Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل السابع و الثلاثون 37 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل السابع و الثلاثون 37 -  بقلم سارة ناصر

«"وليس لنا في الحنين يد، وفي البُعدِ كان لنا ألف يد.»
- محمود درويش-



بُعد !! ، ولِما البُعد عنها وتجنبها بعدما فعلت كل ذلك؟؟ ، تسأل نفسها وهي تجلس شاردة الذهن أمام طبق الغسيل الكبير تطوي الملابسّ!!  ، حزينة العينين تسرق النظر له بين الحين والٱخر عندما يتعمد تجاهلها في الأيام الماضيه منذ ٱخر ما حدث بينهما ، لا تعلم لما تشعر بالندم وإلى الٱن لم يبرر لها ، وكان ٱخر حديث لها بأنه سيذهب ، لم تكن تعلم هي بأن الذهاب كان من الاهتمام وحتى الحديث ، ترى انطفاء ملامحه بحزنٍ يبرع فجي إخفاءه وزاد وظهر بشده عندما مر "والده" بأزمته في "محل الورد" ، ذهبت ذاكرتها لأيام مرت منذ أن سُرقت أنفاسها بما حدث لـ "حامد" فجأةً ..

«عودة لأيام ماضية»



كانت ستخرج  تبحث عن" السبحة"  هي ..رغم أن الحديث ليس لها ولكنه خرج قبلها يبحث باهتمام ،  وهو يسمع صوت ضحكة "يامن ", العالية البريئة فشردت "نيروز" مبتسمة على برائته مع والده و"شادي" من على بُعدٍ ، 



إنتفض هو بالخارج وهو منحي والذي سرعان ما نهض وهو يسمع صوت تكسير الكوب أرضاً عندما وقع من أيدي "حامد " مستسلماً للسحابة السوداء التي تداهمه منذ فتره ، وعلى فجأه أُغشي عليه بصمتٍ ساكن وهو جالس على المقعد ولولا تهشم الكوب لما علم هو وهو في الخارج يقف مندفعاً ينظر ما مصدر الصوت وعندما وجده بمشهده كذلك وكأن دلو من الماء البارد سقط علي رأسه في فصل الشتاء القارص ، وأتت صدمته بمحلها عندما صرخت "نيروز" وهي تهز المقعد وكتف "حامد" بخوفٍ عندما إلتفتت برأسها منتفضه تنظر للكوب وصوته حينما وقع ، هرول "غسان" فى الخارج عندما أخرجته من حالته بصراخها ،، وركض "بدر" مع "شادي" عند سماعهما الصراخ تاركين الصغير بخوفٍ وجهل إلا أن توقف الجميع ونظروا له وهو كذلك جالس جلسه ساكنه بعالم غير عالمهم ، وعقله بمكان ٱخر غيرهما ،فماذا   إن كانت هذه الغفوة التي كانت رغماً عنه غفوة مغصبه لم يستطع التحكم بها ، ماذا إن كانت الغفوة دائمه ؟؟..



ركض"غسان" من الخارج حتى إصطدم بالمقعد الخشبي فوقع أرضاً ، مهرولاً ناحية "حامد" ودقات قلبه تخفق بالهلع ، كيف وهو  والده !! ، لم تفعل هي سوى البكاء وهي توكزه وسرعان ما دفعها "غسان" وهو يحمله ضارباً وجهه بخفةٍ مرددًا. بخوفٍ ظهر في نبرته  الصارخة وكأنه لا يُصدق ذلك !! :



_" بـــــابـــــا؟؟؟ فـــــوق يــــا بـــابـــــا!!!!"



يردد بخوفٍ صارخ  وذهب ثباته ،  فوجد نفسه يندفع إلى الخلف عندما جذب "شادي" المياه سريعاً يغسل وجهه بسرعةٍ فائقة و"بدر" يمسك كفه يدلكه بين يديه وهي؟ هي واقفة ببكاءٍ تغلق الهاتف بعدما تحدثت بنبرتها هذه إلى "جميلة" التي كانت في طريقها إليها من الأساس ، هرولت"جميلة" إلى الداخل وهي تدفعهم بتلقائيةٍ حتى تفحصت وجهه الشاحب وضغطت بين حاجبيه بإحترافٍ ثم بللت شفتيه بأصابع مرتجفة ، رافعه رأسه لأعلى كي يستنشق الهواء ، وخلال دقائق من فعلتها هذه وجدته يرمش ويغمض عينيه بقوةٍ ، تحت أنظار "غسان" الذي إنحنى يضمه ناحية صدرة بخوفٍ ورهبةٍ  وعقله لا يود  تصديق ذلك ، وكانت كلتا  يدي"حامد" بين يدي "بدر"و"شادي" ، صاح "غسان" عالياً له يستنجد  بصراخٍ لهم والٱخر بأحضانه يبدأ في إسترجاع وعيه دون علم من يحتضنه بخوفٍ وكأنه بهذه اللحظه الأب..الأب الذي يحمي صغيره من قسوة من حوله ، من حوله؟؟ لم يكن حول "حامد" في أحلامه شئ سوى ضغطه بتفكيرة لابنه الذي أصر على عناده وتركة مره أخرى ، وهو ..هو الذي يتحمل ويخفي اوجاعه دون ظهور ذلك!! :




        
          
                
_" إتصـــل بدكتــــور يـــا شـــادي بســرعة ..إتصل بأي حد يجيله ، كلم بســـامّ خلــــيه يجـــي، انت واقف بتعمل ايه؟؟؟؟؟!!"



قالها بلهفةٍ كُبرىٰ  لا تخلو من صراخه الشديد، فأوقفته "جميلة" بلهفةٍ تعلمه سريعاً :



_" فاق..فاق أهو ، إسنده براحه خلي راسه مرفوعه بس!!"



تلهف "غسان" بالنظر نحو وجه "حامد " الذي أغلق عينيه بتشوشٍ ثم فتحها بتعبٍ ارتسم على ملامحه بشدةٍ ، أسرع "بدر" للأعلى يفتح الشقة عندما حثته "جميلة" بسرعةٍ ،  فتحدث "غسان" يسأله بلهفه وهو يلثم وجنتيه بين يديه:



_" إنت كويس يا بابا؟. سامعني ..رد عليا!!"



حرك رأسه إيجاباً بنعمٍ وحاول الإعتدال بتعبٍ ، فمنعه "غسان" بسرعه وهو يقول بلهفةٍ :



_" خليك زي ما إنت ، أنا هشيلك اطلعك وهجيبلك دكتور !!"



إبتلع "حامد" ريقه وتوجه "شادي" يسنده معه بجسدٍ مرتجف من الخوف، في حين وقفت "نيروز" تنظر بضياعٍ ، فنفى "حامد" وهو يقول ببطئ ٱثر تعبه ونبرته المتحشرجة :



_"  لأ ي بني  أنا كويس ، إسندني بس ، قومني !!"



فك حصاره سريعاً وهو ينهض مشيراً نحو "شادي" ليسنده معه من الناحية الٱخرى، حتى وقف ٱخيراً بإنهاكٍ ، وسارا الإثنان معه نحو الخارج، متجاهلاً جرح ركبته عندما إنحني على الزجاح المتهشم فمزق بنطاله وسالت دماء منه دون شعور إلى الٱن بسبب الصدمه !! 



وقفت "نيروز" بضياعٍ ، فـ في غمضة عين حدث كل ذلك ، سالت الدموع بغير تصديق وهي تنظر لـ "جميلة", وكأنها تستوعب :



_" دا ..دا كان كويس .وكان قاعد بيتكلم معايا مش عارفه حصل ايه!!, انا خوفت اوي ، خوفت!!"



عانقتها "جميلة" تبث بها بعض من الأمان ، ثم قالت تطمئنها بحنوٍ :



_"إهدي يا "نيروز" .. هو كان كويس فعلاً. بس شكله ضغط وأنا سمعت ان عنده الضغط ، فممكن زعلان من موضوع"بسام " انا شوفته النهارده وعز قالي إنه جاي ، فممكن ضغطه عِلى من الزعل !!"



تسرد وكان تخمينها صحيح جداً ، حاولت أخذ أنفاسها براحةٍ ثم  إنحنت أرضاً بأصابعها المرتجفه تحاول إلتقاط حبات الزجاج المتهشمه بيديها ، فأوقفتها "جميلة" سريعاً بلهفة :




        
          
                
_" متلميش حاجة ..سبيها أنا هلمها واطلعي شوفيهم وسيبي المفتاح عشان اقفل المكان وأحصلك !!"



لم يكن لديها القدرة علي الرفض بل أشارت نحو المفتاح ثم تقدمت بخطى بطيئة تخرج دون نبس أي حرف ، وقاطع عينيها لون الدماء الاحمر على الأرض بجانب سيرها فسكنت دون صدمه وعقلها مشتت ولم يأتي لها عقلها بأن هذه هي دماءه هو !! 



الحزن.؟ أيمكنه أن يجعل المرء ضعيف حتى وإن كان قوياً كفاية؟؟ ، الحزن بإمكانه أن يطرح بجسد الفراش؟؟ ويدمر قلباً كان لا يعرف سوى الحُب والألفه بين عائلته !!  الحزن بإمكانه أن يكسر القلب مثل كسر الكوب الزجاجي قبل قليل!! الحزن كافي لهلاك جسد وإنطفاء ملامح وسكون روح شاغبه حماسيه كُتب عليها بالفتور والوقوف عن الحياه !!، الحزن يؤدي غالباً إلى الموت!! , يؤدي إلى الرحيل لعالم ٱخر نجهل عنه بمجرد ذهاب الروح لمن خلقها ، لم يكن يظهر عليه الحزن!!، عصيان ولده يؤلمه ؟؟ تغيره مائة وثمانون درجة يؤلمه ؟؟ ، أم كبته لدمار حياته دون جهد يؤلمه ؟؟ ..



خرجت من المصعد بسرعةٍ. حتى توجهت للشقة المفتوحه الذي فتحها "بدر" وعدل من الفراش ليستلقي عليه عندما فتح له غرفته ، بسبب عدم وجود "دلال", الٱن ، ولكن وقفت "وسام" تبكي دون سبب وهي تتمسك بكفه ،  أمسك "غسان" الغطاء بمساعدة "شادي" ليدثر "حامد" به بإهتمام ، ودخل "بدر" بكوب من مشروب الليمون، حتى وقف ، فأخذها منه "غسان" وهو يجلس يقدمها له أمام فمه مردداً :



_" إشرب دي ي حج عشان تعرف تاخد نَفَسَك !!"



لم يعارض بل تجرعها من بين يديه وهو ينظر لعينيه المكبوته بمشاعر عدة ، لم يتفاجأ بكل هذا الخوف منه ، يعلم بأنه مهما وقع سيجد من يسنده وأول شخص يعلمه هو "غسان"  الذي شعر بأن الحياة تذهب منه ثم تعود بأقل من الثانية الواحده ، شعر بأنه من المحتمل بأن يفقده ، يفقد والده ؟؟ مهلاً أهكذا تشعر  بما شعر به ؟؟ ، تشعر بهذا الشهور القاسي طوال الوقت وليس بدقائق معدودة ؟؟ ،  تجرع من الكوب بأكمله ، فجذب "شادي" علب الدواء الذي أشار له "حامد" بها عندما سأله. فٱخرج الأقراص وهو يهتف بضعفٍ ٱثر بـ "حامد" عندما قال :



_" خد بالك من صحتك عشان خاطري يا ..يا بابا !!"



ردد أبى بكل خوف وهذه اللحظه يرددها يصدقٍ ربت "حامد " على كفه، ووجد "بدر" يدلك ساقه من  أسفل الغطاء كي  تسير الدماء له ثانيةً أو   هكذا يعتقد ، أدمعت عينيه بتأثرٍ وهو يوزع نظراته بينهم وهي الٱخرى عندما وقفت بركن ترتجف مره ثانية عندما تتذكر الوضع :




        
          
                
_" متخافوش عليا ي حبايبي أنا لسه بصحتي وزي الأسد ، إجمدوا إنتوا بس ، مفيش حد فيكم جامد زيي !!"



خرجت ضحكاتهم بخفةٍ من حديثه ، ونهض "بدر " بسرعه إلى الخارج عندما شعر بأنه ترك صغيره ، في حين إبتسم "غسان" ابتسامه باهته بوجع ٍ وهو يري "وسام " تتشبت بكف "حامد " وهي تقول بخوفٍ :



_"لا أنا خوفت يا بابا أوي ..هو .. هو إنت ممكن تسيبني ؟!"



قالتها بخوفٍ شديد ، وعندما إنتبه "شادي" لها بملابسها البيتيه وشعرها المتروك حاول الاستئذان بحرجٍ إلى الخارج ، فوقفت "نيروز" تنظر بألمٍ. وهي تتذكر ذلك القول جيداً  عندما قالته لوالدها بأن لا يتركها ، نظر "حامد ", لها بلهفةٍ وهو يرفع ذراعه يضمها إليه مردداً بتأثرٍ منها:



_" لا يا حبيبتي مش هسيبك متخافيش!!'



نزلت دمعتها بخوفٍ وهذا هو الأمل الكبير لها ، أحضان والدها مهما كانت على خلاف معه ، عندما علمت خافت وهابت بشدة بأن  يمسسه سوء ،  مرر "غسان" يديه على خصلاتها يرجعها إلى الخلف وهو يردد بفظاظةٍ عكس ما يفعله :



_" ما خلاص يا أوڤر ..ما هو زي الاسد أهو مجرالوش حاجة !!"



قالها بتبححٍ وهي وحدها من شعرت بمدي ثقل  جملته الذي يحاول إخفاء خوفه وإهتزازه بها ، رفع "حامد" ذراعه الٱخر يضعه على كتف "غسان", الصلب يقربه منه فلم يرد "غسان" أن يضعف لذا بذلك القرب الأبوي قبل قمة رأسه وهو يردد سريعاً قبل أي تأثر  :



_"إرتاح يا حج ، ألف سلامة عليك !!"



نهض يفكر بجلب طبيب ، وتزامناً مع خروجه وجدها تقترب وهي تتحدث بلهفة لـ "حامد" :



_"  ثواني هعملك حاجة  تاكلها عشان شكلك تعبان !"



قصدت طعام صحي ولم تعطه فرصه للرد بل هرولت ناحية المطبخ ، تبحث عن ما تود فعله ،فإبتسم على حنوها وخوفها وهو يتحرك  هو الٱخر، يأخذ ركناً منها بعدما حدث، وقف  "غسان" بمنتصف الصالة يخرج أنفاسه بثقلٍ ثم توجه ناحية المطبخ يأخذ زجاجة مياه رغم علمه بأنها بالتأكيد في الداخل ، إنتفضت ما أن شعرت بأحدهم معها بنفس المطبخ ، فوجدته يرفع الزجاجه باندفاعٍ  حتى سقطت قطرات المياه الكثيرة على ملابسه وذقنه بغير إكتراث منه ،  مررت عينيها عليه بشفقةٍ من كم هذا الخوف وسرعان ما إنتفضت برهبةٍ ناحيتة تشير ناحيه  بنطالة الملطخ بدماءه من الركبة ثم هتفت بتلقائيةٍ خائفة  :



_" رجلك إتعورت من الإزاز .دي...بتجيب دم !!!!"



مسح "غسان" على خصلاته وهو يراها تتقدم كي تنحني لتتفحص جرحه ، فرجع خطوة إلى الخلف مردداً بإختصارٍ مع ملامح هادئة :




        
          
                
_" أكيد  دي حاجة متهمكيش !!"



خفق قلبها بألمٍ من. رده المبتسم الذي جعلها تنهر نفسها وتشعر بالندم وإلى الٱن لا تجد مبررات  منه ، لما تشعر بالندم والشفقه ؟؟ أخذت أنفاسها وهي تتحامل على نفسها مبتلعة ريقها ، حتى داعب أنفها رائحة دخان سجائرة عندما مر يخرج من المطبخ ، جالساً بالصالة بإنهاكٍ واضعاً يديه على ركبتيه وقبل أن يرفع بنطاله وجد "شادي" يخرج بعلبة الإسعافات الأولية من غرفة "بسام" ، انتبه لجرحه بالتأكيد ، ابتسم "غسان" له عندما وجده ينحني أمامه  ليتفقد جرحه  مردداً دون مقدمات. :



_" أبوك دا غالي أوي يا "غسان" !!"



تركه يطهر جرحه، حتى أنه ابتسم على جملته الجديه وهو الذي قليلاّ ما يخرج منه حديث جاد متأثر ، تنفس "غسان" بعمقٍ ثم  رد بتلقائية :



_"علشان غالي ..خوفت أوي  يا شادي "



_" ما أنا  شوفتك وإنت خايف!!"



_" بقا لايق عليا الخوف أوي!! "



وكأنه حديث متأثر يخرج من القلب مباشرةً ، رفع "شادي" عينيه بهذه اللحظه وهو يلف الشاش حول ساقه ،و أجابه بوضوحٍ بعيداً عن ذلك الحوار :



_" بس مش لايق عليك الليي بتحاول تخبيه يا صاحبي من أول النهار ، واخد جنب وان اتكلمت بتغصب الضحكه تطلع وعينك مطفية،. لو كنت فاكر إن "شادي" مش واخد باله ، فأنا بفكرك  اننا مش  عارفين بعض امبارح لسه!!"



ضربه "غسان" بوجهه بخفةٍ مرحه كي يخرج عن الحوار المهلك بالنسبةِ له ، فضحك "شادي" وهو يضغط على جرح ساقه بتشفي فتأوى "غسان " وهو. يبعده بعيدًا. بساقه ثم إعتدل عندما علم أنه إنتهى ، ووجد "بدر" يدخل ومن خلفه "جميلة ", التي أمسكت يد"يامن " ومن ثم "ياسمين" التي دخلت مسرعه تردد بلهفةٍ. وهي تسأله :



_" عمو "حامد" فين .؟؟ هو كويس!؟؟ عايزة أشوفه !!"



لا ينكر بأن لهفة هذه الشرسه تثير غرابته أحياناً ولكنه علم بأنها أكثر ليناً من زوجته ، ابتسم بإطمئنان وهو يشير إلى الغرفه. فدخلت بصحبة"جميلة" سريعاً بعدما طرقت الباب للإستئذان ،وجلس "بدر" يضع يديه برفقٍ على جرح "غسان" وهو يطمئن :



_" انت كويس؟؟ في فتح محتاج خياطة ولا ايه؟؟ "



_" بسيطة يا أبو يامِن متقلقش !!"



أردف جملته بغمزة عين ثم وضع "يامن " على ساقه متسائلاً له بمداعبة وهو يقبله :



_" بتحبني يا يامِن ؟؟"



نظر له الصغير ببراءة وهو ممسك بهاتف"نيروز", الذي لم يتركه ، حتى ردد بنبرة طفولية  يجيبه بإبتسامة مُريحة :




        
          
                
_" بحب روز !!



قدم له الهاتف ببراءه وكأنه يعلمه ما سبب حبه لها ، أو لما تذكرها من الأساس ، أخذه "غسان" منه بضحكٍ تحت ضحكات من حوله ، في حين رد عليه هو بابتسامة مشاكسة :



_" وهي تتحب يا حبيب عمك والله!!"



داعب وجنتيه بحبٍ ووضع هاتفها بجيبه ، منشغلاً في الحديث بينهم ، حتى خرجت هى بأكواب "شاي" أعدتها من ضمن ما  تعده لوالده ، وقفت بصينيه صغيرة تقدم ما بها لـ "شادي"و"بدر" فشكروها  منشغلين بحديثهما معاً ، حتى توجهت لتقدمها لـ "غسان" الذي رفع عينيه نحو عينيها  ، عينيها التي  كان بها ٱثار دموع مسحتها عندما سمعت الأصوات بالخارج ، اخذها منها بصمتٍ وقد لاحظ جرح معصمها وتذكر بأنه المتسبب بذلك ،. لذا حرك عينيه ناحيتها فوجدها تتمعن النظر مثله ولكن على ساقه الذي غطاها هو ، تنفست بعمقٍ عندما وجدت علبة الآسعافات الأولية على ساق"شادي" الجالس أرضاً جلسة  لا تثير إلا للضحكِ ،  ابتسمت بداخلها على إهتمامه هذا ، حتى إلتفتت بصمتٍ تكمل ما تعده بالداخل ، وقد خرجت "ياسمين" بصحبة "جميلة" للخارج، ومن ثم "وسام" التي ارتدت ملابس من ملابس والدتها كي تستطيع الخروج ،. وقفت الفتيات فالمطبخ يساعدونها وأما هي فبقت شاردة ، وحينما وجدت "وسام" جانبها رفعت عينيها لها فوجدتها تردد دون. مقدمات معتذره  عن حديثها على سفرة الغداء قبل فتره :



_" أنا آسفة !!"



رسمت "نيروز" إبتسامة  بسيطة على شفتيها وهي تنظر لها بملامحها الهادئه مرددة بصدقٍ بسيط عندما استشفت ما تقصده :



_" وأنا مزعلتش منك أصلاً !!"



توسعت ابتسامتها وهي تنظر لها بإمتنانٍ فخرجت متجهة ناحية غرفتها تأتى بشئ ومن ثم لتعود ، في حين تعالت شهقة "ياسمين" وهي تردد بتبححٍ لـ "جميلة" :



_" خفي يا ختي قال عايزه تروح  تذاكري قال .. النهاردة عزالك !!!"



_" عشان الامتحانات يا حلوة وبعد كده نفضي بقا للفرح  وأرجع أرجع تاني بعد الجواز ..مفيهاش راحة أنا عارفة !!"



ضحكت "ياسمين" عليها وهي تشاكسها بالحديث تحت شرود "نيروز" وهي تعد ما تفعله رافعه ساعديها ، فلاحظت "ياسمين" سريعاً ما وضع على معصمها فسألتها بترقبٍ :



_" ايه دا يا "نيروز " ؟؟ إيدك متعوره  ولا ايه ؟!"



_" أه..جرح بسيط   ، ناوليني الملح اللي هناك دا كده !!"



أعطتها "جميلة" الملح بدلاً من "ياسمين " التي نظرت لها بتشككٍ حتى حاولت التجاهل ، وعندما وجدته يقف متحنحناً قبل الدخول  حاملاً اكواب الشاي، خرجت. مع "جميلة" ، كي يدخل هو ،. وضع "غسان" الٱكواب على الرخام ، وعندما شعر بأنها تجهد حالها ، رفع ساعديه ليغسل الأكواب ، فوجدها تدفعه من كتفيه برفقٍ وهي تقول بنبرة هادئة تمنعه  :




        
          
                
_" أنا هغسلهم !"



كيف بها بأن تدفع جسداً  صلب عنها بكثيرٍ ، وقف مكانه لم يتحرك ولكنه أمسك معصمها المجروح على سهوه  يتفقده متسائلاً بنبرة خانته أمامها :



_" بيوجعك ؟!"



أزاح الشاش قليلاً يري ما جعلها تصل له بقبضته  ، في حين توترت ولا تعلم لما ، ربما يقترب منها ؟؟. حاولت أن تسحب يديها من بين كفه وهي تبتعد توليه ظهرها  قائلة  بفتورٍ وصل له :



_"لأ !"



_" كويس ،  تكون مجرد علامة من غير وجع ..بس تفكرك باللي قولتيه !"



وما أن إلتفتت تنظر بخيية وجدت الجمله فاتره قالها ومن ثم خرج بعدها لهم بالصالة  دون الوقوف أكثر وإعطاءها فرصه للرد ، لا تعلم لما تود البكاء أكثر أو تود عناقه ، لغة القلوب تُفهم وقلبها يصرخ لها بأن به شئ لا محال ، ترى نظرة الألم بعينيه ولم تستطع احتواءه ، ألم غير الألم الذي كان منها ومن حديثها معه ، لا تعلم ما به وتتشتت بين الإصرار على ما هي عليه بعنادٍ وبين الضغف والشعور به ، خاصةً بعد أزمة والده يزاد شعورها أكثر!! ، ما هذا التشتت ولما يعنفها قلبها ؟؟ ، تحاول تجاهل ذلك ولم تقدر ، وكان هو لديه من الوجع ما يكفيه ،. حملت الصحن على صينيه صغيره بجانب  كوب من المشروب الساخن لتخرج به متوجهه ناحية الغرفة ، في حين كانت الفتيات مع "وسام" بغرفتها قاطعن هن خروجها بدخولهن لها ، ووقف "شادي" منتظراً الطبيب الذي  حثه "غسان" على إنتظاره عندما دخل يبدل ملابسه بغرفته..



_" أُدخل !"



كانت  الكلمة الهادئه من "حامد" حتى حاولت "نيروز" حمل  الصينيه بيد واحده كي تفتح الباب ، فتحته وهي تبتسم بهدوءٍ ثم دخلت ببطئ تجلس بحرجٍ تقدم له الصحن فاعتدل ، أسندت الصحن كي يسنده بحذرٍ فنظر لها بحنوٍ وتأثر لاهتمامها ، وعندما جلس وجدها تتحدث بنبره ضعيفة هزمتها :



_" ألف سلامة عليك يا عمو ، خلي بالك من نفسك انت غالي اوي علينا!!"



ولم تتوقف ٱنذاك بل مدت يديها تضع الصحن بين يديها وأمسكت الملعقه رغم حرجها منه ، ثم قالت لتجعله يستعد مع ملاحظتها لأعصابه التي تتراخى :



_" إتفضل  شوربة الخضار دي علشان تبقى كويس!!"



أمسك "حامد" الصحن منها بخفةٍ يعلم بأنها خافت عليه وشعرت به شعور والدها ! بل وتقوم بدور "دلال" كونها لم تكن موجوده !! ، ابتسم يشاكسها بمرحٍ رغم انهاكه ثم قال :




        
          
                
_" كده دلال هتغير عليا اوي!!"



ابتسمت بحرجٍ وهي تترك له كما يشاء ، فابتسم هو بخفةٍ وهو ينظر لعينيها ، حتى ردد بلين يغلفه الود :



_" خلاص أكليني أنا زي ابوكي بردو اللي إفتكرتيه دلوقتي حالاً!"



صدمها بهذه الكلمة ، حتى إحمر وجهها من الحرج ، فتفهم هو ونظر لها بشفقةٍ مخفيه ، أخذت منه الملعقه وهي تطعمه ببطئٍ وبأيدي مرتجفة ، أدمعت عينيها فالخفاء في حين ردد هو مع مضغه للطعام بهدوء:



_" عارفة يا"نيروز" .. ابوكي دا كان طيب وحنين أوي، مكنش بيحب حد يزعل منه ولا  يزعل حد ، حتى ولو هو مظلوم كان بيسكت وبيستحمل كتير أوي ،  وكان بيحبكم حُب مشفتوش فـ حد قبل كدة ، لدرجة إن كنت بقول بيني وبين نفسي إن انا مبعطيش لولادي حب زي ما صاحبي بيحب بناته ، بس عرفت هو بيحبكم اوي ليه لما ربنا رزقني بـ "وسام" ، البنات دول نعمة ٱوي ، واللي متعرفهوش إن أنا نفسي أوي تكون أول خلفتك إنتي وغسان بنوته حلوه كده زيك !!"



ابتسمت بتأثرٍ وهي تطعمه ، وبهذه اللحظه تحديداً وقف على أعتاب باب الغرفه ينظر لمدي لطف المشهد بينها وبين "والده" الذي أكمل وهو يقول :



_" بتحبي البنات بردو زي ابوكي ولا عايزه ولاد أشقيه زي ابوهم!!"



