Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل السادس و الثلاثون 36 -  بقلم سارة ناصر

أسّبوع كامل يَمُر عليهم جميعاً منذ ٱخر الأحداث التي حدثت !! ، وأول صَعب مر ،. كان عليه هو ، "بسّامّ"  الذي  منذ أن رحل ٱخر مره من المنزل بسبب ٱخر مواجهة مع والده ولم يعود بعدها ، بل يذهب إلى عمله ويعود إلى منزل "بدر" من الأسفل , الشقة الذي يحاول "بدر", تغييرها كي يخرج "ٱدم" من جديد عليها ، وبعد محاولات ، جلس وأقام بها  بسبب مكالمة "بدر", له والذي إنتظر كثيراً إلى أن يجيبه ، جلس شارداً متذكراً صفعة والدة القاسيه له علي وجهه أمام زوجة أخية وزوجة ابن عمه هو ، وحتى والدته وشقيقته ، كُسر ، ود لو يصفعه أمام عائلته وفقط ، بل علم أنه قلل من شأنه كثيراً ، كثيراً جداً،  



والحقيقه الذي لا يعلمها هو إلى الٱن بأن "غسان" هو من جعل "بدر" يهاتفه ليقيم في منزل والده ليس إلا.. إلى الٱن يُكسر وعقله يهتم له كل الإهتمام ولا يقل  حتى بعد ما فعله له ومعه!! ، سقطت دمعة "بسام" بحيرة وتشتت ، والشعور الذي يهاجمه هو أنه يريد التمسك ولكن بمن ؟؟ ليس بعائلته بل بها هى ، هي والتي عجز عن وصف كل ما يشعره اتجاهها ، لما يفكر كثيراً. بها ؟ لما يذهب ناحية منزلها ؟  لما إنصاع لرغبة والدتها كي يدخل المنزل وهو يعلم أن تلك الفعلة الذي يفعلها وفعلها غير صحيحه في تقاليدهم  من الأساس حتى وإن أجبرته والدة عز !! ، لطالما غير موجود لا يصح له الدخول !!! ، كيف يطولها وكيف يريد الوصول لها ، وكيف شعر بحبها من الأصل ؟! ، كونها أضعف منه ؟ أم شعوره حقيقي وليس يخدعه ؟؟ ، يتشتت بين كل الأحاديث التي إرتمت على مسامعه ، وشعور الخيبه في التعقيد بكل شئ يختاره ..لا يفارقه ..لا يفارقه هذا الشعور أبداً كون كل إختياراته معقده ، تعقيد ليس هين أن يعود صحيح  !! ، يعلم أن اليوم خطبة "شادي" ويجب عليه الذهاب ولكن كيف؟ ويعلم أيضاً. ان اليوم هو يوم عودة"سُمية"  إلى منزلها !! ، يكِّن لزوجة أخيه شعور لا يستطع فهمه هو ، ولكن الشئ الوحيد الذي كان يقتنع بعكسه بأنها ليست هينه بتاتاً ، وأن كل شعور كان يشعره شقيقه كان ضغطاً عليه وليس ليقوم بتكبير وتهويل المواضيع !! ، بسمة سخرية حينما تذكر أن شقيقه هو من يدافع عن الكل ويحميه ويخاف ويهاب أن يمسسه شئ  بسوءٍ ، لحظة الإدراك هنا ، أن فتاه ..وليست كأي فتاه هي من جاءت له لتشعره بالأمان والدفاع والخوف عليه !! ،. ومن ثم بعد لحظة الادراك ، لحظة المقارنه بينها وبين من يشعر تجاهها بالحب "فرح" ، وبين  حديث شقيقه له ، بأنها ضعيفه في حين بأن زوجته لم تكن ضعيفه وهو يعاني !! ،  ماذا سيحدث له هو إذن ؟! ، لم تدخل عليه فرح السعادة والفرح وحتى على نفسها ! ، ولكن لحظة العناد والإصرار هي من تأتي بالنهاية عليه، حينما يعقد العزم على أن يتمسك ولا يتخلى ويحدث ما يحدث من جديد !!!

يمر الإسبوع عليه ..يومان يقضيهم معها بكل حُب والبقيه عاد إلى عمله ومن ثم  يعود يقيم معها هي وحدها "نيروزّ" ، هي التي إستطاعت بكل حبٍ وعزيمة أن تخرجه من ما كان به ، ومن ما ظل ويظل يشعر به  ، كونه يظهر ذلك كي تسعد هي ،  يتذكر راحة الأيام بسببها هي ، وأن الليالي جميعها والتي مرت مرت عليهما وكأنهما زوجين طبيعيين ، دون حمل هموم وضغوط بالخوف ، رغم الظروف التي كانت عكس ذلك ، ولأنها كانت تمر بينهما مثل ذلك الإسبوع ، ولكنه يعتبر الأيام التي مضت ،. أيام مختلفة ، كونها تحاول بكل الطرق أن تسعده ، تحاول كما كان يرى بأنه هو وحده الذي يحاول ، مرت بأجواء رومانسيه مُحبه لهما هما الإثنان ، حتى بعد عودته لعمله ، ولكن ظلت هي تسحب ملفها إلى حين أن تكون قادرة من جديد ، لم يرفض "شادي" ولم يرفض "غسان" وقرار كهذا كان صعب عليها ولكنها عقدت العزم على أن تفعله وهي تفكر أولاً به وبمنزلها وحياتها حين أن تعتاد هذه المسئولية عليها فتجعلها تزداد بأخذ القرار مرة ثانية !! ، يعلم أنها سعيدة اليوم بسبب عودة والدتها إلى المنزل في الأسفل ، تركها "غسان" صباحاً وهي نائمة  بعدما  استيقظت مبكراً وعادت تغفو ولم تستيقظ بعد !!



 وها هو قد خرج من شروده  حينما خرج من المصعد ومن ثم وضع المفتاح في باب شقته حتى دخل وأغلقها خلفه ، كان يعتقد "غسان" بأنها في المنزل تقوم بتنظيفه كما قال هو في الأسفل لهن !! ، ولكن المكان ساكن ، وصوتها وحركتها لم تكون مسموعة ،  سار بخطواتٍ هادئه وهو يعقد ما بين حاجبيه بغرابةٍ فوجدها  تجلس كما هي على الفراش ممكسة معدتها بألمٍ وهي تتأوي بصوتٍ خافت، سار نحوها سريعاً وقد رفعت "نيروز" رأسها بتعبٍ فوجد الدموع على وجنتيها ، تفحصها بلهفه كبرى وهو يردد لها بسؤال به من الخوف ما ظهر  لها بخفةٍ :



_"مالك يا نيروز ، ايه اللي حصل ٱنا كنت سايبك كويسه !!!"



رفعت "نيروز"  كفها تمسح الدموع كما فعل هو معها ، لم تستطع أن تجيبه بل إعتدلت تحاول التماسك كي لا تهتز أمامه وهي تجيبه بإرتباكٍ خفى:



_"بطني بتوجعني بس شويه ، وجسمي كله تاعبني!!"



كاد أن يسألها هو ولكن عندما وجد هروبها بالنظرات منه وهي تعتدل ، فهم سريعاً وهو يحرك رأسه بقلة حيلة منها ومن  خجلها ،  إعتدل وهو يجلس ثم أمسك كفها يدلكه بين كفه وهو يهتف بنبره  هادئة يطمئنها :



_"طب ارتاحي وإتغطي ، عما أعملك حاجة سخنه وأجبلك مسكن من عندنا تحت!"




        
          
                
إعتدلت ترفع الغطاء عليها محركة أنظارها بمكان ٱخر غير عينيه ، إنتشل هاتفه وقبل أن يفتحه وجدها تعتدل لتعارض من الأساس ثم قالت بتعبٍ ترفض ما سيفعله :



_"لا أنا هكلم وردة تطلع أو ياسمين متتعبش نفسك ولا تتعبهم !!"



 طالعها بإهتمامٍ متفهماً حرجها  ولكنه نظر إليها باستنكارٍ كي تصمت ثم أجابها وهو يطالعها بإهتمامٍ :



_" وردة بتنضف الشقه عشان مامتك جاية ، وياسمين حامل هتتعبيها معاكي ليه ؟؟ ..أنا هكلم أمي تطلعلك وهنزل أنا عشان أروح مع "بدر" و"حازم " نجيب مامتك من المستشفىٰ !!"



طالعته بخجلٍ ولا تعلم لما تود البكاء الٱن ، مشاعرها مضطربه ، وقد شعر هو بذلك حينما توقفت عن الرد وهي تمسك أسفل معدتها بألمٍ ، لذا انحنى يدفعها داخل أحضانه الدافئة وهو ينبس بنبره لينه ممسكاً بيديه الأخرى الهاتف :



_"معلش..إستحملي!!"



كان الوجع شديد للدرجة التي جعلتها لا تسطع الرد عليه وحتي عدم ظهور سعادتها بشكل مبالغ به بسبب عودة والدتها إلى المنزل ، تنفست بعمقٍ ولم ترد سوى بابتسامة صغيره فقط على شفتيها ، دثرها بالغطاء وهو يطلب رقم "دلال" حتى  ردت عليه وخرج هو يهاتفها بالصالة بعيداً عنها ،  وجع معدتها كان وجع لم ترى مثله من قبل وحتى إن كانت  تتألم في كل مره فهذه المره مختلفه بوجعها فكان الوجع أشد من المرات السابقه عليها ،  مسحت دموعها وهي تاخذ أنفاسها حتى وجدته يدخل عليها  بزجاجة مياه ، بعدما قام بفتحها  وهو يتوجه ليمسح على وجهها وخصلاتها بيديه ، إبتسمت له بإمتنانٍ. حتى وجدته يتحدث من بعدها بـ :



_" أنا كلمتها  وزمانها طالعه ، متقلقيش هتبقي كويسه من المسكن اللي هتجبهولك وهي جايه!!"



إصطبغ وجهها بالحمرة والتي قليل ما يظهر عليها حُمرة الخجل رغم أنها تخجل ، حاولت بقدر الإمكان أن تغير مجرى الحديث حينما سألته بإهتمام :



_" طب هي طنط لسه مبتكلمش عمو بردو؟؟ محاولتش تصالح بينهم ؟؟!"



تقاطع زوجها بالفعل أي والده منذ ٱخر مره طرد بها ولدها وصفعه أمام الجميع ، وجدت ملامح الضيق على وجهه حينما أجابها باختصارٍ :



_" لو إتكلمت أُمي هتزعل.. هي زعلانه عشان بسام ومشاعر بسام وبس ، مبصتش على اللي عمله واللي قاله .. ابويا معاه كل الحق ، وعشان كده مليش إني أتكلم وأتدخل بينهم هم أحرار .. انا حاولت أحل مره  وهي عاندت قصاده وخدت جنب منه عشان كانت لسه فأول حمقتها  ، وهو سكت وهو عارف إنه مسيرها هتتراضى بس عاوزه وقت ..وخلصت على كده!!"




        
          
                
وجد ملامحها الحزينه تظهر على حالهما ، فمسد هو على خصلاتها برفقٍ يطمئنها بحنوٍ :



_" وبعدين ابويا حنين اوي وهيلين ، دول ميقدروش يستغنوا عن بعض ودا اللي مخليني ساكت ومطمن  ، أنا مش زعلان ولا  مضغوط من دا إطمني !!!"



تنفست "نيروز", بعمقٍ  ثم ابتسمت له قائله من جديد بتفهمٍ وخوف عليه:



_"أنا حاسة إنك مش تمام يا "غسان" حتى لو بتبين عكس ده ، بس ..أنا عندي استعداد اعملك كل اللي يرضيك ، قولي إيه يراضيك وأعمله !!!!"



تأثر من طبيعية حديثها ، ولكن تغير ذلك سريعاً حتى أنه ضحك على مشهدها وهي تتشنج بألمٍ تحاول إخفاءه ، فردد بسخريةٍ من مقدرتها يخفف عنها بخفةٍ منه :



_"وإنتي بالمنظر ده ؟؟ دا أنا  لو قولتلك إتعدلي على الجنب التاني هتعيطي!!!!"



خرجت ضحكتها حتى أنها تألمت من بعدها ، سمع هو جرس الشقه يعلو ، فإعتدل ينهض ما أن علم أنها جاءت ، توجه يفتح الباب ، حتى وجد "والدته" تقف بلهفةٍ تظهر علي ملامحها ، إبتسم لها ومن ثم دخلت وهي تسأله بنبرةٍ سريعة :



_" هي فين يا واد ؟!"



سألته بلهفةٍ تضحكه هو ، فسار قبلها وهي تتبعه ، دخلت عليها فإعتدلت "نيروز", بخجلٍ فقد قام هو بفضحها ؟! ، عنفته بنظراتها ، ففتحت "دلال" الدواء وهي تعطيه لها بيديها ثم ناولها "غسان" المياه ، تزامناً مع قول"دلال" المهتم:



_" خدي البرشامة دي وهتبقي زي الفل بعد شويه يا حبيبتي ، هقوم اعملك حاجة سخنه !!"



نهضت سريعاً وكاد أن يعارض "غسان" ليفعل هو ، ولكنها لم تعطه الفرصه ، تخطته وجلس هو بجانبها  يترقب ملامحها المتألمه بشفقة مخفيه ، وسرعان ما حل محلها المشاكسة وهو يهتف بمرحٍ لها :



_"  طب ومالك حلوه النهارده كده ليه ؟!!!"



_"بتكذب يا بن البدري ؟؟"



قالتها بسخريةٍ فقد كانت ملامحها مرهقه بشدة ، لذا إعتدل هو وهو يغمز قائلاً بمراوغه يشتت وجعها :



_" الكذاب بيروح النار..وأنا نفسي أدخل الجنة معاكي!!"



قالها "غسان" بنبرةٍ ضاحكة وسرعان ما واصل يكمل بحبٍ وقد أخذ معها وسام وجائزة  في التشتيت في كل مره يعقد العزم على أن يشتتها بأفعاله وكلماته وحتى أقواله وغزله ، وهذه المره هتف حينما شتت ألمها :




        
          
                
_" طب عارفه الست قالت ايه ؟!"



تعلقت عينيها بعينيه بقوةٍ وترقب ، فواصل هو وهو يقترب يهمس لها يدندن نفس رتم الكلمات بأغنية كوكب أرضه :



_"أمل حياتي يا حب غالي ..مينتهيش..يا أحلى غِنوه ...غِنوه سمعها قلبي ولا تتنسيش!!"



تنحنحت بحرجٍ من قُربه وهي تبتعد قائلة بخجلٍ من وجود والدته بالشقه:



_", لو سمحت إبعد عشان مامتك  !!"



_" وإيه يعني  ما تيجي !!"
صمت يلعب بخجلها بتسليةٍ وعندما توقف عن ٱخر كلمة أردفها اقترب يغازلها وهو يكمل بقية حديثه بعبثٍ :



_" تيجي ..تشوف ابنها وحلاوة إبنها وطعامة إبنها..وشقاوة ابنها  !!"



قالها وهو يغازلها مقترباً ومن وجهها أكثر فأكثر بمرحٍ  منها وسرعان ما وجد 'دلال" تتنحنح ومن ثم ضحكت بقلة حيلة منه  وهي تجيب على حديثه بـنبرةٍ ضاحكة :



_"  يبني ابعد عنها و بلاش ترخم عليها و متتعبهاش بقا كفايه اللي فيها !!"



_"قوليله يا طنط مش حمل رخامته دي !!'



قالتها "نيروز" بتلقائيه وعفوية شديدة ، وسرعان ما إستوعبت أن ٱفكارها مسموعه للتو ، شهق "غسان", تحت ضحكة "والدته" عندما أشار على نفسه بـ :



_" أنا رخم ؟؟"



ضحكت "دلال" وهي تقدم لها المشروب الساخن ، فأخذته "نيروز" وهي تكبت ضحكتها على شكله وهو يرددها بغير تصديق ، والذي وسرعان ما نهض يشير لهما  وهو يهتف بنبرةٍ عادية :



_"طيب أنا هنزل أنا بقا عشان نروح نجيبها من المستشفي وهنرجع علطول !!"



كاد أن يسير ، بل وسار بالفعل ليخرج من الغرفه ، ولكنه سمع صوت همهمات بين "والدته" وبين "نيروز" ، والتي أشارت لها الأولى تقول بهمسٍ كي تخفف عنها بخفة:



_" معلش يا حبيبتي أنا عارفه إنه ساعات  بيبقي رخم كدة ..إستحمليه!!"



كانت تردفها بخفة رغم حسرتها على غياب الٱخر ولكنها فعلت ذلك كي تتوقف الٱخرى عن ذرف الدموع ، وجدت "نيروز" تشير لها بتأييدٍ :



_" دا أوي !!!!"



إلتفت "غسان" سريعاً وهما يتحدثان من خلف ظهره ، ثم طالعهما باستنكارٍ وهو يردد بتبجحٍ لهما عندما وصل حديثهما إلى مسامعه :



_"طب ما تتكلمو فـ وشي ولا مفيش شبكه غير ف ضهري !!"



إعتلت ضحكاتهما معاً وعندما وجد أنها إندمجت بالفعل ، نظر ناحية والدته بإمتنان وهو يتنفس بإرتياحٍ كي يسير في طريقه للخارج ، ولحظاتٍ قليلة وقد أغلق الباب خلفه ، جلست "دلال" بجانبها على طرف الفراش وهي تربت علي كتفها بحنوٍ مرددة بحنانٍ بالغ ٱثر بـ "نيروز" :




        
          
                
_" ألف سلامة عليكي يا حبيبتي ، متقلقيش اللي انتي فيه ده طبيعي  وهيعدي  ، معلش إستحملي !"



طبيعياً كونها أول مره بعد زواجها ، لذا طالعتها بإمتنانٍ  وحرج منها بٱن واحد ، فوجدتها تبتسم وهي تنظر نحو الكوب بحرج ٱخر كونها تفعل لها وهي جالسه لا تفعل شئ ، لذلك تفهمت "دلال" الوضع حتى قالت وهي ترفع يديها تمررها على خصلاتها :



_" متتكسفيش مني ، دا أنا زي سُمية بردو !!"



ضحكت "نيروز" على خفتها ، وللطف وجدتها تشير لها بأن تستند على فخذها ، فعلتها "نيروز" وهي تضع الكوب بعدما إنتهت ، ثم أسندت رأسها عليها بحرجٍ قد زال حينما فعلتها "دلال" وهي تفرك فروة رأسها بحنوٍ وقد مررت يديها على خصلات شعرها البُنيه تسرد عليها حينما سمعت لهفة ولدها بالهاتف:



_" كنت طول عمري أقول إن غسان بالذات من الناس اللي شغفها فأول الحاجه ببقى شديد وبعد كده بيروح ومعتش بيهمه ، بس لما لاقاكي من تاني يا نيروز وحبك وأنا من ساعتها  مبشوفش فعينه غير كل شغف وحماس و خوف  شُداد عنده من أول مره ،  عكس بسام اللي لو لقيته مش مزاجه جايبه لحاجه ببقي خلاص مفيش أمل يحبها ، ولو حب الحاجه من الأول بيفضل حبه ليها ثابت ، قعدوا بقا يقولولي إنتي عندك واحد أهبل مش عامل للدنيا لحساب وواحد عاقل عقل شديد على الدنيا  مينفعش كدة !! ،  سهل تعرفيهم من بعض ، أتاري اللي محدش عارفه إن اللي الأهبل هو العاقل وحتى العاقل أهبل وغلبان !!""



تعلم بأنها تسرد كي تخرج ما بداخلها من ما حدث لـ "بسام ", تركتها "نيروز", تكمل ، حتى سمعتها تواصل بتعبٍ :



_" اللي يشوف الأهبل يقولك دا اللي عاقل واللي يشوف العاقل عن قُرب يقولك دا أهبل ..حيروني بينهم وأنا اللي عمري ما أحتارت ، عمري ما إحتارت فالغلبان .. اللي الحياه فضلت تدوس عليه وهو ساكت ولو يقوم فيها يقوم بعزم ما فيه ، كأني مخلفه بركان لما بينفجر بيبوظ كل. حاجه ، ودا بسام ابني ومعترفه بكده مش بقول لأ ..بس إبني من ساعتها وهو مكسور ، بيحاول يدور علي حاجه تصلح ليه قلبه من تاني ومش لاقي !! ..بعدين عرفت إن اللي هيصلح إللي كسرته" تاج "هي" فرح" اللي هو اختارها دي ، مكنتش أعرف ، بس لو هي دي فأنا موافقه يروح يخطبها من بكرة ، بس هو فين ، وموافقة ابوه فين وحتى علاقته بأخوه وبينا فين ..أنا قلبي موجوع أوي عليه وعلى اللي بيحصله ..أه لو يحس ويسمعني صوته!!".



تدمع عينيها  وهي تتعمق في تمرير يديها بخصلات الأخري بشرودٍ وهي تواصل مره أخرى بوجعٍ تقارن:




        
          
                
_"..لما حصل ومشى "غسان" ، مقدرش يقسي قلبه عليا وكلمني عشان يطمن عليا وكلم أخته ، وقالي إنه عند شادي عشان قلبي ميتوجعش وأفضل أتعب نفسي عشانه .. لكن هو..لو بس يقولي ويطمني أو لو بس يرجع يصلح كل الي عمله ده ..هقف جنبه من تاني..!!!"



وكأي أم ضعيفه أشد الضعف علي أولادها ، رغم قسوته الهادئه عليها ولكنها تتألم له ولأجله ، شعرت بدمعتها تسقط ، فمسحتها سريعاً ، وبخفه وجدت "نيروز " تعتدل بلهفه وتلقائياً ضمتها إليها كي تحتضنها رغم ما تحمله إتجاهها منذ فتره ولكنه يتبخر بسبب ما تفعله لأجلها ، عانقتها فبكت ، فرددت "نيروز", سريعاً بنبرة متلهفه تطمئنها :



_" متعيطيش يا طنط ، هيرجع والله ، ملوش مكان ولا أهل غيركم إنتم ، أكيد هيوزنها صح ويفكر فيها من نحيه  تانيه..أوقات الواحد بيحس إنه محتاج يقعد مع نفسه شويه ، بيحتاج يفكر لفتره كبيره ،و ياخد ريست من كل حاجة ، وهو أكيد بيعمل كده ..بغض النظر عن اللي عمو حامد عمله معاه ، بس هو يمكن بيفوق وبيعرف قيمتكم بعد كل دا  !!"



وجدت أحضان دافئه مثل ولدها يبدو أنها إقترنت بها وأخذت منه دفئه ورائحته أيضاً  ، تنفست بعمقٍ بين أحضانها ، وللحركة التي تعهدها هي من "غسان" فعلتها "نيروز", معها رغماً عنها حينما رفعت كفها تقبله ، ولم تعي هي هذه الحركه معها. لو كانت تنتبه لما فعلتها من الأساس !! ، إستوعبت ما فعلته ولكنها أكملت كي لا تشعر بالحرج ، فقبلت "دلال ", رأسها بلهفه وهي تطالعها  بإمتنانٍ مرددة عليها بضحكٍ من بين البكاء:



_" ونبي هو ،بشحمه ولحمه وحركاته ..وكأنه قاعد قدامي .. هو اللي بيحب حد ببقي شبهه للدرجادي كده ؟! "



قالتها وهي تمسح دموعها كالمختله عقلياً علي كبر ، فضحكت "نيروز" لها بيأسٍ وهي تحرك رأسها تؤكد ما قالته بقولها الٱتي المعلن بقلة حيلتها وحبها بنفس ذات الوقت :



_" ما البركة في ابنك بقا..!!"



صمتت ثم أضافت بصدقٍ وخفه كي تخرج الٱخرى من حالتها :



_" هو اللي خلاني أحبه لدرجة إني أكون نسخة منه !!"



أشارت لها "دلال" بغير إكتراث زائف وهي تردد :



_" يختي يعني هو نسخة من نفسه ، ما هو نسخة ابوه فكل حاجة ..قال والراجل اللي زعلان مني ومخاصمني أوي!!"



قهقهت "نيروز", عليها وعلى حديثها المرح الخفيف ، وسرعان ما ردت بعدما هدأت من ضحكاتها :




        
          
                
_" علفكرة بيحبك أوي يا طنط وميقدرش يستغني عنك ، بس حاولي تشوفي إنه كان بيعمل حاجه صح وبيفكره بحاجات نساها .. دا باباه وعمره ما يضره  أبداً !"



_"يقوم يضربه ويكسره قدامكم  كده ؟..إنتي بنتي بردو مش واحده غريبه بس بردو ميصحش يضربه قدامك إنتي واختك ويقل منه كده بالشكل ده  !!"



_" صدقيني يا طنط هو هيعرف قيمة دا  ومش هيهمه قدام مين ومش قدام مين ، أنا بتمنى بابا يرجع ثانية واحده بس ..ولو هيضربني فالثانية قدام العالم كله  أنا موافقه بس يرجع  وأشوفه !!!"



كانت ذكية حينما أظهرت مدي أهمية الأب وتأثيره ، فتأثرت الآخرى وهي تربت عليها بمواساة ، و إعتدلت تسألها بإهتمام مره ٱخرى حينما وجدتها تجلس:



_"بقيتي كويسه شويه ، بطنك بقت أحسن؟؟"



إبتسمت لها وهي تؤكد سؤالها ، وسرعان ما اعتدلت كي تنهض لتجلب عباءتها الملونه كي  ترتديها لتهبط معها للاسفل وهي تقول :



_' 'أيوه وهنزل معاكي كمان نقعد نستنى ماما وأساعد وردة لو في حاجه وكده !!"



ما أن وجدتها تستعد بالفعل نهضت تساعدها برفقٍ ، وقد شعرت لوهلة بأنها مثل "وسام" فقط لم تكن تعرف بأن الطريقة الحانيةِ معها هي التي تجعلها قريبة ، خاصةً أن الكل يعلم بأن "نيروز"  وطبعها لم ولن تحاول بأن تجعل أحدهم يتقرب منها ، ولم تجازف بذلك رغماً عنها كون هذه هي طبيعتها !!!!  



________________________________________________



وفي الأسفل كانت "وردة" تنظف المكان بالفعل خاصةً غرفة والدتها ، كان "بدر"  قد خرج مع "غسان"و"حازم" وظل"حامد" جالس مع "يامن" يداعبه ، في حين كانت "ياسمين" تجلس بتعبٍ ٱتى من حملها وبملل من جلستها هذه بدون فعل أي شئ ، فقط أمامها عدة شطائر تأكل منها بشراهة بين الوقت والٱخر ، وعلى بُعدٍ منها كانت تقف"عايدة" تقوم بترتيب بعض الأشياء على الطاوله وذهنها شارد بـ "جميلة" وموعد زفافها الذي يقترب بالفعل ما أن سمعت بأنه من المحتمل ٱخر ذلك الشهر ، وكأي أم بالها مشغول بها بشدة ، ولكن لم تكن من بالها مشغول بها هُنا ، كانت في الجامعه بالفعل وبالأخص أن اليوم يوجد لديها إمتحان ، في حين كانت "وسام"  تذاكر بغرفتها بشقة والدها ، ولم تكن "فريدة" موجوده بالفعل ، بل تختفي شئ فشئ في الأونه الأخيرة ما أن أعطت لوالدتها فرصه جديدة وهذا ما يهابه  ويخافه البعض بأن تعود هي مره ثانية لما كانت عليه بسبب والدتها !!



_" هات حضن دافي لجدو يلا !!"



دفء؟؟. الذي لم ينعم به لمدة أسبوع كامل ، خانه قوله بقول الدفء كونها الكلمة الذي يرددها علي مسامع زوجته غالباً عندما يكون جالس بجانبها ، ابتسم له "يامن" وهو يعانقه ببراءة ، فٱخرج له "حامد" بعض من الحلوى من جيب بنطاله القماشي ، يشرد ، دائماً يشرد بوضعه مع زوجته ، لم يأخذ ركناً منها كمثل هذه الأيام وهي التي أخذت ذلك الركن أولاً ، لم يعتاد على ذلك ، ويتعمد الجفاء لتنتبه لما يفعله ولدها من إختلال عقلي ليس إلا ،  بل وإغتاظ هو الٱخر من فعلته حينما علم هو  بأنه دخل البيت دون وجود رجل به !! وهذا شئ لم يعتاد عليه بعادتهما العائلية !! ، الشئ الذي يستطيع أن يسعده أن اليوم بالفعل خطبة "شادي" بعدما  إبتاع لها الذهب وسيلبسها إياه اليوم في منزلها كعروس  وما يسعده مرة ثانية هي مناسبة أخرى مجهولة إلى الٱن! ، فقط ينتظر  بضع ساعات ومن ثم سينفذ !!




        
          
                
إلتفت برأسه سريعاً  بعدما مرت دقائق حينما وجد"دلال" تدخل برفقة "نيروز" التي وسرعان ما ظهر علي ملامحها الإرهاق ،. وقف "حامد" يزيح لهما أماكن فجلست "دلال" وهي تتصنع تجاهله وكأنه مرئياً ، لاحظت "ياسمين". ذلك وكما لاحظت ملامح وجه "نيروز" والتي فهمت سريعاً ما بها ، جلست بجانبها بحنوٍ ثم ضربتها بخفةٍ وهي تشاكسها بمرحٍ :



_" شد حيلك يا كتكوت ...أومال لو في بيبي بعدين بقا هنعمل إيه !!!"



قالتها بصوتٍ مرتفع ، عنفتها "نيروز" بنظراتها ، فضحكت "ياسمين" وهي تسند رأسها علي كتف "نيروز" وهي تهمس لها قائلة بصوتٍ منفخص :



_" بردو لسه متخاصمين ؟"



مالت "نيروز" ترد بهمس منخفض كما الٱخرى :



_"أه!!"



_" أقسم بالله أنا بدأت أخاف أمشي من هنا ...كل ما بمشي أنا وحازومي جوزي حبيبي ونروح شقتنا بيحصل مصايب ، مش فاهمة في ايه  !!!"



وصل حديثها المرح لمسامع "عايدة" التي فلتت منها ضحكتها بيأسٍ منها ومن ثم ضحكت "نيروز" عليها بقلة حيلة ، حتى انصدمت سريعاً حينما إعتدلت "ياسمين" تردد بصوتٍ  مرتفع  تدندن بصوتها العذب المعروف بالنسبه لهم :



_" الخصام ممنوع ..والزعل مرفوض ..دا إنت اللي يخاصمك يبقى حكم على روحه بالموت !!!"



أُعجب الكل بصوتها ، بل والصدمه  حلت ملامح "نيروز" و"وردة" التي أتت من الداخل ، ضحكت "عايدة ". بشدة ٍ  كما ضحك"حامد" وهو يجييها بهدوءٍ شديد يحاول تجاهل ما تفعله :



_"صوتك جميل ..كَملي!!"



_" ما تكمل إنت يا عمو يا حلو يا مدوخهم ،. فاكر إنت البت اللي قولتلي أكلمهالك ؟؟"



قالتها "ياسمين" وهي تقترب لتجلس بجانبه وقد قصدت قول ذلك كي تجعل مشاعر الغيره تظهر فيقوم الصلح بينهما بسهولة ، ترقبت ملامح "دلال" بقوةٍ ، فغمزت "ياسمين" له فبادلها هو الغمزه وهو يرد :



_" أيوة فاكرها .. قالتلي بحبك يا حامودي بس أنا قولتلها أنا بحب مراتي وأم عيالي وعيب  كده وإحترمي نفسك !!"



ضحكن جميعاً عليه فعاد هو يتحدث بصدقٍ :



_" بحب مراتي أيوة ..بس ساعات مبتفهمنيش وبتقفل دماغها قصاد حاجات كده مش صح ، بس عُمر ما الخصام يبقي  أقوي مننا !!"



أعطته كتفها بمعني أنها "مقموصة" فضحكن عليها جميعاً  مره أخرى وهو أيضاً،  فإلتفتت "دلال" تجيبه بإندفاعٍ. أمامهن  على مرةٍ واحدة :




        
          
                
_" طب ما أنا كمان بحب جوزي بس وهو مش قاسي وجامد  على ولادي!!"



قلب "حامد " عينيه بيأس منها ومن تفكيرها ، وصمت الجميع في هذه اللحظة وقد شعر بإنسحابهم من الأساس ، وللمفاجأه ،قد شعر هو بنهوضها وهي تقف أمامه بصمتٍ ، فوجدت هي عينيه تُرفع لها وقد طالعها بسكون إلى أن ردد بإقتناعٍ حزين هادئ :



_" إبنك غلطان يا دلال !!"



لحظة العتاب واللوم والتوضيح والجدية الخالية من المرح والتي بدأت بالمرح من الأساس بفضل"ياسمين " ، طالعته بحسرةٍ وهي تحرك رأسها بحزنٍ قائلة باستسلامٍ :



_" إبنك قسَّى قلبه عليا يا حامد ومخلنيش حتى اسمع صوته من ساعتها!!"



لا تعلم هي بأنه مقيم في منزل "بدر" في الاسفل ولا يعلم هو الٱخر ، فقط "غسان"و"بدر" من يعلمان ، وقد قرر الاول بإخفاء ما يعلمه كي يستعيد شقيقه نفسه من جديد بعيداّ عنهم ،  مد كفه يمسك كفها بحنوٍ وهو يربت عليه مرددًا  مره أخرى بتفهم يوضح بعتابٍ :



_" وإنتِ قسيتي يا "دلال" ، قسيتي لما عارفه إنه غلطان وماشيه تحمليني الذنب وحتى "غسان"  هو كمان ..حتى لو مظهرتيش ليه ده بس هو عارف ، مفكرتيش إنه عملها قبل كده وكان هيموت أخوه فإيده ، وحتى المرادي ، إبنك في غشاوة على عنيه مخلياه مش شايف حاجه ، ماشي يعمل الغلط اللي مفكرة صح ، ٱو يمكن  صح .. بس طريقته وتفكيره كله غلط فغلط ،   بيراهن قدامي بكل بجاحة إنه هيعمل اللي فدماغه غصب عني وعننا ..أقل حاجه عملتها قولتله إمشي ، إمشي واعمل اللي يريحك بعيد عني ، كنت أب .. وكنت عاقل وأنا بفهمه إن ليه الطريقه دي لما كان ممكن تفهمني براحة وكنت ممكن اقتنع!"



وأضاف بعدها بيقينٍ :



_" مفيش في بيت حامد البدري قسوة يا دلال ، مهما عمل فهو ابني وعمري ما أقدر أقسى عليه ، كل اللي شوفته إنه لازم يفوق زي ما أخوه قال من قبل حتى ما نعرف ، لو كان موجود قسوة بينا مكنش غسان عمل كل ده عشانه وهو جاي عليه قبل كده وكسره وعدهاله عشان اللين غالب هنا في بيتنا !! ، وطالما اللين غالب يبقي هيرجع !!"



صمت يري الدموع بحزنٍ في عينيها والتي هبطتت منها وهي تحرك رأسها بيأس وحسرةٍ لما وصلوا له ، في حين ردد هو يكمل ما كان يتحدث به :



_"هتفضلي طول عمرك كده يا  أم غسان  ، بتقرري بقلبك اللي مفيش أطيب ولا أحن منه ،  من غير ما تفكري فحياته صح ،  زي بنتك اللي زعلت من غسان من ساعة اللي حصل وكأنها كده بتعدل بينهم لما كان غسان مشي وفضلت تقاطع "بسام" ،  بنتك يا دلال اللي لسه صغيره ومش فاهمه غير لو حد بيحب واحده ليه ميتجوزهاش ، مجربتيش تكوني عاقله وتحكمي ده قبل ده يمكن بنتك تعرف الصح  وعقلها يكبر وهي بتبص لامها وتعمل  زيها!!!!!"




        
          
                
 كان يشير على موضع قبلها وعقلها ، ومن ثم رفع كفه المجعد يمسح دموعها برفقٍ ثم إبتسم من بين دموعها التي تهبط وهو يردد مره أخرى بإطمئنانٍ :



_" كل حاجه هتبقى كويسة ..بس متعقديهاش وأصبري ، أصبري ع الدنيا وعليه ،  يمكن يرجع عن اللي فدماغه ، وادعي  زي ما طول عمرك بتدعي ، مش تعقديها علينا إنتي وبنتك !!"



ضحكت في ٱخر حديثه بقلة حيلة منه ، فضمها هو كي يحتضنها وبرغم أنها هي التي أخطأت في أن  تقاطعه ولكنها قاطعته دون فهم أي شئ ، عانقها وهو يردد بأسفٍ كطبيعته التي تحنو على الجميع مثل ولده :



_" وحقك عليا يا أم غسان ، أنا ٱسف إن ربنا مزرعش فقلبي عاطفة الأم دي ، بس أنا راجل وفاهم كويس أنا بعمل ايه وبربي إبني إزاي ، رغم إنهم كبروا على كده بس بكتشف إن في حاجات ناقصه بردو. بكتشف إني مقصر مش عارف ليه !!!!"



شرد مرة أخرى بمواجهته مع "وسام " التي أخذت ركناً هي الٱخرى من "غسان " وحتى من "نيروز", دون أن تعلم "نيروز" بذلك كونها أردفت كلمات صعبة على شقيقها دون أن تدري وقد تجاهل الكل عداها هي !!! ، ولانها لم تظهر ذلك ، كل حديثها مع الٱخرى كان بالجدية وفقط حتى أنها تنفرد بنفسها بحجة الدراسه بالفعل  ،   وكطبيعة مثل طبيعة "نيروز" التي لا تجازف بأن تفهم كانت بالفعل غير منتبهه كونها تعلم بأنها أصبحت تنفرد كثيراً بسبب المذاكره ، وكان قول "وسام" لـ "حامد" قبل أن يتركها :



_« أنا عاوزه بسام يرجع يا بابا ، أنا ٱهم حاجة عندي يرجعوا زي ما نا كانوا أنا زعلانه من غسان أوي عشان حتى محاولش يوصله ويهتم ويخاف زي ما كان بيعمل الأول ، بدأت أحس إنه أهم حاجه عنده نيروز وبس ، نيروز اللي قالت كلام صعب أوي لـ بسام قبل ما يمشي ومحدش فيكم وقفها وهي بتكسره و مكنش ناقص كسره هو  من الأول ، أنا بحبها  وبحب أخويا بس هي بتحب أخويا بطريقة تخليها تقف ضد الكل لو مين مش غلطان مش هتشوف ده !!! »



صغيرة ، كُتب علي عقلها عدم وزن الأمور ، فقط تحزن علي شقيقها ورحيله وفقط وكأنها تعدل بينهما  حتى لا يراجعها ضميرها ، لا تعلم بأنها تظلمه بالفعل وهو الذي اهتم بشقيقه على الفور !! ، ووسط ضغط دراسي تصبح هي حساسه من الجميع!!! ،  رد عليها بالفعل بقليل من الحديث وتركها رغم أنها كانت معه تأخذ ركن منه هو الٱخر ولكن  حدثته هي بعتابٍ   لطالما جاء وحدثها هو !!! 



لا يعلم هو بأن مر الكثير من الدقائق وهو شارد بالفعل حتى وجدها تنسحب مع الفتيات اللواتي شاكسونها بمرحٍ، وبقى هو ينظر بابتسامة من على بُعد ، خاصةً بعد قول "ياسمين" لها وهي تدغدها  من جانب معدتها بخفةٍ وضحك:




        
          
                
_"أيوه بقا يا دودّ ياشقي انتَ !!!"



كانت تلقائية مرحة ، حتى ضحك عليها الكُل ، خاصةً "نيروز" من وسط  صدمتها بما فعلته بكل خفه والٱخرى ترحب بذلك!!! ، إنسحبت من بينهن وقد  دخلن الكل إلى المطبخ عداها هي  "نيروز". التي توجهت تبتسم بوجه "حامد" حتي رددت عليه بعفويةٍ شديدة دون مقدمات  لذلك فقط ترى الصلح بينهما منه :



_" أنا بحبك أوي يا عمو ، وبحبك أكتر كل ما بحس إنه موجود جواك ،وإنت موجود جواه، كل ما بحس إن" غسان "زيك بالظبط !!"



رسم ابتسامة واسعة على شفتيه بإمتنانٍ وسرعان ما أكملت هي بصراحةٍ كونها تشعر بالراحة معه بالأخص :



_" إنت مجمع بين ناس كتيرة بحبها ،بس من دا كله.، ملفتش نظري غيرك وإنت بتراضي طنط مع إنها ممكن تكون هي اللي كبرتها من عندها وبدأت ، زي كل مره بغلط فيها وباجي على غسان بلاقيه بيزعل بس حتى أسفه في الٱخر مبيتمسحش حتى ولو بطريقة  مش صريحة ، عمري ما  كنت أتخيل إنه ممكن يتأسف علي حاجه مغلطش هو فيها ويعاند ويكابر ، بس الحقيقه واللي أنا عرفتها وبدأت أكون أحسن فيها ..إن أنا اللي ممكن أكون بظلمه أغلب الوقت وهو اللي بيكون صابر عليا اوي و مازال صابر عليا ، هو أنا ممكن أقولك حاجه ؟؟!!"



كان يستمع بكل حب بعيداً عن المرح ، ترقبت ملامحه الموحية بإعجاب ما سمعه وهو يحرك رأسه قائلًا. لها بعفويةٍ ولطف:



_",طبعاً قولي ..إنتي تقولي اللي إنتي عاوزاه يا نيروز !!!"



خجلت من جملته الجديه اللطيفه وخلال لحظاتٍ إستجمعت الإجابه وهي ترد بصدقٍ وصراحةٍ :



_" أنا مُعجبة أوي بطريقة تربيتك ليهُم ، إنت جميل أوي وعرفت تعودهم علي حاجات أجمل ، ونفسي لما ربنا يكرمنا ونخلف عيال تكون مبادئهم زي مبادئك اللي كنت ماشي بيها معاهم وعودتهم عليها بكل حُب !!"



كان بهذا الوقت يحتاج لمن يثبت له أن مجهوده بتربيتهم لم ولن يذهب عبثاً بسبب ما رٱه من "بسام " تأثر حتى أنه ولأول مره يتعلثم بالحديث ،  ولم يستطيع  الرد  لأول مره !!  بل فرد ذراعيه لها يحتضنها تعبيراً عن الرد، لم تكن تنتظر منه الرد ،. بل وهي وطبيعتها من الأساس ان إحترمت وأعجبت بأحدهم يبقي إعجابها دائم به وحبها صادق لطالما لم ترى منه شئ !! ، ومن بين هذا العناق والدقائق التي مرت ، جاءه صوته الحانق من الخلف وهو يحمل حقائب معينه بيديه مردداً بحنقٍ وهما من خلفه يسندان "سُمية" :



_" والله؟؟ بقا انا سايبك فبيتي ؟ أجي ألاقيكي فحضنه ؟؟!"



قالها "غسان" بجدية ، فضحك وقد كان وجهه هو ناحية الباب والٱخري من الداخل ، والتي خرجت سريعاً ،   تلتفت وقد تحولت ملامحها إلى البهجه والتأثر حينما رٱتها تستند عليهم.، توجهت بسرعه ، في حين صاح "حازم", فخرجت النساء والفتيات من الداخل ، وأول ما تعاهدا عليه قد ظهر الٱن حينما بدأت الزغاريط بنفسٍ واحد  تعلو بالمكان بشدةٍ وهي تدخل برفقتهم إلى الداخل ، لم تكن الفعله سوى تعبيراً. عن الفرح وعن أخذ "نيروز" حقها بالفرحة كونها عروس لم تقضي وقتها بذلك ، بل وفي صباحيتها  كعروس لم يفعلوا كمثل هذه  الزغاريد أيضاً ، سعدت "نيروز" بشدة وقد أدمعت عينيها تأثراً وهي تقف تنظر نحو الزغاريد المستمره المُبهجة والتي أخرجت "فريدة"و"زينات", من شقتهما ، إرتمى الجميع في أحضانها  إلا "نيروز" التي وقفت في حالة  من الإدراك بأنها عادت بالفعل بل وعدم التصديق بأنها حقاً هنا ؟؟، 




        
          
                
وقف بجانبها "غسان" بعدما وضع الحقائب. وتجمع الكل في غرفة "سُمية" أمامها وهي على الفراش ، وقفت"نيروز" أمام باب الغرفة بغير إستيعاب رغم أنها كانت تعلم ، إلتفتت بتأثر تنظر نحو وجهه المُبتسم وهو يطالعها بإهتمام ثم قالت وهي تشير بإصبعها كطفلة صغيره تستكشف الأشياء والناس  والمارة من حولها :



_"دي رجعت يا غسان صح ؟؟  رجعتلي تاني هنا وأنا ..أنا كنت خايفه أووي!!!"



لا تعلم  بما تتحدث هي ولا تعى ، تعي تدريجياً فقط عندما حرك رأسه يؤكد رغم شفقته بما وصلت له من إعتقاد بأن من يذهب لا يعود أبداً ؟!!!،  وضع ذراعه على كتفها  برفقٍ ثم مال يتحدث بجانب أذنها  قائلاً بعمقٍ يُصحح لها بتأثر:



_" رجعت يا نيروز ، اللي بيمشي ممكن يرجع تاني يا بنت الأكرمي ، وإن مرجعش بنروحله إحنا فالٱخر وياريت لو مكان لُقانا من تاني يبقىٰ الجنة !!!"



كلمات عادية ولكن بالنسبه لها هي جعلت القشعريرة تسري بجسدها كونها علمت أنه علم  بما تفكر هي به ، لا يكل ولا يمل في أن يبرر لها دائماً حتى وإن كانت الإجابه معروفه ولها إجابة حتمية طبيعية الكل يعلمها !! ، ابتسمت له برقةٍ ولين ظهر في نظرة عينيها الذي تعلق هو بها وسرعان ما استقام تحت تأثرها كي لا ينخرط بعينيها لمدةٍ ، ثم أشار لها بالدخول كي تدخل ، أومأت له بحماسٍ وقد دخلت تزامناً مع خروج "حامد"و"بدر"و"حازم" ،  و"دلال"و"عايدة" حتى ذهبا معاً للمطبخ كي يعدان لها طعام صحي تأكله بحذرٍ ، وما أن إلتفت هو وجدهما يقفان علي أعتاب باب الشقه المفتوح ، إبتسم "حازم" وهو يتوجه ليسند "فريدة" بساقها متجاهلاً. وجود الٱخرى من الأساس وجلس الرجال ، ووقف "غسان" بطريقة غير ملحوظة حتى إنسحب من بينهم ليقف أمامها مردداً  بتبجحٍ لها وسط إنشغال الكل ودخول "حازم وشقيقته" إلى غرفة" سمية" :



_"نعم ؟؟، لو جاية تخربي زي ما بتيجي ويحصل كل مره فـ مش هدخلك!!"



وأكمل سريعاّ يلعب بأوتار أعصابها  الذي يعلم بأن وسرعان ما يظهر عليها الغيظ والغضب الذي يجعله بلحظة إنتشاء وإنتصار عليها:



_"أما بقا لو جاية وهتقعدي مؤدبه وشاطرة. فــ.."



توقف هو عن الحديث للحظاتٍ وكأنه يحدث طفلة صغيره بطيئه الفهم ، قصد البطئ والتوقف ثم عاد يكمل بابتسامة صفراء مستفزه يضرب بتوقعها عرض الحائط :



_". مش هدخلك بردو !!"



كان "غسان" غير هيناً وكأنه مازال يأخذ حقوقاً. كثيرة لم يأخذها منها وطريقته كمن كان يحدث طفل شقي عبثي لا يصمت ولا يسكن أبداً ،لذا هربت"زينات " بعينيها وقد ترددت في أن لا تهاجمه ، حينها غلبتها شراستها المعهودة بقوه  وهي تجيبه بجدية بالغه ومازال يقف يطالعها بتسليةٍ كُبرىٰ :



_" وإنت مالك إنت ؟؟ كنت جيتللك في بيتك ؟!!"



إبتسم "غسان" بإستفزاز وكانت الوقاحة تلقائية منه حينما رد عليها بـ :




        
          
                
_" وإنتي تجيلي في بيتي ليه ؟؟ وان جيتي مش هفتحلك من أصله!!!"



سكن يضحك وهو يطالعها ويطالع جبروتها الذي يختفي شئ فشئ ثم أكمل بجرأةٍ :



_", أقولك؟؟ لو جيتي هفتح الباب وهقفله فوشك تاني بسرعة ، عشان ابقى قليل الذوق أكتر !!"



_"وأنا مستنضفش أجي شقتك من أصله إطمن!!"



ضغط على فكة وهو يمسك بالباب ثم رفع عينيه يرد بنبرةٍ باردة عليها تثير حنقها حينما وضح بوقاحةٍ مره أخرى ناظراً لها من أعلاها لأسفلها :



_" والله اللي يخلف واحد زي حسن ابنك ، ميستقرفش يعمل حاجه ، يعني أنا شايفكم ماشين بتوقعوا نقص منكم كدة !!"



تصنع بأنه تذكر شئ هاماً عندما تحولت نظرة عينيه للحدةٍ وهو يرسم على وجهه قناعاً تعلمه :



_" وأه ..عرفيه إن غسان البدري مبينساش حقه يا ..أم الناقص!!"



_"  إحترم نفسك معايا ..ووسعلي خليني أدخل !!"



 قالتها قاصدة لقبه وهي تشير بيديها وتفعل حركة تثير غيظه ،  لذا ضغط على فكه من وقاحتها التي مازلت موجوده  بلهجتها الٱمره له ، بالأساس كان مجرد لعب بأعصابها وبالٱخرى يرى  إلى ماذا وصل ندمها وجبروتها ، وما أن سمع ذلك منها إبتسم "غسان" رغماً عنه وهو يمسك بالباب مردداً بتبجحٍ أمام عينيها  يعاند ما يشعر بأنها توجه له الٱمر !! :



_"طب عليا الطلاق ما أنتي داخلة !!"



وسرعان ما صفع الباب بوجهها بقوة ، كما تفعل هي معهم في كل مره ، إبتسم بإنتصار وهو يدخل ، في حين ضغطت هي على أسنانها وهي تعود إلى شقتها بإنهزام تعلم بأن الكل والجميع لن يعطوها فرصة  بهذه السهوله أبداً !!!



دخل إلى الداخل فوجدهم جالسين ومن ثم بدأت كل واحده في الخروج من غرفة والدتها كي تنعم بالراحة ، جلس هو مع الشباب  في الصاله ، فخرجت"فريدة" تستند على "وردة" وهي تعقد حاجبيها بتساؤل وصوت مرتفع :



_" أومال ماما راحت فين ؟؟  كانت جاية معايا !!!!"



تجاهل "غسان" قولها وهو يتجرع من كوب الشاي ، في حين ردت عليها "وردة" تزامناً مع إسناد"حازم ", لها كي يعود بها إلى شقتها :



_"تلاقيها مشت !!"



تجاهل الجميع ما يخص "زينات " ،في حين خرجت هي وشقيقها من الشقة. ، وذهبت "وردة" لتطعم صغيرها في حين جلست "ياسمين " بإنهاك ،إنتبه "غسان" لإنسحابها إلى غرفتها ، فنهض ببطئ يمسك بكوب الشاي وهو يتوجه ناحية غرفتها  خوفًا. من أنفرادها بالألم الذي كان بها ، تركهم جالسين ، ثم فتح هو الغرفه ببطئ حتى دخل ومن ثم أغلقها من خلفه ،  وجدها تلتفت وهي ترفع رأسها  وما أن وجدته إبتسمت له بعمقٍ وهي تترك دفتر المذكرات الخاص بها والقلم ، حتى كادت أن تنهض ولكنه حاصرها حينما جلس هو بجانبها وهو يسند الكوب ثم سألها بإهتمامٍ :




        
          
                
_" بقيتي كويسة ؟!"



حركت"نيروز"  رأسها إيجاباً له بحرجٍ ، فضحك هو رغماً عنه وقد غير مجرى الحديث عندما نظر نحو الدفتر الذي رٱه معها من قبل :



_"إيه ده ؟"



أمسكته "نيروز" باهتمام ثم رفعت عينيها تجيبه بصراحةٍ :



_" دا  دفتر مذكرات ، عندي من زمان أوي ، بحب أشارك فيه كل حاجه وبكتب فيه كل اللي بحس بيه ، بابا اللي علمني أكتب كدة وأحب الكتابة والقراءة ، وأحب اللغه العربيه أوي، بس مشى ومش باقي من ذكرياتنا سوا غير ده !!!"



وجدها تسرد بإجابات وحقائق دون أن يسأل ، فقط سألها سؤال واحد عن الذي بيديها ، نظر لها "غسان" بإعجابٍ ثم  سأل مجدداً بتشككٍ مرح:



_" كل ذكرياتك كل ذكرياتك ؟؟."



ضحكت "نيروز" وهي  تحرك رأسها بنعمٍ ، فتتفس هو بعمقٍ من عمقها هذا ، ثم مد يديه يمسك الدفتر وهو يسألها بإحترامٍ لا تعهده وتراه به لأول مره :



_" هو ممكن ؟؟!"



يسألها إحتراماً لخصوصيتها ، يفتحه أم لا ، وللحظة الهادئه بينهما ، وضعت كفها على كفه برفقٍ وهي تجيبه بصدقٍ :



_" ولو مش ممكن لأي حد فالدنيا ، فـ هيبقى ممكن ليك إنت بس !!"



قلب هو اللحظة الهادئة بغمزة  مشاكسة ، لذا ضحك بخفةٍ عليها وهي كذلك عندما بدأ "غسان" يفتحه بالفعل بطريقة عشوائية ليأتي بأحد الصفحات فوجدها تزغرف بها جُملة كبيرة من أغنية معروفه لكوكب الشرق ، بل وبتاريخ رحيله في بداية علاقتهما. عندما رحل وتركها بسبب شقيقه
 [غَلبّنِي الشُوقّ وغَلّبّنِي!!] ، رفع عينيه عليها وعلي التاريخ وعلى الرسمة ، ومن ثم هي وهي تطالعه بتمعن وقد تذكر هو رحيله ..



_" عرفت بقا ان بنت الأكرمي دايبة فيك.. من زمان ي بن البدري؟!"



_" عرفت وكنت عارف، .لسه فاكر أنا ان خطك حلو أوي. ، هاتي كده القلم!!"



غير مجرى الحديث بحديث ليس له علاقه ببعضه ، أعطته القلم بحماس ،ففتح هو صفحة بيضاء ثم بدأ يمسكة بيدية اليُسرىٰ يبدأ كتابة اسمها بطريقة متداخله بين إسمه وإسمها معاً ، نظرت له بحبٍ وهو يكتب وخلال لحظات إنتهى هو من كتابة ما فعله ثم أسفل الإسمين المتداخلان ببعضهما كتب بين قوسين جُملة تعتادها هي منه 



" معاً وفـ حُضن بعض هي الغاية !!" ثم عاد يكتب جملة يسألها بها 



" عارفه الست قالت ايه ؟!"



جذبت قلم ٱخر بحماسٍ  وهي ترد بالكتابه بحماسٍ



 "إيه؟" 



وقبل أن يرد بالكتابه ، توجه مقترباً من أذنها يهمس بـ : 



_" والقلب يعشق كُلِ جميل!!"




        
          
                
عاد يكتبها باهتمام ، وفعل ما فعله كونه يشارك معها ما تحبه وتفضله هي ، رأي سعادتها وحماسها  بشئ بسيط كهذا ، وكي لا يدخل  بخصوصيتها هذه أكثر تعمد ترك الدفتر لوقت ٱخر كي لا يضعها أمام الٱمر الواقع ، ورغم أنها وافقت ولكنه تركه كي لا يشعرها بالحرج  ،  أغلقه وهو يعطيه لها ثم قال مردداً على مسامعها بمكرٍ مجهول للكل :



_" هتقدري تيجي شبكة شادي ومنة ؟! ولا هتخليكي؟!"



ترددت حتى ظهر التردد في نظراتها ، فعاد هو يتحدث مره أخرى :



_"لو حابة تخليكي مرتاحة عادي ، هو كدة كدة هيلبسها الدهب فالبيت وسطنا بس وهنرجع تاني وهو يبقي يقعد معاها  بقا !!"



صمت ينظر إليها باهتمام وسرعان ما إقترب منها قائلاً مره أخرى بمراوغة :



_" وبيني وبينك بقا ..أنا عايزك تيجي عشان أخدك بعدها  أخرجك خروجة حلوة كده بما إننا بقالنا زمان مخرجناش ولا حتى خرجنا بعد جوزانا نحتفل ولا أي حاجة!!"



كانت قد قالت له من قبل بأنها ستقيم مع والدتها لطالما هو نفس اليوم ، وبين تردد بأن ترفض وتجلس مع والدتها ويذهب هو وعائلته وبين الموافقه ،لا تعلم بأن الأمر مُدبر من خلفها ببراعة كُبرىٰ ،  إبتسمت كي لا تحزنه ثم حركت رأسها موافقة وهي تقول :



_" ماشي بس ممكن طلب ؟"



_" حضن ولا بوسة !!!"



قالها بجدية  ، فإقتربت  منه ضاحكة وهي تحرك رأسها نفياً ثم ردت على حديثه بـ :



_" لا مش كدة ..بس كنت عاوزه منتأخرش عشان أقدر أقعد مع ماما ، إنت عارف وردة بتتلبخ مع يامن وياسمين حامل ، و مامتك وطنط عايدة مش علطول هيكونوا  معاها وسايبين اللي وراهم !! "



أشار "غسان", إلى عينيه بمرحٍ ، فضحكت هي ومن ثم لبت غرضه وهي تقبله برقةٍ على وجنتيه ومن ثم ضمها هو بإرتياحٍ ، لا يشعر بالراحه سوى بأحضانها وضغطه وضغط ما فعله شقيقه وحزنه منه يزول تدريجياً بقربها هي، هي التي لا تعلم ذلك بالشدة الكافية لديه ، خرجت من عناقه. عندما وقف يعتدل ، ثم أشار لها قائلاً بوضوحٍ :



_" طب أنا هطلع أكلم شادي كده وهبقى عند  حامد عشان الغدا، متتأخريش هنستناكي عشان ناكل سوا !!"



خرج بعدما أومأت له ، وخرجت هي من بعده فوجدتهم بالفعل رحلو ، حتى "ياسمين " التي ذهبت  عند "عايدة "  لـ "حازم " وعندما رأت بأن والدتها قد غفت تنفست بإرتياح وهي تنظر على سكون المكان من حولها ، إبتسمت عندما علمت بأن "وردة" قد تناست صندوق الغسيل أمام شرفة الصاله ، فذهبت هي تقوم بتجميعه من على الحبل كي تساعدها كونها ترى بأن أكثر من يتعب ويُنهك بهذه الٱمور هي ، ولكنها إنخرطت بأمور صغيرها زوزجها !!!



______________________________________________



 وبعد مرور دقائق  و في شقة "حامد" ،  كانت السُفرة مُجهزة بالغداء بالفعل ، اما هو فوقف بركن يفعل بعض المكالمات المُهمه أهمها مع "شادي"و"عز" هو الٱخر كي لا يتأخر ويأتي معهم ، خرجت"وسام" من غرفتها بصمتٍ ثم وزعت نظراتها عليهم جميعاً ، وكانت والدتها تخرج من المطبخ بٱخر صحن  كي تضعه على السُفرة ، جلست بصمت دام بينها وبينهم حين جلس "حامد",, بجانبها ، في الأساس يلاحظ "غسان" اخذها لركن منه كونها تجيبه على الحديث وليست لتتحدث معه ، تركها كونها لا تفهم من الأساس ما يفعله هو ووالده ، ولكنه أغلق الهاتف  وسرعان ما توجه ليفتح باب الشقه لها ، إبتسمت له "نيروز" وهي تدخل  لهم في حين قد أغلق هو الباب ، ودخل بعدها نظر ناحية "وسام" التي رحبت بـ "نيروز" بفتور غير ظاهر. ، فسألها هو بإهتمام وهو يجلس بجانبها كي يفتح معها الحديث:




        
          
                
_" عاملة إيه فالمذاكرة !!"



يسألها كما يسألها كل مره بإهتمام ولكن هذه المره تستشعرها منه مختلفة ، كون اهتمامه تراه هو يقل تدريجياً رغم أنه يفعل عكس ذلك معها وهي فقط من ترى ذلك !! ،  ابتسمت له بلين يهزمها حينما قالت بهدوء :



_" الحمد لله اهي ماشيه ، دعواتكم !!"



بالفعل كانوا قد بدأوا الطعام ، ووسط الحديث لاحظت "نيروز" تجنب "وسام" لها ، كانت تشعر ووقت مع الوقت الذي يمر تتأكد ، ولكن تلقائيتها جعلتها تسألها باندفاع أمامهم أثار غرابة البعض :



_" هو إنتي زعلانه مني فحاجة يا وسام ؟؟"



لم يثير السؤال غرابتهم  جميعهم ،  ووجدها "حامد"  لحظة عتاب غير متوقع ،  حركت رأسها نفياً وهي تسلط أنظارها ناحية "غسان" الذي بدأ هو بالحديث بوضوح  بسرعه :



_"هي في الحقيقه زعلانة من كله هنا ، وتبقي كذابة لو قالت العكس !!"



واجهها بجرأه ، ووضعها بوضع محرج ومحصور ، فإبتلعت ريقها بصعوبةٍ وترقب حينما واصل هو يكمل من بين تناوله الطعام :



_" بس برجع وأقول لسه صغيره ومش فاهمه حاجة "



ورفع عينيه يشرح لها بهدوءٍ رغم كرهه للتبرير ولكنه فعلها معها :



_"ومش معنى إنه مشي يبقي هو الصح والمظلوم في الحكاية كلها ، حاولي تحكمي عقلك إنتي وأمك شوية يا وسام، أخوكي غلطان وبيغلط بس إنتي مش هتعرفي تفهمي ده دلوقتي !!"



 صمتت "دلال" تنظر بركن ٱخر غير  عيني "غسان", التي تواجهها بالحقيقة هي الٱخرى، تحت  نظرات "نيروز" التي تاهت بينهم وبين ما يشعره كل منهم ،  وكان الرد عندما إندفعت "وسام" تواجهه بنبرةٍ سريعه تلومة بها  بإندفاعٍ :



_" بس إنت السبب !!"



توترت "نيروز" حتى تركت الطعام بترقبٍ وخوف لما هو قادم ، تعمد "حامد" تركهما يتحدثان بوضوح  ثم ليتحدث هو بالنهاية يعلق على ما تفعله ابنته !! ، في حين نظرت "دلال" بقلة حيله عندما سمعتها تكمل بجديةٍ بالغة:



_" إنت السبب عشان إنت اللي بتروحله فكل مره وتجر خناقه ، إنت عارف إنه صعب لما بيتعصب ومش بيشوف قدامه ،و زي ما إنت السبب لما عرفت الكل  إنه بيحب فرح وفرح متنفعش ، كأنها يعني اذتك فحاجة صعبة !! ..ليه متنفعش مش أي واحد بيحب واحدة يبقي يحاول ويجازف إنها تبقى ليه  ويوصلها ؟ عايزه يتخلى  ليه؟؟ هو طبيعي  الراجل يتخلى عن البنت الي ارتاح لها وحبها زي ما هو حاسس؟؟، مش أنا اللي هقولك  ازاي المفروض الراجل يتمسك  وإنت اللي قومت فيوم وفساعه ومره واحده تقولنا أنك رايح تتقدم لنيروز واللي يحصل يحصل !! "



واكملت بسرعه دون أن تأخذ أنفاسها :



_" قعدت تعارضه  بقسوة  حتى ولو هو اللي كان صعب ، عارضته لحد ما وصل لنقطة مش شايف فيها أي حاجه وكنتوا هتموتوا بعض عشان بس إختلاف فوجهات النظر ، إنت مبقاش يهمك حاجه يا غسان غير نفسك وغير نيروز معلش يعني أنا ٱسفه إني بقول كده ، عشان كنت ممكن تصبر عليه عادي بس  مبقاش يهمك الصبر واللين اللي كان فيك علينا ، وكأنك بتثبت لنفسك إنك كده جبت أخر واجبك من نحيته ونحيتنا وخلاص!!"




        
          
                
الكل يضغطة والكل يردف حديث دون وعي منه بأوقات معينه وكان وقتها بضغطها ! ، رغم صحة بعض الحديث ولكن أغلبه كان خطأ ، خاصةً ٱخره ، وما أن سمع هذه الكلمات منها إبتسم بسخريةٍ من  كون الجميع ضده وهو يرى كذلك ، بل والسخرية بالنسبه له هو أنه يُكسر منهم بالتدريج حتى بالكلمات وفقط ، لم يرد هو ، وحتى "نيروز" التي نظرت بحزنٍ لها بٱخر حديثها ثم ردت هي تجيب. سريعاً تبرر قبل والديه :



_"ليه بتقولي كده يا وسام ؟؟ دا غسان باله مش بيهدى ابداً ليكم ، هو عمل كده عشان بسام يفوق ، لان في حاجات فعلاً لازم يتعملها ألف حساب ، مش كل أتنين بيحبوا بعض لبعض ، الحياة مش سهله للدرجة دي ولسه هتفهمي دا بعدين في حاجات بتتبنى أهم من الحب ، وأهمهم لازم يكون الطرفين أسوياء نفسياً علي الأقل ،  بلاش تظلمي أخوكي عشان اخوكي التاني مشي وبس فكري فصلب الموضوع نفسه ، يمكن مليش إني أدخل ويمكن تكوني زعلانه مني عشان كلامي ٱخر مره بس أنا متكلمتش غير لما شوفت إن واحد بيحاول ومحدش بيشوف إنه بيحاول، بس أنا زودتها فعلاً وأنا كنت  فلحظة مش حاسة بيها بنفسي ومكنتش حاسه غير بيه هو وبكسرته وزعله ، وأنا ٱسفه لو كنت زعلتك مني فحاجة  وأسفه ليكم لو كان كلامي ليه زعلكم من غير قصد مني ، بس غسان مش  بيفكر كده يا وسام ، اخوكي بيحبكم اوي وبيخاف عليكم أكتر من نفسه !!!"



وما أن انتهت نظرت ناحيته فوجدته يكمل في تناول الطعام وكأن شئ لم يكن فقط أشار لها بيديه مردداً بهدوءٍ عكس القهر الذي  بداخله :



_"محتاجه تكبري حبة كمان ، أصلك لو عاقله كفايه بالنسبه لسنك كنتي فهمتيني !!"



تعلم بأنه يسخر بطريقة خبييه غير واضحه ، حدجها "حامد". بحدةٍ ثم رفع عينيه ينظر تجاهها مردداً بتوبيخٍ :



_" أنا سيبتك تتكلمي براحتك يا وسام ، بس مش  للدرجة اللي تخليكي تقولي كلام زي ده لأخوكي الكبير وأبوكي قاعد، يعني لا إعتبار لـ ده ولا ده ولا حتى  لأمك اللي قعدت تغمزلك تسكتي وبردو كملتي بعناد وكأنك الصح !!"



كانت طريقتها عكس حديثها بالفعل ، لذا أكمل بحزمٍ وهو يشير لها قائلاً بجمود  :



_"إنتي ليكي اللي أخوكي اللي زعلانه عليه يرجع ، وهيرجع مش هيروح بعيد، لكن الأصل واللي مش هيتغير واللي اخوكي مشى بسببه أول حاجه هو الإسلوب ، الاسلوب والطريقة والكلام اللي أنا ربيتكم عليه، مش كل شويه اكتشف إني معلمتش حد ولا خليته يحترم الأكبر منه !!!"



لأول مره يرمي عليها كلمات قاسية ، إبتلعت ريقها وهي تحبس الدموع ، وقبل أن يتحدث "غسان" ليهدأ الوضع ، تحدث "حامد" يعنفها بحزم مره أخرى ويقاطع الاخر :



_" فهماني ولا مش فهماني ؟؟ أخوكي بعد كدة  تعاتبيه بينك وبينه وحتى لما تيجي تكلمية تتكلمي بشكل وكلام أحسن من ده ومش قدام مراته !!!"




        
          
                
إبتلعت "دلال" ريقها بحسرةٍ على ما يصلا له في كل مره بوضعهما المتأزم ، كادت أن تنهض ، ولكن أوقفها نبرة "غسان" الهادئه وهو ينهض من قبلها  مردداً بلين يشير لها متفهماً وضعها :



_" خليكي ، كملي أكلك ..أنا اللي قايم !!!"



جلست رغماً عنها ولوهله شعرت بالندم يقتحمها بقوة كونها كانت شديدة في قول كلماتها ، نظرت ناحيتها "نيروز" بحزنٍ ، ثم جلست قليلاً. وسرعان ما نهضت خلفه ، تحت صمت دام، بعدما غسل يديه دخل الغرفه سريعاً يمسك بهاتفه كي يجري إتصال سريع على "شادي"  ،  غسلت "نيروز". يديها ، وسرعان ما وجدت كل منهم ينسحب وبقت "دلال" تحمل فتوجهت لتحمل معها الصحون إلى المطبخ ، وفي طريقهما معاً ليدخلا المطبخ وقفت أمامها "دلال" تردد عليها بدون مقدمات :



_" معلش يا بنتي  متزعليش من وسام ،. ونبي دي طييه وبيصعب عليها بسرعه أوي ، هي بس مش فاهمه ومش عارفه هي بتقول إيه!!"



إبتسمت لها "نيروز". بإطمئنان ثم قالت بتفهمٍ وهي تفتح صنبور المياه تبدأ بغسل الأطباق :



_" أنا مش زعلانه يا طنط ، أنا عارفه هي زعلانه قد إيه ، لو أنا مكانها ومكانك مش هبطل زعل علفكرة ، حب الاخوات والحمقه عشانهم دا طبيعي ، وكمان كلنا كنا مكانها وهي مضغوطه فسنه زي دي ومن كتر الضغط كنا بنتخانق مع دبان وشنا ، وسام زي أختي وعمري ما أشيل منها أبداً متقلقيش !!!"



إبتسمت ببهجة قليله كونها تتفهم وسرعان ما وجدت "حامد" يجلب لها بقية الصحون ،، فساعدتها "دلال" بغسلهم هي الٱخرى، وبال الأولى لا يغيب عنه هو ، هو الذي يُظلم من الجميع حتى نفسه وهي تعنفه على أنه لم يقوم بالدور جيداً كأخ..إبن ..زوج..صديق ..كل ذلك ، يحنو ويحنو ولا تعرف القسوة طريق سوى له هو  ، هو الذي يتحملهم جميعاً لأقصى حد ، ومتى يفيض به الكيل عندما يخاف ويهاب بأن يمسسهم سوء بهذه الطريقه!!



بعدما غسلت يديها ودخلت غرفتها وقفت تنهر نفسها ولا يوجد اسرع منها في الرجوع عن شئ فعلته ، لذا بكت وهي تشعر بأنها ظلمته بحديثها ولكن نفسيتها غير مفهومه بالتوتر والإرتباك وأيضاً. الحزن الطاغي عليه وهو يرحل وتفقده بالفعل !! 



خرج "غسان" بعدما دخل الغرفه ، وجد "حامد" يجلس فالصاله يشاهد التلفاز بإندماج وملامح وجه متهجمه ، جلس "غسان" بجانبه ، ولوهله شعر بأن والده معه ويوافقه بما فعله ،  وهذا لا يحدث إلا قليلاً ، إلتفت "حامد" بوجهه ينظر ناحيته ثم قال وكأنه يفهم معنى نظراته:



_" ما إنت عارف هبل وسام، سيبك منها أوعى يصعب عليك..اللي زي أخوك محتاج يفوق يا غسان ، إنت مش عارف أنا مقهور قد إيه عليه وعلى اللي بيحصله..دا كأنه بيدور على شارع التعب علشان يشتري  اكبر بيت فيه !!!"



كان صحيح القول ، بل والحسرة والحزن عليه قد ظهر بقوة ،  أمسك "غسان" رأسه بين كفيه ثم مال يطبع قبلة علي قمة رأسه ببرٍ وهو يبرر رغم ما فعله شقيقه:




        
          
                
_"متقلقش يا حج حامد ولا تزعل نفسك ، إنت عارف بسام شوية على كده وشوية على كده بس هيرجع ، أحلى حاجه الواحد إتعلمها منك إن الواحد مهما يعمل لازم يرجع لأصله تاني، واصلنا هو أصلك ، وأصلك غالب حتى على أصعب الأوقات !!"



صمت ينظر  ناحية ملامح والده المبتسمه ثم قال يقنعه بلين  :



_"بسام فعلاً ممكن يكون بيحب ، بس هو مبعرفش  اذكان الشخص صح ولا لا ، وكمان  الوقت حتى مش مناسب ،أنا مرضيتش أسألك عن رأيك عشان .."



وقبل أن يكمل واصل"حامد " يسرد عليه بوضوح :



_" رأي معروف يا بن ابوك ، وأنا معنديش حد مبغلطش كلنا بنغلط ، ولو على فرح أخت عز فلو مكنتش مقتنع بيها قيراط ، أسلوب أخوك وطريقته خلوني مقتنعش بيها ٢٤ قيراط !!"



_"وأنا مش عايزك تحكم عقلك أوي كده يا حج ، عشان ممكن الحال يتصلح فعلاً بينهم وتروق وتبقي ليه ،. محدش عارف النصيب بيودي لفين ، بس المهم إن دلوقتي مش نافع الكلام !!"



أشار بعنينيه بغير إهتمام ثم رد عليه بصراحةٍ رغم كون حديثه مرحاً :



_" أخوك ابن كلب ومترباش  زيك بالظبط ، عايزين  تتعلموا الادب من جديد كلكم هنا !!"



ضحك "غسان". رغماً عنه وهو يجعله يلين بمرحه ، وإذ به يتفاجأ بها وهي تتوجه بحمل صينيه صغيره عليها كوبين من الشاي الساخن، ابتسمت لهما "نيروز" وهي تقدم أولاً لوالده وهي تقول:



_" إتفضل يا عمو!!"



_"من يد ما نعدمها يا حبيبة قلب عمو !!"



ضحت بخجل وهي تعطيها لـ "غسان" الذي غمز لها  وهو يأخذ الكوب من بين يديها ، وسرعان نا تلاشت بسمتها عندما وجدته يخرج سيجارة بالفعل كي بقوم بتخدينها يخرج كبته لحزنه وغيظه بداخلها ، حدجه "حامد" بمللٍ من طبعه الذي يعلمه ثم قال بجديةٍ يذكره :



_", أنا مش قولتلك قبل كده  متشربش فبيتي هنا  ؟؟"



_"ازاي بس يا حج ..دا كل العلب موجودة فييتك ، اسكت بقا متبينش إنك مسيطر أوي كده !!"



قالها "غسان" بغير اهتمام وهو يضعها بفمه مشعلاً إياها بخفةٍ. فوجد "حامد" ينظر له بيأسٍ يخفية ثم رد عليه بقوله :



_" مسيطر ..وتسكت بقا لاقول عملت فيك أيه لما عرفت اول مره إنك شربت سجاير إنت وشادي!!"



ضغطة بإحترام وهو يطالعه بكيدٍ ، تنحنح "غسان" وهو يعتدل ثم رفع عينيه نحوها وهي تطالعه باستنكار وتعنيف ومن ثم إنتظار  لما قاله" والده" الذي كبت ضحكاته على الفور ما أن رأها تمسك بالصبينيه وتقف تحدجه كذلك، كان منفذة   من شاركة  بهذه العادة ومن ثم توقف عنها .."شادي"  والذي جاء عندما دق جرس المنزل ، فإعتدلت هى وهي تنظر ناحية الباب الذي دق عالياً ، نهض "غسان" كي يفتح هو وما أن تقدم ليفتحه وجد "شادي" متجهزاً والذي حدجه بضيقٍ وهو يحمل الكوب منه بتبجحٍ كي يتجرع منه وما أن شرب منه تخطاه بضيق وهو يقول :




        
          
                
_" إيه دا يجدعان انتوا لسه ملبستوش ولا خلصتوا ؟؟ بقا دا كلام ؟؟؟"



اغلق "غسان" الباب ، وخرجت "دلال" بلهفه تحتضنه، في حين طالعه "حامد" بسخريةٍ وهو يقول بتهكمٍ:



_" إيه يا خويا ، أول واحد تخطب ولا إيه ؟ ما تتك ع الصبر ؟!"



_"إتكيت يا حامد ، بقالي إسبوع بتك ع الصبر يا أخي إرحمني وقوم إلبس بقا!!"



ضحك الكل عليه بصوت مرتفع ، فنهض "حامد" ضاحكاً بقلة حيله وهو يعدل له قميص حلته بعاطفة إبوه جعلت "شادي" يقبل قمة رأسه أمامهم ، وسرعان ما انسحبوا ، وبقت "نيروز", التي خرجت من المطبخ بعدما عادت تضع الصينيه ، ثم عادت  فوجدت "غسان" يعانق "شادي" بقوة وقد عقد العزم على أن لا يخرجه من أحضانه بمشاكسةٍ، دفعه "شادي" عنه بإصرار ولكنه كان يتمسك إلى أن هتف له "شادي" بضيق يحاول دفعه عنه :



_" ياض  ابعد بدل ما مراتك تيجي وتشك فينا!!"



ضحك "غسان", وهو بين أحضانه يعانقه عناق أخوي وكأنه يأخذ منه بعض من الثبات والقوه الكافية ، في حين رددت  هي من خلفهم بغير تصديق زائف :



_" إنتوا بتعملوا ايه ؟؟؟؟"



نفضه "شادي" سريعاً وهو يقف بإعتدال ثم قال :



_" إبقي أحضني جوزك يا مدام، دا شكلة مبيتحضنش خالص حرام عليكي!!"



فتحت فاهها من توجية الظُلم لها ، خاصةً بعدما أكد "غسان" وهو يكبت ضحكاته ، فضحكت هي عليهما بقلة حيلة خاصةً عندما عدل "شادي" من شكله بإهتمام وهو يسألهم بمرح:



_" ها ؟؟ شكلي حلو ؟؟ هعجب أم عيون قناصة ولا لأ..؟"



غمز له "غسان" تزامناً مع رد "نيروز" المشاكس الكفيل  بما تعلمه وما يغفل عنه :



_" أم عيون قناصه واقعه من زمان أصلاً ، إتوكل على الله!!"



قالتها كونها تعلم أمور الفتيات وقد لاحظت إعجاب "منة", المخفي ولكنها لم تتحدث ، توسعت بسمته وهو ينظر إلى السماء بمعني أنه يدعو لها ، فإعتدل "غسان" يشير لـ "نيروز" كي يصعدا  ثم نظر ناحيته وهو يقول:



_" هنطلع نلبس، هتيجي. تقعد فوق ولا تخليك هنا !!"



_"هروح اشوف مامتها قبل أي حاجه ، أكيد يا نيروز عارفه إني كنت ملبوخ الأيام اللي فاتت وده خلاني معرفش اجي المستشفي ازورها لما فاقت بسبب قراية الفاتحه !!"



نظرت ناحيته بإمتنان فقد ساعدهما كثيراً بطرق مباشرة وغير مباشرة ، إجابته بلباقه ، وقد نظرت ناحيته بإمتنان مره أخرى بعد حديثها وهي تقول :



_"و إنت مش محتاج تبرر إنت أخويا يا شادي!!'



كان ذلك قولها ، بعدما سارت قبله وسار هو خلفه عندما غمز له "غسان", بإعجاب للمره الذي لا يعرف عددها ، توجها الاثنان ناحية المصعد ، ومن ثم دق هو الباب كي يُفتح له !!




        
          
                
_____________________________________________



بينما في شقة "زينات" ، جلست "فريدة" كعادتها على سجادة الصلاة تنتظرها بحماسٍ لا تعلم من أين أتى ، والدتها ؟؟ من المفترض بأن تقوم بتعليمها هي ، بينما الٱخرى تُصر على أن تجعلها تسير على طريق الإستقامه ، بكل شغف ..طاقه ..حماس..يقين..صبر ..إيمان ..على أن تكون أفضل بها. هي من ستأخذ بيديها إلى الطريق الصحيح ،  من غير الطبيعي ذلك ولكن ستجعله طبيعيًا. وبشدة ، عندما عقدت العزم على أن تجعلها تستقيم بمساعدتها ما أن رأت بها العزيمة والإصرار التي لا تعلم هي من أين أتي؟! ربما من جلوس إبنتها  على سجادة الصلاة أغلب الوقت ؟ أو لرُبما ترى تمسكها الشديد بسماع القرٱن وترتيله وسماع الشيوخ ؟! ، أو ليقينها القوي بخالقها بأنه حتماً سيرزقها السكينة والراحة ؟! ، أسباب كثيرة قوية وشديدة تلح عليها لتفعل مثلما تفعل هي والرفيق لديها هو الحرج، الحرج من نفسها ومن الٱخرى والتي من المفترض أن ترى الوضع عكسيًا. وليس كذلك من الأساس!!، خرجت من شرودها عندما وجدتها تقف أمامها بإسدال الصلاة الأسود ومن ثم ظهر وجهها الدائرى وهي تخفي خصلاتها البيضاء التي كانت مصبوغه لتخفي عجزها ، رغم كبرها ولكنها ليست بملامح قبيحة ، وربما ذلك ما جعلها تشعر بالغرور نوعاً ما ! مثل ابنتها في البداية؟، توسعت بسمة "فريدة", وهي تمد يديها تسحبها كي تنحني لتجلس أمامها ، فوجدت "زينات" تتهرب بأنظارها بكل ركن غير عيني إبنتها الواسعه ، تخجل ؟!، مدت "فريدة" يديها تتلمس ذقنها ثم نبست بنبرةٍ هادئه لينه :



_"بصيلي يا ماما ، مش عاوزاكي تتكسفي مني ، ربنا فاتح بابه لينا فأي وقت ومرحب باللي عايز يتوب مادام باب التوبه لسه مفتوح ولسه عندنا الفرصه والعزيمة إننا نتوجه للٱحسن !!"



تسرد عليها بكل رقة ولين وتختار الكلمات السهلة وليست الصعبه كي تفهمها بسرعه مبدأياً ، إبتلعت "زينات" ريقها بصعوبةٍ وهي ترفع عينيها التي تجمعت بها الدموع ثم قالت بصراحةٍ لها ما تشعر به وهي تتمسك بكفها :



_"بس أنا ..وحشه أوي يا فريدة ، أنا عملت حاجات كتيرة أوي يمكن ربنا ميسامحنيش عليها ، دا أنا حتى ..حتى مبعرفش ..أصلي ولا جربت أعملها وأبدأ أنتظم فيها وكدة ، بعد ما العُمـ ..."



قاطعت"فريدة " حديثها بيقين وهي تتشبت بكفها مردده بنبرة متلهفه لها:



_" طبعاً ربنا بيسامح ، وبيغفر ، ربنا إسمه الغفور الرحيم ، وعلفكرة بقا إنتي ربنا بيحبك أوي عارفه ليه ؟! "



تتعمد الذكاء وجلبها بالطريقة الحانية كي تتلهف وتتحمس وتتيقن أكثر ، لذا ترقبت ملامحها بشدة وهي تسألها بعينيها قبل أن ترد فردت "فريدة" سريعاً بصدقٍ :



_" علشان خلاكي عايزه تتقربي منه وإنتي حتي مش عارفه تبدأي منين وتروحي فين ، بس الأهم إنه زرع جواكي عزيمة مرة واحدة ، اختارك تتوبي فالدنيا ، حتى ولو جاهله فحاجات كتيرة ، ففي اللي يرشدك للصح ، واللي يقدر يوجهك لحاجه مش هيتردد يعملها بس إنتي إسعي ..أنا ..أنا هعلمك من الأول خالص وهفكرك بكل تفصيلة وازاي بنصلي موافقه ؟؟!""




        
          
                
حركت "زينات" رأسها بتأثرٍ ولهفة كُبري حتى هبطت منها دمعة لا تعلم هي كيف نزلت ، ولكن مسحتها أنامل إبنتها الحانية عليها وهي تردد مره أخرى :



_"و لازم تاخدي النية فعلاً  انك مش هترجعي تعملي أي حاجه وحشه تغضب ربنا ولا ترجعي لطبع مش محبوب ، ولا تزعلي حد منك ولا تأذيهم ، وبعد ما تبدأي في ده وتدعي ربنا ، تشوفي وتروحي لكل واحد حسيتي إنك أذيتيه وقوليله يسامحك..وصدقيني طالما نويتي تسعي يبقي مش هتلاقي أحن من ربنا عليكي  وهيسهلك كل حاجه قدامك حتى ولو صعبة !!"



تترقب الحواس بعد أن يلين الفؤاد وينزل الله الهداية عليه ،  خفق قلبها وقشعر جسدها تدريجياً من كم الصدق واليقين والثقه التي تظهر في نبرة إبنتها رغم صغر سنها  ورغم انها من تردد ذلك عليها وليست هي !! ، حركت رأسها إيجاباً  بلهفة وهي تردد :



_" طب ..يلا ..يلا هنبدأ إمته ، الوقتي صح ؟!"



تلهفت وعن أي لهفة توضع بها هي الٱن ، سعدت "فريدة" من نبرتها هذه لذا إعتدلت تمد يدها تنظر في الساعه ثم عادت توضح لها بنبرة لينه :



_" من دلوقتي طبعاً ، هقعد معاكي شوية وبعد كده هنزل عشان الموضوع اللي قولتلك عليه ،  عملتي الحلويات اللي قولتلك عليها  وغلفتيها ؟؟!"



حركت "زينات " رأسها بنعمٍ ثم قالت سريعاً :



_" أيوة عملتها وغلفتها بعد ما وزعتها فإطباق والكرتونه برا على التراببزه خديها وإنتي ماشيه، هتمشي إمته ؟!"



_"ساعتين كده وهروح عشان أنا اللي هفتح المكان وأظبطه قبل ما ييجوا لان كلهم مش هيبقوا موجودين!!"



تفهمت وحركت رأسها بتعقلٍ ، فمدت "فريدة" يديها بلهفه كي تستند على "والدتها" ثم قالت بحماسٍ :



_" طيب يالا علشان نتوضى واحدة واحدة مع بعض .يا زوزو بقا !!"



نهضت "زينات" والٱخرى تنهض ، وشئ فشئ تتحسن ساقها بالتدريج ، لذا استندا الاثنان على بعضهما بمشهد مُبهج متجهين معاً ناحية المرحاض لتبدأ بالفعل في شرح أول خطوات الوضوء بالتدريج ، وتتمني بداخلها بأن تكون والدتها بالفعل تُصر وبها العزيمة على أن تكون أفضل ، وتدعوا الله بأن يكون الثواب صالح هادئ نقي لا يوجد بعدة أي إثم وأي خطأ يقعا الاثنان به!!!!!.



_____________________________________________



وبعد مرور وقت ، خرجت "عايدة" تجلس مع "سُمية" كي تراعيها ، ومن ثم خرجت "ياسمين" متأبطة ذراع "حازم" تنتظرهم بلهفه ، خرج "يامن" يركض ببهجة بعدما تصنع "شادي" الركض خلفه ومن ثم إنتشله سريعاً وهو يقبله بمرحٍ حتى إلتفت ينظر نحو شقة "حامد" التي فُتحت وخرج منها  هو و"دلال"و"وسام" الذي رأى ملامحها الساكنة ، توجه ناحيتها فأخذت منه "يامن" وهي تقبله ، فردد عليها "شادي" بمشاكسةٍ :




        
          
                
_" أخت العريس اللي هتمسكله الشبكة بقا !!"



رفعت "وسام" رأسها بتأثرٍ وهي تبتسم له وسرعان ما أجابته كي تظهر فرحتها به مثل أشقاءها :



_" طبعاً يا شادي مش محتاجه كلام ..وزغروطة كمان يلا أهو !!"



ومن بعدها فعلت زغروطه عالية ، فصفق لها "شادي" ببراعةٍ وإعجاب، ومن ثم وجد هو "حامد" يسبق معهم إلى أسفل ، تزامناً مع هبوط المصعد  بـ "غسان"و"نيروز" للأسفل وليس لطابقهم ذلك ، لذا أُغلقت الشقق بعدما  خرج"بدر" يعانق"شادي" ومن ثم "وردة" وهي تأخذ "يامن " كي يهبط الكل للأسفل حيث السيارات !!!..



وبخفةٍ كُبرى هبط المصعد بهما بالفعل ووقف "غسان" مع"نيروز" أمام السيارات ، وقد لاحظ الكل تناسق الألوان بينه وبينها ، فقد كانت ترتدي فستاناً من اللون  البيچ وحجاب أسود كما كان يرتدي هو بنطال أسود مع سترد جينز من اللون البيج ، ملابس شبابيه هادئه جعلتهما جذابين معاً لما سيحدث بعد وقت!! ، دارت"نيروز" وجهها بمفاجأة من ركوبهم السيارات وهي تراهم ثم نظرت نحو "غسان"و"شادي " متمتمه بصوت منصدم :



_" إيه ده .؟؟ هم جايبن معانا ؟؟ أومال مين هيقعد مع ماما ، أنا مبقتش فاهمه حاجة !!!"



تشعر بأن ثمة شئ يحدث دون فهمه ، فقد كانت تعلم بأن "ياسمين "و""وردة" لم يأتيا ، وعلى فجأه تتفاجئ بالكل يأتي؟! ، سحبها "غسان" من كفها كي تركب معه تزامناً مع ردة :



_"أم حازم معاها، إركبي يالا مش هنتأخر هناك !!"



كبت الكل ضحكاته ، في حين ركب الجميع ، وسارت سيارة "غسان" مع سيارة "شادي" وإنتظر "حازم" بضع دقائق إلى أن ظهر "عز" من على بعد ، ترك له مكان في الأمام فسار سريعاً يركب بجانبه ثم قال ببسمة واسعة لهم :



_" مساء الجمال!!"



إستخدم مصطلح الجمال ليرسله له هي وحدها ، هي التي ابتسمت له بخجلٍ وهي تسأله بعد رد الكل عليه:



_" إتأخرت ليه كده يا عز ؟!"



إلتفت "عز" برأسه تزامناً مع تحرك السيارة ثم أجابها بابتسامة هادئة أمام "ياسمين" التي جلست تطالعهما بهيامٍ :



_" كنت بقفل ع الشغل عشان بكرة الجمعة ومش هفتحها ألا يوم السبت بقا ،ويمكن أفضل قافلها كام يوم ، على ما نشوف كده العفش والجهاز هيروح بيتي إمته ، أخوكي مش عايز يديني عقاد نافع وقاعد بيراوغ وكده غلط ع الزلط  و يرجع الرمل يزعل !!!"



ضحكت "جميلة" بٱخر حديثه بشدة وهي تضع يديها على فمها ، فعاد برأسه ينظر ناحية "حازم" الضاحك وهو يقود السيارة مع صوت ضحكة"ياسمين" التي ردت  عليه سريعاً بحماسٍ :



_" أنا اللي بقولكم يلا ننقل جهازكم من دلوقتي حالاً ، أصل  دي أمور غيرة ملكوش دعوه بيها ،  هقنعه أنا على يومين كده وتنقلوه فعلاً ، إيه رايكم ؟؟"




        
          
                
تحمس"عز" ، فنظر "حازم" نحو ملامح "جميلة", السعيدة في المرٱه حتى عاد يردد بنبره هادئة بعدما إنتهى من حديثه :



_"  جرا ايه يا عز .. ما تصبر يا جدع عما نحدد ميعاد الفرح النهارده مع ابو منه ، عشان تشوفوا بقا شغلكم وتبدأوا تجهيزات العريسين والعروستين!!!"



فتحت "جميلة" عينيها علي وسعها بغير تصديق ، ومن ثم تعالت زغروطة "ياسمين", بفرحةٍ كُبرى ، فعاد "عز" ينظر ناحيته بلهفه كبرى وهو يردد بإندفاعٍ :



_" وحياة أمك بتتكلم جد ؟؟؟؟ أنا كنت بقول لابو منه كدو عشان يتحمس مش أكتر ويوافق ، دا أنا كده افرح بقا وأوي كمان ، الفرح بيقرب يا جدعان ..طب زغروطة كمان بقا  كدة ، سمعوني!!!!"



تعالت الزغاريط من "جميلة" و"ياسمين" في جو مبهج سعيد ، فعاد "حازم" يضحك بيأسٍ منهم وهو يكمل بتوضيحٍ للآخر:



_"أيوة وحياة أمي بتكلم جد ، وشادي واخد الكلام جد خد بالك وبدأ فعلاً يدور على قاعه كويسة وكبيرة تكون ليكم إنتم الاتنين وبينكم بالنص ، كان قالي إنه هيكلمك النهارده بس بعد حواره ده وحوار غسان ونيروز!!""



وقبل أن يأخذ أنفاسه براحةٍ  وجه نظراته صوب "ياسمين" التي تزغرط بحماسٍ دون أخذ راحة ثم قال بجديةٍ لها وعينيه الجامدة تتوجه لها عن طريق المرٱه :



_"كفاية يا ياسمين ..نَفَسك يا حبيبتي إنتي واللي فبطنك ، اعقلي شوية !!"



_"ما تسيبني يا حازم أفرح ..بقولك ايه يا عز مينفعش تأجل الفرح على ما أولد على خير ، نفسي أخد راحتي فالفرحة ومش عارفه!!!"



قالتها كي تثير حنقه وحنق "جميلة" والذي سرعان ما إندفع  يهتف عالياً بنبره مرتفعه:



_" لااا ..دا أنا ما صدقت حرام عليكم !!!"



ضحكوا عليه بخفةٍ من ردة فعله ، وعاد الحديث المرح بينهم ، في حين تعلقت عينيه الشغوفة بها وهي تتحدث بضحكات عالية مع "ياسمين"، وفكرة بأنها ستصبح له بعد أمنيته الطويلة مع أيامه القاسيه ، والتي حنت عليه بها ، لا يصدقها بالفعل ، كانت وتكون بالفعل "جميلة" وتجعل أيامه جميلة مثل إسمها ، رُبما هي الوحيدة التي أخذت حظاً ولو قليل باسمها ، الجمال في شكلها وحتي روحها وقلبها الذي  استطاع فك شفرات قلبه ومن ثم سلبته دون ثمن وبخفةٍ كُبرىٰ منذ زمن !!..



وخلال دقائق توقفت السيارات بالفعل أمام منزلها الذي كان به من الإضاءه للخارج ما يكفي ، هبط الجميع وتوجهوا معاً للأعلى فوجد الباب مفتوح بالفعل وبالداخل بعض من أصدقاء"منة" و"طارق" وبعض الأقارب القِله ، دخل "شادي"و"حامد" مع"غسان" يرحبون بالمعازيم الرجال القِلة ، ودخلت "نيروو"مع"دلال"و"وسام" ومن ثم "عز"و"بدر"و",حازم" و"ياسمين"و"جميلة"و" وردة" ، أخذ الشباب ركناً والرجال ، وتوجة "شادي" يجلس على المقعد بجانب "منة" التي كانت خجولة ، رفعت عينيها وهو يقف يطالعها بصمتٍ فوجدته يردد بجمله معهودة منه لها :




        
          
                
_" وحشتيني يا أم عيون قناصة !!"



توسعت بسمتها وهي تشير له بأن يجلس بجانبها ، ومن ثم تعالت الزغاريط بقوة في المكان ، والكل بنظر بترقبٍ وإهتمام ، إلى أن أمسكت "وسام" عُلبة الذهب المتوسطة في الحجم ثم سارت لتقف بها بجانب "شادي" ووقف"غسان" يقوم بالتصوير بسعادةٍ بالغة وتأثر ، في حين أدمعت عيني"دلال" وهي تجلس بجانب "نيروز" التي ربتت علي كفها بحنوٍ وهي تقول :



_" إنتي طيبة أوي يا طنط..مش متخيله إنك قدرتي تربي وتخليه يحبك الحب ده كله ، ربنا يخليه ليكي ويسعدهم!!"



توسعت بسمتها من بين دموعها وهي تنظر لها بتأثرٍ ، في حين تعالى صوت "حامد". المرح وهو يقف بجانب ",طارق" :



_"ياض لبسها الدهب يلا وبلاش جو العاشق الولهان ، أبوها واقف أومال !!"



قالها كي يجعل "طارق" يضحك وضحك بالفعل وهو يؤيده والكل يؤيد ، وتعالت أغُنية مرتبطة بارتداء شبكتهما معاً ، فإستعدت "وسام"  تقدم بجانب يديه العُلبة ، فإنتشل منها الدبلة وهو يشير على يديها اليُمني غامزاً لها بقوله المنخفض وسط الأصوات الخارجيه:



_" ما تجيبي الشمال وتعالي معايا وخلينا نخلص ونخش دنيا بقا !"



تعالت ضحكاتها بقوه، ثم اعتدلت تمد يديها اليُمنى بخجلٍ وهي تجيبه :



_"مش هطول وهخليك تلبسهالي فالشمال متقلقش !!"



وفي هذه اللحظه توقف أن يدير رأسه ناحية الٱخرى ليأخذ البقية ، بل تاه بين عينيها مسلطاً عينيه وبسمته ناحية بسمتها الواسعه وعينيها الواسعه أيضاً ومن ثم خصلاتها السوداء حتى ردد بهيامٍ على حديثها وبصدق لا تستشفه منه إلا قليل :



_"خلاص مبقتش قلقان طول ما إنتي معايا ..كنت خايف متكونيش ليا ومش عارف الخوف ده جه منين وإزاي ، وكنت خايف حد ياخدك مكاني مش أنا اللي أبقى صاحب النصيب الحلو ده !!"



رأت الصدق منه غير المرح والمشاكسة إبتلعت ريقها أمام حديثه ذلك ولم يعطها الفرصة لتجيب بل إنتشل الخاتم يلبسه إياه ومن ثم سوار اليد الذهبي وٱخيراً القلادة الرقيقه وهي تلتفت ليعلقها على عنقها الناعم ، التفتت مرة أخرى وهي ترفع عينيها نحو الفتيات التي تعالت الزغاريط منهم وبقوه بنفس واحد مما جعل الكل ينظر نحوهم بإعجابٍ ، وبطبيعتها المرحة وقبولها الهادئ والمشاكس لديها معارف وأصدقاء كثيرة ، ومن أقوى العلاقات علاقتها بـ "جميلة" ! التي كانت تقف بتأثر تقوم بتصوير كل تفصيله بفرح وسعادة ظهرت  بعينيها، تقسم الٱخرى بأنها لم ترى منها غل أو حقد يوماً ما  ، رغم طبيعة إحتمالية وجود ذلك بينهن في الفتيات !، لاحظ شرودها، فابتسم بهدوء وقد عاد الكل يتحدث بحديث عشوائي ، إلتفتت سريعاً على قوله الهادئ :



_"ويا  بخت اللي ضله صاحب ، وصاحبة جميل!!"



أيدت قوله بغرابةٍ من فهمه لها بهذه الطريقة ، فعادت تسرد عليه برقةٍ :




        
          
                
_"الصحاب دول أغلى حاجة فالدنيا بس لو فعلاً سالكين ونُضاف ، أنا عُمرى ما شوفت من جميلة حاجة وحشه أبداً ، بالعكس دي دايماً واقفه جنبي ، وتالتنا كان فرح أخت عز ، صاحبتي بردو وعزمتها بس مجيتش ، انا عارفه ظروفها بس زي ما كنت عارفه إن ربنا زرع فيها الغيرة  ، رغم إننا كنا صحاب بس مكناش بنرتاح فبعض أوي أوي زي أي صحاب بيحصل بينهم كدة ..إحنا ايه اللي جاب السيرة فوقت زى ده ؟!!"



قالتها بغرابةٍ من نفسها ثم ضحكت  بخفةٍ ، فنظر نحوها "شادي" بإهتمام وهو يقول :



_"أنا مستعد أسمعك فأي وقت وأي مكان مهما كان الظرف ، ولو على الصُحاب ، فإنتي من النهاردة صحبتي يا منة قبل ما هتكوني مراتي ، انا بحبك ومعرفش إمته وإزاي ، وعارف إن في لسه مكان للحب يكتر عشان نعرل بعض ٱكتر وعارف كمان إنك يمكن موصلتبش للمرحلة اللي هو خلاص دايبة فيا دوب ، بس أنا فرحان عشان إنتي معايا ومع بعض هنوصل للمرحلة دي بالحلال ، وفرحان إني أخدت خطوة بسببك وسبب تربيتك وإحترامك زي ما فرحان إني وأخيراً عرفت أخد قرار عشانك ودخلت البيت من بابه عشان بس  لمجرد إن البت منه الدكتورة  وقعت الواد شادي اللي كان بيشوف البنات كلها زي بعضها و واحد ، لحد ما لقيتك إنتي ووقعتيني ولما وقعت عرفت إنهم مش واحد ولا حاجة ..وإن في بينهم إختلاف ، إختلاف كله إتحط فيها هي بس "مِنَة"!!!!"



أدمعت عيني "منة" بتأثرٍ غير واعيه بالجميع، بل في هذه اللحظه تعلقت عينيها بعينيه هو ثم رددت بتلقائيه وعفوية لا تخلو من الصدق الشديد :



_" وأنا بحبك يا شادي ، وعمري فحياتي ما توقعت حد يحبني وأنا كده !!"



_"وإنتي كده اجمل بنت في الدنيا..هتعلميني بوكس إمته بقا علشان مبقاش شكلي وحش لما تسوقي الجنان عليا !!"



ضحكت بخفةٍ وقد سمعت هي صوت الٱغاني ليقوما بالرقص وقبل أن تجيب وجدت الفتيات تسحبها من جانبه ، وقبل أن ينصدم ، وجد من يسحبه هو الٱخر من يد "غسان"و"عز"،  إلى أن وقف الكل يتراقص رقص جنوني مبهج سعيد في جو مرح، وحتى إنخرط معهم "بدر"و"حازم" وتمسكت "ياسمين" باعجوبة كي لا تنهض بسبب توصيات "حازم" الحادة ،  جلست "وردة" بطبعها الهادئ فقط تداعب "يامن" بالرقص وهي جالسه وهو واقف أمامها ،في حين شردت"نيروز" بمشهدهم  بجانب "دلال" الضاحكة بصوتٍ وكما كانت "وسام" التي إنسحبت كي تتراقص مع "منة" ، وعلى سهوةٍ وجدته يقف أمامها يمد كفه لها ، فخجلت هي وهي توزع أنظارها بينهن  فاقتربت تهمس له برفضٍ :



_"لا مش هقدر أرقص !!"



_"دا سلو يا رزّه ، فكيها يا ستي وإتبسطي ، إحنا متبسطناش من يوم الفرح  والله !!"



قصد "غسان" أن يجعلها تفك العقدة التي تفعلها بالسكون ، أشارت لها "دلال" كي  تنهض، فنهضت وسط الزحام ممكسة بكفه ومن بين سيرها للمكان الواسع ، اصطدمت بكتف فتاه وهي تتخطى السير بحذاءها علي حذاء الٱخرى ، فإلتفتت تردد بأسفٍ لها رغم أنها غير مخطئه  :




        
          
                
_"أنا ٱسفه مكنتش أقصد !!!"



ترقبت ملامحه لأسفها ، فإلتفت بوجهه ينظر للفتاه التي وضعت الكثير من مساحيق التجميل ،. وللتبجح وجدها ترمقها نظرة مشمئزة متعاليه مهبطة عينيها  التي كانت أهدابها الصناعيه كثيفه وكبيرة الحجم من أعلاها لاسفلها مرددة بغير إكتراث :



_" إبقي فتحي أو البسي نضارة يا بتاعه إنتي !!"



وقبل أن ترد دفعها "غسان" برفقٍ وهو يرمقها بثباتٍ ثم قال بجرأةٍ جعلت  وجه الفتاه ينقلب لتعابير أخرى متهجمة :



_" واللهِ هو محدش محتاج يفتح  غيرك ، أنا مش شايف عينك من الأوزان اللي فوقها الصراحة ، فـ عديها عشان منزعلش من بعض و..."



أهتزت ملامح الفتاه ، وإنصدمت حينما وجدته يتقرب كي تسمعه أكثر :



_"و عشان  انا شايفك وإنتي قاصدة تخبطي ،  هي مش الحركات دي قدمت من زمان يا .. ، ولابلاش الاسم كفاية الشكل !!"



بالفعل قصدت هي من تصطدم بها ،وبه من الأساس ، هو الوحيد التي وجدته يقف بيد فارغه دون فتاه إلى النهاية وذهب هو لها ، رأت "حازم " فالبداية مع زوجته و"بدر"و"عز" التي كانت تعتبره صيد ثمين ،، وجدته يقف مع "جميلة" ونظراته لها كافية لشرح الكثير خاصةً هو ،  "غسان" ليس وسيم نوعاً ما ،، ولكن مثلها الكثير من يريدون لفت إنتباه الشباب ،  تعمدت الجرأه   وهي ترفع عينيها بعينيه  فوجدته يسحب يد "نيروز"  لتتأبط ذراعه ثم قال لها وبسمته تتسع بُنبهها  رافعاً يديه اليُسرى يُريها الدبله مع إشارته بعينيه على "نيروز", الواقفه بصمتٍ :



_''المدام... مراتي!!"



ضغطت على فكها  بإنهزامٍ ، ثم رفعت عينيها نحو "نيروز", مرة أخرى  وهي تردد بتهكمٍ :



_" بجد ؟؟ مع مش باين عليها خالص إنها متجوزة  ،  اصلها يعني مش ولا بُد ، اصلي بصراحة شايفه عيون خضرا جايين معاكم وجمال يعني يقول إنها من براكم خالص ، معلش هي بتبقى كده ساعات.. الجمال مش كل حاجة !!!!"



ما يسمي بالعامية بيننا" صورم" بالفعل ، أثار تسليتها   ملامحها التي كانت أقل جمالاً من أقاربها وشقيقاتها ، الشئ الذي يميزها بأن ملامحها هادئه بشدة تريح الأعين  للنظر لها لا تملك عين خضراء كمثل "وردة"و", ياسمين", ولا ملامح جذابة كمثل "جميلة وفريدة" ، ضغطت "نيروز" على فكها وهي تحاول التماسك وإلى الٱن لا تصدق بالفعل بأن ذلك الموقف تتعرض هي له بمكان كذلك وموضع كهذا !  ، لاحظ البعض وقوفهم كذلك وحرب النظرات ، فأغمضت "منة" عينيها بضغطٍ من تلك التي تُسمى "هالة" صاحبة المشاكل الكُبرىٰ والصغرىٰ ، يعدان أقارب من على بُعدٍ ، إقترب "عز" وسط إنشغال الجميع ، ومن ثم وجدوا شهقة الفتاه تعلو بقوه ، حينما وجهت "نيروز" سوار يديها الحاد أمام عنقها ، ابتسم "غسان" بفخرٍ ومن ثم وجد نبرتها الحادة تظهر بعد كبت حينما قالت بحدةٍ وصلت لها وحدها وهي تقترب منها تخفي يديها كي لا يراها  أحد بفعلتها هذه وهي تهمس لها بهمس وصل لها وله :




        
          
                
_" إتقي شرنا وخليكي فحالك ..هتعرفي ولا مش هتعرفي؟؟"



فتح"عز" عينيه علي وسعها من جرأة ما حدث ،  فأشار "غسان" لها بعينيه بعيداً ،، فإبتلعت ريقها وهي تومأ على حديث "نيروز"  ومن ثم ابتعدت بصمت ما أن رأت السوار يعود لمكانه مره ثانية ، كونهما بأحد الأركان قبل الوصول للمكان الواسع لم يأخذ أحد انتباهه سوى "عز"و"منة" التي قالت لـ "شادي" فآقترب منهما سريعاً ، كما اقتربت "جميلة"و", ياسمين" التي لاحظت ان يوجد أمر ما ، تنفست "نيروز" وهي تتركهم ثم عادت لتجلس بصمت بجانب "دلال" التي جهلت ذلك الموقف ، وبخفة علم من كان يقف إختصار الموضوع حتى عاد الجميع إلى مكانه بصوت الضحكات والأصوات المختلطة ،  ربت "شادي" على كتف "غسان" ثم مال يهمس بجانب أذنه بأسفٍ :



_" منة قالتلي إن البنت دي عقلها مفوت ، فككوا منها وعدوا اليوم خلينا نشوف حوارك بعد ما نخلص ونتبسط كلنا بعيد عن المشاكل !"



طبيعياً بمناسبة كهذه تجد فتاه كهذه ،  شعرت بأنها جُرحت ولو بقليل من جملتها لها ، لذا تعكر صفو مزاجها وهي تعود تجلس بمكانها ، أمسكت طبق الجاتوه كما كان الكل يأكل منه بتلذذ ، مالت لتهمس بجانب أذن "ياسمين" ولكنها لم تجدها  وجدت المقعد فارغ والكل منشغل ، بحثت بعينيها ولكنها لم تجدها ، كانت بالفعل واقفه بمكان ٱخر بجانب هذه الفتاه، أثار غيظها ما سمعته ، فتصنعت سقوط القطعه على ملابس الفتاه وهي تقف بجانبها ، وعندما وقعت تلطخت ملابسها ببياض الكريمة ، فشهقت"ياسمين" بطريقة زائفه وهي تعبس من ملامحها قائله لها :



_"إيه ده ؟؟ سوري ..مكنش قصدي !!"



وعادت تقترب قبل أن تتفوه الٱخرى بسبها حينها إقترب تهمس بجانب أذنها :



_" زي ما مقصدتيش تخبطي فأختي وجوزها  بالظبط ..تشاو !!!"



قالت ٱخر كلمة وهي تشير بأصابعها بالوداع بكيدٍ شديد ، وكان من يترقب جيداً "غسان" الذي كان يعلم بأنها ذهبت لفعل شيء بالتأكيد ، وفي طريقها لهن ،. قاطع "غسان" سيرها ، فنظرت له بتسليةٍ وهي تتخطاه ، أثار دهشته حركتها الجريئة ، وكل مره يتيقن بأن عائلة مثل  عائلة "الأكرمي" ليست هينه تماماً باصغر فرد بها حتى !! ،  وجد من يضرب كف بكف بقلة حيلة وهو يردد على مسامعه بـ :



_" وكيدهن عظيم والله العظيم !!"



ضحك على قول "عز" وهو يؤيده ، متجهين معاً لهم ، جلست "ياسمين " بتعبٍ بجانبها ، وهي تمد يديها تأخذ القطعه من بين يدي "نيروز" التي سألتها بغرابةٍ :



_". كنتي فين؟؟"



_" فالحمام!!"



أدرفت"ياسمين" كلمتها بغير إهتمام ، وقد مر الوقت بحديث هنا وهناك ، ورقص البعض ورفضت "نيروز" الرقص ، إلى أن وجدتهم يتهامسون وعدد المعازيم يقل بالتدريج ، وجدت "منة" و"شادي" يحدثان أشقائه في الهاتف مع بقية الشباب ، الذين جلسوا ٱخيراً يتشاورون معهم فالهاتف علي موعد محدد للزواج ، ومعهم "عز" المهتم بشدة ، وتارة أخرى تعلو الزغاريط بقوة ، جلست "نيروز" بجانب "يامن" تداعبه بحبٍ ،و"وردة", مع "ياسمين" يتحدثان بأمور حملها المتعب ، في حين تعالى صوت "حامد" ببهجة شديدة حينما قال :




        
          
                
_" خلاص يبقي الفرح بعد إسبوعين إن شاء الله!!"



بالفعل "شادي" مُتجهز ، ولم يكن سوى جهاز "جميلة" الذي سَيُنقل بأقرب وقت !! ، إنصدم الجميع من هذه السرعه وتعالت الزغاريط مرة أخرى ببهجة ، ومن عناق الشباب لبعضهم والفتيات لبعضهن ، ودموع "دلال" وهي تضم "شادي", بتأثرٍ قائلة بتحشرج :



_"ألف مبروك يا حبيب قلبي ،. يارب يسعدك ويهنيك !!"



قبل قمة رأسه بطاعة  ثم عاد يمسك الهاتف يحدث أشقائه ، في حين توجهت"منة" تحتضن بمن تعتبر "حماتها" وعانقتها بالفعل بحبٍ ، وهي تسمع منها كلمات معسولة ،في حين وجدت "والدها" يقف بركن ما ينظر بتأثر. فتوجهت هي تمسك كفه تقبله وهي تشاكسه بنبرتها الضعيفه من بين انسحابهم للأسفل :



_" بحبك يا طأطأ ، لو سمحت مش عايزة أشوفك كدة .. زعلان ولا ايه؟! "



_" فرحان...ومن كتر ما فرحان زعلان ، إنتي الحاجه الغالية عليا يا منة والوحيدة اللي بقيالي !!"



قبلت قمة رأسه بتأثرٍ وهي تتمسك بكفه ، ثم إلتفتت فوجدت "شادي" يقف منتظراً ، نظر شارداً بهما بعاطفة لا يعلم من أين أتت. ، وللطف فرد "طارق" ذراعيه له كونه فهم ما يشعر به ، فدخل"شادي", بين أحضانه  بتأثرٍ  ومن ثم خرج وهو يتنفس بعمقٍ قائلاً له بإطمئنان:



_" مش عاوزك تخاف ، أوعدك إني هحافظ عليها!!"



وجد الصدق والثبات في نبرته مما جعله يربت على كتفيه بثقةٍ منه ، وعلامات صلاة الاستخارة له ولها تتضح أكثر فأكثر ، ولم يرى هو إلا الخير إلى الٱن منه ومن تبعه هو !!,  وجده يتحدث مع "منة" ، فترقبت ملامحه للسؤال :



_" مش هتيجي يلا يا عمي ؟!"



_" لا إسبقوا إنتم وهاجي وراكم على ما  ما الناس الباقيه دي تمشي براحتها ، وكده كده  المكان تحت العماره اللي  صاحبة منة ساكنة فيها والاستاذ حامد ، فمش بعيد ، أنا هحصلكم علطول ، خلي بالك منها !!"



تركها معه كونه يعلم جيداً بأنهما لم يكونا بمفردهما ، للمكان الذي سيتجه له الكل ، أومأ له وسارت"منة" بجانبة إلى الأسفل ، حيث التجمع المُبهج الشديد خاصة بعائلة"غسان"و"نيروز" التي شهقت بخفوتٍ ما أن راتهما يهبطان بغرابةٍ ثم عادت تسأل "غسان" بإستنكارٍ :



_' هم رايحين فين ؟؟ مش المفروض هيقعد معاها ؟  إنتوا مروحين بدري ليه كده، هو فيه ايه ؟؟"



قصدت المعازيم بالفعل ، تستنكر أشياء كثيرة ، لا تعلم هي بأن بقية خطبتهما بالفعل ستكون بالمكان المعهود بعد دقائق معدوده ،  تجاهل "غسان" سؤالها  وهو يطالع الكل يركب السيارت ويرحل ، أشار لها بأن تركب. فتوجهت لتركب بضيقٍ استشعرته ولا تعلم لما ؟!  ربما من سير الأجواء بعشوائية كُبرىٰ ، ركبت في الخلف بجانب "دلال"و"وسام", وركب "حامد" في الأمام ، وقد إنتظر هو بضع لحظاتٍ إلى أن سارت السيارات أولاً على بعد منهم لتسير الخطة كما هي موضوعه ، زفرت بمللٍ من مرور الدقائق وليست اللحظات وإنشغل هو في الحديث مع "والده" ومن ثم سمع صوتها المستنكر وهي تسأله:




        
          
                
_" هو احنا مستنين مين ؟؟!"



_"هنمشي أهو يا حبيبتي ، يلا يا بني خلينا نتحرك !!"



قال"حامد" جملته بحنوٍ، فدار محرك السيارة بإهتمام بعدما اغلق هاتفه الذي كان منشغلاً به بقوة ، وكبتت "دلال" ضحكتها مع "وسام" حينما اندفعت "نيروز", تسأله بغيظٍ وعفوية شديدة ظهرت على فجأه من ملاحظتها لحديثه في الهاتف بإهتمام شديد غير مكترثاً لها ولا لهم :



_" هو إيه اللي شاغلك في التليفون أوي كدة وبتكلم مين, مش فاهمه أنا !!!"



أتى فضولها من غيرتها بالتجاهل ،  تعالت الضحكات عليها بعد فشلهم بكبتها ، حتى"حامد " الذي نظر له وهو يضع الهاتف بجيبه ثم نظر لها بالمرٱه متمتماً بنبرةٍ ساخرة:



_" بخونِك !!"



وبنبرة هادئه أدرفها ، ما أثار صدمتها بأنه قالها ببساطة وكأنه يفعل ذلك بالفعل ، شهقت شهقة إستنكار ، بل وكانت بساطته هذه أمامهم بخفةٍ مما جعل "حامد" يردد من بين ضحكاته :



_" سيبك منه ، بيهزر معاكي ، والله ما يقدر يعملها ، دا أنا أموته فيها ، بقا حد يخون الجمال ده كُله ؟!"



وبلطف شديد استطاع أن يخرج بسمتها بخجلٍ بل وثقتها التي إهتزت من موقف الفتاه ، والتي تشعر بالضيق إلى الٱن بسببها ، صمتت وببراعه استطاع "حامد" أن يجعلها تصمت فإنخرطت في الحديث معهما في الخلف ، ورغم قلة  حديث"وسام", ولكنها تشعر بالندم الٱن يتٱكل بها مما أدرفته !!



وبخفة أخرى وجدته يركن السيارة على بعد عشرة خطوات من المبني الذين يسكنوا به بالفعل ، والغريب بالنسبه لها بأن الكل صمت. والمكان مظلم ، ووجدتهم يهبطون من السياره عداها هي التي لم تتحرك مع هتفها للسؤال بغرابة له :



_" هو إنت وقفت ليه ..ونازلين بعيد ليه عن العماره !!"



تثير ضيقه  بإستنكارها وهذا ما أظهره لها كي لا تشك بشئ حينما رد عليها وهو يغلق السيارة ناظراً على الظلام من أمامه :



_" ما أديكي شايفه الدنيا ضلمه إزاي. وبعدين هخطفك يعني ، إنتي ماشيه مع جوزك ، هاتي إيدك بقا خلينا نعدي ونوصل علي خير فاليوم ده !!"



وجد "حامد" يسير خلفهما مع زوجته وابنته ، وهما في الأمام ، تمسكت بذراعه وهي تنظر بغير فهم لضيقة ، سارت تتحسس الأماكن وعندما شعرت بأنها تصعد سُلمة غير درج العماره الذي يكون في البداية ، هتفت بمعارضه تنبهه :



_" إستني كده ، دي مش العماره، إحنا داخلين مكان غلط !!"



وجدته يسحبها برفقٍ وهي تسير ، فأكملت بنبرة مرتفعه كي يسمعها :



_" استني كده يا غسـان بقولك  المكـ ..."



قُطع الحديث عندما  وجدت المكان  الإضاءه الكثيره تظهر به على فجأه بكثرةٍ ، بل وصوت التهليل من الجميع جعلها تنتفض وهي تتأبط ذراعه وصوت الكلمات  يعلو بقوةٍ مع التصفيق الحار :




        
          
                
_«كل سنة وانته طيب ومن قلبي قرييب ... 
والسنة دي معايا واللي جاي ويايا
يا أغلى الحبايب يا سكر و دايب ...
 يا كل الحبايب حبايب كلك خير وطيب
وعمري اللي جاي هاشيلك بين عيوني شيل
ولو هأقدر يا روحي هأجيبلك نجوم الليل
حبيبي معاك الحب طعمه جميل
وعمري اللي جاي هاشيلك بين عيوني شيل
ولو هأقدر يا روحي هأجيبلك نجوم الليل
حبيبي معاك الحب طعمه جميل
و كل سنة وانته طيب
عيونك حبيبي رموشك يا عيني خدوك
 يا سيدي يا سيدي الله عليك
وعيدك ده عيدي و حبك نصيبي 
و قلبك حبيبي حبيبي انا عمري ليك
عيونك حبيبي رموشك يا عيني 
خدوك يا سيدي يا سيدي الله عليك »



فتحت "نيروز" عينيها علي وسعها بغير تصديق وغير فهم ٱخر لما يحدث ، الكل موجود بالفعل ، وذلك المكان المتوسط المساحه بشكلة الهادئ كان جراچاً لإحدي السيارات وتم تعديله، وصلت الفكرة سريعاً عندما وجدت الورود تملئ المكان من حولها مثل الزرع تماماً ، ولوحات عدة مُعلقة مرسومة بواسطة "وسام" ترمز للورد ، مثل يد فتاه تمسك ورده وغيرها ، وصلت الفكرة سريعاً بأنه قد حقق لها أمنيتها وفتح لها ما يسمي بالعامية "محل ورد" كان صغيراً عكس حلمها بأن يكون كبير ، ولكن علي مقدرته هو!!!



هل نست وغفت عن يوم عيد مولدها ؟! ، أم أن الأحداث وكثرة الضغوط جعلتها لا تهتم  ولا تقصد بأن تحتفل وأن ترى أهتمام أحدهم ؟!  إذن كيف كانت النهايه؟؟ لم ينسى أحد خاصةً هو ؟؟ ، أم أنها تعمدت النسيان في ظروفه هذه وظروفها أيضاً ، إبتلعت "نيروز", ريقها بتأثرٍ وقد هبطتت دمعتها بسعادة متأثرة وهي ترفع عينيها  وكأنها لم ترى الكل في هذه اللحظة سِواه هو !!..رفعتها حتى تتقابل مع عينيه هو وهي تقول بتعلثمٍ مختنق بنبرتها التي على كانت وشك البكاء الشديد من كثرة التأثر :



_"  إنتَ ..إنت حققت الأُمنية يا غسان ؟؟ ..إنت .. عملت كل ده علشاني ؟؟!!"



ولحظة صمت من الجميع ، من "شادي" و"منة" ووالديه هو وشقيقتها هي وشقيقتها الٱخرى وزوجها ، ومن الاصدقاء ومن من علموا بأن هذه اللحظه هو موعد إفتتاح ذلك المحل بالفعل ، لحظة تقابل عيني "غسان" معها وهو يُحرك رأسه بتأكيدٍ يتذكر ما سمعه منها  حين تأكد من شعوره تجاهها قبلها  عندما ردد بينه وبين نفسه بعد حوارهما  معا ً ..الجُملة التي أوقعته لا مَحال بعدما علم ذلك!! عندما أعلن لنفسه إنهزامه وتغير القدر على ما كان ينويه :
 " لم أكن أنويكِ حُباً قد وقعتُ فيكِ سهواً "...



«عودة لوقت مضىٰ عليه الكثير»



_" سمـا بردو؟ عندك أحلام المرادي عاوزه تحققيها ولا إيـه؟"



إلتفتت له ولكن ليست بمفاجٱه، وللحق كانت تنتظر أسألته العبثيه هذه !!، نظرت له "نيروز" وهي تتجه أكثر حتي تستطيع أن تسمع ما يردفه جيداً بعد الٱن.. تنفست بعمق وهي تجيبه بنبره عاديه:




        
          
                
_" المفروض يبقى لسه في أحلام بعد ما اتخرجت واشتغلت وخلاص!"



ضحك "غسان" بخفه وهو يردد:



_"دي كٱبه دي!؟"



أخذت هى أنفاسها وهي تضحك هي الأخري قائلة  تحاول محو الإرتباك الغير مفهوم  بردها المبرهن :



_"لأ ، بس هحلم من تاني يعنى ؟؟"



التفت بوجهه ينظر لها فوجدها تنظر له بتمعن منتظره إجابته ،فأخذ أنفاسه بصوتٍ مسموع  ثم خرج منه صوته الأجش وهو يردف قائلاً لها بهدوءٍ مُجيباً على حديثها بأملٍ :



_" الحلمّ مش حلم واحد بس عاوزين نوصله ، ولما منوصلوش ميبقاش فيه أحلام خلاص، فى أحلام تانيه عاوزين نحققها ومش لازم يكون حلم كبير عشان نوصله ، ممكن يبقى حلم بإيدنا نوصله بس مش متشجعين ليه أو مفيش طاقه كافيه ليه ، أو مفيش جمبنا اللي يساعدنا نوصل ليه، فهمتي حاجة !!"



أومأت بتفهم لحديثـه ، ثم ابتسمت له قائله :



_" قصدك حلم فرعي غير الأساسي اللي موصلناش ليه؟"



هز "غسان" رأسه لها مبتسماً بسمه صغيره ، فوجهت نظراتها إلى أمامها بشرودٍ ثم قالت بتلقائية تسرد وكأنها تسبح بعالم مع ذاتها فقط :



_" في حاجات كتير نفسي أعملها ، بس في دايماً حاجه عاوزه أعملها وبرتب ليها كأنها حلم كبير بجد ، نفسي أفتح Rose shop، (محل ورد) ، ويبقي كبير أوي ، وأجيب فيه كل أنواع الورود ، وريحتهم تبقى ماليه المكان كله، ويبقى مكان كبير أوي ، ويبقى فيه فريق كبير ينظم للحفلات اللي برا بالورود والديكور ، وفريق تانى يبقى مسئول عن تنظيم وتنسيق الورد للى هيشتريه الناس وهساعدهم كلهم كمان، ويبقى فيه ركن صغير فى المكان مخصص للتصوير بالورد ويبقي فيهم عدد من الـphotographer يصوروهم صور حلوه وكويسه ومفيش فيها حاجه وحشه عشان مخدش ذنوب طبعاً ، وميدخلش المكان غير المكتوب كتابهم أو المتجوزين ، والمخطوبين بردو ، بس الصور تكون بقواعد معينه كده ، وأشغل قرٱن في المكان وكل يوم سوره لحد ما تتكرر علي مسامعهم وتتحفظ ، وكمان أبقى أشغل أمير عيد شويه أصل بحبه أوي و ،وممكن أبقى أشغل كوكب الأرض بتاعتك كمان!! "



صمتت تستوعب ما قالته ، ثم ضحكت عالياً بخفه وهي تردف قائله بمرح تعتاد عليه معه وقت بوقت وشئ فشئ :



_"شوفت ، أهو حلم واحد جواه أحلام كتيره أوي !!"



جميل من يتحدث عن شئ يحبه، وجميل من يتحدث عن أحلامه بشغفٍ ، وللحق كانت جميله وهي تتحدث بعفويه وتلقائيه كبيره ، كان ينصت لها بتمعن وهو يبتسم علي ابتسامتها وضحكاتها من بين حديثـها بغير وعى ، وما إن أردفتّ كلماتها وإنتهت من حديثها ، تنفس هو ببطئ متحدثاً بعد لحظاتٍ بيقين لا يعلم من أين أتي رُبما من نبرة صوتها وشغفها الظاهر بما تتحدث عنه ؟! :




        
          
                
_" حلمك حلو أوي ، متأكد إنه هيتحقق ! "



_"ياريـتّ!!!"



«عودة للوقت الحالي»



كيف علم بأنه سيتحقق وكيف حقق نصفه من الأساس لا يهم كل ذلك ، الفكرة ذاتها قد حدثت بالفعل بل وبما إستطاع عليه هو كي يسعدها ، هبطتت دمعتها وهي تندفع بأحضانه بغير وعي للإزدحام من حولها نظراً لضيق المكان ، وبكت ، كما لم تبكي من قبل ، بكت وهي ترمي عليه حديث متعلثم بغير تصديق ، رفع "غسان" كفه يمسح دموعها بتأثرٍ ثم إقترب يهمس بجانب أذنها مع التصفيق الحار من الجميع ببهجة مره اخرى:



_"كُل سنة وإنتِ نيروزّ واحدة بس فالعمر ومش هتتكرر ، كُل سنة  وإنتِ معايا وإنتِ الرزق اللي من عند ربنا ليا !"



مسحت دموعها وهي تتنفس بعمقٍ ثم خرجت بخجلٍ وهي تنظر نحو تصفيقهم الحار ونظراتهم التي تتحرك شئ فشئ على المكان ، والتي لم يُترك لها الفرصة في الآستكشاف ، بل وجدت"فريدة " هي من تمسك زمام الأمور حينما أشارت لهم بالقول  بٱنٍ واحد بكلمات عيد مولدها مره أخرى..



_"كُل سنة وإنت طيب ومن قلبي قُريب ...!"



مع التصفيق بالقول نظرت نحوهم بتأثرٍ ومن بين أحضان لأحضان تتحرك وعينيها لا تفارق عينيه وهي تتطالعه بشكٍ فيبدل هو الشك بثقة ، بأنه ..نعم يُفعل من اجلك هذا واكثر!! ،  وعلى فجأة تعالت أُغنية أم كلثوم المشهورة بـ "الورد جميل " والكل يعود مره أخرى يتحدث بعشوائية مع أخذهم للصور 



_«الورد جميل جميل الورد
الورد جميل وله اوراق عليها دليل من الاشواق
اذا اهداه حبيب لحبيب يكون معناه "وصاله" قريب
شوف الزهور واتعلم بين الحابيب نتكلم
شوف شوف شوف الزهور واتعلم
والنرجس مال يمين وشمال
على الاغصان بتيه ودلال
عيونه تقول معانا عذول خلينا بعيد عن العزال
شوف الزهور واتعلم بين الحابيب نتكلم»



وصال؟!  رأت الكلمة بالفعل وتسمعها أيضاً ، رفعت عينيها علي شعار المكان فوجدته يُسمى بـ ( عودة الوصال)  وبٱخر الكلمة بعد حرف اللام تجد رمز وردة هادئه لطيفه ،  ولوجو صغير بحرف الـ G الذي كان متسع ليوضع بداخله حرف الـ N .. كلمة بأن وصالهما بالفعل يعود وقد عاد وكل مره يقوي وليس يضعف ، تسمعها منه كثيراً ، لذا تفهمت وتتذكر ، مدت يديها تنتشل وردة من الباقات الكبيرة كي تضعها أمام فمها تستنشقها بعمقٍ وهي تسير بإندماج ، ووجدت الصور معلقه برسم متناسق ، التفتت بوجهها سريعاً عندما وجدت "وسام" تقف وهي توضح بلهفةٍ أتت من رغبتها في الأسف :



_" أنا اللي رسمتهم ، عحبوكي؟."



_" أوي!!"



قالتها بلهفه وهي تتعمق ، ففرحت "وسام" ومن ثم وجدت"ياسمين"و "وردة" ينظران لها بعمقٍ ، و "فريدة" تقدم لها الحلويات بترحابٍ وهي تغمز لها قائلة:




        
          
                
_" خدي بالك بقا أنا اللي هشتغل معاكي هنا !!"



بالفعل وبعد إتفاق  "غسان" معها وحديثه مع "حازم" كي تبدأ حياتها من جديد بصوابٍ ، تلهفت وهي تاخذ منها  وتعانقها مره أخرى كونها استشعرت مدي تعبها بهذه المفاجأه ، ترقبت ملامح الكل عندما وجدت الاغاني تصدح و"شادي" يتراقص مع الشباب  بمرحٍ ، وجلس على المقاعد من أتي في الافتتاح ، تركت كل ذلك وإنتباهها معه هو عندما وقف بصمت ينظر بإهتمام وهو يتابعها بكل تفاصيلها ، وقف بجانب "حامد" الذي ربت علي كتفه بلينٍ فأمسك "غسان" كفه وهو يعود يرمي على مسامعه الحديث كي يقتنع مره أخرى :



_"  زي ما قولتلك يا حج ، مادام قاعد علطول في البيت بعد ما طلعت على المعاش ، فإنت تنزل تقعد فالمحل  تخفف عنهم وهم يخففوا عنك ..والوقت يتقسم بينكم بالحب وتسلي نفسك وإنت قاعد كده مع المصحف بتاعك وكوباية الشاي والجامع قدامك أهو  ، هتحتاج إيه تاني ؟!!"



صمت "حامد " بحيرة ، وعاد "غسان " يقبل قمة رأسه ببرٍ وهو يفكر  به ، في حين وقفت "نيروز " ترد علي المباركات بعيد ميلادها منهن مره أخرى وحتى "دلال", و"منة"و"جميلة " بتأثرها ،  وجد"عز" يقف أمامه وهو يسحبه من  كفه بحماس ثم قال بثبات يشجعه :



_" أول واحد هياخد ورد من هنا لمراته ، وبالحلال يعمنا زي ما الشروط بتقول !!"



ضحك "غسان" وهو يشير على عينيه بلطفٍ ثم عاد يشير بيديه نحو الباقات الكثيره التي توجد عليها الورد ، فتوجه الٱخر سريعاً وهو يشير لـ "جميلة " بحبٍ وفعل مثله "حازم"و"بدر"و"شادي", وحتى "حامد" وكل شاب كان بالمحل بالفعل ، لحظة رومانسيه علي الكل ، وقد شعر بانشغال الكل غيره هو ، وغيرها هي التي وقفت تنظر حولها بتيهه ومن ثم تعود تعلم أين هي عندما تتقابل عينيها معه هو ، وبخفة وقف أمامها ينظر بصمت دام ، إلى أن قطعه وهو يتحدث :



_" عارف إني حققت يمكن تُلت الحلم باللي حاولت اقدر عليه وكان بمقدرتي ، من تأجير المكان والاتفاق على التجهيزات البسيطة دي..بس مع بعض هنكبره وأنا واثق من ده ، كان نفسي ألاقي مكان كبير ، بس لقيت ده وتحت العماره اللي احنا ساكنين فيها عشان حياتنا متتأثرش ، نفسي تكوني مبسوطة  يا نيروز ، نفسي أحس إني عملتلك حاجه تبسطك ، عايزك دايماً فرحانة !!"



ثم عاد يكمل  سريعاً يسألها بإهتمام شديد:



_" مبسوطة..؟؟!"



إبتلعت ريقها بصعوبةٍ وهي تحرك رأسها بتأييد مردده :



_" مبسوطة من زمان أوي ، مبسوطة من ساعة ما ظهرت فحياتي ، ودلوقتي مبسوطة أوي أوي ..."



لم يتوقف الحديث إلى هنا، تظهر بأنها عاشقة الٱن وعشقها يظهر بوضوح شديد وهذه كانت أبسط أمنياته ، عادت تكمل قولها بصراحة ٍ تهتم فقط له ولقربه منها حينما قالت :




        
          
                
_" مبسوطة عشان ...إنت مبسوط إنك بسطتني !!"



ومن بعدها رفعت ذراعيها تعانقه بحبٍ فربت هو على ظهرها بحنانٍ ولين وهو يبتسم ، ثم عاد ينظر لها مجدداً وهو يوضح :



_"  عارف إنها مسئولية بس لسه مسئولية صغيره فالأول ، علشان كده المحل ده محتاج أكتر من شخص يقف فيه ، حد على الحسابات هناك كده ، وحد يقف يساعد الزبون وحد تاني يغلف وينسق الألوان  برا وجوه ،  تنسيق الألوان عايز بنات ، فـ دي هتبقي بتاعتك إنتي وفريدة ، والحسابات زي ما تحبي وتثقي ، المكان   مكانك وبتاعك إنتي !!"



ابتسمت"نيروز" بحماسٍ ثم سألته بلهفةٍ كبري:



_"  أنا متحمسه أوي .. ومواقفه على كلامك بس كده محتاجين حد يقدر يشيل ويحط وكده !!"



ردد عليها بشرودٍ وهو يحرك عينيه نحوها:



_" موجود  بس مش عارف هيجي يستلم الشغل ده إمته !!!"



_" هو  مين ؟!"



سألته بغرابةٍ وهي تسير معه تستكشف المكان ، فرد هو من بين سيره معها بابتسامه هادئه واثقه :



_" ٱدم !!"



توقفت وهي تنظر له بزهوٍ متأثر كونه يفكر بكل من حوله عدا هو ، إبتلعت ريقها بعمقٍ من تفكيرة تزامناً مع قوله المفسر لها بلين تعهده :



_" قرب يخرج من المصحة ، ولما يخرج لازم يبدأ صح ومن جديد ويشتغل ويشغل نفسه ،"



توقف "غسان" ثم أكمل بثقةٍ من إختياره :



_"وريحة الورد والدخان ميتجمعوش  فمكان واحد، !!"



مهنه كهذه بالمسئولية التي قالت له عنها تحتاج عضلات رجل يستطيع بأن يحمل الأشياء ، حركت رأسها بثقةٍ منه وهي تؤيد بأفكارها ما يراه ، ولحسن التفكير عاد يعلمها شئ أساسي عندما قال مجدداً يخيرها بمكرٍ  :



_" وبراحتك إنتي، علشان دا هيبقي شغلك إنتي وإنتي اللي  هتختاري !!"



وجدت الإحترام منه ، فابتسمت برقةٍ ثم تلاشت البسمة عندما عاد بقوله المتبجح يكمل حديثه بـ :



_" وبما أن محدش بيدفع غيري .. فمن حقي أشغل ابن عمي وأعمل اللي أعوزه .!!"



ضحكت "نيروز" على مرحة ووقاحته المعهودة ، ومن ثم حركت رأسها بإستنكارٍ توبخه :



_" انت هتذلني بقا ولا ايه  يا بن البدري ؟؟؟!"



وأضافت بلين عميق وعينيها لا تفارق عينيه حينها أمسكت كفه بتشبت وهي تقول بنبرة صادقه :



_"المكان مكانك إنت ..والقلب قلبك.. وبيحبك من زمان!!"



