Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل الثامن و الثلاثون 38 -  بقلم سارة ناصر

علمّ أن اليوم وما بعده مـرّ بسبب وجوده معهم في المنزل ، يذهب إلى عمله  أمس وعاد ليلاً يقيم معه بغرفتهِ ، واليوم سيقيم في المستشفىٰ حتى الصباح ، لم يتحدثا معاً كثيراً ، ولا ينكر أنه في اليوم الذي مضى شعر بأجواء العائلة الذي حُرم منها لفتره كبيرة بالنسبةِ له وحتى بالنسبه" لٱدم" هو الٱخر، عندما وفى "بدر" بوعده وجاء ليبيت معهم في المنزل من الأسفل هو و"وردة"و"يامن" وإجتمعت عائلتهم الصغيرة بـ إجتماع "ٱدم"و"فاطمة" وأولادها ، ومعهم كان "بسام" الذي زال حرجة بسبب قرب"بدر" منه ومساندته له بالحديث والكلمات مع "آدم" حتى ولو بقليل!!

فقط منذ الاحداث الكثيرة على الكل بٱخر مره ، مر يوم واحد فقط عليهم، لذا من المفترض بأن اليوم هو يوم حنة العروسين والعريسان معاً ؟! ، وبهذا الصباح  إستند "بسام" على الفراش بإجهادٍ من أرقه النفسي ليس إلا ، مشاعر مختلطة تداهمه وأهمها الندم ؟! والاشتياق والشرود لها وبها ، لا فائدة إذن منه ؟! ، تذكر قدوم "غسان" في الأمس ليقضي معهم اليوم ، كم كان الوقت لطيف وكان سيكون ألطف عندما يكونا هما معاً كمن قبل !! ، أصوات الاطفال ولعبهم وحتى إندماج "يامن" معهم ، وحديث "فاطمة" و"وردة" معاً بركن غير الركن الذي كان يجلس به "بسام"و"غسان"و"بدر"و"ٱدم" كل هذه أحداث حدثت ..



أما الٱن فهو يجلس حزيناً شارداً الذهن ، لا يعلم هو إلى الٱن بأن "والده" مر بأزمة ،  لم يتعمد "بدر" القول كي لا يربكه، وبالٱخر"غسان" الذي تردد وحسم ٱمره عندما قرر عدم قوله كي يعود شقيقه من تلقاء نفسه بكل ثقةٍ ويقين!!، إلى الٱن يغلق هاتفه ، وإلى الٱن لم يكن لديه أي شغف إتجاه أي شئ ، إلى الٱن يتذكر كسرته بالرفض ، يشعر بأنه لا يستحق إلا الرفض من الجميع ، ولكن يسأل نفسه لما ؟؟ .. يشعر بأنه رجل يُرفض وفقط ، ألا يحق لقلبي المسكين الحب؟! ، ألا يحق أن ينعم بالرحة وأمان الحب ؟ أبله لو يعلم ما يمر شقيقه به بسبب الحب ، لفر هارباً من الشعور هذا ، كم حاول عدم التفكير بها ، والي الان مازالت عالقه بذهنه بملامحها البسيطة وخصلات شعرها السوداء الذي انتبه هو لخروجها من الحجاب بغير اهتمام ، رغم غض بصره ولكن نظرات الحب والشوق تهزمه !! ، ليس سبباً أيها الأبله لقد كنت مستقيماً تعلم ما يحل لك وما يُحرم ، ماذا حدث لعقلك المراهق كي يتذكرها بكل تفاصيلها ، ألهذا الحب دون مسمي حرام؟؟ ، حرك رأسه للأصوات التي بداخله، وعندما شعر بأنه قليل جداً ، وقل هو من شأنه أمام حديث "عز" له بمنتهي البساطة !! .. ماذا تريد الحياه منه ؟؟



_" بقولك ،يا بسام  ..فاطمة بتحضر الفطـ .."



وجد الجملة من "ٱدم" الذي دخل غرفته ، فرٱه جالساً مستيقظاً بالفعل وشارد الذهن ومهلاً عينيه لامعة ؟؟ ، دخل "ٱدم" إلى الداخل يقف أمامه وهو يلوح بيده أمام وجه الٱخر مردداً كي يلفت إنتباهه :



_"  انتَ سامعني؟؟"



خرج "بسام" من شرودة سريعاً ثم تنفس بصوتٍ مسموع بثقلٍ وهو يومأ له بإبتسامة باهته وقبل أن يجيب بنعمٍ ، سأله "ٱدم" بغرابةٍ وهو يطالع وجهه :



_" هو انت عندك حساسية فعينك ؟ ..مدمعة!!"



عقله لم يستوعب بأنه من الممكن أن يبكي في هذا الوقت !!,لذا سأله بتلقائية وهو يجلس بجانبه ، فحرك "بسام" رأسه نفياً وهو يمسح عينيه ثم قال ببساطة هادئه :




        
          
                
_"لا متخدش فبالك !"



_"وان خدت بالي ؟؟ ، على قد ما إنت هادي ودي طبيعتك قدم الناس بس بردو متغير وشكلك مش عاجبني، يمكن مش قريبين من بعض كفايه تحكيلي بس أنا سامعك يعني لو عايز تتكلم فحاجة .. !"



قال "ٱدم" حديثه بهدوءٍ وهو يربت علي ساقه ، فابتسم "بسام" له بإمتنانٍ ولم يرد ، ورغم طبيعته الغير مثرثره بالحديث  مع من لا يربطة بهم علاقه قويه لكنه تنفس بعمقٍ وهو ينظر له متسائلاً بسخرية  يرد على حديثه:



_" ومين حاله عاجبه ي ٱدم فالدنيا دي أصلاً !"



أراح "ٱدم" ظهره على الفراش بأريحيه وهو يرد على حديثه بنبرة بطيئه ٱثر مط جسده :



_" دا  إنت شكلك معبي وشايل  بقا !"



_"كلنا شايلين ومعبين ، ما الدنيا مش سهلة يعني ولا ايامها بتعدي كده !!!"



اردفها "بسام" بعمقٍ ، فإبتسم "ٱدم" برضا ثم  رد عليه وهو يدير وجهه ينظر له :



_"  مش سهله ولا بتدي فعلاً اللي إحنا عايزينه ونفسنا فيه  يمكن فاهمك في دي أنا مجرب ، مجرب صعوبتها وانا حتى كنت مرتاح ، مجربتش أتعب ، بس عارف..حتي ممكن ميجيلكش اللي أنت عايزه ، بس هيجيلك اللي أنت تستحقه , مبناخدش دايماً والله اللي بنتمناه يا بسام بس  بناخد اللي محتاجينه حتى ولو مش هو ،  بص بنظرة تانية حلوه !!"



أُعجب بحديثه حتى ظهر ذلك فى نظرته له ، طالعه الٱخر بصمتٍ ، فرد "بسام " وهو يزفر أنفاسه الحارة :



_" ولا حتى اللي محتاجينه يا ٱدم ، انا تقريياً فوقت كل حاجه ضايعه مني فيه ،   حاسس اني مليش لازمه ولا عملت لحد دلوقتي حاجه مفيدة تنفعني فحياتي  حاسس كده ان كل حاجة فالدنيا دي رفضاني وكإني منبوذ  من كل حاجة !"



وأكمل بتعبٍ عندما وجد نفسه اندمج في ذلك الحوار المتعب :



_"‏عارف لما تبقى حاسس انك ملكش مكان وسط اي حد  وفأي حاجه أساسًا!!!"



هذه الجملة خرجت منه بتعلثم من ما ضاق به صدرة ، ولٱن من أمامه به ٱمل جديد قد خُلق به وعاش تجربة قاسيه ، تفهم حديثه الموجع وهو يرمقه بفهمٍ حتى خرجت منه نبرته المتعقله كمثل تفكيره  الذي أصبح كذلك غير طباعه التي لم تتغير كلياً :



_" عارف وحاسس ،  مكنش ليا مكان يا "بسام" وسط اللي كنت فوسطهم ، كنت متأكد مليون فالمية إني مش شبههم ، بس بقيت سهل أتأقلم ، المدهش فالحوار إن الواحد سهل أوي يدمج نفسه مع وضع وحش حتى لو مش شبهه ، وكأن النفس وحشه اوي ومستنية هلاكها بإيدها ،  إتكيفت بسرعه معاهم حتى وأنا مش واعي فضلت حاسس إني مش فمكاني بردو، وكإن دي الحاجة الوحيدة اللي الواحد بيحسها ٱوي حتي ولو فأسوء أوقاته !!"




        
          
                
تركه "بسام" يتحدث بأريحيه لطالما أخذ راحته كذلك ، ووجده يواصل بقية حديثه بابتسامة ٱخرى وهو يقول بتنهيدة متعبه مما يبدو أن الإثنان فتحا لبعضهما أبواب الوجع بهذه اللحظة رغم عدم حديثها بوقتهم الذي مضى:



_" بعد كده عرفت إن النفس أمارة ، ومياله لكل حاجه وحشه ، وكأنك في امتحان والشاطر بقا اللي يمنع نفسه وينجدها من كل ده ، وعرفت بردو إن مهما كان المكان والاشخاص مش ليك ومش شبهك مسيرك هتطلع من بينهم او ربنا هيبعدهم عنك بأي شكل ، المهم ان كل حاجة بتحصلنا ببقى فيها عبره وحكمة مفيش حاجة ابداً بتمشي كده بالحب ، يعني كل المسأله مكتوبه ومحكومه بأدق التفاصيل ، كله مقدر ومكتوب !!"



أُعجب بحديثه بشدةٍ وكأنه يشرح نصف وضعه ، ولم يتوقف"ٱدم"  إلى ذلك بل اكمل بتفاصيل أكثر يعلن له ما يعجز كل شخص عن تفسيره :



_"بس ساعات كده الواحد بيقف عند حاجات معينه وكإن دماغه بتتربس وتتقفل  ،والوقت بيقف عنده وهو واقف يستوعب أنا كنت ازاي كده وكنت ازاي بحب دول وأقعد مع دول ..كنت إزاي عاطي الأمان لـ دول ، وبردو بتقف بيك اللحظة التانية وانت  واقف عند الحاجة اللي كنت بتتمناها وغيرك شايف انها عادي ، غيرك رافضها ودماغك تقعد تودي  وتجيب هو هم اللي صح ولا أنا اللي غلط ، وتعيش فدوامة مع ان الحكاية مش مستاهلة بس احنا بنحب نصعبها أوي على نفسنا ، أنا كنت واحد ميت ميت بمعني الكلمة ،بس  صحيت تاني بأعجوبة وما بين الأحلام اللي  ماتت معايا ومصحتش ، صحي منها أحلام أقل بس شغف ضايع وتفكير مستسلم إن خلاص معتش له قيمة ، مفيش فايدة اللي راح واللي بيرجع تاني ،  جربت انت تمنع نفسك عن حاجة كنت بتفكر فيها وعاوزها .؟ حاسس باللي بقوله لما اكون سايب أحلام وعارف انها مش ليا ومش انا اللي احلم بكده بس اتمسكت وبردو مكنش تمسك يليق براجل، يمكن مكنش عندي الاصرار لاني كنت رامي طوبتي بس لما الواحد يرجع للحياه تاني وحاسس ان الامل ماليه من تاني عقله بيسوحه أوي ما بين حاجات كان نفسك تعملها بس الوقت بيعدي من غير ما تحس والعمر والسن بيفوت كده عن حاجات كنت المفروض تعملها فيه بس محصلش !!!"



حديث تلقائي نصفه يشرح وضعه بشدة لذا تترقبن ملامحه بقوة ، والٱخر الذي عاش معاناه سريه وجهريه بنفس الوقت يسرد تاره بأمل وتاره ٱخرى بوجع!!،  نظر له "بسام" بملامح هادئه ارتسمت على وجهه وهو يرد على سؤاله من بين الحديث:



_"  بس أنا جربت أمنع نفسي عن حاجة نفسي فيها وعايزها بس معرفتش ، مقدرتش أمنع نفسي ولما خدت خطوه عشان أنهي دماغي والهيصه اللي بتعملهالي خدت خطوه بس إترفضت ،  دي المره التانية ، المره الأولى جربت بردو امنع نفسي بس العكس فـ دي ، شيلت من دماغي الأفكار دي وكملت وفالٱخر بردو اترفضت بطريقة مش مباشرة لما فجأه لقيت نفسي لوحدي وانا مش فاهم إتسابت ليه ؟ طب أنا عملت ايه ؟ طب واللي بينا ؟ كان قليل اوي عشان دماغي تقعد تودي وتجيب ؟؟ إن أنا كان فيا ايه وحش  عشان يبعدوا عني؟ ، كان ولسه فيا ايه وحش عشان أفضل مرفوض كده !!"..




        
          
                
تذكر كل شئ حدث له ، هكذا كان شعوره والٱخر يتابعه باهتمام موجع يشعر ببعض من وجعه هذا الذي ظهر في نبرته حتى وهو يحاول التماسك عندما اكمل بقوله الهادئ :



_" بس برضو عرفت اتخطي حاجات كتير بس لسه  مش عارف أنسى وفي فرق كبير اوي بين إن الواحد ينسي وإن الواحد يتخطى ، كل حاجه مرت عليا ووجعتني لسه فاكرها ،  وحتي وانا بقعد مع نفسي كل  مره. وزي ما انا قاعد  دلوقتي بفتكر ذكريات وايام عدت عليا وخدت مني كتير اوي ، حتى طاقتي اللي صحيت فيوم متأكد انها رجعت وانا مش واخد بالي لما حبيت تاني!!"



ترقبت ملامح "آدم " بإنتباهٍ شديد وتفاجئ من سرده وقوله حتي  انه يعلم بأنه كان يحب "تاج" كثيراً ولكن  لم تظل علاقتهما وهذا أقصى ما علمه ، ربما يجمع الأسباب الٱن ، رد بتعجبٍ عليه يردد نفس كلماته باستنكارٍ وفضول :



_" حبيت تاني ؟!!!"



بوعيه كان هو بوعيه وهو يخرج ما بداخله ربما وجد أحدهم غير شقيقه يتصرف بحياته وكأنه هو !! ، هذه المره كان مع شخص ذاق مرارة البعد والفراق والتشتت والضياع حتي وان لم يكن نفس الوضع ، ربما نفس الشعور؟ أو جزء منه !  :



_" أه حبيت تاني ، بس أنا كنت فاكر إنه مجرد إعجاب  وهيروح ، معرفتش بقا إنه من الأول خالص وانا كنت لقيت نفسي معاها ، واحده بسيطة عانت بردو بحياتها زي ما كل واحد بيعاني والتاني ميعرفش عنه حاجة ، من أول حتى وانا ببصلها وحاسس اني عايز أجري عليها أقولها كل اللي حاسس بيه من وجع ومن تعب قبل ما اعرف اني بحب وقبل ما احس اني عايز اجري بردو أعترف بـ ده ، حتى من أول ما بدٱت أتوجع فكل مره وهي بتحكي ازاي عاشت حياتها. ، ازاي بتعاني من حاجات معرفتش ليها اسباب لحد دلوقتي ، مره ومره ومره وانا ناسي حاجة مهمه اوي ، نسيت ان كل ده وانا بقابلها فمكان أنا كمان محتاج اروح فيه زيها ، عشان اطلع خالي من كل الندبات دي ، ونسيت ان هي كمان عندها ندبات عايزه تتشال !!"



وأكمل وواصل دون توقف بسخرية مؤلمة:



_"كنت فاكر اني عايز أشيلهالها انا وأعوضها ، بس حتى مخدتش الفرصه ، فرصتي ضاعت فلحظة تهور وأنا بعاند كلام غسان الأول ان فعلاً هو صح ولازم يبقي فيه وقت وان مشغلش بالي الوقتي لكن معرفتش واندفعت اكتر من مره وانا بعاند نفسي وبعد كده بعاندهم لدرجة اني بعدت  عنهم خالص افكر هو انا غلط ولا هم ، ومع اني كنت مشتت بس عملت اللي فدماغي فلحظة تسرع ولقيت نفسي مرفوض بعد كل ده ، جيت من صدمة رفضي قولت كلام وحش ، صعب اوي على اي حد ، مش عارف غسان استحمله ازاي ، للأسف نصه صح ، يمكن  هو متصرف صح بس مش صح معايا انا ، مش صح على وجعي اللي محدش عمل ليه حساب ، انا تايه وضايع وعمري ما هلقي مكاني غير فوسطهم بس المرادي كبرت مني اوي وكبرت منهم ومنه هو كمان !! "



إسترسل في كلماته هذه بكل وجع واستطاع الٱخر فهم ما يمر به ، لذا رفع يديه يضعها على كتف "بسام" بإحتواءٍ وهو يطمئنه وكأنهما بهذه اللحظه صديقان مرت علي صداقتهما أيام عجز الكل عن عددها بسبب كثرتها :




        
          
                
_" دا انت جبل أوي ياض يا" بسام" ، بس متقلقش كل دا هيعدي إسمع مني ، وخد نصيحة حتى من واحد عاند عيلته وبعد وفكر أنه كده صح بس رجع فالٱخر  حتى لو ابويا وامي ميتين بس حاسس  الوقتي واليوم اللي فات دا اني رجعت وسط عيلتي من تاني .. وعلفكره أخوك "غسان" دا بيحبك أوي  هو صحيح شاغل باله دايماً كده زي اللي فاضي وموراهوش حاجة بس حتى لو صعب فالنهاية قلبه طيب وطلع بيفكر فكل اللي حواليه ، لدرجة إنه جابلي شغل وانا قاعد بتعذب. هناك بين اربع حيطان مش ضامن هطلع ولا لأ ، اه والله.. عامل زي ابوك .. جدع اوي مع اني الصراحة ومن غير ما نخبي على بعض أنا كنت بقبلك عنه كتير ، أنا مكنتش بطيق سيرة أخوك دا ودايماً باعد عن اني اعمل مشكلة معاه حتي لو كنت فيوم بتاع مشاكل!!"



هز كتفه بمواساه  وإنهزم"بسام " وهو يضحك علي حديثه المشاكس له، فعاد "ادم " يكمل بنبرةٍ. هادئه جادة :



_" انت  تركن كل دا على جنب وتفكر فانك تصلح اللي باظ ، أول حاجه فكرت أعملها اني ٱروح الجامع ، لقيت هناك شيخ شكله كده يريح البال والعقل ، مع  اننا روحنا نصلي امبارح مع بعض بس إستقربنا الجامع التاني ، النهارده هاخدك عند الجامع اللي روحته وكان بداية لرجوع عقلي ، هيدلك من غير كلام ، هيرميلك كلمتين حتي من غير ما يعرف الوضع ، الاهم انه بيعرف يطمن اوي ، مع ان الحال مش من بعضه وانت قريب من ربنا مش زي ما كنت انا ، بس الراحه فمكان واحد ، تيجي النهارده  نروح مع بعض لما  ارجع من هناك أغير لبسي عشان الحنه ؟؟!"



هز رأسه موافقاً بثباتٍ ، فحرك "ٱدم" رأسه بثقةٍ من قراره، حتى تحدث مره ٱخرى محاولاً تغير مجرى الحديث :



_" وعلى كده بقا محل الورد بتاع مرات اخوك ده حلو ؟؟ ، الصراحة  هو قالي امبارح وانا مديتش رفض ولا موافقة ، بس عايز ابدأ صح ، ودا اللي مخليني مستنيه يتفتح ، بيقول هيفتحوه النهارده بعد شوية  فهروح بعد الفطار  بس هو مش النهارده  الحنه هيفتحوه ازاي ؟"



_" ملحقتش اشوفه بس  كنت عارف انه بيجهز ليه ، وبعدين متقلقش طالما غسان جايبلك شغلانه يبقي عارف انها هتناسبك ، اما بقا الحنه دي فانا مش عارف هيفتحوه ازاي ..ممكن عشان هتبقي على قدهم ، فاليوم هيمشي عادي لحد المغرب.."



هز رأسه موافقاً متفهماً حديثه ،فزفر"ٱدم" بصوتٍ ثم وجد "ٱدهم" مهرولاً ناحية الداخل بسرعة وهو يصيح عالياً :



_" يلا يا خالو ، الفطار جهز بتقولك" ماما"!!"



_"اشطا يا "دوما" يلا بينا  "



أومأ له وهو يبتسم له بإتساعٍ ثم أشار لـ"بسام " فنهض هو الٱخر نحو الخارج معه وهو يغلق سحاب سترته  ، خرجوا من الغرفه  حتى وجدوا الجالسين علي مائدة الطعام من "جنة"و"يوسف " ، فجلس"بسام " معهم ، في حين خرج "بدر" من الغرفه راكضاً  خلف"يامن" الضاحك بصوتٍ عالٍ حتى حمله متوجهاً به ليجلس بجانب "بسام " ودخل "آدم " المطبخ ، حتى وجد "فاطمة " تقف تساعد "وردة" وهما يحملان الأطباق معاً ، تنحنح يجلي  حنجرته وهو يدخل ثم قال بابتسامة واسعه :




        
          
                
_" هاتوا  أساعدكم يلا أنا و "ٱدهم" !!"



نظرت ناحيته "فاطمة " بسعادةٍ من هذا التغير الجذري. وبدأ بالفعل هو والٱخر في حمل الٱشياء ، تمتن لهذه اللحظات جيداً حتى وإن  تعمد شقيقها وشقيقها الٱخر عدم فتح حوارها إلى الٱن ،  وبعد لحظاتٍ اجتمعوا معاً  فالخارج ملتفين نحو السفره المتوسطة في الحجم ، وبدأوا في تناول الآفطار تزامناً مع حديث "فاطمة" المبتسم الهادئ لـهم :



_"  بالهنا والشفا !!"



نظر "بدر", ناحيتها بامتنان علي الرغم من شعوره بالندم ناحيتها ولكنه يصبر حين ينفرد ليحدثها ، وإندمج الكل في تناول الطعام ،  فتحدث "بدر" يحثهم وهو يقول :



_" اعملوا حسابكم بقا بعد الفطار كله يدخل يلبس عشان هنروح هناك العماره  كلنا نقعد معاهم .. عشان الحنه بتاعت بليل دي!!"



هلل الأطفال ببراءةٍ واللطيف  ان "يامن" صفق دون فهم قوي لمعني كل الكلمات ، ولكنه فعل مثل الأطفال ، فضحك الكل عليه بحبٍ وسعادة ، تدوم رغم  حمل ضعوط وحمول عن البعض يجهل عنها البعض الٱخر ، او ربما يعلمها ، للحظة سعادة دائمة ولا لحظة حزن تدوم للأبد !! ، ثمة تغيير فطري يحدث حتى في أكثر الأوقات سعادة ،وأكثر الأوقات حزناً نثق بأنه لم ولن  يزول وكالعادة تدخلات الخالق تبهرنا دائماً بالتغيير إلى الأفضل !!!



___________________________________________



«في قانون الحب ، الصباح الذي لا تسمع فيه صباح الخير ممن تحب يبقى ليلاً حتى إشعار آخر.»- محمود درويش-



علمت بأنه هرب منها أمس بقضائه الوقت أمس  مع "بدر"و"ٱدم" هناك بمنزلهم ، وظلت هي في مكانها  تقضي اليوم مع شقيقاتها ووالدتها والتجهيز للمناسبه الخاصه باليوم"حنة العورسين معاً" ،  قصد عدم  المكوث معها بمكان واحد ، حتى هرب ، وهرب وهو الذي كان غير لائقاً عليه الهروب ومنذ أن عرفها بأوقات وجعه تعمد الهرب من عينيها التي تجعله يستسلم أمامها في كل مره و تعمد الهرب منها كونها فعلت ما فعلته معه!!، تتلهف لعناقه ونهرت نفسها لأكثر من مره ولكن مبدأها برفضها كان ثابت  قوي ، حتى ألمته !!، بين الحين والٱخر لا تجد سوى البكاء ،  طوال اليوم في الٱمس لم يجلس في المنزل وعندما صعدت لتنام ، غفت وٱتي بعدما غفت هي ، وحتى في الصباح استيقظت حتى وجدته ذهب إلى العمل قبل أن تستيقط!! ، الغريب أن الفتيات في الأسفل مع النساء والتي صعدت على راحتها كانت "سمية" لم تثير غرابة "نيروز" كونها والدتها ولكنها جلست معها بالشقة مستدة على الأريكة  تساعدها في خياطة بعض الملابس وطوي التي تركتهم هي دون طويهم ، شردت وكل مره تشرد وتتلهف لعودته رغم ما فعلته به !!
بالأساس رغم تعب "سمية" ولكنها صعدت لها تجلس معها في هذا الصباح ثم لتهبط ومنذ وقت كبير تجلس تساعدها دون حديث ، الحديث كان مقتضب وقامت "نيروز" بتشغيل التلفاز لتلهي والدتها وأنظارها هذه عنها !




        
          
                
_"مش ناوية تقولي لأمك فيكي ايه ؟؟ "



خرجت "نيروز" من شرودها وهي تبتسم لها بإطمئنان فعادت "سمية" تسألها بلين وهي تربت علي ساقها وهي جالسه بجانبها:



_" فيكي ايه يا بنتي ؟! مالك ؟؟ متقنعنيش ان دي نيروز بنتي اللي اعرفها  فيكي حاجة متغيرة ، مش دي نيروز اللي اعرفها ولا دي نيروز اللي المفروض تكون لسه عروسه ومبسوطة !!"



عروس؟! الوضع ساخر إذن ، هذه الانظار وتلك الجلسه تعلمها جيداً ، لا تريد الاستسلام أمامها كي تخبرها لاتريد ذلك ، ولا تعلم لما أدمعت عينيها أمام سحرها هذا ،، ثم نفت وكأنها تردف بعكس ما يهبط منها من دموع :



_" مـ ـفيش !!"



تنفي مع بكاءها وهبوط الدموع ، تركت "سمية" ما بيديها بلهفةٍ ثم ضمتها سريعاً بخوفٍ ناحية صدرها وهي تربت عليها مردده بنبرة سريعه مندفعه :



_" مالك يا حبيبتي بسم الله الرحمن الرحيم!!"



بكت بأحضانها وربما هذه هي اللحظه التي سترتاح بها ، شهقت بصوتٍ وهي تستند عليها مردده بنبره باكية تعلن ما تكبته لها وحدها :



_" انا تعبت اوي يا ماما ..مش عارفه ليه بيحصل معايا  كدة !"



ٱعلنت إنهيارها وضغطها المدفون بداخلها ، مهما أرهقت نفسها بالبكاء فالٱن البكاء شئ ٱخر ، ضمتها "سمية" بلهفةٍ كبرى وهي تمسح على خصلاتها ورأسها مردده ٱيات من القرٱن الكريم بسرعة وخوفٍ ، في حين ٱخذت تشهق الٱخرى تحت يديها بتقطعٍ إلى أن مرت الدقائق وهي على نفس الحال وداهمها سؤال "سمية" السريع بخوفٍ عليها :



_" مالك يا ضنايا ؟؟ فيكي ايه يا حبيبتي قوليلي وردي على امك ؟!!"



زفرت "نيروز" بصوتٍ مازالت الدموع تنهمر وكلما تحاول قول كلمة واحده لن تستطع فعلها ، ذلك الثقل الذي على قلبها لا تعلم له سبب. محدد واحد بل من أسباب عدة كثيرة ،وفالٱونة الٱخيرة أصبحت تبكي بكثرةٍ مما جعلها منطفية الملامح وحتي القلب!! ، اسندتها "سمية" سريعاً بعدما توقعت ما قد حل بها بجهلٍ من ما حدث معها ،بل نهضت بعدها بسرعه تجلب المحرك لتقوم بتشغيل إذاعة القرٱن الكريم بصوتٍ عالٍ عل قلب إبنتها يهدأ وعينيها تتوقف عن البكاء ، والشهقات، هذه الشهقات التي تمزق منها قلبها ليست هينه علي أي أم دون أن تعلم ما الحال من الأساس ، جلست مره ثانية تردد عليها وهي تمسد على خصلاتها البُنيه وهي تضمها مره ٱخرى إلى صدرها  والٱخرى تاره تشهق وتاره تتنفس بصوتٍ وتارة ٱخرى تبكي !!



_«قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ   مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ   وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ   وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ »



أخذت ترددها  بكثرةٍ عليها ، وتاره ٱخرى تقوم بالدعاء وفرك يديها بين كفها المجعد ، إلى أن شعرت بإنتظام أنفاسها !!! ، هل ستغفوا بهذا الوقت؟ ٱم أن الٱيات لها مفعول سحري مع أحضان والدتها ؟؟ ، ربتت "سمية" على كتفيها وظهرها بحنوٍ ولمعت عينيها بالدموع ما أن شعرت بأنها قد غفت بهذه السرعه ، أم من عزم الوجع ؟ أم أنها منهكة بما فيه الكفاية ،نزلت دمعتها شفقةً عليها بعجزٍ ، وحسرةٍ ، تلك التي عانت من وجهة نظرها ، لم ترى راحةً بسبب التعلق؟ أهذه بداية الٱمر ؟ ، تذكرت  زوجها وكيف كانوا عائلة هادئه لطيفة في الصغر ، وفتياتها وكل ٱمورهن التافهه التي كانت يتوجب عليها الإهتمام بها كمثله هو ، كمثل زوجها الذي لم يمل يوماً ما منهن ، والذي لم يلومها بتاتاً على إنجابها لفتيات فقط ، لم يعترض ، بل كانت تشعر به أنه يرضى رضا لن ولم تراه هي من قبل ، ترحمت عليه وهي تبكي شوقاً له ، تباً للفراق ولكنها سنة هذه الحياة!!، لاتعلم  كم من الوقت مر وهي على هذه الجلسة، شعرت بأحدهم يضع المفتاح بالباب ، ولم يكن سوى هو من سيفتح شقته!! ، فتح "غسان" الشقه حتى أغلقها خلفه بعدما خلع ما بقديمه ، رفع رأسه يبحث عنها خلسةً ولكنه رأي "سمية" تجلس على أريكة الصالة وعلى ساقيها وصدرها تستند "نيروز" غافية بعالم ٱخر !! ، عقد ما بين حاجبية ونسى الترحيب بها وتوجه هو بنفسه يضع كفه على وجهها ، لم ولن تنام بهذا الوقت ماذا حل لها ؟ ، إعتدل يرفع رأسه وهو يعتدل ثم سألها بقلقٍ :




        
          
                
_"  مالها نايمة كده ليه  ؟. هي كويسه ؟؟"



ٱدمعت عينيها دون سبب ثم حركت رأسها نفياً وهي تحاول الاعتدال مرددة بعجزٍ عن فهم هذه الحالة:



_" مش عارفة يا يبني ، فجأه لقيتها بتعيط أوي ومش عارفة تاخد نفسها  من العياط سندتها وقرأت شوية قرٱن وشغلته كمان لحد ما نامت مكانها زي ما انت شايف كده !!"



لاحظ دموعها ، فزفر "غسان" يأخذ أنفاسه وهو يطالعهما ، فعادت "سمية" تسأله  بلهفةٍ رغم علمها بأنه منتظم بصلاته:



_" إنت بتصلي با بني ؟!"



إستنكر سؤالها ولكنه رد مختصراً وهو يعدل رٱس،"نيروز" كي لا تؤلمها :



_" الحمد لله!!"



تنهدت "سمية", تأخذ ٱنفاسها ثم سألته مجدداً بحسرةٍ تخمن:



_" يبقي إنتوا متخانقين مع بعض ، بنتي مش طبيعية ..فيها حاجة !!"



هذه الحالة التي بها زادت من خلافهما والأصل بأن كل مره تزور بها والدها المقابر تأتي ثم تجلس يومين متتالين علي هذه الحالة المختنقه بأنفاسها !!، علم ذلك رغم أنهما متزوجين من فترة ليست كبيره وهي من أعلمته هذه الحالة عنها !! ،  إنحنى متجاهلاً حديثها  كي يضع ذراعيه أسفل ساقها حتى يحملها ،  وبالفعل حملها ببطئٍ ثم إستقام حتى سار ناحية غرفتهما معاً ، نهضت "سمية" خلفه ببطئ تعدل رٱسها من على كتفيه من الخلف ، إلى أن همهم "غسان" بالدخول كي تدخل إلى الداخل دون حرج ، دائماً ما تفهم بٱداب الذوق العام حتي ولو الٱمر يخص ابنتها الٱن ، فلا يخصها وحدها !!, تزامناً مع ذلك أسندها هو على الفراش برفقٍ فإنكمشت ملامحها بضيقٍ وأثار الدموع إلى الٱن على وجهها ,جلس بجانبها على طرف الفراش يرفع أنامله يمسح وجهها بشرودٍ ، وكلما تظلمة وتأتي عليه مجبر هوعلى الذهاب إليها مهما فعلت يبقي هو الذي يذهب لها الطريق !! ، كمثل الٱن حتى بعدما رفضته جلس بجانبها يمسد على خصلات شعرها ، حتى خرج من شرودة على فرد "سمية" للغطاء بحنوٍ عليها بعدما جذبت قميصها المنزلي على ساقها أكثر ثم رتبت وضعها بالغطاء ، حتى وقفت. بإعتدال وهي تقول :



_"سيبها نايمة  ومش مهم تنزل النهارده تعمل حاجه ، خليها تنزل على الحنة علطول براحتها !!"



وبعد ذلك سارت ببطئ كي تخرج إلى الخارج ، فقاطعها هو سريعاً ثم قال:



_" استني ، رايحة فين ، خليكي قاعدة!!"



_", لا معلش أنا تحت معاكم لو في حاجة ناديني ، ولا إنت عايز تنزل بقا ومتخانقين مع بعض !!"



هذه المرٱه تتدخل بٱشياء لا تعنيها ؟ أم ان ابنتها تعنيها بهذه القوه ؟ سأله عقله، وزفر بصبرٍ وهو يحرك عينيه ناحيتها وكأنها تنتظر الجواب بالفعل ، بل رد هو بإيجازٍ ينهي هذا  بتلاعبه في الحديث :




        
          
                
_" هو في حد يزعل من بنتك بردو !!"



ابتسمت على مرواغته ثم رفعت عينيها تطالع وجهها النائم وهي ترد عليه بحديث إعتبره جرئ منها :



_" وأنا بنتي مش ملاك يا بني ، بنتي صعبة وأنا عارفة دا ، بس بردو بتحبك !!"



زفر بصوتٍ عالٍ يخرج ضغطه وشعر بإنسحابها فصمت وهو يعتدل يطالع وجهها  ، ملاك بملامحها وشرسة بطباعها ، كيف يحكم عليها ؟!، لاحت إبتسامة صغيرة على شفتيه ناظرًا. نحو وجنتيها الحمراء من ٱثر البكاء ، هبط برأسه يقبل واحده منهما ، ثم إعتدل يرتب خصلاتها الطائرة كي يمسد عليها !!



غلبة شوقه لها ، ويغلبه في كل مره حتى انه يسأل نفسه، ماذا فعلت به هي ، ماذا فعت كي تهدر شخصيته بهذه الطريقة ولا يستطع هو فراقها ؟! ، كان عاقلاً ثابتاً. حتى أنه بعد فعلتها لم يفكر بقرار طلاقهما ، ولو كان الٱمر عكسي لفعلت أكثر من ذلك!!,   رفع يديه ينظر بالساعه المعلقه بمعصمهِ ، بغير إكتراث ، بل نهض يطفئ الضوء ثم حاول أن يتسطح بجانبها محاصرها بأحضانها مره أخرى وكأنه يزيل شوقه بهذا فقط إلى الٱن ، شرد وهو ينظر برأسه نحوها مردداً بهمسٍ متعب :



_" على رأي الست ..انت فين والحب فين ظالمه ليه دايماً معاك!!!"



يسخر؟ بهذا الوضع ؟ كان يريد البعد عنها مؤقتاً عندما يهبط إلى الأسفل معهم  ويتركها الٱن الإثنان محاصران ، لاحظ إنكماش ملامحها بقلقٍ يعلم بأنها لم تنام بهذا الوقت وستستيقظ ، لاحظ ضم إهدابها بقوةٍ ثم فتحتها بتشوشٍ وهي تتحرك  بقلقٍ إلى أن أصبح وجهها  ناظراً ناحيته ،  وعلى فجأه ما ان نظرت ناحية وجهه إنتفضت بطريقة خافته استطاعت التحكم بها فرد هو ساخراً وهو يطالع وجهها بدهشه مصطنعه وحديث ساخر :



_" يا شيخة؟؟؟ شكلي يخض أوي كده !"



رفع ذراعه من على خصرها وهو يعتدل جالساً ، فإعتدلت هي بعده وهي تطالعه بحرجٍ من ما فعلته هي ، ابتلعت ريقها بغير وعي ولاحظ هو تشتتها ، عندما سألته هي بإستفهامٍ :



_" هو ايه اللي حصل وايه اللي جابني هنا كده !!"



لم يجيبها هو بل نهض يرفع الغطاء عنه فلاحظت  ملابس العمل خاصته ، نهض غير مهتماً بحديثها حتى جذب ملابس ٱخرى من الدولاب أمام عينيها ، وبخفةٍ وجدها تقف خلفه تسأله بأعين دامعه :



_"انت مش سامعني ؟!"



التفت "غسان" حاملاً ملابسه بين يديه  ، وأصبح بمواجهتها وهو يطالع وجهها  مردداً بوضوحٍ  وصراحة  برده عليها :



_" سامعك بس مش عايز أرد !"



تهجمت ملامحها بتعبٍ ثم وقفت تنظر إلى ملامحه بتمعن  كما كان ينظر هو ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وهي تسأله مجدداً رغم انها تعلم الجواب:




        
          
                
_"  ليه بيحصل معانا كدة ؟ ٱنا نفسي أرتاح واعيش فهدوء !!"



_"إسألى نفسك يا نيروز ، لان  إنتي  أول واحدة مش مريحة نفسك !!"



داهمها قوله بتعبٍ منه هو وحده ثم أخذته منه بعد ذلك ، أدمعت عينيها بتعبٍ من كم هذه الضغوط ثم رفعتها تنظر نحو عينيه  التي تحاصرها:



_" أنا ٱسفة !!"



خرجت منها بعد كل ذلك.؟ أكانت سهلة القول ؟ ، ابتسم بتهكمٍ وهو يقول بسخريةٍ لاذعة :



_" على ايه ولا على ايه بقا ؟"



صمت ثم واصل بإنهاكٍ ساخر وكأنه فاض به :



_" إنتي بتتعبي نفسك كل مره وتتعبيني معاكي لما كان الموضوع كان ممكن يعدي عادي جداً ، بس كل مره مبتعرفيش تظلمي حد غيري ، مع ان لو حد غيرك أنا كنت دفنته تحت رجلي من أول مره حسيت إنه مش جاي معايا سكة ،  لكن أنا سكت  عشانك وعشان قلبي حبك غصب عن عيني ،  كل اللي عملتيه دا كوم واللي عملتيه ٱول. امبارح كوم تاني خالص !!"



سكن يري ملامحها ودموعها التي تهبط وكأنها  تستخدم سلاح الٱن ليجعله يستسلم ولكنه  لم يتوقف إلى هنا بل واصل يكمل بتعبٍ ٱخر :



_" لما أول مره طلبتي مني الطلاق وسيبتيني فأصعب وقت ممكن يكون مر عليا ، كنت تحت صدمه إن ازاي تسيبيني فوقت زي ده حتي ولو كنتي خايفه، عشان عارفك ترجمت خوفك إنه عليا أنا مش عليكي إنتي ، بس عدت ، عدت لما إتكسرت منك وقومت وقومتك معايا وصالحتك بطريقة يعجز من يشوفها عن التصديق ، علشان رجعتي ليا ولحضني فلحظة إنهيار منك وكإنك كنتي هتروحي خلاص فيها وأنا واقف مخضوض أول مره أشوفك فيها كده .. وتاني مره زي لما رفضتيني وانا جايلك بعد وقت ما قعدت ما نفسي وصليت وهديت ،اترددت اجي بس خاني قلبي وقالي انك بتحبيني زي ما انا بحبك ، بس مجرد ما قربت منك  رفضتيني وكإن قربي مقرف للدرجة دي ،إنتي لو مش عايزاني نبعد حتى ولو هنتعب ، بس أنا كراجل مش هقبل على نفسي يحصل معايا زي اللي حصل ده !!"



داهمها بأقوال كثيرة ، بعدها جامده وبعضها حانية ، سقطت دموعها بكثرةٍ وهي تنفي برأسها ما سمعته منه ، وكأنها تكذب شئ حقيقي !! ،  وجدها ترد بتقطع في كلماتها وهي تقول بلهفةٍ مع نبرتها الباكية :



_" أنا بحبك ومستحيل كنت أفكر كده . مينفعش أسيبك ..معنديش استعداد..حتى ولو عندك انت بالسهولة دي !!"



_" مفيش حاجة سهلة عليا ، حتى حبي ليكي دا صعب. أصعب حاجه غيرتني وأنا اللي كنت مش فارق معايا اي حاجه مكنتش بعمل نفسي مش فارق زي الوقتي كده.. وكل ما بعمل نفسي مش فارق بتضغطي عليا أكتر وكإني مبحسش ، مش لازم أقعد أعيط  وأتحسر على حالي زي النسوان ، مين فينا الراجل؟. ومين فين يحاول يحتوي مين ؟ مع اني  بحاول اعمل ده بكل الطرق وكل ما استني منك مبلاقيش  ، وانا مش هقعد اتحسرلك عشان تحسي بيا.. بعدت يبقي سيبني أهدي وأروق .. لا دا كل مره بتتعمدي تتكلمي كل ما بسكت وتيجي ورايا كل ما بمشي مع اني محذرك تعملي كده عشان الموضوع بيوصل لحاجات بنعجز احنا الاتنين عن حلها . وبردو كابرتي  وعاندتي .!!" 




        
          
                
توقف عن كلماته الجامده الموبخه لها وهو يراها مازلت تذرف الدموع بقهر تعجز عن الرد بإرادتها وفقط ، إبتلعت ريقها وهي تضع يديها على أذنها وكأن الأصوات التي بداخلها تعلو مثله تماماً ، هي التي تفعل أفعال صغيره ثم تتركها معه ومع الوقت لتكبر ومن ثم يٱتي كل ذلك فوق رأسها هي !! ،  رفعت عينيها ورأسها تواجهه وهي تسأله بخوفٍ في هذه اللحظه مع نبرته الضعيفة المهزوزه :



_''يعني إنت ..انت مش مرتاح معايا ومش ..عايزني؟؟"



ماذا تفعل وماذا تسأل؟ ، علم مخذى سؤالها لذا صمت قليلاً يري إرتجافة يديها حتى رفع عينيه ناحية عينيها مردداً بقلة حيلة رغماً عنه وعن قلبه  مع نبرته المتنهده بيأسٍ وتعبٍ :



_" أنا مرتاحتش ألا معاكي يا "نيروز" ولا كنت عايز غيرك ومازلت !"



صمت قليلاً ثم واصل مع تنهيدة حارة :



_" بس شكلك انتي كمان مستكتره عليا دا !!"



نفت وهي تندفع نحو أحضانه باكية بصوتٍ عالٍ هذه المره وهي تردد بتقطع وبكاءٍ:



_" محلصش .. محصلش والله العظيم!!"



رفع ذراعيه يضمها وهو يربت علي ظهرها بشدةٍ مشدداً بذلك العناق وهي تشهق مع سماعه لذلك بتعبٍ ، رفع كفه يقرب رأسها من قمة صدرة ولم يخفى نبرته الضعيفه عندما قال بيأسٍ منهك :



_" تعبتيني معاكي يا بنت الحلال !!"



لم تسمع  قوله المتعب بل ظلت تشهق شهقات متقطعه متشبته بملابسه بقوةٍ وكأنها تخرج جميع الضغوط التي رأتها وشعرت بها منذ فتره ، كل هذه تراكمات والبكاء كان لا يفعل شئ معها ، لديها  طاقة تحمل ولكن لينها معه قليل وهذا ما يصعد الأمر دائماً ليصلوا في كل مره الى عقبات تعجز عن فهمها وحله معها ! ، هذه المره رفع ذراعه يضمها ولم يرفضها بسبب حالتها هذه !!
وأما عنها فبكت وهي تحاول أخذ أنفاسها ، سقطت الملابس التي كانت بين يديه أرضاً ، حتى وقف بصبرٍ وتحمل يتحملها إلى أن تنتهى ، وما أن شعر بأنها هدأت  تنفس بعمقٍ حتى تحركت بخفوتٍ فوجدته مشدداً بعناقه لها ، حتى أنه إنحنى يجلب زجاجة المياه التى كانت على الطاوله الصغيره على بعد منه ، فتحها وهي تعتدل تمسح وجهها ببطئٍ فوجدته  يقدمها لها برفقٍ مرددًا. بلين يطلب منها:



_" إشربي !!"



نظرت له بصمتٍ فوجهها لتشرب منها حتى شربت بالفعل ،  عاد يضعها بموضها ثم سحب كفها ليجلسها على المقعد هو ينظر نحو وجهها المرهق وعينيها الحمراء ودموعها الغزيره: 



_" كل مره  مبتفشليش تتعبي وتضغطي نفسك ، خليكي فاكره انك هتتحاسبي على نفسك وعلى اللي بتعمليه فيها !!"



اندفعت رغم دموعها تلومه بتوبيخٍ مماثل له :



_" وانت مش هتتحاسب اللي علمته فيا ؟"




        
          
                
زفر بصوتٍ ، تصر كل مره على التعب والعراك بالحديث بينهما ، تنفس بصوتٍ مسموع حتى وقف يطالعها بصمتٍ ومن ثم أخرج حديثه لها بوضوحٍ :



_" انتي كل مره بتغلطي ومبتجيش تتأسفي ألا خلاص لما دماغك مبتسكتش عليكي ،  بس أنا مقولتش اني مش غلطان فحقك ، بس غلطك غطى على غلطي كتير اوي يا" نيروز "!!" 



هذه المره رفع أنامله يمسح وجهها برفقٍ فأمسكت كفه وهي تتشبت به بقوةٍ حتى هتفت بنبره هادئة تسأله وتلومه بوجع :



_"إنت عمرك ما قاطعتني كل المده دي ، ولا كان الخلاف اللي بينا  بيطول كده ، إنت تجاهلتني ودي أسوء حاجه ممكن أحس بيها  منك ، أنا مبقتش قادة أستحمل وكل حاجه بتزيد عليا وأنا  مبكونش فُوقت لسه من اللي حصل قبلها ،  أنا كل ما بفتكر ان دي المفروض تبقي الأيام اللي ٱكون مبسوطة فيها معاك وفحياتنا وايام هترجع للذكرى بتقهر أوي يا "غسان"!!"



أدمعت عينيها بحزنٍ حتى سقطت دمعتها علي كفه وهي تكمل بلومٍ :



_" انت سيبتني لدماغي تاني لوحدنا مع اني قولتلك إن دي حاجة وحشه أوي !!"



سحب كفه من كفها كي يمسح دموعها برفقٍ ومن ثم أنهى الحوار بكلماته الٱتيه لها :



_" خلاص يا نيروز !"



حاول النهوض  من جانبها وهو يطالع وجهها وجلستها بجسدها هذا وإنكماشها بحزنٍ ، توجه ثم إنحنى ليجلب الملابس التي وقعت رأضاً  منه  فإبتلعت ريقها ترد على جملته بـ :



_" يعني ايه خلاص!"



إعتدل ثم حرك عينيه نحوها وهو يرد بإيجاز :



_" يعني خلاص الوقتي ، كفاية كلام وعياط عليكي لحد كده ،  عايزه تتعبي نفسك معاكي تاني؟؟ وحشتك الدموع في الكام ثانية دول  مش كده ؟؟!"



ومن بين هذا لم تفشل في أن ترمقه نظرة حادة  بدلاً من حديث سليط تعلم بأنه لو خرج لفعل هو شئ ٱخر ! ، نهضت مندفعه بغيظٍ حاولت إخفاءه كي تتظاهر بالبرود المماثل لديه تماماً ، وأما عنه فقصد اللعب على ما تفعله بتهويل من كرامتها التي تراها شئ اخر ، عمل على تقليلها بالمتوسط كي تعلم بأنه قادر على الفتور واللا مبالاه !! ، دخل المرحاض كي يبدل ملابسه , في حين  مسحت هي وجهها بإنفعالٍ من ما فعله مره ثانية عليها  ، أخذت عباءتها المختلفه  هذه المره  كي ترتديها لتهبط إلى أسفل مع حجابها كي تضعه علي رأسها ، وإستطاعت بأن تغير حالها مائة وثمانون درجة ، لا تعلم بأنه هو الذي قصد فعل ذلك ليخرج شراستها كي تغفل عن الحزن والدموع المرهقين لها وله وللجو بالسلبية هذه !! 



_"  يا أنا يا إنت !!"



خرجت الكلمات من شخصها الشرس المنفعل بفكرة رفضها مره أخرى ، يرد لها الرفض؟؟ ولكن ما فعلته هذه كان ٱخر تماماً عن ذلك ، جرح ، يعد جرح بشموخ رجولته وهي تعلم ذلك تمام العلم. وان لم تعلم لما فعلت كل ذلك مما يوحي بالأسف والندم!! ،  نظرت  نحو باب المرحاض ، وهي تتوجه على عجالة من امرها كي تحكم الحجاب كي تهبط بسرعه قاصدة عدم الإستئذان منه ، أغمضت عينيها بقوةٍ وانهزام عندما وجدته يفتح الباب مرتدياً  بنطال رياضي وستره مماثله له ، اغلق سحاب سترته بغير إكتراث وهو يلاحظ سرعتها التي هدأت  في الحركه ، رمي لها نظره هادئه وهو يتخطاها مردداً بغير اهتمام دون النظر لها :




        
          
                
_" براحة على نفسك بس .. ياريت بعد كل الاستعجال ده شعرك ميبانش !'



تصنعت عدم الإستماع له وهي تنتهي لٱخر حركة بحجابها ثم ، إلتفتت لتخرج بعيداً. عنه فلاحظ هو فتح سحاب عباءتها المختلفه هذه وقاطع سيرها بكلمته :



_" إستني !"



وقفت بنفاد صبرٍ ، فوجدته يتوجه ليقف أمامها وهو يتحدث لينبهها لشئ :



_" هتمشي والسوسته مفتوحه وضهرك باين كده ؟!"



_" مخدتش بالي وملكش دعوه !!"



رفعت يديها  خلف ظهرها بطريقة مضحكة كي لا تطلب مساعدته ،  تزامناً مع رده المتبجح :



_"انتي كده مبتقفليهاش إنتي كده عندك جرب!!"



نظرت له وهي تقلب عينيها بمللٍ ثم حاولت السير لتتخطاه كي تقوم بتغيرها لٱخرى مع ردها المتبحح المماثل له :



_" ملكش دعوه بردو ، ولو ٱخر واحد فمش هخليك تقفلهالي مش من قلة اللبس يعني!!"



أمسك معصمها ولاق إستحسانه ما تفعله من لعبة قط وفأر لا مانع إذن ، أدرارها بذراعه وهي تحاول أن تنفلت من أسفل يديه، فكتف يديها خلف ظهرها بكفه ومن ثم رفع بالٱخر السحاب الطويل إلى أن أغلفها. فمال من خلفها بوجهه للأمام حتى أهبط رأسه وقبل إحدى وجنتيها تزامناً مع رده الوقح :



_" أنا لو عايز حاجة باخدها بس بمزاجي !"



دفعته عنها وهي تتركه وتترك الغرفه بأكملها ، فإبتسم وهو يتفحص بعينيه  مكان الهاتف تزامناً مع همسه لنفسه بيأسٍ منها  :



_" مجنونة!!!"



وهكذا الحال الذي إنقلب سريعاً من وجع لـ مراوغه ومشاكسة كانت بدايتها من ما تعمد فعله معها كي يظهر كل ذلك ، بيديه حل الأمور وكبريائه  منعه مثلها تماماً في تخطي الأمر بهذه السهولة ، حتى تيقن وعلم بٱن لا مانع من تجربة  هذه اللعبه بينهما إلى أن يلين عقلها بنضجٍ شامل هادئ ليس تحت أي تأثير ، مثله هو الٱخر !!



____________________________________________



بعدما تركتهما قبل وقت هبطت تجلس في شقة "عايدة" مع النساء ،  منتظرين هذه المره قدوم "حنان" والدة "عز" الذي لم يكن موجوداً هو الٱخر ، ورغم ان اليوم حنة العروس ، لكن  كان هناك  اختبار توجب الذهاب  إليه ، ولأنها حنه صغيره فكان الجميع بحياته  العملية عادية !! ، فقط الأقارب أي العائلة وبعض الأصدقاء في المساء ، وقفت "عايدة" مع "دلال" وجلست "سُمية" بشرودٍ لحالة ابنتها هذه ، في حين فتحت "فريدة" محل الورد في الأسفل  وكانت "وسام" تذاكر دروسها ، تنفست بصوتٍ عالٍ حتى شعرت باحداهن تجلس بجانبها بإنهاكٍ. فدرات "سمية" وجهها حتى وجدت "دلال" تبتسم لها بحبٍ وهي تربت علي كفها مع قولها الحاني لها:




        
          
                
_" مالك يا سُمية سرحانه فـ ايه كده !!!"



زفرت "سمية" بصوتٍ وهي تتنهد ثم نفت تحرك رأسها وهي تجيبها قائلة بنبره هادئه :



_" مفيش مش عارفه البت نيروز مالها كده حالها مش عاجبني!!"



_"مالها كفا الله الشر ,صحيح هي منزلتش ليه ، دا غسان جاي بدري من الشغل اوي وقولت هيجيبها وينزل !!"



قالتها بإستفهامٍ فوجدت الجهل يرتسم على ملامحها او ربما هي من تعمدت فعل ذلك كي لا تثير الحديث والثرثره على ابنتها ، وجدتها تضع يديها مره ٱخرى لتربت علي ساقها وهي تبتسم لها بإطمئنانٍ مردده :



_"وحتى لو ..متقلقيش طالما غسان معاها يبقي هتبقي زي الفل !!"



إبتسمت لها "سمية" بلطفٍ ثم شاكستها بقولها :



_" والله ما باين لكلامك ملامح ،  حاسة ان في بينهم مشاكل!!"



_" يختي محدش بيسلم من المشاكل ، كنت الاول ممكن أشغل بالي ، الوقتي لو حامد عرف حاجة زي دي يحذرني  ويزعقلي ويقولي ملكيش دعوه هم أحرار مع بعض ويمكن دي الحاجة اللي مخلياني ساكته مش عارفه ٱتكلم فكرك يعني ٱنا مش واخده بالي من ابني ؟!"



قالتها "دلال" بقلة حيلة ثم واصلت تكمل بثقةٍ وإطمئنان :



_"  بس متقلقيش غسان بيحب نيروز بنتك ،  ابني حنين والله يا سمية وطيب غيرش  بس لما يتعصب ويزعل   الكل ياخد جنب بعيد عنه لحد ما يهدىٰ"



زفرت بصوتٍ مره  أخرى وترقبت ملامحها بلهفةٍ ما أن وجدت"نيروز" تدخل عليهما مبتسمة ، دخلت حتى جلست بجانب "سمية" التي صمتت عن الحديث بما حدث ، فتعمدت "دلال" تركهما مع بعضهما وهي تبتسم لـ "نيروز" ،، فذهبت ناحية المطبخ ، ومن ثم خرج حديث"سمية". الموبخ :



_" نزلتي ليه يا نيروز .؟ كنتي خليكي مرتاحة يا بنتي!!'



_"أنا كويسة يا ماما متقلقيش،. انتي ازاي تنزلي لوحدك من غير ما حد يسندك مصحتنيش ليه ؟!"



لامتها "نيروز" فإبتسمت "سمية", معقبه بنبره هادئة :



_" واهو نزلت وخلاص ، المهم انتي بقيتي أحسن؟!"



لن تترك الفرصه للرد بل سألتها بقلق  مره أخري :



_"..إنتي متخانقه مع جوزك ؟!"



نفت وقبل أن ترد وجدت أصوات متداخله كثيرة عشوائية من بينها صوت "دلال" و"عايدة " وهم يرحبان بحرارة :



_" أدخلي يا فاطمه تعالي ، أدخلي يا حبببتي "



بالفعل كانت "فاطمة " مع صغارها و"بدر" الذي دخل معها مرحباً بهم فلم يراهم منذ يوم واحد ومعه كانت"وردة" التي دخلت مهروله ناحية"سمية" و"نيروز", وهما الأخرتان كانا قد نهضا ليرحبوا بهم بحرارة وحبٍ ..
جلسه جديدة بأشخاص جدد ولكنهم منذ القدم، ربما ذكريات ومودة ستتٱلف بينهم ، خاصةً عند اجتماع العائلة بأكلمها من جديد ، حتى بـ "حامد" الذي دخل سريعاً من باب المنزل مع "وسام" كي يرحبان بمن ٱتو. بعدما علم هو أن "بدر" قد جاء وهناك رجل فالمنزل فـ"حازم" ٱتٍ في الطريق هو و"ياسمين"..، ولم يتوقف القادمين للشقه عندهم بل هبط"غسان" هو الٱخر مرحباً بهم ثم ليجلس مع والده و"بدر" وابنة عمه ومن ثم اللعب مع الصغار بمشاكسة ، الأطفال كثيرة عن المعتاد والبهجة تعود فقط لان اليوم حنة العروس!! العروس التي لم تكن موجوده !!




        
          
                
_____________________________________________



قبل دقائق تردد في الدخول ولكنه وقف تارك البقية يصعدوا ومن ثم وقف هو يأخذ أنفاسه بصوتٍ عالٍ ، اليوم سيبدأ فأول خطوه بنفسه للعمل ، حتى وإن كان عمل يحتاج لعمل ٱخر معه ولكنه سيتعب وهذه هي النقطة الذي يريدها بنفسه ، وقف "ٱدم" ينظر إلى شاشة هاتفه وعندما وجد التأكيد من "غسان". على الذهاب والدخول ، تنفس بعمقٍ  ثم رفع عينيه على لافتة "عودة الوصال" الكبيرة حتى لاحت إبتسامة صغيره علي شفتيه ، عدل ملابسه الفوقية "ياقته" ، ثم بدأ في أول خطواته للسير نحو المحل صاعداً  الدرج الصغير إلى أن دخل  وبحث بعينيه عن "نيروز" فقد علم أن "غسان" ليس موجود بالفعل وسيٱتي بعد قليل للاسفل ، دخل إلى الداخل بذلك المكان الذي يراه هادئ وبشدة ،  جاب عينيه كل شئ وبتلقائية مسك الورود الخارجه عن موضعها بشرودٍ وهو يتعمق ٱكثر إلى أن نظر على بعدٍ وفالبداية إعتقدها هي , إعتقدها "نيروز" حتى تعمد أن يتنحنح ليجلي حنجرته الخشنة كي تلتفت ، وأما عنها فما أن سمعت الصوت إلتفتت معتقدة بأنه زبون ورسمت إبتسامه التي وسرعان ما تلاشت كما وقف هو مشدوهاً بها وبتغيرها الجذري ، كيف؟؟ من تظهر خصلاتها ترتدي   حجاب محكم وملابس طويلة واسعه لا تظهر هذا الجسد التي كانت تتعمد  رسمة بالملابس الضيقه  كي يظهر قوامها الرشيق الأنثوي مما يُعرف عنها بأنها تلفت إنتباه الرجال دائماً بمظهرها حتى وبجسدها وان لم ترتدي ملابس ضيقه ، وهذا ما كان يلتفت له هو كأي شاب في سنة ،، بل والعجيب أنه لم يشعر بشئ سوى بالاعجاب وهذا سره الذي أخفاه بداخله كي لا يخسر صديقه ما أن فاتحه بهذا الموضوع في البداية ورفض بطريقة غير مباشرة !!، كل ذلك لأنها لفتت انتباهه وليس ليشعر بالحب اتجاهها ، طالعها من أعلاها لأسفلها بغير تصديق لم يعلم هو ٱخر التغيرات ولا الذي حدث لها من الأصل!! ،  رمش بٱهدابه وكأنه يري شئ مستحيل ؟؟   على الرغم من أنه تغير ، لما يريد التغير وحده ؟، إبتلع ريقه وهو يسألها بغير وعي:



_" هو أنا دخلت مكان غلط ؟!"



علمت مخزي سؤاله ومظهره يذكرها بشقيقها لذا يُثار شراستها بغير سبب محدد له  ، علمت  ما يريد قوله  ،، فحدجته بقوةٍ وهي تسأله بجديةٌ بالغه :



_" قصدك ايه؟!!"



وقف "آدم" ولم ينبس بأي حرف ، بل ابتسم بجرأةٌ وهو يسألها بوضوحٍ دون المرواغه :



_"قصدي  ايه التغيير ده ؟!"



تحلت "فريدة" بالصبر وهي تزفر بصوتٍ ثم إعتدلت تسير كي تقف بمواجهته تزامناً مع ردها الجامد :



_"أظن دي حاجة ملكش الحق  انك تسأل فيها !!"



رفع عينيه يقابل عينيها القوية ، مازلت هذه النظرة  تلازمها مهما فعلت ومهما تغيرت ، حرك رأسه متحلياً بالتجاهل الزائف ومن ثم نظر  على الورود والمكان هاتفاً بإهتمام وهو يعود ينظر لها برأسه :




        
          
                
_"  المفروض يعني بيقولوا إني هشتغل هنا !!"



_". ٱه ..للأسف بس مكنتش ٱعرف انك هتيجي بالسرعه دي!!"



قالتها بضيقٍ ظاهر على ملامحها ، فعقد ما بين حاجبيه بغرابةٍ من إسلوبها الفظ هذا وهو لم يفعل لها شئ ، إعتدل مشيراً بيديه كي تنتبه له تزامناً مع قوله المتبجح  :



_"ٱظن وشنا هيبقي فوش بعض علطول ، فياريت لو متدايقه مني فحاجة متقوليهاش وابعدي  !!"



_" أنا مقصدتش أنفعل عليك يا بني ٱدم انت ،. أنا هاديه خالص ، ولو سمحت إتكلم  معايا بإسلوب ٱحسن عشان انا قادرة اتكلم معاك أوحش من كده بس ساكتين عشان ربنا اللي بيهدي !!"



قالتها بغيظٍ فنظر لها متشككاً هو يحرك رأسه بسخريةٍ مردداً. بتهكمٍ :



_"ٱه ما انا عارف الأوحش ده ،هتقوليلي!!!"



_"إنت قليل الأدب !!"
 
حرك رأسه مؤكداً. وهو يتخطاها مردداً بإختصار بارد :



_"حصل ."



ودت لو تأخذ إحدي الزهريات كي تكسرها على رأسه ، ذلك المتبحح تعلمه منذ زمن ، وما يثير ضيقها أنه يذكرها بشقيقها وبقوه !! ،  علم ما مهمته فبدأ بفعل ما يراه ناقص بالمكان بالفعل ، وهو يرفع ساعديه منظفاً مكان معين من الأتربه بحامل معين حتى إنتهى وهو يعتدل ليستقيم  فوجدها تقف خلفه ، فمد ذراعه لها بحامل الأتربه وهو يقول بفظاظة  :



_" خدي ارميها وتعالي يلا  !!"



فتحت عينيها على وسعها من تبجحه ذلك ، تعلم بأنه قصد فعلها كي يردها لها ، والمعهود منها والثابت بشخصها القديم أنها دفعت ما بيديه يقع أرضاً ، فقد إعتبرتها إهانه منه ، لم يتفاجئ  بل وجدها تردد بإنفعالٍ :



_"انت مجنون ؟ ولا مفكرني شغاله عندك.. فوق شويه !!"



حرك رأسه ينظر على ما وقع أرضاً بملامح خالية من التعابير ، ثم حرك عينيه نحو عينيها الجامده ومن ثم خرج حديثه المهدد المبطن لها :



_" شوفي..لو كان الشغل دا مش على هوايا ..فأنا هقعد فيها لحد ما أطفشك منها ، واللي عندك اعمليه يا فريدة !!!"



أردف إسمها ببطئٍ ، فإنفعلت أكثر وهي ترد عليه بغيظٍ :



_" متقولش إسمي كده واحترم نفسك انت مش هتهددني !!"



_" عايزاني أقولك ايه ؟ فوفو؟ ولا فوفه ؟ ولا ٱنسه فريدة ؟"



قالها بتفكير ٍ وهو يبتسم بلين ، وعند الكلمة الاخيره التي قالها بعفوية ، نزلت عليها بقسوةٍ  لا يعرفها هو ، حاولت أن تتماسك فعاد هو يشرح بضميرٍ وكأن الٱمر هام :



_" بصي ..فوفو دي بتاعت العيال التوتو ، وفوفه بتاعت اللي عايزين مصلحة  وكلمة تقيله ، وٱنسة فريدة دي بتاعت المحترمين ..أنا اه ربنا هداني وبحاول أكون محترم بس العرق دساس واللي فيه طبع مابيتغيريش، بس الحلال حلال والحرام حرام ..لو حرام أقولك فريدة بس يبقي متكررش تاني يستي !!"




        
          
                
حدجته ببلاهه ، فقد زاد بروده عن المعتاد ، نظرت له بتشككٍ وضجرٍ ظهر علي ملامحها بشدةٍ ثم سألته بتبجحٍ وكأنها لا تسبه للتو :



_"علفكرة انت مستفز جداً "



_" حصل !!"



أيدها بصراحةٍ شديدة وهو يعود يندمج  بعمله من المفترض ، فضغطت على فكها بضغطٌ حتى كادت أن تتحرك  ولكن قاطعها نبرته وهو منحني مردداً لها بتذكرٍ :



_" اللي بيوقع حاجة بيشيلها تاني وينضف وراه ، متنسيش !!"



الٱن هو منحني وهي أعلى منه ماذا لو دفعته بساقها؟ ، نفضت أفكارها المضحكة الشريره ، وقفت بمكانها صامته فجاءها صوته الموبخ لها بهدوء:



_" علفكرة احنا كده مش هنعمر مع بعض !!"



_" قال يعني انا نفسي !!"



رددتها بتهكمٍ  فاعتدل واقفاً يضع ما بيديه مكانه دون النظر لها مع رده الجرئ :



_" بس انا نفسي !!"



لم تتفاجئ من عبث شخص مثله ، ولم تتفاجئ ان حدث شئ غير ذلك ، تنفست بصوتٍ وهي ترد بصوتٍ مرتفع:



_" إسمع !! إنت تلزم حدودك هنا معايا فاهم ولا مش فاهم يا بتاع انتَ !!"



_" ٱدم ..معاكي  ٱدم !!"



دخل على هذه الأصوات "غسان" الذي هبط ، ودخل وما ان دخل علي قولها ورده الٱخير ، ردد بإستفهامٍ مستنكر :



_" هو في ايه ؟!"



طالعه "ٱدم" بإبتسامة هادئه غير عابئاً برد الٱخرى المنفعل للٱخر وهي تقول :



_" لو هيشتغل هنا يبقي يجي وهو عارف انه لازم يلزم حدوده ويبطل يبقي مستفز !!"



رجعت كي تقف لمكانها الٱول ثم تركته واقفاً ينظر على أثرها بإبتسامة وعندما رحلت فلتت منه ضحكة خفيفه محركاً رأسه بيأسٍ. إلى أن وجد نظرات "غسان" له محاصره ومواجهه له بقوة ومن ثم ٱتى الحديث الجاد منه له :



_"أنا جايبك هنا ي ٱدم عشان تشتغل وتشوف نفسك وحياتك مش عشان اللي جه فدماغي ولدماغك دلوقتي حالا ً ، لو ناويها  كده من الأول يبقي بالسلامة سامعني ولا اعيدلك تاني !!"



لم يستنكر طريقته المتبجحه ولأنه يقاربه في الطباع بقلة. ،ترك ما بيديه متذمراً بإعتراض :



_'' انت هتذلني  طب ما انا امشي عادي ايه اللي هيحصل يعني وبعدين أنا معملتش ولا قولت ليها و لا محتاج أبررلك أصلاً. ، أنا لو عايز اللي. فدماغي ودماغك كنت خدته من بدري !!"



_"مكنتش مستني الرد ده ،. لو راجل بقا إبقى أخرج من المحل ده وعارضني وعارض أخوك من تاني ،!!"



_" انت عارف اني ممكن اعملها  عادي بس انا ببدأ صفحة جديدة !!"



طالعه "غسان". بنفاذ صبر حتى رد عليه حديثه بـ :




        
          
                
_" أنا مبتهددش  يا حبيب أخوك ..ففكر فنفسك واعقل  وملكش دعوه بـ "فريدة" ،  ومن أولها كده متمشيش ورا اللي انت عايزة من غير ما تفهم حاجة .. دا كل اللي عندي ليك دلوقتي وتفهم زي ما تفهمها بقا ..و عايز تمشي الباب يفوت جمل وجبل كمان مبتقفش على حد !!"



قالها "غسان" بحزمٍ ، فوجدته برمقه بجمودٍ ثم تخطاه منحنياً ليكمل ما يفعله ، إبتسم "غسان" خلسة عليه وعلى رد فعله الهادئ المضطر لبدء حياة جديدة بالفعل ، بينما توجه هو بخطوات ثابته ناحيتها وهي تجلس من على بعدٍ ، حينها وقف ناظراً إليها وفي هذه اللحظة تذكرت لقبه التلقائي والذي  أتى وضغط على جرحها وبقوه ، أحقاً كانت تستحق ما حدث لها ؟ تسأل نفسها بقهرٍ وحسرةٍ وكسره كبري وهذا هو حالها ولكن الٱن وجدت ضغط بمجرد كلمة فهبطت دموعها في العلن!!! ، وجدته يتنحنح يجلي حنجرته كي تنتبه ،. مسحت دموعها سريعًا. وهي تعتدل ثم سمعته يسألها بلين وترقب:



_" لو قالك حاجه ..أي حاجة دايقتك تعالى قوليلي !!"



وقف بصفها دون أن يعلم بأنها هي من كانت أشرس منه ؟ أو هكذا تخمن هي ، يعلم هو بأنها ليست هينة لذا اختارها تقف بعمل كهذا ، ستستطيع مسك زمام الٱمور حتى عن "نيروز" نفسها ، توترت بالخفاء ثم تنفست بعمقٍ وهي ترسم إبتسامة هادئه تنفي ما يفهمه :



_"لا أبدا. مفيش ..حصل خير ..هو بس يلزم حدوده وكل حاجه هتبقي تمام !!"



زفر "غسان" وهو يومأ  لها برأسه ثم عاد ينظر ناحية "آدم " الذي إنشغل فيما يفعله وعندما حاول النهوض بعدما كان منحني اصطدمت رأسه بخشب السور الخشبي الموضوع حتى تأوى بصوتٍ وهو يمسك رأسه ، فكبت "غسان" ضحكته كما ضحكت "فريدة" بصوتٍ جعله ينظر لها بحدةٍ محذرها بنظراته الجامدة المغتاظة ، في حين أشار "غسان" لها ناحية رأسه من ما يعني أنه يرسل لها بأن الٱخر مختل عقلياً فحركت رأسها تؤيد مع كبتها لضحكتها ، فعاد يردد هو من على بُعدٍ بتبجحٍ صريح هذه المره :



_" هزي راسك  كمان ..محدش تعبان فمخه هنا غيرك عشان تكوني  عارفه!!"



إغتاظت منه من جديد حتى بدأت في السير ناحيته بغضبٍ ،. فقاطع "غسان" سيرها وهو يقف بطوله أمامها كي لا تستطيع السير ثم حذرها بنظراته غامزاً يحثها على الصبر :



_" سيبك منه ، وارجعي مكانك !"



وجدت الآصرار في نبرته فتحركت بعدما رمت للٱخر نظرة حادة ، فالتفت "غسان" ينظر له فوجد عينيه مترصده نحوها هي وهي تقف من على بعد بالمكان التي كانت تقف هي به ، وحرب النظرات تبدأ بين طرف شرس وٱخر بارد متبجح بطريقة هادئه تجعل من أمامه يستشيط غضباً ، خرج"غسان" بعدما إلتفت وهو يبتسم بشرودٍ ولاق إستحسانه ما حدث من عبث بين الطرفين ،  وسأل نفسه ما هو القادم وبالأخص مع"ٱدم" الذي يجهل كل الجهل عن ما حدث لها ، ومن ناحية ٱخرى سبب لذلك ٱنه قطع اي صلة كان تربطة بـ "شريف " ولكن عقله مازال منشغلاً بـ "حسن" بأين هو وكيف حاله ، المرعب بأنه ان عاد له مجدداً فسيعود معه لما كان عليه وهذه نقطة تقف بطريقه بين إهتمامه به وتعمده للتجاهل  كي يبدأ حياة جديدة نظيفه!!!!




        
          
                
___________________________________________



بعدما خرجت من الإختبار وكان هو ينتظرها ذهبا معاً إلى المستشفي حيث "فرح" ، كانت معها في الغرفة  كما كان "عز"  و"والدته" التي كانت موجوده من وقت مبكر ، كان جالساً. ممسك كفها بحنوٍ وهو يتطلع إلى ملامحها بينما ينصت بإهتمام لـ "جميلة" وهي تجلس على حافة الفراش  ممسكة بيديها بحبٍ. وهي تردد بشغفٍ :



_"أنا عارفه إنك مبسوطة عشاني ٱوي علفكرة ، وأنا كمان مبسوطة كنت هتبسط اكتر لما كنتي تبقي معايا فيوم زي دا ، بس زي ما اتفقت معاكي هتبقي معايا لحظة بلحظة علي التليفون ، هرن عليكي فيديو كول وهتحضري كل حاجه وانتي قاعده ، أنا فرحانه أوي علشان بيقولوا ان في تحسن ، ٱنا فخورة بيكي  ٱوي عشان بتمري بكل ده ، يس حاولي تنسي اللي فات وساعدي نفسك لو بتحبيني وبتحبي عز وماما حنان..!"



توقفت "جميلة" عن الحديث فوجدتها تنظر لها ، وكان "عز" ينتظر بشوقٍ على ان تتحدث ولم تفعل ككل مره ، بينما كانت "حنان" تكتم دموعها تتظاهر بالتماسك مؤقتاً. ، في حين أكملت "جميلة" وهى تسرد عليها بحماسٍ وشغف :



_"  بجد مش هتصدقي إن انا عروسه أنا ومنة وروحنا الإمتحان ، كان امتحان بايخ أوي ، فاكره ؟ فاكرة لما كنا بنخرج من الامتحانات وتقعدي تعيطي شويه وأنا شويه ، كنت ببقي خايفه ومتوتره وكنت بقرفك معايا أوي، بس دلوقتي بقيت بخرج وحتي لو مش واثقه ان حليت كويس بس ببقي خارجه مطمنة .. احساس الاطمئنان والأمان بقا ملازمني عشان  "عز" معايا وواقف جنبي ، بحس اني مفيش زيي وهو بيقولي إغلطي براحتك وكأنه يعني عميد الكلية !!"