يشتت دمعتها كما يفعل ولده تماماً ، حاولت الثبات وهي  تطعمه بنفس الحرج ثم أخذت أنفاسها بطريقةٍ ملحوظه وهي ترد :



_" بحب الاتنين أوي ، وأياً كان فأنا نفسي احبهم الحب اللي بابا كان بيحبه  لينا ..واللي حضرتك بردو بتحبه لـ "غسان" وأخواته!!"



إبتسم بإعجابٍ من ردها وهو يكمل ، فتنهد يأخذ أنفاسه وهو يسألها :



_" أقولك سر؟؟"



توسعت إبتسامتها وهي تطالعه كما انه  يردف كلماته بمرحٍ ، هزت رأسها بحماسٍ له فأجاب بتفسير :



_" "غسان" ابني بيحب البنات أوي !!"



لوت "نيروز " شفتيها بتهكمٍ وفهمت بالخطأ عندما قالت بسخريه تلقائية متناسيه بأنها تحدث والده :



_" أه  انت هتقولي!!"



حرك "حامد" رأسه نافياً بضحكٍ شديد وعقب ما إنتهي تدريجياً قال بوضوحٍ بنيره بها ٱثر الضحك :



_" لأ ..بيحب البنات ، الأطفال يعني ، هيضعف اوي لما يخلف بنت وهيحبها فوق حبك أضعاف كمان ، طول عُمره بيحب العيال الصغيره ، ورغم إن "بسام " ابني دكتور بس لو طفل لسه في الاول كده يخاف يشيله ويجي نحيته ، كان عامل زيي زمان كنت بخاف أشيلهم وجسمي بيوجعني منهم فبتابع من بعيد لحد ما يمسكوا نفسهم شوية ...بس تصدقي إن كنت بخاف أشيله وكِبر وشالني هو ، الدنيا دي بتخلى كل حاجة مردوده حتى لو بـ ايه!!"




        
          
                
قصد "غسان" عندما إسترسل في الحديث وما فعله اليوم من كم هذا الخوف ، ابتسمت بحبٍ ثم قالت بلطفٍ شديد :



_" ربنا يبارك فعمرك ويخليك لينا يعمو !!"



_" مفيش حاجة تستاهل زعلك يا بنتي مهما كانت هي ايه وأنا معرفهاش ، بس الدنيا مبتقفش على حاجة !!"



قالها وهو يلاحظ إنطفاء ملامحها وسكونها الزائد عن حده ، إنتهي من تناول الطعام بواسطتها ، فمسحت بحركة عفوية فمه بيديها وكأنها إبنته وتراعيه بالفعل دون حرج ،  نهضت تقف وهي تبتسم له برضا ، فنظر "حامد", نحو الباب وهو يقول له بثباتٍ وثقةٍ وانتباه  لوقفته هذه منذ وقت :



_" رجلك موجعتكش من الوققه ، هتفضل واقف كده كتير؟!"



ضحك "غسان" وهو يدخل ثم نظر لها بتمعن فوجدها تهرب بنظراتها منه وكأن عينيه  تلومها فتهرب هي ، تنفس بعمقٍ وهو يقف يطالعه ثم قال بنبرةٍ ضاحكة :



_"أقف بعيد، احسن مـا أقرب وأغيير علي مراتي !!"



_" طب ما أنا كمان مراتي بتغير عليا!!"



_"طب والعمل؟!"



أردف "غسان" جملته بضحكٍ ، فرد "حامد " بنفس النبره الضاحكة :



_", يبقي كل واحد ياخد باله من مراته!!"



ضحكت "نيروز", عليه ، فوجدته يكمل بتفسرٍ :



_"  بس أنا هاخد بالي من مراتي وبناتي ،لكن انت معندكش بنات فخلي بالك من مراتك وبس !!"



قالها "حامد" بكيدٍ ، فإرتفعت ضحكات"غسان "ثم غمز له بجرأة وهو يرد على حديثه بـ :



_" متستعجلش بكره أملالك البيت بنات يا "حامد " إديني وقتي بس !"



طالعته بخجلٍ وهي تنسحب بخفةٍ إلى خارج الغرفة ، فجلس "غسان" على المقعد بأريحيةٍ، فجاءه صوت "والده" وهو يقول بصدقٍ ومكرٍ:



_" طيبة وبنت حلال "نيروز"  ..بنت ناس وأصيلة!!  " 



همهم "غسان" يإبجاز يؤكد دون حديث ، فعاد "حامد" يكمل وكأنه يصلح شئ بينهما لا يعلمه :



_"مش أي حد يستاهل حبها ، علشان كده مبتتأقلمش مع حد بسرعة ، بس لما بتحب بتبقي على الله كده مع الناس اللي بتحبهم ، بتبقي تلقائية وعفوية !!"



يسرد عليه بخبثٍ ، فنظر له "غسان" بحنقٍ زائف وهو يقول بخشونةٍ :




        
          
                
_" ما كفاية يا حامد  مقولنالك بغـيير!!"



_".حمقي ودمك حامي زي ابوك ياض!!"



غمز له "غسان"بشقاوةٍ فوجد "شادي" يفتح الباب بعدما دق عليه سريعاً ثم قال بنبرةٍ سريعه :



_" أجهزوا كدة الدكتور جه وواقف مع"بدر" برا ، ادخله ولا ايه يا "غسان"؟!"



تفاجئ "حامد ", من قرار "غسان " بقدوم طبيب ، فحرك له"غسان" رأسه سريعاً بنعمٍ وهو يقول:



_"  ايوة  خليه يدخل  !!"



خرج "شادي" فوجد "غسان" نظرات اللوم من "حامد" والذي سرعان ما إعتدل عندم دخول "الطبيب" ، حاول "غسان" تركه ليقوم بالكشف عليه براحةٍ ثم إنتظره بالخارج كي يخرج يعلمه بمفرده ما حل لوالده ، أغلق الغرفة. وانتظر "بدر", في الخارج مع "شادي" وكانت  الفتيات مازلن في غرفة "وسام" ولاحظت "نيروز" قدوم الطبيب فبدأت بإعداد كوب عصير لكرم ضيافته  !! ، وقبل أن يعلم "غسان" بذلك ، دخل المطبخ  حتى بدأ ببحثه عن ما يلزم لاعداده كوب من العصير ولكنه توقف عندما وجد يديه بأعصابها غير متماسكة بما فيه الكفايه بسبب ما حدث ، والي الان يحاول التماسك واخفاء كل ذلك ببراعه ،  ثقل لسانه عن قولها ولكنه أردفها وهو يقف من خلفها وقال بطلبٍ مختصر :



_" اعملي حاجة للدكتور يشربها !!"



إنتفضت "نيروز" من أثر صوته المفاجئ فلم تشعر بدخوله، لم تلتفت له بل ردت بنفس الإختصار :



_" كنت هعمل من غير ما تقول "



لفت الملعقه بدوران ليذوب السكر بالكوب ، إنتظر، وقف منتظراً إنتهاءها  من ما تفعله متنفساً بصوتٍ يخرج الثقل من على صدره والتي تستشعره هي ، التفتت تضعه علي حامل أنيق لائق للضيف ، ثم قدمته له بسكونٍ وهي تحاول أخذ أنفاسها ، إلتقطه منها بهدوءٍ ولامس يديها لمسة هادئة خاطفة ، مابه ؟؟ مراهق؟؟ ينتظر اللمسه وكأنها اللمسه الاولى لهما وكأنها ليست زوجته من الأساس؟ ، نفض من عقله هذه الأفكار عندما تنحنح يجلي حنجرته وهو يخرج إلى الخارج بصمتٍ ، وققت تسشتعر بأن ثمة شئ لا تفهمه بالفعل ، وبدورها تريد هي عناقه ولم ولن تعلم الي الٱن لما يضيق صدرها ؟؟ هل لأن صدره يضيق هو الٱخر دون علمها سبب محدد واحد ؟؟ بل تعلم أسباب متفرقه لا ترتبط ببعضها !! ..



وقف منتظرًا. رغم رغبته في الدخول ، ولكنه وقف إلى أن لاحظ خروج "الطبيب" فإتجه "غسان" يحثه علي الجلوس بالمقعد في الصالة ، فجلس "الطبيب" وهو يأخذ الكوب منه بحرجٍ ينصت لجملته المتلهفه وهو يقول:




        
          
                
_" طمني يا دكتور ،  ماله ؟!"



كانت جملته متلهفه كما كانت أنظار "بدر",و",شادي" و"نيروز", وهي تقف بالمطبخ متخفيه بعيداً ، أخذ أنفاسه وهو يجيبه بتفسيرٍ :



_" هو كويس الحمد لله بس خليه مبنساش العلاج ، الضغط مش تمام أوي وممكن يكون تعب من حاجة أو بسبب زعل طالما حصله كده فجأه ، الحمد لله إن مفيش جلطه  ولا حاجة ،  متقلقش بس خلي بالكم من صحته وياريت يبعد عن أي ضغوط نفسيه أو تعب جسدي شديد ،  ودا علاج هاتوهله من الصيدليه ياخده ٣ مرات في اليوم بعد الأكل  اللي لازم يكون صحي طبعا ً!"



وقف يسمعه بإنصات وعند كلمة "جلطة " صُدم ولكنه تماسك تنفس ببطئ وهو يأخذ منه الورقه فوجده يقف ، فسار معه أولاً  ناحية باب الشقه مستعداً الهبوط فأوقفه الطبيب بقوله :



_" أنا عارف السكة كويس يا أستاذ ، وجيت هنا كتير  عند الأستاذ حازم الأكرمي ، هو  لما كلمني الصراحة مترددش أجي !!"



بالفعل احتار فحدث "حازم" يسرد عليه اختصاراً كي يعلمه بطبيب ، فتولي المهمه هو ، ولكنه كان بمنزل "عز" مع النساء ، لذا تٱخر عن القدوم ، ابتسم له "غسان" بإمتنانٍ وٱخرج له حسابه بلباقةٍ يقدمه له وهو يقول :



_" كتر خيرك يا دكتور ، تعبناك معانا "



أخذها منه بنفس اللباقة وهو يودعه وبعد لحظاتٍ أغلق "غسان" الباب ، وهو يتوجه نحو الداخل ، وجدهم دخلو الغرفه له ، فوقف في الصاله ممسكاً رأسه بإنهاكٍ مغمضاً عينيه بضغطٍ وعندما شعر بها وجدها بالفعل تقف أمامه وهي تنظر له بنظرة الأسف الذي منعها كبرياءها عن قولها صراحةً كونها لا تجد مبرر له الى الٱن ، تحدثت بهدوءٍ شديد تطمئنه وتواسيه :



_"متخافش..هو كويس وهيبقي أحسن!!"



ربما وجدت سبباً من الأسباب الٱن كي تستطع مواساته ، رسم إبتسامة هادئة على شفتيه ثم حرك عينيه من خلفها نحوهن وهن يخرجن بعدما علمن برحيل الطبيب بالفعل ، وقفن يتحدثن بصوت منخفض فنظر هو لـ "نيروز"  من بين تشتتها وهي تتوه بنظراتها تشرد ولا يعلم إلى أين الشرود ؟؟ ، إنتفضت مره أخرى عندما وجدته يمسك معصمها يتفحص جرحه وكأنه لا يثق بإجابتها كل ذلك ، ثابت على الود هو رغم الخلاف؟؟  لطيف هذا الطبع الذي لامس قلبها وبشدة فجعل يديها ترتجف بطريقة ملحوظه وهي تبتلع ريقها مرددة بإطمئنان :



_" بقت كويسه مفهاش حاجه !!"



تركها برفقٍ دون رد ، حتى إلتفت يدخل الغرفه معهم ، وتوجهت هي ناحية الفتيات تنتظر معهن وهي تجلس بالصالة !!




        
          
                
'''كل ذلك أثناء شرودها'''' ولم تتوقف بعد بل ذهب عقلها مره ٱخرى عندما  
جاءت "دلال" في المساء تدخل بجهلٍ وتفاجأت بما حدث ، تذكرت بكاءها وهي تجلس بالغرفه معه تتحسر على ما حدث ، والكل كان بالخارج من "حازم", الذي  عاد وهذه المره كان معه "عز" وكانت "فريدة" هناك تطمئن على ما حدث ومعها "وردة" ، اجتمعت الشقة بهم  ، حتى من "سُمية" التي أصرت على زيارته وأسندها "بدر" بحرصٍ  إلى  ان جاءت الشقه تجلس بينهم ببهجة حاول فعلها ذوات الشخصيات المرحة مثل "ياسمين"و"شادي" الذي ٱخبر "طارق "بإيجاز عن ما حدث فجاء وجاءت معه "منة" رغم الموقف الذي حدث بينها وبين "شادي"!!



إجتمع الكل ٱنذاك في شقه"حامد"  بالمساء وخرج رغم رفض البعض حتى جلس بينهم سانداً ظهره على مسند مريح على الأريكة الطويله بالصاله الذي اجتمع بها الكل. وبجانبه يجلس "طارق" الذي ربط علي كتفيه بتحفيزٍ وهو يقول :



_" شد حيلك كده يا "حامد"، دا آنت لسه شباب يا عم !!"



يمرح معه وينزع الألقاب كونه أخذ عليه وإعتبره صديقاً له ، ضحك "حامد" على سخريته او  هكذا اعتبرها ؟!  وبين نظرات والٱخرى وحديث عشوائي ، دخل "شادي" خلف "منة" الشرفة عندما انسحبت بطريقة ملحوظه تقف متساءله عن مكان به هواء فحثتها "وسام" بلباقةٍ وهي تنشغل بالحديث مع "ياسمين" بمرحٍ ..



_" عايزة تعيطي ليه يا أم عيون قناصة ؟؟"



سألها ويثق بأنها تريد أن تسقط الدموع منها الٱن ، تماسكت ولم تلتفت ولم تعيره إهتمام فتوجه يقف بجانبها ثم رفع عينيه نحو ملامحها وهو يردد بأسفٍ صريح دون مرواغة  :



_"أنا ٱسف !" 



_"حتى مش عارفه أسفك صح أقبله  ولا لأ ..بس أنا قربت أحس إني خَنيقه ولا أُطاق ودا مش معاك بس ، انا عارفه ان اللي بعمله هو الصح والحلال ، بس وكأن اللي حصل واللي بيحصل بيضغط على ٱخر ذرة تحمل عندي ،  أوقات بحس إني مختلفه زيادة عن اللزوم ومش عارفه أتأقلم بطباعي دي ، والغريبه إني واقفه بحكيلك.. هو إنت عملت فيا ايه ؟!"



سردت براحةٍ وشعرت بأنه سيفهم رغم ما فعله من خطأ ، زادت نظرات الأسف منه لها حتى تنهد يأخذ أنفاسه وهو يرد علي حديثها بعمقٍ :



_"لا إنتِ صح ، وأنا اللي غلطان  وبقولك حقك عليا مش هعمل كده تاني ، مش هتعمد اعمل حاجه بتدايقك وحاجة حرام كنت بعملها وكأنها عادي لحد ما إتعودت ، رغم انك غيرهم والله العظيم يا مِنة ، الحاجة الوحيدة اللي أعرفها ان قربك مني خطر أوي عشان أنا مكنتش اهبل اوي اوي كده إلا معاكي ، أو يمكن هم اللي كانو بيجولي بسهولة لكن إنتِ لأ ، أما بقا أنا عملت فيكي ايه ، فأحب أقولك إنك أنتِ اللي عملتي ، وقنصاتك صابتي وجابتني لحد عندك ولففتني حوالي نفسك عشان أفهم ازاي وامته حبيتك ؟."




        
          
                
إبتلعت "منة" ريقها ، ومهلاً هذه التي لم يؤثر بها شئ ولا حديث معسول  متغزل ، يأتي ذلك الأهوج الوقح وتقع كلماته عليها كسهام محببه لقلبها ، ليس لتصبيه بل لتدخله دون إستئذان، طرق قلبها قبل أن يطرق بابها ، وبطبيعتها  الثقيله في قول حديث معسول ترد به عليه صمتت  بجبروت و هكذا رأي وهو ينظر لها معقباً بعد إنتظار :



_"يعني مش هتردي عليا ؟؟"



_"مش عارفه أقولك ايه ، خايفه أعديهالك وتعملها تاني يبقي إسمي عشان عديتي فحصلك كده وخايفه أصمم علي كده فمنوصلش لحل وإحنا خلاص بنقرب عشان نكون مع بعض!!"



لم تخجل من الصراحة وأعلنت ما تتحير به دون إخفاء لما تكنه ، فنظر لها مطولاً وهو يهتف بتلقائية :



_"إنتي بسيطة وصريحة أوي يا" مِنة " ، انا  مبقتش عايز غيرك  صدقيني!!"



تعلقت عينيها به ، ولأول مره يري ضعفها بنظراتها عندما تنفست تشيح بوجهها بعيداً عنه تذكره بقولٍ ماضى قالته له :



_" فاكر لما قولتللك يعني ايه خوف ورديت وقولت كلام كده ؟!"



ابتسم متذكراً وهو يحرك رأسه بنعمٍ ، فعادت تتعلق بعينيه وهي تقول بصراحةٍ تعترف :



_" ينفع أغير الإجابه ؟؟ وأقولك إني  مكنتش بخاف ، بس دلوقتي بخاف ، خوفت من الحب معاك ، عشان ضعفت وأنا اللي عيشت طول عمري قويه غصب عن عيني ، ملقتش حد يوعيني من وأنا صغيره ملقتش أم أعمل حاجة غلط فاخاف منها ،  بابا كان ومازال كل حاجه ليا ، عنده مكنش خوف ، راجل وكان عايزني راجل زيه بالظبط عشان الدنيا وحشه والواحد ميثقش فيها ولا يديها أمان ، بس لما أديت الأمان ووثقت بسرعه شديدة اديته ليك وأنا قلبي بيستسلم للإحساس اللي كل مره كنت برفضه ، كنت بقولك ان الخوف إني اخاف  نفس الحاجة تحصل مرتين ، ساعتها مكنش فدماغي غير إن بابا ميروحش عشان معنديش غيره ، دلوقتي خايفه اتمسك وخايفه أسيب ، وخايفة عشان حبيتك !!"



_"بس أنا مبخوفش ..ووعدتك أعوضك عن حاجات إتحرمتي منها زي ما أنا اتحرمت ، واثقه فيا ؟؟ "



ترددت بنظراتها وهو من جعلها تفعل ذلك بفعله الٱهوج في كل مره ، لذا إبتلعت ريقها تؤيد بصدق ثم قالت باعتراف:



_" الغريبة ان ازاي واثقه فيك وبسرعه كده ،  بس عرفت خلاص إن الحُب دا غبي وحلو فنفس الوقت ، أنا خايفه بس يكون أعمي ويخليني مخدش بالي من حاجات من حقي أخاف منها!!"




        
          
                
تعتقد بأن بصراحتها تجعله يفارق بسببها ولا تعلم هي بأن كلما تصارح أكثر يتمسك هو بها ويعلم بأنها مختلفه عنهم بكثير ،  حاصرها بنظرة عينيه وهو يؤكد :



_"هو غبي فعلاً يا "مِنة" عشان بيحسسننا إننا بنحب كل اللي بنشوفهم وعند حد معين بيقف ويأكدلنا إنه هيدق الباب خلاص ،  وحلو  وكمان أعمىٰ بس أنا بأكدلك بصراحة إني مش وحش ولا هبقى وحش ، عشان انا بحبك حتى ولو بطريقه مجنونه بس حبيتك !!"



وجدت الأمان والصدق يظهر بنبرته ،  نظرت له وهذه المره  مدت يديها بحركة الوعد وقالت :



_" أوعدني انك هتكون فاهم وعاقل ، وأوعدني إنك هتشوف الجواز والارتباط بطريقه أعقل  ..أوعدني كمان  متكسرنيش علشان انا مخوفتش أتكسر من أي حد فالدنيا لان مكنش حد فارقلي ..بس إنت طلعت فارق معايا!!"



ماذا تريد صاحبة الأعين القناصة؟؟ تريده بأن يصرخ عالياً بالتمسك ، والمفاجئ بأنه بدأ بفعل ذلك عندما تردد يرفع يديه يلامس يديها ، ولكنه وجد الإصرار، كان قد وعد نفسه، ولكنها هزت يديها بإصرارٍ ، فشبك يديه  بيديها ثم قال بنبرة أكثر صدقٍ وعمق :



_", أوعدك يا دكتورة "مِنة" ، يا أحلى دكتورة بأحلى عيون قناصة شوفتها  فحياتي !!"



صمت بلحظةٍ ثم واصل بغمزة عين خفيفه يداعبها بمرحٍ مردداً بغناءٍ :



_" وبعدين بهاء سلطان قال.«.مهما حبيبك تمادى لا يمكن يخون »"
ضحكت ، والٱن تتشابك الأيدي بإصرارها هي.. نفضت يديها بعدها سريعاً بخفةٍ وهي تبتسم له متنفسة بعمقٍ وإلى الٱن تستكر حلاوة ومُر ما يُسمي بُمسمي الحُب !!!! ..



وكما كانا هما كان غيرهما ، لاحظ "عز" شرودها ، فوضع كفه علي كفها الصغير عنه بطريقة ملحوظة ثم قال بإهتمام يسألها :



_" سرحان فـ ايه يا جَميل ؟!"



خرجت "جميلة" من شرودها وهي تنظر له مبتسمة ببساطة ثم حركت كتفيها بيأسٍ مردده له :



_" مش عارفه .. حاسة إن في حاجات كتير بتحصل حواليا !!"



ربت "عز" على كفها بحبٍ ثم طمأنها بنظراته وقبل أن يتحدث بهذا القرب هتف "حازم" محذراً بغيرةٍ من علي بُعد مما جعل الكل ينتبه له :



_" ما تسيب ايدها يا" عز " أحسنلك، وآهدى شوية بقا  !"



لم يكن يعلم الكل بأنه غيور لهذه الدرجة ، تعالت الضحكات ، فضرب"غسان " كتف"حازم" وهو يقول بمعارضةٍ متبجحة  :




        
          
                
_" مراته يا جدع  وبراحته .إهدي انتَ وخليك فحالك !!"



ضحك "حازم" رغماً عنه وهذه المره يتفق حديث "غسان" مع حديث"ياسمين " له ، خجلت "جميلة " من تركيز الأنظار عليهما ، في حين ردت"عايدة" بتوضيحٍ :



_" إيش حال ما "عز" مؤدب ومحترم يا حازم ، ملكش حق واللهِ !!"



حاولت أن تعزز من قيمته أكثر ، فضحك الكل عليها مره ٱخرى ، ومال "عز" يهمس بجوار إذن"جميلة" بسخرية :



_" أمك واخده مقلب فيا جامد ، اوعي انتي كمان تكومي فكراني كده لسه؟"



ضحكت "جميلة" وهي تركز معه وبحديثه فردت بتلقائية تسأله بمشاكسةٍ :



_" يعني انت مش كده فعلاً  يا عز الرجال؟؟!"



تسأله وتعلم الجواب وتعلم بأنه جرئ  بخبثٍ، جرأه مخفيه لوقت محدد وتظهر شئ  فشئ أولها عندما أصبحت زوجته ،  لم تعطه فرصه للرد بل رددت بثباتٍ له مره ٱخرى :



_''الإنسان المحترم مُلفت !!"



_" دا حتى عيب فحقي  لما ابقى كده !!"



_"عيب فحقك تكون مؤدب!"



_"تؤ ..عيب فحقي أبقى مُلفت لحد غيرك !!"



أكد لها برأسه بشفرةٍ تجهلها كونها خجولة جاهله عن عبث الرجال ، حركت عينيها نحو "نيروز" التي خرجت من المطبخ تحمل أكواب العصائر على صينية كبيرة الحجم ، ومن خلفها "وردة" بصينية من  الحلويات ، بان على ملامح "نيروز" الإرهاق ، ونهض"غسان" يأخذ ما بيديها وهو يشير لها بأن تجلس  ، فوزع عليهم واحد تلو الٱخر وعاد يجلس وهو يترك الكوب بضيقٍ فكان العصير من الفراولة الذي يتحسس هو منها ، كيف تجهل عن ذلك ؟؟ ، وكأنها تفكر بما يفكر به ، عندما وجدها هي من جلست بجانبه هذه المره ، وبدلت  كوبها معه وهي تقدمه له قائلة بنبرة هادئه :



_" دا جوافه ، إشربه إنت عشان الحساسية ، وهات الفراوله ده عشان متتعبش !!"



تركها تبدل الكوبين ببعضهما ، دون أن يجيب ، حتى اخذت من بين يديه الكوب وتركته لم تتجرع منه ، فتجرع هو من كوب الجوافة !! منشغلاً بالحديث معهم مره ٱخرى وهذه المره لاحظت "دلال" ما فعلته "نيروز" معه 



احياناً يحتار البعض بها وبطبيعتها ، تتهاون ولا تتهاون ؟؟ طيبه أم شرسه ؟؟ ، لم ولن يعلم أحد بأنها تلين وتضعف معه هو بعدما تظلمه بطبيعتها الأولى !! 



إستمرت الجلسة بينهم ببهجة واتفاق على مواعيد لحجز قاعة الزفاف بعد أيام  معدودة وحجز فستان الفتيات أيضاً ، في حين انتهت بدخول "حامد" غرفته تلازمه "دلال" بخوفٍ وحبٍ تبتسم عليه "نيروز" بإعجاب ، ورحل "طارق"مع"منة" وأوصلهما "شادي" ومن ثم سيرحل لمنزله ، ورحل "حازم" هو الٱخر منتظراً تبديل "ياسمين" ثيابها ليرحلا إلى شقتهما معاً ، ودخلت "وسام" غرفتها ، وذهب "بدر" قبل قليل عندما إستأذن للإنصراف لمكان مجهول طُلب فيه ،  لم يعلم أحد به سوى "غسان"و"حامد"و"وردة" زوجته ، بل وأخذ "يامِن" معه  رغم خوف "وردة", ولكنه  طمأنها ومر الوقت بدونه فأين ذهب .؟؟وهذا سؤال لا يثير فضول البعض كونهم منشغلين بكل منهم للٱخر الذي يعينيه وهذه هي الحياة ، الشئ الوحيد الذي يتمناه المرء حينها ، بأن لا. يخذله الطرف الذي يترك العالم لأجله ويصب اهتمامه كله له ، فعند الخذلان يُهان المرء ويُكسر بأقصى سرعه ثم يعود من محنةٍ ربما قوياً أو العكس والشئ الذي لم ولن يتغير بأنه يعود متبلداً المشاعر كما الخوف لطالما ذاق مرارة الخذلان من أقرب شخص إليه !!!.




        
          
                
_____________________________________



«"‏سأصرخ في عزلتي،
لا لكي أوقظ النائمين.
ولكن لتوقظني صرختي
من خيالي السجين!"»
- محمود درويش
سيترك كل الصراخ ويصرخ فرحاً لأنه يجلس مع شقيقه الٱن ؟؟ ، طبول السعادة تدق بابه بعد غيابها لفترة كبيرة عليه ، "ٱدم" ،  كم يريد أن يحيى سعيداً بعد الآن ، بعدما سمحت له المصحة ٱخيراً بزيارة واحدة فقط بعد أخذهم لاكثر من حذرٍ ، لا يستطع تصدبق نفسه ولا من يجلس أمامه يتحدث معه ويسرد عليه أشياء عديدة حدثت بغيابه ، عناقه ، عناقه كان  عناق مختلف يبث له به الشوق فيبادله شقيقه الندم والحزن ومن ثم الأمل !!



_"أنا مبسوط أوي إني شوفتك يا "بدر" مبسوط إني شوفتك وشوفت "يامِن"!!"



عانق "ٱدم" "يامن" الذي يجلس  على ساقيه ، علم بسجن"شريف" ولا يعلم لما لم يوضح شقيقه وعلم بحبس والد صديقه ، وعلم بعودة "فريدة" المنزل ولكن لم يوضح له أيضًا شقيقه بأين كانت هي ؟! ، لم يستطع التفسير ، بل حاول التجاهل ناظراً لوجه الصغير ، ولوجه "بدر" الذي ينعم النظر بوجه شقيقه المبهج المتفتح ، غير الذي كان عليه ، وذقنه  كانت قد نبتت بطريقة ملحوظه ، تنهد ''آدم " يخرج أنفاسه بصوتٍ وعمقٍ ثم قال بتأثرٍ :



_" أنا عارف إنك ساكت مش عارف تقول ايه تاني ، بس هقولك أنا يا "بدر" ان انت غالي أوي عندي طول عمرك ، هقولك إني محقوقلك وإني أسف ، عايزك تسامحني على اللي عملته فنفسي قبل ما أسامح أنا نفسي ، علشان انت ابويا وعمرك ما خدت قرار ضرني ، ربنا يخليك ليا وتفضل سندي ، ومتشوفش الوحش اللي أنا شوفته فـ يامن ولا فأي حد قريب منك وبتحبه !!"



إبتسم "بدر" له بهدوءٍ وتأثر وهو يربت علي كتفيه ، فعاد "ٱدم" يتحدث بأعين  بها من الدمع ما ظهر له :



_"عارف إن "جـنات" زارتني فالحلم ؟؟ أمك يا بدر اللي كنت هموت وأحلم بيها من كتر ما كانت وحشاني ،  وكأنها كانت حاسة بكتر الغلط اللي كنت فيه ومعمي ففضلت مقاطعاني فأحلامي ، زارتني قريب وحضنتني حضن حلو أوي ووصتني على أختك" فاطمة " ، عيطت وأنا عاجز ومش عارف أقولها ايه ؟؟ أقولها إني كنت  ندل ومعرفش حاجة عنها ، مستنتش مني رد ، مشت بعد ما ضمتني  جامد وقالتلي سلملي على أخوك ،  وقتها مشت وكنت نفسي تقعد معايا متسبنيش أو حتى مصحاش تاني من نومي !!"



هبطتت دموعه بكثرةٍ وخانته ، متعلق تعلق شديد بوالدته حتى بعدما رحلت ، وقبل أن يمسح "بدر" دموعه ، وجد "ٱدم" أيدي صغيره جداً تمرر على وجهه بعشوائيةٍ وحنوٍ يقسم "بدر" بأنه أخذها من "وردة" ليس سواها ، تأثر "ٱدم" من براءته حتى أنه أمسك كف الصغير بلهفة وهو يقبله بحبٍ ، فتحدث "بدر" باحتواءٍ :




        
          
                
_" فاطمة انا بكلمها  علطول ..بس بقالها يومين مبتردش قولت هعدي أشوفها بس حصل اللي قولتلك عليه ، ورجعت قولت بدل ما اروحلها ويحصل مشاكل بينها وبين "عارف"  ، أصبر يمكن ترن وان مرنتش هروح ، اطمن يا ٱدم كلنا بخير ، أنا عاوزك إنت اللي تكون بخير ، عشان تخرج تشوف حياتك من تاني   ومستقبلك ، وندورلك كده على عروسة تشغلك وتخش دنيا بقا ..أنا ظبطت البيت. من تحت وشكلة اتغير شوية عن ما كنت فيه ، كل حاجة جاهزه وفانتظارك يا عم، مش ناقصة غيرك بس يا معلم!! "



قال ٱخر حديثه بمشاكسةٍ، فضحك "ٱدم" بخفةٍ ثم قال متفاجئاً :



_" عروسة مره واحدة ؟؟ مش أما اشوف شغلانه الأول وٱخرج أصلاً من هنا  !!"



قالها بتلقائية ، فأخذ"بدر" أنفاسه ببطئٍ ثم رمي له بخبر يعتبره الٱخر سعيد :



_"ما دا اللي عرفته النهاردة .. جهز نفسك علشان هتخرج بعد خمس ايام من النهاردة ..!!"



إبتهجت ملامحه وتوسعت بسمته حتى أنه قبل الصغير بفرحٍ وعفوية منه تأثراً بما سمعه ، فعاد "بدر" يكمل :



_" المرادي واثق فيك أكتر يا ٱدم ، لما تخرج متضيعش ثقتي دي فيك ..مترجعناش لنقطة الصفر تاني  "



قالها بيأسٌ وتحذير فنظر له "ٱدم" نظرة مطمئة ساكنه دون تبرير بخزي ، وجد أحدهم يقف مردداً بحزمٍ :



_' الوقت بتاع الزيارة  إنتهى يا فندم !!"



أومأ "بدر" وهو يقف ثم مد يديه يمسك كف "يامن" وهو يحتضن"ٱدم" بوداع فإنحنى "ٱدم" يقبل وجنتي الصغير بحبٍ ثم أخرج من جيب بنطالة منشفة ورقية يمسح ما بجانب فم "يامن" حتى أعطاها له وهو يحثه :



_"خليك ماسكها علشان تبقى نضيف  بعد ما تاكل  الحاجه الحلوه ؛ هات  بوسة  لعمو بقا قبل ما تمشي !!"



لبى الصغير غرضه وطلبه فاستقام"ٱدم" وهو يبتسم لـ شقيقه ، وقبل أن يرحل ويختفي من أمام أنظاره شئ فشئ. هتف له بثقةٍ ويقين وتمني :



_" أشوفك على خير يا "ٱدم " ، خلى بالك من نفسك !!"



وكان ذلك هو القول الأخير له عندما رحل وعاد الٱخر يدخل ليبقي حبيساً لفتره قصيرة عن ما كان في البداية ، لفتره ستدوم لـ خمسة أيام لا ٱكثر , سينتظرهم بفارغ الصبر ، يكفي وجع وألم ما رٱه بهذا المكان الذي كان بشكلٍ حديث من الداخل والخارج وما يفعله بدوره كمثل القبر بعذابه !؟ ، ورغم ذلك صمم شقيقه على وضعه بواحدة من أحدث وأهم المصحات وأعلاها قيمة وخصوصية !! ، يدين له بالكثير إذن ؟؟ وهو الذي يعلم بأن شقيقه لا يود له سوى الخير منذ البداية .؟؟و أهٍ من العقل عندما يتخدر ويصبح أعمي الرؤيه فيجهل الأنفس الصافيه التي تود لنا الخير ويوافق الأنفس الخبيثه وأصدقاء السوء المؤدون إلى طريق الهلاك !!!




        
          
                
________________________________



ثم بعد الإنسحاب  من الجميع تذكرت عندما  أصبحت الشقة فارغه  هادئة ، وراعت "دلال" زوجها عندما ظلت بجانبه ، ووقفت "نيروز" في المطبخ تغسل الأكواب فقط ، فقد غسلت "وردة" الاطباق، اُرهقت "نيروز" اليوم بما فيه الكفايه ويعلم هو  ، ود لو يشكرها بشدةٍ ، يعانقها بإمتنانٍ يقبلها بحبٍ يبث لها السعادة بكم هذا الاهتمام والتمسك والاسناد  رغم عدم توقعه بأن تكون  مهتمه بشدة كذلك!! ، ولكن يجرحه غرورة ويصرخ بـ لا ..لن يتخطي ككل مره يتخطي فيجعلها تنظر للوضع وكأن جرحه هو عادياً لا ينزف !! ، شعرت به يقف خلفها ويخونه الإهتمام ولكن ما يحفظ صرامته هو الفتور عندما يسألها  به كل مره بطريقة زائفة ، كمثل هذه المره وهو يقول بلين  داخلى برع في إخفاءه  :



_" عديني أساعدك ، أكيد تعبتي النهاردة!"



إنتفضت وكل مره هو من يخرجها من شرودها ،وضع يديه على كتفيها بتلقائية يهدأ من روعتها المبالغ بها ، ولكنه يعلم بأنها تشرد كثيراً تغوض بأوجاع.. يري بأنها تعشق المعاناة والحزن،  مرر يديه علي كتفيها بإطمئنانٍ فهدأت تأخذ أنفاسها نافية برأسها تضع ٱخر كوب بمكانه:



_" لا أنا خلصت خلاص ، مفيش تعب ولا حاجة !!"



كبرياؤها كأنثى لم يرى مثله باحداهن من مَن كان يعرفهم هو قبلها ، بإرتباط ومعرفه وأخري ، لا يعلم بما صُنعت طباع وعقل وتصرفات وأقوال هذه المرأه ، نعم مرأه يراها مختلفه عنهن والغريب بأن أشد طبع لديها لا يكرهه هو بتاتاً !!! ، أخذ انفاسه بهدوءٍ وهو يعتدل ملقطاً زجاجة مياه يشرب منها عندما شعر بأن حلقه قد جف ،  تود أن تطلب التبرير بما رأته والٱن كي تسطع آحتواءه فكفى ندماً عن بُعدها وعدم معرفتها بفعل ذلك دون وجود سبب!! ، لاحظ بأنه محط للمراقبه فنظر نحو عينيها وجدها تطيل النظر إليه ، وضع الزجاجة مكانها ثم مد إصعبه يعلق سحاب سترته المنزلية بغير إكتراث عندما لاحظ فتحها رغماً عنه ، وما صَدمها هو أنه ردد بحديث أخرسها وخيب أمله هو عندما لاحظ ترددها :



_" مكنتش غلطان أنا لما قولتلك إني بحبك أكتر ما إنتي بتحبيني ، ومش متفاجئ علفكرة ، عشان بردو قولتلك إنتي بتترددي تعملى حاجة المفروض تكون خارجة منك من غير تردد ولا خوف ، لما عينك تقول حاجه وكلامك حاجه وعقلك حاجه تانيه خالص وقلبك حاجة غيرهم ،فـ دا الصراحة حاجة مهلكة أوي ليكي ، بس بردو أنا لسه عند رأيي .."



توقف "غسان" ثم أكمل بثقةٍ تامة بحديثه الٱتي:



_".إنتِ  مبتفهميش يا "نيروز"وبتتفنني ازاي توجعني نفسك وغيرك !!"




        
          
                
وكان هذا ٱخر حديث منه لها ومن ثم لم يتقابل  حديثه مع حديثها مرةً ثانية ، عندما خرج صاعداً لأعلى بعدما إطمأن على والديه وبالأخص "والده" ، صعد ومن ثم صعدت هىٰ خلفه بعد هذا اليوم المُهلك المضغوط بكم أحداث كانت متعاكسة .. ومن ثم بعد هذا اليوم ولم يتحدث معها أبداً سوى بكلمات مقتضبة يردفها وهو يتعمد عدم النظر بعينيها ..ستعود للوقت الحالي؟؟ ستخرج من شرودها كل ذلك .؟؟



..



..«عودة لوقتها الحالي »..



تسأل نفسها وهي تجلس شاردة الذهن أمام طبق الغسيل الكبير تطوي الملابسّ!!  ، حزينة العينين تسرق النظر له بين الحين والٱخر عندما يتعمد تجاهلها في الأيام الماضيه منذ ٱخر ما حدث بينهما ، لا تعلم لما تشعر بالندم وإلى الٱن لم يبرر لها ، وكان ٱخر حديث لها بأنه سيذهب ، لم تكن تعلم هي بأن الذهاب كان من الاهتمام وحتى الحديث ، ترى انطفاء ملامحه بحزنٍ يبرع فجي إخفاءه وزاد وظهر بشده عندما مر "والده" بأزمته في "محل الورد" ، ذهبت ذاكرتها لأيام مرت منذ أن سُرقت أنفاسها بما حدث لـ "حامد" فجأةً ، تذكرت كل شئ حتى ٱخر جملة أردفها هو لها !!!



تعلم بأن اليوم مدعوين جميعاً على الغداء بشقة "عايدة" ،  وتعلم بأنه عاد من عمله مبكراً عن الوقت المعتاد الذي يعود به ، جلوسها بصالة شقتها وهي تطوي الملابس شاردة الذهن وكأنها تنظر ناحية التلفاز ، كان غير حقيقياً بل كانت تفكر به وبتجنبه وهجره لها ، تسرق النظر له بالفعل ولكنه نهض من على المقعد منذ دقائق بعدما كان جالس عليه يعبث بهاتفه منتظراً قدوم الشباب في الأسفل. كي يستطيع الهبوط ليجلس 



وجدته يخرج من المطبخ معداً لنفسه كوب من الشاي عله يمحي صداع رأسه ، "غسان"؟؟ يفعل هو الشاي بنفسه دون أن يطلب منها ؟ ، بالنسبه له هذه ابسط الأشياء كي لا يطلب منها بسبب موقفه ، وبالٱخر ما يسميه هو وجع منها ، فبعد كل هذه الأيام ومنذ ما حدث ، تحتفظ بكبرياءها تجاهه وتصر على موقفها رغم ترددها ،. وشعور الضيق الذي يهاجمها ولا تعلم لما؟؟، تجرع منه ببطئٍ وكل لحظه يريد أن يخرج الثقل في أنفاسه وصدرة ، خيب شقيقه ٱماله للمره الذي لا يعرف عددها عندما طلبه ضاغطاً على كرامته فقط من أجل "والده" الذي يسأل في كل مره لما لم يأتي"بسام" للإطمئنان علىّ؟؟ ألا يعلم بأن ما حدث له بسببه هو. ؟؟ ، يبتلع الغصه المريره في كل مره عندما يجد هاتفه مغلق غير مبالياً ، وكبرياء الٱخر هو الٱخر هزمه عندما اصر على عدم الذهاب له مره ثانية يحثه على أشياء من المفترض بأن يفعلها هو !!



ثم وهذه الغبية ألا تشعر بك؟؟ كالعادة يسأله عقله ويبرر قلبه دائماً بأنها تشعر ولكنها معذوره ؟. أي عُذر ؟؟ يريد الٱن عُذر ليمحي لها ما تفعله ، أصر على عدم التبرير لما رأته كونها لا تفهم متسرعه القول مندفعه شرسه في أوقات لا يتوجب بها لها فيها كذلك!!، انتظرها تطلب التبرير كي ينتهي الوضع ولم تطلب بعد ؟؟ ،  أطاوعها قلبها على فعل كل ذلك ؟، لأول مره يحدث بينهما كل ذلك الفتور والبعد التدريجي لٱكثر من ثلاثة وأربعة أيام!! ..يبدو أن طاقته في تحمل ما تفعله وتخطيه كل مره نفذت!! ..




        
          
                
تراقبه من أسفل أهدابها ، تعترف بأن الشوق هزمها  هزيمة تقتنع بها !! ، تنهدت تأخذ أنفاسها بثقلٍ هي الٱخرى فكلما تضيق بها الأركان لم يكن أمامها سوى مكان واحد فقط للذهاب إليه ، أحضانه ؟؟ اين هي؟ ، لا هذه المره ستذهب لمكان ٱخر ولكن ليس وقته بهذه الساعه ، يمر اليوم فقط ويحدث ما يحدث !! ,  نهضت تحمل  طبق الغسيل الكبير بعدما طوت به الملابس لتتوجه بها ناحية الدولاب في غرفتهما التي أصبحت تقل  الدخول بها ، فمنذ أيام وما حدث تنام هي بغرفة الاطفال!! ،  لم تنتبه لما وقع منها بالطريق ، كفى ضيقاً من هذه الأعمال المنزلية المتعبة قد وقعت بالفخ لا فرار من ذلك !!



وقفت تضع منها  ما بمكانهم ، بإندماجٍ وتسمع هي بالخارج صوت أغاني أم كلثوم الذي يسمعها ، لا تعلم بأنه تركها وجاء خلفها حاملاً ما وقع منها ، إلتفتت فوجدته يقف خلفها حتى أنها أصطدمت ، وخفق قلبها من هذه الحسره، خفيف لا تشعر بخطواته إلا مرات قليلة ، رفعت عينيها تنظر فوجدته يرفع ما وقع منها أمام وجهها وهو يقول بتهكمٍ :



_" خدي اللي وقع منك!"



توترت بالحرج  وهي تأخذ منه ما بيديه ،  وهي تلتفت تضع كما كانت تضع بترتيبٍ ، حتى إنسحب هو مره ٱخرى للخارج ، يروق له خجلها ولو كان بوضع غير الوضع لعبث بكلماته لها ليزيد الوضع بمشاكسةٍ ،  انتهت حتى توجهت تضع حجاب رأسها كي تهبط مع النساء أسفل خاصةً أن "والدة عز"  أتت وتعتبر ضيفه للمره الأولى بمنزلهم جميعاً ، خرجت متجهزة بعدما رتبت شقتها قبل وقت هي الٱخرى طوت الملابس وفعلت ما عليها فعله ، وجدته ما زال جالساً تلك الجلسه المستفزه ، تجاهلت الوضع رغماً عنها ،  وتحاملت على نفسها بما يتوجب عليها فعله بدورها عندما وقفت أمامه تعلمه:



_"أنا هنزل علشان أكون معاهم !"



لم يرفع عينيه من على هاتفه بل حرك رأسه  موافقاً دون النظر لها ، ولكنه رفع عينيه ووجهه ناحية الباب عندما وجد  جرس الشقة يعلو ، نهض وهو يشير لها بأنه هو الذي سيتقدم ليفتح الباب ، طالع مظهرها وهي واقفه من خلفه وكالعاده تظهر خصلاتها من الحجاب بغير إكتراث. ،. وضعت يديها محط أنظاره حتى خبأت خصلاتها  سريعاً وهي تدفع الحجاب إلى الأمام بسبب إنزلاقه رغماً عنها ، إلتفت بعدما رمي لها نظرة حادة إستشفتها دون أن تبرر له ككل مرة، مد يديه يفتح الباب ، وما أن فتح نظر أمامه ووجد من كان لا يتوقع بأنه الطارق أبداً!! 



_"أهلا يا أم عز ، إتفضلي ، ايه النور دا !!"



بالفعل كانت "حنان" وبجانبها "وردة" التي صعدت معها تساندها كي تعلمها شقتهم التي ودت  زيارتها بذوقٍ ، إبتسمت "حنان" ببشاشةٍ وهي تصافحه حتى دخلت، ورحبت بها "نيروز", بلطافةٍ ثم حثتها هي وهو على الدخول لغرفة الضيوف ، ثم تركتهم "نيروز" لاعداد ضيافة لها وانسحبت خلفها "وردة" في المطبخ ترى إستغراب "نيروز" من الزيارة فردت "وردة" دون أن تسمع السؤال :




        
          
                
_"جت من شويه وقالتلي إنها عايزه تزوركم. بما انكم عرسان وهي مجتش بسبب  ظروفنا وكنان ظروفهم!!"



أومأت لها"نيروز" بتفهمٍ وهي تفتح الثلاجة تزامناً مع ردها :



_" طنط طيبه اوي،  كتر خيرها .. هو محدش جه تحت؟؟"



_"لا ...حتى "ياسمين" نايمة  هبطانه على رجل ماما تحت عند طنط عايدة ، وطنط دلال فالمطبخ مع طنط عايدة ، وحازم فالشغل لسه وبدر قاعد مع عمو حامد .. وجميلة فالامتحان زي ما إنتي عارفه بقالها كان يوم بتمتحن بس لسه مجتش لحد دلوقتي!!"



_" يا سلام  على تفاصيلك يا وردة ..بس طمنتيني قربت أحس اني قليلة الذوق لما حسيت اني أتأخرت عليكم، بس يادوب خلصت اللي روايا !"



تذكرت توتر "جميلة" التي تشاركها كل شئ دائماً لم تكف عن   ان تطمئنها وتطمئن لطالما"عز", زوجها يساندها بهذه الأيام ، رددتها "نيروز" بخفةٍ وهي تساعد "وردة" في حمل الاطباق وكوب العصير، متجهين معاً ناحية الغرفة ، التي جلست بها "حنان" ترد علي ترحيب "غسان" بلطفٍ ، فسألها هو بابتسامة هادئة :



_"أومال "عز" فين ،  مطلعش معاكي ليه ولا لسه مجاش؟"



حركت رأسها إيجاباً وهي تبتسم ثم قالت بتوضيحٍ :



_"لا راح  لـ "جميلة" يستناها لما تخرج من الامتحان مش عارفه يمكن إتأخر بس مسيره يجي!!"



حرك رأسه بتفهمٍ ثم جاب عينيه هي وشقيقته وهي تدخل تضع كرم الضيافة أمامها علي الطاولة الانيقه ، فردت "حنان" بشكرٍ :



_" مش عارفه بتتعبي نفسك ليه يا بنتي ، أنا مش ضيفه ، أنا جاية أزور ابني وبنتي ، ولا انتي بقا عندك كلام تاني ؟!"



نفت  "نيروز" بلهفةٍ كُبرىٰ وهي تجلس بجانبها بإحترام مردده بسرعه :



_" لا طبعاً يا طنط.. البيت بيتك ..ومنورانا !!"



إبتسمت لها "حنان", ببشاشةٍ ثم نظرت نحو "غسان" وهي تشاكسه بحديث نسائى مرح :



_"عروستك حلوه خد بالك منها ، هم كده ولاد الأصول ربنا بيعوضهم بحد حلو زيهم  !!"



قصدت وقوفه بجانب"عز" فإبتسم، تحت ضحكة "وردة" الهادئة و ابتسامة "نيروز". الخجولة !! ، فشربت القليل من العصير ثم نهضت بذوقٍ تقول بوداعٍ مؤقت:



_" يلا أستأذن انا بقا وهسبقكم على تحت !!"



_" انتي جاية فـ ايه و ماشية فـ ايه يا ام عز ، أقعدي شوية!!"




        
          
                
قالها "غسان" بعشمٍ ، فأيدته "نيروز"و"وردة" فعادت تتأبط ذراع "وردة" بخفةٍ ثم قالت :



_" معلش نجيلكم مره تانية بقا !!"



رد "غسان" بتلقائية وهو يبتسم عليها وعلى طبيعة حديثها العفوي:



_" طب امته ؟"



رفعت كفها هذه المره تربت علي كتفيه بودٍ ثم قالت بإحترافية في الرد وهي توزع نظراتها بينه وبين "نيروز" :



_'' لما ربنا يكرمك إن شاء الله وتشيل عيالك!!"



طالعتها "نيروز", بخجلٍ وهي تسير خلفها حتى تخرج من الشقة مع هبوط "غسان" معها وظلت "وردة" عندما أشار لها بأنه هو من سيندها ، هبط المصعد ودخلت "نيروز" ترتب ما أعدته وهي تحمله ناحية المطبخ مع "وردة" التي سألتها باهتمامٍ غلفه الحزن المدفون :



_"مالك يا "نيروز" حاسة انك مكبوته كده وزعلانه من حاجة !!"



تنهدت "نيروز" تخرج أنفاسها بثقلٍ ثم إبتسمت بتكلفةٍ تنفي وهي تلتفت بعدما وضعت مابيديها بمكانه :



_" أنا كويسة يا" وردة ". متشيليش همي ، أنا بخير!!"



_"مش باين يا "نيروز" ..مع انك بتحاولي تظهري عكس كده ، أوقات بقعد مع نفسي وأبقى فخورة بيكي أوي عشان إستحمتلي كل اللي فات دا ، وأوقات تانية ببص لـ "غسان", نظرة امتنان عشان لولا وجوده جنبك مكنش كل دا عدى بسرعة ، أياً كان اللي حاصل معاكي فإعقليها يا نيروز وفكري وعيشي حياتك وإفرحي عشان فرصة إننا نفرح دي بتضيع علينا وإحنا لسه بنبكي على اللي راح ..فبنلاقي وقت الفرحه قصير اوي وياريت بنعيشه، فهماني  فاهمه أختك؟؟ !!"



قالتها لها وهي تقف بمواجهتها الٱن في الصاله ، أتريد أن ترسل لها رساله جاهله هي عنها وهي التي تردفها؟؟ تحاول الإصلاح على الرغم من انها لا تعلم ماذا حدث ،  وجدتها تفتح ذراعيها لها فدخلت"نيروز" بينهما تعانقها عل أنفاسها تخرج براحةٍ كبرى ولكن مهلا؟؟ هذه ليست أحضانه ، مهما حدث لم تستكين إلا بين ذراعيه هو !! ، خرجت من أحضانها وهي تحرك رأسها لها بتأييدٍ وتأكيدٍ وطاعة للحديث بإيماءه بسيطة منها فابتسمت"وردة" وهي  تحثها علي الهبوط كي يخرجا معاً من الشقة ، ولولا وجود العائلة بلحظاتٍ يفارق بها الخِل مؤقتاً لما إستمر الوضع ،غالباً وليس دائماً تكون العائلة مهمه ، لها دور هام لا يستطيع أحدهم تعويضه وأوقات أخرى تصبح العائلة محل هدم الأنفس ودمارها، لتجعل الفرد منتظراً بفارغ الصبر على أن يفارق من كثرة ما رأى ، أو لرُبما لم تكن العائلة عادلة يوماً معه !,  ولا نسيان لهذة العقبه التي تلازم المرء اينما حلّ !!!!




        
          
                
_________________________________________



«إن شئتُ أن أَنسى... تَذَكَّرْتُ
اُمتلأتُ بحاضري، واخترتُ يومَ
ولادتي ... لأرتِّب النسيانْ..»
- محمود درويش -
كيف تنسىٰ؟! وهو من أنجبها؟ كيف تنسي وتريده بأن يشاركها حتى وإن لم ترى منه شئ سوى الظُلم والقهر!!, تشعر بالتخبط بأخذها لهذا القرار ، رغم حث شقيقها على أن تفعل ذلك لينعموا بحياة هادئه خارجة عن التذكير بالحزن وبالحسره عندما يرونه !! ، عصته ، وعصاها قلبها وشعورها ،إبتلعت "جميلة" ريقها بصعوبةٍ ومازالت شاردة الذهن منذ أن خرجت من الإمتحان وركبت معه السيارة عند الوجهه التي لم تجد مثله ليشاركها بها عندما تذهب إلى هذا المكان !! ، تسير الٱن هذا الطريق الذي يقترب أكثر باكثر ليعصر قبضة قلبها !! تكابر ؟؟. أم تذهب على أمل سماع كلمة جيدة منه ؟! 



يلاحظ "عز" شرودها ذلك ويتوجع كل الوجع لأجلها الٱن ، حتى أنه توقف فجأةً عن السير ومن ثم أمسك معصمها فتوقفت وهي تخرج من شرودها تنظر له ، فوجدته يردد بنبرةٍ هادئة :



_"مكنتش اعرف إن دا هيبقي حالك حتي قبل ما تشوفيه لسه مش وانتي راحاله كمان!!!، أنا مش عايزك تتوجعي يا "جميلة" ، تعالى نمشي !!"



ساندها أولاً في القرار ولكن عندما رٱها كذلك رجع بقراره سريعاً ، أدمعت عينيها وهي تنظر له ومن ثم ليديه الممسكة بيديها بحزمٍ فردت بانهزامٍ وبنبرة متوجعة وصلت له بقوة :



_" أنا معرفتش "حازم" إن راحة زيارة ليه ، لو عرف يا "عز", هيسمعني كلام يوجعني ، أنا ملقتش غيرك يسندني ،. متقفش فطريقي أرجوك !!"