غمز لها"غسان " وسرعان ما وجدتهم ملتفين حولها ببهجة ، وعادت الاغاني تعلو بالرقص ، ورغم أن الساحة ليست واسعة ، نظرت لهم بفرحٍ عندما وجدتهم يتراقصون من حولهما بهدوءٍ وحبٍ كل من "حازم"و",ياسمين"و"شادي"و"منة" و"عز",و"جميلة " و"بدر"و"وردة", وحتى والديه معاً ، إبتهجت ملامحه وهو ينظر على الهواتف التي تقوم بالتصوير ، شردت "نيروز" بمنظرهم وسرعان ما وجدته يمد كفه لها كي يرقص معها بالمنتصف كما قصدوا هم ، وبالفعل تراقصوا معاً بهدوء ، أمير أميرة ومن حولهم أُمراء وأميرات كتبت كل قصه منهم بشكل مختلف.. يستمر الرقص الهادئ ، والمارة من الخارج بإنتباههم لما يحدث يدخلون والمكان يزدحم أكثر فأكثر بجو ممتع غريب قليل ما يحدث ذلك في هذه المناطق وتعلم هي لذا إعتبرته حلماً صعب أن يتحقق ومعه هو لا مُستحيل في الأحلام !!  ، هبط يهمس بجوار أذنها ببحة صوت هامس يأسرها  بعدما أشار نحو موضع قلبها الذي إستشعر دقاته العاليه لطالما كان وجهها ووجنتيها مصطبغين بحمرة قليل ما تظهر وفهمت هي قوله وعمق نبرته عندما قال بلغة تعشقها هي:




        
          
                
_" هذه الديار ديارَنا ولنا في عِشقها دينٍ و معتقدٍ !!!!"



إبتلعت ريقها وهي تتحرك بخفةٍ معه هو ، ولم تسطع الرد بل نظرات عينيه ورعشة يديها من التأثر وكم هذه الاحداث تشرح له هو ما يكفي للرد ، في حين تراقص "عز" مع "جميلة" بسعادةٍ  وكما كانت لحظة التأثر مع من قبلهما كانت معهما أيضاً وهم يسمعان اللحن وهي تتمسك بيديه برفقٍ ، وعينيه هو هذه المره تتعلق مع عينيها الواسعة التي تنظر له بخجل ولهفه بنفس ذات الوقت ، تاره تهرب من عينيه وتاره تواجهها وكأنها تود الاعتراف له بالحب للمره التي لا تعرف عددها ، رُبما لأنها والٱن تصل معه لأقصى مراحله ولا تعلم لما ، تستشعر به الأمان وخرجت من شرودها عندما هتف "عز", لها على فجٱه :



_"الدُنيا دي تلاهِي، وأنَا عليا النعمة ما  اتلهِيت  غير فِـ عيونَك وبس يا جَميلة !!!"



دقات قلبها تقفز ولا تتسارع ، بل تقفز تأثراً وكلما تشعر بأن قلبها سيخرج يعود بموضعه من جديد كلما تشعر بأنه هو  قائل هذه الكلمات وهو الذي يُشعرها بالأمان !! ، تنفست بأعجوبةٍ وقليل ما ستردفها حتى قالت له وهي تتحلى بالجرأه مقتربه من وجهه كي يسمعها من صوت الأغاني:



_"وإنت العوض يا عزّ .. ومكنتش أعرف إني بحبك أوي كدة !!"



ركن وموضع وطرفان ، والطرفان الٱخران والمختلان عقلياً كان "شادي" الذي طالع "منة" بعمقٍ وهذه اللحظة ردد بصراحةٍ :



_"بيقولوا فاقد الشئ يعطية وبقوة !! ، وأنا وإنتي إتحرمنا من حنانها بدري، بس هعوضك ودا وعد !!"



قصد الأم، فقد والدته وكما هي فقدت والدتها مبكراً. ، لذا يتعاهدان بلين وحنوٍ ، تنفست وهي تتنهد من هذه المشاعر ثم ردت الوعد بعهد إستشفه عندما قالت كلمتان يشرحان له الكثير رغم إختصارهما  :



_" وأنا كمان!"



تستمر اللحظات بمختلف الأوضاع ، إلى أن جاء الوضع لديها وهي تتحرك معه بحذرٍ نظراً لحملها ، وتاهت هي الٱخرى بين غمازته ببسمته ثم رفعت عينيها تسأله بمشاكسةٍ :



_"متنحلي كده ليه يا ابو العيال !!"



مرحت وليس لها بأجواء أخرى غير المرح ، وعكسها كان هو ، الهادئ الساكن العاقل "حازم" ، والمختل فقط عندما ينظر لخضرة عينيها، حينها فقط يختل ويصبح الٱهوج التائه  ، لذا رد بعمقٍ وهيامٍ بها وهو يقول :



_"تاية فخضرة عينك ومش عارف أخرج، عندك حل ؟! "



ضحكت "ياسمين" بخجلٍ  زائف ، وسرعان ما نفت بغرورٍ وهي تحدجه بكبرياءٍ مرددة بمرحٍ:



_"مفيش حل يا حازومي، كده كده عيوني تجنن العاقل ، فحقك يا متر !!"



_" عندك حق!!"



لا يخجل من الصراحة وهذه هي الصراحة ، مع الراحة الذي يشعرها معها ، إبتسمت له بإتساعٍ ، ووقفت "فريدة" تتحرك مع "وسام" بخفة من كون كل واحدة عزباء !! ، وإنتهى الوضع بالإنتهاء من الرقص ، والإتجاه ناحية قطع الكيك ليتناولوها مره ثانية ، الأولي بخطبة "شادي" والثانية بعيد ميلاد "نيروز"!!!




        
          
                
تستعشر قلة الأعداد بالوقت الذي يمر ، ولم يتبقي سواهم. سوى أفراد العائلة الذين جلسوا على الطاولة الكبيرة ، يستمر الوضع بالحديث والصور التذكارية، وحتى تنظيم المكان بشغفٍ وحماس بواسطة "نيروز"و"فريدة"..



...



هُناك من تابع الاصوات ويسير متخفياً غير مهتماً بأن يعلم ما هذه الأصوات المبهجة وبنفس الوقت مزعجة وحتى الازدحام ، كل ما يهمه هو أن يدخل منسحباً  لداخل المَبنى واضعاً شال من القماش أسود ممزوج بالأبيض على وجهه كي لا يراه من يخافه ومن مسه بسوء أخر مره والحق إلى الٱن لم يُأخذ منه ، وللحق لا ينقص هو خدش وليس ضرب وكدم !! ، تنهد "حسن", يأخذ أنفاسه بإرتياحٍ وهو يري باب المصعد يغلق تلقائياً ومن ثم صعد هو وهو يتنفس بإرتياح  فقد رأي سيارته بجانب سيارة شقيقه على بعد قليل من المبني والخوف كان رفيقه من فكرة أن يقع به أحدهما  بالخارج ..خرج من المصعد بحذرٍ وهو يعدل من وضع الشال  ملتفتاً نحوه وكأنه السارق والوضع يعكس ذلك عندما يجهل بأن "حدة الشباب " من يسرق ثباته وجرأته الان عندنا  يهاب هو بأن يراه !! الوضع ساخر إذن ؟!، إبتلع "حسن" ريقة بتوترٍ وهو يمد كفه يدق الباب بخفةٍ منتظراً أن يفتح له أحدهم ،  ولم يكن بالداخل سِواها "زينات" التي وقفت تستنكرها كيف لم تأخذ مفتاحها وهي تراها تهبط به ؟! ، وقفت تتوجه على أية حال ومن ثم تسمرت مكانها أمام الباب قبل أن تفتح ورائحته تخلل أنفها بقوه ، كيف لم تعرفه قبل أن تراه وهي أُم !!!!! ، تنهدت تأخذ أنفاسها بصعوبةٍ وهي تفتح شرفة الباب الخشبيه الصغيرة بترددٍ ، فوجدته يقف ومن ثم رفع عينيه سريعاً ينظر  لها من خلف الباب ، ولأنه يعلم بأنها لم تستطع كشفه وفضحه ، أخفض ما يخفي به وجهه وهو يبتسم بتهكمٍ مردداً بتساؤل ساخر وهو يرى ملامحها التي تتحول :



_"إيه ؟؟ هتسبيني واقف ومش هتدخليني بيت أبويا ؟؟ ولا هترقعي بالصوت وتفضحي ابنك ؟؟!"



وكأي أم تخاف بفطرتها عليه  رغماً عنها ، وجد الباب يُفتح على فجأه وهي تدفعه إلى الداخل بإندفاع خوفاً من أن يراه أحد ، أغلقت الباب وهي تعتدل بخوفٍ وأنفاسها تعلو ، في حين رمقها هو بسخريةٍ لاذعه، حتى وجدها تسأله بحسرةٍ لم يراها بها من قبل :



_" جاي ليه يا حسن ؟؟ عايز تموت مين  المرادي قولي ؟؟ "



واكملت مباشرةً بعدها وهي تطالع جسدة ووجهه :



_"ولا عايز إنت اللي تموت!!!!"



توقفت عن الحديث تنظر نحو ملامح وجهه وجسدة النحيل ، ثم عادت تكمل حديثها بقهرٍ وهي تشير عليه بحزنٍ :



_"حرام عليك نفسك يا بني ، إنت مش شايف نفسك؟؟"



هبطتت دمعتها بخيبةٍ ، فتخطاها بغير اهتمام كي يجلس على الاريكة ، فالتفتت وهي تنظر له تزامناً مع ردة البارد  عليها :




        
          
                
_" لا مش شايف نفسي،و أنا عارف ٱخرها من قبل منك، هتديني فلوس  تخليني أمشي ولا غاوية فرهدة ودم وسكاكين ومطاوي من تاني ؟!!!"



لحظاتٍ من الصمت إلى أن رفع عينيها المحذره عكس حديثه المُنهك :



_" الصراحة أنا مش قادر !!!"



وإحتدت عينيه بصرامةٍ وجدية تشرح لها مدى خطورة ما سيفعله إن عارضت هى :



_" بس لو مفيش غير كده هضطر ..ولو إضطريت صدقيني حتى إنتي مش هتاخدي فايدي غلوه ..!!!"



إبتلعت ريقها بخوف ما ان رأت نظرة عينيه وكأن ما يتناوله   لم يجعل له عقل ولو ذره ، تنفست ببطئ ، وهي تضغط علي كفها بضغطٍ، فلاحظ هو ما ترتديه من ملابس تخص الصلاة ، فضحك وهو يضيف مكملاً بإستخفاف:



_" دا إنتي كنتي بتصلي بقا يا أم حسن باللي لابساه ده !! ، إيه؟.. فاكرة ربنا هيسامحك ويقبلك ؟؟  "



واستمر يستفزها بقسوة لا يعلم بأنه يرميها عليها عندما أكمل ببساطة في بداية حديثه الٱتي وحقدٍ بٱخره :



_" تؤ ..محتاجة تفوقي وتعرفي إنك سبب فحاجات كتير أوي ميتسامحش عشانها ، أولهم أنا!!!"



كانت سبب بالفعل بضياعه بطريقة غير مباشرة ولكن هو من اتخذ الطريق بطباعه السيئه الذي اخذها منها ، إعتدل يريح ظهره وهو ينظر نحو دموعها التي تهبط ثم قال بقهرٍ داخلي :



_" بس انا مش مسامحك ، عشان لو هتحاولي..فمتحاوليش ، ما أنا مش مستغربك ، بقا يحصل أي حاجه فالدنيا دي ، عجبي عليك يا عجب ، زينات تتوب وسليم الأكرمي يتسجن !!!"



إبتلعت ريقها بصدمة فقد علم هو من الخارج بما حدث بالتفاصيل؟؟ تعلم بأنه لا يعلم من الداخل بما فعله تفصيلياً .. ولكنه علم من الخارج وهذا ما وضح في الٱتي :



_"يا شيخة بقا  يقعد يقولي إني فاشل ومش هنفع ، وإني ضايع وبايظ ، ومبنفعش فأي شغلانه ولا أي حاجه ، وشغال تقطيم ونصايح وفالٱخر يطلع الباشا مزور وظالم قد الدنيا لأ ورد سجون ، السجون اللي كان خايف لادخلها أنا وأجيبله العار فالوسط الو**  اللي عاش يجي علينا عشان بس منظره قدامهم وكلام الناس اللي هامه أكتر من عياله !!!"



كانت نبرته ساخره موجعه وهو يقص معاناته والتي لم تظهر بقسوتها كما كان يشعر هو بها فالبداية ، كان قوله مجرد كلمات لم تؤثر به الٱن !! ، وقفت تستمع لما يخرج منه لأول مره عندما أكمل بوجعٍ داخلي ومؤشرات الاحتياج تظهر ، من الأساس جاء بسبب هذا !!  ونفاذ الاموال منه منذ ٱخر مره لديه :



_"  يعني هو أنا روحت للهم والشرب ألا بسببه وبسببكم هنا يا شيخة !! ، ولا شوفت يوم عِدل منكم؟! ، حد يشد أوي وحد يسيب أوي وأنا العبيط اللي تايه بينكم وبين طبعكم اللي متغيرش ولا بطل يأذي فيا من غير ما حد ياخد باله ، دا أنا مبقتش أشوف حد عِدل بسببكم !! .. بقيت بكرة الاحسن مني بسببك إنتي ، حتى لو الأحسن مني ده اقرب ناس ليا ، كرهت أختي بسببكم وسبب تربيتكم ، إمته إتوافقنا مع بعض زي حازم وجميله ؟؟ ، إمته لقيت منها حب ليا ؟، إمته قولتيلي خش أحضن أختك يا حسن ، مش بدل ما تلاقي حد إغتصبها وجيالك معدتش نافعه ولا راجل  هيقبل بيها من تاني !! ، راحة تتوبي علي ايه  فهميني؟!!  بتضحكي على نفسك وإنتي ظالماها معاكي؟؟، ربنا هيسامحك على طباع طبعتيها فينا وجايه دلوقتي تحاولي تغيريها فنفسك وفينا ؟! ، بتوبي على ايه يا زينات وإنتي مخسرتيش أي حاجه على نفسك ، جوزك واتسجن ، وبنتك وضاعت ، وابنك و مدمن !! وكل ده. ميفرقش معاكي فالٱخر عشان إنتي وكل ده وبردو مخسرتيش حاجة ولسه زي ما إنتي جبروت وطبعك جامد  حتى لو بتحاولي تحني فربك مش هيحن عليكي غير لما تتقهري وتتكسري وتخسري حاجه زي ما كل واحد فينا حصله حاجات مش حاجه بس !!"




        
          
                
إندفعت تجلس بجانبه بسرعه وهي تمسك وجهه بلهفة مرددة ببكاء شديد تقسم له :



_" والله العظيم انتوا خسارتي يا حسن ، أنا بفوق وفوقت علي اللي حصل فيكم وليكم ، فارقين معايا يبني، فارق لدرجة إني نفسي أشوفك احسن ..!!"



انهيارها بالبكاء جعلها تظهر الأمل والندم بقولها الٱتي عندما قالت بلهفه وهي تتمسك به :



_"بص...تعالي .. تعالي أخلي حازم يوديك أحسن مصحة وتبقي كوس من تاني!!!"



دفعها عنه بقسوةٍ وهو يقف بإندفاعٍ مشيراً لها بغضبٍ :



_", اسكتي وإبعدي ..إبعدي عني ، مصحة ايه اللي عايزاني أروحها؟؟ وأخويا كمان ؟؟ من إمته كنتي بتحبيني انادية واقوله إنه أخويا ، إنتي سمعتيها مني وقولتلهالك ..قولتلك مش مسامحك ولا هسامحه.. قولتلك عارف ٱخر طريقي ايه قبل منك !!"



هبطتت دمعته الوحيدة علي وجنتيه وهو يراها تمسك كتفها بألمٍ والذي دفعها منه وسرعان ما إنتفضت بفزعٍ عندما وجدته يشير لها صارخاً بإنفعالٍ :



_" قـــــومي !..قومي يـــلا هاتيهم !!!"



تنفست "زينات "بخوفٍ شديد وهي تومأ له مشيرة نحو فمها كي يصمت حتي لا يسمعه أحدهم ، تخاف وتهاب  عليه ..حتى بما يفعله معها !!،  إبتسم بسخرية على مظهرها ثم عاد يسألها بضعفٍ بعد لحظات من الصمت المُميت الموجع عليها وعليه :



_" ليه يامَّه ، ليه من زمان أوي ، ليه من وأنا صغير !! "



وصل جسدة للإحتياج وهذه المره لا يعي ما يقوله ولكن قوله صحيح وموجع خرج من كبته وحديث مكتوم لما كان سيخرج من الأساس ولكن لولا حالته هذه لما خرج !!  ، يسألها لما ؟؟ والألم في الٱتي عندما عاد يردد بكرهٍ لنفسه وحياته:



_" ليه خلفتيني من الأول يامَّه!!'



يلومها وهي من انجبته !! ، تنزل الدموع منها بحسرةٍ وعجز ، وقهر شديد عندما وجدت دمعته الٱخرى تسقط ،فرفع كفه يمسح وجهه بعنفٍ وهو يصرخ مجدداً  تزامناً مع قذفه لباقة الزهور حتى وقعت متهشمة على الٱرض وهو يصرخ بقوله:



_" ليـــــــة!!!"



نهضت بسرعه فائقه عندما علمت بأنها تدخل على خطر بالفعل ، هرولت إلى الداخل عندما صرخ مره أخرى بإنفعال :



_" قولتلـــك أدخلي يلا هاتي الفلوس خليني أمشي، مبتســـمعيـــش؟؟؟!!!"



دخلت إلى الداخل ورغماً عنها فعلتها هذه ، أما هو فوقف صدرة يعلو ويهبط بشدةٍ ،حتى وجدها تأتي له مره أخرى بعد لحظاتٍ وبيديها الأوراق المالية ، مد يديه لها يأخذهم منها بإندفاعٍ ، ثم التفت كي يسير بعد قوله المودع لها :



_" ســلامّ !!"



وقفت خلفه بلهفه تقاطعه بنبرةٍ باكية:




        
          
                
_" بس ربنا بيسامح يا حسن!!"



_" وأنا مش مسامحكم ولا مسامح الدنيا..حِلى عن دماغي بقا إنتي وهي خليني أرتاح !!"



نفاذ صبر وقهر ووجع عندما وقف يردد هذه الكلمات ، فإقتربت منه تمسح دموعها وهي تطلب منه أغرب ما يكون:



_"طب ..طب أحضني يا حسن ، أحضن امك قبل ما تمشي !!"



حرك  "حسن " رأسه بضياعٍ ولم يشعر بأنه ينفي بالفعل عندما قال بصراحةٍ:



_" مخدتش منك عشان أديكي ، سـ .."



بُتر حديثه عندما إندفعت تأخذه بعناقٍ بالقوة رغماً عنه كاد يدفعها ولكن سكن تحت دفء أحضانها وهو بداخلها ، لا لن يسمح بأن يهتز ، اهتزازه ما هو إلا رعشة جسدة ويديه بالاحتياج ليس إلا ؟! ، مهبطاً كلتا يديه بخواء يتركها تفعل ما تشاء ، وكأنها تستشعر بأنه  عناق صريح ومريح وأول وأخير !! ، دفعها برفقٍ لم تعهده منه ، ثم إعتدل يرفع الشال القماشي على وجهه وهو يستعد كي يسير بإتجاه باب الشقه دون حتي أن يودعها وما أن سمعت صوت إغلاق الباب ،، ركعت أرضاً بقهرٍ!!!!!



 خوفها منه جعلها تلبي ما يريدة من هلاك ، وهي التي كان بإمكانها بأن تضعه حبيس بغرفة ما إلى أن ياتوا من الخارج، كان بإمكانها إنقاظه للمرة الٱخيرة ولكنها لم تستطع ، تصرفت كما تتصرف كل مره وهي تلبي ما يريده!!!



 ، كل مره كانت تلبي برضا منها وكأن هذا الصواب لا غيره ، اما الٱن فهي تعلم بأنها فعلت الخطأ رغماً عنها بسبب خوفها من خطره الغير مُحدد والغير متوقع بسبب ما يتناوله من دمارٍ يدمر العقل  حتى يجعله أشلاء ، أشلاء صغيره كل منها تصبح لا تعي بماذا يتصرف صاحب هذا العقل الذي يتبخر شئ فشئ !!!!  تحولت جلستها إلى القرفصاء لتبكي بوهن وضعف وكل الخوف وُضع بها ولأنها رغماً عنها ستنهض تخفي كل الآثار التي توحي بقدومه إلى هنا مره أخرى دون أن يعلم أحدهم !!!!



...



وقبل قليلٍ في محل الورد بدأ الكل ينسحب بالفعل ، من بينهم "وردة" وهي تمسك صغيرها كي ترحل مع "بدر" عندما خرجت تودعهم وخلفهم مباشرةً كان "حازم" و"ياسمين"  الذي سيقيم اليوم في شقة "عايدة" بعد جلوسة الايام السابقة في شقته فقط يقضيا الوقت ويعودا لمنزلهما ولكن اليوم مختلف ، فغداً الجُمعة ..بل والمُبهج بأن من المحتمل والقوي أن جهاز شقيقته سَيُنقل في الغد !! ، ورحل معهم "حامد"و"دلال"و"وسام"، بعد رحيل الزبائن من الافتتاح وقد خلى المكان من الناس بالفعل عداها هي وهي تقف إلى الٱن بغير تصديق، وعلى بعد منهما "فريدة" وهي تعدل في المكان ، إلى أن وقفت وإنتهت ثم نظرت لهما قائلة بوداعٍ :



_"كده أنا ظبطت كل  حاجة ، همشي وراهم بقا وطبعاً براحتكم المكان مكانكم يعني !!"



أدرفتها "فريدة" بخفةٍ فأومأت لها "نيروز" الذي وقف بحانبها "غسان" طالعها هو بإمتنان ثم أخرج نسخة من المفاتيح يعطيها لـ "نيروز" ، اخذت "نيروز", الاثنان وهي تبتسم ناظرة على ميدالية "عودة الوصال", المعلقه بهم ، مدت يديها بواحد لها ثم قالت بلطفٍ :




        
          
                
_'' دا هيبقى معاكي وبتاعك.. عشان إنتي اللي هتبقي معايا هنا فكل  حاجة!!"



مدت يديها بتردد وهي ترفع عينيها لها بتأثرٍ ثم إبتسمت قائلة بعمق لهما :



_" يارب أقدر أكون قد ثقتكم دي !!"



إبتسم "غسان" ونيروز" لها ثم نظرا لبعضهما بثقةٍ وعادا يرددان معاً عندما فهم كل طرف معني نظرات الٱخر :



_" واثقين إنك قدها!! "



ضحكت "فريدة" بخفة وهي تعانق "نيروز" بتأثرٍ حتى خرجت تطالعه وهو يقف ينظر لهما ، اعتدلت وهي تقف ثم قالت له بإمتنانٍ شديد:



_" شُكراً !!"



كان الحرج رفيقها وهي تردفها ومن ثم تخطتهما معاً وهي تخرج لتلحق بمن خرجوا من قبلها ، نظرت "نيروز"  بأثرها بشرودٍ ثم عادت تنظر له فوجدته مبتسماً بلين وإهتمام وبدون مقدمات وجدته يرفع أنامله يمررها على وجهها بحنوٍ وهو يردد بصدقٍ يستشعر بداخله ضيقها  من ماحدث وإعتبرته هي تقليل منها أمامه :



_" إنتِ ألطف من إنك تزعلي وأجمل من إن ملامحك دي تبهت يا "نيروز" ، يارب أقدر أخليكي مبسوطة  وأشوفك كدة علطول !!!"



وكانا بمفردهما وثالثهما الحُب الذي يربط قلب كل منهما ، رفعت يديها تمسك كفه بأنامله ثم أجابته بحبٍ شديد العمق :



_"مبتفشلش كل مره إنك تبثتني يا بن البدري ، اما بحبك ..فـ دي من زمان أوي!!"



رفعت ذراعيها تحتضنه وهي تربطهما معاً حول ظهره متشبته بما يرتديه مستندة برأسها عليه وهي تتنفس بعمقٍ تستند على ظهرها وسندها بالفعل ، مرر يديه بحنانٍ على ظهرها ثم قال بمرحٍ بطبعه  :



_" Roses to rose.. المرادي  كل الورد اللي فالمكان للورده اللي فحضني!!"



ضحكت "نيروز" وهي تخرج من أحضانه ومن بين لحظتهما هذه توجهت تقبل وجنتيه بسعادةٍ بالغةٍ  ، فأمسك رأسها بين كفيه وهو يقترب مقبلاً قمتها ومن ثم وجنتيها بمشاكسةٍ  وقوة حتى إشمئزت منه بطريقةٍ زائفه عندما شعرت بضغطه علي خديها وكأنها طفلة ، قليل ما تشعر بذلك ولكن معه هو الٱمر يختلف ، توجه من بعدها يغلق الإنارة حتى قدم ذراعه لتستند معه كي يسيرا معاً للخارج وعندها وقف هو يغلقه جيداً بالمفتاح ثم عاد يقدمه لها وهو يردد بوضوحٍ :



_"خدي خليه معاكي بقا ، كده نسخة معاكي ونسخة مع فريدة ، ونسخة في البيت عندنا عشان لو حصل حاجة !!"



أخذته منه وهي تضعه بحقيبتها ثم سارا معاً بضعة خطوات والٱن وبهذه اللحظه تزامناً مع خروج "حسن" من المبني دخل هو وهي عندما صعدا الدرج وكان هو أولاً وهو يبتسم "للعامل" مردداً عليه كلمات مرحة مشاكسة في حين خرج الٱخر متخفياً بوجهه وقد تعمد "حسن", أن يصطدم بكتف "نيروز", فتأوت بخفوتٍ وهي تلتفت بوجهها لتنظر بجانبها لذلك المختل وعندما إلتفتت لم ترى منه سوى عينيه وفقط ، هنا وإبتلعت ريقها بإرتباكٍ ومفاجأه كيف لم تعرف عينيه التي عاشت تخاف نظرتها ، ضاقت عينيه وعلمت بأنه هو وعلمت مره ٱخرى بأنها ضاقت عندما تيقنت بأنه بالتأكيد يبتسم من خلف ذلك الشال القماشي ، في أقل من الثانية كان ذلك الوضع عندما فر سريعاً للخارج ، حينها التفت "غسان" ينظر لها عندما وقفت ملتفته  محاولة إبتلاع ريقها ، كان الٱخر ورغم احتياجة ولكنه علم كيف يهرب جيداً ، عندما صعدوا هما هبط هو على السُلم ، ببطئ عندما استشعر قدومهم وانشغال المصعد !!




        
          
                
_"ايه يا نيروز مالك ؟؟ واقفه كده ليه ما تدخلي يلا !!"



أمسكت كتفيها بوجعٍ على فجأه  محاولة الثبات ولكنه لاحظا محط أنظارها خلفها علي ظهر الٱخر الذي وسرعان ما أختفي، لم يشبه عليه ولكن غريب موضعها عندما سار من جانبه وجانبها ،  حركت رأسها إيجاباً وهي تتقدم   لتسير بجانبه وهي تبتسم ، فسار معها بغرابةٍ ينتظر الصعد لطابق العائلة، وبعد إنتظار ركب بجانبها ،وخلال دقيقتان خرجا منه علي الشقق المفتوحه ، شقة "سُمية" الذي اجتمع بها الجميع ببهجة ، وحتى "منة" ووالدها الذي جلس مع "حامد" فبعد قليل سيأخذ ابنته كي يرحلا معاً ،في حين خرجت "سمية" مستندة تجلس بينهم وهي تريح ظهرها قليلاً، وعندما دخلت "نيروز" فتحت لها ذراعيها كي تحتضنها بحذرٍ وهي تردد لها بتحشرجٍ :



_" كان نفسي اشاركك الحاجه دي بس اديكي شايفه ، كل سنة وإنتي حبيبة عيني  وقلبي يا نيروز، يارب عيد ميلادك الجاي تكوني شايله أحفادي على إيدك يارب ٱمين !!!"



تأثرت وهي تعانقها بفرحٍ ، وجلس"غسان" بجانب الشباب ، وعانقت "نيروز""عايدة " هي الٱخرى ، وترقبت ملامح الكل عندما صفق "حازم " بمرح وهو يقول :



_" جماعه ، ركزوا معايا كدة ، في مفاجأة البعض منكم بس ممكن يكون عارفها !!!"



دخلت"فريدة" من باب الشقة بعدما كانت بشقة"والدتها " تطمئن عليها وعندما وجدتها نائمة ، عادت لهم ، دخلت على إكمال "حازم", للحديث وهو يقول بصوتٍ مرتفع:



_" بما إن الفرح اتحدد بعد اسبوعين من النهاردة ، وهيبقي عندنا العريسين عز وشادي ، فجهاز جميلة أختي هيتنقل بكره ، وبكرة الجمعه يعني بعد الصلاه !!"



تفاجئ من كان لا يعلم مثل"سمية" اما " عايدة" فهاتفها ",حازم", ليأخذ برأيها كي لا تتفاجئ عندما كان يجلس معهم عند "طارق"،
 تعالت الزغاريط بقوه ،وهذه المره لم تكن تعلم "فريدة" التي هرولت ترتمي بأحضان "جميلة" وهي تتحدث بفرحٍ وتعلثم  والكل بعانق الٱخر ويحتضنه بسعادة كبرى ، لاق الجو العائلي احسان وتأثير "طارق" و"منة", اللذان إندمجان بقوه معهم وفرح وكأنهما تربطهما علاقة قوية بالعائلتين معاً منذ زمن !! !!..



بين حركات خفيفه وحدث عشوائي وطعام لذيد يتناول منه البعض والبعض يتناول طعام ٱخر عكس ذلك ، والتهليل بمختلف الأصوات المتأثره، المبهجة، السعيدة ، ومن بينهم زغروطة "وسام" التي تعلو ..مع بقية الفتيات. وضحكات "منة" التي والان تصبح فرد من العائلة وليست ضيفه !! ، ونظرات"عايدة" لـ "جميلة" وسعادتها البالغه وهي تقف بأحد الأركان مع "عز" بمفردهما ، وكأنه لا يصدق إلى الٱن عندما ترك الطبق وهو يرد على حديثها الحماسي بـ :



_"وربنا  و أنا ما مصدق اصلاً يا جميلة ، يارب الدنيا تراضيني المره دي وتكملها على خير معايا بس !!"




        
          
                
يشعر بالقادم ؟؟ أم أنه يعتاد ذلك من الحياه ، إبتسمت له بفرحٍ وهي تتناول بهدوء ما بيديها قائلة :



_" ولا أنا يا عز ،  أنا مبقتش أصدق أي حاجه غير لحظة الامان اللي بحسها وأنا معاك وبس!!"



صمتت ومن ثم سألته بإهتمام سريعاً :



_', عارف؟؟"



وبالرد المعهود دائماً منه، عندما إقترب يرد بحماسٍ مٕرح :



_" لا مش عارف بس هموت وأعرف والله العظيم!!"



ضحكت  "جميلة" بخفةٍ ثم عادت تلين بقولها وملامحها وهي تسرد بصدقٍ :



_" كنت دايماً اسمع إن  الحاجه الوحيدة اللي محدش هايختلف فيها في العلاقات هي إحساس الأمان ، إنك تحس إن مكانك محدش يقدر ياخده غيرك مهما بذل من مجهود ، وإن مفيش زيك ولا هايكون ومهما ظهر حد تاني أحسن منك هايتقابل بالرفض ، وإن غيابك كفيل مايخليش اليوم يعدي، وإنك مهما تعبت أو إنطفيت لسه مِتشاف أحسن حد ، كلام معرفتش معناه غير معاك ، غير لما عرفت إنك من بين ناس كتيرة إنت اللي فارقلي وأنا اللي فرقتلك، عمري ما كنت أتخيل إن محدش يعرف يشوف غيري ويتمسك بيا بكل الحب ده ، الحب اللي عاش مخفي ومتداري عشان بس مبادئك يا عز ، إنت بكل حاجه فيك كده عرفتني  ان..اللي زيك خلصوا من زمان أوي ، إنت اخر  حاجه  موجوده منك واول حاجه ، حتى لو العمر رجع أو إتقدم متأكده إني مش هعرف ألاقي زيك ولو ملقتش زيك يبقي هبقي لوحدي مع ضِلى !!"



_"وأنا ضِلك، ما أنا حَبيت جَميل وياريتني ضِله زي ما بيقولوا   !!"



 رددها "عز", بتلقائيةٍ وهيامٍ بها يؤثر بها وبه ، كانت صادقه في قول كلماتها بشدة لاول مره يخرج منها هذا الحديث الذي أثر به بقوه وجعله يرفع ذراعيه يضمها بحبٍ بالغ تحت تأثر وإنتباه البعض لهما ،دفعته ببطئ و  بخجلٍ عندما وجدت "غسان" يميل نحوه وهو يهمس قائلاً له بجرأةٍ :



_" احضن يا باشا .بضمـيــر ايوه...حقك !!"



 قالها بتهليلٍ وتشجيعٍ فغمز له "عز", وهو يشدد فالعناق تحت نظرات "حازم" المترصده نحوه بغيرة ، وتعمدت "فريدة", أن تلهيه في هذه اللحظه هي و",ياسمين", تحت ضحكات "عايدة" بقلة حيلة" ، اعتدل"غسان" بوقفته ولم يمنع تبجحه بأن يخرج عندما صاح عالياً بمرحٍ له :



_" منورنا يا أبو منة ..ما تيجي تأجرلك شقة وسطنا بدل ما احنا رايحين جايين كده ،  أو نجوزك بقا  بدل ما تقعد لوحدك ، العماره مليانه أبطال إختار وتعالي نتقدم ، مش هيتعبونا زيك  واللهٍ !!"



وقف بإعتدال ثم مال سريعاً يهمس بصوتٍ منخفض لا يسمعه  إلا سواهما ..بجوار أذن "شادي" يفسر له القول :



_" بدل ما يبقى الوضع "عريس من جهه امنية "، خلينا نطرقه بدري بدري قبلكم عشان تاخد راحتك يا شوشو !!"




        
          
                
إعتاد "طارق" عليه بل والعجيب بأنه  وجد القبول ٱخيراً به ، تعالت الضحكات بقوةٍ وحدجته "نيروز" بشراسةٍ ثم عادت تفتح عينيها علي وسعها هي و"منة" عندما وجدا "شادي" يؤيده بتلقائيه متناسياً وجود الكل :



_" اسمع كلامه يا حمايا..دا في مدام منال ف الخامس ..إيه ملهاش حل ..فورتيكة !!!"



ضحك الكل عليه بقوةٍ ، حتى "طارق" و"حامد" والنساء والشباب ، فعاد "طارق", يتحدث من بين ضحكاته برضا :



_"بس أنا الحمد لله مش عايز اتجوز..بعد مراتي معتش حب ومعتش أقدر أهدي قلبي لواحده غيرها، مش هعرف..بس عرفت احول كل الحب وأزوده لحبي لـ "منة" وغلاوتها ،  أم "منة" عُمر ما هيجي زيها هي واحدة بس فالعمر !!"



تأثر الكل منه بشدةٍ وصفق له الشباب بإعجابٍ ، حتى"حامد", وردد الكل معاً:



_" ربنا يرحمها !!"



تأثرت "منة" حتى أدمعت عينيها بعمقٍ ، فنظر لها "شادي", بحنوٍ وهو يقول :



_" لأ ..مينفعش السلاح يدمع ، هيصدي والله وانا مش  حِمل الصَدى ،!!"



قصد قناصاتيها بالفعل. ضحكت وهي تخفي اثار بداية الدموع ثم حركت رأسها ، فردد هو مجدداً :



_" بلاش عياط بقا .دا حتي عيبه فحقي  كـ شادي!!!!!"



_"هو ايه اللي عيب!!"



_" إن دموعك تنزل وقنصاتك تنهار وأنا جنبك !!  ، يرضيكي يا ست السلاح يعيط وأنا واقف جنبه ؟؟"



نفت سريعاً من عمق حديثه ، وعينيها تعانق عينيه بشدةٍ بالغة من الحبِ، إبتلعت ريقها وهي تتوجه كي تودعهم لترحل مع "والدها" الذي يودعهم هو الٱخر، في حين تبدأ جلستهم في الانتهاء بالفعل باستعداد كل منهم كي يرحل لشقته ، رحل "حامد", وعائلته ، في حين نهضت "عايدة" مع ",فريدة" هي الٱخرى ، إنتبه هو لجلوسها بإنهاكٍ على الأريكة بجانب والدتها وهي تمسك أسفل معدتها مره أخرى بخفوتٍ ، ربتت "سمية" على ساقها بحنانٍ وهي تتحدث معها ولكنه لاحظ محاولاتها لاخفاء الوجع ، تقدم "غسان" يقف مقترباً منهما حتى  انحنى قائلاً:



_" المفروض في مسكن تاني بيتاخد دلوقتي، مفعول بتاع الصبح راح ، متقعديش كدة !!"



سمعت "سمية" قوله الحاني ، فابتسمت برضا وشكرٍ ،ثم عادت تربت على ساقها بلين وهي تردد قبل أن تعارض :



_" قومي يا نيروز يلا إطلعي علي شقتك ، وردة معايا اهيه ، هي بس بتنيم يامن وخارجه تاني ، يلا تصبحى على خير يا حبيبتي !!!!!"



نهضت رغماً عنها ، فأمسك يديها يسندها ، فتنفست هي بعمقٍ ثم قالت له بصوتٍ منخفض:



_" طب مينفعش تطلع وتسيب عز ، هسبق أنا !"



كان سيهبط مره ٱخرى بالأساس ، أومأ لها وخرجت هي من الشقه متوجهه نحو المصعد ، في حين إلتفت فوجده يودع "حازم " و",بدر", و"جميلة" وهو يتقق معهم على أمس ،  وقف "غسان", أمامها ثم قصد أن يضغط علي شعور"حازم", عندما ردد بوقاحة:



_" ما تخليك يا عز بايت النهارده هنا  ، حقك يجدع ومحدش يقدر يقول لا !!"



_" ما تخليك محضر خير يا غُس بقا !!"



قالها "بدر", بنبرة ضاحكة تحت ملامح "حازم ", الحانقه ، انسحبت "جميلة" مع"ياسمين" بعدما أدخلت والدتها الغرفة،ضحك الشباب ، ودخل "بدر" إلى الغرفة ، كما إنسحب "حازم" وقد خلى المكان جداً خاصةً بعد ذهاب "شادي" ليوصلها هي ووالدها ، وقف "غسان" يغلق باب الشقة الخاص بـ "سمية", ومن أمامه "عز" الذي يرتدي حذائه وهو. ينتظر المصعد ، وقف "غسان" معه لٱخر دقيقه ، في حين نهض مره أخرى يمد كفه ليودعه فعاقه صوت دقات الهاتف العالية ، إنتشل هاتفه من جيب بنطاله وكالعادة مكبر الصوت لديه مرتقع قليلاً وجدها "والدته" فإبتسم وهو يقف منتظراً  المصعد ضاغطاً على علامة الايجاب ومن خلفه "غسان", يقف، وعلى فجأه وعكس توقعاته وجد صراخ وليست نبرة هادئه تطمئن  بها عليه ، الصراخ بالبكاء الذي جعله بنتفض فزعاً كما  انتفض "غسان", معه عندما سمعا الإثنان صراخها الباكي بالنجدة والإستغاثه :



_"إلحقـــني يا عـــز ، الحق أختك بســـــرعة...!!"



ومع إنتفاضته هو و"غسان", وجدها تكمل دون أخذ فرصة عندما صرخت مجدداً بـحسرةٍ وبكاءٍ عاجز  :



_" أختك غرقانه فـ دمها ومبتنطقش يا عز !!!!!!!"



انتحرت ؟؟ أم محاوله أم ماذا ، سقط الهاتف من يديه التي ارتجفت دون فهم وإنحنى "غسان" يأخذه من على الأرض بخوفٍ. وهو يهرول خلفه على السُلم بسرعه عندما وجد الٱخر يركض خوفاً من أثر فزعه ومن ما سمعه ،  يعتاد القلق ولكن ليس بمثل هذه الطريقه ولأنه خبير في طريق الكفاح كان رد فعله سريع عندما ركض بسرعة قياسية متجاهلاً الضياع ومفكراً في النجاة !
كيف ستنجو ومن ماذا؟؟ ، ولما فعلت ذلك أو من الذي فعل ذلك بها ؟؟ ،ليجد في النهاية صوت عقلة يهزمه  من بين  دوران كل شي حوله هاتفاً بالسؤال الذي جمعه بعقله بخوفٍ شديد ألا وهو  : ـ  " الموت أم النجاه ؟؟ "

«إنَّ المَرء إذا حَزن إستدعى كُلّ أحزانه السابِقة، كأنَّ حُزناً واحِداً لا يَكفيه»
-مُقتَبس-



وكأن مرارة الأيام الذي عانها تلح عليه الٱن ومن بين لمحة هذه الأيام المُره يلح  عليه بأنها كانت الشئ الذي يزيل مُر يومة بنهايته هي ووالدته !! ، سيفقدها ؟؟..  الصّدمة ثم المحاولة بالخروج منها ، لم تكن المحاولة هينة عليه، حتى الٱخر الذي رافقه وكان معه ، يكررها دائماً للحياة وخاصةً هو ، ماذا فعلت أنا ؟! ، كلما يشعر بأن الراحة ستغمره وأن السعادة تفتح بابها له ٱخيراً ، يحدث من الأشياء التي تنتصر على كل ذلك!! ،  تأتي العقبات فوق رأسه واحده تلو الٱخرى ، فاق حياة وظروف الكل بظروفه هو ،. ظروفه التي لم تراعاها الحياه يوماً ما !!!



 دماء ؟؟ أي محاولة انتحار ؟؟ هى من فعلت ذلك بنفسها ؟؟ أم ما الذي يوصلها لفعل ذلك الجرم الكبير بحق نفسها وحقه هو ، هو الذي يهاب ويخاف أن يضرها شئ، الشئ الوحيد الذي يعتبره هو قاسي بعد الٱن عليه ..أنه قاطعها ولم يقدر على الحديث معها ، ربما هذا ما أوصلها لذلك ؟! ، لحظة واحده ؟! .. الندم؟  ؛ وليس كأي ندم، ندم لم يراه من قبل وكأنه السبب فيما حدث ، بل وكأنه هو الذي قطع شُريانها  أو ماشابه !! 



قطع شُريان ؟! أهذه هي المعضلة الكُبرى ؟! يحاول أن يدرك ما فعلته بالتدريج حتي وهو واقف الٱن بالمستشفي مع "غسان" الواقف  بجانبه بصمتٍ يقسو على الجو بينهما وثالثهما "حنان" الباكية بقوة وحسرةٍ ، واعصاب  "عز"  التي جعلته  يدرك ولا يدرك ،. جعلته غير قادراً حتى على مواساة وإحتواء والدته !!

يذهب بشرودة وكأن هذا ما تعمده عقله ليلهي نفسه وحسرته من مرارة الإنتظار وهي في الداخل تصارع الموت؟؟ أم ستنجى منها ؟؟ ..كل ما يتذكره هو بأنه ركب مع "غسان" بسيارته دون علم البقية ركضا معاً بصدمةٍ كُبرى ، ومن ثم قاد "غسان" السيارة بسرعة فائقه إلى أن وصلا ووجدا بعض من التجمع من الناس من بينهم  وجانبهم ، وما أن صعد الإثنان بسرعه يبعدا هذا التجمع بصدمةٍ وجد هو "والدته" تبكي بحسرةٍ وتصرخ صراخًا. لم يراه من قبل  ، فقط يتذكر بأن هذا الصراخ ٱخر ما سمعه يوم وفاة والده عندما كان صغيراً ، فاق الٱن وأصبح كبيراً ، وللقهرٍ لم يستطيع لمس شقيقته من دماءها التي تلطخ ملابسها وحتى ملابس والدته!!!!



 دفع "غسان" الكل بيديه.. يدفعهم بعيداً ثم انحنى بلهفةٍ يحملها بين ذراعيه ، وعند ذلك انتفض "عز" من هز "والدته" له فإندفع يساعده ثم جلب غطاء الفراش يضعه عليها كي يسترها من الأعين  وهي بين يدي الٱخر ومن ثم هرولوا معاً ، أي ندم وأي حسرةٍ وهو لم يستطع حملها حتى!! هو الذي عاش يُعرف بـ "عز" الرجال " طوال حياته الجامده عليه وعلى قلبه الذي لم يكن هش تماماً إلا على والدته وشقيقته ، لم يقدر على ذرف الدموع بل ركب في الخلف يتوسل شقيقته بأن تفتح عينيها وفي الأمام "والدته" تبكي وتندب مع قيادة "غسان", السيارة بسرعه فائقه إلى المستشفىٰ التي توجد قريبة نسبياً  من هذه المنطقة !! ..



 بينما الٱن وقف مستنداً على الحائط والٱن تهبط دموعه بوجعٍ وهو يضع كلتا يديه على رأسه وأذنيه وكأنه يهتف بكلمة كفى !! ، تحت بكاء "حنان" والذي وقف "غسان" أمامها  بشفقةٍ يربت علي كفها  وكأنه الٱن يُوضع بموضع ولدها ، إبتلع ريقه بصعوبةٍ ولم يكف ولم يمل من قول الٱتي والذي لم يتوقف عن قوله من ما حدث  ووضع والدته أثناء حادثة شقيقته يعود إلى ذاكرته  بقوه في هذه اللحظه الذي وُضع فيها ابناً لها هو الٱخر دون وعي منه :



_" متخافيش  ،. هتبقي كويسة ، إنتِ بس إدعيلها بدل ما تعملي فنفسك كده !!"



وكأنها لا تعي ولا ترى ، ولكنها رفعت عينيها نحو "عز", الواقف بخواءٍ ثم قالت بنبرةٍ متحسرة له وكأنها تضغطه وتضع فوق ضغطه ضغوطاً  أضعاف:



_" اختك بتموت ، بتروح يا عز !!!"