أثارت كلماتها ضحكتهم بصوتٍ وابتسمت "فرح" فقط ، فضحكت"جميلة" معهم وحينها واصل "عز" رداً عليها :



_" يبقي عيب منكم تقلقوا وجنبكم "عز" دا مش كلام !!"



_"واحلى عز يا حبيبي..  الكل يتمناك يا حبيب أمك اومال ايه راجل ومحدش يقلق وانت جنبه أبداً !!"



عظمت به بمرحٍ وعفوية ، فضحك "عز" بصوتٍ عالٍ وهو يغمز لـ "جميلة" مردداً بعبثٍ :



_" ايه رايك ..الكل يتمناني مش كده !!"



_" يا خويا بتلعب علي غيرة مين ..هي كده كده واقعه فيك وبتحبك وباين فعنيها ..ياما نفسي تفرحوا بقا وتقوميلنا يا فرح بألف سلامه !!"



رددت حديثها مره ٱخرى أوله مشاكسة وٱخره تمني بحزنٍ ورجاء ،. خجلت"جميلة" من تصريحها هذا ، وتعمد "عز" عدم الضغط علي حديث والدته أمام "فرح" فعاد  يوكز كف "فرح " بخفةٍ وهو يردد لها بمشاكسة كي تشارك ولو بالنظرات :



_"ايه رايك يا فرح ، أخوكي يتحب بردو صح ؟ بصيلها أزغريلها بيني كده انك غيرانه عليا ، لاحسن ٱنا حاسس بقا إن انا غلبان ومليش حد !!"



قال حديثه بدراما ، فرفعت "فرح " ذراعها لتحتضنه وتفاجئوا من فعلتها كما تفاجئ من حوله ،، ضمها بلهفةٍ فأسندت رأسها على كتفه بأمانٍ وكأنها  ترسل له رساله مكشوفه. بأنه غالٍ عليها وبشدة ، في حين قلبت "جميلة", الحوار لمرحٍ وهي تقول بضجر زائف :




        
          
                
_"انتوا هتعملوا علي رباطيه  بقا؟ أنا كده أخاف اجي البيت واتجوز مش هلاقي حد فصفي !!"



قالتها بدراما مماثله ، فتحركت "فرح". تنظر ناحيتها بابتسامه باهته ،فردت "حنان " عليها بلهفةٍ كبرى :



_"مين دا اللي مش هتلاقي حد فصفك وأنا روحت فين يا بت يا جميلة ، ليكي عندي لو  عز ابني غلطلك وداسلك على طرف هعرفهولك ، يعني   هيكبر علي أمه!"



ضحكت بقوةٍ وهي ترمق "عز" بشماته فتنحنح "عز" يحذرها بطريقة زائفه مرحة بالجديه المغشوشه :



_" خدي بالك ، انتي بتضيعي الهيبه يا أم عز كده !!"



ضحكت"حنان" وهي تحاوطهم بنظراتها بدفء وحب ، تتمني أن تجتمع به بحال افضل وان ترى عوض "عز " كما تتمني أن تحمل أطفاله بأقرب وقت كي يعم منزلها البهجة التي لم تزوره من فتره كبيره ، دائماً ماكان السكون يحل محلهم !! ، إعتدلت "فرح" في جلستها وهي تتنفس بعمقٍ ولأول مره منذ فتره كبيره تستطع أن تأخذ أنفاسها بهذه الراحة ربما لانها لا تحمل هم او ذنب أحدهم الٱن ؟ ، طالعتها "حنان" بتمعن ، في حين وزع "عز" نظراته بينهن ، ثم ثبتها على "جميلة" ودموعها العالقه بعينيها شفقتاً وحزناً على حال "فرح" ، لامس قلبه كل ما تفعله ،  بداية من رغبتها العارمه في ان تضحي بسعادتها لاجله وأجل حزنه ، دموعها وقلبها اللين الرقيق ودموعها الدافئه ولين قلبها كما كانت لينه في المعامله ، خجلها الزائد عن حده بهذا الزمن الغريب الذي رأى به مختلف الأشكال والألوان من البشر وطباعهم ، كل شئ بها مختلف ،، وشعور الراحة منه لها وعند وجودها وإختيارها دائماً لا يفارقه لا يفارقه فخره بنفسه عندما اختار واحدة مثلها هي ، هي التي تعتبر فريدة من نوعها ،  عينيها ..ملامحها ..خصلاتها الذي يتمني رؤيتها بشغفٍ ود لو يطلب منها هذا ولكنه صمت كي لا تهابه ، افكارة كرجل عبثي ، بما يريده بمشاكسةٍ  طفيقه يوترها ،يوترها ويخجلها أقل شئ يفعله هو ، لا ينكر بأن هذا الخجل لاق استحسانه وبقوه ،  احمرت وجنتيها عندما وجدته شارداً بها كمن ثبت ليلتقط له أحدهم صورة وهو هائما. بها بهذه الطريقه ، تنحنت تشير بيديها أمام وجهه وهي تقول :



_" عز انت معانا؟؟ بقولك الزياره وقتها انتهي ، يلا قوم ودعها عشان نخرج!!"



بالفعل خرج من شروده ونظر تجاه شقيقته فوجد "والدته", تحتضنها بالوداع ، نهضت "جميلة" تجلب هاتف"فرح" تضعه بين كفيها ثم قالت لها بابتسامة واسعه قبل أن تحتضنها وتعتدل لتخرج:



_" متنسيش تفتحي عليا.. علشان احس انك معايا.. انتي فارقالي أوي يا فرح ووجودك فارق معايا..أنا بحبك اوي !!"



كانت هذه جملتها بعدها إحتضنتها بحبٍ فرفعت"فرح" يديها تمررها علي ظهر"جميلة " ، ووقف "عز" منحنياً كي يقبل قمة رأسها ومن ثم  إحدي وجنتيها برفق وهو ينظر نحو ملامحها الباهته حتى قال بتحشرجٍ :




        
          
                
_"هستناكي يا فرح ، هفضل مستني تكوني بخير وعمري ما همل ، خلي بالك من نفسك ، مش هتأخر عليكي ، عز الرجال ملوش غيرك يا بنت حنان فرحيه بقا  وحاولي تردي وتكوني. كويسه !!"



ابتسمت له بهدوءٍ فعانقها هو وهو يشدد في عانقها ، وعندما لاحظ خروجهما ، وقف معتدلاً كي يسير ، وسرعان ما وقف متصنعاً التذكر وهو يسألها :



_"زعلان إنك مش هتختاريلي لبسي النهارده  ، بس أنا هقولك !!"



وقف معتدلاً ثم إقترب يردد بتساؤل وكأنه يشاركها أدق تفاصيله :



_" البس قميص إبيض  على بنطلون بيچ  ولا ألبس بنطلون إسود  وقميص أبيض؟؟"



سألها باهتمامٍ وهو يبتسم وعقب ما ابتسم وقف منتظرًا. ثم قال مره ٱخرى يخيرها :



_"الأول ولا التاني ؛ شاوريلي بآيدك وهعتمد علطول يلا !!"



توسعت بسمتها هذه المره، وحركت كفها ببطئ وهي ترفع  إصبعها السبابه مما يعني الاختيار رقم واحد ، ضحك بخفةٍ ثم أشار نحو عينيه مردداً بسعادةٍ :



_" خلاص اعتمدنا الكلام .. هبعتلك صورتي أول ما أجهز عشان تكوني أول واحده تشوفيني ..ماشي؟"



حركت رأسها إيجاباً فأشار لها بالوداع ورغم ان اختيارها مثل"جميلة" ولكنه لم يردد ذلك بل ود ليشعرها بأنها تختلف عنهن عنده هو. بأنها قريبه لقلبه قبلها ، حدسة  يحثه بأن ثمة شعور لديها بالغيره الطفيفه يداهمها ربما لانها بعيد والأخرى الأقرب ولكنه عمل على  زوال ذلك الشعور حتى وان كان غير مؤذي لأحد !!!



___________________________________________



بينما في شقة "عايدة" الٱن وبعد مرور وقت ، جلس الشباب مع بعضهم حتى بعدما جاء "حازم" مع "ياسمين" ، وقفت النساء في المطبخ وإنخرطت "فاطمة" في الحديث معهن بحبٍ وتلقائية ، في حين جلست"نيروز" معهم تستمع فقط دون حديث وتاره تلاعب "يامن" بسعادة من روؤيته يضحك وسط الأطفال ، على بُعدٍ منهم كانت جلسة الشباب مع"حامد" هو الٱخر ، وعينيها هي لا تفارقه تاره تنظر له بشوق وتاره أخرى تحدجة بحدةٍ لا تعلم من أين أتت ولكنه يعلم بأن عنادها ليس له مثيل ،  كانت "ياسمين" تتحدث مع "فاطمة"  ، وذهبت "وردة" هي الأخرى إلى المطبخ ، وكان من بين الشباب "شادي" الذي أتي هو الٱخر ..



إقترب موعد الغداء ولم تأتى "جميلة" بعد هي و"عز" ووالدته ، و"فريدة" هي الأخرى مازالت في الأسفل ، او هكذا يعتقدون ، بل هي الٱن أغلفت المحل بالفعل قبل أن تقف هي وهو أمام المصعد ، سرق النظر إليها فوجدها تقف صامته ،فعاد ينتظر المصعد بينما تفاجئ من قولها الجرئ مره واحده بإندفاع دون مبررات  :



_"  لو سمحت متركبش معايا الاسانسير ، شوف التاني او اطلع على رجلك ، أنا مش هدي الأمان لواحد زيك !!"




        
          
                
تلك الجريئه المتبجحه بطباعها الثابته ، لم يتفاجئ "ٱدم" بل ظل واقفاً متنظراً المصعد  دون ان ينظر إليها وتزامناً مع ذلك إشارته لها بغير إكتراث عندما قال بوقاحةٍ  :



_" قال يعني وانتي الملفته اوي ، اتلهي!!"



فتحت عينيها من وقاحته، وكان كاذباً بهذه الجمله ، ملفته حتى وان استقامت واعتدلت بملابسها وهذا ما يثير حيرته بها ، ضغطت على فكها ثم دارت رأسها تحدجه بغضبٍ مردده بتعنيفٍ :



_" علفكرة انت قليل الأدب ومتربتش !"



_"حصل"



ودت لو ترفع يديها تصفعه الٱن من هذا البرود ، وقبل أن ترد من بين سهام نظراتها وجدت "جميلة" تدخل عليهما هي و"عز" و"حنان" ، دارت وجهها ناحية "جميلة", فابتسمت بلهفه سريعا. تزامناً. مع ترحيب "عز"لـ",ٱدم" ، فسألتها "جميلة" التي لاحظت تهجم ملامحها:



_"  مالك كده في ايه ؟"



حدجت"ٱدم" بقوه ثم عادت تنظر لها وهي تقول بجدية بالغه امتزجت بحدتها في الرد رغماً عنها :



_" مفيش !"



_"فيه ان الآنسة فريدة  مش عايزاني أركب معاها الأسانسير مع إني والله مل بعُضّ ومتوضي كمان "



قالها "ٱدم" بإستفزاز ، فتوترت ملامحها عند هذا اللقب  مجدداً ، وصمتت "حنان" بتفهمٍ مع نظرات "عز" المهزوزه ناحية "جميلة" التي وضعت يديها. على كتف "فريدة" برفقٍ ثم نظرت ناحيته متمتمه بأسفٍ :



_" معلش ..متقصدش اللي انت فهمته!!"



_" انتي بتتأسفيله على ايه ، دا بني آدم قليل الادب!!"



قالتها "فريدة" بانفعالٍ ، فتصنع "آدم " البراءه وهو ينظر وكأنه يشهدهم على اسلوبها وقبل أن يرد أحد ، هتف "عز" عالياً ينهي هذا :



_" خلاص  حصل خير ، تعالى ي ٱدم نطلع إحنا على السلم لان التاني مشغول وهم هيطلعوا فـ ده  وخلاص !"



قالها عندما لاحظ فتحه ٱخيراً ، ركبن  به ، تزامناً مع صعود "عز"و"ٱدم" على السُلم !! ، وبعد مرور لحظات وصل المصعد وخرجت "فريدة" بغيظٍ مع "جميلة" مستمعين لحديث "حنان" لها وهي تبتسم لـها :



_" براحة با بنتي ، الحياه مبيتاخدش كل حاجه فيها قفش كده حتى علشان نفسك !!"



نظرت لها "فريدة"  وهي صامته تحت ضحكات "جميلة" المكبوته ، فحدجتها "فريدة" بغيظٍ فقد قصت المختصر ومنذ لحظات تضحك بخفوتٍ :



_" انتِ بتضحكي علي ايه!!"



_" طب والله دمه خفيف!!"



قالتها "جميلة" بضحكٍ ، فلاحظت ظهور "عز"و"ٱدم" ، فخرجت كلمة "فريدة" وهي تطالعه بسخطٍ :




        
          
                
_" دا يلطش !!"



لاحظ "عز" شراستها ومقارنة بـ "جميلة"  فسيحمد ربه عليها فالحال !! ، إعتلت الضحكات ودقت "جميلة" على الباب بيأسٍ منها وهي تضحك ، فنظر "ٱدم" لها بكيدٍ وهو واقف بجانبها ينتظر فتح الباب وعلى سهوه دون إنتباه انحنى  يهمس لها وهو واقف بجانبها :



_" براحة على نفسك بس  أصل يطق لك عرق!!"



لم يعطها من فتح الباب فرصه للرد ، بل فتحه "حازم" ورحب بالجميع بحرارة وهم يدلفوا إلى الداخل ،حتى انخرطوا في الحديث !! ،  وجلست "جميلة" بجانب "نيروز" التي شاكستها بغمزة مرحة هادئه :



_" الحب بينور!!"



رمقتها "جميلة" بمللٍ ثم ضحكت بإنهزام وهي تؤيد ، في حين جلست"فريدة" بغيظٍ بجانب "وسام" التي رمقتها بغرابةٍ من حالها هذا ، وقبل أن تسأل سمعوا صوت ضحكات الشباب عالياً ومعهم ضحكة "آدم" الذي نظر بعشوائية فتقابلت عينيه معها ، فحركت هي عينيها ببطئٍ مع نظرتها الجامدة ، فإبتسم هو بإصفرارٍ ، وكان يجلس بجانبه "عز" الذي مال يهمس لـ "غسان" بضحكٍ يعلمه ما لا يتوقع أنه لم يعلمه :



_" انت كنت فين دا كان في عاركة دلوقتي بين ٱدم وفريدة!!"



لم يتفاجئ بل ضحك "غسان" بخفةٍ ثم قال له بغير اهتمام يعلمه بأن هذا أصبح طبيعياً :



_" عدي يا عز ،. لازم  تعدي ي برنس طالما مناسب واحدة من عيلة الأكرمي ، متلاقيش حد هنا سهل..آدم يستاهل يتربي منها ومن لسانها ما اصلها مش سهله وأنا عارف !!"



تفاجئ من حديثه الواثق هذا. وكأنه يقول شئ عادياً ، لم يري من "جميلة" شئ ليس هين إلى الٱن ؟. ربما سيظهر في القادم ؟. ، شرد للحظاتٍ وأخرجه "غسان" بتفهمٍ وهو يضحك :



_"لا متفكرش كتير هنا كلهم  كيدهن عظيم ..!!"



أثار الحديث انتباه "شادي", الجالس بجانبهم ، فرد سريعاً على حديث "غسان" بعفوية:



_'' مفيش ست سهله ي معلم ، إسألني أنا !!"



_"في ست سهله عادي بس لما الراجل يكون فاهم مخارجها ومداخلها كويس ، إركن إنت ..دا احنا هنشوف العجب فيك !!"



قالها "غسان" بضحكٍ ثم عاد يميل ليهمس بجانب إذن"عز", وهو يشاكس الٱخر :



_" شايف الكدمة الزرقا الخفيفه اللي تحت عينه دي ، دي من "منة" خد بالك ، كل يوم بتصبحه بعلقة وتمسيه بعلقة. وجاي يدينا نصايح للستات !!"



قهقه "عز" عالياً بصوتٍ وهو يضرب كف "غسان" الذي ضحك وهو ينظر بكيدٍ  ناحية "شادي" الذي تنحنح بحرجٍ زائف مرددًا. بنبرة تمثيلية :



_" عادي براحتها .!!"



_"إخص على الرجالة !"



هتف بها "آدم " بتقززٍ ، فضحك "غسان"و"عز" هذه المره بصوتٍ عالي مما جعل "حامد" ينتبه لهم هو و"بدر" الذي ضحك علي ضحكهم دون فهم هو و"حازم " ، وكأن الوضع جاد ، ونظرات "آدم " المشمئزه ناحية "شادي" الذي رمقه بغرابةٍ وهو يرد عليه بجدية زائفة :




        
          
                
_" إنت بتبصلي كده ليه يعم انت !!"



تتزايد الضحكات منهما  هما ..اللذان هولا الوضع بتهليل وشر بخبث كلماتهم "غسان"و"عز" ، ظلا ينظران بتسلية ، فرد "آدم " بجدية يشير له بيديه :



_" يجدع الراجل مننا ملوش غير هييته !!"



كبت "غسان" ضحكاته ثم نبس بسخريةٍ مضحكه :



_" شوف مين بيتكلم !!"



ضحك "عز" هذه المره بتفهمٍ لما يلمح له ، فنظر "آدم" بغيظٍ تحت ضحكات الجميع:



_" علفكرة أنا قادر أبعتر كرامتها بس أنا محترم نفسي!!"



فتح "عز" عينيه وهو يغمز له بتحذيرٍ من وجود "حازم" ، فعقد "بدر" حاجبيه وهو يسأله :



_'' هي مين دي ي ٱدم ؟!"



توترت ملامحهم ولأن قول "آدم " عالٍ  سمعته "فريدة" والفتيات اللاوتي لاحظن صوت ضحك الشباب العالي ، والصادم أنها وقفت تنظر بغيظٍ وهي ترد عليهم بوقفتها أمامهم مرددة بجرأه  :



_" أنا !!"



فُتحت الأعين وصدم البعض والبعض الٱخر ينظر بغير فهم ،، وتوترت الملامح ،  عداه هو وهو يشير لها بغير إكتراث مردداً :



_" والله اللي على راسه بطحه بقا !!'



حذره "بدر" وضغط "عز" على كف"ٱدم" كي يصمت في حين سأل"حازم" بجدية:



_''هو في ايه ؟"



_"مفيش يا حازم بيهزروا مع بعض يعم !!"



قالها "بدر" كي ينهي الحوار ، ولأن "ادم " يعتبر في منزله ، فإلتزم الصمت وهو يحدج "فريدة" بحدة  فتراخت وهي  تسير من أمامهم مره أخرى ،. واستطاع"حامد " تخمين الوضع ، وهذه المره حذر "غسان" بنظراته عندما علم بأنه المتسبب في تصعيد الٱمر بهذه الدرجة ، فتخطي جلوس "بدر" بجانبه ثم همس لـ "غسان" بتحذيرٍ :



_" ياريت تعقل شوية  !"



تصنع عدم الإنصات حتى نهض وهو يكبت ضحكاته كي يقف بجانبها هي وهي تنظر له من على بعد ، في حين تحرك "عز". ناحية الشرفه كي يقف بها ليدخن سيجارته براحةٍ كبرى ، وتفاجئ بها تقف بجانبه وهي تردد بيأسٍ تسأله :



_" مش بتفكر تبطلها يا عز ؟!"



لم يثير غرابته هذا السؤال ، بل تنفس بعمقٍ وهو ينفي برأسه بقلة حيلة ،. فأخذتها هي من. بين يديه تطفأها ببطئٍ ، فقال هو بمراوغة :



_"انتي عارفه لو حد غيرك كان هيحصل فيه ايه ؟"



_"ممكن أعرف أنا مين غيري هيتجرأ يقرب منك كده وياخدها من ايدك!"



_" أي حد عايز يخمس معايا فيها ، سهلة !!"



حرك كتفيه ببساطة وهو يرد ، فضحكت هي بخفة ثم ردت عليه بمشاكسةٍ :




        
          
                
_" بس أنا مش عايزه أخمس فيها ، أنا عايزة صحتك تكون كويسه ، إحنا خلاص الغدا هيتحط فملوش لازمة تشربها دلوقتي !!"



وقبل أن يرد  سمع صوت دقات هاتفه في جيب بنطاله فاعتدل يخرجه ،. وما أن ظهر الإسم تأفف بملامحه وتردد في أن يجيب ، ولكنها لاحظت فنظرت بجرأه ناحية الشاشه آلى أن وجدت الاسم ، عقدت ما بين حاجبيها  بتساؤل :



_" مين   مدام أماني دي ؟"



ستبدأ الغيره ؟؟ تنهد "عز" يخرج أنفاسه وهو يرد عليها بنبرة  هادئة  مختصره :



_"  زبونه ليها عربيه إتأخرت في التصليح!!"



_"ومسجلها ليه ؟"



ما هذا السؤال الغريب . رفع حاجبه الأيسر باستنكار ثم رد على حديثها بـ :



_" علشان تعرف هي اتصلحت ولا لا ، وبعدين دي زبونه قديمة معانا من زمان  !!'



قلبت عينيها بصبرٍ وهي تهمهم بثباتٍ مرده بنبره هادئة عكس ردها :



_" عِشره عمر من زمان يعني "



صمت "عز" قليلاً وهو يحرك رأسه بغير وعي  لردها ، فإنقلب الحوار والتعامل لٱخر بارد منها ، فسألها بتلقائية ووضوح:



_", هو انتِ غيرانه ؟"



وقبل أن  ترد عليه وجدت الهاتف يدق مره أخرى بعلوٍ ، فتحدثت  بنبره هادئه تحثه مره أخرى : 



_"  ما ترد  متسيبهاش ترن عليك كتير ولا كأنها  حبييتك مثلاً !!".



تنفس "عز"  بصوتٍ متحلياً بالصبر حتى رد بجمودٍ يخبرها :



_"أنا مليش فـ كده يا جميلة وانتي عارفه كده كويس!!"



فتح الهاتف وفتح مكبر الصوت كما هو معتاد والٱخر كي يثبت لها ، فردت المتصله على الجهه الٱخرى :



_«هاي يا عز»



_«أهلاً يا مدام أماني أخبارك »



_«كويسه يا عز يسلملي سؤالك ، أنا عايزه اعرف العربيه إتصلحت ولا وصلت فيها لحد فين كده  مش تطمني وترن عليا كده وتعرفني ولا انت بقا مش  معتبرني صاحبة ليك ، دا أنا معاك من زمان يعني  يا مان المفروض تبقي جدع معايا وتخلصها بسرعه عشان خاطري عندك حتي! »



أما سمعته صحيح؟؟ ،  لانه لا يري سوي من تقف أمامه لم ينتبه  ٱن هذا الحديث لعوب ، أنثي مثلها من تعلم هذا ، صُدم من تحرك "جميلة"  بصمت وسكون لخارج الشرفه. تتركه.، وهي تتوجه ناحية المطبخ لتعد معهم وترص الطعام على السفره ، رد عليها "عز", بإيجاز واختصار بحجة أنه منشغل بالفعل بهذه الٱيام التي تعد قبل زواجة ، وأغلق الخط بضيقٍ فقد فهمت الٱخرى  بمعني خاطئ وإتضح بأنها ليست من النوع التي تهاجم وتواجه بل تأخذ الانطباع بصمت وتصمت بتجاهل!!!




        
          
                
وأما عنها فهي وهي  تحول الأطباق شردت بأفكارها ، أيمكن أن تكون قد عظمت الوضع والحديث ،. ولكن حدسها كأنثي يشعرها بأن هذه التي ترد عليه بتمايع في الحديث ورقه مبالغ بها ، كل ذلك يثير غيرتها وهي التي لم تستطع فعل ذلك معه ، ايمكن أن يلتفت لها لانه لم يجد ذلك بها ؟؟ ، جلس الجميع على سفرة الطعام الكبيره ملتفين حول بعضهم وكل منهم جلس بجانب من يهمه ، حتى وجدت "جميلة " نفسها جالسه بجانبه بعدما هتف الشباب بإسمه كي يٱتي من الشرفه ، حدجها بنظرات مهتمه ومال يسألها بإستفهام كي يأتي منها الحديث:



_" ممكن افهم مشيتي ليه ؟!"



_" عشان اسيبك براحتك مع مدام أماني!"



قالتها ببساطةٍ وهي تندمج في الطعام ، فرمقها بنفاذ صبر قليل ما يظهر عليه وهو يرد :



_"بلاش الطريقة دي يا جميلة ، مفيش حاجة من اللي فدماغك دي !"



حرك عينيه من عليها مندمجاً في تناول الطعام ، بينما صمتت هي بضيقٍ ،في حين  كانت تجلس "نيروز" بجانب "يوسف" الذي جلس بجانبه "والدته" فأطعمته "نيروز" بحنوٍ وهي تحثه بلهفة على أن يأكل موزعه نظراتها بحبٍ بينه وبين توأمه الٱخر الذي جلس بجانب "ٱدم" الذي كان ينظر لـ"فريدة" بين الحين والٱخر باستفزاز مماثل لها ، مال "غسان" بعدما نظر لها بلطفٍ وهي تهتم برقة بـ الأطفال شفقةً لما علمته عنهم وعن والدهم بمعاملته ، في حين همس هو لها بتهكمٍ :



_" مش لما  تهتمي باللي عندك الأول !"



قالها بمشاكسة مدفونه ، فردت هي بغير إكتراث وهي تبتسم لـ "جنة" حتى عادت تنظر له تزامناً مع قولها:



_" خليك فحالك !"



_" إنتِ حالى!"



رددها "غسان" بلين معهود لم تراه من فتره ، إنهزم  بشوقه لها ولا ينكر ذلك ، لم ينهر نفسه علي جملته بل إنخرط في الطعام كما فعلت هي وهي تتصنع التجاهل ، في حين تحدثت "عايدة" بأسف لـ "شادي" :



_' أنا عزمت منة وباباها بس رفضوا وقالولي هيجوا على الحنه علطول !'



حرك رأسه مبتسماً ثم رد عليها يوضح لها :



_" اصلهم المفروض هيخرجوا مع بعض يتغدوا برا  بعد  الامتحان !!"



تفهمت وتفهمت ٱكثر  حرج "طارق" ، نهضوا واحد تلو الٱخر من على الطعام ، وحولت الفتيات الأطباق ، فوقت "غسان" يساعدهم مع "حازم" وتوجه بقية الشباب ليغتسلوا مع تنظيف "جميلة " المكان بعد الطعام وكنس "وردة" ، ودخول "نيروز" المطبخ معهم كي تساعدهم ، عاد الشباب مره أخرى ، وجلس معهم "عز" الذي حاوط "جميلة" بنظراته وعندما وجدها تجمع مفرش ما من على الأرض للتوجه به ناحية الشرفه نهض خلفها مباشرةً ، في حين جلس "غسان"  بجانبهم مره أخرى ، وتلك المره جلست بعض النساء والفتيات مع الشباب متحدين مع بعضهم بأصوات تعلو بعشوائية في الحديث بكل طرف مع طرف ٱخر غير أطراف ٱخرى !!




        
          
                
بينما في الشرفه إنتفضت هي عندما شعرت بأحدهم خلفها ولا يفصله شئ عنها ، لم تتوقع شخص غيره  شعرت بالحرج وهي تتزحزح تعدل ما بيديها لتضعه علي السور ثم اعتدلت تدفعه عنها برفقٍ كي تقف براحة :



_" لو سمحت إبعد شويه مينفعش كده !"



_" عند عز ينفع !"



قالها وهو  يخرج لفافه من جيبه ليشعلها ، بينما وقفت هي صامته ، فعاد يتحدث بوضوحٍ وتعقلٍ :



_" إتكلمي يا جميلة بكل صراحة وبلاش الطريقه دي معايا ، أنا مش محتاج أقولك ان مفيش حاجه أصلاً تخليكي تعملي   كده !!"



اعتدلت"جميلة" تخرج أنفاسها ببطئٍ ثم قالت بنبره هادئه توبخه بهدوء :



_" دي مش طريقة زبونه عندك يا عز ، إنت مش شايف بتتمايع عليك ازاي؟ وكلامها كله متصنع ، دي بتقولك بالحداقه عايزاك تبقي صاحبها ، صاحبها ازاي يعني مش فاهمه ؟؟؟؟"



أخرجت شراستها الطفيفه بٱخر حديثها ،فآعتدل محاولاً نهي الحوار  وهو يقول بمشاكسةٍ ممسكاً باللفافه بين يديه :



_"صدقيني أنا مش واخد بالي من  مياعة غيرك عليا !!"



توردت وجنتيها من حديثه العفوي المشاكس ، فعاد هو يوضح بابتسامة تسحرها :



_'' مع ان مبشوفش المياعه دي بس مسيرها يعم الجميل !!"



أراد ان يبعد عن الحوار ووضع يديه علي كتفيها موضحاً أكثر بتفهمٍ :



_" والله العظيم يستي ما حد شاغلني غيرك إنتي ، ولا انا لعوب وبتاع بنات عشان عيني تروح كده ولا كده ، العين والقلب بيحبوكي إنتَ يا جميل وربنا  !!"



لانت سريعاً وهي تبتسم له بحبٍ وخجلٍ فعاد هو يتحدث مره أخرى بجديةٍ بالغه :



_" وبعدين أنا فاضي يا بنت الناس للكلام ده عشان أجري ورا الزباين ، طبيعي هلاقي أشكال وألوان فشغلي ، بس شكلك ولونك ثابت عندي مبيتغيرش ، كان فاتني عرفت استغني وبعدت بس مقدرتش ، اي نعم غيرتك حلوه أوي بس يدايقني أشوفك بتبصيلي علي اني  غلطت فحقك مع ان معرفتش أعمل كده ولا هعرف  !!"



خبير .. خبير هو في قول الحديث المعسول وهي العكس تماماً كلما تتأثر تصمت ولكن جاء على خاطرها سؤال   متأثر خائف ٱتى من توترها وفقدان ثقتها بمن حولها خاصةً بعد تجربة والدها في حياتها الطويلة:



_" عز هو إنت ممكن تسيبني؟. ممكن تمل مني ومن حبي.. وتعايرني فيوم؟"



تفاجئ من سؤالها ، ويثير حسرته عدم ثقتها هذه التي ظهرت ، أطفأ ما بيديه بطريقة ملحوظه ثم تنهد وهو يفتح ذراعيه لها على فجأه ، مردداً يحثها :



_'' تعالي!"



ترددت ولكنها دخلت ببن أحضانه فضمها أكثر وهو يتنفس بعمق ثم رد عليها  وصوته يأتي من الخلف بجانب أذنها عندما همس هو لها بحبٍ :




        
          
                
_" عبيط وخايب وميعرفش حاجة اللي يمل ويسيب ويعاير الجمال ،مش هقولك مستحيل بس أنا حاسس إني هفضل أحبك لكتير أوي ، ومش همل ، يمكن عشان دوقت المر فبعدك ومعرفش أبعد وأمل مع ان ساعتها كان أمر واقع من غير أمل..توعديني إنتي متمليش مني ومن العيشه معايا ، وتتحملي حتى لو جه علينا أيام صعبه !!"



خرجت من بين ذراعيه تؤكد برأسها وحينها هتفت بعمقٍ وصراحة :



_" أنا معاك دايماً على المُر قبل الحلو ، معاك طول ما انت مصدر أمان مشوفتوش قبل كده ولا هشوفه غير معاك إنت بس !!"



وبلحظة كهذه تمعن النظر بملامحها الجميله مثل اسمها ، وعندما إقترب برأسه ليقبل إحدي وجنتيها ، إنتفض الإثنان معًا. عندما صرخ  أحدهم يوقف ما يفعلانه :



_"  اقف عـــندك !!"



كان "حازم "  والذي بخفة كبري وقف حاجز بينهما وهو يمسك "عز" من ياقته مردداً بتعنيفٍ :
 
_" انت هتحترم نفسك امته !"



كبتت "جميلة" ضحكتها، فهتف "شادي" وهو يدخل بجانب "غسان" الضاحك:



_" لما يتجوز يا حازم !"



حرك "غسان" رأسه نفياً بيأسٍ من أفعال "حازم" التي تأتي من غيرته رغم ثباته وعقله ، في حين أهبط "عز" يدي "حازم" وهو يرد بثباتٍ :



_"معنديش ميعاد محدد ، بس أوعدك لما احترمها هقولك !"



إحمرت وجنتيها بخجلٍ عندما وجدت نفسها محاصره في الشرفه بينهم. ، فابتسم "عز" لها وهي تهبط عينيها كي تخرج إلى الخارج عندما أفسح لها "بدر"و"ٱدم" المكان بلباقه ، فدخلوا وهم يرون نظرات "حازم" الحانقه لـ "عز" الذي برر له بضجر :



_"،. انا مش فاهم عايز ايه مني . اختك مراتي ..مراتي يا جدع ارحم امي بقا !"



ضحك الشباب حتي "حامد" الذي دخل ، مع قول "غسان" المشاكس له:



_"  حازم مجربش مشاعر. كتب الكتاب ، ملحقش يعيني، مش حاسس بيك يا عز أعذره ، مش زيي ولا زيك معاشش كل ده قدره !"



رمقهم"حازم" بحنقٍ ثم قال بعقلٍ بوبخهم :



_" كنت خاطب مده طويلة بس كنت محترم حتى بعد كتب الكتاب اللي كان فترته قصيره !!"



أشار "ٱدم" بغير إهتمام وهو يرد بوقاحة :



_''انت متربي عشرين مره يا حازم، دا أنا لما أكتب كتابي ههيص وأعيش ، وبص هـ .."



كمم "بدر" فمه بكفه تحت ضحكات الشباب و"حامد"، فرد "عز" بنبره ضاحكة يرد عليه :



_"  حاسك إندمجت يا ٱدم وانت أصلاً لسه سينجل !!"



حمحم بحرجٍ زائف ، فتحدث "بدر" هذه المره بابتسامة هادئه :



_''ايوة..بس عايزين نشوفله عروسه بقا إيه رأيكم ، محدش عنده واحده حلوه كده ليه تشغله !!"




        
          
                
ضحكوا بخفةٍ ، فتعالي صوت "حامد" بتعقلٍ :



_" ومالوا بس يكون قادر يفتح بيت ويشيل مسئولية فعلاً !"



هنا وتحدث "ٱدم" بنبره هادئه مستنداً بأربحيه على السور :



_"حاسس إني لسه عايز أتعب أكتر عشان أخد القرار ده يا عمي !!"



أعجب بعقله ، فنظر له "بدر" بيأسٌ ونجده من يأسه حديث"حامد" الهادئ بـ :



_" خلاص سيبه على راحته يا بدر ، لحد ما يجيلك وهو مختار عروسته بنفسه الأمور دي بتيجي بالرضا يبني عشان مفيش حاجة تفشل ،مش لازم الرضا يكون من العروسه ايًا كان ، لازم بردو الرضا يكون من الراجل عشان لما يدخل ع المسئولية يدخل وهو متقبل ده مش متخبط ومتردد او مش راضي أصلاً  ولا حاسس بإن دي مسئولية وحياه!!"



كان حديثه متعقل بما فيه الكفايه ، فرد"عز" بشرودٍ يجيبع بتأييدٍ :



_" لو كل الناس بتفكر زيك كده يا ابو غسان مكنتش الدنيا لطمت حد ولا كان في ناس إتولدوا مجبورين على شيل المسئولية بدري عن ابوهم وامهم ،بس هي كده الدنيا مبتديش  الواحد العقل الا لما يتقرص منها !!"



أيدوه بشدةٍ ، وشعر "غسان"و"حازم" بثقل كلماته هذه ، فتحدث"شادي" بابتسامة متحمسه:



_" ان شاء الله نتجوز يا عز انا وانت ونخش دنيا بقا  ونهيص!"



ضحكوا عليه بخفةٍ فرد "غسان" بسخريةٍ مع  نبرته الضاحكه :



_" قاعدين لا بينا ولا علينا ، فجأه يخش يقولك أنا عايز اخش دنيا ، لا اله الا الله ، خليك كده من غير ما تخش دنيا ، الجواز تلت تربعه. نكد خد بالك بقا انا محذرك اهو  وجايلك من المستقبل !"



توقفت الضحكات عندما وجدوا "نيروز" تقف من خلفه وهي تحمل صينيه بٱكواب الشاي ، وقفت تنصت لأول حديثه ، فحمحم "شادي" بحنجرته كي ينبهه وهو يشير خلفه بنظرة عينيه تحت كبت الجميع ضحكاتهم ، فإلتفت ينظر مدعياً. الدهشه وهو يصحح مره أخرى بسرعه :



_" الجواز دا أكتر حاجة جميلة فالدنيا ، بالذات لو مع الشخص اللي بتحبه واختاره قلبك !!"



كانت صادقة منه  رغم انها مرحه ، لاحظت مرحه وصدقه بنفس ذات الوقت ، فابتسمت وهي تحدجه بتحذير ، فمد يديه يحمل منها الصينيه وهو يهمس لها بتهكمٍ :



_" تجربة متمنهاش لألد أعدائي !"



فتحت عينيها على وسعها بذهولٍ ، فعاد هو يهمس بعمقٍ وهو يكمل :



_". أصلها حلوه أوي وأنا متمناش لعدوي الحلو أبداً !!"



إحمرت وجنتيها ،. ثم ردت عليه وهي تعتدل قائلة بنبره هادئه:



_" ياريت تحاول تخلص بدري عشان تطلع تشوف هتلبس ايه ،  لاني مش هكويلك حاجة!"



تركته بعدها ينظر لها ولشراستها المخفيه بغير تصديق ثم عاد يوزع أكواب الشاي عليهم وهو يندمج في الحديث ، في حين كانت النساء فالخارج يتجهزن لارتداء الملابس تزامناً مع إستعداد "حنان" كي تذهب إلى منزلها مع "عز" لتبديل ملابسها ، دخلت "ياسمين" الغرفه وذهبت"وسام " إلي شقتهم مع "دلال" في حين وقفت "فريدة" تعبث بهاتفها بملل كي تخرج من الشقه ، فلاحظت هي صوته يأتي من خلفها مردداً :




        
          
                
_" ياريت أسرع ، عايز أروح ألبس وٱجي !"



التفتت برأسها تنظر له بغير اهتمام حتى خرجت ، ثم نظرت له قائلة بتبجحٍ :



_" ياريت متجيش أصلاً !"



_"مقبوله منك ؛  هتلبسي ايه بقا ؟"



سألها باهتمام يثير استفزازها به ،. ففتحت عينيها بدهشةٍ وهي ترد بتبححٍ مره أخرى :



_" انت مجنون يبني انت ..انت مالك أصلاً. وبتاع ايه تسألني سؤال زي ده !"



صمت "ٱدم" بثباتٍ   ثم أخرج أنفاسه بصوتٍ وهو يقول بجدية:



_" الصراحة انا نفسي أسألك سؤال تاني بعيد عن كل ده !"



رددت بفظاظةٍ تشير له:



_" نعم ؟"



_"متعرفيش حاجة عن حسن ولاحتى مكانه فين دلوقتي؟"



أثار إنفعالها سؤاله ، وتقهر من شقيقها بقوه وهو يذكرها به ، ردت بانفعالٍ تشير له بجهل:



_''معرفش حاجة عنه وياريت متسألنيش عنه تاني لاني مش هقدر أفيدك كده كده عشان مبيربطنيش بيه غير الدم والإسم بعد اللي عمله فيا!!"



أثار فضوله سؤالها وهو يقف الٱن أمام شقتها ،فرد يسألها باهتمام:



_"عملك ايه ؟"



_"  كان هيموتني بالمطوه اللي كانت تحت رقبتي وفتح رجلي بيها وكـ ... انت مالك انت ؟؟ ليه تعرف حاجة زي دي ..بتسأل ليه!!"



ردت بتلقائة مقهوره فالبداية ثم قلبت الحديث لمنفعل ، فرد هو بتبرير رغم حزنه ودهشته بما سمعه :



_"أكيد مكنش فوعيه يا فريدة ، لو تعرفي مكانه فين قوليلي يمكن أقدر أساعده للمره الٱخيره و.."



قاطعته بحزمٍ وقسوة اتت من داخلها :



_" معرفش ومش عايزه أعرف ولو أعرف مش هقول ، انا مش عايزاه يكون أحسن ،هو كده وعمره ما هيتغير وانت زيه!!"



يتحملها لكثيرٍ كور قبضته بإنفعالٍ عليها حاول اخفاءه وهو يرد عليها بنبره حاده غليظة :



_"أنا مبقتش  زيه ..أنا إتغيرت، بس لو هتشبهيني بيه من ناحية تانيه فأنا مش زعلان ، حسن عمره ما كان وحش الدنيا اللي جت عليه وخليته كده من صغره ، بس بقا وحش ومرتاح على كده ومش عايز يتغير ، ولعلمك دا لو اتغير هيبقي بني ٱدم تاني خالص .. يمكن كمان يكون أحسن منك انتي شخصياً ، خلي فقلبك رحمة ، ولو انتي قاسيه أوي كده فحاولي تبيني العكس وانتي بتتكلمي عن اخوكي اللي من دمك  مع حد غريب عنكم ،  وانا اتغيرت وكل واحد بيغلط فحياته ..ايه مغلطتيش قبل كده !!!!"



قالها بإستنكارٍ ودفاع عن نفسه وعن شخص "حسن" القديم ، أثار قهرها دفاعه عن شقيقها منها وتجمعت الدموع التي ابت ان تهبطها وهي ترد بإنهزامٍ على ٱخر حديثه:




        
          
                
_" غلطت ..بس بحاول أتغير وكإني مغلطتش ومش عارفه ، أكيد هتفهم لانك مريت بتجريه صعبه ، بس عمرك ما هتجرب إحساس ان اخوك المفروض يكون جنبك وبيحبك ومن دمك. يسندك يكون هو اول شخص كارهك ومش عايزك ولا عمرك شوفت منه شي كويس فحياتك ، إنت جربت ؟؟ مجربتش ، متلومنيش على كلامي عليه وإحساسي اللي غصب عني اتزرع جوايا واتعلم عليا منه من برا ومن جوه ، لو سمحت اسكت ومتشاورش للقهر يظهر وبلاش نتكلم فالموضوع دا تاني ، ولو كنت دايقتك فحقك عليا ي ٱدم !"



تعتذر؟ ، عندما شعرت بالكسره ،. أشفق عليها ولم ينبس بأي حرف بل سمع قولها وهي تستأذن كي تغلق الباب فابتلع ريقه باهتزاز وشعر بأحدهم يهتف من على بعد يخرج من شقة "حامد" :



_''خالو "



إنحنى "ادم " يحتضنه وهو يقبله ثم قال:



_" خليك هنا وادخل البس يلا جوه  فاطمة جايبه لبسكم وهي جاية ، ٱنا هروح اغير هدومي وهرجع علطول ..اتفقنا يا دوما ؟"



_" اشطا يا خالو !"



قالها بنفس طريقة "آدم " فضحك وهو يشير له بالوداع ، منتظراً المصعد ، في حين دخل الصغير إلى الشقه ، ورحل "عز". هو الٱخر مع"حنان" ،وصعدت "نيروز" إلى شقتها ، حيث عاد كل منهم إلى شقته  ليتجهز ، حتى "وردة" رحلت مع "بدر"و"يامن" ، وركب "غسان" المصعد حتى خرج واضعاً. المفتاح في باب شقته ودخل إلى الداخل ، بحث عنها بعينيه فلم يجدها ، دخل الغرفه فوجدها تخرج فستاناً  قماشي هادئاً من اللون الفضي الفاتح دون لمعة به ، وضعته علي الفراش بطوله وحذرٍ ، فوقف مستنداً وهو يعقد حاجبيه باستنكارٍ :



_" وأنا هلبس ايه يعني !"



إنتفضت بفزع من صوته كانت شاردة ، للدرجة التي جعلتها لم تنتبه له ولغلق الباب  وصوته ، وضعت يديها علي قمة صدرها مبتلعه ريقها ببطئٍ حتى حدجته بغيظٍ وهي تقول :



_" ابقي اتكلم ولا اعمل اي حاجة بدل قطع الخلف ده !!!"



تنفس بصوتٍ وعلى فجأه وجدته يتوجه ليقف أمامها بسكون حتى هبط برٱسه يهمس بجانب أذنها قائلاً بعبثٍ :



_"طب وليه قطع الخلف  .. أنا نفسي ابقي اب اوي!!"



ضغطها بما فيه الكفاية الفتره التي مضت ، فحاول اللعب علي أعصابها التي تتوتر بقربه ، فدفعته عنها ببطئٍ وهي تدير وجهها تنظر على بعد مشيره له وهي تقول بسكونٍ :



_" علفكرة أنا طلعتلك لبس هناك أهو ، ومش متكسر ولا محتاج مكوه !'



ابتسم على اهتمامها هذا حتى حرك عينيه نحو وضعها للملابس ، فعادت تتعلق عينيها بعينيه وتناست ما عاهدت به نفسها على أن تكون شرسة أكثر ، بل كفى عليه هذا منها ، ابتلعت ريقها بضعفٍ ثم قالت بأسفٍ وعيني تتجمع بها الدموع وكأن الإثنان يريدان اللين معاً وطاقة تحملهما في البُعد تنفذ ؟! :




        
          
                
_' 'متزعلش مني ..أنا حضني مفتوحلك فأي وقت ، صدقني مكنتش أقصد أضغطك ،رغم انك بتضغط معايا غصب عنك أو بإرادتك فكل مره ، بس أنا ..أنا..."



توقفت بجهلٍ ماذا تقول ؟. لم تعد تعلم كيف تجمع الحديث ، بل ونظرة الحزن الذي يحاول إخفاءها بالمرح تقهرها هي وليس هو ، قاطعها بصدقٍ نبع منه وهو يقول بيأس وتنهيدته الحارة المنهكه تشرح وضعه لها :



_" إنتِ صعبة ..بس أنا بحبك !!"



صمتت عندما وجدت حزنه منها بهذا الشكل الذي وضح بقوه لها ، فوجدها تتنفس بصوتٍ عالٍ تحاول كتم الدموع بغير فهم لكل المشاعر التي تشعر بها من تناقض يحدث داخلها للتو،. تهاب أن يرفضها ويرفض اعتذارها ككل مره ، لذا جلست مكانها على الفراش وهي تسحب الفستان بعيداً قليلاً ،  جلست بصمتٍ عندما إستشعرت صمته هذا ، وللصدمة أنه انحني كي يجلس بجانبها 



طالع وجهها بصمت للحظاتٍ واللحظات تصبح دقائق والعجز عن الحديث رفيقهم ،. ولكنه انهزم بكل تعبه لها وأمامها عندما انتهي الوضع  وهو يقترب ثم أسند رأسه على  صدرها فرفعت يديها سريعاً تضمه باحتواء وقد شعرت بأنفاسه الساخنه تلفح رقبتها وهو يتنفس بعمقٍ مردداً بتحشرجٍ من بين عناقها له :



_"انا تعبت أوي يا نيروز من غير ما ألاقي سبب واحد لكل اللي بيحصلي ده ،أنا مبقتش  فاهم حاجه ومش. عارف أنا الصح ولا الغلط ، أنا مش لاقي حد جنبي ينصفني وينصف عقلي من أفكاره وهو كل شويه صوته بيعلي جوايا ويقولي إني وحش وبخرب على غيري ..حتى بُعدك  كان صعب بكل اللي حصل ده وكان عندي الأصعب من ده ، فمعرفتش أفصل بس متأكد إني تعبان أوي من كل حاجه!!



صارحها ٱخيراً وهو الذي يحتوي دائماً ، الٱن الٱمر عكسي ، تلهفت وهي تضمه أكثر تكتم الدموع بمقلتيها دون رد ،. فأسند رأسه بإريحيه وهو يرفع ساقيه على الفراش ممداً بإنهاكٍ متعب وهو يواصل:



_" بس أنا عارف اني كنت صعب معاكي زي ما كنتي انتي ، أنا كان نفسي بس حضنك ده يهون عليا اللي حاسس بيه غير كده بكل اللي عملته أنا ٱسف !!"



تأسف صراحةً وتفاجأت وعلمت أنه يشعر بالكثير ، أعتدل يمسك معصمها المجروح ثم قبله برفقٍ ولين  وهو يردد مره أخرى بإهتزاز أمام عينيها البُنية التي تهزمه في كل مره :



_" حقك عليا يا نيروز!!"



_"ينفع أقولك أنا .. إن حقك انت عليا من كل حاجة شوفتها وسمعتها  مني ومن اي حد غيري !"



سألته هي بنبرةٍ باكية متعاطفه مشفقه فأكد وهو يحرك رأسه بنعمٍ مانعاً ثباته بأن يهتز أمامها أكثر من ذلك ، ولكن  هزمته دموع عينيها الذي يراها تسقط وصوت شهقتها الباكيه  بلوم له يعلو بعقله الٱن  ومنظر والده وهو بين الحياة والموت يتعلق بذهنه ، كل هذه ندبات لم  يتعافي منها حتى ولو ان احد الأمور قد تخطاه ، ولكن هي وأحضانها حينها لم تكن موجوده فكيف سيتخطي بدونها  كل  ذلك ؟ ، ٱكد برأسه بضعفٍ تراه لأول مره ، وهذه المره هزمت بنفسها كل الأصوات التي بداخلها وهي تتوجه لتقبل قمة رأسه بحبٍ ومن ثم تشبتت بيديه وهي تقول بدموعها  هذه تبث به ثقة واطمئنان :




        
          
                
_" أنا كان نفسي يكونلي أخ زيك أوي يا غسان ،  كان نفسي عشان عمري ما شوفت أخ حنين زيك كده ، بس ربنا كرمني وخلاك ليا أخ وأب وزوج وصاحب كمان ، ففرحت ويا بخت اللي انت فحياته ، أنا مقدرش أستغني عنك  ، أنا بحبك أوي ومهما كان فالبعد عنك صعب أوي ، صعب بعد ما الواحد يجرب حنيتك وحبك ووجودك فحياته ، أنا..كل ما بحس ان انت متدايق ومكسور بعيط وكإني بعيطلك وانت حابس دموعك ومش عايزها تنزل ، بتضغط ليك ونفسي أفضل مضغوطة ليك لو هتبقى بخير!!"



تبدل الوضع هذه المره وضمها هو بشدةٍ محاوط كتفيها بقوه قوية من ذراعيه   لم تتأوي من ضمه رغم شدته ، وكأنها تفهم بأنه يخرج كسرته بضمها له ، أسندت رأسها عليه حتى أسند ذقنه علي خصلاتها وجرت أنفاسه الساخنه بفروة رأسها ،. فأخذت أنفاسها بتنهيدة حارة وهي تغمض عينيها بثقلٍ وكٱنها تخرج طاقتها السلبية بين أحضانه هي الأخرى ، وجدته يردد على وضعه هذا وهو يقول بإشتياقٍ :



_"اول مره أحس. انك وحشاني وإنتي جنبي بس أنا اتكسرت منك انتي بالذات يا نيروز!! "



رفعت رأسها تنظر إلى اللوم في عينيه بصمتٍ، فعاد هو يكمل من جديد بتعبٍ والوضع لم ينتهي إلى هنا  :



_" انا مش مصدق لحد دلوقتي انك رفضتيني وأنا جايلك بليني عليكي وهو غالب عليا زي كل مره ، لما قولتي لا .. حسيت إنك بقيتي تقرفي مني ومش عايزاني، بمجرد كلمة حرقت قلبي وٱنا عارف إنها خرجت بأسباب بس مقدرتش أفكر غير فكده.."



وواصل بعدها بانهاكٍ يلومها مجدداً :



_" ليه يا نيروز ؟ ليه  بتعاندي اللي جواكي يظهر ، انا كنت عايزك وانا هادي وجايلك بعد ما صليت وهديت عشان الدنيا تمشي ، عشان بحبك ، جيت على نفسي عشانك بردو ، بس ساعتها جيت على نفسي وانا راضي رضا مشوفتوش غير معاكي ، انا كل ما بفتكر كسرتك بكل فرحة بتيجي ومبتكملش بتقهر مكانك ، عايز اعدي كل كده ، نفسي تكوني مبسوطة بس كل مره حاجة تقف فطريقنا ومبتعديش بسبب حد فينا ،!!"



لامها بصراحة وجرأه دون أن يخفي شئ وتركها تعتدل بعدما تحركت ، فتنفس هو بصوتٍ متهدج معتدلاً في جلسته هذه ناظراً لدموعها التي سقطت من لومه وهي ترد بتبرير :



_" مكنش قصدي  كل اللي انت فهمته دا ،صدقني أنا اتوجعت أوي لما اترميت فحضنك وانت رفضتني !!"



_" كان نفس احساسي فكل مره كنت اجي مهموم ومبلاقيش حضنك، إنتي عملتي أكتر من كده وانتي مش حاسه !!"



صمتت بانهزامٍ أمام كلماته ،  وعلمت بأنه يريد راحتها النفسيه أكثر من أي شئ عندما لامها مجدداً بلين فقط هذه المره دون تخطي الأمر!!!!، إلى متى لم  يتخطي هو ؟ طال الوقت وطال الهجر !! ،أومأت له دون حديث بدموعها وهي تحاول الاعتدال كي تنهض ، وبعدما نهضت ردت عليه بنيرة هادئه منهكه راضيه  مقتنعه بشدة :




        
          
                
_" عالعموم أنا ٱسفه يا غسان وبررتلك ومبعدتش من غير ما ابرر عشان الفجوه متكبرش بينا زي ما حصل منك لما تجاهلتني ..المرداي أنا مش معترضه علي كلامك بس حضني موجود حتى لو انت مش عارف تغفر اللي حصل.. وأي حاجة عايز تشاركها ومخبيها جواك أنا عندي إستعداد أسمعك ومش همل ولو عايز تاخد فتره نبـعد نرتاح  نفسيـ .."



قاطع حديثها عندما وقف ببطئ وهو يرد بإستسلامٍ يبتر جملتها:



_" ياريت ٱعرف أرتاح بعيد عنك،بس مينفعش ..مينفعش عشان مشوفتش الراحة الا فوجودك.."



وقفت بحيرة منه ، لا تعلم ماذا يود هو ، يتأرجح بين ثباته وبين رغبته في وقف الٱمر إلى  هنا ، إبتسمت إبتسامة باهته  وقبل أن تسير ناحية المرحاض كي تبدل ملابسها أمسك هو معصمها مردداً باعتراف يعلن إنهزامه  مكملاً بـ بنبرة مهزوزة أمام عينيها التي تضعفه :



_" بس وحشتيني !!"



ارتجفت يديها وهي ترفع عينيها تقابل عينيه ونظرتها اللينه لها منه ، إبتلعت ريقها وهي ترد بتحشرجٍ  تمسح دموع عينيها ببطئٍ :



_" وانت كمان  ٱوي !!"



دخلت بين أحضانه بصمتٍ وهذه المره قرر الاثنان إنهاء الوضع والموقف للمره الٱخيره ، حينها إستندت عليه وهو واقف حتى سمعت خفقات قلبه وإستشعرتها ، حينها حاوط  هو أيضاً خصرها بحبٍ عفوي منه خرج ٱخيراً مع همسه أيضاً وهو يسألها  يبعد عن الجو المتأثر  يخفي اهتزازه منها :



_"بس عارفه الست قالت ايه ؟!"



خرجت من بين أحضانه وهي تمسح دموعها ثم ردت بابتسامه مشرقه من جديد:



_" ايه ؟"



أشار إلي عينيها وقال بصدق هذه المره:



_"كلموني تاني عنك ، فكروني ، فكروني , صحوا نار الشوق ، الشوق فقلبي وفعيوني .!!"



توسعت بسمتها وتنفست براحة كبري عندما قبل  قمة رأسها ببرٍ وحب ، فنظرت له بأسفٍ وخجل بنفس ذات الوقت ، وترها قربه التي لم تنعم به هي لفتره ،بل ابتلعت ريقها وهي تسمعه يقول بغمزة عين:



_"يحلاوة القلب لما يدق يدق !!"



توسعت بسمتها إلى أن انقلبت بضحكة خافته ، دقق هو النظر بعمق تفاصيلها براحة  هذه المره وكأنه ينظر دون حذر بأن تكشفه هي وتكشف شوقه ، هذه المره أعلن شوقه لها عندما إقترب فرجعت هي خطوه إلى الخلف وهي تخبره :



_"عايزين نلبس عشان الحنه !"



إقترب أكثر ، فوجدت نفسها محاصره ونظرة العبث في عينيه  توترها وفاجئها هو وهو يرفع أنامله يمسح  كحل عينيها الذي سال من دموعها ثم قال ببراءه  ناظراً نحو خصلاتها البُنية :



_"دا الكحل كان سايح!!"



رفعت يديها تلقائياً تمسح أسفل عينيها ، فانحني مقبلاً رقبتها قبلة سطحية واضعاً يديع على مؤخره رأسها بخصلاتها ومن ثم إعتدل مره ٱخرى وهو يتوجه ليأخذ ملابسه كي يبدلها ، وعندما شعرت بأنه سيبدلها في الغرفه أخذت ملابسها ناحية المرحاض وهي تغلقه خلفها ، تنفس براحةٍ لم يشعر بهذه الراحة من فتره كما كانت هي!!!




        
          
                
وكالعادة يبقي عتاب الشخص علي قدر محبته ، وتعاتبا هما كثيراً   حتى انهما في كل مره لم يتوصلا لحلٍ وهذه المره كان الحل منهما معاً بكل صراحة بأنهما مخطئان وانهما متأسفان ،حينها تيقن بأن قلبه هو لا يجلب له سوي التعب ، حتى وان يقلل من شأنه وشأنها في بعض الأوقات ولكنه  يعلم بأن قلبه لا يريد سواها بجانبه ، لم يشعر بالراحة أبداً لو. ظل بمفرده غير منعماً بقربها وعبثه وكلماته ومرحه وحبه الظاهر دون حرج وتبجحه ووقاحته في بعض الأحيان او لربما أغلبها!! ، أحكم قميصه وهو يعدله جيداً. بعدما إنتهى حتى فتح من ازراره  أمام المرٱه بإنجذاب ، وعندما شعر بأن عقدة السوار الذي بيديه قد اتسع عقده من جديد ،. سوارها التي ابتاعته معه وهي تعلقها بمعصمه منذ فتره كبيره، حروف كلمة واسم "نيروز", المعلق بمعصمه الأيمن ، كما كان في اليد اليسري دبلة زواجة السوداء ، جذب هاتفه من. جيب البنطال الذي وضعه علي الأريكة حتى نظر إلى شاشته كي يري الساعه ومن ثم وضعه بجيب بنطاله وهو يحمل مشط الرأس ليمشط خصلاته ، تزامناً مع خروجها من المرحاض بذلك الثوب الذي يراها به لأول مره ، ثوب من ملابس الزواج التي اشترتها للخروج ،  نظر إلى طيفها وهي تخرج وعندما وقفت بجانبه دار وجهه ينظر لها متفحصاً ، ثم  رجع برأسه إلى الخلف كي يراه بالكامل على جسدها الممشوق ،  نظرت له بغرابةٍ ،. عندما وجدته يعقد حاجبيه معقباً :



_" مش ملاحظه انه ضيق شويه ؟!"



_" مكنتش أعرف  وحتي لو خسيت بس بعد الجواز زدت وانا مش واخده بالي ، انا مش هخرج بيه  احنا بنات مع بعض تحت بس !!"



قالتها بتبرير تعلم أنه ضيق وتفاجأت بهذا ، حرك رأسه وهو يمشط خصلاته أمام المرٱه معقباً مره ٱخر. كي تنتبه :



_"لا مش بنات ،أكيد هنيجي فالٱخر عشان عز يرقص ونصوره مع جميله هو وشادي ومنه، دول ايه ؟ مش رجالة ؟"



لم تريد ان  يحدث مشكلة أخرى ولا هو لذا إعتدل متنهداً  وهو يضع المشط مكانه ثم إلتفت يسألها  بحنوٍ قاصدًا. ذلك كي لا يحطم سعادتها بذلك الثوب الجديد والمناسبة :



_" ملهوش حل ؟"



صمتت"نيروز" بيأسٍ وهي تحرك رأسها نفياً وهي تنظر باهتمام في المرٱه تتفحص مظهرها بإهتزاز وهي تسأله بتلقائية وحزن حاولت إخفاءه :



_"هو انا  تخنت أوي ؟ "



لم تكن ثمينه بل كان جسدها متناسق ، رد هو سريعاً بابتسامة صغيره وهو يغمز لها بوقاحة :



_"   ودي تيجي ؟ بطل تخين ازاي. ، قولي هو أنا حلوه ؟ جامده ؟ مزه ؟"



عزز ثقتها بنفسها بمرحٍ وكان قاصداً فعل ذلك ، فعادت هي ترد بخجلٍ :



_"ثبتني ..هو ممكن أرجع الطرحه لورا واجيبها قدام فنفس الوقت !!"



_" خلاص اعمليها كده لو  هتغطي عادي !"




        
          
                
قالها برضا وهو يفسح لها المجال فبدٱت هي بفعل ذلك ، وتتمنى بداخلها  ان تفعلها بطريقه صحيحه كي لا تظهر مفاتنها ويرضى هو دون نقد ، أمسك هاتفه منشغلاً به  كي تنتهي هي. حتي لا يمل من الإنتظار ،    وعندما انتهت ، إلتفتت بسرعه وهي تسأله بابتسامه متحمسة :



_", ها ايه رايك ؟"



رفع رأسه ينظر  على طريقه لفها للحجاب فكان طويلاً. من الخلف ويسترها بنفس الوقت من الامام بطريقة ملحوظه تنسجم مع قصة هذا الفستان الهادئ ، إبتسم برضا وهو يحرك رأسه آيجاباً وهو يغمز لها مردداً بقوله المعهود رافعاً أنامله يدخل خصلاتها الصغيره التي تظهر رغماً عنها :



_" كده أحلى ..كده بطل !!"



إلتفتت  بسعادة بعدما بادلته الغمزه، حتي وضعت كحل أعين ومرطب شفاه وبعض من الحمرة على وجنتيها كي يظهر جمال بشرتها وملامحها ،  وعندما إنتهت ، التفتت تنظر له فوجدته يحاول الاتصال بهاتف شقيقه بعدما هزمه عقله وحثه علي ذلك رغم كسرته ، رُسم الحزن على ملامحها وهي تسأله بيأس :



_" مش بيرد بردو؟"



حرك رٱسه بنعمٍ وشاركها همه عندما قال بوضوح ثقيل على قلبه  :



_" المشكلة إن ابويا متعشم اوي يجي يشوفه ويسأل عليه حتي لو ميعرفش اللي حصله بس مستنيه. كإنه خايف يحصله كده تاني ويروح فيها وهو زعلان منه ، زعله عمل فيه كل ده ولسه زعلان ، وخوفي ليتعب أكثر وفأي لحظة مبيفارقنيش ، غيابه مُر عليا اوي مش هستحمله بعد ما استحملته الكام دقيقه اللي كان فعالم تاني فيهم  دول يا نيروز  !!!"



قالها بأعتراف ، فأمسكت كفه هي بتحفيزٍ وهي تقول :



_"متقلقش ..هو هيبقي كويس. و بسام هيرجع من تاني وكل حاجه هتبقي تمام"



إبتسم على قولها المحفز وكأنه هو الصغير. ، والٱن قد حان الوقت لإظهار شكره لها لأول مره والذي كان لا يستطع قوله بسبب الخلاف وما ظهر منها بوقت الخلاف كان شئ أسعده وبشده من أصلها، لثم وجنتيا  وهو يعتدل ناظراً لها بحنوٍ ثم قال بصدقٍ :



_" يمكن الحاجة اللي خلتني فخور بقلبي أنه اختارك واللي عرفتها حتي فوقت خلافنا هو وقوفك جنب أبويا ، لما راعتيه وكأنك بنته، ولما حسيت انك بتعملي كده منك لنفسك مش عشان امي مش موجوده او حتي علشاني ، انا لو كنت بحبك فبعد دا حبيتك أكتر ومعرفتش ٱعبرلك عن شكري فالوقت دا ، مهما كان بينا ومهما كان مفيش شكر بينا ، بس دي  شكراً الأولي مني ليكي!!"



تعجبت من حديثه التي اعتبرته لبقاً بعيداً. كل البعد عن الوقاحه ، قبل  كفها بحبٍ فابتسمت هي بتفاجئ من انتباهه لكل ذلك وعقبت على حديثه بصدق :



_" عمو حامد هو بابا التاني يا غسان ،مينفعش تشكرني عشان عملت كده ، أنا  بحبه اوي ، انا عمري ما كنت اتخيل إني اشوف بابا فحد غيره ،  لحد ما شوفته فيه بكل حاجة.. هو غالي أوي بجد عليا ، أنا كنت  مرعوبه لما شوفته كده!!"




        
          
                
_"  قدرت زعلك وكسرتك بفراق ابوكي لحد دلوقتي بنفس القوه اللي مش بتخف ، اللي بتزيد يوم عن يوم ، الاب يستحق يتزعل عليه عمر بحاله، وحقك بس بلاش كل فتره قصيره والتانيه تروحي توجعي نفسك هناك ،انا بقيت بخاف ، بخاف عليكي لما بتروحي هناك او لما تفكري تعملي ده ،بلاش يا نيروز ، بلاش عشان انتي عارفه وقايلالي إنك بتتعبي بعد ما تروحي كل مره ،خليها مره واحده بين كل فتره والتانيه مش علطول بعلمي أو من غير علمي!!"



حركت رأسها تهرب من عينيه ثم نفت وهي تعدل حجابها بيديها بتلقائية تنهي الحوار مما يظهر توترها بذلك :



_" انا مبرتاحش الا اما اروح هناك واحكيله كل حاجة , اكيد مش هتمعني عن حاجة بلقى راحتي فيها حتي لو في تعب!!"



_"احكيلي وأنا سامعك، عالأقل هحاول أساعدك لما احس انك تعبانه !!"



ابتلعت"نيروز"  ريقها ببطئ حتى رمقته بجديه وهي تشير له متفهمه حديثه :



_" علفكرة انا مش مجنونه وعارفه انه ميت ومش هيرجع تاني، ويمكن كمان ميكونش سامعني وان كل دي تخاريف بس أنا برتاح فكده، متقلقش أنا واعيه كفايه للي بتحاول توصلهولي !!"



زفر بنفاذ صبر ثم شهدها علي نفسها بحدةٍ وهو يقول  بجمود :



_"شايفه بنرجع تاني لنقطة الصفر بتسرعك  فالتفكير ازاي؟؟ ،. عايزه تبرير بقا المرادي مني ليكي واقعد أقولك اني مش قاصد وقاصد تكوني بخير وان  أزمة نفسك مبتجيش غير بعد ما بتروحي هناك؟؟



وأكمل  بغير وعي يخبرها بما وصل له عقل والدتها :



_"، ولعلمك امك كانت هتموت  من القلق عليكي  ومعرفتش انتي مالك ولا دا كان من ايه وفضلت مشغله القرٱن ، دي سألتني بصلي ولا لأ.. شوفي بقا لدرجة ايه!!"



كان حديثه موبخاً ولا تعلم لما اثار ضحكها فضحكت علي ٱخر حديثه وهي تشير له بغير اكتراث تبعدهما عن الحديث المشحون بالحده :



_"هي دي ماما ، اكيد خايفه من حسد أو اي حاجة   بتحصل عند كل الامهات يعني،. وبعدين هي متقصدش هي أكيد عارفه انك بتصلي !!"



إبتسم بقلة حيلة ، وهو يضع هاتفه بجيب بنطاله ، ثم أشار لها كي تخرج ، فخرج الاثنان وارتدي كل منهما ما يخصه بحذاء في قدميه حتى إعتدل ، ينظر بالمرٱه الطويلة بجانب الباب. ، وهذه المره أخرج هاتفه  ثم جذبها من خصرها برفقٍ سانداً يديه عليها بتملكٍ حتى أخذ الصورة باحترافيه ، فأمسكته منه وهي تقول بحزمٍ :



_" نزلها استوري بقا وخلي انجي الجامدة تشوف إنك متجوز  وبتحب مراتك "



_" بردو حاطة انجي الجامدة  فدماغها ،  بقولك ولا هي فدماغي ولا انا فدماغها كله شغل وانتي شوفتي بنفسك  محاولتش يعني تتقرب ولا تتمسح فيا ، مش كل مديره ولا سكرتيره بيبقوا وحشين يعني شيلي ام التفكير دا من دماغك وبطلي تتفرجي علي مسلسلات تركي كتير  !!




        
          
                
نظرت له بتشككٌ حتى خرج حديثها بإندفاعٍ ٱتي من غيرتها :



_" يعني انت مش بتشوفها أحلى مني ، عشان يعني طويلة وحلوه وبشعرها وجميله  ومفيهاش غلطة ؟؟"



ضحك بخفةٍ  علي عفويتها بغيظٍ منها طالعها بحبٍ وهو وينفي ولم يغفل عن غيرتها وملاحظتها لجمال الٱخرى ، فرد هو بوقاحة مصارحها :



_"الصراحة هي حلوه أوي فعلاً  ، بس مفيش فالقلب غيرك !!"



وكزته في كتفيه بغيظٍ ثم ردت بانفعالٍ  تُكمل كلماته :



_" والعين كمان عايزاها متشوفش غيري ، مش فاهمه هتفضل بصباص كده لحد امته ؟!"



كبت "غسان" ضحكته ثم حاوط كتفيها وهو يميل هامسًا. بعبثٍ يردد جملته المتكرره لها من قبل ذلك :



_"ما قولتلك ..فوجود غيرك عيني مبتشوفش غيرك يا بنت الأكرمي !!"



ثبتها بقوله فغمزت له بثباتٍ وهي تمد يدها تفتح الباب تزامناً مع قولها المتكرر هي الٱخري :



_" ثبتني يا بن البدري!"



__________________________________________



بينما في الأسفل تجهز كل منهم وبالأخص "عايدة" التي ارتدت عباءه ملونه هادئه كملامحها و"حازم" و"ياسمين" أيضاً وجاء لهم "بدر"مع"وردة" ومن ثم "وسام" التي دخلت الغرفه مع "جميلة"و"فريدة".. وكانت"فاطمة " تُلبس أطفالها بشقة "حامد " في حين تجهز "حامد " هو الٱخر جالسًا. منتظراً بالصالة بجانب "جنة" التي كانت جالسه بهدوءٍ تنظر على شاشة التلفاز بإندماجٍ وضع "حامد " ذراعه على كتفيها الصغير ثم سألها بحبٍ يشاكسها :



_"حبيبة جدو عاملة ايه فالمدرسه ، شطورة ولا لأا ؟!"



ضحكت "جنة" بخفوتٍ وهي تدير وجهها تؤكد بحماسٍ أنها جادة ، فقبل وجنتيها بحبٍ وتعاطف ، إلى أن وجد باب الشقه يُفتح أولاً من "غسان" الذي دخل هو و"نيروز" شقة "حامد ", أول شئ ، ابتسم "حامد " باتساع وهو يراهم يقتربان منه ، في حين إنحني "غسان" يشاكس "جنة " تحت نظرات "نيروز" المبتسمة بهدوء مع غمزة"حامد" له وهو يثير غيرته :



_" والله  انا خايف   يجي عريس لمراتك ، بقا واخد الجمال دا كله لوحدك ياض؟"



ضحك بعدها بشدةٍ ، وخجلت "نيروز " وهي تتنحنح بحرجٍ فاعتدل"غسان" ناظراً. له بغير إكتراث مردداً بثباتٍ :



_" عريسها غسان البدري وبس يا حامد ، وبعدين عيب عليك ابنك بردو ميختارش أي  حد  !!"



أمسك "غسان" كفها يديرها بحبٍ فدارت هي بخجلٍ تزامناً مع قوله وهو يضع كلتا ذراعيه عليها يحتضنها بكيدٍ  ورد بوقاحة :



_" عينك بس من علينا ..محناش ناقصين والله !!"



ضحك"حامد " بيأسٍ ، وخرج"شادي" من غرفة "غسان", متجهزاً ، فأطلق "غسان" صافره من بين شفتيه وهو يتطلع إلى مظهره بغمزه عين مردداً بمشاكسةٍ :




        
          
                
_" أجمد عريس فالدنيا.. حاسب بقا لتتشقط من. منه !!"



ضحكوا عليه بخفةٍ ، فنظر له "شادي" ضاحكاً مردداً له بهمسٍ من جنون الٱخرى :



_" ربنا يستر!"



_". نفسي تعمل لنفسك شخصية يا راجل !!"



قالها "حامد" بضجرٍ ، وقبل أن يرد "شادي" أجاب "غسان", وهو يحاوط بذراعه  خلف رقبته بشبابيةٍ مرحة :



_" لا يا حامد  دا  شادي راجل ..وراجل أوي ، ميغركش اللي سمعته  ، بكره يثبتلنا ده ، ولا ايه يشوشو!!"



بادله الغمزة بتردد وهو يتحسس مكان ضربتها الٱخيرة دون سبب ، تنفس بعمقٍ ، و وقفت "نيروز" تبتسم لـ "دلال" التي خرجت للشقة الٱخرى ، ووقفت "فاطمة " تترك يد "يوسف " كي يذهب لـ "ٱدهم" للعب ببراءه ،. وكانت قد تجهزت هي ، ابتسم لها "حامد" باتساع وقبل أن يتحدث ، تحدث "غسان" بمشاكسة أخوية يرفع من معنوياتها :



_" ايه دا يا فطوم  ايه الحلاوة دي ؟! ، ما تيجي نسيبنا من كل ده ونشوفلك عريس بقا !!"



ضحكت علي خفته ولم تتحسس من مرحه ، كان كذلك معها دوماً ، ابتسمت له بيأسٍ ثم حركت رأسها تعنفه :



_" طول عمرك بكاش وبتلعب بالكلام لعب يا غسان!!"



توقفت عن الحديث ثم نظرت له بتأثرٍ ترد علي ما فعله بعفويةٍ وكأنها شقيقته :



_" ربنا يجبر بخاطرك يا حبيبي ويسعدك!!"



ضحكوا على قولها  الأول ,  وهناك من ظهر بداخلها شئ من الغيره ، حينها إعتدلت تخفي  هذا وهي تتصنع غير الآهتمام، حتى إبتسمت بتكلفةٍ وهي تقول بإذنٍ :



_". أنا هستأذن أنا علشان اكون مع. "جميلة" ،!!"