_" يسمعك كلام يوجعك يا جميلة ولا أبوكي يسمعك كلام إنتي راحه وإنتي عارفه إنك مش هتاخديه منه يا بنت الناس ؟!، بلاش تعملي فنفسك كده ،، أنا عارف إنه  ابوكي ووافقت وجيت معاكي لحد هنا علشان مبقاش مانعك عنه قدام  ربنا وقدام نفسك ، بس لو هو والتفكير فيه قبل ما تشوفيه يعمل فيكي كده بلاها منها زيارة !!"



هبطتت دمعتها ، فرفع "عز", أنامله يمسح وجهها برفقٍ حتى قالت هي بتشتتٍ :



_"يمكن يقولي إنه نفسه يكون معايا فوقت زي ده ، يمكن يا عز ساعتها هحس إنه كان هيعمل حاجه تفرحني رغم اني عارفه إن مكانش هيحصل ده ، سيبني أشوفه حاسه إنه واحشني رغم اني معرفتش لسه أسامحه ،. حاسة إني عايزه أشوفه وأحضنه ، مكنتش أعرف ان الدم بيحن اوي كده غصب عن عين الواحد !!"




        
          
                
ضمها بهذه اللحظة في الشارع على فجأه غير عابئاً  بمن حوله ،ضمها عندما استشعر وجعها فبكت بصوتٍ مكتوم  وهو يربت على ظهرها بمواساةٍ شلت من لسانه الذي عجز عن ارداف كلمات حانيه ، بل وجدها تقسم بوجعٍ قبل أن تدخل:



_"انا استاهل والله العظيم يا عز ،أستاهل يكون أبويا جنبي وساندني استاهل يكونلى اب كويس معايا وحنين عليا !!"



لم تشعر بمدي قوته وهو يشدد من العناق ممسكاً بذراعه الٱخر رأسها يضمه ناحية صدرة أيضاً ، صدرة الذي ضاق وهو يرد بكل لهفة عليها سريعاً :



_" وانا ابوكي .. انا ابوكي والله العظيم!!"



خرجت تمسح وجهها تحث نفسها على التماسك وكانت سهلة عليها قولها عندما صححت له القول بـضعفٍ :



_" إنت أحسن منه !"



أمسكت كفه بعدها تدخل إلى الداخل ، "السجن" بزياراته ؟؟ ، فعلتها ودخلت تعلمهم هويتها وهوية من معها ، حينها سارت لمكان معين به أشخاص كثيرة بزيارات  عائلتهم لهم وأصدقائهم ، جلست على مقعد متهالك وبجانبها "عز" الذي أمسك كفها بين كفه بتشبتٍ  وما أسوء الانتظار!!



مرت الدقائق من بين نظراتها المتعلقة بعيني "عز" الذي سألها بتيهه من بين نظرته لعينيها الدافئة :



_" تحبي نقوم نمشي ؟!"



_" هستنى حتي لو مجاش !!"



تصر على الوجع وهذا الشعور رغماً عنها لم تستطع التحكم به ، تمسكت بكفه وتارة تضغط عليه بقوةٍ من توترها ..خوفها ..انتظارها..صبرها ،. كل ذلك كافياً لغرز أصابعها مره أخرى بكفه عندما جاءها صوته من أمامها بملابسه الييضاء ..مردداً على مسامعها جملة احتارت في ان تترجمها بالسئ او الجيد:



_"متوقعتش حد يعملها غيرك !!"



رفعت رأسها تنظر بإندفاعٍ ويديها وأصابعها تغرزها بين كف الٱخر الذي صمت يتحمل ما بها رغماً عنه ، جلس "سليم". دون حتى أن يرفع ذراعه يحتضنها، لم يعتاد ذلك !! ، حسناً الوضع ساخر بعد كونه موجع بالنسبة لها ، طالت النظرات بينهم وكان هو المتحدث مره ثانية عندما قال :



_" أنا فاكر إنك مش عارفه تسامحيني يا "جميلة" ، جاية ليه؟!"



الصعب بأنها لا تستطع فهمه إلى الان يندم أم لا؟؟ ، إبتلعت ريقها ثم وزعت نظراتها بينهما حتى قالت محاوله التماسك وقد غلبها الحنين الغبيّ وهذا ما اطلقته علي شعورها ، شعور غبي؟! :



_" كان نفسي أشوفك ..و .و اقولك إني قربت اتجوز وان ..كان نفسي تكون معايا زي أي اب بيكون ساند بنته فوقت زي...ده !!"



ربت "عز" بلهفة على كفها عندما وجد تعلثم كلماتها الغير مرتب  تماماً ، تنفس "سليم" وهو ينظر لها مبتسماً بسخريةٍ منه وهو يقول :




        
          
                
_"وإنتي شوفتي مني ايه عشان دا يكون رد فعلك معايا ، مظنش إني عملت حاجة تخليكي تيجي لحد هنا وتقولي كده ،  مش معقول يكون المتر موافقك تيجي للوجع برجلك أو حتى أختك اللي أمها ملت القسوة فقلبها فكان سهل عليها تمشي ومترجعش تاني هنا زيك ، بس لسه فيكي من عايدة ، خدي بالك لو فضلتي كده هتتعبي اووي !!"



ووجه عينيه نحو"عز" بصمتٍ يراقبه ثم قال بفتورٍ :



_" غريبه تجيلي بعد ما اللي عملته مع اختك و..أخوك !!"



رفع"عز" عينيه الحادة ينظر بها نحو عينيه بقوةٍ متشبتاً بيدي "جميلة" وهو يرد على حديثه بجديةٍ وصدق غلف هذه الجديه :



_"أنا مش جاي عشان حد، أنا جاي عشان مراتي اللي قادر  أمنعها عنك  لانك مصدر وجع  وقلق ليها وبس !!"



حرك رأسه بغير اهتمام ، ثم نظر نحو"جميلة" بسكون مره ٱخرى فوجدها تتشبت بيدي الٱخر ، علم بأنها وجدته بشخص ٱخر غيره ، لطالما  تشبتها به كمن طفلة صغيره تتمسك بيد والدها من خوفها ،  لاحت ابتسامة صغيره علي زاوية فمه وهو. ينهض ممراً عينيه عليهما حتى ثبتهما علي ابنته وهو يقول :



_"إمشي يا جميلة!!"



قالها بصلابةٍ وداخله يخجل من رؤيتها كذلك أمامه ، نهضت  مع "عز" وهو يحاوط كتفيها بإسنادٍ ، فتركته "جميلة" بهذه اللحظة وهي التي ارتمت بأحضان "والدها" الحقيقي الذي أنجبها ، تريد شعور الاحتواء منه حتي ولو وكان غصب؟؟ ، هكذا علم "عز" ، عندما وجدها تبكي بإحضان ٱخرى غيره، صعب من الصعب ان يعوض أحدهم مكان الأب ، هو خير من يعلم ذلك..بل وهو الذي عاش أب يكافح!! ،  تردد "سليم" برفع ذراعيه ولكنه رفعهما عليها على أية حال على ظهرها وهو يهتف بتقطعٍ متنفساً بصوتٍ تزامناً مع قوله :



_"مش عارف أقولك سامحيني حتى ، وانا عارف انك مش هتعرفي تعمليها ..إمشي  ومتجيش تاني هنا!!!"



يصر على الجمود لطالما هذا وضعه وطبعه ، خرجت بحزيٍ  قبل أن ترتمي باحضانه وهي تعلم بأنها ان دخلت ستخرج بنفس الانهزام ، ساندها "عز" سريعاً وهو يمسح دموعها بخوفٍ من ذلك الإنهيار وهو يختفي من أمام أعينه شئ فشئ ، سحبها معه  بعيداً عن هذا المكان  ؛ وتقابلت عينيه معه وهو يجلس مع أحدهم من على بُعد يراقب وينظر بتشفي بنفس الملابس البيضاء ، "شريف"!! ، لم يعيره "عز" إنتباه  يحاول محو الوجع والشر الذي نبت بداخله في هذه اللحظه عندما شعر بأنه يأذيه بطريقة غير مباشرة ، متذكراً. حالة "فرح" وثباتها علي عدم قول أي حرف يخرج منها !! ، 



أرسل له "شريف" قُبلة في الهواء بكيدٍ من على بُعد ولو كان ما يود فعله  قانوناً لاقترف جرماً بقتله الٱن بين كل هذه الاشخاص ، بل تعمد التحمل والذهاب من أمام عينيه ومن المكان الذي يجلس به لطالما يعلم أنه ما ان يفعل ذلك سيكون معه بنفس المكان!! ..




        
          
                
سارا معاً إلى أن  خرجا إلى الخارج وهي تتمسك بكفه وكأنه سيهرب منها لو سيود الفرار بعدما رٱه؟؟ ، توقف وأسند يديه على ذقنها يرفع وجهها يلومهها بنفس وجعها:



_"علشان كده مكنتش عايزك تدخلي من أصله يا "جميلة"، مش قادر أقولك كفايه الوجع اللي عندك وعندي ، محدش بيحب يتوجع بس إنتي بتثبتيلي إنك قوية أوي وعندك استعداد تيجي على نفسك عشان اي حد حتى ولو أذاكي فيوم ، عهد ووعد يا "جميلة" ومبقاش "عز" لو سيبت وسمحت لحد يجي عليكي فيوم بعد كده حتى ولو كان هو مين اللي واقف قدامي، حطي ايدك فإيدي وحاولي تسيبك حتى لو صعب تنسي بس كونك معايا هيخليكي تحاولي تتخلى ، معلش هتتخلى عن حد غالي بس مقدمناش حل وأنا مش هسمح تتوجعي تاني ، أنا بحبك  وان حبيتك مش هعرف أسمح للأذى يطولك !!"



كلماته جعلتها  تنظر بتأثرٍ وتومأ بحركة رأسها له حتى سردت ما تود قوله وما لا يمل هو من السماع لها :



_"مش عارفه أتخطى ، مش عارفه حتى وهو بعيد ٱذينا  وأذاه طايلني وطايل فريدة اللي بتعمل مش فارق معاها وجوده ، وطايل "حازم" لدرجة إنه مبقاش يروح الشغل اوي زي الأول بسبب الكلام اللي بيتقال. وقف حال ولقمة عيش أخويا اللي ملوش غيرها حتى ولو الكل عارف ان حازم عنده ضمير بس دايماً الناس بتتكلم ، حازم شايل كتير اوي يا عز ، كتير اوي جواه !!"



رفع يديه يمررها على ظهرها وهو يحثها على السير ، فسارت تزامناً مع قوله المطمئن لها :



_"وحياتك عندي يا "جميلة" كل دا هيعدي !!



_"بيك هعدي كل حاجة!!"



قالتها وهي تمسح أنفها بالمنشفه الورقية ، حتى مسح هو وجهها بيديه الخشنه التي تستشعرها علي وجهها الناعم، قشعرت من لمساته علي وجهها بخجلٍ خاصةً أنه يمسح وجهها بالكامل بحنوٍ وكأنه يوزع الأمان بيديه الذي يمررها ، فغير مجري الحديث وهو يرفع يديه يرجع طرف الحجاب كما كان بعدما تطير من ٱثر الهواء :



_"قولتيلي عملتي ايه فالامتحان .؟"



تصنع بأنه قد نسي ليجعلها تنخرط ، فإبتسمت"جميلة" وهي تتفهم حتى قالت ما عكس الذي يظهر عليها :



_"سيبت سؤالين!"



ضحك بخفةٍ وهو يسألها بمرحٍ محاوط  كتفيها مره أخرى وهو يسير:



_" طب ومالك مبسوطة ليه كده انك سيبتي سؤالين !!"



لم تكن سعيدة بل هو من قصد ذلك ليجعلها تضحك ،يسألها لما هي سعيدة وردت بما ثبته :



_" علشان انتَ  معايا!!"



_"وإنتِ معايا تسيبي الاسأله اللي انتي عايزاها أصلاً..المهم الصحة والنفسية ولا ايه يا جميل ؟!"



تظاهر بالبساطة والغريب بأن عدم إهتمامه الزائف أثار ضحكها فضحكت بصوتٍ هذه المره وهي تمسح وجهها مره ٱخرى ترفع عينيها نحو عينيه التي تحاصرها بنظراتها ، وردت بتأكيدٍ:




        
          
                
_" أنا بحبك اوي يا "عز"!!"



لم تكن سهله القول رغم اعترافها من قبل ، وبهذه اللحظه يستشعر حرجها الذي يزول وخبرتها في الحديث المعسول تظهر ولو ذره ، توسعت بسمته وهو يشير لسيارة أجرة حتى أجابها بصدقٍ يعترف بما تعرفه هى:



_" وعز بيحبك من قبل ما انتِ تحبيه!!"



وأخيراً تجد السند به ، تجد الظهر الذي بإمكانها الاستناد عليه بثقةٍ بالغه بأنه لم ولن ينحني مهما حدث له ، هو "عز" وجاء ليعزز نفسها وثقتها وأيامها وهي "جميلة" جاءت له لتجمل أيامه الجافه عليه وكأنها زرع يريد الماء وأرتوي من جماله بعدما تجرع يمحي ظمأ الجمال الذي كان يفتقده !!!



__________________________________________



إجتمع الكُل في شقة "عايدة"الواسعة ، التي  أخذت  الجميع بأركان مختلفة ، عدا "عايدة"و"دلال" في المطبخ ومعهم "وردة"و"نيروز" وفي الخارج جاء "حامد" ٱخيراً يجلس مع "بدر"و"شادي" وحتى "طارق" المدعو هو الٱخر و "غسان" الذي جلس معهم ، وعلى بُعدٍ قليل جلست "فريدة" مع "حنان" و"سمية" "و"ياسمين"و"منة" التي كانت تسأل بتلهف على "فرح"،  ودخل "حازم" قبل قليل بعدما أتى من الخارج  ودخلت "وسام" هى الٱخرى مع الفتيات ،  بينما في المطبخ وقفت "عايدة" تبتسم بسعادة وهي ترد ببهجة:



_" أيوة الحمد لله إن الشقة عرفنا نخلصها فالأيام اللي فاتت دي ، ناقص بس نحط الهدوم بتاعت الدولاب وتبقي كده خلصت، احنا كنا فين وبقينا فين !!"



ضحكت "دلال" تجاملها بحديث نسائي :



_" الشهادة لله يا "عايدة" إنتي طلعتي جايبه لـ "جميلة" حاجات كتير الله أكبر ؛,يلا عقبال" فريدة " يارب !!"



لم تتدخل أي من "نيروز" و"وردة" التي خرجت تنظر على "يامن" في الخارج ، بينما التفتت عيني"عايدة "  إلى "نيروز " التي تذويب "الشوربه" بهدوءٍ وصمت ، فتوجهت نحوها تساعدها وهي تشاكسها بخفةٍ :



_" مفيش حاجة كده  ولا كده جاية فالسكة !!"



ضحكت "دلال" بيأسٍ من لهفة "عايدة" الدائمة لانجاب الاطفال ، أبهذه السرعة ، توردت وجنتي "نيروز" وهي ترفع عينيها تبرر لها بتوترٍ :



_" أنا لسه متجوزة يا طنط ، بس ان  شاء الله ربنا يكرمنا ، إدعيلنا !!"



دعت لها بعفوية وتلقائية ، فشاكستها "دلال" وهي تقف قائلة بمرحٍ :



_" جرا ايه يا "عايدة" دا انا حماتها ومقولتش حاجة مستعجلة على ايه يختي  !!"



_" إخص عليكي يا دلال دي "نيروز" دي بنتي  من حقي اطمن عليها بردو !!"



إبتسمت لهم "نيروز" بحبٍ حتى إنتهت بما تفعله ، وعندما نظرت نحو  عتبة المطبخ وجدت "فريدة" تأتي مبتسمة وهي  تخبرهم  :




        
          
                
_" جميلة وعز جم برا  !!"



بينما في الخارج ، جاء "عز" مع"جميلة" ودخلا معاً إلى الداخل تحت مشاكسات وحديث الشباب مع "عز" ، ودخلت "جميلة" ترحب بـ "حنان" بحرارةٍ حتى جلست وانخرطت  معهن في الحديث غافلة عن اعين "حازم" التي تترصد ناحية  وجهها وخاصة عينيها الحمراء وأنفها مما يعني بأنها كانت تبكي!!



_"إفرشي المفرش يلا يا "نيروز " على ما نحضر احنا  الأكل هنا !!"



قالتها "وردة"  ، فأومأت لها "نيروز" بخفةٍ وهي تأخذ منها المفرش الطويل جداً ، خرجت فوجدت  الجميع يستعد ، ولحسن حظها كان من يقف ليحثها على فرد المفرش كالعادة كان هو "غسان" ، مد يديه يأخذ طرفيه وكأن المشهد يعيد نفسه منذ فترة طويلة ، ساعدته بهدوءٍ حتى إنتهت وهي تلتفت فإصطدمت به  كالعادة وهو يقف ..إبتعدت عنه سريعاً دون إعطاء فرصه له ولنفسها للنظرات ،أما هو فزفر بصوتٍ من صبره وثقلٍ من ما تعاند به !! ، وبدأت الفتيات في حمل الأطباق بالفعل ، ومعهم "حازم" الذي حث "ياسمين" على الجلوس ، في حين إلتفوا جميعاً حول السفرة الكبيرة ،ومازالت إلى الٱن نظرات "حازم" المهتمه ينظر بها نحو "جميلة"!!



وجلس الجميع ٱخيراً ، وكل واحد يجلس بجانب من يهمه!!، من "عز"و"جميلة"و"شادي"و"منة"، و"ياسمين"و"حازم"، و"بدر"و"وردة", وبجانبهما "يامن" الذي جلس بجانبه"غسان" التي تعمدت "نيروز" عدم الجلوس بجانبه هروباً من توترها ومن ما تشعر به رغماً عنها !!



وتفكير "حامد" الذي يجلس بين "غسان"و"نيروز" لا يهدأ ،  منشغل بكيف لم يهتم ولده ليسأل ومن ثم ليعلم بما حدث له ، خذله بعدم اهتمامه مره ثانية بعد غيابه لاسبوع ثم ليظهر ومن ثم يغيب لما يقارب اسبوع ٱخر !!! الا بضعه ايام قليلة!!  ، خرج من شروده ثم ابتسم لهم وهو يقول بلطافه :



_" متجمعين دايماً في الفرح  ان شاء الله!!"



ردو عليه ببهجةٍ والكل منشغل في الطعام ، إلى أن سألت "سُمية" باهتمام:



_"خلاص لقيتو القاعه وحجزوا الفساتين ولا لسه في حاجة ناقصه ي حبايبي ؟!"



إبتسامة"شادي " كانت الأولى وكانت السريعه كما كان رده بتفسيرٍ :



_" لقينا القاعة خلاص أنا و"عز" ، بس الفساتين لسه هنروح النهاردة بليل نشوفها تاني، كتر خيرها "جميلة" اختارت فستان وخلصتنا مش زي ناس طلعت روحنا وبردو مفيش حاجة عجباهم !!"



دعت لهم بالتسهيل وهي تضحك ، فنظرت "منة" له بصدمةٍ وهي تضرب ساقه من أسفل السفره ، فتأوي هو بخفوتٍ وهو يضحك تحت الضحكات ، ومن بينها هتف "طارق" بضجرٍ زائف :



_"أبوها قاعد يا "شادي" لسه ممشاش ، وبصراحة بقا هي دي "منة" بنتي مترددة دايماً فاختيار اللبس !!"



فتحت عينيها بصدمة أخرى من رد "والدها " ، وضحك الجميع عليها ، وإنشغلوا في الحديث مره أخرى، فمال "حامد" يتحدث بجانب  أذن "غسان" بصوتٍ منخفض:




        
          
                
_" هو أخوك مكلمكش؟."



نظر له "غسان" بعجزٍ وحزن بنفس ذات الوقت ومن ثم الخوف عندما تنحنح يجلي حنجرته الخشنه وهو يقول :



_"متشغلش بالك ولا تركز معاه يا حج عشان متتعبش ، مسيره يرجع عن اللي فعقله ، كُل ..أهم حاجة صحتك انتَ!!.."



صمت بإنهزام ، وعاطفة الابوة تغلبه مهما تظاهر بالقسوة،  سمعت "نيروز " حديثهم وتظاهرت بعدم الإنصات ولكن لوهله شعرت بمدي الثقل الذي يحمله كما كانت الضغوط ، تراه جبلاً شامخاً في حين انه ضعيف كل الضعف من الداخل يتحمل إلى كثيرٍ ، زفرت بصوتٍ وشعور بأنها مذنبه وتخطأ بحقه يداهمها وتكره هي ذلك الشعور ، لذا ستواجهه؟؟ ، ام ستسكن كما كانت؟.



مرّ الوقت وانسحب واحد تلو الٱخر من سفرة الطعام ، حتى نهض الجميع، وجاء أذان العصر تزامناً مع ذلك ، فهبط "حامد" بعدما توضأ  ، هبط إلى المسجد مع "بدر"و"شادي" و"طارق" ، ووقف "غسان" يغتسل ويتوضأ في حين وصل إلى مسامعه في أحد الأركان القريبه منه سؤال "حازم" لها وهو يهبط أكمامه ٱثر  الوضوء :



_" جاية من برا معيطة ليه يا جميله!!"



حاصرها بوقوفه المتهم لسؤاله  ورأت "عز" ينتظر "غسان" بعدما توضأ هو الٱخر ، فترددت نظراتها ، وللمفاجأه وجدت "حازم " يسألها مره ٱخرى أمام أنظار"عز" الذي جاء و وقف بجانبها:



_" في حد مزعلك ولا الإمتحان مكنش حلو ؟"



_"هو حد يقدر يزعلها بردو وأنا موجود يا حازم ، عيب منك !!"



استنكر رده وحتي  نظراتها المتردده ، وفرك يديها ، فقال باستنكارٍ وهو ينظر له ولها :



_"اومال مالها ،  وشها احمر وعينيها ، معني كده إنها كاننت مموته نفسها من العياط  انا مش عارف اختي من  امبارح لسه ، هو فيه حاجه مخبينها عليا ولا ايه ؟!!"



إبتلعت ريقها ، ومن سواها غير بارع في الكذب ، لذا إندفعت تقول بصراحةٍ تعترف:



_" أه ..!"



نظر لها "عز" بترقبٍ وإنتظار قليل الحيلة بتلقائيتها في الصراحة  ، فعادت تكمل هي بتعلثمٍ أمام نظراته :



_" أصل.."



توقفت "جميلة" عن الحديث فعقد هو ما بين حاجبيه بانتظار حتي واصلت تكمل  بما لم تتحمل إخفاءه وكأنها تخونه:



_"أصل..أنا روحت السجن فزيارة .. النهاردة لـ با با و .."



وقبل أن تكمل وجدت ملامحه تتشنج وتنكمش بانفعالٍ مكبوت ، حتى نظر لها بلومٍ جامد وابتلع الغصه المريره بحلقه عندما شعر بوجع ما يشعره كلما يتخيل بأن يزوره ولم يقدر على فعلها بل والوجع عندما يتذكر أخر مره قابله بالفعل  كيف فعلتها وهو يعلم مدي مرارة ما تشعره ، كيف فعلتها  وهو يحذرهل خوفاً عليها ؟؟ أظهر بأنه هو الضعيف عنها ؟.أم أنه يتوجع لاجلها؟؟، أمسك يديها يهزها على فجأه وهو يسألها من بين ضغطه علي فكه :




        
          
                
_" ليـــه؟!!!"



لم تتفاجأ من غضبه ، بل قالها لها بضغطٍ وهو يحرك جسدها بمسكه لمعصمها فنزلت خصلاته هو  على وجهه المتشنج ، تأوت بوجعٍ  وهبطتت الدموع من عينيها  بدون  صوت ، وهو يسألها مجدداً ضاغطاً على يديها وهو يحركها :



_" ليــه بقولك ؟؟ عايزه توجعي نفسك من تاني وتوجعينا  معاكي ليه ، أنا مش شيلتك من كل ده وقولتلك بلاش من زمان اوي ؟!!"



هز يديها مجدداً بنبره أكثر إرتفاعاً جعلت "غسان" ينتبه وهو يتوجه لهم :



_" ما تنطقي سكتي ليه ؟!"



من بين  تأويها بضغفٍ  ووجعٍ  وجد من يضع يديه علي معصمه الرجولي بحزمٍ وهو يردد بجديةٍ يحاول فصله عن زوجته:



_" سيــبها يا حازم !!"



إستمر غير عابئا. بقول "عز"  المحذر الهادئ ، وزاد حتى صرخت بوجعٍ جعل"غسان" يدفع "حازم" بانتباه ، فرد "عز"  يحذره بقوله وهو يفصله عنها رغماً عنه:



_" بــــقـــولك سيـــبــها ..متمسكهاش كده و ابعد!"



فصلهما "غسان" وأخذ "حازم" بيديه ، فوقف"حازم " بعناد يردد لـ "عز" الذي وقف يحاوط كتفيها ومن ثم ضمها إليه بعد صراخه بالٱخر :



_", انت بتزغقلي؟؟ إنت اللي هتقولي  اتعامل مع أختي ازاي يا عز ؟"



زفر "عز" أنفاسه المكتومه بغيظٍ من ما فعله ثم رفع رأسه يؤكد بجرأه :



_" هقولك ازاي تتعامل مع مراتي ، اللي مش هسمحلك توجعها كده ، حتى لو ليك الحق تمد ايدك عليها فمعتش منه خلاص وأنا مش هسكت على ده !!"



تحامل "حازم" على نفسه بصبرٍ فدفعه "غسان" بعيداً وهو يقول بهدوء محاولاً  تخفيف الجو المشحون:



_'' تعالى بس كده يا "حازم"  وإستهدي بالله!!!!"



إلتفت ليجد النساء والفتيات مجتمعين بانتباه لصوت"عز"و"حازم", المرتفع منذ فتره ، اشار"غسان" لهن بالانسحاب ومهلاً اين هي "نيروز"؟!! ،  أخذ "غسان" "حازم", بركن ٱخر هادئ ، ووقفت "جميلة" تبكي بأحضان "عز" الذي ربت علي ظهرها بتعبٍ مردداً بإطمئان وخوفٍ يبث بها الٱمان  :



_"متعيطيش  .. أنا معاكي!!"



تشبتت في قميصة من الخلف وهرولت "عايدة" تستعلم عن ما حدث وهي تدفعها باحضانها هي بلهفةٍ ، وقفت "حنان" تنظر ناحية "عز" الذي وقف ينظر نحوها وهي ترتمي بأحضان والدتها ، في حين ذهبت "ياسمين" لتقف معهما بجرٱةٍ تسمتع لحديث "حازم ر" لـ "غسان" باختصار عن ما حدث ،  توجهن الفتيات يواسون "جميلة"  وانسحب "عز" يقف بالشرفه بعدما علم بأن موعد الصلاة ضاع عليه بالمسجد !!



..الوضع كلما يمر يتأزم في كل شئ يحدث يراه أحدهما بسيط والٱخر يراه عكس ذلك!! ..



_"ما إنت متتغاشمش كدة يا "حازم " أختك مهما كان بنت وعايزه تحس بوجود ابوها جنبها مهما عمل ، صدقني غصب عنها أصلاً دا بدل ما تفهمها تروح تعمل كده ؟؟ مالك يا "حازم" انت مكنتش غشيم ومتسرع كده!!"