رفع رأسه وهو يهبط كلتا يديه معاً ناظراً إليها بعينيه التي أصبحت حمراء ، علم "غسان" بأن حالته هذه صعبه وليست هينه حتى على والدته الجالسه ، لذا توجه يمسك معصمه وهو يسير من أمامها  على بُعدٍ من جلوس "حنان" ،. حتى ترك يديه وهو يعدله كل يقف بمواجهته بشموخٍ ، وبهذه اللحظه شعر به وشعر بإحتياجة للقوه ، لذا رفع "غسان" كفه يضربه على كتفه  كي يخرجه من حالته هذه ثم قال بصوتٍ جامد خشن يصل إلى مسامع الٱخر بتحفيزٍ :




        
          
                
_"فوق ،  فوق و خليك جامد وثابت زي ما كنت طول عمرك يا عز .. مينفعش تكون كدة !!"



وكأن الٱخر بعالم ٱخره مثله !! يقف بخواءٍ وسمعه بالفعل وما أن سمعه وجد دموعة تهبط على وجهه  بسخونةٍ و بسكون منسكر ، لا يعلم هو من ماذا هذا الإنكسار تحديداً فهذا الذي يُسمي بعز الرجال لدية من الأسباب الكثيرة لتكسره ولكنه إعتادها ؟؟ ، كسره  إستشفه الذي يقف أمامه بوجعٍ ، فعاد "عز" يرفع عينيه الحمراء ينظر بعيني "غسان" اللامعه  ثم قال بإنهزامٍ يعلنه لأول مره أمام غريبٍ ولكن هل من. يقف أمامه غريب؟؟ بل أصبح القريب منه قُرب الإخوه وهذا ما يظهر وسيظهر !! :



_"مبقتش قادر يا غسّان .. كتير أوي ، كتير أوي كل ده من الدنيا عليا !!"



الإنهيار؟؟ أم غيره ، وهل سيجد أحضان تحتوي الكل مثله ، مثل "غسان", ولم يرتمي بها؟؟ ، وجده يفتح ذراعيه له وهو يدفعه بقوةٍ تأتى من رجل  وبصلابه ثم ربت عليه بشدةٍ وهو يحثه محاولاً التماسك أمامه حتى بنبرته الذي يحاول بأن لا تخرج ضعيفة  :



_" لأ ..شيد حيلك كدة يا عز ، شد حيلك وربنا هيجبر بخاطرك واللهِ ، وأنا جنبك يا عم ، جنبك وساندك إنت وأهلك ، متميىلش كده  خليك واقف صادد الدنيا ، وإستحمل ..إستحمل كلها ابتلاءات صدقني!!"



ضمه بقوةٍ مُشدده وكأنه يبث به بعض من القوه الذي يظهرها أمامه كي يتماسكّ ،  خرج من بين أحضانه بسكونٍ اخر وهو يستند على الحائط مره ٱخرى ولم يكمل بل توجه يمسك رأس "والدته" يقربها منه يضمها إليه وهو يربت عليها بخوفٍ متحسر قائلاً بنبرةٍ مهزوزة :



_" بس ..بس إهدي  خلاص هتبقى  بخير ..هنطمن عليها وكل حاجه هتبقى  كويسة !!"



وجدت الٱن إحتوائه الذي يجعلها أهدأ ولو ذره ، وقف "غسان" يبتلع ريقه بإنتظارٍ وما أسوء من إنتظار كهذا ، وصوت دقات الهاتف بجيب بنطاله لا تتوقف ، وكان الاتصال منها هىٰ "نيروزّ" التي كانت تنتظره ليصعد ولم يصعد !! ، نظر نحو شاشة الهاتف بصمتٍ ثم وضعه على وضع الصامت وهو يضعه بجيبه مره أخرى !! ، الوقت متأخر بالفعل وهو يتركها بمفردها في الٱعلى ،  ويتضح بأنها لم تغفو بعد !! ..، أخذ ركناً بجانبهم ينتظر وهو يري إحتواءه لوالدته ووضع شقيقته بالداخل. ، في كل مره يهزمه عقله بالندم على ما فعله مع شقيقه يرجع بقراره وبشعوره مرة ثانية ، وهذه المره أثبتت له "فرح" بأن رد فعله مع "بسام" وتوضيحه لـ "عز" ما هو إلا الصواب وفقط ، لم يفعل هو أي خطأ ، ووصل لمرحلة أخرى بأن لا يهمه بالفعل إن علم شقيقه بما قاله لـ "عز" أم لا ، لطالما الوضع يصبح في مصلحته أكثر ومن ما فعله لأجله ، كل ما يهمه هو إفادته وليس ضَره !! ، يأتى بعقله الكثير من الأفكار ومن بينهم بأن بمثل ذلك الوقت كان من المفترض بأن يكون جالس معها  يحتفل معها بعيد مولدها بمفردهما ، كل ذلك يستطيع هو تعويضه ، مقابل  وقوفه مع "عز" وعدم تركه ،  علم ما فعلته "نيروز" عندما وجد هاتفه يدق بأرقام أخرى من بينها "بدر" و"حامد" وحتى "حازم" الذي إستيقظ من  بداية نومه حينما سأله أحدهما عن "غسان" ، العائله بأكملها مُستيقظه بالقلق ، ترقبت ملامحه عندما وجد "عز" يمسك هاتفه وهو يقترب منه يريه بأن"حازم" يطلبه أكثر من مره !! بل و"جميلة" هي الٱخرى !! 




        
          
                
أخذ "غسان" أنفاسه بصوت ٍ مسموع ثم قال وهو يربت علي كتفيه بإطمئنانٍ :



_" انا من رأيي بلاش نكبر الموضوع، متردش على حد منهم لحد ما تطمن عليها. وأنا واثق إنها هتكون كويسه..وعلشان بردو مفيش حاجه من اللي المفروض تحصل النهارده بعد الصلاه تتأجل ولا إنت شايف إيه ؟؟ "



قصد نقل جهاز "جميلة" إلى شقته !! ، نظر "عز" بحيرةٍ فوجد "غسان" يكمل مره ثانية مفسراً :



_" أنا شايف إن أختك أهم طبعاً من كل ده ، بس فنفس الوقت مقدامكش وقت ترتب فيه تجهيزات جوازك قُريب ، ولو حصل وطلبوا تقعد فالمستشفي فخليك وأنا هبقى مكانك ،  كده كده هعرفهم بس بالهداوه عشان ميتحسروش !!"



وقفت "حنان" خلفهما تستمع مع حالها وهي تبكي تاره وتصمت تاره أخرى ، تعلم بما سيحدث بسبب إخبار "عز" لها في الهاتف بعد الاتفاق ، لذا تتحسر على حاله ،  لم تستطع أن تؤيد "غسان" إلا عندما تطمئن علي حالة "فرح" أولاً ، ولأنهما غير خبيران بما سيحدث لها من توقعات توقعها "غسان" من رؤيته للجرح ، وقبل أن  يتعمق  بالتفكير أكثر ويرد عليه  وجد  باب الغرفه يفتح من قبل الطبيب ، فتلهفوا وهم يتوجهون بسرعه ليقفوا أمامه ،  ومن بين سؤال  "عز" المتلهف هو و"والدته" نظر "الطبيب" لهما ولها هي الٱخرى وهو يقول بتوضيحٍ :



_"الحمد لله الجرح مش عميق أوي  ، يمكن بعد محاولتها إنها تنتحر ولما شافت منظر الدم فقدت الوعي هي دلوقتي أخدت مُهدأ بعد ما فاقت بس مبتتكلمش خالص ولا بترد .. وده مش صدمة بالنسبالنا للحاله لأن وارد بعد المحاوله دي إنها تففد النطق لفتره الله أعلم لإمته  وأغلبها بتحصل بسبب صدمة نفسية أو نتيجة لتراكمات مع حسرتها دي، لازم تتعرض علي دكتور نفساني كويس تتابع معاه ويفهمكم الوضع ٱكتر !!"



شعر بالصدمه تذهب ثم تأتي ولا يفقه أي شئ ، أخذ "غسان" أنفاسه ببطئٍ ثم سأله بترقبٍ :



_" طب وايه الحل بعد كده ؟؛"



_"والله يؤسفني أقولك إن عندنا الحلول اللي تخليها تتكلم لأن مفيش ..غير إنها تتعرض على دكتور نفسي كويس زي ما قولت لحضراتكم  أو تقعد فمصحة نفسيه لحد ما تكون أفضل من كده وتبعد عن أي سبب يخلي حالتها أصعب وكل ده طبعاً هيتقال ويتشرح ليكم بالتفصيل لما تتحول للدكتور النفسي!!!"



شعر بأن العالم يدور من حوله والطبيب يقف ، أسنده "غسان", بطريقة ملحوظة وهو يضرب كتفيه ببطئ يحثه على الوقوف ، وفي هذه اللحظه جهلت "حنان" حالتها ولكن ما جعل شهقتها تخرج هي أنها فقدت النطق بالفعل!! ، تعمد "غسان" تولي زمام الأمور بسبب حالتهما معاً ، حتى وقف يتذكر بأن المستشفي الذي يعمل بهما شقيقه بها قسم مصحة نفسيه كانت هي بها من قبل ولكن بحاله بأخف من ذلك ..لذا فكر بأن يسأل وعقله لم يغيب عن فكرة إبعاد شقيقه عنها بالفعل كون قسمة الذي يعمل به ليس هذا القسم !!




        
          
                
_" طب ينفع تخرج من المستشفي دلوقتي ؟؟"



_"ينفع طبعاً على مسئوليتكم . تخرج على مصحة ودكتور يشوف حالتها ،  وألف سلامة عليها عن إذنكم !!"



كانت تقدر بالفعل على أن تقف وتنتبه لما يُقال !! ، وقف "عز", بخواءٍ ينظر على ٱثر الطبيب الذي رحل ، فوقف "غسان" ينبهه سريعاً بـ:



_"ركز معايا يا عز ، أنا هطلب أذن خروج ، علشان تخرج، بس هنروحها البيت على ما النهار يطلع ونبقي نوديها المستشفي اللي كانت فيها قبل كده  وأنا متأكد إنها هتكون أحسن !!"



حرك رأسه وهو يمسك بكف "حنان" الباكية بعجزٍ ، فتركهم "غسان" كي يذهب لأدراه المستشفي في الأسفل لدفع الحساب ثم أذن الحضور وما يثبت  بأوراقٍ كي تستطيع أن تدخل المستشفي الٱخرى !! ، أسند "عز" والدته وهو يتوجع ليفتح الغرفه بأصابع مرتجفه قليل ما تأتي هذه الحاله له حتى وإن كان يتحمل الكثير ، إبتلع ريقه بصعوبةٍ وهو يري "والدته", تهرول لتضمها والٱخرى كانت تجلس بخواء على الفراش ممسكة بيديها وجرح معصمها الملفوف بشرودٍ وخواء ٱخر غير خواء شقيقها !! ، وجد الممرضات تنسحب تدريجياً .. أما هو فوقف بسكونٍ أمامهما وهو يرى بكاء والدته الشديد لها وهي تلومها بقهرٍ مع ضمها بشدةٍ ولوم يهشمها :



_" ليه كده يا فرح ليه كده يا بنتي ؟؟؟ ليه توقعي قلوبنا عليكي بالشكل ده !!"



كان تردف حديثها بنبرةٍ باكية ثم عادت تكمل بنفس البكاء وهي تتحسس معصمها بحسرةٍ مره أخرى وهي تردد :



_"إيه يستاهل يضنايا عشان تعملي فنفسك كده ؟!! ايه يستاهل تضيعي نفسك وتوجعينا علشانك، ليه يا بنتي دا أنا روحي فيكي وكأنها إتسحبت بعد ما شوفتك واقعه كده، بصيلي يا فرح!!!!"



رفعت "حنان" ذقنها كي تنظر ثم عادت تردد بتحشرجٍ وضعفٍ تحثها بخوفٍ ما أن رأت خوائها وشرودها :



_" بصيلي يا ضنايا وردي عليا ..ردي على أمك حبيبتك !!"



تركتها "فرح" تمسك معصمها وتحسس وجهها وهي ترى كسرتها ، ولم تهبط الدموع منها هي هذه المره بل فاض بها وانتهت دموعها والٱن القلب هو من ينزف وهي تحرك عينيها نحوه ، نحو "عز" الذي وقف يرفع كفه يمسح دمعته سريعاً التي نزلت منه رغم تحذير نفسه له بأن يتماسك وهو يشعر بذلك الندم ، وجد نظراتها نظرات  شوق ولوم وندم وكسرة وكل شئ يمكن أن يجد له العكس ، توجه "عز" بخطواتٍ هادئه إلى أن جلس بجانبها علي الفراش محاولاً تحرك عينيه من عليها ولكنه لم يستطع بسبب خوفه. خوفه هزم ندمه !! ، فهمت"حنان" إشارته فابتعدت قليلاً بلهفه ، فرفع هو أنامله يرجع خصلاتها السوداء إلى الخلف ثم قال بإهتزاز :




        
          
                
_" كده يا فرح .؟؟  إنتِ كده بتوجعيني أنا مش بتوجعي نفسك !! ، عارف إن يمكن أكون أنا السبب .. بس يا ريتني كنت مكانك وكنت أروح فيها  أنا بس تكوني كويسه !!"



وجدها تبتلع ريقها وهي تهرب بأنظارها فعاد يتحدث وهو يرفع ذراعه يقرب رأسه من صدرة :



_"  أنا ٱسف يا فرح ، ٱسف بس ردي عليا وعاتبيني ..والله العظيم هسامحك .."



وقال بتلقائية أشبه بالإنهيار يردد ما كانت تود سماعه بوقت فات أوانه :



_"سامحتك..!!



وعاد يكمل بكل لهفه :



_"سامحتك بس ردي علشان خاطري !!!"



أسوأ ما يشعره المرء هو الندم ، وشعوره هو كان بالنسبة له  ليس هين ، خاصةً أنه يحمل نفسه كل اللوم الٱن ، وكذلك كانت نظرات "حنان" له وكأنها تؤيد ولا تؤيد ، يحمل نفسه ضعفها؟! يحمل نفسه كل الأسباب !! ، وجد دموعها تهبط بالفعل ولكنه إنتظر الحديث ولم تتحدث بعد ! فهبطتت دمعته هو بحسرةٍ كما كانت دموع "والدته" الذي ضمها إلى صدره هي الأخرى وهو يقول بتحشرجٍ :



_" أنا أسف يا أم عز ..بس بلاش البصه دي، بلاش البصه  اللي بتخليني  حاسس بالذنب أكتر مـ أنا  ، أنا ٱسف يا فرح بس والله العظيم كان غصب عني ..غصب عني وعن قلبي اعدي كل ده وكأنه فاض بيا ..يمكن كنت غلطان بس مكنش بإيدي أخليها هي كمان تسامحك مقدرش على دي يا فرح بس قادر أكون جنبك وتكوني أحسن .ردي عليا علشان خاطري ..إتكلمي وردي على أخوكي الموجوع عشانك لو أنا غالى  عندك !!! "



يترجاها ولا يعلم بأن الامر رغماً عنها ومجبورة وكأن أحدهم يكمم فمها  ويعقد لسانها ؟؟ ، بكى بإنهزامٍ أمامها وهو يضمها مع ضمه لوالدته ، خرجت "حنان" بلهفه ما أن سمعت شهقته ، وما جعل الوضع يهدأ قليلاً أن "فرح" التي خرجت من أحضانه رفعت يديها بصمتٍ تمسح دموعه  وأثارها ، فابتسم على فعلتها وكانت فرحة "حنان" مخفيه بما فعلته وعكس ما أدرفته له بلهفةٍ كي تخفف عنه :



_" بس يا ضنايا ..متعملش  فنفسك كده ، متحملش نفسك ذنب كله مقدر  ومكتوب ..بلاش تكسر فرحتك ، فرح هتسامحك مش كده يا فرح ؟؟؟؟"



سألتها  بلهفةٍ تحاول إرضاء الطرفين معاً لطالما جزء من روحها ، لذا وبعد دقيقتان حركت رأسها إيجاباً بشرودٍ ورغم عدم شعوره إلا أنه يقنع نفسه بالفرحة ، حينها عادت "حنان" تتحدث بلهفة :



_" ايوه وهنبقي كلنا كويسين ،  قولها ، قولها يا عز بقا اللي هي متعرفهوش ، قولها إن عزالك بكره وإننا عايزينها تكون احسن قبل الفرح اللي بعد إسبوعين !!"




        
          
                
كانت ذكية حينما جعلت جميع ملامحها تترقب ناحيته وكأنها تسأله فحرك رأسه بنعمٍ ، فإبتسمت هي نصف إبتسامه باهته دون إبداء رد فعل ، ربتت عليها "حنان" وهي تبكي تحاول إخفاء. حزنها وهي تتذكر حديث الطبيب ، فنظر"عز" بتفهمٍ وهو يعتدل يمسك كفها يربت عليه ، وكانت هي تنتبه تاره وتاره أخرى كجسد خاوي بلا روح وعقل ،  ما فعلته يعلن بأنها أوشكت علي الإختلال بعقلها!؟ 



يتابع منذ دقائق فهبوطه لاسفل بمثل ذلك الوقت المتأخر دون  أن يوجد زحام كان بسرعه قليلة ، يشفق "غسان" على حالهم،  يتابع من جانب الباب فالخارج ،  ولم ينسي التفاصيل عندما جذب من الأسفل  من إحدي الممرضات جلباب بسيط يخفي جسدها، تنحنح بحنجرته بصوتٍ كي ينبه "عز" ، فعلم هو وهو ينهض متوجهاً. له بسرعه ، حتى نظر بما في يديه وهو يقدمه له ثم قال :



_" خد لبسها دي بـرّاحة  ،  والورقه أهيه ، وأنا هنزل أجهز العربيه على ما تخلص..ولا أسندها معاك ؟؟ "



قصد سؤاله في النهايه رغم حرجه و بترقب كونه يراها تجلس بالفعل ويبدو بأنها تقدر علي السير وحتى والدته فتحرج ينتظر كي يحملها وشقيقها الٱن بوعيه بل وهي قادره عكس قدومها ، حرك"عز" رأسه نفياً متفهماً خجله الذي يراه لأول مره وعكس ما يظهر عليه ، إبتسم بإمتنانٍ وهو ياخذ ما بيديه ثم قال :



_" لا هسندها وهى هتقدر تمشي برّاحة ..أنا مش عارف أقولك إيه يا غسان والله!!"



تجاهلا معاً صوت دقات الهاتف وإهتزازه ، وحدجه "غسان" بصرامةٍ ثم قال  بجدية:



_"قول لا إله إلا الله يا عز وعدي يومك معايا ، خش اعمل اللي قولتلك عليه ومتشيلش هم أنا ظبطت كل حاجة ،  هجهز العربيه على ما تخلصوا!!"



قالها وهو يعتدل يضع يديه يتحسس جيب بنطاله كي يري المفتاح  وعندما وجده تحرك من أمامه تزامناً مع ضربه بخفة على كتفيه بتبجحٍ وهو يقول :



_" ومفيش بين الاخوات الكلام ده يا  عز ، إنت أخويا وأختك أختي وأم عز أمي..و يلا متتأخرش وعلى مهلك  عشان خُلقي ضيق !"



قالها بوقاحةٍ كي يخفف عنه إبتسم "عز" بأثرهِ ومن ثم تنهد يأخذ أنفاسه بثقلٍ يوجد أعلى قمة صدرة وهو يعود للداخل كي يجعلها تتجهز سريعاً لتهبط معهما للٱسفل بعد قوله للٱخر بتلميحٍ لعراك ماضي بينهما:



_" وأنا كمان خلقي أضيق ..سُبحان من قربنا ونسانا المطوى اللي كانت في الجيب !!"




        
          
                
هل قصد عندما أمسكة "غسان" من تلابيبه ؟؟ أم قصد بعدها عندما سحبه خلفه لعراكٍ مُجمع مع شقيقه وقبل ذلك وبعد ذلك المطواه بجيب بنطاله  موجوده ؟؟ يجرؤ لرفعها على من يقف بمواجهته دون عبء؟؟ أم أنه لا يعلم بأن عز الرجال من صبر وتحلى بالتحمل والعقل الذي وُصف به .. ليأتي بٱخره. دون أن يريه معني كلمة عز الرجال؟؟



____________________________________________



وقبل وقتٍ من الٱن وفي ذلك الوقت المتٱخر بعد رحيل "شادي" كان قد دخل للنوم هو وزوجته وابنته ، ولكنه الٱن يقف بقلقٍ بشقته ينظر نحو"نيروز", التي جلست بتوترٍ تجمعهم حولها دون قلق "سمية "فقط ،  وقف "حازم" بجانب "بدر" و"ياسمين", مع "وردة", بجانب "نيروز" التي تهتز توتراً ليس إلا، زفر الشباب أنفاسهم بنفاذ صبرٍ من عدم رد "غسان" وبالٱخر "عز" الذي كان ٱخر واحده معه ، والٱن يخرج انفعال "بدر" بطريقةٍ مكتومه عندما ردد بغيظٍ :



_" مش فاهم أنا مبيردش ليه دا !!"



وجد جميع الملامح تترقب تجاهه وحتى "جميلة" التي دب بها الخوف على "عز" وهي تطلب رقمه ، يثير خوفها وغرابتها عدم رده في حين بأن عادته هي أن يجيبها على الفور دون الانتظار!! ، ماذا حدث الٱن ، حتى "حامد", وهو يمسك بهاتقه و"وسام" ، لاحظ خوف"دلال", وهي تجلس  وبجانبها "نيروز" التي لم يغيب عن بالها رؤيتها لـ"حسن" وعقلها يضرب ويعطي لها الكثير من المشاهد التي  ممكن ان  تكون حدثت بالفعل ، كل ذلك ولم تكن موجوده "فريدة" ولا والدتها ،كانت شقتهم مغلقه في حين اجتمع الكل في شقة "دلال" ، "دلال" التي شعرت بالإختناق من عدم ترتيب الأمور حتى بإبنها الٱخر ماذا يحدث لها ،  وضعت يديها علي رأسها بإنهاكٍ يغمره القلق وهي تهتف بـ :



_" يارب ..خير يارب !!"



كانت ملامح "عايدة" قليلة الحيله والكل يحاول ، في حين تحدثت "جميلة" بخوفٍ لهم وبالأخص "حازم" :



_" عز مش بيرد بردو يا حازم ، ودي مش عادته أنا خايفه أوي لأن كمان مامته مبتردش عليا ، كده يبقوا مش نايمين أكيد في حاجه ، مش معقول الإتنين  ميردوش ومن بينهم مكالمة قفلها غسان فـ وش نيروز !!! "



نظر "حازم " بتفكيرٍ ثم لاحظ هو إرتجافة يديها فسار نحوها منتنفساً بعمقٍ وهو يلتفت ينظر نحو "بدر" مردداً بالحل  لطالما سار الٱخر من هنا :



_" طالما غسان مشى من هنا وعز كان معاه يبقي نروح على بيت عز ، شكل عندهم حاجه فعلاً ..تعالى يا بدر يلا !!"




        
          
                
أيده "بدر", في القول واستمر "حامد"في أن يدق علي هاتف ولده ، في حين لاحقتهم "جميلة" بلهفةٍ وهي تقول :



_" إستنى يا حازم خدني معاك !!"



حرك رأسه لها موافقاً  لطالما معه هو ، هرولت خلفهما ، ولم تستطع أن تردف "نيروز" شئ هى الٱخرى فقط تفكر به ،  تهز ساقيها توتراً بشدةٍ ولم تسعفها يديها بأن تمسك هاتفها لتدق عليه ، بل نظرت نحو "حامد" و"وسام" وهي تسألهم بخوفٍ :



_" مش بيرد بردو صح؟!!!"



وجدت ملامح قلة الحيله عليهم مع قلق "حامد" هو الٱخر، في حين أسندت"وردة" "نيروز" مع "ياسمين" وهي تقول :



_" متوتريش نفسك كده يا نيروز وإن شاء الله خير ..قومي، قومي تعالي عند ماما أقعدي فأوضتك علي ما نطمن منهم !!!"



رفضت وهي تدفع يديها ثم نهضت رغماً عنها تتوجه ناحية غرفته بصمتٍ بعدما إنتشلت. هاتفها تحاول الدق عليه ، وجدت "ياسمين"و"وردة" الحزم منها ، فإنسحبت خلفها "ياسمين" تاركة  باب غرقته مفتوحاً ، فإلتفتت "وردة" بيأسٍ تربت علي كتف "دلال" بإطمئنان :



_" متخافيش يا طنط هيرجع كويس ، والغايب حجته معاه ،  ما تقوليلها يا وسام!!"



غمزت لها كي تطمئنها بينما كانت الٱخرى بعالم ٱخر ، ووقف "حامد" بركنٍ ما ، وكان ذلك الركن بجانب غرفة "غسان", المفتوحة والتي جلست "نيروز" بها تتنفس بصوتٍ مسموع بجانب جلوس "ياسمين" وهي تردد على مسامعها :



_" نيروز ..بلاش التوتر اللي إنتي فيه دا ، براحه شويه علي نفسك وعليهم..الكل خايف بسبب رد فعلك ده مالك.؟؟ المفروض تتماسكي شويه عن كده !!!!!"



وبختها بهدوءٍ كونها نشرت القلق بينهم بالفعل ولكن ذلك رغماً عنها ، رفعت "نيروز" رأسها بخوفٍ ظهر علي ملامحها وهي تردد :



_" اسكتي يا ياسمين إنتي مش فاهمه حاجة !!!"



مدت ذراعيها تقربها منها بحنوٍ وهي تربت عليها بإطمئنانٍ قائله :



_" طب إهدي ولو في حاجة مش فاهماها قوليلي!!"



إبتلعت ريقها بإرتباكٍ وخوفٍ ثم تحركت تعتدل وهى تنظر نحو عينيها مردده بإعترافٍ :



_" أنا شوفت حسن النهارده وإحنا راجعين من المحل وطالعين ، غسان مشافوش لأنه كان حاطط شال مداري بيه وشه ، وهو خارج خبطني فكتفي جامد ، وأنا خايفه غسان يكون عمل مش واخد باله بس شافه ، أو يكون غايب وراح وراه أو عارف مكانه ، أنا خايفه أوي أوي !!!"




        
          
                
صُدمت "ياسمين " حتى صمتت للحظاتٍ ووصل حديثها الٱخير إلى مسامع"حامد" الذي دب به الخوف والقلق  رغماً عنه وقد تعمد الصمت كي لا يحدث مشاكل أخرى من زوجته !! بخوفها وحديثها !! ، تمسكت "ياسمين" بكفها ثم قالت بعدما حاولت تبتلع ريقها :



_" متفكريش فـ كدة يا نيروز، إن شاء الله ميكونش ده اللي حصل ، وشيلي إنك شوفتيه من دماغك عشان لو هو ميعرفش وبعد كده عرف منك ساعتها هتكون خناقه بينكم ، متنسيش ٱخر مره إيه حصل وجوزك  معروف إن سكوته دا مُريب فلو عرف إنه كان هنا فعلاً وهو مكانش يعرف الموضوع  هيكبر صدقيني!!"..



إنشغل هو الٱخر في الدق عليه وكانت من تقف بجانبه "وسام " التي فتحت عينيها على وسعها  من حديث"ياسمين" حتى جمعت سريعاً ما يتحدثان عنه ، إرتعشت يديها خوفاً حتى  إبتعدت  من خلف "حامد" الذي لم يكن منتبهاً لذلك ، ولو كان انتبه لأبعد ابنته وحذرها مما يمكن أن يحدث رغماً عنها ،  إحتضنتها "ياسمين" عقب قولها ثم قالت بأمانٍ :



_" متخافيش بقا ومتفكريش فكده ، إستغفري  بالله كده وإنتي قاعده وكله خير متقلقيش !!"



تنفست بعمقٍ والخوف رفيقها لم يقل ولو ذره ، بل عادت تحاول مسك الهاتف وهى تحاول بأن تطلب رقمه الذي أغلقه بهذه اللحظه ، فشهقت هي ودب القلب بها أضغاف من خوفها السابق  ، كما كان قلق الجميع من حولها فالخارج !! ...



__________________________________________________



وبعدما وقفت السيارة أمام منزل "عز" ، وقف "حازم" بعدما هبط مع "بدر" و"جميلة" كي يدقون جرس المنزل ، والٱخرى تطرق الباب بيديها ،  لا رد من الداخل لأكثر من عدة دقائق كافيه للفتح حتى وإن كان من باالداخل مستيقظاً ،  بالتأكيد ذهب الكل بسبب الوقت المتأخر للنوم ، والمكان مظلم قليلاً وساكن ، سكون يقسو حتى عليهم هم وهم يشعروا بالضيق والقلق ، توترت "جميلة" أكثر وهي ترى محاولتهم في الوصول حتى رددت بخيبةٍ دون مقدمات وهي تسألهم :



_" هنعمل إيه ؟؟ محدش رد وكده الموضوع يقلق أكتر !!"



رفع"حازم" ذراعه الحُر يقربها منه كي يحتويها وهو يمسك بيديه الٱخرى هاتفه يدق على "عز" بعدما وجد هاتف "غسان" مُغلق ، في حين تحدث "بدر" بتفكيرٍ :



_"الموضوع فيه إن بعيداً عن إنه مُقلق ..عز المفروض يكون هنا ونايم عشان بكرة يوم طويل عليكم وعليه !! ، ليكون مامته تعبت او حاجه تاني !!!"



تأتي لحظة التوقعات من ذكائه ويربط الأسباب ببعضها خوفاً على "غسان" هو الٱخر ،  وجد قلة الحيلة على معالم وجههما معاً  وقبل أن يجيب "حازم " بإقتراحٍ وجد إضاءة سيارة تأتي بأعينهم حتى اغلقوها بتشوشٍ ، فاخفض "غسان" إضاءتها لإضاءة اقل وهو يقترب من المنزل أكثر حتى توقف ، فتحت"جميلة" عينيها على وسعها بمفاجأة ثم قالت لهم بصوتٍ مسموع :




        
          
                
_" دا غسان!!!"



توقف "غسان" وقد لاحظ وقوفهم على بعد قليل منهم ، توجه سريعاً بلهفه بعدما خرج من السياره ثم فتح لهم الباب الخلفي هو و"عز" الذي أسند "فرح" وأمسك"غسان" يد "حنان ". ، هرولت "جميلة" بخوفٍ وهي تهتف بإسمه مقتربه منه :



_" عز!!!!"



إحتضنها على الفور وهو يمسك بيد شقيقته ، ولم يتفاجئ من وجودها ، بل شعر بصوت أنفاسها العالي تزامناً مع ترحيب "حنان " بـ "حازم "و"بدر" وتقدم "غسان" يفتح باب شقتهم في الداخل بعدما أخذ المفتاح منه !! 



بينما ربت "عز " على ظهرها بلهفةٍ ثم قال تزامناً مع خروجها :



_" متقلقيش أنا كويس يا جميلة !!"



وقبل أن ترد عليه تعلن خوفها لاحظت وقوف "فرح" بجانبه ، ولاحظت سريعاً شاش يديها الملفوف بكثرةٍ وملامح وجهها المرهقه ، وكأنها تناست كل شئ عندما اندفعت تمسك يديها الملفوفه بشاشٍ ثم قالت بخوفٍ بعدما رأت من الآضاءه :



_" فرح !!!! ، مالك يا فرح ؟؟؟. "



وبعفويةٍ عانقتها بخوفٍ بعدما تيقنت بأنها هي المريضه بينهما ، لذا ضمتها بخوفٍ تحت تأثر "عز" بينهما ، نزلت دمعة "فرح" عاجزة عن الرد وهي ترى لهفتها الشديدة بالخوف وهي تمسك معمصها تتحسسه بتخمين موجع تستنكر بقوه ما وصل له عقلها  بصدمة :



_' لأ متقوليش إنك عملتي كده يا فرح ،قولي إنك إتعورتي من حاجه، صح يا عز ؟؟؟؟"



خمنت كونها ترى حالتها المشروحة دون جهد،  وجدت نظرات"عز" الخائبه بالألم ، فتحشرجت نبرتها وهي تتمسك بكفها تهزها بإندفاعٍ وكأن ما فعلته بها تنساه للتو ويظهر حبها لها التي لم تستطع محوه :



_"  إنتي حاولتي تعملي كده بجد .؟؟ ردي عليا يا فرح ؟؟؟ دا بسببي أنا صح ؟!"



وجد "عز", انهيارها المفاجئ بالتوبيخ لنفسها مثله تماماً ، بل وبكت عندما رأت شحوب وجهها أكثر عندما أضاء "حازم ", ما أمام المنزل بعدما علم المختصر من "غسان" فهرول للخارج يشير لهم بالدخول مع "بدر" وقفت "جميلة" بخواءٍ ، وهي تراه يتقدم ليدخل إلى الداخل بها ، ووقف "حازم " يتفهم حالتها بهذه اللحظه حينها تعلقت عينيها الباكية بعينيه وهي تقول بغير تصديق :



_" دي ..دي حاولت تنتحر يا حازم !! ..بسببي ايوه.. اكيد عشان أنا قسيت عليها أوي ، مكنش قصدي والله العظيم أنا ..."



بُتر حديثها عندما  ربت "حازم" على ظهرها وهو يحثها قائلاً باطمئنان:



_" بس  يا جميله ، إهدي ..إنتي ملكيش ذنب متقوليش كده وتعالي ادخليلها جوه  عشان تتطمني عليها يلا !"




        
          
                
تسمرا مكانها  فحاول"حازم"دفعها معه ناحية الداخل برفقٍ وهو يطمئنها فما تسمعه بالفعل صدمة بالنسبه لها وخاصة هي !! ، بينما في الداخل ، دخلت "حنان" معها الغرفه ومعها "عز" بينما إنتظر "غسان" فالخارج يسمع "بدر" وهو يطمئنهم في الهاتف جميعاً وهذه المره من هاتفته بعدما فاقت تدريجياً هي "نيروز "  والذي إنتقل الهاتف منها لهم جميعاً يطمئنهم باختصار عن ما حدث. ، وقف بشرودٍ ينظر ناحيته حتى بعدما إنتهي فتوجه يوبخه قائلاً :



_" ليه كده يا غسان ،مردتش ليه علينا وعليهم ، إنت مش عارف مراتك كانت قالبة الدنيا إزاي ولا أمك كانت خايفه عليك إزاي هي وابوك وأختك ، أو حتى إحنا. كنت رد خلينا نبقى معاكم ونقف جنبه !!!!"



_"أهو اللي حصل بقا يا بدر وبعدين الوقت  كان متأخر ، ومردتش أقلق حد وأكبر المواضيع عشان العزال بتاع بكره ده ، تقوم تروح إنت قايلهم !!!!"



صمت "بدر" ينظر له بتوبيخٍ ، فوجد هو "حازم " يقف بجانبهم ، في حين قد خرج "عز" يقف بينهم بصمتٍ حتى سمع قول"بدر"  له بمواساةٍ :



_" معلش يا عز ياما بيحصل والحمد لله إن ربنا ستر ..متحملش نفسك فوق طاقتها  ولا تضغطها والحمدلله اهي بتعدي ..ولو على بقية علاجها فإن شاء الله بسيطة مش صعبه زي ما إنت فاكر !!!"



وقبل أن يردّ وجد "حازم " يقف بجانبه وهو يطالعه بشفقةٍ مردداً بنبره هادئه ٱسفه :



_" إجمد كده يا عز وأصبر وإن شاء الله هتبقى كويسه ..ولو العزال بتاع بكرة دا مش ملائم مع الوضع نأجله لحد ما ربنا يفرجها!!!"



نفى برأسه وقبل أن يرد وجد "حنان " تقف بينهم بعدما خرجت من الغرفه حتى ردت بجديةٍ عليهم تصمم رأيها :



_" مفيش الكلام ده يا حازم ، عزال أختك مترحب بيه من بكره يجي فالوقت اللي تحبوه ، وفرح بنتي كويسه مفيهاش حاجه تستاهل التأجيل إيه يعني تتحجز  شويه لحد ما تبقي كويسه وبعد كده نعمل الفرح ، مش عايزه حد يشيل هم وأنا أمها ومقدرة الظروف ومقدرة فرحة أختك وعايزه ابني يفرح هو كمان!!"



كانت حازمه تردد كلماتها بجديةٍ وهي تحاول أن تفعل ما بصالح نفسية ابنتها ، نظر لها "حازم" بتشتتٍ مثل "بدر" و"جميلة" في الخلف ، في حين حرك "غسان" رأسه بتأييدٍ لها ، وأما عنهم فهم متظرين قرار "عز"، والذي تحدث أخيرا. يؤيد ما قالته والدته والتي قصدت قوله بسبب ابنها الذي كان سيقرر نفس القرار ، فقط تحاول من أجله وأجل الٱخرى :



_" لا مفيش تأجيل ولا حاجة يا حازم ، هوديها المستشفي الصبح ونرجع نصلي الجمعه وعلى معادنا مع العربيات اللي هتيجي تنقل الحاجه ، بسيطة وأنا عافرت كتير على ما وصلت لـ أختك .. وان شاء الله فرح هتكون كويسه فأقرب وقت !!"




        
          
                
كان يقرر وهو يفكر بأصح قرار !! إن تأجل بالفعل سيترك نفسه من جديد لفتره وجع عليها لذا سيشغلها معه كي تتأقلم وتصبح جيده وسيشغل عقله ونفسه إلى أن تكون جيدة هي الٱخرى ، وجد قرٱن الفجر يصدح قبل الأذان ، فبعد مرور كل ذلك الوقت سيأتي الصباح ، أيدوه بتفكيرٍ عميق، حتى إنتهت بجلستهما تزامناً مع جلب "حنان" عصير لضيافتهم ، وأخذ "عز" ركنا. وهو يتركهم فإنسحبت "جميلة" خلفه بعدما إستأذنت بنظراتها من شقيقها فحرك رأسه لها  



وقف بجانب ما في الصاله بعيداً عن غرفة الضيوف ،  إلتفتت "جميلة" كي تقف بمواجهته فوجدته يكتم الدموع بعينيه إلي أن يرحلوا ، أدمعت عينيها خوفاً وحزناً عليه ثم إقتربت برأسها تستند على كتفيه  بجرأةٍ منها. دون أن ترفع يديه تحتضنه بل تسمع بالفعل دقات قلبه عندما رفع ذراعيه بترددٍ يقربها منه أكثر وهو يسمعها تردد بنبرةٍ متحشرجة :



_"أنا ٱسفه !!"



لما تتأسف ، لامس قلبه  أسفها و حديثها وحتي إستنادها عليه وهو بأضعف حالاته تثبت له بأنه  سنداً قويًا؟؟  قوياً عنها مهما فعل ، وهي التي تأخذ منه الأمان والإطمئنان ، إبتلع ريقه وهو يحاول التماسك ثم أمسك رأسها بين كفيه بعدما تحرك ليطالع وجهها الباكي ثم قال بصدقٍ :



_"إزاي  بس وإنتي جنبي وفحضني يا جميلة ؟؟ ازاي وبداية فرحتنا بكرة ، متتأسفيش ملكيش ذنب فحاجة و  متعيطيش أنا مش زعلان !!"



إبتسم ابتسامة صغيره وهو يتوجه يقبل قمة رأسها برفقٍ فوجدها تحرك رأسها نفياً وهي توضح بنبرةٍ باكية :



_" لأ يا عز إنت مش مبسوط ، وأنا أهم حاجة عندي أشوفك كويس ، تعالى نأجل العزال لو بجد إنت مش جاهز ، وأنا هفضل جنبك وجنبها لحد ما تكون احسن مش هسيبك ولا هسيبها !!!"



إبتسم هو  بتأثرٍ وهو يرفع إصبعه يمسح دموعها التي تهبط ثم مرر يديه على جبهتها ووجنتيها  وذراعه الٱخر يمرره على ظهرها وهي تقف بمقابلته مما جعلها تنظر له بخجلٍ ..حتى قال هو  بلينٍ وتفهمٍ لحالتها :



_"وأنا عارف كل ده ، وعلشان كده  بوجودك معاها في فتره التجهيز دي متأكد إنها هتكون أحسن ، أحسن وهي بتشوف وبتسمع كل اللي بيحصل وهيحصل وإحنا جنبها ، لو قعدت لنفسها ومع نفسها صدقيني مش هتكون أحسن..أنا عارف فرح وعارف اللي هيحصل ، وكان لازم أخد خطوه زي ما غسان قالي بس أنا اللي سكت ومش عارف سكت ليه ومبدأتش أخد خطوه عشانها ،  يمكن لأنها  بطلت تحاول وسابتني مع نفسي زي ما قولت وأنا إعتبرت ده تفهم منها ولا يمكن عشان أنا اللي غلطان وقسيت عليها ، مبقتش فاهم حاجة يا جميلة ، ولا حاسس بحاجة ،بس  أنا نفسي تكون بخير وتكوني مبسوطة إنتي كمان !!!"



أعلن حيرته وهو يمسح وجهه مخرجاً أنفاسه بصوتٍ مسموعٍ ، فرفعت يديها تعدل ملابسه من أسفل رقبته بجرأةٍ أخرى لا تعتادها أبداً ولا حتى هو منها ، عدلتها برفقٍ ثم قالت بتعقلٍ تقتل حيرته بجوابها :




        
          
                
_" وأنا هكون مبسوطة لما تكونوا إنتوا بخير ، حتى ولو مش مهم نعمل فرح أنا أهم حاجة عندي إنت وراحتك !!"



إبتسم بإتساعٍ هذه المره وهي التي فعلت ذلك واستطاعت ، وعلى بعدٍ كانت تتابع "حنان " التي خرجت من غرفة الضيوف ثم وقفت ، بينما أجابها "عز", بخفةٍ جعلتها تضحك بهدوءٍ  :



_" أه إنتي عايزه أمك تموتني بقا عشان أتجوزك من غير فرح صح؟!!'..



ضحكت ، فإبتسم بخفةٍ عليها ثم أكمل بصراحةٍ متشبتًا. بيديها :



_" إنتِ تستاهلي يتعمل علشانك أحسن فرح فالدُنيا !!"



وأكمل يرد عن حديثها وتخليها عن أشياء من أبسط حقوقها :



_" مش بس عشان إنتي جميلة ، علشان كمان إنتي أصيلة وكنت عارف إني عُمري ما هلاقي زيك علشان كده معرفتش اشوف غيرك ،  وأنا عايز أفرح وأفرحك وأفرحهم معايا ، فمتفكريش كتير فالموضوع ده ، كل حاجه زي ما هي وربنا بيسهلها وعمره ما بينسانا أبداً فكل مره احس إن كل حاجه متقفله !!"



حركت رأسها بخفوتٍ ، حتى مدت كم ما ترتديه تمسح وجهه برفقٍ ثم دفعت خصلاته بخفه إلى الجانب الأيسر وهي تمسح جبهته بحنانٍ ، وعينيها لا تفارق عينيه التي تعلقت بها بتأثرٍ من ما تفعله هي ، سمع صوت خطوات خلفه فوجدها "حنان" التي ابتسمت لـها ، فبادلتها "جميلة" الابتسامة بحرجٍ وهي ترى "حازم" يخرج مع"غسان"و"بدر" من الداخل ، تزامناً مع حديثها لـ "عز" بتوبيخٍ :



_" موقف عروستك ليه يا عز ، ما تريح رجلك ورجلها ييني!!"



قالتها بيأسٍ جعلها تضحك بخفه بسيطة جداً ، فسمعت هي قول "حازم " لها :



_" إن شاء الله  المره الجاية يا أم عز ، إحنا لازم  نتحرك إحنا بقا عشان الوقت!!"



تعلم أن الوقت تأخر عليهم وجدت "عز" يعانق "غسان" الذي إعتدل يقف أمام"حنان" التي قالت له بشكرٍ :



_"ما تخليكم يا بني شوية ..دا أنا مش عارفه اشكرك إزاي علي وقوفك جنبنا ، ربنا يصلح حالك وينورلك طريقك إنت وأخوك  مع آني معرفش إنت مين فيهم بس يلا معدتش فارقه !!"



ضحك "غسان" بخفةٍ عليها ثم رد بهدوء تزامناً مع خروج "حازم "و"بدر":



_"بعد الصلاة هنيجي فخير أكيد ، يدوب الوقتي نروح نصلي الفجر ونطلع ، ومتقوليش كده أنا وعز إخوات ، ولو علي مين فيهم فالمرادي أنا غسان !!"



أومأت له  وتوقعت بأنه ٱخر غير الذي جلس معها بحرجٍ رجولي أنيق ، فاعتدل وهو يرتدي حذاءه ، ناظراً نحوها وهي تعانقه بقوةٍ قبل أن ترحل ثم والدته ، حتى إعتدلت تحثه بلين قائلة :



_"زي ما قولتلك يا عز ، بلاش تقعد الكام ساعه دول لوحدها فالأوضه خليك معاها أو طنط تنام جنبها !!"




        
          
                
حرك رأسه إيجاباً وهو يخرج كي يقف إلى أن يرحلا ، تزامناً مع سير "غسان" أمامهما ، فودعته كي تركب سيارة "حازم", مع وداع"حازم ", المؤقت له ، فإعتدل "غسان" ينظر له ثم قال:



_" أنا هاجي الصبح أنا وحازم  قبل الصلاه عشان نوديها المستشفي زي ما إتفقت معاك ،  وبدر وشادي هيبقوا يكلموا  العربيات و يخرجوا  الحاجات على ما نيجي ، في رعاية الله  عايز حاجة ؟!"



يجد شهامته في كل مره  ، نظر له بصمتٍ إلى أن عانقه بحبٍ ثم قال :



_"عايز سلامتك ،  وخايف أقولك تعبتك معايا مع إني مبخافش من حد !!"



قالها قاصداً التبجح هو الٱخر فغمز له "غسان" بمرحٍ ثم قال بغرورٍ زائف :



_" كده تعجبني ..بس لازم تخاف المرادي عشان" غسان البدري" مش حد !!"



صمت ثم سأله بمشاكسةٍ كي يخفف عنه :



_" ولا إيه ؟"



_" " غسان البدري" مش حد فعلاً .. غسان البدري أخويا !!"