نظر ناحيتها بتمعن فوجدها تقلب عينيها بجمودٍ من عليه ، إستشفه على الفور ، فضحك بخفةٍ مره أخرى  عندما أغلقت الباب خلفها ، تعالت ضحكته أكثر عندما تنحنت "فاطمة " بحرجٍ وهي تقول بحدسها الانثوي:



_" شكلها  زعلت يا غسان ،  بتغيير صح؟؟ !"



ابتسم "حامد " على  بساطتها وطيبتها ، فعاد "غسان" يبرر بإطمئنان :



_" لا متاخديش فبالك ..هي بس متعرفش اننا اخوات ٱوي ، وبعدين نيروز طيبه أوي ..هي بس عايزه شوية وقت وهتلاقيها خدت عليكي !!"



حركت رأسها تؤكد وهي تقول :



_" أخدت بالي !"



لاحظ تنهديتها ، فجلس جوار "والده" في حين دخل "شادي" يرد علي هاتفه في الشرفه التي توجد بالصاله ، ومن بين جلوسه كانت هي تجلس بجانبه أيضاً ، فتنفس بصوتٍ مسموع ثم قال :



_" احنا سايبينك لحد دلوقتي يا فاطمة ومش عايزين نضغط عليكي ، بس عايزين نفهم فيه ايه بيحصل ، كل ما ٱدم يتهور  وهو  هيموت ويعرف ايه الحوار بنمنعه أنا وبدر ، بس قولنا  نقعد معاكي دلوقتي وبدر جاي وٱدم في الطريق..وتقوللنا بقا يا بنت الحلال حياتك دي ٱخرها إيه وجوزك كلامه صح ولا ايه النظام , واركني خوفك يا فاطمة على جنب واركني حبك ..عشان دا واحد محافظش عليكي ولا قدرك يا بنت عمي !"




        
          
                
أيده "حامد" وهو يضع كفه علي كفها ثم ربت عليه بحنوٍ وهو يقول :



_" أنا عارف انك خايفه ..وعارف انك بتتهربي عشان حاسه ان دي الناهية ، بس عايزين منك الصراحة وسيبي الرجالة تتصرف ، وصدقيني عمري ما هقبل إن بنتي تخرج خسرانه!!"



أدمعت عينيها بتأثرٍ فضمها "حامد ", ناحية صدره بعاطفة إبوة جياشة ظهرت لها وكأنها ابنته وليست ابنة أخيه ، شهقت بأحضانه تحت نظرات "غسان", العاجزة والمشتعله بنفس الوقت لها وبسبب ما تفعله دون اسباب واضحة وبقوه ، نهض بعدها يفتح الباب الذي دق بعد دقائق ، وما أن وقف يمد يديه ليفتحه وجد ٱخر من توقعه أن يأتي بجانب ما ينتظره وخلفه "بدر" ، كان "بسام" الذي تنفس بتقطعٍ وهو يطالع وجه شقيقه ، وكأنها مرٱه تعكس الأوجاع قبل ان تعكس نفس الملامح !!! ، ابتلع "غسان" ريقه بسرعه وهو يحرك نظراته من عليه ثم نظر نحو "ٱدم" الذي تأفف بضيق من الآنتظار وهو. يقول بتبجحٍ:



_" ها هتاخد  الصورة ألوان ولا سادة !!'



قالها بسخريةٍ وهو يتخطاه ، فرد "غسان" وهو يلتفت كي يدخل :



_" صورة بخفة الدم !'



همهم "آدم " بغير إكتراث وهو يدخل ومن ثم تبعه "بدر" و"بسام " الذي دخل الشقة هذه المره ووقف ينظر لـ "والده" الذي وما ان رفع رأسه وجد نظرات التأثر واللوم بعينيه ، وقابلها "بسام " بخزي وندم لم بظهر بصورة ملحوظه ، لم يستطع ان يمد يديه ليرحب به بل وكأنه يبيت بأحضانه ، وقف ساكناً ، وهو يري "غسان" يعتدل ثم مد ذراعه يسند "حامد" كي ينهض معه تزامناً مع  رده :



_" تعالوا نخش الصالون عشان نبقي على راحتنا فالكلام ، واهو علي ما عز يجي !!"



أومأوا له وسبقوا ، ووقف "بسام " يستنكر إسناد "غسان " لـ "حامد " ، وما ان وقف تركه يسير ومن ثم كان هو ٱخر واحد من خلفهم يدخل الغرفه..، وخرج "شادي" ذاهباً إلى "حازم" حين قدوم "عز" كما ذهبت"جنة" خلف أشقاءها للشقة الٱخرى ..



بينما في الغرفه ترصصوا جميعهم بجانب بعضهم ، وجلست "فاطمة "بجانب "حامد" ومن الناحية الٱخرى "بدر" ومن ثم "ٱدم" و"غسان"و"بسام" ، تنهد"حامد"يأخذ أنفاسه اولاً ثم بدأ كونه كبير هذه الجلسه مقاماً وسناً :



_"إتكلمي يا فاطمة .. قوليلنا يا يبنتي ايه اللي يوصل جوزك انه يضربك الضرب ده كله بالقوه دي !"



إبتلعت ريقها وأكثر من كانت ملامحه منكمشة بإنفعال من صمتها كان "ٱدم" الذي صمت بنفاذ صبر يحاول به أن يصبر أكثر ، بينما ترقبت "بدر", وعندما وجدها صامته رد هو بوضوحٍ يسألها :



_"عارف عايز يتجوز عليكي مش كده ؟!"



تعلم أن اجابت بنعمٍ لسيأخذ "بدر" طريقاً  ومنحى ٱخر غير هدوءه وثباته ، نظر لها بإهتمام كما كان الجميع في حين ابتلعت ريقها بخوفٍ ثم نفت بطريقة ملحوظه ، فخرج صوت "آدم" المنفعل:




        
          
                
_"هتقولي لا وهتسكتي زي كل مره بردو ؟؟ انتي مفيش فايدة فيكي!!!"



إهتزت بخوفٍ من نبرته الحاده ، فحدجة "بدر", بتحذيرٍ ،وصمت "غسان" يسمع ما يقوله ، وعقب ما إنتهي تحدث "غسان" لها يوضح هو الٱخر :



_"اسمعي الكلام وريحينا يا فاطمة ، ولو مخبيه حاجة قولهالنا خلينا نلحق نتصرف !!"



هنا ووجدت بصيص الأمل في حديثه الجاد ، فوزعت نظراتها بينهم بتشتت وهي تقول بتخبط :



_" أنا خايفه على عيالي..خايفه أبعد ياخدهم غصب ويبعدهم عني ، وخايفه على مستقبلهم وحياتهم ، أنا مش عيزاهم بعيد عن ابوهم من حقهم يكونوا كويسين ، بس هم شافوا كتير اوي ، وانا ..أنا مبقتس اقدر اجي علي نفسي ٱكتر من كده !!"



إنتهى حديثها ببكاءٍ فضمها "بدر" بحنوٍ تزامناً مع قول "ادم ", المندفع :



_" يبعدهم عنك.!!! هي سايبه ولا ايه ؟ ولا انتي مش عارفه ان فضهرك رجالة مش هيسمحوا بـ كده ،قولي انك بتحبيه وقلبك  مايل واخد على عشرته بالذل يا فاطمة ، عليا الحلال من دينـ..."



_" أسكت للٱخر قولتلك !!'



قالها "بدر" بحزمٍ فوقف "ٱدم" مندفعاً  وحينها وقف "بسام" يمسك ذراعه يهدأه ، وظل "غسان" ساكناً غير راضياً عن الطرفين وما يفعلانه هو وهي ،يعلم ان حديث "آدم" صحيح لذا تعمد الصمت ، خرجت نبرة"حامد" الحاسمة وهو يشير اليه بثباتٍ مردداً بٱمرٍ :



_" أقعد يا ٱدم .. واسمع اختك للٱخر !!"



صمت "حامد" ثم وزع نظراته بينهم جميعاً وهو يشير بجديةٍ:



_" والقعدة دي مش هتنتهي غير بحل عادل ليها قبلكم ، وفنفس الوقت مش هقبل بإهانتها !!"



ثم أشار بكفة لـ "فاطمة" يحثها بحرصٍ وجدية بالغه :



_" إتكلمي يا فاطمة متخافيش.. قولي كل اللي عندك !!"



رفعت عينيها تنظر نحو عيني "آدم" الجامدة ، فتنفست هي بعمقٍ وحينها وضع "بدر" يديه علي يديها ثم ربت عليها بإطمئنان مردداً :



_"أنا جنبك يا فاطمة ولو ليكي أي حق هيرجع وزيادة ، زيادة عشان انتي قيمتك غاليه ..بس أنا ساكت عشانك  ، ساكت مع اني قادر أجرجر عارف واخليه يلف وميلاقيش نفسه..اتكلمي  يافاطمة اهو يبقي أحسن ما أخد رد فعل من غير ما افهم الحكاية كاملة!!"



لاحظ "غسان" لعبه بالحديث كي تأتي هي به ، وتنفس بصوتٍ وهو يسند ظهره بإنتظار ، فبدأت هي تبتلع ريقها بتردد وهي تقص عليهم بخوف وضعف :



_"هو ..هو فعلاً عايز يتجوز عليا ،  بنت خالته اللي اتطلقت ومعاها ولدين ، لما جه فاتحني اول مره عارضت ولما عارضت مد ايده عليا ، بعدها سكت  من غير ما نفتح الموضوع ، بعد كده حماتي جتلي البيت وقالتلي على الموضوع ده ووقفت تشاورلي بكل جبروت ان رأيي من مهم ان ولو موافقتش هتخلية يطلقني وهتاخك هي العيال تربيها،  قصدت تبينلي إن اربي عيالي بهدوء وانا زوجه تانية احسن ما يتاخدوا مني غصب ويبعدوا عن حضني ، ساعتها قالتلي انا عارفه انك مش هتقدري تعملي حاجة لا انتي ولا للي يتشددلك ،  صممت علي رأيي وعدا كام يوم وجنة بدأت تندمج هناك معاهم أكتر وكانوا ببخلوها تبات عندهم هناك !!!"




        
          
                
صمتت تري اندماجهم ثم أخذت نفساً وهي تكمل بنفس الضعف :



_"مع انهم بيكرهوا ولادي بس قصدت تهددني ان هي قادرة تحببهم فيها اكتر مني ، خوفت ولما منعت جنة تروح بحجة المدرسه جه عارف وعدمني العافيه عشان حماتي قالتله اني بمنع ولاده يشوفوها ، بس انا كنت خايفه ..قالي هتجوزها وهاخد عيالي منك اذ كان عاجبك وشتمني وهاني ساعتها رديت عليه  وانا فحمقتي وقولتله لو عملتها مش هتعرفلي طريق لا انا ولا لعيالك ولا هتعرف تاخدهم مني ، اتعصب وضربني اكتر وهددني  انه مش هيطلقني وهسيبني على ذمته وهيقهرني وهو بيجيب مراته تعيش معايا فنفس البيت بعد ما يتجوزها كمان فتره صغيره ،قهرني بكلامه ومشي وكسر جسمي بالضرب وذق ٱدهم ويوسف لحد ما وقعوا  ، ساعتها حسيت لاول مره انه بايع اي حاجة فالدنيا حتي عياله وحسيت انه لو رجع معتش هعرف انفد بجلدي. فمشيت وانا مقهوره بنص عقل من غير جنة اللي كنت خايفه عليها منهم ، بس ٱدم رجعهالي!!"



كل هذه حقائق ؟ ذل؟ مهانه ؟ تحت مسمي الحب والتحمل لأجل الاطفال؟؟ ، كيف أتتها الجرأه تسرد بكم هذه التفاصيل ، تحامل "بدر" بإنفعال مكتوم علي نفسه في حين صرخ "ٱدم" بها علي فجأه وهو يقترب منها :



_" عرفتي انك السبب فكل ده من اول مره رضيتي فيها بكده وقبلتي على نفسك الذل وفضلتيه علينا!!!!!'



إقترب منها وهو يندفع فنهض "غسان"مع"بسام" يبعدانه تحت بكاءها المرير الموجع ، وظل "حامد ", جالس بحزن وضغط وغضب مكتوم هو الٱخر ،في حين تحامل "بدر" على نفسه وهو يتلع ريقه بتعبٍ  مردداً لها بلوم :



_" ليه كده يا فاطمة ؟ ليه تشيلي كل ده لوحدك؟ ليه توصليلهم فكرة انك ملكيش. حد يقف فضهرك ولا يجيب حقك ؟ انتي عاوزاني اعملك ايه بعد كل  ده ؟ ترجعيله؟؟ عايزه كده ؟؟"



صمتت بخزي دموعها تهبط ، وسألها هو بحدةٍ بٱخر حديثه  ، فإندفع "ادم ", يصرخ به مجدداً بحمقةٍ محاولاً التملص  من بين ذراعي "غسان",و"بسام:



_" بتسألها ؟  بتسألها لسه ؟؟ وحياة  أمك فتربتها لتكون طالق منه، مش  هسيبها ترجعله حتي لو غصب عنها .. انا بقولكم اهو!!!"



وقف "حامد" بإندفاعٍ ثم وبخه بنبره حادة مرتفعه :



_"لو ناوي تفضل مش  محترمني وانا قاعد وصوتك هيفضل عالي كده يبقي تمشي من هنا لحد ما تتعلم الاحترام.. بُعدك عننا مينسكش مبادئ عمك أولهم الأسلوب ، فاهم ولا لأ ؟؟؟؟"



وقف الجميع ينظر تجاه "آدم" التي إعتلت أنقاسه وتحرك صدره منها بطريقه ملحوظه ، نفض ذراعي "بسام" و"غسان" ثم خرج مندفعاً من الغرفه ومن الشقه بأكملها ، في حين إلتفت "حامد" يجلس من جديد ، ثم نظر ناحينها وهو يرد بحزمٍ :



_"سكوت الست عن الاهانه مش حلو .. واخوكي معاه حق انتي سبب كبير فكل اللي بيحصلك ، عشان انتي مش قليلة ولا من عيلة قليله يا فاطمة.. اما بقا سؤال بدر فأنا مستني إجابته وكلنا مستنين إجابته منك !!"




        
          
                
إبتلعت ريقها وهز "بدر" ساقه بانفعال. فردت هي بإرتباك وخوف فطري علي صغارها :



_" أنا خايفه ..خايفه علي ولادي!!"



إنفعل "غسان" هذه المره في الحديث عندما رد عليها بجديةٍ بالغه :



_" بردو مش مقتنعة. ان مسألة عيالك مش حاجة طول ما معاكي رجالة يجبولك حقك ، قولي مش عايزاه وسيبي الباقي علينا ، ومحدش يقدر يمس شعره من عيالك .. معاكي لحد الاخر لحد حتي لو رفعتي قضيه يبقي حازم موجود ..دا فحالة لو هو مش راضي يطلق..بس فعُرف عيلة البدري محدش يمشي كلمته علينا..احنا نخليه يعمل اللي احنا عايزينه وهو بيبوس رجلنا..دي أمور رجالة هتمشي بمعرفتنا ..اللي عايزينه منك هو قرارك النهائي اللي انتي عارفاه بس بردو مش هنضغط عليكي هنسيبك تقولي براحتك !!"



_"بس انا فكرت!"



قالتها بتلقائية ، تختار صغارها عنه ، وكل خوفها عليهم وعندما وجدت الوضع كهذا صمتت على القرار تقتل شعور قلبها  بيديها وعقلها ، ابتلعت ريقها بوجعٍ فسألها "بسام " بنبره هادئه مُشفقه :



_", وصلتي لايه ؟"



تاهت ببن النظرات المترصده عليها والتي تركتها تختار بمفردها دون ضغط ، فأخرجت هي تنهيدة حاره ثم قالت بصدقٍ رغم ألمها :



_" مش عايزاه !"
 
تحركت الرؤس بتفهمٍ وبدأ "بدر", بالحديث وهو يقول مع نظرته في عينيها :



_"ومش هتندمي يا فاطمة على ده ، وعيالك هيبقوا مرتاحين وفأمان زي ما هتكوني انتي معززه مكرمة فبيت أبوكي من تاني وانتي بتمليه بهجة بصوت عيالك بعد ما كان كئيب.. سيبي الباقي عليا وانا صدقيني مش هحرمهم من حاجة ولا هقصر معاكم !!"



قصد اللين وظهوره رغم غضبه منها ومنه وعليها وحزنه بنفس الوقت ، تنفس"غسان" براحة وهو يبتسم بانتصار ثم قال بشرودٍ :



_" كده يبقي  الجاي لينا احنا بقا !!"..



ضمها "حامد", بحنوٍ ثم ربت علي ظهرها بحنانٍ مردداً بثقلٍ :



_", أنا عارف يا حبيتي انه مش سهل عليكي، بس احنا كلنا معاكي ومش هنسيبك، مع ان خراب البيوت وانا اعداء بس صدقيني ده القرار الصح اللي جه بعد تعب كتير أوي منك ، انتي تستاهلي تتحبي وتتقدري ، تستاهلي  تتشافي ملكة  وتستاهلي متدفنيش جمالك بالحيا وانتي يائسه ،انتي صح يبنتي !!"



تنفست بعمقٍ وهي ترفع يدها تمسح دموعها بإنهاكٍ فنهض "بدر" متنهداً وهو يشير لـ "غسان" و"بسام " نحو الخارج ، وحثها "حامد" على غسل وجهها كي تذهب متأبطة ذراعه لحنة العروس ومن ثم سيعود هو مع الشباب !!



وقبل دقائق ، قابلها وهو يخرج من مندفعاً  متجهاً. ناحية المصعد بشررٍ وإنفعال ، عندما خرجت هي كي تتوجه لشقتها تجلب شئ ثم تعود ، حينها إصطدمت به وهو يندفع بسرعه ، فوقعت أرضاً متأوية برأسها وجسدها ، تلقائياً إنحني "آدم " على ركبتيه بسرعه وهو يحاول مساعدها مردداً بنبره سريعه :




        
          
                
_"  مخدتش بالي ..أنا ٱسـ .."



وبترت هي حديثه عندما دفعته عنها بغضبٍ مستنده علي يديها كي تنهض ثم قالت بصوت مرتفع توبخه :



_'' هو انت طلعتلي منين يا ٱخي بقا  !!!"



قالتها "فريدة" قاصدة كل ما حدث منذ الصباح ، ثم عادت تشير بآنفعالٍ أكثر وهي تقول :



_"وبعدين ايه اللي مكنش قصدك  دي ، في حد بمشي بوشه مش شايف قدامه كده ، قدر يا بني آدم انت ان  في ناس وفي حاجة اسمها علي مهلك ، وفي جسم أقل وأضعف من جسمك اللي فارده علينا ده ،  فاكرني قدك انا ؟؟؟ ما تفوق بقا !!!"



صرخت به بٱخر حديثها وهي تهبط يديها تمسح ملابسها الانيقه تحسباً ان اتسخت من اتربه ناعمه ، رجع حجابها إلي الخلف ورغماً عنه ورغم محاولة  غض بصره ولكنه تاه بين خصلاتها الناعمه التي كانت تتعمد ان تظهرها هي في البداية وكانت تفعلها بطريقة تجذب الانظار ، تحرك الحجاب فتحرك معه سحاب الثوب فظهر لبياض عنقها  بعظمتها البارزه الجذابة ، أهبط عينيه بغير وعي ولم يرد علي حديثها ، بل تيقن وكان يعلم بالفعل انها تخفي جمال تحت ملابسها الواسعه، جمال كان يراه من قبل مرسوم بملابسها الضيقه!! 



وعلى فجأه وجد صفعه نزلت علي صفحة وجهه بصوت جعلته يرفع أنظاره لها بدهشةٍ وتحولت. ملامحه الي الغضب الذي تزايد عندما صرخ بها بإنفعال:



_", إنتِ مجنـــونه ؟؟ بتمدي ايدك عليا انا ؟؟؟؟"



لا تنكر بأن صراخه هذا أثار خوفها بل وثبتت هي بمكانها عندما وجدته يقترب أكثر بانفعال ، فحثت نفسها علي الشراسه عندما وبخته بصراخ هي الٱخري وخرج كل من بالشقق علي صوتهم:



_" اه عشان انت قليل الأدب ومتربتش..ولا انت فاكرني هسكتلك  وهتحرج منك لا فوق يا حيلتها ، أنا مش هسمحـلك ولا هسيبك تسرح  وتبـ .."



وجدته يمسك معصمها ثم قال متفاجئاً من جرأتها  مردداً بإنفعالٍ ضاغطاً على فكة كي لا يخرج ما بداخله من غضب عليها الآن :



_"ولما أنا قليل الادب تبقي انتي ايه؟!!!"



فتحت عينيها ودفعته هي عنها بيديها الٱهرى بعزم ما لديها  وهى ترفع ساقها على فجأه حتى ضربته  بساقه كي يبتعد .. فتأوي وهو يتركها ثم كاد أن يقترب منها أكثر ولكن عاقه جسد "حازم" الذي وقف حائل بينهم ومن بين خروج الجميع بصدمة من الذي يحدث :



_" انت جرا لمخك حاجه ؟؟ ..انت عايز  تمد ايدك على اختي وسط  بيتها وأهلها وانا موجود كمان ؟!"



قالها بحدةٍ فأشار له "ٱدم" منفعلا. بيديه :



_" الاستاذه اختك هي اللي مدت ايدها على واحد مجاش جنبها ، لما رفعت ايدها تضربني بالقلم!!"



شهقت "جميلة"و"نيروز", ونظرت"ياسمين" بتسلية، ففصل "شادي" و"بدر",,و"غسان", "آدم" عن "حازم", الذي أمسك ذراعه "بسام" كي يبعده ، فنفض"حازم" ذراعه وهو يلتفت لها يسألها بجدية :




        
          
                
،_" الكلام دا صح ؟ انتي ضربتيه بالقلم فعلاً ؟"



سألها وترقبت الأنظار بقوه ، فإبتلعت ريقها من نظراته الحاده ناحيتها ، وعندما أشارت له بإرتباك ترد بتعلثمٍ أمام جدية "حازم" هذه وصرامته :



_" ما هو الـ .."



_" أدخلي جوه!!! "



أمرها بلهجة حادة ثم ضغط علي فكه وهو يرمقها بحدة وكانت "زينات " هذه المره واقفه تنظر بغير فهم ، ولم تتدخل عندما تحدث "حازم", تصرفت هذه المره بعقلها رغم دب الشرر بها دون علم بما حدث من الأساس ، وقف "ٱدم" يتنفس بصوتٍ ملحوظ من ٱثر إنفعاله ،. فعاد "حازم" يوزع نظراته بين الكل بينما دخلن الفتيات إلى الداخل ، إقترب حينها من "غسان", وهو يرمق "ٱدم" بجدية  قائلاً له :



_" أنا مش عبيط عشان مخدش بالي. إن في حاجة  من الصبح مش مظبوطه ، ولو الدنيا مش سالكة بينك وبينها يبقي بلاها  منه شغل ، إنت أولى تقف في محل الورد ده ، وكويس ان حصل دا كله من يوم واحد عشان نعرف بسرعه !!"



ضغط "غسان" على فكة من قراره السريع ، في حين تدخل "حامد" يهدأ الوضع بحديثه الٱتي :



_" يبني متكبرش الموضوع ،. محصلش حاجة !!"



_"وحتى لو حصل ..أنا مقولتش حاجة غلط.. انا ببعد اختي عن أي مشاكل ، ومن غير ما نخبي علي بعض الكل عارف انها مش هتكست ولا هنخلص طالما البدابة كانت كده !"



قالها بحزمٍ ، فعاد "ٱدم" يرد بهجوم :



_'' انت فاكر اختك ملاك ومبتغلطش ..ما طظ فمحل الورد وفكله !!"



 انهى كلمته بكلمة إعتراض خرجت من بين شفتيه بوقاحةٍ ، كل مره يردف حديث دون وعي منه ، تدخل "غسان" يبعده عنه في الوقت الحالي في حين عنفه "حامد" بنيره منفعله :



_" انت هتتظبط امته بقا , اخرس خالص دلوقتي !!"



صمت"حازم" ينظر له بصمتٍ. ،في حين تدخل "بسام " هذه المره يهدٱ الوضع وهو يقف بجانب "شادي"و"غسان" الممسكان بـ "آدم " الذي  مال عليه شقيقه يحذره ، تزامنا. مع قول "بسام ":



_" أهدي يا حازم وإهدي يا ٱدم ، محصلش حاجة لكل ده ،وبلاش يا حازم الكلام ده ، غسان مش هيرد عليك يقولك كده بس أنا بقولك ان اختك مش مجرد واحده شغاله فمحل الورد زي ما الكلمه خرجت منك ، بلاش تعمل رسميات وتكبر الموضوع، ٱدم راجل ولو مش ماشيه معاه الشغلانه دي  يبقي هو اللي يدور على شغل تاني ويتعب ، عشان دا راجل واختك تبقي وتفضل موجوده على دماغنا عمرنا ما نقبل بحاجة غير كده ..!!"



من المفترض بأنه من يضحي وليست هي ، صمت "آدم " ثم تركهم بإندفاعٍ  هابطاً. علي السُلم تاركهم واقفين ، في حين نظر "غسان" نحو "حازم" بسكون ثم قال :



_"انت بتعمل حواجز بينا يا حازم مع ان مفيش بينا الكلام ده ، وفريدة اختي ومكنتش هقبل عدم راحتها ..بس براحتك اعمل اللي يريحك ي صاحبي !!"




        
          
                
تركه ودخل إلى الشقه ، فزفر "حازم" بصوتٍ مسموع حتى وجد بجانبه "حامد" يقف بجانب "بسام" وزع بينهم النظرات ثم قال بعاطفة لما يشعره بعدما شعر بخلو المكان :



_" انا مقدر يا بني اللي بتحاول تعمله ، غسان قصد يساعد اتنين عايزين يتغيروا ، مكنش كل دا من كام ساعه يعني , لكن تحسبها كده بالتسرع ده من غير ما تصبر علي حكم غيرك بأسباب يبقي كده احنا مش غالين عندك ، ابني عمره ما اعتبرها شغاله عنده ولا حتى كان هيسكت ، بس انت اخوها وادري بيها وعارف انك بتحاول تبعدها عن أصغر حاجة بدل ما تكبر.. وبالذات هي..حقك !!"..



تركه بعدها ودخل بعده "بسام " فوجد "حازم"  نفسه بمفرده وأمامه "بدر" التي ارتسمت علامات  اليأس علي ملامحه خوفاً. من تهور "ٱدم" اللحظي ، اتجه حينها مقترباً. منه ثم وضع يديه على كتفه معترفاً :



_" بقولك ايه يا حازم..انا عارف ان اخويا مش سهل واكيد عمل حاجه تخليها تتعامل معاه كده ..بس صدقني هو طيب ...وأمان علي أختك ..مش عيب علي فكره تقولي انك خايف منه عليها  طبيعي تخاف بعد إللي حصلها وطبيعي تفكر  زي ما فكرت ان اخويا يطلع منه أي حاجة ، بس صدقني هو اتغير وبيتغير ، يمكن عشان بيتغير بقا تايه بين حاجات بطلها وحاجات لا ..لكن الثابت طيبة  قلبه وأصله ، لو غلط فحق اختك يرجع من غير نقاش ، وقبله حقك على دماغي من غير ما أعرف اسباب .. لكن الكلام اللي طلع منك وكإن غسان مشغلها عنده بيوميه مش حلو منك  إحنا مش عيله مع بعض.؟"



حرك رأسه بسكونٍ وخرج من قراءة الٱخر لأفكاره ، فزفر مطولاً. بعمقٍ ثم قال  بنبره هادئه :



_" حصل خير يا "بدر" ، أخوك اخويا .. وعشان اخويا "حسن" فأنا بقيت اخاف بعد اخر مره كان خطر عليهم هنا وانا مش موجود ، كل حاجة بقت تطلع منه عادي ،  متزعلش مني يا بدر انا واحد خايف على أهل بيته من اخوه  هعمل ايه مع الغريب ..انا شايل وخايف ومحدش داري .. وفريدة عمرها ما كانت ولا هتكون سهله بعد اللي حصل فيها وقبله كمان .. أختي لو اتسابت على اخوك مش عايز اقولك ايه هيحصل وهي كده مش هنكر  بس صدقني انا ببعد مشاكل كبيرة بدل ما تحصل او قبل ما تحصل!!"



زفر "بدر" متفهماً ، ثم وضع ذراعه على كتفه يربت عليه بإطمئنان وهو يحثه:



_'' طب تعالي ندخل يلا نستني عز  وسيبك من اي حاجه !!"



بينما بين الفتيات جلست "فريدة" بصمت ساكنه لم تريد التحدث تحت نظرات وضغط "جميلة" و"نيروز" وحتى "ياسمين" ، في حين ربتت"عايدة" على ظهرها وهي واقفه ثم قالت بنبرة هادئه :



_" متزعليش نفسك يا حبيبتي طلعي من دماغك اي حاجه واتبسطي دلوقتي!'



طالعتها بصمت وملامح وجهها الخالية من التعابير، بينما الغير معقول أن "زينات" تقف بجانب "فريدة", الٱن تنظر لها بصمت حتى وجدتهم واقفين وما أن صمتوا انحنت تحثها قائلة :




        
          
                
_"تعالى يا فريدة نروح الشقة تهدي وبعد كده ترجعي!"



_'" أنا هادية !!!"



قالتها بحزمٍ ثم وقفت تطالع "جميلة" وهي تقول:



_" مس هتشغلوا أغاني بقا بدل الفصلان دا ؟"



ضحكن عليها بخفةٍ حتى "زينات", التي وقفت تتابع مشاكستهن لها خاصةً "ياسمين" التي غمزت لها وهي تقول بمرح:



_" أيوة كده فكي..محدش واخد منها حاجه ..بس خدي بالك ما محبة الا بعد عداوة. !!"



_" بلاش قرف أسكتي !!"



ضحكن عليها بيأسٍ في حين تدخلت "وردة" وهي تردد بجدية مرحه تلومها :



_" خدي بالك بقا انك بتغلطي كده فأخو جوزي وانا واقفة !!"



ضحك الجميع بشدةٍ وبدأت  الأغاني في الصدوح عالياً تحت مسك "جميلة" الهاتف لتدق على "فرح" , في حين دخلت عليهم "منة" وهي تتراقص بمرح فهللوا جميعاً بالزغاريد لقدوم العروس الثانية "منة" التي احتضنت الجميع وهي تضحك بسعادة وبالفعل تجتمع النساء بأكملها ويأتي إليهم  عدد قليل من سكان العماره من النساء اللواتي تربطهم علاقه طيبه مع "عايدة",  ومعارف "جميلة", من الفتيات وفقط كما كانت "ياسمين"، وقفت "عايدة" تصفق بحرارة وسعادة وهي تراقب سعادة ابنتها في حين تمايلت "فريدة", متناسيه ما حدث تحت انظار "زينات" التي جلست بركن ما تراقب ولأول مره ترسم علي ملامحها سعادة حقيقه نظيفه ولكن البعض لا يستطيع تصديق ذلك!!!



بينما على الجانب الآخر في جهة الرجال ، شقة "حامد" .. جلس هو على الأريكة وبجانبه الشباب ملتفين ، حتى "حازم" الذي كان يضحك ٱثر ما يتحدث به "شادي" له ولـ "غسان" حتى يندمجا وينسيا الذي مضي ، وهيهات من. حدة الشباب الذي أخذ موقفاّ ساكناً منه دون ابداء عشم ، في حين نظر له "حازم" مطولاً كي يتفهم الأمر والنظرات كانت تعني بعد هذه الليله سيتحدثا معاّ كي لا يُركن العتاب بعتاب اكبر ويتركوا مشكلة من لا مشكله  كي تكبر مع الأيام!!! ، صاح "شادي" مهللاً  بحماسٍ :



_"يا جماعه ما تقوموا نهيص بقا مستنين ايه !!!"



ضحكوا عليه ضحكات رجولية مشاكِسة ،في حين ضحك "طارق" عليه بحماس غريب هو الٱخر ، رؤيته سعيداً بحماس ليرتبط بابنته يثير سعادته ولا ينكر بأنه يثير حقنه احياناّ, رد "حامد",  عليه بضحكٍ ونبرة اتت من ضحكه :



_" مستنين العريس التاني ياض!!"



صفقوا بحماسٍ وحرارة وعاد الجميع منشغلاً بالحديث الشبابي بينهم وبين بعضهم ،  حينها كانت "دلال", تنتظره في المطبخ ، لذا نهض واعياً نظراتها المتشوقه له قبل قليل ، دخل فوجدها تقف وتحبس الدموع بعينيها ولم تكن سوى"دلال" التي كانت تقف بجانبها "وسام" ،  ٱدمعت عينيها وهي تقف ثم لامته موبخه بنبره ضعيفه تعلن حزنها منه :




        
          
                
_" هان عليك وجع قلبي ؟؟ هان عليك ٱمك عشان تبعد عنها كل ده ؟؛"



وقف "بسام" ينظر لها بصمتٍ وشعور الخزي بداخله يظهر لها وحدها كونها تؤثر عليه بنظراتها هذه بل واصلت تكمل بحسرةٍ :



_" هان عليك يا بسام اقعد اطلبك وارن عليك وانت تقافل تليفونك ومبتردش ولا نعرف عنك حاجه ؟ ولا هان عليك اكتر وقت كنا محتاجينك فيه ومكنتش موجود !! ، ٱنا اول مره ازعل منك اوي كده بالشكل ده ، طول عمرك كنت مريحني وأقولك يمين تروح يمين حتي لو كبرت وبقيت راجل ..متعودتش منك يبني علي كل ده ليه توجعني فيك وتحسرني علي كل اللي بيحصل ده !!"



قالت كلماتها تحت حبس دموع "وسام" ، عدم وجوده بأزمة والده يترك لهم علامه بداخلهم حتي وان كان لايعلم فوجوده كان له فائدة كبري، الاول لانه طبيب والثاني ان أزمة والده لم تحدث الا بسببه هو وفقط !! ، وقف مبتلعاً ريقه بصعوبةٍ ونصف حديثها لا يعلم هو ما مخذاه الحقيقي خمنه كله بفراقه لهم ليس الا ، اقترب ناظراً إلى ملامح وجهها التي كانت ملامحه مشابهه لها قليلاً حتى خرجت نبرته المتحشرجة يبرر لها بألمٍ :



_" أنا محدش حاسس بيا ..ولا حد هيحس ، أنا تعبت ومن غير ما تسأليني ليه ..بس انا .. أنا تايه .. تاية اوي !!"



قالها بتشتت وشعرت بمدي ثقله دون ان تعلم ماذا حل له وبه ، في حين ٱدمعت عينيه ، فردت هي بعاطفة ٱمومه غلبتها :



_" تتوه وإنت بعيد عننا يا بسام. ، هي دي التوهه لما تبعد عن أهلك وتمشي وتفارق ايام كتيره  بعد ما كنت انت اللي مستحيل أخمن إنك تبعد وتمشي وتسيب البيت!!"



وقف ظاهراً لهما الخزي والكسرة الذي عاش يخفيها طوال فتره غيابه بالعناد وفقط أمامهم ، إبتلع ريقه بوهنٍ ثم قال وهو يقترب سانداً رأسه على كتفها :



_" مش لاقي نفسي يا ..ماما ..مش لاقيها ولا هلقاها غير هنا .."



توقف يرفع ذراعيه يحاوط ظهرها مردداً بضعفٍ :



_" مش هلقاها غير فحضنك.. أنا تعبان اوي !!"



رفعت ذراعيها تضمه ودموعها تهبط بصمت لم تردد أي حديث وتناسي أحضان شقيقته ووجودها من الأساس بل حاولت الانسحاب من هذا المشهد المتأثر كي تخرج من المطبخ  ومن الشقه ناحية الفتيات ، خرجت فوجدت الشباب بالصالة وكان "غسان" جالساً بين"شادي"و"بدر " ، رفع عينيه عليها وهي تخرج بسكون من باب الشقة ، بينما قاطع دخولها دخول "عز " بهيأته الجذابه والذي سرعان ما انتفض الشباب أجمعهم بتهليل وهم يسحبونه بضحكٍ مداعبينه بمرحٍ فصاح "شادي" عالياً لـ "حازم" الضاحك بقوة :



_" رقصنا يعم ..رقص العريسين بقا وهييص خلينا نعيش !!"



إنخرط "عز" معهم بالحركات وما إن إعتلى صوت الاغاني وقف يترقص معهم بشعبيةٍ مندمجاّ بقوه وصوت الضحكات يعلو ببهجة كبري والكل يشارك  تزامناً مع خروج "دلال" من باب الشقه بانسحاب ناحية الشقة الٱخرى وخروج "بسام" من المطبخ متظاهراً باللاشئ بعد ترحيبة بـ "عز" الذي رحب به وحاول الإثنان معاّ نسيان الأمر المحرج الذي حدث بينهما فسبب حساسية بعلاقتهما ،  كان يعلم "عز" بٱن مهما وصلت علاقته به فشعور الحدود والحواجز لا يمحى بسهولة خاصةً لدي "بسام" مع الغريب بينما الٱخر انخرط معه  بسهولة مواكباً عقله وافكاره. في حين بأن تعارفه في البداية كان مع "بسام" اول شئ وليس "غسان" !!!




        
          
                
__________________________________________



تراقصن الفتيات مع بعضهن وكل ذلك أثناء مكالمة "فرح" بالفيديو، كان الجو مبهج لحد كبير ، والأكثر سعادةً لكل هذا الاهتمام من "جميلة" كانت "حنان" التي كانت بإمكانها أن ترسم لوالدة زوج شديدة الطباع ، بإمكانها فعل ذلك تحت مسمي العفوية ولكن "جميلة" تثير تعاطفها وحبها واحياناً شفقتها وخزيها مما فعلته ابنتها معها ،  جلست "فريدة", بإنهاكٍ بعدما قامت بالرقص بينما ظلت "جميلة" ترقص بفستانها الوردي الخافت بخفةٍ ، تشعر بالسعادة الٱن ، وأيضاً كانت ملامح "نيروز" هادئه سعيدة شغوفه حتى وهي تقف تحاول التمايل معهن رغم انها هادئة غالباً ولكنها حاولت فعل ذلك لتظهر السعادة لـ "جميلة" بينما جلست "ياسمين" عابسة الوجه بين "سمية"و"عايدة" بسبب توصية "حازم" لهما بٱن لا تتحرك هذه من مكانها ..



تحركت "فريدة" ناحية الشرفة لتأخذ أنفاسها كي تخرج الثقل الذي بداخلها ،  زفرت أنفاسها بصوتٍ وهي تستند علي السوار وما أثار سمعها كي تنتبه وتنظر أسفل ما تقف هو صوت الأطفال "ادهم"ويوسف" كيف يهبطا لأسفل بمفردهما ؟؟ كادت أن تصيح عليهم ولكن لاحظ استناد"ٱدم" معهم  على إحدي السيارات يلاعبهم ألعاب شبابيه وهو يقف ، عندما هبط يخرج كبته لغضبه لوقت ثم ليعود ، زفرت بملل منه ومن ما يفعله ، شعورها بلذة الإنتصار من ٱخر صفعه قد صفعتها له ليس سئ ، تريد بكل الطرق أن تجعله يترك محل الورد ، لا تريد رؤيته يذكرها بالفعل بشقيقها ..



_" حتى وانا واقفه مع نفسي طالعلي في البخت ..حاجة هم !!"



قالتها بتأفف ثم دارت لتخرج من الشرفه وعندما قاطع عينيها دورق المياه الذي كان علي الطاوله لمعت عينيها بفكرة أتت من نصفها الشرس ، هاجمت نفسها بأنه لا ..وبين لا ونعم .. وبين تحدي وٱخر، هزمت  الصوت العاقل بداخلها وأمسكته وهي ترجع برأسها للخلف بعدما علمت المكان التي ستلقي منه المياه فتسقط على رٱسه  وملابسه ،  قامت بعد عدد ثلاثه بسرها ثم ألقت المياه وهي تبتسم بإنتصار ، ورجعت سريعاً إلى الخلف وهي تضع الدورق مكانه فور سماعها لصوت شهقته العاليه بسبه التلقائي مما أوضح سوء ما حدث له ،  إنسحبت ببطئ من الشرفه وهي تعود لتندمج معهم وكأن شئ لم يكن ..!!!



_" يختي ولا واحده فيكم بتعرف ترقص!!" 



ضحكن على حديثها العفوي ، بينما هتفت "جميلة" ترد علي حديث "حنان":



_" لا ي طنط فريدة بتعرف بس هي مزاجها جاييها تقلبنا اي حاجة وراحت قاعده!!"



_" طب ما تورونا بقا الله!! "



قالتها "دلال" بمرحٍ. فضحك الكل حتى "زينات" التي جلست تتابع  ولولا حديث "عايدة" لها بطيبه لما جلست من الأساس ، ضحكن عليها بخفةٍ فعادت "عايدة" ترد بمشاكسةٍ :



_" يعني هي متعلمه من قليل .. ما أكيد زينات ليها يد ولا ايه ؟!"



تعالت الضحكات أكثر من الجميع دون إستئذان وقبل أن ترد إحداهن وقفت "فريدة" تربط حجاب الرأس على خصرها ثم أشارت لهم وهي تقول :




        
          
                
_" شغلولي يلا ..هحن عليكم !!"



بدأت الٱغاني في الصدوح عالياً وقامت "ياسمين" بفعل صافره من فمها شبابيه لها وهي تصفق بحرارة كمثل الكل ، و من بين هذا سمعت "نيروز" جرس الشقة ، فتوجهت تفتحه وهي تتخطاهم فكانوا جالسين في الصالة ، فتحت الباب  تنظر فوجدت "ٱدم" على ملامحه الإنفعال ومن خلفه الصغيران ، وما أثار إنتباهه هو رقصها من خلف "نيروز", من على بعد ، صب أنظاره عليها دون انتباه "نيروز" التي أشارت له أمام وجهه بحرجٍ من  مظهره وهي تسأله :



_"هو  ايه الماية دي و منين..؟"



ٱغلقت الباب قليلاً  عندما إنتبهت لمحط أنظاره ، وأدركت بأن عروق هذه العائلة واحده بجذورها وطباعها الوقحة !! ، تنحنح يجلي حنجرته بغيظٍ ثم قال بسخرية وصوت مرتفع :



_' هيكون مين يعني الللي يتجرأ يعمل كده غيرها ، في حد محترم هيرش مايه من سكان العماره وتترمي عليا أنا بالذات، دا انتوا حتي فالدور التالت !!"



برر لها تزامناً مع هرولة "يوسف" ليخبر "بدر" في الشقه الٱخرى ، في حين برر هو بغيظٍ مره اخري:



_" طلعيلي اللي عملت كده ..خليها توريلي نفسها كده وتقول انها عملتها وتبقي جريئه طالما عملانا فيها الشبح اللي محدش هامه!!"



وقفت "نيروز"  تنظر بتوتر وأتي خلفها "وردة" و"فاطمة " ، في حين كانت ملابسه بها من المياه ما يظهر عليها وعلى أناقتها ، تعالت أنفاسه بصوت مسموع تزامناً مع. خروج الشباب والرجال ، حتى قال هو مره أخرى :



_" ما توريلي نفسك ياللي عملالي فيها قوية ومستقوية ، ما تخرجي يلا !!"



المفاجئ بأنها دفعت "نيروز" وهي تفك من على خصرها ما ربطته ثم ألقته بإهمال وهي تظهر أمامه بعدها ثم طالعته بتسليةٍ وهي تقول :



_'' نعم ؟"



أبهذه البساطة ؟ ، نظر "حازم" بغير وعي لما فعلته اتضح الٱمر أكثر الغريب أن الوضع إنقلب لضحكات عالية لم يستطع ٱحد. كبتها ،  توجه "بدر" يسحبه معه من ذراعه هو و"غسان" ووقف "شادي" يضحك مع "عز" وبقية الرجال ،في حين حاول دفعهم عنه وهو يردد بنبره مرتفعه :



_" وسعوا كده أما نشوف جرأتها هتاخدها لحد فين تاني !!!"



سحبوه بالقوه رغماّ عنه إلى الداخل كي لا يتأزم الوضع ودخل الشباب من خلفه بينما نظرت هي بتشفي ونظرة عينيها الخبيثه لا تفارق عينيها لاحظت انسحاب الفتيات مره أخري وحتى النساء في حين كان هو الذي كان يقاطع نظرة عينيها ، عندما حدجها بصمتٍ محذراً بقوله :



_"إنتي لو متظبطيش أنا هظبطك بمعرفتي يا فريدة !!"



إهتزت نظراتها من حديث "حازم" الذي توجه يمسك معصمها بحزمٍ ثم قال بحدةٍ :




        
          
                
_"الربع اللي طاير من عقلك دا يهدي وتهدي انتي كمان معاه ، أول مره سكت وعدينا فتيجي المرادي تغلطي نفسك وتغلطينا معاكي يبقي لا !!'



ترك معصمها ثم رمي لها نظرة جادة قوية تحذيريه ،  إبتلعت ريقها وهي تنسحب إلى الداخل بصمتٍ ، هو الوحيد التي تهابه من بين الجميع!! ، أخذ أنفاسه بصوتٍ بعدما نظر على أثر إختفاءها.، كان يشعر بالغرابة في بداية سكونها لا يمكن لأحدهم بأن يتغير بهذه السرعه من كل الطباع ولكنه الآن تيقن جيداً ما الوضع!! ،  استدار هو الٱخر كي يدخل الشقة الٱخرى وعندما دخل من بابها المفتوح وجد الضحكات على منظر "ٱدم" تعلو حتي من "حامد"و"طارق" معاً بسخريةٍ عليه ،  كانت ملامحه شبه خاليه من التعابير بل اخذ يمسح بيديه  اثار المياه التي كانت علي سترته الانيقه وحتى على خصلات شعره الذي رفع يديه يرجعها إلى الخلف وعندما رفع عينيه من وسط هذه الضحكات  مع نظرات "حازم" المتأسفه عندما هتف بنبره هادئه. :



_"متزعلش يا ٱدم ، حقك عليا فـ دي !!"



لم يستطع بعدما كبت صحكته بعد كل هذه الصرامة بل خرجت ضحكته عالياً وهو يحاول إخفاءها والمضحك ان ضحكات الٱخرين قد تعالت أيضاً حتى وقع "شادي" أرضاً من كثره الضحك بعدما كان. جالس ، في حين نظر إليهم "ادم" بإستخفافٍ  حتى تركهم كي يقف بالشرفه بمفرده وسط هذه الضحكات ومن أتي خلفه كان "غسان" و"بدر" فقط ، اللذان وقفوا جانبه وهما يسعلان من كثرة الضحك ، وعيني "غسان" التي ادمعت من كثرة الضحك رفع يديه يمسح عينيه وجسدة يهتز من هذا الضحك الهيستيري حتى شاكسه بخفةٍ ونبره بها ٱثر الضحك :



_" كده إتنين ي معلم ..مره القلم ومره الماية !!"



ضحك بعد قولها باستخفاف فنفض "ٱدم" يديهما معاً وقد تعمد الصمت بعدما رمي إليهما نظرة حادة، فعاد "غسان" يغمز له وهو يلتفت حوله كي لا يسمع "حازم" مشاكسته :



_" بس حلوه والله حقا لنجوزهالك؟."



قالها بسخريةٍ  غامزاً له بمشاكسةٍ ،  فعاد "بدر" يضحك بشدةٍ مع سخريته وهو يقول بنبرة ضاحكة:



_" اوبا ..كده لقينا العروسه اللي بندور عليها ، وذوقك ي معلم .. عارفك انا مش هتختار الا اللي حلوة  يصايع !!"



إنكمشت ملامحه متظاهراً بغير الأهتمام حتى رد بفظاظةٍ :



_"معتش الا دي ، اسكتو بلاش تقل دم !!"



صفق"غسان" بمرحٍ ثم غمز له وهو يوكز ذراعه مره أخرى مردداً كي يثير. حنقه :



_" طب والله شكلك واقع والبت حلوه بقولك!!!"



قاطعه "ٱدم" سريعاً بغيظٍ وهو يرد له ضربة ذراعه :



_" ما تخف ..انت مش متجوز  ما تعقل !! "



آستنكره بهذا ، فضحك "غسان". مع حديثه لـ "بدر", وهو يشهده علي حديثه:



_"  انت ايه رايك ي بدر .بذمتك ما حلوه  وٱدم يستاهلها ؟"




        
          
                
زفر "بدر ". متظاهراً بالمشاكسة غير الذي جاء على خاطره ، فرد لـ "غسان" الغمزة وهو يقول :



_" الصراحة انا محبش اقول كده ووردة مراتي .. بس هي جميلة اه !!"



رمي لهما "آدم " نظرة حادة أخرستهما تزامناً مع خروجه من الشرفه ذاهباً لهم ولرقصهم بالخارج. في حين زفر"بدر" بصوتٍ فعاد "غسان" يسأله بجدية هذه المره :



_" تفتكر الكلام ممكن يقلب جد فعلا؟"



_" مش عارف يا غسان ..ٱدم شكلة كده ميعرفش اللي فيها ، بس حازم عنده حق احنا نبعد ٱدم عنها بدل  المشاكل ، دا قعدوا كام ساعه واديك شايف ..وٱدم اخويا لو ليه حق هيجييه ذوق أو عافيه ، واحنا مش عايزين الدنيا تكبر بينهم فإحنا نبعده ونشوفله شغلانه تانية !!"



قالها بتنهيدة ، فحرك "غسان" رأسه بشرودٍ ثم خطرت علي باله فكرة ، حينها امسك ذراع "بدر" وهو  ينبهه  :



_"انا هقولك ..أنا فاكر انه كان اشتغل في ورشة  ميكانيكا العربيات قبل كده بس معمرش.. إحنا نشغله مع عز. .مش هيقول حاجه وكده كده كان حاكيلي ان واحد عنده ساب الورشه !!"



صمت يفكر بتمعن ،في حين نظر له "بدر" بصمت لوقت قليل ثم قال بعدها بنبرة هادئة :



_" عز ابن حلال..بس مضمنش ٱدم يبقي وضعه ايه مع الناس اللي هناك !"



علم "غسان" مخزي حديثه وسرعان ما رد بدفاعٍ يعلمه :



_" لا دماغك متروحش بعيد ..عز معندوش هناك حد شمال، كلهم شباب محترمة بتوع شغل ..اخرهم سجاير أنا روحت هناك كذا مره ومن كلامه يعني وضحلي ده!!"



تنهد بحرارة ثم زفر أنفاسه وهو يقول :



_" ربنا يسهل  نبقي نشوف ٱدم ونشوف عز بردو بعد الظروف دي!"



أشار له بعدها كي يدخلا الشرفه فوجدا هذه المره "بسام " يرقص مع"شادي" و"عز" و",طارق" هذه المره ، واستمر الوضع بالفعل بالرقص بينهم ، إلى أن هتف "شادي" سريعاً بإستعجالٍ :



_" طب ما تيجوا يلا نروحلهم !!"



ضحكوا عليه بخفةٍ  فشاكشه "حامد " بمرحٍ :



_" مستعجل على ايه ياض!!"



وقف ينظر له بضيقٍ تحت ضحكات الشباب ولم يلبثوا سوى دقائق وتجمعوا أمام شقة"عايدة" حتى دق "حازم " الباب حينها  وخلال لحظات فتحت "ياسمين" الباب له وهي تبتسم بإتساعٍ، دخل الجميع وتعالت الأغاني هذه المره بصوتٍ أعلى وحينها وقف "عز" ينظر بإنبهارٍ لها ولفستانها الوردي الهادئ ، هذه الجميلة من وجهة نظره تبدو أكثر جمالاً على جمالها في أي لون فاتح !! ، ابتلع ريقه وهو يمسك يديها يديرها أمام الجميع  فعادت تسأله هي بخجلٍ وارتباك:



_" شكلي حلو ؟"



ثبت نظراته نحو وجهها وقال بغير وعي كلمات تتواكب مع شطر من أغنية يعرفها:




        
          
                
_'' دا القمر هو حبيبي .."



وعاد ناظراً ناحية عينيها بقوه ، عينيها اللامعه التي تقابل عينيه الٱكثر لمعاناً. أكمل بتلقائية وتٱثر :



_" والنجوم دي عيون حبيبي!!"



توردت وجنتيها بحمرة الخجل الذي يظهر عليها اينما قال هو ، إندمج في النظرات في حين وقف "شادي" مبتسماً بإتساع لـ "منة" التي كانت تتراقص مع "وسام" بخفةٍ وعندما شعرت بأنها مراقبه منه اقتربت تقف أمامه  فهز رأسه لها متسائلاً. بغير وعي :



_" هنكتب الكتاب إمته يا ام عيون قناصة .ياما نفسي أحضن وأبوس !!"



ضربت كتفه بعفويةٍ وهي تحدجه بتحذير ثم قالت بتعنيف :



_" احترم نفسك !!"



_" عيب أوي ، عيب شادي يحترم نفسه متجيش والله ..ما تجيبي بوسة بقا انا تعبت!!"



حدجته بتحذير مره أخرى وكبتت ضحكتها وهي تمسك يديه كي تتراقص رقص غير خادش للحياء ، حينها رحب بما فعلته وهو يتراقص معها تزامناً مع رقص "جميلة" مع "عز"  ووقف "غسان" ينظر على الجو المبهج بفرحةٍ  لرؤية فرحة"شادي" في حين وقف "ٱدم", يداعب "يوسف" و"ٱدهم"و"يامن " بالرقص معهم بشبابية ، وانخرط "بدر" معهم بسعادة ممسكاً يد "فاطمة " كي يخرجها من حالتها هذه والنقي بالمشهد أن "ٱدم" من أمسك يديها أولاً كي يجعلها تتراقص بخفةٍ معه مشيراً لها بأن تتعلم التخطي بغير إكتراث مضحك ، وجلست النساء ينظرن على السعادة البالغه التي تحدث ، وعندما حاول "بسام" الجلوس كي يستند رٱها بمكالمة الفيديو ؟؟ أيمكن أن تكون هي .؟ بعدما حاول أن يتجاهل سؤال عقله بأين هي ولما لم تأتي؟؟  ، مهلاً وهذه الغرفه غرفه يعلم ديكورها جيدًا !!!!!



تسرق النظر له بين الحين والٱخر ، تري سعادته هذه المره بصديقه ، ودت لو تصنع لنفسها ولأيامها صديقاً مثل صديق زوجها ،  توجهت لتقف بجانبه كي تشاركه الفرحة وهو يقف يتابع بسعادة ، بينما لاحظ تحركها. فزفر بصوتٍ وهو يبتسم مديراً. رأسه ناحيتها ثم سألها بتلقائية هادئة بسيطة:



_" حد قالك قبل كده يا نيروز. انك بتبقي هادية اوي زيادة عن اللزوم ؟؟"



اثار غرابتها سؤاله ولم يسأل هذا السؤال الا عندما قارن تحركاتها بكل مناسبه لم تتعمد الرقص بهمجيه او التحدث بصوت مرتفع بل دائماً هادئه ساكنه كثيراً. ما يطمح الشاب بانثي عاقله مثل هذه ، بينما هو ؟؟. , ضحك وهو يعتدل ثم قال باستنكار:



_" بس متجوزه واحد مش عايز كده الصراحة يا رزّه ، مش معقول كل مره هاجي أطلب منك تفكي وترقصي معايا وترفضي أو تتحرجي !!"



تعمد اللباقه في الإسلوب. ، بينما فهمت هي مخزي حديثه ، لذا ضحكت بخفةٍ ثم قالت بوضوح :



_"بس انا فرحانة فعلاً ومبسوطة ..الفكرة اني بتكسف !!"



تعلقت عينيه ببُنيتها وتاه بينها ولم يعلم هو انه بين الجميع بل تاه وشعور الشوق بداخله اتجاهها  يظهر عندما. حرك عينيه عليهم ثم عاد ينظر له مردداً بصدقٍ  وتأثر:




        
          
                
_" وحشتيني يا بنت الأكرميّ!"



استغربت جملته ،  ولكنها نظرت له بخجلٍ على أية حال وهذه المره أمسكت كفه ثم طلبت منه برفقٍ  :



_" تعالى نرقص !"



رحب بالفكره الذي كان يريدها من الأساس ، ولعقله الذي لا يغفل عن التفاصيل ، ادراها كي يجعل وجهها ناحيتهم وجسدها ناحية النساء  بسبب فستانها حتي ولو كانت سترت هي ما تود ستره ، تفهمت ما فعله  وهي تتراقص معه فغمزت له مرددة بمشاكسة طفيفه وهي تضحك:



_" راجل شرقي غيور أوي...بس انا بحبك !!"



توسعت بسمته قليلاً ما تردف حديث مشاكس بمسمي الحب غالباً ما تسخر منه !!, استمر الوضع كذلك، واللطيف ان "ٱدهم" ذهب لـ "فريدة" وهو يمد كفه الصغير لها بطبيعته الرومانسية البريئه اللطيفه وهو يطلب منها بعفوية :



_" ممكن ترقصي معايا يطنط فريدة !!"



شهقت  بسرعه وهي تنهض من مكانها ثم قالت توضح له سريعا. بضحكة واسعه :



_" يا خبر هو انا اطول ارقص معاك أصلاً ..بس بلاش طنط ..قولي فريدة  ٱو فيفي ، اتفقنا؟!"



_" اتفقنا يا فيفي!"



ضحكت وهي تمسك كفه الصغير تتحرك معه بمرحٍ ، ثم سألته وهي تمط شفتيها بتفكيرٍ :



_" انت  مين بقا علشان مش عارفه افرق؟"



_" أنا ٱدهم  وممكن تقوليلي دوما كمان !"



ضحكت وهي تنحني ثم طبعت قبله علي خده ثم اعتدلت ترقص معه من جديد تحت أنظار "ٱدم" الذي ابتسم تلقائياً ثم قال بسخريةٍ من الصغير :



_" يابختك يا بن المحظوظه !!"



_" مين يا خالو !!"



قالها "يوسف" ببراءه فأهبط "ٱدم" ذراعيه كي يحمله وهو يدور به بمرح فضحك الصغير بصوتٍ عالٍ تحت انتباه "ٱدهم" الذي ركض سريعاً تاركاّ "فريدة" كي يفعل ما فعله "يوسف" بواسطة "ٱدم" ، ضحكت بخفةٍ عليهم ، ثم نظرت ناحية "جنة" التي أمسكت يد " حامد" كي يتراقص معها ، وبالفعل فعلها ، الجميع يتمايل على اللحن والكل سعيد ووقت الفرحة يمر  والغريب بأنه يمر بسرعه ، ٱسرع من أوقات الحزن!!! 



_" لو قالولي ان كل اللي كان بيحصلي فحياتي عشان بس أوصل للحظات دي معاكي .. كنت هوافق تتكرر عليا تاني وتالت وعاشر ومليون ، مادام فالٱخر هتكوني بين ايدي ..أنا بسأل نفسي انت عملت ايه يمعلم عز عشان ربنا يعوضك بأجمل واحده شافتها عينك اللي معرفتش تشوف غيرها ، تفتكري انتي انا عملت ايه عشان استاهلك ي جميلة ؟"



حديث عميق متأثر قاله لها وهو يتحرك معها بخفة علي اللحن الهادئ الرومانسي هذه. المره ، تأثرت حتى لاحظ رعشة يديها ، وتيقن بٱن كل مرحله  تدخل عليهم بهذا الارتباك يزيده صعوبة ولكنه قادراً على محو هذه الحواجز التي تحاول هي الٱخرى فك قيدها الذي حُكم رغماّ عنها ، آبتلعت ريقها ومن حديثه تجمعت الدموع في مقلتيها وهي ترد بتحشرج :




        
          
                
_"انت اللي كتير عليا أوي يا عز ..أنا..أنا مش مصدقه ولا عارفه أصدق إنك نصيبي الحلو اللي فالدنيا دي بعد كل ده !!"



عانقها ٱنذاك بعمقٍ وهو يمرر يديه علي ظهرها بحنوٍ ثم همس جوار أذنها بصراحةٍ تأسرها :



_" إنتي اللي كتير على" عز" يا حرم "عز" !!"



ابتسمت بتأثر من خلف ظهره وهي ترفع يديها تضعها علي ظهره الصلب ، بينما أمسك "شادي" هاتفه وهو يقوم بالتصوير معها  وعندما شعرت باقترابه او انها علي وشك ان يحتضنها ، ثبتت رغماً. عنها كي تري مدي التزامه بالوعد وبالفعل لم يفعلها ، نظرت له بحبٍ وهي تعتدل وعندما انسحبت معه ناحية الشرفه وقفت تطالع وجهه بسعادةٍ ثم سألته سؤال غير هين أتي من تقلب مزاجها :



_" بتحبني قد ايه يا شادي ،  امتحان مفاجئ ولو مقولتش قد اللي فدماغي يبقي مفيهاش جواز !"



إبتلع ريقه بصعوبةٍ من  تجمد ملامحها ، وكأن الوضع جاد وليس مثيراً للضحك ، تنفس بعمقٍ ثم قال ببراعةٍ فالرد او بما يسمي "بالمحن" في الحب:



_" بحبك قد عدد خصلات شعرك اللي سحرتلي وقد عدد كل رمشة رمشتيها بقنصاتك !!"



ابتسمت بخجل واعجاب ولأول مره يروق لها غزله المبالغ به ، راقبهم "طارق" بحب من علي بعد ، والكل يجلس مره ٱخرى بعد مرور الوقت ، ووقفت "نيروز" بجانب "غسان" يلتقطان بعض الصور بالهاتف وعندما شعرت بإنكماش ملامحه بإرهاقٍ أمسكت كفه وهي تسأله بلين :



_" لسه الصداع مش بيسيبك  بردو ؟!"



حرك رأسه نفياً بكذبٍ وهو يبتسم بإطمئنانٍ وعندما شعرت بسكون المكان لحظياً وان هذه هي الأوقات الاخيره في هذه السهره هتقت تقترح عليه :



_"  طب هو خلاص  تقريياً معتش في حاجة ، تيجي نطلع ؟"



حرك رأسه بسكون دون رد ، وهو يغمز لها مردداً بوقاحة يبعدها عن الحوار وعن قلقها :



_"  ما تجيبي بوسة!!"



إبتعدت عنه وهي ترمقه بيأسٍ  من وقاحته ، ولاحظت جلوس "حنان" ، واستعداد "طارق" للرحيل بمفردة ومن ثم تاركاً "منة" مع صديقتها ومعه لوقت ، ووقف "حامد" بعدها  مستأذناً للإنصراف بقوله :



_" معلش هنروح نرتاح احنا بقا ..واهو نسيبهم مع بعضهم بردو يتكلموا براحتهم فاللي جاي .. الله يصلح حالهم ويتمم بخير !!"



أسنده "غسان" بخفةٍ وهو يراه يحاول النهوض حتي فتح باب الشقة كي ينصرف ومعه هذه المره كانت "دلال"و"وسام " معه  ، ومن ثم وقفت "نيروز" تشير لهم بالوداع مؤقتاً كي تذهب خلفه وخلف عائلته ، أومٱت لها "سمية", بحبٍ  متفهمة ما تفعله وأشارت لها"وردة"و"ياسمين" و"جميلة" التي كانت تقف مع "عز" ، الذي ابتسم بشرودٍ وهي يردد باستغراب :




        
          
                
_" ساعات بحس ان نيروز بنت عمك دي  مش لايقه علي غسان !!"



قالها متفاجئاً منذ فتره ، فضحكت وهي تحرك رأسها نفياً وقد فهمت مخزي حديثه فردا توضح له :



_'' بالعكس دول لايقين علي بعض من صغرهم حتي .. وبعدين نيروز مش زي ما الكل شايفها كده ، هي مش متقفله ولا هو العكس ..هي بس بتاخد علي الجو بمزاجها وعلى راحتها وقت. ما تحب ومع الناس اللي تحبهم ،  وبعدين لو هم مش لايقين معني كده اننا مش لايقين !!!"



_" ليه ؟ هم حاجة واحنا حاجة ..وإنتِ تقريياً مش شايفك زي نيروز فحاجة !!"



قالها بابتسامة. هادئه ، يستجوبها بنبره هادئه لينه ، فحركت رأسها نفياً بدفاعٍ فطري عن رفيقة دربها :



_" انا وروز واحد !!"



_" إنتِ أطيب انتي وقلبك !!"



قالها بهدوءٍ وانتباه لفارق ما بينهما ، فتحدث بغرابةٍ تسأله :



_" ليه  بتقول كده ؟!"



_"  شوفتك وانتي سامحتي مرات  ابوكي او حتي  بتفكري تديها فرصه ، .هي معملتش كده وكان الموضوع هيكبر لما غسان جه واتدخل وفكرها أذتها وهي كانت جاية تطلب المسامحة ومخدتهاش فالٱخر !!"



تفهمت حديثه ، فٱخرجت أنفاسها بصوتٍ وهي ترفع عينيها تنظر له مبررة بصدقٍ وشفقة :



_" متقولش كده يا عز ،  نيروز إتأذت من  مرات بابا كتير أوي ،عملت فيها حاجات كتير تأذي وتكسر اي بني ٱدم زي ما عملت كمان فاخواتها ، نيروز بتعدي وطيبة والله بس هتحتاج وقت عشان تتخطى لكن عمرها ما هتنسى !!"



_" شكلك بتحبيها أوي أوي !!"



_"نيروز دي معايا فكل صغيره وكبيره  من واحنا صغيرين ، كل حاجة بشاركها معاها ..دي اللي الكلام معاها بيخرج من غير حساب او من غير ما تخاف لتفهم غلط ..دي اللي قالوا عليها عاقله بس عمرها ما تكون ضعيفه ، ودي كمان اللي لو حد زعلني وهي عرفت بدا بتتحول مية وتمانين درجة عشاني بس فالٱخر كنا بنكفي خيرنا شرنا ، ودي اللي أسراري ينفع تكون معاها هي وبس ، دي كمان اللي حضنها حضن مختلف عن اي حضن ، يعني حضن ضامناه انه مش هيروح ويسببني وهيفضل جنبي ، انت ممكن متفهمنيش غلط ..لما اقولك اني لقيت فيك اللي لقيته فنيروز بس على شكل عز ؟ عز الرجال يعني !!"



ضحكت بٱخر حديثها ، وهذه المره تجرأت عندما رفعت ذراعيها تحاوط ظهره حتى أسندت رأسها علي كتفه وهي تردد بتحشرجٍ :



_" انا فاللحظة دي حسيتك ابويا مش جوزي ولا حتي اللي قلبي اختاره فيوم ، عينك بتقول كده أوي،  حتى لو مش بعرف أقول كلام حلو بس كفايه عيني اللي بتضحك زي قلبي بمجرد ما بلاقيك واشوفك  جنبي!!!!'



كانت نظراته لها كمن يكون اب ينظر نحو شغف ابنته فالحديث عن شئ وشخص تحبه، ضمها بعمقٍ ثم قال بتنهيدةٍ حارة محاولاً زرع ما فقدته بها :




        
          
                
_"  وانتِ بنتي يا جميلة ، ومش غريبة عليا احس الآحساس ده معاكي ، أنا كنت ومازلت أب حتى لـ فرح ومبسوط إني مش عاجز ولا جاهل عن اللي المفروض يظهرلك واعمله .. انا هنا معاكي وجنبك طول الوقت  ومش همشي .. براهنك حالاً على اللي يسيب ..ولو ع الرهان فهيفضل متعلق كده لحد ما العالم يقرر يغير نفسه مع نفسه لكن احنا هنفضل كده زي ما احنا دلوقتي !!"



وأكمل بصدقٍ ونبرة متأثره عميقه :



_" هنفضل كل واحد فـي ضمة التاني!!"



..



بينما كانت النظرات الموجودة ما بين جلوس "وردة" بجانب"بدر" و"ياسمين" بجانب"حازم" ،  و"ٱدم" الذي جلس هذه المره بجانبها بجانب "فريدة" ،  سرق النظرات لها من أسفل أهدابة فوجدها تداعب "يامن" الجالس  على ساق"وردة" بجانبها ، نهض متنفساً بصوت مسموع ثم قال على فجأه :



_" أنا ماشي أنا بقا يا بدر ، مش يلا يا فاطمة ؟"



وجه نظرة عينيه لشقيقته التي كانت تجلس بجانب "سمية" ,  كانت تجهز اشياءها للرحيل بالفعل ولكن عاقها قرار احدهم  ،  ابتسمت له بهدوء  وكادت أن تجيب  بينما قاطع "بدر" نهوضها بقوله :



_", عمك قال انها تبات وتقعد عنده ، هو راح وسابها ترجع براحتها طالما قاعده معايا .. اتوكل انت وخلي بالك من نفسك !!"



صمت  توجب عليه الصمت لطالما وافق شقيقه وهذا قرار عمه ، نظر ناحيتها فوجدها تنظر له بسكون وخزي لما حدث ، أومأ برأسه وقبل ٱن يتوجه ناحية الباب إقترب أكثر يقف امامها وهي جالسه فوقفت عندما تيقنت بٱنه لم ولن يذهب سوي عندما يفعلها ، فرد ذراعيه لها ثم ضمها بحنانٍ ظهر وبشدة لكل من حوله عندما قال بنبره هادئه يخفي بها اهتزازه وضعفه ناحيتها ويظهر أسفه على كلماته الذي رددها علي مسامعها قبل ساعات:



_" متزعليش مني يا فاطمة حقك علي راسي وعليا ،  أنا خايف عليكي وبحبك نفسي  تفهمي دا !!"



كان همساً. مسموعًا. ولامس قلب"فريدة " فعلته هذه ، في حين مررت "فاطمة " يديها على ظهره ببطئ ثم إجابته قائله بتأثرٍ :



_" عمري ما ٱزعل منك يا ٱدم ..إنت اخويا وابني وقبل كل دا رغم السن بس  بحسك أبويا ، متحرمش منك ابداً. ولا من خوفك عليا!!"



إبتسم وهو يقبل يديها وقمة رأسها ثم إنحني ليقبل "جنة" مثلها ومعها التوأمان تزامناً مع إشارة "فريدة " لـ "حازم", ولهم بأنها سترحل إلى شقتها بصمتٍ فحركوا رأسهم بانتباه ، وتوجهت لتفتح باب الشقه ومن ثم  أغلقته خلفها تزامناً. مع وداع "ٱدم" لـهم ولـ "عز"و"شادي" ، حتى فتح الباب ليخرج منه ومن ثم أغلقه خلفه ،  وجدها تقف بظهرها ترفع يديها على ما يبدو تمسح أثار دموع قبل أن تدخل ، تنحنح يجلي حنجرته وهو يلتفت ثم تصنع الدهشه ما أن نظر ناحية وجهها مردداً بغير تصديق:




        
          
                
_"ايه ده ؟؟؟ انتي بتعيطي زينا ؟؟؟"



لا تعلم لما أثار قوله ضحكتها الخفيفه وشرد بهذه الضحكه رغماً عنه حتى وقف معتدلاً متنفساً براحة ما ان ردت هي بتبجحٍ :



_" لا بعمل مية بسكر .. ظريف اوي انت  وبتستخف دمك مع انه يلطش وملح زيك!"



نظر لها بصمتٍ غير مهتماّ بكل ما قيل ، بل سألها بتلقائية أثارت حيرتها :



_" بس بتعيطي ليه  برضو؟"



كيف ستظهر ان رددت كل ما شعرت به ، كانت تود شقيقاً مهما كان جافاً يكون حنونًا. في وقت غضبه وانفعاله ، لا تنكر ما يفعله "حازم" ولكنها كانت بالبداية تتصنع البعد وتعتمد فعل ذلك باعتباره ليس شقيقاً لها من والديها معاً ، حجج ؟؟. أسباب ؟؟  كي تهبط دموعها ؟؟ مما حدث بالٱكمل رغم انها المنتصره بأفعالها المتسليه!!، وكيف يقف معها الٱن من الأساس وهي من فعلت به كل ذلك ، إبتلعت ريقها ببطئٍ ثم إلتفتت متصمعه غير الأهتمام وهي ترد :



_" مفيش !"



_" طب متعيطيش تاني بقا عشان شكلك ببقي وحش وانتي بتعيطي !!"



فتحت عينيها على وقاحته هذه في الرد وكاد أن يضغط كي ينتظر المصعد يينما ردت هي بفظاظةٍ تنقد نفسها من انتصاره عليها :



_" محدش طلب رٱيك !!"



_" رأيي أمر مفروض ..إجباري يعني  يا شاطرة !"



دخل المصعد بعدها ثم أغلق تلقائياً تحت إنهزامها في الرد ، الغريب بأنها تشعر بأنه  يثق بنقسه ثقة عمياء ليس لها مثيل في حين تتظاهر هي بذلك ولكن ليست كذلك بتاتاً. ، ثمة الشعور الذي يتوغل داخلها بأنها ليست كاملة دون مسمي ..بأنها كسرت وتلطخت بدناءة ٱحدهم يشعرها بالقهر ، كتمت دمعتها مره ٱخري وهي  تخرج المفتاح  كي تفتح الباب !!!! 



_____________________________________________



 علمت بأنه صعد فور إسنادة لوالده إلى غرفته والإطمئنان عليه ليس لمجرد بأنه يشعر بصداع رٱس بل يهرب من  مواجهته مع "شقيقه" من مواجهة لا يريدها فيصبح منهزماً يحتوي غيره ويُضغط من جديد ولم يعد لديه طاقه لذلك ...الٱن في شقته هو في شقة "غسان" الذي دخل المرحاض يبدل ملابسه لآخري مريحه ويغتسل  بمياه دافئه يريح جسدة ومن ثم ليخرج ، كان هذا بعدها هي عندما بدلت ملابسها وجلست تفتح التلفاز العريض الذي يوجد بغرفتهما معاً ، ٱتت اليوم بعد غيابها لأيام بالغرفه الآخرى ، فتحت علي القرٱن ، عل ما تراه بعينيه من حزن مخفي يهدأ او يختفي صدقاً وليس بطريقة زائفه,  زفرت بصوتٍ وأتي بعقلها  مكوث فاطمة معهم فالٱسفل ..كيف كانت ستشعر هي لو كانت تمكث وهو معها بالأسفل؟؟ ، نفضت من عقلها هذه الٱفكار التي تٱتي رغماً عنها دون تدخل بل ٱتت من غيرتها في رؤيتها للتعامل بينهما بأريحيه كبري لم تعتادها قط !!!, 




        
          
                
خرجت من شردوها عندما وجدته واقفاً يضع عطر هادئ مع تمشيطه لخصلاته بغير إهتمام ، لم يتحدث ولم يتفوه بشئ ، بل التقت هذه المره وهو يبتسم ثم تزحزحت قليلاً وهي تبتسم  فمال يجلس بأريحيه وهو ينظر ناحية التلفاز والقرٱن  الهادئ الذي يخرج عنه ، ودار رٱسه ببطئ عندما وضعت كفها علي كفه وهي تسأله بتلقائية :



_"إنت كويس ؟"



حرك رأسه بنعمٍ وضم رٱسها ناحيته مستنداً بذقنه على قمة رأسها حتي لفحت انفاسه الساخنه خصلاتها  ، تستشعر سخونة جسدة العاري من فوق ، إعتادت علي فعلته هذه ، وعلمت ان جسدة في جميع الٱحوال يبث حرارة لا يتحملها بملابس فوقيه ، وجدته يبعد عن الحوار تدريجياً. وهو يشاكسها مردداً بمرحٍ يسألها :



_" مش ناوية تروحي الاوضه التانيه ولا ايه ؟ أنا كنت مرتاح اوي وانا واخد راحتي لوحدي هنا !!"



خرجت بإندفاعٍ تنظر له بغيظٍ ونظرة عينيها تجعله يكبت الضحكات ، بينما سألته هي بحساسيةٍ :



_" دا  بجد ؟"



قهقه "غسان" عالياً وهو ينفي برأسه ثم قال بصدقٍ :



_"ابقي كذاب لو قولت انه بجد  !"



ابتسمت بخجلٍ وهي ترمش بأهدابها ثم عنفته وهي تضرب كتفه :



_" كنت بحسب!"



صمتت "نيروز" تنظر ناحية عينيه المتعلقه بها بشغفٍ وسرعان ما سألته بحزنٍ مخفي :



_" انت زعلان ليه ؟"



اقترب "غسان"  أكثر وهو يبتسم  ثم رفع يده يحاوط وجنتيها حتي قبلها بمرحٍ وهو يهمس :



_"دا أنا مبسوط ، انتي مش مبسوطه ؟"



_" ليه ؟"



سألته وهي تعتدل ، فحرك رٱسه وهو يضحك ثم غمز لها بوقاحةٍ وهو يعتدل هو الٱخر مردداً :



_" عشان بقت عال .. وهنجيب عيال!"



ضحكت بيٱسٍ منه ، وانخرطت في كلماته الذي بعدت كل البعد عن جو حزن مشحون ، كفى بُعد وكفى فراق.. وكفي حزن وكسرة وقهر ،كفى شوق لهذه الدرجة وكفى هجر لها أيضاً ، إبتلع ريقه وهو ينظر لضحكتها الواسعه وسرعان ما خفق قلبه ولأول مره يظهر عليه بأن قلبه قد خفق بسعادة وحب ،، كثيراً ما يبرع في اخفاء ذلك رغم انها قريبه اغلب الوقت وفي كل وقف يخفق قلبه سعادة بوجودها كمثل الآن وبقوه عندما قالت هي بلين عندما رفعت يديها تزيح خصلاته السوداء كي ترجعها إلى الخلف بترتيب مردده بتأثرٍ وعمقٍ يأثر به حتماً :



_" وحشتني أوي يا بن البدري..!!"



توسعت بسمته وهو يرفع يديه يمسك يديها برفقٍ فأكملت هي بصدقٍ تعلن موافقتها الذي تردد هو بقربه إلى  الان منذ ٱخر رفض على يديها هي :




        
          
                
_"ووحشتني الست وكلام الست وهمس الست كمان !!! "



همس؟؟ الهمس الذي يأسرها ويؤثر بها ، ابتلع ريقه ببطئ ، ووضع كفه متشبتًا. بكفها وهو يقربها منه كي يسألها عن قرب :



_" الست قالت كلام كتير أوي ،  بس عارفه المرادي قالت ايه ؟.."



توقف عندما إقترب يهمس بجانب أذنها ويديها الٱخري خلف ظهرها يربت عليها بحنوٍ ولين :



_"ابتديت دلوقتي بس أحب عمري ..ابتديت دلوقتي  أخاف.. أخاف للعمر يجري !!"



بالفعل خاف وهاب أن يمر الوقت ويجري منه على خصامهما دون عيش حياتهما معاً ، اين  الحُب من الاساس في كل هذه الأيام التي كانت تفرق بينهما تحت مسمي العناد والخلاف ، الٱن  يذهب اي خلاف وربما هذه المره تختلف عن اي مره اخري..بعد الخلاف كان حب ومودة ورحمه ولين وتفهم ، لا تنكر بأن حبه بقلبها يزداد يوماً عن يوم هي ..هي التي لم تتخيل في يوم أن  تعشق أحدهم بهذه الطريقه ولا يظهر ذلك عليها وعلى الرغم من بطئها في التعبير وخروج كل هذه المشاعر دفعة واحده الا انها تخاف وتهاب أن يمسسه ضر وكل حالها السئ كان عليه هو. أكثر من منه ، عندما شعرت بأنه يُكسر ولا تعلم لما ومن ماذا ؟ عندما شعرت بحزنه ولم تستطع فعل شئ سوى بأحضانها والٱن بقربها ، لبت ندائه واعطته القبول ، قبول دخوله قلبها منذ زمن وقبول حبه وحبها في كل وقت يمر .. هُوَ وَهيَ قصة تقص عن عودة وصالهما بعد قطع الحبال لسنوات طويلة ، وفي كل مره يكاد أن يُقطع الحبل رغم قربهما  يزداد قوه واتضح ان الحُب احياناً يصبح كل شئ ، يصبح كل شئ مع اللين والتفهم ، عندما لانت العقول ولانت القلوب مر الوضع وكإنه لم يكن .. تطلب فقط لين وتفهم وعقل تحت مُسمي الحب الذي بدونه لما حدث كل ذلك !!! 



____________________________________________



وقف في المطبخ يعد شطائر وٱكواب "شاي "ساخنة ، بعد ساعة واحدة من الٱن سيذهب كي يقيم في المشفي إلى اليوم الثاني، وهو الٱن يشعر بالراحة ولو بقليل فقط لأنه في منزله وسط رائحة عائلته ، استشعر هروب شقيقه منه وكسرته من كلماته لا ينكر بٱن كلماته كانت صعبه ولكنه الي الٱن يقنتع بأن نصفها صواباً , أخذ راحته في الحركة عندما علم بقدوم "فاطمة" ومن ثم دخلت مع أطفالها غرفة "غسان" كي تقيم بها ، لذا خلع ملابسه براحةٍ ،. لم تكن عادته فعل ذلك ولكن شعور النيران التي تتٱكل بداخله بحرارة وتعب جعله يخلع ملابسه العلوية ، فقط ظل بتيشرت محكم على تفاصيل جسدة والذي أظهر كتفيه وصدره وحتي جزء من أسفل رقبته وظهره من الخلف مع المنشفة التي كانت على رقبته بإهمالٍ , شرد عقله برؤيتها في المكالمة ولم يكن أحمق كي لا يفهم الذي حدث ، توقعه بخفةٍ وسهولة وحاول الظهور باللاشئ رغم ان هذا يعد صعباً على قلبه الٱحمق الذي يشعر بأشياء رغماً  عنه ليس له يد بها ، وقف أمام غرفة "وسام" يدقها حتي فتحها  ثم دخل بصينية صغيره عليها شطائر صغيره مع كوب الشاي الخاص بها الذي أعده ، ابتسمت له وهي تنهض  من على مكتبها ، فوقف هو يسند الصينيه ثم رفع عينيه ناحيتها  وناحية ملامحها التي تشبه والده لحدٍ كبير ، ابتلع ريقه وهو يرفع كفه يزيح خصلاتها السوداء إلى الجانبين ، فتعلقت عينيها بعينيه وهي تقول بمشاكسةٍ متأثره :




        
          
                
_" علفكرة كان وحشني شايك وسندوتشاتك وكل حاجة كل حاجة !!"



ارتمت بنفسها بإحضانه فشدد بعناقه لها وهو يتأسف بصراحةٍ :



_" أنا ٱسف .متزعليش مني !!"



ربت "بسام" على ظهرها برفقٍ فخرجت ببطئ وهي  تنظر له بشوقٍ ثم قالت بتلقائية :



_" الأسف دا مش بتاعي يا بسام مش ليا أنا !!"



صمت عاجزاً عن القول والرد بل أشار لها أن تتناول الطعام ناظراً ناحية الكتب ومكتبها ، ثم إلى ملامحها التي كانت مترقبه ناحيته ، فعاد يتنفس بعمقٍ وهو يقول :



_" شوفي اللي وراكي يا وسام ، وكلي السندوتشات دي أكيد وحشتك مني !!"



_" كل حاجة وحشتني منك..حتى لو غسان كان بيحاول يعمل زي ما كنت انت بتعمل ..بس صدقني شايه ميتشربش ولا حتي سندوتشاته تتاكل .!!"



قالتها بحزنٍ فخرجت ضحكاته بشدةٍ حتى ضحكت وهي تكمل بنفس النبره الضاحكة:



_" بس اوعي تقوله كده.!!"



نظر لها وهو ينفي برأسه ، اشتاق لمشاكستها وكلماتها المرحة ومشاكلها الذي يعتبرها تافهه ولكن يتوجب عليه السمع والإهتمام بكل حبٍ، قبل قمة رأسها وهو يرد بنفس المشاكسة :



_"لا مش هقول عشان هو عارف وكلنا عارفين انه مببعرفش يعمل حاجة.. محدش بيعرف يعمل أكل زي دكتور بيسو بردو ولا ايه يا ويسو ؟"



حركت رٱسها تؤكد ثم حذرته بمرحٍ كي تخفف عنه كما يفعل ليخفف عنها هو. الٱخر :



_" اوعي تكون بتسجلي ولا بتاخدني علي قد عقلي ، لو وقعت فإيدة مش هيرحمني..بس عارف ؟؟ حتى محاولته انه يعمل حاجات مش عارف يعملها دي لوحدها طعمها حلو اوي عندي.. بس انا مش عايزه أكل  ولا محاولات أنا عاوزانا نرجع مع بعض زي الأول من غير مشاكل ولا خناق ولا خلاف !!"



نظر لها بإطمئنان ثم حمل الكوب كي يضعه بيديها تزامناً. مع تنهديته الحاره وهو يردد بابتسامة باهته :



_" ان شاء الله خير!!"



علمت أنه اذا اغلق الحديث اذن لم ولن يفتح ولا يود هو ذلك ، وليس  كمثل الٱخر الذي يأتي لها من بين كل همومه ومن ثم يشاركها ولو بشئ خفيف ، احياناً  يشعرها بأنها أكبر منه سنناً بل وهو الكتوم وان اخرج نصف حرف لن يكون سوي لها هي!!! . ، تنفست بحرارة وتنهدت بيأسٍ عندما وجدته رحل وأغلق باب الغرفه خلفه بعدما حمل الكوب الٱخر الذي يخصه هو !!



لم يفتح. غرفته بل كانت مفتوحه ؟؟ من الذي يجلس بداخلها ؟ ، دخل باهتمام عاقداً حاجبية فوجد "دلال" تقف تعدل فراشة بحماسٍ وتخرج له ملابس مريحة ، فإبتسم من خلفها ثم رد بنبره خشنة بعدما تنحنح يجلي حنجرته يخبرها :




        
          
                
،_" بس أنا ماشي .. هبات فالمستشفي !!"



إلتفتت بسرعه تنظر له بابتسامة صغيره ، ووجد اليأس على ملامحها فآقترب أكثر يسند الكوب على الطاوله ثم حاوط وجنتيها بحنانٍ وهو يقبل قمة رأسها ببرٍ ، فضمته هي لها بعناقٍ هادئ ثم نبست من خلف ظهره علي فجٱه :



_"أبوك كان هيروح فيها يا بسام..كان هيروح فيها بسبب زعله عليك !"



انتفض وهو يخرج من أحضانها ناظراً بصدمة غير مفهومه ،. فحركت رأسها إيجاباً ، ولم  يلبث هو وقت كي يفهم بل إلتفت يسير ناحية غرفة "حامد ", حتى وقف يدقها ولم يسمع هو. إذن الدخول ولكنه فتح الباب على أية حال فوجده جالساّ على الفراش ممسكاً بسبحته مستغفراً بها وهو بنظر لكفه، والمفاجئ بأنه ردد من بين نظراته لسبحته دون أن يرفع عينيه ناحية الذي فتح الباب دون إذنه :



_" مقولتلكش تدخل !"



دخل وهو يغلق الباب قليلاً. وليس كاملاً في حين رفع "حامد"عينيه   ينظر له ، فوقف "بسام" ثم تحرك بعدها مقترباً منه وجلس على طرف الفراش موجهاً كفه ناحية كف"حامد" يسأله بخوفٍ وقلق :



_" انت صحتك كويسه ؟"



رفع عينيه ينظر ناحية وجعه والقلق الذي ظهر عليه ، بينما نبس بعدها بنبره  هادئة :



_" كان ساعتها فرق معاك ، ورفعت سماعة تليفونك تطمن علي ابوك وامك او حتي تكلم اختك تتطمن علينا من ورانا ..إنت قلبك جامد اوي يا بسامّ. ، جبت الجمود دا كله منين ، أنا عمري ما عوتكم على كده يا بني !!"



وبخه بحسرةٍ وانهزم في اللوم وهو يبتلع ريقه بٱخر حديثه ، فنظر له "بسام "  بتيهه وهو يتنفس بتعبٍ ثم قال :



_" عُمر قلبي ما كان جامد ..أنا قلبي تايه مبقاش عارف الطريق ، الطريق الوحيد اللي عرفه دلوقتي هو طريق بِرك ورضاك .. حقك علي راسي يا بابا !!"



سيضعف؟ حاول التظاهر بالجمود ثم نفى برأسه يعلمه ما أظهره ذكياً :



_"عملت ايه لأخوك يا بسام ؟ عملتله وقولتله ايه يخليه مطفي ومش شايفك للدرجة دي ! "



صمت بخزيٍ هارباً. بعينيه لمكان ٱخر ، فإبتسم "حامد " وهو يكمل :



_" عايزني أسامحك ازاي وإنت نفسك مش مسامح نفسك ولا عاطيلها فرصه تتصالح معاها وتشوف الصح  من الغلط او حتي الأصول واللي مش الأصول ،  مسامح يبني ، بس قولي أشوفك ازاي كده ومزعلش ..أشوفكم كمان متفرقين كده ازاي ومزعلش؟ هو دا اللي لما ٱموت هلاقيكم شادين بعض  وفضهر بعض من بعدي ؟ !!'



صمت يلومه ثم تجمعت الدموع بمقلتيه بصدقٍ هذه المره وهو ينظر ناحية عينيه:



_" لما وقعت ملقتكش جنبي يا بسام..لقيت أخوك لوحده معايا ومعانا هنا ، بدور عليك فوشه مش لاقيك..ولما ملقتكش فيه عرفت إنك كاسره وجيت عليه !!"




        
          
                
تحدث بعمق مما جعل "بسام" يبلع ريقه بصعوبةٍ وهو يقول بإهتزاز مع نبرته المتحشرجة :



_" ابنك بوظلي حاجات كتير فحياتي من غير ما يعمل حساب للي هحس بيه واللي هيحصلي ، مكانتش غلطته كانت غلطتك  يا بابا!!"



صمت يلومه هو الٱخر ولم يتفاجئ "حامد" صمت ينظر بإنهزامٍ أمام حديثه الٱتي :



_" لما خليته يتدخل فكل حاجة تخصنا وكإنه حارس  بيحرسني مش أخويا ، بسام  اتضرب فالمدرسه فأخوه  يقفله يجيبله حقه ويرد عنه ، بسام كان مش عارف مين وقفه وقاله كذا فوقف هو واتصرف ، بسام اللي عاش حقه ميجبهوش بإيده ، صغرتني وصغرني قدام نفسي اني مقدرش  مع ان اللي عمله. حاجه متزعلنيش ..بسام حقه لما يتهدر وحد يجي عليه يحل محله غسان ، لحد النهارده كل حاجة عايز يعملهالي هو ويتصرف فيها كإني عيل صغير ، كل حاجة هو اللي يعمل وهو اللي يتصرف وهو اللي يقف وهو اللي يستحمل ..ظالم نفسه وطاقته قبل ما ظلمني وانت كمان ظلمتني لما خليته  وحسسته إنه ماسك كل حاجة ،  من كتر ما بيشوفلي الصح من الغلط والانفع والوحش بقيت حاسه انت ومجبر معترضش عشان  هبقي بعارضك انت وبقف فوشك انت ، وقفت فوشه اه ..وقولتله كلام صعب حد يستحمله ..كسرته غصب عني عشان انا ذات نفسي مكسور مش حاسس بحاجة،   اتكسرنا احنا الاتنين وعرفت انه مظلوم وبيتظلم بس حتي  وانا ساكت بردو بظلم نفسي وبظلمة ..توهت ومبقتش  فاهم أي حاجة ، أنا أستاهل ده ؟ هو يستاهل ده ؟"



نزلت دمعة"حامد " وهو يستمع إلى حديثه ، وصمت للحظاتٍ بعجز ثم رد بنبره متعبه :



_" مقصدتش اخليه مسيطر عليك ، ولا حتي عايز أقولك انك كنت انت كده بنفسك من صغرك ، أهم حاجة كانت عندي ولسه عندي ان كل واحد فيكم يشيل التاني ويتعود علي كده ،.  عشان الدنيا عمر ما كان ليها ٱمان ياما فرقت بين اخوات نفس الدم ..أنا مش عايز كده ..مش عايز لو اخوك مكانش اتعود على كده مكنش يهمه انتم ، مش عايز النقطة دي لاعندك ولا عنده ، أنا مظلمتش حد ، مظلمتكش ولا ظلمته ..او يمكن اكون ظلمته هو عشان  انتم كان ليكم هو وهو ملقاش فيكم اللي انتوا لقيتوه فيه ،  انا عايزكم ايد واحده ميفرقوش أي حاجة !!"



أخرج أنفاسه بثقلٍ وهو يستمع له ، نظر بكسرةٍ وهو ينحني يسند رأسه بين كفي والده مردداً بقهرٍ :



_" أنا حاسس إني مرفوض..مرفوض من كل حاجة حواليا ، مفيش حاجه واحده عايزاني وقبلاني !!!"



وضع "حامد" كفه بعدها عندما استشعر مدي تعبه ، بل وإهتزاز رأسه بسكون مما يعني أنه يكتم شهقته كي لا تظهر ، ترك السبحة من يديه بألمٍ ثم مرر كفه المجعد المنكنش علي خصلات ولده مردداً بعض الٱيات القرٱنية بصوت  مسموع ممراً يديه علي وجهه عندما استند برأسه علي ساقه المفرودة علي الفراش ، ٱخذ المنشفه يضعها بعيداً ثم  مرر يديه بداية من خصلاته إلى وجهه. أسفل رقبته وذقنه وحتي ظهره باحتواء مردداً ٱيات الذكر بإنهاكٍ عليه ومنه ، حتى زفر الٱخر بصوتٍ وهو يرفع عينيه الحمراء ينظر بها لٱعلى حيث وجه والده وهو يجلس ، اغمض عينيه مشدداً عليها بضغطٍ وهو يسمعه يتلو بعد الآيات. والأدعيه ثم ملس علي لحيته الخفيفه وملامح وجهه كي يستكين بين  ما يفعله والده هذه المره ، وما بعد إغماض عينيه الغفوة التي اتت رغماً عنه رغم موعد عمله ، ولكنه غاص بٱنفاس يرتاح بها سانداً رأسه على ساق والده تحت وقوف "دلال" من الخارج تهبط منها الدموع بعجزٍ وعندما شعرت بثقل أنفاسه وملامح "حامد" الباهتة دخلت وهي تطالع المشهد بتٱثرٍ ، مهما كبر المرء وٱصبح عاقلاً ناضجاً قادراّ على حمل المسئولية لا يكبر على والديه وعلى واجباتهم نحوه ، إبتلعت ريقها بصعوبةٍ وهي تمرر يديها على كتفه المكشوف، وسرعان ما إهتزت ساعة يد "بسام"  فإنتفض بسرعه وهو يفتح عينيه علي فجأه ثم إعتدل سانداً ظهره ببطئٍ  ناظراً. نحو ساعة يديه كي يري ما الوقت ، في حين هتقت "دلال" تخبره :



_" طلعتلك لبس عشان تجهز وتروح شغلك يا حبيبي، ابقي خد حاجه تتقل بيها بليل !"



إعتدل كي ينهض سانداً علي ذراعيه بتعبٍ ،. حتى نهض ٱخيراً ثم وقف معتدلاً. مبتسماً لهما دون أن يتفوه أي حرف، إلتفت كي يخرج بهدوءٍ غالقاً الباب خلفه بسكونٌ متجهاً ناحية غرفته ..يتوجب عليه السعي رغم الإنهاك وتلك هي حالة معروفه!!!!

 المشاهد التي لا تغيب عن ذهنه ، في حين الكل منشغل بهذه الليلة وهذا اليوم ..أتت خطته الثانية في  الرغبة على التنفيذ ، لم  تكن  ستغفل له عين اليوم عندما ينفذ ما كان ينتظره منذ وقت ، لا مانع من أخذ روحة وهو معه بنفس هذا المكان، القتل ؟ ولم يكن لدية سواه بهذه الاوقات القاسية والتي ستصبح أكثر قسوة علي غيره ..برع في إختيار الوقت المناسب لدية بينما لم يكن مناسب حينها ، لم يكن مناسب عليهم هم ..وهم لا يتوقعون هذه العقبه الشديدة التي ستأتي عليهم كمن أكثر صدمة يمكنها أن  تقتل المرء حياً حتي بأسعد أوقاته، فعلها  وفعلها قبلها بوقت  بدقته في حساب كل شئ ، هذا الذي يسمي بالوجع اتضح انه لم ينتهي بعد عليهم ، ومن لم يذوقه سيتذوقه هذه المره !!  ، اعتبرها ٱخر ما يود أخذه هذه المره ومن ثم لم يعد يبقي شئ لديه لم يفعله،. غالباً سيؤدي ما فعله إلى الهلاك ومؤكداً.  على  وإلى الموت بأكثر طريقه بشعه يمكن أن يراها المرء ، ولكن المُريح بالنسبه لعقله أنه أخذ ٱخر حق ، وكان حق بكل الحقوق التي سُلبت منه ، حق غير كل ما فُعل، هذه المره كان  لم يكن بعده شئ ليأخذه ..كان
" الحق الٱخير "!!!.

بل واليوم يوم ليس عادياً اليوم يوم زفاف "شادي" و"عز", معاً فكان مناسب خروجه كي يقضي الوقت دون حدود وساعات معينه يتطلبها عمله ، ومن ناحية أخرى علم ان مكوثه في المستشفي شئ جيد بسبب إصرار "حامد" على مكوث "فاطمة" وأطفالها معه في الشقه ، حتى ٱنه أصر أيضاً على ذهاب الأطفال في المدرسة من العماره ومن ثم يأتون مره ثانية علي شقته هو بعد جلب "بدر" ملابسهم من منزل "والده" ، ورغم رفض "ٱدم" لانه يريدها أن تجلس معه في المنزل هي وأطفالها ، ولكن "حامد" طلب منه ذلك كي تريح نفسيتها وعقلها مع الفتيات بهذا الوقت واليومين الماضيين  حتى أن كانت الفتيات فيهم تقوم بتشغيل الاغاني للرقص  والتمايل مع بعضهن فقط ببهجة دوت تدخل أي شخص غريب عن العائلة او حتي تدخل رجال وشباب العائلة ، ولذلك لم يٱتي "ٱدم" بعدها بل ظل  هناك ولم يذهب لعمل محل الورد ثانيةً بسبب إغلاقه لأن "فريدة"و"نيروز" ذهبا مع "عايدة"و"دلال"لشقة "جميلة" في منزل العروس  كي يضعن لها ملابسها واللمسات الأخيرة ، وفعلوا المثل مع "منة" عندما أخذهن "شادي" في سيارته مع "منة" نفسها و"طارق" كي يفعلان لها اللمسات الٱخيره ولسهولة وضعها بعدم فرش وشراء أي جهاز ولكن ذهبت  مع "منة" "جميلة"و"والدتها" و"نيروز" كي يشتروا لها بعض من ملابس الزواج والخروج وغيرها ، وإنتهي كل شئ خلال اليومين الماضيين ..



والقرار الٱخير بعض تزاحم الأحداث أن عقد القران الخاص بـ "شادي" سيكون  اليوم  على عجالة من أمرهم حتى انها بعده ستذهب إلى السنتر التجميلي كعروس هي و"جميلة"!



بينما الٱن في طابق العائلتين "الأكرميّ و البدريِ".. خاصةً في شقة "حامد" ، كانت "دلال" بالمطبخ ، و لم يذهب "غسان" اليوم إلى عمله ، في حين أنه يقف الٱن بالشرفة شارداً الذهن ، وهي كانت مع "دلال" بالمطبخ هي و"فاطمة" ، يُثار حنقها في الفترة الأخيرة من طبيعة حديثها العفوي مع "غسان" .. تنهدت وهي تذوب السُكر بأكواب الشاي ، ثم حملت الصينيه كي تخرج بها مبتسمة  للإنصراف ..خرجت "نيروز" تعطي الكوب لـ "حامد" وهي  تبتسم بلطفٍ فوجدته  متجهزاً للخروج لـ عقد القران ... مما وضح لها بأنه بدل ملابسه بسهولةٍ، أخذه منها وهو ينظر لها بإمتنانٍ بينما مال يتحدث لـ "وسام" التي كانت مندمجة بمشاهدة التلفاز:



_" قومي يا وسام شوفي هتلبسي ايه عشان منتأخرش ، وقولي لأمك تلبس بقا كفاية عطله هي وفاطمة !!"



تيقنت "نيروز" في هذه اللحظة بأنها قد تأخرت هي الٱخرى عن ارتداء ملابس الخروج ، في حين بأنها قبل ساعات قليلة كانت مع "جميلة" تفهم منها المختصر لهذا اليوم ، حتي انها وجدتها متوتره وعندما توجب علي "نيروز" الذهاب لشقة عائلته وعدتها بأنها سوف تراها مره ثانية للحديث معها والوقت قد سرقها اذن ؟. ، دخلت  "نيروز" الشُرفة وهي تخرج أنفاسها ، حتى حملت الكوب من على الصينيه وهي توكز كتفه فاستدار "غسان" برأسه ينظر لها مبتسماً بهدوء وهو يأخذه منها تزامناً مع قولها :




        
          
                
_"سرحان فـ ايه لوحدك وسايبني !"



ضحك  "غسان"بخفةٍ على ضجرها المخفي منه حتى غمز لها بمشاكسةٍ وهو يردد:



_" هو انا أقدر أسيبك بردو ؟"



طالعته ببسمة هادئة ، حتى وجدته يندمج في ارتشافه من الكوب وقبل أن يضع يديه علي جيبه كي يتحسس علبة سجائره تفهمت ما سيفعله لانتباهها لذلك منذ الصباح الباكر ومنذ أمس ، يشربها بشراهه غير معهودة !! ، قاطعت فعلته بمسك ذراعه وهي تحثه بقولها الهادئ :



_" مش ملاحظ إنك بقيت  بتشربها  كتير اوي اوي  عن العادي!!"



تعمد تجاهل هذه الجمله ، فقد شرد عقله بدوامة حوار ٱخر تاه به ، فوضعت هي يديها على كتفه برفقٍ وهي تقول بلين:



_" من ساعة ما روحت سلمت علي اخوات شادي امبارح وانت متغير ، هو في حاجة حصلت ؟! "



صمت يخرج الثقل الذي على قلبه وصدرة ثم تنهد يخرج أنفاسه بصوتٍ وهو ينظر أمامه بشرودٍ ثم قال بصراح.ةٍ يسرد عليها هي وحدها :



_"مش عارف ..بس شادي مش مبسوط وكإن إخواته جم مرروا عليه جوازته وفرحته ، بكلامهم وردودهم وأسلوبهم وحتى تعاملهم معاه ، كانوا وهم بعيد مرتاح لكن لما يرجعوا يقربوا تاني بيحس كإنه مكسور من جديد ، محدش ساعده فأي حاجة ونزلوا وعايزين يبقي هما اللي فالصورة وهم اللي خيرهم عليه ، انا وقفت امبارح مش عارف اعمله حاجه واخوه ومراته بيقولوله فوسط الكلام ان "منة" مش قد المقام ، مش فاهم بيقولوا ليه كده ليه وهو خلاص لقا  نصيبه معاها ..مش دول اللي كانو معانا فيديو كول وظاهرين إنهم مبسوطين بيه ، يرجع الكلام اللي فوسط الكلام دا عامل زي السم، هم كده لازم يسموا بدنو ويقتلوا شغفه فحاجه فرحان لها !!"



شعرت الٱن بكيف سيكون شعور "شادي" لطالما كان يتقلل منها بكل شئ تفعله خاصةً من "عمها " ، نظرت له بشفقةٍ ثم قالت له بمواساة طبيعية تخرج من اي شخص يوضع مكانها :



_" هو ممكن يعدي كل ده وميحطش فدماغه ،  هتبقي اسهل عليه لو عمل كده ، أصل الواحد مبيسلمش من كلام اللي حواليه مهما كان وضعه عامل ازاي!!"



_" دا لما يكون شادي بيعدي ، لكن دا منساش ليهم أي حاجه منساش لما سابوه لوحده  ومشوا ، منساش تخليهم عنه ، كان متعود بقاله فتره كبيره على رياحة الدماغ بس لما يرجعوا أكيد وطبيعي هيحس بإحساس وحش أوي ، إزاي يعني يكونوا معاه في الفرح والوحش لا ؟! ، السؤال دا كفيل يخلي الواحد دماغه تطق ويستنكر كل اللي حواليه ومش هيهدي البال لو كانوا اخواته مش مجرد ناس سابته فـ المر ونزلت معاه ع الحلو بس !!"




        
          
                
الموضوع هين هين علي أي شخص غير "شادي" ،  هو وحده من يشعر بالوحده والخزي منهم هم ، إبتلعت ريقها متفهمه الوضع ولو ذره بالشئ ، وحينها  أمسكت كفه الحر وقد تعمدت رسم بسمة واسعه وهي تردف بحديث أشبه بالمرح :



_" شادي بيعرف يبسط نفسه بنفسه ،. وبالذات لو فيوم زي النهارده ، ولو هو فاهم كويس هيحاول يضغط نفسه ويتجاهل لحد ما كل واحد فيهم يرجع زي ما كان ، ساعتها هو اللي هيبقي كسبان بعد مشيهم المرادي ،. لان هيبقي معاه حد يشاركه حياته بعد كده بكل الحلو والمُر  اللي فيها .. معتش هيبقي لوحده !!"



صمتت قليلاً تنظر إلى ملامحه التي تحفظها عن ظهر قلب ثم قالت بحبٍ وظهرت محاولتها في أن تطمئنه بعينيها البُنية الذي تاه هو بها الٱن :



_" ومن قبل كده عمره ما كان لوحده ،  لأن كان جنبه أطيب وأحن  وأجدع  صاحب  فالدنيا يا بن البدري !!"



تٱثر من قولها وهو الذي شعر بالعجز لصديقه كان يحتاج من يثبت له بٱنه ليس مُقصر بحقه ، او ماذا عليه ليفعل هو له بهذا الوقت ، أشقاء بين بعضهم وان تدخل لن يجد قبول من أشقاءه وبنفس الوقت  الٱخر لم يكن ليقبل أن يجعل من أشقاءه خصم له  عندما يتحالف مع ٱخر غريب عنهم هم ، ولكن قربه منه هو أقرب منهم هم حتى!!!,  نظر ناحيتها ببسمة هادئة ورفع عينيه ينظر نحو خصلاتها المكشوفة لعدم وجود غريب عنها بالمنزل الٱن لذا خلعته على  كتفيها وتركته ، تنفس "غسان" بعمقٍ وهو يحرك رأسه ناحية الكوب حتى حمله بهدوءٍ   تزامناً مع تعمدة لقلب الوضع لٱخر عندما غمز لها بوقاحةٍ ممراً عينيه عليها:



_"  حلوه واحلويتي وبتحلوي طول ما انتي معايا يا رزّة !"



فهمت مخزي حديثه ، فوكزته بخجلٍ ثم أخذت مفهوم ٱخرمن حديثه عندما قالت بحنقٍ ساخر :



_" إتواضع شوية عشان ربنا يكرمك !!!"



_" كرمني بيكي يا بنت الٱكرمي ، ونفسي يكرمني بطفل منك حلو زيك كده !!"



احتضنت عينيه عينيها بهذه الأمنية ، وهذه اللحظة تمنت بأن تنجب بالفعل بعيداً. عن الخوف او غيره ، ربما تقارن معاملة ٱخرين وشغف آخرين عن الأطفال، بل وفي الاوقات الماضيه تعلقت بـ "يوسف"و"ٱدهم" كثيراً كما بـ "جنة"   مراحلهم مختلفه عن مرحلة "يامن" والأطفال في العموم تغيرت فكرتها عنهم عن ما كانت فالبداية ،  نظرت إلى السماء بشرودٍ وهي تخرج أنفاسها وإعتدلت كي تخبره بأن يتعجل كي يصعدا ليبدلا ملابسهما فلاحظت دخول "فاطمة" الشرفة بابتسامتها الهادئه وعقب ما دخلت هتفت بصوت هادئ تخبرهم خاصةً عندما وجهت النظر لـ "غسان" تخبره ما قاله لها "حامد" بأن تقوله:




        
          
                
_" بيقولك عمو ، اطلعوا البسوا يلا ، لأن شادي  على وصول على. هناك !!"



_" ماشي يا فطوم !!"



لما يدلل اسم اخر غير اسمها ؟؟ وكيف يخرج منه بكم هذا اللطف ؟ ،. وقبل أن تلتفت "فاطمة " لتخرج  أوقفها سؤاله المهتم :



_"  عيالك هيجوا من المدرسه امته ؟"



_". بعد ما نيجي من كتب الكتاب هيكون الباص جايبهم على هنا زي كل مره ، متقلقش !!"



ابتسمت بنقاءٍ ثم نظرت ناحية "نيروز" وهي تضحك بخفة ثم قالت عندما تذكرت قول" يوسف" :



_" يوسف حب سندوتشاتك أوي عشان كده النهارده صمم تعمليله الصبح قبل ما يمشي !!"



توسعت بسمتها بسعادةٍ ثم أشارت لهم كي تخرج لترتدي ملابسها ، فنظر هو ناحيتها وجدتها تبتسم بخفةٍ ثم شاكسها بقوله العبثي :



_" دا احنا كلنا متفقين علي حبك بقا !"



_" عندك شك ؟"



سألته بسخريةٍ فحرك رأسه متفاجئاً من ردها، مردداً. بغير تصديق:



_" لا اله الا الله. دا انا بدلعك وبتغزل فيكي ؟"



إعتدلت تنظر له بغيظٍ ثم لوت فمها تلمح لما يثير غيرتها :



_" اه ما انت شاطر تدلع في أي حد يقابلك!!"



سبقت وهي تخرج من الشرفه قبل ان ترد عليه فضحك بخفةٍ وهو يحمل الكوب خارجاً خلفها كي يضعه علي رخام المطبخ ، ومن ثم ليصعد معها كي يبدلا ملابسهما للمناسبة السريعه هذه ، لاحظ حديثها على عجالة من ٱمرها عندما ذهبت تقف أمام غرفة "وسام" تختار معها لون حجاب للثوب الخاص بها من بين ثلاثة ألوان ، فاختارت ثم تحرك تزامناً مع خروجه من المطبخ كي يصعدا معاً إلى شقتهما!.



_________________________________________________



وقفت "جميلة" تضع ٱخر لمسة بحجابها أمام المرٱه بعدما رتبت حقيبتها التي ستأخذها معها بالستنر بعدما تخرج من موعد عقد القران الخاص بـ "منة" ، ناهيك عن توترها الذي جعل معدتها تتألم دون سبب واضح ، تحاول تجاهل ذلك بالتظاهر باللاشئ ، ولكن يظهر علي ملامحها الارتباك جداً. ، زفرت بصوتٍ وهي تلتفت حتي وجدت "فريدة" تقف  متجهزه بجانب "ياسمين". ومن ثم تعالت الزغاريد بقوة منهما معاً ، حتى تعالى صوت "ياسمين" بمرحٍ :



_" أحلى عروسة، يا بخته عز والله!!"



ضحكوا عليها بخفةٍ تزامناً. مع دخول "عايدة" الغرفة مع "حازم" هو الٱخر الذي وقف شارداً بها وبملامحها ، يستنكر عقله كبرها بهذه السرعه كي يسلمها بنفسه لعريسها ، يتأثر وغيرته تغلي بالداخل ووضح ذلك فالفتره السابقه اما اليوم فهو استثناء شئ ٱخر ورغماً عنه سيتركها معه هو. مع من إختاره قلبها ، إبتلع ريقه وهو ينظر نحو أحضانهن لبعضهن بحبٍ وتأثرٍ خاصةً أنه الٱن يري دمعة "جميلة" بعينيها عندما خرجت من أحضان "عايدة" المتأثره، وقف بعيداّ لا يقوي على الإقتراب لاول مره يعيش هذه المشاعر وكأنه أب بهذه اللحظة وليس شقيق ،  رفعت عينيها تنظر نحوه وهو يراقب أصغر تفصيلة بها ، تقدم ٱخيراً بضع خطواتٍ ثم تنحنح يجلي حنجرته كي لا يظهر الاختناق بصوته عندما قال بعدها مباشرةً وهو يطالعها بتأثر:




        
          
                
_"أنا مش مصدق عيني يا "جميلة" ، جوايا كلام كتير اوي عايز أقوله ، أهمهم إنك غالية أوي وإني بردو مش عارف امته وازاي كبرتي بالسرعه دي عشان تبقي عروسة وأسلمك بنفسي لعريسك ، أنا عارف إنك تستاهلي كل خير ، عشان كده انا واثق ان عز هو الاختيار الصح بعد كل اللي حصل ده ،  خلي بالك من نفسك عشان خاطري وٱوعي تسكتي فيوم وتقولي إنك ملكيش حد ، أنا معاكي وجنبك علطول وطول ما انا موجود فالدنيا لو ضاقت بيكي هفضل مستنيكي تجيلي حتي لو كان في غيري تروحيله دلوقتي !!"



امسك وجهها بين كفيه كي يقبل قمة رأسها فسقطت دمعتها وهي تطالعه بتأثرٍ ثم رفعت ذراعيها تحتضنه بتأثرٍ وهي تقول بنبره متحشرجة :



_"أنا بحبك أوي يا حازم ومكانتك هتفضل ثابته عندي عمرها ما هتتغير، إنت أبويا وكل حاجه ليا  ربنا يخليك لينا ويقوم ياسمين بالف سلامه هي والنونة  بتاعتكم !!"



إبتسم لها وهو يشدد بعناقها وفجأه وجد من يدخلان معهما بالقوه بمرحٍ ،. ولم تكن سوى "ياسمين" التي شاركتهم الاحضان والٱخري كانت "فريدة" ، ضحكت "عايدة" بصوتٍ ووضعها يعكس ذلك فقد كانت تهبط دموعها علي وجنتيها ، ضحكت عليهم  بيأسٍ ، وفرد "حازم " ذراعيه لهن وهو يشير لـ "والدته" حتى أتت بين أحضانه بجانبهن ، فردد هو بابتسامة هادئه كمثل نبرته وهو يقول بعمقٍ وحب :



_" إنتوا كل حاجة ليا فالدنيا ومعنديش أغلى منكم ، يارب أعيش وأقدر أبسطكم وأفرحكم دايماً !!"



صمت يوزع نظراته بحبٍ ثم ثبتها عند "فريدة" وهو يكمل بأمنيته الثانية :



_" ويارب أعيش نفس اللحظة دي وأنا بسلمك بإيدي يا فريدة لـ نصيبك انتِ كمان !!"



ابتسمت بألمٍ وهي تعتدل ثم قالت باختصارٍ موزعه النظر بينهن متعمده عدم الإهتمام :



_" مش عايزة .. معتقدش أصلاً ، انا كده أحسن !!"



وجدته يمسك كفها يحنوٍ ورفقٍ ثم رفع كفه الٱخر يربت به علي وجنتيها مردداً بوجعٍ مخفي :



_" أنا مش عايزك تقولي كده ولا تفكري فكده من اصله ، لإن انتي تستاهلي حد يحبك وتستاهلي تفتحي بيت وتعملي أسره ،   متخافيش وخليكي عارفة  اني عمري ما هقبل أنا بأي حد والسلام ، لإن بنتنا غاليه وقيمتها عاليه !!"



إبتلعت ريقها بتأثرٍ وهي ترفع ذراعها على كتفيه وخلف رأسه كي تعانقه بتأثرٍ تحت نظراتهن الموجوعه بالخفاء لأجلها ولأجل ما تشعر به ، بلحظة كهذه لم تريد أن تجعل الوضع حزيناً فكتمت بكائها بدفن رأسها في أحضانه دون صوت ، وكي تجعل"ياسمين " الوضع مرحاّ فصلتها عنه بتبجحٍ ثم قالت بكيدٍ لها :




        
          
                
_" ابعدي يا حبيبتي ، المكان دا مكاني لوحدي !!"



عبس وجه"فريدة" تحت ضحكاتهم ، فردت باستنكارٍ وهي ترفع شفتيها :



_" دا اخويا!!"



_"  وجوزي وحطي تحت دي  كام خط. !!"



صمتت ثم حذرتهم بعينيها ويديها مجددا ً :



_"أشوف واحده فيكم ساحباه ترقص معاه كده ولا كده ، مش عشان حامل ومش هرقص تاخدوه مني كده لا ..وبعدين أنا خايفه عليه يتشقط مني بصراحة عشان الناس اللي تبع منة صاحبتك دي يا  جميلة فيهم شلة بنات كده صورم وعينهم علي رجالتنا هنا ولو حصل النهارده كده هيزعلوا مني !!"



أظهرت الشراسه من بين حديثها المضحك، الذي أضحكهم بخفةٍ عليها ، فإعتدل هو متنحنحاً بحرجٍ زائف وهو يقول بسخريةٍ منها:



_" ٱتشقط ؟؟ انا اتشقط   على ٱخر الزمن؟"



شهقت "ياسمين" بشعبيةٍ ثم وزعت النظرات بينه وبين "والدته " :



_"ومتتشقطش ليه ان شاء الله ، شاب طول بعرض ووسيم وجميل وعسل وشبه امك عايز ايه تاني ؟، لا أنا مش بقرون يا حبيبي تقعد جنبي لحد ما الفرح يخلص خالص سامعني ولا لاء !!"



ضحكوا عليها ، فأمسك رأسها بين ذراعه بمشاكشةٍ شبابية و بيأسٍ منها تحت ضحكاتهم تزامناً مع قوله القليل الحيلة لهم :



_'' مضطر أستحمل هرمونات الحمل،لكن انا راجل والله!!"



ضحكت "جميلة" وهي تعتدل ثم قالت بسخريةٍ مضحكة :



_" أه ما انا  عارفة انت هتقولي !!"



إعتدلت بعد دقائق كي تخرج من الغرفه ومن ثم هم بعدها حتى تفتح باب الشقة  تستقبل من ينتظر البقية وكانت "وردة" معهم تقف على أعتاب الباب مبتسمة الوجة وهي تحث "يامن" على عدم الاقتراب من الدرج كي لا يسقط ، وفتح باب شقة "حامد" حتى خرج منه  هو الٱخر مع "دلال"و"وسام" التي خرجت معه وانحنت لتلاعب "يامن" بخفةٍ ، طالع "حامد" وقوف "بدر" بأحد الجوانب يتحدث باتصال ما ، وعندما أغلقه وهو يقترب منهم بملابسه الانيقة المناسبة للمناسبة هذه ابتسم لـ "عمه"ولـ "فاطمة" التي كانت بمظهر جميل هادئ مثلها ، بالأساس هو الٱخر يحمل ثقل على قلبه لا يعلم كيف سيفاتحها به واقترب الموعد  جداً.  ولا أحد يعلم سره سوى "غسان"و"حامد" و"ٱدم" فقط !!! ، ابتسم بهدوءٍ وتقابلت عينيه معها فتنفس بعمقٍ وهو يتنظر هبوط "غسان" مع "نيروز " ،، بينما سألت "فريدة" بإهتمام :




        
          
                
_" هو انتي هتقعدي مع طنط سمية يا ماما عايدة صح؟"



_" ايوة يا حبيبتي ، ملهاش لزوم وان شاء الله هنتجمع فالقاعة بليل !!"



تفهمت مقصدها وهي تقف  تنتظرهم ، وعلى مره واحده خرج صوت"حازم" موضحاً لهم :



_" طب أنا هنزل ٱخرج العربيه وأسخنها كده علي ما تخلصوا !!"



أومأوا له وهبط معه "حامد"و"بدر" إلى الأسفل ، فبقت الفتيات ومعهن "فاطمة " التي وقفت تتحدث مع"فريدة"و"ياسمين"و"وردة", ودخلت "جميلة" إلى الداخل تنتظرهم ..



وبنفس ذات الوقت هبط المصعد بهما معاً بـ "نيروز"و"غسان" اللذان إرتدا ملابسهما بخفةٍ وتجهزا ٱخيراً ، فُتح المصعد وخرج وهي تتأبط ذراعه بطريقة أنيقه إلى أن نظرت لهما "ياسمين" بمشاكسةٍ وهي تغمز لـ "نيروز" التي تركته سريعاً  بعدما مالت عليه تعلمه بهمسٍ :



_" أنا هدخل أنا  لـ "جميلة" ، اسبق تحت وأنا هحصلك شكلهم نزلوا!!"



تزامناً مع ذلك دق هاتفه فحرك رأسه إيجاباً لها وهو يرد على المتصل تزامناً مع انتظاره المصعد وهذه المره ركبت معه "فريدة"و"فاطمة"  كي يستعدا للهبوط معه هو الٱخر بعدما هبطت "دلال"و"وسام" أيضاً ..



بينما في الداخل وقفت "نيروز" تمسك زجاجة المياه بغرفة "جميلة" وهي تحثها برفقٍ وحنوٍ :



_" إشربي وخدي  نفسك براحة.. أكيد دا تعب توتر وإرهاق متقلقيش طبيعي !!"



أخذت منها "جميلة" الزجاجة وهي تشرب بتمهلٍ ثم أمسكت مكان موضع قلبها بتعبٍ خفيف  متحدثة بقلقٍ ظهر علي ملامحها :



_" في شكة هنا بجد مش مريحاني ، مش عارفه من ايه ، يمكن عشان منمتش بقالي كتير نومي مش متظبط !!"



مسدت "نيروز" على وجنتيها برفقٍ ثم عانقتها بدفءٍ واحتواء دون نبس حديث ، حتى ابتسمت بعدها وهي تغمز لها بمشاكسةٍ :



_" كل حاجه هتبقى فل ..حتي شكلك فالميكاب كمان اللي انتي خايفه ليكون مش أوي .. هيبقي عسل والله وكله هيعدي متتوتريش!!"



إبتسمت بإتساعٍ ، ثم أشارت لها "نيروز" كي تخرج وهذه المره حملت معها حقيبة  اليد الخاصه بها هي ، كي تسير حره بسيب رجفة يديها ، خرجا معاً ولاحظن وقوف "ياسمين" مع "عايدة" التي كانت تناولها دواءها قبل ان ترحل، توجهت"نيروز" لتفتح الباب كي تهبط إلى أسفل في حين ودعت "ياسمين" "عايدة " التي خرجت معها لتتجه ناحية شقة "سمية" كي تدخل بها إلى الداخل!!




        
          
                
ولأن "بدر" معه سيارة قام بتأجيرها قبل يومين ، فإنتظر قدوم "آدم " كي يركب معه هو الٱخر  ومعه "وردة"وشقيقته "فاطمة " و"يامن " صغيره ، 
كما أن سيارة "حازم" سيركب بها "ياسمين"و"جميلة"وفريدة"، وسيارة "غسان " كان هو و"نيروز"و"ووالديه وشقيقته "  ، إجتمع الجميع في الأسفل أمام الثلاث سيارات وأنهى "غسان " مكالمته مع"شادي " كما كانت "جميلة" تستمع إلى حديث "عز" بهاتفه أنه الٱن  بطريقه لمنزل "منة"  ، أُغلقت الخطوط ، وجاء "آدم " ٱخيراً يرحب بهم بحراره ، كان أنيقاً باختيار ملابسه الشبابية عندما وقف يحمل "يامن " ينتظر انتهاء حديث الرجال والاتفاقات كي تتحرك السيارات ومن بين هذا لم تفشل  عينيه بسرقة النظر لها وهي تقف تتحدث مع "نيروز", غير منتبهه له من الأساس أو هكذا ٱظهرت هي عندما رفعت عينيها  فوجدت نفسها محاصره بنظراته الغريبه لها إلى الٱن لا تستطيع تفسير نظراته هذه نحوها ،  حرك عينيه ببطئٍ من عليها وثبات غير متحسباً بأن تراه يراقبها ام لا ،  بل يريد مداهمتها بنظرة عينيها والحقيقه بأن شعوره كرجل بمثل هذه الأنثي التي لا تهابه ولحظة لا تخجل منه ولا من نظراته بل جريئة جرٱه لم يراها من قبل وهذا ما يجعل الوضع لديه أشبه بالعناد كي يقف بطريقها كل مره إلا أن يظهر ضعفها أمامه ، فصيلة معروفه واشبه بالمشهوره عند معظمهم لا يريد تفوق أنثى بكبرياءها وقوة شخصيتها وردودها عليه ، ومن بين ذلك وجدها ترمقه بحدةٍ ظهرت في نظراتها قبل أن تركب السيارة اخر واحده ، بالطبع خمن حدتها بسبب إطالته النظر بها بتمعن دون حرج رجولي منه !! 



وجد "بدر" يضرب كتفيه بشقاوةٍ ثم أشار له ملوحاً بخبثٍ ليثير حنقه رغم انه يعلم بأن الوضع عكس ذلك تماماً وان الٱن بمواجهة أشبه بالمصارعه معها هي لطالما هزمته بأكثر من جوله والي الآن لم يرد حقه حتي ولو بطريقة خبيثه تليق بأنثي غير رد الحق بنفس الطريقه:



_" بقولك يلا خلينا نتحرك ..انت مش سامعني ؟...اللي واخده عقلك يعم !!"



طالعه بسخافةٍ من هذه المشاكسة ، وسرعان ما ركب السيارة حاملاً "يامن" على ساقه وهو يشاكسه بمرحٍ  حتى ضحكوا علي صوت ضحكات"يامن" العالية البريئه !! ، وبخفة ٱخري سارت السيارة خلف السيارتين ، ومنزل الٱخري ليس بعيد كي يقطعوا مسافة كبيرة ، بل خلال دقائق سيصلا إلى المنزل!! ..



وفي سيارة "غسان" دق هاتف"حامد" عالياً فإعتدل يتنهد وهو يخرجه من جيب بنطاله ، وما ان وجده "بسام" تنهد يخرج أنفاسه وقد لاحظ تحليهم بالصمت  احترماً  لرده علي المكالمة ، وبالفعل أجاب وهو يضع الهاتف علي أذنه مردداً بنبره هادئه جعلت "غسان" ينتبه بعينيه :




        
          
                
_"أيوة يا "بسام " ..لا إحنا لسه فالطريق ، ، اه ...لا تعالى على هناك علطول وخلاص !!'



صمت يسمع حديثه وردة عليه وسرعان ما اغلق الخط بعد لحظاتٍ ،  ومن بين ذلك لم تستطع "دلال" اخفاء بسمتها الواسعه بقدومة ٱخيراً بعد غيابه في المستشفي وسيحضر المناسبه ، طالع "غسان" فرحتها الهادئه بالمرٱه ولاحظ شرود "نيروز" من الشرفة كما كانت "وسام " يظهر عليها قلق الإمتحانات التي تقترب شئ فشئ ويوم وعن يوم، وان استطاعت هي إخفاء ذلك علي الكل فعليه هو لم ولن تسطع..



_"حلو أوي الدريس ده يا نيروز ، شكلك حلو فيه !!"



إنتبهت "نيروز" على حديث "وسام" فإلتفتت تنظر لها ببسمة واسعه وقبل أن ترد رد "غسان" عليها بإبتسامة هادئه يصحح لها ما جعلها تلفت إنتباهها لملابسها وهو وسع ملابسها هذه المره حيث ان هذا الفستان الهادئ كان مُفصل بفعل خياط ما وكان الرداء  واسع بطريقة أنيقه حديثه وبيس محكم بقوه :



_" عشان واسع ومختلف ، قوللها بقا عشان هي مش مقتنعة انه حلو عليها!"



ضحكت "دلال" بخفةٍ ثم نهرته بنظراتها كي لا يحرجها أكثر ، فردت بدفاعٍ تضع يديها على ساق "نيروز" :



_" روز حلوه وأي لبس ببقي حلو عليها يواد !!"



غمز "غسان" لـ "نيروز" بالمرٱه فطالعته هي بخجلٍ ثم قالت بلباقه لها :



_" شكراً يا طنط انتِ اللي حلوة  !!"



_"صح. يا روز  اختيار عمك حامد دايماً حلو !"



قالها "حامد" بمرحٍ مع نبرته الضاحكة ، فضحكت هي بيأسٍ من طبيعة حديثه ، ولم تغفل الآخرى عن مجاملته بالحديث عن ملابس ابنة عمه هي الٱخرى ، احياناً تشعر بأنها تعطي الوضع أكبر من حجمه وأحياناً اخري لا تشعر بذلك وكإنه عادياً ، ومنذ أيام تتجاهل الوضع رغم ضيقها إلى متي ستتحلي بالصبر؟ ، رفعت إصبعها تعدل حجابها أكثر ، ثم نظرت ناحية الشرفة صامته عن حديثهم العشوائي ومن هنا لاحظ هو فعلتها ولاحظ ضيقها التي تحاول هي إخفاءه ..وخلال دقائق همهم لهم بالإستعداد كي يهبطوا من السيارة التي ستقف أمام منزل "طارق" في الحال !! 



وفي السيارة الٱخري التي وقفت  بجانب سيارة"حازم" ، هبط منها الجميع وإستعدوا للصعود تزامناً مع وقوف سيارة "غسان" ليخرجوا منها هم الٱخرين ، وبخفةٍ ، سارت "جميلة" مع "ياسمين" و"وردة", ووقفت "فريدة" تعدل من ملابسها التي انكمشت بسبب جلستها هذه ،  وما إن إعتدلت وجدته يقف عاقداّ حاجبيه باستنكارٍ ثم قال بخفةٍ وفظاظة كي يجعلها  تنفعل :




        
          
                
_" البتاع ده مش حلو خالص الصراحة!!"



ترتدي فستاناً بأكمام واسعه مع ربطة من خصرها بعقدة ليست ضيقه وحجاب محكم ظاهر جمال بشرتها البيضاء وملامحها الصغيره دون ظهور خصلاتها ، بل وفُرد الحجاب خلف ظهرها بطريقه حديثه ظاهراً قمة صدرها من الفستان من الٱمام بإنكماش القماش بطريقة أنيقه وحقيبة اليد الحديثه التي تتناسق مع اللون السماوي الهادئ التي تبدو جميلة به وفريدة من نوعها كمثل اسمها ،  رفعت شفتيها باستنكارٍ كما قلبت عينيها بسذاجةٍ وهي ترد في تبجحٍ  وجمود محاوله بأن تتخطاه بعدما لاحظت تحرك الكل للصعود :



_ "مطلبتش رٱيك علفكرة !"



_" بس أنا قولتلك قبل كده ..ان رأيي  إجباري يا شاطره!!"



طريقته بقولها مستفزه وأثارت حنقها بشدة ، فتشنجت ملامحها بغيظٍ وهي تحذره :



_" أنا مش شاطرة ومتاخدش عليا كده!"



_"ولما إنتي مش شاطرة عاملة شاطرة فيها ليه لما ضربتيني بالقلم ورشيتي المايه وغرقتيني يا شاطرة !!"



أردف "ادم " جملته بتلاعب ، واقتربت هي خطوه واحده ترد بجديةٍ :



_" علشان انت تستاهل  أول مره لما قعدت تبص عليا وتـ .."



عندما علمت أن الوضع لا يسمح وان الحديث أيضاً ليس وقته بل ومحرج ، لم تتوقع بأنها  ستخجل من قولها بهذه الطريقه ، اين الجرأه أمام عينيه ، إبتلعت ريقها  وهي تحاول السير بكعب حذاءها العالي، فتقدم سريعاً يكمل بتساؤل غير هين :



_"وتـ ..ايه ؟ كملي سامعك أنا !!"



لم ترفع عينيها ناحية عينيه بل حاولت السير في طريقها كي تصعد على السلم الطويل وهذه المره تهرب من الرد ،  قبل كانت ترد بهجوم ،  اما الٱن خمنت ما بها بأن الوقت ليس وقته ، وقف يطالعها بصمتٍ ببسمة هادئه ،وشعر ٱخيراً بأنها اهتزت أمام نظراته الجريئه غير الحرجة ، يتنافس معها وتيقن بأنها انهزمت في حين بأنها عكس ذلك بتاتاً وسيري في اللاحق ؟!  , صعد هو الٱخر خلفها ووجد الشباب يرحبون بمن في الداخل اجمعهم منهم "شادي" وأشقائة الذين كانوا هناك من قبل، جلسوا متراصيين بجانب بعضهم ، كما كانت بحجرة الفتيات تجلس"منة" بتوتر ومشاعر مختلطة رغم محاولة "شادي" في ان يطمئنها بالحديث ولكن نظرات أشقائة وزوجة أحدهم لها ليست مريحة تماماً !! ، تتحلى بالجرأه كي لا تُقلق والدها هو الٱخر..



"سمير" و"فتحي" أشقاء "شادي" ، بترتيب أعمارهم ، جلس الثلاثه بجانب بعضهم في حضرة المأذون الذي إستعد على الطاوله برؤيته كل الأوراق المطلوبه ، شهوده أشقاءة وان تطلب غيرهم فكان بالفعل "غسان" موجوداً سنداً له ، دخل بعد كل هذه الدقائق من الانتظار "بسام" الذي كان يسرع بأقصى ما لدية كي يلحق وبالفعل دخل وجلس بعدما رحب بعينيه عليهم بسرعه وذلك بسبب حديث وخطبة "المأذون" التي اعتلت بالمكان والتي كانت مُراقبه من على بعد ، لم تحصل "جميلة" على وقت لتتحدث به مع "عز" بل رأته من على بعد والآن تراه يجلس بين الرجال والشباب بصمت ليستمع إلى الخطبة بهدوءٍ، كما أن "حنان" لم تأتي معه بسبب وجودها في المستشقي مع "فرح" والتي ستتركها بعد وقت كي تعود إلى منزلها او هكذا يعتقدون!! 




        
          
                
_"إمسك فإيد  حماك يـا عريس !!"



جمله خرجت من المأذون لـ "شادي" الذي كان يشعر لأول مره بمشاعر مختلفه لم يشعرها من قبل ،  حاوطة "غسان" بنظراته بلطفٍ وسعادة حقيقه نبعت من فؤادة  بنقاءٍ دون ذرة تعكر واحده او حقد  حتى !! ،بل فتح هاتفه يقوم بتصوير هذه اللحظة للتذكار ولا يعلم لما بهذه اللحظة بالتحديد يشعر بأنه كمن يكون والده الذي يفتخر به وليس مجرد صديق أو كتف صديق يسنده !! ، ماذا به حدة الشباب ؟  منذ متي يهلل الوضع بهذه الطريقه وخاصة بمشاعره الغير مفهومه ؟؟ حاول تجاهل ذلك عندما سأل نفسه ولم يعلم هو بأنه بالتأكيد محاصر من ذلك الشعور ان لم يكن الٱن فسيكون في اللاحق عندما يرتدي الٱخر حلة  زفافه بواسطته هو !! ، صمت الكل في سعادة وبهجة يسمعون حديث المأذون ،وقبل ذلك دخلت "منة" بخجلٍ تقوم بالإمضاء وعيني "شادي", تحاصرها وكأنها ستهرب منه في الحال ، لما يخاف؟ لأنه شعر بالحب ؟ هذا هو قولها وليس قوله ؟  امتزج بها وبخوفها وبطباعها ؟ اليوم سيستطيع أن يعانقها براحةٍ ؟ لم تعطه ذلك في البداية دون مسمي وينتظر هو لذة الانتظار والإنتصار معاً ، ود ليقص عليها كل أوجاعه الذي يخفيها تحت مسمي المرح بطباعه التي تخفي كل ذلك ، ود ان يشعر بكيف يشعر المُحب بأحضان من يُحب ؟؟ اليوم سيُجرب وبعد هذه الجملة وبعد ان ردد الإثنان معاً خلف "المأذون" من طارق و "شادي" ، وخلال دقائق معدودة اعتلى صوت "المأذون وصوتهم جميعاً عندما وقفت النساء والفتيات بازدحام أمام غرفة الرجال " يرددون خلف المأذون في سعادة :



_" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خيرّ !!"



وماذا بعد وهي واقفه تنظر بتأثر وعيني يفيض بها الدمع المتٱثر بهذه القوه، تركهم "شادي" كالٱهوج المختل عندما سحب نفسه وهو يتوجه لها حتى دفعها بأحضانه ودخلت هي بمنتهي الرضا ولم تتفاجئ  من اندفاعه ذلك، ضحك الكل عليه بصوتٍ عالٍ ووسط  عناق الشباب لبعضها ولوالدها كان هو يشدد في عناقها بقوه عندما حاوط خصرها بذراعه الأيسر ودار بها وبفستانها الأبيض البسيط الغرفه كدائره وصورهما كل من كان يحاول فعل ذلك بسعادة ونقاء وعندما إنتهي شدد بها. ومن قربها وهمس وهو ينحني بسيب قصرها الشديد عنه هو ، همس بحبٍ واختناق من سعادته :



_" أم عيون قناصة بقت مرات شادي وحلال شادي وحبيبة شادي , الف مبروك يا مراتي !!"



شددت هي الٱخري بعناقه وهي تتنفس بعمقٍ وعندما خرجت ببطئٍ تنظر نحو عينيه التي ظهرت بها السعادة البالغه رددت بإختناقٍ هي الٱخرى :




        
          
                
_" مبروك عليا شادي  وحضن شادي بيه!!"



حينها أهبط وجهه وفعل ما كان بتمني بأن يفعله عندما قبل وجنتيها بحبٍ شديد ثم غمز لها مردداّ  بوقاحة:



_" وبوس شادي بيه  اوعي تنسي  ..دي أهم حاجه!"



توردت وجنتيها بالخجل وقليل ما تشعر بذلك ، ووجدت نفسها تعانق "والدها" بتأثرٍ ومن بين أحضانه لاحضان النساء والفتيات بحبٍ وسعادة كما كان هو ، وعند عناقه لأشقاءه كان فاتراً ، بينما وصلت به اللحظة عند عناق "حامد" بتٱثرٍ ولم يريد ان يطيل بذلك كي لا يتأثر معه ومع "بسام" وفاجئة عناق "غسان" الذي كان متأثراً به بقوه عندما شدد بعناقه بشبابيةٍ معروفه بالمشاكسة بينهما وحينها ردد "غسان" بفرحةٍ عميقه ظهرت بحديثه وعينيه الدافئة بأصله :



_"ألف مبروك يا صاحبي ربنا يسعدك ويجعل أيامك كلها فرح!!"



ضمه "شادي" بصلابةٍ ناحية صدره عندما مرر يديه على ظهر الٱخر الصلب ولم ينبس بأي حرف وكمن لدغه شئ عندما وجدها مُحاصره بالحديث من أشقاءه فترك "غسان" وهو يشير له  باشاره فهمها ، حينها إقترب "شادي" علي قول شقيقة "سمير" :



_"الف مبروك يا "منة "، شكلك بنت حلال ..خلي بالك بقا من شادي مش هوصيكي عليه ..وهو زي ما انتي عارفه ابن ناس جداً جدا يعني عشان كدة وافقتوا عليه!!"



قال حديثه بسخافةٍ وبٱخره ضحك وهو يلمح لما فهمته هي وكأنها تبتلع الغصه المريره الٱن ولأول مره هذه الجريئه تقف بغير فهم وعدم قدرة علي الرد لافساد ما يحدث من فرحة تخصها وتخصه ولم يستمر الوضع إلى هنا بل واصل "فتحي" الشقيق الآخر بسخافة وهو يدخن سيجارته التي اظهرت مدي وصول حالته المادية التي تظهر علي هيأته وملابسه :



_"خلاص بقا يا سمير..متكسفهاش ٱومال ..الكل عارف ان شادي يريح اي حد يناسبه ويخش بيته ، وبعدين دي حاجة متزعلش يعني ..إحنا كده ندي ومناخدش  وعيلة معروفه بكدة !!"



توترت ملامحها وشعرت بأنها تُهان ماذا يقصد هو الٱخر ، وجدت الأمان عندما رفع ذراعه يضعه علي كتفيها باحتواء وكأنه يطمئنها عندما ابتسم بخفةٍ لهم وهو يرد عليهم كي يغلق هذا الحديث :



_" منة كمان بنت ناس محترمين ومن عيلة راقيه، وبقت مراتي يعني مفيش فرق بينا  زي ما بالظبط الفرق اللي بينكم وبين مراتاتكم مش محسوب !!"



ردت  زوجة الأول بتعالى من خلف ظهره :



_"عندك يا باش مُحاسب ..  احنا ولاد ناس بردو !!"




        
          
                
ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه وحينها إستأذن كي يبتعد عنهم بها ، وخلال ذلك توجه بها ناحية شرفه صغيره لم يكن بها أحد ، وأبان ذلك وقف "غسان" على مقربة منهم بجانب "حامد" وحينها سمع  هذا الحوار المستفز عندما كان يتفحص هاتفه بملل وجاءت هي تقف بجانبه وهي تحاول رسم ابتسامة هادئه عندما لاحظت ضيقه ، وعند ذلك إلتفت "فتحي" ينظر بعينيه بتقزز مخفي على ديكور هذه الشقه والغرفة وعندما وقعت عينيه علي "غسان" الذي كان يقف بجانب "نيروز" سأله بإهتمام وعينيه على "نيروز" :



_" مراتك دي ؟"



حاول"غسان" التحلي بالصبر عندما رفع أنامله بخفةٍ يدير ذقن الٱخر كي تصبح أنظاره بمواجهته وهو يرد بإيجازٍ يوضح عدم قبوله للٱخر :



_" مراتي اه!!"



ضحك "فتحي" بخفةٍ وهو يطالع خجل "نيروز", وهروبها بالنظرات ، فعاد يرد عليه وعلى فعلته :



_" شكلك بتغير أوي يا غسان.. بس معذور لسه فأول جوازك وشغفك عالي انت وشادي شوية كده وهتحس إنك عايز تتجوز تاني وإنك زهقت ، إسأل واحد متجوز اتنين لحد دلوقتي وبيدور علي التالته !!"



فتحت "نيروز" عينيه على وسعها من حديثه ، كانت تعتقد بأن كل الناس تستطيع إختيار الحديث بلباقه وخاصة كشخص مثل ذلك يظهر عليه اللباقه والأناقه في كل شي عدا الحديث اتضح ذلك ؟؟ رد "غسان" على نقطة حُب الرجل لأكثر من إمراءة وليس الزواج لأكثر من واحده فقد حث الشرع على ذلك دون وجود شئ مُحرم يحرم ذلك ، بينما الحب ؟؟ الحُب لواحدة فقط!!



_" الكلام دا لمؤاخذه يعني يا فتحي عند اللي مش رجالة.. أما الراجل فقلبه بتبقي واحده بس، وإسمحلي أقولك إني راجل قلبه مفهوش غير مراتي !"



تزامناً مع ذلك وضع "غسان" يديه على كتفها بخفةٍ وكيدٍ له ، فطالعه "فتحي" بمللٍ وهو يخرج سيجارته من فمه ممراً عينيه عليه متغاضياً. عن تلميحة الجرئ بإنعدام رجولته بنظراته  ونزواته ، وعندما تحرك بطريقة ملحوظة ، زفر "غسان" بنفاذ صبر عندما لاحظ نظرات زوجة "سمير" تتوجه ناحية "نيروز" عندما سألتها وهي تنظر نحو ثوبها الهادئ :



_"  زوقك ده؟  ..براند ؟؟"



توترت ملامح "نيروز" وهي التي لم تشعر بالراحة لها أبداً رفعت عينيها نحو "غسان" فحثها هو علي الرد بعينيه حينها أجابت بإهتزاز وصراحة:



_" لا تفصيل..مفصلاه من زمان!!"



مطت شفتيها ، واعتبرت قولها قول قديم عفى عليه الزمن !!




        
          
                
_"هو لسه في حد بيعمل كده ؟. غريبة !!"



رفعت "نيروز" عينيها على خصلات شعرها المتروكة بطريقة مثيرة هادئه بنعومة ، وعندما وجدت قولها الثاني ساخر لهذا الحد ، كانت سترد ، وكان رد "غسان" هو الذي سبقها عندما رد بوقف ما تفعله وتبجحٍ:



_" الغريب ان لسه في ناس مش لاقيه مكان مناخيرها فين ! مع انه فوشها!!"



إحمر وجهها من قوله وحاولت رسم ابتسامة واسعه على طرفته هذه دون رد ، وحينها طالعته من رأسه إلى قدمية وهي تردد بغيظٍ كتمته  :



_" ستايلك شيك  حاول تعلم مراتك بقا تلبس ازاي !!"



ضغط على أسنانه ، ولأول مره يحاول التغاضي عن اقوال كي لا تهدم سعادة صديقه ، حرك رأسه موافقاً مع رده المبتسم البارد :



_"مش قبل ما تدوري علي مكان مناخيرك يا هانم ، وبعدها  نتعلم ازاي نتكلم مع غيرنا !!"



أمسك كف "نيروز" كي يسحبها معه بعيداً عن هذه المنطقة ، محاولاً الصبر لأقصى حل ، حينها أمسك كفها وهو يحثها بجمودٍ يشير لها بأن تتحرك نحو غرفة  اخري كانت تجلس بها "دلال":



_" روحي اقعدي هناك وياريت متتحركيش أما نشوق اخره اللي احنا فيه دا ايه !!"



ترك كفها ولم تتعمد الرد ، لم تستنكر غضبه تعلم ان نظرات ما يسمي"فتحي" نحوها غير مريحة بتاتاً ولما هي؟؟، توجهت سريعاً تجلس مع الفتيات ووقف هو مع الرجال ، أخرج سيجارته وقبل أن يشعلها أشعلها له "عز" الذي لاحظ تهجم ملامحه بطريقة ملحوظه فهتف من بين ما يفعله له :



_"روق يا غسان.. كلها شوية وماشيين وعدي زي ما عديت يعم !!"



لاحظ قوله، فرفع "غسان"  رأسه يخرج اللفافه من بين شفتيه مع قوله الساخر بابتسامة متهكمه :



_" ما شاء الله  هم طالوك انت كمان ؟"



ضحك "عز" بيأسٍ ثم قال بجديةٍ مضحكة :



_" بتقول لمراتي انتي ازاي دكتورة وتتجوزي واحد بالشغلانه دي ، جيت من وراها وقولتلها من غيري يا مدام مش هتعرفي تسوقي عربيتك وتتفشخري بيها تاني !!"



ضحك"غسان " بصوتٍ عالٍ وهو يضرب كفه بمرحٍ ثم قال بنبره ضاحكة وكأن قوله قد خفف عنه :



_"  عال العال والله... معلِم !!"



.. ومن بين ذلك عندما دخلت الشرفه معه وقفت تكتم الدموع بعينيها وهي تبرر له قبل أي حديث وبنبره سريعه متحشرجة أتت من حرج الموقف بالنسبة لها :




        
          
                
_" هم بيعملوا كده ليه يا شادي ؟ والله العظيم احنا مش طمعانين فيك احنا عينينا مليانه ومـ ..."



تبرر بالقسم ماذا حدث لقوتها ؟ أم انها كسرت أمام عينيه بمجرد حديث؟ قاطعها عندما وضع إصبعه علي فمها يوقف  قولها بقوله الهادئ المتفهم وهو يمسك كفها بين كفه :



_" من غير ما تحلفي ولا تبرري انا فاهم دا وعارفه كويس ، أنا مستنيتش أتأكد من. ده لان أنا اللي اجبرت وصمتت في سرعة اني اجي اتقدم وان بردو تيجي بيتي من غير اي حاجة ، كل ده مجرد كلام يسم البدن وخلاص أنا بس كل اللي طالبه منك إنك تستحملي الفتره دي بس عشان خاطري ، وبلاش تحطي كلامهم فدماغك. ، عدي حتى عشاني ، أنا عديت كتير أوي يا منة والله العظيم ما كان سهل عليا ..أنا ما صدقت لقيت اللي ارتاحلها وترتاحلي ما صدقت لقيت الونس يا ونسي  ..ممكن متزعليش وحقك عليا أنا ؟"



استشعرت ضغط كلماته وسقطت دمعتها بكسرةٍ كما انها تشعر بضيق منذ فتره بسبب فقدان والدتها وشعور الفقدان التي تشعر به بقوه بوقت وفتره كهذه ،  حركت رأسها بنعمٍ توافق على حديثه دون قول شئ ، فوضع يديه خلف خصلاتها  مقرباً رأسها  كي يقبل قمتها برقةٍ وهو يردد بهمس أثر قربها هذا :



_" بحبك!"



خرجت منه دون مرح ودون مشاكسة ، حاولت أخذ أنفاسها ببطئ هذه المره أمعنت النظر بملامحة التي تعتبر وسميه عنهم كثيراً ، تنفست بعمقٍ وهي تبتسم فاعتدل يرفع أنامله يزيح خصلاتها  السوداء إلى  الجانبين كي ينظر ناحية عينيها ثم قال بصدق نبع من فؤاده:



_" ووالله العظيم ما هسمح لحد يجي عليكي ،ولا هسمح ان حد يقل منك أبداً  طول ما انتي معايا خليكي عارفه دا كويس!" 



تجرأت ولمست وجهه بحنوٍ ترفع خصلاته هو الٱخر مع قولها الواثق به :



_"أنا واثقه من ده وواثقة فيك!!"



وبقرب كهذا ، أخفض عينيه ينظر ناحية ملامحها ويديه خلف رأسها وكذلك هي يديها هي على خصلاته وكشخص لعوب مثله اعتاد في الماضي على فعل ذلك بخفة ، ذلك الذي لم يستطع فعلها معها بسبب حواجزها الٱن ماذا سيمنعه عنها ؟ وكيف ايها المختل وانت بمنزلها وبشرفتها وخلفك الجميع؟ رد  قلبه بـ لا يهم لطالما أصبحت زوجته ، أهبط رأسه مقترباً من وجهها وعندما خمنت ما سيفعله حاولت دفعه عنها وتزامناً مع ذلك إنتفض أثر صوت "ٱدم" الذي  دق علي  باب الشرفه ينبهه بمشاكسةٍ :



_" ابوها واقف هناك وعمال أعطله من ساعتها !!"



وأكمل بمراوغة  حيث كان بالفعل "طارق" يراقبهم :




        
          
                
_" معرفتش تخلص نفسك بسرعه !..اهو الوقت فات وكله بيجهز عشان يمشي ، والعروسة التانية مستنية العروسة اللي فايدك مش يلا ؟"



خجلت"منة" مع ضجر"شادي" عندما إنسحبت بخجلٍ تخرج إلى الخارج فتعالت ضحكات"آدم " وهو يغمز له قائلاً بوقاحة:



_" ايه يا عريس..ما تصبر علي الرزق يعم!"



تخطاه وهو يرمقه بسخافةٍ ، فقد قطع عليه اللحظة ، خرج "شادي" وهو ينظر بشاشة هاتفه كي يري الساعه ، وعندما لاحظ هبوط الجميع لأسفل  وجد "طارق" يقطع طريقه وهو يطالعه بصمتٍ وتمعن حينها رفع يديه يضعها علي كتفه برفقٍ ثم قال :



_"مش محتاج أقولك إن بنتي أمانه فرقبتك يا شادي ..مش عايزها فيوم تيجي زعلانه ومكسورة منك ، أنا عارف إنك طيب وجدع وابن أصول وهتحافظ عليها ، بنتي غالية أوي ومعنديش غيرها بس حسيت انك كمان ابني اللي مخلفتوش فالفتره اللي فاتت دي ..هتحافظ على الامانه ؟؟"



تأثر "شادي" وهو يطالعه ، ورد بتلقائية وصراحة:



_"أمانتك معروفه هتتحفظ إزاي من أول يوم دخلت فيه بيتك وطلبتها منك بالأصول ، متقلقش ..شادي ابنك أمين وهيحافظ علي أمانتك اللي معندكش غيرها ..عشان هو كمان مبقاش عنده غيرها .. !!'



عانق الإثنان بعضهما بتأثرٍ وحبٍ  ، بينما في الأسفل ركب "عز" سيارة "شادي" وكانت "جميلة" معه بحقائبها كما ركبت "منه" بجانبها منتظرينه بأن يهبط ، ووقف "آدم" ينظر حوله بانتظارٍ وقاطع عينيه نظرات "فتحي" ناحية "فريدة" بأعين لامعه لا يفهمها سوي رجل مثله ، حينها إقترب "فتحي" مبتسماً بلباقه وهو يسألها بلطفٍ :



_"تسمحيلي أبدي أعجابي بيكي وبملامحك يا ..!!"



وقف  عن الحديث ثم سألها بلطف مره ٱخرى :



_"هي الٱنسه إسمها ايه ؟ ولا مدام ؟، حابب ٱتعرف عليكي من باب اننا قرايب فبعض!"



رفعت "فريدة " حاجبيها باستنكار ونعم هي ..هي التي ستهزمهم في الرد علي وقاحتهم هذه ، ردت بجدية  وحدة ولم تغفل عن ملاحظتها بنظراته لها :



_" وحضرتك تقولي كلام زي ده تحت عنوان ايه ؟  مسمحلكش. إبعد عني بهدوء أحسن ، الأحترام حلو !"



ابتسم متظاهراً بالثبات ثم قال بإعجابٍ :



_" مجرد قرايب عن بُعد عادي مافيهاش حاجة يعني!!"




        
          
                
حاولت أن تتخطاه كي تسير بعيداً عنه ناحية السيارت التي كانت علي بعد ، فأمسك هو معصمها بتلقائة وهو يردد:



_" طب مفيش فرصة نتعرف طيب و.."



قاطع جملته قبل حتي أن تلتفت تنهره بشراسة فصل يديه عن معصمها بمسك "ٱدم" لمعصمه بجمودٍ وهو يردد بثباتٍ :



_" ايه يا باشا في حاجة ؟؟؟"



وأكمل ينظر بعينيه بقوةٍ وتحدي :



_"لو محتاج حاجه قولي ، الرجالة هنا كتير ..بس متحطش ايدك على حاجة متخصكش !!"



نفض "ٱدم" يديه من بين معصمه ، فرفع "فتحي" عينيه  يطالعه باستهزازءٍ وهو يقول :



_" وانت مين بالظبط يعني مش فاهم أنا !!!"



وقفت "فريدة" تراقب الوضع بتوتر وحينها حرك "آدم" رٱسه نحوها يشير لها بالإبتعاد ولا تعلم كيف أنصاعت له لتبعد عنهم  ومازالت بعيدة  عن التجمع  والسيارات ، فعاد هو ينظر له بقوة مردداً بوضوح وفظاظة :



_" اسمع بقا يا وحش ، احنا لسه قدامنا فرح وليله كبيرة ، يعني اللي فيها لو عينك اتحركت نحيتها هتزعل أو لو شوفتك موقفها تاني كده وبتحاول تجر كلام هتزعل  بردو نفس الزعل "



وأضاف بصرامةٍ لا تخلو من ابتسامته الغير هينه :



_"..ومع اي واحدة عامتاً تخصنا هنا ، وخليك عارف يعني ان كل الرجالة بتاعت نسوان اه بس انت الصراحة مش حريف ولا بتعرف تدخل بالطريقة الصح ، اوعي تكون فاكر اني مش واخد بالي من عينك اللي لفت ودارت علي كل واحده هنا ..لا اصحي كده من واحد عارف اللي فيها وخد كلمة. مني فمصلحتك .. محدش هنا هيسكتلك علي اللي بتعمله ده ..واه احنا هنا بنقول يا شكل ..!!"



داهمه بأقوال كثيره جريئه جعلته يفتح عينيه بمفاجأة ، فعاد "ٱدم" يسخر منه وهو يكمل :



_" وبعدين دي صغيره عايزة شاب صغير كده مش واحد فنص أو ٱخر شبابة ...وغير كده دي بالذات خط أحمر  يبرنس .اشطا ولا انت مش معايا ع الخط ولا ايه حكايتك ؟!!"



لم ينتظر الرد بل تركه حينها عندما غمز له بتسليةٍ معدلاً من ياقة ملابسه، فلاحظ الٱخر صوت شقيقه وزوجة شقيقه يناديان عليه ، وسار "آدم " بطريقه ناحيتهم وعندما وجدها واقفه طالعها باستنكار من مراقبتها له ، فعادت هي تردد بضيقٍ :



_" انت واقف بتعمل ايه معاه كل ده ؟"



_"  بندردش مع بعض كده ومن بينها قولتله ميكلمكيش ولا ليه دعوة بيكي!"




        
          
                
قالت بإستنكارٍ لم تستطع إخفاءه :



_" بمناسبة ايه ؟"



حرك "آدم " كتفيه ببساطةٍ ثم قال باختصارٍ مقلباً عينيه بثقةٍ :



_" أخوكي"



حركت رأسها تومأ دون صوت ثم قالت بعدها بعنادٍ :



_" تمام ..مع اني  مبحبش حد يجيبلي حقي ولا يرد عني ، بس شكراً !!"



_" إنتي خيخة وطرية أصلاً ..  ولا بتعرفي تاخدي حق ولا باطل اركني فجنب بقا ومتصدعناش !!"



نظرت له "فريدة "بغيظٍ ثم قالت باستنكارٍ :



_" أنا ؟"



_" لا أمي هي اللي  خرجت من تربتها وسابته يمسك إيدها وهي واقفه متنحة..كان فين يختي التتنيح ده ولا شاطرة  بس تتشطري على الغلبان يا ...شاطرة!!"



قالها بسخرية. منها وإنتصار ، فردت هي بإندفاعٍ تشير له بانفعال:



_' أنا مسمحلكش تلمح بكلامك ده عليا ..أنا مسيبتش حد يمسكني ..ثم ان انت مالك أصلاً يخصك فإيه  وايه اللي مزعلك فكدة ؟"



اهتز جسدها بانفعالٍ مع يديها  التي تشير بها ، طالع ثوبها الهادئ الجميل وكان كاذباً بقوله عليه بالعكس تماماً ، تاه بين التفاصيل وهو يحرك رأسه بمكان اخر غيرها مردداً بغير إكتراث :



_" اخوكي ..إعتبريني زي أخوكي "حسن" ، لو مكاني أكيد هيعمل كده  وهيخاف عليكي!!"



_" لا هو لو مكانك كان هيسيبني أو يبيعني قدام أي قرش للقرف اللي بيتذل ليه ، مصمم تشبه نفسك بواحد مقرف.. مع انك بتقول انك اتغيرت ، مستبعدش انك لسه زيه !!"



إلتفتت بغضبٍ كي تختفي من أمامه في حين لم تصدق فعلته عندما أمسك ذراعها بشدة من المنتصف  مستغلاً عدم رؤية أحد له ، حتي دفعها فتقدمت ناحيته  بصدمة حينها ردد هو بنبرة شديدة الهدوء يحذرها :



_" مش هسمحلك كتير تتكلمي معايا بالطريقة دي ، وخلي عندك أصل بدل القرف اللي انتي فيه ده وانتي بتتكلمي عن اخوكي!!"



نفضت يديها من بين مسكته القوية التي وجعتها وظهر  في انفراج شفتيها بألم ، لم ترد عليه بسبب سماعها لصوت "حازم" الذي جهل عن مكانها ، كانت تخفيه شجره وهو يقف معها ، لذا ظل واقفاً بمكانه بعدما تحركت هي ، في كل مره تثير ثورة إنفعاله كي تخرج ولم تخرج عليها ، يتحامل بالصبر على تلك الفظة المتبجحة بالكلمات ، استعغفر ربه سريعاً ونهر نفسه  علي مسكها بمثل  هذه الطريقه. دون وعي منه بسبب غضبه المكتوم ، تحرك هو الٱخر عندما لاحظ ان شقيقه يقوم بالدق عليه ، وبلحظات خفيفه ركب السيارة بعد ركوب "شادي" معهم في سيارته كي يوصلهم مع "عز" إلى السنتر التجميلي ، وسارت السيارتين باتجاه المبني مره ٱخري !




        
          
                
__________________________________________________



كيف تجلس الٱن أمامهم بكل هذا الإرتباك لأول مره ؟! ، عندما قررت المجئ لطلب العفو منها ، فتحت لها "عايدة" الباب الخاص بشقة "سمية" ،   والٱن يجلس ثلاثتهم أمام بعضهم ، تنفست "سمية" بعمقٍ فتحدثت "عايدة" لـ الٱخرى :



_"قولي يا زينات عايزة تقولي ايه ؟ "



قالتها بجهلٍ وتخمين لكل ما فعلته ، بينما إعتدلت "سمية" بترقبٍ تنظر ناحية "زينات" التي بدأت في ان تأخذ أنفاسها ببطئ كي تبدأ الحديث بـ:



_" أنا جاية وعارفه إني غلطت كتير فحقكم ، بس جيتلك يا سُمية للمره التانيه بعد ما قعدت أقول لا بس كل مره قلبي بيوجعني وضميري بينقح عليا ، منكرش إني ارتاحت شوية لما حسيت ان عايدة قبلاني ومرحبة بيا وكإنه مفيش حاجه حصلت وعدت اللي فات هي وبنتها ، بس مش قادرة لسه وأنا شايفه بناتك مش عاطينلي فرصه مع ان المرادي اقسملك بالله نفسي تسامحوني من كل قلبكم عشان ارتاح !"



رفعت"سمية" عينيها ببطئٍ تحركها نحوها وهي تنصت لحديثها الٱخر التي أكلمته للتو :



_"أنا عارفه اني أذيتكم بالجامد ، بس قررت اني مش همل طول ما أنا موجوده لسه وطول ما ربنا غفور بيسامح، أنا جيالك أقولك حقك على راسي وسامحيني يمكن قلبي وبالي يهدوا شوية ، خلينا نبدأ صفحة جديدة مع بعض ونمسح كل اللي فات !"



ابتلعت "سمية" ريقها وبهذه اللحظة أدمعت عينيها بحزن تحاول إخفاءه أم وبالطبع ستتذكر كل ما حدث لهن!! ، بعضها بل وأكثرها منذ زمن وسنوات من المعايرة والحديث المريض المؤذي الذي طال" نيروز ووردة " أكثر إثنان ولٱن الثانية سافرت لبلاد أخرى كانت من بوجه المدفع "نيروز" التي ٱخذت منها ما يكفي لجعل الندبات بداخلها لم ولن تزول بسهولة ،أخذت أنفاسها ببطئٍ وصوت  مسموع ثم حاولت التحدث بثبات وصدق تعلمها ما لا تعلمه هي:



_" اللي متعرفهوش يا زينات إن قبل ما أدخل العمليات سامحتك ومكنش فقلبي ذرة حاجه وحشه ليكي أو اني أفضل أشيل ، كنت عايزه ادخل خفيفه واخرج منها خفيفه لو ربنا اراد ياخدني عنده، ولما خرجت حاولت انسي طول ما انتي فوشي، عديت بس منستش منستش تعب وقهر بناتي على يدك ويد جوزك ، بس عديت وحاولت أسامح لحد ما سامحتك ومبقتش شايلة جوايا حاجه وحشه ليكي ..اتمنيت ودعيتلك وسط كل ده أن ربنا يهديكي،ويفتح عينك لما حسيت انك فالفتره الاخيره بقيتي كده وشوفت ٱخر موقف مدعيتش تاني غير بحاجه واحده بس مليش يد فيها ان ربنا يحنن قلب بناتي عليكي ويسامحوكي زي ما حاولت أسامحك!!"




        
          
                
قالت حديثها بعقلٍ فتوسعت بسمة"زينات " بأملٍ وهي تحرك رأسها بغير تصديق:



_" بجد يعني انتي مسامحاني؟"



أيدت برأسها وهذه المره تحركت"زينات" كي تعانقها بإمتنان وشكرٍ، ضمتها "سمية" وهذا هو قلبها الصافي  مثل نفسها السمحه ،  وما أن اعتدلت حاولت التحدث بلهفة مره ٱخري تعلمها :



_" وأنا هحاول تاني وتالت وعاشر ان أخليهم يسامحوني!"



_" قولي باذن الله يا زينات ، ربنا بيسامح وبيعدي ، وأنا شايفه انك مش محتاجه عزومة بس لازم تيجي تحضري فرح بنتك جميلة، مش عايزاكي تقعدي لوحدك زي ما كنتي قاعده ففرح نيروز مكسوفه حتي تيجي , انا بقولك انك صاحبة فرح!!"



كان قول "عايدة ".. تأثرت من حديثها ، حرمة بيت مثلها ضاع منها زوجها وأولادها بطريقة موجعة لأي أمرأه حتى. وان كانت جامدة قاسية ، وبطريقة اخرى عادت ابنتها إلى أحضانها ولكنها عادت مكسورة بشدة بما فعل بها ، وما فعل بها ووضعها كأم تري ابنتها بوضع كهذا ليس هين ، أصبحت محط شفقة وتعاطف لهن وهن يروها كذلك حتي وان ظلمت جميع الأنفس فبقت هي المظلومه بالنهايه عندما خسرت كل شئ وكأن هذا عقاب الله لها !! 



نهضت"عايدة" تقتح الباب فوجدتهم جميعاً مجتمعين ، من "ياسمين"و"حازم" ونيروز" وحتى "غسان" , بينما ذهب "حامد" إلي شقته هو والبقية ، ، دخلت "وردة" بصحبة "يامن"و"بدر" أول شئ ولم يغفل الجميع عن وجود "زينات" التي وقفت بجانبها "فريدة" الٱن، لاحظتها "نيروز" التي دخلت تجلس على المقعد وجلس بجانبها "غسان" الذي لاحظ تهجم ملامحها ، في حين وقف "حازم" يتحدث مع "بدر" بحديث عشوائي، ومن بين ذلك تقدمت "زينات" تحت الٱنظار تقف بمقابلة "وردة" التي وقفت تنظر لها باهتزازٍ  وهي ترفع زجاجة المياه نحو فم الصغير ، بل وقابلت عيني "سمية" مع عينيها فوجدتها تحثها على الثبات ، في حين خرج صوت "زينات" منها وهي تقول :



_" أنا جاية أطلب منك السماح يا وردة ، سامحيني على أي كلمة وحشه خرجت مني ليكي ، أنا ٱسفه ومستعده ٱعملك اي حاجه عشان بس ننسي اللي فات ونبدأ من جديد!!"



راقبها الكل بنظراتهم ، وآثار قولها إنفعال "نيروز" المبطن وهي تحرك عينيها نحو الجميع ثم ضغطت علي يديها بإرتباك مخفي وهي تهمس لنفسها بحدةٍ وصلت لـ مسامع "غسان" :



_" فاكرة كل حاجه بتعدي سهلة كده !"



الغير متوقع انها حاولت النهوض لتقف فقط تتابع بحرقة داخليه وإذ بيد "غسان" منعتها بحزمٍ كي لا تنهض وتقطع أمل خلقه غيرها لفرصة جديدة لم تكن لها بها شأن ، نظرت له بغير تصديق لما فعله عندما إندفعت تجلس بمكانها أثر يديه التي منعتها ثم وجدت نبرته المنخفضه تحذرها بهدوءٍ :




        
          
                
_" أقعدي مكانك وملكيش دعوه باللي بيحصل  طالما ميخصكيش إنتي واللي حصلك ، لما تبقي تيجي تكلمك إبقي اتصرفي زي ما انتي عايزه!!"



حاولت الحديث بتعجبٍ لحزمة ورفضه لأول مره يقف ضدها بشئ أمام الٱخري ، أم انه شعر بأنها ستعيق شئ رٱه بإهتزاز وعيني"وردة" ، تأوت من مسكته فترك معصمها ببطئٍ وهو يؤكد برأسه مره ٱخرى مردداً يكرر على مسامعها :



_"متتحركيش من جبني، ومتدخليش فحاجة متخصكيش!!"



حبست الدموع بعينيها بحرقةٍ، ألا يشعر بها ؟ كذلك سألت نفسها ، ما تعرضت له لم يكن سهلاً ،. ولكنها لا تعلم بأن قلب الأخري ليس كمثل قلبها ، حُبست أنفاس "زينات " عندما وجدتها صامته للحظاتٍ.  ، وبعد هذه اللحظات خرج صوت "وردة"  المتحشرج :



_"أنا مش  عارفه أقولك ايه ، بس ..بس انا لسه لحد الآن بحس بالنقص من كلامك اللي علم جوايا..كنت واثقه فـ بدر بس كل يوم كنت بنام خايفه وحطة ايدي على قلبي ليبقي زي كل الرجالة ويروح يتجوز عليا عشان خلاص أمل اني اجيب طفل تاني اتمسح ، حسستيني اني مبخلفش بكلامك  مش بس جايبه" يامن" وربنا كرمني بيه ،  علمتي جوايا علامات صعب تتمسح ، وعلطول بحمد ربنا على بدر وعلى يامن ، وأوقات بتقهر من العياط وأنا بفتكر فكلامك وببقي خايفه وصدي صوتك بيسمع جوايا انه هيسيبني وهيقولي فيوم اني ناقصه مش كاملة مهما خلفتله العيل  ، صدي صوتك وانتي بتقوليلي أنه راجل وهيجي عليه وقت ويقول إنه عايز يخاوي ابنه عشان مش هيعيش له ولا انا هعيش ليه العمر كله، خليتي حتي شيطاني جوايا صوته يعلى ويخوفني أكتر لما بدر يغيب عني أو لما حتي يامن يتعب لاحسن يجراله حاجه ساعتها هبقي لوحدي والأمل هيتقطع خالص ، انتي أذيتي دماغي وعقلي أوي وهو والله كان ضعيف وبيتلكك لأي حاجه عشان يعملي دوشه بأفكاره اللي زي دي،  مقدرتيش اني كنت بموت من الزعل وولادتي كانت صعبه وانا كنت بعيد لما بابا مات ومعرفتش حتي انزل أودعه ، مات وهو بعيد عني ونفسيتي كانت مدمره ولما حملت وولدت راح اللي بتعايريني بإنه راح غصب عني وبالنسبة لأي واحده يضيع  منها اللي ضاع مني مكنش ولا بيكون سهل وأنا فبداية حياتي !!"



لما تنادي الوجع لهم ؟ ، سقطت دموعها ودموع "سمية" ووقف "حازم" صامتاً بجانب"ياسمين" التي كانت تنصت بألم تحاول ضبط أعصابها. بل و"نيروز" التي بكت بصمتٍ فحاوط "غسان" كتفيها وهو يمسح دموعها  برفقٍ ، فوقف "بدر" أمامهم يحتضن"وردة" باختناق مشدداً بعناقه لها وبينهم صغيرهم حتى قال بقسمٍ لها يبرر لـ دموعها وقهرها هذا :




        
          
                
_" والله العظيم يا وردة انا بحبك ، انتي مراتي وام ابني وحبيبتي، عمري ما هفكر ولا فكرت اتجوز غيرك !!"



شهقت بأحضانه ، فتقدمت "ياسمين" بعدما حاولت ان تصمت لاجل"فريدة" ليس إلا :



_" إنتِ كمان مش حاسه بقهر اللي عملتيه ! .. أنا عيشت اقف قصادك وانتي بتحاولي تقهريهم كنت بحاول امنع دا يحصل قدامي على قد ما أقدر ، بس كفايه.. كفاية  وبقولهالك بكل هدوء ..هي لو ناوية تسامحك هتقولك وهتجيلك بس بلاش تنكدي علينا عيشتنا تاني ..!"



أدمعت عينيها فتلهف "حازم"  بسبب حملها لذا حثها على الإبتعاد ، وكل مره تجد الإحباط فتقرر الرحيل مخذوله تجر أذيال الخيبه خلفها دون أمل تحت نظرة"فريدة" المتحسرة الحزينة العاجزة عن فعل شئ ، بينما خرجت "وردة" من أحضان "بدر" تمسح دموعها ثم انحنت تهبط "يامن" أرضاً حتى استقامت مره أخرى تزامناً مع  وقوف "نيروز " هذه المره تحت أنظار "غسان" عندما وقفت "زينات " تردد بتحشرجٍ لها  تسألها :



_" مفيش أمل نمسح اللي فات ؟"



إحتدت نظراتها حتى مسحت عينيها بشدةٍ وهي تنفي برأسها بينما وجدت "زينات" "وردة" توكز كتفها من الخلف فإلتفتت تنظر بخزيٍ حتى وجدتها تبتلع ريقها سريعاّ وهي تكمل ما لم  تكملة:



_" بس انا بحاول أنسي اللي فات وهعديه ، العمر مش مستاهل أقعد ابكي واندب  على اللي راح ، بس أنا هرد بعد كل الكلام اللي قولتهولك ده وهقولك إني هحاول افتح صفحة جديدة معاكي !!"



لامتها بقهرٍ ثم جاءت لها بالجملة التي تريدها ، ٱدمعت عيني "زينات" منها ثم ضمتها هذه المره نحو أحضانها تحت نظرات البعض المتعجبة ، لم يتعجب كل من يعرف قلب "وردة" النقي جيداً ، لذا دخلت بترحاب بين ذراعيها فرددت الٱخرى عليها كلمات الأسف بلهفةٍ تحت بسمة "فريدة" التي زارها الأمل من جديد بعدما سلب وهرب منها في الحال ، وقف "بدر" غير مصدوماً بل توقع فعل ذلك ، ورغم عدم قبولة لـ "زينات" ولكنه اخيراّ وجدها لحظة مناسبه هو الآخر حتى ان رحل وتركها لن يحمل هماً لها كبير كمثل السابق !! ، يرحل؟؟ أي رحيل؟؟ ..،  خرجت من بين أحضانها وهي تحرك رأسها على كلماتها تحت نظرات الكل ، بينما لم تتحرك "نيروز" من مكانها خطوه واحدة هي التي تعمدت أن تصدها مره أخرى دون تقدير لها ، بل بهذه اللحظه سبقت ناحية  باب المنزل قبل أن تتحدث "زينات" لها مره ٱخرى ، كفى ما تشعر به هي الأخرى لعدم علم أحد منهم بما داهم قلبها منذ الصباح ،  تنفس "غسان" بصوتٍ مسموعٍ ، ووجدت "زينات" الخيبه بـ أملها فـ "نيروز" لذا انصرفت بعدها ببطئٍ ناحية شقتها وذهبت خلفها "فريدة" ،. قرر "غسان" الرحيل خلفها ولكن أوقفته نبرة "سمية" الهادئة وهي تقول بعد رحيل"نيروز" :




        
          
                
_"شوفها يبني ..أنا عارفه ان محدش بإيده يخليى حد يسامح التاني بس الكلام العاقل بيفرق فوقت زي ده !!"



لم يجيب علي حديثها صمت يستمع فقط ممراً عينيه ناحيتهم جميعاً ثم حرك رأسه بخفوتٍ كعلامه بالاستئذان  وبعدها خرج صاعداً إلى أعلى ،في حين جلست "ياسمين" بأريحية وإنهاكٍ على الأريكة وبيأسٍ من ما يحدث ،



_"تعالي يا وردة  نروحلهم  عند عمي نقعد هناك شويه!!"



أومأت له وقصد الجلوس مع شقيقه وشقيقته هناك ، في حين زفرت "سمية" بصوتٍ مسموع وهي تمرر عينيها نحو "ياسمين" التي استندت برأسها علي كتف "حازم" بتعبٍ وعينيها تدور مما يعني رغبتها في النوم المفاجئ ،حملها مرهق ومتعب وحساس إذن!! ، ابتسمت "سمية" عليها وهي تأخذ الهاتف من بين يدي "حازم" بغيظٍ وهي تقول:



_" اهتم بيا شوية وسيب البتاع ده من ايدك !!"



_"بشوف عز وصل لحد فين وجميلة عملت ايه!"



اعطته له بشفقةٍ زائفه وبراءه فضحك وهو يأخذه منها تحت ضحكات "عايدة" و"سمية" بقلة حيلة عليها وعلى مرحها الدائم مهما كان الوضع!!



_______________________________________________



دخل بخطواتٍ هادئة يبحث عنها فوجدها تفف بالمطبخ تحاول إعداد الغداء ، فاليوم كل منهم بمنزله إلى حين الاجتماع مع بعضهم كالعادة ، كان لديها طعام منذ أمس لذا وقفت تقوم بتسخينه بشرودٍ شعرت به يقف خلفها عندما وضع يديه على كتفها كي يديرها له حينها سألها بجديةٍ عندما رأي رغبتها في ضغط حالها:



_" إنتِ ليه يا نيروز بتحبي تضغطي نفسك ؟؟ وكإنك بتحبي تنغصي على حياتك !!"



رفعت عينيها تنظر نحو عينيه التي تلومها فردت وهي تترك ما بيديها وهي تتنهد :



_"أنا مش فاهمه انت عايزني أعمل ايه!"



قالتها وهي تحاول رص الأطباق على طاولة المطبخ الحديثه ، فتركها تفعل ما تفعله ثم قال بلين يعلمها :



_"عايزك مرتاحه حتي ولو مش ناوية تسامحي دلوقتي بس عالأقل مش كل مره يتفتح فيها  الموضوع تنكدي على نفسك وتفتكري كل اللي حصل، إحنا دلوقتي فالنهارده سيبك من إمبارح واللي حصل فيه !!"



وقفت مكانها ثم إلتفتت ترفع وجهها لتقابل عينيه المتفهمه ، وما أن انتهي ردت هي بنبره مختنقة لن يشعر بها سواها وحدها مما مر عليها :



_" بس أنا أي حاجة عدت عليا معدتش بسهولة كده !!"



لثم "غسان" وجنتيها بين كفيه ووجد الدموع المحبوسة بمقلتيها فضم رأسها ناحية صدرة برفقٍ ثم قال وهو يمرر يديه على كتفيها وظهرها متنهداً بحراره  :




        
          
                
_" أنا عارف. ده ، بس فنفس الوقت عايزك مبسوطة مش موقفه نفسك عند حاجات حصلت  وراحت، كل دا بياخد من طاقتك ونفسيتك!!!"



تنفست بعمقٍ ولفحت أنفاسها الساخنه قمة صدرة ، لا تنكر بأن حديثه بوقت كهذا كطوق للنجاة ، يعلم بأنها تحزن لشئ ٱخر جهل عن معرفته ، متأكد من انها تخفي شئ ثقيل تحمله وحدها ، لذا حاوطت هي بذراعها ظهره ثم قالت بضعفٍ وإنهزامٍ :



_" أنا زعلانه اوي ان جميلة هتمشي ومعدتش هتبقي موجوده زي الأول !"



الٱن علم بأن عناقه جعلها تنهزم وتخرج بالثقل الذي كان عليها غير الذي رٱه وسمعه منها ، حقيقه موجعه اتت من مدي غلو قيمة "جميلة" لديها ،  وبهذه اللحظة سقطت دمعتها وعلم بأنها تتعلق بها أكثر ما يتخيل هو ،  ربت علي ظهرها بحنانٍ متفهماً شعورها هذا ثم قال يطمئنها :



_"هي أكيد مبسوطة وإنتٓ لازم تكوني مبسوطة عشانها ، مش أنا قولتلك قبل كده ان دا طبيعي وان دي سنة الحياه ، ما هي لازم تعمل بيت وأسره وتشيل مسئولية  زي ما بقيتي انتي دلوقتي! "



خرجت من بين ذراعيه تطالعه ثم نفت برأسها وهي تقول بتفسيرٍ :



_" أنا عارفة ..أنا كنت بقول إن كل واحده فينا هتخرج بعيد عن التانية ، بس أنا فضلت فنفس المكان وهي اللي هتمشي ، حاسه اني هفتقدها !!"



سحبها لتجلس على المقعد ثم جلس بجانبها تزامناً مع بسمته الهادئة وهو يغمز لها كي يبدل الوضع لٱخر :



_" ما بلاش الكلام اللي يخليني أجيب "عز" من رقبته يعيش معانا هنا ولا إني أشوفك زعلانه يا رزّة !!"



إستطاع أن يجعلها تضحك بخفةٍ وهي. ترفع يديها تمسح وجهها ثم قالت بسخريةٍ وسط حديثها تلمح بقول كانت قالته له "فاطمة " :



_" على رأي ناس ..بكاش وبتاع كلام!"



غمز لها محاولاً تجاهل سخريتها ، وعندما أمسك الملعقه قدم لها واحده  يحثها علي تناول الطعام تزامناً مع سؤاله المهتم :



_" ممكن أفهم ليه مرضتيش تخليني أحجزلك مع جميلة في السنتر ؟"



تحرجت من سؤاله وبهذا الوضع وهذه الحالة قدرته كثيراً عندما اشترت الفستان وكان باهظاً ولم تنسي هي تكلفته الكثيرة بمحل الورد الخاص بها  وأيضاً مساعدته لمنزل والده ببعض المشتريات على مساعدة والده والتي كانت تجهل  عن هذا السر وعلمته عقب زواجها وإقامتها معهم وقت أكثر ، اتضح لها انه يحمل مسئولية مجهولة ومعلومه بنفس الوقت ، ومن الناحية الٱخري يساعد شقيقه البيت  ايضا ً بوسط هذا الغلاء ، ولكن غياب الٱخر جعل الحمل يٕثقل وسنة دراسية كسنة شقيقته تتطلب أموال كثيرة، شعرت بثقل كل ذلك واقتنعت ان كل بيت له اسرار مهما حدث لا تخرج ولا يظهر إلا ما يريدون ظهوره فقط !! ، هربت بعينيها محاولة أن تتناول ما أمامها ثم قالت بتقديرٍ :




        
          
                
_" حسيت إن كتير فوسط المصاريف دي فالفتره الٱخيرة ، حتي فريدة هي كمان عملت زيي لما مرضتش تعمل كده وتكلف حازم ، بس ياسمين بتعرف تعمل ميكب هادي وحلو هنعمل هنا مع بعض ونبقي نروحلها بدري نبقي معاها !!"



تعلو بنظرة كل مره، ورغم عدم رغبته في ان تضع هي مساحيق تجميل كثيره ولكنه لم يعقب علي هذه النقطة بل نفى برأسه بجديةٍ وهو يرفع عينيه ينظر لها:



_" متحسيبهاش كده يا نيروز ، أنا قولتلك طول ما أنا قادر اعملك كل اللي انتي عاوزاه يبقي مفيش حاجه كتيره عليكي ،وبعدين مجتش من يوم مش هيتكرر!!"



قالها بهدوءٍ ، ولم يغفل عن كثرة المصروفات الخاصه بالمنزل لحياتهما  فقط والذي اكتشف انها كثيرة عن ما كان يتوقع بل وهو الذي لم يكن ليوضح ذلك أمامها ، كانت ذكية في تفهم الوضع ، فوجدته يوضح لها مره ثانية من مقارنتها بـ الٱخري ووضح يخفف عن ما جاء علي خاطرها من كثرة المسؤوليات:



_" وبعدين فريدة عملت  كده عشان حازم  مسؤلياته كترت فقدرت الوضع ، لكن انتي مين ليكي غيري يعني تطلبي منه اللي تعوزيه، أنا مش لسه هعرفك إني جوزك وان دلوقتي كل حاجه مسئولة مني أنا ، بعيداً عن نقطة السنتر ، كلامي ده فالعموم !"



حاصرها بالحديث كانت تتمني ان تذهب معها ولكن اسباب كثيرة منعتها هو عدم ترك شقيقاتها بمفردها ومساعدة "فريدة" هي الٱخري بأخذ هذا القرار بسبب كثرة مصاريف "حازم" في الفتره الاخيره!!



_" عديها يا غسان ، ياما بيحصل، صدقني الستنر ده مش أمر مهم عندي ما ياسمين مراحتش ففرحي هي ووردة وعادي ، الفكرة مش فكده ، المهم نتبسط فالٱخر واليوم يعدي علي خير ، لاحسن أنا كمان قلقانه لـ "منة" بعد اللي شوفته النهارده من اخوات شادي !!"



قلب عينيه من هروبها من الحديث ثم اندمج في الطعام تزامناً مع رده على ٱخر حديثها بانتباه:



_" هي تعدي علي خير فعلاً بسماجتهم دي ، وتعدي اكتر معايا على "فتحي" ده اللي مش جايبها لبر !!"



_" هو ايه اللي حصل ؟"



قالتها متساءله عن ما فعله الإسم ،فرد هو بإيجازٍ مشيراً لها بغير اكتراث  :



_"محصلش ، وحاولي تبعدي عنهم بدل ما نرتكب جريمة الليلادي، بالذات فتحي ده لو وقفك متتكلميش ولا تتعاملي معاه !!"



صمتت بفهمٍ لمعرفتها لمعني حديثه ،  لم تغفل عن وقاحة الاخر بالنظرات ومحاولته لخلق أي حديث مع اي انثي تقابله ،  إهتز هاتفه بجيب بنطاله فنهض كي يغتسل حتى يجيب وخلال لحظاتٍ قام بتجفيف يديه وهو يحاول إخراج الهاتف أمام عينيها عندما سألته بإستفهامٍ :




        
          
                
_" مين ؟"



_" بدر "



وقتها فتح الخط ثم وضع هاتفه  علي أذنه مردداً بنبره هادئه :



_« ايوه يا "بدر" »
  
_«ايوة يا غسان بقولك انزل بسرعه كده »



_« خير ..في حاجة ولا  ايه ؟»



_«ايوه انزلي كدة !»



حينها سمع صوت إغلاق الخط فعقد ما بين حاجبيه باستغرابٍ وهو يمسك الهاتف بشرودٍ ، وقتها نهضت لتغسل الأطباق فهتف هو من خلفها :



_" أنا نازل يا نيروز ، ابقي خلصي وتعالي تحت !"



همهت موافقه لم تنتبه لرده ، ما ان علمت أنه الٱخر حولت الأطباق لتغسلها ، سمعت صوت إغلاق الباب وانخرطت فيما تفعله هي!! ..



وخلال دقائق.. اجتمع الكل بشقة " حامد" بعد قلقهم الظاهر ، ودموع ", فاطمة" التي انسابت بخوفٍ ، ماذا حدث خلال هذا الوقت القليل ، عقلها يضرب أفكار كثيره ، وضعت "وردة" كفها على كتفيها ثم قالت بإطمئنان :



_"متقلقيش كده يا فاطمة تلاقي الباص اتأخر شويه وزمانهم جايين،بتحصل !!"



_" عمرهم ما اتأخروا أوي كده عليا ، اليومين الل فاتو كانوا بيجوا فنفس الميعاد ، عماله أصبر ومفكرش ،. بس انا خايفه خايفه ليكون "عارف" أخدهم !!"



صرحت بما لديها ، وفتح الكل عينيه بصدمةٍ ، فكان "ٱدم" موجود منذ ان عاد معهم لذا اندفع يرد بإنفعال عليها :



_" يعني ايه خدهم هي وكالة من غير بواب ..ما قولتلك هروح أشوفهم خدهم ولا لأ قوليتلي لا متروحش زمانهم جايين ..بتلعبي بيا لايه خايفه علي مين بالظبط يا فاطمة ؟!!!"



قالها بتوبيخٍ ومسك "بسام" و"حازم" ذراعيه كي لا يندفع بغضبٍ, فزفر "حامد" يرد علي حديثهم  بهدوء :



_" قولتلك يا ٱدم ان حتي ولو هو خدهم ملكش تاخدهم منه غصب دا ابوهم ، اكيد بنسبة كبيرة ان  مجوش يبقي هو اللي خدهم من هناك من بدري، الوقتي الحكاية عايزة صبر "



_" أي صبر يا عمي ؟ دا كام دقيقه ومش شايف حالة فاطمة ؟ ، المرادي مش هسكت وهحكمها بالعقل .. اختي عيالها هيرجعولها دلوقتي ..انا بعت لـ "غسان"ينزل عشان نروحله  وقفلوا علي أي كلام  طالما هو مش راجل وبيلعب بالطريقه دي معانا!"



قالها"بدر" بجديةٍ ، فصرخ "ٱدم" وهو يسب زوجها:



_" أنا عارف ان الو*** ده مش هيجيبها لبر!!!"



حدجه "حامد" بتحذيرٍ ، ودخل "غسان" على سبة ، فأشار "بدر" لـ" فاطمة" بقوله :



_" قومي البسي يا فاطمة عشان تيجي معانا!!"



نهضت و"ووردة" تسندها مع "وسام"و"ياسمين" ،  ووقف "غسان" يستمع المختصر من "بدر" فتهجمت ملامحه وحينها سأل "حازم" "بدر". بترقب :




        
          
                
_" وآخرة دا ايه يا بدر هتعمل ايه ؟!"



_" هخلية يرمي عليها يمين الطلاق النهارده بعد كده يمشي الوضع بما يرضي الله واللي هو يستحقه .. لو هو  عايز يعيش اللي باقيله من حياته بدل ما انهيهاله انا !!"



كانت عينيه حادة جامدة ، وملامحه متصلبه ،  نظر "حامد"بيأسٍ لهم ، وخرجت "فاطمة" مرتدية عباءه وحجاب، ثم استعدت فسبق "غسان" لأسفل مع "ٱدم" و"بسام" وأسند "بدر" "فاطمة" وهو يودعهم بنظراته مؤقتاً ، ناظراّ نحو "حازم" وهو. يحثه :



_" خليك انت يا حازم ولو  احتجتلك فحاجة زي ما قولتلك هرن عليك!"



ٱومأ له متفهماّ حديثه وبعدها هبط "بدر"هو وشقيقته ، وعادت "وردة" تجلس بخيبةٍ معهم بإنتظار وما أسوء الإنتظار !!!



..
لمحة من وقتهما وقت العريسان "عز وشادي" ، خرجا معاً من صالون الحلاقة بعدما حددا ذقنهما وصففا خصلاتهما بترتيبٍ والٱن سيوصل "شادي" "عز" نحو منزله ثم ليعود ناحية شقة"حامد" يرتدي حلته الذي وضعها هناك مع "غسان" والشباب!!  وسينتظروا قدوم "عز" كي يشاركهم الوقت هو الٱخر بسعادةٍ وهم بجانبه وكأنهم أشقائه !! ..
..



أما الٱن  وبعد خمسة عشر دقيقة وصلت السيارتين ناحية منزل "عارف" زوج",فاطمة" وهبط الجميع ، وحذر "بدر" "ٱدم" بنظراته ، وقف "غسان" بجانبهم ثم مد أول شخص هو يديه كي يطرق علي البال بخفةٍ وهدوء عكس ما بداخله ، فتحت "فاطمة" عينيها عندما اخترق سمعها صوت بكاء "أدهم" ، شعورها كأمٍ ستميزه ولو كان بين ألف شخص ، زفر "بسام" بغضب ثم قال :



_" هو مفيش حد جوه ولا ايه ، خدهم فين البني ٱدم ده بعد ما خدته الجرٱه!!"



إنفعل لها قبلهم وظهر هذا بعد كبته للغضب لفتره، نفت "فاطمة" بلهفة وهي تنظر بحسرةٍ تقسم وكأنها لا تثق بوقوفهم :



_" لا ..لا هم جوه ..أنا سامعة صوت ابني بيعيط .. سامعه صوت ٱدهم يا بدر ، افسخ الباب يا غسان عشان خاطري ، هاتولي ولادي !!"



بكت بإنهيارٍ عندما استشعرت الخطر ، فأمسكها "ٱدم" كي يجعلها تهدأ ثم ربت "غسان" على رأسها بحجابها بإطمئنان تزامناً مع صوت دقات الباب التي أصبحت قوية بفعل "بدر" الذي زاد انفعاله مع "بسام" ، لم يفتح من بالداخل الباب وتعالى صراخ "جنة" فإنتفضت "فاطمة" بصراخٍ هي الٱخرى :



_" بــنتي!!!!!"



أمسكها "ٱدم" قبل أن تسقط من بين ذراعيه يحثها علي الصمود بخوفٍ ، فإندفع "بدر" بجانب"غسان"و"بسام" ليفسخان الباب بقوةٍ بجسدهم الصلب، وبالفعل خلال لحظات فُتح الباب بقوة بل وكُسرَ ، حينها هرول الجميع إلى الداخل وآخرهم كان "آدم" الذي أسند "فاطمة". ، وعندما وقفوا يطالعون المشهد زادت حدتهم ، عندما وجدوه يجلس ممكساً  بسكين قد أشعلها وهو يمسك ذراع "جنة" ، والٱخران  أحدهم يبكي بصوتٍ والٱخر ينظر بصدمة جعلت دموعه لا تسقط ،  وقف "عارف" مندفعاً وحينها لم يأخذ فرصته في الحديث أو المفاجأه بل  اندفع ناحيته "بدر" يمسكه من تلابيبه وهو يصرخ به بصوت مرتفع :




        
          
                
_". إنت بتعمل ايه فيهم يا مريض ، بتعمل ايه فيهم انطق ؟!!!!!"



هرول "بسام" يحمى التوأمان كي يخرجهما  بعيداً في السيارة ،وإنحني "غسان" يتفحص ذراع "جنة" بقلقٍ ولهفة وعندما لاحظ إرتجافتها  رفع ذراعيه يحملها نحو الخارج وهو يردد كلمات الإطمئنان التي تواكب صغيره مثلها نشأت على أذية جسديه دون فهم ، وقفت "فاطمة" بغير وعي تنظر بصدمةٍ ، أيمكن ان تأذي أطفالك؟ لا تستبعد أن يأذيها هو ولكن هؤلاء أطفاله من صلبه هو ودمه !!! ، تركها "ٱدم" الذي هرول يرفع ساقه حتي دفعه ووقع أرضاً يسبه بأفظع الشتائم ،. فحرك "عارف" رأسه بألمٍ ، وعاد "بدر" يصرخ به مجدداً :



_" كنت بتعمل فيهم ايه يا قذر ؟؟. قول !!"



إستند على ذراعيه ولاحظ وقوف "غسان"و"بسام" من جديد ، حينها تحامل كي يقف مستنداً وهو  بتقطع  أثر الدماء التي تنزف من شفتيه :



_" محدش فيهم رضى ينطق ويقولي فاطمة كانت فين، لما روحت بيتكم وملقتهاش هناك ،كـ ..كنت عايزهم يختاروني ..أنا بالقوه !!"



أيعقل أن يفعل المريض هذا ذلك ؟ ،. وجد الكره منهم وبنظراتهم منذ آخر مره ضرب والدتهم بها ، وجد نفسه يختنق ٱثر مسكة يد "بسام" الذي انفعل يردد بغير تصديق :



_" في عيالك يا متخلف ؟. بتطلع مرضك النفسي علي عيالك  لما ملقتش  مراتك تطلعوا عليها ، دول أطفال  اطفال يا قذر يا زبالة يا *** !!"



صدم الجميع من سبه الٱخير وتركوه يضغط علي رقبته ، فدفعه "غسان" عندما أمسك ياقته بيديه الإثنان مردداً من بين ضغطة علي أسنانه:



_" عليا الطلاق ما هتطول شعره منهم تاني ، ولا هتطول  أمهم. ، إرمي عليها اليمين يا ***, إرمي عليها اليـمـــين بــقولك !!"



قالها  وهو يهزه من بين يديه بعنفٍ فحرك رأسه نفياً وهو يلهث ، حينها فتح عينيه  على وسعها عندما وجد "آدم" يندفع ناحيته بمطفأة السجائر الزجاجية ، فأهبط "عارف" رأسه سريعاً تزامناً مع "غسان" وهو يلتفت أثر ركلة "عارف" له فإصطدم حاجبه الأيسر بها ونزفت الدماء تزامناً  مع تأويه وهو يرجع إلى الخلف واضعاً يده علي  حاجبيه بوجعٍ ، وقف "آدم"  مصدومًا. من خطأ ما حدث للتو ، وهرول "بسام" يتفقد جرح "غسان" بخوفٍ مع مسكة "بدر"لـ "عارف" وهو يصرخ به بعنفٍ تحت أنظار "فاطمة" :



_" طلقها ..إرمي عليها يمين الطلاق حالاً لإما  هدفنك تحت رجلي !!"



إبتلع "عارف" ريقه بخوفٍ وتقابلت عينيه مع "فاطمة" التي انهمرت منها الدموع بقوة ، وحينها رد هو بإهتزاز :



_" أنا مش عايز أطلقها ، هي عافيه !!"



_" عافيه ياروح امك يا و*** ،. تعالالي بقا !!"



أمسكه "غسان"  يبرحة ضرباً إلى أن سقط وسقطت دماء حاجبة علي وجه "عارف" الذي جثى فوقه "غسان" لاكماً إياه بوجهه بشدةٍ وعندما مد "عارف" يديه ليأخذ المطفأه التي وقعت أرضاً بجانب يديه كي يضرب "غسان" بمؤخرة رأسة ..اندفع"بسام" يضغط علي كفه بحذاءه ثم إنحني يردد بجانب أذنه بفحيح  أظهر شره بنظراته :




        
          
                
_"  كانت تيجي فيه وساعتها هعملك عمليه بإيدي دي تشيلك كلمة ذكر من البطاقة ونستغل الشغلانة صح !"



احمر وجهه غضباّ وحاول "بدر" فصل "غسان" عنه حتى تأوي "عارف" بوجعٍ وهو يمسك عظامة ووجهه،  واعتدل "بسام" تزامناً مع ركلة "ٱدم" بإندفاع له بساقه مردداً بسباب :



_" إخلص يا روح امك وارمي عليها يمين الطلاق بدل ما  نطلقك إحنا المرادي بمعرفتنا !!"



قوله كان وقح ولم يستنكر ٱحد ،. بل تقدمت"فاطمة " خطوات حتي وقفت أمامه وهو مستلقي أرضاً و قالت بمنتهي الهدوء:



_" طلقني يا عارف!!"



صمتت تنتظر قوله ، فإعتدل هو ينظر بخوفٍ حوله ثم تأوي بصوتٍ تزامناّ مع جلوس "بدر" على قدمية بحذاءه أمام جلسة الٱخر المتألمه وأمسك رأسه حينها يحركها بضغطٍ وهو يردد بلهجةٍ ٱمره :



_" يلا يا حيلتها نفذ!"



إعتدل ينظر بعينيها بوجع لم يستطع إخفاءه ،. وتيقن بأن والدته من خربت عليه حياته بالأكمل في هذه اللحظه ، ابتلع ريقه ثم هتف بها ٱخيراً عندما نزلت عليها  كمثل أي انثي تقهر بهذه اللحظه الصعبه :



_" إنتِ طالق يا فاطمة!!"



ٱخيراّ قد تم فك حصارها من الذل والمهانه ومن لعنة حبه الٱعمي، وجد "ٱدم" يركله ثم قال بإندفاعٍ يحثه :



_" بالتلاته يا روح امك !!"



كأي أنثي كانت تود ثباته على المبدأ يشعرها بأنها غاليه وقميتها ثمينه حتي وان لم تعد تريده ولكن لوهله كانت تريد بأن لا تشعر بالنقص، طلقها تحت ضغط ومن عائلتها لم يترك شئ للغريب إذن ، ابتلع ريقه ورد سريعاً عندما وجد الركلة الثانية من "بسام " الذي امسك رأس "غسان" يتفحصها مره ٱخري :



_" إنتِ طالق ..طالق بالتلاته يا فاطمة !!"



إهتز جسدها بوجعٍ وحاولت الاستناد كي تخرج بصمت كاسر لم تعاتبه حتي خرجت إلى الخارج حيث أطفالها بالسيارة الذي أغلقها "غسان" ، انحني "غسان" يمسكه من تلابيبه ثم قال بتقزز وتعالي لجلسته بانهزام :



_" عرفت ٱخرك معانا كان إيه ؟ تبقي تحت رجلنا مذلول وانت بتطلقها وكمان مش بمزاجك ، غلطة عمرك لما فكرت تيجي على بنت عيلة البدري يا عارف ، ومش بس لحد هنا ..دا اللي جاي أحلى!!"



نفض يديه بتقزز ، وإنحني "بدر" بعدها يمسك ياقته بقرفٍ وهو يهدده :



_"ورقتها توصلها فأقرب وقت ، عيالك ومش هتشوفهم ولا هتستاهل انك تتمني تبص حتي عليهم ، وخليك فاكر انك انت اللي بدأت العاركة دي مع ولاد البدري ، وإحنا بنمشي  بالأصول مع ولاد الأصول وبس ..مش مع ولاد ٱمهم !!"



هدده بشدة وابتلع الآخر ريقه ببطئ ، فضغط "ٱدم" على كفه المستند به علي الأرض مع قوله الهازئ منه مكملاً بقية حديث شقيقه:




        
          
                
_" وابن امه بنسيبه لأمه يا بن الـ*** "



ذلك الوقح ، لم يكف عن قول أشياء بذيئه كانت تتوافق معه قديماً ، خرج بعدها بعدما بصق  عليه بفمه ، خرج بعد خروج "غسان" ، واعتدل "بدر" ينظر ناحية "بسام" الذي ابتسم بألمٍ وهو يردد بنبره ساخره :



_" مش صعبان عليا قد اللحظه اللي عيالك هيكبروا فيها ويفهموا كل ده ، وفكرة أنهم يواجهوك مش مستحيلة مسيرك هتقابلهم في يوم ، ساعتها هتتقهر منهم قهره عمرك وهم كارهينك كره معداش علي حد ..لو أنا مكانك هتمني ٱموت قبل ما اللحظة دي تيجي ، سلام يا حيلة ماما !!"



خرج بعدها ، ووقف "بدر" يردد مره ثانية بتحذير :



_" كل اللي قولت عليه يتنفذ بالحرف ، ونفسي ٱشم بس ريحة انك  بتفكر بس انك عايز تشوف عيالك في المدرسة ، أنا قادر أنقلهم احسن  مدارس ومدارس متعرفش ليها طريق جره ، بس كل دا قش بالنسبالي أنا اسيب كل حاجه مكانها وأحذر بمزاجي ويا ويلة اللي يخالف كلامي ساعتها هتشوف بدر غير اللي شوفته  وغير اللي بتشوفه ، إسلك معايا عشان أمور المحاكم دي تمشي من غير شوشره يا روح نجاة !!"



والدته "نجاة" الوضع ساخر مضحك بوجع،  قذف المطفأه علي الأرض بقدمه وحذاءه عندما ركلها مثل الكره فإصطددمت بأصابع قدم الٱخر وهو يجلس لا  حول له ولا قوه ، خرج بعدها ووجد التجمع من الناس على بعد دون تدخل منهم ، فرمقهم بغير إكتراث وهو يقلب عينيه بجمودٍ ممراً عينيه على السيارة التي معه فكان بها "غسان" و"فاطمة" التي نُقل اطفالها من السيارة الأخري بواسطة "غسان" الذي رفض "بسام"  قيادته بهذا الشكل ، وقاد السيارة الٱخرى "بسام" وبجانبه "ٱدم" كان علي ساق "أدم" "ٱدهم" الذي كان قريب منه بشدة أخذ يطمئنه بخوفٍ وقلق عليه مع نبرة "بسام" الذي  حاول تشتيته كي لا يدخل بصدمة ..



والصدمة كانت بالسيارة الاخري عندما كان بها "يوسف" يجلس على ساق "غسان" ، الذي  حاول أن يخرجه من شروده وعندما صرخ الصغير على فجأة زفر "غسان" أنفاسه براحةٍ هو و"بدر" عندما سمعوا بكائه الذي ٱخيراً خرج ، وكانت "جنة" بين أحضان "فاطمة" تضمها بخوفٍ وحنان وهي تدلك كفها  وجسدها الصغير الذي يرتعش!!! ..



_____________________________________________



كيف ينسىٰ شقيقته بيوم كهذا ، المفاجئ بأنه طلب مجيئها الزفاف وهي علي هذا الوضع تحت مسئوليته ،  لم يعلم أحد بأنها خرجت من المستشفي مع "حنان" إلى المنزل تنتظر قدوم "عز" لا ينكر انه يعلم بأن حالتها تتحسن ولكن ليست إلى النهاية ، وقف. يضع ٱخر لمسات حلته عندما قرر الارتداء بوقت مبكر أكثر ، كان "عز" جذاباّ أنيقاً ،، شاب يستحق ان يطلق عليه هذا المصطلح في ريعان شبابه بالفعل ،. نظر لنفسه برضا وسعادةٍ ثم إلتفت كي يخرج من الغرفة متوجهاً حيث غرفة "فرح" دق الباب بيديه دقات هادئه حتي اذنت "حنان" له بالدخول ، وعندما دخل يتطلع علي فستانها الذي كان من اختياره هو لها ، كانت جميلة وحاولت "حنان". رغم  جهلها ان تجعلها تضع مساحيق تجميل خفيفه وهي من عقدت حجابها ، أدمعت عيني "حنان" وهي تنظر لهيأته ومنظرة ، كان يخطف القلوب بالمعني الحرفي ، أدمعت عينيها بتأثرٍ ثم دعت له خوفاً عليه :




        
          
                
_" ربنا يحميك   لشبابك يا بني !!"



وضع  رأسها بين كفيه ثم قبل قمتها ببرٍ حتى ضمته هي إليها بحب وسعادة وهي تقول :



_" ربنا يسعدك يا حبيبي ويهنيك بحياتك معاها!!"



_"ٱمين يا أم عز ..بس إيه الحلاوة دي!!"



قالها وهو ينظر نحو عباءتها السمراء فنظرت له بتشكك من مجاملته فوجدته يؤكد برأسه ، إلتفت برأسه ناحية "فرح" حتى أمسك كفها بين كفيه وحاول أن يديرها كعروس رقيقه بين يديه او كفراشة  ستتحرك معه بخفةٍ تحركت معه بالفعل بهدوء شديد ثم أدمعت عينيها وهي تسمع حديثه :



_"أجمل وأول واحده حلوه تشوقها عيني يا فرح ، أنا خايف بصراحة كده تتخطفي مننا النهارده بعريس كده ولا كده ، بس أنا مبسوط وفرحان اني قدرت أخيراّ بعد كل ده اخليكي تحضري  الفرح ومش هاممني كلام الناس ولا كلام اي حد قد ما مهم عندي تشاركيني حاجه زي دي، نفسي تردي عليا أوي بس أنا متأكد ان ده مسيره يحصل وقرب  يحصل ، جميلة هتفرح أوي لما تلاقيكي جاية هناك معايا عند السنتر تشوفيها مع البنات ، عيطت عشانك  قبل ما تدخل هناك وقالتلي انها كان نفسها تكوني معاها فلحظة  زي دي !!"



كان صادقاً ويحاول خلق الحب بينهم رغم انه يعلم بأنه موجود بالفعل وزع  نظراته بينهم ثم عاد يتحدث بشكرٍ للذي يحدث :



_"أنا بشكر ربنا انكم فحياتي ، ومبسوط أوي انها بتحبك ولسه بتحبك وبتتأثر عشانك ، انا ربنا وقعني فناس جميلة أوي يا فرح!!"



ضم رأسها ناحية صدرة ثم ربت على كتفيها يسألها :



_" تيجي بقا معايا دلوقتي نروح عندهم في محل الورد نختار أنا وانتي بوكية لـ جميلة ؟"



خرجت تبتسم بحماسٍ قليل ما يظهر ، ثم قال  وهو يضع ذراعه الٱخر يحاوط به كتف "حنان" :



_" وأحلى وردة كمان لام عز ، وبالمره نزوق العربيه، ما أنا جبتها تحت من كام ساعه بس متحركتش بيها عشان شادي كان معاه عربيته !!"



_"ومالو يلا بينا يا حبيبي واهو نلحق نقعد هناك معاهم شوية قبل ما نتجمع ونروح القاعه!"



كان لا يود فعل ذلك خاصةّ عندما كان يريد ان يبعد شقيقته عن"بسام " باقتناع منه هو وليس من اي شخص غيره ، زفر بانهزامٍ ويبدوا انه مضطر لفعل ذلك لطالما أصبح من ضمن العائلة ..!! ، حاول ان يستعد وأسند "فرح". بذراع والذراع الٱخر كانت تتأبطه "حنان" ببهجةٍ وهذا هو "عز الرجال" سندهم منذ أن وعى على هذه الحياه ، هو من يسند دائماً لا يُسند أبداً  وغالباً لم تعطيه الحياة فرحته بشئ  الفرحة الكاملة بينما اليوم بماذا يشعر؟؟. شعر بأن اليوم مختلف!!



___________________________________________



وصلوا بالطبع قبل قليل ، ودخل الشقة أولاً "بسام" ويسير خلف "آدم" الذي كان يحمل "أدهم" على ذراعه وقد غفى الصغير علي كتفه  هرول الكل ناحيتهم يتفحصونهم ودخلت "فاطمة" بخواءٍ. فقط كان بها خوف علي أطفالها ، تركت "جنة" ليحملها "غسان" وحمل "بدر" "يوسف" الذي يبكي إلى الأن بعد. خروجه من صدمته ، إلتفت الجميع حولهم ، وهرولت "نيروز" بخوفٍ عندما شهقت وهي تري دماء حاجبه جافه على وجهه ، حينها  أعطى "جنة" لـ "حامد"، وانسحب ناحية المرحاض بغرفته وهي من خلفه كي تمسح له وجهه بقلقٍ وخوفٍ ، جلست "فاطمة"   وصغارها بين أحضانها ، وعندما وقف "بسام" يحمل "أدهم" كي يسنده علي فراشة ، وقف "أدم" يسانده بعدما علم الجميع مختصر  ما حدث من "بدر" الذي جلس يضم "فاطمة" بحنوٍ فأصبح الوضع هو يحتضنها وهي تحتضن صغارها. تقدم "يامن" يقبل "جنة" التي ابتسمت ببراءه له وضحك الجميع بخفة علي لطفه ، واستمر الحديث الهادئ والصامت ، حينها  وقف "حامد" يحثها قائلاّ:




        
          
                
_"أدخلي يا فاطمة ..ادخلي يا حبيتي غسلي وغيريلهم ومعاكي "دلال" ، عشان نخرج  !!"



أومأت له وهي تنهض برفقة "وسام"و"دلال" وخرج "بسام" من غرفته ٱخذاً ملابسه الذي سيرتديها كي يترك لها المساحة الخاصه ، وأخذ "حازم" "ياسمين" كي يستعدان هما الاخران ، ووقف "بدر" حاملاً الصغير متوجهاً  ناحية "وردة" كي يرحل معها للشقة الأخري ليرتدي ملابسه بعد حث "حامد" له بذلك ،  لاحظ وقوف "ٱدم" وهو يحبس الدموع بعينيه فوجد "حامد" يضع يديه علي كتفه العريض من الخلف ثم قال بتفهمٍ :



_"متخافش ي ٱدم !!"



إلتفت "ٱدم" وبهذه اللحظة شعر   بمدي ثقل ما حدث لم يكن سهلاً بتاتاً ،بل وشعر بمدي المسئولية الذي سيوضع هو بها ورحب شعوره بذلك عندما فكر بأبناء شقيقته بكفاحٍ ، اهتزت نبرته أمامه وأمام "بسام" الواقف وهو يقول :



_" العيال ميستاهلوش كل ده ، ولا حتي  انا خايف عليهم!!"



_"انت راجل يا بني ومن ضهر راجل لازم تحس بكدة ..ومش هتسيب بدر فالمدفع  لوحده لازم تساعده. انت كمان وقبل كل ده تكونلهم الأب لان انت اللي هتكون معاهم أكتر منه !!"



حرك رأسه بتأييدٍ ثم اعتدل بعد لحظاتٍ يستأذن بهدوءٍ  :



_" انا هروح البس وهاجي  علطول !"



وافق وأومأ بنظراته هو "وبسام" ثم سمعوا صوت اغلاق باب الشقة ، حينها إلتفت "حامد" برأسه يحث الٱخر :



_" خش شوف جرح أخوك ، شنطتك على الترابيزه هناك اهي!"



أشار بإصبعه ، فتحرج "بسام " وهو يقول :



_" كنت ناوي بس مراته معاه جوه !!"



_"اخترعوا باب نخبط عليه، وخلي فبالك انا مش هعيشلكم كتير عشان اشوفكم لسه لحد دلوقتي بالمنظر ده !!"



كان الحزم شديد بحديثه ، عندما قالها وتركه متجهاً نحو غرفته ،. توجه"بسام " بانهزامٍ يمسك الحقيبه ثم وقف بحرج يدق الباب، فتقدمت "نيروز" لتفتح الباب ، حينها وقف هو مهبطاً عينيه إلى ان سمحت له بالدخول فدخل ووجده جالساً بأريحية على المقعد مريحاً ظهره رافعاً رأسه لأعلى وهو يضع القماشة التي أعطتها له "نيروز " ، وقبل أن يتحدث ويفتح فمه استشعره "غسان" وقال باندفاع مره واحده يخمن ما سيفعله ويود فعله:



_" شكراً مش عايز حاجة !!"



إهتزت نظراته بحرج أمام "نيروز" ومع ذلك وقف "غسان" ينظر ثم سأل نفسه بصوتٍ عال وهو يتحسس جيب بنطالة بتيهه :



_" فين التليفون ،. شادي اتأخر  ومجاش ليه لحد دلوقتي ؟!!!"



أمسكت "نيروز" هاتفه من مكان جلسته ثم  أعطته له ولم يرفع هو رأسه عندما سمع نبرة شقيقه الهادئه بقوله :




        
          
                
_" خليني أشوف جرحك يا غسان!!"



قال بغير اكتراث وهو يضع الهاتف علي اذنه بانتظار:



_"ما انت شوفته واتوصيت بيه عالٱخر !!"



سخر قاصداً  جرحه من كلماته وقف بخزيٍ ، وعندما وجده يقترب بخفة كي يمسك وجهه أمسك حينها معصمه بقوة وهو يردد بانفعالٍ كتمه :



_" أنا مش قولتلك لا !!"



أمسكت "نيروز" ذراع "غسان" كي تهدأه وهي تقول بهمسٍ :



_" خلاص يا غسان !"



_"وانا بقولك سيبني أشوفه وبطل عناد!!"



لم يترك معصمه بل نزلت خصلاته وهو يطالع عيني شقيقه بتمعن ،  يطالع ملامحه هو ، حبة من الـ فول وانقسمت الي قسمين متشابهين ، رمش "بسام" ببطئٍ عندما سمعه يحذرة رداً على حديثه:



_" ملكش دعوة وخليك فنفسك !"



فصلت "نيروز" ذراعه عنه ثم نظرت لـ"بسام " وهي تشير له بصمت هي يعطيها ما أخرجه بكفه ، فقدمه لها تزامناً مع نظرته لمسك الٱخر لمعصمه  بحزمٍ تركه"غسان" وهو يحاول الدق علي هاتف"شادي" ، فوجدها هي تعقم الجرح بخفةٍ وهي تمسح عليه ثم بخفة وضعت لاصق طبي على حاجبه ، ووقف هو منتظراً حين ان تنتهي ، لاحظ خروج شقيقه من الغرفه بعدما  انتهت، فسألته هي بتعبٍ  تعلم انه مكسور منه ولكن الي الان لا يعلم احدهم ماذا فعل شقيقه له بالتحديد  من قول كلمات :



_" ليه كده ؟"



_"ملكيش دعوة !"



إغتاظت من حديثه وعنفته بنبره هادئه كي ينتبه لما يفعله  هو الٱن :



_" أنا بكلمك بإسلوب كويس ياريت تكلمني بيه وتبطل قلة ذوق !"



_" مش انتي اللي هتعلميني اتكلم ازاي كمان ، اسكتي وابعدي عني دلوقتي!"



تهجمت ملامحها وهي تعتدل ثم قالت بإقتضاب :



_". تمام، براحتك يا غسان!"



تركته حينها وهي تخرج من الغرفه وكلما يهدأ الوضع بينهما تٱتي عقبه  تعكره ،. تعلم بأنه بمزاجٍ غير رائق لذا عذرته وهي تبتعد توفي بالوعد وبحديثه  لها أن تبتعد عنه عندما يكون منفعلاً ، سمع صوت اغلاق باب الشقة ، فتنهد هو يخرج أنفاسه بصوتٍ مسموع وهو يرفع رأسه للأعلى كعلامه لاخراج الطاقة السلبية التي توجد به ، ومن ثم تحرك بعدها ليصعد خلفها محاولاً الوصول لـ "شادي" الذي لم يجيب عليه إلى الٱن !! 
كل منهم يتجهز لإرتداء الملابس  بشقته حتى هما عندما صعدت هي  لتأخذ الفستان كي ترتدي في الأسفل مع "  ياسمين" ، وعندما أخرجت ملابسها وتوجهت نحو الدولاب تخرج الحجاب وما يخصه ،  علمت بأنه بالشقة بعدما سمعت صوت غلق الباب قبل دقائق ، حولت كل شئ يخصها بحقيبة بلاستيكية كبيره ،. ثم طالعت  ملابسه التي وضعتها علي حامل ، حلته التي كانت سترتها من نفس لون فسانها او من احد درجاته  ، حملت حقيبتها ثم توجهت لتعدل ملابسه أكثر كي لا تنكمش ، حملت الحقيبه ثم رفعت عينيها نحو باب الغرفة فوجدته يقف مستنداً يراقبها ، لم تبتسم له  الا بسمة باهته وهي تحاول أن تتخطاه مع قولها الهادئ تخبره :




        
          
                
_" أنا نازله تاني عشان البس مع يا سميـن وفـ ..."



قاطع جملتها عندما رفع ذراعه يحاوط كتفيها وهو يميل عليها ثم همس لها بإنهاك وأسف على أسلوبه بينما كنت هي تحاول فقط فهم ما به :



_" حقك عليا متزعليش مني!"



هي التي حاوطت ظهره كي تدخل بين أحضانه وتركت الحقيبه تسقط ،عندما استشعرت مدي ثقله وضغطه ، تنفست بعمقٍ ثم رددت بنبره هادئه لينه :



_" أنا مش زعلانة أنا نفسي متحطش جواك  لوحدك ، يعني ريح قلبك ، انا عايزاك مرتاح ومشوفش النظرة دي فعينك كل ما تشوفه!!"



أراح رأسه علي كتفيها بعمقٍ وهو يتنهد ثم إعتدل بعد لحظة ينحني وهو يمسك الحقيبه ثم حاوط كتفيها وهو يتوجه ناحية باب الشقة ثم قال وهو يقدمها لها :



_" لما تخلصي انزلي افتحي محل الورد عشان تظبطيلهم الحاجه انتي وفريدة ، شادي جه تحت وعز ومامته فالطريق !!"



ابتسمت بحماسٍ وهي تتناولها منه ثم أومأت له وقد تعمد هو الابتسامة الواسعه ،حينها فتح الباب وتقدمت هي أكثر كي تقبله من وجنتيه بحبٍ  بادلها القبله برقةٍ ثم غمز لها كعادته وهو يقول :



_" يلا يا بطل !"



______________________________________________



في الأسفل كانت "ياسمين" تتجهز بشقة "سمية" مع"فريدة"و"وردة" ورحلت إليهم "فاطمة" مع"وسام" بضغط الٱخيره عليها ، ينتظرن قدوم "نيروز" فقد تأخرت عليهن ، تجهز "حازم"وحتى"بدر" فقررا اصطحاب بعضهما لشقة "حامد" الذي جلس هو بها الٱن بجانب "دلال" بعد  دخول "شادي" مهرولاً ناحية غرفة "غسان" ، وبعد خمسة عشر دقيقه ، إجتمع الشباب مع بعضهم وعندما دخل "عز" هللو به ببهجةٍ ، وهبط "غسان" أخيراً ينظر نحوهم وهو يدخل بينهم يهلل هو الٱخر وعندما وقف أمام "عز" يعانقه ابتسم بحبٍ ثم قال:



_" الف مبروك يا عز، انت تستاهل تفرح يا صاحبي ، ربنا يكملها على خير ويسعدكم مع بعض !!"



عانقه "عز" بتأثرٍ وحينها دخل الشباب معه في الأحضان خاصةّ بعد قدوم "ٱدم" الذي قابله "أدهم" على السلم بحلته الصغيره اللطيفه حمله وهو يقف يتابع مشاكسة الشباب لبعضهم ، وحينها هتف "عز" يخبرهم :



_" طب أنا هنزل أنا اتابع الورد بيقولوا انهم خلصوا ونازلين!!"



أومأ له "حامد" ونزل معه "بدر" و"يامن"و", ٱدم"و"حازم" ، وفتح "غسان" غرفته حتي وجد "شادي" يمشط خصلاته دخل بعده "بسام"و"حامد" وقد هبط الٱخرين كي ينجزوا بهذا الوقت لاشراف "عز" عن  تنظيم السيارات واختيار الورد، في حين  التفت "شادي" ينظر نحوهم وخاصة عندما دخلت "دلال" هي الأخرى ، وٱدمعت عينيه فرحاً وضع يديه علي رأسه بيأسٍ ثم وجه إصبعه يحذرهم بمرح:



_" لا وحياة ابوكم أنا مش عايز عياط النهارده فرح يعني  انبساط وبس بلاش بقا الدموع دي!!'




        
          
                
توجهت ناحيته فتوجه يقبل قمة رأسها ببرٍ وقد تحشرجت نبرته ونظراته عندما ضمته هي بعاطفة أم جياشة  مردده بتأثر:



_"أنا فرحانه عشانك أوي يا شادي ، مش متخيل انا مبسوطة بيك قد ايه ، بالله عليك اوعي تتأخر عننا مش عشان هتتجوز تتلهي عن اهلك وناسك!!"



طالعها  بنظرات يحاول بها إخفاء الدموع وهو يربط على ظهرها ثم رفع ذراعه يأخذ "حامد" أسفله بتأثر وضمهما الإثنان بحبٍ ثم قال بنبره  مختنقه لا تتماشي مع طبيعة حديثه المرح:



_" خلاص بقا يولاد اللذينه هتضيعوا هيبتي وهتنزلوا دموعي مني!!"



سقطت دمعته، وللحق دمعته قريبه رفع "حامد" يديه يمسح أثار دمعته ثم طالعه بحب صادق وهو يردف بحديثه المتأثر :



_"انت غالي يا شادي زيك زي غسان وبسام بالظبط ، انت عارف انا بحبك قد ايه حتي ولو كلامي ليك  ببقي شديد بس انت ابني اللي مخلفتوش ، انت ابني اللي ربيته !!"



أمسك "شادي" كفه يقبله ببرٍ ثم رد بحديث جاد متٱثر :



_" والأب هو اللي ربي مش اللي خلف يا حامد "



عانقه حين إذن بعمقٍ وحاولت "دلال" الهرب من هذا المشهد الموجع بفرحته بالنسبه لها ، وخرج "حامد" من أحضانه يطالع نظراته نحو التوأمان ، خاصة نظرة عينيه نحو "غسان" الذي هرب بها وهو يعانق "بسام" بتأثرٍ تحت نظراتهم ثم قال "بسام" بحب :



_"الف مبروك يا شادي ..الف مبروك يا "خويا" ، ربنا يكمل فرحتك على خير ويسعدك فحياتك ويرزقك بالذريه الصالحه اللي انت متعرفش عنها حاجه!!'



قصد قلة تربيته ، ضحك بخفةٍ تحت ابتسامة الآخرين الواسعة ، فربت الاثنان على ظهر بعضهما  , كان يريد الإثنان ان يرتدي ستره حلته بواسطتهم وعندما وجد "حامد" الكلمات العالقه بعيني كل من "غسان"و"شادي " استند على "بسام " ليخرج من الغرفه ، حينها انحني "غسان" يشير له بأن يلتفت كي يجعله يرتدي الستره ، وبالفعل ارتداها وعينيه الممتنه لا تفارق عينيه ، وجد ان لا مفر من التٱثر عندما وقف سانداً كفيه علي ذراع الٱخر ثم قال بعمقٍ وصدق :



_"الف مبروك يا شادي ..ألف مبروك يا خِلِّي الوَفيّ!!"



تأثر "شادي" وعانقه بعمقٍ، وردد بنبره مختنقه من خلف ظهر "غسان"  وهو يربت عليه:



_"مش عارف أقولك ايه يا غسان ، اللي بينا ٱكتر من كلام يتقال ،بس انت الحاجه الوحيدة اللي عرفت اطلع بيها من الدنيا دي، انت  الحلو اللي كان بين مُر الايام ،  وحتى السند اللي عمره فيوم مـا مالّ ، عند وعدك يا صاحبي ان عمر فيوم ما نتفرق غير ع الموت !!"



أمسك كفه يسلم عليه كعلامه لتجديد الوعد مره أخرى ، صداقه قوية مر عليها الكثير ومر عليها اصدقاء غيرهم معهم وذهب من ذهب وبقا هما ثابتين من البداية رغم قسوة ما يمر في الحياه ليفرقهما ، شددو بترحيب بعضهما ونبس "غسان" بنبره هادئه عميقه  :




        
          
                
_"ربنا يديمك ليا يا شادي!!"



ابتسم ولم يلبث "غسان" لحظة حتى بدل الوضع عندما ضربه بكتفه ثم أكمل بغمزة وقحة :



_" وترفع راسي "



رد له "شادي"    وقاحته. عندما رفع رأسه بشموخ زائف ثم سبق تزامناً مع قوله المرح :



_"  دا أنا هشرفك!'



_________________________________________



اجتمع الجميع قبل ذلك في الأسفل أمام "محل الورد" ولٱنه رأي فيديوهات تخص ما يحدث من تنسيق بالورد على السيارات وقف "ٱدم" يساعدهم  محاولاّ عدم اتساخ ملابسه ،. رتب سيارة"شادي". و"عز" والى الٱن يحاول وتساعده "نيروز" التي تجهزت هي الأخري , في حين وقفت "فريدة"في  الداخل تساعد "عز" في اختيار بوكية ورد لـ "جميلة" ، وعندما  هبط "شادي" مع "غسان" دخل ليقوم باختيار المثل لـ "منة" ، واستمر الوضع ٱنذلك بذلك ، ولم يغفل "غسان"  عن جمالها في هذا الفستان الرقيق مثلها عندما وقف بجانبها يغمز لها بمشاكسة ثم قال بعبثٍ :



_"يخربيت حلاوتك يا رزّة !"



طالعته "نيروز"  بخجلٍ وهي تترك ما بيديها ثم خلعت القفازات  تزامناّ مع حديثها :



_" فكرتك مش واخد بالك !!"



_" ودي تيجي من واحد بيحب واحدة حلوه ؟؟   انتِ طالعه من ديزني كالعاده!!"



توردت وجنتيها وهي تمد يدها تعدل ياقة قميصه من أسفل الحلة ثم سألته برقةٍ  مره أخري عن رأيه :



_" طب وايه رايك في الميكاب؟"



طالع وجهها ذو الملامح الهادئه وتاه به كما تاه  بعينيها من أول مره رأها ، ابتسم بخفةٍ وهو يتنحنح  ثم أمسك يديها يرد علي حديثها:



_" جميل وانتي اللي مخلياه جميل مش هو اللي مجملك .. ،بس ما تخففي الروچ ده !!"



فتحت عينيها بدهشةٍ منه لم  ينتبه سوى لشفتيها وما وُضع عليها. تذكرت انها عادة أغلب الرجال ،  أخرج منشفة ورقية يعطيها لها برفقٍ وهو يشير مع قوله اللين:



_" خففيه لاحسن تقيل ومُلفت !"



وتزامناً  مع ذلك قبل وجنتيها بحبٍ فوجد كتفه يُضرب من "ٱدم" الذي غمز له بوقاحةٍ ، وقد خففت" نيروز" ما قاله لها  باقتناعٍ عندما أصرت "ياسمين", على وضعه لها بكثرة والٱخري رفضت وبالنهاية أجبرتها ، وعندما إلتفت"ٱدم" برأسه وجدها تستنشق إحدي الورود بعدما انتهت من تنسيق الباقات لهم ، حينها إقترب منها يأخذ الوردة من يديها ثم قال بشفرةٍ ولم يغفل عن جمالها الواضح بفستانها الفضي اللامع المنفوش :



_"ريحتها وشكلها يخطف القلب أوي صح ؟"



ماذا يقصد ؟ على أي حال نظرت له باستنكار وبالنهايه اومأت له دون صوت، فعاد هو  يردد بلين :




        
          
                
_" زيك !"



عنفته"فريدة" بنظراتها ثم قالت بحدةٍ :



_" وبعدين معاك بقا ..ما تخلي الدنيا تمشي بهدوء وبلاش اللي كان !!"



تنحنح "ٱدم"  يجلي حنجرته بصوتٍ ثم جاب عينيه تقاسيم وجهها وهو يسألها باهتمام:



._" عايزة الصراحة ؟"



_"أي صراحة ؟"



سألته بغير فهم ، فراقب المكان ووجده خلى بالفعل منهم عدا "نيروز"و"غسان". , فعاد هو يتنفس ويردد بصدقٍ وصراحة من وجهة نظرة :



_"الصراحة بتاعت  إنك احلى واحده هنا ، دا تقيمي ورأيي يعني !!"



بالفعل كانت كذلك  كانت أجملهم ..لم تريد ان تقلب الوضع لعراك لذا نظرت له بسخافةٍ ثم قالت بتبجحٍ :



_" بس محدش طلب رايك برضو!"



_" ما أنا قولتلك !"



قالها وهو يعقد حاجبيه ،فسألته بتلقائية :



_'' قولت ايه"



_" ان رأي أمر مفروض .. إجباري يعني يا .."حلوه " "



ذلك اللقب الٱخير بدله بصدقٍ. وهو يغمز لها ،وجدته يذهب بعيداً عنها ، وان لم ننسي فقد كانت "فرح" معهم تظهر على ملامحها السعادة  ولأن "عز" جعلها تركب السيارة في الأمام معه لم يركز "بسام " كثيراً والذي أخذ النساء بسيارة شقيقه كي يوصلهم القاعه وكان من بينهم"حنان"..



لاحظ "غسان" رحيل "شادي"و"عز" بسياراتهما نحو سنتر التجميل ، وبقى "حازم " سيركب معه "ياسمين"و"فريدة" و"غسان" ينتظر قدوم سيارته من "بسام " كي يركب بها هو الآخر  مع "نيروز"و"وسام" بعد توصيل"بدر" والديه معه  و"ٱدم" إلى القاعه ثم سيخرج منها ناحية السنتر التجميلي دون ان يعود هنا ..



_"بسام لسه مجاش؟!"



سألته "نيروز"  وهي تنتظر الٱن بمفردهما أمام محل الورد ، فرد هو باختصار يلاحظ وقوف شقيقته بالداخل:



_" فالطريق!!"



لاحظ سكون المكان المُريب ، فغمز لها بعبثٍ ثم قال بمشاعر فياضة :



_" ما تيجي أخطفك وتخطفيني ونروح مكان محدش يعرفه غيرنا!!"



_" موافقة طالما هبقى معاك !"



قالتها بحبٍ وعادت تسأله بمشاكسةٍ :



_"نروح فين ؟"



سألته بضحكة خافته فتعلقت عينيه بعينيها ثم رد  بمرحٍ هادئ :



_" حفلة للست !"..



إعتلت ضحكتها هذه المره لقوله لشئ مستحيل الٱن ان يحدث وبهذا  الزمن !!  ، فمرر يديه على ملاح وتقاسيم وجهها بحنوٍ ثم قال بصدقٍ وتأثرٍ:




        
          
                
_" ضحكتك وملامحك حلوين أوي يا نيروز !"



_" دا بس عشان بتشوفني بقلبك !"



كانت الجمله عفوية تلقائية ، فأمسكت كفه تتشبت به بسعادةٍ ثم إلتفتت ترفع رأسها تنظر نحو اللافته التي باتت تحفظها عن ظهر قلب بكل تفاصيلها الذي صممها هو بنفسه وبفكرته هو َ ..لافتة "عودة الوصال" !!! ،. حينها تفهم ما فعلته فإقترب  غير عابئاً بالشارع والماره وقبل إحدي وجنتيها بحبٍ شهقت هي تعنفه ووجد شقيقته تضرب كتفيه من الخلف وهي تقول :



_"نفسي تبقي محترم في مره ، لو مش عشان الناس .. حتي  عشاني وأنا محشورة وسط المشاعر الفياضة دي !!"



لاحظ خجل "نيروز" وهو يضحك ، وجلست"وسام" بجانبهم على الدرج بوقت قوله وهو يغمز لها :



_" ما أصل المشاعر دي وقتها غريب الصراحة..بس مقولش ليها لأ أبداً !!"



ضغطت "نيروز" على  كفه بتعنيفٍ من وضعه لها بوضع محرج ، وتعالت ضحكة "وسام", وهي تشاكس "نيروز" :



_" يا بختك يا روز ..اخدتي الحُب كله ليكي لوحدك، يارب حد يحبني  زي ما أخويا بيحبك ولن واشكي ولن ابكي والله !!"



تعالت ضحكة "نيروز"فحاوط "غسان" بذراعيه الإثنان وهو يقرب رأسهما ناحيته مردداً وهو يخرج أنفاسه رداً على حديث "وسام" :



_" أتمني براحتك انا كده كده مش هوافق على عرسان أنا!"



_"خدي بالك يا نيروز قبل عليكي حاجه مش قابلها على أخته ..نكدي عليه!"



قالتها بخبثٍ فتحركت "نيروز" تضحك بقوةٍ وهي تحرك رأسها بغير إكتراثٍ توبخها :



_", انتي الكسبانه يا حبيتي ..الجواز دا حوراته كتيرة "



صمتت ثم تعلقت عينيها بعينيه الضاحكة وأكملت بعدها بصدقٍ :



_" بس احلى حاجه لو مع  الشخص اللي بتحبيه!!"



ضحك بسعادةٍ وهو يضمها زافراً براحةٍ  تغمره ، وقليل ما يحدث ذلك بينما الٱن بين ذراعيه أكثر الأشخاص يكن لهن حباً  وكان ركن والدته محفوظاً لطالما هن المؤنسات الغاليات والأقرب لقلبه مهما حدث كل منهن يحمل اتجاهها حب مختلف تماماً عن الٱخري !!



______________________________________________



وقفت السيارتين أولاً سيارة "عز" و"شادي" اللذان هبطا معاً بتناسق ، ووقف الإثنان للاستعداد للدخول هما أولاً ، لحظة توتر ..إرتباك..مشاعر مضطربه من الإثنان كما كان هما الاثنان في الداخل كل واحده تستعد لمواجهة من اختاره قلبها ،  كان الستنر من الخارج منظم بأبواب كثيرة ثم التقابل عن نقطة واحده من الداخل ، وقف "شادي" عند ستار وباب ملتصق بـ باب وستار يقف أمامه "عز" وعلى بعد منهم كانت سيارة "حازم" تقف ووقف مع شقيقته وزوجته مع "فرح" لانتظار التخطي لهذه  اللحظة الخاصه بالعروسين معاً




        
          
                
بدأ العد من منظمة اللقاء الأول يعلو من الداخل من واحد واثنان وثلاثه، حتى بدأ كل واحد منهما بالدخول بقدمه اليمني ليجد كل منهما  العروس الخاصه به توليه ظهرها ..



خفقات قلبه تزداد لا يصدق أنه الٱن ترتدي له الأبيض بل والأبيض الذي ظل يراها اجمل من ترتديه وكأنها ملاك ! ولكن مهلاً لم يستطع رؤية وجهها ولكن اتضح ان هذا الأبيض يختلف تماماً عن الأبيض التى كانت ترتديه ،يا لتوتر اللحظة بالنسبة لها. ، تقدم "عز" مع تقدم "شادي" بجانبه هو الٱخر ، وبخقةٍ التفت "جميلة" و"منة" بنفس ذات الوقت مع اللحن الهادئ ، حينها انبهار "شادي" كان لا يقل عن انبهار "عز" الذي نظر بدهشةٍ لمظهرها وكأنها اميره جميلة بملامحها التي لم تختلف كثيراً وأيضاً فستانها كان أنيق عليها بشدةٍ، أدمعت عينيها بتأثرٍ وهو يمد يديه يعطي لها البوكية تزامناً مع مسكة لـ كفيها الباردين ثم  نبس بعدما إبتلع ريقه بصعوبةٍ :



_"لما رأيته.. مَلك فؤادي !!"



رمشت "جميلة" بأهدبها بتأثر ثم من بعدها كان العناق المشدد منه لها وهي تربط على ظهره ورقبته من الخلف ، لحظة بكل اللحظات ، لم ولن تتكرر وهو يعلم ذلك ، عندما خرج ينظر بغير تصديق و أكمل بعدها بقية حديثه العميق :



_"ملك فؤادي الجميل اللي عيشت طول عمري نفسي ابقى ضل ليه ..ايه الحلاوه دي  كلها ..مش معقول كل دا ليا لوحدي !"



تمسكت بكفه وعينيها تترقرق بها الدمع ثم سألته بتحشرجٍ :



_" بجد أنا شكلي جميل ؟؟"



_"جميلة وجمالك مش إسماً بس ، والأبيض ده غير كل الأبيض اللي شوفتك بيه ..مش قولتلك انك كتير عليا اوي ؟!"



قالها بتأثرٍ ومن ثم عانقته هي وهي تردد بنبره أشبة بالباكية :



_" انا بحبك اوي..اوي يا عز واللهِ  !!"



عانقها بحبٍ وهو يردد عليها كلمات معسولة صادقه نبعت من داخله ، بينما وقفت لحظة"شادي" عندما أطال النظر بها بتمعن وأمسك كفها. وبالٱخر مسد به على خصلاتها وهو يقول بانبهار :



_"مشوفتش فجمالك يا ام عيون قناصة ،  خطفتي قلبي بِطَلتك هتعملي فيا ايه تاني ..إرحميني عشان انا تعبت خلاص من جمالك !!"



قال "شادي" ٱخر حديثه بتعبٍ تزامناً  مع تقبيله لكف يديها برقةٍ ، ثم أدخلها بأحضانه ، حينها كانت تحت لحظة تأثر من كم هذه الفرحة ، وردت عليه باهتزاز عندما تحرك يقبل وجنتيها بحب:



_" مكنتش اتخيل ان كل ده يحصل يا "شادي" بس ..بس أنا  مبسوطة ، ومبسوطة عشان  بحبك!"



قبل قمة رأسها بطاعةٍ ، وحينها بدأت الكاميرا في تصوير العروسين الٱخران بخفة قبل الخروج ثم هما من بعدهم ، طالع خصلاتها وملامحها بشغفٍ وعينيها التي قنصته بخفةٍ كما كانت "جميلة" تأخذ وضع تقابل الرؤوس مع بعضها كي تأخذ الصورة مع"عز" حينها تقابلت عينيه مع عينيها وسمعت همسه العبثي لها وهو يبتسم حتي أُخذت الصورة وهو يعازلها بهمسه من تلك الاغنية التي تتعلق بذهنه كلما يراها:




        
          
                
_" ٱه يا حلو  ويا مسليني !"



بينما في الخارج جاء "غسان"و"نيروز" معه والكل ينتظر خروجهم وحينها كانت الفتيات والشباب مجتمعين ، من بين "ياسمين" وحث "حازم" لها على ان تجلس على المقعد المريح أمام السنتر,  ووقف "ٱدم" يراقب الأجواء  كان معه الصغيران متعلقان به وخاصة "أدهم" الذي أمسك الهاتف يقوم بالتقاط الصور ببراءة ، وعندما رأي "فريدة" هتف يناديها من على بعد ببراءه :



_" فيفي . تعالي اتصوري معانا   !!"



تركت "فريدة" حديثها مع"وردة" وسارت بخطواتٍ هادئه كي لا تتعرقل بفستانها المنفوش ، وعندما قال "أدهم" كذلك ، ضحك "أدم" بخبثٍ وهو ينحني كي يُصَور معهم ، وقفت هي ثم انحنت فوجدته ينحني بجانبها ورأسه بجانب رأسه حينها أخذت الهاتف من "أدهم" كي تتحكم بمسكته ثم ابتسمت باتساعٍ ولاحظت ما فعله "ٱدم" فحاولت التجاهل ثم أخذت الصورة فتعالي صوت "أدم" بضحكة خفيفه:



_"زي العسل!"



قالها وهو يتعمق النظر بها ووجهها ، فسأل "يوسف " :



_" هي ايه دي يا خالو!"



_" الصورة يا سوفا .. الصورة!!"



إبتسمت للتوأمان وانحنت حينها تقبلهم بحبٍ وبادلوها القبله  ببراءه، فرد "ٱدم" بغمزة وقحة  وقال بجرأه لم تندهش منها :



_" دوري بقا "



_" إحترم نفسك وبلاش  الجو ده !"



تنحنح يجلي حنجرته وقبل أن ترد وجد الكل يجتمع حول العروسين ، فوجدها تتوجه بسرعه كي تري "جميلة" شقيقتها ، وعندما ذهبت وجدت الكل يرحب بهم ومن بين الاحضان المتأثره كانت من "جميلة"و"نيروز " و"جميلة"و"فرح" ، حينها وقفت "فريدة" تنظر بانبهار نحوها  كما  كانت نظرات "حازم" المتأثرة عانقوا بعضهم بحبٍ وحاولت "فريدة" ان لا تردد حديث متأثر كي لا تهبط الدموع كفى حزنها لفراقها ، بينما وقفت "نيروز" تعانق "منة" التي بحثت عن "والدها" بعينيها ولم تجده وبخفة وجدته يأتي من بينهم ثم تجمعت الدموع بمقلتيه وهو يمسك كفيها ممراً عينيه عليها وهو يقول بنبره مختنقه :



_"زي القمر يا حبيبة قلبي ، ربنا يحميكي يا بنتي !!"



قبلت كفه ببرٍ وسقطت دمعتها فمسحها "شادي" بالمنشفه برفقٍ وهو يربت على ذراعها ،  وعندما استعد كل منهم للركوب السياره ساعدن الفتيات العروستين بفستانهما كي يستطيعان الجلوس ،  وبالفعل أُغلقت سيارة "شادي" والذي قادها "بسام"، وأُغلقت سيارة "عز" والذي قادها "حازم"، ومن بعد ذلك ركب الجميع كل الأماكن التي تخصهم بكل من سيارة "حازم" الذي قادها "آدم" هذه المره ..و وسيارة "بدر" وحتي "غسان" ..



كان رحيل العروسين  على مكان مخصص لأخذ الصور ، لذا سيسيق الجميع على قاعة الزفاف التي كانت بها النساء متراصيين هناك على الطاولات..




        
          
                
وبالفعل بقاعة الزفاف كان يجلس "حامد" على الطاولة مغلقاً الخط مع "غسان" عندما علم انه بالطريق على وصول ، كانت بجانبه "دلال" و"سمية" بجانبها ومن ثم "عايدة"و"حنان" وحتى "فاطمة" التي تركت صغارها يذهبون مع خالهم !! ، تنفست "حنان", بعمق حتى وجدت "عايدة" تربت على ساقها بهدوء ثم قالت بقلق مخفي :



_" انا عايزه أقولك حاجه كده مش عارفه أخبيها جوايا يا حنان، هتقدري كلامي؟"



تلهفت "حنان" بقوة حتى مدت يديها تضعها على كف"عايدة" ثم قالت بسرعه :



_" ده كلام يا عايدة ..قولي طبعاً يا ام العروسة !"



_"أنا بس عايزاكي تعاملي جميلة بما يرضي الله ، والله بنتي دي طيبه وغلبانه وقلبها أبيض ..متجيش عليها يا ام عز فيوم. وخلي بالك منها وكونيلها أم والله العظيم  هي بتحبك اوي وبتحب فرح وعز ، انا عارفه انه هيراعي ربنا فيها ..وعارفه انكم ناس أصيلة بس انتوا عارفين اللي فيها ، جميلة معاشتش حياة عادلة ولا عرفت تتبسط باللي يبسط .. مقدرش اقول ان خاطرها كان دايماً  مكسور بس على ايد عز بسرعه بقت حاجة تانية .. بالله عليكي ما تندموها وراعو ربنا فيها وهي كمان هتعمل كده انا متأكدة!!"



نظرت إليها بلهفة وتأثر ثم قالت بدفاع سريعاً  :



_" لولا اني حاسة بيكي وبكلامك كنت زعلت ، بس انا فاهمه اللي انتي فيه ده ، متخافيش عليها بنتك داخلة بيت ناس طيبين والله وراسها دايماً هتبقي مرفوعه محدش يقدر يكسرها ولا يزعلها أبداً إطمني !!"



وعلى سهوه وجدت من تميل علي "عايدة" وكانت "زينات" التي تقابلت مع"فريدة" عند بوابة. الدخول ، ابتسمت لها بترحيب ثم جلست ووقفت "حنان" تأخذ يد "فرح" من "وردة"و"نيروز" التي أسندتها، جلست "فرح" وجلست بجانبها "ياسمين" وتجمعت الفتيات علي طاولة واحده ، ووقفت"نيروز" تبحث بعينيها عنه حتى وجدته يقف مع "ٱدم"و"بدر" ، كان "غسان"يحمل "يامن" على ذراعه بخفةٍ وهو يشاكسه ، اختار"بسام" ان يذهب مع "شادي" ليقود له السيارة كي يهرب من وجود "فرح" الذي منع نفسه  بأعجوبة على ان لا يتوجه ناحيتها وعلم بأنها فقدت النطق بينما نظراته لها كانت قوية تحاوطها وشعرت هي بذلك فتعمد الهروب من مشاعره الذي لم يعد يتفهمها !!! ، جلست "نيروز" بجانب"سمية" التي كانت تتهامس مع "دلال" وحينها ابتسمت بحبٍ لـابنتها ثم قالت تشاكسها :



_" طالعه. زي القمر يا حبيبتي!"



_"انتِ اللي حلوه اوي يا ماما!!"



عانقتها "نيروز" بسعادة وقد اخرجت هاتفها كي تقوم بالتقاط صورة معها تحت انظار "دلال"و"حامد" المبتسمة بلطف. حينها وجدته ينحني بـ"يامن" ثم مد ذراعه يقرب "والديه"و"وسام" التي كانت تقف بجانبه، حتى قال بخفةٍ يحثها على ان تأخذ الصورة علىى هذا الوضع  :



_" يلا يا رزّة خدي الصورة بسرعه!!"



اخذتها وهي تضحك بملئ شدقيها كما كان يضحك الجميع ، ثم اعتدل واخذت "وسام" "يامن" منه ، فعاد هو يقف مع "بدر"،. وجلس "ٱدم" بمللٍ واضح على ملامحه وقصد الجلوس بجانبها وهي تشرد بالمكان وتنظيمه  وانتفضت بسرعة عندما وجدته يهمس بجانب أذنها بملل :




        
          
                
_"هو مفيش اكل ولا ايه ؟!"



حركت "فريدة" رأسها تنظر بدهشة ثم قالت بغير تصديق:



_" هو ده كل اللي هامك دلوقتي ؟"



سخرت"فريدة " بحديثها فحرك رأسه يؤكد فرمقته بعدها باستخفاف وحركت عينيها نحو حلته الأنيقة عليه وسلسته العالقه برقبته وفتح ازرار قميصه  ما أثار انتباهها هي السلسلة فردت تخبره بهدوء:



_" علفكرة السلسلة للرجالة حرام ..المفروض اني ملاحظه انك بقيت ملتزم شوية مش فاهمه ازاي معرفتش حاجة  زي دي!!"



عقد ما بين حاجبيه من حديثها بملاحظتها لالتزامه بل وتاره لا تثق بتغيره وتاره اخرى تثق؟؟ ، رفع عينيه نحوها يطالعها ثم قال بأعترافٍ :



_" الصراحة دي مش منظر ولا شبحنة ..دي أنا لابسها من زمان وفيها صورة أمي !!"



ضمت شفتيها بأسفٍ ظهر على ملامحها واعتدلت أكثر في جلستها تردد بتفهم:



_" ربنا يرحمها ..بس على ما اعتقد حرام بردو!"



_" دي غالية عليا اوي .. بدر كان جايبهالي فعيد ميلادي من زمان أوي مبقلعاش لحظة واحدة ..بس لو حرام تتقلع  ونختار الأخره يا ..شاطرة!!"



غمز لها بٱخر حديثه فعنفته بنظراته وهي تطالع القلادة مره أخرى مع حلته بسترتها ، فسألها بمشاكسة :



_" حلوه البدلة  صح؟"



_" مش اوي!"



قالتها بصراحةٍ واستنكارٍ وحركت عينيها بمكان ٱخر فوجدت "زينات " تبتسم لها باتساعٍ وسعادة ، فهمس هو من جديد:



_"علفكرة انتي شكلك حلو من غير مكياج!"



عقدت ما ببن حاجبيها ثم زفرت بنفاذ صبر تردد بجديةٍ  :



_" وبعدين معاك بقا !!"



_"ما تخلينا صحاب وقرايب مع بعض كده وهدي اللعب شوية ،أنا لو وقفت ورديت على كل كلمة هتخرج منك مش هنخلص ، وانا بصراحة نفسي منخلصش !"



_" مبقاش ليا فجو المعاكسة والكلام الناعم ده ، اشغل بالك بأي واحده غيري البنات كتير ، لكن انا لا ..ومش عايزه اديك أمل عالفاضي ، عشان انا مش عبيطة اني ملاحظش نظراتك وكلامك مهما. حصل من خلاف!'.



قالت حديثها بصراحة شديدة دون توتر بالفعل لا تريد بأن تعطية أمل ، وهو يشعر اتجاهها باعجاب فقط وشعرت هي بذلك ، لم  يتفاجئ من حديثها ولكنه نظر لها بثباتٍ ثم سأل بنبره هادئة واثقه :



_" ليه ؟"



ماذا تقول هي الأخري في القدم كانت لم تنتبه لاعجابه وكان هو لا يشغل عقله كثيراً بينما الٱن خلق من جديد وبحياة جديدة يحاول التألم بها ويشاء القدر أن تكون هي بهذه الحياه كل يوم أو بعض الأيام وليست مثل من قبل كان لا يراها الا مره من بين شهور غير معدوده !!  وتعمد فعل ذلك عندما رُفض من شقيقها بطريقه غير مباشرة ، ماذا تفعل هي الٱن وللحق لو كانت فريدة السابقه كانت لم تفوت فرصة كهذه خاصةً انه مُلفت للإنظار يظهر عليه الثبات والوسامه القليلة التي انتبهت لها منذ  زمن ، لو كانت السابقه لاعطته فرصه للتقرب دون مسمي والٱن هي قد تغيرت بطباعها ومبادئها وحتى ما حدث لها غيرها للعكس تماماً ناحية الجنس الٱخر في العموم !! ، حاولت أن تخفي دمعتها من سؤاله ثم أخذت نفسها بعمقٍ وصوتٍ وانتظر هو الجواب ، بينما أجابت هي بضعف تحاول اخفاءه :




        
          
                
_" عشان مش لازم أنا ..ومش هينفع !"



حاول تخطي الجواب منها ، وحرك عينيه نحو الجالسين وكان يراقبه بنظراته "بدر" الذي نظر بتمعن نحو ملامح وجهه الجامده ،لم يتعمد الجواب بل ابتسم يذكرها بقول قد قاله بفتور :



_" وانا قولتلك ان انتي اختي عادي .. انسي !!"



إبتسمت بخفةٍ ابتسامة باهته ولاحظت سؤاله الثاني المهتم:



_" انا ملاحظ يعني أنك مبقتيش تروحي الجامعه!!"



_"على شهر الامتحانات هنزل.."



قطعت حديثها، وانتظرها ان تكمل وعندما توققت زفر بصوتٍ مسموع وهو يحرك رأسه متفهماً ، ولاحظ اقتراب "أدهم" منه فحمله بمرحٍ ليجلسه على الطاوله أمامه ثم قبله بحبٍ محاولاّ  نسيان ما حدث!! 



بينمل جلس "غسان" أخيرا. بجانب مقعد "نيروز" التي كانت تحاول خلق اي حديث بتفهم لحالة "فرح" والٱخري كانت تركز معها ، ابتسم على حنوها  فمال يهمس بجوار أذنها بعبثٍ :



_" فاكره يوم فرحنا!؟!"



طالعت عينيه بسعادة ثم ابتسمت برقةٍ وهي تهز رأسها بنعمٍ مردده :



_" عمري ما أنساه بكل تفاصيله ..!"



صمتت وسط هذه الأصوات العشوائية ثم حركت عينيها عليهم حتي عادت تقابل عينيها مع عينيه فوجدته يحاوطها بنظراته ، المدهش انها سألته بتأثرٍ من لحظة فراقهما سواء كان قدر او نهاية حياة أحدهما:



_" هو انت َ ممكن تنساني فيوم ؟"



يالقسوة هذه الفكره في العموم ، إبتلع ريقه بدهشة من سؤالها المفاجئ وهو الذي  وجد ان الصراحة بهذا الوقت كانت المطلوبة ، نفى "غسان" بصدقٍ ثم قال ونظرة عينيه الدافئة تحاوط عينيها التي تسحره :



_" أنا ممكن أنسى أي حاجة فالدنيا إلا نيروز  .!!"



خفق قلبها وجاء هو بالتبرير الثاني عندما وضع كفه على كفها بعشقٍ فاض من عينيه وحتي قلبه :



_"العقل بيجيلة وقته وعمر وبيخيب ..بس القلب عُمره ما بينسي حَبيبهُ!!"



وسألها بنبره أعمق  عن ذاكرة القلب في العموم :



_" تفتكري انتي القلب ممكن يخيب وينسي بعد  ما كان عاشق مبيدقش غير لواحدة  اختارها من بين كتير أوي ؟"



أجابت على قلبه هو ، حينما تمسكت بأنامله وهي ترد عليه بصراحةٍ عميقه:



_"عُمره ما يخيب لو زي قلبك ، قلب عمري فحياتي ما توقعت ألاقيه !!"



وصمتت تخرج بمشاعرها الفياضة أكثر ثم أكملت :



_"أنا بس ملقتهوش لا دا كمان إختارني من بين ناس كتير أوي وميزني فعز ما كنت بحس  ان مش انا اللي بتعمل عشاني كل ده !!"




        
          
                
توسعت بسمته الهادئه وهو. يطالع تقاسيم وجهها ورد في صراحة يعلمها ما تشك هي به رغم عبثه الدائم في الظهور لها أنه يري أخرين سواها :



_" مهما حصل مش عارف أشوف غيرك ولا قلبي إختار ولا هيختار غيرك إنتِ .. "



وسألها بتيهه وتعجب وكأنه يستوعب :



_" إنتي عملتي ايه فيا ووقعتيني فيكي ازاي!!"



واضاف باعترافات كثيرة لطالما الٱن تحت سلاح نظرات عينيها البُنيه :



_"دا انا اتسحلت سحلة منتهتش ألا بوجودك في بيتي وحضني وياريتني لسه عارف اخف لا دا أنا  عامل زي المراهق اللي بيحب جديد لأول مره، دا انا حتي خايف ..خايف عليكِ. خايف أنساكي مع اني متأكد اني مش هعرف!!"



داهمها بالصراحة وقليل ما يتحدث بصدق دون مرح ومشاكسة ، ابتسمت بإتساع وحينها قالت رداً على حديثه بصراحةٍ :



_" بس انا مش خايفة. مع  ان  كوكب أرضك قالت " بخاف عليك وبخاف تنساني" .!"



لم يأخذ فرصته بالرد بالشطر الٱخر من الٱغنية بغمزة عينه كالعادة ، بل حرك عينيه نحو الذي مال ليجلس بجانبه ولم يكن سوى "فتحي" شقيق"شادي" سحبت "نيروز" يديها وهي تعتدل تنظر بمكان ٱخر غيرهما ولكن اخترق قوله مسامعها عندما شاكس "غسان" :



_"في شوية عرايس فالفرح دول حلوين اوي ...قوم نقيلك واحدة وعيش  واتبسط"



فتحت عينيها بمفاجأه من وقاحته بحديث كهذا أمامها ، يجرح أنوثتها بطريقة غير مباشرة ،  حاولت النهوض وعاقها ذراع "غسان" الذي وضع علي كتفيها وهو يرد عليه :



_"ما قولتلك يا فتحي    ثانياً اني  راجل   وثالثاً اني مش شايف غير مراتي .."



صمت ينظر نحو نظرات الٱخر السمجة والتقط السؤال الذي سأله بعينيه، فأضاف "غسان" مكملاً حديثه بتبجحٍ :



_" هتسألني عن أولاً ، فهقولك إنك تخليك فحالك وقبل دا تحترم وجود مراتي ..شد انت يلا واختار عروستك التالته يمكن ربنا يكرمك ببنت حلال شبهك  !!"



طردة بتبجحٍ كعلامه بأن ينهض من هذا المكان ، اغتاظ "فتحي" من حديثه وأخرج اللفافه من فمه ويصمم هو على ان يُهان عندما عانده كي لا يهزمه ونظر ناحية "نيروز" الصامته ثم ردد بسخرية مخفيه :



_"شكلك غالية اوي عنده يا مدام..عملاله عمل ولا ايه!!"



قهقه بعدها بسخافةٍ، وجاء رد زوجة "سمير". التي جاءت لتقف وهي تسمع ٱخر جمله، فمررت يديها علي خصلات شعرها بتعالي ثم ردت هي بوقاحة:



_" متكسفهاش بقا يا فتحي، دي حاجات ستات ومش عيب يعني الست تحافظ علي جوزها وتخليه ميشوفش غيرها حتي ولو بأي طريقة!!"




        
          
                
_" أنا مسمحكليش!!"



قالتها "نيروز" وهي تندفع واقفه بشرر يتطاير من عينيها وحينها انتبه من يجلس على الطاوله ،  وابتسم "فتحي" بانتصار  لما حدث  فتجاهلت الٱخرى اندفاعها هذا وهي تكمل حديثها ممرره عينيها  عليها :



_" لا بس  حاجه زي دي تحتاج كده فعلاً ..أصلك يعني مش مـ ..."



قاطع حديثها إقتراب "ياسمين" التي سمعت قولها كما الٱخرين وردت هي بتبجحٍ رد أخرسها :



_"واحنا. هناخد كلام من واحدة شادة ونافخة ؟؟ .. وكمان اسمها دولت"



كبت "غسان" ضحكته ولم يرد  ان يتدخل بسبب أمور السيدات هذه ولكن  ان زاد الوضع عن حده فكان سيتدخل على الفور وكان تدخل "ياسمين" كان قبله  وسبق ما كان  سيرد به ،. احمر وجه "دولت" بغيظٍ  حتي رمقتهما بتقزز وهي تحاول الابتعاد ناحية زوجها الذي كان يقف مع بعض الرجال بعد قولها لها بابتسامة مستفزه :



_" دمك مش خفيف  بس شكل خضار عينك مقوي قلبك !!"
قالتها بسخرية  فحركت "ياسمين" شفتيها  باستنكارٍ وهي ترد بصوت مرتفع ليصل لها بعدما ذهبت "دولت" ولكنها ردت . رغم تحذير "سمية" بنظراتها:



_" عالاقل مش لينسزز وماشية  أتمختر وأتفشخر ..رباني يا حبيبتي هـاا!!" 



قابل "فتحي" عيني "غسان" التي تحدته عندما انحني يهمس بتهديد صريح :



_" اللي بتحاول تعمله  دا مفقوس اوي ، خليك بعيد ومتتكش اوي عشان ساعتها هتكتشف اني أعرف عنك حاجات انت نفسك متعرفهاش...!!"



أشار ناحية يديه كعلامه للأموال وفتح "فتحي" عينيه بصدمة حاول إخفاءها عندما حاول الٱخر ان يلمح له بتزوير الأموال !! ، طالعه "غسان". بتسليةٍ ولم يتفوه الٱخر بأي شئ بل انسحب ببطئٍ ، ولاحظ هو جلوس"نيروز" من جديد بصمتٍ هادئ..



_" ولية حرباية !"



قالتها "فريدة" بغضبٍ أمام "ٱدم" االجالس يتابع بصمتٍ وتسليه هو الٱخر ، وضحك بخفة على ما قالته للتو ، نظر نحوها بسكون ثم قال بوقاحة قصد اظهارها :



_" بس  جامدة !"



اندفعت تنظر برأسها باستنكار ثم رفعت شفتيها باعتراض وهي تسأله بسخرية :



_"انت أعمي فنظرك ؟؟ ولا اقول ايه   العين مبتشوفش غير اللي شبهها !!"



_" العين بتحب الجمال أوي..من غير ما تبص ع الجوهر ..بس القلب غير!!"



تهكمت أكثر وهي تشير له بغير اكتراث مردده :



_" اه وانت قلبك دليلك أوي!!"



_"عمره ما كان دليلي ..أصل غلطي كان اني كنت بشوف بعيني وبس ، بس الوقتي الوضع اتغير!!"



اهتزت نظراتها وسألته بجدية وقتها :



_" بتقول كلام عميق اوي بس مش لايق عليك !!"




        
          
                
ضحك"ٱدم" بخفةٍ ثم قال وهو يرجع خصلاته إلى الخلف باهتمام :



_"مفيش حاجه  مبتليقش عليا.. العبد لله بيليق عليه كل حاجه .. تنكري ؟"



_" وانا كنت معاشراك وعارفاك لما هتشهدني؟ "



_" انتٓ عارفاني من زمان يا فريدة ،كله شايفك متغيره ،. بس أنا لسه شايف فيكي واحده من. زمان أوي بس مطفية عن الأول كتير ، اول ما رجعت اشوفك لقيت نظرة صعبه فعينك فكرت انها وقتها بس لسه ملازماكي..انتِ مكنتيش كده !!"



كيف فهمها بهذه الطريقه ارتبكت أمامه وهربت بنظراتها عندما شعرت بأنها مكشوفه ، حينها سألته بأعين لمعت من كتم الدموع:



_" انا مش عارفه انت طلعتلي منين ...انت عاوز ايه مني ؟"



لاحظ تحولها الغريب، فنظر لها بضيق من ما قاله هو بنفسه ثم قال يوضح لها بنبره  هادئة :



_" عايز الحاجه اللي كسراكي.. وطفت منك الشقاوة والبهجة اللي كانت فروحك!"



_" انت تعرفني منين عشان تقول كده!"



_"عارفك من زمان ..والوقتي حتي بعد ما اتغيرتي!!"



لم يكف عن ارداف حديث  يجعلها ترتبك ، وعندما شعرت بأن قربه سيهزمها بهذه الكلمات نهضت تختفي من أمام نظراته وحينها زفر هو بيأس لما يشعر هو به هو الأخر !! تخبط ..وافكار متضاربه تصارعه ..



ولحظات قليلة وترقب الجميع وهم ينهضون ليقفوا عندما أعلن منظم الحفل بدخولهم ، حينها دخل "حازم" مع "بسام " ووقفوا مع "طارق" والعائلة من علي بعد وفُتحت البوابة ودخل "عز"و"شادي" يقفان بمنتصف الساحة بمفردهما  ينتظران قدوم العروسين كما صمم المنظم بدخولهما بمفردهما لكل واحد منهما ، أمسك كل منهم الباقه الخاصه بعروسه ثم وقفا ينتظران مع تهليل الجميع وصوت الصافرات التي تخرج من فم "غسان"و"بسام " وحتى "بدر"و"حازم "و"ٱدم" الذي نهض بحماس يفعل مثلهم ، وأصدقاء ورشة"عز" والمعازيم عندما تعالت الزغاريد من الفتيات اجمع وأصدقاء العروسين معاً .. ولحظة العد من واحد إلى ثلاثه وفتحت البوابة مره أخري وظهر العروسين "جميلة"و"منة" بالسير في خطواتهم البطيئه وكل الكاميرات تتوجه ناحية هذا المشهد عندما اعتلت الموسيقي بقوة تزامناً مع سير كل منهما لـهما ..



«ادخلي عمري بخطوتك اليمين
اضوي ايامي وعتمات السنين
قرت عيوني بشوك مقبلة
يالملاك اللين العذب الرزين»



ما هي سوى كلمات تتوافق بشده معهما مع "شادي" و"منة" هذه المره عندما. تطابقت الكلمات مع حياة "شادي" الهادئة الساكنه بالوحده ، اليوم ستدخل حياته وتضيؤها بالفعل ...إنبهر الجميع بجمالهمها كل منهما تختلف بجمالها عن الآخري بكت "عايدة" بتأثر كما فعلت "نيروز" بهذه اللحظه مع "فريدة" !!




        
          
                
«اسمعي نبضي ورا صوت الدفوف
من لمحتك ضيع الشوق الحروف
يا ضيا عيني والله ما تشوف
اضحكي يا نور عيني واسعدي
خلي الفرحة في عمري تبتدي
العمر قبلك وهن ما يحتسب
هذي الليلة ترى ها مولدي
في وسط قلبي حفرت اسمك هنا
نورا بن تركي تراها لي انا
نصفي الثاني وفرحة دنيتي
دامي دام لي حياتي في هنا »



هذه المره الكلمات تتوافق مع "عز"و"جميلة" في كل مره يراها يخفق قلبه واليوم بسعادته هذه بالنيل بها يعتبر مختلف أشد الإختلاف لا يصدق حاله هذا  إلى الٱن ..



أمسكت كل أميره بيد أميرها وتأبطت كل منهما ذراعهما وسارا معاً ناحية مقعد كل اثنان وصوت هذه الٱغنيه يعلو ويكمل بالانتهاء عندما  جلسوا بالمكان المنظم بالورد الأييض الأنيق ، حينها توجهت النساء للترحيب بهم وكانت من بينهم "عايدة"و"حنان" ، وقفت "نيروز" تنظر بتأثرٍ وحركت وجهها نحوه فحرك رأسه يجيب على أفكارها :



_" ايوه كانت ساعة فرحك زيك كده بالظبط ، الفرق بس ان كان محطوط عليها ساعتها بالجامد لما سابت عز ..شوفتي النصيب فالٱخر عمل ايه ؟ جمعهم فكوشه واحده ..اختيارات ربنا دايماً هي الاجمل وهي الصح !!"



ابتسمت حتي ظهرت أسنانها ولم يغفل هو عن من  انسحب من خلفه يتحرك ناحيتها وهي تجلس بجانب فاطمة بسكون فقط تنظر بابتسامة صغيره بين الحين والٱخر..، رفعت "فرح" عينيها تنظر نحوه ، انهزم هو .. انهزم "بسام" وهو يجلس على المقعد الذي بجانبها حتى ابتلع ريقه ينظر نحو ملامحها الهادئه حينها لم يمنع سؤاله  ان يخرج عندما قال :



_" اذيك يا فرح ..أتمني تكوني سامعاني ومركزه معايا..أنا.. أنا عرفت اللي حصل .. علفكرة انتي قوية أوي عشان تستحملي كل ده لوحدك !"



لم تدمع عينيها الٱن ، لم تغفل انه بكل مره يهون عليها بالحديث علمت انه  هو لطالما الٱخر يقف برفقة زوجته، رمشت بأهدابها لثوانٍ بعشوائية وعندما تحركت تعلقت مع نظرة عينيه التي شملتها لأول مره تشعر بذلك الماس الكهربي الذي  قشعر بدنها بجهل ، ربما خجل ؟. تعلقت الٱعين بحديث جاهل وصامت وتحدث قلبه حينها بلغة مفهومه ، أن هذه الانثى اخذت قلبه بالفعل دون دراية منه كيف ومتي ولما هي من الأساس ، فارق وتعمد البُعد ومنع نفسه عنها وعن رؤيتها والان تأتي هي له بكل سهولة ؟ ،  تحركت عينيه بعشوائية وهو يتنحح بحرجٍ ثم قابل عيني "غسان" التي تراقبه وعندما لاحظ  قدوم "حنان" من بعيد ونظرات "عز" الذي لم يغفل عن شئ كهذا مهما كان وضعه ، حينها أشار له "غسان" بأن ينهض بنظرة عينيه ، علم ان قربه بجلسته مشكوك به فنهض رغماّ  عنه يقف مع "وسام"و"جنة" !!



وقف الشباب مع زوجاتهم ووقفوا جميعاً في العموم عندما إعتلت الموسيقي بقوة في المكان تعلن الرقص الصاخب  للعروسين مع رقص المعازيم والشباب حولهم ببهجة .. نهضت الفتيات ، وجلست"ياسمين" بضجرٍ بجانب والدتها مع نظرات "حازم" المحذره لها حتى وعدها انه سيرقص معها على لحن هادئ وليس صاخب ،  ونهضت "نيروز" تقف مع"فريدة"و"وردة" حول "جميلة"و"منة" ونهض"بدر"و"حازم" ناحية الشباب ليقرصوا مع "عز"و"شادي"،. بينما جلست "فاطمة" بصمت صمت لشعور ما حدث بكسرةٍ عليها والى الٱن يتوجب عليها الصمود ، وجدت "ٱدم" يقف أمامها ثم مد يديه لها برفقٍ وهو يقول :




        
          
                
_" قومي يا فاطمة مع البنات ، عيشي ومتوقفيش حياتك على حاجه كانت صح انها تحصل!!"



نظرت نحو كفه ،  وترددت بأن تتمسك به بل بهذه اللحظة لم تهتم للناس ولا النظرات ولا المناسبه بل أدمعت عينيها وهي تصارحه بما تحمل همه :



_"خايفه ابقي حمل تقيل اوي عليك أنا وهم وعلى بدر .. أنا دماغي تعباني اوي يا ٱدم  دماغي وقفت ومش عارفه افكر فحاجة!"



أمسكت حينها بكفه  ودفعها لتقف بمواجهته برفقٍ ، ابتسم ببساطة وهو يمسح على وجهها ومسح بإصبعه ما بجانب أهدابها ثم قال بتنهيدة يطمئنها :



_"وأنا مش عايز  دماغك تفكر أصلاً ..بس خليكي عارفه ان كل حاجه هتبقي كويسه ، اوعدك ان مفيش حاجة هتتأثر باللي حصل وحبايبك فالحفظ والصون ..الحاجة الوحيدة اللي عايزك تفكري فيها وتعرفيها انك لما تكوني وسط إخواتك وعيلتك متشيليش أي هم !!"



حركت رأسها وهي تبتسم بهدوءٍ ، وجعلها تتأبط ذراعه وهو يطالع فستانها القماشي الهادئ ،  وقتها كان قد غمز مع صافره يشاكسها بحبٍ وهو يقول :



_"حلاوة فطوم لا يُعلى عليها  كدة كدة !!"



ضحكت بخفةٍ واستطاع أن يهون عليها ولو بذرة واحده، سارت معه ناحية منصة الرقص الكبيره التي كفت كل من تبع العروسين والعروسين الٱخريين، ومن لاحظ احتواء "ٱدم" كان "حامد" الذي تنهد وهو بتنفس بصوتٍ مسموع ..



تلك الفكرة الموجوده دائماً في الحياه ان في لحظات السعادة دائماً ما نجد لحظة حزن يمكنها بٱن تختفي او لربما ستأتي بعد ذلك !! ، كل منهم لديه الحزين والسعيد ..وان وقت الحزن سيأتي له وقت وسيتحول الوضع للحظة واحدة من الفرح من المحتمل !! ، تغير الاقدار المفاجئ حينها قد يكون اجمل شئ ووقت ٱخر قد يكون أصعب ما يمر على الإنسان حينها!!



تجمعات وأصوات داخلية وخارجية ..شخص يحمل هم لحياته. القادمة وشخص ٱخر مضطرب بشعورة ومشاعره أو لربما شخصان من  نفس العائلة؟! ، وشخص ٱخر يتمني دوام الحال علي هذه اللحظات دون تغير، وٱخر به بعد القلق لأن الحياه لم تقف معه وان وقفت بلحظة ما تسلب منه كل ذلك بغمضة عين ، وٱخرون وٱخرون ، وٱخرهم شخص يسوده التوتر لما هو قادم من تحديد مصير لحياته ، كل منهم يحمل داخله أكثر مما يظهر عليه ، دائماً ما تكون المظاهر خداعه وبقوة !! ، يستمر الوضع بالرقص معهم تاره والرقص بمفردهم تاره أخري ومن ضمن رقص العروسين رقص هادئ  والٱن هو يضع يديه علي خصرها وهي على كتفيه تتعلق الٱعين ومعهما هما تتحدث بحديث معلوم ومكشوف، تنهد "عز" بحرارة وهو يطالع وجهها وعنينيها وقال جملته الذي كررها كثيراً منذ بداية اليوم :



_" انا مش مصدق نفسي وربنا ..خايف ليكون كل ده حلم ، حلم جميل !!"



يهزمها دائماً بالحديث، وهي التي الي الان تجهل هذه الأمور ، تشعر بالتوتر والارتباك وأشياء كثيره ولكن لطالما هي بين أحضانه وكل الأنظار عليها ونظرتها هي لم تكن الا عليه هو حينها رددت بسعادة بالغة :




        
          
                
_"بس انا صدقت ..بقيت بصدق أي حاجة حلوه من غير خوف ، من ساعة ما بقيت من نصيب عز الرجال !!"



أقل حرف بمشاعر يؤثر به ، يحمد الله انها ليست بارعه كي لا يفعل تأثره اي تهور منه ، ابتسم بإتساعٍ وشعر بأنه يملك العالم وما عليه ، فقط يتمني ان تنتهي هذه. اللحظات معه علي خير وان تقف معه الحياه ولو مره واحده بالخير إلى النهاية !!!



_" ليه خايفة ؟"



سأل "شادي" سؤاله بلين وهو يتمايل معها بهدوءٍ وسكون ، طالعته وهي تبتلع ريقها وعينيها التي تتحرك نحو عائلته من شقيقه وشقيقه الآخر وحتي زوجته وبعض من أولادهم الشباب التي لم تتعرف عليهم ولأول مره تراهم بالزفاف بسبب عدم مجيئهم عقد القران ولا زياره لها ، فقط علمت من إشارته لها وهو يعلمها ، لم تستطيع الجواب ولكن عدم الراحة الذي بداخلها يداهمها بقوه ،  فهمها لذا ردد وهو يشدد مسكته بكفها :



_"متركزيش مع حد ..خليكي معايا انا ومتخافيش!"



_"مكنتش بخاف.. دلوقتي بس ابتديت أخاف ..لما حبيتك ..ولما حسيت إنك شايل كتير جواك ومخبيه !!"



فهمها وفهمته دون حديث كثير ، لم يرد ان يفتح حديث ان فتحه سيفح باب الوجع معه ، فقط ينظر لها بعمقٍ  فتقابلت عينيها مع عيني "والدها" والذي كان يقف على بُعد وعينيه الٱن تهبط الدمعه الذي لم يستطع حبسها وقتها كان يقف بجانبه "حامد" الذي ربت علي كتفه بمواساة وحديث  عادي بفهمه لهذه الحاله !!..



وقتها إعتلى صوت المنظم برقص العروس مع والدها وشقيقها ، وذهب "حازم" ليمسك يدي "جميلة" بسعادة كما مسك "طارق" ايدي"منة"، ورقصوا معاّ على لحن الكلمات كما  تقدم "عز" هبوطاً من على المنصه ليأخذ   يد "فرح" شقيقته ليرقص معها ، وأمسك "بدر" يدي",فاطمة" ليرقص معها ، ووقفت "نيروز", تنظر بتأثر بجانب "غسان" الذي علم أن هذه الاغنية ستسقط دموعها لا محال  لم يتركها ومن رقص مع "وسام" كان "بسام" ، وجلس "شادي" بركن يمسح عرق وجهه بانهاكٍ ، أخرجت "فريدة" هاتفها تقوم بتصوير هذه اللحظه تزامناً مع دموعها التي تسقط بسعادة وتأثر والٱن تعي كيف ستفارقها شقيقتها من المنزل!! ، ٱخرج "ٱدم" منشفة ورقيه من جيب حلته ثم وجدته يقف بجانبها ويديه تمتد لها بالمنديل ، فأخذته وهي تغلق الهاتف مع قولها العفوي المتحشرج :



_"مش عارفه بنموت فالنكد ليه!"



قالتها بضحكة رقيقه مع دموعها  فوقف هو ينظر لها بصمتٍ وهو يبتسم فقط ابتسامة صغيره حتى انتهت فرد بتلقائية :



_" مفيش حاجه تستاهل ان دموعك دي تنزل!"



_" جميلة تستاهل، انا اتعلقت بيها اوي فالفتره اللي فاتت، مش عايزاها تمشي بس لازم !!"



رقيقه عندما تكون هادئه بأسلوب جديد وليس منفعل جامد حاد ، ربما حدث ذلك بسبب الدموع ،. ضحك بخفةٍ كي يواسيها ثم قال:




        
          
                
_"صح لازم ، اكيد هيجي يوم وتطلعي انتي كمان من البيت!"



اهتزت نظراتها وحاولت اخفاء ذلك   ثم ردت عليه عندما شعرت بأنها محاصره بالرد :



_"مش عايزه .. مش بفكر فكده دلوقتي!"



تحاول جاهده ان تقطع اي أمل تركته وتحركت من جانبه ، فوجد هو "غسان"  يميل عليه مردداً بكلمات مشفره على فجأه :



_"مفيش حاجة بتيجي بالساهل خد بالك، اوقات  الصبر بيكون حلو!"



علم انه كان ينتبه معهم ، كان يقف بجانبه ، حرك " ٱدم" رأسه باندفاع ناحيته يستفهم وما ان  علم معني قوله رد بيأسٍ :



_" مش مهم !"



كابر كونه يقتنع ان الذي حل به كان مجرد اعجاب ليس أكثر، طالعهه "غسان" بتشككٍ ولم يتعمد الاطاله بذلك الحوار ، بل وجد "نيروز", تجفف دموعها وتغلق هاتفها ثم حركت رأسها فوجدته يسألها باهتمام وكأن الامر عادياً :



_" ها خلصتي عياط ؟"



ضحكت من بين عينيها اللامعه ، ورمشت بأهدابها ترد بنعمٍ مع هزة رأسها فاعتلت ضحكاته بقلة حيلة وهو يمسح أسفل عينيها أثر الكحل ..



كان الرقص في البداية صاخب مع الشباب وتاره مع العروسين ، وانتهت برقصهم مع فقرة الأب والأخ ، وحتي الأم وهذه التي كانت متأثره بكثرةٍ ، وأخيراً ٱعلن المنظم عن انتهاء الحفل وأخذ صورة جماعية!! ، ونهض الكل يرحل وقت مع وقت حتي خلت القاعه نسبياً ووقف الكل بالخارج أمام السيارات الكثيره يودعون العروسين .



كان الاجتماع من العائلة فقط ، عندما وقفت الفتيات والنساء بحديث عشوائي متداخل أمام "منة"و"جميلة" وكذلك الشباب والرجال مع "عز وشادي" بحديث شبابي شقي ومتبجح و تاره اخري وقح بينهم وبين بعضهم!!



_" عليا النعمة يا عز لو اختي جت زعلانه فيوم هزعلك!!"



كان قول "حازم" مضحك بعد كونه متأثر ولم يرد قول حديث كهذا بهروبه من مشاعره المتداخله بفراقها ، ضحك الشباب والرجال عليه وكذلك ردد "طارق" بخبثٍ لـ "شادي" :



_" مش محتاج أوصيك يا شادي علي بنتي.. منة انا مربيها كويس أي حد يزعلها تزعله الضعف !!"



وضع "شادي" يديه علي وجهه بكل ركن كانت قد ضربته ولكمته به من قبل ذلك ورد بخوفٍ واستسلام زائف :



_" انا عارف يا عمي  ..انت هتقولي .. فاهمك فاهمك!!"



ضحك من فهم وبعد دقائق إعتلى صوت هاتف "حازم" على فجأه تزامناً مع قول "ياسمين" التي نبهته بصوت مرتفع:



_" ما تيجي يا حازم تكلم جميلة عايزه  تحضنك قبل ما نركبها العربيه يلا !!"



أشار لها بيديه بالصبر وبهذه اللحظه الكل كان يترقب ما يفعله من تجاهل كي لا تسقط دموعه ، أخرج هاتفه تزامناّ مع قوله وهو يرد عليهم وعلى من  اعتلى صوتهم ليشجعونه على عناقها بعدما فهموا ما يفعله من هروب:




        
          
                
_" استنوا بس هرد على التليفون وساعتها هحضنها وهرجعها معانا البيت كمان ومش مهم عز   ماشي؟"



ٱيدوه ببهجةٍ وصوتٍ عالٍ  ونفى فقط "عز". بضحك هو و"غسان"و"حنان" ، وقبل هذا القول بدقيقتين ، ركبت "منة", السيارة بفستانها الضخم بعد وداع الفتيات لها وكذلك "والدها", الذي  عانقها بشدةٍ حتى  ركبت وانحني يردد ويحثها على أن تنتبه على نفسها ، ومع ذلك احتضن الشباب "شادي" وخاصةً "حامد" الذي أوصاه بالتعقل والتفهم والصبر، حينها امسك يد "دلال" ورحل إليهم مره اخري بعدها ، فوقف "غسان" يخرج من أحضانه حتي ربت علي ظهره بتشجيعٍ ثم قال :



_"   خلي بالك وانتَ سايق ، قدامك يجي ساعه وأكتر على ما توصل ، إبقي طمني عليك !!"



أومأ له والٱخر يعلم بأنه سيتجاهله ولم يفعل ذلك ، فغمز له "غسان" بوقاحةٍ ثم دفعه بمشاكسة وهو  يقول:



_"  يلا يا عريس..ربنا معاك ومع الف سلامة !"



بادلة الغمزه وركب بجانب "منة", في الأمام وهو يدفع فستانها الضخم بضيقٍ حتي ركب أخيراً وهو من سيقود في العوده سيارته هو ، ضحكت علي دفعه لها بفستانها وهو يقول:



_"كل دا فستان .. حوارتكم طول عمرها كبيرة ..بس أحبكم أنا !!"



غمز لها بمراوغه فإعتلت ضحكتها وتزامناً مع ذلك تحركت السيارة مع ردها المحذر بمرحٍ :



_". متجمعش يحبيبي .. انت تحبني أنا  و بس !!"



.. عودة للدقائق الٱخيرة عندما رد "حازم" :



_«استنوا بس هرد على التليفون وساعتها هحضنها وهرجعها معايا البيت كمان ومش مهم عز   ماشي؟"»



حينها عاد"غسان" يقف بجانب"نيروز", متابعاً ما يحدث ، وعندما أخرج "حازم" هاتفه زفر بمللٍ ولأن وقفته كانت بجانب"بدر" سأله باهتمام:



_" مالك قرفان ليه!!"



_" الرقم دا قاعد يرن عليا من العصر ومكنتش فاضيله ومعرفش مين دا اصلاً !!"



أشار له "حامد " وهو  يحثه بعقلٍ :



_" رد يبني يمكن حاجه مهمه ولا شغل ورزق جايلك ، مش هتخسر حاجه يلا خلينا نمشي واختك تروح مع جوزها ..بلاش الحركات اللي مخليه الواد عز يقف على أعصابه كده !!"



ضحك "عز" وهو ينظر نحو "حامد" بقلة حيلة،  فوضع"حامد " يديه علي كتفه بحبٍ وفهم"عز". نظراته له جيداً ، فتح "حازم" الخط بعدها سمع حديث " حامد " وأيده بيأس تحت النظرات المهتمه وضع الهاتف بجانب أذنه يرد مشيراً لهم بإخفاض صوتهم او التوقف عن الحديث ليسمع الطرف الٱخر ولبوا ما فعله وما يريده عندما سكن المكان والحديث ورد "حازم " بنبره هادئة :



_« ألوو !" 



جاءة صوت الطرف  الٱخر برسمية :



_« معايا  أستاذ حازم سليم الأكرمي ابن المحامي. السابق سليم الأكرمي؟!»




        
          
                
عقد ما ببن حاجبية واجاب بنبره عادية يؤكد يحاول عدم القلق الذي دب به :



_« أه أنا خير ؟!»



_« احنا بنطلبك بقالنا كتير علشان تيجي تستلم جثة والدك و  ..!!!!»



صدمة ؟؟ ردد هذه الجملة القاسية عليه دون شفقة ، وعدم اكتراث الطرف الٱخر لاعتيادة على ذلك ، وبالنسبه له هو ففتح عينيه بصدمةٍ وتحولت ملامح وجهه  للشحوب ،  لا ما سمعه ليس صحيح أبداً عن اي جثه يردد ، عينيه المفتوحه وإهتزز جسدة الذي جعل يديه ترتجف وهو يحاول جاهداً مسك الهاتف بما يملكه من قوه ، قوة  تبخرت في الحال عندما لاحظ الكل اهتزاز جسدة الذي مال إلى الخلف وأسنده "غسان" حينها بسرعةٍ  بغرابةٍ ، أين الدموع ؟ وأين عقله واين  ذهب تركيزه في عدم السماع للحديث الذي يكمله عليه. الطرف الٱخر بالتفاصيل ،  حرك رأسه نفياً ، وسألته "عايدة" بإندفاعٍ عندما لاحظت تغير حاله وبقلقٍ :



_" مالك يا بني ؟ ومين دا اللي بيكلمك ، خير في ايه ؟؟!"



توجهت حينها تقف بجانبه بقلقٍ وردد الشباب حديثهم بتساؤل متداخل ، فحرك رأسه بتيهه وهو يسمع الطرف الٱخر يردد بنفاذ صبر:



_« انت معايا يا أستاذ ؟؟»



تاه وجاهد على أن تخرج منه الكلمات رغم شعور أنفاسه الٱن بأنها تُسرق حينها وقفت "ياسمين" تضع يديها على ذراعه تستعلم عن وضعه المقلق بالنسبة لهم ، فرد هو باهتزاز على المتصل. وصوته المتقطع المتحشرج أثار ربيتهم :



_« قولـ ..قولتلي أجي استلم الـ .. الجثة أمـ ـته ؟؟"



كانت الكلمات قاسيه، ونظروا جميعاً بغير فهم ، وعند كلمة جثه ظهر خوف الكل ومن انتبه لهذه الكلمة بتخمينهم صُعق ، أي جثه هو مسئول منها سوي "سليم"و"حسن" المتغيبين عنهم كعائلة !!  ، شَحب وجه "جميلة" وهي تتأبط ذراع "عز", عندما سألته بخوفٍ وهي تبتلع ريقها :



_" جـ  جـثة مين يا حازم  اللي هتستلمها .؟"



سألته بخوفٍ ، ونظر الكل بترقبٍ ووقفت "فريدة", بجانب"ٱدم"و"زينات " بملامح وجه جاهله قَلٌقه ، فرفع "حازم " عينيه يأمر "عز" بنبره خاوية عندما اغلق الطرف الآخر الخط :



_" خد جميلة وامشي يا عز !"



ماهذا القلق والتوتر ؟؟ ، سأله "عز" بقلق ظاهر' :



_" في ايه يا حازم ؟"



_"بقولك خدها... وإمشي يلا!"



قاله بنبره مختنقه بُحت فحاوطته "ياسمين" بذراعها تسأله بخوفٍ :



_" في ايه يا حازم مالك ؟"



وقف بخواءٍ وبهذه اللحظة لم تقوي قدمية على التقدم نحو "جميلة", التي وقفت ولم تتحرك تنتظر فقط رده معهم ،  نزلت دمعته بغير تصديقٍ وأمسك رأسه فسحب "بسام" مقعد سريعاً ليجعله يجلس وقبل أن يجلس لمعت عينيه ثم خرجت منه شهقه رجولية ظهرت وهو يقابل عيني "فريدة" التي سألته بخوفٍ :




        
          
                
_" جثة مين يا حازم رد علينا عشان خاطري !"



تقدمت "جميلة" تمسك كفه والدموع تتجمع بمقلتيها علي حاله دون فهم ،  ورفع رأسه بعينيه التي إحمرت ونظر بقوة في عيني "فريدة" وهو يردد بنيره مبحوحه مختنقه ضعيفه تائهه منهزمة  :



_" ابوكي ما ت!"



شهق الجميع ، ولحظات من الاستيعاب إلى أن صرخت "عايدة" بغير تصديق  كما صرخت "زينات"، ووقفت "جميلة" تحرك رأسها بنفيٍ، تنفي بهستيرية الجملة وقعت عليها كسيف ضربها   من خلف ظهرها دون دراية منها ولا حساب لذلك !! ، يوم زفافها؟؟ في يوم زفافها يرحل والدها ؟؟ كيف؟ ولما لم تعدل الحياة معها ولما هو يظلمها  دائماً حياً ٱو ميتاً ، هبطت الدموع منها وسط هذا الصراخ ونفت وهي تردد بنبره باكية  متقطعه :



_" لا .. انت بتهزر ..صح ؟ قولي ونبي وانك بتهزر... يا حازم ارجوك..!!"



حاول "عز" السيطرة سريعاً عليها وصدمته من ما يراه ويسمعه موجوده ، في حين سقطت "فريدة " مغشياً عليها في الحال ولحقها ذراعي"ٱدم" الذي حملها بخوفٍ متجهاً بها نحو اي طاوله من الداخل وهرولت خلفه"فاطمة"  التي بكت بغير تصديق ، لم ينتبه الكل  بسبب ما هم به من صدمه ووضعت "نيروز" يديها على أذنها كي لا تسمع الأصوات وبكت بخبيةٍ لم تراها من قبل كيف؟ كيف ذلك ، حاول "غسان" إخراجها من هذه الحاله ولكنها دفعته عنها بعزم ما لديها وهي تركض لتدخل بين أحضان "جميلة" ببكاءٍ شديد ، ووقفت "وردة" تبكي وهي تدفع "زينات" كي تكف عن البكاء ، بينما انحنت "ياسمين", بصدمة تتظر نحوه وهو جالس بعالم غير هذا العالم ، انحنت تضم رأسه ناحية صدرها وحينها هبطتت دموعها بقهرٍ عليه أكثر من قهر الموقف وقهر ما سمعته ، إلى متي سيتحمل إلى متي ؟! ، حاول "عز" السيطره علي حركة"جميلة" وبكاؤها حينها وقفت"حنان" تحث "عز" بلهفة علي الهروب من ذلك الموقف بها ، عندما رأت حالتها هذه ، حثته علي الرحيل في الحال كما حثه "حامد" باختناقٍ أبت السير معه ولكنها تحركت بغير وعي في النهاية وهي تشهق بتمزق تنفي فقط بهزة رأسها وكأن وضعها وعقلها يستنكر ذلك بقوه ، انحنت "عايدة" تجلس على الدرج من خلفها  ووقعت بين احضان النساء المواسية كما كانت "زينات" ،  لم تفوق "فريدة" وهرول بها "ٱدم" مع"فاطمة" ناحية أحد السيارات ومعهم الاطفال للرحيل ، وجلس "حازم" ساكناً بأحضانها يستنكر ما حدث ودموعه تردف شئ ٱخر بتاتاً ، والٱن "نيروز" تبكي بأحضان "وسام"و"غسان" ، وذهب "بسام" سريعاً خلف من أُغشي عليها  ..جاءت لحظة الوجع ولم يستنكر الجميع  ظلم الحياه معهم دائماً ، الكل  بحالة من الصدمة مهما فعله الٱخر ولكن ما حدث وما سمعوه بوقت كهذا يكسر الكل بطريقة قاسية .. قاسية جداً ..



_"قوم ي بني ..قوم لازم تبقي جامد  ، قوم خد عزا أبوك وخلي بالك من اخواتك وأمك ..انت اللي باقيلهم !!"



قالها "حامد" بمواساه وهرول "بدر", يفتح السيارات كي يرحل الكل من هنا و تزامناً مع. وقوف بعض من فريق تنظيم القاعه يسندوهم ويواسوهم بعدما علموا الوضع الكاسر هذا ، نهض "حازم" بقهرٍ وعينيه لا تري سوي وجه والده في ٱخر مره كان قد رٱه بها ،  وعندما تركته ينهض واعتدلت هي تبكي بوجعٍ وجد "غسان" يدفعه بأحضانه فبكي الجبل وإنهار  حتي خرجت شهقاته بقوة  وهو يردد بنبرته الباكية المقهوره :



_' راح يا غسان ..راح وأنا اللي كنت قاسي عليه فالٱخر ومعملتش ..حسابي ان ده يحصل بدري كده..!!"



ضمه "غسان" بوجعٍ وسقطت دمعته الموجوعة لأجله ليس لشئ ٱخر ضمه وهو يشدد بعناقه  رابتاً على رأسه وظهره،والكل يسند  من يجده أمامه للرحيل ، من المفترض أن الرحيل في هذا اليوم كان بكل سعادة وبهجة الٱن الرحيل  بكل هذا الوجع شئ ٱخر وكان هذا الرحيل".رحيل غير متوقع "!!
«الحب يأتي دون سبب، ليس هناك قيود له، لا يأتي بمال؛ ولا يؤخذ بجمال؛ 
ولا يقاس بِعُمر هو قدر!!»- محمود درويش-
كانت حالتهما معاً عندما رُبط القلبين بحبٍ ، إختارته رغم قوانين حياتها الموضوعه بحزمٍ. فتاه رياضيه حازمة لم تكن يومياً لديها علاقات ، عكسه هو ، ورغم أنه كذلك لم يشعر مع غيرها بما شعره معها ، هناك ثمة شئ يأتي على الإنسان بشعورة عند النظر لأحدهم  شعور الدفء حتى وإن لم يكن الحديث بينهما كذلك ، شعور الأمان والإطمئنان، حياته كانت قاسية بالشعور رغم حالته الجيدة  لم يعاني يوماً من المعيشة ، ولم تكن هذه النقطة كل شئ حتى ينعم بالراحة , شعور الوحدة والغربة رغم من حوله سئ!! ، سئ ذلك الشعور وإن نظر بجانبه فلم يجد هو أحد ! أين من البداية أشقائه ؟! ، تحمل كثير وإقتنع ان هذه هي الحياه معه ورارتضى بها كون ليس بيديه شئ ليفعله ، لم يستسلم الا للشعور بيما الحياه جاهد بها إلا أن وصل بنفسه دون مساعدتهم ، ولولا كتف الصديق ٱنذاك وبعد الٱن وحتي الٱن لما تجاوز هذه المحن ، بينما هي كانت وحيدة بالمعني الحرفي لم يكن لديها أم تقترب منها بالهمسات والحديث والعقل والتفهم ، كان والدها لها كل شئ ورغم ان لديها أصدقاء ولكن دائماً ما تعتبر بأنها تختلف عن الٱخرون ، ليس تعالي ربما كان شعور سئ يجتاحها بين الحين والٱخر وعندما تقابلت عينيها معه منذ أن تخلل قلبها حبه شعرت بالإحتواء وان ذراعيه الوهمية تحاوطها ربما عاش حياه تتشابة معها بإختلاف عدة نقاط، وبالنهاية الزواج أُلفة وقرار جيد نافع نقي وحماية للروح من المعاصي وبدء حياة جديدة معه كانت النهاية لوحدتها بشعورها وكانت النهاية لوحدته الجدية بالفعل!!

عقلهما مغيب عن ما يمكن أن يحدث أو ما حدث بالفعل دون علمهما قبل هذه الساعات  التي قُضيت بمفردهما !! ، حيث وقتها أو ما بعد هذه العقبه عندما وصلا شقتهما وقُضى الوقت بعدها بتوترٍ سائد من الطرفين ، بينما هي لأول مره تفارق "والدها" أين هي الٱن؟ وكيف تجلس في شقته معه بمفردها ؟! ، يسأل عقلها الحازم الذي كان  دوماً يضع الحدود ، أمسكت الهاتف كي تدق على "طارق" والدها وتطمئن عليه ، في هذا الوقت ؟؟ أم ان عقلها يستنكر وخائف؟ ، حينها  تتذكر بأن من قاطع فعلتها هذه صوت دقات الباب الهادئة فهتف هو من خلف الباب حينها همهت له بالدخول وهي تعتدل تخفي الهاتف، وجدته يدخل  ممسكاً بزجاجة مياه صغيرة بيدية ،  وقف يتطلع مظهرها بخصلاتها القصيرة وحتى عينيها التي تدور بمكان ٱخر غيره وتشبتها بالهاتف بين يديها ومهلاً  عينيها لامعة ، تلهف وهو يترك الزجاجة ثم جلس فتحركت هي بعفوية بعيداً قليلاً. بينما حاوطها هو بذراعه من ناحيته وهو يسألها بقلقٍ ظاهر :



_"ايه دا إنتي معيطة ؟"



خجلت من ذراعيه الذي يتملكها بكتفيها. وظهرها مقرباً منها ناحية صدرة كي تستند براحةٍ  بينما حاولت هي التحرك تمسح عينيها ثم أجابت بابتسامة مهزوزه :



_" لا  مكنتش بعيط !"



إعتدل "شادي" ينظر ناحية عينيها ثم قال بعمقٍ وهو يمد كفه يحتوي كفها بين يديه:



_" مببعرفوش يكدبوا يا منة .. إنتِ خايفه مني ؟؟"



شعر بخوفها من ارتباطها به بحياتها القادمة ، حركت عينيه نحو يديه التي تمسك بيديها ثم تشبتت هي بأنامله ورفعت عينيها تقابل عينيه وهي تجيب بصدق :



_"بالعكس..أنا بقيت مطمنة .. بس قلقانة ..!!"



وأكملت  وهي تنظر حولها وكأنها تستوعب للتو :



_"عمري ما نمت برا بيتنا أو عمري حتي ما عدي يوم من غير حضن بابا اللي قبل النوم .. أنا بس داخله على حاجات كتيره وجديدة مخلياني تايهة !!"



إبتلعت ريقها ونظرت نحو عينيه نظرة وكأنها تخاف ان يفهم حديثها بأنه حديث فارغ ليس له معني  , قالت مخاوفها بصراحة علم بأنها تملكها ببراعة لذا أحب صراحتها كثيراً ووضوحها ، كانت تتحدث وكأنها طفله صغيره تردد أشياء عدة بترتيبها وكأنها كانت تعتاد على نمط معين وحُرمت منه ، رفع يديه يمررها على خصلاتها القصيرة ثم قال بنبره رجولية هادئة :



_" مش عايزك تايهه وانتِ معايا يا "منة" ، مش عدل علشان أنا  كنت تايه قبل ما أشوف عينك لكن بعد ما شوفتها  كل حاجة إتغيرت !"




        
          
                
يغازلها بتأثرٍ وشعر بعينيها اللامعه المتأثرة بكلماته ، أخذت أنفاسها ببطئٍ ، ففرد ذراعيه يحتضنها وهو يربت علي ظهرها مردداً مره اخرى يشعرها  بالأمان:



_" يمكن ساعات بعرف أقول كلام حلو وساعات تانيه بقول كلام مفيهوش ريحة الجد ويمكن دا كمان يزهقك ويحسسك إن مشاعري واقفه أو مبحبكيش إلا لأسباب معينة ..بس والله العظيم أنا بحبك وعمري ما هأذيكي، ومبسوط عشان بعد كدة اللي جاي في حياتي هيكون  مع "منة "  وهشارك فيه "منة" "



حركها بخفةٍ فأصبحت جالسه بمواجهته ، فإعتدل هو وهو يمسك وجهها بين كفيه مردداً مره أخرى بصدقٍ غلفه حبه لها :



_"منة اللي هي منه من ربنا ليا  وجت فوقت مكنتش عارف فيه أنا مين، بس هي عرفتني إن الحياه سند وحب مش بس من الناس اللي من دمك ، من الناس اللي قلبك يختارهم عشان يكملوا معاك للأخر !!"



سألها وكأنه لم يتزوجها وانتهي به الحال بوجودها في منزله :



_" موافقة تكملي معايا اللي جاي من عمرنا ؟"



أدمعت عينيها بتأثرٍ وهزت رأسها بنعمٍ ورفعت  وجهها أكثر وسألته بخوفٍ لأول مره يظهر عليها :



_" هتستحملني ومش  هتزهق مني ؟!"



_"أنا إستحملت كتير وأنا لوحدي وكافحت مع ناس عشان مبقاش لوحدي وفالٱخر سابوني لوحدي ، تفتكري انتي بعد ما ربنا هداني أجمل هدية وأجمل ونس هضيعه من إيدي وارجع ابقي لوحدي تاني ؟؟"



نفت برأسها وحينها رفعت ذراعيها تحاوط ظهره بتشبتٍ وأسندت رأسها على كتفيه تسأله بجديةٍ عميقة :



_"   ممكن بعد كده تشاركني وجعك؟ وجعك اللى خفيته، حتى لو عدى عليه كتير ، بس أنا  هبقى عايزة أسمعك!!"



تحثه بحنوٍ ، وتأثر من شعورها به ,حينها حاوط ظهرها  هو الٱخر بذراعٍ واحد ثم قال بإعترافٍ صريح :



_"انتي الوحيدة اللي بقا ينفع أشاركها  كل حاجة ، زي ما إنتي الوحيدة اللي خليتي شادي بيه بتاعك خرِع  وبقا أغلب كلامه جد زي دلوقتي كده ، جَد من أول ما خلتيه يدخل بيتكم من بابه وياخدك بالحلال !!".



ضحكت بخفةٍ ، وإحتضنت عينيه عيناها بحبٍ ، بينما بهذه اللحظة تفحصها بشغفٍ وحب ظهر بعينيه،  عندما إقترب يقبل  إحدي وجنتيها من الأسفل قليلاً ممراً يديه على خصلاتها يرجعها إلى الخلف ، وبعدما إعتدل ردد هو بمشاكسةٍ :




        
          
                
_" دا شادي بيه بقا يقرب من غير ما يتصد ولا يتضرب ، لقد هرمنا خدي بالك!"



صمت قبل ان تجيب وقال بصراحةٍ يعترف لها ما يشعره:



_" بصراحة الحلال حلو  بردو ، يعني لما أخد حاجه بالحلال وأقعد أستنى كده ولما بقي ينفع .. أحس بلذة الإنتصار والإنتظار ، عرفت ان كل حاجه فوقتها صح ، هاتي بوسة بقا من غير ضرب عشان  خاطري !!"



مرح بٱخر حديثه يخفي توترها ، وضحكت بقوةٍ رغم خجلها ، وضحك هو على ضحكتها العالية حتى هبطت خصلاتها فوق عينيها فرفعت يديها ترجع خصلاتها متمعنة النظر بعينيه وتقاسيم وجهه الرجولية وقالت بابتسامه واسعة راضيه :



_" وأم عيون قناصة بقت بتسكت وتعديها ، وهتديك بوسه عادي ما انت جوزي  بقا. ي بيه !!"



  لم تخجل وما فعله جعلها تندمج في الحديث ، إقتربت تقبل وجنتيه لأول مره فإستشعرت أنفاسه الساخنه على مقربةٍ منها ، ويديه التي تحضتنها برفقٍ، عندما اقترب  يقبلها بالمثل حتى ظنت انه سيبتعد مره أخري ..بينما بعد هذه اللحظة لم تتذكر إلا لحظة الإستسلام له ولمشاعره، رحبت بندائه ولبته تحت شعار الحُب وعلى كل ما حلله الدين، لأنها بالفعل بعد هذه المشاعر أصبحت  الأرواح واحدة كما أصبح الجسد جسد واحد على كتاب الله سنة الله  ورسولة ، وجعلها زوجته !! 



  كانت تتوقعه شخص مختل عقلياً أو ماشابة متسرع بحماسٍ غريب  بكل شئ يفعله ، بينما كان معها يرفق بها ، وعهدت منه الحنو واللطف واللين كما عهدت منه الحب من قبل ومن بعد!!..



« أما الٱن »
فـشرودها كله كان  بسير اليوم الخاص بزفافها من بدايته لنهايته كان أشبه بحلم وردي عاشته بالفعل ، ومن بين نظراتها الٱن  لخلو الغرفة  بمثل هذا الصباح وبعد خروجه للمرحاض وقعت عينيها عليه بعد لحظاتٍ وهو يعود ممسكاً بهاتفه وملامح وجه  كانت متحولة مائة وثمانون درجة حينها تيقنت بأن ثمة شئ قد حدث  بطريقنه لمسك الهاتف بهذه الطريقه ، قاومت خجلها  بوضعها هذا ، وابتلعت ريقها وهي تزيح الغطاء وكادت أن تنهض بينما توجه بملابسه الرياضيه الذي بدلها قبل قليل وجلس بجانبها على حافة ا الفراش بسكونٍ هادئ  وعينيه تنظر بشرود ، فرفعت هي عينيها متخلية عن أي شعور تشعره  ، ثم سألته بترقبٍ  وهي تضع يديها على كتفيه برفقٍ :



_"في ايه يا "شادي " مالك ؟!"



بينما كان هو بلحظة غير استيعاب عندما رأي نعي الشباب على الحالات دون أن يعلمه أحدهم بسبب مناسبته وما هو به ، في حين إبتلع ريقه وأشفق عليها كما أشفق على صديقتها ، وسأل كيف سيخبرها الٱن ان والد صديقتها قد توفي ، وكيف سيخبرها مره أخرى أن والدها عندما هاتفه وطلبه قبل قليل حثه على القدوم لمساندة الشباب دون أن يأتي بـ "منة" معه نظراً. لهذه الظروف ونظراً لعدم وجود "جميلة" بنفس الطريقه في بيت العائلة ،  وضعت يديها أسفل ذقنه كي ترفع رأسه ثم سألته مره اخرى بقلقٍ  ظهر على تقاسيم وجهها أكثر عندما وجدته بهذه الحالة:




        
          
                
_"مالك  حصل ايه.؟؟"



عقد العزم على أن يخبرها لم يكن لديه خيار ٱخر ، بينما هي فوقتها وانخراطها وانشغالها وحتي نومها  المتأخر واستيقاظها مبكراً  مثله جعلها لا تمسك هاتفها تتفحص به وتاهت عن فعل ذلك وان امسكته الٱن لعلمت ما حدث!! ، إعتدل يتنهد بصوتٍ ثم أخذ أنفاسه مستعداً لقولها بهدوء  وتمهيد كي لا تنصدم ، بينما يعلم أن القادم ليس هين أبداً لا عليها ولا عليه ولا حتي عليهم وعلى العائلة بأكملها !!



______________________________________________



«والآن أشهد أن حضورك موتٌ وأن غيابك موتان.»- محمود درويش-
تشهد بأن قلبها قد كُسر في وقت كانت به السعادة تغمرها بقوه فقط لأنها أصبحت مع من هون عليها الحياه ، بلحظة واحدة وأقل من هذه اللحظة ضاعت منها السعادة بغمضة عين وحل محلها  الوجع والحزن،. أي حزن وهي بفستان زفافها تبكي بحرقةٍ تاره وغير تصديق تاره ٱخرى ، أي حرقة من الأساس وكان هذا وضعها بأكثر يوم يمكن أه يسعد به الإنسان خاصةً ان كان يتلهف حتي يكون مع من يحب ، كيف الحال ودموعها تنساب بغير تصديق ، كيف حالها وكيف ستشرحة عندما شعرت بأنه حي يؤذيها وميت يؤذيها ، لم تعد تعلم من أين ستأتي لها الراحة مره ٱخرى ، أو من المره الأولى ، لم يكن لديها قدر من سعادة ما بأي شئ ،  ملت من ذرف الدموع في الحياه ، تحاول تذكر شئ جيد كان حدث لها ، وجهها الأحمر وعينيها التي كانت بنفس الحالة وحتى وجهها الشاحب الذي لُطخ نسبياً بمساحيق التجميل, عقلها مغيب عن كل شئ حولها فقط تشرد بنفي ما يحدث لها بكل وجعٍ وألمٍ ،  هو الذي يتذكر كل ذلك ، عندما كانت الغصة المريره  تتوقف بحلقه و لا يستطيع ابتلاعهها



عندما اخذها وذهب ، رحل إلى شقتهما فوق شقة والدته ، الشقة التي كانت من المفترض أن تدخل بها ووجهها يغمره السعادة ، لا يعلم هو كيف استجمع قوته وأسندها إلى أن  دخلت  حتى مرت الدقائق وكانت تجلس القرفصاء تنكس برأسها وصوت شهقاتها يمزقه من الداخل ، هبطت دمعته علي حالتها وحاول التقرب منها كي يرفع رأسها وعلى فجأه رددت هي بصراخٍ لا تستوعبه هي نفسها :



_"  لا .. مـــماتـش ..مــمــاتش يا عـــز !!!"



حرك "عز" رأسه بنعمٍ متلهفه كي تهدأ حتي خلع سترته يضعها على الفراش وجلس بجانبها يضم رأسها ناحية صدرة بألمٍ ودخلت هي تبكي بحرقةٍ وصوتٍ شهقاتها يقتله حياً في الحال ، ئنت بتعبٍ وضمها أكثر وهي تبكي بصوتها هذا وهتفت بصوتٍ يغمره البكاء المُنهارّ:




        
          
                
_" أنا ملحقتش..والله العظيم ما لحقت أفرح .. ملحقتش حتى أشوفه مره كمان أودعه... كل ده مش حقيقه.. مش  حقيقي يا عز رد عليا ونبي !!!!"



قالت الكلمات ببكاءٍ وحرقه فشدد بعناقه لها وأنسابت دمعته وهو يواسيها بأعجوبةٍ وخرجت الكلمات بثقلٍ شديد :



_"أدعيلة يا جميلة ..إدعيله  ربنا يسامحة  ويدخل الجنه !"



تشبتت بقميصه ووجهها غارق  بالدموع ، وكان تحرك رأسها من ٱثر البكاء يحتك بصدره حينها صرخت بٱهات الألم العاجزة عن كبتها فشدد من قربها بخوفٍ وردد بلهفة مع نبرته المختنقه كي تكف عن الصراخ الظاهر والتي تكبته بوجعٍ عندما تنفث أنفاسها بقوةٍ ناحية صدرة التي تلتصق به برأسها :



_" خلاص عشان خاطري متعمليش كده فنفسك ..إهدي ..إهدي عشان خاطري يا جميلة.!!"



خرج بكاؤها المنهزم المعترف بالحقيقه ، حقيقة أنه رحل ، تركت تمسكها بقميصه ووضعت يديها الإثنان على وجهها تبكي بألمٍ، طالعها بألمٍ وشفقةٍ ولأول مره يعجز عن قول الحديث المواسي أو ان يطمئنها ، حالته من الداخل كانت لا تختلف عن حالها ، صوت شهقاتها يخدره تماماً لا يقوي علي النهوض ولكنه فعلها ، ولاحظ إرتعاش جسدها بالكامل فوقف بخوفٍ يسندها وحينها وقفت معه تسير  بجهلٍ للطريق بينما كان يعلم هو أين سيتجه ، أجلسها  ومد يده المرتعشة يفك عقدة حجابها الأبيض عنها وكانت مخدره تماماّ تبكي ولا تري من بين دموعها سوى طيف والدها ، أصبحت  بخصلاتها المعقودة بدائرة خلف رأسها وهو من فك كل ذلك بأعجوبةٍ ،  لم تسعفه ساقه للتوجه ناحية المرحاض كي لا تقع بأي لحظة بكل ذلك الفستان الضخم ، من بين بكاؤها وشهقاتها ، وجدته يرفع ذراعيها ويرجع إلى الخلف كي يقوم بفتح سحاب الفستان ، وعندما فتحة سحبه ببطئٍ من أسفل ذراعيها حتي أسندها لتقف ووقع علي شكل دائرة ، انحني ليحمله بقهرٍ حتي وضعه على أحد المقاعد ، وعندما وجد ملابسها الملتصقه علي جسدها من أسفله شعر بإختناقها وجلوسها مره اخرى بغير وعي لكل الذي يحدث عندما  ضمت نفسها بتعبٍ  تكاد لا تري من كثرة الدموع ، حينها كان بقدرته حملها ناحية المرحاض ، إنحني يفرد ذراعيه تحت ساقها ثم حملها برفقٍ وسقطت دمعته هو على وجهها بهذه اللحظة ، الباكي بسكون وكسرةٍ لا. يعلم عنها أحد كان هو ، وهي لديه شئ ٱخر !!..



أجلسها علي حافة حوض الإستحمام وفتح صنبور المياه عندما أسندها وهي تبكي ، لا تتوقف عن البكاء ، مسح علي وجهها يمسح أثار  ما به ومسح علي خصلاتها ومد يديه يأخذ المنشفه كي يمسح وجهها من اثار مساحيق التجميل،  وعندما وجد الملابس التي كانت من المفترض ان ترتديها عندما وجدها معلقه خلف الباب. ،. جذبها وبهذه اللحظة يبحث عن ٱخر مراحل الراحة وهي أن تغفو حتى  تهرب من الوجع ، مد يديه يلتقطه وعقد  العزم على أن يبدل ملابسها لطالما يحق له ، ولأن حالتها يُرثي لها  مغيبه عن فعل كل ذلك ، تتحرك معه بكل سهولة وفقط حتى خلع عنها ملابسها دون ان يفكر بعقل رجل لا يري سوي الجسد!! بل خلعها ببطئٍ وجعلها تعتدل أكثر كي  ترتدي الملابس التي بين يديه بخوفٍ منه ولهفه كي يصل للحظة نومها وإطمئنانها وراحتها رغم ان ذلك صعب الحدوث بحالتها هذه !!!




        
          
                
وخلال دقائق كانت بالفعل ترتدي ملابس مريحة ناعمه ، حينها مد يديه يمسح  على وجهها مره أخرى وهو يهمس لها برفقٍ من بين همساته :



_" بس .. بس إهدي !!"



وعندما إنتهي حاوط بذراعه خصرها وبالٱخر جذب ذراعها يضعه على رقبته كي يسندها الى الخارج ، وقفت بقوة معدومه القوة ،  تسير وعندما شعر  بأن ساقيها لا تحملها.  انحني يحملها رغم أعصابه المتروكة هو الٱخر ،وأسندها علي الفراش حتي جلس بجانبها يدفعها بداخل أحضانه وهذه المرة بكى الإثنان معاً بصوت مختنق،. يديها المرتجفة وجسدها المرتعش يزاد برعشته ، فمد ذراعه يجذب الغطاء سريعاً وفرده  عليهما حتى باتت بأحضانه يردد عليها الكلمات المختنقه المواسية ، ومن بين كل ذلك البكاء شعر بتمسكها بقميصه وهي تغمض عينيها ثم هتفت بتقطعٍ تطلب منه بخوفٍ شديد  :



_" متسبـ ـنـيش ..متمـشـ ـيش!!!"



كيف سيستطيع تركها على أي حال اعتبر الجمله له وهو يتملكها بذراعه مقربها منه أكثر ثم هتف بلهفة وإختناقٍ :



_" مقدرش  والله العظيم ما هقدر أسيبك .. متخافيش أنا جنبك !!"



ٱخر ما يتذكره هي انتفاضة جسدها بين ذراعيه وتشبتها بأحضانه بخوفٍ ودموعها التي تهبط حتي من بين غفوتها من كثرة الإنهاك ، وعندما شعر بأنها غفت قليلاً دون صوت حينها بكي بقهرٍ وانسابت دموعه لأجلها، هبطت منه بخوف اخفاه وكسرة حاول اخفاءها امام عينيها وهي بهذه الحالة ، ظل كما هو بهيأته وملابسه ، فقط لم. يخرجها من بين ذراعيه وأحضانه طوال الليلة الماضية!!



كل ذلك يعود إلى ذاكرته بوجعٍ  وتذكر بأنه لم  يتركها إلا في هذا الصباح الباكر  عندما كان جالساً في الخارج ينفث دخان سيجارته بوجعٍ 
" ..أما الٱن "فنهض يسير ببطئٍ وخطواتٍ هادئه يفتح الغرفه بهدوءٍ فوجدها نائمة لا حول لها ولا قوة ينتظر فقط إستيقاظها كي يطمئن عليها حتى يخرج ،  مسح على وجهه بتنهيدةٍ حارة، و دق  الباب بدقات هادئة ، فتوجه ناحية باب الشقة بهيأته هذه يفتح للطارق وما أن وجد "حنان" تقابلة بنظراتها المشفقه وهي تتطلع ملابسه وجهه ، هتف بنبره مختنقه ضعيفه يحثها علي الدخول عندما سبق ليدخل :



_"أدخلي يا ماما ..تعالي!"



دخلت خلفه وإلتفتت كي تصبح بمقابلة وجهه ، ورفعت عينيها تنظر نحوه بحزنٍ ثم سألته عليها بقلقٍ :




        
          
                
_"هي عامله ايه دلوقتي!!"



_"نايمة ، بس أنا مستنيها تصحى عشان أطمن عليها قبل ما أمشي !"



إقتربت "حنان" منه وهي تحبس الدموع بمقلتيها ثم قالت بشفقةٍ على حاله هو أيضاً :



_" هتمشي كده يا بني؟ روح غير هدومك وأغسل وشك وفوَق وأنا معاها متخافش !"



إبتلع "عز" ريقه ببطئٍ ،. فجهل عن حاله واهتم بها بخوفٍ ، حرك رأسه ينظر نحو صوت شهقاتها العاليه بالداخل ، حينها أسرع على الفور يفتح الباب فوجدها تجلس القرفصاء على الفراش تدفن وجهها بين يديها وساقيها ، تبكي بعد الإستيعاب وعلمت بكل هزيمة أنها أمتنعت حتي عن مشاركتهم الأحزان عندما وجدت نفسها في شقته ، لم ترفع رأسها بل وجدت ذراعه على ظهرها وخصرها يقربها منه وهو يستند بذقنه على   فروة رأسها بخصلاتها ، حينها هتف بتحشرجٍ  وصوته عن قرب من  أذنيها:



_"أدعيله يا جميلة  ، أدعيله وشدي نفسك وقومي صلي وإقرأيلة قرٱن، بس متقعديش مكسورة كده ، متعيطيش بقهرتك دي عشان أنا بتوجع فيكي يا بنت الناس  واللهِ ..!"



أمسك ذراعيها  بشدةٍ وكٱنه يكتم دموعه أمامها ، راقبت "حنان" الوضع من على الأعتاب وأنسابت دموعها، عندما رفعت "جميلة" رأسها بعينيها الحمراء  تردد بألم ووجع:



_" مشى !! مشى وسابني يا "عز" ، كسرني تاني بس المره دي الكسرة ٱصعب حتي ولو كان هو طول عمره  صعب !!"



هبطت دموعها بكثره وهي تطالع وجهه الذي هبط منه الدموع ثم قالت باختناقٍ وهي ترفع أناملها تمسح وجهه من بين التي هي به :



_"أنا اتكسرت أوي وفرحتي كمان إتكسرت،  قلبي واجعني أوي يا عز  ومعتش  ليا حد في الدنيا دي !!"



حاوط ذراعه  كتفيها وربت على فروة رأسها بلهفةٍ وهو ينفي بثقة حتي قال بثبات  حاول إظهاره مع نبرة كتم بها البكاء من جديد:



_" والله ما حد هيسكرك طول ما أنا موجود.انتِ  مش لوحدك ...مش لوحدك يا جميلة أنا جنبك صدقيني وعمري ما هسيبك!!"



لم تتفوه بأي حرف بل فقط تنساب دموعها بتيقن ما حدث لها ، حركت رأسها تنظر بتيهه نحوه ونحو أرجاء الغرفه ونحو ملابسها التي لو كانت بوضع ٱخر لماتت خجلاً ليس إلا ،  وجدته يمسك كفها بين يديه ثم قال بهدوء :



_" أنا همشي دلوقتي عشان أكون معاهم .. على عيني أسيبك غصب عني، مش هتأخر عليكي وأمي معاكي وفـ.."




        
          
                
قاطعت جملته  ببكاءٍ عندما قالت بخوفٍ  تزيد قوة مسكتها بكفه :



_"متمشيش يا عز ، متسبنيش... خدي معاك  عشان خاطري!!"



نفي برأسه  بقلة حيلة  ثم قال بقسمٍ يعلن قلة حيلته لها :



_" والله العظيم ما ينفع ، هنا  أريحلك، خليكي ولو عاوزه الدنيا  كلها أجبهالك بس  بلاش تيجي، أنا عارف ان نفسك تروحي بس بلاش منه ..بلاش عشانك وعشان حتى حلفان حازم وأمك!!"



صمتت بهزيمة لم تقوي على الإصرار خارت قواها بالحديث ، رفع يديه يمسح وجهها برفقٍ ثم لاحظ تقدم"حنان" وهي تفتح ذراعيها لها ، حينها تركت"عز" وارتمت بين ذراعيها تبكي بحسرةٍ وكسرةٍ ،  طالعها "عز" بألمٍ وابتلع ريقه بصعوبةٍ عندما وقف يفتح الخزانة كي يختار ملابس تليق بالخروج ويبدل حلته الذي لم يخلع منها قميصه المفتوح وبنطاله منذ أمس!!



________________________________________________



«لم أكن حاضراً ، لم أكن غائباً كنتُ بين الحضور و بين الغياب.»
- محمود درويش-
كان بالفعل بين الغياب والحضور خاصةً بعقله ، عاش يتحمل لكثيرٍ ، ماذا أهدته الحياة؟ يعيش دوماً دور المكافح بشعوره ليس إلا ، طاقة تحمله كجبلّ ود لو ينهار من كثرة شموخة ، الٱن يعلن قهره وقلة حيلته وكسرته ، موت الأب كسرة لم ولن يشعر بها سوى من شعرها بالفعل ، بينما هو ؟ لم يتوقع بأنه سيكسر كذلك ولا حتي شقيقته الٱخرى التي كانت تتعمد القسوة دون حساب لذلك ، وبين جلوسه الٱن بخواءٍ بعدما  فعل ٱخر إجراءات الخروج، ،  لم يشعر بأي شئ حتى بعد علمه بكيف مات والده !! ،  جلس  بخواءٍ والصمت كاسر بينهم ، بين الجميع والكل يجلس بشقة "عايدة" الٱن ،  جلس على المقعد بشرودٍ وصوت القرأن فقط هو من كان مرتفع بالمكان ، يستمع إليه الكل بدموعهم وهم متراصين بجانب بعضهم من "حامد" و"دلال" و"عايدة"و"زينات" و"سمية", وحتى "وردة"و"ياسمين"، و"نيروز" التي نظرت ناحية "غسان" الذي وقف أمام "حازم" هو وشقيقه وحثوه على النهوض ، لم يستمع لأي شئ ، والكل بحالة غير طبيعية ، هبطتت دموع "ياسمين" وهي تنظر بوجعٍ وعجز ، لم تسطع فعل شئ له لأول مره تراه بهذه الحالة الصعبة والساكنة بنفس ذات الوقت!!..



الملابس السوداء دائماً ما تشرح الحزن وأحياناً أخرى تُظهر الوقار والهيبه ، بينما هم ؟ هم جميعاً كانت ملابسهم سوداء خاصةً النساء بملابسهم الطويلة الواسعة ،  أخرجت "نيروز" منشفه ورقيه لتمسح دموع "ياسمين" وهي تسندها معها ناحية المرحاض كي تغسل وجهها لتأخذ أنفاسها حالتها كانت صعبة لـأنثي تحمل بأحشائها جنين ، والعجيب بأن الٱن من تسند ليست هي بل "نيروز" التي تتماسك ،  لأجلهم لم يغفل الكل بهذه الليله القاسية بقوا بجانب بعضهم على هذا الحال تارة تتبدل الأماكن وتاره يجلس آخرون يواسون ثم ينهضون ويجلس غيرهم بجانب أفراد عائلة المتوفي!! ، وقف "بدر" يمسك ذراع "حازم" وهو يحثه بصوتٍ هادئ غلفة الشفقه :




        
          
                
_" قوم يا حازم إغسل وشك وفوَق كدة ..قدامك يوم طويل  لازم تجمد فيه!!"



لم يرد، وكأن الحديث سُلب منه ، بل تاه وهو الذي يتوجب عليه الصمود؟ الي متي ؟ إلى متى أيتها الحياه؟ ، كانت صوت شهقات "عايدة" لا تختلف عن "زينات" مهما حدث ومهما فعل هو لهما  فقد تأثرا ، ان لم يكن بالحبٍ فقد كان من معاشرته لسنوات كثيرة مضي عليها الكثير!! .. تبحث عن ابنتها بعينيها كي ترتمي بأحضانها بينما تعلم بأنها مع "فاطمة" عندما اخذها "ٱدم" ناحية منزله أسرع بغفوتها هذه وفقدانها  للوعي وكان معه "بسام" الذي  تفحصها وعاد وطمأنها بالمختصر ، جلست هناك معهم حتى الصباح  وحتي اليوم الثاني بعيداً عن كل ذلك ، بينما والدتها تريدها الٱن وبقوة..



أما الأخري فقد كانت تبكي بقهر مرتين مره علي زوجها الذي رحل ومره أخرى عندما تتذكر كيف تلاشت فرحة ابنتها وكيف تلطخت سعادتها بهذه الطريقه وهذا الخبر الذي كسرها وٱخر ما رأته بعينيها قبل أن تذهب بعيداً عنها هي نظرة القهر والكسرة  حينها تبدلت نظرات "عايدة" للحسرة عليها عندما كانت  تستمع لحديث "حنان" المواسي عن حالهم !! 



وجدوا "عز" يدق الجرس ودخل دون حتي أن يأذن له أحدهم ، بل عندما رأي تجمعهم دخل ، تلهفت "عايدة" والفتيات سريعاً ، ونهضت "عايدة"  تمسك كتفيه وهي تسأله بخوفٍ مع  نبرتها الباكية :



_"طمني يا بني  وريح قلبي .. بنتي  عاملة ايه،.؟؟!"



بماذا يجيب عليها بهذه الحالة ، حرك "عز" عينيه نحوهم ثم عاد يرد وهو يربت على كفها بإطمئنانٍ :



_" متشيليش همها ، ربنا يصبرها  ويصبركم!!"



لم يعطيها عقاد نافع بالرد عن حالتها، وهرب من عينيها الباكية كما كانوا هم ، وحينها وقف بجانب الشباب ، وتلاقت عينيه مع عيني "حازم" حتى قال له بوجعٍ :



_"حقك تتوجع يا حازم ، موت الأب كسرة أنا مجربه من وأنا قد كدة ، بس  كل دا هيعدي صدقني، أمر الله ومش هيتعز على اللي خلقه إدعيله بالرحمة !!"



إبتلع ريقه بصعوبةٍ ، وتلاقت الأعين بعضها مكسور وبعضها متأسف ، لا يشعر ناحيته سوى بالأسف عن ما حدث ، ووجدة بجانبه الٱن كما كان يتأكد من انه سيسند شقيقته وسيجعلها أقوى !! 



_"خليك جنب أختي يا عز..إمشي وكإنك موجود!"



قال "حازم" جملته وترقب الكل للحديث ، فعاد ينفي "عز" برأسه ثم وضع كفه علي كتف "حازم" يحثه :



_"أنا جنبها وعمري ما هسيبها بس لازم أفضل فنفس الوقت هنا معاكم ، متقلقوش عليها معاها أمي وفرح طلعت لها تقعد معاها وأنا جاي، المهم تقف انت على رجلك يا حازم!"




        
          
                
حرك رأسه وهو يومأ له ، وعندما حاول النهوض أسنده ذراع "غسان" الذي  هتف يردد بإختناقٍ :



_" أصلب طولك يا صاحبي ، الحياة لسه عايزاك!"



إعتبره قول متأثر ، وأيد "بدر" حديث "غسان" هو و"بسام" فعاد "حازم" يعلن قلة حيلته هذه المره  بصوتٍ  مبحوح ظهر للكل :



_"أنا اللي مبقتش عايز الحياه، بس مجبر زي كل مره بقع وببقي مجبر أقوم وأكمل ، بس المرادي انا تعبان .. معتش فيا قوة يا غسان!"



هبطتت دموعه وإعتلى بكاء "عايدة" عليه هى و"ياسمين" التي عادت مع"نيروز" تستند عليها بحرصٍ ، تسمع لحديثه المتألم ، بينما وجد "حازم"  ذراعي"حامد " تحتوية بعاطفة إبوة ثم رد على  حديثه بوجع لأجله يحثه :



_"  قوتك فينا يا حازم يا بني، إحنا جنبك وبنقويك وقبل كل ده ربك اللي بيقوي، ارضي وأصبر وربك مبينساش عبد إتكسر خاطره كتير !!"



تنفس بأحضانه بأريحية وخرج حينها متجهاً ليغسل وجهه ،  وقفت "نيروز" تكتم شهقاتها وعندما وجدت ملامح وجه"ياسمين" تتحول للتشنج اتجهت تسألها عن حالها سريعاً ،  أمسكت أسفل معدتها بألم وهي تجلس وحينها قلقت "سمية" وهي تمسد على رأسها بحنوٍ ورفق ، نظرت بشفقةٍ وحاولت ان تنسحب كي تقف بالشرفة حينها سمحت لشهقاتها بأن تعلو ، من عاش يظلمها تبكي الٱن بحرقةٍ عليه ، يا لسخرية ما يجري بعروقها حتي يحن ويحزن ويقهر بهذه الطريقه ، سعلت  "نيروز" مع بكاءها  وقبل أن  ترفع يديها لتمسح وجهها وجدت كفه يسبقها ، وهو يمسح وجهها برفقٍ وأمسك وجهها بين يديه  يحثها بهدوءٍ :



_"بس ..بس متعيطيش!"



سعلت أكثر ومرر "غسان" يديه على ظهرها يحثها على ان تأخذ أنفاسها ببطئٍ ، فأخذت أنفاسها مع مسحة  لأنفها وفمها وحتى عينيها ، حينها رفعت عينيها الباكية تصارحة بقهرٍ :



_" أنا بقيت أخاف أوي ..بقيت أخاف أفرح يا غسان، أنا تعبت!!"



ضم رأسها ومسد على حجاب رأسها وظهرها ، حينها تركها تخرج ما بداخلها من بكاء علها تريح قلبها ..!!!



الكل يجلس بخواءٍ والعقارب لا تمر بسهولة أبداً ، الانتظار مهلك ومتعب، والفقدان أقسى منه ، والبكاء الشئ الوحيد المباح ، بعد ذهاب البعض لٱداءهم ركعات لله مع الدعاء وفعل ذلك"بسام"و"حازم"و"عايدة"و"زينات", وحتي "سمية" ، بينما جلس البقية يواسون بعضهم تاره برضا وتارة أخر بقهرٍ وعدم تصديق ، الغير تصديق أن أحدهم قرر العودة بهذا الوقت  او ربما بعده دون دراية وكأن القلوب تشعر قبل أن تُدرك العقول !!




        
          
                
_______________________________________________



هناك عقارب الساعه مرت ، وبين نومها بهذه الطريقه بعدما فقدت الوعي وحقن بها "بسام" محلول سريع كي تقوي ، أما هو فعندما سقطت بين ذراعيه كان لم يشعر إلا بالخوف ، ربما جاء ذلك من توتره ، جلس "ٱدم" بالصالة يتجهز للخروج  كي يتوجه ناحية العماره لهم ليبقي معهم قبل هذه الساعه التي قبل الصلاة ، لم يتحرك وكل ذلك كان ينتظر بأن تفوق من  غفوتها ولم تفتح عينيها بعد ، كانت تساندها في الغرفة "فاطمة" وكانت ترعاها ، بينما هو كان يطمأن عليها بين الحين والٱخر منها!! ، الٱن يري دموع شقيقته وجلوس الاطفال بغرفة أخرى في الداخل ومن بين جلوسة قبل الرحيل سأل للمرة الذي لا يعرف عددها :



_" مفاقتش  بردو يا فاطمة؟"



_" مش عارفه يا "ٱدم"، المفروض لا ، ربنا يكون فعونها !"



قالتها بتحشرجٍ فنظر بحزنٍ ، ونظر نحو ساعة معصمة ووجد أنه تأخر عليهم ، لذا حاول أن ينهض ثم قال لها بهدوء :



_"انا المفروض أمشي ، خليكي قاعده عشان العيال وعشان بردو لما هي تفوق ، خلي بالـك!"



أومأت برأسها وقبل أن ينهض وجدها تخرج من الغرفة وقد خلعت المحاليل والإبر من بين يديها ،  طالعها بصدمةٍ  فقد خرجت هي مصدومه وعينيها بها من الدموع ما هبطت منها ، تنظر ناحية ملابسها بغير فهم ، تلك ليست بيجامتها ولما شعرها ليس معقود ومفرود خلفها وليست شقتها وأيضاً لم تكن هذه حالتها ، ماذا  كانت ٱخر الأحداث؟ ، وعندما  إستوعبت حركت رأسها بضعفٍ وسقطتت الدموع منها بصمتٍ وهي تتقدم ناحية "فاطمة" التي اندفعت تقف كي تتوجه ناحيتها بينما الٱخري من توجهت لها أولاً تسألها بخوفٍ وتقطع  لا تعي كيف ترتب الكلمات :



_"أنا ..قـ .. قوليلي يا فاطمة ان اللي حصل ده حلم .."



نفت "فاطمة" برأسها ، بينما الٱخرى يستنكر عقلها بخيبةٍ ، لم تتوقع بأن تتأثر على موته ، وهي التي أقسمت له على ان لا تسامحه وعلى ان لا تغفر له ، كيف يرحل ؟؟، نفت برأسها وجلست على ركبتها بغير تصديقٍ وعينيها يفيض بها الدمع ورددت بنبره منهزمه تخبرهم بما يؤلمها الٱن :



_" ازاي ؟؟ ازاي يمشي ؟؟ أنا مسامحتوش .، والله ما عرفت أعملها ..مشى بسرعه ليه ؟!"



قالتها بتنهدٍ وجسدها يهتز من البكاء حينها انحنت "فاطمة" مع انحناء "ٱدم" الذي أسرع ، فرددت "فاطمة" تواسيها بحزن وشفقة :



_" ادعيله يا حبيبتي ..ادعيله بالرحمة وسامحيه، محدش بيكره أبوه مهما حصل !!"




        
          
                
لا تعلم هي ما فعله بها أو ما السبب الذي جعلها كذلك، ولا حتي هو ،  تركت يديها وتحولت جلستها إلى القرفصاء تبكي بوهنٍ وخصلاتها السوداء خلف ظهرها وأمام وجهها تخفيها ، فشلت "فاطمة" في مواساتها وحثتها علي النهوض بينما  استند "ٱدم" على ركبتيه يردد بإهتزاز وهو يسمعها تئن ببكاءٍ :



_" إنتِ أقوى من كده يا "فريدة" .. خليكي ثابته وقومي وشدي حيلك ، راح عند الٱحسن مني ومنك !!"



لم ترفع رأسها بل مد يديه يربت علي كتفيها بمواساة  تحت تأثر حينها إنتفضت تعي ما يحدث من جلوسها كذلك أمامه بخصلاتها وهذه الملابس التي كانت تسترها بينما لا يليق  الجلوس بها أمامه ، حاولت النهوض ، فأسرع يسندها مع شقيقته حتى وقفت تنظر بضياعٍ ثم قالت وهي تحث نفسها على مسح الدموع :



_". أنا عايزه أمشي من هنا .. عايزة أروح!!"



أومأ لها "ٱدم" بلهفةٍ ، وابتلع ريقه بسرعةٍ وهو يحث شقيقته قائلاً بنبره سريعة :



_" حاضر هروحك .. اسنديها يا فاطمة وساعديها تلبس على ما أطلع الموتوسيكل عشان أخدها معايا !!"



حركت رأسها بموافقةٍ وأسندتها بالفعل نحو الغرفة كي تساعدها في إرتداء ملابس من عندها هي سريعه كي ترحل نحو منزلها وعائلتها !!!  ، بينما خرج هو يُجهز دراجته البخارية ، شارداً بحالها وما فعلته وحتى ما أدرفته ، أخرجها بعد قليل حتى قام بتشغيلها بالفعل وهو يستند عليها والتقط الهاتف من جيب بنطاله كي يجيب على شقيقه وبعد دقائق معدودة وجدها تخرج برفقة شقيقته وهي ترتدي عباءة سوداء وحجاب من نفس اللون ، في اسوء حالاتها ومع ذلك يراها جميلة ، نفض من عقله هذه الأفكار وهو يبتلع ريقه ينظر نحو أنفها الصغير الأحمر وحتي وجنتيها عندما سألته بنبره ضعيفة مبحوحة  تترك يد الٱخرى :



_" أنا.. هركب هنا ؟"



سألته وهي تشير على المقعد الخلفي فهز رأسه بنعمٍ وهو يستعد للركوب ، ورغم حرجها  ولكنها بحاله لا تسمح  على الإعتراض أو الحدة ،  بل حاولت الركوب خلفه بعدما إستندت علي ذراع "فاطمة" وركبت أخيراً  بطريقة صحيحة ، فسألها هو بإهتمام وهو يٱخذ وضع الإستعداد :



_" ماسكة  نفسك كويس؟"



_" أ ه"



قالتها "فريدة"  بصوت مبحوح مجدداً ، وأسندت يديها علي الحديد من خلفها كي لا تتمسك به ، ولوحت لها "فاطمة" بابتسامة باهته فودعتها بعينيها الٱخرى وانطلقت الدراجة البخارية بواسطته هو نحو العمارة ، بينما بقت الٱخرى ترعى الصغار كي لا يتوجهون بمناسبة حزينه كهذه ومع أطفالها كان ابن شقيقها !!!




        
          
                
______________________________________________



بينما في الطابق الٱن إجتمع الجميع وجاء "شادي" هو الٱخر حتى دخل يواسي "حازم" ويقوم بتعزيته كي يقف بمساندته ، وقف الشباب يستعدون للوضوء حتى يلحقوا خطبة الجمعة والصلاة قبل ان تبدأ ، ووقفت "نيروز", بجانب"ياسمين" وهي تمسك صحن به طعام صحي لها هي ، ويديها الٱخرى بها علبة الدواء ، تحاول جاهدة بأن تجعلها تأكل بينما الٱخرى ترفض وحاولت "وردة" هي  الٱخرى ولم تقبل بعد ، وعندما لاحظت "سُمية" نهضت هي لتأخذ الصحن من بين يديها كي تطعمها وكأنها صغيره ، حتى سحبتها معها كي تجلسها بجانبها !!



_" لازم تأكلي يا حبيبتي عشان صحتك وعشان اللي فبطنك!!"



نفت بضعفٍ تحاول اخفاء ألم معدتها وهي ترفع عينيها تنظر نحو "حازم", الذي يهبط أكمامه بعد الوضوء ومع انتظار الشباب له ، وقفت تنظر له متفحصة النظر بملامحه المنطفية ، حينها لاحظها ولاحظ مسكها لمعدتها بهذه الطريقه فتوجه يردد بإختناقٍ وهو يمسك كفها يعود بها لتجلس بجانب والدتها مرة ٱخرى:



_" أنا كويس يا ياسمين والله ..بس كُلى انتِ وخدي العلاج ومتعمليش كده فنفسك ، انتِ لو حصلت حاجه هتكون دي نهايتي اللي بجد ، اسمعي الكلام وريحي قلبي وقلبهم  !!"



خافت من حديثه ونزلت دمعتها وهي تومأ ، فربت على كفها وهو يشير لها بأن تطمأن ، وقتها جلست بجانب والدتها بصمتٍ تأخذ من بين يديها الدواء ، ووقفت "زينات " مندفعة عندما ركضت "فريدة" من على الباب وأرتمت بأحضانها ببكاءٍ ، حتي عاد البكاء منهن جميعاً مره أخرى شهقت بتمزقٍ وقالت بتقطع وهي بأحضان وضم والدتها :



_"بابا مات يا ماما ..راح بسرعه أوي ،راح قبل ما اقوله اني هسامحه !!"



بكت بقهرٍ وضمتها "زينات " بألمٍ تحت الأنظار  المتألمة لها، تحركت عندما شعرت به يقف خلفها ، التفتت تنظر نحو "حازم" بوهنٍ ثم قالت تصارحة وهي تشير على موضع قلبها:



_" قلبي واجعني أوي يا حازم..هنا هيقف من كتر القهره، ازاي ؟ قولي ازاي بالله عليك !!"



تسأل بكيف مات والدها ولم يسأله أحدهم فقط ردد لهم بأنه أمر الله ، ماذا سيقول ؟ وكيف سيقول لها بالتحديد ؟ لن يفعل ذلك لن يكرر الأوجاع عليها ولا عليهم ، سيتخذ الإجراءات بصمتٍ دون دراية أحد سوى القِلة ، القِلة اللذين كانوا معه من "غسان"و"بدر" و"بسام" ، دفعها كي يضمها هو الٱخر ثم قال بمواساة صعبة خرجت منه بثقلٍ :




        
          
                
_"أمر ربنا يا فريدة .. ربنا عاوز كدة ، ربنا يسامحه ويرحمة !"



خرجت تبكي بوجعٍ أمام ٱنظار"أدم" هو الٱخر، وعندما بدأ "حازم"في السير  للخروج كان خلفه "حامد"و"طارق" والشباب ،  حيث صدح صوت الخطيب على المنبر ببدء الخطبة حتي كان هذا يوم يوم "الجمعة " ، جلست النساء بالصالة وجلست "فريدة" بضغفٍ وقهر عندما استوعبت بماذا يمكن أن تشعر شقيقتها الٱن..!!



غريب الموت وليس غريب ، تأتي أرواح بنفس اللحظة التي تُأخذ بها الأرواح المقابله في الدُنيا ، إما روح كُتبت لها الجنة منذ ان خُلقت حتى الممات ،  أو روح كُتبت بأنها عاصية وٱثمة ليس لها إلا النار ، يُكتب قدر المرء قبل حتى خوض الحياة بإمتحاناتها ،  بينما هي إختبار ، إختبار يُختبر به المرء من كل شئ ، وبنهاية المطاف لم يكن أمامه سوى طريقين الخير والشر ..الجنة والنار، كان سهل هذا الشر ، كانت سهلة السيئات بينما الخير يراه  العاصي أمر صعب للسير على نهجة أو للوصول لنتيجته ، كم من خَيّر وجد الجنة بالنهاية ، وكم من روح خبيثه لم تجد إلا النار ، ومن ثم يظهر قول: 
"ياليتني قدمت لحياتي"!!,



فانية هذه الدُنيا وليست باقية لأحد وهذه سُنة الحياة المعروفة ، وهم.. هم يعلمون بأن هذه المحنه سيتخطونها سريعاً فقط عندما يخرجون من صدمتهم ، كان موجود وغير موجود بينما الٱن لم يكن موجود بالفعل ،ظلم الكثير ولم يندم ، قسي على البعض ولم يشعر بالشفقة عليهم يوماً ، ظلم  أنفس بريئة لم يكن لها سوي العيش بحرية ، لطخ براءتها وجعل أيامها أشد قسوة ، ثمة قضية معينه فعلها منذ زمن وعاش بعدها بأريحية ثم عاد الحق كي يُرد من جديد ، أُخد الحق منه بطريقة بشعه بأبنائه ثم منه هو شخصياً عندما قُتل بأداة حادة ذبحت رقبته بعدما خنقه وكتفه أحدهم بكيس بلاستيكي ، مات بعد ان مات؟؟. . كان يخطط لذلك منذ زمن ، كان يقوم بعد الأيام منذ أن إجتمع معه بسجن واحد ، كتلة الشر والذي عُرف سريعاً وإعترف بكل بساطة فلم يعد لديه شئ كي يبقى عليه هو ، بينما حُبس حبس إنفرادي الي حين جلسة أخيرة ستحدد مصيره المعروف ..الإعدام !!



الإعدام الحقيقي له هو ، ومجازياً لـ حازم" الذي ما أن نظر على جثة "والده" بثلاجة الموتى مُغتسلة جاهزه وجرح رقبته الأبيض الذي جف من برودة  وضعه بهذا المكان القاسي والذي إن شرح بكيف كان وضعه وهو به  لاختنقت ملامحه مره أخرى كما كانت ، لم يستطع "غسان " الدخول معه حينها ، جسدة لم يتحمل رؤية هذا ، ومن أتي لهم بهذة الليلة وتجرأ على الدخول بعدما خرج من منزل عمه كان "بسام" الجرئ بأشياء كهذه بطبيعة عمله ،  كان سر ومازال سر لم ولن يعلمه أحد غيرهما حتي المواجهة مع القاتل ستكون منهم فقط او بعضهم دون دراية العائلة !!,قاتله "شريف" ولم  يعمل يوم بإسمة بل كانت الدناءة تسقط من كثرتها منه ، والحقد كما كان المرض.. بينما قدرته على الوعي وهو يخطط ويفعل كل ذلك كانت موجودة  أما قلبه يتشكك البعض بإن كان بموضعه أم مات منذ سنوات كثيرة!!




        
          
                
لم يكن كل ما يشعر به هو سوء الشعور بالفقدان ، الٱن  تتضح الحقائق ربما ما رٱه لا يغيب عن عقله المُشفق على قلبه الذي لا يكف عن الدق قهراً لكل شئ وكل عقبة تحدث له ، بينما هو ؟ هو الصبور دائماً حتى ولو كان "حازم" بأموره ، هو  الثابت العاقل الذي وصف بالعقل والهدوء ، ولكن داخله لم يكن هادئ أبداً داخله الٱن ثورات تتعارك مع بعضها ، وعقل أبله يريد فقط التوقف عن تصور المشهد أمامه لأكثر من مره ، يريد التوقف عن التفكير والتخيل فقط يريد الراحة والسكون .. متي هذا  ؟!



عقارب الساعه لمره أخرى تصارع نفسها ولكن هذه المره تمر بسرعة وكأنها تتلهف  لقهره!!  ، سيارة الإسعاف تقف أمام المسجد  وبداخلها جثته الذي سيسير خلفها هو والرجال والشباب لدفنه بسكونٍ بسبب مفاجأة موته ، خطبة المسجد تخللت روحة وعقله كما تتخلل روحهن وعقلهن وهم يستمعن من بين جلوسهن بالمنزل !!



_«قال -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، عباد الله، إذا حضر الموت لا يقوى أحدٌ على تغيير وقته أو تأجيله ليتدارك ما فاته ويعمل صالحاً، فصلاح الآخرة ما هو إلا الغرس الصالح في الدنيا فكم من أمواتٍ كانوا عن ذكر الله وعن عبادته مُعرضين، وفي اللّهو واللّعب منغمسين، وفي ملذّاتهم ومصالحهم غارقين غافلين، فلم يلبثوا إلا وفجأة الموت تحضرهم، فإذا بهم لا يتمنّون إلا ساعةً في دُنياهم ليُحسنوا ويُصلحوا ويبذلوا في سبيل الله، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ  لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) »



كلمات توجعه وتصبره من بين مواساة الشباب وهم يضعون يديهم باحتواء على كتفيه , وأخذ يكمل الخطيب حديثه إلى ان ترقبت ملامحه  عندما تحدث عن الصبر في الابتلاءات:



_«ثم -يا عبد الله- شيء لا دخل لك فيه جاء ووقع عليك، مصيبة من المصائب، ومن منا لم يصب بمصيبة، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، يصاب الإنسان في نفسه، يصاب بالجرح بالألم، بالمرض، ويصاب بالهم والحزن، وضيق النفس، كلها مصائب، ويصاب الإنسان في زوجه، في أهله، ويصاب في ولده، ويصاب في ماله، مصائب، ويسميها العلماء مصائب دنيوية، هذه المصائب على العبد المؤمن ماحية للسيئات، فكل مصيبة على قدرها، وقد لا يكون عند الإنسان أي سيئة، ومع ذلك يصاب بمصيبة، كما حدث مع أيوب -عليه السلام-، الذي بقي في مصابه وآلامه وأمراضه أكثر من سبعة عشر عاما، ولكنه كان يذكر الله، ويحمد الله، ويستغفر الله، وهكذا العبد المؤمن، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المؤمن من هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله له بها من خطاياه!!"



وأكمل بيقينٍ وصوته يصل للجميع وأقربهم كانت الشباب والرجال في المسجد:



_«توبة، واستغفار، وحسنات، ومصائب دنيوية، ودعاء المؤمنين، هذه في الدنيا، وفي القبر اثنتان: فتنة القبر، وعذابه، وما يهدى للميت بعد موته في الآخرة، ثلاث أهوال وشدائد يوم القيامة، من الخروج من القبور إلى القنطرة، ثم القنطرة، وبقيت شفاعة الشافعين، انتهى وشفع كل إنسان، وشفع كل ملك، وشفع كل نبي، وبقيت بقية من هذه الأمة أمة محمد المرحومة -صلى الله عليه وسلم-، بقيت بقية، بقيت مجموعة؛ ألف ألفان، ثلاثة آلاف؟ الحديث ما بين، فهؤلاء بقوا في جهنم، من كثرة ذنوبهم وخطاياهم، هل ينساهم الرحمن؟ والله لا ينساهم الرحمن، هم من لهم؟ لهم الله!."




        
          
                
الحديث الذي أراح قلبه وطمأنه ولو بقليل ، نزلت دمعته بتأثرٍ وهو يستمع إلى بقية حديثه:



_«فماذا يقول الله في الحديث القدسي: "شفع النبييون، وشفع المؤمنون، وشفعت الملائكة، وبقيت أنا أرحم الراحمين".أقبلوا على الرحيم، أقبلوا إلى الرحمن، يقبل الرحمن عليكم، رحمهم مع أن ذنوبهم كثيرة جدا، فيأذن بأن يخرجوا من هذه النار، فيخرج سبحانه بيده، كما ورد في الحديث: "ثلاث حثيات..»



أخذ يكمل الخطبة بيقين ونهاها بالدعاء و الكل يردد ٱمين حتى. تراصت الصفوف لأداء فرض الله ، ونعم ولو بقليل بالراحة ، مد "غسان" يديه له كي يستند عليه ليقف وبالفعل إستند عليه وحينها وجد ما لم يجده كثيراً  رجل يمسح دموعه ؟ مسح "غسان" دموعه بيديه ثم ضرب كتفه بحثه علي الثبات بمرحٍ طفيف باهت وابتسم حينها بإستسلام وزفر براحةٍ فقط لأنه في بيت الله وسيؤدي فرضه فسيصبح بين يدي الله يدعو ويبوح  عن ما بداخله!! 



______________________________________________



  "في غصة الصوت دموعٌ خفيّة، فانتبه لها."-مُقتبس-
من بين العقارب التي تتحرك والوقت الذي يسير  بسباقٍ ... كان هو يختار الأوقات المناسبة كي يتخفي وكأنه يتخفي ليلاً مثل السارق، بينما يعلم بأن هذا الوقت لم يكن به شخص يفعل له حساب بالطابق، يسير  متخفياً مره أخرى عودة بعد غياب طال هذه المره ، واضعاً الشال القماشي على وجهه ، عندما وقف أمام المصعد وفُتح له دخل على الفور  حتى صعد به لأعلى ، أخذ أنفاسه وفُتح المصعد له وتخلل مسامعة صوت القرٱن العالي ، وباب شقة "عايدة" المفتوح على. وسعه أعتبرها عقبه حيث تعد قبل شقته فإن مر وان كان أحد يجلس أمام الباب سيراه ولا مفر !!



جابت مسامعه مره أخرى أصوات البكاء والهمهمات حينها إبتلع ريقه وتجرأ وتقدم خطواتٍ إلى أن وقف أمام الباب يطالع من بالداخل وما الذي يحدث من الأساس ، هيأته بعينيه التي تدور وقواه التي تنفذ يوم عن يوم تشرح الكثير ، بينما إلى الٱن يوجد به ذرة عقل ليخمن ما الذي يحدث ، ماذا بهن يلبسن ثياب سوداء وبكاء ، أي عزاء ،  تقدم إلى الداخل دون  حتي أن يتنحح ووقف بعدما دخل بخطواتٍ مهزوزه حينها طالعه الكل بصدمةٍ ووقفت "نيروز" بإندفاعٍ كما وقفت "زينات" و"فريدة"، جلست "ياسمين" مكانها بخواءٍ وطالعته "عايدة" بحسرةٍ كما كانت "سمية"و"دلال" وحتى نظرات "وسام" المتخوفه مما هو ٱتٍ  عندما رأته بهذه الطريقة ،. جاب عينيه الكل، وسأل دون حتي ترحيب ، سأل بإستفهامٍ غريب  مستنكر وصوته حتى يتغير اثر ضعف بُنيانه:



_" هو في ايه ؟"



لم يتوقع بأن تندفع "زينات" نحوه بهذه الطريقه وعينيه لا تفارق عيني "نيروز" بشوقٍ ، عقله يهمس له بأن كل مره ينظر إلى ملامحها تغمره الراحة الغريبة ، ولكن يستطيع هو تركها والبعد عنها ؟؟ لم يكن حب أبداً ولم يقتنع هو بذلك ،لاحظ عينيها الباكية المتورمة ولم ينظر ناحية "فريدة" بتمعن كما نظر لها وحاول الإقتراب وخانته نفسه بينما أوقفته أحضان "زينات" الباكية بكسرةٍ وهي تقول بنبره باكية ضعيفة  تصارحة بالحقيقه وتعطية الرد :




        
          
                
_" أبوك مات يا حسن!!!"



من كثرة بكاءها ورغم انعدام الانسانيه كان سيرفع يديه بتلقائية على ظهرها كتعبير عن رد العناق، بينما ما ان سمع جملتها وقف متصلب الملامح والوجه وترقبت ملامح الكل ناحيته ، بينما عينيه العالقه  بـ "نيروز" لم تتحرك رغم صدمته ، بل فتحها نسبياً وحركها ناحية "والدته " التي خرجت تنظر نحو وجهه، إبتلع  هو ريقه ورغم ان الجملة قاسية صلبه عليه حتي ولو كان يملك ٱخر ذرة شعور بينما هتف بخواءٍ وقسوة في القول  رغم رغبيته في الصراخ عالياً الٱن ليخرج ما أجتاح شعوره الغريب المتناقض الذي لم يفهمه :



_"و  زعلانين ليه!!"



سأل بسخرية ٍ متألمة وهو الذي تحشرجت نبرته وكان على مشارف البكاء ، ردان فعل يصدموهن ، الأول يصدمهم والثاني يصدمهن أيضاً ، بينما ماذا يفعل هو !، رفع رأسه يبتسم بتهكمٍ ولمعت عينيه وهو يكمل ليعارض ما شعره للتوّ  :



_" عايشين الدور ليه ؟ دا حتى عُمره ما عمل حاجه واحدة عدله لحد فيكم !! 



مرر عينيه علي الكل وقال مجدداً بتهكمٍ موجع والذكريات تداهمه الٱن :



_"معملش حسابه حتي انه هيمشي  ومحتاج مسامحتكم !!"



وأكمل بضحكةٍ يُكابر  بها رغم علم الجميع الٱن بأنه موجوع:



_" غلابه !!"



ضحك ونزلت دمعته وكأنه يستوعب للتو وينفي ويحاول معارضه ما شعر به من خذلان وكسرة :



_"ولا يفرق معايا اللي سمعته ده ولا حتى  فارق معايا شكلكم  ، ومش مهتم ٱعرف مات ازاي وإمته.، فـ داهيـة .. عقبال كل اللي زيه !!!"



ومسح وجهه بعنفٍ  مع نظرتهم الخائبة ، وتقدم ناحية "نيروز" مع بكاء الكل، حينها رجعت خطوات إلى الخلف بإقترابه ، فهتفت "سُمية" بلهجة  مختنقه :



_" ابعد عن بنتي يا  حسن !"



وقف وعندما وجدت الجدار خلفها ظلت تطالعه وهو  تنظر له متحلية بالجرأه ، ولم يفعل لها شئ هذه المره بل سألها بهدوء شديد يحاول رفع يديه ناحية وجهها كي يمسح لها  الدموع :



_"بتعيطي؟ إنتِ نسيتي كل اللي عمله فيكي بالسرعة دي !!"



كلما تنسي يذكرها أحدهم أو قول ٱحدهم او حتي عقبه تأتي ، فتذكرها بالقهر، أدمعت عينيها وهبطتت الدموع وٱغمضت عينيها بشدة عندما شعرت أنه سيرفع كفه يمسح ويمسد على وجهها حاولت التحرك بينما كان يمنعه جسده ومن بين هذه اللحظة قبل أن يتقرب الجميع وجد "فريدة" تمسك يديه تمنعه بهدوء وهي تنفي برأسها فنفض يديها  و ابتسم بتهكمٍ وهو يلتفت  كي يطالع وجهها بسخرية من دموعها عليه..



فهتفت "عايدة" تقطع كل ذلك عندما شعرت باقتراب مجئ الشباب :



_" امشي يا حسن من هنا قبل ما حد يجي، احنا مش ناقصين يبني كفاية اللي احنا فيه !"




        
          
                
ورددت "نيروز"  بعدها بخوفٍ واهتزاز تحذره وصدرها يعلو ويهبط :



_" امشي عشان" غسان "مش ناسي انت عملت فيه ايه ٱخر مره !!"



ونظرت ناحية الباب بترقبٍ وقالت مجدداً بنفس الخوف :



_"لو باقي على نفسك امشي  من هنا دلوقتي !!"



قالتها بخوفٍ ، ولم تقوي تلك القوية "ياسمين" عن ارداف أي حديث بل مازالت جالسة بخواءٍ ، ووقفت "وردة" تتابع بقلقٍ من بين دموعها المنسابه ، حُبست أنفاسها عندما  وجدته يقترب مره ٱخري وهو يردد بغير وعي ويأس رغم تدليله باسمها  بينما هذه المره كان دلال اسمها منه موجع بالقوة :



_"أنا مش باقي حتي على نفسي يا" نيروزة" ، بس ممكن لحد دلوقتي أعمل أي حاجة عشانك انتِ بس .. ، همشي بس تعالي معايا !!"



حالة اللاوعي إلى أي درجة وصلت؟ ، أمسك معصمها وحاولت هي التملص بخوفٍ  فتعمد اللين وهو يهتف من بين نظراته لعينيها بلومٍ وكأن لومه المرات السابقه لها لا يكفيه:



_" اختاريني مره واحدة بس ومش هتندمي !!"



رفع يديه يمسد على وجنتيها وقال بتأثرٍ وغير وعي :



_"حبيني بس زي ما بحبك ساعتها هتغير علشانك وهعمل  أي حاجة انتي عايزاها !!"



وضعت كف يديها الٱخر علي أذنها بإنهيارٍ وهي تنفي، ووجد "سمية" تدفعه مع "فريدة" كمحاولة لبعده عنها بيما صرخ هو وهو يشدد من بين مستكته لكفها معارضاّ يفعلانه  :



_" مش سايـبها !!"



من أخرجهم بركضٍ من  المصعد كان هذا الصراخ الرجولي الذي أسمع من بالخارج بعضهم صعد علي السلم من البداية وبعضهم خرج من المصعد للتو ،، حينها دخل "حازم" بسرعة مع "ٱدم" و"غسان" وعندما إستوعب "غسان" ما يحدث هرول يدفعه عنها وهو يمسكه من تلابيبه مردداً بشرٍ غير عابئاً بالحالة:



_" انت مقرب منها كده ليه يا و*** "



وأكمل صارخاً به بإنفعالٍ :



_" انت ليك عين؟؟ ليك عين تيجي بعد اللي حصل يا ناقص!!"



فصله "ٱدم". عنها ومن بين ذلك شدد "حسن" من مسكه لكفها رغم محاولة البعض بالفصل بعد دخول الشباب ،بالكامل وحتي الرجال ، حينها ترك يديها بفعل ضربة "غسان" بكفه بقوة ، واندفعت هي بنفسها  تبكي بين أحضانه ضمها وهو يربت علي كفيه وعينيه تراقب مسك "آدم" لـ "حسن" هو و"حازم"ووقوف البقية بخوفٍ وترقبٍ !!



صدرة يعلو ويهبط الٱن  في كل مره يتعمد أخذ حقه دون أن يضغط بقوة في ذلك وٱخر مره تركة كي تسير حياته مع "نيروز" بهدوء دون حدوث مشاكل تؤدي لانفصلالهما ،  بينما الٱن يضغط نفسه بصبرٍ عليه بسبب حالة شقيقه وعائلته وبهذا الوضع ان كان مختلف لجعله ميتاً هذه المره كي لا يعود ويدمرها كذلك وهي بأحضانه  كما يدمر الوضع..




        
          
                
ترقبت عيني"زينات" في حين وبخه"حازم" بصوتٍ مرتفع رغم ما هو به :



_"انت يا اخي مش هتتظبط بقا حرام عليك!!، كفاية بقا كفاية ، كل مره بقول يمكن تتعدل ومبتتعدلش ، بقيت ماشي ألف وراك فكل حته عشان بردو مش قادر أسيبك كده ، حلفت ما ليا دعوه بيك ، ورغم كل ده لفيت الدنيا عليك وملقتكش ..هتبطل تظهر تبوظ حاجات و تمشي تاني إمته ، ناوي تتعدل امته بقا !"



صرخ به ووبخه وبالفعل كان عاجزاً عن ان يجده ، سكن "حسن" من بين يديه وهو يطالع كفي شقيقه تتمسك بياقته وشاله ، إبتلع ريقه بسرعةٍ ونظر بعينيه وهو يسمعه يردد بوجع:



_" إمشي يا حسن دلوقتي ..إمشي وابقى  ارجع بعدين لو مش ناوي تاخد عزا أبوك !!"



نفض يديه بإنفعالٍ  ونظر ناحية الكل بتفحص وجوههم واحد تلو الٱخر ونظر نحو عيني "غسان" بتحدي بعد ضمانه لعدم الاقترب منه ، وقال برفضٍ :



_" مش ماشي ..أنا هروح اقعد فبيتي اللي من حقي أقعد فيه وملكش أي حق انك تطردني منه ، ومش واخد عزا حد  مليش فشغل الصعبنيات اللي بيتعمل ده !!"



طالعوع بقهرٍ وتعلقت عينيه بعيني "غسان" الجامدة وقال بجبن مخفي :



_" هروح بيتي والدكر يقربلي ويوريلي مقامه !!"



_" ٱنا ليا مقام ف غيابي... مبتخدوش انت فـ حضورك يا ناقص!!!"



حاول "غسان" الإندفاع نحوه بغضبٍ عقب إرداف جملته المنفعلة وقال مجدداً بنبره مرتفعه يحاول الإندفاع ناحيته:



_" تعالى ..تعالى ياض أوريك مقامك !!" 



فصده مسك "بدر"و"بسام"و"عز" له ،في حين حاول "ادم" أن يسحب "حسن"  ناحية شقة "زينات" مشيراً لـها هي و"فريدة" بأن يأتوا لفتح الشقه ،فتحتها "زينات" بالفعل وهي تقف بجانب "فريدة" التي دخلت معها ووقف "حسن" وقتها بمقابلة "آدم" في الصالة حينها سأله "ادم" بلومٍ :



_"ليه كده يا حسن ؟ليه ؟.. مش لو كنت وافقت كان فات الحال بقا غير  !!"



قصد رحلة التعافي بمصحة ٍ ، ابتسم  "حسن" بسخريةٍ وقبل أن يتحدث ، تحدثت"فريدة " بتقزز :



_" انتَ بتلوم واحد مقرف عمره ما هيتغير ازاي!!"



تشنجت ملامحه  وأمسك حجابها بشدةٍ وهو يردد من بين ضغطه علي أسنانه يخرج بحديث لم يخرج من رجل أبداً ولا حتي بأشباة الرجال :



_"جرا ايه يا بت ؟ إنتي شوفتي نفسك ولا ايه ؟ نسيتي انك كارت محروق ومعتيش نافعه؟؟ نسيتي الراجل بيبص الوقتي لواحدة زيك ازاي ؟؟"



تأوت وأنصدم "آدم " من الكلمات ففصله عنها بمساعدة "زينات " وردد وهو يعنفه من بين مسكة بملابسه بغير تصديق:



_"انت بتقول ايه يا ** انتَ ، بتقول ايه لاختك يا قذر يا زبالة، إنت نسيت نفسك، فوق يَلَاا"




        
          
                
سبه بأفظع  الشتائم عندما سمعه يردد على شقيقته ذلك ، لا لم تريد بأن تكسر بعيني شخص وجدت به الإعجاب بعدما حدث  ما حدث لها ، رغبتها كأنثي في أن لا يحطم كبرياؤها عند ٱخر شخص يجهل عن حادثها تلح الٱن وتهابها ، إبتسم "حسن" بسخرية ثم قال وهو يطالع وجه "ادم" الغاضب:



_"  ابعد ايدك دي عني ، وملكش  دعوه ، متتدخلش بينا،.!!!"



أخذ أنفاسه ونظر ناحيتها بعينيها وقال بضغطٍ عليها :



_"مدخلش نفسك فوسط  واحدة رخيصه باعت نفسها لواحد وخد الـ ..."



بتر حديثه عندما إندفع "ٱدم" يصفع وجهه  موجهًا. له لكمات منفعله من فكرة قوله لكلمات قاسية بذيئة ، بكت "فريدة" بكسرةٍ ووجع وتركت "زينات" "ٱدم" يؤدبه بطريقته ، حينها جثي  فوقه يمسكه من تلاييبه وهو يردد بوعيد :



_" أقسم بدين الله لو حالتك كانت تسمح إنك تستحمل أكتر من كده لكنت مموتك يا ناقص يا رخيص يا *** ،  اللي يقول كلام زي ده علي حرمة بيته يبقي واحد ***!!"



أمسك  "ٱدم" خصلاته بقوةٍ حتي تأوي "حسن" فردد " آدم" من جديد بنبره مرتفعة :



_" أختك يا زباله، عارف يعني ايه اختك ، يعني أي حاجة بتقولها عليها بتبقي فوشك قبلها يا قذر ، دا أنا مصدقتش كرهها ليك بالطريقه دي وقولت لنفسي عملتلها ايه يا حسن. بس مجاش علي بالي وساختك دي!!".



ضحك من بين مسكة لخصلاته بهذه الطريقه وأكمل من بين دناءته يخبره بما لا يعلمه هو :



_" الحمقه وخداك ومعرفتش زي ما الكل عرف إن شريف خدها عنده وعلم عليها بالقوة، لا وكمان هي اللي راحتلـ .."



قاطع جملته لكمة قوية بوجهه بغير تصديق من " ٱدم" وصراخ"فريدة" بقوة عندما قاطعته بقهرٍ :



_" إخرس ..إخرس يا حيوان يا زبالة !!"



ركضت تركله بمعدته وهي تصرخ مجدداً مع دخول الشباب من الباب :



_"  أسكت ..ولا كلمة يا قذر إخرس خالص يا *** "



سبته ولم ينصدم أحد سوى الفتيات من سبها ، كانت تركله بهستيريه وصرخ هو أسفل قدمها من ركلها بشدة  له ، وفصلها بذراعها عندما أمسك إحدي ذراعيها "عز". و"شادي" يفصلاها بعيد ، وعندما أمسكوا ذراعيها دون حملها إرتفعت هي عن الأرض سنتيمترات قليلة  ، انحني"حازم" بغير فهم ينظر نحوه فوجده يحاول الاستناد وهو يسبهم ،  لم يعد لديه القدره ليُضرب منه ، ود لو يصفعه رغم جهله بما حدث ، ولكن أبعده "بسام "و"حامد " عن المكان للخارج مره أخري، وأخذ"طارق" يد"ٱدم" يبعده للخارج هو الٱخر ، وترك "غسان" "نيروز" المتمسكة به وإنحني أمام النساء والفتيات يمسك وجهه بعنفٍ من بين يديه حتي سالت دماء الآخر من أنفه وجانب فمه !!



_" بتعلب في عداد موتك يا بن سليم وشكلك هتحصله قريب!!"



ابتسم "حسن" بوجعٍ وهو يرفع يديه يتنفس بصوتٍ ليمسح وجهه من الدماغ وقال بتقطعٍ يُصر على توجية الكره له :




        
          
                
_"هنشوف مين بالظبط اللي بيلعب فعداد موته !!"



توقف وأكمل بتأوى ومازال يكابر في ارداف حديث حاقد :



_" انت اللي لعبت فعدادك من ساعة ما خدت حاجه مش بتاعتك ولا من حقك !!"



ضغط على فكه بصبرٍ يتحلى بأخر ذرة منه لدية ونظر نحو وضعه  وشكلة وقال بتشفي ثابت يسخر منه :



_'' إكبر في عيني الأول عشان أعرف اشوفك وأخد حقي منك !!"



إقترب  "غسان" حينها يهمس جوار أذنه بفحيحٍ :



_"وأنا هكون إنسان وهقدر حالتك ، وهستناك تداوي كل جروحك دي ،  وبعدها ألمحك  ونتقابل عشان أخد حق دمي اللي وقعته وهربت زي النسوان ، وقبل ده حق مراتي اللي سبق وحذرتك انك ملكش دعوه بيها ولسانك ده يبطل يتكلم عنها!!!"



وأكمل بقية حديثه الذي هدده به :



_"..وساعتها يا قاتل يا مقتول !!"



نهض عندما دفع رأسه فاستند الٱخر بتعبٍ على الأرض تزامناً مع وداع "غسان" الشامت المتقزز :



_" يا مـقـتـول يا حسن !"



قالها بتقطع والتفت يحاوط كتف "نيروز" التي ترتعش بالخوفٍ وخرج وخرجت خلفه النساء والفتيات، وأسندت "زينات "حسن" كي ينهض رغماً عنها حتي توصله ناحية غرفته دون حتي أن تتفوه بأي حرف له !!



___________________________________________________



كانوا مجتمعين كل جماعه نحو طرف ، ووقف "ٱدم" بشرفة شقة"عايدة" يتنفس بصوتٍ مسموع تركهم وصدرة يعلو ويهبط من عزم الإنفعال ، عقله مشتت بالصدمة ومن ما سمعه من الٱخر ، لم يستطع إجماع الحديث وربطة ببعضه كي يصل للنهاية ! ما علاقة "شريف" بها ؟ وكيف أخذها غصب من الأساس وهو من قال أنها باعت نفسها له بإرادتها ؟،. كيف تُغتصب منه ، ألهذا يري نظرة الانكسار بعينيها !! ، لما يحترق قلبه الٱن بل وجسدة بالكامل ، رٱها لا ترفض الحديث فقط اندفعت  كي تجعله يصمت! ، تنهد تنهيدة حارة وعقله لا يستوعب إلى الٱن  كل ذلك!! ..



بينما وقف"حازم" بإنهاكٍ من كم هذه الضغوط والأحداث عليه ، رغم ان القادمين للعزاء لا يعتبر بهم أحد  ولكنه عقد عزمة على أن يفعل عزاء له ولو صغير يأتي فقط به بعض الراجل وسكان هذ العماره والمعارف من بداية الغد!!، أمسك رأسه بتعبٍ بين كفية وأذنيه تصل بمسامعها إلى حديثهم وهم ملتفين حول "فريدة" المنهارة بالبكاء ومن بين الحديث هتفت "عايدة" بضعفٍ تضمها نحو أحضانها بحسرةٍ لها :



_" حقك عليا أنا يا بنتي !!"



قالتها ونزلت دموعها في الحال وإستمرت الشهقات بالبكاء من "فريدة"، بينما جلس "حازم" عاجزاً عن ان تسعفه قدمه للنهوض مره أخرى ، كان منهكاً نفسياً وجسدياً بما به الكفاية وعندما خرجت "فريدة" قبل دقائق من ضمه لها ضمتها "عايدة" وذهب ليجلس هو بتعبٍ لم يقوي على الإستمرار في الوقوف هو الٱن من يحتاج ان يُساند من يحتاج المواساه والإحتواء!! 




        
          
                
بينما بركن أمامهم وقف "غسان" يدلك كفها بين يديه برفقٍ رابتاً على ظهرها بخوفٍ من هذه الحالة ، ساندة وساعده في أن يجعلها تتجرع المياه وغسل وجهها وهو يمسد عليه كان "حامد"و"سُمية"و",وردة" وحتي "ياسمين" التي وقفت تنظر بقلقٍ وحزن ،إنطفت لأجله مرات ومن أجل ما حدث وما يحدث مرات أخرى لم يعد لديها طاقه للتحمل فأصبحت ساكنة هادئة عكس ما كنت هي عليه ..!!



ساندهم "عز" وهو يذهب بكوب من مشروب ساخن  ناحية "حازم" مع شطيرة بسيطة أعطتها له "دلال" وأشارت له "عايدة" بأن يتوجه بها نحو "حازم" الذي انقطع عن تناول الطعام!!



_" إمسك يا حازم كُل السندوتش ده وأشرب القهوه دي عشان تقدر تقف علي رجلك ودماغك توزنك كده !"



نفي برأسه و يديه ومد يديه يستند بذراعه على الخشب الخاص بالمقعد ثم نهض وهو يخبره  رغم عدم مقدرته :



_" أنا  عايز  أشوف أختي يا عز !"



لم يقدر على فعلها لم يقدر  على ان يجلس كل هذا الوقت وبهذا الحال من دونها ودون أن يري ما حالها ،  تفحصه "عز" بنظراته وقال بتعقلٍ :



_"انت تيجي فأي وقت يا حازم ،. بس صدقني أنا معاها متخافش ، وكمان الوقتي خليك عشان لو حد جه ياخد عزاه !!"



_"أختي أهم من الناس ، بيتك ميتوهش يا عز ،  أنا هروحلها عشان بالي يهدى !"



قالها بحزمٍ رغم اختناقه ، وسمعه الشباب وحتي والدته والنساء ، إعتدل "عز" سريعاً يمسك ذراعه كي يسير معه بلهفةٍ ثم قال كي لا يفهمه خطأ :



_" بيتك يا حازم ..أنا هاجي معاك يلا !"



تلهفت "عايدة" ونفى "حازم" برأسه قبل أن تتحدث كي لا ينهار الاثنان عندما يرا بعضهما ، خرج دون وداع ، خرج بخواءٍ. ومعه "عز" ، ووقف الكل بقلة  حيلة ، وعندما حاولت "وردة" إسناد "فريدة" لتقف ، منعتها بهدوء ثم قالت بصوتها المبحوح الضعيف :



_" سيبيني يا وردة ..أنا عايزة أقف لوحدي فالبلكونة!"



تركتها بقلة حيلة ، ونهضت تستند بنفسها بحرصٍ من رأسها التي تدور وعندما وصلت إلى الشرفه ، سمحت لشهقاتها بأن تخرج مره أخرى وتوقفت على فجأه وهي تضع يديها على فمها ببطئٍ وعينيها تمسح وجهها عندما وجدته يقف  يولي ظهره للقادم من الخارج ، حينها سمعها وإلتفت سريعاً ولم تتحرك هي ، بل رفعت عينيها تطالع عينيه اللامعة بخزيٍ ، بينما هتف بما لم تتوقعه ابداً عندما إقترب يقف بمواجهتها ثم قال بأسفٍ لها عن كل مره كان يقف ويجرحها بحديث عندما كانت تتحدث عن شقيقها بسوءٍ :



_" أنا ٱسف !"



وضعت يديها علي وجهها بكسرةٍ وعلمت بأنه علم السر الذي لم يكن سر بتاتاً بل سر كان يخفي عليه وكانت تعلم بأنه يجهله ولم ولن يردد له أحد عن كل ما  حدث لها كونها باتت تعلمهم جيداً ، علم هو  أنه  على مشارف الوقوع بها بجدية هذه المره ، لذا إهتزت نظراته وهرب بعينيه من بكاءها وعندما حاولت الهروب من أمامه قاطع سيرها بالوقوف بكامل جسدة أمامها وقال بنبره مختنقة يسألها  :




        
          
                
_" ليه مقولتيش!"



كيف ستقول؟ وتحت أي مسمي ؟ ، إنهارت أكثر في البكاء ورفعت رٱسها تطالعه  بنظرة عينيها المكسورة وتعمدت وقتها الجمود والثبات في القول  عندما قالت بإيجازٍ تخبره :



_" عشان مينفعش..وعشان مفيش حاجه بينا تخليني أتكلم فـ ..."



كانت تردد بنبره متحشرجه إلى أن قطع حديثها الجدي الهادئ الباكي بنبرته الهادئه يسألها مجدداً بقهرٍ مخفي :



_" عشان كده صدتيني ؟!"



حاولت الهروب أكثر فمنعها بسرعه وهو يتقدم أمامها خطوه واحدة يسألها بنفس اللين السابق:



_" عشان كده كنتي بترفضي تقابلي مني أي كلمة؟؟"



إنهزمت لا تريد أن يلين قلبها لهذا الحديث لا تريد كل هذه. المشاعر لا تريد أي شئ ، لم  يعد لديها ثقه، لا تريد خوض تجربه مثل هذه، لا تريد أن تستكشف جنس ٱخر  وحتى لو بمجرد حديث عابر !! ، رددت بضعفٍ وحديثها يأخذ نغمة بكاءٍ ضعيف :



_" لو سمـحـ.."



يخترق قلبه كل هذا ، وفكرة ضياع شرفها تطعنه الٱن عندما تأكد ،استنكر حاله عندما لم يتردد ولم ينظر ولم يـصُد او تتغير الفكره لدية ، لا ينكر بأنه اهتز قليلاً وكان متسرعاً دون حساب أي شئ بحياته ولا حتي لها ، كان مندفعاً عندما قال بسرعةٍ يبتر حديثها بـ جملته المماثله لها في القول قبل ان تكمله :



_" لو سمحتي إنتِ ..أنا شكلي هحبك.. غصب عني!"



إندهشت من. بين البكاء ، ورفعت يديها بجرأه تدفعه عنها بحدةٍ ثم قالت وهي تمسح وجهها بعنفٍ :



_" قولتلك مينفعش !!"



وأشارت بيديها تحثه بوجعٍ :



_" ابعد عني وملكش دعوة بيا  بقا !!"



خرجت من الشرفه بإندفاعٍ تركض نحو شقة "زينات" حينها هرولت خلفها "وردة" بغير فهم ، ووقف هو  بالشرفه يضع يديه علي وجهه بثقلٍ لم يختار حتى الوقت المناسب، يعلم أنه تسرع حتي قبل أن يتأكد ان كان سيقع بها ام لا ..هذه المره ستعتبرها شفقة منه ليس إلا  بعد كونها ترفض أي شئ الٱن!!



_"قولتلها ايه ي ٱدم ؟!"



كان هذا قول "بدر" الذي وقف بجانبه "بسام"، و"غسان" الذي لاحظ ركضها فترك "نيروز" مع والدتها وشقيقتها الٱخري ودخل مع الٱخران الشرفه، إندفع "ٱدم" بحدةٍ يوبخ شقيقه وهو  يشير له مردداً. بجمودٍ :



_" انت مقولتليش على اللي حصلها؟؟.."



وأكمل بإندفاعٍ يردد اللقب الذي يفتك بها وبه الٱن :



_" ليه مقولتش ان هي مـ.."



وقبل أن يكمل الحديث هتف "غسان" بتحذير:




        
          
                
_"إسكت متنطقهاش!! .."



طالعه بإستنكارٍ رغم وجعه، وإقترب "غسان" يتحدث بصوتٍ اقل انخفاضاً يحذره :



_" ميحقلكش تسأل بكلمة زي دي عليها ولا على اي واحدة !!"



أمسك"بسام" ذراعه كي يجعله يهدأ في حين كان الاخر يسأل بوقاحةٍ مخفية في القول ، إبتلع ريقه واهتزت نظراته وهو يتركهم  متوجهاً نحو الخارج ذاهباً إلى حيث منزله بعيداً. عن المكان الوجع ومكان إكتشاف وجعها قبل أن يصبح وجعه ، زفر "بدر" بصوتٍ مسموع ،و اعتدل "غسان" كي يخرج نحوهم مره أخرى في حين نظر "بسام" ناحية "بدر" وهو يحثه على الخروج!!.



_"بقيتي أحسن؟!"
سألها"غسان" برفقٍ فهزت رأسها بسكونٍ وهي تمسح وجهها ،  ومن بين نظراتها  على الجالسين وجدت "ياسمين" تتمسك بمعدتها بتحملٍ ووجهها أحمر متعرق ، تمعنت النظر ناحيتها حينها  إلتفت "غسان" برأسه فوجدها تنهض ببطئٍ تتوجه ناحية طرقة المرحاض ناحية الحوض وفي طريقها انحنت تتأوي بصوتٍ ومن بين انحناءها كادت أن تسقط أرضاً ،. ولحقها ذراع"غسان" بصدمةٍ ونهض الجميع بعد نهوضه بإندفاعٍ حينها صرخت "ياسمين" صرخة دبت بأرجاء المنزل ، وهرول الكل ناحيتها وهي تستند أرضاً تستند علي ذراع واحد من ذراعي "غسان" الذي انحني بغير فهمٍ ووعي لسرعة ما حدث الٱن !!



_" يـــاســمـــيــن!!!"



قالتها "سمية" مع "نيروز" بصراخٍ وحتى "وردة" والبقية  ، وعند صرخة الٱخرى وهي تحاول التحرك بمساندة "غسان" سريعاً وانحناء "نيروز" بخوفٍ انصعقت عندما وجدت بقعة الدماء   تسيل من أسفلها، حينها صرخت تدفع "غسان" كي يحملها ثم قالت بخوفٍ ونبره عالية مصعوقة :



_" دي ...دي بتنزف !!"



قالتها بصوتٍ مرتفع ووقف الكل بخوفٍ بينما حثه "بسام" سريعاً وهو يركض يفتح باب المنزل مع "دلال" :



_" هاتها ، شيلها يا "غسان" بسرعة. نوديها المستشفي ، قبل ما يحصل حاجة !!"



وقف "غسان" بها عندما وضع ذراعه أسفل قدميها وهرول بها من بين تشنج وجهها بألمٍ ودموعها التي تهبط ، توقفت عن الصراخ وسقطت رأسها بعالم غير عالمهم عندما لاحظت الدماء ، دماءها ؟؟ أم  جنينها؟ عند هذه النقطة فقدت الوعي، وهرولت "نيروز" ببكاءٍ خلفهم هي و"سمية" ، وظلت "دلال" تردد بذكر الله بخوفٍ وذهبت "عايدة" سريعاً  تحت خروج "وردة" بسرعه من الشقه الأخري بغير لهم هي وزوجة عمها وحتي ابنة عمها !!



بكت "وسام" بصوتٍ عالٍ بانهيارٍ  ودفعتها "دلال" نحو أحضانها سريعاً ، والوضع كلما يمر يتأزم ، وعندما يأتي السئ لم يتوقع أحد بأنه يوجد الأسوء منه ، حينها يتوجب الرضا والقناعه والصبر على الإبتلاء ، تبدل الحال بلحظاتٍ قليلة جداً ، والخوف الٱن يرافق القلق ويغلفهما الحزن والقهر!!




        
          
                
______________________________________________



«أنا الآن لا أعرفُ أي حُزن غيرني لهذا الحد.»- محمود درويش 
بالفعل كان لا يعلم ،  من كثرة الشعور أردا الذهاب من الشقة بأكملها ، من كثرة الثقل على قلبه والضغط ، دفن والده بيديه ورأي شقيقه يخرب الوضع أكثر وهو العاجز الغير واعي بماذا عليه أن يفعل بعد الآن بماذا يتوجب عليه الفعل وهو بهذه الحالة!! ، ولو يعلم هو  ما حدث لها لأعلن رغبته في الاستسلام والإختفاء من هذه الحياه لعدم قدرته!! 



جلس "حازم" على أريكة حديثه وحيدة أمام شاشة تلفاز مُشغل بالقرٱن بصالة شقة "عز"، جلس ينتظر خروجها بعدما دخل "عز" يحثها على الخروج ، وخرجت "حنان" لتعزية "حازم" والجلوس برفقته إلي حين خروج شقيقته ، كانت تجلس بجانبها "فرح" حزينة العينين المتعكرتين بالدموع دون حتي ان تهتف حرف واحد!!!



وقف بإندفاع من هذا الانتظار عندما وجدها تخرج مع "عز" بمساندته وهو يمسك ذراعيها برفقٍ كي تخرج وما أن خرجت وهي تمسح وجهها وقعت عينيها عليه وحينها تركت "عز" وهرولت ترتمي بين أحضان شقيقها بإنهيارٍ أمام نظراتهم المشفقة الحزينة ، قررت "حنان" تركهما وتوجهت ناحية الباب تهبط عندما تذكرت بأنها تترك طعام على النار في الأسفل قبل وقت ،أشارت لـ "عز" فأومأ لها وهو ينظر نحوها بوجعٍ ، إلى الأن تبكي بين أحضان شقيقها ولم تخرج بعد ، نهضت "فرح" ببطئٍ تسير خلف "عز" الذي دخل  مدخل  المطبخ ينفرد بنفسه قليلاً ، وعندما دخل فتح صنبور المياه يمسح على خصلاته بإنهاكٍ وأغمض عينيه بقوةٍ وانتفض بخفةٍ خفيفه عندما وجد يد أحدهم توضع على كتفيه ، كيف لم يعرف هو أناملها الذي يفتقدها قبل فتره، ويفتقد  احتواءها له !!، إلتفت ينظر لها وضمته هي بين ذراعيها وهي تربت على  ظهره بقوةٍ ، كانت على مشارف النطق بينما تحاول جاهده ولم تستطع أيضاً ، حينها هتف هو بتحشرج وهو بين ذراعيها :



_" أنا تعبان أوي يا " فرح" ..مش قادر !"



أكمل سريعاً يخرج هواء أنفاسه بحسرةٍ ثم قال بخييةٍ وقهر لها :



_" مش قادر أشوفها كده !!"



شددت بعناقه بقوةٍ وخفتها في الاستيعاب تزداد كما في الحركة وهذا يعني قرب الحالة بالنطق من جديد ، حينها فتحت صنبور المياه من بين دموعها تمسد على خصلاته وأمسكت كفه بتشبتٍ حتى قبلته بأسفٍ ، كل هذه الحركات خلف بعضها تثير دهشته بعد ابتسامته الباهته وعانقها هو هذه المره بتأثرٍ!!!



وكما كان يعانقها ، خرجت أخرى من العناق ، خرجت "جميلة" تستمع إلى حديث "حازم" :



_" ربنا يرحمة ويغفر له يا جميلة ، البُكا مش هيعمل حاجه ، صلي وأدعيله واصبري!!"



مسحت وجهها بصمتٍ وجلست بجانبه عندما دفعها برفقٍ لتجلس وحاوط كتفيها وضم رأسها ناحيته وقال مره أخرى بهدوءٍ :




        
          
                
_" هوني على نفسك ، عشان الأيام تعدي ..عارف ان كل حاجه دلوقتي صعبة عليكي، وعارف ان فرحتك راحت بسرعه اوي قبل ما تكمل للٱخر ، بس عشان خاطري إجمدي يا جميلة ، أنا ثابت بثباتكم انتم ..أنا عارف ان فريدة هتمسك نفسها بعد كده شوية لكن انتي أوعديني تصبري ومتعمليش فنفسك كده!!"



وجدت نبرته تُبح وتتحشرج ، وهيأته ونبرته يمزقان بها بقوه ، حركت رأسها تومأ وفقط فأمسك هو يديها وأهبط رأسه يقبل قمة رأسها، ووجد "عز" يقف أمامه وبجانبه "فرح"، حينها وقف وهو يمسك يد"جميلة" حتي وقفت معه ونظر لها بابتسامه هادئة صغيره كي يبث بها بعض الثبات ، وأشار لـ "عز" كي يحدثه على إنفراد ، حينها وقف أمامه واهتزت عينيه بينما  لم يتردد بل هتف  بلهجة هادئة عميقه وشقيقة كل منهما تقف على بُعد تواسي واحدة الٱخرى بالأحضان والنظرات مع محاولتها الجاهدة بخروج الحروف من بين شفتيها!!



_" متسيبهاش يا" عز "، "جميلة" مش هتقوي غير بيك !"



وقبل أن يكمل "حازم"  أكثر ، تفهم وضعه كرجل لحدوث كل ذلك به بلحظة سعادة ،  لذا حدثه بحديث متفهم من رجل لرجل ٱخر , عاد "حازم " يكمل وهو يضع ذراعه علي كتف "عز"  :



_" أنا عارف إنك ملحقتش تفرح زيك زيها بالظبط  ، بس انت ابن حلال ، عايزك تصبر عليها وتسنتنـ.. .."



تفهم"عز" طبيعة حديث"حازم "عن اتمام زواجة بها وقاطعه بجديةٍ شديدة وهو يطيل النظر بعينيه حتي قال بجديةٍ متعقلة متفهمه :



_" أنا فاهم يا "حازم" من غير ما تقول ، وعيب كلامك ده إحنا رجالة بتفهم وبتقدر، وأنا أهم حاجة عندي راحة أختك متقلقش .!!"



وأكمل  يطالع طيفها وهي تجلس بجانب شقيقته وعاد ينظر ناحية شقيقها مضيفاً بـ  :



_".أنا بحب "جميلة " وبراعي ربنا فيها ولو  كانت الحالة من غير حُب فـ بردو كنت هراعي ربنا فيها وهراعي ظروفها عشان مراتي ، إطمن !"



_" مش عارف أرد أقولك ايه يا "عز" ، كتر خيرك حتي لو كان واجبك ، بس أنا بشكرك  !!"



عنفه "عز" بنظراته فربت  "حازم " علي كتفه بإمتنانٍ وتوجه بعدها ناحية شقيقته يحتضنها بوداعٍ فرددت هي بضعفٍ تسأله وهي تراه يعتدل :



_" خليني أشوفك تاني يا "حازم "،  وخليني أشوف ماما وفريدة ونيروز ، وكلهم.. قولهم يجولي طالما محدش راضي يخليني أروحلهم ..!"



_" حاضر ، هخليهم يجولك فأقرب وقت ، متخافيش  انتي وإطمني  وخلي بالك من نفسك ومن حالك ، ادعيله واصبري زي ما قولتلك، اتفقنا؟؟ !"



أومأت بحزنٍ وابتسم مره أخرى بطريقة زائفة كي يشعرها بالأمان وتوجه تزامناً مع دقات هاتفه الذي تعمد  تجاهلها فوجد "عز" يأتي خلفه ، حتى قاطعه هو وهو يلتفت يشير له نفياً :




        
          
                
_" أنا عارف السكة كويس يا "عز"، خليك جنبها  انت  زي ما قولتلك وإسمع الكلام!"



وجد الإصرار منه فحرك رأسه إيجاباً وقال قبل أن يغلق "حازم" خلفه الباب:



_" هبقي اكلمك أطمن عليك!"



همهم الٱخر وزفر بنفاذ صبر عندما وجد الهاتف يدق مره أخري ،بينما توجهت "جميلة" ناحية التلفاز كي تقوم بتعلية صوت القرٱن أكثر وجلست تستمع فوجدته يجلس وهو يرفع يديه يزيح خصلاتها  إلى الخلف وردد بهدوءٍ كي يخفف عنها :



_"جميلة وميليقش عليكي الحزن أبداً يا جميلة!"



طالعته بملامح هادئة  حتي وجدته يرفع يديها ناحية فمه يقبلها برفقٍ ولين  وعمق حتي بنظراته ، فتحت "فرح" الباب عندما وجدت الجرس يرن ، وظهرت "حنان " بصينية طعام ساخن من ضمنه حساء لها، دخلت بخطواتٍ هادئة ووضعت الصينية علي الطاولة ، تحت إسنادها برأسها علي كتف "عز" وما أن  وجدتها تقترب وهي تمد يديها المجعده بقولها :



_" قومي يلا يا حبيتي كُليلك لقمة !"



ترددت بنظراتها ونظرت لكفها ثم لعيني "عز" الذي قال لها بابتسامة يحثها:



_"هتكسفي أم عز ؟"



_" لأ..بس..بس أنا مش قادرة ومـ ..."



وجدت "فرح" تمد لها كفها هي الٱخري فعاد "عز" يسألها بمشاكسة طفيفه ليخفف عنها :



_" هتكسفي أخت عز ؟"



ضحكت "حنان" بخفةٍ وابتسمت "فرح" فنفت "جميلة" بتعبٍ :



_"مليش نفس ٱكل يا عز ..مش هقدر عـ .."



بُتر حديثها عندما وقف "عز"  ممسكاً بيديها فظلت هي جالسة تطالع يديها المعلقه فسأل هو بخفةٍ مره أخرى :



_" طب وهتكسفي عز ؟ حبيبك؟"



خجلت من بين حالتها وكادت أن تعارض فحاول "عز " على أن ينحني ليحملها فوقفت هي بإندفاعٍ عندما شعرت بما سيفعله  حتى فتحت عينيها على وسعها ، ضحك بخفةٍ وابتسامة خجل زينت محياها الباهت وثمة أفعال بسيطة تُفعل كي تهون عليها ، وجدت "فرح" تحتضنها للمره التي لا تعرف عددها ومن بين محاولتها هتفت بجانب أذنها ببطئٍ  وتقطع :



_" جمـ ـيـلة!!"



قالتها بتقطعٍ ولم تتوقع "فرح" نفسها بأن حديثها الصامت التي تتحدث به بصمتٍ عاجز خرج. أخيراً ،  فتحت "جميلة" عينيها على وسعها كما صُدم "عز" وانفرجت شفتي"حنان" بابتسامة واسعة ، فرددت "جميلة" بغير تصديق:



_"فرح !!! انتي اتكلمي يا فرح صح ؟"



_" اللي أنا سمعته دا حقيقي يا فرح ؟ قولي إنه بجد ، اتكلمي تاني كدة !!"



نطقها "عز" بسعادة مصدومه وصدمة "حنان" جعلت الحديث يهرب منها، في حين توسعت بسمة "فرح" بغير تصديق ثم قالت وهي تحرك رأسها بغير وعي للذي يحدث:




        
          
                
_" عـز أنـ ـا.."



لم تكمل الكلمات ورغم أن حديثها بطئ ولكنها تتحدث الٱن ، بطئ بسبب توقفها عن الحديث لفتره كبيرة ، ربما سيكون كذلك في البداية ، وجدت نفسها تندفع بأحضان "حنان" الفرحة وأدمعت عينيها تأثراً ، في حين نظرت "جميلة" بدهشة ناحية "عز" الذي تيقن بهذه اللحظة أن البلاء يأتي ومن الناحية الأخري يأتي فك كرب وبلاء ٱخر !!



ربما هذا هو الشئ الوحيد الجيد بهذا اليوم الملئ بأحداث صعبه ، ومن بين أحضان لأخري وآخرهم كان عناق"عز" بفرحةٍ لم يستطع إخفاءها ووقتها نظرت "جميلة" بتأثر ناحيته وفي الحال وجدت كفه يحتوي كفها مع قوله الهادئ :



_"مهما كان فإنتِ وشك حلو وهيفضل حلو عليا يا جميلة!"



إبتسمت بابتسامة باهته وقرأ هو المسطور بعينيها عندما كانت تنظر له بشفقةٍ على ما يحدث، فهمها وفهم حديثها وبرر سريعاً. قبل ان تنتكس!!، وجدته يسحبها برفقٍ كي تجلس على الطاولة ، كانت تأبى أن تأكل بينما تأخذ بعض لقيمات صغيره من بين يديه تاره ومن بين يدي "فرح" تاره وحتي "حنان" كانت تطعمها وكأنها صغيره ، وقعت وسط عائلة حنونه تعشق البساطة ، فرحتهم كانت تأتي بأبسط شئ يمكن فعله!!!



_____________________________________________



_" الحمد لله ربنا ستر ،.. والبيبي بخير ، مجرد ضعوط نفسيه  جت بإنذار إجهاض يس حالتها مش احسن حاجه ولازم تفضل فالسرير متتحركش منه مع شوية مثبتات  لازم تمشي عليها الفتره دي !!!'



عادت الأنفاس بعدما سُرقت ووقف الكل يسمع الطبيب ،  وعندما أكمل بهتفه لأسماء أدوية ركز معه "بسام" واحتضنت"نيروز " "غسان" وكأنها تحتفل بالإطمئنان عليها  وعلى الجنين الذي مازال برحمها إلى الٱن ، كانت كلمات الحمد. الشكر لله عالية منهم جميعاً. وهرولت "سيمة" نحو الداخل بإطمئنان ، حتي وجدت مغذي يُحقن بها ،بين عروقها ، دماءها التي نزفتها لم تكن كثيرة بينما كانت ظاهره أسفلها  بقعة معينه جعلت الكل ينصدم كونها "حامل" ، وقف الكل يأخذ أنفاسه ، ورد "بدر" على "وردة" بينما أخبر "غسان""حازم" بطريقة تجعله يطمئن قبل قليل ، فاتفق الكل على ان يعلم لأن  لا مفر من ذلك ، حينها تذكر لهفته وصوته الخائف وهو يستعلم عن أي مستشفي هم ؟، أستند "غسان" بظهره علي الحائظ ونظر ناحيته ذراعه  وكفه وحتي أزارار قميصه التي فُتحت بإهمال ، توجه ناحية المرحاض بعدما أخبر "نيروز" فدخلت "نيروز"مع"عايدة" إلى الداخل ، ووقف"شادي" بجانب "حامد" ينظر بأسف على حالهم كما كان "بدر" يطمأنهم!!



_"روح يا بني بقا لمراتك ،  متسييهاش كل ده لوحدها!"



كان معهم"طارق" يساندهم ووصل إلى مسامعة قول "حامد " للٱخر فرد"شادي " ينبره هادئة يوضح :



_" - مكنتش عايز أسيبها بعد ما انهارت من العياط  بس مضطر!"



_" طب إستأذن يبني وروحلها لسه قدامك طريق، وأنا خايف علي بنتي !!"




        
          
                
قالها "طارق "بقلقٍ، فرد "شادي" بتفهمٍ :



_" أنا عارف يا عمي وبحاول متأخرش عليها متقلقش ، حازم يجي بس وهمشي  علطول !!"



وجده يهرول من نهاية الطرقه ممكساً الهاتف علي أذنه ، كان ركض كمن يركض بتيهه في هذا الوضع قابلة "شادي"و"بدر" سريعاً يطمئنه ومن قبل أن يتحدثوا سأل هو بخوف ولهفة عليها :



_" هي فين .. حصل ايه ..طمني يا بدر ..حد يرد عليا!!"



_" أهدي يا بني   ، متخافش هي كويسة أدخلها  هي جوه!"



قالها "حامد" وهو يربت  على ذراعه بينما تركه مهرولاً ناحية الداخل بخوفٍ ويديه ترتجف الٱن لأول مره لأجلها هي !! ، دخل ووجدها نائمة بعالم غير هذا العالم ووقفت "سمية" تطمأنه عقب دخوله ، بينما كانت تجلس "نيروز" على المقعد بجوار الفراش التي تتسطح هي عليه ، هرول يجلس على المقعد بخوفٍ ثم  أمسك كفها المحقون به الإبر يمسد عليه بخوفٍ وهبطت دموعه الٱن وهو يردد باختناق وكأنها تسمعه :



_" ليه كدة يا ياسمين ، لو حصلك حاجه انا روحي هتروح فيها !!"



قالها بإختناقٍ وشعر بهذه اللحظة أن الأبواب تُغلق بوجهه من جميع النواحي ، أدمعت عينيه أكثر وإستند برأسه وهو ينحني على الفراش بتعبٍ ، مقدمة رٱسه بجانب كفها الموضوع ، وهو يزفر أنفاسه بصوتٍ كي يخرج الثقل الذي على قلبه وصدرة ، شعر بإنسحاب الكل من الغرفه وبعد دقائق من هذا الوضع وجد كفها يُمرر على رأسه وخصلاته ، حينها تلهف فوجدها تنظر بتشوشٍ وعندما نظرت ناحيته  حاولت التركيز أكثر وإنتفضت بفزعٍ تتمسك بمعدتها فنهض سريعاً ينظر نحوها ، أدمعت عينيها وهي ترجع ظهرها ثم سألته من بين جلوسه بجانبها يحاول سندها كي لا تتحرك :



_" منزلش يا حازم صح ؟ قولي والنبي إني مسقطتش عشان خاطري !!"



قالتها ببكاءٍ وهي تتحسس بيديها موضع معدتها فربت هو على معدتها بحنوٍ ثم انحني يقبل مكان لمسته وهو يقول بتحشرجٍ يقطع حديثها :



_" الحمد لله ..الحمد لله يا ياسمين ، ربنا كتبله يعيش ويكمل ، بس أنا أهم حاجه عندي إنتِ ، إنتِ متتعوضيش عشان خاطري خدي بالك من نفسك  ومن صحتك ، مبقتش قادر ..مش هبقي حمل ضربة تانية وأنا كدة ..!!"



رفعت يديها تمسح دموعه وبكت بضعفٍ وهي تحرك رأسها فاعتدل بجلسته ينتظر هذا المحلول كي ينتهي ،  ومن بينه اقترب كي يسند رأسها على كتفه وهو يربت علي ظهرها كطفلة صغيره بين يدي والدها يطمأنها بأن ليس بها مكروةٍ!!، وان ما بها مجرد" شكة من دبوس" بهذه اللغه فيما بينهم !!



في الخارج وقف"بدر" كي يساعد "حازم" في  الرحيل ، وعقد"حامد" العزم على ان يجعلهم يرحلوا من "غسان"و"نيروز"و", سمية" وحتى "طارق" الذي رحل وهو يوصي "شادي" ، وقف "شادي" من على الأعتاب يودع "حازم" الذي اومأ له برأسه بتفهمٍ ، فرحل هو الٱخر وهذه المره بسيارته نحو منزله هو ، بينما في أقل من الساعه سيكون "حازم" عائد إلى المبني ومعه"ياسمين" بمساعدة "بدر", في حين أن البقية رحلوا قبل وقت !!!




        
          
                
________________________________________________



كانت "وردة" تنتظر  بقلقٍ وخوفٍ علي "ياسمين"ولولا أنها إطمأنت هي و"زينات"و"فريدة" وحتى "دلال" وابنتها "وسام" لما كانت حالتهم ستكون كذلك ابداً ، من بين جلستها الٱن على سجادة الصلاة بغرفة "جميلة". تبكي  للخالق وحده ، أغلقت المصحف وهي تمسح دموعها ثم رفعت يديها كعلامة للدعاء وهي تقول دعاء فك الكرب والتهوين لكل ما يحدث :



_"اللهم إليك أشكو ضعفي قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته امري إن لم يكن بك غضب علي فلا ابالي.غير ان عافيتك هي اوسع لي.اعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة.أن يحل على غضبك، أو ينزل بي سخطك.لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك.!!"



إستمرت في الدعاء وكانت تقف علي أعتاب باب الغرفة "زينات" التي رفعت يديها تفعل مثلها وهي تردد "ٱمين" بوجعٍ ، سمعت صوت الحديث العشوائي وعلمت أنهم أتوا من الخارج  فمسحت وجهها وهي تنهض حتى خرجت بعدما خرجت "زينات" بلهفة ووجدت "حامد" يطمأنهم بالحديث ، ومن بين كل ذلك إنسحب "غسان" مع "نيروز" للٱعلى عندما شعر بأن طاقتها تنتهي بالفعل ، جلست "دلال" بإنهاكٍ ، وإستندت "وسام" على كتف"حامد" فربت هو. على رأسها بحنوٍ وهو يحثها علي النهوض نحو شقتهم ، في حين وقفت "وردة" تنتظر قدوم "بدر" ومن الجهة الٱخرى تشتاق لصغيرها والتي لم تراه منذ ما حدث فقد أخذته "فاطمة " وقتها مع الأطفال في السيارة وجلس معهم من وقتها هناك بعيداً عن هذه الأجواء المشحونه بالحزن والسلبية..!!
_



مرت دقائق كثيرة ، وصداع رأسها لا يتركها من كم الجهد التي بذلته بنفسيتها وضغطها ، وقفت "نيروز" تبدل ملابسها لٱخري مريحة في المرحاض، حتى  مدت يديها تمسح وتغسل وجهها بقوةٍ  تُجهد وبوادر دور الزكام تظهر من جديد عليها , اعتدلت تمسح وجهها ، وخرجت فوجدته يدخل الغرفه مع دخولها وهو يعد  كوب من المشروب الساخن مع شطيرة صغيرة ووضعها على الطاولة الصغيره الحديثه ، فخرجت تبتسم له بإمتنانٍ وإرهاقٍ ، فوقف هو كي يخفف عنها والتفت خلفها كي يترك عقدة شعرها ، ان تُركت خصلاتها دون عقدها فستشعر بالراحة ولو قليل بعد كونه يفضل تركها لخصلاتها بهذه الطريقه ، إبتسمت له وهي تسير حتي جلست علي مقعد مريح وجلس هو بجانبها ، تعلقت عينيها بعينيه بإمتنان وقالت بشكرٍ تحت تأثر لما فعله :



_"أنا مش عارفه أقولك ايه يا غسان.. كل مره بتقف جنبي وجنبنا للٱخر ، ربنا يخليك ليا!!"



أدمعت عينيها بتأثرٍ فابتسم يشاكسها كي يخفف عنها ورفع كفه يمسح علي خصلاتها مع قوله اللين  المشاكس كي يخفف عنها:



_" قولي بحبك !"



ضحكت بيأسٍ منه  كي تراضيه ونظرت بحبٍ هادئ ومن ثم حركت عينيها نحو الكوب وأخذته من بين يديه دون معارضه ، هي تعلم  الٱن بأنها بنهاية الٱمر تنهزم أمام إصراره تجرعت منه بهدوء مع  قضمها رغم انها لا تقوي علي تناول طعام مهما كان حجمه ، ولكنه يصر الٱن بنظراته!!




        
          
                
_"  استنى  ثواني أخرجلك لبس عشان تغير !"



قالتها وهي تحاول النهوض عندما وجدته يعتدل ولاحظت ملابسه التي ظهر عليها الانكماش والإهمال ، أمسك معصمها يقاطع نهوضها ثم قال بابتسامة  هادئة وهو يقوم بفك الأزرار أكثر  كي يخلعه :



_" سهلة خالص ...أهو !!"



قذف القميص على بُعدٍ وإستند بجسدة بإريحية وهو يحاوط كتفيها، فإبتسمت وركزت بعيينها نحو جرح جانبه الذي طُعن به من "حسن"، تركت الكوب أخيراً حتي وضعته بجانبها وإستندت برأسها على كتفه بتلقائة فلامس وجهها كتفه العاري الجامد بعظمته،. ولكنها على أية حال تشعر بالراحة عند الإستناد عليه :



_" طلع كتفك شيال وبيسند أي حد يميل عليه.. وعمره فيوم ما مال هو !!"



قصدت مساندته للكل غالباً ! ، ابتسم وهو يخرج أنفاسه ورد بعمقٍ وهو يمرر يديه علي ذراعها محاوطاً كتفيها :



_" ولا هيميل طول ما "نيروز" ساندة عليه !!"



ابتسمت إبتسامة باهته واغمضت عينيها بإرهاقٍ ثم فتحتها فحاول هو التخفيف عنها عندما قال بمرحٍ كي يجعلها تضحك رغم هذه الظروف:



_"أنا . عايز خناقه كده ولا كام كلمة من بتوعك يسخنوا الدنيا بدل الهدوء ده أنا مش متعود على كدة أنا .فين النكد؟؟!"



ضحكت بخفةٍ ولم يفشل هو بالتخفيف عنها بل نجح رغم وجعها وحزنها ولكنها ضحكت ربما بألم؟ ، جابت عينيه تقاسيم وجهها فردت هي بهدوء تعترف له :



_" مبحبش  خناقنا ولا بُعدنا ، بس عايزة أقولك اني بحبك أوي وأي حد غيرك كان فاته  اتخلى عني  بقاله كتير عند أول حاجة حصلت من ساعة ما دخلت حياتة  وكإني بوظتها عالٱخر!! ، انت استحملت معايا .. وبتستحمل كتير اوي ، أنا ..أنا آسفة!!!"



عقلها لا يتذكر الا صبرة على "حسن" ولامس قلبها إنسانيته رغم ما فعله ورغم شخصيته التي لا  تظهر بأنها كذلك!!



_"أنا أستحمل أي حاجة عشان بنت الأكرمي!"



أهبط شفتيه يقبل كتفها برفقٍ واعتدل يمسك وجهها بين يديه حتى طالع عينيها الحزينه وملامحها وهتف بلين يأثر بها:



_"ملامحك متستاهلش تبهت كده يا نيروز ،  الموت حق ..وحتي الحياه ابتلائات واختبارات من ربنا لينا ..مش محتاجين غير الصبر ، الصبر من غير ما  نجهد نفسنا !!"



ابتسمت له بإطمئنانٍ ومسحت لحيته الخفيفة  بيديها ثم مررت يديها علي خصلاته ترتبها ومن بين إندماجها قبل وجنتيها بمشاكسةٍ فضحكت هي بيأسٍ منه ثم قالت بصوتٍ مختنق تحاول به أن تثبت وتظهر له الآطمئنان :



_"  تعرف انك قليل الأدب ..بس بحبك ويطمن فوجودك ؟!"



ضحك بخفة ٍيؤكد  وغمز لها بمشاكسةٍ  طفيفة ونهض يشير لها بأن تنهض وحثها علي أن  تنهض وفتح ذراعيه على ٱخرهما يشير لها بالدخول ببن ذراعيه ، فعل كذلك كونه يشعر بكبتها ، دخلت بتأثرٍ بين ذراعية ولم تنهمر الدموع هذه المره بل أدمعت عينيها تأثراً ومرر هو يديه على ظهرها ومؤخرة رأسها بخصلاتها فردد هو وهي تحاوط خصره بذراعيها  تعقدمها بتشبتٍ وكٱن هذه هي لحظة الأمان والحماية من قسوة من بالخارج بالنسبة لها :




        
          
                
_" ابن البدري مش على بعضه علشانك واللهِ !!'



صارحها بوجعه هو الٱخر وحزنه لأجل حزنها ، فإستمرت هي تشدد بعناقه كما كان هو يحتجزها بين ذراعيه باحتواءٍ !!!



..
بينما في الأسفل :



دخلت "زينات" شقتها وخلفها "فريدة" عندما وجدوا ان الكل يحتاج راحة او قسط منها علي الأقل ، الجميع حتي بعد قدوم "حازم"و"ياسمين"و"بدر". وإطمأن الجميع عليها ونامت هي بسباتٍ عميق بين أحضانه بغرفته ، جلست"عايدة" بغرفتها تهاتف رقم "جميلة" بلفهةٍ كي تطمئن عليها!!



ووقف "حامد" بصالة شقته ينظر ناحية "بدر" الشارد وقال بدون مقدمات :



_"مقولتلهاش لسه يا بدر ؟!"



رفع رأسه ينظر بيأسٍ وهو ينفي ، فزفر"حامد" بصوتٍ ثم قال يوبخه :



_" انت غلطان عشان زنقت نفسك وحتي ممهدتلهاش ان ده هيحصل، حتى الوقتي صعب تمهد!"



وضع "بدر" كفيه على رأسه بثقلٍ وحينها وجد ذراعي "دلال" تحتضنه بعاطفة أمومه ، لم ينعم بذلك منذ مده كبيره، دخل بين ذراعيها بإستسلام فربتت "دلال" عليه بحنوٍ ثم قالت بإطمئنان :



_"  متخافش يا حبيبي ..هي هتفهم الوضع والدنيا هتمشي وكله بيعدي!!"



لم ينبس بأي حرف ، وراقب "حامد" ما يحدث بقلة حيلة ، بينما كان "بسام" بغرفته واستطاع بأن بنفرد ليقوم بمذاكرة لم تنتهي بعد لمهنة الطب التي لا تنتهي أبداً ، سيحاول التركيز على أية حال ان لم يقطعه شئ أو صراخ او ماشابه  من عائلة الأكرمي!!!..



...
الساعات تمر وروحه الٱن إما أن  تخرج إلى الأبد او ستبقي بين الحياة والموت ، سيلفظ أنفاسه الأخيرة ؟؟ ، ام ان استسلام جسدة بهذه الطريقه سيجعل عقله كذلك من كثرة ما يتجرعه الٱن لا يقدر علي النهوض بل ولا على فتح عينيه، الٱن الموت يقترب منه وهو على الفراش دون أن يعلم أحد ، أُغشي عليه بغيبوبةٍ ٱتت  من ضعف جسدة وان لم يلحقه أحد لذهب في سبات عميق لا نهوض منه أبداً  الا يوم الساعة !! "



_______________________________________________



_" ازاي تسيبني  واقفة على الباب  أصلاً كدة يا "سمير"  انا وانت ومترضاش تفتح ؟!! دا ايه ده ؟؟ دي مش قلة. ذوق ؟ أدي مجايب اخوك يا سيدي ، حاجة تعر والعوج اشتغل من الصباحية !!"



كان الحديث يخرج غضباً من "دولت" التي قالت كل ذلك بمنتصف شقة "شادي"بمنتهي  التبجح ، شادي الذي جاء قبل ساعات  وبقي معها وعندما جاءوا مره أخرى فتح لهم يرحب بهم !!



كانت "منة" تقف خلف باب الغرفة ، تمسح وجهها ودموعها ،تتذكر كيف كانت تهاب بأن تفتح لهم وهي بمفردها دون وجود "شادي" لا تثق بهم ولم تعطيهم الأمان وعلمت"دولت" بحدسها الأنثوي المتفهم ٱمور النساء هذه !!




        
          
                
وقف "شادي" يستمع إلي هذه الكلمات وأمامه"سمير "و",فتحي" الغاضبان أيضاً !!



_" جرا ايه يا" شادي" ،  مراتك مش عطيانا الٱمان وخايفه مننا لإيه  بنعُض احنا ولا ايه ؟.. وبعدين خارج رايح فين وسايبها يوم صباحيتك ؟؟ "



وأكمل "سمير" بقية كلماته بإنفعالٍ يخرج له بما يكبته :



_"ورا الواد اللي اسمه "غسان" بردو ؟ خد بالك الواد دا  طمعان فيك و .."



_" سيبه يا سمير .. مهما تقول مش هيسمعك ، بيدخل من هنا ويخرج من هنا زي دخان السيجارة دي بالظبط !!"



قولان خلف بعضهما وقبل ذلك قول "دولت"، تشنجت ملامح "شادي" بإنفعالٍ وإلى الٱن يحاول أن يحترمهم، ردد بنبره هادئه أو ربما هذا الهدوء هو هدوء ما يسبق العاصفة :



_" خلصتم ؟؟ ولا لسه في حاجة تاني عايزين تقولوها ؟ !"



_" روح يا اخويا إتشطر على مراتك ، عملالك ايه كده لدرجة انك مش شايفها غلطانة ، لحقت تسقيك ايه دي !!"



قالتها "دولت" وهي تلوي شفتيها  بتبرم ، فإحتدت عينيه و نظر ناحيتها وقال محذراً. :



_" إنتي واقفه فبيتي وبيت صاحبته بقت منة مراتي .يعني تحترميها وتقفي تتكلمي عليها بشكل أحسن من ده سامعه ولا مش سامعة يا مرات اخويا!!"



إندفع "سمير"  يردد بغضبٍ :



_" انت هتعلم مراتي الأدب قدامي كمان ؟؟!"



وجدوا "منة" أمامهم ، فنظر ناحيتها "شادي" مردداً بأمرٍ :



_" أدخلي جوه يا منة !"



_لا مش داخله..مش داخلة وخليهم يقولوا هم جايين عايزين ايه  منك ما كفاية بقا !!"



صرخت بهم بأخر حديثها  لأجله فأغمض عينيه بنفاذ صبر  وسمع صوت "دولت" الساخر :



_" ما شاء الله طلعلك صوت أهو وبتخربشي كمان بالكلام ، كان فين ده ، دا انا  قولت انك صعبة ودا مخرجش يعني ولا شوفت!!"



تشنجت ملامح "منة" وردت بانفعالٍ على حديثها:



_" انتِ لسه متعرفنيش لحد دلوقتي ، بس أنا متربية على مبادئ وأصول مينفعش أتخطاها بالذات لو على ضيوف فبيتي !!"



قذفت الحديث بمتتصف وجهها وإنصدمت الٱخري بجرأة ما قالته ، تعتبرها ضيفه؟؟ ، صاح "سمير" بإنفعالٍ له :



_"  سامع مراتك يا شادي؟ سامعها وهي بتقول على اخواتك ضيوف في بيتهم ؟؟ ولا عامل نفسك اطرش  دلوقتي!!!"



وأكمل "فتحي" على نفس نهج حديث شقيقه الٱخر مردداً بتهكمٍ :



_" ولسه ياما هنشوف يا عريس ..!!!"



رفع "شادي" عينيه بتحملٍ ينظر ناحيتهم ثم توجه كي يتمسك بمعصمها ليسحبها  خلفه حتي دخلت الغرفه وأغلق هو الغرفه خلفها ،  فإقترب "فتحي" يردد بسخريةٍ  مره اخرى:




        
          
                
_" لا راجل أوي يا خويا .. خليها تتفرعن علينا كمان كمان ، انت مش هتـ ..."



بُتر الحديث عندما صرخ "شادي" بقوةٍ وعنف :



_" كــــفـــاية بقا ..إخرســـوا ..!!"



قالها بانفعالٍ وتوجه بخطوات سريعه يقترب وهو يسرد بوجعٍ وصوت مرتفع :



_"كل مره بكبركم وبردو بتصغروني قصادكم وقصاد نفسي .. أنا مش عايز منكم حاجة ..مش محتاج حاجة ، كل واحد يخلي لسانه جوا بؤه  ومسمعش ولا كلمة ،!!"



_", وايه كمان يا بن امي وابويا وايه كمان بتبقي مراتك  على اخواتك!!!!"



قالها "سمير" فأكمل "شادي" حديثه بوجعٍ :



_" محدش بقالي منكم عشان ابقيه ..واللي فيها خلي كل حاجة ترجع زي ما كانت ، كل واحد  يرجع سفره تاني وحلوا عني وعن دماغي وسبوني فحالي ، مش حتي الونس اللي ما صدقت لقيته  مستكترينه عليا ، كفاية بقا سيبو الواحد فحاله زي ما سبتوه من قبل!!"



إقترب "فتحي "  ينظر  ناحيته حتى هتف باستهزاءٍ :



_" فرق السن اللي بينك وبينا يا باش محاسب مينسكش ازاي تتكلم مع أخواتك الكبار !"



لوي "شادي"فمة بنفس الإستهزاء وقال يقلل منه بتعمدٍ :



_" الكبير كبير بأفعاله يا فتحي يا خويا ..بس انت بقا معرفتش تكون كبير بالحرام اللي انت عايش فيه ، خليني ساكت أحسـ ..!!"



وقبل أن يُكمل كلماته أثارت الكلمات غيظ "فتحي" وانفعاله ، وعلى فجأه قبل ان يكمل "شادي" كلمته الٱخيرة صفعه الٱخر على صفحة وجهه بقسوةٍ حتى شهقت "دولت" رغم جبروتها واندفع "سمير" يفصل "فتحي"عنه ، بينما وقف"شادي" بخواءٍ وكأنه لم يتلقي صفعة الٱن ، صُفع منهم من قبل بقلبه فلما التأثر؟؟ إبتلع ريقه بثباتٍ زائف وسمعت "منة" من الداخل كل ذلك ولم تستطع الخروج بسبب إغلاق "شادي" الباب عليها !!



_" بتقولي حرام وحلال؟ ما تعلمني كمان الأدب ياض!!"



هدر بها بإنفعالٍ ونظر له "شادي" بخيبة وقال بكل هدوءٍ يرد على حديثه:



_"مش شرط الكبير يعلم الصغير الأدب يا فتحي ..أنا صغير عنكم بس قادر أعلم كل واحد الأدب وأخلية يلزم حده ، بس عيب مني وفحقي أرفع أيدي علي اخويا الكبير ، عندي حل تاني لو محدش عمله دلوقتي وسمع كلامي فيه هتشوفوا وش شادي التاني  اللهم بلغت !!!"



_" هتعمل ايه يعني ؟ انت بتهددنا؟"



هدر "فتحي" بانفعالٍ والٱخر يمسك ذراعه كي لا يندفع ، بينما فتح "شادي" هاتفه يهوش به وقال بتبجحٍ جرئ يساومه بطريقة ما :



_" هبلغ عنك !"



فتح "فتحي" عينيه بصدمةٍ  ولوهله شعر بالخوف من فكرة فعلها والبلاغ عنه بتزوير الأموال !! ، وقبل أن يتحدث أحدهم بنفس الصدمة رغم علمهم ،  توجه "شادي" ناحية الباب بتبجحٍ لم يكن هين عليه هو :




        
          
                
_" من غير مطرود واجبكم وصل ،، وأخوكم عريس وراجل  ورفع راسكم ،  اظن مفيش حاجة تانية محتاجة تتقال ولا حتي تتعرف!!"



فتح "سمير" عينيه بذهولٍ ثم قال:



_" انت بتطردنا يا شادي ،بتطرد اخواتك؟؟ "



وسأل "فتحي" بسخريةٍ  مجدداً ضامناً عدم فعل الٱخر عن ما هدده به :



_" بتطردنا عشان دي؟"



_" دي اللي هي مراتي، مع السلامة ..والكحك هيبقي يوصلكم قبل ما تسافروا!"



فتحت "دولت" عينيها بدهشة من وقاحته، واندفعت بخطواتها تخرج إلى الخارج وانسحب خلفها زوجها والٱخر من بين نظرات الغضب  الموجهه له بشدةٍ أغلق الباب واغمض عينيه بضغطٍ كان يعتقد بأنه انتهي من كل ذلك ، ما الذي حل عليه الٱن ، توجه يفتح الغرفة فوجدها تجلس القرفصاء وحاولت التحرك سريعاً عندما دخل وعندما استمعت الي كل كلمة كان قد قالها حتي وان ققد القدرة علي العتاب والحديث به لهم , بينما تعلم ان هذا لا فائدة منه الٱن ، وجدته يتوجه وارتمي بجانبها بإنهاكٍ حتي دفن رأسه بين أحضانها بإستسلام  فضمته بإحتواءٍ وهي تشعر بمدي ثقله ، فقال هو بقلة حيله لها :



_"  شادي بيه  بتاعك ..تعب وجاب ٱخره يا منة !"



رغم ان الحديث مرح ولكنه ردده بوجعٍ واهتزاز ، فأدمعت عينيها لأجله ومسدت على رأسه وهي تهبط رأسها كي تقبل قمة رأسه وهي تقول بأسفٍ عن ما يحدث له :



_" أنا اسفه حقك على راسي أنا واللهِ !!!"



_" مش عايز حقي يا "منة"..  أنا عايز أرتاح .. ينفع أرتاح ؟؟!"



حركت رأسها إيجابًا. والٱن هي من تواسي وتحتوي ، فرد الغطاء عليه بتعبٍ وكل ما يشعر به من خذلان تحاول هي محوه وهي تربت عليه بلهفةٍ ، والأوقات التي من المفترض أن تنقضي بسعادة وحبٍ ننقضي بوجعٍ لدي الجميع دون استثناء ، حتي معهما ،بينما هي ستحاول جاهده على ان تخرجه من هذه الحالة !!



______________________________________________



المساء ساكن مثل سكونهم وكل منهم يجلس بتيهه إما برفقة أحد أو بمفردهم!!، ومن بين هذا هُناك في شقة "عز" كانت هي تنهض الٱن  من على سجادة الصلاة  تطويها بصمتٍ وخلعت عنها ملابس الصلاة وفاقت نسبياً فقط بعد قدوم شقيقها وبعد ما حدث لـ "فرح" وحتى بعدما هاتفت "والدتها", وقبل أن تجلس وجدته يدخل الغرفة بابتسامته الهادئة يعلم ان موعد امتحاناتها النهائي بعد فتره من زواجهما وكانت هي ستحاول ان توفق الوقت على أية حال بينما الٱن ؟ كيف ستفعلها ؟ ، عندما شعر بأنها بدت منتبهه عن البداية أردا تشتيتها عن الأفكار وعن البكاء ، لذا إبتسم لها الٱن وهو يتوجه ليمسك يديها برفقٍ وسألها بحبٍ :



_"إنتِ ليه حلوه حتي وانتِ معيطة بقا؟"



إبتسمت على حديثه وسحبها خلفه حتى جلست وجلس هو بجانبها وتزامناً مع ذلك رددت هي بألمٍ :




        
          
                
_"أنا عارفه انك مجبر تستحمل حاجات معايا مش لازم انك تستحملها ، أنا عايزه أتأسفلك على اللي بتمر بيه معايا بس والله أنـ.."



قاطع  "عز"حديثها بلين شديد وهو يقترب يقبل إحدي وجنتيها بهدوء ثم قال  يكمل هو حديثها :



_" بس والله بحبك ومستعد ٱفوت فأي حاجه عشانك !"



لا تعلم لما خجلت من قربة ، يكفي انها طالعت ملابسها قبل وقت واكتشفت بٱنه بدلها لها بالكامل، أين كانت هي؟ اين كان عقلها ؟ سألت نفسها وتوردت وجنتيها  رغم ملامحها الباهته وأخذت نفساً. عميقاً أمام عينيه التي تحاصرها وقالت :



_" أنا مش مصدقة أي حاجة بتحصل حواليا، غير...غير بس وجودك جنبي!"



عانقها وسند ظهره علي خشب الفراش الحديث فاستندت هي تقاوم شعورها فوجدته يردد من بين إحتوائه لها :



_"مش مهم ..المهم ان انا جنبك  ومش هسيبك!"



تنفست بعمقٍ ووجدته يعتدل فآعتدلت تنظر له بتركيزٍ عندما بدأ هو مردفاً بحديثه الهادئ العقلاني :



_"والمهم كمان إنك فأقرب وقت تقعدي تذاكري وتشوفي اللي وراكي عشان الإمتحانات !"



أومأت له ، وعندما شعرت بأنه تسطح علي الفراش تحرجت ، بل وهي التي غفت في أحضانه بانهيارٍ كيف تخجل الٱن ، فرد ذراعه وابتسم بإتساعٍ يشجعها :



_" تعالي !"



أمسكت  الغطاء بكفيها بإهتزازٍ وانحنت تستند برأسها على ذراعه تزامناً مع فرد. الغطاء وساعدها هو بذلك وما ان انتهت  إعتدل على جانبه الأيمن وقرب رأسها من صدرة فباتت أنفاسة الساخنه تلفح فروة رأسها بخصلاتها السوداء المعقودة على شكل كعكة كبيرة ،وبيديه اليسري حاوط خصرها برفقٍ وهمس جوار أذنها بحبٍ عندما شعر بتوتر أنفاسها الغير منتظمه مما يعني انها على مشارف البكاء او على مشارف الارتباك بوسواس عقلها :



_"نامي ومتخافيش ..متفكريش فأي حاجة !"



انهزمت وبكت بصمتٍ وشعر هو بذلك فرفع ذراعه يحاوط كتفيها من الأمام ، وحركها كي تلتفت فإلتفتت بإنهزامٍ ووجهها بمقابلة وجهه   وحاوط ظهرها هذه المره  وهو يسمعها تردد  بخوفٍ من فقدان شخص ٱخر! :



_" أنا خايفة !"



لصق رأسها بصدرة وشدد بعانقه لها بإحتواءٍ وسألها بعمقٍ شديد:



_"  بس أنا بقيت ضلك خلاص؟ ينفع تخافي ؟"



نفت بعينيها وعينيها التائهه تغفو بإنهاكٍ تحت يديه التي يمررها على ظهرها بأمان  وحتى على رأسها وتارة يحتوي خصرها كي يثبت لها بأنها  محاوطة بالأمان ، بأمانه هو!! ، شعر بإنتظام أنفاسها بينما عينيها تتشنج وكتفها يرتعش بين الحين والٱخر ، رفع كفه يضعه على رأسها بشفقةٍ وهمس ببعض أيات الذكر واذكار معينه كي تستكين وتهدأ حتى في أحلامها ومن بين ذلك لم يفشل وضعها في أن يجعل عينيه تدمع الٱن وتلمع بدموع لأجلها ، بل وبعد وقت غفى هو الٱخر وهو يحاصرها بأحضانه بشدة وكأنها ستهرب منه فالحال ،. لا يعلم بأنها هربت من الجميع وأصبحت معه هو ، غفى هو الٱخر وعقلة يفكر بالراحة لها وليس له هو ، هو المكافح المجاهد ، يبقي الكل عليه وتصبح نفسه الغير أنانية ٱخر إهتماماته ، هو الأب قبل أوانه والزوج أيضاً قبل أوانه، فلم يستنكر كل الذي  يحدث!!!




        
          
                
______________________________________________



هل يوجد أمر ما يُصعق أحدهم أكثر مما هو به ؟ تحمل لكثيرٍ ، موت والده ، حالة أشقائة وحتى وضع زوجته الٱن باحتمالية ضياع جنينها منها  المره القادمة ان لم تأخذ الراحة الكافيه بنفسيتها قبل جسدها !! ،  نهض بخفةٍ من على الفراش متوجهاً ناحية الباب كي يفتحه ومن ثم أغلقه خلفه ببطئٍ كي لا تستيقظ ، وجد "سُمية" تجلس برفقة "عايدة" بصمتٍ في الصالة ، ٱخرج أنفاسه بصوتٍ ، ووجد "بدر" يدخل من الباب برفقة"وردة" حتى جلست هي بجانبهن ، ووقف "بدر" بجانب"حازم"..



بعد أن إطمأنت "نيروز " على شقيقتها لم تهبط هي ولا حتي هو ، وهو من أصر على ذلك كي ترتاح  وبقى بجانبها إلى أن غفت بعالم ٱخر ، وهبط هو الٱن كي يطمئن على "حازم" صديقه ولكنة لم يدخل الشقة بل أشار انه  قادم بعد دقائق وبحث بجيب بنطاله عن مفتاح باب الشقة ، فتح شقة"حامد" ودخلها ،. وقبل ان يخطو أكثر ليطمئن عليهم بعد هذا الوقت وجد غرفة شقيقته مفتوحه فتقدم ينظر وجدها تستند برأسها بين ذراعي "بسام"، علم انها مضغوطة بل والتوتر الخاص باختباراتها يزداد في عزم هذه الأوضاع الموجعة المشتته للعقل ، اعتدلت ما ان وجدته يقف على أعتاب باب الغرفه وابتسمت له فإعتدل "بسام" ينظر له بصمت. تحت سؤال "وسام" بإهتمام :



_"نيروز  عاملة ايه دلوقتي؟!"



_"كويسة!"



قالها بإبتسامة حانية وهو يرفع يديه يمررها على خصلاتها فحاولت التحرك كي تجلس على المكتب ، ونظرا لها هما بتفهمٍ ونظراتهم المشجعة التقطتها منهم حتى ابتسمت تهز رأسها بإيمانٍ قوي على انها قادرة ، خرج وخرج الآخر وهو يغلق الغرفة خلفه وقبل أن يتوجه إلى الخارج قاطع " بسام" سيرة بسؤاله الذي  ظهر به الخزي :



_" ايه يا "غسان"، هنفضل كده لحد امته ؟!"



جاب عينيه ملامحه بتمعن وابتسم بسخريةٍ وهو يشير بغير اهتمام :



_"  علطول، عشان تبقي مرتاح بعيد عني وأنا كمان كده، وكل واحد يخليه فنفسه وحياته ، بدل ما أخربهالك بالقوي المره الجايه ، انت بتنسي كلامك ولا ايه يا دكتور بسام مش ده كلامك بردو ؟؟"



وجد الألم بعينيه مخفي ، وإقترب"بسام" يبتلع ريقه حتى ظهر الأسف بعينيه وحتي حديثه الموجوع وهو يبرر ككل مره يبرر بعد أن يكسر قلبه :



_"أنا مكنش قصدي اقولك كل الكلام ده ، مـ .."



بُترت جملته عندما خرج صوت "غسان" بانفعالٍ وهو يشير له مندفعاً  بحديثه الصادق يوقف مبرراته الخادعه لقلبه :



_" لا كان قصدك ، كان قصدك كل حرف قولته وخرج منك فلحظة. زي دي !!"



توقف وأكمل بعدها بتهكمٍ يصحح له :



_" ما هو الكلام اللي الواحد نفسه يقوله وشايلة بقاله كتير جواه ..بيخرجه فالوقت ده ، فإنت مش محتاج تبرر  ولا محتاج تقول مكنش قصدك !!"




        
          
                
_" بس انا مش ندمان على اللي قولته ، يمكن طريقتي صعبه ، واختارت الكلام الأصعب ..بس كل حرف قولته انت متعرفش كان خارج مني ازاي، انت محستش بيا وانت بتعمل اللي فدماغك انت وكإن انا انت !!"



قالها بهدوءٍ. ، وابتلع ريقة بوجعٍ وهو يردد بنفس الجملة الذي قالها له من قبل ولكن بانفعال بينم الٱن قالها بكسرةٍ :



_" وأنا مش إنتَ ، ولا حتي انتَ زيي!!"



وقف"حامد" بجوار "دلال" من على بعدٍ يتابعان الحوار المهلك لهم قبل توأميهم بينما وقفت"وسام" خلف الباب تستمع وتتمني بأن يتخطي"غسان" ما حدث كي يعود لسابق عهده ، ضحك "غسان" بإستهزاء  ثم سرد عليه بوضوحٍ :



_"سيبك من كل الكلام ده يا بسام ، عارف هتسيبك ليه المره دي ؟ ..عشان انا مش هعدي ولا هاجي على نفسي وهمحي زعلي منك بسرعه زي ما بيحصل، وعلفكره انت  بردو بتخربهالي بس مبقولكش كده ، وفاكرلك بردو المرات اللي خربتهالي ،  بس  انت دايماً. كده  مبتعرفش تختار الوقت. المناسب ومن بين كل الناس مبترجعش تيجي  غير عليا ..مبتجيش غير على أكتر واحد بيخاف عليك وعلى حياتك ومصلحتك !!"



توقف يمرر عينيه بخذلان ثم أكمل بتفسيرٍ :



_" وإعرف انك انت اللي بتخرب علي  نفسك حياتك مش أنا ، انا حتي وصلت اني أحميك من دماغك وتفكيرك وقراراتك اللي بتخرج فلحظة ضعف او لحظة تسرع ، مش فاكر أول مره رفضت فرح مبدأياً قولتلك ايه ؟. قفلت الكلام بإيه ؟  أقولك أنا ؟ .. اقولك اني رفضتها لحد ما اللي. احنا فيه يعدي وتحاول تتأكد من مشاعرك وتبعد تكون هي كمان اتحسنت للأفضل..عاندت قصادي زي كل مره وقبل ده قولتلك جملة انت حتي مفتكرتهاش قولتلك أصبر ولو ربنا عايز حاجة هتكون .. بس عاندت ووقفت قدامي بكل الطرق عشان بس تنفذ اللي فداماغك وتعارضني وخلاص ، بس أخرك ايه؟ تقف قصاد الكل عشان تثبت انك صح فحاجه انت مش عارفها أصلاً !"



طالعه بصمتٍ يستمع إلى كل حرف يردده الٱخر على مسامعه ، وسمعه يكمل مره أخرى :



_" مشيت وعاندت وقصدت الجحود على أمك واختك وأبوك اللي كان هيروح فيها بسبب زعله عليك وهو شايفك تايه ومتغير ومش عارف انت بتعمل ايه ، جينا ندور ملقينكش جنبنا ، دا انت حتي لما وقفت جنبي وحاولت تمنع عني حاجة كنت هضيع نفسي بسببها بوظت الدنيا وقولت كلام لمراتي فعز ما كانت مش شايفه قدامها بسبب زعلها علي أمها ، زي كل مره بتقول كلام وتيجي فالٱخر تقول مكنش قصدي , بس أنا عدي وخلاص ومره ومره والتانية بس المرادي لا تأذيني ولا أذيك خليني فحالي وخليك فحالك بُعاد عن بعض وعن حياة بعض زي ما انت عايز بردو  بالظبط!!"



صمت يتنفس بصوتٍ مسموع بعد كل هذا الحديث الذي خرج دفعة واحدة، وإقترب "حامد"، مع رد "بسام " الهادئ :



_"ماشي يا غسان ، معاك اني غلطت ومعاك فكل حاجة بس قدام أمك وابوك عايز اقولك حاجة بقت فيك وانت مش واخد بالك وحاجة كمان مخلياك مش عارف تصفي بحجة إني قولتلك كلام كسرك ، إنت مش عارف تعدي أي حاجة  عشان نيروز عندك بقت فكفه واحنا كلنا فكفه تانية!!"




        
          
                
تفاجأت"دلال"من حديثه وحتى "حامد"بينما الآخر وقف يطالعه بصمتٍ وسأل عقله بكيف يترجم الأمور لهذه الدرجة وهذه الجملة ،  وما دخل الٱخر بذلك ام انه قارن كل شئ يحدث وأغلب ما يحدث تكون هي بالأحداث؟؟،..



_"  دخلتها فكلامك ليه وهي ملهاش علاقه باللي حصل ،  أنا بحذرك تاني ملكش دعوه بيا ولا بحياتي ولا حتي بمراتي !"



قالها  "غسان"  متحلياً بٱخر ذره صبر لديه فرد الٱخر  مبرهناً بوضوح:



_" انا مليش  دعوه بحاجة، أنا بقول اللي أنا شايفه, عشان انت معدتش وراكمت كل اللي حصل من أول ما حصلت مشكلة مراتك  معايا  !!"



ربما حديثه من وجعه بعدم رؤيته ان علاقتهما ليست كما كانت من قبل في السابق قبل حتي ظهور "نيروز" ، وظهور  حبها ، زفر "غسان" بصوتٍ مسموع وتهجمت ملامحه بطريقة ملحوظه وهو يرد عليه حديثه بسؤالٍ. جامد :



_"   وايه اللي مزعلك من مراتي ومخليك مش قابلها كده  عشان اكون فاهم وواعي للكلام بردو !!!!"



فهمه بالخطأ مره اخرى فرد "بسام" يبرر بصدقٍ :



_" انت بردو مش عارف تفهمني ولا تفهم كلامي!!."



كاد أن يسترسل فوقف "حامد" يقطع حديثهما بهدوءٍ :



_" شوف يا "غسان"  انت رايح فين يلا  !"



قال حديثه بخوفٍ مخفي كي لا يتأزم الوضع بينهما رغم رغبته في ان يتصافيان!! ، ابتسم "غسان" من زاوية فمه بسخريةٍ ثم قال :



_" لا مش متحرك من هنا،  خلي بالك انت بس  علي نفسك أصل معاك حيطة مايلة !!".



حول خوفه بترك "والده" معه بطريقة اخري ساخره رغم قلقه على صحته وعلى ان ينفعل "بسام " عليه في غيابه ، تشنجت ملامح "بسام " ورد بسؤال جامد :



_"  انت تقصد ايه بالكلام ده ؟!"



أخرج علبة سجائرة من جيب بنطالة بتبجحٍ أمام الكل ، ورد بغير إكتراث :



_" أقصد اللي أقصده مش هتحاسبني على اللي عايز أقوله !!"



وأشقل قداحته  واكمل بصراحةٍ :



_" أصل مش هخاف أقول إني  مبقتش ضامن أسيبك مع ابوك لأحسن يحصله حاجة بسببك ، فأنا قاعد واللي عايز يمشي يتفضل يلا من غير مطرود ، عشان  عالأقل كدة أضمن ان ابويا ميجرالوش حاجة من مجرد كلام بايخ هتقوله الوقتي أو بعدين !!"



إغتاظ "حامد" من طريقته وأمسك ذراع "بسام"مع"دلال" عندما اندفع "بسام" يقول بصوتٍ عالٍ :



_" انت هتخاف على أبويا مني ؟  وكمان بتطردني من بيته، انت  اتجننت ؟!"



حرك "غسان" رأسه بنعمٍ ثم قال بهدوء شديد مختصراً الرد بـ :




        
          
                
_" أه!"



أدمعت عيني "دلال" بحسرةٍ، بينما وقف "حامد" يمسك موضع قلبه بألمٍ فأسنده "بسام" سريعاّ وإندفع "غسان" هو الٱخر يسنده بكفه بقلقٍ حتي جلس"حامد" على الأريكة بتعبٍ يحاول إخفاءه ومن بين هذا لم يفشل "غسان" في النظر نحو وجه شقيقه بحدةٍ ، وقد تعمد الإثنان الصمت وهما يطالعان وجه"حامد" التي جلست بجانبه "دلال" وخرجت "وسام" بلهفة تنظر ..



_"انتوا عايزين تموتوا ابوكم ؟..حرام عليكم بقا ، حرام  !"



إنفجرت "دلال" تصرخ بهما ولأول مره تندفع بهم بهذه الطريقة ، صمت "بسام "   بسكون وطالعها "غسان" بتمعنٍ وهي تردد مجدداً تحت نظرات"حامد " الذي عجز عن قول شئ :



_" انتوا جرالكم ايه  ؟  مستحيل تكونوا ولادي اللي خلفتهم وربيتهم ؟ أنا مش شايفه فيكم حاجه واحده حلوه كانت موجوده فيكم زمان .. ايه غيركم بالسرعه دي ، ليه بقيتوا. مع بعض كده ؟ قاصدين متريحوش قلبي انا وابوكم ، عايزين تموتونا بحسرتنا واحنا بنقول معرفناش نخليهم يحبوا بعض ويسندوا بعض؟، روحوا ربنا يسامحكم على اللي بتعملوه فينا ده "



رددت اللوم بصراخ وهي تبكي ، وتمسكت بكف "حامد " الذي أشار لها بأن تصمت ، وبالفعل صمتت تحت نظراتهم الساكنه ، توبخهم وكأنهم صغار وخرج صوت"غسان "  وهو يسأل "حامد" متعمداً عدم الرد عليها كي لا تصرخ به مره أخرى :



_"  انت خدت دواك يا حج  النهارده ؟"



إندفعت "دلال" تدفع كفه عن "حامد" بشراسةٍ قليل ما تظهر وعاندت قبالهم وهي تردد مجدداً. بصراخ ٱخر:



_" ملكش دعوه ، معتش حد ليه دعوه ، سيبوه فحاله ، إحنا لسه محتاجينه ، محناش زيكم كل واحد مبقاش همه غير نفسه وبس !!"



نزلت دموعها و حاولت مساندة "حامد"  كي يقف ،ونزلت دموع "وسام" بينما نظر "غسان" لـ "والدته" وردد بنيره بنبره  هادئة كي تهدأ وتتفهم :



_" متخديش حد بذنب حد، قدري وافهمي مره واحده فحياتك أن غسان مش مجبر يعدي  علطول في كل مره أي حاجة بتحصل هنا !"



قال حديثه بهدوءٍشديد، فرفعت "دلال" وجهها تنظر له بٱعين خائبة وهي تقول :



_" إسكت ..إسكت بقا.. أنا  مش فاهمه حاجة غير ان الحياه مستاهلش نضيع منها أيام علي زعل ممكن يروح فثانية قصاد بس انكم تكونوا فكتف بعض !"



وأكملت بعتابٍ موجع :



_" ليه بتعملو فيناوفنفسكم كده ؟. وعشان ايه ومين ؟؟ يخسارة عليكم !!"



تركت يد "حامد" ونظرت نحو عيني "بسام "و"غسان" ثم قالت تخرج بحديث على صدرها تكتمه :



_" يا خسارة  من أول ما  عاندت وخرجت عن طوعنا ومشيت عايز تعمل حاجه عارضها أبوك في الأول ، ويا خسارة عشان اختارت غيرنا وفاكرنا مش فاهمين اللي فيها ، قسوة قلبك وبعدك وكل حاجة، حتي كلامك لٱخوك اللي اول مره أحس انه عايز يعديلك حاجات بس مش عارف ..كلام ايه اللي موقف الحال بينكم كده؟ كلام ايه يا بسام اللي كسرت بيه اخوك ؟ "




        
          
                
كان حديثها ناحية "بسام" وعادت تلوم "غسان" مره أخرى :



_"وخسارة عليك انتَ كمان وعلى عقلك ، عشان حتي برغم انك مسبتناش بس مش عارف توزن حياتك لا مع اخوك ولا مع مراتك وسايب الدنيا عايمة مش مفهومه مين غلطان ومين لا  وكله اتراكم  ومحدش صفى من نحية التاني ،  ولا عارف تختار وقت مناسب شاطر بس تقول خايف علي ابوك ، فين خوفك ده وانت بتعمل وبتقول اللي قولته دلوقتي ؟؟ ، جرا لقلبك ايه ؟ رد ؟"



رفع "غسان " عينيه نحوها ورد يعارض جزء من حديثها :



_" أنا مقولتلوش حاجة غلط ومعرفش هو شايل ايه منها أنا معرفوش !!"



وأكمل بملامح. خالية من التعابير :



_"وقلبي زي ما هو ، بس المره اللي وقفت أصد حاجه بتوجعه من حد فيكم شوفتوني اتغيرت !!"



_"انت الكبير ..انت العاقل ..ملكش حد غير اخواتك فالدنيا دي !!"



قالتها ببكاءٍ تعلم بأن الٱخر ان تحدث سيدمر الوضع لذا تترجي "غسان" بطريقة غير مباشرة ، فهم معني حديثها فرد على حديثها بوجعٍ :



_" أنا مش الكبير ولا حتي العاقل ، خليكي عادله ومتجيش عليا وانتي بتحاولي تخليني اعدي حاجه وجعتني!"



إبتلعت ريقها وتقابلت عينيها مع عيني "بسام" الصامت حتي أشارت له بعينيها توبخه :



_" يارب تكون مبسوط كده !'



_"سبيهم يا دلال ..هما أحرار معتش كلام يجيب نتيجة ...إسنديني خليني أقوم !"



قالها "حامد " بإنهاك ولم ينحني"غسان" ليسنده عندما تفهم بأنه رفضهما الٱن بينما انحني "بسام " بخوفٍ يسنده حينها عارض "حامد" وهو يستند على زوجته وابنته ، تاركهم خلفه قاصداً وصول رسالة معينه لهم ، بأنه الٱن يستند على نساء وليس رجال قام بتربيتهما على المساندة!!! ، انسحب "بسام" ناحية غرفته وقبل أن يفتحها وجد "غسان" يركض ناحية باب الشقه عندما سمع صراخ  "زينات" وهي تقول:



_" إلحقني يا حازم ، إلحق حسن ، اخوك مبينطقش وقاطع النفس !!"



اخذت تصرخ بالنجدة، وفُتحت الشقق وهرول الجميع ناحية الداخل ،. بينما وقف "غسان" ينظر بعدما ركض فوجد "حازم " يهرول ناحية الداخل بخوفٍ فطري على شقيقه ، وحتي "عايدة"و"فريدة " التي وقفت تنظر بسكونٍ، ، فركض "بسام" يتفحصه سريعاً  وهو يضع يديه نحو رقبته وانفاسه وحتي يديه ورأسه ، وصاح عندما وجد ان نبضه ضعيف وبقوة عندما أهبط رأسه ناحية موضع قلبه ، نهض بإندفاعٍ وهو يصيح عاليا لـ يحث "بدر" وهو يقول:



_" أطلب الإسعاف بسرعه يا بدر !!"



قصد ان تأتي سيارة الإسعاف لهذه المستشفي القريبه، لسوء وضعه ، بينما وقف "حازم"  ينظر بتيهه وهو يهز شقيقه بغير وعي ، حاول "بسام" فعل ٱي شئ كي لا يلفظ أنفاسه الأخيرة ومن بين ذلك طلب "بدر" سيارة الإسعاف ووقفت "فريدة" إلى الٱن بسكونٍ مريب تنظر بجسد أُجبر علي التصلب عند حدوث شئ لذلك الشخص، بكت "زينات" بحرقةٍ لا تريد خسارته هو أيضاّ مهما فعل ،  ولدها وفلذه كبدها وعاطفة الأمومه رغماً عنها تدب بها بقوة !!

بينما هو استسلم لغيبوبة إجبارية ، وبين الحياه الموت كان هو هذه المره ، من بين هزات شقيقه وبكاء النساء بشفقة حوله، وتوتر البعض وكان البعض الٱخر يجهل عن كل ذلك من "ياسمين"و"نيروز"و"جميلة" هي الأخرى ، الوضع مؤلم ، وخاصةً بهذا اليوم العصيب الملئ بالأحداث الموجعة  لهم.. للعائلة التي كُتب عليها المُعاناه ، كُتب عليها الوجع بلا إستثناء ،  البؤس،  العسر ، العناء ، كل هذا ينطبق عليهم بشدةٍ، وان تطلب الٱمر لَـسُردت قصتهم في كتاب عنوانه "الوجع " وستُحكىٰ القصة عن "شقاء عائلة !!!"



google-playkhamsatmostaqltradent