        
          
                
وقف "حازم" يستمع إلى حديثه فحاول "غسان" ان يخفف عنه وهو يردد مره ثانية :



_" كل مره بكتشف والله ان انت و"نيروز " فصيله واحده !!"



شهقت "ياسمين" بإعتراضٍ ، فضحك "غسان" بخفةٍ وهو يسمعها ترد بتبجحٍ :



_" ومالها اختي ان شاء الله ولا ماله جوزي ما توزن كلامك كدة   وتبص لنفسك الأول !"



ضرب "غسان" كف بكفٍ وهو يقول بيأسٍ موزعاً نظراته بينها وبين "حازم" الذي نظر لها بحزمٍ :



_"مش عارف أنا ايه اللي مصبره عليكي ده !!"



ثم وقف بإعتدال يضرب كتف "حازم" بتخفيزٍ ثم نظر نحو "ياسمين" وهو يقول :



_" قوليله وعقليه على الصح، عما أصلي العصر اللي ضيعتوه علي أمي ده!!"



ضحك "حازم" بإنهزامٍ وهو واقف مستنداً على العمود ، منصتاً لبقية حديثه المتبجح :



_" يعني مش كفاية  باخد ذنوب فيكم  ، لا دا كمان بتضيعوا عليا الصلاه !"



تركهما وهو يخرج من غرفة الضيوف عندما أخذه بمكان بعيد ، خرج يبحث عن سجادة صلاة ليؤدي فرضه ، في حين وقفت"ياسمين" تمسك  كف"حازم" باحتواء وهي تقول :



_" أنا عارفه إنك خايف عليها وان كلامك كان فمصلحتها ..بس بردو عارفه إن قلبك رهيف بالذات قصادهم ، روح راضيها يا حازم وحِن ، انت مش عارف شعور الإحتياج دا ببقى صعب اوي ازاي بالذات لو كان للأب..عشان انا حسيت بيه بس كنت متأكده ان ابويا عمره ما هيرجع ، لكن دي متشتته  وضايعه ومستنية رضاه ورجوعه وبتمسك فأمل مش موجود اصلاً والكل عارف كده حتي هي بس هي غصب عنها زي ما غسان قالك "



لم يكن سهل عليه الاقتناع بسرعه برأي أحدهم ، ولكنه يعلم بأنه كان شديد في رد فعله ، ولكن بحجة الخوف ولم تكن حجه بل حقيقه ، تنفس بصوتٍ ثم قال :



_", طب  اطلعي شوفيها على ما أصلي واطلعلكم !!"



أومأت له وقبل أن  تسير توقفت تقبل وجنتيه وهي تقترب بمرحٍ،  استطاعت ان تخرجه من حالته بافعالها المرحه، ضحكت على ضحكاته وهي تخرج لهم بالخارج ..



وبعد دقائق ، انتهي "غسان" من صلاة العصر ، وتوجه بنفسه وبمفردة ناحية الشرقة الذي وقف بها "عز" ينفث دخان سيجارته ، وقف "غسان" خلفه وهو يلوي فمه بسخريةٍ مردداً :



_' وأنا اللي اتخميت فيك وكنت فاكرك مبتشربش!!"



رأي إهتزاز كتفيه العريض من أثر ضحكه  فعلم أنه يضحك على حديثه ، فتوجه يقف بجانبه وهو يأخذ السيجارة من بين يديه ومن ثم  وضعها بفمة بغير اكتراث مصححاً بشقاوةٍ :



_" كنت فاكرك مبتشربش   مع حد * دا كان قصدي اومال انت فاكر ايه!!"



تفاجئ "عز" من فعلته هذه ، وأول مره يعلم. بأنه يدخن بالفعل ، برر وهو يبتسم بثقلٍ مفسراً  بسخرية:




        
          
                
_" عايز ايه من واحد خارج للدنيا يتعامل معاها قبل أوانه ، ولف على ورِش المناطق كلها .. أكيد جربت السجاير ..وبشربها بس بقصد مشربهاش فبيتنا قدام أمي واختي  ٱو حتى قدام ناس أكبر مني للإحترام يعني زي ما انت فاهم  ، بيني وبينك بحس انها الحاجه اللي بخرج فيها همي بس عمري ما جربت  اللي أشد منها ولا حاجة غيرها الصراحة!!"



غمز له "غسان" وهو ينفث الدخان سانداً على السور مردداً بتساهل معجباً بحديثه  :



_" على وضعك !!"



وأكمل سريعاً يفسر له هو الٱخر :



_" أخوك بقا شربها من زمان فبداية الشباب كده أنا وشادي، بعد كده بطلنا مع بعض بوعد زي ما طول عمرنا بنشد بعض للحلو ، بطلها هو  خالص وأنا بس لفتره ورجعت كل ما احس اني  مهموم او مدايق او متعصب بفتح وأشرب واطلع فيها همي زي ما بطلع فيها همك بالظبط!!"..



إبتسم "غسان " بسخريةٍ ثم واصل يكمل بتهكمٍ مشيراً بيديه التي يمسك بها اللفافه نحوهما :



_" الحال من بعضه يعني!"



صمت "عز" يستمع له بإهتمام وعقب ما انتهى زفر بصوتٍ وشرود تام ، فتحدث "غسان" بنبره  هادئه مفطفئاً ما بيديه :



_" متزقش من"حازم" يا عز ، "حازم" شاف كتير أوي ، وكل دا خوف على أخته ، مكنش هيعمل فيها حاجة متخافش ، دا هو اللي عاش طول عمره يشيلها من بين ايد ابوه ، مش هيجي بعد كل ده ويمد ايده عليها عشان خايف عليها!!! متجييش دي يا صاحبي "



_" كل اللي شاغل بالي إنها متتضغطش ولا تتوجع ، كفايه عليها لحد كده أوي ،أنا راجل يا غسان وغصب عني الدم جرى فعروقي وأنا شايفه كان خلاص هيمد ايده عليها وماسك  أيدها وهي بتتوجع وأنا واقف جنبها والمفروض بيقولوا جوزها ، كنت أعمل ايه ، أنا معملتش حاجة ، دي مش حاجة عشان دا لو مش "حازم" كان قال على نفسه يا رحمان يارحيم  !!"



كاد أن يكمل ولكن جاءه نبرة"حازم " الساخره من خلفه وهو يقول:



_" والمفروض بقا اخاف وأكش  منك ياض..صح ؟!"



ضحك "غسان" ، فالتفت "عز" ينظر له مؤكدًا برأسه بجرٱةٍ، فربت علي كتفيه"حازم" وهو يقول بتفسير:



_"وأنا عمري ما هأذي اختي يا عز ، وان مكنش. دا رد فعلك كنت هٱمن علي اختي معاك ازاي !"



عانق الإثنان بعضهما ، والمبهج بأن الكل كان أمام الشرفه حتى من جاء من الصلاة ، وعلموا مختصر الوضع ،صفقوا لهما بحرارةٍ وصفر "شادي" بفمه ، فضحك"غسان" وهو يشير على رأسه مردداً لـ "عز" الذي نظر له من خلف ظهر الٱخر :



_" عِيلة  مطرقعه والله !!"



سمعوا قوله فضحكوا بخفةٍ ، وعادوا جالسين مره أخرى بالصالة ، وبين حديث والٱخر  ونظرات والأخرى ، بحث عنها بعينيه ولم يجدها ، اين هي؟؟ أين من أهلكت قلبي بالحب ثم بالشوق ثم بالعناد والإصرار ؟؟ ، وقف يبحث ناحية  المطبخ فوجد "ياسمين" تقف بجانب"وردة" التي تصب أكواب الشاي  والأخرى تقضم بأسنانها خياره !! ، نظر "غسان" لهما وهو يتنحنح يجلي حنجرته قبل الدخول فرفعت "ياسمين", حجابها، تزامناً مع سؤاله باهتمام:




        
          
                
_" أومال فين "نيروز "؟!"



وقبل أن ترد "وردة" قلبت "ياسمين" عينيها بمللٍ ثم ردت بما أثار استفزازه :



_"هي مش مراتك ؟؟  المفروض احنا اللي نسالك عليها مش إنت !!"



وجه عينيه ناحيتها ، ثم نظر لها بسخريةٍ مردداً بإستنكارٍ تحت ضحكات "وردة":



_"وإنتي بقا بتخليها  مراتي بمزاجك وأختك فالوقت اللي تحبيه ؟!"



أكدت له بثقةٍ ثم قالت بغطرسةٍ ناظره له :



،_" أه ..وانت المسئول عنها لو تاهت ، دمك خفيف اوي ، هتكون راحت فين يعني.؟ اكيد طلعت فوق شقتكم ...ياجوزها !!



حرك رأسه بصبرٍ ،حتى وجد "وردة" تنظر لها بقلة حيلة ثم ردت عليه قائلة :



_"قالتلي آنها طالعه من شويه علشان تصلي العصر وتغير لبسها بسبب المطبخ !!"



حرك "غسان" رأسه إيجاياً وكاد أن يسير ولكن مهلاً؟. ينقصه شئ؟. نعم رده المتبجح واسترداد حقه في الرد منها ، عندما وقف ينظر لها وهي تلتهم الخيارة  باستمتاع ، فتحدث باستفزاز يحثها بيديه علي أن تبطئ  وهو يقول :



_" براحة علي نفسك شوية !!



وعاد يكمل بابتسامة متسلية :



_", الخيارة مش هطير ، حاسبي تشرقي!!"



_"لا انت اللي هتطير حالاً عشان انا مباكلش ببؤك ولا من تلاجتك يا خفيف إنت!"



حدجتها "وردة" بتعنيفٍ ، فعاد "غسان" يحرك رأسه بثباتٍ وهو يرد :



_" هطير  أدعيلك ،  عارفه ليه؟.!"



صمتت تنظر وهي تعقد حاجبيها فرد وهو يبتسم بإتساعٍ :



_" عشان ميطلعش مفجوع زي امه!!"



لم يعطها فرصة بالرد بل خرج من المطبخ تحت ضحكات "وردة" التي تعالت بإستمتاعٍ عندما أخذ حقه بالرد ، فنظرت "ياسمين" لها وهي تعنفها مرددة بجديةٍ :



_" بتضحكي على ايه ؟. ما هو بني ٱدم مستفز ، معرفش اختك بتحبه على ايه دا  ؟!"



عادت تشهدها بحزنٍ من اضطراب مشاعرها بسبب هرمونات حملها :



_"هو انا فعلاً مفجوعة ؟!"



مهلاً ؟. دموع بعينيها ؟؟ الهذه الدرجة حساسة؟؟ ، إحتضنتها "وردة" سريعاً وهي تكبت ضحكتها عليها ومردده بدفاعٍ سريع :



_" فشر .. وبعدين انتي تاكلي اللي تعوزيه مادام زي القمر ومش بييان عليكي ، طب علفكره بقا الحمل محليكي اوي !!"



_" بجد ؟؟ ماما بتقولي كده بردو هي وطنط عايدة ، فكرك هجيب بنت زي ما بيقولوا؟؟ "



قالتها بلهفةٍ فضحكت "وردة" وهي تؤكد بحيرة:




        
          
                
_", لو بنت..فأكيد هتبقي عسل زيك ، ويارب تبقي بنت عشان أجوزها لـ "يامن" بقا ويبقي زيتنا فدقيقنا !؟"



نفت "ياسمين" بتبجحٍ ثم قالت بخفةٍ تصارحها وكأن الأمر جاد وبشدة :



_" لا يا حبيبتي مبحبش جواز القرايب ده !!"



صُدمت من ردها ، أكانت مخطأه وهي تراضيها الٱن.؟ بل وهل تنسي هي الاخرى بأنها متزوجه من ابن عمها ؟! ،ضحكت "وردة" وهي تحمل الأكواب ثم قالت تنبهها :



_"طيب خدي بالك بقا ، انك متجوزه ابن عمك ،لو كنتي ناسية!!'



خرجت وتركت الٱخرى تستوعب ما قالته ، وعلمت بأن "غسان" صعد عندما خرجت من المطبخ ..



___________________________________________
- بينما في الٱعلىٰ : 



دخل  "غسان" الشقة يبحث عنها وعندما وجد السكون ، أثاره الريبه ، بحث في المطبخ وجميع الغرف لم يجدها ، بل وبحث في المرحاض  بعدما دق عليه ففتحه ببطئ لم يجدها أيضاً ، توجه للمرحاض الٱخر يدق نفس دقاته ، وعندما لم يتحمل الإنتظار فتح الباب ولم يجدها ، كما بحث في الشرفتين من قبل ، وجد بالمرحاض الٱخر ملابسها التي كانت ترتديها ، قد خلعتها هي ووضعتها في المرحاض الخارجي كي لا ينتبه أم ماذا تقصد.؟!



خفق قلبه وهو يبتلع ريقه بصعوبةٍ ناظراً بضياعٍ من حوله، بل ولم يعلم أحد بأنها لم تكن موجوده في الاعلي ، وهي من أخبرتهم بأنها ستصعد ، أين يمكنها بأن  تخرج وتتركه دون علمه أو حتي الإستئذان منه ؟؟. شقة "سمية" مغلقه ولم يكن بها  أحد كمثل شقة والده .؟ كلما يتضح الٱمر بأنها رحلت خارج المبني بأكمله يستنكر عقله ، هرول سريعاً يفتح باب الشقة وهو يسرع كي يرى بأن تكون من الممكن تقف  بـ "محل الورد" !!! ،  رغم علمه بأنها لم تفتحه اليوم!!



رفض أن يقلق أحدهم وهو يهبط ، بل استمر في البحث بمفرده ، وحدسه القوي يضغط عليه بأنها لم ولن تكون في "محل الورد" ابتلع ريقه من التخيل وهو في المصعد ينظر في المرٱه بتوترٍ ، ففراقها حتى المجهول يؤثر به دون أن يعلم وما يضغطه ويثير خوفه بأنها ترحل دون عمله وهما على خلاف!!!!، كيف ترحل ولم يجدها ودقات قلبه تتسارع بهذه الطريقة؟!، كل توتره الماضى شئ وتوتره وخوفه في هذه اللحظة شئ ٱخر تماماً فأين ذهبت تلك التي لا تكف عن الوجع ؟!



________________________________________



«قلتُ : 
_" هل ما زلتُ موجوداً هنا ؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون أن أدري ، وهذا البحرُ خلف السور بحري ؟ "



قال لي :
  _"أَنتَ السجينُ ، سجينُ نفسِكَ والحنينِ ، ومَنْ تراهُ الآن ليس أَنا ، أَنا شَبَحي !!" 



فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي :  
_"أَنا حيٌّ" 



وقلتُ :  
_"إذا التقى شَبَحانِ في الصحراء ، هل يتقاسمانِ الرملَ ، أَم يتنافسان على احتكار الليل ؟ "» 
- محمود درويش-




        
          
                
تصارع نفسها والشئ الذي لا يوجد به صراع الآن أنها  تجلس على سجادة الصلاة ،  تشرد بألمٍ  وتتحسر كلما تذكرت بأنها رُفضت من أول شخص طلبت منه المسامحة !!،  تحن لشخصية قديمة ، فلو كانت مثل  القِدم كانت قد ردت وهدمت كل ما يفعلونه ؟؟ استغفرت سريعاً وهي تتذكر اسناد "فريدة" وبقاءها معها ورفضها تركها رغم عرض "حازم" عليها ومن ثم تركها علي راحتها  ، الوضع صعب ، صعب جداً وهي تجاهد على أن لا تعود لشخصها القديم!! ، إستغفىرت عند هذه الأفكار كلما تذكرت قول "فريدة" لها بأن تفعل ذلك وعلى ذلك القول  وجد صوت بابا الشقه يغلق ومن ثم خطواتها تقترب عليها وهي جالسه ، مسحت "زينات" دموعها  وهي ترفع راسها تبتسم حتى كادت أن تنهض لتجلس بجانب "فريدة" على الفراش ، فمنذ ما حدث والاثنان  يغفلا بجانب بعضهما علي فراش واحد.. واحدة تنعم بالحنان والاخرى تنعم بالرحة والامان !! ، أوقفتها "فريدة" وهي تبتسم لها برداءها الواسع حتى جلست هي بجانبها أرضاً وهي ترفع يديها الحانية الصغيره تمسح وجه والداها بحنوٍ  أصبح معهود ، ابتسمت قائله بتفهم لهذه الحالة :



_" مفيش أحسن من ان دموعك تنزل وانتي على سجادة الصلاه ، لما نعيط واحنا اقرب لربنا فالمكان ده ، وبنشكي ليه هو بس ،  أنا حاسة بيكي ، وفخوره بيكي اوي يا ماما ،. عايزاكي تعرفي حاجة مهمه اوي!!"



أسندتها "زينات" رأس"فريدة" نحو صدرها متنفسة بعمقٍ وهي تقول بتحشرجٍ :



_"قولي يا حبيبة أمك !!"



قالتها بتأثرٍ فابتسمت "فريدة" وهي ترد بصدقٍ وثقه :



_" عايزه أقولك ان انا معاكي انتي ومختاراكي ومقدرش اختار غيرك ، وعمري ما هسيبك لنفسك .. معاكي طول ما انتي بتحاولي وهفضل جنبك لحد ما كل حاجة تبقي تمام !!"



وبالطريقه وجهت لها كم من الأمان لا تعلم كيف اخترق سهام قلبها بهذه الطريقه ، تنفست "زينات " بتعلثمٍ وهي تضمها أكثر بحبٍ مردده بتساءل متخوف :



_" تفتكري لسه في أمل ؟!"



_" لسه في أمل طول ما إحنا عايشين ، لسه في طول ما ربنا موجود وقادر يعمل اي حاجة ، تفتكري انتي لسه في اجابة تانية بعد الاجابه دي ؟!"



نفت "زينات " بلهفةٍ فعادت "فريدة" تسرد بوضوح وكأنها تشاركها ما لم تحضره وكأنها فرد مهم واجب عليه الحضور :



_"تعرفي ان الأكل النهاردة كان حلو اوي ؟؟ بس طبعاً مش احلى من أكلك ،  وجميلة جابت الفستان صحيح نسيت أقولك ، لسه منة خطبية شادي مختارتهوش هتختاره النهارده بليل ، وأنا كمان هروح مع "حازم" أنا و"ياسمين" عشان نشوف الفساتين، واتفقنا النهارده اننا نقدم معاد الحنه ونخليه بعد بكره حتى ولو الحنه قبل الفرح بكذا يوم عادي ، اهو نفرح براحتنا ،بس قولنا مش هنجيب لبس للحنة  بما انها بنات بس و"منة". على الضيق  ،. هتيجي هنا مع "جميلة" كأنها حنه واحدة ، هتكون فشقة  ماما عايدة ، و الرجالة بردو هيحتفلوا على الضيق كده فشقة عمو "حامد" ،  تفتكري اجيب فستان للحنه ولا بلاش؟؟"




        
          
                
قالتها لها بتفكيرٍ ، فابتسمت"زينات " وهي تقول بكرمٍ ولهفه:



_" براحتك يا حبيبتي ، لو عايزه تعالي ننزل نشتري واحد. دلوقتي ، "حازم" بعتلي ظرف بالفلوس امبارح وأنا رفضت اخده بس هو صمم وسابه ومشىٰ"



_" ليه يا ماما ،مكنتيش تاخديه، أنا عاملة حسابي اصلاً أدور علي شغل غير محل الورد ده، عشان يبقي معاه وأسند ، بس خايفه افاتح حازم يزعقلي !!"



صمتت "زينات" بحيرةٍ ثم قالت هي تعلمها :



_" ولا أنا موافقه أنا خايفه عليكي وكويس اوي ان محل الورد دا تبعنا وأمان ، وانتي عارفه ان انا معايا فلوسي اللي بتجيلي كل شهر ، ولو علي فلوس ابوكي اللي راحت فمش عايزينها ، ما كله مال حرام وكمان اتسحبت، ان زنقت اوي هنزل انا اشتغل عشان برضو رافضه ان حازم يعطينا فلوس ، مهما كان لسه فأول حياته ومراته حامل يعني في ولادة وعلاج ومصاريف جامدة "



تفكيرها تغير جذرياً وهذا ما تلاحظه الٱخري ، ابتسمت "فريدة" ولم تعقب على أي حديث بل ارتمت بأحضان "والدتها", على  فجأه ثم قالت بمرحٍ:



_"بحبك اوي يا زينات !!"



ابتسمت وهي ترد بسعادةٍ ، السعادة الوحيدة التي كانت تنقصها هي أحضان وحب وكلمات ابنتها لها ، وحل ٱخر ، عندما تكون العائلة غير عادله فتصبح عادله بفعل ومحاولة أحدهما ولا حرج ان كان أحدهما هو الابن !!!



________________________________________



«_‏"أيقتلك الغياب ؟"



_"أنا يقتلني الحضور الباهت الذي يشبهُ العَدم." »
- محمود درويش-



يقتلها حضور كلماته وأفعاله ، وطباعه ، ونصائحه ، وكل شئ كل شئ ! ، عندما تتذكر بأن لا شئ يستطيع  ولا أحد يستطع ملئ مكانه ، تبتلع الغصه المريره في حلقها وهي تذرف الدموع أضعاف ما كانت تتوقع بأنها ستهبط!!, يا للهول هل تبكين علي فراقه الي الٱن يا صغيرة ؟! ، سألها عقلها ورد قلبها على ذلك الصوت الساخر : " انه أبى !!"، كل يوم يمر عليها كأنه أول يوم علمت بأنها فقدته به ،  هبطتت الدموع من "نيروز", وهي تتحسس  القبر جالسة على الصخره غير عابئة بالماره من حولها ، فقط كل شرودها معه ومع ذكرياته وماضيها الذي لم يكن به شئ جيد سِواه هو !!"سالم" التي كانت به وبوجوده  سالِمة !! ،  وكيف هي الٱن؟؟ عندما شعرت بضغطٍ ذهبت إليه تركت كل شئ وذهبت له هو ، إلى ذراعه الخيالي التي تستند عليه فيخونها تخيلها وتجد نفسها تستند علي ٱوهام ، تستند على هواء متبخر ، فقط ما يثبت لها وجوده ذلك القبر !! ،   تركت العنان لدموعها حتى خرجت كلماتها الباكية بإنهزامٍ لكل شئ تعلنه له هو وحده فقط وكأنه أمامها بالفعل !!  :



_" وحشتِنِي أوي يا "بابا" ، انا عارفة إن انت زعلان مني علشان مجتلكش بقالي فترة ، أصل حصلي حاجات كتير اوي من غيرك!! ، إتجوزت من غيرك وكنت بتمني تكون موجود معايا فاليوم ده ، ماما عملت عملية القلب وكنت خايفه اوي تجيلك ، كنت أنانية اوي أنا عارفه ، عارفه انك بتحبها أوي ،أنا عيشت فترة صعبه من غيرك وأنا مستنية بكل خوف إنها تفوق ، عارف لو كانت راحت أنا كنت روحت معاها ، أصل معتش فيا عقل ولا حتى طاقة ، كل حاجة لسه كئيبة، ووحشه عشان انت مش موجود ، محدش عرف يملى مكانك كله زي ما كنت إنتَ ،  فرحتي اتكسرت وراحت مني فلحظة وكنت مستنية حضنك انت وانت بتقولي متخافيش كل دا هيعدي ، عمري ما  سمعتها بنفس الطريقه اللي كنت بتقولهالي وكنت أنا بصدقها منك وبثق فيها اوي ، عمري ما سمعتها الا من "غسان" اللي ملى حاجات كتير اوي كانت فاضيه من غيره ، أنا بحبه اوي ي بابا ، بس ساعات مبفهمهوش ،  بتدايق لما الاقيه فاهمني أكتر من نفسي فأوقات مببقاش فاهمه فيها حد ،   بس انت على بالي كل لحظة مبتغيبش أبداً  حتى وأنا بشوفك فعمو "حامد" ،  انا خوفت عليه اوي لما اغمى عليه مره واحده ،  خوفت خوف زي خوفي عليك، شوفتك فيه بكل حاجه ، كلامه وحنيته وطباعه ، ساعات بزعل لما ألاقيه حاضن وسام وبفتكرك اوي ، بس عارف ؟ حتي هو مبيسبش فرصه للزعل بيعاملني كأني بنته بالظبط!!"




        
          
                
وأكملت بعد كل ذلك السرد الذي خرج منها باهتمام وبكاء :



_"  هو قالي متدخليش فمشاكلنا طرف تالت بس هحكيلك ، هحكيلك إنتَ ،  اتخانقنت انا وهو بقالنا  كام يوم ،  انا  حاسه ان فيه حاجه مزعلاه ، فيه حاجه كاسراه  وماشي رغم الكسر ومكمل من غير ما يحس أنه مكشوف بالنسبالي ،  بس انا ملحقتش اقول حاجه ، ملحقتش لما لقيت كارت الدكتور، يمكن اتسرعت زي ما كنت  بتقولي اني متسرعه ومندفعة بس غصب عني  لقيتني اتقهرت وانا بربط كل حاجة ببعضها ، غصب عني وانا مش عايزاه يشوفني مجنونة ، بعده عني صعب اوي ، كل مره فعلاً كان بيعديلي ، المرادي حاسه بالذنب ومعرفش ليه ومن ايه ، يمكن عشان في حاجه وجعاه معرفش ايه هي ؟. بقا مبيكلمنيش غير فين وفين ، لما الدنيا تضيق بيا كنت بترمي فحضنه ويطمني المرادي معرفتش ، معرفتش وانا مستنيه منه تبرير ومبررش وكل واحد فينا واقف مكانه ، فجيتلك ، جيتلك عشان انت فاتح  دراعك ليا فأي وقت حتى لو كنت زعلان مني عشان اتاخرت عليك !!"



وأكملت بنفس النبرة الباكية :



_"تعرف  ان عيد ميلادي عدى،. عملي ٱكتر مفاجٱه ممكن تفرحني ، وتفرحك علشان انت بتحب الورد زيي ، كنت مبسوطة وفرحانة اوي ، حتى افتكرت انه عيد ميلادي ومرضتش أضغط حد أو  أفكره انه نسى بسبب الظروف ، بس طلعوا مش ناسيين ، وهو ..هو مكنش ناسي من زمان اوي ، فتحلي محل ورد جميل ، جميل عشان هو اللي عامله ، بس حتى فرحتي بيه ملحقتش ، زي كل حاجة مبلحقش فيها أفرح !!!"



توقفت عن أرداف. الحديث أكثر وهي تمسح وجهها ومن ثم تنهمر الدموع مره أخرى ، بل سألته هذه المره بتشتت وغير وعي:



_"هو انا ليه بيحصلي كل ده يا "بابا" ، ليه دايماً الفرحة مستكتره نفسها عليا ؟!"



تذكرت كل شئ سئ مر عليها ، والان تنتظر الجواب وكأنه سيجيبها. تنتظر ، وبهذه اللحظه جاءها جواب من خلفها يقول بثقةٍ ونبرة متحشرجة :



_" علشان ربنا بيحبك !!" 



توقف القائل عن قول الكلمات ثم عاد يكمل بإعتراف:



_" وعلشان انا جنبك وبحبك!!"



لم يكن سوى "غسان " الذي خمن المكان سريعاً ، الذي سمع كل حرف أردفته هي ، التفتت بسرعه تنظر فوجدته واقف ، وثمة شئ يلمع على وجهه ، هل هذه دموع .؟ ،أم دمعه ،  وقفت بإندفاعٍ باكية تئن بانهزامٍ وهي تسمعه يقول تزامناً مع فردة لذراعيه :



_"أنا دايماً جنبك وساندك وكتفي هيشيلك لو ميلتي عليه !!"



ذكرها بقول كان قد قاله في الماضي وعاد يكمل تحديداً عندما رفع ذراعيه مكملاً بتحشرجٍ يعمل علي زواله وثبات الشموخ كي تتماسك هي :



_" وحضني قدامك فأي وقت حتى ولو كنا على خلاف مع بعض!!"



نظرت له وهي تخرج صوت شهقة مزقت منه وهو يحثها بتعبٍ مشيراً لها :




        
          
                
_" تعالي!"



ومن ثم ؟! ارتمت بأحضانه باندفاعٍ ، حتى إصطدمت رأسها بصدرة وكتفه .. ضمها بقوةٍ متماسكاً بٱخر ذرة به كي لا يبكي مثلها ، ضمها وللمره الثانية يضمها بهذا المكان ، ضمها غير عابئاً بالقيل والقال من حوله ، كل ما يهمه  هي وفقط ، "نيروز  الحُب" الذي كان وسيكون هو قائد معركتها دائماً ممسكاً بزمام الأمور ، يحتويها يواسيها ، يرسل لها الأمان عندما يأخذ الخوف والحزن  ويبدله للإطمئنان ،  ضمها وتمسكت به هي عندما حاوطت ظهره بأمانٍ متنفسه بعمقٍ وهي تشهق بصوتٍ مسموع ، وعندما وجد الانظار عليه المتساءله بها من  بأحضانه بخير ، فحرك رأسه لهم بإطمئنان وأخذ زجاجة مياه من أحدهم ، ومازالت هي بين ذراعيه يضمها وكأنها ستهرب للتو !! 



لم تنعم بهذه الاحضان منذ فتره، وهو ، هو يشتاق إليها هو الٱخر  وكأن العناق جعل النيران التي تندلع في صدرهِ تهدأ والأفكار المتضاربه تُرتب والكسر الذي كُسر به تصلحه هي بعناقها له وانفاسها الساخنه التي تلفح ما بجانب  موضع  قلبه وكأنها تهمس له بأنها عادت فقط بلحظة متأثرة ولكن ماذا بعد ؟؟  ، خرجت من بين أحضانه متنفسه بتعلثمٍ تمسح وجهها وهي تحاول أخذ أنفاسها ، فوجدته يعدل حركة رأسها وهو يحثها على أن تشرب المياه منه ، وبحركة ٱخرى مسح على وجهها بكفه  الذي غمره بالمياه ليمسح عينيها والكحل الذي سال ولطخ ما بجانب عينيها ، وأنفها وكأنها طفلة صغيؤة وحتى فمها ووجنتيها ، الذي لثمها هو بعدما انتهي وهو يسألها بحنانٍ :



_"بقيتي احسن ؟"



حركت رأسها بنعمٍ ، ثم اعتدلت عندما وجدته يعتدل ليقرأ القاتحة ، قرأتها معه بسرها وعندما انتهي دعا له بصمتٍ دام لدقائق حتى عاد يمسك يدها برفقٍ وهو يقول :



_"يلا نمشي؟"



سألها وهو الذي يتمنى الهروب من ذلك المكان الذي يجعلها في كل مره تنهار انهيار شامل أوله بكاء وثانية كلمات مؤلمة وثالثه بكاء ٱخر مخيب ٱمال عدم  عودة من فارقها يوماً ،  هزت رأسها بموافقةٍ ترد بنعمٍ لنسير معاً  مودعين من فارقني ويصر على عدم الرجوع !!  ، سارا معاً إلى الخارج وبصمت فقط  يسألها عن حالها ليطمئن ، وركن العتاب لوقت لاحق ، بكيف تخرج دون إذن وعتاب ٱخر طويل يؤلمه!!



_____________________________________________



«لا أتذكر قلبي إلا إذا شقه الحب نصفين أو جف من عطش الحب!!»
- محمود درويش



الغَريب بأن هذا الحال هو حالين معاً الٱن" هو  وأخرى مجهولة "!!!
البداية به هو ؟؟ ، وهو جالس بمنزل "بدر" بشقة "ٱدم" منذ  ٱخر مره حدث بها ما حدث مع عائلته ، ولم يفتح هاتفه لم يجرب أن يصنع إتصالاً يهتم به ويتساءل ، طُعن بقلبه   ورُفض  والساخر بأنه رُفض من شقيقها وليس منها هي ، كيف ذاق مرارة البعد ؟؟ أم انه غير معتاداً على رؤيتها وهذا ما يؤلمه ، يجعل به من الأرق والتشتت  ما يكفي لعدم قدرته بشرح ما يشعر به ، كل الاركان ترفضه ، ترفضه ، يشعر بأنه منبوذ من الجميع  حتى وان ندم بما تفيد العودة بعد الرحيل؟؟!.. ، لا ينكر بأن حديثه مع شقيقه واردافه لسهامٍ اخترقت قلب الاخر بشدةٍ حتى جرحته فرأي   الدماء بنظرة عينيه وليس موضع السهم الذي ألقاه ،أم  ان  الدماء تنزف داخلياً ؟؟،متسرع وأهوج في الحديث بشدةٍ وهذا لن يغير شئ ، فما قاله قاله لا محال!! ، من بقدرته  تغير   الماضي بكل أوجاعه ؟؟ ، من بقدرته ان يرجع إلى الخلف بغير قرارات كان قد اخذها وهو اعمى البصر و ..البصيره !!، كيف له بأن يرجع ينفي ويمحي وجود "تاج" التي غيرت من شخصيه وتفكيره وطباعه تغير جذري ملحوظ لم يظهر عليه الا بعدما علم حقيقتها الموجعه التي كسرته ، كيف له بأن يرجع إلى الماضي وينفي تفكيره بكل مره حثه قلبه وعقله للذهاب  كي يطمئن على "فرح" في غرفة المستشفي ، كيف؟؟، سجين الأوجاع ولا يعلم هو بأن من يشعر تجاهها بشئ وجعلته سجين اوجاع كهذه ، سجنية هي ٱخرى لاوجاع ، بل سجينة بالفعل وبمكان عمله دون دراية منه ، بالفعل؟؟ أم أنه يتظاهر ذلك ؟!.. 




        
          
                
والثانية بعد  البداية ..ٱخرى مجهولة لا تشعر بقلبها سوى عندما شقه الحب نصفين أم عندما جف من عطش الحُب ؟! ،
بالفعل كانت هىٰ وهي تحاوط صغارها بيديها ناظره لهم وهما بجانبها ثم أدخلت المفتاح بالباب حامله  ببديها حقيبة ملابسهم ودموعها لم تجف ولم تتوقف عن التوقف ، عندما حثتهم بنبرتها الضعيفة :



_" إدخلوا يا حبايبي، على ما اشوفلكم حاجة تاكلوها من جوه!!"



أردفت "فاطمة" حديثها ببكاءٍ ورفعت يديها أخيراً تمسح وجهها ، أغلقت الباب حتي سمع  هو صوته من الداخل ، فإنحنت تحاوطهما ، تحاوط توأميها بوراثة چينات من عائلة والدها ، كمثل عمهاا الذي انجب توأمان   وراثةً عن جدها ، نظرت نحوهما بحزنٍ حاولت إخفاءة ، فردد أحدهما بحزنٍ :



_" هو إحنا كده مش هنرجع لـ "بابا". تاني يا ماما ؟؟ "



لثمت وجنتي صغيرها بحبٍ ولهفة تكذب شعورها وهي تقول :



_" لا يا حبيبي متقولش كده ، هتشوف بابا عادي ، بابا بيحبك هو بس كان بيهزر معايا !!"



أي مزاح ووجهها ملطخ بالكدمات؟؟ وقف "بسام" ينظر بصدمة. من رؤيتها بملابسه المنزلية هذه ، حتى صاح يردد بمفاجأه :



_" فاطمة!!!"



انتفضت هي وصغارها ، حتي وقفت تنظر بمفاجأه وهي تبتلع ريقها بصعوبةٍ بغير فهم ، حتى انها من عزم ما بها  لم تستطع ان تحدد من هو ببنهما ؟. ، توجه "بسام" تحت تأثير صدمته ناظراً نحو وجهها مردداً بشررٍ لا يخرج آلا بالقليل وحاول هو كتمه وزوال الحرج عندما ردد :



_" مين اللي عمل فيكي كدة يا فاطمة ؟!"



وضعت يديها علي وجهها ولاحظ  جروح يديها هو الٱخر صمتت والدموع تتجمع في عينيها من جديد ، فتفهم حالتها  وهو يوزع نظراته بين الصغار ، حينها هبط يسند على ركبيته مردداً  بابتسامة وتذكر لاسم واحد منهما:



_"مين فيكُم "يوسف؟!" "



_"أنا"



قالها "يوسف" ببراءه وهو يرفع يديه بحماسٍ فقبل "بسام", وجنتيه وهو يسأل الٱخر بتذكرٍ :



_" وانت" أدهم " صح ؟"



_"صح"



قبله هو الٱخر بحبٍ برئ ثم إعتدل يقف مشيراً لهم نحو الداخل وهو يقول :



،_" الاوضه اللي هناك دي فيها تليفزيون لو فتحتوه هتلاقوا الكرتون شغال  علطول ،. افتحوه على ما أجيلكم اتفرج معاكم ، موافقين ؟!"



لم يسمع منهم الرد سوي بالركض وكأنهما يتسابقان معاً ، استطاع أن يوزعهما ،، ثم وقف يحمحم بحرجٍ مردداً لها وهي تقف بجانب المقعد :



_"ارتاحي يا "فاطـمة" وقوليلي .."عارف". اللي عمل فيكي كده ؟!"



هربت بعينيها وهي تجلس،. محاولة على أن لا تذرف الدموع ، صمت  يري دموعها  وهي تؤكد بخزيٍ ثم قالت بضعفٍ:




        
          
                
_"أنا عايزة بنتي ، عايزة  "جنة" بنتي يا "غسان" !!"



وكأن الكل يستنجد به كونه معروف بطبيعته هذه ، المساندة والمساعِده ، تنهد يخرج أنفاسه ثم قال بحمقةٍ لرجل مُتعصب لأهله :



_"  هي فين يا فاطمة ،  قوليلي !!"



"جنة " سمتها بذلك  على إسم والدتها أو شق من الاسم فقط"جنات"!! ، تنهدت بثقلٍ وبكاءٍ وهي تقول مفسره بضعف:



_" عارف هو اللي مد ايديه عليا لحد ما عدمني العافيه وشايل مني التليفون بقاله كام يوم ، ولما خرج راح الشغل النهارده متأخر طلعت بسرعه من البيت واخدت يوسف وأدهم ، و"جنة"  كانت  قاعده عند حماتي، فاتهم مِلو دماغها بكلام عليا ، بس انا عايزة بنتي مليش دعوه ، عايزاها يا "غسان " ، كلم "بدر" خليه يجي عشان خاطري  وهاتوهالي منهم !!"



وكأنها تستنجد مره أخرىٰ  به ولم يكن هو ، إبتلع ريقه بشفقةٍ  وغيظ مكتوم ، ثم نهض يقف أمامها مطمئنها بحديثه وهو يقول :



_' ارتاحي يا فاطمة وبنتك هترجعللك ، قومي إغسلي وشك وانا هخرج  أشتريلك مرهم ومسكن  ، وكمان أكل للحلوين اللي هناك دول ، ومتزعليش  نفسك إنتي فضهرك رجالة اوعي تنسي دا !!"..



نظرت له بإمتنان ووجهها يتشنج تعباً والان أصبح لا يصح له المكوث بهذا البيت !! ، زفر بصوتٍ مسموع يخرج غضبه بمظهرها كذلك وهو الذي عاش ينظر للمرأه بأنها ذات قيمة  مدلله ،. ربما هذا في عُرف "حامد البدري", وفقط؟؟،  وضع يديه على جيبه ليستشعر وجود الٱموال وما ان شعر بها ، خرج مستأذناً  لوقت مؤقت ومن ثم ليعود!! 



________________________________________________



صعدا معاً قبل وقتٍ بعدما أتت معه من الخارج ، على الرغم من ان  ملابسها جميعها سوداء ولكنها دخلت شقة "عايدة" معه , مع "غسان" الذي قصد فعل ذلك لتنخرط في الحديث معهم ، وعلى الرغم من ذهاب "شادي"و"منة" لآختيار فستان الزفاف مبكراً   ولو بقليل عن وقت المساء الشديد بسبب قرار "طارق" بذلك  حاسماً الٱمر ، ولم تكن "فريدة" بينهن ، وحتى "؛وسام"ذهبت لتذاكر بسبب اقتراب موعد امتحاناتها النهائية ، فقط كانت "حنان " تجلس تتحدث مع "جميلة" التي اندمجت هي الٱخرى تحت أنظار "عز " الحانية عليها ، وكان"بدر" يجلس بجانب "غسان" الذي مال عليه مردداً بعجالةٍ :



_" مش يلا ؟؟ "



سيأخذه مره ثانية معه نحو منزل شقيقته ؟؟ ، أومأ له بموافقةٍ ، فتدخل "حامد" بتحذيرٍ :



_" متحطوش نفسكم فمشاكل لو مفيش حاجه يا "بدر"، وعقل اللي جنبك  أصل الواحد مش  مطمنله !!"



أومأ له "بدر" ضاحكاً وهو يومأ له ، ونظر له "غسان" باستنكارٍ وهو يردد :



_" متقلقش ي حج !"



_" لا والله قلقان وما ليك عليا حلفان !!"



ضحك عليه بخفةٍ وعلى كلماته المرحه، فنهض معه ، وسار الإثنان معاً بعد الإستئذان ، فطالعته "نيروز" متساءله بعينيها ،حينها اقترب هو منها دون خجل وهو ينحني يتحدث بنبرة منخفضه :




        
          
                
_"احسن دلوقتي؟؟"



أومٱت وهي تبتلع ريقها ثم قالت تسأله بغرابةٍ :



_"رايح فين ؟!"



_"رايح مشوار صغير مع "بدر" ومش هتأخر، وياريت لما   اجي الاقيكي فالمكان اللي انا ماشي وسايبك فيه ، مش تمشي وكإني سوسن هنا !!"



تنحنحت بحرجٍ ، وهي تهرب بأنظارها ثم وجدته يحثها بحنوٍ ولين قد غلبه مثلما غلبه الشوق:



_"خدي بالك من نفسك على ما ٱجي  !"



إعتدل بعدها يستقيم ثم شملها بنظراته ، حتى عاد يخرج ، فنظرت هي نحو الضحكات  فوجدت "حنان" تشاكسها بالنظرات مع "ياسمين" المرحه مثلها تماماً !! ، خجلت ودت لو تعلمهم  بأن الحديث كان نصفه ساخراً ومتوعداً منه !!..



علمت "وردة" بأين سيتجه فأخذت "يامن" الباكي بسبب رحيل "بدر"  وهي تداعبه كي لا يحزن تحت نظرات "عز" الذي. وبعد ان ودعهما مؤقتاً ،. اتجه ناحية " وردة" يمد يديه أمامها بحرجٍ رجولي وهو يقول :



_" هاتيه يقعد معايا  فالبلكونة شوية !"



أخذه من بين ذراعيها وهي تبتسم له بحرجٍ ،فحمله يداعبه بمرحٍ ثم توجه به ناحية الشرفه يريه  ما خلف السور وهو يتمسك به بيديه الصلبه كي لا ينفلت منه  لاحظ وجودها بجانبه وهي تبتسم له ببشاشةٍ مردده بحبٍ :



_"شكلك حلو اوي وانت شايله يا عز "



_"وهيبقي أحلى لو شيلت عيالي منك !!"



توسعت بسمتها من غزله لها بحبٍ وصدقٍ ، فتوجهت تقبل "يامن" بحنوٍ ، فرد "عز" بطلب ناظراً اليها ببراءة رجل عبثي خبيث :



_"طب وأنا يا جميل ؟؟  مليش نصيب؟؟"



خجلت من طلبه المرواغ، حتي أنها تعلثمت في نظراتها وتوردت وجنتيها بطريقة ملحوظه ، فعاد يكمل بنفس البراءه ومازل الصغير على يديه :



_" أنا جوزك والله وفي فتوه كمان بتقول انه حلال !!"



ضحكت من حديثه المرح ، فردت بمراوغه خجوله:



_" وفي فتوة بتقول انه محرج اوي !!"



_"محرج؟؟ دا بوسة بريئه في الخد ، مش مثلاً أ..."



بترت حديثه عندما إحمرت وجنتيها بشدةٌ وكي لا تجعله يكمل قبلته بسرعه كي يصمت ، لامست شفتيها  بشرته السمراء ولحيته الخفيفه ، فابتسم وهو يحرك عينيه نحوها عندما اعتدلا سريعاً مره. ٱخرى ، فغمز لها وهو يردد بجرأه :



_" ايوة كده ، المكسوف ميجبوش غير الكسوف !!"



نظرت له بحبٍ وفعل هو ما يجعلها تخرج من حالتها الحزينه ، كما كان هو ووالدته يتحملان ويتماسكان رغم حالة "فرح" ..، ردد مره ثانية بحنجرة رجولية يدندن وهو يحرك "يامن" على ذراعيه بميلان وعينيه لا تفارق عينيها المتركزه  نحوه  :




        
          
                
_«"أبيض ويا، يا لون الياسمين
يللي على خدَّك شكَّل ورد
وحياة خدودك والجبين
إني أسير المودَّة
ما ضنّ قلبي تنساني
وتزيد في حبَّك أشجاني
عُد يا جميل عُدْ لي تاني
من كثر شوقي عليك ما بنام"»..



ردد كلمات ٱغنية يُحبها ويردد شطراً منها دائماً لها وعاد عقب ما انتهي يرد بصدقٍ بها  يؤكد لها مدي صدق الكلمات:



_ "حبيت جميل ويارتني ضِله" 



أسرتها كلماته وحتي نبرة صوته الهادئه الفاشله في الغناء فقط ما يجعل نبرته هادئه يُفضل سماعها بدون لحن ، بأن اللحن هو حبه لها ، والكلمات تخرج بمصداقيةٍ من شخص قلبه يَغمره السعادة فقط بوجودها ولأنها هنا ..بجانبه مهما حدث له !!!



_________________________________________________



«‏إنني أحتفل اليوم
بمرور يوم على اليوم السابق
و أحتفل غدًا
بمرور يومين على الأمس
و أشرب نخب الأمس
ذكرى اليوم القادم
وهكذا .. أواصل حياتي!»
- محمود درويش-
لا يُصدق نفسه الٱن وهو ينظر من شرفة سيارة الأجرة الذي ركبها فور خروجه ، أيام كثيرة مرت لم ينظر للأشجار ،للجو ، السماء،  يتنفس من هواء  الخارج الحُر ، أصبح هو الٱخر حُر الٱن مثله تماماً !! ، ابتسم بفرحةٍ من كونه  أصبح شخص جديد الٱن غير الذي كان عليه في القدم ، يحتفل بمرورِ الأيام العصيبه القاسية !! تمسك بحقيبة الظهر  عندما أشار للسائق بأن يقف بركن ما ، يعلم بأن "بدر" يعلم بخروجه وهو من حثهم عى اخباره حينما يخرج ولكن رفض "ٱدم" فعلهم ذلك وتولى المسئولية عندما خرج حُر نفسه متحملاً المسئولية هذه المره ، وتركوه فهذا الموعد المحدد والٱخر ثقتهم بأنه الأن مُعافى تماماً من هذل الهلاك الذي كان يجري بعروقه ..



لحظة؟ لما رائحة الجو جميلة؟؟ أم انها رائحة الأمل الذي يغمره من جديد ؟؟ ، إبتلع ريقه بعمقٍ وهو يري السياره تسير من أمامه ، فطالع بوابة المنزل التي دُهنت بلون ٱخر. غير الذي كان عليه ، والغريب بأن شباب المنطقة يرددون عليه بالترحيب الشبابي دون علمهم اين كان هو ، رد عليهم من بعيد بإشارة يديه بشبابيةٍ ، ثم وضع يديه بأحد جيوب الحقيبه ليخرج مفتاح المنزل ، وجده وأمسكه وتوجه ناحية الباب الذي يُدخل لشقته الذي كان يمكث بها ، وضع المفتاح في الباب حتى فتحه ولم يثير غرابته صوت التلفاز ، علم من "بدر" ان"بسام" يمكث مكانه بسبب مشكلة لم يكن لديه فضول لمعرفتها !! فصمت راضياً لطالما هو "بسام" وليس الٱخر !! ، ولكنه بنفس الوقت يشعر بالحنين والأصل للٱخر الذي أصبح يدين له بالكثير



_" خالو جه يا ماما !!"



أهذه الأصوات حقيقه؟. ، نظر بغرابةٍ  أمامه فوجدهما ينظران له ، وأحدهم هرول ، فإنحني يقبله ويعانقه دون فهم ، ولم يكن سوي "ٱدهم" ،  ألتقارب الأسماء يحبه ؟! ، أشار "ٱدم" بذراعه الٱخر للٱخر الذي وقف ينظر بتردد إلى أن جاء مهرولاً فعانقهما "ٱدم", بحبٍ تحت صوت "فاطمة" التي خرجت من المطبخ تردد باستنكار متلهف:




        
          
                
_" خالو مين يا "ٱدهم" بـد..؟!"



قبل أن تكمل وقفت تنظر بصدمة وشوق وحنين له هو خصيصاً ، نحل جسدة بطريبة ملحوظه ، وعينيه ، عينيه غريبه ووجهه أصفر ، ألا يطعمونه هناك؟. تساءلت وهي تعلم من "بدر" ما كان به شقيقها الٱخر ، ٱدمعت عينيها وهي تركض  كالصفار ترتمي باحضانه ببكاءٍ بعدما نهض مفزوعاً من كدمات وجهها وصدمته بشكلها وجسدها الذي هبط وزنه!! ، على الرغم من أنها أكبر منه سنناً ولكنها تشعر بهذه اللحظه بأن أحضانه بمثابة أحضان والدها ، ضمها وهو يمرر يديه على ظهرها ورحل الطفلان ناحية التلفاز مره أخرى في الداخل ، تربطهم به علاقه ولم تكن قوية جداً بسبب بعده في الفتره الاخيره ، خرجت من أحضانه وهو يسحبها ممسكاً بيديها التي تضعها علي وجهها بألمٍ ، وجدها تتحدث من قبله بشوقٍ :



_" وحشتني أوي يا "ٱدم" !!"



لم يردد بالمثل ، بل نظر بملامح وجه جامدة، يسألها بحدةٍ قابضاً على كفها بين يديه :



_" "عارف "اللي عمل فيكي كده صح ؟؟"



صمتت فهز يديها ليحثها على  الرد بحزمٍ وهو يردد بنفس الحدة:



_" ردي عليا  يا فاطمة !!"



أومأت برأسها ودموعها تهبط دون توقف ، فضم رأسها على فجأه. متنفساً  بصوتٍ عالٍ ، والشرر بهذه اللحظة يتطاير من عينيه ، رجع لسابق عهده ؟؟ شقياً؟. وقحاً ؟. أم ان المخدرات جعلت منه شخص بارد متبلد المشاعر وحتي الحديث والحركة!! ،  ضمها باحتواء وجاهد على أن تخرج نبرته بحنوٍ وهو يطمئنها :



_"متعيطيش يا فاطمة ، أنا هرجعلك حقك وهخلي راسك مرفوعه وسط العالم الو*** دي تاني!!"



إستغفر سريعاً ثم وقف معتدلاً ، باحثاً بعينيه عن ابنتها البكرية وهو يقول :



_" أومال فين "جنة" ؟!"



_" هناك ، خدوها ، رجعهالي يا ٱدم عشان خاطري لو بتحبني، أنا عايزه بنتي !!"..



ربت علي رأسها وهو يقبل قمتها ، ثم إعتدل وهو يقف مردداً  بشرودٍ :



_" معاكي مفتاح بيتك؟!"



_" اه"



_" ادخلي هاتيه !!"



نهضت تجلبه بغير فهم. ، فقط تريد ابنتها ليس إلا !! ، وقف معتدلاً وهو يرسل رسالة لـ"بدر" بأنه خرج إلى المنزل ليعلمه بها كذلك ، التفت سريعاً ، عندما وجد الباب يغلق ويتنحنح بحنجرته بخجلٍ ،  رفع عينيه نحو عيني "بسام" الذي نظر له متفاجئاً بوجوده ولكنه لم يستنكر بل توجه يعانقه بتلقائية وهو يردد يترحيبٍ تاركاً الأكياس :



_"حمد لله عالسلاامه يا ٱدم !!"



ربت "ٱدم" على ظهره بابتسامة متكلفه، ثم رد عليه الترحيب بحرارة ، التفت يأخذ المفتاح من بين يديها عندما جاءت تعطيه إليه بحسرة مخفيه على ذهابها وترك ابنتها هناك معهم !! ، اعتدل ينظر ناحية "بسام" بثقةٍ منه وهو يقول  :




        
          
                
_" خليك هنا يا "بسام " وخلي بالك منهم علي  ما ارجع!!"



_" انت رايح فين دلوقتي؟!!"



سأله بإندفاعٍ، فرد عليه "ٱدم" وهو يترك حقيبته على الطاوله:



_" هجيب "جنة"!!"



_" بس؟"



_" والله  هو ونصيبه بقا !!"



قالها ببساطه، فإندفع "بسام" يقول بسرعه :



_" طيب انا هاجي معاك مش هسيبك لوحدك "



_"لا لازم تخليك هنا عشان متبقاش لوحدها ، وعشان نشوف اللي فوشها دا ،مش انت دكتور !!"



قالها بجمودٍ وكاد أن يستسلم فرد "ٱدم" مره ثانية وهو يقول بإصرار :



_" اسمع اللي بقولك عليه يا "بسام" ،  انا مش هتأخر انا هجيب البت واجي انت مش شايف اختي عاملة ازاي !!،"



قالها باندفاع وهو يراوغ فهو يتلهف شراً للذهاب ، ومن حسن الحظ أنه سيسير بسبب قرب المكان ولكن ليس بشدة ،  فاق على صوت اغلاق "الباب"  بشدةٍ من خلف "ادم " فخرجت "فاطمة " من المطبخ بكوب من الشاي كانت قد اعدته له ولكنه رحل ؟؟ ، نظرت بحزنٍ ، فأشار لها "بسام" بحرجٍ كي تجلس ثم قال بطلبٍ :



_"  هاتي ايدك"



أمسك يديها بحرجٍ وهو يخرج ما بالاكياس يداويها ،  وجدها حزينه ذابلة من جديد ، اكانت كل هذه الفتره كذلك ؟! انتهي من لف يديها بشاشٍ فعاد يحثها مره ٱخرى :



_"  شوفي كده عارفه تحركيها ولا اغير الربطة ؟"



_" لا تمام ، شكراً يا "غسان"  كتر خيرك !"



نظر مستنكراً ، وهو يرفع عينيه نحوها مردداً بابتسامة هادئه يصحح لها:



_" وان قولتلك اني "بسام" تمشي بردو ولا متمشيش؟؟"



ضحكت بخفةٍ وهي تحرك رأسها بسخرية كيف لم تستطيع التركيز ولا التفريق وهي التي كانت تفرق بينهم بسهوله بسبب قرب "غسان " منها والتي كانت صديقه قوية له كما كان هو قبل زواجها من "عارف"!!!



_"طب ارفعي وشك بقا وبصي يمين !!"



__________________________________________



هاجت الدماء بعروقه منذ أن رٱها بذلك الشكل ، كيف ؟ كيف تصبر كل ذلك؟ وهو الذي عارض ما يفعله زوجها معها ، كيف كان لا يهمه وهي معه بهذا الشكل ، جز على أسنانه بضغطٍ وهو يدخل من البوابة الخلفيه للمنزل  ثم نظر تحت سور السُلم الكبير الصاعد لشقة "بدر", في الأعلى ، نظر ناحية الشئ الكبير المخفي بغطاء أسود عليه من الاتربه ما يكفي  لـ تُرى بالعين المجرده !!



تلك الدراجة البخارية الذي أقسم شقيقه عليه بأن لا يركبها مره ثانية!!، عندما فعل حادث شنيع أدى إلى خياطة ساقه بالطول من الأسفل ، الهذا رُفض في الجيش؟؟ وأخذ إعفاء؟؟ ،  اليوم سيعود لسابق عهده من جديد ، كشف الغطاء بأعصاب مشدودة  وهو يحاول تحريكها ، يعلم بأنه قام بتصليحها ومن ثم ركنها بسبب قرار شقيقه واليوم لم ولن يسير على قدمية أبداً ، سرعته ورغبته في سرعة أخذ حقها تلح عليه وعلى دماءة الحمراء النافره بعروقه !!!!




        
          
                
أخرجها إلى الخارج وهو يحاول تشغيلها ولم يلبث دقائق وكان قد ركبها على الفور فاعلاً إحتكاك أولاً قاصد به كي يري مدي قوتها ومن ثم الآحتكاك الٱخر كان بقصدٍ من أعصابه ليس آلا عندما اختفي عن مرمي أنظار من حوله!!, الأشقاء !! لم يكونوا يوماً مجرد إسم ، يُنجبوا ليكونوا  سنداً  في الدُنيا  ، ظهراً ان كُسر ظهرهم  ، ان كُسر من أنجبهم وكان عادل سوى !! 



وبخفةٍ كُبرى وصل ، والمدهش بأنه وصل من قبل حتي ٱخرين كان من المفترض بأن يصلوا !!! ، ركن الدراجة أمام سُلم المنزل بجانبه ، ثم وضع يديه بجيب بنطالة يخرج المفتاح التي جذبته له شقيقته ، يتمني بأن يكون بالداخل وليس في العمل !!، فتحه بخفةٍ ثم أغلقه مره أخرى خلفه بهدوء برع به وكأنها شقته هو ليفعل هذا بثقةٍ كبرى !!



_" فين أمك يا بت إنطقي بقولك ؟؟؟ راحت فين؟؟؟ "



جملة صارخة صرخ بها "عارف" بإبنته التي جهلت عن إين ذهبت من خلفه ، أعلنت جهلها بسرعه وخوف وهي تنظر إليه برعبٍ مرددة بتفسير متلهف خائف :



_"والله العظيم ما أعرفش يا بابا ، أنا كنت عند تيته!!"..



كاد أن يرفع يديه يصفعها لمجرد أنه يري بأنها كاذبه خدعته في القول كما خدعته والدتها وذهبت دون إذن!! ، و قبضة يد فولاذيه تترصد وتمسك يديه ، رفع عينيه فوجده يقف أمامه ناظراً بحدةٍ ،  هل كانت خطواته خفيفه كي لا يسمعه ؟؟ ، مد "ٱدم" ذراعه يأخذ "جنة" الصغيره خلفه ومازال ممسك بيد  الٱخر وهو يشدد مسكته مردداً من بين ضغطه علي معصمه :



_"ملقتش أمها  تتشطر عليها ..فبتتشطر على البت  مش كده ؟!!"



لم يهابه ، كان جباناً ولكنه لم يهابه كونه يعلم بأنه يتجرع دماراً أهلك عقله قبل جسده، ابتسم بسخريه وهو يحاول نفض يدي الٱخر مردداً بترحيب ساخر غير مبالياً بكيف دخل  من الأساس :



_" أهلاً  بالشمام  بتاعنا منورنا !!"



دفعه "آدم" بغضبٍ بعدما أشار لـ "جنة" بأن تخرج إلى الخارج، لصق ظهره على الحائط وحاصره  بقوةٍ حتى تألم من عظام ظهره التي ارتطمت بقوة ،فأمسكه "آدم" من تلابيبه مردداً بنبرةٍ مرتفعه :



_"  بتمد إيدك على أختي ليه يا *** ، فاكر مين مش وراها رجالة يا عرة الرجالة، دا أنا أدفنك هنا وقتي لحد ما تقول حقي برقبتي يا*** "



لم يعطه فرصة للرد بل داهمه بلكمة قوية أسفل عينيه ،حتى تأوي بصراخٍ وهو يحاول دفعه عنه ،فسقط"عارف " أرضاً بسبب عرقلة "ٱدم" الذي فعلها سريعاً عند وضعه يديه على وجهه، جثي  فوقه ضارباً بكفه علي وجه الٱخر  مردداً بصراخٍ :



_"عليا النعمه من نعمة ربـــنـا ، ان ما خليتك تقول أنا مرا مبقاش أنا" ٱدم "، بتمد ايدك عليها ليه يا زباله ، هــا ، بتتشطر علي النسوان اللي زيك يا *** "




        
          
                
سبه بحالة غضب كُبرى ، والٱخر يصرخ أسفل يديه ، بينما نهض ضارباً بساقه معدته حتى تأوى منكمشاً ، فنظر "آدم " له بتشفي ناظراً أسفل حزامه مردداً بوقاحةٍ :



_" أنا هخليك متنفعش تاني يا بن الكلب يا *** , واختي دي معدتش هتقعد معاك لحظة واحدة يا و*** من دلوقتي !! "



وقبل أن يضرب بأضعف منطقه إنكمش "عارف" يعتدل سريعاً ، فابتسم"ٱدم" بسخريةٍ لاذعة وهو يراه   منسحباً إلى الخلف بإرتعابٍ سانداً ظهره علي الحائط غير مبالياً بسقوط المقعد الخشبي ، فأقترب "ٱدم"  جاثياً أمامه مردداً بسؤالٍ يصرخ به بعدما أمسكه من تلابيبه :



_"إيه اللي خلاك تضربها الضرب دا كله ،  بتتشطر عليها  ليه وانت عارف ان وراها رجالة يا روح أمك!!!!"



واصل بعدها بصراخ ينتظر الإجابة :



_"إنــــطــق!!!!!"



أمسكة من تلابيبه ،وكأنه ينتظر  الإجابة بالفعل ، عندما هزه من بين مسكته ، فمسك "عارف"  وجهه صارخاً بتأوى وهو يقول بخوفٍ:



_"هقول ..هقولك ..كُنت..كُنت عايز اتجوز عليها ولما رفضت قـ..."



وقبل أن يكمل ذلك الحديث الذي جعل النيران تتٱكل بالٱخر مره ٱخرى وكأنه يشعر  بالنقص الذي شعرت به شقيقته ، هاجت الدماء مره أخرى بعروقه وهو  يضربه بوجهه ومعدته مردداً بصراخٍ :



_"يا بجاحتك يا ٱخي ، وكمان هتديلي أسباب ، تتجوز على مين يا زبالة ، وربنا المعبود لأعلم عليك وأعرفك ، تعالالي بقا  !!"



نهض يسحبه بإنفعالٍ موزعاً لكمات في جسدة من الأعلى، غير عابئاً بدق جرس المنزل التى توجهت تفتحه "جنة" الباكية ، تعلمهم بخوفٍ عن ما يحدث في الداخل، دخل "بدر" مهرولاً وسار "غسان" ببرود وكأن شئ لم يكن، وقف على أعتاب باب الغرفه ينظر نحو "ٱدم" الهائج ، حتى ابتسم وهو  يردد ببساطة وكأنه يستمتع بمشاهده فيلم أكشن عنيف :



_"  دا رجع الأسد اللهم لا حسد !!"



اقترب من بعدها يقف ساحباً "آدم" عنه بهدوءٍ كما فعل "بدر" ذلك بسرعة مندفعة ،  صرخ "ٱدم" به علي ان يتوقف مملياً  عليه بعض من الكلمات أحدهما جمله ٱتت بعد سبه له :



_" سيبني عليه ، سيبني على اللي مبهدل وش أختك وضاربها ، وعايز يتجوز عليها زي الـ*** "



فتح "بدر" عينيه بصدمةٍ من ما سمعه ، يعلم بأنه يضربها ، ولكن هذه المره قول "ٱدم" يعني ان الضرب قوي ؟؟ مهلاً  وزواج ؟؟ ،  لم يتفاجئ "غسان" بل دفع "ٱدم"  بعيداً وهو يرى "بدر" يمسك الآخر من تلابيبه مردداً بفحيحٍ :



_" الكلام ده صح ؟؟"



وكأنه ينتظر الإجابه من شخص أشبه بالأموات أسفل يديه. ، لم يجيبه ، بل صرخ "ٱدم" من بين يدي "غسان" :




        
          
                
_" بتسأله ..بتسأله لسه ؟؟؟ سبوني عليه بقولكم !!!!"



تأوي "عارف" وخارت قواه دون فعل واجب "غسان"و"بدر" ، فسقط يسند على ركبتيه بضغط وهو يتأوي من ألم جسدة ، فإنحني "بدر"  يهمس له بجانب أذنه بشرٍ ظهر أخيراً وهو يمسك تلابيبه مقربه من وجهه كي يسمع :



_"الكلام دا لو طلع بجد ، أنا هبيعك اللي وراك واللي قدامك ، هخليك تمشي تلف حوالين نفسك وتتمني ضافر أختي من تاني !!"



جثى على ساقه أكثر ثم هزه بعنفٍ وهو يردد مره أخرى أمام الاثنان والصغيره التي تجلس القرفصاء في الخارج:



_"فاطمة البدري عيلتها كلها رجالة ، يعني لما ناسبتنا من زمان سألت كويس علينا ، بس شكلك سقعت ودانك بقصد لما عرفت إن رجالة "البدري" مبيسبوش حقهم ولما عرفت ان لما بنسيب بنسيب بمزاجنا،. عشان  خاطر اللي مننا ، لكن المرادي لو أختي عملت ايه ولو انت  اتشقلبت كده مفيهاش رجوع يا روح أمك ، سامع؟؟؟؟!!"



وكأنه قطعه باليه. دفعه حتى سقط على ظهره متأوي ، تقزز منه  وهو ينهض ، ناظراً نحو ",ٱدم" الذي سكن بين يدي "غسان" ، حتى قال لهم وهو يشير :



_''يلا !!"



_" وهتسيبه ؟؟"



سأله "غسان" باستنكارٍ قبل أن ينفعل "ٱدم" الذي غمز له "غسان" بأن يهدأ فرد "بدر" بشررٍ :



_" مش هنسيب حد ، أنا عارف هعمل ايه فيه كويس بس مش وقته ، يلا نمشي هنقعد نحَكِّي مع بعض هنا، اخلصـوا !!!!"



قالها بآنفعالٍ مكتوم وسبق إلى الخارج يحمل "جنة" رابتاً عليها باطمئنان، في حين وقف "غسان" ينظر بتفكيرٍ وهو ينظر نحو "ٱدم" ونحو المستلقي أرضاً بلا قوة :



_" طب وهاخد نصيبي ازاي دلوقتي؟؟ مسيبتليش حقي ليه ؟؟ "



وكأن هذا ينقصه ، ولكنه ضحك بخفوتٍ وهو ينظر نحوه ، وسمعه يكمل مره ٱخرى بتبجحٍ :



_"مع انك  مش نتن يعني !!"



_"في الحاجات اللي زي دي أحب مديش لحد حاجه، أنا اللي ٱخد كل حاجة!!"



غمز له "غسان" وهو يشير له بأن يخرجا نحو الخارج تزامناً مع قوله المعروف :



_" لأ..عال ٱوي كده ..تعجبني !!"



خرجا معاً تاركينه ملقي أرضاً ، ركب "غسان" سيارته ومعه "بدر" الذي أجلس "جنة" على ساقه  ، ثم فتح الشرفه يحذر ذلك الذي ركب الدراجة البخاريه :



_"براحة ها !!"



لم يسمع الرد بل نظر له "ٱدم" بغير اكتراثٍ مؤقت ، ثم فعل احتكاكٍ خفيف مختفياً من أمامهم عائداً مره ٱخرى ، زفر "بدر" بصوتٍ وهو يربت على ظهر "جنة" بأمان ثم قال بابتسامة هادئة :



_" متخافيش يا حبيبتي، خالو  وخالو كمان معاكي وهيودوكي لماما  بسرعه خالص !!"



لانت بسمة "غسان" وهو يحرك السيارة يقودها. ، ثم حرك عينيه نحوها وهي تستريح براسها على صدر "بدر" الذي ربت عليها برفقٍ ، فمد"غسان"  ذراعه الٱخر يداعب أنفها بمشاكسةٍ وهو يقول بخفةٍ :




        
          
                
_" بقيتي شبه فاطمة  بالظبط !!"



ابتسم "بدر", وهو ينظر نحو ملامحها الصغيره ، بالفعل تشبه والدتها بشكلٍ كبير ، بشعرها الأسود الناعم ، واهدابها الكثيفه السوداء وبشرتها القمحية الهادئه. كمثل ملامحها الصغيره وخاصةً أنفها وفمها !!، بالفعل "فاطمة" جميلة ودفن جمالها هذا مع شخص لا يستحق ولم يقدر هذا الجمال الأنثوي التي بسببه كانت تدق العرسان بابها منذ الصغر!!!



____________________________________________



_" تحبي أعملك شاي ولا  ليمون يهدي أعصابك المشدوده ؟"



سألها "بسام" برفقٍ ، فحركت "فاطمة" عينيها ناحيته وهي تقول بحرجٍ  محاوله دفع "يوسف" المستند علي فخذها وهي جالسه :



_" لا خليك انا هقوم أعملكم عشا، عشان" ٱدم " يجي وياكل معاكم بالمره!!"



حاولت النهوض، فتحرك "يوسف" ووقف "بسام " يردد بابتسامة هادئة بسيطة :



_" لا متتعبيش نفسك ، أنا هعمل انا العشا ، واهو تقوليلي رايك فأكلي ..بعرف  أطبخ علفكرة !!"



ضحكت "فاطمة", وهي تقف ثم قالت بحديث خفيف تشاكسه  :



_" دا يبختها بقا !"



زفر بصوتٍ بصوت مسموع ثم قال بتنهيدةٍ ينفي برأسه بشرودٍ :



_", ولا يبختها ولا حاجه ، محدش يتمني يبقي مكانها  والله!!"



شعرت بمدى ثقل كلماته ، فصمتت وهي  ، حتى تحركت بطريقة ملحوظة تدخل هي المطبخ ، علم بأنها وضعته أمام الامر الواقع ، فجلس بجانب "يوسف" الذي جلس بإعتدال  ،  وضع"بسام" ذراعه على كتفه بودٍ ثم قال  يشاكسه :



_" ايه يا بطل ، مش هتقوم تساعد ماما عشان ايدها ؟!"



حرجه منعه من الدخول معها بنفس المطبخ ، وخاصةً وهو الرجل الغريب في هذا البيت ، لذا سيجعل أحدهم يساعدها بطريقته ؟ ، هتف"يوسف" يخبره بما رٱه :



_" ٱدهم راح معاها، انا شوفته!!"



_" طب انت زعلان من حاجة صح ؟"



سأله ببراءة وبطريقه تجعله يتحدث ، فحرك "يوسف" رأسه وهو يقول  بحزنٍ



_" زعلان عشان عايز"جنة" !!"



وهذا كان تزامناً مع فتح الباب من الخارج بواسطة "ٱدم" الذي سمعه وابتسم وهو يقول بشقاوةٍ :



_" طب واللي يجيبلك "جنة " لحد عندك يا سوفا ؟!"



إندفع "يوسف"ووقف "بسام", عندما رأى "جنة" تدخل وهي تمسك يد "بدر" الذي دخل خلفه "غسان" ، رحبوا به بحرارةٍ وبالأخص هي ، وخرجت "فاطمة" تهرول من كي تأخذها بأحضانها ووقف "بدر" و"غسان" ينظران لها بشفقةٍ ومن ثم انفعالٍ كتموه ما ان رأوها كذلك!!




        
          
                
عانقت "بدر" ببكاءٍ  وضمها هو ،هذه المره هو شقيقها الأكبر ، بكت بخذلان بين ذراعيه فتوجه "ٱدم" يرفع ذراعيه الاثنان يضمها هو له يبث لهم مدي اشتيابه لتجمعهم هم الثلاثه عندما كانو صغاراً ، الوضع معكوس فكان "ٱدم" هو الأصغر بينهما وهي الأوسط و"بدر", الاكبر يحميهم دائماً  بذراعيه كمثل الٱن عندما بدل هو الوضع !! ، إذن الوضع متأثر!!



متأثر جداً ، بالنسبة لـ "غسان"و"بسام"، اللذان تبادلا النظرات معاً ، نظرات نادمة  مكتومه عن ما قاله له  وٱخرى كانت نظرات خائبه مكسورة ، حاول جاهداً على عن لا تظهر وبالفعل لم تظهر سوى له هو سوى لـ "بسام"!!..



دخلت "فاطمة" سريعاً المطبخ ، تخرج لهم علي السفره ما أعدته بسرعه ، في حين جلس الشباب بجانب بعضهم وبينهم الصغار ، وساعدت "جنة" والدتها !!



_" انت بتهزر؟؟ هتمشي فين دلوقتي، خليك مستني وانا هقوم معاك كمان شويه!!"



كان هذا قول "بدر", لـ "غسان" الذي نهض  يعلمهم بالانصراف ، فرد عليه مبتسماً بحجةٍ فخوفه وقلقه عليها يسيطران عليه حتى بوقته هذا  :



_" معلش يا "بدر" انا لازم امشي انا في حاجة  كدة لازم اعملها ، لو مش هتيجي هاجيلك تاني اخدك  عادي !"



رد "آدم" عليه بهدوء وهو ينظر نحو شقيقه :



_" لا أنا هبقى أوصله بالموتوسيكل  دا لو مقعدش النهارده معانا ييات ،!!"



_"لا يا حبيبي انا مقدرش ابعد عن مراتي وابني ، علشان كده هجيبهم هنا بكره نبات وسطكم  ونقضي اليوم ونبات معاكم ، ايه رايك!!"



لاقت الفكرة استحسانه وفرحته، ووقف"غسان ", ينظر نحو "بسام" بانتظار ، ولكن استشف "ٱدم" ما يحدث وخمن ان هناك مشكله بينهما فصاح  بنبرة مرتفعه :



_"وكمان "بسام" هيبات النهاردة معايا فالأوضه نونس بعض، بقالي كتير محدش ونسني وانا لوحدي بين اربع حيطان!!"



لطالما رجلاً معه في المنزل لا مانع ؟ ، إبتسم له "بسام " وكاد ان ينفي ولكن نظرة"بدر"له على ان يوافق جعلته يصمت ،  فانحني "غسان" يقبل التوأمان بوداعٍ ، ثم استقام ملوحاً بيديه كي يذهب فأومأوا  له  !!!



______________________________________________



‏«فبعضي لديّ وبعضي لديك، وبعضي مُشتاقٌ لبعضي، فهلّا أتيت؟»
- محمود درويش



مُشتاقة  هي لعبثه ومرحه وخفته وحتى غزله المضحك !! ، ما حدث عند القبر كان بمثابة شئ ثم سُلب منها ،  تريد العتاب كي ترجع الي أحضانه مره ثانية وليس كوقت مؤقت !!  ،  بعدما ودعت "والدةعز" قبل وقت  ورحلت بالفعل مع "عز" بعد ذلك اليوم ، رحلت هي الٱخرى من شقة "عايدة" آلى شقة والد زوجها "حامد" ، جلست "نيروز" ، كما كانت تجلس شاردة الذهن وبجانبها "حامد" يتحدث مع "دلال" و "وسام" بغرفتها !!  ،. إبتلعت"نيروز" ريقها وهي تتنهد ثم وجهت رأسها ناحيته وهي تسأله بترقبٍ عنه :




        
          
                
_"  أومال غسان لسه مجاش ليه لحد دلوقتي يا عمو ؟"



إلتفت لها "حامد" مبتسماً بلطفٍ وهو يقول :



_" فاته جاي فالطريق يا حبيبتي !!"



تلهفت عندما  سمعت صوت دقات الباب ، ونهضت معتقدة أنه هو ، توجهت لتفتحه، فوجدته "شادي" وليس هو ، إبتسمت له بتكلفةٍ. فدخل هو سريعاً يجلس بإنهاكٍ على الأريكة بجانب"حامد" الذي سأله بخفةٍ :



_'' خلصتوا لف؟"



_"أخ يا حامد رجلي عايزه تتحط فشوية ماية وملح كده، حسبي الله ونعم الوكيل في المشي مع الستات!!"



قهقه "حامد" مع "دلال" وضحكت "نيروز", بخفةٍ ،فردت "دلال" تقول بلهفةٍ :



_" طب خليك يا حبيبي وانا اجبلك ماية وملح تحط رجلك فيهم !"



_"لأ.. سيبي الحركة دي لـ "منة" وربنا لاربيها بعد الجواز ، الصبر بس !!"



_" هي عامله فيك ايه ياض!!"



قالها "حامد" بضحكٍ، فرد "شادي"  معلناً بقلة حيلة  متفهماً. ما كانت تفعله معه :



_" بتاخد حقها مني  وطلعت عين اللي خلفوني ..بس بحبها!!"



استمرت الضحكات عليه مره ٱخرى ، فنظر بترقبٍ يسألهم بإهتمامٍ :



_" أومال فين "غسان "؟!"



ولم يأخذ الرد سوىٰ منه وهو يفتح باب الشقة بالمفتاح ، حتي دخل يخلع حذاءه ناظراً عليهم وهم جالسين ، ابتسم ببشاشةٍ ثم دخل يجلس بإرهاقٍ غير غافلاً عن نظراتها المتلهفه ما أن رأته يعود !!,  نظرت له "دلال" بشفقةٍ وهي تقول:



_"مالك يا حبيبي شكلك هبطان كده ليه ؟!"



_" عندي صداع يا دلال مش قادر !!"



قالها وهو يمسك رأسه فوضع "شادي" ذراعه بمرحٍ على كتفيه ، تزامناً مع رد "دلال,", وهي تحاول النهوض:



_" استنى اعملك كوباية شاي تظبط دماغك  !؛"



_",لا ..لا خليكي يا طنط انا هعمله أنا !!".



لم يرفع عينيه لها بل نظر نحو عيني "حامد" المتشككه، فبادر "غسان" بالسؤال وهو يسأله بابتسامة صغيرة :



_" خدت العلاج ي حج ؟"



نفى برأسه، فنهضت "دلال" تسند يديه بلهفة وهي تقول بخوفٍ :



_'' اخص عليك يا حامد انا مش قولتلك ، قوم تعالي عشان تاخده وترتاح "



سند الإثنان بعضهما بحبٍ ناحية الغرفه ، فضحك "شادي " و"غسان" معاً ، تزامناً مع قول "شادي" المرح  :



_" ربع شقاوة ابوك وهو بيتدلع عشان يشوف خوفها!!"



ضرب "غسان "ساقه بضحكْ خفيف ، ثم إعتدل يريح ظهره بتنهيدةٍ ، حتى وجد"شادي" يقول :




        
          
                
_" انا المرادي مش سايبك وماشي غير وانت معرفني مالك!"..



وضع يديه على كتفيه يحثه بتأثرٍ ثم قال مجدداً :



_" مالك يا غسان  فيك ايه يا صاحبي احكيلي !"



ٱخرج تنهيدة حارة ثقيلة إستشعرها "شادي" بغير فهمٍ ، ونظر له "غسان" منهزماً ظاهراً كسرته التي يخفيها بعينيه،  زفر بصوتٍ. وعلم بأن هذه النحلة لن تخف عن زنها سوى ان قص هو له المختصر بعيداً عن موضوعه مع زوجته ، إنتظره "شادي "  بأن يتحدث ، وبالفعل بدأ بأول كلماته عندما قال بقلة حيلة يائسة مخزية :



_" بسـام !!"



_" ماله ؟"



..
وعلى بُعدٍ قليل منهم وقفت "نيروز" تعد  كوبين من "الشاي" له ولـ. "شادي" كي لا تفعل واحد فقط لاحدهما !!, شردت بقوله المتعب المنهك كما لملامح وجهه الحزينه التي تستشفها هي وحده ، ولمعة عينيه ، عينيه تلمع ولا تعلم ما هذه اللمعه ألمعتها دموع ؟. أم لمعة إنكسار طويلة لتلازم نظرة عينيه ، أم قاصداً بها ان تراه كذلك كي تشفق ، وللحق هي تشفق ، ويؤلمها قلبها ولكن جرح ما رأته دون أن يبذل جهده في التبرير يؤلمها ..



أيبرر لكِ وانتِ من تسرعتي يا هذه ؟!!
أيأتي ليعانقكِ وانتِ الفاتره الجافه علي قلبه دون صبر ؟؟
أيأتي لكِ وأنتِ من سرقتي كل فرصه منه ؟؟
أيأتي بأوجاعه المجهولة  ليأخذ وجع  ٱخر منكِ؟!



هزت رأسها نفياً بأفكارها هذه ، وادمعت عينيها من جديد وهي تتذكر عناقه وحنوه في وقت خصامة حتي !!



لما يتعمد قلبكِ القسوة؟
أم أنك جُرحتي جرحاً قوياً. لم تستطيعي التعافي منه فـ بتي تتعمدي القوه حتى علي من يظهر اللين بطريقة لم تريها من قبل؟؟!



أجابت بنعمٍ ،، ثم استمعت لصوتها الداخلي مره ٱخري :



لما تشعرين بالندم ؟؟ وأنتِ بنظر نفسك المظلومه ؟؟
ربما شعورك من ما تجدينه بنظرة عينيه ؟؟
أم بملامحه وما يقصد عدم ظهوره ؟؟
ابارعه في كشف ما يعجز عنه غيرك؟.
وان كنتِي بارعة لما العناد ؟؟
لما؟؟
ربما بسبب الفتور وتوقف الحال عن الحديث دون براهين؟؟
أو  لأن  قلبك اللعين يترجم هذا شفقةً للحب؟؟



وصرخ الصوت العنيد :
كفى يا هذا ، اتركها تفعل ما تشاء بقلبها !!



قلبها اللعين؟؟ الذي يمحى كبرياؤها ؟!



مازال الصوت يلح عليها الصوت الجاهل عن الشعور ، مدت يديها تمسح وجهها بالمياه علها تفوق من هذه الدوامه ، ثم حملت الصينيه الصغير وكادت أن ترفع الستار ، وما أوقفها هو  نبرته المنهزمة عندما اكمل وهو يقص عليه :



_"  وقابلت الدكتور اللي كان بيروح عنده قبل ما يقولي الكلام ده ، كنت واقف  عاجز ومصدوم وأنا بسمع من واحد كنت بخاف عليه اكتر من نفسي ، بيقولي اني خربتله حياته وإني مفتري ومبعملش حاجه غير اني ببوظ وبس ، بيقولي ابعد ،  كان معاهد ميعرفنيش تاني لو قولت لـ عز يرفضه ، وكآني مش أخوه !! ،  أنا لما قابلت الدكتور فالمستشفي وانا بالعجز  اللي كان قبل كل ده ،. كان بيكلمني كلام صعب افهمه وكإني مبفهمش ، حسيت ان الوضع معقد ،  لدرجة وهو بيديني الكارت  خدته وكإني بفكر اروحله أنا وأنا خالي من عقدي وبفكر فـ عقد غيري ..طب ازاي ..!"




        
          
                
استنكر  بوجع وكسرة وألم ، ربما الصديق يتوجب عليه الوجود بهذا الوقت عندما إنحني "شادي " يحتضنه بين ذراعيه بقوه ، مشدداً في عناقه وعناق رأسه الدافئه بذراعيه القويتين ، كدرعٍ. للحماية ، يسب شقيق من يضمه بسره ويعلم بأنه غبي متسرع، ولكن لا يتوجب عليه قول ذلك ..بل صمت 
صمت بعجزٍ ،. وهو الذي ليس بارعاً فشئ سوى بالحديث والكلمات !!



ظلمته ؟؟ للمره التي لاتعرف عددها ؟؟ وصوت قلبها كان الصواب؟؟ ، تشمئز من نفسها ، تود الركض بكل سرعة كي تدفع "شادي" عنه وتحتضنه هي ، هو لها وحدها ، لها وحدها بأوجاعه وألمه ، وحتي دموعه التي تأبى أن تهبط أمام الجميع عداها هي!! ، وضعت يديها تكمم فمها كي لا تخرج شهقتها ، ثم رجعت إلى الخلف لتأخذ أنفاسها بصوتٍ تحث نفسها علي الصمود إلى حين الصعود !!،  توقفت تنظر من خلف الستار وكأنها سارقه ،  ولكن سارقه تود  سرقته الٱن وأخذه من بين ذراعي صديقه ، صديقه الذي يدين له "غسان" بالكثير !! ، والذي انهزم وهو يعتدل ينظر ناحية عينيه المتوجهه نحوه بأهتمامٍ ، ينصت له ، عندما هتف "غسان" بيأسٍ وندم ليس له به يد ، هتف بجملةٍ تهشم من قلبه وعلى الرغم من شموخه الزائف أردفها :



_"الموضوع صعب لما  تقعد كل شويه تسأل نفسك وأنا كان المفروض اعمل ايه ومعملتهوش!!!!"



وعاد يكمل بعدما زفر وٱخرج أنفاسه بصوتٍ متحسساً جيب بنطاله ليخرج الهاتف تزامناً مع قوله الهازئ بعقله :



_"حاسس اني مبقتش فاهم حاجة يا شادي ، شكل كده عقلي بقا على قدي ومبقتش افهم الصح من المتعب واللي  مش متعب !!"



نفى "شادي" برأسه وهو يبتسم بوجعٍ مخفي لما يشعره ، سبق وشعر بجفاء الإخوه من قبله ووجده بجانبه كمثل الٱن يسنده ، هو تاره وهو الٱخر تاره, آبتلع ريقه ببطئٍ وهو يرد بتفسيرٍ يصارحه :



_"بالعكس انت فاهم وفاهم أوي يا غسان ..و الفهمان تعبان والدنيا دي للعبيط جنة !!"..



إلى هنا وكفى ستخرج ، ستخرج  مندفعة من الداخل كي لا يطيل أكثر بهذه الكلمات المتوجعه ، التي توجعها قبل أن توجعه ، تنحنحت وهي تزفر بصوتٍ حتى ازاحت الستار ومن ثم ظهرت لهما، رفع "غسان" عينيه عليها، ونظر"شادي" لها حتى تعمد وهو يقول بسخرية:



_'' دا انا قولت الشاي ده عجوز اوي !!



ضحك غسان" على سخريته من بطئها ورمشت هي بمللٍ تلقائي عفوي خرج منها كما خرج من حديثها وهي تقدم الكوب لـ "غسان" :



_" انت مطلبتش شاي أصلاً !!



_" ال؟؟ هتذليني من الشاي فبيت أبويا ، اومال لو طلعتلكم فوق هتعملي ايه؟!"



_" بيت أخوك ياض."



وأكمل "غسان" بنفس النبره الضاحكة يدافع عنها :



_". بس هي متقصدش !!"



ابتسم له مشيراً بتفهمٍ ثم أخذ منها الكُوب  ،  شعرت بالحرج من  نظرات "غسان " الثاقبه المترصده. نحوها بشدةٍ وكأنه لا يسمع حديث من بجانبه وكأنها وحدها معه في المكان ، ترجمت نظراته باللوم ، ترجمتها بالطلب عندما خانته كرامته بنظرة عينيه  شديدة اللين لها ..، تنحنحت بحرجٍ وهي  تضع الصينيه أمامهم ، ومن ثم إنسحبت تشير له بأنها ستصعد ، حتى خرجت وأغلقت الباب خلفها ..




        
          
                
_"انتوا متخانقين ولا ايه؟!"



سأله عندما لاحظ سكونه معها ، بالطبع لم يقص جزءها ، عندما رأت بطاقة الطبيب ، بل والذي تعمد فعله هو أنه لم يجازف بها وبشكلها عندما يعلم أحدهم بأنها تذهب لطبيباً نفسياً حتى ولو كان الٱخر يفهم ان هذا ليس جرماً وحتى  شقيقه كان لم يجازف به رغم قُرب "شادي" وما جعله يسرد عليه أن الٱخر كان يعلم بأنه يذهب لطبييباً نفسياً قبل ذلك ! ، وضع  الكوب على الصينيه مع وضع كوب "غسان" ، حتى حمل الصينيه بخفةٍ ثم قال له بتفهمٍ :



_" طب  مِد اطلع انت بقا ، وأنا هغسل دول أنا وهمشي !!"



تركه يذهب إليها ، يعلم بأن في حضرتها معه يذهب الوجع لطالما هو الحُب !!،  نهض وهو يومأ له معدلاً من هيأته ، حتى توجه ناحية الباب وهو يسمعه يكمل من المطبخ:



_" ولما كلمك رد ،عشان ابقي اطمن عليك علي ما اجي بعد بكره !!"



همهم "غسان" ومن ثم أغلق الباب خلفه ، وهو يقف منتظراً المصعد بصبرٍ ، توقف وفُتح له حينها دخل وصعد  إلى الطابق السابع ، وبعد لحظاتٍ وقف أمام باب الشقة يفتحه حتى دخل وأغلقه خلفه بساقه بإنهاكٍ بعدما خلع نعليه ،  خلع سترته قبل حتى الدخول إلى الغرفه ، وجدها فالمرحاض ٱثر الصوت بالمياه الذي يسمعها ،  خلع ملابسه بغير اكتراث مبدلها  لٱخرى مريحة تاركاً الجزء العلوي مكشوفٍ بحرارة ، يعلم بأنها حرارة الوجع وليس الجو !! ،  وما سمعه كان صحيح وجعل حواسه تترقب ،صوت شهقاتها؟ 



هذه التي تعشق البكاء ؟ ام ان ما ذهبت  اليه اليوم يجعلها تبكي؟. ام انها نادمه ؟ عند هذه الكلمة ابتسم بسخرية ، ثم توجه يقف رافعاً يديه يدق بها على الباب وهو ينبس بقلق لم تسمعه هي :



_" نيروز ؟؟ إنتِ جوه ؟ إنتِ  كويسه ؟"



سؤالان غير بعضهما من اهتزازه بصوت شهقاتها ، التي لم تسمع هي منها قوله  ولهفته ، دق مره اخرى بهدوءٍ ، وعندما لم يتحمل الانتظار فتحه بإندفاع مره واحده غير مبالياً بكيف سيكون الوضع !!   أهذه جرأه ؟ سألت نفسها بهذا وهي تلتفت تنظر له بإندفاع بأعين باكية وملامح مدهوشة ، ولم تشعر بنفسها الا وهي تردد  بعدما التفتت حينما كانت تنظر لصورتها بالمرٱه وهي واقفه :



_"مبتعرقش تخبط ؟؟ ولا قلة الادب اسلوب حياه عندك !!"



توقفت لبرهه تعود سريعاً من غيظها تنظر له ، عندما دخل ينظر بملامح وجه خاليه من التعابير وظهرت التعابير في نبرته وهو يسألها بجديةٍ وكأنها لا تسمع بالفعلّ! :



_"إنتي مبتسمعيش؟!"



رفعت عينيها تنظر نحوه مدققه النظر به كي تجيب ، وهكذا وجدت من ذلك الوقح ، عندما دخل دون إستئذان أو هكذا تعتقد ، وعندما وجدت عينيه تَمر على جسدها من أعلاها لأسفلها بنظرة صامته عجزت عن فهمها ، نظر "غسان" إليها وهو يمرر النظر على قميصها القصير والتي تنحنحت هي بصوتٍ تجيبه بتوضيحٍ :




        
          
                
_" أنا مسمعتش لو كنت خبطت ، ودا ميدكش الحق تفتح الباب بالهمجيه دي!!"



وقف معتدلاً يستند بكتفيه على الحائط ينصت لها بإنتظار وما أن إنتهت حرك رأسه ومط شفتيه يسألها بإهتمامٍ وكأن الحوار حوار هام :



_" والله أومال تدي الحق لمين بقا ؟!"



إعتدلت بتوترٍ تحاول محوه وهي تمسح وجهها بيديها ، حتى بدأت لستعد بالسير خطوه واحده لتتخطاه ، أمسك يديها قبل أن تسير ثم وبخها بجمودٍ:



_" هو في حد عاقل بيعيط فالحمام !!"



نفضت يديه بطريقة ملحوظه فـ إلى الان لن تتهاون بضغطه عليها وحتي كلماته وافعاله وقربه حتى ولو كانت هي المخطئه ، تركته وخرجت دون ٱن ترد داخل المرحاض وخرج هو بعدها بهدوءٍ يقف وهي توليه ظهرها ترد:



_" أنا "



وبخفةٍ وجدته يقف أمامها منتظراً حديثها ، فشاحت بوجهها بعيداً عنه كي لا تتقابل عينيها مع عينيه. ، فعاد يسألها بتوبيخٍ ٱخر :



_"لا مش إنتي ، عشان آنتي مش عاقله، وبعدين بتعيطي على ايه ؟؟ يكون علشان مثلاً خرجتي من غير اذني وأنا فضلت أدور عليكي زي المجنون؟؟ ولا يكون عشان قرطستيني  وانتي ماشيه كده بدماغك !!"



إبتلعت ريقها بوهن ثم تعلقت عينيها بعينيه الداكنه بلونها ، وردت هي هذه المرة بإعتراف هادئ صادق متحشرج  :



_" علشان ظلمتك !" 



_''عادتك ولا هتشتريها !"



أشار ملوحاً بيديه بغير إكتراث زائف يهرب من هذه النظرة الذي علم بأنه ان انتظر سيهزم ، لذا حاول السير من جانبها ، فوقفت سريعاً  تنظر له بوجعٍ ممسكة بذراعه الصلب:



_"ليه مقولتليش ؟؟ ليه مبررتش وليه مجتش تترمي فحضني حتى ولو كان بينا خناق زي ما عملت انتَ ، ليه لما كان ممكن الشد اللي كان بينا كان يبقي عتاب مش خوف وكلام محدش عمل ليه حساب هو خارج ازاي وأمته ولمين  وليه !!"



ماهذه السخرية؟؟ أهي من تردف هذه الكلمات ؟، تنفس بصوتٍ مسموع وهو ينظر لها بقوة مردداً بنبرة ساخره متوجعه :



_"مبررتش عشان إنتي إتهمتيني حتى من غير ما تدي فرصه  مع اني قادر أخرسك وقولتهالك ,  ومترمتش فحضنك عشان لما جيت لقيتك مش جاهزه تاخديني فيه وكأنك بتدوري علي ٱكتر وقت موجوع فيه وتزيدي عليا ، كل مره ببقى محتاجلك تمشي انتي فيها ، تمشي فٱكتر وقت صعب بيمر عليا!!"



صمت يلومها وكانت تكتم هي الدموع بعينيها، وسمعته يكمل على بقية حديثها بسخرية تؤلمها :



_"وبعدين مين اللي معملش حساب للكلام؟؟ أنا الأول ولا إنتي؟؟، وكان فين العتاب اللي بتقوليه ده لما كنتي إنتي واققه ترمي عليا  تُهم وكأني قاتلك قتيل ، رغم ان القتيل مكنش يخصك انتي أصلاً !!"




        
          
                
هبطتت دموعها من  كلماته التي كانت جامدة علي قلبها ، ولم ترد سوى بتحشرج عندما قالت وهي تنظر نحو معصمها الملفوف :



_" إنت وجعنتني !!"



_"وانتي كل مره بتوجعيني حتي في  الايام اللي فاتت واللي متكلمناش فيها ، نظرة عينك وترددك بردو بيوجعني وإنتي واقفه عايزه تعملي الصح واللي حاسه بيه بس مش قادره ، كرامتك منعتك مع انك هادرة كرامتي معاكي أوي وانتي متعرفيش ده !!"



أيدخر لها الكثير؟؟، ابتسم بصوتٍ وهو يعتدل ناظرًا. لها بإعجابٍ عجز عن إخفاءه  مفسراً لها :



_"حلو ان الست تبقي كرامتها فوق أي حاجة ، بس مش للدرجة دي!!"



وأضاف سريعاً واضعاً يديه على شفتيها يقطع ما كانت ستتحدث به وأكمل بقية حديثه :



_" مش لدرجة ان لما جوزها يكون محتاجها ومحتاج حضنها بس وهي عارفه وشايفه انه تعبان بس  كابرت ..رفضت !"



أهبط"غسان" كفه ومازال يبتسم بنفس الألم حتى واصل يكمل بما يراه :



_" دا لو جوزها بس يا نيروز ، عشان اللي بينا أكتر بكتير من  الكلمة دي !!"



حركت رأسها نفياً ، وبارع هو أليس كذلك؟ لامها ولم يفوت أي تفصيلة وستفعل هي مثله عندما ردت عليه بنفس اللوم ولكن الباكي منها :



_" إنت بتلومني على كل حاجة من غير ما تشوف إنت عملت ايه وقولتلي ايه، بتعرف تقلب الترابيزه اوي يا بن البدري !!"



قالتها ببكاءٍ  ممزوج بالسخرية الطفيفه، حتى بما لقبته به والوضع مختلف ، ضحك بإستهزاءٍ ثم قال ببراعةٍ في الرد عليها  :



_"بنتعلم منك !"



نظر لها عقب قوله فوجدها تمسح وجهها وهي تقف أمامه فواصل يكمل بسخريةٍ  لاذعه يوضح ٱكثر :



_"مع اني رفضت أتعلم منك اي حاجة  شديدة ..ولما خدتي مني إنتي بردو معرفتيش تاخدي  اللي كنت عايزه انا منك !"



وماذا بعد كل هذا اللوم ايها الأحمق. ايتها الحمقاء ؟؟ ، سؤال ملح يسأله قلب كل منهما ، والكبرياء سيدهم الٱن ، او لربما أحدهم ؟؟،  تنفست بصوت حتى خرجت شهقتها بانهزامٍ وهي ترد بإصرار:



_" مخدتش منك كلام بيجرح فالتاني ، زي بالظبط الكلام اللي قولتهولي ، وكانك بتهددني وبتخليني أخاف منك ، مع ان عمري ما خوفت منك،  لما عرفت انك ممكن تعمل أكتر من ضغطك علي ايدي وتجرحني، ولما عرفت إنك كنت مقرب عشان تـ .."



بتر حديثها عندما علم بماذا ستكمل ، أمسك يديها بقوةٍ ثم قال بتحذيرٍ غير غافلاً عن إتهامها مره ٱخرى  :



_"إياكي تنطقيهاا..ولا كلمة زيادة سامعة؟؟؟!!"



لم يكن قاصداً القرب حينها  لما فهمته ، أهكذا صحح عقلها لها بالخطأ؟؟ ، وأكمل بنفس الحزم مفسراً بإنفعالٍ في كلماته :




        
          
                
_"  كان نفسي اقولك عمري ما مديت  ايدي على واحدة ست ،انا مديت ايدي علي واحدة ست من قبلك وضربتها بالقلم ، واحدة ست قادرة وجابت قلب واحد قريب مني  الأرض يعني بردو مش أنا  ، ضربتها وهي كانت بتتفرعن وشايفه اني مش ممكن اعمل حاجة زي دي،  لكن انتي عملتي قد ما عملتي معايا  أنا لكن عمري ما كنت همد ايدي عليكي مع اني قادر اعملها ، ولا حتي كنت هقرب منك واخدك غصب ، مش أنا اللي اعمل القرف اللي  دماغك الخايبه دي بترجمه!!"



نفض يديها بقسوةٍ ثم احتدت عينيه ن اتهامها الموجع لرجل مثله ،حتى واصل يكمل بسخريةٍ يشهدها :



_"عشان لم ابقى اقولك إعرفي  انتي بتخرجّي ايه قبل ما يطلع منك ،تبقي تفهمي انك غبيه ومتسرعة!!'



تعمد عدم الضغط علي معصمها  وعندما تذكر "تاج" بحديثه إنفعل ولا يعلم لما ؟  أوجد بها نفس الجبروت الذي يظهر للٱخر بأنها تصر على الخطأ رغم معرفة انه خطأ؟؟ تركته يكمل ويمسك يديها وتعلم بأنها كان يتوجب عليها  عدم قول ذلك ، ولكن هبطتت دموعها وهي تراه ينظر لها بصمتٍ و بإنتظار قاسٍ منها ومنه ،  طالعها بمشاعر عديدة مختلطة ، يشتاق ولا يشتاق ، يريد أحضانها ولا يرد بنفس ذات الوقت وهي ؟؟ هي ماذا فعلت؟؟ ، رفعت يديها بضعفٍ من بكاءها مره ثانية وهي تتمسك بكتفيه  المكشوفين، ثم ضمت نفسها داخل أحضانه بمفردها دون أن يفتح هو ذراعيه لها ، استشعر خصلاتها على جِلّدِه وأنفاسها الساخنه التي تلفح جسده ، إبتلع ريقه بصعوبةٍ وهو يندفع اللى الخلف ما أن دفعت نفسها بهذه الطريقه ، تعلمه بأن يأتي إلي أحضانها وهي من دخلت بنفسها ، تعلم أنها اذا فتحت ذراعها تطلب منه المجئ سيرفض بمثل هذا الشكل ، شهقت وتردد هو بأن يرفع ذراعيه يضمها بل تركهما  مُهبطين  وهي التي حاوطت خصره تشبك يديها ببعضها من الخلف، سمعها تردد ببكاءٍ تفسر له بلهفة وصدق :



_" والله العظيم ما خوفتش منك تعمل كده. ، أنا ..أنا عارفه إنك مستحيل تعمل كده ..أنا ٱسفه ..بس انت وجعتني ٱوي !!"



رأى تعلثم كلماتها وحديثها ونبرتها الباكية ، سقط قلبها صريع بألمٍ عنيف في كرامتها وكبرياءها الذي تعمد تقليله؟؟ ، شعرت بذلك عندما وجد يديه  كما  هما رَفضها ؟ رفض أحضانها وقربها ؟؟ ، ألهذا الحد أهلكت قلبه ؟ أم ان قلبه متهالك بما فيه الكفاية ؟ 



يتأثر بشدة من قربها هذا لذا لم يستطع رفع يديه كي لا يضعف بل ظل كما هو صامتاً إلى أن  تهدأ  روعتها ومن حالها هذا المنهار بنسبةٍ ما , كمن لدغتها حيه عندما وجدته فاتر لم يؤثر به شئ ، لذا ابتعدت سريعاً وكأنها إنتفضت بفعل شئ على فجأه  ، لا تعلم بأنه يتأثر بشدة من أقل تفصيله بها ، راقب بُعدها بهذا  الاندفاع وهذه السرعة !!



تعلثمت في خطواتها وهي تشيح بوجهها بعيداً ومن ثم جسدها بالكامل عندما خرجت من الغرفه بعيداً عن مرمى أنظاره .. وقف صامتاً ومنعته كرامته عن الحركه خلفها ، الشئ الذي تحرك له هي الشرفه عندما جذب علبة سجائره من جيب بنطاله الخاص بالخروج غير الرياضي الذي يرتديه الٱن ، أغلق الشرفه خلفه بصوتٍ عالٍ ثم وقف يرفع الستار المحكمه بشدة عن غيرها وأشعل قداحته لهذه اللفافه الذي امسكها بين اصبعيه بغير إكتراث ، دخنها بشراهةٍ وكأنه يخرج ما بداخله، النار للنار؟!، بداخله نيران لا يعلم كيف ستخمد ، وبما تندلع هي من أسباب؟ من بعدها؟ أم فتوره إلى الٱن وجفاءه ذلك ؟؟ ..




        
          
                
منذ متى وهو يرفض من ٱتي إليه ؟ منذ متى يتعمد القسوة وهو ليس من أنصار ذلك ؟ منذ متى وهو يحذرها بحديث فهمته خطأ ؟ منذ متى يقصد ذلك ؟ منذ  متي وهو يجرح غيره ، وغيره كانت هىٓ ! أنثي؟! أنثي وهو الذي يتعامل معهن طوال حياته بطرق خاصه حانية بالود والهدوء وحسن الحديث اللطيف الذي يجعل شباكه واسعه كبيره ليقع بها الكثير ، بارع في الحديث وفهمهن ، وجاء عندها هي ووجدها مختلفه كل الاختلاف عنهن ، أهذا الإختلاف هو الحُب؟!.. أم الحُب هو الاختلاف ؟! ..



و بعد وقت قليل نهض زافرًا  أنفاسه بصوتٍ مسموع يفتح باب الشرفه من الداخل كي يخرج وهو يغلقها خلفه ، خرج منتشلاً تيشرت بسيط كي يرتديه ليتوضأ كي يؤدي فرضه الذي تأخر هو عنه ، خرج من الغرفه بأكملها متوجهاً نحو المرحاض الٱخر !!



لم يتفاجأ من عدم وجودها بالصالة وغرفة النوم الخاصه بهما ، بل منذ ما حدث قبل أيام وهي تنام في غرفة الٱطفال بعيداً عنه ، كان يسخر من والده بشدة عندما تبيت والداته خارج المنزل لدي شقيقها الذي لم يكن موجود كل الوقت بسبب سفره كان يسخر من قوله عندما ردد بأنه لا ينعم براحةٍ في نومه لطالما هي ليست بجانبه ، شعر بالمثل تماماً ، عندما افتقد قربها وأحضانها الدافئة !! ، وقف بعد دقائق في صالة المنزل يؤدي فرضه  متنفساً بعمقٍ تحت تأثير الصلاة ، وبعد دقائق انتهي ونهض يطوي السجادة يضعها على المقعد ، ثم وبخفة خلع التيشيرت مره ٱخرى بضيقٍ يم قذقه بإهمال على الأريكة !!



وقبل أن يدخل غرفته  توجه يسترق السمع من خلف الباب الخاص بغرفة الأطفال او ربما سيلين؟!  يسمع حركة ولكن ما يود سماعه هو  أتبكي وتشهق أم لا.؟ لم يستطع السمع  وعلى فجأه وجدها تفتح الباب لتخرج فإصطدمت بصدره بقوةٍ حتى تأوت وهي تمسك وجهها بألمٍ مردده بنبرة متحشرجة تسأل محاوله الابتعاد :



_" انت بتعمل ايه هنـ .."



بُترت جملتها عندما وجدته مصمماً على عدم الابتعاد عنها وعنه ، وقفت ترفع عينيها ناحيته فوجدت نظرة عينيه دافئة بشدةٍ تعهدها ،  أعقله قد لان ؟ ام أنها مجرد لحظة تٱثر؟؟ ، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ عندما وجدت نفسها مُحاصره بظهرها من ذراعه الذي رفعه تلقائياً يحاوطه بها  ما إن اصطدمت به، ومهلاً قربها منه ؟؟  وهو يهمس بتحشرجٍ يحاول إخفاءه  نبرته المهزوزه :



_"بشوفك لتعيطي ولا لأ ..!!"



وكأنه يجاوب ويسأل بنفس ذات الوقت وعندما وجدته لا يفصل عنها شئ ارتبكت خاصةً أن وجهه الٱن أمام وجهها ولا يفصله عنها سوى إنش واحد فقط ، حينها تأثرت بالمثل وهي تنظر لعينيه اللينة وملامح وجهه التي تراخت من بين نظرته لها وحينها كان على حافة تقبيلها بعمقٍ والصادم بالنسبه للإثنان معاً أنها دارت وجهها سريعاً وهي تنفي بإندفاعٍ :



_" لا !!"



وكأنها تجيب علي سؤاله وتعلمه بنفس الوقت أنه لا وألف لا..عندما شعرت بجرح أنوثتها لسببين ..الأول أنها رُفضت منه قبل  نصف ساعه بالضبط والثاني بأنها تشعر ان قربه هذا مجرد تأثر  رغماً عنه بقربها ، ولا لن تقبل بهذه الطريقة !!!



صُدم من ردها واندفاعها وكأنه الحية التي  لدغتها او ان هذا القرب أصبح يثير الاشمئزاز ؟ ، هكذا ترى هذه التي لا تكف عن الوجع ؟ وهو الذي كان قاصداً  فعلها عندما  شعر بلين قلبه تجاهها ككل مره ، وخاصة ان هذه المره بعد صلاته !! ، ماذا تفعل ؟؟ وماذا فعل هو؟؟..



ضغط على فكة بضغطٍ من هذا الرفض كما أخفى صدمته واندهاشه  ووجعه الفطرى عندما شعر وسمع  رفضه وهذا يعد مؤلماً لأي رجل ، تنهد  وهو يعتدل كي يسير بعيداً عنها بعد ان قال بنبره شديدة الهدوء مخفياً مرارة كلمتها عليه:



_"براحتك يا" نيروز "!!"



لم تجده بعدها ، دخل الغرفه الٱخرى غالقاً الباب خلفه بصوتٍ هادئ جداً كصوت  كسر قلبه ببطئ شديد ، واما هي فبكت مره ٱخرى وذلك الشعور الذي يتوغل داخلها يعذبها !!, يعذبها شعورها بالذنب وتري بأنها لم تقترف شئ له ، له هو ، هو الذي ما أن دخل الغرفه أغلق الإضاءة ثم أسند  رأسه على الوسادة بثقلٍ غير واعياً بأنه رُفض! ،  وعندما سبح عقله لكثيرٍ شعر بدماءة الساخنه أعلى فمه كالعادة وأسفل أنفه ، ابتسم ساخراً  وهو يتحسس بأصابعه وجهه، حتى مد يديه أسفل الوسادة ليٱتي  بالمناشف الوقيه الذي قصد وضعها بهذا المكان لتكرار هذه الحاله على مر الأيام التي مرت  والتي تمر !! ، مسح أنفه ، والدماء تنزف ٱثر الضغط ، وكل الامور عاجز  هو عن حلها الٱن بهذه اللحظة ، أكُل هذا الحب منه لها ومنها له هو  الٱخر ولا يستطيعان التأقلم ؟ والتكيف؟؟
حينها تيقن بتأكيدٍ ساخر أن :"الحُب  وحده لا يكفي" !!"

google-playkhamsatmostaqltradent