طالعه "غسان" بتأثرٍ فربت علي كتفيه بتشجيعٍ شبابي ثم توجه يركب السيارة تزامناً مع سير السيارة الٱخرى وركب "بدر" مع "حازم" عندما استشعر وجود كلمات عالقه بعين "عز" للٱخر وتٱثره منه فتركهما معاً ، نظر بأثر السيارتين بشرودٍ وهو يتنفس بعمقٍ ، حتى التفت كي يذهب بكل ذلك الثقل إلى المسجد  من اجل صلاة الفجر ، وليس للمنزل ، كي يقوم بأداء فرضه وإخراج ما بداخله بركعتين لله في هذا الوقت  ومن لديه سِواه يشكو له ، فالشكوه لغيرهِ مذلةٍ!!!!!



____________________________________________



  تطمئن وتقلق بنفس ذات الوقت بعدما علمت سبب تأخيره ، لذا نهضت تذهب قبل وقت لشقة "سمية" والدتها تنتظره هُناك ، في حين  أخذ "حامد" أنفاسه بإطمئنانٍ وحسرة بنفس ذات الوقت علي ما يحدث لما تسمي بـ "فرح" دخل  يحث زوجته على أن تنام ولكنها توضأت كي تصلي الفجر ، مع فعله للمثل ثم هبط كي يذهب للمسجد  ،  وقد رحلت "ياسمين" مع "عايدة" لشقتها ، بعد ذهاب "وردة" هي الٱخرى لشقة "والدتها" وكل ذلك بسبب رغبة "نيروز" في الإنفراد بنفسها بغرفتها حين قدومه ، بل توترها برؤية"حسن", لم يغيب عنها وهذا ما يسبب لها الخوف منه وعليه!! ، تنفست براحةٍ عندما علمت بأنه بالفعل قادم في الطريق  من رسالته لها ٱخيراً ، وهذا سبب ٱخر يدعي غيظها بسبب عدم رده عليها ،  وأيضاً قلقها علي حالة "جميلة" بسبب ما حدث وما سيحدث في الغد !! 



الغد هو اليوم بالفعل وبسبب عدم نومهم إلى الٱن فالوقت ينعكس والساعات تستوصل وكأنه نفس اليوم !! ، سمعت أذان الفجر ، فتنفست بعمقٍ وهي تتوجه  ناحية باب المنزل لتفتحه  بالطبع مرت دقائق كثيرة منذ أن علمت لذا عقدت العزم على أن تصعد إلى شقتها مرسلة له رسالة تعلمه بذلك ، فتحت الباب فوجدت "جميلة" تنتظر فتح باب شقة والدتها لها ، توجهت "نيروز", بلهفة كبرى وهي تهتف بإسمها حتى إحتضنتها بتأثرٍ فجاوبتها "جميلة" بإطمئنان رداً على حديثها :




        
          
                
_" متقلقيش يا نيروز ، أنا مش زعلانه والله ، أنا كويسة ، تعالي أدخلي !!"



_" متأكده .؟؟"



سألتها "نيروز" باهتمامٍ وهي تمسك كفها بلهفةٍ فحركت "جميلة" رأسها بثقةٍ ،ثم وجدتها تحثها مره أخرى قائله إلى حين فتح ذلك الحوار بوقت ٱخر :



_" تعالي أدخلي على ما غسان  يطلع معاهم ، بيصلوا بس الفجر وجايين !!"



.نفت وهي تحرك رأسها ثم ربتت علي كفها بحنوٍ وهي ترد :



_" لا أنا هسبقه علي فوق ، هرتاح لإني مبقتش قادره خلاص!!"



وجدتها بالفعل مُنهكة بسبب ألم معدتها الذي يهدأ ثم يعود ، فأومأت لها وهي تردد على مسامعها بأنها ستتحدث معها غداً ، لذا ركبت المصعد تزامناً. مع فتح الباب بواسطة "عايدة"و"ياسمين" التي إحتضنتهم "جميلة" وهي تدخل!!



وبعد دقائق معدودة فُتح المصعد وخرج منه الأربعه بالفعل  "حامد " الذي هبط ليصلي و"غسان"و"بدر" و"حازم " ، وقف يودعهم وهو يرى "حازم " يدخل المفتاح في شقة والده ومن ثم "بدر" هو الٱخر ، فأشار له "والده" كي يأتي خلفه وهو يقول بنبرته الهادئه :



_" إستنى قبل ما تطلع عشان تطمن أمك وأختك !!"



سار معه إلى الداخل بعدما فتح "حامد " الباب، فوجدها جالسه مع إبنتها على الأريكه في. الصالة ، تلهفت "دلال" وهي تنهض فسار نحوها يحتضنها بحبٍ وهو يطمئنها ممرراً يديه علي ظهرها بحنوٍ :



_" أنا زي الفل اهو مفيش حاجه إطمني !!"



خرجت من أحضانه تتنفس بعمقٍ وهي تتفحصه بلهفةٍ ، فوجد هو نفسه يندفع بشدةٍ من ٱثر عناق "وسام " له تزامناً مع انشغال"حامد"و"دلال" في الحديث ، وجدها تتحدث بلهفةٍ متعلثمة وهي تضمه إليها وإفتعلت جرماً لم تنتبه هي له سوى عندما أخرجت  الحديث الٱتي:



_"قلقتني يا غسان ..ابقي رد علشان كلنا كنا خايفين أوي ..وأنا ..أنا كنت خايفه لتكون شوفت حسن زي نيروز.. بس الحمد لله الحمـ..."



توقفت عن الحديث عندما إنتبهت لما قالته ٱثر لهفتها ، أما هو فعقد ما بين حاجبيه بغرابةٍ ثم تعمد عدم الفهم وهو يخرجها من أحضانه مبتسماً :



_" أنا كويس مفيش حاجه، أدخلي نامي يلا "



لا تعلم إنتبه هو أم لم ينتبه ، فوجدها تنسحب من أمامهم وهو ينظر بأثرها بشرودٍ. إلى أن ربت "حامد" على كتفيه مردداً :



_"اطلع يبني بقا لمراتك وطمنها ، ٱصلها كانت خايفه عليك اوي ، وناملك شويه علي ما النهار يطلع !!"



وجد بالفعل ملامحه المرهقه ،فأومأ له "غسان" دون أن يتفوه بأي حرف، حتى وجد "دلال" تؤيد "حامد" ،. فسار هو غالقاً. الباب خلفه بهدوءٍ ومن ثم توجه ناحية المصعد ليركبه لطابقه الذي يوجد به شقته .. وبخفةٍ صعد المصعد ووقف أمام الطابق حتى خرج منه وهو يدخل المفتاح به ، دخل ومن ثم ٱغلقه خلفه ، حتى خلع حذاءه ومن ثم إعتدل يرفع رأسه فوجدها تسير بسرعه تجاهه كي ترتمي بأحضانه فإندفع أثر فعلتها ولكنه رفع ذراعيه يضمها بحنانٍ وهو يسمعها تقول بلهفةٍ :




        
          
                
_"مكنش بترد ليه أنا كنت خايفه عليك وقلقانه أوي حرام عليك!!"



توبخه؟؟ وهي تحتضنه ، مرر يديه علي ظهرها برفقٍ ثم قال بنبره هادئه يطمئنها :



_" مكنتش عايز أقلق حد ، بس البركة فيكي بقا !!!"



عنفته بنظراتها ولا تعلم كيف انسحبت وانسحب معها إلا أن بقى الإثنان بغرفتهما وهو يبدل ملابسه الٱن بإرهاقٍ ، توجهت ناحية المطبخ تعد له مشروب ساخن سريع مع شطيرة كي يأكلها ، تزامناً مع إغتساله في المرحاض وتبديل ملابسه لٱخرى مريحة ، خرج بعد دقائق تزامناً مع دخولها بصينية  صغيرة رقيقه ، وضعتها علي الطاوله ، فإرتدي هو تيشيرته الفوقي أمام المرٱه ثم مشط خصلاته إلى الخلف بغير إكتراث وهو ينظر لهيأته متحدثاً من بين ما يفعله  بحديث يسألها به بمراوغة خبيثه غير تلقائيه يختبر حديثها إن سيخرج أم لا :



_"مكنتش أعرف إنك بتخافي عليا اوي كده ،  دماغك  كانت  راحت فين يا رزّه!!  "



صمت وهو يقترب منها ثم قال بعبثٍ غير هين :



_"مش عيب بردو ؟؟ هو أنا عيل صغير ولا خايفه عليا من حد!"



أثار قلقها حديثه الغير مباشر ولا تعلم هو إلى ماذا يلمح وجهلت إحتمال عمله فإن علم سيواجهها ولكن ماذا يفعل الٱن  بعقله؟؟ لا تعلم هي  وعلمت لما يتعامل كذلك منذ أن صعد هل بسبب خوفها الزائد ؟؟  ، تحركت بخفوتٍ حتى إهتزت الطاولة وهي تبتلع ريقها بصعوبةٍ ثم إعتدلت كي تقف تنظر له ، فوجدته مازال على وضعه ، وجدت نظرته الجامده بعدما إعتدل متوجهاً يقف أمامها موزعاً أنظاره بينها وبين ما أعدته ، وإلى الٱن صامته لم تردف أي حرف ، سوى جمله تسأله بها بتعلثمٍ :



_"وأنا.. أنا هخاف عليك من مين !! "



سارعت في السخريه  بشخصيته من جرأته المعهودة  وتبجحه ، عندما رددت كي لا تتركه لشكه :



_"انت ميتخافش عليك "



وأكلمت بصراحة هذه المره وخوف  تعتقد بأنه لا يعلمه هو عندما جاب خاطرها  "حسن", ورؤيته  بنظراته المتوعده واصطدامه بها بقصدٍ منه :



_"..بس أنا خوفت!!



حيرة  وإعتراف نصفه  صادق ونصفه كاذب  مع ترددها الملحوظ ، حرك عينيه نحوها ثم هز رأسه يؤكد قائلاً :



_" كويس إنك عارفه" 



إبتسم "غسان" بعدها عندما إستشعر  رغبتها في القول ولكن خابت توقعاته عندما  اخفت ذلك بلحظه غير وعي كي لا يشك :



_" أمان متخافيش عليا !!  "



وجدت الجمله حاده عليها مما جعلها تحرك رأسها بتوترٍ تحاول عدم الخوف وبلحظة وجدت نفسها تردد بخوفٍ عليه وتشتت لما حدث ويحدث تحت ضغط ٱعصابها  دون صراحتها بنفس الوقت في أنها رأته :




        
          
                
_" أنا خوفت عليك..خوفت تكون خرجت أو شوفت وإتخانقت مع حد أو حتي حصلك حاجه ، عقلي كان مليان والشيطان مبطلش يصورلي حاجات مؤذيه !!"



تعلن له خوفها وخوفها هذه المره لم يثير غضبه فقط كان  يختبرها وإلى الٱن تراوغ ؟؟ ..وما أن  قصد خبث عقله لتصارحه وتؤكد ثقته بها وجد المبررات التي جعلتها تهبط دموعها وهي تكمل بتيهه تعترف له بما يراه الكل عنها :



_" أنا كنت النهارده مجنونه برد فعلي الشديد ده مستغربتش النظرات ولا الكلام وكأني أوڤر .. ، بس بلاش تسيبني لعقلي تاني ورد عليا وطمني عليك !!".



لم تكن ضعيفه إلا بغيابه ،. وعند كلمة "مجنونة" التي تحزنها ، أثارت شفقته ، وهو يبتلع ريقه بصعوبةٍ حتى تقدم  يرفع أنامله يمسح دموعها برفقٍ ثم ضم رأسها ناحيته وهو يقول  مدخراً لها عدم صراحتها لوقت ٱخر غير ذلك الوقت المتأخر لا يعلم هو بأن الادخار ما هو إلا وسيلة لكبر حجم المشكلة !! :



_" أنا معاكي ومش هسيبك ولازم تثقي فيا أكتر من كده ،  وإنتي مش مجنونه  متقوليش على نفسك كده !!"



تذكر أنه يوم عيد مولدها لذا لم يتعمد الضغط عليها وحتى بظروفها  وألم معدتها الٱخر ، خرجت من بين ذراعه تمسح أثار دموعها ببطئ دون نبس أي حرف ، فاعتدل هو يتحسر على حاله بجديةٍ شديدة متعمداً مره أخرى بأن يظهر طبيعياً كي  تطمئن وتصارحه كما إتفقا معاً على الصراحة :



_" الواحد مبلحقش يحتفل بأي حاجة وكأن حد تاففله فحياته وربنا ..!"



ابتسمت "نيروز"  بخفةٍ عليه وجهلت وإبتلعت ما يفعله دون دراية   ، فوجدته ينهض إلى الخارج ، لم تذهب خلفه بل نهضت لتجلس على الفراش بألمٍ طفيف وإرهاق حتي أمسكت هاتفه تنظر به نحو الساعه فوجدت أن الشروق يظهر بالفعل  ، تنفست محاوله محو الارتباك ،  لم تمر إلا دقائق معدودة  وحركت عينيها نحوه وهو يدخل مره ٱخرى متنفساً بعمقٍ وهو يندب حظه بضيقٍ جاد :



_" مفيهاش نوم بقا ، مفيهاش نوم انا عارف!!"



تصنعت عدم الإستماع له ، فقد أُنهكت بالكامل اليوم بما فيه الكفايه عليها وعلى وجعها ، لذا إعتدلت تشير له وهي تردد بنبره هادئه  هروباً منه :



_" لو سمحت إطفي النور ، انا عاوزه انام !!"



نظر لها بجمودٍ وحدةٍ  مخفيه  حتى وإن تعمدت تجاهل ذلك  فلم يتجاهل هو وظل بما يفعله ، لذا إعتدل مقترباً منها وهو يهمس لها بعبثٍ :



_" طب والتورتة اللي فالتلاجه ؟؟"



صمت ثم أكمل بمشاكسةٍ غير متناسياً ما فعلته ولكن ليس ليتخطى الوضع ، لذا يفكر بكل الطرق كيف سيرد حقه منه من جديد ويعلم بأنها فرصة جيدة انه لم يراه :



_" والكلام  الحلو اللي كنت  هقولهولك !!"



ضحكت بإستسلامٍ له ولحديثه حتى إعتدلت تهتف بقلة حيله منه رداً على حديثه ببراعةٍ إستنكرها بداخله  :




        
          
                
_" خلصت فيا كل الكلام الحلو يا بن البدري عايز تقول ايه تاني غير انك مستفز عشان متردش عليا كل دا وتسيبني حيرانه!!"



توقفت تنظر إلى ملامحه ثم إعترفت بتلقائيه له :



_" أوحش حاجه فالدنيا إن حد يمشي ويسيب التاني لدماغه بعدها !!"



قالتها بتأثرٍ ولأن مشاعرها مضطربة حاولت أن لا تدمع عينيها من حديثها أو لا تتعلثم ، تفهم حالتها هذه حتى أنه ربت على كتفيها   متنفسًا. بعمقٍ حتى أتت نبرته رداً علي حديثها في البداية :



_" إنتي ميخلصش فيكي كل الكلام الحلو ،  ومش عايزك تخافي بعد كده ، طالما متأكده ان مفيش حاجه تخوفك، إطمني ومتقلقيش !!"



 ود لو يصرخ لتصارحه ينتظر فقط لحظة المصارحه حينها سيتفهم ! ، تأثرت من تفهمه هذا وتعقله ، خاصةً بأن شقيقتها جعلتها تخاف أكثر من ذلك الموضوع ولكنها تذكرت سريعاً حديثه بأن كل العقبات تظل بينهما فقط دون وجود طرف ثالث كي لا تكبر وعندما تذكرت ذلك علمت وتعلم بأن حديثه صحيح وبشدة  وٱنها تقترف فعلة ليست هينه ولكن بسبب خوفها تحميه  من نفسه قبل حسن ؟؟ ، لذا تنفست بعمقٍ وهي تحرك رأسها بطاعةٍ ، فوجدته يشير لها بأن تتسطح كي يفرد الغطاء عليها وهو يسألها بإهتمامٍ خائباً من ما انتظره  ولكن غداً كافياً للصبر؟؟ :



_"خدتي بقيت العلاج ؟؟ لسه بطنك بتوجعك ؟؟!"



ابتلعت ريقها وعينيها تعانق عينيه مرددة وهي  تنظر بنعاسٍ :



_" صدقني أي الوجع فوجودك بيختفي !!"



 هذه الغير هينه تتوقع نفسها أذكي منه ؟؟ وعلى أية حال ضحك بخفةٍ على غزلها الممزوج بنعاسٍ لا تستطيع مقاومته ، تركها ترتاح وتنام بالفعل وإعتدل هو بجانبها فوجدها تسأله بعشمٍ قبل أن تذهب فسبات عميق :



_"مش هتقولي الست قالت ايه ؟!"



_"ياما طول عمري رضيت منك ٱسيه..لما داب أملي وأنا بتمنى ودك"



لم يتمني الود فقط تمني الصراحة !!! ،  قالها مباشرةً غير قادراً علي العبث قبل الإجابه ، إعتدلت ترفع ذراعيها تعانقه  فإعتدل يحاوط خصرها مرتباً الغطاء تزامناً مع ابتسامتها وكأنه يردد شئ عادياً وليس بما يشعره هو دون علم منها !!!!



وما هي سوى دقائق قليلة وذهبت في سباتٍ عميق من قبله هو حتى ، ولأنه يعلم بأنه خلال ساعات قليله سينهض بدأ في المحاوله كي ينام ، فـ  في الساعات المقبله لديه من  الأحداث الكثيرة ، ينوي مساندة "عز", والذهاب لشقيقه هو الٱخر !!! 



_____________________________________



«فَاليَومَ أَبكي عَلى ما فاتَني أَسَفاً
وَهَل يُفيدُ بُكائي حينَ أَبكيهِ
واحَسرَتاهُ لِعُمرٍ ضاعَ أَكثَرُهُ
وَالوَيلُ إِن كانَ باقيهِ كَماضيهِ».
- بهاء الدين زهير..
يبكي في طلوع الشمس هو الٱخر ؟! ، كم من بكاءٍ يبكيه المرء وحده حبيساً في غرفته بين أكثر من جدار ، وكأن كل جدار يسمى بُمسمى ، جدار الوجع ، جدار اللوم ، جدار الحسرة !! ، جدار الادراك والتذكر لحالته الهائجه عندما يطلب  جسده في وقت  الغير الوعي الخاص به والذي يقل يوم عن يوم ،  وجدار التحسر ..يتحسر بالفعل بعدما يشعر بالتحسر على ما أفناه بعمرهٍ من هلاك يهلك نفسه به ، والٱن يتعاقي تدريجياً ، ولكن هل الويل إن كان باقي عمره كماضيه بالفعل ؟! أم سيقرر على أن يحسن من نمط حياته والتي كانت فالبداية لا يحق له بأن يطلق عليها  بُمسمىٰ حياة ، الساعات تمر !! والٱن هو يشعر بها بقوةٍ كونها شديدة عليه من الإحساس والشعور والحزن والسعادة والمشاعر الكثيرة الذي يفهمها هو هذه المره !! ،  سنوات تمر دون فائدة ، بما إستفاد هو ؟! ، أم أنا ؟! وهو يخاطب نفسه ، بشعوره  بالخزي كلما يتذكر بأن شقيقه هو من كان يرسل له ما يجعله يستمر في هذه الحياه من أموال تجعله مستقرًا. دون أن يبذل جهد؟ يعلم أن "بدر" كان لم يستطع توقف إرساله للأموال بسبب رؤيته له وكأن هذا أبسط واجباته نحوه  وهو بعيد عنه!!.




        
          
                
يريد الخروج وبسرعة فائقه وبحماسٍ وعكس ذلك الحماس ندم ، ندم علي ما مر منه دون فائده ،يشعر بالتحسن تدريجياً ويعلم أيضاً بأن موعد خروجه يقترب يوم عن يوم ، وللأصلٍ والحُب الذي خلق بداخله ، لم يغيب عن عقله  صديق أيامه  ، يفكر بكيف حاله وإلاما وصل غير متناسياً حالته الضعيفه ؟! ، يذكره بدعواته هو الٱخر كونه لا يستطيع أن ينساه بالفعل أو يتجاهله!! ، طيب ولين القلب لحدٍ كبير وأكثر ما يُقال عنه كذلك هو "ٱدم" ، لطالما يُعرف بنقاء قلبه ولم يعكر كل ذلك سوى أصدقاء السوء !! 



غفى قبل ساعات ومن ثم يستيقظ الٱن مبكراً جداً كي يقرأ "سورة الكهف" بسبب أن اليوم  يوم الجمعة بالفعل .. تنفس بعمقٍ وهو يردد الدعاء الذي حفظه  :



_" تقدِرُ ولا أقدِر، تعلمُ ولا أعلَم، وأنتَ علَّامُ الغُيوب. قابلَ الدَّعوات، مفرِّجَ الكرُبات، قاضيَ الحاجات، ربَّ المعجِزات، كلُّ شيءٍ لم تكتبْه زائل، وكلُّ ما كتبتَه كائِن، إخترْ لي ولا تخيِّرني، قدِّر لي ودبِّر لي ثمَّ بارِك لي. لا وجهَ إلَّا وجهك، والخيرُ قضاؤُكَ وقدَرُك، والأمرُ أمرُك ولا حَول لي، لا تحرمني خيرَ ما عندِك، بشرِّ ما عندي. الخطواتُ كثيرة، ألهِمني موضِعَ قدَمي، كي لا أَزِلَّ ولا أُزَلّ، ولا أَضِلَّ ولا أُضَلّ، ولا أتعَبَ ولا أُتعِب، ولا أظلِمَ ولا أُظلَم. أنتَ أنت، وأنا أنا، لتسَعَني رحمتُك، ويشملَني هديُك، فلا أُلدغَ من جحرٍ مرَّتَين. أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت، آمنتُ بك، برِّد قلبي، أخلِف عليَّ كلَّ غائبةٍ بخير، وانصُرني حتَّى تُرِيَني ثأرَك. "..



أصبح بكل بسهولة شديدة أن تهبط دموعه وهو يناجي ربه ويدعوه  ويترجاه ، لا يعلم اخجلاً أم أنه بالفعل وصل لمرتبةٍ عاليه في الإيمان وقرُبه من الله ، في الحالتين يتأثر تأثراً شديد ، وكلما يتأثر يتذكر كل أمنياته الذي يريدها في  الدنيا والٱخره، في الماضي كان أمله مقتولاً أما الٱن فالأمل يولد من جديد ، وكأنه هو نفسه يولد من جديد بشخصٍ جديد وأفعال جديدة وشعور جديد واحلام أخرى جديدة عدا حُلم واحد فقط منذ القدم ، يعتبره مستحيل التحقيق أو مستحيلاً بأن يُقبل هو ، يعتقد بأنه تناسىٰ ويعتقد بأن الٱمر يصبح لا جدوى منه ، ويري بأنه الٱن أقل من أن يفعل ما ينوي فعله لذا سيصمت ويتوقف عن التفكير ولم يردد سوى بشئ واحد فقط لخالقه ..
العوض يا الله ..العوض عن كل شئ كنت أتمنى بأن يكون لي ولم يصبح كذلك ، العوض عن أيام سيئه مرت بصعوبةٍ دون التفكير بذلك ، العوض عن عُمرٍ ووقتٍ  مر دون جدوى ، فاللهم الجدوى في كل شئ !!



بينما الٱن بعد مرور ذلك الوقت والساعات وجد أن الساعه بالفعل السابعه صباحاً ، لم يفعل شئ سوى أنه أمسك المُصحف كي يقر أ سورة الكهف بالفعل وبدأ بأول سطور من أيات  مباركة بعد البسمله تبدأ بـ :



"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ (1) قَيِّمٗا لِّيُنذِرَ بَأۡسٗا شَدِيدٗا مِّن لَّدُنۡهُ وَيُبَشِّرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرًا حَسَنٗا (2) مَّٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدٗا (3) وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا (4) مَّا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٖ وَلَا لِأٓبَآئِهِمۡۚ كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا (5) ...."




        
          
                
_________________________________________



وفي شقة "عايدة" الٱن بعد مرور ساعات الصباح الباكرة جداً  ، نهضت "جميلة" تتجهز بعد حثها لنفسها وله بأنها لم تتركه بيومٍ كهذا ، إرتدت ملابسها وحجاب رأسها وهي تجهز حقيبة يديها ، تقدمت بضع خطواتٍ لتفتح باب الغرفة فوجدت "حازم" يقف متجهزاً هو الٱخر وعلى ما يبدو معالم الإرهاق عليه ، نظر لها بإبتسامةٍ واسعة ثم قال :



_" صباح الخير!!"



إبتسامة صغيره زينت محياها وهي تطالع ملابسه الملائمة للخروج فسألته بنبرةٍ جادة :



_" إنت جاي ولا إيه ؟؟"



_" تفتكري هسيب عز يعمل حاجه زي دي وهو لوحده ؟؟ أو هسيبك تروحي لوحدك ؟؟!"



إبتسمت"جميلة" على لطفه، حتى إقتربت تقف وهي توضح له :



_" لا مفتكرش ، بس أنا قولت لماما إنك هتقعد تخرج الحاجه إنت وبدر وشادي على ما يجي ، وكنت هروح أنا مع "غسان" علشان على ما نيجي وتخلصوا صلاه تكون كل حاجة جاهزه للشيل علطول !!"



_" لا هاجي معاكي عشان نبقي مع" عز" ،  "وبدر "و"شادي " هيقوموا بالمهمه على ما نيجي انا وغسان , مش يلا ؟؟"



وجدت "عايدة " تخرج مهرولة بكوبين من "الشاي" الساخن وشطائر صغيره لهما وكأنهما طفلان ، حتى رددت لهما  تحثهم قائلة قبل الخروج :



_" كلوا ي حبايبي دول قبل ما تخرجوا الله أعلم هتتأخروا ولا لأ !!"



أسندت الصينيه بلهفةٍ وهي تقدم لهما وقبل أن يرد أحد عليها ، وجدت صوت دقات الباب ، فتوجه "حازم " ممسكاً بكوب الشاي يفتح الباب ، حتى وجده أمامه ، إبتسم "غسان " وهو يدخل ٱخذاً من بين يديه كوب "الشاي" بتبجحٍ وهو يقول :



_" اجهز بسرعه علي ما أشرب ده علشان وربنا نيروز ما رضت تصحي تفطرني يا عم العيال !!!"



ضحك الكل بخفةٍ عليه ، فأمسكت "عايدة" شطيرة صغيره وهي تقدمها له بحنوٍ مردده له :



_" خد يحبيبي بالهنا والشفا !!"



أخذها من بين يديها وهو يجلس على المقعد  جوار الباب بحذاءه ،  فإرتدى "حازم" حذاءه وهو يسأله بترقبٍ :



_"كلمت شادي ؟؟"



_" أه جاي كمان شوية عشان يساعد بدر وحامد يطلعوا الحاجه، وبعد الصلاه بقا نيجي نشيل ونتحرك !!"



نهض تزامناً مع تركة لٱخر ما تبقي في الكوب ، ثم إبتسم لـ "عايدة" بإمتنانٍ ، تناول هاتفه كي يرسل لـ "عز" رسالة توحي بقدومهم ، في حين إعتدلت "جميلة" هي الٱخري كي تخرج خلفهما ، وقفت "عايدة".  تودعهما وداع مؤقت بحزنٍ تحاول اخفاءه علي حالة وفرحة ابنتها التي تقل وتتجاهل هي ذلك من أجل"عز" متخليه عن كل شئ مقايل راحته هو ، لا يهمها بالفعل سواه ، وهذا ما يثير تأثره وتمسكة بها !! ، أغلقت الباب وهي ترفع عينيها كإشارةٍ للدعاء وهي تحمل الكوب ناحية المطبخ ، عاقدة العزم علي أن لا تقلق "ياسمين" بنومها في هذا الوقت، ولكنها ستعد لها طعاماً بسبب دواءها هي الٱخرى  تخاف عليها وتخاف أكثر بسبب توصية ولدها عليها لطالما أيضاً يعلم بأن "ياسمين" تهمل نفسها وعلاجها !




        
          
                
__________________________________________



وقف متجهزاً بعدما رتب كل شئ ، أخذ بعض من الملابس الخاصه بها بحقيبةٍ صغيره ، وأسندها بجانب باب المنزل ، وهو يتوجه مره أخرى إلى الداخل وجدها تقف بصمتٍ تنظر بتشتت و"والدته" تلبسها حجاب رأسها بحسرةٍ تحاول إخفاءها ، توجه قبل أن تضع الحجاب ثم أخذه من والدته ، رفع "عز" مشط الرأس يمشط بداية خصلاتها السواء حتى مرر يديه بضعفٍ على وجهها كي تثبت عينيها نحو عينيه التي تجمعت بها الدموع وهو يقول :



_" أنا مش عارف اللي هيحصل ده هيبسطك ولا هيزعلك..بس هو دا الصح ليكي يا فرح وانا ٱسف ، أسف علي كل اللي بتمري بيه ده من زمان أوي حتى لو مكنتش السبب ، بس أنا نفسي تكوني بخير !!"



يعلم بأنها تاره تنتبه له وتاره اخرى تتشتت بالفعل ، إبتلع ريقه بصعوبةٍ وهو يلبسها الحجاب بمساعدة "حنان" التي هبطتت دموعها بشفقةٍ وحسرةٍ عليها عندما حركت "فرح" عينيها بمكان ٱخر ، القسوه  بالشعور عليه ، هو عندما يشعر بالفعل بأنها تصل إلى مرحله من مرحلة الاختلال العقلي ، هكذا يري كونه يري الأمر غربياً بالنسبه له نوعاً ما ، لا يعلم هو بأن حالات الإكتئاب تجعل المرء يصل إلى ٱكثر من ذلك وهذا ما قاله له الطبيب في بداية حالتها منذ فتره ,  ولكنه تأقلم مع الوضع وكأنه طبيعياً عندما وجدها عادية !، أمسك كفها يقبله بخوفٍ وتأثرٍ فنظرت نحو يديه بتأثرٍ ثم عادت تتوه من جديد وكأنها بعالمين عكس بعضهما!!!



_" بصيلي يا فرح ، أنا هنا ، أنا أمك يا حبيتي ومش هسيبك أبداً ، شوفي النهاردة  جهاز جميلة صاحبتك هيجي هنا البيت عشان تبقى لعز ، عز اخوكي اللي بيحبك أوي !!"



قالتها "حنان" وكأنها  تحدث طفلة صغيرة ، لذا أدمعت عينيها بقهرٍ على ما وصلت له ابنتها ثم وجدتها تدمع عينيها حينما ذكرت إسم "صديقتك!!" رفع كفه يمسح دمعتها الوحيدة عندما تفهم ما تذكرته وما وصلت له، أما الٱخرى فتتلهف لتمسع نبرة صوتها وفقط !!  ، سمع صوت دقات الباب، فتوجهت "حنان" تفتحه سريعاً عندما علمت منه بأنهم هم 



 أسندها برفقٍ لخارج الغرفة براحةٍ كبرى ، ثم إنحنى يمسك الحقيبه تزامناً مع ترحيب والدته بهم ، فدخل "حازم" يحمل الحقيبة منه وهو يتوجه بها إلى الخارج في السيارة ، ومن ثم وقفت "جميلة" بلهفة تسند "فرح" معه إلى الخارج حيث سيارة "غسان",  في حين خرجت "حنان" هى الٱخرى تغلق الباب خلفها وهي تحمل بيديها ما يخص عن هوية ابنتها كي تستطيع حجز غرفة لها ، تعلم بأن "عز", يدخل علي صرف أموال لا عدد لها من كثرتها بسبب حالة "فرح", بمستشفى كهذه والٱخر زفافه وما يخصه !! ، ما بيديها سوى الدعاء للفرج والتسهيل والرزق!!



ركبت مع "حازم"و"جميلة" وركب "عز" مع "غسان" وفي الخلف أسند "فرح" كي تجلس بأريحية دون ضيق وأغلق "غسان" الابواب في الخلف إلكترونياً  تحسباً لتهورها ، نظر "عز" في المرٱه بشرودٍ حتى لاحظ صوت سيارة "غسان", الغير طبيعياً بالنسبه له كونه خبيراً بأمور السيارات ، ترقبت ملامحه وهو يحرك رأسه ناحيته مردداً على مسامعه بتفسيرٍ يعلمه ما لا يعلمه:




        
          
                
_" إبقى عدي عليا العربية دي أصل صوتها مش طبيعي، شكل فيها حاجة !!"



إبتسم "غسان" وهو ينظر أمامه ثم تعمد المشاكسة وهو يرد عليه بخفةٍ :



_" ما أنا جبتهالك المره اللي فاتت ، ولا هو شغل كروته وكل شويه ندفع فلوس يا عز ، هنراعي ربنا فشغلنا إمته ي جدع !!"



ضحك وهو يحرك رأسه بيأسٍ هاتفاً بتبريرٍ :



_"معلش ..ما إنت موديها وأنا مش هناك ، بس تتفتح مخصوص عشانك !!"



غمز له "غسان" بعبثٍ وقد تردد في فتح ذلك الحوار وعندما وجد شرود الأخرى ، حرك عينيه نحوه وهو يقول بحرجٍ يحاول إخفاءه :



_"بقولك..خلي مصاريف المستشفي عليا عشان حوار الفرح وكده ، وإعتبرها سُلفه وإبقى ردها ، أنا كنت محطوط مكانك كده قريب وعارف الجواز بيحتاج مصاريف قد إيه و..."



قاطعه "عز " سريعاً بهدوءٍ :



_" الحمد لله ربنا ساترها !!"



_"إسمع كلامي يا عز، ويا عم متزقش كده أنا مبسيبش فلوسي لحد عشان تبقى عارف بس !!"



قالها بتبححٍ  وجرأه مضحكة ، فضحك "عز" بتكلفةٍ ثم رد عليه بتعقلٍ :



_" أنا الحمد لله ربنا رازقني وهرجع افتح الورشه اليومين دول اسيبها ليهم ومش مهم اجازات ..وربك بيسهلها ، فلوس المستشفي موجوده متشيلش همي  !!"



لا يريد بأن يضعه بموضع مخجل ، لذا تنفس بعمقٍ ثم عاد يضغطه بلين :



_" إعتبرها نقطة الفرح وجاية بدري شوية ، أصل لما هترفض وأنا زي ما بتقول أخوك أعتبرها أنا ايه ؟؟ "



وأضاف سريعاً بحزمٍ جاد يوبخه بمرحٍ :



_" يعم دا لسه قاعه وحوارات وفستان وميكاب وأمور الستات دي محدش قدها إسمع مني !!"



_" ما خلاص يعم هتقعد تقطم فيا ؟؟"



قالها وهو يشير له بنفاذ صبر فقهقه "غسان", عالياً حتى ضحك "عز" ٱخيراً وهو ينظر له بإمتنانٍ ورغم عزة نفسه ولكنه لم يقصد إحراجة بل صمت إلى حين الظروف وتأتي كما تأتي هي ،  نظر ناحيته بامتنانٍ وهو يسمعه يحدث "نيروز" يملي عليها تفاصيل ما سيفعله كي لا تقلق  عندما دقت هي عليه ، ثم أغلق الهاتف ٱخيراً حتى نظر ناحية "عز", الذي كبت ضحكاته ، فردد له"غسان" بتحذير وهو يشير  بإصبعه له :



_" بص !! متتجوزش خالص !!"



ضحك "عز" بخفةٍ على مرحه متفهماً ما يفعله من أجله ، نظر إلى الخلف لها فوجدها شاردة بعمقٍ ، إقترب المكان ، ومع ذلك حرك "غسان" السيارة بطريقة هادئه لناحية ٱخرى حتى تنتبه له وهو يسأل كي يسرق إنتباهها منها وهو يتحدث مع "عز" :



_"ما تقولنا يا عز "فرح" بتحب تسمع إيه ؟ ولا أسألها أنا !!"



تفهم "عز", ما يفعله فحرك رأسه لها فوجدها ترفع عينيها نحو شقيقها توزع نظراتها بينهما ، في حين حرك "عز" رأسه إيجاباً يحثه على فعلها فنظر لها "غسان" بالمرٱه وهو يسألها :




        
          
                
_"بتحبي كوكب الأرض؟؟"



قصد ذلك اللقب كي يجعلها تستنكر وبالفعل ، كانت منتبهه هذه المره عندما نظرت بغير فهم ،  فحرك رأسه بنعمٍ لحديثه وهو يؤيد :



_"أيوه كوكب الأرض .. أنا مسميها كده ، علشان صوتها حياة ، مش صح؟؟ ولا إنتِ بقا مبتحبيهاش؟؟!"



ترقبت ملامح "عز" لها وهي صامته تنظر فقط ، وأضاف "غسان" مشيراً لها بذراعه الحر غير الذي يقود به متعمداً عدم الإكتراث المضحك وهو يقول :



_" ولا متحبيهاش عادي ،" نيروز " بردو كانت زيك كده مبتسمعهاش ولا كانت فدماغها ، بس دلوقتي بقت حافظة كل حاجة ليها تقريياً عشاني !! "



وجد إبتسامتها الباهته تظهر على حديثه ، فإبتسم هو لها وهو يتحدث مره أخرى كي لا يُسرق إنتباهها منه :



_" وإنتي كمان ..ممكن يجيلك اللي يحب حاجه إنتي مبتحبيهاش ، بتحبي الأكل؟؟ ".



يسألها أسألة ليس لها علاقة ببعضها ، حركت رأسها ناحية الشرفه بعدما حركت عينيها بنفيٍ غير ظاهر ، ولكنه دقق بتفاصيل حركتها ، فضحك وهو يحرك رأسه  وهو يركن السيارة مع رؤيته لتوقف سيارة "حازم" :



_"يبقي هيجيلها واحد بيحب الاكل أوي يا عز ، خد بالك بقا!!"



إبتسم "عز ", وكلما يري تفاعلها البسيط يسعد بخفةٍ ، هبط "غسان" وهو يشير لهما بحذرٍ ، فتح الباب لها حتى توجه "عز" يسندها ليسير معها نحو بوابة المستشفىٰ ، تزامناً مع سير "جميلة ", معهم هي الٱخرى هي وشقيقها و"حنان ", فدخل معهم ، وتوجه "غسان" ليري التفاصيل ، تزامناً مع صعودهم معها بعدما علموا عن أي طابق وأي غرفة ،  صعدوا علي مرحلتين كي يراها الطبيب أولاً قبل أن تقييم ، في حين توجه "غسان" يستعلم عن المصروفات وموعد بدء وإنتهاء الإقامة المجهول ، وتوصية مجهوله منه بعدم الزيارة لها من أطباء غير مخصصين لحالتها بسبب شقيقه وزيارات غير عائلتها أيضاً. ، وما هي سوى دقائق حتى إنتهى بأخذه لورقة تثبت دفعه، حتى أمسك الهاتف كي يستعلم عن وجودهم وعندما علم صعد لهم ..



وفي الٱعلى وقف الطبيب أمامها ولم يكن سوى "عاصم أمين" الذي كان يتولي حالتها من قبل!!! ، إنتظرت "جميلة" في الخارج مع "عز" و", حنان" ولاحظو  قدوم "غسان" من على بعدٍ منهم حتى إقترب تزامناً مع فتح الباب منه وهو يرتدي البالطو ، وقف أمامهم مبتسماً ، ولم يتفاجئ "غسان" منه بل وقف بإنتظارٍ وهو يسرد عليهم ما سمعه من قبل:



_"  فقدان النطق دا غصب عنها ، بس هي نسبة كبيرة أغلب الوقت بتكون تركيزها معاكم واللي هيخلي تركيزها معاكم دايم هو إنها تسمع منكم تفاصيل يومكم وتشوفكم علطول وياريت لو في أسباب وأشخاص نفسيتها بتتعب منهم ميدخلوش فالزيارات ويتكتبوا في الكشف عشان يتمنع من الدخول ، وإن شاء الله  الحاله متطولش ، محتاجين مساعدتها هي لنفسها قبل أي حد ساعتها هتكون بخير فأقرب وقت ممكن لما تعطي لنفسها الفرصه..!!"




        
          
                
الكل يتوقع ذلك ، تخطته "حنان" بحزنٍ وهي تدخل كي تساعدها ،هي و"جميلة" في حين وقف "عز", يستعلم  أكثر  فرد عليه "عاصم" بـ :



_" متقلقش يا أستاذ عز ،كل دي عوامل متديش إنك سبب قوي فاللي هي فيه ،هي كدة من ضغوط وتراكمات وأسباب فوق بعضها معرفتش تعديها ويمكن موضوعك معاها فالٱخر جه وكان هو الناهية ، الإنسان ليه طاقه وطبيعي تخلص ، ولازم تعرف إن ده لو الكل شايفه ضعف وقلة تحمل فالطب النفسي بيشوفه قوة وطاقتها فالإستحمال كانت شديدة عن غيرها ، الحمد لله إنها فكده بس ..وألف سلامة عليها !!"



تراخت ملامحه وكأن حديثه جعل ندمه يخف قليلاً ، تخطاه وهو يدخل ثم وقف "غسان" يقطع طريقه مرددًا. بدون مقدمات :



_" أكيد عارف إنه مش أنا  !!"



أثار غرابته أسلوبه ، فحرك كتفيه ببساطةٍ وهو يردد بابتسامة رسمية :



_" وحتى لو !!"



_" مش عايزه يعرف أي حاجة عنها !!"



توقع ما يفعله ، لذا إبتسم له بإطمئنان وهو يبرر :



_"أكيد بعرف أحفظ كل حاجة تخص المرضي سواء هنا أو هنا ، متقلقش يا ..غسان !!"



_"إنك تحفظ  كل حاجة بأسرارهم غير إنك تعالجه ومتوضحلوش إنها مجرد  سد خانة بيملي بيها النقص اللي سببته الأولى !!"



_"ليه متأكد إني موضحتش؟؟ مش ممكن وضحت فالأول وهو خد حذره بس إكتشف إنه بيكن ليها احساس عاجز عن وصفه ؟؟"



_"وليه لازم يبقي الآحساس دا  حُب ؟؟"



_"مش يمكن علشان أخوك حب بس ملقاش الحُب؟؟"



_" والمرادي هيلقاه من مين ؟؟ من واحدة مش واخده بالها إنه موجود  ولا عاطياله أي اهتمام وكمان حالها بقا  كده ؟ ، عايزه يظلمها ويظلم نفسه؟؟"



وجد أن لا مفر من الخروج منهزماً بالتبرير ، ولكنه إعتدل يعدل نظارته الطبيه وهو يشرح له أكثر:



_" بص يا غسان ..مش هقولك أنك غلط ولا فنفس الوقت صح ، لأن إنت بردو مش هتقرر لاخوك قرار نهائي بعقلك وإحساسك إنتَ ..لازم تسيبه يقرر لنفسه ، حتى ولو شايف إنه غلط ، بس اللي أفهمه إنه مش هيغلط مرتين ولا هيدوس فالغلط وهو مكمل إلا إذا كان حاسس ان الحاجة بتروح منه من غير ما يحاول!!"



_" وإنت بقا عايزني أسكت وأبص عليه وهو بيحاول غلط ؟؟ ولا أسيبه حيران بين حاجتين واحده منهم غلط كبير بنسبه كبيره !!"



_" مش يمكن إنت اللي شايف كده بس ؟؟ "



_"وليه ميكونش هو اللي شايف كده لوحده بس ومعارض الكل !!"



_" علشان لو شايف كده هيبطل يحاول حتى ولو بصعوبة فالأول ، لكن دا في حاجة بتمنعه إنه ميحاولش ،  متمسك حتى غصب عنه وهو بعيد ، الأول لما لقى شخص بعد  عنه زي تاج محاولش يفهم ليه مع آن كان بينهم عشم لكن دلوقتي الوضع غير !!"




        
          
                
صمت ينظر وكان الحوار رد برد أجمد وأكثر جدية من الطرفان  وخاصةً الحده من حدة الشباب ، وكأنها مناقشه حادة بين طرفين يعارضان بعضهما ، لذا ابتسم له الٱخر وهو يربت علي كتفيه مردداً بثباتٍ ينبهه :



_" خوفك الزيادة لطيف ومفيد فنفس الوقت ويمكن بردو يطلع صح ، بس الحاجة اللي لازم تتأكد منها إنه ناضج وعارف كويس دماغه هتوديه لحد فين حتى لو هتسوحه ، مش غلط يغلط ، الغلط إنه يكرر نفس الغلط ودا اللي إنت خايف منه وحقك  ..بس بردو ده اللي هو مش عارف يشوفه غير العكس، وحيران بين الإتنين ي إما حاسس بكده فعلاً ولا كلامك ليه صح !! ،  حل كويس منكم إنكم تخلوه يقعد مع نفسه فتره !!"..



علم بٱخر حديثه بأن  شقيقه مستمر إلى الٱن في جلساته ، لذا وزع "غسان" نظراته بين يدي الٱخر التي وضعت على كتفيه وبين وجهه المبتسم له وهو يكمل :



_" مبقولكش تبطل تحاول عشانه ، ولا بقولك إن كتر محاولاتك تخليه يوقف اللي بيعمله ، خصوصاً  انك عارف إنه عكسك تماماً زي ما انا شايف !!"



وأكمل يرسل له رسالة مجهولة ينبهه :



_"مش هيجي علي نفسه ويسيب حاجة عاوزها ،  الإنسان بطبعه أناني ، بس  طبعه يغلب طبعك يا غسان.. متفكرش كل الناس بتفكر زيك.. وخصوصاً لو اللي بيحسه ده حب فمش قادر أقولك إنه هيعارض وهيكمل معارضه لو كده فعلاً. وده بعد ما يفكر، دا لو كان حُب مش وهم  !!"



يحاول هو الٱخر معه ويفك عقده من بين جلسته ، ويعلم ما يفكر به "غسان "  تركه ورحل بعدما  أعطى له بطاقة ورقيه عن مكان عيادته ، اخذها منه بشرودٍ ، فوجد "عز" يخرج من خلفه ومن خلفه "حنان"، وأتى "حازم " بطعامٍ من علي بعدٍ كي يدخله لها ، طعام بالأخص بما تفضله "فرح", بسبب إخبار "جميلة " له دخلت تعطيها لها بجانب فراشها ، وهي تراها مسطحه ، أمسكت كفها بحنوٍ وهي تقول بنبرة متحشرجةٍ :



_" أنا جبتلك كل اللي بتحبيه يا فرح ، كل حاجة كنتي بتحبيها وبتجبريني أكلها معاكي حتي لو مكنتش بحبها ، علفكرة بقا أنا نفسي تقومي وترجعي الجامعه من تاني حتى لو مش هتبقي معايا فنفس السنه بعد كده بس هنكون مع بعض فمكان واحد ، نفسي نتكلم سوا من جديد ، ونفكر في مستقبلنا عشان نقرر هندخل قسم إيه فاكره ؟؟ ، فاكره لما كنتي بتقوليلي إنك نفسك تدخلي قسم جراحة ، لو قومتي من تاني صدقيني هتبقي قدها ، أنا بحبك أوي وهجيلك علطول !!"



مررت يديها بحنوٍ على وجهها ، تعمدت عدم سرد الماضي وما فعلته كي لا تضغطها وكان ينتظرها على أعتاب باب الغرفة "حنان "و"عز" اللذان نظرا بتأثرٍ وهي تنهض تمسح دموعها التي خانتها وهبطتت ثم أشارت لها بالوداع ،  ودعها "عز" قبل دقائق كما ودعتها "حنان" التي ودت  لتدخل لها مره ٱخرى بوجعٍ فأمسكها "عز " وهو يغلق الغرفه بعدما أشارت له الممرضه بانتهاء الموعد الذي حدده الطبيب ، عانقها "عز" باحتواءٍ وهو يقول :




        
          
                
_"هتبقى كويسه ، هتبقي كويسه والله يا ماما !!"



حاولت"جميلة" أخذ انفاسها ، فنظر "حازم " لها وهو يقرب وجهها ناحية صدره رابتاً عليها بحنوٍ كي تهدأ ، وبعد لحظاتٍ ساكنة سأل "عز" عنه وهو يقول :



_" أومال غسان راح فين ؟؟"



_" سبق فمشوار معرفش آيه هو الصراحة وقال إنه هييجي ع البيت ، مش يلا؟؟ "



هز رأسه بالإيجاب وهو يسند والدته وهي الٱخرى مع شقيقها للأسفل كي يخرجا بالفعل ،  توجهوا أولاً ناحية المصعد ومن ثم الأسفل للخروج ناحية السيارات ، سبق "حازم" بعض رفض "عز" له بحزمٍ على دفعه للأموال فصمت واثقاً من شهامة "غسان" دون حتي أن يعلم ،  وسبقت "حنان" الذي إبتسم "عز" لها وهو يقول :



_" إسبقي كده علي ما اشوف الحسابات وهحصلكم !!"



أومأت له وهي تخرج من البوابة الكبيره وقبل أن يتوجه خطوات أكثر ،وجد هاتفه يدق برسالةٍ منه هو من "غسان"  الذي علم من خلالها بأنه تولى زمام الأمر ودفع بالفعل المصروفات ، تنهد يخرج أنفاسه بإنهاكٍ فكيف سيرد كل هذه الجمايل له ، وللصدمه الكبرى التي جعلته يدير وجهه سريعاً لمحط الصوت الذي يعرفه وهو يرى تعجله من  على بعد مما يوجي بالخروج :



_" عز!!"



كانت الكلمة من "بسام" الذي إنتهي دورة عمله وسيخرج للتو وقاطعه رؤيته ، لذا إبتلع "عز" ريقه بسرعةٍ وهو يرحب به بحرارة  متحتضناً إياه بعشمٍ ، فخرج "بسام" يعدل من وقفته وهو يضع هاتفه بجيبه يسأله باهتمامٍ :



_" خير فيه إيه كده ؟؟ أنا مش قولتلك يعم متجيش ولا أشوفك هنا بقا خلاص؟؟ !"



عندما وجده يبتسم ، أكمل سريعاً يطمئن عليه:



_"طمني في ايه ؟؟"



حرك "عز" رأسه نفياً وهو يطمئنه بكذبٍ كي لا يفعل ما يراه "غسان" خطأ :



_" لا مفيش كنت بعمل شوية فحوصات كده ، إنت عامل ايه ومختفي فين ؟؟'



تنهد "بسام " يخرج أنفاسه محاولاً الثبات وهو يرد بهدوءٍ :



_" الحمد لله بس ملبوخ فالشغل اليومين دول ومروح أهو !!"



يعلم بأنه يرواغ ، لذا حاصرة بصراحةٍ يعلمه ما لا يعلمه :



_" النهارده عزالي بعد الصلاة ، مش محتاج عزومة بس لاحظت إنك مش فالبيت اليومين دول فقولت اقولك!!"



تفاجئ "بسام" من قوله ، وإبتهجت ملامحه بطريقة ملحوظه وهو يربت علي كتفيه مردداً :



_" الف مبروك يا "عز "، إن شاء الله هاجي إنت اخويا طبعاً ومش هسيبك  !!"



إبتسم له بلطفٍ ، وبين تردد الٱخر في أن لا يرددها ولكنه قتل تردده عندما قال بتلقائيةٍ :




        
          
                
_"ويلا يا عم إتجوز  عشان عايزك فخير بعد ما الايام دي تعدي !!"



توقع ما سيقال لذا ترقبت ملامحه بغرابةٍ زائفه وهو يسأله بترقبٍ :



_" خير ؟؟"



إعتدل بحرجٍ وجاءت لحظة العناد لكل من حوله وهو يردد ويلبي حديث عقله :



_" هو المكان مش مكانه ولا وقته بس هديك نبذه لحد ما نتقابل على رواقه تاني ..أنا كنت هكلمك النهارده اشوفك عشان أقولك !!"



_" قلقتني !!"



قالها بخوفٍ كي يجعله يتحدث ، فتنفس "بسام" بعمقٍ غير متوقع رد فعله الذي صدمه عندما قال هو أولاً :



_"كل خير ، طالب القُرب منك ، "فرح" بعد اذنك  طبعاً ومستعد أسمع رأيك فأي وقت غير ده وميعاد تاني!! "



وقف ينظر له بصمتٍ للحظاتٍ عندما سمع بداية ما يريده ، ترقبت ملامح"بسام" بإنتظارٍ وهو يطالعه  بإرتباك ،  وقد تعمد القسوة عليه عندما قال بأسلوب هادئ لبق يعرض نفيه :



_"بس "فرح" اختي متنفعكش ، أنا ٱسف يعني بس إنت فاجئتني وأنا مش متعود غير على الصراحة معاك ، وبكون صريح دلوقتي وأنا بقولك انكم  بُعاد أوي عن بعض ، حتى يعني الوقت مش وقته واللي حصل ميتعداش بسهولة !!"



كان يقتنع بشدة بأن رد فعله لم يأت سوى العكس بذلك ، والٱن كأنه ضُرب ضربة بمقتل ، وكُسر بأقل من الدقيقه الواحده ، إبتلع ريقه بصعوبةٍ وحرج شديد ، ود لو يهرب من المواجهة ولكنه سأله وقد ظهر الضعف في نبرته عندما قال :



_" يعني إيه ؟؟"



إستشعر مدي اهتزاز نبرته ويكذب كل ما يأتي بعقله ، بل وقف متعمداً الصمود والتظاهر بالجمود والجدية حينما قال بإبتسامة باهته يشرح له :



_" سامحني يا بسام ، حتى ولو الوقت والمكان مش مناسب بس مش غلط إنك إدتني فكرة ، ولم عرفتها بعرفك إنها متنفعش ليك ، فرح مش جاهزه دلوقتي ، ولو جاهزه بعدين فأنا مقدرش أدخلها وسطكم  بعد اللي حصل ، وقبل ما تبررلي وضعي مع جميلة فـ دي تختلف ..أنا أسف إنت أكيد عارف إن كل شئ قسمة ونصيب  وإنت اخويا وهتقدر ومش هتزعل من دا !"



يمتن لنفسه قبل أن يشرح له بلهفة وأدبٍ بأنه يشعر بالحب إتجاهها لم يتسرع بذلك وهذه تعد نقطة جيدة ، ولكن كيف وقد شعر هو بأن الدماء تنسحب منه ووجهه يتعرق من شدة الحرج ، وقسوة الموقف عليه وعلى قلبه ، وبأعجوبةٍ حاول لملمة ما تبقى منه وهو يعتدل مردداً ببسمةٍ مهزوزه :



_" وأنا ..أنا ٱسف إني إتسرعت ..ولا كأني قولتلك حاجة يا "عز" ، احنا إخوات وبس أحسن !!"



شعر بمدي ما وضعه من حرج أمامه ، لذا إبتسم له وهو يؤيد ثم قال ببساطةٍ يستنكرها الٱخر  :




        
          
                
_" ولا يهمك، حصل  خير !!"



يستنكر سرعة رده وعدم تفاجئه ، ومعالم وجهه وكلماته المتجهزه ويحاول إستبعاد كل الأمور التي تبهه بأن شقيقه له يد بذلك لما محال !؟، فاق من شروده عندما أشار له "عز", كي يودعه قائلاً :



_" هستأذن أنا ..وهستناك بقا ها .؟!"



_" أكيد !!"



قالها ببسمة مصطنعه وهو يراه ينسحب من أمامه ، وقف لدقائق يستوعب الوضع ، وكأنه لا يشعر بشئ سوى الرفض ، ٱخر ما يتوقعه حدث بالفعل وهو رفضه منه هو قبلها حتى !! ، شعر بأنه يتحطم ومرفوض من كل النواحي بالفعل حتى من عائلته التي تعارضه هي الٱخرى ، يحاول الصمود في كل مره  رغم ما يراه وما يتسبب بما يحدث له !! 



لا يعلم كيف مره الوقت ليخرج مشيراً لسيارة أجره ، حتى ركبها بشرودٍ مانعاً دمعته بأن تفر كي لا يثبت لنفسه بأنه ضعيف ، كيف ؟ وكيف له بأن يتخيل بأنها بأقل من الدقيقه الواحده خسرها ؟؟ وقبل أن تعلم هي أنه يكن لها شئ ؟؟ ما هذا العبث الشديد الذي حدث بأقصر وقت كان قد يتخيل غيره !! ، يعود منهزماً من معارك كثيره ، يعود لمنزل ومأوى غير مأواه !! ربما يحدث له كل ذلك بسبب عدم رضا والديه عنه ؟؟ أم أنه لم يراضيهم ويطمئنهم عليه ؟؟ يبرر لنفسه بالبراهن والتبريرات التي تبعد كل البعد عن أنه شخص يستحق الرفض !! ، كيف الرفض وماذا به ؟؟ ولما من الأساس لم تجري الٱمور معه ؟؟ ، يلوم نفسه ويراجع نفسه وكأن به كل النقص الذي يراه شئ ليس جيداً رغم أنه عكس ذلك بالفعل وبه طباع جيدة غير السيئه بأوقات انفعاله وإصراره ليس إلا ..، لحظة عدم الإستيعاب والإدراك ولكن بإرداته ؟؟ ، توقفت السيارة وهو يعطي للسائق الاجره ، متناسياً بقية أمواله وهو يهبط يخرج من جيبه المفتاح متجاهلاً ذلك الرجل الذي ناداه كي يأخذ بقية أمواله ، يفتح الباب بخواءٍ حتى اغلفه خلفه وسط إغلاق إضاءة المكان ، إستند على الباب رافعاً رأسه إلى الأعلى بتعبٍ وقهرٍ لما يصل له في كل مره ، مد يديه بخواء يضئ المكان ، ومن ثم اغمض عينيه بشدةٍ وسرعان ما فتحها سريعاً عندما وجده يهتف وهو يجلس على المقعد منه أمامه يسأله بدون مقدمات وغير فهم بكيف دخل ومن أين علم :



_"وعلى كده  مبسوط ؟؟"



انتفض بطريقةٍ خافته حتى إعتدل يمسح وجهه سريعاً ولم يتفاجئ من قدومه بل علم من أين علم لا يعلم هو بأنه من خطط لقدومه إلى هنا من الأساس ، ولم يكن سوى"غسان" الذي أسند ظهره بأريحية محركاً أنظاره بمكان ٱخر غيره ، فاعتدل "بسام" قاصداً الفتور وهو يسير ناحيته تزامناً مع رده :



_" وهيهمك  أوي إذا كنت كده ولا  لأ؟؟ ولا هاممكم أصلاً !!"



ضغط "غسان" على فكة من  تفكيرة السلبي إلى الٱن ، حتى رفع عينيه يرد على حديثه بـ :



_"وليه ميكونش العكس وإنت اللي  طلعت مش هامك حد !!"



_"أنا اللي طردتني من بيت ابويا ؟؟ "




        
          
                
قالها "بسام" بتهكمٍ ثم  عاد يكمل ما خابت توقعاته به من عدم زيارة والدته له مكان عمله لو كانت مشتاقه بالفعل !!  :



_"ولا أنا اللي أمه كانت قادرة تنزل تروحلي مكان شغلي اللي ميتوهش ..بلاش ابوك واللي عمله !!"



قالها بسخريةٍ وهو يقف بمواجهته ، فوقف "غسان" يبرر له بصراحة ٍ :



_"لا انت اللي قسيت وإنت قاصد متسمعش صوتك لأمك المقهوره عشانك هى وأختك ، أمك اللي ابوك حلف عليها طلاق لأول مره  متنزلش ولا تعتب مستشفيات ليك ، زي ما محذر أختك !!"



ضحك "بسام"  بألمٍ وهو ينظر بضياعٍ ، ثم سأله بهجومٍ أتي على مره واحدة :



_" وإنت جاي ليه!!"



_" أنا اجي بمزاجي فأي وقت من غير ما تسألني جاي ليه !! ، إفتح تليفونك!!"



حرك "بسام " رأسه نفياً بعنادٍ ثم رد بجديةٍ يرفض ما فهمه :



_" لأ ..!!"



كاد أن يسير فأمسكة "غسان" بذراعه يقطع سيره وهو يردد بحدةٍ :.



_" أنا لسه مخلصتش كلامي!!"



_"وأنا مش عايز أسمع ، امشي!!"



كانت هذه جملته التي أتت قبل انهياره وهو يصرخ به مجدداً مشيراً له بيديه يمسك ذراعه هو الأخر مثله :



_" إمشــــي ، جاي بعد إيه؟؟؟"



وأكمل  وكأن قدومه وحديثه النقطة الغارقه لانهياره :



_"جاي أقولك إني إترفضت وكل اللي معاندين بعض عشانه ولا كأنه حصل ؟؟!"



أثار غرابته إنفعاله ،  فنظر له "غسان" بلومٍ وهو يردد بغير تصديق رغم توقعه :



_" يعني عملت اللي فدماغك ؟؟ كملت فاللي كنت عاوزه رغم رفض ابوك وعدم رضاه  عنك؟؟ بقّيت ايه ومين علينا يا بسام ؟؟ علينا واحنا اللي بنحاول نشوفلك الصح وخايفين عليك ؟!!!!"



يهاجمه بلومٍ متعب وهو يتذكر حديث الطبيب عنه ، وجده يحرك رأسه بنعمٍ ثم قال بقهرٍ يعلن كبته بما حدث ويحدث له :



_" عملتها .. عملتها وكنت فاكر إن دي المره اللي مش هترفض فيها وكل حاجة هتمشي كويس ، بس الدنيا بردو خذلتني زي ما الكل خذلني وبقيت لوحدي !!"



إبتلع "بسام" ريقه من عدم تحمله بما حدث ، في حين أكمل يسأله بخوفٍ بنبرةٍ أهدأ يواجهه بالسؤال الخائف :



_" مش إنت اللي عملت كده ؟؟ صح ؟؟ انا قولتلهالك ..قولتلك إنك مش هتعرفني لو حصل منك حاجة زي زمان .. ملكش يد فكل ده يا غسان مش كده ؟؟! "



وقف وكأنه أخرس بالفعل ، لا يستطيع الجواب بالكذب ،  ابتلع "غسان" ريقه وهو يحرك رأسه نفياً مردفاً بما أظهر الحقيقه  للٱخر :




        
          
                
_"وحتى لو أنا.."



وأكمل  سريعاً بما يراه صواباً :



_فـ رفض عز منه لنفسه ، هو الصـ .."



وقبل أن يكمل "غسان" وجده يتوجه نحوه بشراسةٍ ممسكاً ياقة قميصه بشررٍ وهو يلومه تزامناً مع ضربه :



_" ليــــــه ؟!!"



ترنح "غسان" بوجهه وهو يتركه يضربه مره ثانية مردداً بصراخٍ أشبه بالإنهيار :



_" ليه كل مره غاوي تكسر فيا من غير ما تحس بيا ي أخي ؟!!!!!!"



شعر بدماء أنفه تسيل ، لذا أمسك ذراعيه بحزمٍ وهو يدفعه  عنه مردداً بنبرة متحسرة عليه :



_" إنت مصمم تكون غبي يا "بسام" ، مصمم تجيب الوجع لنفسك  وتعمل فيها أنصح واحد وإنت غبي !!"



مسح أنفه بحذرٍ وهو يرمي له نظرة لومٍ ، فتنفس الٱخر بصوتٍ مسموع وهو يرمي له بحديث يقسو به عليه حينما ردد يخرج ما بداخله  :



_" كل مره بتخربهالي وأنا اللي بدفع التمن فالٱخر ، مفكرتش مره فيا وفحالي، مفكرتش فشكلي وإحساسي ساعتها ؟؟ . كل ده مش مهم عندك ،   محدش أناني وخراب قدك ، وإنت بتخرب كل حاجة وحتى حياة غيرك عايزها تمشي على مزاجك ، إنت مؤذي يا غسان وعايش دور مش دورك ، دور المصلح اللي بيصلح حاجات متصلحة بالنسبه لغيرك  وبايظة عنك انت لوحدك بس !!!، وفاكرها صَلاح وهي خراب ، خراب محدش شافه قبل كده غيري وأنا بدوق من نفس كاسك مرتين ، مرتين أسوء من بعض واحده إترفضت وإتسابت من غير سبب وكنت انت اللي عارف السبب وسيبتني لدماغي ولنفسي زي المجنون ، والمره التانية وإنت السبب فكسرة قلبي   وحسرته بكل حاجه حتى وهو بيتقل منه وسامع صوت تكسيره وانا واقف ولا كأن حاجة حصلت !!"



إبتلع"غسان "الغصه المريره بحلقه وهو يسمع أقسي ما يمكن سماعه منه ، أيدخر له كل ذلك  الوجع منه ؟؟ خوفه عليه قسوة ودمار ؟؟ ، برر له بضعفٍ وهو يكتم دموعه أمامه والتي تظهر لاول مره أمامه هو :



_" أنا خايف عليـ .."



وقبل أن يكمل اندفع "بسام" يصرخ به بإنفعالٍ يكمل حديثه له :



_"إنت خايف علي نفسك ، علشان إنت اللي مجنون ومش عارف تسيب حد فحاله ، انت مريض عشان تعمل كده  مقابل إنك متحسش فالٱخر إنك مش عامل اللي عليك ، فوق لنفسك بقا وخليك فحالك وسيبك مننا ، ملكش دعوه بينا ، ملكش دعوه بيا وبحياتي اللي إنت ماشي تخرب فيها ، خليك فنفسك هتكون أحسن ، وفكر فحياتك وإهملني أنا يا ٱخي مطلبتش منك خوف واهتمام يحطموا فيا بالشكل دا  حرام عليك !! "



وكأنه ينفي سماع هذه السهام الحاده التي تتوجه ناحيته لتخترق قلبه بعد ان اخترقت سمعه وهو يكذب سماع  ذلك عندما برر بالأمل الٱخير في تحمله وتحمل كلماته وهو يحرك رأسه نفياً  متحدثاً بنبرةٍ هادئه ساكنه :




        
          
                
_" حياتي حياتك وأنا إنت .. عمري ما فضلت حاجه عليك حتى نفسي ، أنا مش خرّاب إنت اللي لسه مفوقتش من اللي إنت فيه وواهم نفسك إنك بقيت أحسن!!"



_" أنا مش إنت ، افهم بقا ، أنا مش انت ومش هستحمل حاجات إنت شايفها عادي ، أنا مش "غسان" ولا إنت" بسام" ، انا واحد وإنت واحد تاني خالص ،  دماغك مش دماغي ولا قلبك بكل ما فيه هو قلبي واللي فيه ، عمرك ما هتحس باللي انا حاسس بيه من  نحية كل حاجة حتى "فرح" ،  ولا أنا هحس بحبك لـ "نيروز" عامل ازاي  زي ما إنت مش قادر تقتنع إني بحب" فرح "!!"



واجهه بإندفاعٍ وسقطت دموعه رغماً عنه باستسلامٍ يصارحه  ، وقف "غسان" بكسرةٍ تفوق كسرة الٱخر بما جاء به ، اعتدل يمسح دماءه ببطئٍ وهو يؤيد حديثه بإستسلامٍ موجعٍ ثم أشار بعينيه نحو  كتبه الموضوعه على الطاولة ومؤشرات بداية تحوله عليه لٱخر فاتر يكسر ضمانه بلينه عليه :



_"أنا جيت أديلك دول ..عشان مستقبلك.. مش ناسي أدق تفاصيلك ، بس بعد كده هحاول أنسى وأسيبك لحياتك  ولنفسك، ساعتها  مش عايز يتقال إن "غسان" هو الوحش وإنه بعد وأناني وإختار مراته عن اخواته واهله ، و متنساش إنك وحش وطلعت وحش أوي فحق أمك وأبوك وحتى أختك ، بلاش أنا .."



صمت وهو ينحني يأخذ مفتاحة من على الطاوله تزامناً مع إكماله للحديث  بسخريةٍ :



_" علشان طلعت أنا  اللي وحش فحكايتك  ،  طلعت أنا السبب وإنت بتحملني كل الأسباب حتى اللي بعيده عني ، بس هي بتبقى كده علطول .."



وقف ينظر له بقوةٍ وهو يكمل بصراحةٍ :



_"بتبقى كده.. غسان اللي بيطلع عينه ويتوجع للكل ، فالكل يحمله الغلط فالٱخر  ، ويرجع يتلام لوم صعب وهو واقف مش عارف يتكلم ، عشان دول أقرب ناس لقلبه ،  مستغربتش لما ملقتش حد يحس بيا ويفهمني ، وبردو مستغربتش لما لقيتني واخد دور الأب وأبوك عايش يمكن عودني على كده مع انه ضغط بس كنت راضي .. ولا مستغربني وأنا بحاول اراضي الكل وملقتش حد يرضيني فالٱخر!!!"



صمت "غسان" وهو يبتسم بهدوء ما قبل عاصفة قسوته ناظراً علي دموع شقيقه ثم أكمل بتعبٍ :



_"  إستغربت بس وانا ببص لكل دا عشان من بين كل ده ملقتش غيرها هي  اللي حاولت عشاني وفكرت إزاي تراضيني وشالت همي فعز ما كنت أنا اللي بعمل ده ، قولت وبقول ياريت تكون "فرح" كده..بس برجع وأقول إنك ماسك فحاجة مش موجوده أصلاً  فحبال دايبه وواحده أصلاً مش واخده بالها من حبك ولا حتى من وجودك  بس مصمم  تهلك نفسك ..دا اللي بيخليني عايز ليك الأحسن وبشوف ليك الصح ، بس عندك حق إنت كبير كفايه لنفسك وأنا خربتلك كتير ، صلحها إنت بس وأنا راضي ، بس أهم حاجة تصلح  عشان لو خربتها أنا مش هتدخل تاني !!"



 إحتدت عيني"غسان"  بطريقة ملحوظه لشقيقه وحتى ٱخر حديثه الجامد ، سكن "بسام " ينظر له و دموعه تسقط بخواءٍ ، تزامناً مع إقتراب "غسان" منه حتى قال له بحدةٍ ليست معهوده معه في كل مره يتعاركا :




        
          
                
_" مش مستغرب  ازاي مسألتش نفسك  إني سايبك تقول وتعمل اللي عاوزه فيا  كل مره وأنا ساكت؟؟، حتى وانت  بتسيب علامه فوشي وفجسمي"



أخذ "غسان" أنفاسه متظاهراً بالصرامةٍ عليه حتى عاد يضيف  بتهديدٍ :



_"انت لو مش أخويا فصدقني مكنتش هتخرج من تحت إيدي سَليم زي ما إنت واقف كده !!"



سقط قناع التأثر وحل محله الحدة وهو ينظر له نظرة لأول مره يعهدها الٱخر منه ،  وأكمل بسخريةٍ  مره اخرى:



_"وعلشان بردو إنت أجبن من اني أقف وأخد حق ليا منك ، بس  لو ضربة واحده بس قررت اني اضربها عشان أشاورلك علي المكان اللي محتاج تفوق منه فمش هيكون غير ده !!"



إقترب "غسان"  مندفعاً برأسه يضرب رأس الٱخر  علي فجأه فرجع"بسام ", خطوة إلى الخلف بشدةٍ وهو يتألم  بصوتٍ مرتفع ممسكاً برأسه بمفاجأه ، حتى سمعه يكمل بوقاحة فهمها على الفور حينما لمح لسب عقله بـ :



_" ولو إني أشك إنك بتفهم  وتفكر من هنا !!"



أمسك"بسام "رأسه بألمٍ وتشوشٍ فاعتدل ورغم حسرة"غسان" وكسرته إلا أنه قصد عدم ظهور ذلك أمامه عندما انحني يرسل له رسالة معينه:



_" طالما شايفني  مش أخوك بعد النهارده ، فأنا محتاج  وهحتاج أثبتلك ده ، ويا حظك لو ليني عليك إتشال وإعتبرتك فعلاً مش أخويا وسيبتك لنفسك من غير دماغك اللي  هتحتار تفكر المعامله هتبقى ازاي بعد كده"



يرمي بحديث قاسي هو الٱخر لا يعلم ما معناه ، لكنه أمسك معصمه بقوة قبل أن يضربه  عندما حاول "بسام" فعلها لافاقته لا يعلم هو بأنه هو المغيب، قاطع فعلته هذه بجمودٍ وهو ينظر له بإنفعالٍ مردداً بتحذير  خَشِن  :



_" لازم تفكر مليون مره قبل ما ترفعها عليا ، وشري تتقيه يا بن حامد  بدل ما تشوف مني وش عمرك شوفته قبل كده وأنا بثبتلك ساعتها  ان الدم بيبقي ماية  عادي !!!!"



نفض "غسان" يديه بقسوةٍ ، صدم الٱخر كونه  ضمن لين قلبه معه ، ولكن الٱن يري ٱخر غير الذي كان يراه معه قبل قليل ، إعتدل يدفعه بكلتا يديه حتى آصطدم "بسام" بالجدار من خلفه بظهرهِ ، ثم إعتدل يأخذ من المناشف الورقيه يمسح وجهه وأنفه ،  تركها وهو يقذفها بوجهه بوقاحة وقسوة لأول مره تظهر ، حتى قال بسخريةٍ قبل أن يخرج وهو يضع ٱخر منشفه بجيبه  لم يقذقها عليه :



_"  متنساش تشوف الدم اللي نازل من. دماغك ومتقلقش بسيطة مش هتأثر على تفكيرك طالما مبتفهمش من هنا !!"



 وماذا بعد الوقاحة ؟؟ الوداع؟؟ 



_"سلام ي دكتور!!"



 وماذا بعد كم السخريه بهذا القول عندما أردفه ؟؟ خرج صافعاً الباب خلفه وقد سقط القناع الذي حاول رسمه ببراعه أمامه ، والٱن يربد البكاء بالفعل ولكن كيف وما الوقت ؟ ، بالحرف يود البكاء؟؟ نعم يوده يوده بصوت عالٍ عندما شعر بأن قلبه يُطعن ، عندما  شعر بالخذلان في حين بأنه كان يحاول بكل طاقةٍ وخوف ، خوف عليه والذي بمتتهى البساطة يأتي الٱخر ويردد له بأنه مرض؟؟ ، تضيق به الأركان وهو الذي توجب عليه التماسك والثبات ، ركب السيارة ومن عزم ضغطه فعل إحتكاك قبل أن يسير بسرعه تاركاً الأخر ينظر من الشرفه بأثره !!!




        
          
                
_______________________________________



وبعد مرور ساعات قليلة والٱن بشقة "عايدة" تم إخراج كل ما يخص جهاز "جميلة" بالفعل وتجمع "عز"و"حازم"و"شادي" و"حامد"و"بدر", وكان معهم "غسان"قبل قليل ولكنه إنسحب بطريقة غير ملحوظه ، وقفت "نيروز" بجانب"جميلة" و"ياسمين"و"وسام", بجانب "فريدة",و"وردة" ، وكانت النساء هناك والمكان مبهج لحدٍ كَبير ، ولكن دون وجود أغاني مبهجة لذا ، هتف "عز" لهما وهو يتفهم ما يفعلونه. بسبب ظروفه :



_" ما تزغرطوا يا جماعة !!"



ابتسمت "جميلة" على لطفة في رغبته العارمه ليشعرها بما يتوجب على أن تشعره في وضع وظرف كهذه  وضحكت عندما وجدهن يلبون غرضه  وتعالت الزغاريد بوقتٍ واحد وصوت واحد مرتفع ، ومن ثم بدأ الحديث  العشوائي بينهم مره اخرى ، وترقبت ملامحها لعدم وجوده بين هذا التحمع الٱن بل إختفى بطريقة ملحوظه بالنسبةِ لها هي وعلى فجأة وجدت "شادي" يقف أمامها وهو يسألها بإهتمامٍ عنه :



_" أومال "غسان "راح  فين ؟؟"



وقبل ان ترد بجهلٍ وتنبؤ لمكان وجوده وجدت "حازم" يردد بصوتٍ مرتفع للشباب:



_"يلا يا جماعة ندخل نتوضي عشان الجمعة !!"



وجدت الهرج بينهم في الحديث ، خاصةً عندما أسرع "حامد" يتوضأ في شقته وذهبت خلفه زوجته وابنته وحتي "شادي" الذي ذهب مع "بدر"  للخارج ينتظران "حازم" ، و"عز" الذي وقف بمواجهة "جميلة" مبتسماً وهو يقول بحبٍ لها يظهر سعادته :



_" مبروك.يا أجمل واحدة فـ عيني !!"



وأكمل غزله وهو يطالع ملابسها البيضاء كالعادة:



_" يا أجمل واحدة بتلبس أبيض!!"



خجلت من غزله التي تفهمت بأنه  يحاول به مراضاة فرحتها وكأنه حق شديد لها وليس له هو الٱخر معها !! ، رمشت بإهدابها ومن ثم ثبتت عينيها بعينيه وهي ترد بإبتسامة وصدقٍ ممزوج بالثقة لطالما بجانبها :



_"متأكده إن كل الصعب ده هيعدي وإحنا مع بعض !!"



_"وأنا متأكد إنه مش هيعدي بسرعه غير فوجودك !!"



في كل مره يهزمها بالحديث المعسول ولا تسطع هي مقاومته،  وللحق يُعرف عنها بٱنها فتاة بعيدة كل البعد عن هذه المشاعر التي تندمج معها رغماً. عنها شئ فشئ ومعه هو الٱمر يختلف ، تاره تغازله دون خجل وتاره لا تستطيع الرد وحتى النظر بوجهه وكأنها تفعل جرم ستحاسب عليه ، ربما تعتبرها عقده بسبب تعليق والدها عن كل شئ ؟ أم أنها تتذكر عقابه في أقل الاشياء.؟ ، كل ما تراه مهزوز يثبته هو ويحاول إثبات الأمان كونه علم ٱخيراً ما تمر به وما تراه ، كانت هادئه ساكنه خجوله لم تأخذ على الأوضاع بسرعة مثل "نيروز" التي إنخرطت معه بعد مرات قليلة وكأنها تتمسك بٱخر أمل ترى به عوضها وكان الٱخر لها ذلك بالفعل ، تحاول التقرب  منه بحبٍ ، إبتسمت له بإتساعٍ فلثم هو وجنتيها برفقٍ ثم توجه يقبل قمة رأسها ببرٍ في هذه اللحظة وهو يردد بحديث يتفهم به شعورها تجاهه خاصةً توترها بإرتباطها به بعد أيامٍ ومن ثم تصبح  المشاركة أبدية ؟! :




        
          
                
_"مش عايزك تخافي مني ، وأنا واعدك وبوعدك تاني  إني عمري ما هظلمك يا جميلة، عشان حرام اللي يكون معاه واحدة زيك وميقدرهاش ، وأنا نفسي والله تبقي معايا من دلوقتي حالاً !!!"



ضحكت بخفةٍ تحاول محو الخجلِ وهي تتمسك بكفه تردد بصراحةٍ له :



_" وأنا واثقه فيك يا عز!!"



إنتبه بعدها بأصابع جامده توكز كتفيه من الخلف ، فوجده "حازم", الذي سقطت قطرات المياه من  خصلاته ، أشار له بحزمٍ ثم قال وهو يشير بعينيه ناحية المرحاض محذراً :



_" خش إتوضى ، وحل عن أختي شوية ، إحنا لسه فيها ممكن نرجع الحاجه مكانها ويا دار ما دخلك شر !!"



ضحك بيأسٍ وهو يرفع أكمامه ، في حين خرجت ضحكات "جميلة" هى الٱخرى وهي تنسحب إلى الخارج حيث شقة "سمية" مع الفتيات ، دخلت من باب الشقة المفتوح فوجدتهن جالسين بالفعل متحدثين مع بعضهن بعشوائية كُبرى منتظرين اللحظات المعهوده ، في حين لم تكن "نيروز", موجوده بل صعدت في المصعد سريعاً تتأكد من وجوده في الٱعلى أم أنه رحل ؟؟ 



فتحت باب شقتها بمفتاحها ثم دلفت بخطواتٍ متوسطة وهي تغلقه خلفها ، وجدته يخرج من الغرفه مرتدياً ستره  أخرى غير التي كانت عليه ومشط خصلاته بترتيبٍ إستعداداً للصلاة ، في حين كان ساكناً حتى منذ إن كان فالأسفل وتعلم هي ذلك وحاولت تجاهل شعورها بأن به شئ لا محال ، لم تنتبه إنها تقطع طريقه سوى عندما أشار لها على عجالةٍ ينبهها قائلاً بإيجاز:



_" عديني ..الصلاه!!"



وقبل أن تنطق بحرفٍ واحد وجدته يزفر  بنفاذ صبر غير معهود بمثل هذه السرعه عندما تخطاها منحنياً يجلب حذاء مناسب كي يخرج حتى اعتدل وهو يرتديه وقبل أن يمد يديه يفتح الباب وجدها تشهق  بخفوتٍ عندما لاحظت المنديل الورقي الذي كان على حافة السقوط من جيب البنطال ولونه الأبيض يكاد مختفياً بسبب الدماء ، لاحظ محط ٱنظارها فنظر ناحية جيب بنطاله الذي لم يغيره ، وعندما وجدها تندفع لتمسك المنديل رجع خطوةٍ إلى الخلف يرفض وهو يقول :



_" متمسكهوش !!"



_" الدم دا. من ايه .؟؟  إنت كويس ؟!!"



أمسكة يضعه بسلة قريبه من الباب ثم إعتدل يهز رأسه إيجاباً مردداً باختصارٍ :



_" أاه !"



إقتربت تمسك كفه باحتواءٍ وهي تتمسك به ترفع ذقنه كي تواجه عينيه وهي تسأله بثقةٍ من وجود شئ به :



_" طيب مالك ، في حاجة حصلت معاك؟؟ "



فعلتها من قبل ذلك ، تعتقد في كل مره بأنها ستشتته مثلما يفعل ، لذا نفض يديها ببطئٍ وهو يبعد وجهه قائلاً بإقتضابٍ  مبتسماً بتكلفةٍ :



_" أنا كويس متقلقيش!!"



رفع عينيه ناحيتها وقد لاحظ إندفاع الحجاب إلى الخلف ظاهراً خصلاتها هذه المره بكثرةٍ بسيطة من الأمام ، لاحظت محط أنظاره فرفعت تتحسس رأسها حتى جذبت الحجاب أكثر وهي تبرر له :




        
          
                
_" البندانه هي اللي بتتزحلق غصب عني!!"



رمى لها نظرة إخترقتها دون حديث حتي التفت يفتح الباب حتى وقف يتحدث لها بجمودٍ :



_"خدي بالك بقا لو بانو تاني هاخدهم أعينهم  فظرف ، عشان تعرفي ان غلطاتك كترت معايا اوي !"



خصلاتها ؟؟ لا تعلم لما أثارت كلماته ضحكاتها بغيرته هذه ولم تجد الشراسة بها هذه المره ، بل ضحكتها العاليه جعلته ينظر بتمعن كي يحفظ قناع الصرامة وهو يحذرها فوجدها تمسك  يديه بمشاكسة وهي تقول:



_" خلاص بقا مكنش قصدي .. يلا روح صلي وإدعيلي معاك!!"



إبتسم رغماً عنه ثم نظر نحو يديها وعينيها   موزعااً نظراته بينهما حتى خانه القول الصادق وهو يقول قبل أن يغلق الباب :



_" اسمك دايماً سابق في كل دعوه بدعيها !!"



كانت هذه الجملة التي سمعتها هي منه بصدقٍ ومن ثم توجهت إلى الداخل تقوم بترتيب  أركان معينه غير متربه قبل أن تهبط ومنها الفراش التي طوت غطاءه بهدوءٍ ، وكالعاده قلبت عينيها بتحسرٍ عليه وهو يلقي ملابسه في أي ركن يقابله ، مهمل ؟؟ غير مرتب ؟؟ ، علمت ذلك ووقعت في فخه  لا يوجد  فرار ، ابتسمت بيأسٍ وهي تعلق ملابسه وتطوي من كان منها موجود، ثم أغلقت الدولاب ،وقد خرجت ترتب الأريكة التي توجد أمام التلفاز ، ثم عادت تبدل ملابسها لٱخرى تناسب المناسبه قليلاً ، بدلتها بالفعل في المرحاض وعندما إنحنت لاحظت وقوع بطاقة ما ، إنتشلتها بيديها وعلمت سريعاً بماذا تخص هي ،  أثار صدمتها  ، فلم تقول له من قبل إسم طبيبها النفسي !! كيف وصل له ولما من الأساس.؟ ، شردت بجهلٍ واحداث  كثيرة تتضارب بعقلها بأقل وقت ممكن لذا  خرجت بعدما ارتدت ملابسها ٱخيراً  بترتيبٍ ثم وضعت البطاقه على الطاولة وهي تتوجه لتقوم بإرتداء حجابها مخفية خصلاتها هذه المره وذهنها شارد بما رأته ، وكل الخوف وضع بها إن كانت هي لها علاقه بما يود معرفته من ذلك الطبيب أم لا؟! ، وضعت كحل أعين أسود ، ومرطب لبشرتها وشفتيها ثم تنفست بعمقٍ قبل أن تخرج متوجهه نحو الخارج كي تهبط لأسفل بعدما جذبت أطباق معينه تخص "دلال" كي ترجعها لها بعد أن كانت تصعد لها بواسطة "غسان",!!



إعتلت خطبة الجمعة ..وهن يسمعونها بالفعل ، جالسين مع بعضهن في صالة شقة "سُمية" وبين حديث والٱخر ومشاكسات والأخرى ،  ولم تمنع "ياسمين", فضولها عندما سألت "وسام" بإهتمامٍ :



_" هو بسام مش ناوي يرجع ؟؟"



نفت بحزنٍ تحاول اخفاءه ، ووجدت "ياسمين" نظرات التحذير من "سُمية"و"وردة", تحت كبت ضحكات "جميلة"و"فريدة" فهتفت بصوتٍ مرتفع  حانق لوالدتها :



_"إيه ؟؟ ما تسيبيني أستفسر، مكنش جوز بنتك هو اللي يمشي وياخدها معاه بدل النكد اللي منكداه علينا فعيشتنا !!!"




        
          
                
قصدت "نيروز"و"غسان" ، لا يعلموا هم ماذا بينها وبينه لتضغط علي نقطة إستفزازه ولكنه غير موجود بالفعل ، ضحكن عليها بخفةٍ حتى "وسام" فتحدث "سمية" بيأسٍ من بين ضحكتها :



_" يا بنتي جربي تمسكي لسانك مره عشان حالك يتصلح ، وأسكتي .. اسكتي خالص إنتي مالك ومالهم !!"



قلبت عينيها بمللٍ ، ثم تحركت أنظارها نحو "وردة" التي رددت بضحكٍ :



_" وبعدين هو حد  شاطر فالنكد قدك من يوم ما عرفتي إنك حامل ، والله العظيم حازم دا بيصعب عليا ، بيحاول يراضيكي بكل الطرق وإنتي مفتريه ، فإسكتي بقا ومتجيبيش فسيرة حد مش موجود!!"



قالتها بيأسٍ منها ، ضحك الكل عليها ، وردت "ياسمين" بضجرٍ منها :



_"تعالي شوفي اللي بيحاول يراضيني ده محذرني من ايه وايه وايه، ميغركيش يا حبيبتي الطيبه دا ابن عايدة وهيفضل طول عمره ابن عايدة الخبيث اللي بحبه!!!"



_"ماله إبني يا ياسمين، الواد عامل اللي عليه وزيادة، كتر خيره !!"



كان ذلك قول "عايدة" التي دخلت من باب الشقه وتبعها "دلال" بصحبة"نيروز" ، ضحك الكل مره أخرى على قول "عايدة" فعادت"ياسمين" تتحدث بنبرةٍ ضاحكةٍ :



_" ماله يا حماتي ، دا إبنك دا الحب والتوب واللهِ ومقدرش أستغنى عنه أبداً !!"



ضحكت "عايدة " بيأسٍ منها هى و"جميلة" التي توجهت  هى و"فريدة" والفتيات يصلون الظُهر!! ، ووقفت "نيروز " بعد دقائق في الشرفه تستنشق الهواء بعمقٍ وذهنها شاردّ لأشياءٍ كثيرة ، ربما الشئ الوحيد التي تطمئن  من ناحيته بأنها أصبحت معه ولا مفر من ذلك ، أصبح الإثنان معاً بالنهاية وهذا ما كانا يسعيان إليه ليحدث!! ، وماذا بعد ؟؟ للحق لم تجد راحة بالأيام الماضية عقب زواجها منه إلا هذا الأسبوع المُريح ، إبتسمت بشرودٍ على  ما فاجئها به أمس ولو ظلت لسنوات تخمن هذا لما إستطاعت، تذكر نفسها بما فعله لأجلها  بهذا الوقت كي تمحي من ذاكرتها ما رٱته ؟؟ ،  وجدت دقات خافته على باب الشفة المفتوح فإلتفتت من على بعدٍ لتجدها "زينات" ، الٱمر يثير غرابتها ولكنها توجهت بشجاعةٍ تستفسر عن سبب قدومها وهي تقف أمامها مرددة بنبرةٍ هادئة :



_"نَعمّ!!"



لا تثق بها لذا رددت مره أخرى بإندفاعٍ تحذرها من فعل شئ اليوم بهذه المناسبة غير متجاهله ما فعلته معها هي وابنها في كل مره تعتقد بأن الٱمر سيصبح على ما يرام !! :



_"قبل ما تفكري تعملي أي حاجة لـ "جميلة"  فيوم زي ده. بفكرك  إن أنا شوفت حسن  امبارح.. وممكن أقول لـ غسان إن أنا شوفته وساعتها بقا إنتي عارفه مش هتقعدي فالبيت غير وهو ضاغط عليكي تقوليله مكانه اللي إنتِ مش عارفاه من أصله أو يطربق البيت عليكي عشان تهجي وتحلى عننا إنتي وابنك !!!"




        
          
                
وجدت الشراسة والخوف بٱنٍ واحد ، ابتلعت ريقها بتوترٍمن علمها لما تعمدت إخفاءه حتى على "فريدة" ابنتها ، إعتدلت ترفع عينيها ثم قالت بصراحةٍ تنفي ما تفكر به الٱخرى :



_" بس أنا مش جايه عشان أحاول أهد !!"



_" إنتي طول عمرك مبتعمليش حاجة غير الهَد وبس !!!"



وجدت الندم فعينيها وبالفعل تقتل لها كل الفرص والأمل لإعطاءها فرصه من جديد ، تبدأ بأكثر شخص خطأ عليها البداية به ؟؟، لذا وجدتها تسرد عليها بإندفاعٍ مره أخرى تذكرها بما لم ولن تنساه هى :



_" هدتيلي حياتي فبدايتها بكلام الناس عليا ، وهدتيلي ثقتي بنفسي بمعايرتك ليا فالراحة والجاية ، هدتيلي فرصتي فالكلام والدفاع عن نفسي قدامه وإنتي فكل مره بتحرضيه عليا ،.  خلتيه يضربني بالقلم  وبقيت قليلة لفتره فنظر أهل جوزي ، وخوضتي فيا وفعرضي قدام أهلي وقدام حازم اللي إنتي إتهمتيه بالسرقه ، وكسرتي بخاطري وخاطر إخواتي وإنتي بتتعمدي تشغلي حاجه إنتي عارفه إنها بتدوس على الجرح ، وجعتيني ومبطلتيش توجعيني  لما كسرتي فرحتي بكتب كتابي وإتهجمتي عليا بالضرب لحد ما جسمي كله إتعلم منك ولحد الٱن بعاني  ، قتلتي فرحتي ساعتها ، مش مكفيكي كل ده ؟؟ لا دا كمان كرهك لأمي من غير أسباب وضغطك على جرح  وردة ومعايرتها باللي فيها وتعمدك إنك تجوزي جوزها لقريبتك عشان يسيبها ويقهرها هي وإبنها ، إبنها اللي الحمد لله خلفته وهيكمل إسم أبوه ومش بيفكروا بالطريقة المريضه اللي بتفكري بيها..الحاجة الوحيدة اللي كنتي صح فيها إنك مكنتيش عايزاني لإبنك عشان مبتحبنيش وكنتي بتتقهري إن  ازاي يكون بيحبني أنا .. ياريته ما حبني ولا كان قال كده عشان هو سبب من أسباب كل حاجه حصلتلي وحشه ، بس بردو رجعتي فالٱخر وكنتي هتموتي وتخليني لابنك غصب "



 تسرد بوجع كل ما رأته وعانته منها وليس ككل بنفس ذات الوقت ، ففعلت بها  الكثير ..يكفي  ولا يكفي للشرح !! ، توقفت "نيروز" تأخذ أنفاسها ثم أكملت بلومٍ جامد عليها :



_" بس برجع وأسأل نفسي هو أنا كنت عملتلك إيه لكل ده ؟؟ أذتك فحاجة؟؟ جيت عليكي؟؟ ضريتك زي. ما كنتي طول عمرك بتضريني من غير سبب واحد بس يديكي الحق إنك تعملي كده فيا !!"



سقطت دمعتها وبهذا الوقت خرج من المصعد في المره الأولى "غسان"و"حامد"وشادي" ، خرجوا بالفعل وما أن وجدها تقف توليه ظهرها توجه أولاً بجانب "والده "، حتى رأى دموعها تسقط عندما تذكرت كل ما حدث لها رغماً عنها ،. تتعمد أن لا تسقط ولكنها سقطت ، فكل ما تعرضت له ليس هين عليها هي !! ،  ترقبت ملامح "غسان" وجميع حواسه تزامناً مع فتح المصعد الٱخر ليخرج منه "عز" و"حازم"و"بدر" ، مع سؤاله لها بنبرةٍ مرتفعه :



_"إنتِ عملتيلها ايه؟؟؟؟"



وجدت الغضب يرتسم على ملامحه وفي نبرته فحاولت تنفي برأسها وقبل أن تتحدث لتبرر وجدت "نيروز", تمسك كفه لتسحبه خلفها إلى الداخل وهي تقول :




        
          
                
_" مفيش حاجة يا" غسان "، تعالىٰ ندخل !!"



تعمدت فعل ذلك كي تبعد كل البعد عن المشاكل ، وقف الشباب بغير فهم وخرجت النساء والفتيات ينظرون بجهلٍ،، في حين نفض هو يديها وهو يثبت عينيه بعينيها بقوةٍ مردداً بلهجةٍ بها التهديد :



_" أنا ساكتلك بقالي زمان أوي ،  لكن اقسم برب العزه ما فيه حاجة أبقى عليها ،  فإبعدي أحسنلك عننا ،  ونفسي أسمع انك قربتي منها ومستيها بسوء حتى ولو كلمة .. كفاية اوي اللي عملتيه وبالذات فيها ، حِلى عنها بالهداوة أحسن ما أخليكي تحِلي عنها بمعرفتي، سامعة؟؟!!!"



فهم بالخطأ بسبب دموعها ، ابتلعت "زينات " ريقها وهي تنظر نحو جميع الوجوه بإرتباكٍ حتى عادت تنظر إلى ملامح وجهه الجامده وهي تبرر بتعلثمٍ. :



_" بس أنا ..أنا كنت جاية أطلب مسامحتها  ومسامحة كل اللي أذيته فيوم !!"



أثارت نبرتها شفقة "ياسمين" لينة القلب في حين كتمت "فريدة " دموعها علي وضعها  ، بينما وقف "عز"و"بدر"و"حازم", مع "حامد" يسمعان رده الساخر وهو يطالعها من أعلى لأسفل قائلاً بتهكمٍ :



_" معلش ..المؤذي مبيتسامحش من أول مره!!"



صمت "غسان" بطريقة ملحوظه ثم اقترب أكثر يخفض نبرته حتى تسمعها وهو يقول بوضوحٍ حقيقه لا  ينكرها الجميع  :



_" إنتي جيتي تبدأي من عند اللي هيصعبها عليكي أكتر ..ودا ..."



وأكمل وهو يعتدل بحزمٍ :



_'' حقها !!"



توجه "حازم" يقف بهدوءٍ شديد ثم تعمد خروج نبرته الهادئه لها يحثها قائلاً بـ :



_"دا مش الوقت المناسب ،. أكيد إنتي عارفه النهارده عندنا ايه ، ممكن تفكري تحاولي بعد الظروف دي ؟؟"



تعمد الاحترام لما تفعله بسبب شقيقته "فريدة" ليس آلا ، وليس لأجلها ، حركت رأسها بخفوتٍ ثم إلتفتت بخزى وكأنها تجلب العار لهم ، التفتت نحو شقتها وكأنها خسرت معركة كانت تتوقع بنسبة بسيطة بها بأنها ستفوز ،  دخل الشباب  إلى الداخل معهم ،في حين أخذت "فريدة" ركناً وهي تقف ساكنة ، وإقترب "عز" من"جميلة " التي تطالع شقيقتها بشفقةٍ حتى سألها بلينٍ :



_"انتي مسامحة يا جميلة ؟! "



رفعت عينيها نحوه بإهتزازٍ وتيهه ثم قالت بحيرةٍ تجاوبه:



_"مش عارفه يا عز ، يمكن مشوفتش منها أذى بطريقة مباشرة عشان كان بابا هو اللي دايماً بيتعامل معايا حتى ولو بسبب تحريضها ، اه أذاها طالني وطالني من زمان أوي لما مكانتش بتخلي حسن ولا فريدة يكلمونا وهم صغيرين ، فهمتهم إننا وحشين أوي وإن ماما كمان وحشه ، مكانتش بترضي تخليهم يقولوا اننا إخواتهم ، يمكن لما حازم كبر وبقا هو الدرع اللي بيحمينا شويه منهم ومنه كمان ، لكن نيروز وإخواتها مكنش عندهم اللي يقف يصد لكل اللي شافوه ، يمكن ياسمين كانت  زي حازم كده وأصعب بس فالأول والٱخر حقيقة إن مكنش ليهم ضهر كانت بتكسرهم وهي كانت بتضغطهم من الناحية دي وبتيجي عليهم ، بس فالفتره الٱخيره لما لقيت كل محاولاتها إنها تقرب من فريدة وإنها تكون أحسن ، حسيت إني بنسى كل ده وحسيت إني بفكر أديها فرصه بس خوفت !!!"




        
          
                
ابتسم على لين قلبها فحثها بدون مقدمات وهو يقول :



_" سامحي يا "جميلة" ،انتي خوفتي بس حسيتي إنك عايزه تديها فرصه عشان انتي طيبه وقلبك جميل زيك ، بس فكري زي ما بتفكري تاني ، صدقيني اللي بيحاول أحسن بكتير من اللي واقف عند نقطة معينه ومبيحاولش!!"



قارنها بشقيقته ؟! ، تنفست بعمقٍ وهي تحرك رٱسها بتفكيرٍ ، فأمسك كفها برفقٍ في حين وقفت "نيروز " من على بعدٍ منهم فالشرفه ، إنخرط معهم كي يقوم هو الٱخر بالاتصال بالعربات الكُبرى مع "حازم", لتأتي  ووسط هذا الإنشغال وجدوا  من يدق جرس الشقه وبجانبه "منة" ، أسرع "شادي" يرحب بهم بحرارةٍ ودخل ",طارق" يرحب بالشباب و"حامد", في حين وقفت "منه", تحتضن الفتيات ، وخرجت "نيروز", من الشرفه ، فوجدته متجهاً  لها ، أمعن النظر بعينيها ثم قال يسألها بإهتمامٍ :



_"إنتي كويسه ؟؟!"



_"أاه !"



قالتها "نيروز" بإختصارٍ وهي تتخطاه ولا تعلم لما تود معاملته كذلك ، في الأصل لم يغيب عن بالها ما رأته في الأعلى وهذا يثير غرابتها وخوفها فنفس الوقت ، تخطته بتجاهلٍ، بل ومن المفترض بأن هو من يعاملها  كذلك لاخفاءها  ما يود مصارحتها به !! ، فعقد ما بين حاجبيه بغرابة من تعاملها المفاجئ ذلك ، وجد"حامد" ينظر له وهو يشير قائلاً بصوتٍ مرتفع :



_" يلا العربيات جت تحت !!"



خرجوا جميعاً  واحد تلو الٱخر ناحية شقة "عايدة", بتهليلٍ بـ "عز" الذي أغلق الخط مع "حنان" عندما كان يؤكد عليه بأن تفتح البوابة على ٱخرها ومن ثم باب شقته هو فالٱعلى ،في حين تجمع الكل بشقة "عايدة" كي يستعدوا في حمل الأشياء وأتي أصدقاء "عز", فالأسفل والأعلي والذين يعملون معه في  "الورشة " وكذلك بعض من معارف "حازم" وأصدقاءه هو الٱخر ، دخل الشباب الشقه الذي فتح بابها علي مصرعيهما ، ثم وقفت النساء على أعتاب باب شقة "سمية"وشقة"دلال" ينظرن على البهجة التي تحدث ، في حين ترقبت حواسها وخفق قلبها عندما وجدته من بينهم ، تلهفت "دلال" لتتأكد بأنه هو وعندما دار وجهه وجدت لاصق طبي على مقدمة رأسه وملابسه لم تكن مثل  الٱخر ، لم تعلم هي من ذلك بل تعلم بسبب شعور الأم ، وجدت من يدفعها بلهفةٍ وفرحة ولم تكن سوى"وسام" وهي تعلم والدتها ما تعتقد بأنها لم تعلمه :



_" ماما ..بسام هنا ..بسام جه!!"



وقفت تنظر بمفاجأه هي والأخرى ، إلى أن لاحظ هو  وهو يخرج حاملاً علبه متوسطة الحجم ، هرب بٱنظاره وهو يتوجه بها نحو الأسفل ، شاعراً بمدي إشتياقهم له ، وكذلك هو ولكنه قادر علي ضغط ذلك الشعور وتحمله ، في حين تجاهل وجود "غسان" الذي رٱه وتعمد تجاهله هو الٱخر ،. وكذلك "حامد" الذي يحافظ علي صرامته  وعلى أن لا ينهزم امام عاطفتهِ هذه متجاهلاً. هو الٱخر رغما.ًعنه.   وقف يتحدث مع السائقين وخلال وقت قصير  كانت العربات متجهزه لحدٍ كبير  ينتظرون تجمع البقية ، صعد الشباب  مره أخرى ليتمموا علي الأشياء وخلوُها بالفعل في حين كان صعدوهما بجانب بعضهما دون ان  يأخذ واحد منهما انتباهه لوجود الٱخر بجانبه ، كان "غسان" يأخذ إنتباهه له ، وعندما وجد شقيقته تقف بجانب "والدته" بمفردهما ودخول الفتيات للشُرف لينظرن منها ، توجه يقف بمقابلتهم بحدةٍ كمثل نبرته وهو يحثهم بخشونةٍ  :




        
          
                
_" إنتوا واقفين. كده ليه ؟؟ أدخلوا جوه !!"..



غيره ؟؟ أم حمقة رجل شرقي ؟؟ ،  اهتزت ملامح "وسام" وهي تلبي ما قاله في حين وقفت "دلال" تتوسله بنبرةٍ مترجيه :



_" ابعتلي أخوك يا "غسان "، إبعتهولي أشوفه !!"



وقبل أن يرد عليها وجده يردد من خلفه بابتسامة صغيره متألمه لها :



_" إذيك يا ماما ؟!"



 تقدمت بلهفة و دفعته كي تحتضنه بشوقٍ وبكت في أحضانه تزامناً مع تعلق نظراته بها وهو يضمها إليه هو الٱخر محركاً عينيه نحو نظرات "غسان" له والذي أشار لـ "وسام" أن تأتي كي ترحب به ، جاءت بتوترٍ وهي تعدل حجابها ، وخرجت بلهفةٍ ثم وجدته يفرد لها ذراعه الٱخر كي يحتضنها بحبٍ وشوق هو الٱخر ، خرجا من أحضانه فسحبته "دلال" رغماً. عنه وهي تقول بلهفة:



_" تعالى ادخل ، أدخل شكلك هفتان كده ليه ..مبتاكلش ولا ايه !!"



وقف"بسام " بحزمٍ قبل أن يصبح بالداخل ، ثم حرك رأسه نفياً وهو يقول :



_" مش هقدر أدخل ، أنا همشي عشان أكون مع" عز" هناك وهرجع للي كنت فيه تاني ، عايزه حاجة ؟!"



_" عايزاك ترجع بيتك وحضن أمك يا بني ، متعملش فيا كده حرام عليك !!"



قالتها"دلال"  بتحشرجٍ أمام ذلك الواقف ، فحرك عينيه لها ثم قال بتهكمٍ مخفي:



_'' بيت أبويا اللي إطردت منه ؟؟"



وقبل أن تجيب وجدت "غسان" يندفع بقوله له مخرجاً الصرامة بحديثه عندما وجد طريقته هذه في الحديث :



_". أبوك وجزمته فوق رقبتك طول العمر !!"



حدجته "دلال". بلومٍ وتوسلٍ على أن يصمت ، فلاحظ هو وجود "حامد" من خلفهم والذي توجه ليقف بمقابلتهم وهو يوزع نظراته بينهم مردداً بجدية :



_" هي الشقة ضيقه لما إنتوا واقفينلي كده هنا ؟؟."



حرك عينيه نحوه ، فوجد "بسام "نفسه محاصر بين ما يتوجب عليه قوله له ، فردد بهدوء كمثل نبرته التي. خرجت :



_" إذيك يا  بابا !!"



_"على حسب ، إن كنت راجع عشانّا ولا منفرقش معاك من أصله !!"



وجد الحزم والجدية في نبرته له ، فوزع نظراته بينهم وهو واقف ثم قال بضغطٍ :



_'' طول عمركم فارقين، مش هكبر علي أبويا اللي رباني وعلمني !!"



_" وكبرت وكان اللي كان ونسيت إن ابوك لسه بصحته  يا بن حامد ولسه قادر يربيك لو كنت مش متربي !!"



إقترب "بسام " يقبل قمة رأسه ومازال يعاند عندما قال بعكس ما يفعله:



_"وأنا مش جاي في عتاب ، أنا راجع تاني،  وعمري ما أكبر عليك ، وإن كنت عايز  أسف ، فحقك فوق راسي !!"




        
          
                
يعلم بأنه أردفها كي يتسطيع الهروب مره أخرى، تركه يقبل قمة رأسه ومن  ثم رد عليه بجدية:



_" ويفيد بإيه لو مش جاي من ندمك ، وإن كنت قاصد تربي ابوك عشان متدخلش البيت..فالبيت بيت أبوك ، بيتي يعني مش هتحايل  عليك تدخله زي ما حالف إنك مش داخله غير لما تعرف إنت عملت معايا ايه وغلطت ازاي !!"



رفع عينيه ينظر على رأسه الموضوع عليها لاصق طبي ، فلاحظ الٱخر محط ٱنظاره لذا أومأ لهم ثم إلتفت كي يسير. للأسفل ، فقاطعه نبرة "دلال",  الضعيفه وهي تقول  بتوسلٍ :



_", متمشيش يا" بسام" ، علشان خاطر أمك حتى !!"



_"وعشان خاطري!!"



قالتها "وسام ", بتوسلٍ  اخر ، فإبتسم لهم ثم قال بتحسر لديه وقهر لدي الآخر:



_" معلش .. ربنا يخليلكم "غسان " !!



دخل المصعد من بعدها كي يهبط للاسفل ، تزامناً مع إغماض ٱعين "غسان" بضغطٍ بما يصر عليه شقيقه ،دخلت "دلال",, باكية تساندها "وسام"، ووقف "حامد", يطالع الٱخر بصمتٍ ثم بحزم يعلمه بأنه ليس مغفل :



_" اوعي تفكر أن ابوك كبر وخرف  لما تروح تخليه يقعد فمكان أنا مستبعدوش، ولا لما تاخد كتبه وحاجته من أوضته وأنا مش شايفك ، ولا هستبعد كمان  انك روحتله النهارده عشان وشك يبقي مقلوب كده !!"



نظر له  "غسان"بدهشةٍ مخفيه ثم قال بغير إكتراثٍ :



_" وأنا مقولتش إني خايف لتعرف، او حتي خايف لتشوفني، أنا متسحبتش  من وراك ، انا راجل يا حج حامد ومسئول !!"



_"مسئول من نفسك ومن مراتك ، وراجل على أي حد إلا أبوك ، وأخوك مش صغير ، أخوك قادر يرجع من نفسه من غيرك ، فبلاش تضغط نفسك وإنت عارف إن دماغه زي الباب ده. وإن رجع هيرجع بعد ما ينفذ كل اللي هو عاوزه وبس !!"



لاحظ إنسحاب "والدته" و"شقيقته" ، فتنهد بتعبٍ من ذلك الحوار الذي يُهلكه نفسياً ويضغطه بالفعل ،  حرك رأسه بمللٍ فظٍ منه معهود بالنسبه لمن يعرفهم منه! ، لذا حرك "حامد" رأسه بتعبٍ وهذه المره تعبه يظهر على ملامحه من كبت حزنه وضغوطه بداخله خاصةً أمور "بسام". التي تتبدل وكأنه يري ٱخر به !! ، سبق لأسفل دون أن ينبس كلمة واحده ، في حين سمع هو تجهيز النساء وهن يخرجن من الشقق تحت حديث "عايدة" الحازم لـ"جميلة" :



_"قولتلك يا جميلة عندي مفيش بنات تروح تجهز شقتها بنفسها ،ياسمين ونيروز كان ليهم ظروفهم ،  دا فال مش كويس ، أدخلي خليكي قاعده مع ياسمين يلا إنتي ونيروز ، وفريدة ووردة وطنطك دلال هيجوا معايا ، ووسام قاعده عشان مذاكراتها يعني كلهم هنا أهم .. اسمعي كلام أمك بقا وريحيها !!"



عادات وتقاليد تتغير من منظور لٱخر ومن واحده لٱخرى ، نظرت لها بضيقٍ مخفي ولم تتعمد المواجهه والإصرار بل عانقتها بصمتٍ وهي تراها تهبط في المصعد. وبيديها حقائب ٱخرى ومن جانبها "فريدة"التي خرجت بصحبة "وردة" التي تركت الصغير مع "نيروز" وهي تودعهم ، جاب عينيها كل شئ ولم تتخطى وقوفه وهو يتحدث بالهاتف لهم في الأسفل ، في حين خرجت "دلال" تهرول بعدما أشارت له بأنها ستهبط هي الٱخرى لتلاحقهم ،في حين وقفت تنظر له بانتظار وهي تداعب "يامن" وشعور الضيق الذي يوجد بداخلها منه لا تستطيع ما سببه سوى عندما تتذكر بطاقة الطبيب النفسي معه ، مما يبث بها بعد القلق والوسوسه التي تثير شكها بأن الموضوع بالفعل له علاقه بها !! فاقت من شرودها علي سؤاله المهتم بوقفتها إلى الٱن:




        
          
                
_" واقفه كده ليه ؟؟ ما تدخلي جوه!!"



كان القول عادياً جداً مجرد اهتمام هادئ خرج منه كي يطمئن بخفةٍ عاديه قبل أن يرحل ، ولكنها إستشعرت الاندفاع في نبرته ، فقلبت عينيها بغيظٍ ثم تحاملت علي نفسها قائله له :



_" مش فاهمه وقفتي ممكن تدايقك فـ ايه،أكيد مش واقفه على راسك !!"



رفع حاجبه بغرابةٍ من ردها   وكاد أن يجيب بفظاظةٍ وعندما لاحظ غيرهما  أشار بعينيه وهو يري من السكان ما يهبط من على الدرج المقابل لهم ، فهمت معنى نظراته فدخلت مع الصغير ، تزامناً مع سيره هو  الٱخر للأسفل كي يسير خلف السيارات ليحمل معهم ومع الشباب ما سيهبط صعوداً لشقة "عز".ومن ثم العودة وترك بقية الٱمور للنساء وترتبيهن !!!..



وفي الداخل كانت جلسة الفتيات مع بعضن متسلية وبين حديث لٱخر وسط "جميلة"و"منة"و"ياسمين"و"نيروز" ، وكانت "سمية" في الداخل تنفرد بتعبها الذي يزول رويداً رويداً ، صاحت "ياسمين" بغرابة تسأل "نيروز":



_" هو إنتي مفتحتيش النهاردة المحل يا نيروز ؟؟"



_" مش فاهمه هفتحه إزاي واحنا ملبوخين فالظرف ده !!"



قالتها "نيروز" وهي تستشعر غباءها ، فتثاءبت بتعبٍ ثم إعتدلت سريعاً تحمسها قائلة بإقتراحٍ قاصدة وبقوة إخراجها  من حالة الضيق التي إنتباتها دون أن تعلم ما سببها وبالٱخرى "جميلة":



_" طيب ايه رايك تنزلوا تقعدوا فيه، وأنا هقعد أنا مع ماما وخدوا يامن ، أهو تفكوا عن نفسكم شويه أصل بصراحة وجودكم معايا هنا خطر لاني هموت وأشغل اغاني وأرقص وحازم محلفني ومستحلفلي، وبعدين مش فاهمه ليه مفيش زغاريط كده ما تفكي يختي إنتي وهي هي الفرحة يعني بتيجي كام مره!!"



تعالت الضحكات بخفةٍ عليها بيأسٍ فأشارت "منة" على عينيها بترحيبٍ حتى قامت بفعل زعروطة قويه جعلتهن يصفقن بحرارة وتشجيع لها ، لاقت الفكرة إستحسان "نيروز" فنهضت ترفع عينيها على ميدليه المفاتيح على الطاولة ثم قالت بحماسٍ طفيف :



_" طب يلا بينا !!"



نهضت"منة" بلهفةٍ مع "جميلة" التي أمسكت أيدي "يامن" برفقٍ تزامناً مع  إكمال "نيروز" للحديث :



_" وخدي بالك من ماما ياياسمين ، إحنا مش هنطول بردو !"



أومأت لها بإبتسامة هادئة حتى وجدت "منة" و"جميلة" يسبقان ، فتحركت "نيروز" وقاطع سيرها مسك ذراعها بواسطة"ياسمين" التي ابتسمت لها برفقٍ عكس الملامح التي توحي بالخفة والمرح الممزوج بالشراسة الخارجية فقط أغلب الوقت :



_" مسيري أعرف مالك يا روزّ ، فيكي حاجة مش مظبوطة ومتقنعنيش إن دا وشك وإنتي فرحانة لـ جميلة حبيبتك !!"



لم تقصد أن تتوتر ملامحها بل إبتسمت ببساطة ثم قالت بجهلٍ لشعورها :



_"أنا كويسه مفيش حاجة ، أنا بس مزاجي متقلب اليومين دول ، إنتي عارفه !!"




        
          
                
إبتسامة هادئه لاحت على شفتيها وهي تعانقها أولاً بعينيها الخضراء ومن ثم ذراعيها اللذان غمرهما الدفء الخاص بها هي وحدها "ياسمين" التي تحتوي أكثر من أن تُحتَوى ، تبث الأمان دوماً بمن حولها مهما كانت فاقدة له !!، خرجت من أحضانها ثم وضعت يديها علي معدتها برفقٍ وهي تقول بسعادة هادئه كملامحها :



_"النونة هتاخد حنان يا بختها بيه !!"



ضحكت عليها "ياسمين" وهي تنظر بتأثرٍ لما تفعله ثم قالت بحيرة تقلب الوضع المتأثر لٱخر مبهم :



_" تفتكري بنت ولا ولد ؟!"



_"أكيد كل حاجة من عند ربنا حلوه ، بس إنتي تتمني إيه ؟؟"



قالتها بفضولٍ غير عابئه بإنخراطها معها في الأحداث متناسيه من ينتظرها في الأسفل بعدما هبطا معاً !! ، وجدت المشاكسة تغلب دائماً في ردها وهي تقول :



_"واللهِ لو ولد حلو زي حازومي فمعنديش مانع ، أما بقا لو بنت حلوه كده وعينيها خضرا زيي وزي وردة وبابا ، وبيضه زي سُمية وشعرها  بني زيك فأنا بردو مش ممانعه!!"



إعتلت ضحكات "نيروز" عليها ثم إشارت نحو عقلها وكأنها ترسل لها بأنها مختله تريد كل ذلك مدعيه بأنها أبسط الأشياء؟؟ ولما لا؟؟ ، تحركت علي الفور تدخل إلى غرفة والدتها تنعم بالراحة بين أحضانها تشاكسها وتثير حقنها كالعادة ، وكيف لم تفعل وهي "ياسمين"؟! ، وتزامناً مع ذلك صوت إغلاق باب الشقة خلف "نيروز" التي ضاعت بين أفكارها تتوه مره أخرى ، ورغم إن كان الأمر يخصها فما المشكلة؟؟ بل وتأتي عند اصغر الأشياء أحياناً وتقوم بتهليل الوضع ؟؟ أم أن ضغطها بما حدث لها فالفتره الماضيه يلح عليها بأن تأخذ كل الٱمور بحساسيةٍ كُبرىٰ ، أم أنها تشعر بالضيق لأنها تعلم تمام العلم بأنه يخفي شئ موجع يحاول إخفاءه وهذا لم يكن منذ الٱن ، ولا من اليوم بل من أيام عدة مرت !!!!



لا تنكر بأنها تابعت الحوار بين"حامد"وعائلته عند مقابلتهم لـ "بسام" ، التي تعمدت عدم الخروج ، كانت بطريقها للشقه الٱخرى ووقفت منتظره رغماً عنها تنظر من على بعد لملامحه الهادئه والتي تتشنج بحسرةٍ وعدم إعجاب لكل قول كان يردفه "بسام" ، وللحق أعتبرت هي حديث "بسام" فاتر لا تعلم لما ؟  تقارنه بزوجها ؟؟ربما لانها إعتادت علي حنوه مع الكل خاصة عائلته قبلها حتى ؟؟ ، تقارن ؟؟ وهما اللذان يشبهان بعضهما لحدٍ كبير؟؟ يبدو أن المقارنه ليست بالشبه بل كانت بالجوهر الداخلي ، الجوهر الذي يثير غرابتها في بعض الأحيان ، تاره تستشعره حنوناً هادئاً ليناً لم تري مثله من قبل سوى والدها ومن ثم تاره تجده ٱهوج غير عاقل مندفع ، يثير خوفها التي تدارية عنه قاصدة بظهور شراستها كي لا يعتبرها ضعيفه ، ورغم تعمق الحب منها له ولكنها معه وتعلم وهي معه بأنه لما كان سيتفق معها لولا أن هذه كانت شخصيتها معه !!،لا يريد التي تتهاون فيصدها كل الصد بفظةٍ وتبجحٍ ، بل ذكية تعلم متى تقوى ومتي ترخى ومتي تصر ومتي تلين ومتى تنتقد ومتي تتفق معه ،وقت بوقت تعلم مخارج ومداخل عقله ، أو هكذا تعتقد ؟!




        
          
                
ربما لأنها تراه ينسى ويتهاون معها هي بالٱخص يتنازل عن أشياء لا يتنازل عنها مع أخرى أو ٱخرون ، أم أنه لم يخطر علي بالها بأن قول والدة لها منذ بداية علاقتهما هو الصحيح عندما ردد عليها  " بٱنه يصبر لحدٍ معين ، وحِدته   يفوق بها الكثير وحتي إن عاتبها فيدفن هو إلى حين الانفجار الٱخير؟؟ كيف لم ترى الإنفجار الٱخير إلى الٱن ؟؟ تراه بصورٍ متقطعه ، تتجاهل القول،  ولكنها لم تتجاهل ما تفكر به من كثيرٍ ولم تتجاهل ما يجعل ملامحه متهجمه تاره وأخرى يغصب نفسه علي التبسم والإنخراط والمرح كي يساند "عز" والعائلة بلحظة كهذه ؟؟..
___________________________________



لمحة من خمس دقائق هناك أمام شقة "عز" الذي يصعد ويحمل هو الٱخر مع الشباب ، وبتهليل وبهجةٍ كُبرى. مع وقوف السيارات في الأسفل تنتظر فقد هبوط الشباب بعد حمل مُرهق سعيد بمشاركة مناسبة كهذه مع "عز" وشعور "شادي" هو الٱخر بأنه عريس مثل الأول تماماً يساندان بعضهما في بداية طريق لصداقه قوية وليست  كمعرفية في البداية ،  الدقائق تمر ، وتنتهي بوقوف "عز" بجانب والدة "جميلة" إن إحتاجت إلى أي شئ ومعهم"حنان" التي تحاول تخطي مشهد "فرح" الذي ينخر بقلبها ، ثمة شعور مغمور بالأمل لم يٱتي سوى بثقتها بالله وقربها منه  بأنها ستصبح بخير لا محال!! ، ووقف "حازم" بيأس  يستمع إلى حديث "عايدة" وهي تنبهه وتمليه بأشياء واجب عليه القدوم بها من شقتها !! ، فرحل بعدما أومأ لها بطاعةٍ رغم رؤيته لتفاهة ما تمليه عليه ، أمور نساء؟؟ هكذا ضحك "غسان" وشاكسة بالقول وهما يهبطان معاً كي يرحلا بعد إنتظار "بدر" و"حامد"و"شادي" لهما وربما سيلاحقهما "عز" بوقت لاحق بعد إنتهاء مساندته لهن !، فهو الرجل بينهن الٱن !!



_____________________________



_"خدي دي يا جميلة وحطي فيها اللي شكلة دِبل !!"



أردفت "نيروز" بهذه الجملة بإبتسامه علي من نويا المساعده لها ، من "جميلة"و"منة" اللاتان سارا بجانب بعضهما يتحدثان وهما يلتقطان ما قالته لهما "نيروز" المنشغلة بكنس المكان وشغل عقل "يامن" الصغير وهي تعطية الهاتف ، في حين كان حديث "منة"  هادئاً ساكناً غير مرحاً بشدة بعد علمها لما حدث لـ "فرح" التي حزنت من أجلها



_"هو إنتي مش عارفه تعيشي اللحظه ليه يا جميلة وتتبسطي بالخطوه اللي حصلت دي!"



تستشعر حزنها الطاغي علي ملامحها ، لذا ترقبت ملامح الٱخرى وهي ترفع عينيها متنهدة بحرارةٍ مُصرحة :



_"مش عارفه يا "مِنة" بس أنا حاسة إن "عز " مش مبسوط أو مش عارف يفرح ،مش زعلانة من دا ، لانه حقه وأخته ، أنا اللي مزعلني إنه بيغصب نفسه يفرح عشان بس أشوف فرحته ومتأثرش !!"



قالتها بتنهيدةٍ متعبه ثم واصلت بخجلٍ تقلب المضمون لٱخر تجهل به :



_" بصراحة كل ما اقف قصادة بقوله أنا معاك ومش هسيبك ، عايزه أساعده واساعد فرح ، عايزه أقوله إزاي أساعدك وأخفف عنه بس مبعرفش..حتي الكلام مبفهمش فيه  وبيخرج مش متزوق كده، بحس إني جافه وفاتره وأنا مش عارفه أقول ايه ،  أنا فعلاً يا "منة" مش بعرف اقول حلو أو احاول  متحرجش وأنا بقوله ..صح ؟!"




        
          
                
ضحكت "منة" بخفه وهي تضرب كتفيها بمرحٍ قائلة بمزاحٍ :



_" وعلى كدة شادي يدبحني بسكينة ولا قرن غزال؟؟ "



ضحكت عليها فواصلت "منة" تكمل بعدما هدأت من ضحكتها :



_"بعيداً عن  الموضوع ده كله  عاوزه أقولك إن الكلام الحلو ليه تأثير ومش هناقشك في ده ،  وإن الكلمة الحلوه بتجبر الخاطر وقادرة تصنع يوم كامل بدايته متبشرش إنها الطف حاجة ، بس إنتي عارفه بقا لو رجعنا لموضوعك ؟"



أضافت  بصدقٍ وعمقٍ مباشرةً :



_" فعُرف اللي إنتِ فيه يستي فأنا أحسن حاجة بجد إن كلامك كله يكون صادق خارج من شعورك وقلبك دوغري كده من غير تفكير ولا تغيير بالتبرير والمحاولة عشان تبيني حبك أكتر ، اللي بيحب بجد ببقي شايف وقاري كويس كلام العين اللي بيتقال قبل اللسان اللي ي إما يوقع وبينك هبلة ، ي إما يتكلم وهو مُغيب كده وواخد أمر من القلب علطول يقول اللي حفظهوله ، وإنتي قلبك قليل الكلام بس صريح أوي ومفهوش تزويق !!"



مشكلة تهاجم البعض ، قلة الحديث وعم الخبرة بأن تجيده كي تشرح له مدى حبها ؟؟ ،أعحبت بمدي عمق حديثها وتبريرها الذي وضح لها بأنها هي كما هي وبل هو يتفهم ذلك ؟



_" وبعدين إنتي مش بتعرفي تعبري ولا حاجة إنتي بس كل ما وقت بيعدي بتندمجي أكتر ودا فأي حاجة مش فكده بس ، أنا عرفت شادي وشادي عرفني وجه إتقدملي من غير ما ابل ريقه بكلمة عدله ألا بس لما حسيتها وإعترفتله بحبي ،  مكانش اللي يخليني أكون محتاجه أظهر ليه ده و دلوقتي ، وجه ودخل بيتي وقبل دا كان بيلاحقني رغم الصد مني ليه ورغم إنه إفتقر الكلام بتاع الحب ده بس  داخل واثق من نفسه أوي إني واقعه فيه ، مش فاهمه جايب الثقه دي منين  ابن الايه !!"



قالتها بحيرةٍ وكبرياء انثى يعلم الجميع بأنه أوقعها بشباكة بخفةٍ ، بطريقته الخاصه والخبيرة والذي وجد بها صعوبةٍ لم يراها بأنثي قبلها ، ضحكت "جميلة" وهي تشاكسها ثم غمزت تمازحها بمرحٍ :



_" طب ما إنتِ واقعه يا دوكّ !!"



وقبل أن تكمل أكثر وجدا جملة "نيروز " الساخره بضحكٍ علي حديث "منة":



_" علشان الرجالة بتحب الصعب يا مِنة ، والسهل عمره ما بيشدهم !!"



لم تقع به بطريقة سهلة ، أكل ما داهمها من ضغوطات وعقبات لا يكفي لشرح الوضع ؟؟ ، ولم يأخذ "عز" "جميلة" على طبق من ذهب هو الٱخر ، وحتى "شادي" ورغم السرعه إلا أنه ذاق مرارة  بطئ الوصول بشدتها عليه !!  ربما الدافع الحب العميق؟ الهادئ؟ الذي يجذب الأنفس بسهولة فتتلاحم السهوله مع صعوبة ما يوجد في طريق الوصول؟؟ ربما ؟؟  "رُبما."..



_"مفيش حاجة بتيجي بسهولة ولا بردو حاجة بتعدي بسهولة ،  ياريتها كانت كده ، مكانتش الدنيا دي بقت صعبه علي واحد وقاسيه علي التاني ومش عادلة مع التالت ،  مهما كان لو في حاجة سهلة جت مره واحده فالصعب أكيد شوفناه كتير قبلها  ودافعين التمن غالي اوي !"




        
          
                
قول "جميلة" وهي لا تتذكر سوى القسوى التي كانت تقابلها بتجاهل وكأن الوضع طبيعاً ؟؟ ، ذهنها يشرد بالمعاناة ، ولم تجد الٱن سوي عائلتها بجانبها وهن أيضاً ، الدفء ..الٱمان ..السند ..الظهر ، هم بها وبالأخص هو "حازم" الذي كان من قبل من تختاره دقه من دقات قلبها ومن ثم تسير بقية الدقات على نهج حب "عز الرجال" ،  لمحة وبصمة من والدها بالطبع لم تمحي بداخلها بسهوله  ألا يظهر بأنها تفكر به مراراً وتكراراً ، بل واليوم تشعر بشعور قاسي يعصر قبلها ، من المفترض بأن يكون هنا ، سندها بجانبها ، يشاركها فرحتها ، يأخذها بين أحضانه مملياً عليها كلمات حزينة بقرب الفراق من بيته التي عاشت ملكة به ؟؟ وأي ملكة ؟؟ وأي احضان وهي لم تراها منه من قبل؟؟ وأي سند من الأساس لطالما كانت هذه الصورة في الظاهر فقط ؟؟ ، فرت دمعه متمرده منها، واحده فقط  تهبط علي وجنتيها بكسرةٍ ، واحده ؟؟ وللحق لا يستحق قطرة صغيرة تكاد تكون معدومه وليست دمعه بأكملها تسرى وعلى وجهها وتهبط وقبل أن تختفي وتهبط أخرى وجدت يديها الحانيه تمسحها برفقٍ وهي تخرجها من شرودها مع ذهاب "منة" قبل قليل تداعب "يامن" وهي تشاهد معه :



_" يعني مش شايفة إن حازم وعز كفايه ؟؟ أو حتى من غيرهم  مش شايفه إن دموعك دي صعبه أوي عليا يا جميلة ؟؟ حاسة بيكي وعارفه كمان إن إحساسك ميساويش حاجة جنبي ، الوضع مختلف بس الظرف ورد الفعل واحد ، علشان كده مش عايزاكي تسكتي لدماغك دي وأفكارها ، فكري إنك داخله حياة جديدة بعد فتره مع عز اللي انتي بتحبيه من زمان وبتكدبي نفسك ، وصدقي كمان إن أنا مش هسيب دموعك دي تنزل ، وإن أخواتك البنات فضهرك ، تعرفي إني من كام يوم كنت بدردش مع غسان وحكيتله عن اللحظه دي واللي إنتي هتكوني فيها بردو ،  عارفه قالي ايه ؟؟ "



صمتت تنظر لها بتأثرٍ ثم مسحت وجهها برفقٍ وهي تنتظر الاجابه ، فـ لبت لها "نيروز" غرضها وهي تضيف :



_"قالي كلام  بنسمعه ومبنفكرش فيه أوي من كتر ما بيتكرر على مسامعنا ، بس لفت نظري  حاجه فكلامه ..إنك هتقفي قدام ربنا وهو كمان ، وهيسأله عنك وعن حقوقك اللي مخدتهاش ولا حستيها ، هيسأله وهو مش هيبقي عنده حتي التبريرات لكل ده ،ساعتها هيبقي ليكي أسباب تدخلي الجنة بيها عشان بس إتظلمتي ، مش مكفيكي إن ربنا  معاكي وهياخد حقك ؟؟ "



لم تتفاجئ من طبيعة القول ، تصبرها على الموعد النهائي ، في حين بأن الحديث أتى منها هي كونها غير متهاونه شرسه في الخفاء تظهر بأنها ذات مخالب مكسورة ولكن باطنها غير ظاهرها ، بطبيعتها الداخليه تنتظر العقاب وبانتصار من الٱن كونها تثق بأن من تحزن لأجلها هي الطرف الفائز فالٱخره ليس إلا .. وكيف سترى حديثها بمثل نظرتها له ؟؟ ، لا مقارنه لعقل شرس في الخفاء وٱخر هادئ ساكن لا يريد ضوضاء  تثير إحتكاكه حتى وإن كان الٱمر يخصها ؟؟ ذرة من السلبية ورغماً عنها تكتسبها بسبب والداها ووالدتها !! ، 




        
          
                
ربما شعرت بالراحة أو أنها ليست بمفردها ؟؟ تشعر بذلك لذا عانقتها عناقٍ مختلف تماماً ، عناق عميق تبث به كل منهما للٱخرى مدي وصول الشعور بالإمتنان لكل واحده منهما للتي تعانقها ،أتى صوته من خلفهما وهو يدخل من الباب أولاً مردداً لـ "نيروز " من على بعدٍ  منه وهو يشير بتعبٍ :



_" معلش هاتيلي كرسي يا بنتي أرتاح !!"



"حامد", ولم يكن القول سوى له ، لم ينتظر خروج "غسان" من السيارة .؟ دخل "غسان" مع "بدر"و"شادي " ، حتى توجه "غسان" يشير لها بأن تتوقف ليحمله له هو عندما لاحظ إنهاكة ،لذا أعطاه له وهو يجلسه في الخارج أمام المحل ليواجهه هواء البحر من علي بعد:



_", أقعد يا حج وخد نفسك فالهواء وإرتاح !!"



جعله يجلس بلهفةٍ عليه فجلس "حامد", وهو ببتسم له ، تزامناً مع وقوف"شادي" مع "منة" وتحرك "جميلة" للأعلى بعد اتصال "حازم" ، في حين جلس "بدر" هو الٱخر بجوار "عمه"، وصب "غسان" كوب من المياه له وهو يقدمه لـ "حامد" بحرصٍ مردداً بإهتمامٍ :



_" إشرب دي ..خدت علاجك النهارده ؟؟"



_"هتفوت علي أمك يا خويا ..دا لما كنا متخانقين كانت بتيجي تحطه قدامي وتشاور بصباعها وتمشي!!"



ضحكوا عليه بشدةٍ ، حتى "نيروز" التي وقفت تستمع ، فرد "بدر" سريعاً بمرح:



_" ما تداري علي شمعتك يا عمي لاحسن تتحسد ، معتش من مرات عمي اليومين دول ، يا أما نكد يا إما نكد !!"



عقدت ما بين حاجبيها مندفعه وهي تلومه بتوبيخٍ لين خبيث:



_" أفهم من كده إنك بتلقح علي أختي ؟؟"



جاب  "غسان" عينيه شراستها المخفيه ولا ينكر هو بأن غالباً يعجب بهذه الشراسه الذي لم يعرفها إلا عن قرب في بداية علاقتهما ، إبتسم "غسان" وهو يسمع رد "بدر" المبرر بثباتٍ :



_"طب ازاي ؟؟ .. عمري ما ألقح علي مراتي أم ابني ، بالذات لو ام ابني دي تبقي وردة ، يعني  وردة غير الورود اللي إنتي بتاجري فيها دي كلها !!"



داعب وجنتي "يامن" وهو يحمله علي ساقه بحبٍ ، فإبتسمت هي وقد هزمها رده ببراعة ، عائلة البدري ؟؟ كيف لم يصدها في الرد ؟؟ ،، ضحك "حامد" رغماً عنه بخفةٍ ثم قال لها بوضوحٍ :



_"إنتي تشككي فأي حاجة إلا حب بدر لوردة ، الاتنين اللي بحس فيهم التفاهم اللي من ريحة زمان اوي أيام العقل ..مش الجنان!!"



لمح لـ "غسان" الذي وسريعاً حاول التخفيف عنه بطريقة غير مباشرة بسبب ملاحظته بأن ولده علي غير طبيعي ، ضرب "غسان" كف بكف ثم قال :



_" لا اله الا الله.. ما انا واقف كافي خيري شري ، ولا يكون نيروز إشتكتلك !!"



قالها وهو ينظر لها فلم تبادله النظرات مبتسمة بل كانت فاتره هادئه تتابع فقط ، فسأله "حامد " بمراوغة :




        
          
                
_" وهتشتكيك ليه؟"



رفع يديه يمسح طرف أنفه بخفةٍ وهو يثبت عينيه عليها مردداً بشفرةٍ :



_" ليكون ابنك مش متفاهم !!"



تركته متنحنحه عندما شعرت بأنها تود الصعود للدخول إلى المرحاض ، فإبتسمت له قائلة بلطفٍ :



_" أنا هستأذن اطلع شوية وجاية ، خلي بالك يا عمو إنتَ.. مش هتأخر !!"



قالتها بحكم جلوسه واشرافه كما قال لها "غسان" ،الذي لاحظ فتورها وهي تنسحب صاعده ، والظاهر بأن "حامد"و"بدر" إنتبها لتجاهلها فمن المفترض أن توصيه هو وهو الواقف ولم يصعد بل لم تحدثه ولم ترد عن مرحه ؟؟ ، تصنعا التجاهل لا يخصهما من الأساس ، اعتدل "حامد" محاولاً أخذ أنفاسه وهو يسمع "غسان" يردد هو الٱخر :



_"  وأنا شوية ونازل ، المحل محلكم !!"



وكي يشعره بأنه بخير غمز له وهو و"بدر" وهو يضيف بمرحٍ :



_«خلي بالكم من عودة الوصال»



جملة عادية تماماً ولكنها مختلفه ، مختلفه كل الإختلاف بالنسبه لمن يخرج عن مشهدهم ذلك ، وبالنسبه له هو أيضاً. ، عودة وصالهما وربطه بتحقيق أول خطوه من خطوات حلمها !! ، ضحكوا عليه بخفةٍ وسرعان ما سمعوا صوت "منة" المرتقع وهي تحاول السير بعيداً عنه حانقة بصوتها :



_" إنت  مجنون يا بني ادم إنت ؟؟ مره  عايز تبوسني زي الرخاص والتانية عايز تحضني هنا وفالمحل وع الشارع والناس، إنت بجح ولا حد قالك إني  زي اللي كنت  تعرفهم وهسمحلك بالقرف ده ؟؟ "



_"قرف!!!"



نهض "بدر" وجلس"حامد" منتظراً ذلك الحوار ينتهي بتسليةٍ وتشفي منه ، لا يكف عن التحذيرات في التسرع والاندفاع والٱخر لا يُبالي !!! 



_" أه قرف.. وبقولك ايه بقا سكة ودوغري مش عاجبك نفضها سيره عادي وكل واحده يروح لحاله ،ما أنا مش المفروض فالوقت اللي أطمنلك فيه تخوفني كده !!"



_"في دكتورة تقول سكة  ودوغري؟؟"



قالها "شادي"  بإستنكارٍ وهو ينظر لها متعالياً ، فحركت رأسها إيجاباً ثم صدمها رده الجاد وليس المرح والمراوغ ككل مره :



_"وبعدين ايه نفضها سيره دي ؟؟ طب ما نفضها  ولا إنتي فاكره إنك كده بتهدديني وتلوي دراعي ