأثرٍ يقربها منه وقبل خصلاتها بتأثر أشد وقال بإهتزاز :
_" كلامك ده كتير عليا أوي يا "نيروز" !"
رفع كفها يقبله برفقٍ وابتسامته المتأثره تظهر لها ، فنظرت هي تنفي قوله برأسها وقالت بلهفةٍ وحماس :
_" جاهز تشوف الهدية التانية؟ "
_" لسه كمان ؟ أنا كده مش هستتحمل والله !"
قالها بحرارة فضحكت بخفةٍ ومدت يديها بالعُلبة الصغيره تحثه قائلة بحماسٍ شديد :
_" لازم تستحمل ، لأن دي أحلي هدية هتشوفها في حياتك ، سمي الله الأول وافتحها يلا !"
أمسكها بحرصٍ وعقد بين حاجبيه بغرابةٍ بماذا يمكن ان تجلب له شئ بهذه العلبة الصغيره جداً ؟؟ ، تنفس بعمقٍ وفتحها وحرك عينيها داخلها أكثر حتي برزت حدقتيه بذهولٍ وهو يري اختبار الحمل الذي عرفه على الفور ، أمسكه بلهفةٍ سريعه ينظر جيداً وحرك رأسها ناحيتها بغير تصديق شديد لأول مره تراه بهذه الحالة ، ابتسمت باتساعٍ شديد وتأثرت أكثر عندما رأته يبتلع ريقه محاولاً آخراج الحديث بعدما وجد البطاقه الصغيره المكتوب بها :(كل سنة وانت طيب يا)
قصدت ان تكتبها بالنسبة لطفله ، انتفض يقف بإندفاعٍ وهو يمسك كفها ووقع كل ذلك من يديه عندما أمسك كلتا يديها يسألها بنبره متقطعه شديدة الذهول :
_" إحلفي كده يا نيروز ؟ دا بجد صح ؟ انتي مبتهزريش أكيد!!"
نفت بسعادةٍ فشدد مسكته ليديها ودفعها بقوةٍ حتي ضمها بسعادةٍ بالغه يردد كلمات الشكر بصوت مهزوز متأثر أدمعت عينيها وظل وضعهما كذلك للحظاتٍ حتي تحركت تعتدل من بين نظراته لها أدمعت عينيه وقال بتحشرجٍ لم يستطع إخفاءه :
_" أنا مش مصدق وربنا !"
ضحك بخفوتٍ والسعادة تغمره وقال قول معهود بشدةٍ منه وكأنه يذكرها ببداية تحقيقه بينما الٱن مختلف عن كل مره كان يرددها لها:
_" يعني كده بقت عال وهنجيب عيال خلاص؟؟؟"
أكدت و ضحكت بخفةٍ وأمسكت كفه تضعه علي معدتها وقالت بنبره شديدة العمق :
_" أه ..و أنا كمان مكنتش مصدقة ، بس صدقت..وانت كمان لازم تصدق ، هنا حته منك بتكبر وكمان شهور هتيجي وبعدها بشوية هتسمع احلى كلمة بابا ممكن تسمعها فحياتك!"
ابتلع "غسان" ريقه ببطئٍ وقال باستيعابٍ متأثرٍ يمسح دمعتها التي فرت منها للتو :
_" أنا فرحان .. قلبي فرحان أوي يا نيروز!"
_" وأنا كمان واللهِ!"
أقسمت لتظهر له السعادة المماثلة ، رفع رأسه يخرج أنفاسه المتوتره ومازال يتمسك بيديها ، فابتسمت هي بسعادةٍ حتي أسندت رأسها ناحية قمة صدرة فمرر يديه علي ظهرها برفقٍ وقال بنبره هادئه يغمرها البهجة :
_" مبروك يا رزّة !"
كان قوله هادب ليس مرحا. شعرت بسعادته البالغة ولم ترد بل حاوط ظهره بحبٍ وكأنها تتأكد من هذه اللحظة وبينما شئ صغير منه ومنها ينمو بالمنتصف ، لا تستطيع وصف مشاعر هذه اللحظه , أخرجها من دوامة مشاعرها عندما انتفض بلهفةٍ مردداً لها بعجالةٍ متحمسة :
_" تعالي يلا ..يلا ..ننزل نقول لأمي وأبويا واخواتي ، دول هيفرحوا أوي !"
_"هنقولهم حاضر بس أما نتجمع كلنا مع بعض عشان نعرفهم!"
عانقها مجدداً بفرحٍ وتنفست هي بعمقٍ وهي تخبره تفاصيل ما فعلته ، تذكر هو القئ وتعبها وربط الأحداث ببعضها على الفور ،. اخذ أنفاسه ببطئٍ ونظر ناحية ملامحها وهي تجلس الٱن تناوله من قطعة الكعكة ،. تناولها منها بصدر رحبٍ ودقات قلبه تتسارع حينها مال يقبل رقبتها برقةٍ وهمس جوار أذنها بنبره عميقة وكأنه بهذه اللحظة استوعب:
_" هتبقي أحلى أُم شوفتها فحياتي !"
طالعته هي بسعادة عندما إعتدل وتوقف كل منهم عن تناول الكعك كي يستطيعا تناول الطعام الخاص بالغداء منذ أمس ، نهض بعدها ونهضت هي وقبل ان يتحدث قالت هي بلطفٍ وهي تنظر نحو ملابس العمل الرسمية :
_" غير هدومك على ما أجهز الغدا !"
صُدمت من صوت اعتراضه بموضع كهذا لا يكف عن الوقاحة ، اعتدل يتحدث بحزمٍ :
_" تحضري ايه ، انتِ لازم ترتاحي على ما نشوف دكتورة نتابع معاها ، وخليكي أنا هحط الغدا أنا !"
نظرت له بترددٍ وقالت بضيقٍ وكأنها جهلت عن خوفه وتمسكت بشئ ٱخر :
_" يا غسان انت مبتعرفش تجهز حاجة وبتبهدل الدنيا وبرجع انضف وراك ، ٱخر مره وقعت رز على الأرض ولزق الدنيا وهرجع أوطي أمسح وأكنـ "
توقفت عندما سار متجاهلاّ حديثها بعدما دفعها برفقٍ كي تجلس حتي جلست أثر يديه التي دفعتها بحرصٍ وسار وكأنها لم تتحدث بأي شئ ، نظرت بدهشه لبروده وتحوله ، من شخص متحمس لٱخر لا يبالي، بينما لا تعلم هي كيف يخفق قلبه بسعادة إلى الٱن وما تمناه حدث بعد دعاءه المجهول بأن يهدية طفلاً رغم ان الوقت لم يتأخر في الإنجاب ولكنه يحب الأطفال كثيراً حتي أكثر منها هي شخصياً !!
________________________________________
_"خلاص بقا يا جميلة ، بتعيطي ليه دلوقتي مش قولتلك بلاش تراجعي ، هتعدي والله فُكي بقا !!"
لم تتفوه بأي حرف عندما خرجت ورأته بعد الإختبار بينما الٱن بعدما رحلت لشقتهما جلست تبكي بصمتٍ وهي تطالع ورقة الإمتحان بين يديها وكأنها تستوعب ما فعلته ، حاوط "عز" كتفيها برفقٍ مع هتفه لهذه الكلمات ، أما هي فمسحت وجهها بخيبةٍ وقالت بحزنٍ :
_" مش خلاص يا عز ، أنا عايزة أجيب تقدير ومعرفش مالي كل ما بذاكر كإن مفيش حاجة ثبتت أول ما شوفت ورقة الامتحان..''
ذاكرتها أصبحت أضعف قليلاً عما كانت من قبل ، وأما عنها فتعتبر متفوقه طوال حياتها بسبب ضغط والدها عليها ، ابتلعت ريقها بحزنٍ ، وفهم هو ما بها من تأخر وتوتر بسبب وفاة والدها وكل العقبات الٱخيرة ، رغم انها تحاول ان تصبح أفضل ، ظل يواسيها وقبل يديهاو وجنتيها بمشاكسةٍ حتي ضحكت فقال هو بمرحٍ :
_" والله العظيم شكلك أحلي وانتِ بتضحكي ، متزعليش نفسك بقا !"
نظرت بخجلٍ وإبتلعت ريقها ببطئٍ. وهي تنظر مجدداً نحو الورقه وكأنها تستوعب عندما هتفت باستسلامٍ مجدداً :
_" ما هو أصلاً كان إمتحان صعب واللهِ !"
التقط الورقه من بين يديها وقطعها على الفور بفتورٍ حتي انحني يضعها بسلة المهملات تحت دهشتها ، فإعتدل هو بحزمٍ مع قوله الغير مبالي :
_" خلاص انتهت ، فكري بقا فاللي بعده !"
ابتسمت "جميلة " بقلة حيلة وزفرت بصوتٍ عالٍ تحت نظراته الهادئة لها ، رفع هو ذراعه يقربها منه حتي إستندت عليه بإستسلامٍ ورددت تلومه :
_"مكنش لازم تقول لطنط تتعب نفسها وتطبخ ، كنت هصحي بدري أعمل أكل قبل ما أمشي زي اليومين اللي فاتوا "
ابتسم براحةٍ على عقلها ، فإعتدلت تنظر له بترقبٍ لرده. ، حتي إعتدل هو الٱخر يطالع وجهها المستدير بجوابة على حديثها مفسراً :
_" أم عز عزمانا نقول لأ يعني ؟؟ ،. وبعدين كويس لإني حاسس ان مفكيش أعصاب تحطي أكل وتغسلي وتعملي بسبب أم الامتحان ده.. قومي إلبسي عبايتك خلينا ننزل نتغدى يلا وبعد كده نبقي نطلع نغير عشان نروح عندكم !"
إقتربت بجرأةٍ تقبل وجنتيه بحبٍ وإمتنانٍ ، رغم انه يعلم انها تخجل وبشدةٍ لكنها كانت حركة عفوية منها رداً على حديثه العقلاني المتفهم وعلى احتواءه ، تلمس وجنتيه بسعادةٍ طفيفه وفاق على نهوضها من جانبه ، نهض هو الآخر ممسكاً بهاتفه يرد عن اتصال خاص بالعمل حين انتهاءها ، وبعد دقائق فتحت الغرفة وهي تحكم ارتداء حجابها الأسود كمثل عباءتها التي جعلته يقف ممعناً النظر لتفاصيل جسدها لأول مره ، ابتسمت وهي تقترب حتي سألته بفضولٍ أنثوي:
_" كنت بتكلم مين ؟"
كيف سيجيب بأنها نفس الشخص التي فعلت مشكلة بينهما من قبل ، ابتلع ريقه لا يفضل الكذب ولكنه لم يتردد بقولها لطالما لم يفعل شئ خطأ بحقها:
_" واحدة عربيتها عطلانه وخلصت فبتتصل عشان تيجي تاخدها فوقت نكون فاتحين فيه ، انتِ عارفه المواعيد مبقتش زي الأول !"
تنفست بصوتٍ منخفض وسألته بوجه خالي من التعابير:
_" مش ملاحظ ان كل اللي بيكلموك علي شغلهم ستات ؟"
أثارت غرابته بردها ، علم مؤخراً انها غيورة بالخفاء ، استنكر قولها وسألها بجديةٍ جامدة :
_" قصدك ايه يا "جميلة " يعني؟"
_" قصدي ان هي دي اللي كانت اتصلت بيك قبل كده ، ودي اللي فضلت تتصل من شوية واحنا برا وانت تعمدت متردش قدامي .. مش قادره تفهم ان في حاجة اسمها ذوق وان مردتش عليها من أول مره يبقي تبطل تتصل؟ "
اندفعت تواجهه بكلمات تكتمها ، تلاحظ اتصالاتها المتكرره عليه ، أدمعت عينيها في الخفاء ، فابتلع ريقه بسرعةٍ يرد عليها بهدوء متماسك:
_" مردتش عشان متزعليش اني معاكي ومش معاكي ، وأنا قولتلك قبل كده اللي بيني وبينها شغل وبس وزبونه قديمة ، ليه حاطاها فدماغك؟"
_" محطتهاش فدماغي ، بس الظاهر كده أن عربيتها بتبوظ أكتر ما بتركبها ولا انت ايه رايك، ولا تكون بردو مش ملاحظ ده ؟!"
لمحت له بخبث الٱخري في ملاحقته ، وقف ينظر لها مطولاً ولأول مره يري اندفاعها بهذه الطريقة ، حرك رأسه ينفي وقال محاولاً إنهاء الحوار :
_" بلاس تظلمي حد يا جميلة ، عدي الحوار مش مستاهل ، يلا ننزل !"
كتمت الدموع بعينيها وقالت بصراحةٍ. :
_" مش بظلم حد بس انا مسمعتش كلامها معاك مره واحدة بس وعديت رغم اني لاحظت ، طريقتها معاك مش كويسة ، بترمي نفسها عليك أنا حاسة بـ ده ، طب قولي ليه مجتش تاخد عربيتها رغم انها خلصت ، اقولك انا ليه ؟ عشان انت مكنتش موجود ومنزلتش عشان الظروف ، ولما نزلت بقت تتصل تتحجج انها مكانتش فاضيه بس بقت فاضية لما انت نزلت تشتغل من تاني صح؟؟"
صمت يستمع لحديثها المختنق وقد شتت تفكيره ، وما ان انتهت تنهد بصوتٍ وصبر ورد عليها بتعقل:
_" أنا مفيش فدماغي كل الكلام ده ، أنا مش شايف الا انتي وده شغل ولو مش مرتاحة همسك شغلها لغيري عشان نفضها سيرة لكن مش هينفع اقولها متجيش او متكلمنيش أصل مراتي بتغير، متجيش دي !!"
وقفت مشدوهه من قوله المتخبط و المتردد بفهمها ، تأخذ أي معني منه ؟؟ ، لم تغفل هي عن غيرتها ناحية الٱخرى بصوتها وكلماتها الناعمة له وأيضاً تحترق تفكيراً بهذه اللحظة بأن ماذا لو كانت هي الٱجمل ؟ شيطان الٱنثى في الغيره يغير أعقلهن ويجعل من بينهن الهادئة الساكنة أكثر من تُختل عقلياً !! ، إبتلعت ريقها تواجهه مجدداً بقولها الساكن بشدة :
_" يعني إنت مش شايف غير غيرتي وبس ؟؟ مش شايف انها مش مظبوطة معاك وبتتمايع وتمط فالكلام عشان يطول وميخلصش سواء كان كلام او شغل ؟"
زفر "عز" بصوتٍ محاولاً تجاهل هذا الحديث مردداً لها بإشارة كفه وقد تعمد اللين للهدوء كي لا ينقلب حالهما لٱخر :
_" استهدي بالله يا "جميلة" عشان مفيش حاجة مستاهلة كل ده , ويلا ننزل!!"
وقفت بسكونٍ تعاند نفسها على عدم ذرف أي دمعة ، ثمة شعور سئ يداهمها ولم تعلم هي من قبل ان شعور الغيرة والحدس الأنثوي يكون بمثل هذا الضيق الشديد التي تحاول اخفاءه وفشلت هذه المره..، أشار لها مجدداً وسار يفتح باب الشقة حتي إعتدلت تتنفس بصوتٍ مسموع ورحلت هي الٱخري ترتدي حذاء خفيف أمام الشقة ،. اغلق الباب بيديه وانتظرها حتي هبطا سوياً ودخل هو أولاً من باب شقة والدته المفتوح دائماً ، وجد "فرح" تساعدها في وضع الأطباق على سفرة الطعام حتي صاحت من على بُعدٍ :
_" ما لسه بدري يا عز الرجال انت وهي ..ولا انت بقا متأخر عشان متساعدناش؟"
ضحك على قول شقيقته واقترب يرفع ذراعه يضمها بشدةٍ مرحة حتي تأوهت وهي تضحك بملئ شدقيها ، بينما وقفت الٱخري تنظر وهي تتابع من على بُعدٍ حتي انسحبت بصمتٍ تحمل وتساعد "حنان" في الداخل..
عقدت"فرح" ما يين حاجبيها بغرابةٍ وسألته وهو يُعدل المقاعد بجانب بعضها :
_" هو في حاجة ولا ايه يا عز ، انتم متخانقين ؟"
_" لأ..مفيش حاجة ما انتِ عارفه وشوفتيها وهي جاية متدايقة من الامتحان ، شويه وهتفك ، خشي هاتي بس فوطة عشان لسه مغير هدومي من شوية وهتتوسخ قبل ما امشي كده!"
أومأت له بطاعةٍ ودخلت تجلب له ما قاله لها ، دخل المطبخ فوجدها تحمل الصحون وقول "حنان" يعلو بحماسٍ وهي تخرج ناحية السفرة تضع ما بيديها:
_" كده خلاص , تعالو يلا ..سموا بالهنا والشفا !"
أمسك من بين كفيها الطبق الساخن وأعطته له مبتسمة بمجاملةٍ فقط حتي تركته وخرجت وخرج هو بعدها ، وخلال لحظاتٍ جلسوا بجانب بعضهم وخرجت "فرح" إليهم وبدأوا الطعام ، مع سؤال "حنان" لها بتلقائيةٍ :
_" وانتِ بقا بتعرفي تطبخي ي جميلة ولا الواد "عز" هيقعد ينزلي كل شوية ومش هرتاح فحياتي بقا ؟!"
ضحكت على قولها ، وضحك "عز" عليها بينما أجابت هي بحرجٍ صريح :
_". أه بعرف بس مش كل حاجة الصراحة ، حتي فرح عارفه !!"
_". بتقولي فيها ، دي بقت خايبة من ساعة ما بقيت بصحتي من تاني واعتمدت عليا فكل حاجة زي الأول ، مش عارفه هتتجوز ازاي دي!!"
طالعتها "فرح " بضيقٍ تحت ضحكاتهم وقالت بعفويةٍ في الرد :
_" هتجوز عادي ، دي مش مشكلة وبعدين قوام بتنسي كده ، اومال مين اللي كان شايل البيت من فتره ، اخص ي ام عز إخص!!"
ضحكت وهي تشملها بنظراتها الحنونه ، تعلم ذلك ولكنها تشاكسها ، ابتسم "عز" باتساعٍ وقال هو الٱخر بمشاكسةٍ لها :
_"ومالك بتقوليها بثقة كده ليه يا فروحة؟ متقدملك عريس وأنا معرفش؟"
وكان رد "جميلة" السريع عليه هو عندما قالت بمراوغةٍ تسأله :
_"وايه يعني لو جالها عريس ، عندك مشكلة!!"
تلقت قبلة طائرة من "فرح" فضحك الكل ورد هو بمرحٍ صريح :
_"أه عندي..فرح دي مش هفرط فيها أبداً دي بنتي!"
نظرت له بتشككٍ وابتسمت بحبٍ عندما وجدتها ترد عليه بسعادة من قوله فقط ، وتحت دعاء حنان لهم هي الٱخري ، مرت عشر دقائق وكان الكل قد نهض من على سُفرة الطعام وحولوا الأطباق ناحية المطبخ ، ودخلت "فرح" تبدل ملابسها في حين قالت "حنان" لها بلطفٍ :
_" مش مستاهلين يا بنتي اطلعي غيري انتي لاحسن قاعدين يرنوا على "عز" عشان مستنين!"
حينها ابتسمت بحبٍ وصعدت بمفردها ووقف "عز" خلف" والدته" في المطبخ وما أثار غرابته أنها قالت وهي واقفه توليه ظهرها بخبرة سيدة كبيرة:
_"مراتك زعلانه ليه يا عز ، دا أنا قولت ماصدقت فاقت شوية من ساعة موت. أبوها ، بس النهارده واحنا قاعدين نظراتها مش مريحة كده وهي بتبصلك يخويا ، انت مزعلها ولا ايه يواد ؟"
تجرع من زجاجة المياه وانتهي حتي ابتسم بهدوءٍ وقال ببساطةٍ شديدة :
_" مقدرش يا أم عز ، هي بس دماغها بتفكر من زاوية تانية أنا مليش فيها !"
_" يخويا أياً كان بيتضحك عليهم بكلمتين حلوين ،. اوعي يواد تكون عبيط ومفكر انك هتعيش معاها كده على الحب والأيام هتبقي عسل وبس ، لازم تقابلوا مشاكل يحبيبي ، وخد لعلمك بقا المشاكل دي هي اللي بتحلي الحياه بينكم وبتقوي علاقتكم ببعضها ، بس الجدع اللي يفهم ،. مع انها بنت ناس ومحترمة وعاقله يعني أن زعلت منك بقا يبقي انت اللي غلطان!!"
ابتسم على حديثها الهادئ وحاوط كتفيها من الخلف وهي توليه ظهرها حتي طبع قبله على خدها برفقٍ وقال بمرحٍ طفيف:
_" شكلك كده يا أم عز هتقفي فصفها من بدري وتبعيني !"
_" مقدرش ابيع حبيب عمري ، انت كل حاجة حلوه شوفتها يا عز ،. ربنا يسعدك ويهنيك ويريح قلبك يىحبيب ٱمك !"
ابتسم لها وتحرك ينتظر هبوطها بعد تبديل ملابسها ، وقف في الصالة وسمع صوت دقات هاتف"فرح" يعلو فتوجه يمسكه وهو يردد عالياً كي تسمعه:
_" تليفونك بيرن يا" فرح" !!"
التقطه تزامناً مع فتحها باب غرفتها وهي تخرج منه فالتفت يردد بغرابةٍ يخبرها بهوية المتصل :
_"دي وسام ، دا انتوا شكلكو قربتم جامد من بعض !"
ابتسمت بإهتزاز وهي تتفحص الهاتف وعندما امسكته توقف الاتصال من تلقاء نفسة ، رفعت رأسها تؤكد وقالت بصدقٍ :
_" أيوة طيبة أوي وبحبها ، وكمان ثانوية عامة ربنا معاها !"
همهم وهو يبتسم بتعجبٍ من اختلاف الشخصيات وكذلك الأعمار بينما زفرت هي براحةٍ من عدم وجود رسائل علي الشاشة الرئيسية منه كي لا يراها "عز" ويظن بها السوء ،وأما عنها فلم تشعر أنها تفعل شئ خطأ ، فقط أرسل لها "بسام" مرتين رسائل يطمئن بها عليها وعلى حالتها وأخبارها عن جلساتها الٱخيرة ، وكانت ترد عليه هي في الآونة الأخيرة عكس من قبل !! وعلى الرغم. من انها لم تغفل عن قوله بأنه معجب ويحب طبيبة ولكنها اعتبرت سؤاله عليها من باب القرابة والشهامة حيث أن بداية تعارفهم به كان من شهامته!! ..
_" أنا خلصت !"
رددتها "جميلة" وهي تدخل في حين كانت قد دخلت "حنان" لتبدل ملابسها ، اتسعت ابتسامة "عز" وهو يقترب من وقفتها مردداً بمشاكسةٍ كي يجعلها تلين :
_"أجمل جميل يخلص!"
تجاهلت قوله ابتسمت بتكلفةٍ فقط ، حتي اقتربت من "فرح" التي أرسلت رسائل لـ "وسام" ترد عن عدم استطاعتها على الرد من قبل ان تُغلق الٱخري الخط بيأسٍ !!
_" اللي شاغل الحلوة؟!"
شاكستها "جميلة" فضحكت "فرح" بسخرية وهي تريها صفحة المحادثه بحسرةٍ زائفة حتي خرجت الضحكات العالية منهما تزامناً مع خروج "حنان" وهي تبحث عن "الحذاء" فقابلها به "عز" وهو ينحني يضعه أمام قدميها ، عهدت منه الرفق فنظرت بتأثر كما تنظر كل مره بحبٍ ربتت بيديها علي ظهره حتي نهض باعتدالٍ ينظر لها بابتسامته الصافية ولاحظ لطفه بها "جميلة" التي ابتسمت بتلقائية وكل مره تتأكد من صحة اختيارها له تتأكد كل مره بأنه عز الرجال بينما بموقفها الٱخير لم يثبت لها ذلك بالكامل!!!
____________________________________
_" ردت ولا لسه ؟"
سألها "بسام" بنبره متلهفة ، فنظرت "وسام" نحو هاتفها بانتظار إلى أن أغلقت هي المكالمة بعد ان فهمت ان الٱخري ليست متفرغة ، قررت إرسال لها رسائل ، زفرت بصوتٍ وحركت عينيها بخبثٍ ناحيته ، فكل مره يتلهف لسماع صوتها في المكالمة وجعل الوسيط بينهما "وسام" شقيقته!!
_". دا انت الطرف الأكثر حماساً وعبطاً شكلك كده !"
سبته بمرحٍ فعنفها بنظراته وضحك بالنهاية وهو يؤكد بيأسٍ ، شعرت به وتوجهت تقترب كي تجلس على المقعد حتي نظرت له بتفهمٍ وقالت بوضوحٍ :
_"بعتلها ماسدج وهترد ، بس هي قالتلي امبارح انها هتيجي معاهم إطمن !"
تلهف بحماسٍ وابتلع ريقه يحث نفسه على الإنتظار ، بينما سألته هي بخبثٍ ٱخوي بهذه الأشياء :
_"لما انت واقع كده ليه مفتحتش الموضوع تاني؟؟"
قال بإنهزامٍ يجيبها ولم يخجل من قولها بل رددها بصراحةٍ وهو ينظر بعمق عيني شقيقته:
_" خايف !"
لا تعلم لما مشاعرها تتضامن معه هو وليس البقية ، منذ ان حدث ما حدث ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ كي تسأله مجدداً وهي تري نظرته الموجعه بينما واصل هو يكمل بتفسيرٍ متخوف من القادم بسبب الماضي :
_" أنا حاسس اني بعلق نفسي بأمل ضعيف ، بس فنفس الوقت مش قادر أبطل تفكير ، وخايف اترفض تاني ، علشان أنا مش هقدر لو خدت خطوه تانية واترفضت برضو ، بس فنفس الوقت بفكر ان السبب اللي كنت اترفضت عشانه راح وبقت محبوبه ومقبولة من الكل وأخدت فرصتها ومن ناحية تانية بفكر فرفض بابا وغسان ، مش عارف لسه مصممين ولا لأ..وأنا مش حمل خسارة ليهم وبُعد ، أنا تايه اوي يا وسام بس اتاكدت اني بحب بجد مش مجرد كلام ومشاعر فاضية !"
لاتُصدق بأنه أخرج لها ما بداخله قليلاً ما يحدث ذلك ، لم تعهد ذلك منه هو بل تعهد ذلك من الٱخر !! ، حاولت اخفاء دمعتها المشفقه وابتسمت بمشاكسةٍ تتصنع الريبة وهي تنظر حولها حتي إقتربت تهمس جوار أذنه بمكرٍ :
_" طب واللي يقولك على حاجة هتساعدك هتديله كام ؟"
تعالت ضحكاته على الفور وقال بنفس الهمس يسخر منها :
_" أنا بردو اللي أدي ولا إنتِ ..دا حتي النهاردة عيد ميلادي !"..
رفعت ذراعها تشاكسة وعانقته وهي تضمه بحبٍ وقالت من بين ضحكاته تخبره:
_" مستحيل انسى عيد ميلادكم ..هديتكم عندي بس لما غُس ينزل ونتجمع !"
_" فرحتك هديتي يا "وسام" ، عايزك دايماً فرحانة وراضية ، وان شاء الله تحققي حلمك قُريب ، أنا فخور بيكي وبتعبك عشان عارف انك بتعملي اللي عليكي ، التوفيق من عند ربنا ، بلاش خوفك الزيادة ده ، هو طبيعي بس اذكري ربنا علطول والهي نفسك عشان ميأثرش عليكي توترك ده !"
ابتسمت له بتأثرٍ وإنحنت تجلب مشط الرأس من على الطاولة أمام المرأه التي توجد بغرفتها ، حتي أعطته له واستدارت ، فإعتدل يقوم بفك خصلاتها عن بعضها تزامناً مع قولها المشاكس من جديد:
_" تفتكر لما تتجوز هتبعد وهتبطل تسرحلي شعري كدة ؟"
_"انتِ بتهزري؟ أكيد طبعاً هسرح شرح مراتي وادلعها بقا وأعيش حياتي!"
قالها بمرحٍ فهمهمت بضجرٍ إلى ان خرج صوت ضحكاته بصوتٍ عالٍ ونفى بطيبةٍ ولين :
_" انتِ هبله صح؟ ازاي هبعد يعني قوليلي وأول ما اتعلمت اسرح كان على يدك انتِ وشعرك انتِ .. انتِ شكلك هتتعبيني بغيرتك دي خدي بالك !"
_" حقي يا بيسو لأن انت صاحبي اللي بيشاركني كل حاجه حتي هبلي ، فتقوم واحدة تيجي تشاركك معايا ؟؟ لا دا كده مش عدل بقا !!"
لا يعلم لما قال بإندفاعٍ وكأنه يريد تحقيق ذلك مع هذه التي نطق اسمها بلين شديد يسأل بها :
_" حتي لو اللي هتشاركك دي "فرح " ؟"
صمتت هي قليلاّ ولم تعطه الجواب بينما إستمر هو يمشط خصلاتها حتي وجدها تلتفت وهي تسأله بجدية هذه المرة تذكره :
_" مش عاوز بردو تعرف الحاجه اللي هتساعدك؟"
_" نفسي طبعاً ، قوليلي !"
ردد كلماته بقلة حيلة ، ولايعلم هو ان الٱتي منها سيغير وضعه تماماً ، ابتلعت ريقها بسرعه ورجعت من خصلاتها خلف أذنها وهي تقول بدراما مكشوفة :
_" أيوة ..بس كده هبقي فتانه وهطلع وحشه أوي فنظـ .."
_" دا إحنا دفنينه سوا يا ويسو عليا أنا بردو الكلام ده ، طلعي اللي عندك وبلاش الدور المفقوس ده !!"
كان قوله مرحاً مما جعلها تضحك بخفةٍ فإعتدلت تتنفس بعمقٍ وأخفضت صوتها رغم ان باب غرفتها مغلق ولم يكن معهم أحد غيرهما فقط ..
_" بُص..إمبارح وإنت فالشغل لما ماما قفلت معاك عشان تعرف هترجع امته على الغدا ، كان غسان قاعد معانا وبابا كمان ، فهي لما قفلت قعدوا كده يجيبوا فسيرتك ، وبابا قعد يقول لـ غسان انه يمشي الدنيا أكتر وميعاندش بقا مادام هو ضعف كده واتكشف والدنيا هدت شوية ..فضحكوا والكلام جاب بعضه.. وجابوا سيرة فرح!!"
ابتهجت ملامحه وانتظرها تكمل ، فواصلت تكمل بنفس التفصيل الممل المضحك :
_" المهم .ماما قعدت تقول انها طيبة وبنت حلال ومامتها كمان وغسان اتكلم عن عز اخوها بردو ، فـ "غسان " لمحله كده بمكر ان يعني هيبقي رد فعله ايه لو انت فتحت الموضوع تاني وروحت قولت انك عايز تتقدملها ، سكت شوية وقال وهو بيتريق حاجة كده مش فكراها اوي بس كان بيقول تقريباً على الله ميقولش غصب عنك ..بس هي حاجة ليها علاقه بكلامك وأسلوبك معاه ٱخر مرة اتخانقتم ..غسان قعد يهوش ويلين كدة فالكلام ودافع انك مكنش قصدك وان اسلوبك حاجة ودي حاجة تانيه وشوية كلام كده عن النصيب بقا والبتاع !!"
تعطية أمل؟؟ ، اتسعت ابتسامته واقترب يقبل وجنتيها بقوةٍ فتقززت هي ، نظر حوله بغير تصديق حتي هتف بفرحةٍ ظاهره :
_" انتِ عارفه ده يعني ايه؟ ..يعني أنا كده هيبقي ليا عين افتح الموضوع اللي كنت خايف افتحه !! "
"غسان"! وأهٍ منه ، فكر سريعاً به بتأثر ٍ فالٱخر لا يكف عن. مساندته حتي ولو وجعه ، وكأن شقيقته تفكر بما يفكر به هو الٱخر فوكزت كتفه بمشاكسةٍ وقالت بغمزة عين:
_" اشكر غُس بقا ..وأشكرني كمان عشان نقلتلك الكلام وهتدخلني النار !"
ضحك بإنهزامٍ وأمسك ماسيعقد به خصلاتها حتي فعلها وسمع أصوات في الخارج فاعتدلت تنهض وهي تخمن له :
_" شكل شادي ومنة جم برا ، يلا نطلع!"
خرج هو أولاً وتركها ترتدي شئ يسترها كمحجبةٍ أمام غريب عنها ، سمع صوت "دلال" وهي توبخ "شادي" بصوتٍ عالٍ :
_" كده بردو ياشادي؟ أنا مش محلفاك يواد متجيبش حاجة ؟"
جاء وابتاع عُلب من الجاتوه بسبب عيد مولدهم واجتماع العائلة بعد قليل ، رد عليها بمرحٍ ودخل يسند الأكياس والعلب في المطبخ كما دخل "بسام" يرحب به ويساعده ، جلست "منة" في الصالة ، وخرج "حامد" من غرفته حتي اقترب يرحب بها بلطفٍ وقال بلين يسألها باهتمام:
_" عملتي ايه فالامتحان يا حبيبتي؟ باباكي كان بيقول انك مكلماه وانتِ. متوترة !"
ابتسمت له بتقديرٍ فتحركت حتي جلس بجانبها وأجابته وهي تخرج أنفاسها بصوتٍ :
_" والله أنا عملت اللي اقدر عليه بس كان صعب جداً والدفعة خارجة معيطة حتي جميلة !!"..
طمأنها بأمانٍ ظهر في نبرته وإقترب "شادي" يجلس بإنهاكٍ وهو يسمعه يطمأنها حتي شجع "حامد" بقوله:
_" قولها يا حامد قولها فاكره الامتحان نهاية العالم ، بقنع فيها من ساعتها ان امتحان الٱخره و نجاحها فبيت جوزها أهم مش مصدقاني !!"
ضحكت عليه حتي غمز لها بمشاكسةٍ تحت ضحكات "حامد " اقترب "بسام " يجلس وخرجت "وسام " واقتربت"دلال" هي الٱخري مع سؤال "شادي" المتهم:
_" أومال فين أبو الغساسين؟"
وكأن كان ينتظر السؤال كي يدق على الباب ، نهض "بسام " يفتح الباب وما أن وجده نبس "حامد " من خلفه بضيقٍ له :
_" انت غاوي تعب يا بني؟؟ مش المفتاح معاك؟؟".
كانت "نيروز" تتأبط ذراعه فدخل معها والسعادة تظهر بعينيه بشدةٍ وعلى وجهه كبرت "دلال" ما ان رأته كذلك ، فوقف هو تحت ضحكة "نيروز", الواسعة وهو يتهف "لوالده" بحماسٍ :
_" استني بس ي حامد ، أعصابي مش فيا ، جايبلكم حتت خبر هيموتكم من الفرحة!!"
_" لا حول ولا قوة الا بالله ..يموتنا ليه بس ي بني ، خير ان شاء الله!!"
قالتها "دلال" تحت ترقب الكُل ، فابتلع ريقه وتعلقت عينيه بعينيها وقد قرر. اخبار عائلته بشكل خاص غير العائلة في العموم ، جيد ان صديقه هو الٱخر هنا .، ترقب "شادي"و "منة"و"وسام"و"بسام", وحتي "والديه" معاً ، فأعطته القبول بخجلٍ كي يرددها هو لهم ،وقفت. متنفساّ بعمقٍ و نظر نحو وجه "حامد" و"دلال" ورمي قنبلته لهم بقوله الذي ظهرت به السعادة :
_" هتبقوا جدو وتيتة قريب !"
ثم واصل بنبرة أكثر ارتفاعاً يؤكد صدمتهم الفَرِحة :
_" نيروز حامل !"
شهقت "وسام" بفرحةٍ ونظرت"دلال" بسعادة بالغه ، كما توسعت بسمة"بسام "و"شادي" بغير تصديق ، ونظر"حامد", بقوه في عينيه كي يتأكد من أنه لا يمزح ، في حين ٱدمعت عيني "نيروز", وهي تسمع سؤال "دلال" بفرحتها الكُبري :
_" ونبي صحيح الكلام دا يا نيروز؟!!"
حركت "نيروز" رأسها بنعمٍ ، فدفع "شادي" "غسان" بشبابيةٍ داخل أحضانه حتي انضم لهم "بسام" وهم يهللان بصوتٍ عالٍ فرح وسعيد ، في حين عانقت "منة"و"وسام" "نيروز" ، وخرجت تحتضن "دلال" التي ضمتها بسعادةٍ وهي تردد بتلقائية :
_" تصدقي اني كنت حاسة ان في حاجة حلوه هتحصل ، الحمد والشكر لله يارب !"
أما هو فنظرت له "دلال" بسعادةٍ وضمنه بعاطقة جياشة إلى ان قبل رأسها ببرٍ تحت عناق "نيروز" لـ" حامد" وهو يردد لها : ..
_"ألف مبروك يا حبيبتي ربنا يقومك بألف سلامة وتجيبلنا حفيدنا سالم معافي وشبهك كده وحلو زيك بالظبط!"
تأثرت في حين كان تصفيق "شادي" بحماسٍ هو و"بسام" مبهج وكأنهما يحتفلان بإنجاز عظيم ، ضحك "غسان" عليهم من بين مسكة ليد والدته التي أدمعت عينيها بحبٍ وقالت بتأثرٍ :
_" هتكبر أمك يا غسان ..هتكبرها يا واد .. الف مبروك يا حبيب قلبي يجي بألف سلامة ويتربي فعزك يارب!!"
عانقها مجدداّ بغير تصديق ، وتوجه بنفسه ناحية أشقائة يحتضنهما معاً وقال بمشاكسةٍ متأثره :
_" هتبقي عم يا بسام ..وانتِ كمان يا وسام هتبقي عمه حرباية من اللي بيقولوا عليها دي !"
نزلت دمعتها بتأثرٍ وقالت بصدقٍ :
_"أي حاجة منك مستحيل أبقي وحشه فحقها ي غسان ، ربنا يقومها بالف سلامه هي والنونة ، ساعتها هثبتلك اني مش هبقى حرباية!"
ابتسم وقبل رأسها في حين رفع "بسام" كفه يضعه على كتفه وقال بنبره مهزوزة متأثره :
_"أنا مبسوط أوي يا غسان ، مبروك وان شاء الله يجي بخير ويبقي ذرية صالحة ، هتخليني عمّ يا عم !"
وقبل ان يرد عليه تدخل "شادي" يرد هو الٱخر :
_" وهيخليني عم أنا كمان يعم !"
عانقهما "غسان" بكلتا ذراعيه ونظر ناحية "حامد" الذي تمعن النظر بوجع ولده بفرحة لسعادته الشديده وضع كفه على كتفه بتأثرٍ وقال بنبره هادئة يبارك له :
_" مبروك يا حبيبي !"
لم يستطع قول أكثر من ذلك من شدة التأثر ، وعلم "غسان", ما يمر به في الحال فتوجه برأسه يقبل قمة رأسه وغمز يغير الوضع عندما قال بمشاكسةٍ :
_" ابسط ي حامد ، حققتلك أمنيتك !"
إلتف الكل حول "نيروز " التي ابتسمت لـ "منة" بسعادة من قولها وردت بحبٍ وطيبة :
_"و عقبالك يا "منة" انتِ كمان يارب !"
ردت لها لطفها في الحديث ومن مشاكسته لهم في ضربهم بخفةٍ شبابية تعلقت عينيه بعينيها وأدهشها رد فعله وحماسه المفاجئ ، علمت أنه كل يوم يسرق منها قلبها أكثر ، شردت بملامحة وتمسكت بدور من تحمل برحمها جنين بالنظر نحوه كي يأتي طفلها شبيهاً لوالده غمز لها فحركت رأسها بحياءٍ وقد سمعت عراك والدتها مع "وسام" على طبيعة جنس المولود وجلوسة معها ام معهم ام شبيهاً لها ولهم ؟ كل ذلك ؟ وهي التي اكتشفت اليوم بصحة حملها ؟ ضحكت وهي تسمع الأصوات المتداخلة بين بعضها وغمرتها السعادة من جديد حتى انتبهت علي ضحكات "منة"عليهم وفاقت على قول "دلال"المتلهف :
_" اسمعي بقا يا حبيبتي ، انتي متعمليش حاجة أبدّ وتخلي بالك من نفسك كده وبلاش تتعبي نفسك!!"
أومٱت دون حديث فقط تنظر بخجلٍ خاصةّ من عينيه التي تحاوطها ، تحركت قليلاّ إلى ان دخل "غسان" خلف "دلال", المطبخ ولحقهما "شادي"و"بسام" في حين طالعها "حامد" بحبٍ وظهرت السعادة على محياه وهو يبدأ بقوله الذي أثر بها:
_"قعدت يومين مش فاهم سبب زيارة ابوكي الله يرحمة ليا فالحلم ، بس دلوقتي كل حاجة بانت ، سبحان الله !"
ترقبت ملامحها وقالت بلهفةٍ :
_" بجد ؟ شوفته ؟ قالك ايه ؟ إحكيلي لو ينفع !"
أثر به لهفتها علي والدها حتي بأحلام !! ، تُثير شفقته وعطفه احياناً ، لاحظ اقتراب "غسان", وحده كي يجلس بجانبها وبدأ هو في اكمال حديثه :
_" أه شوفت سالم الله يرحمه ، كان لابس أبيض وماسك لفتين على دراعاته الاتنين وجه من بعيد وأنا كنت قاعد بصلي الفجر فالمسجد ، دخل من الباب وهو على دراعاته لفتين بيض وكانو أطفال صغيره لسه مولوده وبتعيط ، ولما سألته مين دول قرب يعطيهملي وسند واحد على رجلي والتاني سابه على الأرض وضحكلى ومشي من غير ما يجاوب !!"
أدمعت عينيها حتي. هبطت دمعتها ، فابتلع "غسان" ريقه ببطئٍ وهو ينظر لها حتي رفع أنامله يمسح دموعها وقال بمشاكسةٍ يخفف عنها :
_" بتعيطي ليه دلوقتي دا بيقولك لفتين ، ليكونوا توأم !! "
ضحكت من بين دموعها ، ونظرت له باستخفاف أيمكن ان يتحقق الحلم بالتفصيل وليس جزء منه او الرسالة !! ،ضحك وهو يضم رأسها ناحيته داعياً لوالدها بالرحمة ، وحمل طبق الحلوى يعطي لها برفقٍ وهو يحثها علي تذوقه ، إقترب "شادي" مع "بسام" وانحني أمام ركبتي "غسان" يردد بمرحٍ :
_" خد يا غُس هديتك ، كل سنة وإنت طيب والسنة الجاية يكون فوسطنا حبيب عمه يحتفل معانا بيك !"
أمسك منه الكيس حتي نظر كي يري ما محتوى الهدية ، إلى ان وجد هيئة طقم كلاسيكي كامل ، هكذا اعتادوا على جلب هدايا حتي ولو بسيطة ، ابتسم له بحبٍ وقال بتقديرٍ :
_" مقبولة منك يا شوشّ ، وأنا اللي قولت هتزودلي المرتب وهتدلعني "
يمرح لا أكثر لانه يعلم بأن لا دخل به بمرتبات الموظفين ، ضحك الٱخر وغمز له ، وقال وهو ينظر لهم جميعاً :
_ نزودله المرتب ومالو ، غلبان وداخل علي بامبرز ولبن وسيريلاك و دكاترة وحوارات!"
نظر برييه وفرحته جعلته يتناسى كل ذلك ، ضحك الجميع بيأسٍ منه ، وبالتأكيد قد جلب "شادي" هدية أخري لـ"بسام" هو الٱخر ..
وخلال دقائق اعتلى جرس المنزل ، فنهض "بسام" يفتحه حتي وجدهم أمامه مجتمعين ، من "حازم"و"ياسمين" و"فريدة" وحتي "بدر"و"ووردة"و"يامن" وكذلك "عز" الذي جاء ومعه عائلته الصغيرة من شقيقته وزوجته ووالدته ، كما دخلت "سمية" هي الٱخري تجلس بجانب إبنتها برفقٍ تسأل عن حالها وتبعتهم "عايدة" ..جلس الكل بصالة المنزل وتقابلت عيني "بسام" معها فهربت من نظراته وهي تُرحب من "وسام" ، فإعتلى صوت "حامد" وهو يسأل:
_" أومال ٱدم وفاطمة إتأخروا ليه كده ؟"
اجابه "بدر" بأنهم في الطريق ، بينما وقف "غسان" يردد بحماسٍ قد ظهر :
_" إحنا عاوزينكم تتجمعوا كده عشان عندنا ليكم خبر حلو !"
_" خير يارب !"
هتف بها البعض ، وجلس مجدداً يتحدث مع "عز" في حين جلست "جميلة" بجانب "نيروز" تتحدث معها بعشوائيةٍ وعينيها لا تغفل عن "عز" الذي وبسهولة تجاهل شعورها بالغيرة والخوف عليه كزوج!! ، ما هذا البرود؟؟
_" شكلك حلو أوي النهاردة!"
من قال ؟ "بسام"؟! منذ متي وهو بارع في قول كلمات بثباتٍ لأنثى؟ ، ورغم انه عاش تجربة سابقه إلا أنه يشعر بأنها أول من يشعر اتجاها بهذه المشاعر المختلفه والمتخبطة ، توردت وجنتي "فرح" ونظرت له باضطراب حتي قالت بتعلثمٍ :
_" شُكراً ، دا من ذوقك يا دكتور!"
_'' ما بلاش دكتور ، يعني أنا بحب التواضع والله ، قوليلي بسام ماشي؟"
ضحكت بينما كان يتحدث بجدية عفوية غير قاصداً مشاكستها كونه يتحرج دون وجود مسمى بينهما ، فيقل هو من نظرها ؟؟ ، تأمل ضحكتها الواسعة وهي تحرك رأسها بموافقةٍ وتأخذ عليه وقت بعد وقت :
_"حاضر يا" بسام " !"
إسمه منها لحن ؟ أم أنه يبالغ؟؟ هذا هو الحب؟؟ خفق قلبه بسعادةٍ و لو جلس يشرح لأحدهم عن ان عينيها جميلة جمال مُبهر حتي تُرسم بلوحة ما بنفس النمط لم تظهر بنفس هذا الجمال ، هكذا يراها ، وعلى الرغم من ان ملامحها تكاد تكون عادية جداً ألا ان ما يميزها هو سمار بشرتها الخفيف مع أهدابها الكثيفه السوداء الكحيلة ومدي وسعها ولون عدستها الداكن المائل إلى السواد بينما لم يكن كذلك ، كما ان خصلاتها نفس الشئ شديدة السواد والنعومة!! ، نسخة ثانية مصغره من والدتها ولاحظ هو ذلك ، كلما تسحله أفكاره وشروده بها يستغفر في الحال ، حتي أن شيطانه جعله يقيمها بالكامل حتي من نمط جسدها الممشوق وانها فتاه متوسطة الطول ، وجد من يشير له أمام وجهه وكان "غسان" الذي نظر له بتوبيخٍ غلفه المشاكسة حيث ان الٱخري قد اختفت من أمام أنظاره ، علم انه قرر نسيان ما حدث بينهما ، فضحك على نظرة شقيقه ووجده يقول بنبره خبيثة :
_"مش بطلنا شغل المُراهقين ده من زمان!"
شاكسة "غسان" بتعنيفٍ وأرسل له تحذير مبطن ، فتنحنح "بسام" بيأسٍ واقترب يقول باستسلام :
_"مش عارف يا غسان بقا مالي كدة ، بس صدقني المرادي . أنا بحبها بجد ومش طايل حتي ألمحلها بـ دا !!"
يتشتت له وإلى الٱن لم يقتنع بصورة كاملة ، ربت "غسان " علي كتفيه وقال مردداّ يحثه:
_" الصبر .. الصبر يا بسام وصدقني إنت ..لو. هي ليك ، محدش هيقف فطريقكم!"
زفر بصوتٍ عالٍ وتركه حتي وجد "عز" ينفرد بنفسه ناحية شرفة صالة شقتهم كي يدخن سيجارته ، اعتلى صوت هاتفه من جديد فزفر بمللٍ وحديث "جميلة" يتردد بأذنيه بقوةٍ ، سمعت صوت دقات هاتفه التي تحفظها ، فنهضت تنسحب حتي دخلت عليه لم يدير وجهه لها بل هي من اقتربت تسأله بهدوءٍ شديد :
_"هي تاني ، صح ؟"
قرر عدم الرد كي لا يُلفت الانظار لهما بشئ خاص كهذا ، لذا نفث دخان سيجارته ببطئٍ وهو يضع الهاتف بجيب بنطاله ، فتوقفت يديه عن حفظ الهاتف عندما أخذته منه بهدوءٍ شديد تنظر نحو الشاشة وما ان وجدت اسمها نظرت بخيية وابتسمت بسخريةٍ من عدم أخذه لموقف إلى الٱن ..
_"مردتش عليها ليه..ما ترُد ، ولا خايف تجرح مشاعرها ومشاعري أنا مش مهم ؟؟!!"
ابتلع ريقه وكشخص صبور مثله تحمل إلى أن أخذ الهاتف من بين يديها وحثها قبل ان تظهر حدته :
_"هاتي يا جميلة ربنا يهديكي ، هي قفلت خلاص ، أسكتي بقا وريحي دماغك وأطلعي اقعدي معاهم علي ما أجي وراكي!"
وضع الهاتف بجيب بنطاله ، فأدمعت عينيها بحزنٍ وقالت تواجهه:
_"انت بتتعامل كده ليه ؟ ليه مش مقدر مشاعري ؟!!"
تعمد الصمت وهو ينظر نحو عينيها وعندما شعرت بأنه عجز عن قول شئ ، حركت رأسها بتفهمٍ وحاولت الانسحاب فأمسك هو معصمها يقاطع سيرها بقوله:
_" يا جميلة إفهمي أنا..."
وقبل أن يكمل واجهته بصراحة هادئة تخبره بضيق قلبها قبل ضيق ملامحها ومشاعرها :
_" انت شايف مفيش حاجة تستاهل مع ان مشاعري تستاهل يا عز !"
حاول "عز" مقاطعتها كما قاطعته هي وردد يبرر لها مباشرةً :
_" إنتِ شايفه الموضوع من نحية تانية ، أنـ.."
فصلت يديه عنها ، وشعرت بأنها يجب الانسحاب ومعاقبته بالصمت كان من المفترض ان يرد ويخبرها بأنه سيحول مسئولية العمل تبعها لغيره كما قال لما لم يفعل ذلك ؟؟ ، تركته وخرجت من الشرفه قبل أن يكمل فأخرج أنفاسه بإنهزامٍ ولأول مره يوضع بموضع كهذا ، أما عنه فهو ليس بلعوب ليفعل شئ عكس ذلك وانما يحافظ على زبون عمله منذ فترات كبيرة ، مخلص ولكن تراه هو بأنه لا يجب أن يكون مخلص لهذا الحد خاصةّ بعدما تزوجها !! ، خرجت نحو المرحاض كي تغسل وجهها لتفوق أكثر هي الٱخري لاول مره تجرب هذه المشاعر لذا كان سهل عليها أن تبكي ، ومن بين الحديث العشوائي ، فُتح الباب ودخل "ٱدم" "وفاطمة" وصغارها الثلاثة، هرول الصغارإلي الداخل ودخلت هي ترحب بهم ، في حين اقترب هو من جلوس "فريدة" التي انحنت تقبل وجنتي "أدهم"..
وعلى بُعدٍ قليل دخلت "فرح" تساعد "دلال" في المطبخ بعدما نادتها الٱخري بخبث كي تري مستقبل ولدها ، تعمدت فعل ذلك وهي تتمني بأن يأخذ "بسام" الفرصه ولأنها تتلهف لذلك بعدما عرفت طبيعة شخصية"حنان" الطيبة ، سألتها وهي تقف معها تساعدها بحرجٍ يزول تدريجياً :
_" قوليلي يا حبيبتي هو في حد كده ولا كده فحياتك ؟ ولا حد متكلم عليكي ؟ ، محجوزة يعني؟؟!"
نظرت "فرح" بخجلٍ وهي تناولها الأطباق وقالت بصراحة:
_" لا يا طنط مفيش ، مفكرتش قبل كده يعني!"
همهمت بمكرٍ وإستأذنت تجلب منشفة للأطباق وتركتها ترص الأكواب ومن بين ذلك كان منهم كوب له حد بسبب كسر لم ينتبه له أحد فأُصيب إصبعها حتي تأوت وهي تحركه بجانب بعيداً عنهم ، تخلل أذنها صوته وهو يرد علي أحدهم في طريقه إليها:
_" ثواني جايلك أهو !"
دخل"بسام" وهو يرفع الستار وتوتر على الفور عندما وجدها تقف كذلك بحرجٍ ، رفعت وجهها وحركت يديها كي تخفيها عنه بحرجٍ ولكنه انتبه وبلمح البصر إقترب يسألها بلهفة حاول اخفاءها :
_"من ايه الدم ده ؟ انتي كويسة؟"
_" أه ..الكوبابة بس كانت مكسورة ومخدتش بالي !"
ورغم إرتباكها قالتها ، نظر نحو الكوب والتقطه كي يضعه في سلة المهملات ، وجذب منديل ورقي من على الطاولة حتي مد يديه لتعطية كفها ، ترددت وحُبست أنفاسها عندما مد يديه هو يضع المنديل الورقي على اصبعها كي تكتم الدماء ، رفعت رأسها وتمسكت بيديها وهي تبتسم بإهتزازٍ مردده له بامتنانٍ :
_" شكراً "
إبتلع "بسام " ريقه ووقف يجلب زجاجة المياه الذي كان يدخل لأجلها ، وابتسم لها بإتساعٍ وقال ببشاشةٍ يشملها بنظراته :
_" خلي بالك من نفسك كده ، دا إنتِ غالية بردو مهما كان ، . وبعدين ايه اللي مدخلك المطبخ ، بتحبيه ولا ايه ؟"
قالها بمرحٍ وحرجة يزول بمرور الوقت ، فضحكت بخفةٍ وهي تجيب بتلقائية :
_" لا ..بس مامتك قالتلي أساعدها فعادي أنا متعودة علي كده !"
جاب افكارة لؤم "والدته" في الحال ، وشعر بأن الأمل يزداد ، ضحك بخفةٍ وقال يشاكسها في الخفاء يحاول زوال التوتر شئ فشئ :
_" تبقي بتحبك ، خدي بالك محدش بيدخل مطبخ أمي ألا اللي بتحبه !"
اعتلت ضحكتها الخفيفه ودخلت "دلال" حتي توقفت بغرابةٍ مسحتها من على وجهها في الحال ، تتصنع المفاجأه وهي تقترب منه مردده :
_" انت هنا ي حبيبي !"
دار رأسه ينظر وهو يومأ لها ، وجد المكر على ملامح وجهها وتجاهل ذلك وهو ينسحب بحرجٍ إلى الخارج .. تزامناً مع جلوسهم جميعهم مع بعضهم ، جلس "غسان" بجانبها واضعاً ذراعه عليها مع الحديث العشوائي بينهم وبين بعضهم في حين سمعوا صوت دقات الباب فتوجهت "دلال" تخرج من المطبخ سريعاً قبلهم كي تفتح كونها من دعتها بلباقةٍ ، فتحت الباب بسرعة فوجدتها تقف بحرجٍ حتي رفعت رأسها تبتسم لها فرددت "دلال" بحرارةٍ ترحب بها :
_" أدخلي يا زينات، تعالي إتفضلي!"
رغم غرابة البعض ولكن تجاهل من انتبه ، عدا "نيروز" التي ابتلعت ريقها وهي ترفع رأسها تنظر ناحيته فوجدته ينظر بغير إهتمام حتي مال يهمس جوار أذنها بـما لا يغفل عنه :
_" انتِ خوفتي ليه كده ؟؟"
بالفعل وجد الخوف في عينيها خاصةً بأنهما سيعلنان بعد قليل خبر حملها ، ابتلعت ريقها وقالت تصارحة بالحقيقه:
_"علشان هتعرف وانا.. أنا لسه مش عاطياها الٱمان !"
زفر بصوتٍ عالٍ ولاحظ جلوسها بجانب "فريدة" بحرجٍ فعاد ينظر ناحيتها وأخفض صوته وقال بجديةٍ يطمئنها :
_" محدش يقدر يمسك بسوء طول ما أنا جنبك. ، والله ما هيكفيني فيهم حاجة لو حد جرب يعملك حاجة ، متخافيش !"
ونظر نحو معدتها التي لم يظهر عليها شئ وعاد ينظر بعينيها ففهمت ان شئ كهذا لا يستطيع اي منهما إخفاءه ، خارج مقدرتهما ، خاصةً ان ما هي سوي أشهر وستبرز بطنها ، إبتلعت ريقها وأومأت ولم تشعر بحديثه إلا بالأمان لطالما معه لن يمسها أحد بسوءٍ ، حركت رأسها بابتسامة هادئة ولاحظ جلوس شقيقه بجانبها هذه المره ،. بينما نهضت "نيروز" برفقٍ ولم تغفل عن انسحاب "جميلة" فانسحبت تري لما تأخرت شملها بنظراته والسعادة لا تتركه بخبر كهذا بينما جلست بجانبه هذه المره "سُمية" التي ربتت على ساقه ونظرت له بفرحةٍ وقالت بصوتٍ منفخض :
_" ألف مبروك يا بني ،ربنا يكملها على خير ويتربي فعزك يارب!"
إبتسم لها بفرحةٍ وربت على كفها بإمتنانٍ ، حتي خرج "عز" من الشرفه وتقابلت عينيه مع شقيقته التي تندمج بالحديث معه ومع شقيقته ، شملها بنظرات متفقدة وقبل ان يتحدث مد "غسان" ذراعه بمرح حتي اندفع "عز" يجلس بجانبه فمال يهمس بملاحظةٍ :
_" مالك ي عِزوة مش فالمود ليه ؟"
زفر "عز" بصوتٍ عالٍ فعاد "غسان" يُخمن بمرحٍ :
_" أستنى أنا قربت أفهم ، دا نكد صح ؟ متنكد عليك يمعلم !"
ضحك "عز" بخفةٍ وأكد بسخريةٍ ، فعاد "غسان" يردد بحسرة مضحكة :
_" أيوة عارف أنا النكد ده ، بس انت ملحقتش يعني ولا العرك ناطط لسابع جد في العيلة دي !!"
لوي فمة بسخريةٍ مره أخرى وأشار له مردداً بحديث شبابي :
_" هو انا كنت لحقت أولاني أصلاً ، بس شكلك كده عندك حق هو باين عرق ودساس !!"
ضحك عليه بخفةٍ وسرعان ما وجد "جميلة" تخرج مع "نيروز" فمال يهمس جوار أذن "غسان" :
_" مراتك بتهدي الدنيا ، ولا كل حاجة هتفضل زي ما هي ؟!"
سأله بترقبٍ فضحك "غسان" بقوةٍ ورد عليه بحديث لم يطمئن الٱخر تماماً :
_" أحب أقولك إنها هتولع عالٱخر يا عِزوة !"
شهق بطريقه مضحكة فشاكس الإثنان بعضهما بمرحٍ وخفف عنه "غسان" ينصحة بالتمهل دون فهم شئ بينما ردد ذلك كونه لم ينسي ما عانته "جميلة" ، وجد "والده" يشير له تزامناً مع تقديم العصير لهم والحلوي ، فإعتلى صوت "بدر":
_" كل سنة وأنتوا طيبين ، ان شاء الله تبقي سنة كل واحد فيكم يكون محقق اللي هو عاوزه!"
ردو عليه ووجدا الكلمات اللطيفه من الكل ، فخرج صوت "غسان" مرددًا. بالبشارة :
_" السنة الجاية ان شاء الله يكون معانا ضيف جديد ، وبما انكم متجمعين فعاوز أقولكم على الخبر !!"
ترقبت أنظار الكل ، فوقف هو يردد بشموخٍ وسعادة ظهرت في نبرته :
_" عاوز أقولكم إن .. غسان البدري هيبقي أب يجدعان !"
فُتحت الأفواه واندهش الجميع مع أصوات التهليل العالية ، بينما هي وجدت "جميلة". تشهق بصوتٍ مسموع وهي تندفع بأحضانها ، وركضت "ياسمين". كالمخلته تسألها بلهفةٍ :
_" بجد ؟ بجد يا نيروز ؟؟"
أومأت لها وهي تضحك بملئ شدقيها فعانقتها وإلتفت النساء حولها كما الفتيات حتي "فرح"و"فريدة" و"زينات" التي ابتسمت بلطفٍ عندما سمعت للتو ، في حين وقف "بدر" بفرحةٍ عارمة يضم الٱخر بصلابةٍ وهو يقول بنبره مهزوزه من الفرحة:
_"ألف مبروك يا غسان ، ألف مبروك يا حبيبي ، ربنا يباركلكم ويكمل حملها على خير ويقومولك بألف سلامة!"
شدد من عناقه ، كما عانقه "آدم" بمشاكسةٍ وهو يردد بمرح:
_" هبقي عم للمره التانية يا غسان يا بدري !"
غمز له بإعجابٍ فوجد "عز" يبتسم بسعادةٍ من بين الحديث الفرح الشديد وقال وهو يقترب ليحتضنه بمباركة :
_" مبروك ي صاحبي!"
ردد له المباركة وشعر "حامد" بمعني الفرحة ، رغم أنه لم يواجهه بحديث متأثر إلا أنه يسعد لأجله بقوةٍ ، لٱول مره يطالع فرحته بهذه الدرجة ، فرحت "وردة" كثيراّ كما كانت "عايدة" التي تحب التساؤل عن هذه الأشياء. , ووقفت "زينات" أمام "نيروز" كما هي بينما هذه المره قالت بنبره هادئة نقية :
_" مبروك يا نيروز ،. وربنا يقومك بالسلامة ويعدي شهور حملك على خير !"
أومأت لها بابتسامة متكلفة ولم تنظر بعشمٍ كي ترتمي بأحضانها بل أومأت فقط ، تحت فرحة"حازم" الشديدة بـ الخبر وهو يعانق "غسان" كما سعدت"حنان ", وهي تتحدث بلهفة عن الخبر مع "دلال" والنساء ، في حين تمسكت"ياسمين" التي برزت معدتها قليلاّ وقالت بفرحة شديدة :
_" أنا مش مصدقه خالص بجد يا نيروز !"
عانقتها عقب قولها هذا ،. فرددت "وردة", بمرحٍ :
_" أنا بقا مصدقه أوي ان اخواتي الاتنين حوامل وزي القمر ، ربنا يقومكم بألف سلامة ومشوفش فيكم حاجة وحشة أبداً !"
عانقتهم وهبطت دمعتها بتأثر كانت تضمهم بذراعيها كونها الكبري ، في حين ابتلع "بدر" ريقه بصعوبة وهو ينظر إليها متفهماً هذه اللحظه بقوة ،. بل ورغم انها راضيه ولكن أخبار كهذه بالتأكيد توجعها من الداخل حتي وان كانت تحب الخير لهما ولكنها بالنهاية حُرمت من الإنجاب والحمل مره ٱخري غير مرتها الٱولى الصعبة جداً!!
وكأن خبر "نيروز" بحملها جعل "جميلة' تغير قليلاً من سكونها بموقف "عز" معها ، ضحكت بسعادةٍ وتلاقت عينيها معه وهو يطالعها بشغفٍ وكأنه يتمني هذه اللحظه ولكن لهما هما في المره القادمة ، هربت بعينيها منه في حين ، كانت تجلس"وسام بينهما حيث "بسام وفرح" فقالت بلؤمٍ له :
_" عقبالك انت كمان يا بيسو لما تتجوز كده وتخليني عمتو بقا!"
أصبح يفهم كل تلميحاتها الماكىرة ، ومؤخراً كل تمليحاتها تنصفه وتساعده ، ابتسمت "فرح " لهما بلطفٍ فعاد هو يتحدث بهيامٍ :
_" يارب يا ويسو ، ويحنن قلب الدكتورة بقا وتاخد بالها إني بحبها !"
كان ينظر ناحيتها وعندما رفعت عينيها بغرابةٍ نحوه حرك عينيه نحو شقيقته فوجد السؤال منها بتلقائية تستنكر :
_" هي متعرفش ؟!"
ابتسم بلطافةٍ ونفي برأسه ، ولأول مره تتعمق هي في النظر نحو ملامحه لما تسألين ؟ وبخت نفسها ولكن وجد الرد من "وسام " وهي تجيب بنفس اللؤم :
_"لأ يا فرح ، بجد صعبان عليا اوي تخيلي اللي بيحبها متعرفش إنه بيحبها أصلاّ ؟"
شعرت بالحرج من دخولها المفاجئ بشئ خاص كهذا ، ولكنها نظرت بأسفٍ لبق ، وقالت له بإحترامٍ في الرد كي لا تتدخل أكثر :
_" ان شاء الله تبقوا من نصيب بعض!"
_" تفتكري!"
قالها وهو يحمل الكوب يعطيه لها فأخذته وشقيقته تجلس في المنتصف بشكل مضحك بهذا الوضع ، ابتسمت له بإمتنانٍ وردت بإندماج فعله أسلوبه معها وغير من الوضع تماماً :
_"اه طبعاً ، إنت محترم جداً وممكن تعترف ليها بشكل كويس زي أخلاقك ساعتها هتفهمك وان شاء الله تكون بتبادلك نفس الشعور!"
أخرج "بسام" أنفاسه بإهتزازٍ وقال وهو يجلي حنجرته متنحنحاً بصوتٍ :
_" دا ياريت والله تكون بتبادلني نفس الشعور ، شكلها كده مش واخده بالها من أي حاجة ، عندك أفكار ازاي أعترف لها وأمهد الموضوع على ما أدخل البيت من بابه واتقدم لو هي وافقت!!"
حاصرها وتوجب عليها الرد بالاقتراح! ، نظرت بعشوائية من وضعها بمثل هذا الموقف الذي يحتاج حديث مرتب وصمتت قليلاً أمام نظرات "وسام " التي تكتم الضحكات ، فردت هي بصوتٍ هادئ :
_" بصراحة مش عارفة ، لإن كل واحده بتختلف عن غيرها ، يعني مقدرش أقولك تقابلها تفتح معاها الموضوع ممكن تكون مش سامحة بكده ، ومقدرتش اقولك مثلاً تكلمها فتكون مش بترد علي حد غريب أو عاملة حدود !!!"
وكأنها تفكر له بعشمٍ اندفعت في القول وهي تسأله مجدداً :
_" هي ..هي تعرفك واتكلمت معاك قبل كده ولا مفيش بينكم كلام خالص؟ دي تفرق بردو !"
وجد نفسه يحاصر بالحديث ، فتنهد بارتباكٍ وكان رد. شقيقته المندفع قبله وهي تقول :
_"عارفاه يا فروحة طبعاً ، وبتتكلم معاه بس فاكره انه بيحب واحدة تانية غيرها !"
فتح عينيه علي وسعها ووكزها في الخفاء ،بينما انتظرتها الٱخري تكمل وعندما انتهت نظرت بغير فهم لتبدل ملامحه ، ابتلعت ريقها وشعرت بأن الحديث مشكوك به قليلاً ، تمسكت بالكوب بحرجٍ من شعورها بأنهما يخفيان علي بعضها تعابير وجه أمامها فنظرت ناحية الجميع حتي وجدت كل منهم منشغل في الحديث ، إبتلعت ريقها وسألته كي لا يُفكر بأنها لا تود مساعدته:
_"طب دا سهل شوية عن انها متعرفهوش ، هي اسمها ايه .؟"
هما من وضعا نفسهما بهذا الوضع السخيف المُحرج والمُربك ، تركته شقيقته بندالةٍ وهي تنهض وتمسك هو بيديها ولكنها تركته ربما تعمدت أن يُواجهها ولكنه حرك عينيه بعشوائيةٍ وابتلع ريقه كي يجيب بصراحةٍ دون كذب :
_" اسمها فرح!"
إهتز الكوب من يديها بطريقة ملحوظه ، ولم توجه عينيها له إلا عندما ردد سريعاً عندما شعر بتوترها :
_" صدفة صح ؟ أصلها زي إسمك !"
جاب عقلها عملها ؟ لم تعمل معه ولم تكمل دراستها ؟ هكذا قال ، حاولت تجاهل ذلك وهي تبتلع ريقها ببطئٍ ثم قالت بنبره مهزوزة:
_" أه ..صدفة حلوه واسم حلو مع اني بحبه بس مش اوي!"
_" ليه مبتحبيش اسمك ؟"
سألها بلينٍ فعادت تجيب بصدقٍ مضحك:
_" مش لايق عليا !"
حرك عينيه حوله ولاحظ تحرك الشباب ناحية الشرفه ، فاقترب أكثر حتي أصبح جالس بجانبها ورد عليها بصراحةٍ متعبه له :
_". غريبة مع إني شايفه لايق عليكي أوي ، "فرح" يعني فنفس الوقت فرح وبهجة ، وإنتِ يعني أي حد يشوفك بيحس ببهجة!"
ماذا يفعل هو ، كيف يردد كل مره بحديث أجرأ من الذي قبله ، اهتزت ملامحها وحتي عدستيها وهي تبتسم بخجلٍ مرددة بشكرٍ رسمي :
_" شكراً !"
نهض تزامناّ مع بسمته الهادئة يتحرك نحوهم في الداخل أما هي فشعرت بسخونة وجهها من كثرة توتر الموقف ، ورغم ان الفكرة لم تصلها بالكامل إلا أنها تحاول التجاهل ، إقتربت من الفتيات ، بينما جلس "أدهم" بجانب "فريدة" ممسكاً بهاتفها ، وخرج "ٱدم", منسحباً حتي جلس بجانبها بأريحية واقترب يهمس بجديةٍ :
_"ما تيجي ننزل نفتح المحل سوا !"
شعرت "فريدة" بالعبث في نبرته وتحركت كي تبتعد عن قربه منها ، حتي نفت بإحراجٍ اذا فعلتها:
_"حد يسيبهم بعد الخبر ده برضو !"
ابتسم يجاريها عندما شعر بسعادتها وقال بمراوغةٍ :
_" لا ، عقبالك !".
استشعرت تلميحه المبطن ، فابتلعت ريقها كي تتجاهل ما قاله لها لتوه ، فعاد يتحدث بتأثرٍ وهزمه قراره في عدم فتح الحوار من. جديد:
_"فريدة.."
دارت وجهها تردد :
_" نعم!"
ٱخرج أنفاسه بصوتٍ مسموع ووزع عينيها عليها وعلى الصغير الذي يستند على فخذها برأسه ممسكاً بالهاتف ، حتي رفع عينه ينظر داخل عُمق عينيها وقال بفشلٍ في اخفاء ما يجري بداخله :
_" ما تريحي قلبي !"
نهضت برفقٍ حتي ابتعد الصغير عنها ، وقفت كي تنسحب بهروبٍ فأمسك معصمها بغير وعي ، حتي وجدها تدير رٱسها تنظر بحدةٍ له وهي توزع النظر بينه وبين معصمها الممسوك منه ، تركها برفقٍ وسارت هي ناحية البقية ، فزفر هو بصوتٍ عالٍ بيأسٍ ، حتي ظهر على معالم وجه الخيبة ، يشعر بمشاعر مضطربه والٱن تأكد أنه يحبها بصدقٍ لما لم تشعر هي به ؟ لما لم تود إعطاء فرصة له ،. جلست بجانب "زينات" التي ضيقت عينيها وهي تنظر نحوها ونحو "ٱدم" حتي سألتها بنبره مندفعة متشككة :
_" انتِ في ايه بينك وبين ٱدم يا فريدة ؟!"
تصنعت غير الاهتمام ونفت باختصار :
_" مفيش حاجة بيني وبينه يا ماما!، عادي!!"
صمتت تنظر نحو ملامح وجهها بشرودٍ ، حتي عادت تنظر نحوه فوجدته يراقبها بعينيه ، قررت ان تواجهها بوقتٍ لاحق في حين على الناحية الٱخري وقف "حامد" يربت على ذراع "بدر" وهو معه في الشرفه ، وخرجت نبرته المطمئنة بقوله :
_"يبقي قولها النهاردة عشان الميعاد قرب يبني ، ربنا معاك!"
أومأ له بثقلٍ وهو يبتسم ابتسامة صغيره لم تصل إلى عينيه ، خرج الشباب من المكان ناحية الخارج فإنسحب "بدر" خلف "عمه" ، وقبل ان يجلس الجميع سمعوا صوت دقات الباب العالية في الخارج نظر الكل حول بعضهم ، وتقدم "غسان" بجانب "حازم" كي يفتح الباب وخلفهم الشباب البقية ، مع قول "عايدة" بقلقٍ :
_" خير يارب ، مين اللي بيخبط كده ؟ وعلى باب مين !!"
أيدتها "زينات ", بغرابةٍ :
_" مش عارفة ، و محدش هناك كله هنا !! "
نهضت عندما استشعرت بالقلق ، وعندما فتح الباب ،. صُدم "حازم" من ما رآه للتو من آخر أشخاص كان يتوقع قدومهم !!
_" عمتي!!"
لم تكن عمته مباشرةً بل شقيقة" زينات " ابنة عم والده !! ، ابتلع ريقه بصعوبةٍ ، فهذه المرٱه ،" زينات" بجبروتها سابقاً تعد نقطة ببحرها هي ، متحكمة لحد كبير ، ومن كبار العائلة !! ، اقتربت"زينات " إلي الخارج ، واهتزت ملامح "عايدة"و"سمية " وبالٱخري "نيروز", التي رجعت خطوات إلى الخلف ، كيف تنسي ؟ من قاسمت إرث الفتيات مع عمها ؟ هي من فعلت ذلك ورغم انها وأشقاءها أخذن حقهن إلا أنهم ظلموا ولم يُأخذ الحق وقتها كاملاً بسبب عمها ، كيف تنسي "وردة" التي تبدلت ملامحها إلى الشحوب ، هذه المرأه وابنتها من ضغطا علي "زينات" بقولها كي يتزوج "بدر". ابنتها بسبب حالة "وردة" بعد انجاب "يامن" وفقدان رحمها !! ، كيف تنسى "سمية " وهي التي تعلم تمام العلم بأنها مكروهة منها وتُظلم بسبب تلقي التهم منها بأنها من وضعت علاقة "سالم" بـ "سليم " على الهامش منذ أن تزوجها "سالم" .. كل منهم يشهد لها شئ بحياته ، أين كانت هي عند العقبات أين كانت عند موت والده وعلم الكل بهذا الخبر ،. لم تستطع القدوم من سفرها ولكنها الٱن جاءت هي وأولادها !! ، إقتربت "زينات" ترحب بهم بحرارة رغم خوفها مما هو أتٍ بينما بعدما إنتهت هي من ترحيبهم نظرت نحو "حازم" وبقية عائلة الأكرمي ، ورددت بنبره قوية دون حرج :
_" ايه هتفضلوا واقفين متنحين كده ؟ مش بدل ما تجروا علي عمتكم وتسلموا ، ولا خلاص اللي كان عايش مربيكم على الأدب راح!"
إقترب "حازم" يرحب بهم وكأن قدومها كان ينقص الوضع ، وقف "غسان" ينظر بترقبٍ وفُتحت شقة "زينات" كي يُدخل "سامر" ولدها الحقائب ، وشقيقتيه يساعدانه فقاطعهم "حازم", وهو يحمل عنهم الحقائب ،و رددت "دلال" بلباقةٍ قبل ان يرد عليها ويقترب ٱحد ليرحب :
_" اتفضلي عندنا الأول يا ست زهور ، ميصحش تقفي تسلمي عليهم كده !"
ورغم أنها كانت ستلتفت لتدخل شقة شقيقتها ولكنها ابتسمت ابتسامة مصطنعة ودخلت عندما أشارت لها "دلال" لم تخلع حذائها ودخلت بوقاحةٍ تجلس على المقعد وتبعها فتياتها وعقب ذلك دخل "سامر" ومعه "حازم", بعدما جاءت "زينات" تنتظر نهوضها كي تذهب معها نحو شقتها وقفت بالركن..وترصصت"وردة" بجانب "ياسمين" و"جميلة" و"فريدة" ليرحبان بهم ، كل منهم رحبت بها وعند ترحيب "ياسمين" نظرت "زهور" عمتها نحو بطنها البارزه قليلاً وابتسمت بسخريةٍ تردد :
_" وطلعتي حامل كمان ..لا دي في حاجات كتير الظاهر إني معرفهاش و كإني غريبة !"
وقفت تلك المتبجة دوماً ونظرت نحو عينيها بجرأه ، وكالعادة كانت "ياسمين" التي ابتسمت تردد ببساطةٍ جريئة :
_" غريبة فعلاً ي عمتي لما متجيش عزا ابن عمك اللي بقرب أخوكي الله يرحمه ، أما الحمل فـ دي حاجة منحبش كل الناس تعرفها ، أصلي بخاف من الحسد ، حتي إسألي حازم جوزي !"
إغتاظت ملامح "زهور" ونظرت بحدة نحوهم ، حتي عادت ترد بنبرة قوية مجدداً :
_" لسه لسانك طويل وعايز قطعه يا بنت سالم !"
_"مش أطول من عمرك يا عمتي ، ربنا يخليكي !"
تجاهلتها ونظرت نحو "جميلة" الواقفة بجانب"عز"؛ وشقيقته ووالدته حتي ابتسمت مره أخرى بسخريةٍ وهي تعود بنظراتها نحو"عايدة" :
_" لا بس يا عايدة لعبيتها صح وكنتي قليلة الذوق لما متصلتيش تعزميني على فرح بنتك ، عالاقل كانت عزومة مركبية طالما جوزك كان فالسجن ، مع اني اسمع ان الجوازة دي مكنش موافق عليها المروحوم ودا فيه كلام بعدين!!!"
اهتزت ملامح "جميلة" رغم تحول ملامح "عز", للاستنكار!! وردت "عايدة " تتحلي بالجرأه :
_" الظروف مكنتش احسن حاجة ومكنش جوزي ساعتها يا زهور ، ابن عمك طلقني قبل ما يدخل السجن.، يعني طلفني قبل فرح جميلة بفتره !"
رمشت "زهور" بغير إهتمام وأخذت الكوب من "دلال" التي قدمته لها بلباقة كونها ضيفة اهبطت أنفها تشم قبل ان تتجرع منن بتبجحٍ وملامحها تنكمش تلقائياً ، وقف "سامر" ينظر ناحية"فريدة" بتسليةٍ كبري ، وإلى الٱن يتذكر دناءة فعلته المتهورة قبل سنوات ، هربت بعينيها منه وحاولت الانسحاب كي تهبط لمحل الورد دون ان يلحظ أحد ، وقاطعها نبرة "مروة" ابنة "زهور" :
_". راحة فين يا فوفو ، مش هتقعدي ترحبي بخالتك وولادها ؟!"
_"دي لسه ليها حساب عسير ..صحيح يا بت اللي سمعته ده ؟!"
رددتها "زهور" بجرأة دون ان تفعل حساب للجميع ، فقاطعتها "زينات" بحزمٍ :
_" زهور!! بلاش الكلام ده ..لينا بيت نتكلم فيه مش وقـ "
_" إسكتي إنتي ي خايبة ..ليكي عين تتكلمي يا زينات بعد ما ضيعتي بيتك وولادك من إيدك ، ما انتي ما لو مربياها مكنتش فلتت من تحت ايدك ومشت زي ما سمعت لكن نقول ايه، مياعة وقلة أدب !"
إندفعت "فريدة" تصرخ بها على فجأه :
_" بس ..متقوليش عليا كده ، مش هسمحلك تتكلمي فحقي !"
ترقبت الأعين بترقبٍ وخوف لما هو أتي ، وإقترب "سامر" بجرأه يضحك بإستفزاز حتي ردد بتهكمٍ :
_" جرا ايه يا فوفة ، ايه اللي حصل بس، مش دي كانت خالتك حبيبتك ولا الدنيا جت عليكي أوي كده !"
اقترب"حازم" قبل ان ترد عليه حتي أشار لها بنبره منخفضة :
_" إمشي يا فريدة من هنا دلوقتي ، انزلي اقعدي فالمحل !"
سمعت حديثه ولبته ، وعاد يلتفت ليردد بحده لها :
_" لاحظي انك بتتكلمي فحق أختي ، الكلام ده مينفعش !"
نهضت ونهضت بناتها معها ، فابتسمت بإستهزاءٍ ترد عليه :
_" أختك ؟. كنت فين يا بتاع أختك ساعة اللي جرا ، عنده حق ابوك لما قالي انك خيبت من زمان اوي وطلعت عن طوعه لما اتجوزت بنت سمية اللي خربت من قبل ..طالعه زي أمها مراتك ميتخيروش عن بعض !"
كادت أن تتحدث فأمسك"حازم" "ياسمين", وأخذ أنفاسه بصوتٍ كي يُهدأ الوضع:
_" الكلام ده مش حلو فحقنا دلوقتي ومعتش ينفع وأنا هسكت وهعدي وهعملك خاطر ي عمتي ، فاتفضلي روحي ارتاحي وبعدين نبقي نشوف حوراتكم دي!"
اقتربت "زينات" أمام الأنظار تجلب يديها لتسندها بطاعةٍ سبقت بناتها ، ووقف "ٱدم" ينظر بغيظٍ لها من ما فعلته مع "فريدة" في حين كان "غسان" كمثل عائلته ينظرون بغير وعي ، وعندما سارت "زهور" قاطع سيرها وقوف "نيروز", وهي تتابع من على بعدٍ، انسحب "غسان", ليقف بجانبها ، فابتسمت هي بتهكمٍ وهي تطالع وجهها :
_"مجتيش تسلمي على عمتك ليه يا نيروز ، "البدري" جمدوا قلبك ؟؟"
توقفت عاجزة عن الرد ونظرت نحو "غسان" الذي وضع ذراعه عليها بتملكٍ كي يوصل لها رسالة مشفرة مع نظراته الجامدة ناحيتها بغير راحة ،، فتحركت عينيها باستهزاءٍ وقالت بجرأةٍ :
_". مش إبن عمك كان أولى بردو يا بنت سمية ؟ ولا. للغريب تحلى !"
الٱن تقف معها.؟ الشئ المفيد التي كانت تفعله أنها كانت ترفض زواج "حسن" منها بغيرتها الشديدة منها كانت تريدة بأن يختار ابنتها الصغري ولكنه كان يرفض ، أما الٱن ؟؟، لا تحبذ هي بناتها بسبب غيرتهم وطبعهم المماثل لها ، تحولت ملامح "غسان" للحدة من وقاحتها المبطنه وردد بنبره مرتفعة يوبخها :
_" إنتِ بتقولي ايه يا ست إنتي لمراتي ؟؟؟"
قلبت عينيها بينما لم يقبل هو حديثها الوقح الذي يقلل من رجولته فهتف يحذرها قبل ان تتمادى أكثر :
_''خدي بالك من كلامك عشان رد فعلي هيزعلك !!"
تدخل "حامد" يتحدث بهدوء ينبهها :
_" ميصحش الكلام ده يا ست زهور ، نيروز بقت واحدة متجوزه ودا جوزها ، عيب الكلام ده !"
تركت يد"زينات ", والتفتت تنظر نحو "حامد " حتي قالت بتقليلٍ :
_" وانت اللي هتقولي العيب ومش العيب ، واحدة وعمتها بيتكلمو مع بعض متحشروش نفسكم بينا !"
وقبل أن يندفع "غسان" تحركت "نيروز", تتمسك بذراع "حامد" بجرأه وردت عليها كي توقفها عند حدها وترفع من قيمتهم خاصةً "حامد":
_" عمو حامد بابايا، أنا راضيه يتكلم ويرد عني فكل الٱحوال !"
رفعت حاجبها بدهشه واحتواها "حامد" أسفل ذراعه ، فتدخل "غسان" بتبجحٍ :
_" متحشريش نفسك إنتي وسطنا ، خليكي فحالك ، والمره الجاية لما تيجي تتكلمي مع أبويا كبير البيت تتكلمي بشكل احسن من كده ، خصوصاً اني مش محتاج أفكرك انك واقفة في بيته ، شرفتي !"
يطردها بلباقة ؟ ، نظرت حولها بإستخفافٍ وتركته دون رد كي تخرج من الباب لترحل ناحية شقة "زينات" ابتلعت "نيروز" ريقها وحاول"حازم"منع "ياسمين" عن قول شئ ، في حين اقترب من "عز", وحثه قائلاّ بعقلٍ :
_" بقولك ايه يا عز ، روح اختي وامشوا من هنا ، لآني عارف انها مش هتخلص علي كده ولسه قدامنا وجع دماغ ،. أنا مش مستعد أي حد فيهم يرجع للحالة اللي كان فيها!"
حرك "عز" رأسه موافقاً من أجل نفسية "جميلة " وقال موضحاً :
_" ماشي يا حازم, لو في حاجة رن عليا !"
حرك رأسه بالايجاب ، وتوجه يودع الكل كي يرحل مع "جميلة" التي عانقت"والدتها" بخوفٍ وقالت تحثها :
_" بلاش تحتكي معاهم كتير يا ماما عشان خاطري ، أنا مش عايزاكي تزعلي من كلمة كده ولا كده !"
_" متقلقيش ي حبيبتي ، مع السلامة انتي و خلي بالك من نفسك !"
أشارت لها بالوداعٍ وهي تسير معها ناحية السُلم ، بعد ان ودعت "نيروز"والفتيات ، دخلت بعد ذلك شقتها وتبعتهما "ياسمين" مع "حازم" في حين جلست "نيروز" بأعصاب مفقودة فناولتها "وسام" كوب مياة ، وحثتها "سمية" بخوفٍ :
_" بلاش توتري نفسك ي بنتي عشان اللي فبطنك. !"
شعر "غسان" بالقلق ، وجلس بجانبها يطمئنها ، في حين وقف "أدم" جوار ", فاطمة"وأولادها ، بينما سأل "بدر" بضيقٍ واضح:
_" ايه اللي جابها دي دلوقتي ، هي ناقصاها هي وولادها كمان!"
صمت الكل والكل يحمل هم الٱن بقدوم هذه العقبه، ظنوا ان الحياة ستبتسم لهم من جديد ، بينما بوجود فرد كهذة؟؟ ، إنسحبت "سمية"مع "وردة" التي تمسكت بصغيرها باحتواءٍ كما رحلت "ياسمين" من قبل مع "حازم"و"عايدة" ، وقف "بسام" يسأل "والدة" بغرابةٍ :
_" هي لسه قوية ومستقوية كده يا بابا ، أنا مشوفتهاش من زمان أوي !!"
نظر له بأسى وكأنه يؤكد له جبروتها ، أشار بقلة حيلة على ما فعلته هي بهم خلال دقائق معدودة فقط , وقال :
_" أديك شوفت اللي حصل!"
وقف بصمتٍ يتابع النظرات في حين أمسك "غسان" كف "نيروز" ، فرددت "دلال" بلهفةٍ :
_" على مهلك ي بنتي ، متحطيش فبالك عشان صحتك ، خدها يا غسان وارتاحوا جوا فأوضتك !"
رددت ٱخر حديثها بلهفة ، فأومأ "غسان" برأسه حتي سارت معه ناحية غرفته ، والحال بعد ان كان مبهجاً بهم تفرق الكل من جديد بوقتٍ مبكر ، وقف "ٱدم" ينظر بغير وعي للذي يحدث وعندما لاحظ انسحاب الكل وقف يتنحنح بحرجٍ ثم وجد ان شقيقته وأولادها رحلوا مع "بدر" في الشقة الٱخري الخاصة بـ "سمية" ، وأين هي ؟ رحلت من البداية عندما حثها شقيقها علي ذلك ، خفق قلبه في الحال عندما لاحظ ان ولد هذه المرٱة "سامر" رحل واختفي أيضاً حتي بعد مكوث والدته وشقيقاته أكثر! , أغلق سحاب سترته بغير إهتمام وتحرك بعجالةٍ. يردد من على بعد لـ عمه بعدما خمن أنه انسحب خلفها!! :
_", أنا همشي أنا يعمي !!"
أغلق الباب خلفه ، مهرولاّ ناحية الأسفل من فكرة انسحاب الٱخر خلفها هي ، ولما هي؟؟ ، ابتلع ريقه بصعوبةٍ وها قد دقت طبول الخوف ثم الغيره وحتي الخطر القادم بعد قليل !!!
________________________________________
قبل وقت من الأحداث الٱخيرة ، هبطت تحبس الدموع في عينيها بكسرةٍ ، كلما تشعر بأنها تتناسي يُذكرها مرارة كلمات أحدهم ، وأحدهم هذه. المره كانت "خالتها" ذات الملامح القوية التي تدل على حدة كلماتها ، وهي؟ هي لم تعد تتحمل أي شئ يكفي إخفاءها قهرها بما حدث لها ،، تستمر للتعايش بسلام بينما الٱخرين وكلماتهم لا يودون تركها حُرة !! ، لوهلة شعرت بأنها تشفق على حالها بقوةٍ ووهن، كل مره يقلل أحد منها أمام غُرباء ، هو يعد غريب وتلقت الخذلان من كلمات شقيقها أمامه في المره الٱخيرة ، بينما الٱن علم القريب والبعيد وحتي الغريب، لذا تركها وحثها "حازم" على الرحيل بعيداً قبل ان يحدث شئ بكلمات هذه المرٱة الغير هينة ، فتحت المحل بأيدي ترتجف ، للمره التي لا تعرف عددها تشعر بالتقليل من شأنها، في كل مره تتحمل وكأن العقبات الأخيرة تأتي واحدة تلو الٱخرى عليها ، وبوجوه مثل هذه الوجوه التي رأتها قبل قليل لم تمر عقبتها علي خير ، هابت أن تُفضح ويعلم من لا يعلم ، وتعلم هي ان والدتها تنساق وراء كلمات شقيقتها الكبري وكأنها عمياء لا تري بل وتهاب ، بعد ان كانت لا تهاب أحد إلا شقيقتها ، شقيقتها التي حكمت مع بقية العائلة زواج "سليم" منها بعد ان طُلقت "زينات" من زوجها الأول لعدم قدرته علي الإنجاب ، وذُكر ذلك من قبل ..
توقفت "فريدة" تأخذ أنفاسها وكلما تنسى ما كانت تفعله تشمئز من. حالها وجاءوا هم يذكرونها ، كم مره اتحدت مع بنات خالتها لقهر بنات عمها بالحديث السام المتسلط ، كم مره كانت تقف مع "زهور" وهي تتعمد القوة ، كم مره حاولت التحدث كي تُعلمهم عن دناءة "سامر" معها ولكنها صمتت بسبب والدها الذي لم يكن سيصدق ما ستقوله بسبب سيطرة "زهور" عليه ، "سليم وزهور" كانا مقرببين من بعضهما لحدٍ كبير بسبب تقارب العمر أيضاً !!
نزلت دمعتها كلما تذكرت نظرة عينيها التي تقابلت مع "ٱدم" عند حديث الٱخيرة عليها ، تعجز عن وصف ما بداخلها لكنها لا تود الظهور أمامه كذلك ابداً حتي ولو كان يعلم الحقيقة الموجعه ، كما تعنف نفسها بنفس ذات الوقت ألا تنساق وراء مشاعره وبالٱخري مشاعرها الٱخيرة المضطربه تجاهه تارة تشتد وتارة أخرى ترخي المعاملة ،. ماذا يريد قلبها وماذا يريد عقلها ؟؟
صدرها يعلو ويهبط من فرط ما تكنه الٱن بداخلها مسحت بيديها وجهها وهي تحث نفسها على القوة ، منذ متي وهي تعلن انهيارها أمام أحد ، يكفي كوابيسها كل ليلة منذ ليلة إغتصابها علي يد الحقير المحكوم عليه بالاعدام دون ان تعلم هي ذلك ولا حتي بقية العائلة ، يكفي وجع !! ، إنحنت تحمل المنديل الورقي ربما وقع من أحد الزبائن ، وهي من تعمل علي تنظيف المكان ،. انتشلته كي تضعه بسلة المهملات وفجأةً وجدت حذاءه الأسود أمامها ، رحل خلفها؟ يود تذكيرها؟ ماذا يريد منها فان كانت تتحد مع والدته وشقيقاته فظل هو التي كانت تبغضه بسبب أفعاله معها في الخفاء وهي التي توجب عليها الصمت !!
انتفضت"فريدة" تقف سريعاً وهي تنظر له بعينيه بجرأةٍ دون خوف حتي رددت بنبره حادة تعنفه :
_"إنت إيه اللي جايبك ورايا يا بني ٱدم انتَ ؟!!!"
وأما عن "سامر" فكان يكبر "حازم" بعامين !!، ملامحة رجولية بشدةٍ ، كانت تشبهه بطباعه كمثل شقيقها "حسن" ، ورغم ذلك تزوج وفشل في زواجة ولم يفعلها ثانيةً ، نظر لها "سامر" بتسليةٍ واقترب أكثر يردد بنبرة صوت ظهر بها خبث رجل لعوب لم ولن ينسي محاولته في الاقتراب منها بيوم ما :
_" إيه يا فوفّة مالك مش طيقاني ليه ؟ قوام نسيتي اللي كان بينا يا ..بنت خالتي !"
تشنجت ملامحها بطريقة ملحوظة ولاحظت قربه فرجعت إلى الخلف أكثر ، ورددت تشير بيديها بانفعالٍ صريح :
_" هو أنا كان بيني وبينك ايه ؟!! لو سمحت امشي من هنا وسيبني فحالي ،. بدل ما هتشوف وش تاني عمرك ما شوفته ، إبـــعد عني !!"
دفعته عنها عندما حاول الاقتراب فأمسك معصمها ومازال يبتسم ، حتي اقترب يردد بنبرة جادة غير مبالية :
_"لا دا انتي إيدك تقلت أوي ، ولا إسمه إيه دمرك أوي كدة !!"
كان قوله وقح صريح واضح بذلك ، فتحت عينيها بصدمة من قوله وحاولت دفعه عنها بغضبٍ حتي رجع إلى الخلف أثر دفعها له ورددت هي بنبره أكثر إرتفاع :
_" إخرس يا حيوان وابعد ، بدل ما أفضحك فيها وأقول علي اللي كان ، أنا لســـة منستش!!!!"
السئ بالنسبة لها أنها وجدته يضحك بغير إهتمام كي يجعلها تُقهر أكثر ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ عندما وجدته يقترب مجدداّ. ، وهذه المره لم ترجع إلى الخلف ، ولكنه هتف يجاريها ببرودٍ :
_" لسه منستيش ايه بقا؟"
غمز لها بوقاحةٍ مره أخرى ، حبست الدموع في عينيها وحاولت الثبات ولأول مره. تواجهه بها :
_" منستش قرفك لما كنت بتيجي عندنا وكل شوية كنت بتيجي ورايا تتلزق فيا وتحاول تتحرش بيا زي القذر المقرف، لسه فاكره كام مره اتحرشت بيا فيهم وكام مره حاولت تقرب وأنا مش فاهمه ، ولما فهمت رفضتك بالقوة وكنت هوديك فداهية لو حد كان عرف .!!"
لم يهتز من كلماتها بل مد ذراعه يستند على السور الخشبي من خلفها وحاصرها فوقفت بثباتٍ تبتلع ريقها وأكمل هو بقية الحديث بثقةٍ :
_"ومتكلمتيش ولا ودتيني فداهية عشان محدش كان هيصدقك مش كده ؟"
بالفعل ان كانت تحدثت وقتها لما كان سيقف بصفها أحد ، حتي والدها كان سيلقي اللوم عليها هي ، وان حدث شئ كان سيتطور الوضع بزواجها منه من قرار "زهور" التي كانت ستأخذة وقتها ، ذكية من صغرها ووضعت تحسبات عديدة ونسيت حقها الأساسي ولكن أين من كان سينصفها؟ خاصةً ان "حازم" كانت هي سيئه بحقه وقتها !! ، وجدته يكمل مره ٱخري بوقاحة شديدة جريئة :
_" ولا متكلمتيش عشان الحوار كان علي هواكي ؟؟"
صُدمت مره أخري ودفعته عنها بكلتا يديها وهي تصرخ به هذه المره بصوتٍ عالٍ :
_" إخـــرس يا قـــذر يا زبـــالة !!"
حاصرها بمسك كلتا يديها وحاول الإقتراب ، وقد تحولت ملامحه للغضب هذه المره من جرأتها في سبه ومد يديها عليه ، حركها بعنفٍ وقال بهمسٍ يهددها :
_" إنتِ اللي قذرة وزبالة ، فوقي يا بت ، ها .. فوقي عشان لو مفوقتيش رجعلك اللي يفوقك منها ويعلمك الٱدب من جديد!!"
حاولت دفعه عنها بانفعالٍ وهي تسبه ومن بين ذلك كان مُصر على عدم تركها ،. هنا وبهذا الوقت كان يركض للحاق بها عندما تأكد من انسحاب الٱخر خلفها دون انتباه ٱحد ، دخل "ٱدم" بإندفاعٍ فاتحاً الباب أكثر الباب الذي أغلقه "سامر" خلفه نصف غلقة فقط ، ركض ناحيتهم بسرعةٍ ووقف ينظر بغير وعي إلى أن اندفع يفصله عنها بقوةٍ مردداً بحدةٍ يصرخ به :
_" سـيبها ياَلاَ ، ابـــعد عنها !"
تعمد "سامر" عدم تركها بينما فصله "ٱدم" عنها ووقفت هي تذرف الدموع بانهيارٍ تحت مسك "سامر" تلابيب "آدم " بقوةٍ وهو يردد له :
_" وانت مال أهلك بيها !"
_" انا هقولك ياروح أمك ، تعالىٰ!!"
سحبه "ٱدم" ناحية الخارج خلفه وهو يتمسك به وكأنه سلالة من إحدي الحيوانات العنيفه، أخرجه بمنتصف الشارع أمام المحل ، حتي بدأ بالعراك معه وبدٱ "ٱدم" بتوجية لكمة قوية أسفل عينيه حتي تأوي الٱخر فأمسك رأسه يدفعها برأسه تحت صراخ "فريدة " بإنهيارٍ شديد إلى ان تجمع الناس يفصلوهما عن بعضهما ، ولم يسمع من فالطابق الثالث شئ حتي أن الصراخ لم يكن عاليًا هذه المره ، ابتلعت ريقها بضغفٍ عندما وقف "ٱدم" ينظر بعصبية مفرطة ورجلان يمسكان ذراعيه كي لا يتوجه ناحيته في حين فعل الٱخر كذلك ، والذي وقف بإنفعالٍ يردد له بغضبٍ من بين إمساك ٱخرين له أيضاً :
_''وحياة أمك لهعرفك!"
سبه "ٱدم" وحاول التقدم ناحيته بنفس الصراخ :
_" ما تيجي ياض ، تعالى عرفني يلا أنا واقفلك أهو ، تعالى يا و** !"
منعه الرجلان حتي نفض يديهما وتعمد "سامر" الرد بطريقة ٱخري غير ذلك تماماّ عندما توقف على فجأه يأخذ أنفاسه وهو يدفع عنه من يمسكانه حتي التفت بإنفعالٍ يدخل مدخل العماره وكأنه لم يفعل شئ للتو ، ابتسم "ٱدم" باستهزاءٍ ولاحظ انسحاب الكل بينما وقفت هي تتنفس بصوتٍ وهي تهبط الدموع ، دفع عنه الرجلان برفقٍ اللذان ظلا معه ، وردد لهما بنبره هادئة على وعده لعدم فعل شئ حتي تركانه وسمع صوت ٱذان المغرب ..
اقترب منها حتي تمسك بيديها بلهفةٍ يسألها بخوفٍ :
_" فريدة ..انتِ كويسة؟؟؟ عملك حاجه الواد ده ؟ قرب منك ؟؟"
نفت بانهيارٍ من الدموع وحركت رأسها بـ "لا" تمسك بمعصمها برفقٍ وهو يسحبها نحو الداخل حتي أجلسها علي المقعد وجذب زجاجة المياه يحثها علي ان تشرب منها وعندما لم تستجيب ، وضع بكفه القليل ومسح وجهها بجرأةٍ حتي أخذت أنفاسها ببطئٍ ورددت بتقطعٍ حديث غير مفهوم ،. حتي حاول تهدأتها وهو يقول بقلقٍ يطمأنها:
_" إهدي متخافيش ! !"
وقف يطالع وجهها لوقتٍ كي تستعيد قوتها وتماسكها ، كانت يديها ترتجف فإبتلع ريقه بعجزٍ عن عدم مقدرته علي احتوائها ، انحني أمام مقعدها دون ان يتلسمها وردد بخوفٍ من حالتها هذه :
_" إهدي عشان خاطري.. متخافيش ، مفيش حاجة ،. أنا موجود معاكي ،مش هيحصل حاجة تاني متقلقيش !!"
كل هذه كلمات كي تطمئن ابتلعت ريقها وهي تنظر له ومن بين ملاحظتها هتفت بتعلثمٍ تخبره بنبره منخفضه :
_" شِفـ ـتك بتجيب دم !!!"
إبتسم بحبٍ لها ظهر في نظرة عينيه لم يُصعق ولم يتلمس فمه ، بل هتف بنبره خشنة وهو يطالع وجهها ولأول مره يري ضعفها الظاهر بقوة كهذه المره :
_" مش مُهم، الأهم إنتِ تكوني بخير ، بـخير؟؟"
سألها باهتمامٍ وابتلعت ريقها تعي كل خوفه واهتمامه لأجلها ، انتفض جسدها برعشةٍ فأمسك يديها بتلقائيةٍ حتي بعدته هي عنها ،. فتنحنح بحرجٍ وهو يعتدل حتي وقف يعرض عليها :
_" طب تعالي أطلعك ونقفل المحل !"
وقفت "فريدة" تحاول أن تستند وقالت بنبره مبحوحة:
_" أنا هقدر أطلع..مـ مـتتعبش نفسك ، روح صلي انتَ !"
وقف وكأنهُ يتأكد من قولها إلا أن حركت رأسها له تؤكد بأنها أصبحت بخيرّ قليلاً ، تنفس بصوتٍ مسموع وسمع اذان الإقامة ، فرد يسألها بتشكك:
_" متأكدة؟"
_" أه ، روح قبل ما الصلاه تفوتك!"
حرك رأسه يوافق ، ثم إعتدل ينظر لها بتفقد لمره ٱخيرة قبل الرحيل ، لاحظ خروجها بعده وهي تجلب المفتاح ، فأمسكه منها كي يغلق المحل ، وعندما خرجت أغلقه هو وأعطاها المفتاح ، حتي أشار لها يحثها بلينٍ :
_" إمسكي ، براحتك وإنتِ طالعة !"
ابتسمت نصف ابتسامة ، لم يلبثا ثوانٍ حتي وجدت الشباب يجتمعون للذهاب إلى الصلاة ومعهم "حامد" هذه المره ، هرول "حازم" يمسك كفها بخوفٍ ما ان رأى ملامح وجهها الشاحبة حتي سألها بقلقٍ :
_" مالك يافريدة ، في ايه؟!!"
وقف كلاّ من "حامد"و"غسان"و"بسام"و"شادي"و"بدر" يترقبون الرد ، فرد "ٱدم" سريعاّ بنبرة هادئة يوقف اندفاع شقيقه الذي رٱى دماء فمة :
_" كويسة يا حازم ربنا ستر ، تعالوا بس نصلي وهحكيلم أنا على كل حاجة ، وسيبوها تطلع هي بقت تمام!!"
لم تكن لديها القدرة للرد بوضوحٍ لذا نظرت له بامتنانٍ فربت "حازم" على كفها بغير فهمٍ حيث أنه خمن في البداية كلمات عمته وقرر تأجيل المواجهه معها والعتاب بينما الٱن يبدو أن الوضع أكثر شدة !! ،. انسحبت وهي تشير له بأنها بخير ، حتي أومأ يحثها علي التمهل واقترب مع قول "حامد" الذي ظهر به القلق وهو يري "بدر" يخرج منديل ورقي يمسح به فم الٱخر بحنوٍ:
_" خير يا بني ايه اللي حصل قلقتنا !!"
_"انت متخانق مع مين ي ٱدم ، ومالها فريدة عاملة كده ليه ؟"
سأله "غسان" بغرابةٍ وقبل ان يسأل "حازم " مجدداً أشار لهم "ٱدم" بعجالةٍ :
_" هقولكم والله علي اللي فيها ، بس نصلي الٱول ونشوف الحوار ده!"
..وأما عنها فعندما ركبت المصعد صعد بها نحو طابقها ، ابتلعت ريقها بتفكيرٍ مُنهك عندما فُتح وقررت عدم الذهاب ناحية شقة "والدتها" لذا ، دقت جرس شقة"سُمية" التي فتحت هي لها الباب وما ان رأت عينيها الباكية بأثار الدموع والشحوب ، طالعتها بلهفةٍ وهي تسألها عندما أمسكت ذراعها تُدخلها نحوهم في الداخل من تجمعهم لديها بشقتها بعد رحيل الرجال للصلاة ، ذهبن النساء والفتيات لـشقة "سمية" :
_" مالك يا بنتي حصلك ايه ؟؟"
إلتفت الفتيات حولها ، ونهضت "نيروز"مع "ياسمين" وعلى مقربة منهم كانت"فاطمة"و"وردة"وحتي"منة" ومعهم "عايدة" و"دلال" و"وسام" .
_"مفيش.. حصل خناقة تحت بيني وبين سامر فـ.. فـ ٱدم إتدخل !"
شهقت "فاطمة " بخوفٍ لطالما تعلم اندفاغ شقيقها وغضبه السريع ، فردت "عايدة " وهي تضمها ناحية صدرها :
_" من ايه ده يا بنتي ، طب انتي كويسة؟؟"
_" اه!"
رددتها بخواءٍ ولأول مره تهاب وتخاف الذهاب لشقتهم ، تعلم تمام العلم بأنهم سيقيمون عندهم ولم تقبل هذه المره النوم بنفس الشقة التي هم بها!!، جلسن بجانبها الفتيات يحاولن مواساتها بفهم أكثر عن الذي حدث فإبتلعت ريقها بصمتٍ ولم ترد بسبب ما بها من فقدان أعصاب, ما رٱته بعيني "سامر" رٱته من قبل عندما اقترب منها "شريف" ما قبل الواقعه الموجعة بالنسبة لها ، و"سامر" يتوقع منه فعل ٱي شئ لذا تخاف القادم خاصةً أنه ليس من أنصار ترك الحق والهروب ، وهرب هو من "آدم" بعد العراك والتهويش!! ، تتوقع حدوث وتدبير شئ منه لطالما تعلم شخصيته وطباعه عن ظهر قلب كيف تنسي؟؟. ، إنتفضت عندما سمعت صوت إغلاق باب الشقة الخاصة بـ "زينات" وعلمت أنه هبط إلى الأسفل مجدداً هرولت تفف خلف الباب تحت غرابة الكُل ونظرت من خلف العدسة ووجدت "والدتها" تقف مع "زهور" وحولهم فتيات خالتها ، ابتلعت ريقها عندما وجدت "زينات" تحاول امساك "زهور" كي تهدأها فردت "زهور" بشموخٍ شديد :
_«" اسكتي يا زينات ، سايبة بنتك تنزل وتقعد لوحدها بعد اللي حصل ، أهو سهل يقرب منها أي واحد بعد ما بقت سهلة فنظر الكل ، صبرك عليا نشوف كلام سامر ده !!"»
_«" يا زهور افهمي ابنك فاهم غلط ، ٱدم وفريدة مفيش بينهم حاجة كدة أبداً ..ٱدم بيشتغل مع فريدة فالمحل ده وتلاقيه كان مقرب يساعدها مش اللي فدماغكم !!"».
جحظت عيني"فريدة" بصدمة ، ماذا قال هذا الحقير عنها ؟؟ خاض بها ؟ تخلصت من شقيقها وجاء هو ؟. ، انهارت أعصابها والتفتت تجلس على المقعد وهي تضع يديها على فمها بخوفٍ ، تحت تجمع الآخرين حولها ، فرددت"نيروز" بخوفٍ والتي وقفت تستمع بجانبها:
_" ايه الكلام اللي سمعته دا يا فريدة ؟؟؟ ، هو ايه اللي حصل لكل ده ؟!"
كانت معالم الدهشة على وجوههم ولم تترك "فريدة" لهم الفرصة للسؤال بل أجابت على حديث الٱخيرة برهبة مخفية :
_" سامر حط بصماته ، شـ ...شكله طلع عليا كلام مش كويس أنا وٱدم "
صُدم الكل ولم تترك لهم مره ٱخري فرصة بأن تظهر صدمتهم وأعتراضهم في الحديث بل رددت بنبره مختنقه وهي تجلس القرفصاء ولأول مره يظهر الضعف أمام الكل عندما أعلنت الاستسلام بالبكاء والحديث وهي تشهق، تدفن رأسها بين كفيها وهي تستند على ساقيها :
_"أنا ..أنا تعبت واللهِ ، مبقتش حمل حاجة اقسم بالله!!"
رددتها بوهنٍ جعلت البعض يندفع نحوها لاسنادها كي تقف وتجلس على المقعد مع مواساتهم ، بينما وقفت "سمية" بأعين دامعة لأجلها ، وبكت "وسام" بشفقةٍ ، كما ربتت كل من "نيروز"و"ياسمين"و"ووردة" عليها كي تهدأ وجلبت "منة" لها كوب مياة بسرعة كي تأخذ أنفاسها!! ،لم تمر دقائق وسمعوا صوت همهات عالية بالخارج ، بالتأكيد كان "سامر " الذي صعد مره أخري عندما وجد المحل مُغلق!! ، هرولت "نيروز " تستمع بقلقٍ وبجانبها كانت "ياسمين" تسترق السمع ، وكانت بقية الفتيات في الخلفية مع النساء ومراعاتهم لـ "فريدة" التي هابت عودة "سامر"!!.
_« بقولكم مش تحت مبتسمعوش ، يعني أكيد مشت معاه أو طلعت تاني ،. خبطي يا مروة على القطران ده !»
يسب الباب؟ باب شقة "حامد"؟! ، فقدت "زينات" السيطرة ، في حين دقت الشقيقة الٱخري له" أسماء" باب شقة "عايدة" ، إستندت "زهور" على عصاها بشدةٍ وأشارت له بهدوء شديد:
_" خبط هنا .. على سُمية يا سامرّ !"
تدخل بقوة في حياتهم رغم انها لا تملك عليهم اي حق وهذا هو طبعها عندما تعود !! ، هتفت "زينات". بضيق لشقيقتها :
_" يا زهور ادخلي ربنا يهديكي ، فريدة مستحيل تعمل كده وبعدين يعني ايه مش تحت أكيد بتشتري حاجة من الصيدلية أو حاجة وهتيجي انا عارفه أنا ، أنا أمها وعارفه انا بقولك ايه، بنتي متعملش كدة ابدا ً اوزني عقلك شوية !!"
_"قولتلك اقطمي ي زينات ، طلعتي خايبة ومش عارفه أي حاجة ، بس أنا رجعتلك أهو اشوف حياتك اللي انخربت دي وانتِ قاعده ساكتة ولا كأن حاجة بتحصل ، قال واثقه أوي من بنتك ، يشيخة روحي مش كان فاتك محافظة عليها وعلى بيتك بدل اللي حصل!!!"
كل مره تضغط عليها بالحديث ولم تعاتبها بالكامل بعد كل ذلك ، عادت لتحاسبها علي كل شئ حتي طلبها لطلاقها من "سليم" قبل الحبس!! ، زفرت "مروة" بضيقٍ :
_" محدش بيرد !"
_" وهنا كمان يا سامر بردو !"
كان قول "أسماء" هو الٱخير ، فتجاهلهم ورفع يديه يدق باب شقة "سُمية" التي كانت بداخلها تقف كلاً من "نيروز"و"ياسمين" خلف الباب يتابعان الذي يحدث بالخارج بصدمة ،في حين الحديث الٱخير كان بصوت عالٍ فسمعن النساء بالكامل والفتيات ، أخرجت "نيروز" هاتفها من جيب عباءتها وهي تبتلع ريقها برهبة كي تطلب رقم "غسان" رغم انه في المسجد!! ، حاولت "ياسمين" الاندفاع بشراسةٍ كي تفتح الباب بينما منعتها "سمية"و"عايدة" بخوفٍ وهما يسحبونها ناحية الداخل تزامناً مع قول "سامر" الهازئ :
_" عرفنا إنكم ورا الباب ومحدش قلبه جايبه يفتح ، بس طلعولنا كده الحلوة اللي مستخبية جوه دي نتفاهم معاها ونعرف ازاي المحترمة بنت الناس المحترمين ، كانت فوضع مخل مع اللي اسمه" ٱدم " في المحل ، اصله كان ز...!"
كان سيكمل بكل وقاحة حديث جارح؟؟؟ لا يصح سماعه خاصة لهن؟؟وعلى فجأه لم يشعر هو بقدومهم سمع صوت دقات هاتف "غسان " الذي صعد على السُلم مع "حازم " و"شادي" والبقية كانوا ينتظرون المصعد ، وبالوقت نفسه سمع"حازم" قوله الٱخير ، فاقترب بإندفاعٍ يمسك ياقة قميصه من غلو الدماء بعروقه علي ما سمعه للتو:
_" انت بتقول ايه على اختي يا"سامر" ؟؟ انت اتجننت؟؟؟!"
وقف ثابتاً لم يهزه شئ وخرج البقية من المصعد ، حتي اغلق"غسان" الخط على "نيروز " عندما تفهم ما حدث ، تنهد "سامر" بصوتٍ مسموع بينما دقت "زهور" بعصاها الأرض وهي تقترب مردفة بحزمٍ :
_'' جرا ايه يا حازم ، إعمل احترام للكبيرة حتى !"
لوي فمه بإستهزاءٍ وردد تزامناً مع اقتراب "ٱدم" بشرر:
_" كان هو عمل احترام الأول ، انتِ مش سامعة قال ايه؟؟؟؟"
زفرت بنفاذ صبر ، وابتلعت النساء ريقها بصعوبةٍ فالداخل ، في حين دقت "زهور" الباب بحزمٍ متجاهلة صوت "زينات " في الخلفية و تردد بالصبر بينما قالت هى بجديةٍ شديدة:
_" افتحوا ياللي جوه وقدروا اللي واقفين دول ، احنا مش بتوع شر ،اخرجي يا فريدة وقولي اللي حصل!"
اهتز جسدها في الداخل في حين اندفع"ٱدم" يردد عندما فهم رمي البلاء عليه من الكلمات وكانت همسات شقيقة بالتحذير، لكنه تجاهل وردد بإنفعالٍ:
_" بقولكوا ايــه ..انتوا هتعيشوا الدور ، هو رمي بلى وخلاص ، عليا الحـ.."
بتر "بدر" حديثه عندما وقف بحزمٍ ينظر لها ولولدها مردداً بنبره قوية كي يخرس ألسنتهم :
_"خدوا بالكم من كلامكم ، مش كل مره نعديلكم بلوه ومصيبه ، كفاية المره اللي فاتت بعدت عنكم وعن محاولتكم فانكم تخربوا حياتي وتجوزيلي بنتك علي مراتي ، مش هيبقي اخويا المرادي كمان!!!!"
توقف لبرهه ثم قال مجدداً بهدوءٍ :
_" ٱدم ميعملش كده ، وقبل دا ،. فريدة أخلاقها متسمحش بالقرف اللي بتفكروا فيه !!"
تدخل "حامد" يسأل"سامر" بعقلٍ كي يهدأ الوضع :
_" هو حصل ايه يابني لكل ده ، شوفتهم بإيه يعني ، ما تخزي الشيطان واسكت خلي الدنيا هادية !"
إعتدل"سامر" ينفض يدي "حازم " وتوجه بعينيه وحديثه لـ "حامد " غافلاً عن عيني "غسان" التي تراقب تحركاته بالتفصيل لعدم ثقته بالقادم منه :
_"معلش يحج حامد ، ما انت مش هتصدق عشان ده ابن اخوك ، بس الأستاذ كان واقف ومقرب منها وبيحاول لمؤاخذه يعني .. بس أنا عشان ابن ناس حاولت ابعده عنها ولما رفض بالقوة اتعاركنا حتي بس على الضرب اللي فوشه ووشي لو مش مصدق !!.."
شهق البعض ، فصرخ "ٱدم" به بشدةٍ :
_" انت عقلك فوت ياض انتَ ؟؟؟ بتكذب الكذبه وتصدقها انت وأمك يا***"
سبه فحاول الٱخر الآندفاع هو و"حازم " وفصلاهما "بسام"و"شادي" في حين رد "حامد " بجدية:
_" أنا اللي بقول الكلام ده ميطلعش لا من ٱدم ولا من فريدة اللي كلنا عارفين أخلاقها ، إعقل يبني ولم الدور وادخل الشقة من تاني واخزي الشيطان!!"
تعالت ضحكات "مروة " بشماتةٍ وكبتتها علي الفور عندما واصلت "زهور" بجمودٍ :
_" طلع اختك ي حازم تتكلم ، طالما مخفية وخايفة تطلع يبقي الكلام صح !"
_" أنا لحد الٱن محترم سنك وصلة الرحم وحتي الدم ، بلاش تجبريني أتخلى عن كل دول ، ٱنا اختي متخافش طالما معملتش حاجة ومش محتاج منك تحكمي وتخليها تطلع تقول الحق ، هي كده كده معاها حق! من غير تبرير !!"
رددها بحزمٍ ، وقبل ان تجيب ردد "سامر" بإستفزازٍ جاد :
_" يا جدع دا أنا شايفهم بعيني دول ، متخيبش وخليك راجل كده علي أخواتك متبقاش بقرون !! ."
حاول "حازم " الإندفاع نحوه بشررٍ و"بدر" من أمسكة بقوة مع "شادي"و"بسام" بينما اقترب "غسان " يضرب بأنامله بخفةٍ على كتف "سامر" مردداً بفظاظةٍ يختصر رده علي حديثه :
_"يبقي مبتشوفش كويس ومحتاج نضارة ،غير كده مفيش!"
صمت "غسان" يشملهم بنظراته وحرك رأسه يحثه بجديةٍ :
_" وشِد يلا من هنا وخليك انت الراجل وخد عيلتك المقطقطة دي وارجع الشقة أو مكان ما جيتم ، تبقوا ريحتوا واستريحتوا !"
إغتاظ ونفض يديه من على كتفه ورد بخشونةٍ فظة كمثل الٱخير :
_"بلاش انت وخليك لطيف زي ما كنت وابعد!"
حاول "غسان" الثبات أمام الأعين التي تترقب وقال بثباتٍ مجدداً يسأله :
_" هو أنا مقولتلكش؟"
_"لا مقولتش "
رددها "سامر" باستخفافٍ ، فعاد "غسان" يجيبه متحلياً بالصبر :
_" لا إعرف بقا إن الوجه لطيف والعقل مخيف والفعل هسيبك تجربه وتحكم بنفسك"
وواصل يكمل بتبجحٍ يثير استفزاز الٱخر :
_" أصل اللي بيتكلم مببعملش ، واللي بيعمل مبيتكلمش!!"
ضغط على فكه عقب قولها وأمسكه بقوةٍ على فجأه يحاصره مستنداّ على الباب المغلق حتي انتفض من. بالداخل مع قول "غسان" المحذر :
_" ومش عايز أقولك هيبقي ازاي ، عشان ده حازم عامل احترام لعمته وصلة القرابة ، أما بقا غيره لو مد ايده هيغلط نفسه اكتر ما انت بتحاول تغلطة ، وغيرهم هم الإتنين لو اتلمو مع بعض كده عليك هتطلع فالٱخر ...."
اقترب يهمس جوار أذنه بسبٍ بذئ ،حتي دفعه الٱخر عنه بعصبيةٍ فتعمد "غسان " الضحك كي يثير استفزازة وردد مره أخري يكمل وهو يشير إليه بعينيه ساخراً :
_" خد ماما يلا ي حبيب ماما وخش ، وابقا إسأل ابن خالتك قبل ما تقف فمكان اتعلم فيه قبل كده وبردو ملقاش غير أمه تسنده زي النسوان ، تحب تجرب؟ وأمك تسندك؟!"
ورفع "غسان" كفيه مدعياً البراءة :
_" أنا معنديش مانع تجرب !"
أوقفته "زهور" بعصاها تمنع ابنها عن التوجه نحو "غسان" الذي كان مستفزاً له لحد كبير ،.و رددت بصرامةٍ لـ "حازم" :
_" وقوفك مع الغريب علينا مش صح فحقك وحقنا ي بن سليم ، وطالما اختك مطلعتش يبقي كان اللي كان وغلطت للمره التانية !"
تشنجت ملامحه، وتدخل "بسام" يردف بجديةٍ من قبله :
_"عيب يا ست تقولي كده ، مش بدل ما تعاتبي ابنك علي كل اللي قاله وحش فحقها، ما هو قالك هو واثق فأخته ومعملتش كده ، يبقي ارجعي لروا وسيبك من اللي حصل ، اذ كان امها منطقتش ولا صدقت بالكلام اللي اتقال!!"
حولت نظراتها بينه وبين "غسان" وابتسمت بإستهزاءٍ ، حتي رددت بافتراءٍ كاذب :
_" أمها صدقت وسابت الكبير يحكم عليها مادام عجزت عن التربية!"
نظر الجميع لها بخيبةٍ ولم تستطع النفي بسبب سيطرة الٱخرى عليها ، فُتح الباب بإندفاعٍ رغم رفض البعض والبعض الٱخر أيد خروجها كي يسكن الوضع!!، هلت "فريدة" من خلفه بملامح باهته تنظر ناحية الكل ، نظرت"مروة" إليها قائلة بلؤم تتصنع البراءة :
_"تعالي يا فريدة ، شوفي اللي بيحصل ، هو حقا إنتِ كُـ.."
كانت تحاول التماسك والصد لهم والرد ، لذا اقتربت منها تشير بيديها بانفعال ٍ كي تحرجها :
_" وانتي مالك ، ملكيش دعوة !"
إقتربت "زينات" منها بخوفٍ فتعالى صوت "زهور" وهي تهتف بسؤالٍ صريح :
_" صحيح يا بت الكلام ده ؟ إنتِ كنتي فعلاً مع الواد ده تحت وكان مقرب منـك !"
إغتاظ "حازم" من إصرارها ، فنظر "حامد" حوله بضيقٍ وقال محاولاً تهدئة الوضع وعدم التصعيد من حجمه للمره الٱخيرة :
_" مينفعش يىجماعة كلامكم على السلم كده ميصحش ، ادخلوا اي شقة مفتوحة واتكلموا !!"
كان التجمع قريب من شقة"سُمية" وخلال لحظات دخل الكل ملتفين حول بعضهم في الصالة ، في حين وقف "حازم " يشير إليهم بانفعال صريح :
_"هو مفيش كلام هيتقال اصلاً ورغم إننا دخلنا بس أنا ماشي أنا واختي ســ.."
وقبل أن يهتف بالوداع ، فصلت"زهور" يديه عن"فريدة" مرددة بحزمٍ :
_" إلزم حدك يا حازم وسيب كبيرك يتصرف ، مش هتعرف مصلحة اختك أكتر مني !"
نفضت "فريدة" ذراعها بنفورٍ وقالت بنبره مرتفعة :
_" ابعدي عني بقا ، انا معملتش حاجة ، ولا ٱدم قرب مني ، ابنك هو اللي مقرف وهو اللي كان بيحاول يعمل كده .."
زدفعتها عنها بانهيارٍ ورددت بصراخٍ لهم عندما فاض بها الكيل:
_" سيـــبوني فحــالي بقــا حــرام عــليكم !!!"
احتواها "حازم" بخوفٍ مع "عايدة"و"زينات" في حين إندفع "سامر" بتمثيلٍ وهو يصرخ بها :
_" بترمي بلاكي عليا دلوقتي يا بنت خالتي ، بقا دي اخرتها لما اجي الحقك وأقول علي اللي فيها تدبسيني انا ؟؟؟"
هدأ ببراعةٍ في التمثيل وقال بخبث شيطان برع في اتقان الدور :
_" عالعموم قابلها منك مع إن الظلم وحش ، الحركات القذرة دي متخرجش مني ، بس هحل الوضع ده كله وهنقذه ..!!"
وقف الكل ينظر نحو حديثه بشكٍ عدا من تبعه ،فعاد يلقي بمفاجئته :
_" هنقذه يامهّ كده كده ، ومن الحاجات اللي جايين عشانها اللي هقوله ده ، بس الظاهر ٱن أوانه يجي قبل نصيبه ، ورغم انه افترى منك عليا ، بس أنا بطلب ايدها منك يامه عشان ...ننهي الموضوع ده!!"
فتح الكل عينيه بصدمةٍ وأشارت له "زهور" بالصبر ، في حين اندفع"حازم" مردداً برفضٍ شديد :
_" على جثتي لو ده حصل ، سامع ؟؟؟!''
تصنع البراءة واتقن دور المظلوم الذي علي حق عندما قال يفتري عليها :
_" يبقي اللي شوفته صح ومكنتش محتاج نضارة ، يبقي في بينه وبينها حاجة !!"
كادت أن تتحدث "زهور" فصرخت"زينات " بصوتٍ عالٍ :
_" بــــس بـــقا إســـكتوا ، كـــفاية!!!!"
تجاهلتها "زهور " ونهضت تشير على من تبعها ، حتي قالت بهدوء شديد :
_" لحد هنا وكل واحد يحط لسانه جوه بؤه ، الموضوع لسه مخلصش بس مسيرة يتفتح من تاني قريب ، يــلا !!"
أشارت لولدها وبناتها ، في حين كاد ان يرفض"سامر" فواصلت"زهور" :
_" يلا كلامنا ده هيبقي بعدين ، لما تفوق بنتك ي زينات ، ويفوق الباقي لما كل واحد يبطل يتدخل فاللي ملوش فيه !!"
سارت قبل أن يندفع ٱحدهم بالكلمات ، خرجت ناحية شقة "زينات" وتبعها أولادها ، في حين بكت "فريدة" بإنهيارٍ في ٱحضان "حازم" الذي وقف مصدوماً من تغير الحال بمثل هذه الطريقة ، بينما كان هو في خبيته وعجزه وصمته وحتي حرقته عندما سمع طلبها للزواج من "سامر" أيعقل؟؟ ، جلست "ياسمين" بجانب "سمية" بخواء في حين وقفت"نيروز" بٱعين دامعة على حال "فريدة" حتي احتواها "غسان"برفقٍ..
لحظات صمت متعبة ومُنهكة للكل وصوت شهقاتها يمزق منهم جميعاً ، تلاقت عيني "منة" مع "شادي" والتي انسحبت تبكي على هذا الحال المتعب ، أشار "حامد" لهم بالإنسحاب ، حتي رحل "بسام"مع "شادي" ناحية الشقة الٱخرى ،ووقف "بدر" مع الصغار بعيداً كي يشتتهم عن الجو المشحون بالتوتر , كما ان "حازم" قد ضمها بقوةٍ وهو يهتف بخوفٍ عليها :
_" بالله عليكي يا فريدة ما تعملي. كده ، خليكي ثابته عشان خاطري ومتخافيش والله ما حد هيقدر يقربلك طول ما أنا على وش الأرض!!'
بكت بقوة وانهارت أكثر والأصوات تتداخل في عقلها رٱسها تعلو ومشاهدها الموجعة تراها أمام عينيها وهي تنفي ، لحظة هجومة عليها ، لحظة تكتيفه لها وهو يعتدي عليها ، بكاءها ، انيهارها ، توسلها ، أسفها كي يتركها ، خذلانها، قهرها ، حسرتها ، تنفي برأسها ، كانت تظن بأنها قوية بينما الٱن هي أضعف ما يكون ، سُرقت قوتها وضاع ثباتها وانهارت حتي وقعت من بين يديه مغشية عليها ، كما حدث يوم تلقيها خبر وفاة والدها ، صرخت "زينات" بخوفٍ واندفع "ٱدم" نحوها بخوفٍ وهلع كما هتف الجميع باسمها ، رحل "بسام"!!!! ٱين "منة" الطبيبة؟ ، اقتربت تهرول في حين انحني "حازم" يلتقطها بين ذراعيه عندما شعر بانهيار جسدها بضعفٍ موجع مستسلمة للسحابة السوداء ، انحتي وهي على الأرض معه ،ضاربًا. وجنتيها وهو يردد بلهفة مختنقة :
_" فــريدة ، فوقي .. فوقي عشان خاطري ، ردي عليا!!"
سقطت دمعته بضعفٍ ، وبكت "زينات" بأعصاب منهارة تجلس على بعد غير قادرة علي الإقتراب عندما هرول "غسان" مع "ٱدم" يحثان "حازم" على حملها ناحية أي غرفة في الداخل من الغرف الأربعة .. حملها بقوة لا يعلم من أين ٱتت ربما من خوفه ، في حين وقف الشباب غير قادرين على الدخول كمل دخلت النساء والفتيات ، وهرولت "وسام" تنادي"بسام" كي يساعد "منة" في الكشف على "فريدة"!!.
لم تستطع "نيروز" الاقتراب ناحية الداخل بل وقفت تضع يديها علي اذنها ببوادر انهيار لحقه "غسان" على الفور عندما دفعها ناحية أحضانه يردد عليها كي يخرجها من حالتها هذه :
_" انا جنبك.. متخافيش مفيش حاجة!"
صدرها يعلو يهبط وخرجت من حالة اللاوعي وهي تتمسك بذراعية تردد بخوفٍ:
_"أنا خايفة أوي يا غسـان ، عايزه امشي .. مشيني من هنا عشان خاطري !!"
أرادت البعد ورغم خوفها على "فريدة" الا انها تود الرحيل من مكان العقبات كي يتغير القدر والظروف ، كي تتغير رجفة يديها ، كي لا تفقد جنينها !!!! التي علمت بوجوده برحمها اليوم قبل ساعات فقط !!! ولم تستمر الفرحة لها كما لم تستمر كل مره ، سحبها بخوفٍ ناحية الخارج يساندها ناحية شقة "والده" تزامناً مع اصطدامه بجسد "بسام" الذي هرول بسرعة ناحية الداخل ووقف "شادي" ينتظر مع "بدر"و"ٱدم" الذي كان في أعلى مراحل الخوف الذي لم يشعره من قبل ..
في المره السابقه عندما اغشي عليها خاف وهاب ولكن لم تكن بنفس هذه القوة والشدة في درجة الخوف!!! ، الٱن يتأكد من حبها الذي تخلل قلبه واقتحمه دون استئذان ، ذاق مرارة الخوف الشديد من الفقدان للمره الثانية ، حيث لم تكن بمثل هذه القوه إلا عندما شعر بٱنه سيفقد "والدته " وهذة كانت المره الأولى!!!
خرجت "فاطمة" من الداخل تعطي"ٱدم" وهو أول من وجدته يقترب منها ، أعطته إسم محلول دواء كي يجلبه من الصيدلية بسرعة ، أخذ الورقه الذي كتبها "بسام" وسألها بلهفةٍ وهو يأخذه منها :
_" طب هي ..هي فاقت ولا ايه .؟؟ طمنيني يا فاطمة ونبي !!"
نظرت له بخوفٍ من قلقها وقلقه وعجلته قائلة أمام الأنظار:
_" لسه ي ٱدم بس لازم تاخد الجهاز ده عشان تقدر تفوق و تشد نفسها روح بس بسرعه هاته !"
سار يهرول سريعاً في طريقه ، ودقات قلبه تتنافس على التسارع فيما بينها ، الحُب؟ يأتي خلفه الخوف ! ومن ثم ؟ إما قرار الخذلان أو الٱمان!! ثم يعود الخوف لأكثر درجة يرتفع وهذه المره يعلو بسؤاله هل سأشعر بالخذلان ؟ أم سأنعم بالٱمان ؟.. سؤال محير وياليت الطرق تخبرنا بنهايتها قبل ان نسلكها ، دخلت "زينات" الغرفة معهم لها ، وتوجه "بدر" ناحية الغرفة مشيراً للأطفال كي يذهبوا خلفه ومعهم كان "يامن" ، وقف "شادي" بركن ما ينتظر خروج "منة" كما كان يجلس "حامد" بقلقٍ ممسكاً بسبحته يستغفر بنية فك هذه العقبة الشديدة المفاجئة لهم والسريعة بأحداثها عليهم!!..
_____________________________________
« الحب هو أن لا أعزلك عن العالم ، الحب هو أن أتركك بالزحام و أعلم تمامًا إن قلبك لي. »- محمود درويش-
تتأكد تماماً أن قلبه لها ولكنها لا تثق بمن حوله وحولها ، لا تعلم لمَ تبكي بسبب هذا الموقف وهذه المشاعر التي تشعرها معه لأول مره ، شعور جيد لكنه متعب!! ، تشعر بأنها ستسلبه منها وهي الجاهلة عن فعل دلال النساء ، ومن بين حديث لحديث نسائي تعلمه عن عين الرجال التي تخون رغماً عنهم كانت هي واقعه بالمنتصف لا تريد ضياعه بينما هو يفكر بطريقة ٱخري أنه لايري إلا هي ، ولم يختار إلا هي أيضاّ في النهاية ماذا تريد بعد ذلك؟؟
الإثنان لم يفهما بعضهما ،ولكنهما طرفان عاقلين إلى حد مما جعل الٱمر هادئ ساكن ، ولكن أحياناً السكون يعد انذار بالخطر لبعض العلاقات! ، تتوتر بسبب قدوم أقاربها ولم يسألها عنهم إلا بالمقتضب حينها تركته يجلس في الأسفل وصعدت تبدل ملابسها ومنذ وقتها تذاكر ولم تلبث وقت بالمذاكرة إلا قليل جداً حيث أنها نهضت تبدل ثيابها لٱخري وهي تأخذ دور استحمام كي تفوق من دوامتها هذه !!
خرجت "جميلة " من المرحاض تضع شعرها بمنشفة طويلة كما ارتدت ملابسها وعليها شئ يستر كتفيها وظهرها وحتي ساقيها ، تركت الرُباط الخاص بخصرها ولم تعقده حتي انها سارت ناحية الغرفة كي تفرد خصلاتها وتنظر نحو ملامحها بالمرٱه ، ورغم انها جميلة شكلاً واسماً إلان ارهاقها وحزنها ظهر علي ملامحها ، ورغم انه لم يتقرب منها إلا انها تراعي موقفه جيداً كما يراعي ويقدر هو ! ، يا هذه من يتحملكِ كل هذا لا يستطيع خيانتكِ ، أكدت قول قلبها وأصوات العقل توسوس لها ، زفرت بصوتٍ عالٍ ، لِمَ لم يحاول ويردد لهذه المرٱه بأن تهاتف أحد غيره متحجج بأي حجة كي يراضيها؟ ، يراضي الٱخرين علي حسابها ؟ الآخرين ؟ بل ونساء ؟؟، لم تكن تعلم بأنها ستعاني لهذا الحد ، أحبته وكانت الطرف الٱكثر شعور بالتملك ! ربما معاملة والدها معها جعلتها كذلك تخاف وتهاب كل شئ!!! ، وضعت المنشفة علي المقعد الحديث أمام المرٱه ، وتركت خصلاتها خلفها ، كانت خصلاتها السوداء طويلة أسفل ظهرها كمثل شعر شقيقتها تمامًا ، أكثر من وصفا بجمال الشعر كانا هما ، ومن خلفهما "نيروز" مباشرة ولكن "نيروز" لم يكن شعرها ناعماً مسترسلاً كمثلهما !! ، وصفا هما بالسواد وهي بلون القهوة!! ..
إنتفضت بفزعٍ عندما وجدته يفتح الغرفة بتلقائية لم تسمع صوت باب شقتها ، متي جاء.؟ اتضح انه أتي منذ دقائق حتي أنها التفتت تنظر فوجدت أزرار قميصه جميعها مفتوحه وظهر جزئه العلوي لأول مره أمام عينيها الخجولة ، اتضح بأنه دخل متأكداً بعدم وجودها ..
طالعته بإرتباكٍ في حين نظر هو ناحية المرٱه التي عكست ظهرها بخصلات شعرها الطويلة الذي يكتشفها هو ايضاً لأول مرة، تعمد اللباقة في القول وهو يقترب متنحنحاً ثم قال :
_"مكنتش اعرف إنك موجودة !"
لم يعتذر كونها زوجته لكنه برر عندما وجدها تنظر بفزع من اندفاعه لفتح الباب ، حثت نفسها على الثبات حتي أمام هيئته وتنفست بعمقٍ تردد بغير اهتمام هادئ جداً :
_" عادي ، محصلش حاجة !"
عادياً بالطبع ؟. ما المشكلة ؟ حركت كتفيها ببساطةٍ والتفتت كأن شئ لم يكن وبدأت في تمشيط خصلاتها ، بينما نظر هو بتمعن لها ، تهلكه حتي بأفعالها كي تعاقبه بالصمت ؟! ، وقف خلفها ونظر لها بالمرٱه يطلب منها بلطفٍ صريح :
_" طب عاتبيني تاني ومتسكتيش كدة ..يمكن المرادي عندي كلام أقوله ، مع اني مغلطش فحاجة !"
لم تلتفت ناحيته ، بل ردت بنبره مهزوزة خانتها :
_" براحتك طالما مش شايف إنك لازم تقدر مشاعري !"
_" انا مقدرها جداً ، انتِ اللي مش مقدراها والله!"
لم تفهم قوله ربما يقصد شئ ٱخر تجهل عنه بطبيعة أخلاقها المنغلقه بقوة وجهل ، لم تجيبه رغم ان هذه تهمة يلقيها عليها ، ولكنها استشعرت ذهاب محور الحديث لموضع ٱخر ، لذا وضع ذراعه علي كتفيها يحتضنها من الخلف كي ينعم بالراحة توقفت عن تمشيط خصلاتها بينما ردد هو بصوتٍ هادئ :
_"لما فكرت فيها من شوية قولت ان لازم نظرتي تتغير شوية بعد ما اتجوزت ، هخلي اتصالات استلام شغل الحريم لواحد غيري ، وعشان تكوني عارفة هي رنت وأنا تحت وقولتلها شغلك مبقاش فإيدي وعطيتها رقم أحمد اللي معايا فالورشة ، مرضية ؟؟"
وكأي رجل لا يود الاعتراف بأنه هو المخطئ ، خاصةً أن المتصلة بررت له في ٱخر مكالمة بجرأة انها تريده هو من يتولى سيارتها ، هنا وتأكد بأن شعور "جميلة" كان صادق!!,، قبل احدى وجنتيها فالتفتت تنظر له بسكونٍ ، فإعتدل هو وهو يبتسم لها حتي ظهرت ابتسامة هادئة علي شفتيها ، احتوي كفيها بين يديه وقال بصدقٍ :
_" أنا ملقتكيش بسهولة ومستحيل أفرط فيكي بسهولة ، والله يا يستي لو ألف واحدة غيرك فمش هبص ولا عايز غيرك إنتِ بس ، أنا مش طماع ، أنا معايا أجمل واحدة في الدنيا ، ومالية عيني كمان أوي !!"
توسعت بسمتها من حديثه المعسول فقبل كفيها برفقٍ ورددت هي بهدوء:
_" أقولك حاجة ؟"
_" نفسي تقولي والله!"
ضحكت بيأسٍ منه فتشبتت بيديه وقالت بثقةٍ من طبعه اللين اللبق :
_"كنت عارفه إن مش هيهون عليك زعلي!"
_"زعلك وحش يا جميلة وصعب عليا ، انتِ بتسكتي ومش بتواجهي علطول ودا غلط !"
صمتت بانهزامٍ ، فزفر هو بصوتٍ يسألها بإهتمامٍ يغير مجرى الحديث :
_"زاكرتي؟"
_" أه شوية صغيرين كده وبعد كده قومت أستحمي وأغير هدومي !"
نظر نحو ملابسها بعفويةٍ وكلما يحاول الإقتراب يري عقبه تحزنها وتغير وضعهما ، جابت عينيه تفاصيلها بهدوءٍ ، فحاولت هي إغلاق ازرار قميصه بتلقائية ولكنه أمسك يديها مردداً يرفض بإبتسامة هادئة :
_" لا أنا هغير !''
طالعته بسكون ونظرت نحو عينيه بشدةٍ كونها بالنهاية حزنت ورُضيت وبهذه اللحظة شعرت بأن كل شئ عليها حتي خوفها من قدوم أفراد لم تٱتي منذ فتره ، دفعت نفسها بأحضانه كي تشعر بالٱمان ، تفاجئ من فعلتها ، ولم يتردد في رفع ذراعه يضمها أكثر مشدداً في العناق ، يشعر بهروبها من الجميع وتلجأ إليه هو إلا بالراحة أنها تأمنه ولا تهابه ، تثق به ! تنفست بعمقٍ ومرر هو يديه على ظهرها برفقٍ حينها هتف بإسمها بنبرة اهتزت رغماً عنه :
_" جميلة .."
رفعت "جميلة" عينيها ناحيته بترددٍ ، وثبتت نظراتها بنظراته ، حينها ابتلعت ريقها براحةٍ ورمشت بأهدابها تقاوم حرجها ، في حين سألها هو بتيهه ولكن كانت نبرته صريحة واعية لما هو ٱتٍ بموافقتها :
_" انتِ حاسة أنك أحسن؟ قادرة؟؟"
علمت أنه يسأل عن حالتها النفسية وقدرتها في خوض التجارب خاصةً التجربة الذي يسألها هو عنها برفقٍ لها ، ورغم أنه وجد القبول بعينيها لكنه يريد الجواب ، فسألها مجدداً بصراحةٍ أكثر :
_" مستعدة أقرب ولا .. مش جاهزة؟؟"
وبرر سريعاً بتقديرٍ قبل أن تجيب :
_"، أنا ..أنا مش عايز أحطك تحت ضغط ! "
طالعته بصمتٍ وابتلعت ريقها بارتباكٍ ، وسألها بعينيه الشغوفة نظرة فهمتها سريعاً ، فحركت رأسها بالايجاب تقبل وقالت بنبرة هادئة تعطية القبول صراحةً :
_" موافقة ،ولو كل حاجة ضغطاني فإنت الحاجة الوحيدة اللي مبتضعطنيش ولا بتيجي عليا !"
لم يصدق ذلك ولكنها قاومت كل الخوف وأكدت وهي تتمسك بأنامله تحرك رأسها بنعمٍ تعطية القبول والتصريح للقرب ! ، لم يكن يعلم بأنه سيتبسم بسعادة تخونه وقف يعتدل وقال بابتسامة حانية يطلب منها :
_" طب ممكن أعمل حاجة كان نفسي اعملها ، هي حركة قدمت بس أنا كنت مقرر أحققها من زمان!"
طالعته بغرابةٍ ، فأمسك هو كفها يسحبها خلفه ناحية الخارج ، فتح الباب ورغم انها بملابس بيتيه ألا انه يعلم ان البيت لم يكن به سوي هما وشقيقته ووالدته في الأسفل وحتي الشُرف مغلقه ، سحبها ناحية الخارج وابتسم باتساعٍ لها عندما انحني يحملها بذراعيه ، وكأنه يحملها بفتسان زفافها التي لم تسعد به ، شهقت بقوةٍ من مفاجأته لحملها بهذه الطريقه ، واعتدل هو يقف حتي سار وأغلق الباب خلفه بطريقة مضحكة ، حتي سار ناحية الغرفة مرة أخري وكأنه مختل عقلي للتو ، أهبطها حتي جلست على طرف الفراش فوقفت تعتدل بذهولٍ وهي تسأله بضحكٍ :
_" ايه اللي انت عملته ده ؟"
ضحك على نبرتها الضاحكة ووقف يسرد بتلقائية :
_" شيلتك كإني شايلك يوم فرحنا ، أم عز مبتبطلش تحكيلنا على أبو شـ ..على أبو عز لما شالها وضهره وجعه ، وكانت كل شوية تقولي لما تتجوز إبقى شيل عروستك عشان تبقى انت المسيطر !!"
ضحكت بقوةٍ وتراجع عن قول اسم شقيقه هذه المره لأجلها ،ضحك وهو يؤكد ، ولكنه اقترب يسحبها حتي جلست بجانبه على الفراش وأكمل يصارحها بالبقية :
_" بس عز بقا ضهره موجعوش ، علشان إنتِ في خفة الفراشة بالظبط ، خفيفة فكل حته وكل مكان حتى على قلبي !!"
احمرت وجنتيها وردت علي حديثه بحياءٍ تعجز عن الرد :
_" انت بتعجزنـي أوي وانا.."
قاطع "عز", حديثها عندما إقترب يقبل قمة رأسها برفقٍ شديد وقال بنبره هادئة مُحبة لها وبها:
_" مش مهم ، المهم إني بحبك وكلامي بيربكك ويلغبطك زي كل مره بشوفك فيها وبتلغطيني كأنها أول مره !"
ماذا يريد !! ماذا يريد هو ، يكفي قول كلمات تفتك بها وبقلبها الجاهل ، مرر يديه على ظهرها بحنانٍ وقال بنبره يغمرها الحب يدندن لها بمرحٍ طفيف يخفف عنها ما تشعر به :
_«"أه يا حلو يا مسلِّيني
يللي بنار الهجر كاويني
إملا المدام يا جميل واسقيني
من كثر شوقي عليك ما بنام
حبِّيت جميل يا ريتني ضِلُّه
حاز الجمال والحسن كلُّه
لمَّا رأيت ملك فؤادي
صَبَّرت قلبي وحملت ذلٌّه»
وكأن الكلمات تشرح حاله ، وعلم ببراعة كيف يجعلها تتأثر ، وعقب ما انتهي اقترب منها يميل هامساً ببحة رجولية هائمة بها :
_" حبيت جميل وبقيت وهبقي ضله علطول !"
تعلقت عينيها بعينيه وجاب عينيه تقاسيم وجهها الجميلة ، وحتي خصلاتها الذي يمرر يديه عليها الٱن وكٱنه يمشطها بيديه بعمقٍ ، حينها كان على وشك تقبيلها بكل لطف ، كيف لها بٱن لا تستسلم له بعد كل هذه الكلمات والافعال منذ أن عرفته!!
خاصة الٱفعال التي تؤثر في فتاة مثلها لم تعتاد يوم على هذا النوع من الحديث ، بينما الٱن تتٱثر كونها لم تحب أحد مثلما أحبته هي ، وأكثر ما قدرته بأفعاله هو صبره حتى صبره لٱخر لحظة ، وكان يستعد للرفض وعدم القبول متقبلاً ذلك إلى أن تُشفى هي نفسياً بالكامل !! ، أعطته القبول وأخذ هو الفرصة ..، وبعد كل ذلك وبعد هذه المشاعر وحتي الوقت ، جعلها ملكاً له ، ملكاً لـ "عز الرجال " وتأكدت بأنها لم ولن تندم على حدوث كل ذلك عندما عهدت أضعاف الحب منه هو ، عندما وجدت اللطف والحنو ، والأسف !! خاصةّ همسات الأسف علي كل ما رأته بحياتها ، على كل ما شعرته من كسرة ، على كل خذلان ذاقته بمرارة ، على كل بحة صوت مقهورة بعد كل ظلم تلقته ، أسف على كل شئ عدا إختيارها له ، عند هذه النقطة وردد بهمس الوعد على أن يجعلها سعيدة راضية وعلى ان ينفذ وصية رسول الله في معاشرتها بحياتهما معاً ، "جميلة " جملت حياته وكان هو" عز " حيث عزز الثقه وعزز كل شئ كانت تشعر بقلته !!
_________________________________
وكأنهم يخرجون من عقبه وتأتي غيرها ولم يقدر أي منهم على التحمل فتزول بعقبة ٱخرى أشد ، وكأن الاختبار يعاهد على أن لا ينتهي سوى عندما يجد بأعين الجميع الرضا التام !! ، رغماً عن المرء يشعر بالوجع في كل شئ حتي بأبسط الأشياء عليه ، طاقة التحمل تُهلك ، والمطلوب كان الصبر حتي في أشد الأوقات وجعاً ، مرت عقارب الساعة بسرعة وقبل وقت هبط الكل لتأدية صلاة العشاء ومن ثم عادوا مره ثانية ، وهذه المره عاد الكل يجلس بشقة "سمية" ورغم ان "ٱدم" جلب الدواء ولكن أعطاه لها "بسام" و"منة" ، وتركوها تستوعب تدريجياً وهم ينتظرون بالخارج ..
بينما هو وقف في الشرفة ولأول مره يدعو لها بالسجود بكل خوف على ان تصبح بخير حتي وان لم تكن له ، هبطت دمعته وتيقن بأن هذه الدمعة ما هي إلا دمعة الحُب الذي امتزج بالخوف ، رفع يديه يمسح وجهه بيأسٍ داعياً بينه وبين نفسه على ان تكون بأفضل حال!! ..
لم يكن "غسان" هنا ورغم انه هبط ولكنه لم يعود إلى الشقة بل ظل معها هناك يبعدها عن جو التوتر ، جلس "حازم" بصمتٍ ينتظرها بأن تفوق بينما لم تفتح عينيها إلى الٱن وكانت معها بالداخل "وردة" و"عايدة" ، وجلست "زينات" ببكاء صامت عاجز ، وترقبت أنظار الكل عندما خرج صوته بجديةٍ يحذرها :
_" لو مشيتي ورا كلام أختك مش هتشوفي مني عدل يا مرات أبويا ، مفيش جواز منها لسامر ، وبكل احترام فوليلها تمشي مطرح ما جت ، مبقناش محتاجين كبير، احنا كبار كفاية وعايشين ومسئولين ، عشان كده لو أختي جرالها حاجة أو لو حد فكر يقرب منها ويغصبها علي حاجة مش عايزاها هتشوفوا وش حازم التاني اللي لا هيعمل احترام لكبير ولا صغير ولا لٱم ولا لميت حتى!!!"
هبطت دموع "زينات ", والتزم الجميع الصمت بينما رددت هي بنبرة باكية تبرر له:
_" والله العظيم ما أعرف حاجة عن موضوع سامر ده أنا زي زيكم أول مرة ٱعرف ، وبعدين أنا ..أنا مش موافقة,مش عايزه غير بنتي وراحتها وبس مش محتاجة حاجة تاني ولا قولت غير كدة !!"
خرجت نبرة "ياسمين" بجرأة في التدخل وهي تلومها بجمود :
_" لا انتِ مقولتيش كده يامرات عمي ، إنتِ مجربتيش تتكلمي وترفضي أصلا. وسيبتيهم يتكلموا عنها ويحكموا وكأنها هي اللي ليها حكم عليكي وعليها !! "
_"مبقفش لزهور فحاجة ، هي طول عمرها كده ، مقدرش أقول لا أو أعارضها. , بسـ..."..
وقبل أن تكمل تبريراتها هتف "حازم", بإندفاعٍ يقاطعها :
_" بس دي بنتك ، إنتي واعيه؟؟ ، بلاش تخربي اللي حاولتي تصلحيه مع فريدة بطلوع الروح ..المرادي مش هتسامحك ولا هتعديهالك !".
كلما يزيد الحديث تبكي بوهن وضعف وقلة حيلة ، ابتلعت ريقها بخوف من القادم ، في حين أمسكت"ياسمين " كفه كي يهدأ , راقب "بدر"وقوف "ٱدم" على باب الشرفه يتابع بصمتٍ ، بينما تدخل "حامد" يُهدأ من كِبر الحوار :
_"إهدى ي بني ، وفكر بالعقل ، كده كده دي كبيرة عيلتكم دلوقتي يعني مهما قدرت مش هتعرف تمشيها ألا ما تمشي هي من هنا ، متركبش نفسك الغلط في فترة قوعادهم ، اللي أقصده يعني خليك هادي وعاقل قبل ما تعمل أي حاجة !"..
حرك رأسه يومأ بتقدير لحديثه ، وأخذ أنفاسه بصوتٍ وهو يحرك عينيه نحو"بسام " وسأله بقلقٍ :
_" هتفوق إمته يا بسام ؟"..
_"المفروض تكون فايقة دلوقتي أو بتفوق لسة ، متقلقش!!"
وقف"حازم" يبتسم بتكلفةٍ لوقوف "شادي" خلف مقعد "منة" حتي ربت علي كتفية وقال يحثه بلين :
_" روح انت ي شادي ، لسه قدامك طريق والدنيا ليل!"
استشعر انتظاره لأجله ، فنفى بشهامةٍ :
_" ازاي بس ي حازم ، معاك لحد ما تفوق ونطمـن عليها!"
_" اسمع كلامي ي شادي ، كتر خيرك لحد هنا ، مش عارف أقولك ايه ولا لمنة وحتي لبسام كمان!!"
عنفه "بسام " بلومٍ في حين حرك "شادي" رأسه يومأ بطاعةٍ ونهضت "منة" توصيهم على أن يهاتفوها عندما تفوق الٱخرى ، ودعتهم بالاحضان حتي"دلال" التي استشعرت بها وكأنها والدة زوجها ، أشارت لهم بسكون وأمسك هو هاتفه يرسل لـ "غسان" بأنه سيرحل . ، فتح الباب ورحلا الإثنان بعدما ركبا المصعد ، ولم يلبث ثوانِ إلا اعتلى صوت جرس الشقة ، فتقدم "بدر" يفتح الباب وخرجت "وردة" من الغرفة ، وعندما فتح هو الباب نظر بضيقٍ واضح لها ولم تكن سوى "مروة" التي عُرضت عليه للزواج منها ، بل وبسبب طمع "زهور" به كونه مهندس بالسفر والخارج ، لا تعلم هي أصل الحكاية؟!! ، تصنعت الرقة المبالغ بها وهي تسأله:
_" ممكن أدخل ، عايزة خالتو زينات ضروري!"
أفسح لها بصمتٍ ووجد نظرات "وردة" المهتمة والتي تتابع بوجع كلما تتذكر ، وقفت "مروة", بالمنتصف ونظرت ناحية "زينات", وهي تهتف :
_" كلمي ماما ي خالتو ، بتقولك ناوية تباتي هنا ولا ايه ؟"
لا تقدر؟ لا تقدر بأن ابنتها مسها الضرر ؟؟ ، ابتلعت ريقها ببطئٍ وقالت أن لا مانع من الذهاب لمعرفة ماذا تريد كي تعود مجدداً مره ٱخري ، سارت "زينات" قبلها بينما كان "بدر" يقف بجانب باب الشقة ، ولاحظت "مروة" خروج "يامن" من إحدى الغرف وعندما هرول ناحية" والده " لحقته هي وهي تنحني بدلالٍ تحمله متصنعة البراءة وهي تقبله ، حتي التقتت متعمدة وضع "وردة" على الهامش:
_" يامن كبر وبقا عسول ٱوي يا بدر!"
وقفت "ياسمين" تأخذه منها برفقٍ ورددت بتبجحٍ لها :
_" قولي الله أكبر بس ، عشان العين فلقت الحجر يا مروة!"
وضعت يديها على صدرها بشهقةٍ وقالت بلؤمٍ وهي توزع نظراتها بينهم :
_" صحيح عندك حق ، عليا دي. سهيت واتلهيت ، أصل فعلاّ لازم نقول الله أكبر بالذات لو على واحد وحيد أمه وأبوه زي يامن كده ومش هيتخاوى أبداّ !!"
وقحة وفظة وجريئة عن حتي شقيقتها الٱخرى.والكُبري التي تزوجت ولم تأتي معهم ، شحبت ملامح "وردة" حتي أنها سمعت صوت كسر قلبها ، ارتجف جسدها بوهنٍ من رهبة ما سمعته من جرح لها فوقفت "سمية" سريعاّ تحتويها مع قول "بدر", الجامد لها:
_"بلاش شغل المداري ده ، خلينا عالمكشوف لإني بحذرك تتطاولي بالكلام ، و ملكيش دعوة أنا حابب ابني يبقي وحيد وحابب مراتي، وأحب اقولك ريحي نفسك انتي واللي بعتاكي ، عشان وردة مراتي الٱولى والٱخيرة ، ودا كلامي للمره الٱخيرة بالحُسنى غير كده هتشوفي وحش !"
قلبت عينها بغير إهتمام ونظرت نحو "وردة" بنظرة وضحت لها بأنها تقلل من شأنها لي حين اقتربت"ياسمين" تردد لها بجمودٍ مستفز :
_" برا ي ميمي بقا ، أصلك شايفه العدد ما شاء الله وانتِ مزحمة المكان ٱوي وأنا حامل ومش قادرة أخد نفسي ، فضي مكان وخلي سرسوب الهوا يدخل من الباب اللي انتي واقفه قدامه ده !"
اغتاظت ، فأشارت لها "ياسمين" مره أخرى بكيدٍ حتي نظرت لها "مروة " بحدةٍ وهي تلتفت لتخرج من الباب ،في حين حاول "حازم"و"بدر" و"حامد"و"وسام ", وحتي "بسام " على عدم الضحك لما أدرفته "ياسمين" ولكنهم فشلوا وخرجت الضحكات رغم الموقف الصعب ولكنهم ضحكوا بيأسٍ فرددت هي بشموخٍ وهي تضع يديها على معدتها البارزه قليلاً بتعبٍ وقالت بغرور زائف مع اتجاهها لتجلس :
_" مش عارفة من غيري كنتوا هتعيشوا إزاي في النكد ده!"
أمسك"حازم" يديها ليسندها بيأسٍ لتجلس وهو يضحك مع رد "حامد" الهادئ بابتسامة واسعة :
_" عندك حق يا بنتي ، على رأي أبوكي الله يرحمة ، ياسمين فاكهة البيت!"
ابتسامة تأثر زينت محياها ، في نفس الوقت التي خرجت "عايدة" به من الغرفة ، ترقبت أنظار الكل في حين هتفت "عايدة" بنبره هادئة متلهفة :
_" فريدة فاقت !"
نهض البعض وتقدم "ٱدم" بعفويةٍ ومنعته أنظار "بدر" الذي وقف بجانب "حامد" الذي وقف يستأذن لطالما فاقت هي ، مقرراً. الزيارة بوقت ٱخر مادامت أصبحت بخير ، خرج بهدوءٍ ودخلت الفتيات ناحية الداخل مع النساء و"حازم" في حين رحل "حامد" ، ودخل "بدر", الشرفه يشير لـ "أدم" بأن يدخل معه أكثر..وقف ينظر نحو ملامحه باستفهامٍ وسأله بجديةٍ يواجهه بدون مقدمات :
_" إنت حبيتها ولا ايه؟؟"
وقف "ٱدم" يبتلع ريقه بصعوبة في حين وجد أن الصراحة تطلب نفسها بهذا الوقت ، نظر بتيهه وتعلقت عينيه بعيني شقيقه للحظات إلى أن صارحه وهو يؤكد بقلة حيلة يعلن انهزامة ٱمام هذه الجريئة صاحبة الأعين التي لا تعرف الكذب ، الٱعين التي عجزت عن اخفاء نظرة الآعجاب منها له وتصر على العناد!!:
_" غصب عني يا بدر ، مش بإيدي !"
كان يتوقع شئ كهذا ، ظنه يلعب في البداية كعادته !! ، ابتلع "بدر", ريقه ورفع يديه على رأس "ٱدم" يمرر خصلاته وهو يزفر بصوتٍ من هذا الحال الذي وقع به ، وسأله مره أخري بتوبيخ متعب لأجله:
_" طب ليه مقولتش؟ ليه مكلمتش حازم من الأول ووتبقى راجل يدخل بيتها من بابه ، انت عارف الوقتي احنا وقعنا فإيه؟ عارف لو جيت تطلب ايدها وتتقدم هيتقال ايه ؟ والكلام هيتأكد انه صح ازاي؟"
لعبها "سامر", ببراعة إذن؟! ، نظر بتيهه واختنقت نبرته وهو يبرر له بعجزٍ :
_" كنت ناوي أدخل البيت من بابه ، بس هي مكانتش مستعدة وأنا عذرتها وصبرت ، الأول مكنتش عارف ولا حاسس بحب ، إنما دلوقتي أنا خايف!"
رددها باستسلام واقترب يرفع عينيه بناحية اخري كي يخفي دمعته وهو بكمل بوجع :
_" خايف تروح مني ولغيري !"
صمت "بدر" بعجز هو الٱخر ، وتنفس بصوتٍ مسموع وهو يلين بنبرته يسأله عنها :
_" طب وهي ي ٱدم ، بتبادلك نفس الشعور ؟ ولا بتوجع نفسك على الفاضي يا بن امي وابويا ؟!!!"
_" معرفش!"
إلى الٱن يجهل ، قالها بسكونٍ وعاد يردد ما يستشعره :
_" بس أنا..حاسس إنها بدأت تُعحب بيا وتتكلم معايا أحسن من كلامها في الأول ، حاسس إنها ارتاحتلي وقَبلتنِي ، بس برضو لسة تايهة وبتوهني معاها !"
ابتلع غصة مريرة بحلقة عقب هذه الكلمات ووجد ذراع شقيقه تلتف حول كتفيه بموساةٍ وهدوء ٍ يربت برفقٍ هامساً بشرودٍ :
_" أصبر يا ٱدم ، مسير الحال يتعدل وهتمشي بتدابير ربنا!!"
استند الٱخر على كتفيه بتعبٍ من كم التفكير ، بينما خرجت الفتيات والنساء منسحبين ، حتي"ياسمين " سارت لشقة "عايدة" معها لإعداد طعام صحي لها ، في حين انسحبت "وردة" تنزي بوجعها ، وجلست "فاطمة" تطعم كل الصغار حتي "يامن" التي تركته "وردة" بنفسيتها التي ساءت من مجرد حديث جارح وقاسي يذكرها بالماضي كما ذكرها عودتهم ، وحتي "سمية" التي. توجهت ناحية غرفتها لتستريح ، ولٱن "فريدة" كانت بغرفة "ياسمين" فكان "حازم" يجلس بأريحية أكثر وعندما شعر بإنسحاب الكل ، نهض يجلس برفقتها علي الفراش ممكسًا. كفهت الدافئ بينما هي تنظر ناحية سقف الغرفة بشرودٍ ، عندما وجدته يدلك كفها الحر الغير معلق به الإبر ابتسمت بحنوٍ وإبتلعت ريقها تطلب منه بأعين باكية:
_" متسبنيـش ليهم يا حازم ، أنا تعبت أوي ومش حمل وجع من تاني !!"
وجعة نبرتها وتوسلها بالخفاء ، ابتلع ريقه ومرر يديه علي خصلات رأسها التي كُشفت وقال بنبره مطمئنة :
_"مين دا اللي يسيب بنته للغريب يا فريدة ؟ بقا دا كلام ؟ وحياتك عندي ما حد يقدر يقرب منك ولا يغصبك علي حاجة مش عايزاها وأنا موجود!!"
ابتسمت على مشاكسته في طريقته لادراف الحديث ، وقرر مشاكستها أكثر عندما مال يهمس بمرحٍ :
_" طب اقولك حاجة ؟ أنا عايز ياسمين تقعد تبص ليكي كده علطول عشان اللي فبطنها يطلع شبهك ، عندي احساس انه بنت وكلهم بردو بيقولوا كده ، تفتكري ؟ "
استطاع ان يلهيها عن تذكر الألم ، ابتسمت بخفةٍ ونظرت له بحبٍ رغم الوجع وقالت تجاوبه :
_" للدرجادي؟"
_" انتي مستقلية بنفسك ولا ايه ؟ متخلنيش بقا اسميها فريدة لو جت بنت !"
نفت بلهفةٍ وهي تبتسم من بين مسكه لكفها برفقٍ :
_" لا بلاش فريدة عشان خاطري !"
ابتسم بتفهمٍ و أهبط شفتيه يقبل رأسها ببرٍ وقال بلطفٍ هادئ كنبرته :
_" خلاص يبقي انتي اللي تسميها لو جت بنت ايه رأيك ؟"
إعتدلت تحاول الجلوس أكثر فساعدها ببطئٍ تزامناً مع قولها المنصدم :
_" بجد ؟ ياسمين هتوافق؟؟"
ضحك وهو يعتدل وظهرت الخشونة الزائفة في صوته وهو يجيبها بمرحٍ :
_" ومتوافقش ليه ؟ خدي بالك أنا مسيطر أوي ، احنا رجالة بردو مش أي كلام ، قولي بس اللي نفسك فيه ويحصل علطول !"
رفعت ذراعها الحر تعانقه بتلقائية وٱعين يفيض بها الدمع ، ورددت بتحشرجٍ متأثر :
_" ربنا يخليك ليا يا حازم ، وتفضل سندي طول العمر!"
مرر يديه عليها بحنانٍ ، واعتدلت هي تسند رأسها على الوسادة من خلف ظهرها ، شعرت بالخزي من عدم قدوم والدتها إلى الٱن ولكنها تقدر ورأت بأن من الأفضل عدم قدومها كي لا تسحبهم خلفها ويحدث عواقب!! ، نهض يفصل المحلول وامسك يدها يحرصٍ يخرج الابره عندما لاحظ الانتهاء ، وضع كل ذلك بكيس بلاستيكي ولم يتعمد وضها بالسلة بسبب الصغار ، لذا إعتدل يخبرها :
_" هرميهم وأشوف أكل عايدة إتأخر ليه وهرجعلك !"
هزت رأسها توافقه ، وخرج حتي وجد "بدر" يقف مع"ٱدم", ويبدوا أنهما كانا علي وشك الدق على الباب ، تفهم ما يريدانه فالتفت يشير لها على حجاب رأسها فمدت يديها بتعبٍ تضعه علي رأسها ، وسار هو بطريقه وهو يحثهم برفقٍ وثقة منهم :
_" ادخلوا ، راجعلكم اهو !"
وقف "بدر" بعدما دخل وتبعه "ٱدم" الذي انهزم وجلس على الفور بقلقٍ متفحصاً تعابير وجهها الشاحب ، وردد باهتزاز تراه به لأول مره بعدما ردد الٱخر لها بحديث لبق :
_"ألف سلامة عليكي يا فريدة !"
ابتسمت بتعبٍ ولاحظت ابتعاد "بدر" بقصدٍ كي يترك فرصه له عندما وجده موجوع بهذا الشكل ، تعلقت عينيه بها بشدةٍ وهام بها يترقب باهتمام ، في حين اهتزت هي أمام أنظاره وتحركت عينيها بعشوائية وبدأت تقرر بأن تعتذر :
_"ٱدم ..أنا ٱسفه علي كلام سامر وافتراه عليك ، أنا حاولت اتكلم وأقول الحقيقه ، لآنك اتدبست بمصيبة عاوز يلفقهالي بٱي طريـ .."
بتر "ٱدم" جملتها عندما هتف هو برضا تام :
_" أنا مستعد اقع في ألف مصيبة علشانِك ، وألف مشكلة كمان ، مادام الحل هو انتِ ومعايا !!"
تسارعت دقات قلبها بتوترٍ ولما الٱن؟ لما يوترها الٱن ، ابتلعت ريقها بتعلثمٍ وعاد يسألها هو بوضوحٍ :
_" إنتِ موافقه على الكلام اللي اتقال ده ؟"
_"لأ "
نفت بإيجاز تعمدت عدم النظر ناحية وجهه وخاصة عينيه التي تشعر أمامها بأنها مكشوفة!! ، لا يريد التهور في القول والحديث لذا لم يعد لديه القدرة علي قول وترتيب الكلمات ماذا يفعل بوضع كهذا ، وجدها من تحدثت مره أخري توضح وكأن ضميرها وجعها كي لا تتركه مع أفكاره وحده بأذى :
_"مستحيل أوافق حتي لو كلهم موافقين وواقفين ضدي ، مش عايزاه حتي لو موت نفسه بمحاولاته القذرة دي!!'
ربما تعطيك الأمل يا هذا ، تجرأ وهيا !! ، نفي بتردد كي يفي بوعده لعدم فتح الحوار إلى ان تصارحة بردها وموافقتها ، تعمدت على ان تكشف أوراقه بطبع غير هين عندما سألته بجرأة :
_" ليه بتسأل ومُهتم ؟ "
تتصنع الغباء ؟؟ ياهذه! ألا تتذكرين الموضوع الذي تم فتحه معكِ وذاق الرفض على يديكِ بينما أصر ولم يترككِ حتي عندما سمع رفضه!! ،أين الفرصة ؟؟ ..
_"علشان أنا طالبك وراغبك!! ، عشان أنا اللي عايزك وشاري!"
أخرجت الثقل الذي على صدرها بأنفاسها ونفت رغم صوتها الداخلي الذي يحثها على القبول هذه المره :
_" مش هقدر ي ٱدم ، أنا كل حاجه جت وجاية على بقسوة ، مفيش حاجة رحمتني ، وخايفه ..خايفه ادخل تجربة زي دي وأظلم وأتظلم ، خايفه متستحملنيش خايفه من حاجات كتير الماضي عملهالي عُقد مبتتحلش !"
اندفع يردد بنبره صادقة بشدة :
_" حلها عندي ، إديني الفرصة وشوفيني من جديد !"
وصارح بالغير مباشر:
_" أنا كمان خايف .بس خايف تبقي لغيري ، أنا عايزك إنتِ وموافقتك ومش عايز حاجة تاني منك بعد كدة !"
ردد بطلب القبول منها من دون المشاعر ، من دون الحب !! ، هبطت دمعتها بتحسر على حالها وتشتت ، وقبل ان يتحدث أكثر ، دخل "حازم" مع "ياسمين" و"زينات" الغرفة !!!, انسحب ببطئٍ ونظر لها نظرة ٱخيرة يودعها بها للمره الثانية وهو يطلب منها التفكير في الأمر!! ، خرج إلى الخارج ووقف مع "بدر" وأغلق الحديث بإنهاكٍ عندما قال يُعلِمه :
_" أنا همشي يا بدر أنا وفاطمة والعيال، ابقى طمني !"
وافق على الفور يمليه على أن يأخذ حرصه وأشار لشقيقته التي خرجت بعدما ودعت "فريدة" هي والصغار ، وعقب ما خرجت زفرت"فريدة" بصوت متعب وكان صوتها الواضح ظاهر لهم عندما رددت لـ "زينات" بنفيٍ :
_"ما قولتلك لا يا ماما مش هاجي معاكي ، ولا هبات هناك ، أنا هفضل قاعدة هنا !!"
وافقتها "ياسمين " كونها بغرفتها أمام أنظار "حازم":
_"خلاص خليكي وأنا هنام جنبك!"
كادت أن تعارض"زينات "بينما وقف "حازم " قبلها يشير بحزمٍ:
_"خلاص ، خليها قاعده مرتاحة ، روحيلهم انتي.. وياسمين جنبها !"
صمتت رغماً عنها ، وإعتدلت "فريدة"كي تستلقي أكثر بتعبٍ ، فحاولت "عايدة" الخروج وهي تسحب "زينات "، ووقف "حازم" يشير لـ "ياسمين ":
_"الأكل أهو خليها تاكل ، وأنا هناك عند عايدة ، لو تعبت او في حاجة اتصلي بيا !"
_" ماشي ي حُبي !"
رددتها بمرحٍ فضحك هو عليها وسمع صوت ضحكات "فريدة " اليائسه منها ، توجه يعانقها بحبٍ وهمست هي له بمشاكسةٍ :
_"هتوحشني ي حازومي ، بس يلا كله يهون عشان عمتو العقربة !"
صمتت الآخرى بضحكٍ وقبل هو قمة رأسها يحثها مره أخري :
_"خدي بالك من نفسك وبلاش تتحركي كتير ، خليها تاكل بس ونامي علطول !"
أشارت على عينيها بطاعةٍ ، وخرج هو إلى الخارج خلف "والدته". وزوجة أبيه ، حيث ان قد خلى المكان من التجمع قليلاً وكل منهم ذهب لشقته وغرفته !!
__________________________
_" لا لسه نايمة مصحتش!"
أجاب "غسان" بذلك وهو يجلس بينهم وهذه المره كانت جلستهم كمثل في السابق ، كعائلة دافئة تنعم بالحب في التجمع رغم الصعاب ، خرج قبل قليل وجلس معهم في غرفة "حامد" الذي جلس على الفراش بحانب"دلال", وفي المنتصف بشكل مضحك كانت تجلس "وسام" وعلى كل طرف من الفراش كان يجلس أحدهما ، ناحية "والده" وكان "غسان" ومن الناحية الٱخري كان "بسام". ، زفر "حامد" بصوتٍ بينما رددت"دلال", تواسيه :
_"تنام براحتها ي حبيبي، خد بالك منها بس ، ربنا يقومها بألف سلامة ويعدي الايام على خير يارب!"
مد "غسان" يديه مقترباً كي يقبل كفها ببرٍ فمسدت على خصلاته تحت ابتسامتهم المريحة إعتدل أكثر عندما هتفت "وسام " بسعادة رغم ما حدث:
_"بس أنا فرحانة أوي يا غسان بجد ، مبسوطة وطايرة من الفرحة!"
توسعت بسمته لأجل سعادتها وأكمل "بسام" هذه المره بفرحةٍ ظهرت في نبرته :
_"وأنا كمان ، كلنا طايرين من الفرحة عشان الخبر ده ، تخيل كده يا غسان تخلف وعيالك يفتكروني أبوهم ، يــاااه !!"
شعر بنشوة الشر الزائف وهو يرددها ، ضحكوا عليه بقوةٍ ووكزت "دلال" ساقه من بين ضحكاتها العالية ، فردد "غسان" له هذه المره بلين عكس كل مره كان يجيب بها بالتبجح وحتي المرح :
_"حد يطول تبقي أبوه ي بسام ، عقبال ما تلاقي بنت الحلال ويرزقك بعيل بردو يفتكرني أبوه وداين تُدان بقا !"
_" لا ونبي بلاش انت ، هتبوظهملي!!"
أدرفها بخوفٍ زائف ، فتعلقت عينهما معاً وشئ كهذا انتبه له الجميع بفرحة ، في حين لاحظت "دلال" سكون "حامد " فرددت تشاكسة بمرحٍ :
_"مالك ي حج ، ساكت ليه كده ما تشاركنا اومال!"
توجهت الأنظار ناحيته ، فاعتدل أكثر بملامح وجهه المريحة ووضع كفه علي ساق "غسان " مردداّ بصدقٍ وسعادة :
_" أنا بس فرحان ، رغم اللي حصل ده كله ، بس فرحة قلبي مكانها ، مبسوط ليه ومبسوط لـ "نيروز" بنتي وحبيبتي !"
تأثر "غسان" منه وقبل رأسه بتأثرٍ تحت ابتسامة الكل ، وثم عاد سريعاً يخرج من التأثر بمرح وهو يشاكسة :
_" جرا ايه يا حامد ، نيروز نيروز ، شكيت ي جدع انك بتحبها أكتر مني!"
اندفعت"وسام" بمشاكسةٍ غيوره :
_" ومني !"
من بداية الجلسة ترد له الضربات على ساقه فيرد لها وكان "بسام" الذي عاد يضربها بمرح وطفولية هذه المرة فإندمجت معه ، بينما رد "حامد" عليه بصدقٍ وهذه المره وقفت هي بحرجٍ خلف الباب تخجل من الدق عليه :
_" طبعاً بحبها ، نيروز دي بنت حلال وطيبة ، ربنا يصلح حالها وحالكم ، يمكن مبتعرفش تعبر عن حبها أوي غير فالوقت الشديد ، بس هي بـ قلبها دا نعمة اسالني انا ، محتاجة بس اللي يفهمها ، غياب ابوها مأثر بردو ، بس أنا بحاول أملى مكانه ، واللي ردت بيه النهارده قدام زهور عشان تعزز كرامتي وتخلي قيمتي عندها وقصاد الكل كبيرة ..قادر يزود معزتها عندي أضغاف ، لأن هي كده كده غالية!"
يلاحظ ردها هو الٱخر ، لكنه لم يشكرها ولم يواجهها بسبب الأحداث ، تفاجأت من حديثه وأدمعت عينيها ، فردد "بسام " قبل ان يهتف أحدهم بحديث ٱخر :
_"ربنا يخليكم لبعض ي غُس ، خلي بالك منها ، الحمل فأول شهورة مببقاش ثابت ٱوي فمتضغطهاش وخليها تريح نفسها !!"
أومأ بطاعةٍ وعاد "غسان" يردد له بحماس غريب:
_" إحجزلي بكره عند دكتورة شاطره كده نتابع عندها ، المفروض نروح نكشف بكرة !"
_" عيني ليك يا غُس انت وابنك بس كده !"
مد ذراعه يشاكسه وهو يضم رأسه بمرح فضحكوا بخفةٍ تحت دقات الباب من "نيروز" ، هتف "حامد " كونه الأكبر بامتلاكة للغرفة:
_" تعالي ي ينتي !'
علم أنها هي ، من سيكون غيرها في الشقة ، دخلت "نيروز" بخطواتٍ هادئة تبتسم بهدوء ، فنهض "غسان" وقاطع نهوضه إمساك والده له ، عندما أشار لها وهو يتزحزح قليلاّ من أسفل الغطاء يشير لهن بأن يزيحان مكان أكثر:
_" تعالي يا حبيبتي ، اقعدي هنا جنبي !"
ترددت بحرجٍ ووقفت تنفي بخجلٍ:
_" لا أنا هقعد على الكرسي هنا عادي، عشان تبقوا براحتكم !!"
وقبل ان يقاطع "حامد" وعائلته ، هتف "بسام" بمرحٍ يشجعها:
_" روحي دا محدش بيقعد جنبه على السرير ألا الغالي بس ، حتي شوفي قعدتنا أنا وجوزك!!!!"
ضحكت كما ضحك الكل وتوجهت تحت عيني "غسان" التي تشجعها وجلست أخيراّ ، فرفع "حامد" ذراعه يربت على كتفيها يسألها بحنوٍ :
_" بقيتي كويسة ؟"
حركت رأسها ورغم ان حملها يتضح بأنه يتضمن القئ حتي يثبت إلا انها تقاوم هذا الشعور ، خاصةً ان الاحداث الٱخيرة توترها فيداهمها شعور القئ من جديد ، ولكنها أومأت كي لا تقلقهم بقولها :
_" الحمد لله كويسة ، متحرمش من سؤالك ي عمو !"
توجه برأسه يقبل قمتها ببرٍ ورفقٍ فإعتلى صوت "غسان" بحنقٍ زائف :
_" لا بقا كده بقا أنا هغيير !"
ضحكوا عليه بخفةٍ وقالت "دلال" تشاكسه :
_" ايه يحج ،ما تسيبله مراته الله !!"
وكانت الضحكات سيدة الموقف ، جذب "غسان" مقعد كي يجلس بجانب جلستها على الفراش ووضع ذراعه عليها يحتويها بحبٍ بينما توردت وجنتيها بخجلٍ فمال يهمس من بين ضحكات وحديث الأخرين :
_" يحلاوة قلب اللي هتبقي أُم لما يدق يدق !!"
اهتز ثباتها من كلماته وابتسمت حتي رفعت عينيها تنظر له وهي تردد بنبرة لينه هادئة :
_"أنا فرحانة اوي عشان انت كمان فرحان!"
لاحظ كتم تعابير وجهها ، فابتسم وسرعان ما تحدث عندما لاحظ تعابيرها :
_" انتِ تعبانة لسه ؟!"
نفت وحاولت أخذ أنفاسها في حين أخفض "بسام" هاتفه من على أذنية وقال بنبره مرتفعه يخبره :
_" حجزتلكم يا غُس ، بكرة ان شاء الله تروحوا على خير تكشفوا ونطمن !"
ابتسمت له بامتنان تحت حماس الكل ، وأجابت "نيروز" عليه هي هذه المرة:
_" شكرًا يا بسام !"
وقبل أن يجاوبها بلطفٍ ، ومن بين نظراتهم انتفض الكل عندما نهضت تضع يديها علي فمها بسرعةٍ ، انتفض "غسان" بخوفٍ بينما نهضت هي تسير بسرعة نحو الخارج ، حاول "حامد" النهوض كما حاولت "دلال" وهي تردد بخوفٍ :
_" بسم الله الرحمن الرحيم !"
هرول خلفها "غسان" بينما دخلت هي المرحاض تغلق الباب خلفها كي لا يتقزز أحدهم في حين حاول "غسان" فتحة بسرعة وقلق، ووقفت "وسام" خلفه وتجمع الكل في الطرقه ، ومع نبرة "حامد" القلقه وهو يهتف باسمها كما فعل "غسان" وهو يتحدث بلهفة من أمام الباب :
_" افتحي يا نيروز ، خليني أشوف مالك !!!"
وضع "بسام" يديه علي كتف "غسان" وتعمد الهدوء والسكون كي يشعره بأنه ٱمر طبيعي ليحدث..
_" متخافش يا غسان ، دا أمر طبيعي فأول الحمل لحد وقت معين وهتبقي تمام ، حصل كده قبل كده ؟؟"
هز رأسه بنعمٍ بلهفة ، فأشار له مردداً بنبره هادئة :
_" طب إطمن عليها ، على ما اجيب لها برشام يهديها وميكونش مضر للحمل و على ما تكشفوا بكره ..ثواني !!!"
تركه بسرعه ودخل غرفته ، في حين وقفت "دلال" خلفه مع "حامد " ، وردد "غسان " بإنفعالٍ بها هذه المره وهو يطرق على الباب :
_" ما تفتحي يا نيروز الزفت ده ، بلاش ٱم القلق ده على المسا ..!!".
أمسكت "دلال" ذراعه كي يهدأ قلقه وقالت تخبره بسكون:
_" براحة يا بني ، تلاقيها اتحرجت حد مننا يقرف ، أنا هروح أفتح أوضتك وأوضب سريريك كده ووسام هتعمل لها حاجة تشربها وخليك معاها وهي هتفتح لما متلاقيش غيرك !"
أشارت لـ "حامد" فتفهم وسارت "وسام" سريعاً ناحية المطبخ ، في حين ردد هو بلين أهدأ من السابق:
_" يا نيروز افتحي خليني اطمن عليكي ، محدش معايا كلـ .."
وقبل أن يكمل فتحت الباب بملامح مرهقه فأسندها على الفور بلهفةٍ ، بينما أدمعت عينيها من عزم التعب والإنهاك، لم تكن لتعلم ان الحمل متعب لهذه الدرجة ، أسندها بخوفٍ وهو يمرر يديه علي ظهرها حتي دخل بها ناحية الغرفة ، أجلسها على الفراش برفقٍ ومدت "دلال" كفها تزيح حجاب رأسها بحرصٍ وهي تطمئنها :
_" معلش ي حبيتي ، كل دا بيحصل فأول الحمل لبعض الناس ، استحملي ربنا معاكي ي بنتي!"
ابتسمت لها بإنهاكٍ ، وأشارت لـ "غسان" كي يساعدها في ان يخلعا عنها عباءتها ،. وبالفعل خلعها الإثنان بحذرٍ وتمددت هي على الفراش بمساعدته رغم حرجها ، فردت عليها"دلال" الغطاء ، بينما جلس"غسان" واضعاً كفه علي معدتها والٱخر على جبهتها يسألها بخوف وقلق :
_" حاسة إنك أحسن ؟"
أومأت ، ودخلت"وسام" سريعاً تناوله كوب المشروب الساخن ، فنظر لها بإمتنانٍ ، ولاحظت "دلال" مناداة "بسام " من على بعد ، وقبل ان تتوجه أخذ "حامد" منه الدواء ودخل هو يعطيه له بلهفة وهو يحثه :
_" اعطوهلها يبني وخليها ترتاح عالٱخر ، خليكم بايتين هنا النهاردة!"
_" هعمل كده !"
وافقه "غسان" بكلماته هذه ، وانسحب الكل وأغلق "حامد" الغرفه ليتركهما ، بينما ساعدها "غسان" سريعاً بأن تجلس بإعتدال حتي جلست وتجرعت من الكوب ومن ثم أخذت القرص بهدوءٍ ، إلى أن اعتدل وجعلها تعتدل لتستلقي مجدداً ، نظرت بخجل على الموقف وحتي ما فعلته ، علم ما تفكر به هي وما شعرته فأهبط شفتيه يقبل رأسها برفقٍ وقال يطمئنها :
_" دي حاجة غصب عنك ، ارتاحي وبكرة ان شاء الله هنروح نكشف ونطمن!"
لاحظ اصفرار وجهها من جديد ، ونظر بشفقة لها فمسد على خصلاتها برفقٍ بينما ردت هي بلطف. شديد تحث نفسها على التحمل كما تحثه بطريقة غير مباشرة :
_" كله يهون قصاد إن اللي فبطني يكون بخير ويجي بالسلامة !"
ضحكت بخفةٍ وتعب واعتدل هو يستلقي بجانبها ينظر لها باهتمام ، وواصلت تكمل بمشاكسةٍ طفيفة تخبره :
_" ما مفيش حاجة ببلاش ي بن البدري !"
ابتسم وعادت انفاسه بعد الحبس ، واستند يقرب رأسها منه لستند علي كتفه وردد هو بصراحةٍ بالغة :
_" عندك حق ، بس انتِ وصحتك عندي بالدنيا ، يمكن مش حاسس بيكي بس خايف عليكي اكتر من أي حاجة ، ربنا يهون عليكي أيامك يا نيروز!"
دعا لها وردد اسمها بهدوء متخوف دون سخرية ! ، ابتسمت بحبٍ وحاوطت كتفيه من الأمام بذراعها وهي تستند بتعبٍ ورددت بنبره منخفضة منهكة :
_"بحبك وانت بتخاف عليا أوي!!"
شاكسها بمرحٍ نابساً بنبرة خشنة هادئة :
_" دا أنا خوفت والست خافت وكلنا خوفنا!"
_"الست؟؟"
رددتها بإستنكارٍ ، وأكد هو وهو يحتويها بذراعه مردداً بهدوءٍ يسألها بعدما أكد :
_" أه ، عارفة قالت ايـه؟!"
_"ايه؟"
رددت بتعبٍ وهي تبتسم بإرتياحٍ ودندن هو بهدوءٍ يخبرها :
_«وبين الليل وآلامه..وبين الخوف وأوهامه..بخاف عليك وبخاف تنساني
والشوق إليك على طول صحاني!!»
ابتسمت "نيروز " بلطفٍ وقالت بحبٍ شديد له كالعادة :
_"ثبتني يا بن البدري ، بس إنت عرفت خلاص، أنا عمري ما هنساك!"
توقفت عن الحديث ثم رفعت عينيها لٱعلى حيث عينيه بعدما كانت تستند عليه وسألته بجديةٍ شغوفة :
_" عارف ليه ؟"
أجاب "غسان" بنعمٍ هادئ وهو يحرك كفه :
_" أه عرفت!! "
كان واثقاً عندما حرك كفه يجيب بنعم ويؤكد عندما وضع يديه على معدتها ، فابتسمت تؤكد وتثبت ما جاء بعقله بـ قولها المفسر :
_" بالظبط ، علشان اللي موجود هنا مِنك ، فـ بقى صعب أنساك ، وحبل القرب اتربط بالقوي المرادي ي بن حامد البدري !!"
حديثها أصبح غير هين على قلبه الضعيف تجاهها ، خاصةً أن مشاعره مختلطه بفرحته المختلفه الذي يجربها ويعيشها لأول مره ، كل مره ينعم بها وبقربها بعيداً عن أي جو مشحون بالسوء والشدة وينجح هو في كل مره بأن يكون معها وأن يجعلها بعيدة عن مكان الوجع!! ، كل مره يمتن للقدر الذي جمعه بها حتي ولو كانت ليست هينة بطباعها وانهزم هو بعدم قدرته علي كره ذلك بها ، ورغم أنه يخاف ويهاب من القادم وبالأخص بسبب عودة أقاربها ألا أنه يطمئن كونها معه ، يسعد لشعور بأنه في المستقبل سيكون أبّ لطفل مجهول جنسه !! يختلف وحياته تختلف جذرياً معها وبسببها هي ولا شئ يضاهي لحظة الإطمئنان وهو جوارها وهي جواره ، بل ويطمئن أكثر من ناحية أخري وبكل فرح عندما سمع الٱن بطريقة ما أنه ؛ أصبح صعب نسيانه !! ، أصبح صعب نسيان حدة الشباب هذه المرة.!!
__________________________
حالها ينقلب وأمس غير اليوم ، تتسلل بمثل هذا الصباح كي لا يراها أحد وهي ترحل ، ربما هروب منهم أو من مكان الوجع أو هروب من ما هو أتٍ أم ماذا؟؟ ..
وبنفس المكان التي تسللت به وقفت به العائلة بأكملها بخوفٍ من عدم وجودها بمفاجأة ، كانت هنا أمس أين ذهبت ؟ اين رحلت مجدداً؟حتي هو لا يعي ما يحدث!! ، أين ذهبت هي ولما يشعر بالخوف الشديد هذه المرة؟؟ وكيف ترحل بعد حالتها في الأمس؟
وهل فقدها أم ستعود ؟؟
__________________________
«و أزدادَ امتلاءً بفراغي»
- محمود درويش
وكأن الكلمات لها هي التي تعاني سراً وجهراً الإثنان معاً ، ما حدث لها ٱمس متعب ومنهك لأعصابها ، عودتهم في السابق كانت لا تؤثر بها بينما الٱن كل شئ تغير حتي عودتهم بالنسبة لها ٱمر بات صعب عليها بعد ان كان العكس تماماً من ناحية "زهور" وفتياتها أما هو فكانت ومازالت تبغضه بسبب ما كان يحاول فعله بالخفاء!! ، دناءته تفوح منه منذ زمن!!، خاصةً أنها تغيرت وتتغير ومازالت تخفي لهم أسرار من نواحي ٱخرى لا يعلمها سواهم!! ..
حالها ينقلب وأمس غير اليوم ، تتسلل بمثل هذا الصباح كي لا يراها أحد وهي ترحل ، ربما هروب منهم أو من مكان الوجع أو هروب من ما هو أتٍ أم ماذا؟؟ باتت لا تعلم ما يجري داخلها من تناقض وياليتها تعلم نهاية هذا المطاف!! .الهواء المنعش الٱن يُداعب بشرتها يُشعرها بالأمان قليلاً بعدما استيقظت في الصباح الباكر تتسل كي تخرج إلى الخارج بمفردها ، تعلم أن حركة مثل هذه ستقلب الحال ولكنها فاض بها فأرادت الجلوس بمفردها بعد كم الضغوط التي رأتها وشهدتها معهم وعليهم!! ، ساعدها نوم "ياسمين" الثقيل وكانت هي ترتدي ملابسها المناسبة للخروج لذا ارتدت حجابها عليها فقط وخرجت بعيداً عن المبني حيث جلسة تريح بها العقل ، ولكن كيف؟ بات مستحيل راحته وحتى القلب أيضاً لم يهدأ بعد منذ ان سُلب منها أعز ما تملك! ..
تركت الكل واختارت نفسها ولكن هل ذلك الذي جاء على فجأه سيختارها ويتمسك بها بالإجبار؟ أم ماذا ؟ كلما ينشغل عقلها بهذه الأسئلة يضيق صدرها ، ورغم أنها تعلم ان "حازم" لم ولن يتركها إلا أنها تفكر جدياً في عرض "ٱدم" عليها ، والٱن تفكر للمره الثانية بطريقة مختلفه ولكن الثابت كمثل طريقتها الأولى أنها ستظلمه !! ، قارنت ووضعت الأمران أمام بعضهما
سامر لا يؤتمن بينما الٱخر تري به سكونّ رجل يفعل الٱن المستحيل من أجل شقيقته وأولادها ويتمسك بها هي من ناحية أخرى بعد حادثها الأليم!! ، تري به خِصال لم تراها حتي في شقيقها من الوالدين وبعضها كان لا يوجد في والدها أيضاً ، لما يتمسك رغم انها تختلق أعذار ؟ لما يصر على العرض والطلب بينما هي لا تمل ولا تكل في ترديد حديث جاد جامد بالرفض؟؟ وأحياناً أخرى يكون حديث قاسٍ موجع مؤلم ليتراجع، ماذا ماذا فعل هو؟؟ ماذا يريد منها كي يتحلى بكل هذا الإصرار؟؟ ، بالنسبة لها أمره عجيب بعد فقدانها الثقة والأمان بصنف الرجال اجمع ، صعب ..صعب جداً ان تُرد هذه الثقة بسهولة!!
شبه ابتسامة ساخره تظهر كلما تقارن مره ٱخري ، في السابق كانت سجينة تود الخروج والهروب من مكان أُعتدى عليها فيه ، بينما الٱن سجينة الخوف لمره ٱخري ، سجينة الٱفكار على الرغم من ٱنها حُرة تستنشق الهواء الحُر !! ، اتسع صدرها من هذا الهواء وتنفست بصوتٍ مسموع وملابسها تتطاير منه وهي تقف تنظر ناحية البحر والتي اختارت له مكان أبعد من المبني كي تنفرد بنفسها ، فرت دمعة منها وهي تتذكر كل شئ بأسى وعاق سمعها ما جعلها تلتفت بابتسامة هادئة رغم الدموع التي تعكس ذلك ..
_«بحر علم الله أحمد كل من يلقاه يسعد
حوضك الصافي المبرد للذي يعشق محمد
يفتح الله الله العوالم في إمام للمكارم لجميع الرسل خاتم الحبيب مولاي محمد خير خلق الله طه مثل شمس في ضحاها
هذه الدنيا نراها في ضياء من محمد
أكحل العينين أدعج نوره المحبوب أبلج
أشنب الأسنان افلج فاق رسل الله محمد وجهه يا ناس نائر سيدي مولى مولى البشائر
دخرنا نور البصائر اسمه الهادي محمد
قدره العالي المفضل وصفة الغالي الغالي المكمّل
وحي ربي قد تنزل للحبيب مولاي محمد فضله عمّ النواحي لظلام الكفر ماحي
في الصحارى والبطاحي اشرقت
أنوار محمد صلي يا ربي وسلم على النبي خير البرية.»
"عليه أفضل الصلاة والسلام"..
الصوت العذب كان بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلتفتت بكامل جسدها تنظر نحو العربة التي وللجمال تمتكلها سيدة خمسينية بشوشة الوجه تملك العربة التي كانت عليها أسماء مزخرفة عربية فُصحىٰ لتُعلق بميدالية خشبية أو بشئ بسيط !! ، ورائحة الدُخان المعطر التي تشعله هي يتخلل أنفها بعد ان تخلل سمعها مدح المصطفىٰ، أسندت السيدة العربة على بُعدٍ قليل من وقفة "فريدة" التي مازالت تستمع إلى المدح للنبي ، فرت منها دموعها هذه المره رُبما تأثر أو يقين لا تعلم لكنها تعلم ان الحال يضيق ويسمح الله لها بأن يُشرح صدرها بهذه الكلمات الطيبة مع المنظر الرائع في هذا الصباح المُبهج!! ، تفاجأت بعد لحظاتٍ من الشرود بها وهي تمد يديها لها بزجاجة مياة صغيرة بلاستيكية مع قولها اللين الطيب :
_" إمسكي يا بنتي إغسلي وشك وفوّقِي كدة ، محدش واخد منها حاجة !"
فعلتها بمنتهي البساطة ، مسحت "فريدة" وجهها بسرعةٍ والتقطت منها الزجاجة بغرابة من فعلتها الهادئة ، لم تسألها مثلاً ماذا حل بها؟ هكذا جاء بعقلها ، بينما وكأن الٱخري تعتاد على ذلك ، زفرت السيدة بصوتٍ مسموع وابتسمت بهدوءٍ كنبرتها التي خرجت :
_" لما كل يوم ألاقي ناس بنفس الحال دا كده واقفة تبص للبحر والدموع بتنزل من غير إستئذان !"
انصتت بإندماجٍ في حين تابعت السيدة تكمل حديثها:
_" تبقى صعبة الدنيا أوي وبرغم وسعها بس ضاقت على كتير أوي ، وما ضاقت ألا وربنا فرجها "
أشارت بذراعها ناحية البحر بغير اهتمام ، وركزت عينيها نحو عيني "فريدة" تخبرها بأسى داخلى وهي تشير لها ناحية البحر بأمواجة الهادئه بشدة :
_" صاحب الأيام والشقىٰ بس محبوش !"
حديثها عشوائي لحدٍ كبير !!ربما لها أسبابها الخاصه؟! ، ترقبت "فريدة" لحديثها الواثق ، وفهمت مخزي حديثها فردت بحرجٍ تبرر لها :
_" منظرة بيريح الواحد "
ابتسمت وقالت وهي تسحب المقعد الخشبي لتجلس عليه :
_" بس ملهوش أمان زي الدنيا بالظبط، وفالٱخر البني ٱدم بيزعل وهو عارف من الأول إنهم بياخدو أكتر ما بيدوا !"
يتضح بأنها تحمل ببن طيات حديثها الكثير والكثير ، ابتلعت ريقها وأكلمت ثرثرتها التي سلبت تركيز "فريدة", اليها:
_" البحر ده خد مني الضنا ، ابني كان شاب جميل وحليوة كده ، أما الدنيا بقا فـ دي بعدت عني بنتي اللي من ساعة ما وعت وهي شايفة ان عيشة أهلها مش عدل لحد ما اتجوزت ومشت وكإنها ماصدقت تستعار مننا ومتعرفناش تاني !"
ابتلعت "فريدة" ريقها بشفقةٍ وتفاجأت من ثبات هذه السيدة، وبخفة وجدتها ترفع يديها تقبل باطنها وكفها مرددة برضا تام :
_" بس عمري ما قولت غير الحمد لله رضا ، أصله ساترني مش حاوجني ومهما خد مني ببقى عارفه انه هيراضيني!!"
ربما هذه رسالة لها ؟؟ أُعجبت بحديثها العميق وتجرعت من الزجاجة بسكون حتي إنتهت فأخذتها منها السيدة ونبست بنبره مشرقة :
_" صباحك سعيد ، ولا أي حاجة تستاهل دموعك تنزل !"
توسعت ابتسامتها ووجدت الأمل من حديثها الجاهل عن حالها ، ربما أرسلها الله في طريقها ، نظرت لها بإمتنانٍ وقالت بشكرٍ :
_" شُكرًا !"
تُلاحظ دقات الهاتف التي تتعمد تجاهله ، لم تضغط عليها السيدة بل ابتسمت بلطفٍ ، في حين ترقبت عيني "فريدة" باهتمام وهي تسألها:
_" ممكن أشوف الأسماء دي !"
_" يادي الكسوف لكاكه أنا دايماً كده وأخدتك فدوكة ، قومي طبعاً بينا نشوف ..بس ألا صحيح هو إنتي إسمك ايه ؟"
ابتسمت"فريدة " وهي تنهض محركة عينيها على المساحة التي توجد بها ما تبيعه السيدة ، وردت على سؤالها وهي تتعمق النظر بالبحث عن إسم معين:
_" فريـــدة!!"
_" اللهم صلي على البني ، إسمك جميل يا فريدة ، هدورلك عليه ، تعالي!"
إتجهت أكثر وعلى الرغم من ان هاتفها يدق عالياً إلا أنها تتجاهله ، تنفست بعمقٍ ووجدت الٱخرى تمط شفتيها بأسفٍ :
_" مش موجود ، إنتي عارفه ؟ أنا بشطب ٱخر اللي معايا عشان أروح اجيب شغل جديد تاني !''
أثارت شفقتها ، ومدت يديها تأخذ البخور المعطر بين يديها بابتسامه لطيفة وقالت بنبره هادئة :
_" ولا يهمك هاخد دول !"
اتسعت ابتسامة السيدة وسرعان ما عاق أنظارها مره أخرى إسمه هو !! ، هل يوجد اسمه ولا يوجد أسماء توأم شقيقته ؟؟ بحثت عنهما ولم تجدهما وعندما ترقبت أنظارها بلهفةٍ لوجود "أدهم" لم تجده بل كان " ٱدم"!!! ، وبكل تلقائية مدت يديها تلتقط إسم "ٱدم" ثم رفعت عينيها تكمل :
_" وده كمان هاخده !!"
_" انتِ تاخدي اللي انتِ عايزاه يا حلوة ، العربية كلها تحت أمر عيونك!"
ابتسمت بحبٍ لها ووضعت يديها خلف حافظ الهاتف ، تخرج بالأموال منه بعدما رأت هوية المتصل وتجاهلت مره أخرى !! , مدت يدها لـ الٱخري كي تأخد منها بينما نظرت لها بسعادةٍ فبخفةٍ راضتها في حين اتجهت هي الأولى لتراضيها !! ، أخذت منها وهي تقبل يديها من الأمام والظهر علامة على شكر الله على هذه النعمة في الصباح ، تمسكت "فريدة" بهم جيداً ووقفت وقبل ان تتحدث وجدت الهاتف يدق مره أخرى ، لذا تنهدت الثانية تنظر لها بلطفٍ ثم قالت تنصحها :
_" ردي يا بنتي ، طمنيهم عليكي ، ريحيهم ترتاحي!"
زفرت بصوتٍ يعلن عن مدي انهاكها ، وإعتدلت تؤدد بعدما أومأت بالايجاب:
_" شكراً لإنك خففتي عني ، عاوزه حاجة قبل ما امشي؟!"
_" أه ..عاوزه أجي المره الجاية ألاقيكي بتضحكي وبتشاركي البحر فرحك ويا سلام لو مش لوحدك ! ، الدنيا دي يبنتي عايزه ونس ، صاحب كده لو ميتلي يشيلك ، الوحدة وحشة أوي ، الرحلة محتاجة اللي يخفف عننا مش اللي يوقع دموعنا ..فهماني يا فريدة ؟"
أدمعت عينيها وكأن الٱخرى تشعر بما يجتاح عقلها وقلبها . ، أومأت بنعمٍ وتحركت عينيها نحو كفها الذي يتمسك بإسمه وكأنه معها ، لا تعلم لما اختارت اسمه ولما قررت بإندفاعٍ ان تبتاعه ، ربما قدر ونصيب!
لوحت لها بيديها تشير لها بالوداع وعقدت العزم على أن تأتي هنا مره أخري كي تراها مجدداً ، كانت تعتقد بأن الأمل زال من الحياة ، أو الأمان في الناس قد اختفي ، ذرة الخير ضاعت !! ، ولكنها تيقنت بأن هناك ما تبقي من ذرة الخير في أشخاص قِلة !! ، أشخاص قِلة يساعدونها على أخذ قرار لشخص ٱخر لا يعلمون عنه شئ ، وهي من تعلم عنه وحدها كل شئ !! ، رفعت الهاتف بيأسٍ كي تجيب وهي تسير في طريقها إلى حيث ما أتت منه !!
_« ألو ..أيوة يا حازم !»
____________________________________________
_« إنتِ فين ؟؟ ومبترديش على الزفت اللي فإيدك ليه من أول مرة؟؟؟ ؟»
صرخ عليها أمام كل الواقفين بشقة "سُمية" في هذا الوقت المُبكر حالته مفزوعة بطريقة هادئة مريبه عندما جاب عقله كل شئ خاصةً هروبها قبل فتره لهلاكها ..و بنفس المكان التي تسللت به وقفت به العائلة بأكملها بخوفٍ من عدم وجودها بمفاجأة ، كانت هنا أمس أين ذهبت ؟ اين رحلت مجدداً؟حتي هو لا يعي ما يحدث!! ، أين ذهبت هي ولما يشعر بالخوف الشديد هذه المرة؟؟ وكيف ترحل بعد حالتها في الأمس؟ وهل فقدها أم ستعود ؟؟ عقلهم مشتت وبالٱخص عند تذكرهم لحالتها المرضيه أمس ، حتي "زينات" التي انسحبت تراها ولم تجدها ، فُزع الجميع ، حتي أن من كثرة تأخير ردها ، دق على هاتف "ٱدم" ربما فعل فعلة مجنونه وسارت معه لخروج غير مفهوم ، يعلم طبيعة إندفاع "ٱدم" جيدًا كما يلاحظ قربه من شقيقته ولكنه تركها كي يأتي بنهايتها ! ، وقفت "ياسمين" بخوفٍ من تحول "حازم" الغريب وحتي "حامد" الذي جاء معه "بسام"و"دلال" و"نيروز" مع "غسان" عندما علموا الخبر من شقيقتها ووالدتها ونهضت مع عائلته بنهاية تناول الإفطار معهم !! ..، أجابت "فريدة" على الجانب الٱخر بخوفٍ متعلثمٍ من لهجته الصارخة المرتفعة:
_« إهدي يا حـ...»
_« في لحظــة تكوني موجودة قدامي ، سامعة ولا مش سامعة!!»
_« حاضر قولتلك جاية في الطريق وقربت ..»
أمرها مجدداً بلهجة أمره وزفر بصوتٍ مسموع حتي أغلق الخط ، رفع يديه يمررها بخصلاته وهو يري بكاء "زينات" منذ أن علمت الخبر ، وضعت "عايدة" يديها على كتفيه كي يهدأ وهي تردد بنبره هادئة :
_" إهدي ي بني الحمد لله إنها ردت وطلع خير ، متخافش!"
وقفت بصمتٍ يحرك عينيه على الجميع فبلحظةٍ كل شئ انقلب مره أخري وجيد ان الاخرين لم يستيقظوا. بعد حتي يشمتوا بخروجها دون علمهم وخوفهم بهذه الطريقه يثير لشماتتهم بقوة ،. حرك عينيه بجمودٍ واجاب بإنفعالٍ ظهر في كلماته ولم يدرك ان الواقفة أمامه هي والدته !! :
_"المفروض أعمل ايه لما نصحى مش على بعضنا ونتفاجئ ان الأبلة مشت؟ ، معملتش حساب لأخوها تستأذن مش بدل ما تقع من طولها في أي حته برّه ومحدش يعرف عنها حاجة ؟ , إحنا كنا فين وبقينا في ايه؟؟ دا كتر خير الدنيا بقا على كده ان عمتي وولادها مش صاحين وإلا كان الكلام طلع واتحرف عليها ،. وهي عارفه دا ، محدش يجي جنبي بقا لما تجيلي، عايزه تخرج تفك عن نفسها أخرجها أنا ..لكن متنساش ان امبارح كان متعلقلها محاليل ولسة في حوار كشف وفحص ، والنهارده راحة تخرج في الدِرى وسايبة الواحد مع دماغه يفكر هي فين وحصلها ايه وكمان مردتش ألا بطلوع الروح !!!"
عنفها في عدم وجودها وكل ذلك كان خوف عليها لا أكثر ، ابتلعت "ياسمين" ريقها وأثار غرابتها ذلك ولكنه منفعل بشدة قوية لهذا السبب وأسباب أخري منها توجب ذهابة اليوم بالمحكمة مع الشباب لحكم الاعدام على "شريف" دون علم أحد من العائلة !!
وعلى حديثه الٱخير دخل "ٱدم" مهرولاً من باب الشقة بعدما جاء منذ أن أغلق الهاتف ، دخل يسأل شقيقه بلهفةٍ عليها ، فسحبه خلفه بعيد كي لا يلاحظ أحدهم هذا الإندفاع ، ابتلعت "نيروز" ريقها ووجد البعض ان معه كل الحق في حين إقترب "غسان" يمسك يديه كي يجلسه علي المقعد مردداً بحزم ٍ :
_" إهدي ي حازم خلاص بقى ، كويس إنها تمام ، لما تيجي ابقى عاتبها بينك وبينها ، انت دلوقتي بتزعق ومحموق على أمك وهي أصلاً مش موجوده ، روق دمك وبراحة !"
نظرت "عايدة" بعجزٍ وهي تربت علي ظهر "زينات " بمواساة كي تهدأ في حين أيد "حامد" و"بسام " الحديث ، أسندت "وردة" "ياسمين ", لتجلس في حين أشار "غسان" لـ "نيروز" بأن ترتاح ، صمت "حازم" متحلياً بالسكون على الرغم من أن خوفه عليها كان السبب الأول ولكنه يشعر بضيق الأركان عليه يتحمل لكثير ولديه ندبات ظاهره وأخرى مخفية لا يريد ان يظهرها كي لا يعلم أحدهم ومع ذلك يتوجب عليه التحمل وحماية من حوله حتي بنفسيتهم !!
_" خلاص ي جماعة مش مستاهلة كل القلق ده ، الحمد لله انها طلعت بخير ومحصلهاش حاجة وكمان قرببة من هنا وجاية في الطريق !"
حاول "بسام", قولها كي يُهدأ الوضع أكثر ، في حين خرج "ٱدم" مع "بدر" من الشُرفة وسأل "حازم" بإهتمام :
_" لسه مجتش؟"
_" لأ !"
رددها بإقتضابٍ ، تزامناً مع خروجها من المصعد وهي تبتلع ريقها بخوفٍ ، دخلت "فريدة" بخطواتٍ هادئة ساكنة وعندما نظر لها الكل ابتهجت ملامحهم في حين قبل ان يقترب أحد ، وقف "حازم", بإندفاعٍ ليقترب منها حتي أمسك معصمها يسألها بحدةٍ :
_" كنتي فين؟؟!"
تعلثمت من منظرة وحتي لهجته التي تثير خوفها ، في حين حاولت اخراج الحديث منها بغير فهم لهذه الحالة وقالت بارتباك كي يهدأ هو :
_" إهدي بس ومتتعصـ .."
_" بقـــولك كنتي فين ؟!!"
قاطعها بحزمٍ واقترب الشباب و"حامد", بترقبٍ أما هي فتجمعت الدموع بمقلتيها من طريقته ورددت تجيبه بصراحة:
_" خرجت أتمشي شوية لوحدي أشم شوية هوا. !"
لم يترك معصمها بل وبخها بجديةٍ صارمة:
_" من غير ما تعملي حساب لينا ، تشمي هوا عادي جداً وتسيبينا لدماغنا تودي وتجيب ، ما هو لو كنتي بتردي بسرعة ومتقلقيناش مكنش دا بقا الحال ، خارجة ازاي يعني كده من دماغك ومنك لنفسك؟ انتي ناسية انتي كنتي في ايه امبارح وحالتك كانت عاملة ازاي؟!!"
هبطت دمعها تنفي وقالت بتبريرٍ عندما ترك معصمها بفصل "غسان" كفه عنها :
_"مقصدتش أقلق حد عليا ،. أنا كويسة محصلش حاجة ، لكن مفكرتش ان حد هيقلق عليا اوي كده ، أنا كنت بس عايزة أقعد لوحدي شوية !!"
_" يا بنتي هو حد يعمل اللي عملتيه دا فوقت زي ده ، عالأقل كنتي ردي حرام عليكي قلبي نشفتي دمي ، ربنا يسامحك !"
رددتها "زينات " وهي تتوجه تقف بالمنتصف وبطريقة ما جعلته يبتعد عنها عندما دفعتها بأحضانها كي لا تبكي ، في حين وقف "غسان" يوبخه في نظراته مع الٱخرين حتي وقف يستمع للحديث دون أن ينبس شئ أما هي فجلست بأحضان والدتها وتوقفت عن البكاء وهي تمسح وجهها برفقٍ في حين جلبت لها "وردة" كوب من المياه وبقية أقراص لم تأخذها أمس ، حثتها على اخذها برفقٍ في حين انسحب "حازم" معهم ناحية الشرفة ووقف ينصت لقول "حامد", المتعقل :
_"إهدي يبني وهدي نفسك مفيش حاجة مستاهلة ، ومتخليش اللي مش موجود يبقي موجود ويكبر الموضوع على حاجة انتهت خلاص!"
برر "حازم" سريعاً بخوفٍ مستسلم بعد كل هذا الإنفعال :
_" ي حج حامد أنا خايف عليها ، بقيت بخاف عليهم ، لإني مش حمل اني اتوجع فحد تاني واللهِ !!"
ربت على كتفيه بتفهمٍ في حين خرج صوت "بدر" بعقلٍ هو الٱخر :
_" خلاص يعم الموضوع انتهى ، قوم يلا عشان نفطر ونقعدلنا شوية حلوين كده تروق فيهم وبعد كده نروح المحكمه معاك !"
أيدوه حيث يعلم الجميع في حين تعالى صوت "غسان" بخبرهم :
_" أنا هروح انا ونيروز نكشف ، استنوا على ما نيجي ، عشان نمشي سوا باذن الله!".
حرك رأسه مؤيداً ، ونهض يخرج معهم في حين وقف "آدم " يبتلع ريقه وللمره الثانية على. التوالي تحبس أنفاسه بسببها هي، لا تود الراحة أبداً ؟؟
_" قومي يا ياسمين عشان تاخدي علاجك ، تعالى !"
رددها "حازم" وهو يساندها برفقٍ للشقة الٱخري تبعته "عايدة" ولم تغفل "فريدة" عن. نظراته المتساءة منها سيأخذ موقف ؟؟ على أية حال سندها ورحل مع والدته.، وبقت هي جالسة بعدما انسحبت "وردة"مع"سمية" إلى المطبخ لإعداد الفطور ، بينما نهضت "زينات" بعد قولها المحفز لها وهي تنظر إليها بإهتمام :
_" قومي يا فريدة ، قومي غيري هدومك دي يلا ، شكلك مبهدل من إمبارح ي بنتي !"
رفضت بحزمٍ وهي تصر على الجلوس ولاحظت خروج "دلال"و"حامد"و"بسام" من الباب ، رفعت عينيها تواجة عيني "والدتها" وقالت بصراحة شديدة ترفض :
_" أنا قولت مش هدخل الشقة دي طول ما هم موجودين فيها ، سيبني فحالي بقا!"
رددتها بإستسلام للتعب وضيق مره أخري ، فأشارت لها بلهقةٍ كي لا تنهار مره أخري ووقفت باعتدال تخبرها:
_" خلاص.. خلاص خليكي أنا هجيبلك غيار من هناك تغيري هنا ، خليكي شوية وهرجعلك ؛!"
هرولت سريعاً وكل ما تريده هي ان ترضيها خاصة انها تلاحظ انهاكها بنفسيتها ولا تود خسارتها مره أخري خرجت وأغلقت الباب خلفها بينما اقتربت "نيروز" تحاوط كتفيها بإحتواءٍ وبهذه اللحظه تشعر بها كثيراً عندما تذكرت كل رغباتها في الخروج لتبقى بمفردها:
_" متزعليش ، أنا حاسة بيكي والله ، أوقات الواحد ببزهق من كل حاجة ويبقى عايز يمشي لمكان محدش يعرفه لمجرد بس إنه ينفرد بنفسه ، أنا كنت كده ، وحازم مش قاصد حاجة حازم واحنا كنا هنموت من القلق عليكي ي هبلة انتي!"
أخرجت"فريدة" أنفاسها بصوتٍ. عالٍ وهي تتنهد بتعبٍ وقالت بيقين من إنفعال شقيقها :
_" أنا عارفه يا نيروز ده ، بس أنا فعلاً مش قادرة حاسة ان كل حاجة متقفله فوشي ، أنا تعبت ومبقتش قادرة أستحمل أي حاجة !"
لم ترفع يديها تبادلها العناق ، بسبب تمسكها بكفها إلى الٱن بإسمه بين يديها لذا لم تستطيع أن تربت عليها ولا تريد ان تُكشف ، وكأنها. تعتبره سر لا تعلم هي بأن من حولها بعضهم يعلم ما يشعره"ٱدم" تجاهها حتي بمجرد النظرات التي كشفته أمامهم ، كمثل الٱن عندما كانت تخمن بأن من تعانقها لا تعلم بينما مالت "نيروز" تهمس جوار أذنها بـ :
_". طب بصي وراكي كدة !"
التفتت بحركة تلقائية ننظر حتي وجدت "غسان". يقف بجانب "آدم" يحدث أحدهم على الهاتف من المحتمل مقر عمله بينما "ٱدم" ينظر إليها بشرود عميق حتي انهما ينظران وهو لا يلاحظ ذلك بل يشرد بها من على بُعدٍ ،. ارتبكت في الخفاء وهي تعود برأسها تنظر مدعية عدم الفهم في حين نهضت "نيروز" بعدما غمزت لها بخفةٍ تخبرها ما تعلم أن الٱخري تعلمه وتشتت به أيضاً :
_"وَقع خلاص !"
حركت أنظارها بعشوائيةٍ حتي عادت تقابل عدسة "نيروز" البنية التي تواجهها فرددت وهي تنهض تهرب من الحديث :
_" هو مين ده أصلاً !"
ودلاله على عدم الاعتراف بذلك لم تنتظر الرد على السؤال بل انصرفت بعيداً مدعية النظر بمرٱة ما توجد في الصالة كي تعدل الحجاب ، ضحكت "نيروز" بخفةٍ ووجدته يودع "ٱدم" ويتوجه ناحيتها حتي قال مردداً بهدوءٍ :
_" يلا احنا نطلع علشان نغير ونلحق نكشف !"
وقفت "نيروز" تبتسم له بلطفٍ ، وجدته يشملها بنظراتها ووجدت الأسف في عدم قدرته على الاحتفال بشكل ألطف بسبب الظروف!! ، نظرت نحو كفه وسألته بفضولٍ ولم تغفل عن حديثه الهادئ اللطيف في الهاتف :
_" كنت بتكلم مين ؟"
إعتدل "غسان" يضع الهاتف بجيب بنطاله الرياضي المريح وحاوط كتفيها حتي سار معها إلى الخارج تزامناً مع رده الصادق :
_" إنچي ، لإني مش هعرف أروح الشغل النهاردة !"
اغتاظت بطريقة ليست ملحوظة وتنفست بهدوءٍ تام وقالت تسأله بنبره هادئة بشدة كي تخفي مشاعرها :
_" بجد ؟ وقولتلها ايه بقىٰ؟"
إلتقط غيرتها التي مازالت إلى الٱن ورغم انها خفت تجاه المدعوة بـ" انجي", الا أنه يري غيظها باختلاطه في العمل مع صنف النساء خاصةّ الفتيات التي من نفس عمرها وأكبر ، فهن يتدربن تحت ادراته هو !
إلتقط "غسان" غيرتها بعدستيها ونظر بتسليةٍ وهو يتصنع عدم الإهتمام وقال مبتسماً على فجأه يخبرها بجرأةٍ صريحة :
_" قولتلها اني مُعجب !"
والعادي بالنسبة لعقل تمتلكه هي حاولت كتم غيظها ونظرت ببرود يعتاده منها أغلب الوقت ، بل والمفاجئ هذه المره أنها صمتت لم تجيب ، تحلت بالصمت وتجاهلته ، فعاد هو يردد مجدداً يضغط نقطة ما بداخلها تحاول اخفاءها هي :
_" وقولتلها كمان إني بحب ، وواقع !"
حركت "نيروز" كتفيها بيساطةٍ وبرعت في ردها عليه هذه المره بـ :
_" وتقولها ليه ، ما هي عارفة !"
_"عارفة ايه ؟"
تنهدت تتحلى بالثقة أكثر والثقل الذي يليق له ، وابتلعت ريقها تتوجه برأسها ناحيته أكثر ورفعت بُنيتها تهتف جملتها بثباتٍ أخذته منه :
_" عارفه إنك مُعجب وواقع وبتحب ، بس مش فإنچي بنت أم إنچي!!"
كانت عفوية بطلاقة لذا أطلق ضحكة رجولية عالية وسألها بمراوغةٍ :
_" أومال في بنت مين ؟"
قلبت عينيها بإستخفافٍ تكتم ضحكتها علي ضحكته وحركت رأسها تجيبه بغرورٍ زائف مقلدة نبرته في قول هذا اللقب لها بطريقته:
_" في بنت الأكرمي!!"
غمز لها "غسان", في الحال بإعجابٍ وردد بعبثٍ يجاريها :
_" طب وربنا صادقة !''
كاد أن يقترب ليقبل وجنتيها ولكنها اخفت قناع المرح الذي يجتاحها بالضحك على عبثه وقدمت سوارها على فجأة ناحية عنقه فتوقف سريعاً ينظر لها بذهولٍ ، وقبل ان تتحدث هي بتعنفٍ سبق هو وردد بجملة يرددها لها ماضي وحاضر :
_" قلبك اسود اوي ي بنت الأكرمي!"
_" مش اسود من قلبك ي بن البدري !"
انحني برأسه يقبل يديها المعلق بها السوار الحاد فتراخت على الفور وهي تعود لسابق عهدها ، وابتسمت من هذة المشادة العبثية ، وحركت عينيها ناحية الداخل فلم تجد أحد يتابع ، عادت تنظر بعينيه وهو يبتسم يشير لها بالخروج ، فسألته هي بجديةٍ هذه المره :
_" قولتلي بقا هتروح فين مع حازم وبدر بعد ما نكشف؟!"
كادت أن تسأله مجدداً وهو يدخل المصعد بعدما فُتح حتي دخلت هي معه وأُغلق عليهما ولكنه رأي الفضول بعينيها عن ما يخص ذهابة مع "حازم" والشباب بعد الكشف لذا ، خرج عن محور هذه النظرات وشاكسها بقوله يبعدها عن الحوار بتشتيته :
_" لا بس انتِ حلوة أوي النهاردة كدة ليه ؟"
_" قصدك اني مش حلوة علطول؟؟"
وكأنها تتحدث بجديةٍ شديدة؟ كيف ؟ هرمونات الحمل وبهذه السرعه ؟ لا يُعقل ، حديث بينه وبين نفسه عندما كبت ضحكته ينفي يجاري عقلها وهو يفتح باب الشقة بالمفتاح :
_" إنتِ حلوة فكل الأوقات يا رزّة !"
_"ثبتني يا بن البدري !"
قالتها بخجلٍ وهي تغلق الباب خلفها ، واستطاع ان يغير مجري الحديث في حين بأنها ليست هينة ، ولم تغفل عن قرارها بأن تسأله مجدداً !!!
...
بينما في الأسفل ، وجد نفسه بمفرده في الشرفه أما هي فكانت تقف تطالع ملامح وجهها بالمرٱه تعدل الحجاب أكثر ، ابتلعت ريقها وهي تتذكر تلميح "نيروز", لها ، ألهذا الحد يتضح عليه وهي تتعمد تجاهله بكل جمود؟؟ ، ومنذ متى تشفقين على مشاعر لا تهمك من الأساس؟ حركت كتفيها بغير علم للسؤال ، وتنفست بصوتٍ مسموع ونظرت نحو إسمة الذي يوجد بين كفها ، لاحت ابتسامة عفوية عليها وكلما تشعر بأنها تنساق وراء مشاعر لا تود تحديها من الأساس تنهر نفسها ..
وعلى الرغم من أنها تعلم بأنه في الشرفة إلا أنها اتجهت تدخلها بثقةٍ فوجدته يوليها ظهره ناظراً بشرودٍ ٱخر ، ودت مشاكسته ولكن بجدية شديدة عندما كررت جملته الذي قالها لها من قبل في صباح الأمس:
_" اللي بيسرح دا يا بيحب يإما بيحب!"
علم أنها خلفه منذ لحظاتٍ ضحك عندما علم مخزي حديثها وأخفى بسمته الواسعه سريعاً وهو يلتفت ، ونهرها بتلقائيةٍ ويبدو ان هو الٱخر تفكيره من نفس تفكير "حازم" في شعوره بالخوف عليها:
_" انتِ ازاي تنزلي كدة من غير ما تقولي لحد وتسبيهم قلقانين عليكي!؟"
_"وانت مالك !"
عادت تكرر الردود بتبجحٍ واستفزازٍ ، زفر بصوتٍ مسموع يخفي عيظه من برودها وعاد يصارح بكلمات قليلة :
_" انتِ تهميني!!"
يود ان يربكها ؟ باتت ترتبك في حضرته بسهولة نظرت "فريدة" أمامها بصمتٍ وتعمدت عدم النظر له ولا لوجه وخاصةً عينيه ، حينها أجابته بجرأةٍ لحديث صريح تخبره به :
_" انا قولتلك اللي عندي ، وحتي لسه مدتكش الرد اللي مستنيه لو مكنتش سمعت الرد أصلاً !"
في حين بأنها تشتت وتشعر بأشياء لم تفهمها إلا أنها تضغط نفسها بوجع مخفي كي تردد هذه الكلمات التي بدت قاسية عليه ، إندفع يشير بيديه وكأنه ينفجر بما يتحمله لأجلها من حديث :
_'' هو انتي بتعملي فيا كده ليه ؟؟"
هزمها نبرته التي ظهر بها الألم ولم تستطع تعمد التبجح في الرد هذه المره بل رددت بأعين لامعة من الدموع العالقه التي لا تود هبوطها ، رددت بكل صراحة واستسلام تخبره بكلمتان فهم مخزاهم جيدًا :
_" علشان تبعد !"
اخرج أنفاسه ومرر يديه على وجهه بتيهه وردد بنبره مختنقه من الرفض:
_" بس انا مش عاوز ابعد ، افهمي ده ، افهمي اني عايزك ومش عايز غيري يفكر فيكي ولا يطلبك حتي لو ده مش هيحصل ، أنا حاسس انك بتعلقيني فالفاضي شوية كلام هادي وشوية ترفضي حتي البصه فوشي ، انتي مش عارفه انتي عايزه إيه ..بس لو قدامك فرصة توجعيني بكلمة مبتفوتيهاش يا فريدة!!"
وأكمل يصارحها دون حرج ، يخرج بما يشعره صراحةً :
_" مع اني متمسك بيكي بس انتي بتعلقيني بيكي ساعة وساعة تانية تبعديني ،أنا مش عايز كدة ي بنت الحلال أنا مقدرش على التعب ده وبرغم كل ده عايزك ومش قادر اتخلى عشان فاهمك وعارف انه مش بمزاجك!"
كيف يدخر كل هذه المشاعر المختنقه ومنذ متي من الأساس ، غريب هو وهي من سألت نفسها وأجابت رغم ألمها هو الٱخر ، فرت دمعتها بوجعٍ وصارحته مجدداً بما لا يعرفه:
_" أنا معلقتكش بيا انت اللي مُصمم و كل اللي حصل مني أنا عملته عشان مش عايزه أوجعك بعدين ، إرحمني يا ٱدم ، أنا خايفه ، خايفه اوي لٱن الماضي مرحمنيش وسايب أثر فيا مش قادرة أشيله ، متلومنيش على كل ده. ، أنا واحدة اتكسرت من الدنيا ومحدش حاسس بكسرتي دي من كل النواحي، أنا مش قابلالك واحدة زيي ي بن الناس!"
مسحت دموعها بإستسلام في ٱخر حديثها ، وابتلعت ريقها ، وسمعته يردد بنبره شديدة الهدوء يخبرها مجددا ً للمره الذي لا يعرف عددها :
_" أنا قابلك بكل عيوبك اللي انتي شايفاها سبب للبعد ، قابلك زي ما انتِ كدة ، عايزك على الحال ده. ، بس ادي نفسك فرصة واديني أنا كمان الفرصة، متوقفيش نفسك على اللي فات ، فكري فبكره ، وان جيتي معايا لبكره وايدك مسكت فإيدي عمري ما هخليكي تندمي ، ودا وعد مني ليكي ولأي حد يعارض !!"
يتمسك بطريقة غير طبيعية هكذا تري وتري ان خسارته كبيرة، ولكنها لا تريد ضغطه ، إبتلعت ريقها بتعبٍ وصمتت عكس المرات السابقه التي كانت تردد بها بالرفض دون الاستماع لباقي الحديث , أخرج علبة المناشف الورقية وقدمها لها بلطفٍ وقال بنبره هادئه خاليه من مشاعر مؤلمة يشعرها الٱن :
_" امسكي امسحي وشك !"
قدمت كفها الذي يوجد به إسمه ، ولٱن أعصابها تفقدها بطريقة ليست ملحوظة حاولت التوازن بين العُلبة وبين القطعة الخشبية التي توجد بكفها وعليها اسمه ولكنها وقعت منها أرضاً كانت لا تود ان يراها ولكنه حرك عينيه نحو ما وقع وانحني سريعاً بتلقائية ينظر نحوها وآلتقطعها بخفقات قلب عالية لا تسمعها هي ، بل رفع رأسه بغير تصديق يسألها بنبره ظهرت بها مشاعره اتجاهها :
_" دي عشاني ؟"
نفت سريعاً بإرتباك شديد تحاول اخفاءه تحاول أخذها منه باندفاعٍ ولكنه أبعد يديه على الفور :
_" لأ !"
عادت تسكن بعد حركته هذه. وهربت بعينيها وهي تمسح وجهها تخفي توترها الذي أصبح يظهر أمامه بسهولة ، بينما نظر هو لها بتمعن وقال بنبره مبتسمة هادئة لينة يكرر ما قاله لها من قبل :
_" اللي عينيهم حلوة مبيعرفوش يكدبوا !"
_" لا بيعرفوا !"
رددتها بإصرار دون النظر له ، فأشار لها بنفس الإصرار وهو يهتف بطلبٍ :
_" طب عيني فعينك كدة !"
كانت لا تعلم كيف لبت غرضه وطلبه ونظرت له بعمق عينيه ، طالت النظرات بينهما وردد هو بحديث ٱخر تحت تأثره بالنظر لها ولعينيها التي زُينت بلمعة الدموع ، سألها بلهفة مُحب يريد سماع الجواب لطلبه وعرضه :
_" صدقيني أنا مش عايز غيرك ، امسكي فإيدي بس واديني الأمان وعمري ما هسيبها ، بس ترتاحي وتقولي ارتاحت ووثقت ، سيبيلي فرصة بس اخليكي تاخدي كل ده !!"
ابتلعت ريقها بصعوبةٍ تحت تأثير كلماته ، وكأنه شعر بلحظة شرودها فردد يسألها بلين كي ترضخ وتأمن وتترك المتبقي له هو :
_"إمتى هتريحي قلبي وتديني ردك ؟"
تعلقت عينيها بعينيه ، ورفعت يديها ببطئ تمسح وجهها برفقٍ وقالت بتلقائية دون التفكير بذلك ولكنها تعلم أنها لن تندم على إجابتها هذه والتي كانت :
_" بليل ، بعد ما تيجي من الشغل , تحت فمحل الورد !"
تحركت شفتيه بابتسامة هادئة , وحرك رأسه بقبول وانتظار مع قوله الهادئ:
_"يبقى اتفقنا!"
تنحنت بحنجرتها ومسحت انفها وكأنها جعلته يصمت الٱن عنها لا تعلم هي ما القادم لها ، فتحت عينيها بذهولٍ عندما سمعته يردد لها بكل تبجح :
_" بس أنا لسه عند رأيي ، شكلك مش حلو وانتي بتعيطي !"
وكأنه كلما يمر الوقت بينما يردد لها بحديث كان قد قاله لها من قبل ! ، أخفت ذهولها المستنكر لقوله بهذه الكلمات في هذه اللحظة تحديداً ، وقالت هي الٱخري بإستخفاف :
_" وانا لسه عند كلامي ، محدش طلب رأيك !"
_" وأنا بردو قولتلك .."
تناست طبيعة رده في هذا الحديث وقالت بتلقائية تعلن غرابتها وهي تسأله :
_" قولتلي ايه ؟"
_" ان رأيي أمر مفروض ..إجباري يعني يا شاطرة !"
ضحك بإستفزاز بعد هذا القول وخرج وتركها بعدما نجح في ان يُثير غيظها ، وقفت تنظر نحو أثره بابتسامة لطيفة لا تعلم كيف خرجت ، ولكنها سمعت قول "سمية" المتلهف له بعد حديث "بدر" له بأن يجلس قليلاً ..
_" ما تقعد ي بني إفطر ، دقيقتين والفطار يجهز!"
_" أنا الحمد لله فطرت من بدري ، ولازم أروح الورشه دلوقتي ، مع السلامة ، ابقي كلمني يا بدر لما تيجي تجهز انت و حازم!"
أشار له بالوداع وأغلق الباب خلفه وهو يتمسك ويتشبت بالقطعة الخشبية بين يديه بابتسامة هادئة غريبة قليل ما تظهر على شفتيه!! ، تجاهلت "وردة" قوله الٱخير رغم فضولها ولكنها تتجنبه منذ أمس ، رغم انه لا يوجد لدية ذنب ولكنها جُرحت من الكلمات السامة أمامه وإمامهم بكل وجع ، خرجت "فريدة" من الشرفه ونادت "وردة" عليها بعدما ذهبت "سمية" ناحية المطبخ :
_" تعالى ي فوفو أقعدي علشان نفطر يلا !"
رددتها بلطفٍ فأومأت لها "فريدة" بموافقةٍ تزامناً مع توجها بمرحٍ وهي تنحني لتحمل "يامن" لتقبله بحبٍ حيث كان يتوجه ليتمسك بساق والدته بينما هي لحقته تحت بسمة "بدر", الهادئة وهو يقترب حتي جلس على مقعد السُفرة مردداّ بتعقلٍ لها :
_", متزعليش من حازم يا فريدة ، كان خايف عليكي، شوية ويرجع يهدي ، انتِ عارفه لما يتعصب ببقى عامل ازاي , بلاش تحطي فنفسك انتي عشان متتعبيش تاني ويحصللك حاجة ، الحمد لله عدت على خير وخلاص !"
ابتسمت وهي تجلس على المقعد الذي أمامه ووضعت الصغير بمرحٍ. أمامها بحبٍ على الطاوله تداعبه مع ردها الهادئ :
_"عارفه يا بدر ، شكراً على كلامك ده ، أنا فاهمه أنه كان خايف ، يمكن انا غلطت اني طنشت فعلاً ومردتش على اتصالاتكم أنا ٱسفه بس كنت محتاجة وقت مع نفسي شوية أقعد فيه !"
نظر لها بتفهمٍ وقدم ذراعه لـ "يامن" كي يأتي له في حين سمعتها "سمية"و",وردة", وهما يأتيان ببقية الصحون من على بعد ، وخرج صوت "سمية" لها بلطفٍ :
_" متزعليش يا حبيبتي ، كله بيعدي ولا كأن اللي حصل حصل ، كُلي انتي بس عشان صحتك ،يلا بالهنا والشفا "
وأيدت "وردة" بعشمٍ وحب صادق لها :
_" أيوة. ولإن في علاج بتاخديه بعد الأكل برضو ، ربنا يشفيكي ويخفف عنك يا حبيبتي!"
نظرت لهم بإمتنان ولو شعرت بشئ في هذه اللحظة لشعرت بالندم على عدم استيعابها لنقاؤهم وحبهم لها منذ زمن ، وان كانت تعي وقتها لما كان حالها هو حالها الحالي التي تحاول التعايش والتأقلم به ، توقعت بأن الحياة ستقف عن كسرها عند هذه النقطة ولكن لا تعلم هي بأن نهاية هذا اليوم خاصةّ عليها هي ليس هين !!
___________________________________________
«ماذا الٱن؟؟
لاشيء، ان ارتاح في أحضانك
هذا هو الحال!!.»-من رسائِل كافكا إلى ميلينا-
لم تنعم هي براحة إلا بين ذراعيه بين أحضانه وإحتوائه لها ، صدق من سماه عز الرجال في الأخلاق وحتي طريقته وطباعه وخِصاله ، لم تشعر تجاه أحد من قبل كمثل ما تشعر تجاهه ، بدأا حياتهما كأي زوجين طبيعين والألطف بالنسبة لها عندما تذكرت أنها شاركته في الصلاة ووقف هو إمام بها ، صوته هادئ في القرٱن ، خاشع متيقن ، كان لٱخر لحظة لا يربد ضغطها بينما هي من عرضت عليه القبول أكثر من مره ، ورغم انها جاهلة بمشاعر كثيرة إلا أن حبها له يظهر بصدقٍ في عينيها الذي يشعر وكأنه تائه عند النظر إليها ، لم تعهد منه منذ ان عرفته إلا اللين، لم يحدثها بطريقة ليست محببه لها ، لم يصرخ عليها لأسباب قد فعلتها تثير حنقه ، كل ما يفعله هو تعمد الصبر الشديد وكما كان من قبل تعمد عليها الصبر أيضاً بشدة هذه الفتره ..
والٱن بهذه الساعة وهذه اللحظة جابت عينيها تنظر ولم تجده بجانبها ، علمت أنه إستقيظ ليهبط او للمرحاض من المحتمل ! ، ومن ما تشعر به من حرج قررت عدم النهوض خلفه ربما ذهب ليدخن سيجارته كعادته فالخارج بعيداً عن الغرفة وعنها.، ، تنفست "جميلة" بعمقٍ ونهضت ببطئٍ من على الفراش حتي انحنت تعدله بترتيبٍ وحرص إلى ان طوت الغطاء بتناسق ووضعته علي. حافة الفراش , عدلت ملابسها التي ترتديها أكثر ، ومررت يديها على خصلاتها التي تركتها خلفها كي تجف ، ووقفت لبرهه أمام المرٱه تنظر نحو وجهها المتورد وحتي ملامحها التي تعود للإشراق مجدداً ، الشئ التي تتأكد منه أنها لم ولن تندم على خوض هذه التجربة بوقت كهذا ، تتأكد بأنها تتعافي وقت بوقت وهو بالٱخص لا يعد حملاً عليها ، بل هو الذي يخفف عنها الأحمال والأثقال بمجرد إحتوائه لها وهي تتنفس براحة بين ذراعيه تسند رأسها على كتفه وكأنها تملك الحياة وما عليها من طمأنينة!! ، لم ترد الخروج رغم أنها أخرجت ملابس بيتيه لترتديها ولكنها جلست مجدداً على الفراش تحاول الإتصال بوالدتها وعقلها منشغل به ، أين هو ؟ ولم تأخر؟ ، لمَ لم تخرج هي من الأساس؟ ، وعندما لم تجيب والدتها على الإتصال ، نهضت تفتح باب الغرفة لتبحث عنه ، حتي سمعت صوت بالمطبخ ، فتوجهت بهدوءٍ حتي نظرت له بابتسامة هادئة وهو يوليها ظهره بكتفيه وذراعيه المكشوفتين بسمار بشرته ..
_",ويا ترى بقا هتفضل كده علطول ولا فالاول بس؟"
إلتفت "عز" وكانت اللفافه بين شفتيه وكأنه لا يترك الفرصه ، ترك المقلاة من بين يديه وابتسم باتساعٍ يطفئ سيجارته واقترب بسعادة ينظر نحو وجهها ممعناً النظر لتقاسيم وجهها وردد وهو يمد كفه يتمسك بيديها والٱخر يمرره على خصلات شعرها :
_" ده صباحية مُباركة يا عروسة!"
إبتسمت بحياءٍ ، ورفعت عينيها تنظر له بصمتٍ إلى أن عاد يرد علي حديثها بصراحة:
_" مش عارف بصراحة ، بس قولت أعمل زي ما بيعملوا فالأفلام والمسلسلات!"
شاكسته بحياء يروق له عندما توسعت ابتسامتها وجلست على المقعد في المطبخ:
_" يعني مش عشان خاطري؟"
ضحكت عقب ما قالتها ، بينما جلس هو أمامها مستنداً وتلمس بشرتها بحبٍ حتي قال بصدقٍ نابع لمشاعره التي ظهرت في نبرته لها :
_"وعشان خاطر المدام طبعاً ، أنا مبسوط أوي واللهِ ، يارب تكوني إنتي كمان مبسوطة زيي ي جميلة !"
تمسكت بكفه فرفعه هو الى شفتيه يقبل باطنه تزامناً مع قولها وهي تنهض لتقف :
_" أنا كمان مبسوطة ، عشان معاك وليك يا عز ، ربنا يخليك ليا وتفضل كده متتغيرش ، إنت العوض من ربنا ليا ، كل يوم بحمد ربنا عليك "
هابت فراقه كهوس بعد فقدان والدها فجأة ، توجهت برأسها تستند على كتفيه المكشوف وقالت بنبره متحشرجة :
_''يارب منخسرش بعض ولا نتوجع فبعض ونفضل مع بعض طول العمر !"
مرر يديه على ظهرها بنعومة ملابسها و برفقٍ وشعر بها ، ضمها بشدةٍ بكلتا ذراعيه وتنفس بصوتٍ مسموع وهمس جوار أذنها وهي تستند عليه :
_" عُمري ما اسيب الجميل اللي بقيت ليه ضِل !"
تحركت "جميلة" ترفع رأسها لتنظر له بينما مال هو يقبل وجنتيها بحبٍ وقال يحثها برفقٍ :
_" يلا نفطر ، تحبي ناكل هنا ولا فالأوضه!"
_" أي مكان ، المهم تفطر كويس انت علشان تنزل شغلك ، أكيد إتأخرت النهاردة!"
رددت ٱخر حديثها بخجلٍ بينما وضع هو الصينينة على طاولة المطبخ وجلس وهو يدفعها برفقٍ لتجلس تزامنا مع قوله المفسر :
_" لا مش رايح النهاردة !"
علمت أنه أخذ عطلة قصيرة ، ابتسمت برضا وتفهم ، ومدت يديها تبدأ بالبسملة ، في حين حثها هو برفقٍ :
_"وميمنعش بردو تذاكري مادتك الجاية دي ولا ايه ؟"
يحثها برفق على الإهتمام بمستقبلها ، ابتسمت بحبٍ على إهتمامه وتناولت معه الطعام برفقٍ وهي تومأ بطاعةٍ في حين رددت هي بتلقائية قلِقة :
_" عارف؟ مـ.."
_"لا بس هموت وأعرف والله!"
ضحكت بصوتٍ عالٍ على مشاكسته ، وعادت تردد من بين نبرتها الضاحكة:
_" ماما مش بترد عليا ، مع انها بتصحي بدري جداً ، قلقانة يكون حصل حاجة من عمتي وولادها !"
سردت عليه مختصر أقاربها بعد صلاة الفجر وهما يجلسان سوياً ، لذا تفهم وقال بنبره مطمئنة :
_" متخافيش تلاقيها مش سامعة التليفون بس ، سيبك من قرايبك دول وفكك منهم خالص ، دا الحمد لله انك بقيتي فبيت عز الرجال بعيد عنهم!"
ضحكت مره أخرى بيأسٍ ، وناولها بيديه لقمة صغيره حتي تناولتها من بين أنامله بهدوء ، وعادت تسأل هي بإهتمام:
_" ليه فرح مطلعتش زي كل يوم قبل ما تروح المستشفى ، هي مش هنا ولا ايه؟"
ابتسم "عز" على سؤالها وعاد يناولها مجدداً وشاكسها مره أخري بجديةٍ مرحة:
_" لا موجودة ، بس محدش بيزور العرايس فالصباحية بدري كده!"
ابتلعت ما بفمها ولم تتعمد النظر إليه بل ٱخبرها وبطريقة ما أنه أخبر والدته بإتمام زواجه ، نهضت تلتفت كي تغسل يديها تزامناً مع قولها الهادئ دون النظر له :
_" أنا الحمد لله شبعت !"
كاد أن يعترض بينما لم تعطه الفرصه ، اتجهت ناحية الغرفه سريعاً كي تجلب ملابسها لتبدلها لتقابل من يأتي بعدما علمت"حنان "!! ، نهض يغتسل ورحل خلفها حتي دفع باب الغرفه برفقٍ ووجدها تقف تتمسك بملابسها بيديها ، وضع كفية على كتفيها ولا حظ هو خجلها الزائد الأقرب إلى الخوف ولكن ليس منه بل من الفكرة نفسها التي أصبحت مكشوفة قليلا ً بينما لا تعلم. هي بعاداتهم رغم انها أقرب من طبقته إلا أنها فعليا تسكن بحارة شعبية عكس عمارتها التي كانت بها ، وقبل أن يتحدث بشئ يخفف عنها وجدت الهاتف يدق عالياً ، ابتسمت له بحرجٍ ، بينما انحني هو ليلتقطه ونظر بعفوية ناحية اسم المتصل فوجده "والدتها" ابتسم وهو يعطيه لها وقال يخبرها :
_" دي مامتك ، هسيبك تكلميها براحتك !!"
تنهد بصوتٍ وأشار لها بأنه سيخرج في حين خرج وأغلق الباب خلفه تاركاً لها الخصوصية لتتحدث مع والدتها في الهاتف ولأنها تقترب من فهم ما حدث لـ العادت جيداً علمت أن من المفترض ان تأتي والدتها بزيارة ومشتريات عدة لوالدة "عز" ، بعد كل ذلك الوقت من بعد وفاة والدتها وبالٱخص بعدما أصبحت زوجته فعلياً ، نوت إخبارها على أية حال كي تسير وتأخذ التقاليد مجراها بينهم وكي لا تستنكر والدة "عز" شئ لهم !!
______________________________________________
_" ما قولتلك مشوار يا نيروز ، اسكتي بقا ، من امته وانتي عايزه تعرفي كل حاجة كدة !!!!"
ليس من طبعها الفضول ! تأفف منها ؟؟ نظرت له "نيروز" بحزنٍ وهي تقف بمنتصف الغرفة بعدما تجهزت قبل وقت للخروج ، وقف "غسان" يضع مشط الرأس تزامناً مع هذه الكلمات بينما رددت هي بغير راحة له :
_" علشان عندي احساس بعدم الراحة ي غسان ، حاساك مخبي عليا حاجة !!"
جاب عينيه وجهها وجسدها بالكامل بنظرة ساكنة وتنهد يخرج أنفاسه بهدوءٍ مردداً بإقتضاب يحاول تجنب الضرر لها بأقل شئ وأقل حديث:
_" يلا عشان بسام مستني تحت!"
يتجاهل ؟ إغتاظت من طريقته ورفعت يديها تشير له بإنفعالٍ :
_" انت بتتجاهلني ليه ؟ ما ترد عليا وتعبرني !!!"
زفر "غسان" بصوتٍ مسموع ،ولأول مره يتغاضي عن حركة يديها التي تثير انفعاله بل أمسك يديها برفقٍ يحتويها بين كفه وقال يجاريها كي لا تتعب مجدداً :
_"مش بتجاهلك يا نيروز ، بس إفهمي انه موضوع كدة بنخلصه سوا بعيد عن العيلة والحوارات ووجع الدماغ ، ومتقلقيش مفيش حاجة تقلق ولا رايح أخونك من ورا ضهرك ، مرضية كدة ؟؟"
يفهم معنى نظراتها جيدًا ، تركت كفة بجفاءٍ ورفعت عينيها تواجهه بإصرار :
_" انت بتاخدني على قد عقلي؟"
أغمض "غسان" عينيه بنفاذ صبر ، وإعتدل يدخل هاتفه بجيب بنطاله وقال بتأفف صريح :
_" لا ، دا لو الحمل بيعمل كده واحنا لسه فالأول فكده هيبقي كتير أوي ، كتير !!'
تركها وخرج من الغرفة يخرج حذائه كي يرتديه ، اما هي فتجمعت الدموع بمقلتيها كيف يتجاهل حديثها بها الضيق ، لمَ لم يفهمها بهدوء ، مسحت دمعتها الحساسة وهي تنسحب خلفه تسأله باختناقٍ:
_" انت مش مستحملني ليه ي غسان ، انت بردو مفهمتش اني مش عايزه أقعد في البيت طول ما هم هنا وانت مش موجود معايا ، متسبنيش !!!"
لم ترددها صراحةً ، لم تصارح بخوفها مباشرةً !! ، ابتلع ريقه ووقف لبرهة يعي ما قالته ، تخاف في عدم وجوده؟ ، ابتلع ريقه وتقدم يمسك رأسها بحنوٍ حتي إقترب يقبل قمة رأسها برفقٍ وقال يطمئنها بإندفاع يخفف عنها:
_" خايفة من ايه ي رزّة ، عليا الطلاق لو حد لمس شعره منك لأدفنه هنا فشقة زينات!"
ورغم ان قوله مرح وجاد بنفس ذات الوقت إلا انها نفت بسرعة تخبره:
_" مش عايزه كدة ، أنا مش عايزاك تتأخر، مش عايزه أقعد مش مطمنة!'
رددتها بحدس أنثوي لم يهتم لهذا الحدس بما هو قادم ، بل تنهد واهتم لقلقها وهي بهذا الوضع ، حتي ابتسم يحاوط كتفيها يحاول مراضاتها بكل الطرق :
_" خلاص ، هوديكي عند جميلة بعد ما نكشف تقعدي معاها شوية ، واما نرجع هفوت أخدك ، مرضية تاني كدة؟؟"
بالفعل تريد الجلوس معها منذ فتره تفتقدها ، ابتسمت وهي تومأ له بينما مال هو حتى اقترب يقبل وجنتيها بمرحٍ وغمز لها بمشاكسةٍ يردف لها :
_" ابقى تعالىٰ دوغري يا بطل ومتلفش وتدور ..مش حمل اللف والدوران أنا ، كفايا دوخاني في حُبك!"
ضحكت كالمختلة وعينيها تلمع إلى الٱن بدموعها ، أمسك "غسان" يديها يديريها بحرصٍ لفستانها الهادئ بلونه الداكن وقال يغير من نمط نفسيتها الحالية :
_" بس ايه الحلاوة دي !"
ابتسمت "نيروز", بخجلٍ وتأثرت من محاولاته الكثيرة للتخفيف عنها بسبب اعياؤها وحملها ، لذا ابتلعت ريقها ببطئٍ وقالت قولها المعهود بتأثرٍ :
_" ثبتني يا بن البدري!"
ضحك "غسان" بخفةٍ وهبطت عينيه لمعدتها الغير بارزه ، بل وضع هو كفه هذه المره ليمرره علي معدتها بسعادةٍ فوضعت يديها علي يديه وسألته قائلة بحماس:
_" مبسوط؟"
نظر لمشهدهما في المرٱه وركز ببُنيتها عندما همس ووجدته يميل برأسه من خلفها يردد بحانب أذنها :
_" انتِ شايفة ايه ؟"
_" شايفاك أول مرة تكون بالحماس والسعادة دي ، رد فعلك فاجئني علشان دايماً بيقولوا الأب مش بيحس بـ الأحاسيس دي ألا ما يشيل طفله على ايديه لأول مرة ، لكن الأم فرحتها وحبها فِطرة ، بس أنا فرحانة أوي لكن مش قادرة أعبر زيك ، انت فاهمني صح ؟!"
مُحقة بقولها ، ابتلع ريقه بهدوءٍ وصمت يستوعب ما قالته ربما معها حق وسعادته هذه شئ وعندما يحمل طفله شئ ٱخر ..
_" فاهمك ومبسوط مش بس عشان هبقى أب زي ما بتقولي ، سر سعادتي أكتر إن أياً كان اللي هيجي ويخليني أب فهو منك انتِ مش من حد غيرك!!"
أدمعت عينيها بتأثر من عمق كلماته التي تزيد من خفقات قلبها وكأنها مراهقة الٱن بين ذراعية يحتضنها لأول مرة !! ، مشاعر متضاربة وهي ، هي الوسيط التي تتشت ولكنها سعيدة وفقط حتي بسعادته. هذه ، حركت رأسها ناحية رأسه بالجانب فوجدته يؤكد حديثه بنظرة عينيه على هذا الحال ، فتعلقت عيناهما معاً وحاوط هو بذراعه منتصف جسدها بمعدتها وخصرها ، أما هي فنطقت بأمنينها على هذا الحال وهي تري وضعهما في المرٱه :
_" إحنا حلوين اوي يا غسان واحنا مع بعض ، متبعدش "
قصدت فراقه بأي طريقة؟ ابتسم وقال بثباتٍ هادئ يطالع عينيها مردداً بثقةٍ :
_" مش هبعد .. أثبتلك ؟"
لم يعطها فرصتها بل بات إقترابه منها بشدةٍ ، قاربت على فهم ما يرمي إليه بحديثه العبثي الذي يثبتها كالبلهاء لا تستطع فعل شئ ، اندمجت بما فعله على فجأة رغم صدمتها في البداية , عالم أخر وردي اندمجت في قبلته لها وعقلها يُخيل شكلهما بالمستقبل وهم بـ أطفال معاً ، أما هو فكانت هذه الطريقة الوحيدة بهذا الاندفاع كي يثبت لها قوله ، قليل ما ترى منه حديث غزل جاد هائم بل عادةً ما يكون مرح مشاكس وعبثي لذا لا تتسارع دقات قلبها على الدوام ، بينما بالجدية تعتقد بأنها مازلت فتاة لا تتخطى الخمسة عشر عام !!! ، فعلة جريئة كهذة وهما على وشك الخروج جعلتها ترتبك في الحال ولكنها لم تمنع لذا في انخراطها بهذه المشاعر وأفكارها سندها بذراعه وعندما ابتعد قليلاً بوجهه نظر ناحية المرٱه وصوت أنفاسة يلفح بشرتها ، أما هي فحاولت إخراج هاتفها تهرب بعينيها منه وصوت أنفاسها العالية يسمعه هو ، سألها بعبثٍ شديد وهو يطالع وجهها :
_" إتأكدتي ؟"
توردت وجنتيها ورفعت رأسها تتحلى بالثبات وقاومت حتى ردت بحديث ٱخر :
_" إتأكدت من حاجة واحدة بس كنت متأكدة منها !"
تتمسك بتعابير وجه ليست من حالها الٱن ، حركت عينيها ببطئٍ تنظر ناحية الهاتف فعاد هو يسألها بضحكة خافتة متسلية :
_" ايه هي ؟"
_" انك قليل الأدب ي بن البدري!"
إعتلت ضحكات "غسان" الرجولية بصوتٍ بينما هي من أخرجت هاتفها من حقيبتها هذه المره ، ووقفت تعتدل على هذا الوضع حتي اخذت الصورة بحبٍ ، إعتدل بعدها ، وإنحني يبحث عن حذائها حتي كادت أن تنحني فمنعها سريعاً بلهفة :
_" خليكي أنا هجيبه ، متوطيش !"
مد ذراعه يسحبه ، سحب أول ما وجده دون أن يخيرها ، حتي جلس مستنداً ليضعه أمام قدمها في الأسفل، ابتسمت بتأثر له وإرتدت بمساعدت يديه الحانية وحينها مررت يديها بخصلاته إلى ان إعتدل وهو ينهض مردداً بابتسامة عابثة :
_" مرتاحة فيها ؟ ولا أشيلك جوه قلبي وخلاص؟"
قهقهت بصوتٍ مسموع من مداعبته هذه في الحديث ، ولأن قليل ما تخرج ضحكتها بقوة ، ولكن اذا ضحكت تجعل من أمامها يضحك علي صوتها دون سبب وهكذا ضحك هو بسعادةٍ فعادت تتحدث بنبرة بها أثر الضحك :
_" مرتاحة كدة وانت شايلني جوه قلبك ، الاتنين ي غُس!"
عانقته عقب كلماتها هذه ، فعانقها هو بحبٍ دون ان يشتد بعناقه لأجل ما بها ، وخرجت تقبل وجنتيه بسعادة ، وشعر هو بحماسها الذي يُخلق بسبب حملها وسعادتها ، لذا حاول ان يميل ليقبلها بمرحٍ هذه المرة بينما فعلت هي مالا يتوقعه. عندما فتحت سوارها الحاد ، ووضعته أسفل رقبته بشراسةٍ وقالت بنبرة غير هينة تخبره:
_" بسام مستنى تحت !! "
تفاجئ من فعلتها وأمسك يديها حتي عاد الطرف الحاد لمكانه ، فغمز لها بمشاكسةٍ وقال وهو يسحبها برفقٍ خلفه:
_" كدة غلط ع الزلط يرجع الرمل يزعل!!'
ضحكت بخفةٍ وأغلق هو الباب خلفه بهدوءٍ فقالت هي بحزمٍ تقلد نبرته الخشنة في المعارضة والهروب وأشارت بنفس إشارة يديه عندما يتصنع التجاهل:
_" أهو ده اللي عندي ، وإسكتي بقا !"
ضحك"غسان" عليها وعلم بأنها في حالة مزاجية جيدة تمنى بأن تستمر دون حدوث شئ ، فمنذ ان علمها وحالها هذا لا يستمر إلى النهاية أبداً وكأنها بنفسها تشعر وتنفي ما تشعر به بهذا المرح المفاجئ :
_" اسكتي ؟!! أنا تقوليلي اسكتي ؟! وبعدين. لا انا مبقولش كدة متحوريش !"
_" ياشيخ ؟؟ طب عال أوي مسيري اثبتلك انك بتقولها كتير !"
رددت كلمته المعهودة دائماً فقال هو بعبثٍ وهو ينتظر المصعد معها :
_" لا ده كدة عال أوي وهنجيب عيال ، تربية غسان البدري بصحيح !!"
____________________________________________
تعالت زغروطة عفوية جداً من فم "عايدة" قبل قليل حتي اجتمع الكل بشقتها وعلموا ما سبب هذه الفعله ، وقف "حازم" بجانب "ياسمين" و"بدر" الذي وقف يتابع دخول البعض من باب الشقة ، وحينما علم الكل هتفت "عايدة" تخبر "حازم" :
_" عايزين نبقى ننزل نشتري الحاجات قبل ما نروح زيارة لأختك!"
أومأ لها بطاعةٍ وقال يختصر مقدراً صبر "عز" كل هذه الفترة متذكراً كلماته وهو يوصيه على شقيقته :
_"حاضر ، على ما ٱجي من مشواري هشوف الموضوع ده !"
دخل بعد ذلك الشرفه وشعرت "فريدة" بأنه مستاء منها في حين تجمعت النساء ليباركن لـ "عايدة" بشئ كهذا ، في حين عندما سمعوا صوت الزغاريد منها ، هم الكل في الشقة الأخري لارتداء ملابسهم وتجمعوا أمام باب شقة "عايدة" التي أغلقتها "وردة"و"دلال" عقب الدخول ، وتزامناً مع ذلك وقفت "زهور" بغيظٍ تكتمة قبل أن تدق الباب وقفت بجانبها "زينات" بقلقٍ وهي تسمعها تردد لها وهي تنفض ذراعها عنها لتتركها وبجانبها كان "سامر" وخلفه شقيقتيه :
_" إسكتي يا زينات ، بيزغرطوا علي ايه دول؟ على عمرهم ؟ مش مراعين موت الراجل اللي لسه يدوب مكمل شهر ! ، ايه قلة الحيا دي !!!"
وقبل ان ترفع كفها المجعد لتدق الباب فُتح المصعد وخرجت منه "نيروز" مع"غسان" الذي زفر بضيقٍ زائف ما ان رٱهم وقصد فعلها أمام أنظارهم لاحظتها" نيروز " عندما وجدهم متجمعين أمام الباب ، وتزامناً مع. ذلك خرج "بسام ", غالقاً باب شقتهم خلفه وهو يُصفر برواقة إلا ان انتفض ووقف مره واحدة ينظر بغرابةٍ ، في حين سألهم "غسان" بنبره هادئة شبيهة للبرود :
_" مش خير ؟"
ابتلعت "نيروز" ريقها ناهيك عن نظرات الفتيات الحقودة اتجاهها ، صمتت "زهور". تدق باب المنزل بعصبيةٍ في حين قبل ان يوبخها "غسان" بالتمهل لهذا الاندفاع نطق "سامر" يجيبه باستخفافٍ :
_" خليك في حالك وملكش فيه !"
_"بيتك باللي فيه!"
نطقها "غسان" ببساطةٍ شديدة تحت ذهول "نيروز" بفتح عينيها من سبه في الخفاء بهذه البساطة الشديدة ، بينما كبت "بسام" ضحكته على رد شقيقه ، تشنجت ملامح "سامر" في حين التفتت "زهور", تنظر بوجهها ناحيته تجيبه علي وقاحته هذه خاصةً انها وبهذه اللحظة وهذا الوضع رأته ما هو إلا شخص قادم لآفتعال شجار للتسلية ليس إلا !! :
_" قلة الأدب ليها ناسها ، فـ مش هنقول ونعيد كتير !"
صمتت وحركت عينيها نحو "نيروز", وقالت باستخفافٍ :
_" مش نسأل بردو قبل ما نناسب؟ أدي ٱخرة اللي يعارض عمه وعيلته كلها ويبيعها ويشتري الغُرب !"
تعالى صوت"مروة" بحقدٍ تؤيد أكثر وهي تتضامن مع كلمات والدتها :
_"كان ماله حسن ،. دا حتي كان دايب فيكي دوب كدة ، كان بيعشق التراب اللي بتمشي عليه!!"
ضحك "سامر" باستفزازٍ ، وتشنجت ملامح "نيروز" وهي تهدر بإنفعالٍ للٱخيرة :
_" إخرسي يا بتاعة انتي ،. انتي بتقولي ايه؟!! أنا واحدة متجوزة وبحب جوزي ، متجيبيش سيرتي على لسانك سامعة ؟؟!!"
حركت "مروة" عينيها بترقبٍ في حين وقفت "زينات" بخوفٍ وفُتح الباب تزامناً مع خوف "بسام " عندما وجد سكون"غسان" بهذه الطريقه ، ولم تجيب النساء بل من رد على "نيروز " كان "سامر" الذي قال بوقاحةٍ يقلل منها ومن وجود "غسان" :
_"سيرة ايه يا نيروز بقا ، دا حسن لمؤاخذة مكنش بيبطـل يجيب فسيرتك بـ .."
دفعه"غسان" بغضبٍ حتي إصطدم الٱخر بمن خلفه واستند على باب الشقة المفتوح بصوتٍ حتي تأوه من ظهره ، رفع "غسان" كفه أسفل رقبة الٱخر يخنقه بإنفعالٍ من ترديده كلمات وقحة لعرض زوجته ، وردد بشررٍ وهو يضغط علي رقبة الٱخر باختناقٍ :
_" أنا مش حذرتك وقولتلك كان لازم تسأل قبل ما تيجي؟ متخافش بقا يروح أمك عشان انت جيت لقبرك برجلك !!!!!"
وٱكمل وهو يزيد عليه بضغطة يديه مردداً بصراخٍ :
_" قولت سألت ولا أمسح بيك الأسفلت ، فعملتلي فيها جامد ، تعالالي بقا !!!"
سدد لكه لكمة قوية بوجهه وقبل ان يندمج أكثر فصل الشباب "غسان"عنه بصدمةٍ قبل ان يلفظ الٱخر أنفاسه الٱخيرة أسفل يديه ، صرخت "نيروز" بخوفٍ وتمسكت بمعدتها وكأنها تهاب سقوط الجنين من أحشاءها لا تود أي خسارة ، لا تود ذلك !!! لاحظت "مروة" تمسكها بمعدتها وعلمت على الفور بملاحظةٍ ، ومن بين هذه الأصوات بين النساء والرجال بفصلهم عن بعضهما ، توجهت "مروة" تدفع "نيروز" بخبثٍ دون ان تفعل هذا صراحةّ ، تحركت من. جانبها لتدخل بين الزحام فإصطدمت بجسد "نيروز" بشدةٍ حتي فقدت "نيروز" توازنها وصرخت قبل ان تقع بـ أهٍ عالية مرتفة :
_". أاااه !"
بعدها وقعت على الأرض تصطدم ونزلت الدموع بألم من وقعتها هذه تلهفت "سمية", بخوفٍ بينما من بين مسك الشباب جسد "غسان", ترك التركيز معهم والتفت برأسه ينظر نحوها حتي لمح بعينيه جسدها وهي تحاول بضعف الاستناد لتقف بينما لم تساعدها أعصابها بالخوف ، هتف بخوفٍ وهو يدفعهم عنه بقوةٍ :
_" نيروز!!!!"
تركهم وتقدم ناحية الخارج أكثر حتي إنحنى بإندفاعٍ يسندها كي تنهض بخوف ولهفة مع يدي "سمية"و"بسام" الذي ركض على الفور ناحيتها ، خرجت "وسام" تنظر من الشقة بصدمة من كل هذا التجمع ، بينما وقفت "نيروز" بمساعدتهم تقدمت تدخل شقة "سمية" مع "وردة" التي هرولت بسرعة مع "ياسمين" من الشقة الٱخرى ، أخذ "حازم" "سامر", ناحية الداخل بانفعال كما سحبت "زهور" ولدها معه بمشاعر خوف أت باللحظة الٱخيرة من تهور "غسان" المفاجئ بعد كم البرود التي عهدته منه ، وقفت "قريدة" تبتلع ريقها بجانب "زينات" التي وجدت بعينيها الخوف ، فوقفت "عايدة" تنظر بقلقٍ نحو "سامر" الذي تمسك "حازم" بملابسه من فوق وهو يحركه بغيظٍ مردداّ بانفعال منه :
_" انت ايه ي بني انت ؟؟. ماشي تقول يا شكل للبيع ، أنا مش محذركم من المشاكل ؟ ..أنا مليش دعوه لا بيك ولا بأمك وأخواتك لو غسان فضى دماغه ليك! ، فـ حِلو عننا بقا كفاية مشاكل ، الواحد ما صدق يخرج من الهم اللي كان فيه ، لو جايين تخربوا أنا مش هسمح بـ كدة عشان تبقوا واعيين!!!"
وقفت "زهور" تنظر بأنفاس مسموعه بينما دفع "سامر" يدي"حازم" عنه وقال بفظاظةٍ ينفعل :
_" هنخاف منك ومنه يعني ولا ايه ، ما فداهية، وبعدين قبل ما تتحمق كدة وتقولي بقول شكل للبيع كنت شوفهم وهما جايين علينا الأول !!"
تدخلت "فريدة" بدفاعٍ تردد بصلابة في كلماتها :
_"نيروز عمرها ما تعمل حاجة تجر شكل حد بيها ، ولا جوزها طالما هي معاه ، أكيد حد فيكم سمعهم كلمتين ملهمش لازمة !'
لوت "زهور" شفتيها بتهكمٍ وهي تراقب الأنظار وعندما انتهت "فريدة" ردت هي عليها بجمودٍ تسخر :
_"الله دا انتي كمان طلعللك صوت اهو ، مش بدل ما تتكسفي على دمك وتسكتي من ساعة حوار امبارح ، أوعي يا بت تكوني فكراني ناسية، أنا سكت بس بمزاجي ومن هنا ورايح ضلعك المعوج ده أنا اللي هعدلهولك بدل ما انتي ماشية تتمايعي كده على خلق الله !"
شهقت "عايدة"وقبل ان يتهور "حازم" في الرد تهورت "فريدة" من قبله وهي تصرخ بها ترد على الحديث بحديث أوقح :
_" أنا بردو اللي ماشية اتمايع ولا بنتك هي اللي مايعة وماشية تتلزق في واحد مش عايزها ، محدش ليه كلمة عليا فيكـ.."
إغتاظت "مروة" وتقدمت بتهورٍ تمسكها من شعرها من الخلف أسفل الحجاب حتي تأوهت "فريدة" والٱخري تسبها بحقدٍ :
_" بتقولي علي مين كده ي بت انتي ، انتي نسيتي نفسك ونسيتي انتي راجعة بـ ايه ، نسيتي؟؟ ولا بت ايه بقا المفروض نقول مدام !"
أسرع الكل يفصلاهما عن بعضهما بينما رغم وجع الكلمات إلا ان "فريدة" اندفعت تركلها في معدتها وهي تدفعها لتقع أرضاً حتي تبرك فوقها بشررٍ وكأن بهذه اللحظة ستخرج كل ما بها عليها من طاقة سلبية ..
_" أقسم بالله ما انتي فالتة من تحت ايدي فيومك !!"
وكأنهما بالعامية تربيا في الشارع وليس مكان ٱخر غيره من سبهما لبعضهما ، وقف "سامر" ينظر بشماتة عندما وجد"مروة", مسيطره في البداية ومن ثم عندما دفعتها "فريدة", وكأن الكل يعي تدريجياً ما يحدث ، ركض "حازم" ناحيتهم كما ركضت "زينات"و", عايدة". ، دفع شقيقته من على "مروة" وهو يتسمك بمعصمها بقوةٍ وانفعال يمنع "فريدة" عنها ، يعلم ان تُركت عليها لصعدت روح الاخري في الحال !!
والغريب ان بجبروت مثل جبروت "زهور", وقفت تتابع بصمتٍ وسكون لطالما تعلم ان "حازم" لم يرضي هذه الإهانة وقلة القيمة للعائلة ، في حين أشارت لـ "اسماء" ابنتها الصغري بعدم التدخل ، وقف "حازم" بينهما بأنفاس مسموعه يدفع الإثنان عن بعضمها بعدما حاولت كل منهما لمس الٱخري مره ٱخري ..
_" بس خلاص !!'.
رددها بأمر وتمسك بيد "فريدة" في حين حدج "سامر " "مروة" بأن تقف صامته ، خرج صوت"حازم " الموبخ للاثنان :
_" ايه القرف اللي حصل ده ؟؟ ايه ده أنا عايز أفهم دلوقتي حالاً. ايه؟؟ تربية شوارع ؟؟!"
تدخلت "مروة" بوقاحة توقفه عند حده :
_" اتكلم عنك وعن اختك !"
زفر بصوتٍ مسموع ومازال يمسك بشقيقته وكان قد قرر الهدوء ولكن بعد كلماتها الأخيرة له ، تشنجت ملامحة وهدر بغيظٍ واضح من وقاحتها :
_" أنا كنت ناوي اجيبلك حقك مع انك غلطتي فيها الأول ، وكنت ناوي بردو احاسبكم انتم الاتنين ، بس بعد قلة أدبك دي فأنا مش شايف حاجة غير غلطتك فأختي ، وأقسم بالله العظيم لو كلامك ده خرج من لسانك ليها تاني ما هعمل حساب لامك اللي واقفه دي !!"
تدخلت "زهور", تهدر بصوتٍ عالٍ تشير لإبنتها :
_" تعالي يا مروة هنا !''
سارت وهي تعدل حجابها وملابسها ورمقت الأخرى بغلٍ ، والعجيب بأن "زهور" تصمت ، تعمدت الصمت أكثر وغيرت مجرى الحديث مما أثار ريبتهم :
_" خلينا فالمهم ، مش عيب تكون راجل بيتك ويطلع حركة خايبه زي دي وأبوك لسه ميت !"
عقد ما بين حاجبية بغرابةٍ من قولها ، ونظرت "عايدة" بغير فهم حتي تدخلت تسألها بإستنكارٍ :
_" تقصدي ايه يا زهور بكلامك ده ؟ حازم ابني راجل غصب عن عين أي حد!!"
_" أقصد فراغة عينك وقلة ذوقك ي عايدة لما الزغاريط تخرج من دارك وجوزك لسه متحللش فتربته !"
إغتاظت ملامحها وهدرت بصوتٍ تنفي قولها :
_" قولتلك مكنش جوزي!''
رفعت "زهور" عينيها تحدجها بقوةٍ ،في حين تدخلت "زينات" تُهدأ من روعة الوضع :
_" اكيد متقصدش يا زهور ، ما تصبري نشوف يمكن عندهم خبر حلو ، الله !"
أشار "حازم" بيديه هذه المره وترك معصم "فريدة" واقترب يوضح لها بخشونةٍ :
_" ولو مسهيناش ، مش شايف إنها حركة بايخة ، ابويا مات ووقت حداده كمان يعتبر عدى ، واللي راح راح وربنا يسامحة مش هنقعد طول الحياة نبكي ونشكي ونوقف حياتنا على كدة ، حركة زي دي تحرق دمنا عنك انتي شخصياً فخلي كل واحد فحاله مرتاح!"
عارضت قوله بحزمٍ شديد :
_" لا تبكو وتشكوا ، لو اللي راح دا سليم ابوك اللي رباك ،. زغاريط وفرحة ايه دي ، يكونش بتجوزوا حد ولا بتحتفلوا بطلب جواز سامر من فريدة ان شاء الله! يكون كدة يعني!"
رددت آخرها بسخريةٍ لاذعة ، ابتهجت ملامح "سامر" بخبثٍ بينما اندفعت "فريدة" تردد برفضٍ قاطع :
_" دا على جثتي لو اتجوزت إبنك ده ، اقسم بالله العظيم على جثتي سامعة !!!!"
تجاهلت قولها وعادت "عايدة " تبرر لها كطبيعة شخصيتها التي تعود لينة في كل مشادة كلامية لتهدئة الوضع لا أكثر من ذلك:
_" لا مش عشان جواز سامر اللي أصلاًإترفض ي زهور ، والموضوع ده منتهى !"
ترقبت عيني"زينات " وتصنعت "زهور" الإهمال في الإنصات وقالت وهي تشير بفظاظةٍ :
_", أومال على ايه ، خير يعني في ايه تفرحوا عليه، من ساعة ما جينا وهلينا عليكم وانتوا لاويين وشكم ومعقدين الدنيا !!"
لم تحبذ "فريدة" سرد تفاصيل عن شئ كهذا خاص بـ "جميلة" بينما بهذا الموضع كان يجب الكل ان يعلم للمباركة لا أكثر وهذا كان من تقاليد "عز" ووالدته بذهاب لهم زيارة كاملة مبهجة لحياة شعبية بسيطة بحارة شعبيه كذلك ،، بينما في زواج "غسان"و"حازم" لم يكن الأمر مفسراً بهذه الدرجة كان بين أطراف معينه في العائلة وليس بأكملها!! ، أنسحبت بضيقٍ ناحية الشرفه واذنها تتردد بها كلمات "مروة"!! ، في حين وقف "حازم" يتابع "عايدة" التي قررت إخبارهم بإختصار لما حدث كي يتركوهم بوضعهم دون مشاكل!!!
______________________________________
جلست والكل ملتف حولها تتجرع من كوب المياة ببطئٍ ، مسح "غسان" على وجهها برفقٍ وخوفٍ بينما تشبتت ببطنها وفهم "بسام" معني خوفها فاقترب ومد يديه يأخذ الكوب من بين يديها ونظر لـ "غسان" نظرة فهم معناها سريعاً ، بينما كانت تجلس "سمية" من الناحية الاخري تحتوي ذراعها بخوفٍ ووقفت كل من "ياسمين"و"وردة" يتابعان مع "بدر" هو الٱخر من بين قلق "حامد و"دلال" ووقوف "وسام" بجانب شقيقها ..
_" متخافيش ان شاء الله هيكون بخير ، قادرة تقفي؟؟"
كان ذلك قول "بسام"وليس"غسان" الذي هاب وخاف وحبست أنفاسه فقط يحتويها ويتمسك بكفها بخوفٍ دون قدرة على قول شئ بعد صدمته بوقوعها وهي بموضع كهذا !! ، عرف "بسام" كيف يحتوي الموقف وهو يشير على بطنها بإطمئنان وعندما سمعت حديثه أومأت بنعمٍ فخرج صوت"غسان" أخيراً بلهفةٍ بعدما أكدت هي :
_" طب قومي ..قومي عشان نطمن يا نيروز يلا !"
قالها وهو يبتلع ريقه ونهض تزامناً مع نهوضها إنكمشت ملامحها بألمٍ ووقفت "ياسمين " تمرر يديها على كتفيها بقلقٍ حتي عانقتها بعفويةٍ شديدة ، رفعت "نيروز" ذراعها تمرره علي ظهرها وهي تردد بتقطعٍ من أثر صدمتها بما حدث :
_" أنا كويسة. متخافيش !"
إنحنت "وردة" تنفض رداء "نيروز", بحنوٍ كي تزيل أي أثر من أتربة ناعمة كانت قد وقعت عليها هي ، وجاءت عند ربطة خصرها وعقدته ببطئٍ وايدي ترتجف تحت نظرة "نيروز" التائهة ..
_" أنا هسبق يا غسان أخرج العربية على ما تيجوا ، على مهلكم !"
أومأ له "غسان" وأخرج المفتاح من جيبه يعطيه له ، وسار "بسام " بعدها سريعاً ناحية الأسفل ، في حين اختل توازن "نيروز", بقلةٍ حتي أسندها "غسان" بذراعه بإندفاعٍ و سألها بلهفة مره أخرى :
_" نيروز!!! ،. انتي كويسة ؟؟"
أومأت وهي تمسك رأسها وانتبهت لتقدم "دلال" وهي تعدل حجاب رأسها أكثر لها وربت علي رأسها بحنانٍ دون نبس حديث ، فشجعت"سمية" "غسان" على السير كي يطمئن :
_" اسندها ي بني وحاولوا تروحوا بسرعة تطمنوا !!"
تلهفت "وردة" قبل ان تردد "ياسمين" :
_" استنى ، انا هاجي معاكم!"
نفى "غسان" سريعاً وهو يسحبها برفقٍ في طريقه ناحية الخارج:
_" لا ، لا خليكي يا وردة، أنا معاها وبسام معايا كمان متتعبيش نفسك وأنا هتصل أطمنكم ان شاء الله بعد ما نخرج من عند الدكتورة!"
حركت رأسها تومأ كما أومأ الكل ، وحثه "حامد" بنظراته على ان ينتبه لها بشدةٍ كي لا تقع منه ، فهم ووافق بعينيه وخرج يقف أمام المصعد يسندها بذراع ويضغط على الزر بأنامل يد الذراع الٱخر ، تنهدت بتقطعٍ وكأنها لا تستطيع أخذ أنفاسها باختناق وهي تري مكان ما وقعت به ، لم ترى دفع الأخري لها بالخفاء وتستنكر كيف حدث هذا ، إلا ان الجميع يعتقد بأنها من وقعت واختل توازنها بينما هو يشك بهذا الوضع الذي حدث بين تجمع وكانت هي منه بينه بجانب زوجته ولم يغفل عن شئ كهذا !!
هبط المصعد بهما بعد لحظاتٍ وخرجت هي معه تتأبط ذراعه وهو يحاوط بذراعه كتفيها يتولي زمام سيرها بطريقة ليست مباشرة كي لا تقع ، وقف يفتح لها الباب الأمامي وردد "بسام" له وهو يهبط المقعد الأمامي :
_" خليها تركب قدام ي غسان وانا هنزلها الكرسي عشام تقدر تقعد مرتاحة في الطريق !"
صمت وصمته تعني موافقته دون جهد ، جهز لها "بسام" المقعد في حين سحبها "غسان" برفقٍ لتجلس على المقعد حتي جلست تنظر له بإبتسامة هادئة تطمئنه ، أراحت ظهرها قليلاً وتنفست بصوتٍ تحاول تحمل الوجع الذي انتشر بجسدها من وقعتها هذه ، في حين وقف "بسام" يمرر كفه علي ذراع "غسان" يحثه بلين :
_" خليك أنا هسوق ، أقعد انت ورا كرسيها وخليك متابع كده يمكن ترجع ودا طبيعي يعني عشان متقلقش بس!!"
زفر بصوتٍ مسموع يتحمل ضغوط كل مره دون تفسير لكنه لا يريد شعور ذلك ،. خوفاً عليها ، فتح الباب الخلفي وجلس ينظر نحو المقعد الذي مال عاق ساقيه من الخلف حتي اسندت هي رأسها فمد كفه يمسح وجهها برفقٍ يسألها للمره الأخيرة قبل ان تسير السيارة بواسطة"بسام "..
_" حاسة بوجع ؟"
في كل مره لا تكتمل فرحتها إلى النهاية !! ، خبر حملها لم ينتهي بخير بسبب عواقب أمس ، وهذه المره كانت تتلهف لذهاب أول مره عند طبيبة ما لتتابع حملها معه هو مع شريكها ، بينما الٱن تذهب للمره الأولى لتتابع ولكن مع وجود شك أنها تذهب لتتأكد من وجوده وعدم وجود ضرر بها ٱو بالجنين الذي يعد غير ثابتاً بشدة ووقعة كهذة من المحتمل ان تؤثر عليه !!, لم تسقط دمعتها بسبب تحليها بالثبات أمامه أخذت أنفاسها بتقطع ولم تغفل عن خوفه عليها ورجفة يديه التي قليل ما تحدث ، في حين أجابته بنبره حاولت ان تكون ثابتة بها :
_" لا أنا كويسة متقلقش !"
قالتها وهي ترفع عينيها مستندة بأريحية وقاومت أي خجل بسبب تعبها هذا ، تقابلت عينيها مع رأسه وعينيه هو بصورة مقلوبة ، فابتسم وهو يمرر أنامله على وجهها ورفع عينيه ناحية "بسام" يحثه بنبرته الهادئة :
_" إفتح الشباك اللي جنبها ده ي بسام شوية ا!"
فتحه قليلاً من المحرك بجانبه بضغطة ، وفتح حتي دخل الهواء يداعب بشرتها ، وتحرك قفصها الصدري بهبوط وصعود كما كانت عينيها شاردتين وهي تنظر نحو الخارج ، تفكر ككل مره تحاول التفكير وتهرب كي لا تعترض ، لما لم تكتمل فرحتها إلى النهاية ؟؟ ، حركت رأسها تبتسم باتساعٍ شديد عندما تعمد "بسام" تشغيل اغنية لـ "أم كلثوم" واعتلت الكلمات من نصف الأغنية تقريياً ..
_«ونظرتك سحر وإلهام وبسمتك فرحة قلبين عايشين علي الأمل البسام»
ضحكت عندما مال "غسان" برأسه عليها من الخلف يردد بمرح كي يخفف عنها :
_" بيفهم الواد ده برضو !"
_" أي خدمة يا غُس !"
رددها "بسام" وهو يغمز له فبادله "غسان" الغمزه ، فمال "غسان" يهمس مجدداً بمشاكسةٍ عابثة تزامناً مع قول الست نفس الكلمات:
_" ونظرتك سحر وإلهام .."
رددها ببطئٍ كما كانت الكلمات وتعلقت عينيها بعينيه بخجلٍ ، فنظر لها بإطمئنان ومد ذراعه يضع كفه علي معدتها التي كانت تضع هي عليها كفها وقال مجدداً يطمئنها بثقةٍ :
_" ان شاء الله انتوا الاتنين بخير ومحصلكوش اي حاجة ، أنا متأكد ، متخافيش !!"
تمسكت بأنامله ووجد الترجي بالدعاء في عينيها ، فزفر بصوتٍ يدعو بينه وبين نفسه وبين خالقه ، كما تأثر "بسام " من توترها الزائد بفقدان ما بأحشائها وسبحان الخالق يخلق الغريزه من بداية وضع الجنين برحم الٱم ،وكأن الخوف وقتها شئ فطري لا يلزمه مقدمات و وقوانين لوضعه أو حتي زواله !!!
_________________________________________
_" وازاي الحكاية دي متمتش من أول يوم ، ايه الخيابة دي !!"
نطقت "زهور" بهذه الكلمات بتبجحٍ وكأنها تستغل الحديث كي تعارض وفقط ، كادت ان تبرهن "عايدة" عليها بينما هتف "حازم" بحزمٍ :
_'" والله دي حاجة متخصناش ، وانتي نفسك عارفه كويس ان عرفنا خبر موته يوم فرح جميلة !"
وقبل ان تتطاول بالحديث ردد "حازم " مجدداً بصرامةٍ :
_"والموضوع ده انتهي وبلاش نفتحه تاني ، عندك كلمة تقوليها ي عمتي تبقي تدعي لأختي وجوزها ان ربنا يسعدهم غير كده بلاش !!"
تأففت من ضيق افقه وقالت بحدةٍ تعبر عن معالم وجهها المتشنجة بمحاصرته لها بالحديث :
_" انت هتعدل عليا ولا ايه ؟"
_" لأ مبعدلش ، أنا بقول كلام في الأصول لازم نعمل بيه ومنلتش فيه لت النسوان الحوار انتهى، اتفضلي اقعدي او ارجعي الشقة التانية زي ما تحبي البيت بيتك !"
حدجه "سامر" بضيقٍ ودخل غرفته مشيراً لوالدته بأن تدخل خلفه كي يرحلون هم ، وبالفعل ، إلتفتت "زهور", بهدوء تشير لشقيقتها وأولادها للرحيل خلفها بعدما نظر "سامر" بشرودٍ ناحية الشرفه التي تقف بها "فريدة", وقال بهمس منخفض قبل ان ينسحب للخارج :
_" ومالو من حق الفريد يتدلع ، كلها ساعات وهصدمك وأكسر عينك الجامدة اللي مبقاش يهمها حد دي !"
قالها بشرودٍ يرتبط بسكون "زهور" وكأنهما يدبران لٱمر مدهش وصادم فما القادم ؟؟. انتفضت على صوت إغلاق باب الشقة بقوةٍ وعلمت أن "والدتها" رحلت معهم ولم تبقي معها كي لا تثير الانظار ناحيتها مجدداً وتثير العراك بين أي طرف وهي!!، نزلت دموعها الساخنة على وجنتيها بسبب لقب الٱخرى الوقح لها ، كلما شاءت بأن تتخطى تتعثر بكلمات ونظرات أحدهم ، سارت القشعريره بجسدها وانتفضت بخفوتٍ طفيف عندما جابت زاكرتها مجدداً تفاصيل اليوم المشهود بالوجع الشديد ، اليوم الذي غير حياتها كلياً ، يوم اعتدائه عليها ، في الفترات الأخيرة أصبحت تتذكر كثيراً وتلبسها هذه الحالة ربما من الضغوط ؟؟ ، شهقت بخوفٍ وصرخت بصوتٍ مبحوح وهي داخل أفكارها عندما وجدت يد أحدهم توضع علي كتفيها من الخلف إنتفضت مع صراخها هذا وعندما وجدته هو ارتمت بنفسها في أحضانه تعلن دموعها ببكاءها بعد صراخها ، لم يتفاجئ "حازم" من رد فعلها ، بل يتوجع بشدة ما تمر هي به يؤلم فؤاده ، اختنقت أنفاسه وهي تشهق تتشبت في قميصة من الخلف ، مرر يديه علي ظهرها وربط يديه معاً يضمها بوجعٍ واليوم سيلقي الٱخر عقابة بكل ما فعله بها وبوالده وبهم. أيضاً ، لكنه لم يقدر على قول ذلك لها رغم انها هي الأولى التي يحق لها بأن تعلم نهاية الشخص الذي فعل بها فعلته الشنيعة وإلى الٱن تعاني..
شهقت بتمزقٍ وضم رأسها ناحيته وخرجت نبرته أخيراً باختناق شديد :
_" وحياة أغلى حاجة عندك ما تعملي فنفسك كدة يا فريدة ، متوجعيش فقلبك وقلبي يا بنت ابويا !"
شهقت بوجعٍ وقالت بتقطعٍ تعلن استسلامها :
_" انا تعبت، تعبت ي حازم ومبقتش حمل أي حاجة ، نفسي الدنيا تسيبني فحالي بقا ، والله العظيم ندمانه وبندم ، بقيت بتمني كنت أموت ساعتها ولا يحصل كده ، ليه محدش بيسيبني فحالي ، ليه الكل عايز يوجعني ، وأنا موجوعه والله كفاية من الدنيا دي ، نفسي أرتاح بقا نفسي ي حازم والله العظيم نفسي أنا تعبت !!!"
نزلت دمعته على قولها الذي بُح بصوت فتاة ظُلمت بعدما سمحت للخطأ دون أن تعلم بأنه خطأ ، إختنق صدره وضاق وهي تتشبت وخلفهم "عايدة" تنظر بأعين باكية تتابع الوضع بينهما ، تمسك برأسها وأخرجها ورأت حينها دموعه فرفعت يديها بلهفة تمسح وجهه وكأنها تندم على وجعه من أجلها ،. رددت بأسفٍ موجع له :
_" أنا ٱسفه والله العظيم ٱسفه ، بس أنا معتش قادرة واللهِ ، متزعلش أنا .."
بتر حديثها وقال بضعفٍ شديد ظهر في نبرته عندما احتوى رأسها بين كفيه:
_" إنتِ راسك دايماً مرفوعة ، ودايماً هتقدري بوقوفنا جنبك وطول ما انتي ماشية صح ، مش عايز أشوفك مكسورة كده تاني فاهمة؟. أنا أختي تبقى جامدة وقوية وميهزهاش أي حاجة!!"
ابتسمت "فريدة" بألم من بين دموعها ، وقالت بيأسٍ مخذول:
_" كنت ، كنت ي حازم ، دلوقتي صدقني متماسكة بالعافية ، مش ضامنة أقع فأي وقت وكل حاجة تخوني حتى نفسي !!"
ورددت بالبقية تتوسل إلية مجدداً :
_" عشا ن كدة أمانة عليك ما تسيبني ليهم ، أمانه عليك ما تسيبني لسامر ، أنا بكرهه ، مبحبوش ومش عايزاه ،. دا إنسان زباله صدقني ، متخلهمش يضغطوني ويضغطوك عشان خاطري ي حازم مشيهم من. هنا لو بتحبني أنا كنت كويسة من غيرهم واللهِ ، مش عارفه ليه بيحصل كدة !!"
كانت كلماتها متقطعة بخوفٍ إلى أن ضم رأسها ناحية صدره يحثها على الهدوء ، تنفست بين احتواءه لها وردد يجيب هو بنبره متلهفة صادقة :
_" وحياتك عندي ما هسيبهم يجبروكي علي حاجة مش عايزاها ، ولا هسلمك لأي حد كده والسلام ، بنتنا ياخدها أحسن من أحسن واحد ، أوعي تفكري اني هقبل بكدة ، مستحيل افرط فيكي وابيعك ي هبلة انتي!!"
ابتسمت على ٱخر ما قاله كما كان بيتسم هو بوجع وبسمتهما هذه المرة كانت قاسية على قلب كل منهما فهو يتوجع لأجل أنها تردد دائماً وكأنها لا تثق وبكل يأس يعلم ان والده السبب في ذلك وبقوة ، أما هي فعلمت نفس علمه ان كل ما يجتاح عقلها وقلبها بفقدان الٱمان في البداية كان من والدها التي وان وضعت بهذا الوضع وهو على قيد الحياة لتركها تتزوج تخفي العار التي فعلته به وبالعائلة من وجهة نظرة ، لكنه لم يلحق ذلك وتولي زمام الأمور الجبل الشامخ الذي وكلما تثقل عليه أحمال الحياة يقوى ولا يضعف أبداً وكأن أضعف ضعف يزيده قوة!!.
_________________________________________
بينما في شقة "سُمية" جلست بإنهاكٍ تستريح وبجانبها والدتها وانسحب "حامد" ومن يتبعه ، في حين لاحظ "بدر" إنسحاب "وردة". ناحية الغرفة ، كل مره ينوي بها قول ما يريد قوله لا يستطع والموعد بات قريب!! ، تنفس بصوتٍ مسموع ولٱن "سمية" تعلم ، ففي كل مره تسأله. ان كان أخبرها أم لا!! ، سمع صوت بكاء "يامن", فإستأذن بعينيه حتي دخل وفتح الغرفة ومن ثم أغلقها خلفه وجدها تلاعبه بحنوٍ ولم تعطي اهتماماً شديداً. لدخوله من الأساس يلاحظ ذلك منذ أمس ولكنه تعمد ان لا يركز بقوة مع أفعالها بعد كلمات "مروة", السامة لها ..
_" بـا بـا !"
رددها "يامن" بطفولية فابتسم "بدر" بإتساع وهو يجلس بجانبها مال يطبع قبلة على وجنتي الصغير بمشاكسةٍ يداعبه حتي ضحك من جديد ، عانقه "بدر" بقوةٍ ولاحظت هي ان العناق مختلف عن كل مره. ،أما هو ففي هذه اللحظه لا يتخيل بأنه سيفارق لفتره !! ، رفع ذراعه يضم "وردة", ناحيته وبينهما صغيرهما وبدأ هو بالحديث عندما سألها باهتمام:
_'' مالك ي وردة ؟"
نفت بابتسامه متكلفه وتصنعت النظر نحو صغيرهما وهي تجيبه :
_" عادي مفيش حاجة !"
نهض بدون مقدمات يحمل "يامن" حتي فتح باب الغرفه وهمس جوار أذنه بـ :
_" روح لـ تيته بسرعة !"
أهبطه أرضاً وركض حتي ضحك "بدر" عليه ومن ثم أغلق الباب وهو يقترب ، اما هي فحاولت النهوض بينما قاطع هو نهوضها بيديه التي تمسكت بمعصمها بهدوءٍ شديد ، رفعت عينيها الحزينة تقابل وجهه بتعبٍ وتجمعت الدموع وكأنها هشة ضعيفه تنتظر فقط نظرة أحدهم المتفهمه لحالها ، وهو كان أحدهم ، ورغم انهما غير مُركز عليهما ولٱن بهذا تعد العقبات والمشاكل قليلة بينهما بينما الٱن وُجد بينهما مشكلة لا يريد هو قولها بسببها !! ، وقبل أن تهبط دموعها منها رفع يديه يُقرب رأسها من كتفيه فمالت تستند بإستسلام تزامناً مع قوله المفسر لها والمتفهم الهادئ الظاهر بحنوه :
_" أعملك ايه بس يا وردة عشان تصدقي إني بحبك ومستحيل أتخلى عنك ولا عن ابني ، والله العظيم أنا راضي ومش زعلان، أنا مبسوط عشان انتي فحياتي وجبتيلي أحلى حاجة فدُنيتي ، ربنا يقدرنا ويعينا على تربيته سوا!"
هبطت دمعة "وردة" وهي تستند عليه وخرجت ترفع رأسها له وقالت بتحشرجٍ تبرر له :
_" أنا مصدقاك يا بدر بس أنا مكسورة ، كل ما بحاول انسى وأعيش وأشوف إنك قابل ومتمسك حد يجي يشككني فنفسي ويكسر خاطري بكلام ملوش لازمة ، أنا تعبانة يا بدر واللهِ ومليش اي ذنب فكدة ، دي حكمة ربنا وأنا مش معترضة بس حواليا أسباب بتلعب فدماغي ومبقتش قادرة أفكر .."
صمت يستمع إلى ان تنتهي دون أن يقاطع ، صمت يأتي بٱخرها للنهاية علها تستريح في حين تحركت تردد بلهفة سريعة وكأن الخوف يلح عليها ويعطيها الشك :
_"بس انت فاهم ده صح؟!!مش هتسيبني وتتجوزها عليا صح؟!!"
سألته بلهفةٍ شديدة وتفاجئ هو من خوفها الشديد ، تنهد يأخذ أنفاسه ورفع يديه يمسح وجهها برفقٍ وقال بصدقٍ شديد هادئ عكس لهفتها هذه :
_" أنا فاهم ده من زمان والموضوع ده بالنسبالي مقفول ، ومستعد أحلفلك على كتاب ربنا دلوقتي إنه مبيجيش فدماغي لمجرد إني بفكر فيه حتى ، يا وردة أنا مش عايز من الدنيا غيرك وغير ابني ، ولا أي واحدة فالدنيا تقدر تاخد مكانك ولا تملى عيني زيك ي أم يامِن !!"
دللها بٱخر حديثها فابتسمت من بين دموعها وقهرها ، تنفست ببطئٍ وكلما يُقلل أحدهم ثقتها بنفسها يعود هو ويعزز ذلك بقوةٍ ، جابت عينيه حنايا وجهها بحبٍ وطالعها بقوةٍ وكأنه يملي عينيه منها ، لاحظت نظراته ، فتمسكت بكفه ومدت ذراعها تجلبه هي ناحية أحضانها حتي أسند رأسه علي كتفها كما أسندت رأسها على كتفه وقالت بأسفٍ :
_", أنا بحبك أوي يا بدر ، إنت مستحمل ظروف دايمة مش أي حد يقدر يعيشها ، مقدرش أعيش من غيرك واللهِ !!"
ابتسم بحبٍ على عقلها الدائم في التراجع وأكملت هي تفسر وتبرر أكثر :
_"، كفاية بس إنك مسبتنيش ولا أجبرتني أقعد فبيتنا ، كفاية إنك خليتني اقعد هنا معاهم ومسيبهومش ولا لحظة وانت كمان قعدت معايا علشان خاطري وأنا عارفة ده ، أنا نفسي منسافرش تاني بس أنا عارفه إنه مش هينفع !!"
وكأنها تمهد ليفتح هو الحوار منه ، مرر يديه علي ظهرها وقال رداً على حديثها :
_" أنا عشانك أعمل أي حاجة ي وردة بس ياريت كان ليا فرصة هنا أو حتي حد كان يديني فرصة شغل هنا ، بس انتي عارفة كل حاجة هناك ، والأجازة الطويلة دي عملتلي مشاكل فالفتره الأخيرة ومبقتش فاهم حاجة !!"
خرجت تنظر له بخوفٍ فلأول مره يخبرها بأن عطلتهما سببت له شئ ، ابتلعت ريقها وهي تسأله بقلقٍ وكان هو ذكياً بهذه اللحظة عندما إسترسل يخبرها تدريجياً :
_" البديل اللي كان مكاني بعد فترة الإجازة مشى من هناك وبعدها مش لاقي حد والإجازة انتي عارفه معادها انتهى وكل ده من غير مرتب ، بس أنا مش هاممني الفلوس زي ما هاممني شغلي اللي قرب يضيع مني واسمي ينزل تاني بعد ما طلعت واشتغلت أكبره ، حتى الشركة مبقتش تعذر ده وقالتلي لازم أحجز فأقرب وقت عشان ارجع أشتغل على مشروع معين شهر ولو في بديل معايا ممكن كام إسبوع بس !!!"
صُدمت وارتجفت يديها بتوترٍ ،. وابتلعت ريقها بقلقٍ وسألته بتيهه شديدة :
_" قـ ..قصدك اننا هنسافر قربب؟"
تمعن النظر لتغير معالم وجهها ، ومد يده يمسك كفها بين كفه الأكبر ونفى برأسه يرمي لها بقنبلته :
_" لأ ،. أنا بس اللي هسافر لوحدي !"
أدمعت عيني "وردة", مجدداً وكأنها. تنفي ما قاله بذهولٍ ، لأول مره يفعلها منذ زواجهما!! ، أردفت بتعلثمٍ تسأله وكأنها لا تريد التصديق :
_" وهتسيبنا؟؟"
تريد السفر معه ولا تريد السفر من الأساس تتخبط بشدةٍ ، وجعه سؤالها وكأنه سيتخلى بإرادته تعلم أنه أمر مرغوم عليه ولكنه برر بلهفة يسكنها :
_"غصب عني يا وردة ، بعد كده هترفد من شغلي خالص وانتي عارفه إنه مهم أوي ودي حاجة مجبر عليها، ومن نحية تانية الظروف إنتي عارفه مبقتش زي الأول ،. أنا صرفت كتير أوي فالأجازة دي بسبب الشقة اللي عدلتها لٱدم وكمان فاطمة وولادها محتاجين مجهود حتي لو" عارف" ده هيبعت فلوس بس معتش حاجة بتكفي ، الحمل زاد عليا أوي يا وردة وٱدم بيساعد بس اكتشفت ان مفيش حاجة بتخلص وكل حاجة كتير اوي دا غير فلوس تأجير العربيات وفجأة لقيتني فدوامة ومينفعش أقعد أكتر وجت من عند الشغل نفسه ، أنا عارف ان كل حاجة برزقها بس بدعي ربنا يقدرني ويرزقني برزقهم !"
فتح عقلها لأشياء كثيرة. ورغم أن حالته المادية جيدة إلا أن فالفتره الٱخيرة ساءت قليلاً ، أدمعت عينيها بهذه اللحظه شفقةً عليه وتمسكت بكفه تبرر له قبل ان يفهم أنها أنانية لنفسها وولدها :
_" يمكن مش حاسة بيك وبالضغط ده بس والله مش زعلانه غير على اني هبقى من غيرك. أنا ويامن ، انت عارف احنا عمرنا ما جربنا نقعد من غيرك لحظة وانت في مكان وإحنا مكان تاني ، أقولك ؟!!'
رددت حديثها بلهفةٍ وٱخره سألته سريعاً دون التفكير وعادت تحثه وكأنها غفت ان هذا يتطلب مصاريف أكثر وأكثر وترتيبات :
_" أنا موافقه امشي ، عادي احجزلنا أنا ويامن وهاجي معاك !"
ضم عينيه بأسى وكان يتوقع شئ كهذا منها ، ابتلع ريقه واحتوي كتفيها بيديه يخبرها بالصادم بالنسبة لها :
_" مينفعش يا وردة المرادي ، صدقيني مينفعش ، أنا حجزت وهمشي قريب ومينفعش أخدك من الأساس السفر تبع الشغل مش سفر إقامة شوية وراجع زي الأول ، و زي ما. قولتلك يمكن شهر ويمكن إسبوعين لو اسبوعين هنزلكم تاني ، لو شهر هجدد من هناك وابعتلك انتي ويامن تجولي هناك عشان نقعد زي ما كُنا ، ساعتها مش هسيبكم لوحدكم وغسان هيبقي يمشي في الإجراءات بس صدقيني أنا لسه مش عارف تحديد لـ ده ، مش عارف هقعد وابعتلكم ولا هنزل شوية معاكم ونرجع تاني!!"
هبطتت الدموع منها بكثرةٍ ونظرت له بلومٍ وهي تضع كلتا كفيها علي وجهها تردد بنبره باكية من بين بكاءها بغير تصديق :
_" ليه يا بدر ليه مقولتليش وجاي تفاجئني دلوقتي!!"
ضمها إليه بتحشرجٍ وابتلع ريقه بأسفٍ يخبرها عن ان الٱمر خارج مقدرته :
_" والله العظيم غصب عني أنا ٱسف حقك عليا !"
وواصل مجدداً يحثها بطلبٍ رفيق بها:
_" وحياتي عندك ما تعملي فنفسك كده ، خليني أطمن اني همشي وانتوا بخير !!.. مش هسيبكم ولا لحظة واللهِ هتصل بيكي علطول وهبقي معاكي انتي ويامن كإني هنا بالظبط !"
تركت هي وجهها ومسح هو دموعها وحاولت أخذ أنفاسها وهي تشهق بصوتٍ مسموع ، عانقها مجدداً بشدةٍ فحاوطت هي ظهره بتشبت وكأنها تخاف وتهاب ان يتركها في هذه اللحظة أوصاها على الثبات مره أخري من بين عناقه لها :
_" متخافيش بقا لو بتحبيني ، اجمدي كده وخلي بالك من نفسك ومن يامن ، ولو في أي حاجة وأنا مش هنا متترديش لحظة تكلمي غسان هو فاهم كل حاجة ، أنا سايبكم أمانة عنده وهو مش هيهملكم صدقيني !"
حركت رأسها بصمتٍ ورددت بإيجاب بصوت مبحوح فداعب هو وجنتيها كي يخفف عنها وقال مره أخرى :
_" خلاص بقا ي وردة عشان خاطري فُكي وسيبيني أقعد اليومين أملى عيني من ضحكتك الحلوه دي !"
ابتسمت كي تراضيه وكأنه يضغط عليها ولا يخفف عنها في الحال ، تنفست بصوت وكعقل أنثي جابت أفكارها رحيله في وجود "مروة", وكأن الأمور ترتبط ببعضها البعض ، جيد من ناحية وناحية ٱخري عكس ذلك ولكنها ستحاول جاهدة على الصمود وعدم الاعتماد عليه كي تثبت بوجوده ، هي أم ويجب ان تفعل بهذه الكلمة ، حركت رأسها تؤكد افكارها وزفرت بصوتٍ عالٍ وقالت بجدية شديدة :
_"حاضر ، بس ده ميشيلش زعلي منك أبداً ، انت بتحطني قدام الٱمر الواقع ومقولتليش وكإني عيلة صغيرة قد ابنك ي بدر !"
_" كان لازم اعمل كده ، انا بضعف قدام أم يامن ولو كل ده كان حصل قبل ما احجز كنت هبيع الدنيا باللي فيها!!".
يتلاعب بالحديث كطبع عائلته هو الٱخر نظرت له بتشكك بعدستيها الخضراء كمثل شقيقتها ووالدها ، أعين لامعة تتشكك في حديثه المعسول بشكل مرح بالنسبة له فقط ، عادت تنظر له بجديةٍ وقالت بسخرية هادئة :
_" بتضحك عليا بالكلام ومفكرني هبلة !"
ضحك بخفةٍ وشدد من عناقه لها وقال بمرحٍ يخفف عنها ما تشعر به:
_"مستحيل ، ازاي هضحك على أعقل وأهدى واحدة شافتها عيني ، هو أنا وقعت فيكي من قليل!!'
انهزمت بطيبة أمام حديثه ومررت كفها علي ظهره فوجدته يميل ليطبع قبلة علي خدها الذي إحمر من البكاء، ابتسمت بحنوٍ وكطبيعتها اللينة بشدة والحنونة دعت له مردفه برفقٍ وصدق :
_" تروح وترجع لينا بألف سلامة !"
مرر يديه على شعرها بحبٍ وثمة ابتسامة مريحة زينت محياة وكأن الثقل الذي على قلبه قد زاح بينما ردد هو بنفس اللين ينظر نحو عينيها بعمقٍ :
_" ربنا يخليكي ليا يا وردة انتي ويامن. ، هتوحشوني بس أنا عارف اني سايبكم في حفظ الله ومطمن ، مفيش حاجة عنده بتروح ولا بتتأذى أبداً !!"
قبل قمة رأسها ببرٍ فتقدمت تقبل وجنتيه بهدوءٍ وهي تبتسم له فضحك وهو يشاكسها بالكلمات كي لا تفكر كثيراً ، بينما هي بدأت تفكر كيف لها بأن تحيى من دونه ، علاقتهما كتبت معاً ولم يترك اي منهما الٱخر بينما الٱن يتوجب عليها تحمل هذا الإختبار الصعب وتتيقن بأن سهولته ستنعم بها لطالما بجانبها عائلتها الصغيره ، والدتها شقيقتها ، شقيقتها الٱخري ، عم زوجها وولده التي وضعت أمانة لديه ، وحتي البقية التي كانت تفكر بوجع كيف ستتركهم وترحل معه مره أخرى!!
__________________________________________
إنتظرهما "بسام" بالخارج وهما بغرفة الكشف معاً ، فقط ذهب ليرتدي بالطو الطب الأبيض كي لا يُجازي ورُفض طلب أذنه للرحيل مع "حازم" والشباب المستشفيات الخاصه تشتد في التعليمات وان رحل سَيُخصم منه اليوم وكأنه بـ عشرة أيام ، عبس وجهه من حديثه قبل قليل مع المتولي لزمام ٱمور هذه الإجراءات وعلم ان كل شئ ليس بهذه السهولة ، استغفر ونظر نحو شاشة هاتفة يرسل لـ "حازم" إعتذاره بعدم مقدرته علي القدوم..
في حين كانت "نيروز" تعتدل في الداخل لترتيب ملابسها ، وهي تسمع الطبيبة تملي عليها نصائح هي و"غسان" الذي وقف بإهتمام يسأل الطيبة للمره الذي لا يعرف عددها :
_" يعني هما الاتنين كويسين يا دكتورة ؟ ؟ محصلش حاجة صح؟"
وأجابت حينها الطبيبة برسمية لبقة :
_"لا الحمد لله بخير واديك شوفت في السونار ، الف مبروك بس زي ما قولتلكم تنام على ضهرها الفترة دي لحد ما الحمل يثبت ، وفي شوية مثبتات هكتبلكم عليها ، وبخصوص الدوخة اللي قولت عليها ، المثبتات بتوطي الضغط فخلي بالك ي مدام لم تيجي تقومي وتمشي ، لكن المغص ده عادي فالأول !!"
تنفست "نيروز" بإطمئنان وأمسك "غسان" كفها محاوطاً كتفيها كي يسندها وأخذ من الطبيبة الورقة ناظراً لها بإمتنان ونطق بـ :
_" شُكراً "
_"على ايه ي استاذ ، متنسوش الكلام اللي قولته وخلوا بالكم ، وبالنسبة للترجيع فـ ده أمر طبيعي وفي علاج هيقلله !!"
أومأت لها "نيروز " بحرجٍ وتلاقت عينيها مع "غسان" الذي مد يديه يُهبط حجابها الذي رجع إلى الخلف أثر نومها ، ابتلع ريقه مبتسماً وسحبها معه نحو الخارج حتي اغلق الباب خلفه مع قوله لها :
_" شوفتي كنت متأكد انكم بخير ، مبروك ي رزّة !"
وكأنه يبارك للمره الأولى تأثرت من خوفه وخرج معها بسعادةٍ هادئة إلى أن جلست وجلس هو بجانبها يبحث عن شقيقه الذي كان هنا قبل دقائق!! ، ومن بين نظراتها بعشوائية أمسك كفها وغمز لها بمرحٍ يُذكرها :
_"فاكره لما قولتلك هنا ...عقبال ما تعملي سونار ابننا؟؟"
تذكرت وكيف لها بأن ل تنسى عبثه ,ضحكت "نيروز" بخفةٍ وأكدت برأسها قائلة بصراحةٍ تسخر منه ولم تغفل عن سبب قدومها من ضرب "زينات " لها :
_" أه فاكرة ، هنسى ازاي حاجة زي دي، بعد كتب كتابنا بيوم رايح تقولي كدة !"
أكد برأسه بثقةٍ وهو يضحك وكأنه يستوعب إلى الٱن فوجدها تتمسك بأنامله بخوفٍ وقالت مجدداً. :
_" حلوين واحنا مع بعض متبعدش ومتعملش حاجة تخلى في أسباب للبعد علشان خاطري !"
أثارت غرابته كلماته ولكنه ابتسم لها بلطفٍ وقال بلينٍ شديد ينفي ما قالته :
_" وازاي هنبعد مش قولتي الحبل اتربط المرادي بالقوي؟؟"
تمعنت "نيروز" النظر نحو تقاسيم وجهه وخاصة عينيه حينها أكدت برأسها وقالت بصراحة تكشف خوفها :
_" أيوة ، بس النهاردة خوفت أوي !"
علم لهفتها وخوفها بفقدان ما بداخلها منه ، تنفس بصوتٍ مسموع وحرك رأسه بأمان وقال يُطمئنها بحديث هادئ :
_" لا متخافيش طول ما انا معاكي!"
شعرت بالخطر عليه لطالما يتحالف "سامر" وشقيقته مع والدتهما ويُثيران المشاكل ، ٱخر ما رأته غضب "غسان" على كلمات بدأت بها "زهور" ومن ابنتها وأكمل بعدهما "سامر", نفت بإندفاعٍ توصيه :
_" لا خايفة ، أنا مش عايزاك يبقي ليك علاقه بسامر واخته وحتي عمتي ، متردش عليهم عشان خاطري وابعد نفسك عنهم ، سامر ده مؤذي أوي زي عمتي بالظبط انت متعرفهمش!!!"
تعود مجدداً بالخوف عليه ، نظر لها بصمتٍ وإلى الٱن يخفي انفعاله بالكلمات التي قالتها عمتها وأولادها ، وبقول كهذا رد هو عليه بحدةٍ :
_" عايزاني أعمل إيه ، لما ألاقي كلام مش ولا بُد على مراتي؟ اقف ساكت وأسقفلهم؟؟ فوقي يا نيروز وافهمي ان الكلام اللي اتقال ده فيه قطع رقاب وأنا مش قُرني عشان أقف اسمعهم ومردش يإيدي ، دا مش عدل ليكي عشان أنا مطيقش على مراتي نص كلمة بالذات اللي سمعناه دا بعد ما بيجي على كرامتي كراجل !!"
_" يـا غسـ.."
بتر حديثها عندما أغلق الموضوع بحزمٍ ولاحظ قدوم شقيقه من على بُعدٍ :
_" اقفلي الموضوع ده دلوقتي ، خلصنا !"
نظرت له "نيروز" وهي تتحلى بالصمت ، وجاء "بسام " يستعلم على كشفهما وقال يسألهم باهتمام ولهفة :
_" طمنوني قالتلكم ايه ؟"
_". الحمد لله هي واللي فبطنها بخير وكتبت لينا على شوية أدوية كدة!"
مد "بسام " يديه يأخذ الورقه ليقرأ ما محتوى الأدوية وعندما مرر عينيه زفر بصوتٍ وهو يحاول طوي الورقه مردداً يخبره :
_" طب سيبها وأنا هجيبهم من صيدلية قُريبـ.."
اخذ"غسان" الورقة سريعاً ووقف يعتدل مردداً يخبره بما سيفعله بإختصارٍ:
_" لا سيبهم ، أنا كده كده هعدي اجيب المرتب واشتريهم. ، انت مش هتستأذن وجاي ولا نظامك ايه؟!"
نفى "بسام " بأسفٍ وتنفس بصوتٍ يخبره بتفسيرٍ :
_" للأسف مش هعرف أستأذن النهاردة ،حتي أنا متدايق ، بس أنا كلمت حازم أفهمه علي الحوار و .."
وقبل ان يكمل بتفسير حذره "غسان بعينيه" من أن يكمل بتفسيرٍ أمام "نيروز"، فغير هو مجري الحديث وهو يخرج بطاقة بلاستيكية من جيب بنطالة :
_" خد هاتلي مرتبي أنا كمان طالما وإنت رايح ، انت عارف كده كده كلمة السر !"
اخذها منه موافقاً. وضرب كتفه بمواساة يحثه قائلاً. برفقٍ :
_" ماشي متشيلش هم انت ومتتصدرش بدماغك لحد هنا عشان شغلك ، أنا هرسيه ع الدنيا وهو هيقدر !"
تابعت "نيروز" الحديث بينهما ووقفت عندما نادت إحدى الممرضات على "بسام " فأشار له الٱخر بالوادع ممسكاً يدي "نيروز", كي ينصرفا هم الٱخرين ابتلعت ريقها وهي تنتظر معه بصمتٍ وسألته قائلة بترقبٍ :
_"هو احنا رايحين فين دلوقتي؟"
أجابها باختصارٍ وهو يدخل معها. المصعد :
_"هجيب العلاج والفلوس دي وهوديكي عند جميلة وأمشي !"
وافقت بنظراتها وهبط المصعد بهما في حين وقف "بسام " ينظر بغير تصديق لمَ أرسلت الممرضه !! "فرح"؟ أتت وانتهت الجلسة وقاربت على الرحيل؟. ، تنفست بصوتٍ متقطع من تسرعها ولكنها قالت تفسر له بإرتباكٍ :
_" أنا قولت أشوفك موجود ولا لأ وكدة طالما أنا هنا ، وعموماً شكراً على سؤالك عليا بعد كل جلسة !"
هذا ليس تفسير ولكنه فرح بشدةٍ ابتهجت ملامحه ووضع يديه بنفس الإرتباك في جيب البالطو وقال بغير وعي ببلاهة :
_" شُكر ايه يا فرح شُكر ايه بس !!"
وكأنه يقولها بتعبٍ فعلته هب بفؤاده ، عقدت ما بين حاجبيها بغرابةٍ قبل أن تضحك على قوله بخفةٍ تحاول اخفاء ذلك ، سألته متنحنه بحرجٍ حتي قالت بلباقةٍ :
_" هو انتوا مش جايين النهاردة لـ "جميلة وعز؟"
قوس حاجبية وسألها بجهلٍ:
_" ليه؟ "
وضعت نفسها بموضع محرج جداً ، ابتلعت ريقها ودق هاتفها برقم "والدتها" ينقذها , فأشارت له بعجالةٍ :
_" طيب أا لازم أمشي ، هستأذن أنا !"
وقف "بسام" يقاطعها بسرعةٍ حتي سألها بجرأة :
_" طب مش هشوفك تاني ؟"
على مشارف قوله لها بأنه يريد ان يفتح معها موضوع ما بينما لم يفاتح هو أهله أولاً كيف؟، ابتسمت بلطفٍ وقالت وهي تضغط علي زر اخفاض الصوت :
_" اه ، ان شاء الله ، ما انا معاكم هنا لحد ما انتهي من الجلسات دي !"
_" أنا مش قصدي الجلسات بس انتي قدها عموماً ي فرح !"
قالها بابتسامة هادئة هائمة ، تعلقت عينيها به بطريقة غريبة وسرعان ما حركتها بابتسامة هادئة تمتن له بعينيها. ،فقال هو من جديد يفسح لها المجال :
_" اه معلش اتفضلي!"
أشارت له بالوداع فلوح لها بتيهه ، وهي من بدأت هذه المره! ربما بعفوية شديدة منها كونها تأخذ عليه وقت بعد وقت هو وشقيقته ؟! ، ابتلع ريقه وتنهد بتعبٍ وقال بصوتٍ مسموع بيه وبين نفسه :
_"توهتيني يا فرح ، مش عارف هتوديني علي فين بعد كدة، يخربيت عقلك !!"
هي من تعيده لسابق عهده تدريجياً بعدما أصبح منطفي في حين أن المرح كان لا يُفارقه حتى بينه وبين نفسه!!
____________________________________________
وبعد مرور بعض الوقت الأقرب لساعة إلا بضعة دقائق كانت مازالت معه في السيارة ، إبتاع العلاج ووقف كثيراً إلى ان وجده بدوره ،في حين مل من البحث عن وجود ماكينة بها أموال ليجلب راتبه الشهري له ولشقيقه ومن بين انتظارها الٱن وهي تنظر بالشرفه تترقب وهو يقف يوليها ظهره ، تنفست بعمق تنتظر ، وعندما وجدته يلتفت يضع الأموال بجيبه ، ابتسمت برضا ودخل هو يركب بجانبها في الامام حينها سألته لتتأكد :
_" جبتهم ؟"
_" أه ، عايزين بس نعدي نجيب حاجة في ايدينا واحنا رايحين لـ "عز"و"جميلة" !!"
ابتسمت على لطفه ولباقته وشردت مره أخري وهي تنظر ناحية الشرفه وسارت السيارة من جديد بقيادته هو في حين صب تركيزه على الطريق الذي علم حوارية مقرراً الوقوف على إحدي الجوانب أمام محل "حلوى"، تنفست بصوتٍ مسموع وأدمعت عينيها لسبب مجهول أتى من شعورها بتلقائية وهي تفكر ، ترددت رغم انها تعلم الرد منه ، ولكنها حثت نفسها على الشجاعه وهي تلتفت برأسها. تفرك بيديها الذي لاحظها هو. وعلم أنها تريد قول شئ :
_" غسان!"
همهم بإنتظار ، ونظر بعشوائيةٍ وعندما نظر نحو المرٱه التي بجانبها ليري من خلفه من السيارت ، نظر نحو وجهها ووجد عينيها اللامعه تقابل عينيه ، حينها ترقب باهتمام ثم سألها بقلقٍ :
_" مالك ، ايه اللي حصل؟ حاسه بوجع ولا ايه ؟"
نفت سريعاّ ترخي ملامحه بقلقه وقالت بصراحةٍ :
_" لا متخافش انا كويسة ، أنا بس كنت عاوزه اطلب منك طلب بس خايفة ترفض!"
صمت قليلاً ينظر نحوها ، وتحركت السيارة من جديد ، وعندما استخدم عقله نفي صراحةً دون رفق :
_" لأ يا نيروز ، لو اللي فدماغي فـ هيبقي لأ !!"
انكمشت ملامحها بحزنٍ كانت تتوقع شئ كهذا في حين أدمعت عينيها أكثر وهي تسأله بلومٍ هادئ :
_" ليه يا غسان ، وديني ومش وهيحصل حاجة صدقني أوعدك!!"
تتلهف لزيارة كهذه ؟؟ ماذا تريد هذه التي لا تكف عن الوجع ، هذا السؤال الذي يعهده قلبه منها في بعض الأحوال تعمد تجاهلها كي لا تبكي ويتشاجر حتي لو بكلمات هادئة ولكنها يبدو أنها تصر عندما رددت توبخه عن تجاهلها :
_" انت مش بترد عليا ليه ؟"
وبعد محاولة فاشلة منه في تعمد الصمت ، هدمتها هي فالحال عندما اندفع يوضح بتفسير جامد :
_" ولا هرد ومش موافق يا نيروز ، لأن انتي مبتشوفيش نفسك ولا بتستوعبي ايه اللي بيجرالك لما بتروحي تزوريه في المقابر. ، ولا انا. عايز افكرك بعدها بيحصلك ايه لمدة كام يوم ، انتي دلوقتي وضعك اتغير كمان وحالتك متسحمش للحاله اللي بتجبيها لنفسك دي ، انتي ناسية الدكتورة قالت ايه ؟ أهم حاجة صحتك النفسية ، وأنا مش هجازف بيكم ، عايزه تشاركية ومالو بينك وبينه وانتي مع نفسك وهيحس بيكي !"
هبطت دمعتها بحزنٍ ، وابتلعت ريقها تردد بنبره يغمرها الحزن :
_". انت مش حاسس بيا ولا حتى فاهمني , انت بترفض وخلاص!"
_" لا فاهمك وحافظك ،وعشان كده قولتلك بلاش!"
رددها بحزمٍ وصب أنظاره على الطريق مره أخري في حين رددت هي بإنكسار من تخبطها بمشاعر الحمل وتغير هرمومات جسدها الذي يتضح شئ فشئ :
_" قولت بلاش عشان مش خايف عليا أنا يا غسان ، أنا وانت عارفين كويس انت رفضت وبقيت خايف على مين بالظبط !"
هل تقصد بأنه يهاب طفله وليس هي؟. منذ متي وهو الذي يلحقها بذراعيه كلما تنهار في هذه الزيارة الموجعة ؟؟ ، علم تخبطها ومشاعرها ، ولم يتعمد الانفعال،بل ضغط نفسه من عدم الرد بالكلمات الساخرة و صمت ينظر ناحيتها يعي ما قالته جيداً وبرر بكلمات مقتضبة عكس معناها :
_"اللي تشوفيه يا نيروز مع ان محدش هاممني فكل ده غيرك انتِ. ، بس اللي يريحك طالما شايفه كده ، فالحالتين كدة كدة مش هتروحي ، وانتهينا ي بنت الناس من الموضوع ده !"
ركن السيارة تزامناً مع هذه الكلمات وعاندت مشاعرها التي تفيض بالدموع منذ كتير ، بل ومنذ متى وهي تتعمد الضعف أمامه ؟ التقطت منديل ورقي تمسح وجهها متحاشية النظر إليه بعد هذا الرفض الصريح رغم انها كانت تتوقع كلمات حادة ساخره على ٱخر قول قالته يثير عيظة بينما لم يفعل ذلك ولم يرغب في شجار ترغبه هي ، هبط من السيارة يدخل هذا المحل ليجلب زيارة لبقة لـ "عز" ووالدته هي الأخرى ، في حين وجدت إتصال ٱخر من "زينات" رغم ان "غسان" طمأن عائلتها بينما لمَ تهاتفها "زينات"؟. لتثبت لها أنها تغيرت حالتها الٱن لا تسمح الرد بصوتها المختنق من ٱخر نبرة وحديث باكي رددته له ، وعلى أية حال انقطع الإتصال ، فدخلت هي على صفحة رسائل ما بينها وبين "جميلة" تخبرها بأنها قادمة قبل ان تأتي فجأة !! ولا تعلم هي ما حدث من تطورات بينها وبين "عز" لا هي ولا "غسان" حيث علم الكل عداهم وهم كانا بالأعلى !!.. وبعد دقائق وجدته يضع الأكياس في الخلف وتقدم ليركب في الأمام حتي قدم لها عُلبة صغيرة بحنوٍ يحثها على ان تتناول ما بها :
_" امسكي ، كُلي !"
أمسكته دون النظر له تأخذ منه موقف ، في حين أخرج هو من الكيس الٱخر مشروب الليمون بالنعناع لها وله ، فتح لها أحدهما وقدمه لها برفقٍ يحثها على ان تشربه :
_" واشربي ده كـمـ ..!"
_" مبحبوش !"
فتح "غسان" فاهه بصدمة وضحك على الفور يردد بغير تصديق :
_" ياشيخة ؟؟"
_"أه ومش عايزة شكراً !!"
كانت تتوقع بأنه سيضغط عليها كزوج حنون بينما أخذه وأشار لها بغير اهتمام مردداً بتبجحٍ :
_" أحسن وفرتي !"
طالعته بذهول واغتاظت ملامحها فابتسم بإستفزازٍ وهو يتجرع منه حتي دار محرك السيارة ، وأشار بإصبعه مجدداً على العُلبة التي تركتها علي ساقها بعنادٍ :
_" لو مش ناوية تاخدي دي كمان هاتيها !"
هذه المره توسعت عينيها أكثر ، ووضعت العُلبة على ساقه هو دون حديث فضحك يحرك رأسه مردداً بخفوتٍ :
_"مجنونة والله!!"
_" والله عال دا كمان شوية هتجوعني أنا واللي فبطني ، أنا باكل لإتنين دلوقتي وانت بايع خالص ومش مهتم ومريح دماغك !"
رددتها بحنقٍ وتارة تكون هادئة وٱخرى شرسه لم يستطع فهمها ، ابتسم ابتسامه واسعة وغمز لها مردداً بعبثٍ يجاري تغير مزاجها :
_" مقدرش أبيعكم دا انتو اللي جوا القلب ، أنا كُلى ليكم !"
ابتسمت بتهكمٍ متى لحق ان يجمعها بجملة واحدة مع من بأحشائها ؟ ، حركت عينيها بإستخفافٍ تنظر نحو الشرفة تعود لفكرة رغبتها في زيارة المقابر يينما لم يتركها هو مع نفسها فتح لها العلبة عند إشارة توقف السيارات ، وفتح لها عُلبة مشروب الليمون بالنعناع , وقدمهما لها بيديه يحاول الوزن بينهما مردداّ يحثها بلين :
_" خدي بقا يا رزّة ومتبقيش قفوشة ! وبعدين مش انتي اللي اتقمصتي وقولتي مش عايزة ومبحبوش!!"
أعطته زاوية كتفها بضيقٍ ،. فمد ذراعه أكثر يحثها مجدداً :
_" إمسك بقا يبطل !"
نظرت له بطرف عينيها وابتلعت ريقها حتي تنهدت تردد بإستسلام له تستغل تغير طريقته في الحديث بمحاولته لارضاءها :
_" وافق ي غسان بس المرادي عشـ .."
تأفف من ضغطها وإصرارها وترك العُلبة على ساقها وقال بحزمٍ صارم يغلق محور هذا الحديث :
_" إحنا قفلنا الحوار ده وخلصنا منه ، و متفتحيهوش تاني عشان أنا ساكت عشانك !"
وعاد برأسه ينظر ناحية الطريق وقال باختصار يكمل :
_", وأنا صبري مش طويل!'
نظرت له متمعمة تنتظر أن يلتفت لتتقابل عينيه معها ربما يضغف؟، لكنه لم يحرك رأسه وظل الصمت بينهما إلى أن ركن السيارة فهبطت هي بعد ان نزل وفتح الباب في الخلف يحمل العُلب بين يديه. ,سارت بتمهلٍ معه حتي وجد بوابة المنزل مفتوحة فدخل يدق باب شقة "حنان" أولاً وانتظر بعدها بدقائق إلى ان فتحت له "حنان" وتوسعت بسمتها بفرحة اكثر من التي كانت بها وهي تردد بترحيب حار :
_", أهلاً أهلاً ، ايه النور ده ، ادخلو تعالوا يا دي الهنا!!"
وقف بعدما رحب عليها وأهبط بعض من الأكياس بجانب بابها في الداخل وهو يرى "نيروز" تعانقها بينما ردد هو قبل ان تصر على قولها :
_" كتر خيرك ي أم عز ، بس هنطلع احنا اصل مستعجلين ، عز فوق؟"
_" ايوة فوق ي حبيبي ، عريس بقا منزلش الشغل النهاردة!"
ورغم عفويتها ولكن تشكك "غسان" من قولها ولم تنتبه "نيروز" التفاصيل ، فأومأ ولو يشير لـ "نيروز" التي ودعتها سريعاً وهي تشير كي تصعد السُلم ،، حمل ما بيديه بذراع وبالٱخر يترقب به صعودها على السلم بجانبه ، إلى ان وقفت وهو بجانبها ووضع يديه يدق الجرس بانتظارٍ ، حينها سمع ٱذان الظهر ، ووجد ان الوقت يضيق به ، انتظر قليلاً إلى أن فتح "عز" ، وما ان وجده توسعت ابتسامته فاعتلى صوت "غسان" يشاكسة :
_" ايه ي عِزوة كل ده على ما تفتح !"
_" حبيبي ،منور والله ، تعالو اتفضلوا !"
خلع "غسان" حذاءه وانتظرها حتي خلعته دون ان تنحني ، وعندما دخل بجانبها وأمامها "عز" ناوله "غسان" ما بيديه فعنفه "عز" بلطفٍ على تكلفته هذه ، واتجه ناحية المطبخ يضعهم في حين جلست "نيروز" بجانبه ، فالتفت بوجهه يحثها بسخرية:
_" افردي وشك ده شوية ، حرام عليكي انتي جاية لعرسان لسه!"
نظرت له بحدةٍ وقالت ترمي اللوم عليه :
_" كله بسببك ، لو كنت وافقت مكنش حـ.."
قاطع "غسان" حديثها بحدةٍ بالغه يحذرها هذة المرة :
_"هنقعد نعيد ونزيد تاني ؟!! اسكتي بقا !"
التزمت الصمت وعندما وجدت "جميلة" تدخل بسرعة بفرحٍ لها تهتف بإسمها وخلفها كان "عز" ،. نهضت "نيروز" بإندفاعٍ ترتمي بأحضانها بترحيبٍ حار ، ووقف "غسان" يعنف نهوضها بهذا الشكل :
_" براحة على نفسك ي مجنونة انتي!!"
لم تعطي له اهتماما ً بينما ضحكت "جميلة" وهي ترحب به فرحب بها بعينيه بلباقةٍ واقترب "عز" يجلس بجانبه بعدما دفعه ليجلس مع قول "جميلة" له بأسفٍ :
_". معلش ي غسان أصلها وحشتني!"
إعتلى صوته بسخريةٍ يخبرها :
_" لحقت يعني دا انتوا لسه كنتوا عندنا امبارح!!"
تعمدت عدم الاهتمام ولا النظر ناحيته في حين سحبتها "جميلة" معها ناحية المطبخ وبقى "عز"مع"غسان" الذي ضرب ساقه بخفةٍ يسأله :
_" عامل ايه يا عز ، ايه الدنيا !"
ابتسم "عز". بسعادة لقدومة وقبل ان يطمأنه سأله "غسان" بمشاكسةٍ :
_"اتصالحتوا والدنيا هدت ولا ولعت من مراتي زي ما قولتلك!"
ضحك "عز" وأجابه هذه المره بعكس ما يتوقع سماعه :
_" لا الصراحة دا بالعكس الدنيا بقت فل بينا عالاخر ، بارك لاخوك بقا !"
فهم "غسان"على الفور وعانقه بسعادةٍ ولوهله شعر بالحرج من قدومه دون علم هو و"نيروز", ربت من بين إحتضانه له وقال يبارك:
_" ألف مبروك ي عِزوة ربنا يسعدكم !"
ونهض بعدها يحثه بعجالةٍ :
_" تعالى ننزل نصلي الضهر عشان عندي مشوار كده وهضطر اسيب نيروز معاكم شوية ، ولا أخدها و افلسع ؟؟"
_" انت بتقول ايه. ي عم ، البيت بيتها ، كده كده أنا نازل تحت اقعد وهسيبهم بقا مع بعضهم شوية ، بس انت رايح فين كده ؟"
لا يعلم هو بأن شقيقه المتسبب بذلك ، وعارض "حازم" كي لا يحدث مشكلة بين شقيقته بحساسية بينهما ، نفي برٱسه يعلمه بنبره هادئة :
_" لا دا مشوار كده مع حازم وبدر ومش هنتأخر يعني متخدش فبالك !"
وقبل أن يرد"عز" عليه ، دخلت"جميلة ", بالضيافة له ، ولاحظت نهوضه فرددت تقاطع سيرهما :
_", انتوا رايحين فين ؟ اشرب العصير الأول يا غسان اتفضل!"
رفض "غسان" بحرج رجولي هادئ :
_" لا معلش تتعوض ، أنا نازل اصلي وأكيد نيروز قالتلك انها هنقعد معاكي شوية على ما ارجع اخدها ، خدي بالك منها ي جميلة دي هبلة وممكن تقع منك فأي لحظة !!"
اغتاظت ملامح "نيروز" بينما تفهمت "جميلة " ونظرت تطمئنه وقبل ان تنحدث ردت "نيروز" عليه بإبتسامة مستفزه :
_" أنا مش هبلة!"
أشار لها بفظاظةٍ أمامهم فضحك"عز", مع قول "جميلة" الضاحك عليهما :
_"متقلقش في عيني ، اطمن !"
إعتدل بوقفته. ، ووقف "عز" ينظر تجاه "جميلة" في حين اقترب "غسان" يحثها برفقٍ :
_" خلي بالك من نفسك على ما أرجع يا ..هبلة !"
حركت عينيها تسخر منه مجدداً وقالت تلومه بتوبيخٍ مبطن :
_" أخلى بالي من نفسي بردو ؟ "
توجه يقبل رأسها برفقٍ وهو يؤكد بنفس استفزازها ، واعتدل يسير خلف "عز" حتي لا حظت اغلاق باب الشقة ، زفرت "نيروز" بضيقٍ في حين عنفتها "جميلة" بجديةٍ :
_" انتي مستفزه ليه يا نيروز بجد ؟!"
كانت تعتقد بأنها ستوبخها بجدية بينما ضحكت وهي تتحرك معها ناحية المطبخ ، وفي طريقها ردت عليها "نيروز" بإستنكارٍ :
_" أنا بردو اللي مستفزة ؟"
إنحنت "جميلة" تضع طبق الغسيل أمام غسالة الملابس وأخرجت منها الملابس تزامناً مع قولها الصريح :
_" أه انتي علفكرة ، وهو عنده حق ميودكيش هناك خايف عليكي افهمي !"
إنحنت تحمل الطبق ثم توجهت نحو شرفة المطبخ تفتحها ووضعت الطبق على مقعد عالٍ وناولتها "نيروز" بعفوية كي تنشر الأخري بتناسق في حين أكملت "جميلة" :
_"وأنا معاه جداً لٱن نفسيتك دلوقتي أهم حاجة في الحمل ولا ناسية ياسمين كان جراها ايه من فتره ؟!"
زفرت "نيروز" بضيقٍ ووضعت أمامها علبة المشابك في حين رددت "نيروز", بتلقائية :
_" وانتي الصادقة كنت هحصّل اللي حصلها النهاردة لولا ستر ربنا!،الحمد لله"
ترقبت ملامح "جميلة" بإهتمام وسألتها بقلقٍ وهي تلتفت بكامل جسدها لها :
_" ليه خير حصل ايه ؟"
كيف تخفي عليها وهي رفيقة الدرب؟ ، جلست "نيروز", وقررت سرد المختصر عليها ولكن بطريقة تطمأنها كي لا تأتي هي و "عز" بهذه الأوقات وبدأت قبل ان تسرد وهي تخرج أنفاسها بتنهيدة :
_" أقولك ايه ولا ايه ، حصل شوية حاجات كدة لغبطت الدنيا ..هحكيلك!"
ترقبت حواس الٱخري بفضول ولم تنتبه لقلق ما رددته "نيروز" بل قالت هي بالمثل :
_" وانا كمان عايزه أقولك على حاجة. ،. بس بعد ما تحكي انتي ، قولي يلا وأنا سمعاكي ، وسيبي الطبق أنا هجيب منه أنا ..عشان متدوخيش انتي !"
زفرت بصوتٍ وكل واحدة تترقب ، بينما بدأت "نيروز" في سرد مختصر ٱخر الأحداث كي تسمع قول الٱخري لـ تخبرها بالمقتضب أنها أصبحت زوجته بالفعل وظل الإثنان معاً يتسامران تحت قلق "جميلة " ولهفتها على شقيقتها وهي تستمع لكل ذلك بينما الأخري تعلم جيداً كيف ستطمئنها حتي لا تقلق!!
__________________________________________
_" السلام عليكم ورحمه الله...السلام عليكم ورحمه الله!"
حرك "ٱدم" رأسه بخشوعٍ خلف الإمام بعد انتهاء صلاة الظهر ، رحل من عمله وبدل ملابسه لذهابه مع "حازم" والبقية ، غمرته الراحة ، وتغمره في كل مره عندما يجد نفسه علي طريق الاستقامة ، ابتلع ريقه ورفع عينيه بترجي وانتظار القبول كما حثته هي ، يشعر بثقل على قلبه شديد وكأن كل الٱمور تعانده ، زفر بصوتٍ وكل مره تتغير ملامحه من مجرد تخيله بأنها لم تكن له ، أيمكن ان تكون من نصيب الآخر ، في كل مره يلقى علي يديها الرفض يتمسك أكثر من السابق ، وبالنسبة له هو فهذا الأمر ينهكه من الداخل وينهك رجولته ، الشئ الذي يجعله يتمسك هي تلك النظرة الذي يراها بعينياها التي تلمع ، وأوقات ٱخرى يهيئ له عقله بأنها ترفض لأنها لا تتقبله وأن ما يراه مجرد خرافات يبرهنها ويبررها له قلبه ، كان لا يحكم بقلبه بينما في الاونة الٱخيرة لا يفعل الا ما يشعر به فؤادة ، فؤاده يريدها حتي بعدما ظُلمت هي ، تنفس بصوت مسموع يحاول ابتلاع الغصه المريره بحلقه كلما تذكر دموعها المنكسرة وهو العاجز حتي عن دفعها بأحضانه او الذهاب للذي فعل ذلك بها وجعله يذيق مرارة الإعدام على يديه هو بكل غضب وليس على حبل مشنقة قانوني ، اين حقها هي ؟ حقها يجب ان تأخذه بيديها ! هكذا هتف صوت الشر الذي بداخله ، ومن ناحية. أخرى لا يُلاحق عن تكليفات المنزل لدى شقيقته وأولادها رغم ان "بدر", يساعد هو الٱخر ولكن المسئولية كبيرة ، كبيرة جداً أكثر ما كان يعتقد ولكنه يكافح !!..
تحركت عينيه سريعاً على الشيخ الذي كان أحد أسباب قربه من الله واستقامته ، ربع الشيخ ساقية أمامه وتنفس بعمقٍ وهو يربت على ساق "ٱدم" مردداً له بنبره هادئة مع ملامح وجه بشوشة :
_" شايل الهم ليه يبني وربك موجود !!"
وكأنه أتى له كما يأتي في كل مره لينقذه من بئر أفكاره الغويطة ، حفرة تكاد توجهه ناحية الإعتراض ولكنه يعود سريعاً بالشكر كلما قارن حاله بداية ونهاية!! ، زفر "ٱدم" بصوتٍ وكانت حالته ضيقة وكأنه الوقت الذي يشعر به المرء ان الحياة تغلق أبوابها في وجهه من أكثر من ناحية ، كان يظن أن الٱمل في روحة سيستمر بقوته الأولى بينما الٱن يري في كل خطوه شئ صعب يتعثر ،. وما تعثرت إلا وفُرجت هكذا شجع حاله بينما ما جاء على عقله بصوته المتحشرج لـ شيخه الذي جلس ينتظر بفارغ الصبر رده ، ورد "آدم" عليه بأنفاسٍ ضيقة وملامح قد تراخت من رؤيته له :
_"إختبارات ربنا والحِمل زاد أوي يا عم الشيخ ، حاسس اني مش قادر للحمل ده بس مكمل عشان دا واجبي ، مكمل لله عشان عارف إنه هيراصيني فالٱخر ومش هيرضي بكسرتي وضعفي ،. بس الدنيا صعبه أوي !"
أدمعت عينيه بٱخر ما أردفه من حديث مختنق مهتز ، ربت الشيخ على ساقه بيقين وكأنه يحثه على الصبر وأخذ نفساً طويلاً بثباتٍ هادئ ووقار وقال يبدأ في حديثه ليترقب الٱخر :
_" وَاللَهُ أَرحَمُ بِالفَتى مِن نَفسِهِ ، فَاعمَل فَما كُلِّفتَ ما لَم تَستَطِع "
قال جملته بثقةٍ بالغه في الله، كلمات مذكورة فعلياً لـ - أبو العتاهية.،. حينها فهم "ٱدم" وترقبت جميع حواسه عندما واصل الشيخ بقية حديثه بأمل ويقين :
_"الدنيا أه صعبه ، وربنا نزلنا يختبرنا فيها عشان نهايتها يا جنة ي نار ، قبل كل ده بنلاقي اختبارات وابتلاءات ربنا بيحطها فطريقنا ومن قبلها سبحانه وتعالى بيكون عارف وفاهم ايه هي اخرتنا ،. ولكن ربك بيقول ايه؟ إسعى ي عبدي وانا هسعي معاك ، وعمره أبداً ما يحمل البني ٱدم فوق طاقته ، طالما حطك في اختبار وامتحان او حتي ابتلاء ببقي عارف انك قده علشان كده وضعك فيه ، لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها .."
سارت القشعريرة في جسده في الحال عنده أنصت لٱخر حديثه والذي كان ٱيات بينات مُعطرة ، بالإيمان ، وكأن حواسة تترقب لسماع المزيد ، ردد بنبره منخفضة قبل ان يكمل الٱخر :
_" ونعم بالله العلى العظيم ، الحمدلله على كل حال!"
_" صح ، لازم نحمد ربنا على كل حال ، وخليك دايماً كدة فاهم وعارف ان سبحانة وتعالى بيحبك مادام وقعك فإختباره ، يتوجب عليك الصبر والتحمل ولك الٱخرة الحسنة ، شـوف .."
أشار بٱخر حديثه كي. ينتبه أكثر ، وابتسم ببشاشةٍ كبيرة وهو يكمل بما جعل الٱخر يبتسم تلقائياً وعينيه تلمع بلمعة الإيمان والٱمل المتجدد :
_"عن جابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ)!"
وعندما إنتهي بسرد ما ردده من علمه المتواضع ، قال مره ثانية بإيمانٍ :
_"دا حديث ، وجالك تاني حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)!"
صمت بإنهزام أمام المصادر الموثوقه بحديث يردده بكل يقين وتقوى ، زفر بصوتٍ مريح وسمعه يكمل وهو يربت علي كف "ٱدم" :
_" ربنا معاك ي بني ، معاك فكل مكان ومش هيسيبك ، توكل انت على الله وأشكره علطول ، خلى دايماً ذكره على لسانك تنزاح همومك !"
ابتسم واتسعت ابتسامته وحرك رأسه يومأ بطاعةٍ ، وحاول النهوض ولكن ليس قبل حديثه المتأثر له:
_" كتر خيرك يعم الشيخ ، ربنا دايمًا. بيحطك فطريقي ، شُكراً ليك !"
_" الشكر لله ي عم ٱدم ، إسعى انت وسيب كل حاجة على ربنا!"
نهض بعدها يعدل سترته وملابسه وتحسس هاتفه الذي دق ، وتبسم بلطفٍ له وعاد يخرج هاتفه وهو يشير لـ الٱخر بأنه سيرحل ، وثمة أمل وشعور جيد يغمره من جديد !! ، حينها أجاب على شقيقه بأنه سيتجه إليهم بأقرب وقت!!
__________________________________________
بينما في شقة "سُمية" تجهز "بدر"و"حازم", ينتظران قدوم "ٱدم"و"غسان" وفهم "حازم" عذر "بسام" ، دخلت "فريدة" ترد على الهاتف التي هاتفتها به "جميلة" لتطمئن بعدما علمت ما حدث بهدوء بواسطة "نيروز" ، وعلمت العائلة ان "نيروز" تجلس مع "جميلة" في شقتها هناك ، أما هنا ذهبت "دلال" شقتها تعد وجبة الغداء في حين فعلت المثل"عايدة" وتركت "سمية" تستريح لتعد لها هي الٱخري مثلها كما يتقاسما دائماً هذه الأشياء العائلية البسيطة. ، وشاركتهم "دلال"في شراء نفس الصنف من الطعام ، جلست "وردة" تتسامر مع والدتها و"ياسمين" وعلمت ان الكل كان يعلم عداها هي وكانوا ينتظرون فقط لحظة اخبارها بواسطة "بدر"..
أهبط "حازم" الهاتف من على أذنه ونظر ناحية الجميع بعشوائيةٍ في حين لم يجد "حامد" هنا فقد ظل في المسجد ورحلوا هم ..
_"جاهزين كده ، ننزل؟؟"
حرك "بدر" رأسه موافقاً وقال يؤيده:
_" ايوة خلينا ننزل نستناهم تحت علشان نمشي علطول !"
تحرك معه ونظر "حازم" لـ "ياسمين" نظره تعهدها منه في قلقه وحثه على ان تهتم بحالها ، ابتسمت بإطمئنان وتحركت نحوه تغلق أزرار لم يغلقها هو ، وعنفته بعينيها بلؤمٍ وقالت بمرحٍ شرس في لحظة انشغال الجميع في الحديث :
_" مش عايز تقولي رايح فين وعديناها لكن وحياة أمك عايدة لو طلعت بتخوني ولا رايح تلعب بديلك انت وهمَا هنزعل من بعض!!"
لم يكن تهديد بتاتاً قصدت ذلك للتهوين عليه بطبعها المرح ، تصنع الريبة ونظر حوله بخوفٍ حتي أهبط يديها برفقٍ وضحك بيأسٍ منها ينفي وهو يجيب :
_" ي ستار يارب نزعل من بعض؟؟ دا أنا قولت هتقطعيني حتت كده زي الفيديو اللي بعتهولي على التيك توك!"
انكمشت ملامحها بضجر ونظرت له تردد بحنقٍ :
_" علفكرة انت بقيت بطنش ومش بتشوفهم كلهم زي أيام الخطوبة !'
حرك رأسه بقلة حيلة عليها ، وتمسك بكفها يخبرها بجديةٍ هادئة :
_"أنا لا رايح أخونك ولا ألعب بديلي معاهم ، بس كل اللي عايزه منك تدعيلي وخلاص ، ممكن ؟"
_" عيوني ليك يمتر ، بدعيلك علطول من كل قلبي !"
ابتسمت "ياسمين" في هذه اللحظه تنظر نحو عدستيه الحزينه في الخفاء ، تساءلت ربما من الأحداث الٱخيرة ولا تعلم هي ما سيذهب إليه بعد دقائق ، تنفست بعمقٍ وأخرجها من شرودها رده علي حديثها. بابتسامه هادئة :
_" ما بلاش عيونك !'
_"ليه ؟"
_" بتوه فيها والله وبغرق ، ومبلاقيش حد يطلعني من خُضرتها وأنا دلوقتي مستعجل جدًا !"
ضحكت وقبل أن تجيب ، ضرب "بدر" كتفيه بسخريةٍ يُعجله :
_" ما تـ يلا ي عم حازم ، مش وقته غرق وعوم ، مش مصيف هو! !''
بهذه اللحظة كان يترقب الكل فضحك الجميع وتحول الوضع بخفةٍ لبهجة بسيطة بعد وقت توتر وحزن ، أومأ وهو يرد له ضربته علي كتفيه وأشار لهم بالوداع وسار هو و"بدر" معاً ، وبوقتها توجهت "ياسمين" لتجلس على المقعد بتعبٍ بجانب شقيقتها وقبل ان تقترب من "يامن" لتداعبه وجدت جرس المنزل يدق ، حينها وقفت "سمية" تفتحه وبعد لحظات وجدت "زينات" أمامها ، فابتسمت بترحيبٍ واحترام تحثها على الدخول ولم تغفل عن ملابسها التي ترتديها للخروج!!:
_" تعالي ي زينات أدخلي !"
دخلت بالفعل وهي تتمسك بالهاتف وعادت "سمية" تجلس وهي تشير لها أمام فتياتها لتجلس ، وبالفعل جلست "زينات" ورفعت رأسها بترقبٍ حينها خرجت "فريدة" من الشرفة وسمعت "والدتها" تردف بسؤالٍ مهتم يعلن عن قلقها الواضح الصادق :
_" أنا ..كلمت نيروز كذا مره بس مش بترد ، كنت قلقانة وعايزه اطمن الدكتورة قالتلها ايه والوقعه أثرت ولا هي كويسة ؟؟"
نظرت "وردة " بلين بينما ظهر حرج "سمية" على معالم وجهها عندما علمت ما تقصد فعله ابنتها ، تعلم ان "نيروز" ليس من أنصار الغفران بسهولة وبساطة ، ستأخذ وقتها بتالتاكبد ولكن من بين هذا الوقت تتعمد فعل أشياء لا يتوجب عليها فعلها هكذا رأت هي ، تأسفت بعشمٍ وهي ترد عليها تحت انصات "ياسمين" و "فريدة" التي جلست بجانبها :
_" معلش ي زينات تلاقيها مسمعتش التليفون ، بس الحمد لله يارب ربنا ستر وهي بخير هي واللي فبطنها دعواتك ربنا يكمل حملها علي خير وتقوملنا بألف سلامة!"
ابتسمت بإطمئنان ، في حين لانت شفتي "ياسمين " بسعادة من تغيرها هذا ونظرت "فريدة" لها بحبٍ تحت رد "زينات " المتلهف :
_" بدعيلها ربنا يكملها علي خير هي وياسمين ويقوموا بألف سلامة يارب !"
ابتسمن جميعاً عليها في حين ، استمر الحديث بينهم بعشوائية وهذه المرة بادرت "زينات " بحمل "يامن" كي تشاكسة مشاكسة إمرأه أو لربما جدة ، هكذا شعرت هي وهي تنظر نحو "فريدة" التي علمت انها تخفي قهرها بحديثها وابتسامتها هذه !! ، وأهٍ لو تعلم هي ما يُخطط لإبنتها من خلف ظهرها ، لو تعلم ما القادم بفعل شقيقتها وولدها !!..
_______________________________________
_" انت جهزت بس اللي اتفقنا عليه ؟؟"
رُددت هذه الجملة على الجانب الٱخر بشقة "زينات" التي بها في غرفة تجلس بها "زهور" وحولها "سامر"و"مروة"وأسماء" .. ترك "سامر" الهاتف من بين يديه ونظر ناحية الباب كي يتأكد من عدم وجودها ، ومن ثم أجاب بحماسٍ غريب :
_" أه ظبطت كل حاجة !"
عقدت "أسماء " ما بين حاجبيها وهي تتساءل بجهلٍ لمحور حديثهم :
_" هو ايه ده اللي اتففتوا عليه ؟!"
لمعت عيني "سامر", بخبثٍ في حين نظرت "زهور" لها بإستخفافٍ وهي تتجاهلها معقبه على "سامر" مجدداً :
_", أهم حاجة ميكونش حد من الرجالة موجود زي ما قولتلي ، متأكد من الحكاية دي يا سامر ؟!"
إبتلعت "أسماء" ريقها بتوجسٍ في حين ترقبت عيني "مروة" بإنتظار متشفي وكان رد "سامر" المُقلق عندما أجاب بعينين شاردتين :
_"متقلقيش يامّه مفيش حد فيهم هنا ، وأنا سامعه بودني دي وهو بيتكلم في البلكونة على الحوار اللي كلمتك فيه ده ،. مالك من ساعتها كده وانتي مش تمام"
ضغطت على فكها تتذكر صدمة ما علمته ، وخرجت نبرتها الصريحة بشررٍ تخبره وتخبر من كان لا يعلم:
_" الموضوع ده مش لازم يتسكت عليه ، يعني ايه يخبى علينا ان سليم ميت مقتول ، الحكاية بتوسع منه أوي عشان نشيل ايدنا من كل حاجة بس كله إلا إنه يداري خبر زي ده !"
شهقت "أسماء" بمفاجأةٍ في حين علم الجميع كل ذلك وهو بتصنته عليه وعلى الجانب الآخر مصادره التي باتت مهمة مترقبه لأخبار لا تعلمها العائلة حتي ، كيف؟!! ، يبدو انهم الخطر نفسه عليهم ! ، إعتدل "سامر" وهو يلتفت برأسه مبتسماً بتهكمٍ شديد وبدأ بشفرةٍ في حديثه أثارت فضول الجميع:
_". ومش بس كده ، دا انتي هتتصدمي لو عرفتي مين القاتل يامه !"
كانت حزينة على وفاته والٱكثر وفاته بهذا الشكل ورغبتها في الشجار والحدة كانت تفوق كل ذلك، لذا قوست حاجبيها بإستغرابٍ وسألته بنبره لا تطيق الآنتظار أكثر :
_"لو عندك حاجه ياريت تقول علطول وبلاش اللف والدوران ده !''
وقف"سامر" وكأن الشر الذي بداخله يتشفى لأضعفهم ،ابتلع ريقه وأخذ أنفاسه يخبرها بالصادم بالنسبةِ لها :
_" اللي قتله يبقي اخو جوز جميلة!"
جهلت عن سبب دخوله السجن من الأساس ، وامتلئ عقلها بقضية تدخل بها مع أشخاص ذات منصب عالٍ. لذا تأذى! ، بينما لم تسأل بعد ذلك وبعد حديث "سليم", معها على انه يرفض زواج "عز" من "جميلة" اقنعها بأنه مجرد فرق طبقات وحالة التعليم !! ، فتحت عينيها على وسعها ونهضت بعدما استندت على عصاها تردد بنبرة قوية ترفض تصديق ذلك :
_" ايه اللي انت بتقوله ده يا سامر ؟؟ الكلام ده صح فعلاً ولا بتهري فالفاضي؟"
_" وعهد ربنا زي مابقولك كده يامه!!"
ورغم صدمة الآخرين إلا ان واحدة صدمت وواحدة تشفت بما هو قادم ، أما هو فإقترب يؤيد وهو يحرك رأسه بالايجاب ، ومفاجأة هذا الخبر عليها جعلتها تبتلع ريقها بشرودٍ !! ،. حركت عينيها نحو الباب سريعاً وضربت بعصاها الأرض وهي تقترب منهم حتي التفوا حولها ورددت مبدأياً :
_" إسمعوا ، ولا كأنكم سمعتوا أي حاجة لحد ما موضوع سامر وفريدة يحصل ، بعدها نشوف الحكاية دي ونحاسب اللي متحاسبش!!"
ردد ٱخر حديثها بتفكيرٍ شارد مغتاظ من كل ما يحدث من خلف ظهرها وهي التي تعتبر نفسها كبيرة هذه العائلة ، عادت "زهور" تسأله مجدداً بنبره حازمة :
_" المأذون والناس اللي معاه هييجوا إمته ؟"
_" نُصاية كده وكل حاجة تمشي وتحصل زي ما رتبنالها!"
مأذون ؟ زواج بالإكراه ، ربط من لا يعلم الٱمور ببعضها ، وخافت "أسماء" القادم في حين ابتسمت "مروة" قائلة والحقد يظهر في خيوط نبرتها الناعمة التي تخفي طيات الكره المفاجئ بالخفاء :
_" أحسن خليها تتربي وتعرف مقامها !"
صاحت "زهور" تردد هي الٱخري عقب قول ابنتها الٱخير :
_" البت دي مش هتتظبط غير بالجواز من بعد ما حصل اللي حصل ، لو حد عرف باللي كان.. منظر العيلة هيبقي فالأرض ، كويس انهم قدروا يلمو الحوار ده ويخبوه بأي حكاية ، ناصح ابن عايدة بس مش انصح من زهور ، الصبر..لازم كل واحد يعرف مقامه كويس بعد كدة !'
وقبل ان يرد أي منهم بحديث ٱخر ، سمعوا صوت إغلاق باب الشقة ، خرجوا بالتدريج من الغرفة ووجدوا "زينات" تدخل الغرفة بملابسها التي كانت ترتديها للخروج وذهبت لشقة "سمية" أولاً ، خرجت بعد لحظاتٍ تجلب حقيبتها ووقفت تنظر لوقوفهم حتي ابتسمت بتكلفةٍ تخبرهم :
_", أنا رايحة المستشفى لـ حسن يا زهور ، خدي راحتك البيت بتاعك ، عايزة حاجة أجبهالك وأنا جاية ؟!"
حضورها من الأساس كان لا يهمها مثل عدم حضورها ، جيد بنسبة ما أنها سترحل من الأساس الٱخري تسيطر بالكامل عليها ، حركت رأسها نفياً وقالت تشير لها بحزمٍ :
_" لا بالسلامة انتي ي زينات!"
_" فريدة جاية معاكي ي خالتو؟"
كان هذا قول "مروة" بطريقتها الهادئة المتصنعة ، ورغم عيظ "زينات" منها بما فعلته مع ابنتها الا انها لا تستطيع قول او نقد شئ لأجل شقيقتها أي والدة الٱخيرة. ، نفت برأسها فقط وأشارت لهم بالوداع حتي أغلقت باب الشقة خلقها وخرجت أنفاس "سامر" براحةٍ من سير كل شئ كما هو وعلى فجأةٍ تعالى صوت "أسماء" وهي تسأل شقيقها بإستفهامٍ لما تراه بالنسبة لفتاه في سنها وسن "فريدة" :
_" بس مش انت كبير شوية على فريدة ي سامر؟؟ فرق السن تقريباً حولي حداشر سنة ، مش ظلم ده ؟؟"
ردت "زهور", بحدةٍ تُخرسها :
_" اخرسي ي بت ، هي هتلاقي اللي يتستر علي الفضيحة اللي حصلت دي فين دا كويس أوي ان اخوكي هياخدها ويتستر عليها وقبل بيها وعايزها، على الله يعلمها ان الله حق !"
رفعت "مروة" كفها علي وجهه "أسماء" برفقٍ مستفز تردد لها بحديث عادةً ما تردده وهي تتصنع البراءة وهدوء ما قبل التحول :
_"قلبك رُهيف كدة علطول ي ٱسموءة !!'
وعلى فجأه احتدت نبرة"مروة " بأعين شرانية وهي تخبرها بجديةٍ جامدة في الحديث :
_" فوقي يختي دي كانت هتموت اختك تحت ايدها ،. حِني هنا وفكك منهم ، اللي زي دي مبقتش تبقى على حاجة بعد اللي راح منها ، مبقتش زي الأول ولو كانت كويسة معاكي فدلوقتي لو في فرصه قدامها تبيعك وتموتك هتعملها!!"
_" انتوا اللي بتبيعوها ، حرام عليكم علفكرة ، ايه يعني اتقدملها سامر ورفضت ما يمكن بكره يجيلها واحد يقبلها ويعوضها ويرضى بحالها حطوا نفسكم مكانها ، لو أنا هتخليني أخد واحد غصب كدة ي سامر؟؟!"
وعلى غير العادي من هذا الدفاع المستميت بالنسبة لأعينهم التي تري ، رفع "سامر" يديه يدفع ذراعها بقوةٍ وملامح متنشجة أمامهن حتي حركها بإنفعال يردد من بين ضغطه علي فكه :
_" تحطوا نفسكم مكان مين؟ فوقي يا بت انتي لو كنتي مكانها انتي واختك أنا كنت دفنتكم بالحيا ، مش بدل ما تقولي بنعمل فيها جمِيلة ، اخرسي ودخلي لسانك جوا بؤك بدل ما ازعلك !!"
تأوهت بذراعها وتركت "زهور"ولدها يتعامل معها بسلبية إمرأة تقف دائماً مع الظلم وتترك الحق ، تشجعت "أسماء" رغم أعينها اللامعة بالدموع وقالت بإندفاع وقح ، لطالما الوقاحة شئ معهود بالنسبة لشخصياتهم هذه :
_" لا مش جِميِلة يا سامر إنت اللي *** ، كلنا عارفين انت عايزها اوي ليه كده ، مش ٱخر البنات الحلوين هي ،. كفاية اللي حصلها حس لأول مره فحياتك انت واختك وأمك بقا !!'
_" انتِ بتشتميني يروح أمك ، بتشتميني ي بت عشان واحدة زي دي ؟!"
حاولت ان لا تنفلت تأويها بالوجع من مسكة ولكن تحشرجت نبرتها وهي تكابر بعنادها في الرد أمام أعين غير راضيه تماماً عن دفاعها هذا بحق الآخرى:
_"ٱه بشتمك علشان انت كدة فعلاً ومش عايزها غير علشان بس جـ.."
بُترت جملتها عندما تلقت صفعة قوية علي وجهها فإنفجرت باكية وكادت ان تدفعه عنها بإندفاعٍ فإنفعل أكثر تحت صمت "مروة" المريب وكاد أن يصفعها علي وجهها مرة أخرى ، ولكن إقتربت "زهور" بذكاءٍ تقف في المنتصف واقتربت تخفض صوتها بثباتٍ تحذرها هذه المره :
_"قسماً عظماً يا أسماء لو كلمة من اللي اتقالت هنا خرجت قبل ما كل حاجة تحصل مش هتشوفي خير مني يا بنت بطني ،. فاهمة ؟. ولا نعيدو تاني ؟!!"
من بين دموعها شحبت ملامحها جراء هذا التهديد الصريح ، بملامح مثل ملامح وجه والدتها الصارمة التي لا تتحدث عبثاً أبداً ،. ابتلعت ريقها بخوفٍ وتعمدت الصمت حتي نفض "سامر" ذراعه من عليها بضيقٍ ومسح علي وجهه ، ومن ثم ترقب الكل مره أخري عندما اعتلى صوت هاتفه بجيب بنطاله وقبل ان يُجيب أشار بإصبعه ناحية "مروة" مردداً بصرامة. :
_" خليها تهدي علي نفسها كدة وتقول هديت علشان بعد ما أخلص المكالمة هاجيلها اقولها تعمل ايه ، وياويلها لو لقيت غلطة ، بموتها تحت ايدي!!"
_____________________________________________
وعلى الجانب الٱخر ..وقفت "فريدة" تبتسم بحبٍ وهي تحمل "يامن" تطعمه بين ذراعيها وكأنها تعتاد على ذلك ، تعلقت به كما تعلقت بـ "يوسف وأدهم" في الاونة الٱخيرة ولربما تعلقت بشبية اسم الثاني ، لاحت ابتسامة صغيره علي شفتيها وهي تتوجه برأسها تقبل خده الممتلئ قليلاً ، وعقلها لا يغفل على اعطاء أحدهم موعد ، بداية من الٱن تتوتر ولا تعلم كيف ستعطية الرد أو ما هو الرد من الأساس ؟ القبول ؟ أم الرفض للمره الٱخيرة؟؟، بداخلها مشاعر تنمو تجاهه ولكن لا تسطيع فهمها تارة شفقة وتارة اعجاب وتتخبط هي بين الاثنان ، كيف ستعيش مع شخص تشفق عليه ؟. ، كان يهمها الحب في البداية ولكن الٱن لم يكن من مطالبها الأولى ! بعد ما حدث لها من وجعٍ لا تقدر هي على نسيانه ! ..
الحُب؟ عندما يسير المرء خلف هذا اللقب وما يفعله بالفؤاد ، تبدأ الخيبة الكُبرى..إما الراحة الأبدية ! ،. وهي؟ هي لم ترتاح أبداّ وحتي لم تشعر بخيبة الحبيب ، هو لم يكن حبيب بل كان مخادعاً ،. يخدعها ، كان يسير خلف فكرة انتقام قوية انتهت بما لا تعلمه هي ! انتهت بإعدامه وأهٍ لو علمت ما نهاية هذا المخادع !! ، لا تستطيع التعافي إلى الٱن ، كيف ستقبل هذه المشاعر من آخر دون اهتزاز بالثقة وشعور النقص ؟ كيف ستتحمل وهي التي طاقتها نفذت ؟ كيف ستقبل على خطوة تعارف وعقلها لا يهيئ لها ذلك ، والكاسر بنسبة لفتاه مثلها كيف بعد كل ذلك ستنجرف وراء فكرة الزواج ، القرب! ، الحياة ، الشراكة .. . ، كيف وهي التي عُكرت أفكارها عن كل ذلك ، تهاب هذه الفكرة أيضاً منذ لحظة اعتداءه عليها ، نفت وهي تغمض عينيها بقوة ووسواس عقلها بالخوف والانهيار على كل خطوه سوف تقبل عليها يلح عليها ، تنفي برأسها بقوة -لا .، لن يحدث كل ذلك مره أخري!
-لا ؛ لا أريد هذا الوجع. مجدداً
تنفي برأسها بقوةٍ شديدة وعادت تسكن رأسها وعينيها تغمض وتفيض بالدمع عندما توصلت مره أخري لصوت إعتلى بعقلها
- لكنه ٱدم !
-وماذا تعنى بـ "آدم"؟!
- الراحة التي شعرتِ بها في وجوده وإلى الٱن عقلك يُصر على استنكار ذلك!
- كفى ألم
- هو الدواء لـ داء الألم الذي بداخلك !
- دائي ليس له دواء !!
-له دواء واحد فقط!
فتحت عينيها وشهقت مره أخرى حتي انفجرت باكية ، في الٱونه الٱخيرة نفسيتها لم تكن طبيعية كذلك ، ماذا حدث؟ الصغير لم يكن بين ذراعيها والٱن تجد نفسها بين أحضان "سمية"و"ياسمين"و"وردة" تمسح على وجهها بالمياه ، كيف حدث؟ تحلم وهي مستيقظة؟ أم أنها بوادر اختلال عقلي؟
مجنونة ؟ بكت أكثر وتلعن نفسها التي تظهر الضعف، منذ متى؟ من قبل حتي بعدما حدث كانت تتماسك!! يبدو ان الأحداث الٱخيرة جعلتها تنفجر على أتفه الأشياء.!!
_'' الله أكبر ،بسم الله الرحمن الرحيم!!!! "
رددتها "سمية" مع ٱيات ذكرٍ بنبرتها المختنقة بشفقةٍ في حين وقفت"ياسمين " ولأول مره تدمع عينيها بطريقة صريحة على حالها ، ليس هين ، ليس هين أبداً ما بها ، وقفت "وردة" تمسح وجهها بأيدي ترتجف ومدت"ياسمين " كفيها تحتوي أيدي "فريدة" الباردة تدلكها برفقٍ وهي تملي عليها كلمات كي تهدأ من روعتها..
_" اهدي ، اهدي خلاص مفيش حاجة من اللي انتي شوفتيها دي!"
اعتقدت بأنها تذكرت بعقل ذكي لطالما تعلم هذه الحالة التي قد حدثت لـ "نيروز" من قبل ، بينما هي لم تتخيل هي فقط فاض بها!! ، تنفست بصوتٍ مسموع وهدأ انهيارها شئ فشئ وسمعوا هم صوت دقات الباب العالية ، توجهت "وردة" لتفتح الباب ، وكانوا هن في الخلفية خلفها يراعون تلك التي تشعر بالكسرة !! وجدت أمامها "أسماء " وعلى ما يبدوا يظهر علي ملامحها التوتر الغير مفهوم والغير ظاهر لهم ، نظرت "وردة" بملامح متصلبه فرددت "أسماء" بإهتزازٍ :
_" بقولك يا وردة ممكن أدخل أعمل تليفون من عند أي حد فيكم ، أصل مفيش شبكة هناك !"
تركت الباب مفتوح وأومأت دون صوت ، فدخلت "أسماء" واعتدلت "فريدة" بتعبٍ وهي تتحامل كي لا تلاحظ الٱخري ما حدث في حين وقفت تطلب من "وردة" بحرجٍ زائف :
_" ممكن تليفونك ؟"
أخذته من "يامن" وأعطته لها ، فابتسمت هي تتقدم ناحية الشرفه تقف بأنفاس حُبست ، قد حثها شقيقها علي أخذ الهواتف منهن بأي طريقة كي لا يصل الشباب في الوقت المعهود بفعل أي واحدة منهن ، تصنعت بخوفٍ انها تهاتف رقم أحدهم وأغلقت الهاتف بيديها مطولاً حتي وضعته بجيبها وهي تقترب منهم مره أخري تتحدث بأسفٍ مخادع :
_" مش بتجمع أو في مشكلة في تليفونك ، ممكن تليفونك ي ياسمين!'
أجابت"ياسمين " بفظاظة تقلب عينيها بتبجحٍ :
_" لأ!"
ذهلت من قولها المتبجح ولكنها تحملت ورددت مره أخري بلطف:
_" أنا ٱسفة خلاص ، أنا بس كنت عايزه اكلم واحدة صاحبتي فحاجة مهمة !"
أخرجته "ياسمين" من جيبها وأعطته لها بتأففٍ ورأت أنها لم ترى أذية صريحة منها لما الرفض؟! :
_" امسكي ومتاخديش عليها كتير!"
ٱخذته منها وابتلعت ريقها وهي تتوجه مجدداً ناحية الشرفه وفي طريقها وجدت على الطاولة هاتف خمنت بأنه هاتف "فريدة" وٱخر بأزرار ليس حديث بالطبع يخص "سمية" التفتت برأسها تبتلع ريقها بتوجس وأخذتهم بخفة معها ناحية الشرفه تقوم بتخبأتهم بأي شئ ورددت بصوتٍ منخفض وهي تنحني :
_" يارب تيجي بسرعة ي سامر وتلحق الدنيا قبل ما اتفضح"
كانت يداها ترتجف في حين تزامناً مع دق باب الشقه ، نهضت "فريدة" تدخل غرفة "نيروز"هذه المرة عندما وجهتها "سمية" وهي تسندها تركتها ودخلت تغلق الباب وعادت "سمية" تفتح الباب ، حتي وجدت "زهور" وبجانبها "مروة" ، ابتلعت ريقها بتوترٍ هادئ ، وتحدثت"زهور" بحديث معهود :
_" جرا ايه ي سُمية هتسيبيني واقفة على الباب كدة ؛ لسه قلة الذوق بتجري فدمك ؟"
_" أمي عمرها ما كانت قلية الذوق زي ناس كده ، عايزين إيه مش كفاية اللي حصل الصبح!"
كان ذلك قول "ياسمين" بضجرٍ واضح ، ودخلت "زهور" تبتسم بكيدٍ حتي جلست بتبجحٍ دون استئذان وبجانبها جلست"مروة" تحت أنظارهم المترقبه ووقفت "وردة" تراقب ما يحدث بارتباكٍ كثير ما يداهمها بهذه اللحظات، ابتلعت "سمية" ريقها بترقبٍ في حين نظرت"زهور" لهن بتفحص وجابت عينيها تفاصيل"ياسمين". وقالت بفظاظةٍ تشير لها :
_" بلاش انتي عشان حملك، خليكي فجنب !"
تشنجت ملامح"ياسمين" وهي تقترب ثم وقفت تردد بوقاحةٍ :
_" الجنب ده اللي انتوا هتقعدوا فيه ، ايه البجاحة دي ، داخلين بيتنا تقعدوا بعد ما بسببكم كل حاجة بتتدمر ، مش كفاية اختي اللي وقعت من طولها بسببكم ولا البت الغلبانة اللي مبقتش حمل حاجة كمان عايزين تاخدوها غصب ، ربنا ينتقم منكم !!!"
ضحكت"مروة " باستفزازٍ وأشارت لها بتمهلٍ تكيدها بحديث بارد يشعل من أعصابها:
_" بلاش انتي ي ياسو ، ٱعصابك مش كدة عشان اللي في بطنك ، بعدين حازم يحسبوا علينا عيل زي أمه !"
تسبها في الخفاء إقتربت "ياسمين" وانحنت تهمس بكل وقاحة :
_" وبلاش انتي ي مروة عشان وانتي بتحاسبي اختي على نسبها انتي وأمك نسيتوا حاجة مهمه أوي !"
إغتاظت ولكن إستمرت "ياسمين" بكيدٍ. تردد :
_'' انها نفس العيلة اللي عينكم كانت هتتقلع كده من مكانها على جوز أختي التانية ، ولا نسيتوا ، ان كنتم ناسيين أنا مبنساش !!'
جز أسنان من الإثنان معاّ في حين أكملت "ياسمين" بوقاحة أكثر ترد عن نفسها بعدما ردت عن شقيقتيها:
_" وبعدين يحسبوا عيل زي أمه عادي ، ما هو أصل العيلة أحسن بكتير من واحدة ومن غير لمؤاخذه و***"
وكأن ما يحدث عادياً تحكمت في تعابير وجهها بعد سبها ، بينما شهقت "وردة" من الخطر القادم بعد هذه السبة النابية من فم كان يُعرف دائماً بالوقاحة ولكن ليس بهذه وأمام كبيرة عائلة حتي ولو إسماً فهي تسب ابنتها ؟ ،، وقبل أن تنفعل "زهور". رددت "سمية" لابنتها :
_" ارجعي يا ياسمين!"
_" لا والنبي قوام اخدتي بالك انها ناقصة رباية ؟"
ابتسمت "ياسمين"هذه المره لعمتها واستقامت تردد ببساطةٍ وكأن الحديث ليس لأكبر منها سنناً :
_" بس أحسن من الرُخص يا عمتي ! ، بالذات لو واحدة بترمي نفسها على واحد متجوز وكمان مخلف ، عارفه دي بيقولوا عليها ايه؟؟!"
كل ذلك تترقب "فريدة" من خلف الباب باستسلام لا تقوي على الصد او الشجار ، كل ما يهمها الراحة وتابعت الآتي عندما وقفت "مروة". تستند بأريحية مع حديثها المبهم :
_" الرخيص هنا عارفين هو مين كويس أوي ، يلا كلها دقايق كدة وتتلم !!"
علمت ان الحديث على "فريدة" فاقتربت"وردة" أولاً تردد بتساؤل:
_" قصدك ايه ي مروة ما توضحي!"
دقت "زهور" بعصاها وقامت تهتف بوضوحٍ :
_" تقصد إن سامر طالع دلوقتي وفإيدة مأذون وشهود عشان هيكتب كتابه علي الهانم اللي حطت راسنا فالأرض , خشوا نادوها تجهز !"
وأشارت بيديها بفظاظةٍ رغم صدمتهم جميعاً واعينهم التي اتسعت :
_" ومن غير صوت وكلام كتير ، خليها تحضر بسُكات!"
صرخت "ياسمين" بإنفعالٍ وكأنها لا تعي ما يحدث وما وُضعن به من عدم وجود سند من الشباب الٱن :
_" إنتِ بتــــقولـــي ايـه ي خرفانة انتي !!"
شهقت "مروة" هذه المره من ما سبته "ياسمين" لها في حين اقتربت "سمية " مع رفع "زهور" عصاها ببطئٍ مُهدد علي بطن"ياسمين " البارزه وقالت بنبره هادئة تحذرها :
_"صوتك ولسانك تحفظيهم، بدل ما يطلعوا في حاجة تانية وانتي فاهماني كويس!!"
ركضت "سمية " بخوفٍ تسحب "ياسمين" بهلعٍ قبل ان يحدث ما تنوي الٱخري فعله للتهويش اتسعت عيني "وردة" كما اتسعت عيني "فريدة" في الداخل بغير تصديق ، ومن بين ذلك خرجت"دلال" بسرعة مع "وسام"و"عايدة" يدخلن من الباب الشقة بغير فهم ، وتعالى صوت "سمية " برفضٍ وهي تتشبتت في جسد ابنتها"ياسمين" :
_" مستحيل اللي بتقولي عليه ده يحصل ، مأذون مين وجواز ايه ، انتي اتجننتي يا زهور !!!!"
شهقت "عايدة"مع "دلال" في حين سألت "وسام" "وردة " عن ما حدث بخوف شديد ، بينما تعالى صوت "مروة" ترد على "سمية" :
_" لا هيحصل وابقي شوفي مين هيقف في طريقنا والجنان ده من غير لمؤاخذه زي ما بنتك بتقول ، سيبناه ليكي انتي وهي!!"
كثرت الوقاحة بشكل لا يليق !!! وقبل ان تتدخل أي منهم ، دخل من الباب "سامر" و"المأذون"وبعض من الشباب الشهود !!، نزلت دموع "وردة" وحتى"سمية " في حين وقفت "عايدة " تصد طريقهم وهي تردد بنبرةٍ جاهدت بأن تكون بها ثابته:
_" على جثتي لو ده حصل ي سامر!"
ضحك "سامر"وأشار للبقية في الدخول نحو الداخل ، ووقف هو يبتسم باستفزاز يرد بجرأة :
_" ومالو ننفذلك كلامك !"
نفخ في وجهها حتي تطايرت خصلات شعرها البيضاء التي خرجت بها بخوفٍ دون أن تسترها ، دخل ودفع كتفها بحقارةٍ ، ونظر لكل الواقفين وعلى وجوههم الصدمة وسأل عنها بإهتمامٍ :
_". هي فين ؟ خرجوها يلا حالاً بدل ما اوريكوا الوش اللي عاينه لحاجة زي دي من ناس زيكم كده !"
لم تجيب أي واحدة منهن وكل منهن وقفت تنظر وكأن دلو من الماء البارد سقط في الحال على رؤوسهن، تبدل الحال مره أخرى !! يا لوجع هذه الحياة ويا لعدم ثبات شئ بهذه الدنيا! ، نزلت الدموع، ولو كان "حامد" هنا لكان الٱمر هين عن ذلك بطريقة بسيطة بينما جلس هو بالمسجد ولم يأتى!! ، ردد مره أخرى بصراخٍ يسألهم :
_" فريــــدة فـيــن ما تنطقوا !!"
انتفضت الأجساد برهبه من تحوله ، ووقفت شقيقته "أسماء" تردد بخوفٍ شديد تشير له بإصبعهها ناحية غرفة "نيروز" :
_" هـ ..هنا في الأوضه..دي!"
رددتها بتعلثمٍ ونظرت لها "ياسمين" بذهولٍ عندما تفهمت بداية كل ما حدث فهي الٱن تتحسس جيب تنورتها الطويلة! ولم تجد هاتفها كي تستنجد بأحدهم عندما شعرت بالعجز!! ، وقفت "وسام" بوجه شاحب وحاولت التسلل ناحية باب الشقة دون أن ينتبه لها أحد ، في حين توجهت "مروة" مسرعة ناحية باب غرفة "نيروز" والكل حولها ينظر بخوف شديد والبعض أوجه مُبللة بدموع عاجزة عن فعل شئ في هذه اللحظات الضيقة !!
______________________________________
ومن بين جلستها كذلك بأريحية شديدة عندما خلعت حجابها وتناولت من كوب العصير التي أعدته لها "جميلة" ، وكما عملت اخر التطورات وسعدت لأجلها بشدةٍ. تسامرا قليلاً بحديث عشوائي ومن بين جلوسها وهي بجانبها ، سألتها "نيروز" باهتمام:
_" وعلى كدة طنط حماتك حلوة معاكي ولا مش اللي هي؟"
ابتسمت "جميلة" لها وحركت رأسها تسرد عليها بصراحةٍ :
_" لا كويسة الحمد لله ، مش صعبه ويارب تفضل كدة علطول ، د ا انا بسمع ان هنا حوالينا مشاكل كتير من النوع ده !"
حركت "نيروز" رأسها توافقها ، في حين نظرت لها "جميلة" بإهتمامٍ وعبرت عن فرحتها قائلة :
_" سيبك انتي ، أنا فرحانة أوي اني هبقي خالتو ، هتبقي أم عسولة أوي يا نيروز !"
لانت شفتيها بحبٍ ، وقبل ان ترد لها لهفتها سمعت صوت جرس المنزل ، فنهضت "جميلة" تنظر من العدسة حتي وجدت"عز" ، تعمد دق الجرس تحسباً لجلوس"نيروز " ،. ابتسمت وهي تدير برٱسها ناحية"نيروز " تخبرها :
_" دا عز !"
التقطت حجاب رأسها تضعه عليها تخفي خصلاتها في حين لم تتعمد "جميلة"وضع شئ يستر كتفيها او حتي ساقيها وخصلاتها ، بل فتحت الباب بابتسامة صافية إلى ان تنحنح هو بحرجٍ فحثته على الدخول ، ودخل هو يقف بطاقمه الرياضي المريح ، يخبرهم :
_" أم عز جهزت الغدا تخت ومستنياكم !"
نظرت"جميلة" بمفاجأةٍ في حين خجلت "نيروز" وقالت بحرج :
_" تسلموا ، بس ملوش لزوم ، شكلنا جينا ورطناكم !"
ابتسم بخفةٍ ونفي قائلاّ بلباقةٍ :
_" متقوليش كده وبعدين دي بعتاني مخصوص، ولا عاوزه تزعلي أمي بقا؟"
ضحكت بخفةٍ مع "جميلة" ونفت وهي تنهض بخجلٍ فاقتربت"جميلة" تردد له بتفسيرٍ :
_" مكنش ليه لزوم يا عز ، عندنا أكل من امبارح !'
_"عروسة بقا مينفعش تعملي حاجة ولا انتِ ايه رايك؟"
ابتسمت بحياءٍ وهي تؤكد ، والتقطت عباءتها ترتديها وتركت خصلاتها لطالما لا يوجد أحد في الأسفل ،. أشارت لـ "نيروز" وإقتربت ولكنها تعرقلت بساق خشبية لأحد المقاعد وقبل ان تقع سندتها "جميلة" وانحني "عز" سريعاً تحسباً لشئ ، إلى ان تأوهت وهي تعتدل واعتدل "عز" سريعاً يردد بجديةٍ مرحة يحذرها بخوفٍ زائف :
_". لا لا خدي بالك دا انتِ أمانة ، دي فيها موتي دي من غسان!"
إحمرت وجنتيها من موقفها هذا حتى ضحكت بخفةٍ ، وسندتها "جميلة" بخوفٍ وهي تسألها :
_" انتي كويسة؟ ولا حاسة انك دايخة؟"
_" لا أنا كويسة، أنا بس اتعنئلت !"
أومأت بيأسٍ منها وتقدم "عز" وهما خلفه إلى أن أغلقت "جميلة" الباب بذراعها ومن بين هبطوهم سألته "جميلة" بإهتمام :
_" اومال فرح لسه مجتش ولا ايه ؟"
_" جت من زمان بس قالت تسيبكم مع بعض على راحتكم !"
وعند هذا الحديث دخل من باب شقة "والدته"، حينها نهضت "فرح " بابتسامة واسعة ترحب بـ"نيروز " بحرارة وهي تعانقها ، تركتهم "جميلة " كي تدخل لتساعد"حنان" في رص الأطباق ودخلت تردد بقولها المحرج :
_" تعبتي نفسك ليه بس ي طنط!"
إندفعت وهي تلتفت فهي لم تراها منذ الصباح وبعد ان علمت ، عانقتها وهي تردد عليها بالمباركة ، تركتها بخجلٍ بعد ذلك ومدت يديها تحمل الأطباق نحو الخارج حتي قابلت "عز" الذي ضحك بحبٍ وهو يتخطاها بعد قوله الهادئ اللين الذي سلب قلبها:
_" ٱه يا حِلّوّ ويا مسليني !"
ضحكت بخفةٍ عليه ، وجلست "نيروز"مع"فرح" التي حدثتها عن "وسام" فأكدت "نيروز" قولها بلطفٍ:
_" هي فعلاً عسولة ودمها خفيف ، شكلكوا بقيتوا صحاب"
_" اه ساعات بكلمها اطمن عليها على الدراسة وحالها وكدة ، وهي بردو بتبقى تكلمني !"
تشككت "نيروز" فطبيعة "وسام". ليست هينة كمثل "غسان" تماماً ، بالتأكيد يتم التخطيط لشئ ما !، حركت رأسها وخلف هذا تلغي تفكيرها وتخفيه ، حتي جلس الجميع على مائدة الطعام وصاحت "حنان" بسعادة طيبة :
_" منورانا يا نيروز واللهِ .."
وعادت تشير لها بلهفةٍ سيدة كبيرة خبيرة بما ينفع الحمل :
_" كُلي يحبيبتي، ربنا يعينك ويكملك علي خير ، اشربي الشوربة دي مفيدة ليكي ، اشربي !"
تورت وجنتيها بالحرج ، في حين ابتسمت "جميلة" وتلاقت عيناها معه هو وهو يتخيلها تحمل برحمها جنين في القادم ! ستصبح أجمل مما هي عليه؟؟ حرك رأسه مؤكداً وتيقن بأن كل شئ بأوانٍ..
وبعد ما يُقارب العشرة دقائق نهض الكل بالتدريج ووقفت "فرح" تحمل مع والدتها بعدما أقسمت "حنان" على "جميلة"و"نيروز"بعدم فعل شئ ، انسحب "عز" ناحية الشرفة التي بغرفة "فرح" كي يدخن سيجارته بأريحية وبقت "نيروز" مع "جميلة" وانضمت اليهم "فرح"في النهاية..
_"أخبار جلساتك ايه يا فرح؟"
ابتسمت "فرح" على اهتمامها وردت بهدوء ٍ. تخبرها:
_" الحمد لله ، قربت انتهي منها على خير !"
حركت "نيروز" رأسها وتزامناً مع ذلك خرج "عز" من غرفتها بهاتف"فرح " الذي اعتلى صوته في الداخل وهي لا تسمعه ، حينها أخذه وخرج يردد وهو يقترب منهن :
_" تليفونك بيرن يا فرح ، وسام !!"
وسام ؟! بهذا الوقت ؟ ، ابتسمت بعفويةٍ تحت غرابة "نيروز " في حين ترقبت"جميلة" وتلاقت اعينهما مع بعضهما بغير علم من الطرفين ، واجابت هي على المكالمة ولم تجد صوت بالبداية ..
_" ألوو... وسام ؟؟"
صمتت تستمع إلى أصوات بعيدة عشوائية ورددت مجدداً بعدما فتحت مكبر الصوت كي تسمع بوضوعٍ والكل يسمع معها الٱن :
_" وسام ؟ انتي سمعاني ؟ ألو .!!"
__________________________________________
توقفت اللحظة عند توجه "مروة" لدخول الغرفة تقتحمها في حين حاولت "وسام" الانسحاب إلى أن خرجت دون ان يراها أحد وإقترب "سامر" من الباب بعدها يغلقه وهو يقف أمامهم مردداً بتحذيرٍ :
_" اللي هيحاول يخرج منكم هقطع رِجله !"
ترقب الكل وثبتت الأقدام بخوفٍ عداها هي التي تحاول التملص من بين ذراعي والدتها التي تسحبها كي لا تنفعل بينما لم تستطع امساك لسانها الذي ردد بوقاحة له :
_", انت فاكر نفسك راجل كدة يعني يا زبالة إنتَ؟!!!"
أثارت غضبه بشدةٍ وقبل ان يقترب سمع الكل شهقة"مروة " العالية مع صراخها بفزعٍ وهي تري ٱخر ما جاء علي عقلهم !! ، هرول الكل ناحية الغرفه تزامناً مع صوت صراخ "مروة" :
_" إلحقني يا سامر ،. إلحق بسرعة !!"
وتوقف تنظر بأعين منصدمة تشير لها بأيدي ترتعش وهي تراها بوضعها ذلك تحذرها كي تهدأ :
_", انتي بتعملي ايه ؟!! بتعملى ايه ي مجنونة ؟!!"
دخل الكل على الفور بخوفٍ يظر وإتسعت العيون وكل منهم قد تسمر بمكانه ، تشنج جسد "عايدة" وفقدت"سمية ", أعصابها وصرخت"وردة" بصوتٍ عالٍ بجانب "ياسمين " التي ارتجفت أوصالها عندما وجدوا"فريدة ", تقف على سور الشرفة بعدم اتزان تهددهم برمي نفسها من الطابق الثالث لربما قررت فعلها دون تهديد , تعالى صراخ "وردة" بالبكاء وهي تهدهدها بهلع تحت صدمة "سامر", ومن خلفه:
_" إعــقــلى يا فـــريدة ، إعـــقلي وانزلي بالله عليكي!"
تقدم وهي تسير على حافة السور تمسح وجهها بعنفٍ وحالة اللا وعي تسيطر عليها في الحال بما وصلت له نفسيتها ، أسرع "سامر", يقترب ولكنها صرخت به وهي تقف و بصوتٍ مرتفع كاد أن يقطع من أحبالها الصوتية رددت به بصراخ :
_" إرجـــع ، إرجـــع بقولك ، هـــموت نفـــســي !"
حُبست الأنفاس ووقف هو بخوفٍ يشير لها بيديه بتهملٍ وهو يقول بتقطعٍ من أثر ما يراه :
_" اهدي بس اهدي وانزلي ومـ..."
قاطعت حديثه بصراخٍ جعل "وسام" تترك الرد على المكالمة التي طلبتها ، طلبت شقيقها ولم يجيب والٱخر هاتفه مغلق ، بمن تجيب ووالدها يترك هاتفه في المنزل، سمعت ان "عز" لم يرحل مهم لذا ضغطت علي رقم "فرح" ، وانتفضت بفزع عندما غيرت طريقها وهي تذهب ناحية الصوت من شقتها هي ناحية غرفة "غسان", التي فتحتها تحت صوت "فرح" في الهاتف وهي تطلب منها الرد بقلقٍ للمره التي لا تعلم عددها ..
_" بــس ولا كلمــة بقا حرام عليكـــم!!"
توقف متسمراً بمكانه عندما وجد توازنها يختل ، وعادت تصرخ مجدداً بانهيار قبل ان يتحدث أحد بخوفٍ :
_" أنــــا هريحــكم مني ، والله العظيم لأريحــكم مني عشـــان تسيبوني فحالي بقا !!"
ارتجفت يدي"وسام " وجحظت عينيها بذهولٍ عندما نظرت على المشهد من أمامها بعدما دخلت شرفة غرفة شقيقها ، وعلى هذا الصراخ تجمع عدد من الناس ينظرون بذهول في الأسفل!! ، الوضع يتأزم ، صرخت"عايدة" بالنجدة بصوت عالٍ جعلت"جميلة" على الجانب الٱخر تنتفض بفزعٍ وخوفٍ مع "نيروز ", التي استمعت لنبرة "سمية", الباكية بعجزٍ :
_" انزلــي ي بنتي ، انزلي يا فريدة حرام عليكي ، قربي انزلي و محدش هيهوب نحيتك بس انزلي بس !!!"
نفت وهي تبكي وتضحك بهستيرية بنفس الوقت عندما رأت اهتزاز "زهور" وأولادها ، وعلى الجانب الٱخر هلع الكل حتي "عز" الذي خمن ما جاء بعقله من أين تهبط ؟؟ ماذا تحاول هي؟يعلم بأن لا أحد من الشباب هناك. ولكن ماذا يجري!! ، يختل توازنها أكثر والأصوات في الأسفل تردد لها بالتراجع ولحظة كهذه لا تسمع إلا لصوت عقلها وشيطانها الذي تغلب بأفكارها ، لا تري من كثرة دموعها ، حاولت "ياسمين" الآقتراب مع "أسماء" التي كانت ترتجف مثل الأولى تماماً ولكن أشارت لهن هي وهي تصرخ بصوت أعلى من السابق:
_" قــــولت محدش يقرب ، سامعين ؟؟ همـــوت نفسي ، هشوح نفسي لو حد قــرب اكتر ، امشوا ، إمشــــوا من هنـــا وسيبــوني فحالي بقا حرام عليكم!!"
خرج صوت "زهور" برهبةٍ قد شعرت بها اخيراّ وقالت بما لا يتوافق مع طباعها:
_" انتي اللي حرام عليكي ي بنتي ، انزلي ، انزلي بقولك وهنتفاهم !!"
إندفعت تلتفت وكادت ان تقع بالفعل ولكنها تمسكت بنفسها تحت أجسادهم التي انتفضت برهبةٍ والتفتت تنظر بعينيها وأخذت وضع الوقوع والسقوط بظهرها ورددت علي ٱخر حديث قد سمعته من الٱخيرة بصراخ كل فتره يعلو عن ما كان :
_" إســـكـــتي ، سامعة؟؟ إســـكــتي خالص وامشي من هنا ، مش عايزه أسمـع حاجة من حد! ، أنا بكــرهكم. ، وبكره نفسي وبكره كل حاجة حواليا !!"
كان لا ينتظر هو على الجانب الٱخر لمح زوجته تصعد لترتدي سريعاً بخوفٍ وفزع تحت صوت"فرح", المذهول وهي تترجي "وسام" تجيبها على الناحية الٱخري في حين ضربت"حنان "صدرها بحسرةٍ وعينيها قد هبطت منها الدموع وعندما وجدتها"نيروز " كذلك وضعت يديها علي اذنها تنفي برهبةٍ وضعف وخفقات قلبها تزداد بسرعة قياسية. كمن تهرب من أحدهم يود اللحاق بها بأخذ وحبس أنفاسها ، أنفاسها؟؟ وهل ظلت كي لا تُحبس؟ قد حُبست الأنفاس من الناحيتين ، جهة يقف الكل بخوفٍ وعجز من الإقتراب خوفاً من تنفيذ ما قالته هذه الذي رأي البعض بأنها فقدت عقلها ، وجهة وصلت لهم الفكرة جيداً ويودون اللحاق والسير مع من أخرج هاتفه يقوم بعدة اتصالات قبل ان يخرج مهرولاً ناحية الخارج لهم !!
أما هي فأصبحت لا تريد شئ من الحياة أصوات عقلها تتداخل وعينيها تغلق بتشوش وبهذه اللحظة كيف لا تسترجع ذاكرتها كل شئ موجع حدث لها خاصة الحادثة ،صوت بكاءها يتداخل مع صوت بكاءهم وصوتهم بأن تتراجع
وأصوات أخري تتعالي وتتهامس في الأسفل وأخري كانت تدق علي الأبواب في يوم صراخها على اعتداءه عليها ، وٱخري بجانبها من الشُرف المجاورة للمباني الجانبية ، ورعشة جسدها في الحالتين بعد انتهاءه من الإعتداء والٱن ترتجف ما ان سمعت الأصوات تعلو حتى بـ صوت "حامد" الذي جاء وميزته على الفور لم تستطيع ان تخرج من كل ذلك تفتح عينيها وتغلقها وتلعن الحياة بعد ان كانت تستقيم تعاهد على التحمل ولكن فاض بها فما الحل ؟ سألت نفسها وسالت الدموع ولو شُرح الوضع أكثر لشعرت ان هذه الدموع بمثابة نزف دماء ، دماء القهر والوجع والكسرة والضعف وهي تضرب وجنتيها الٱن بغير استيعاب ، من أوصلها لهذه الحالة ، الٱن لا تريد شئ سوى الراحة وإعتقدت بأنها سترتاح إلى الأبد عندما تُلقي بنفسها من هنا ، باتت لا ترى الٱن سوى أنها سوف تلقي بنفسها كي يفتح لها الموت ذراعيه ، اعتقدت بشئ لا يحدث اعتقدت من كثرة الوجع بأنها ستقابل الراحة الأبدية بمحاولة فعل شئ قررته بداخلها بعزمٍ وكأنها لا تهاب ، عندما قررت الإنتحار ، انتحار ؟ وماذا يجلب هو غير العذاب؟؟ بعيد كل البعد عن الراحة الأبدية وبعقل أصبح ضعيف من التحمل كانت هي تعتقد ذلك ، وفي البداية كانت تعتقد ان كتمانها ليس مؤذي وأنها تتخطى بالفعل بينما الٱن الشئ الوحيد الذي ينتبه له الجزء العاقل من عقلها ..أن التظاهر باللاشئ والتعامل بطريقة عادية ليس طبيعي أبداً ، تأكدت ان عدم التأثر في البداية ليس شئ مُفرح و أن الكتمان كان أكبر خطر !!"
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية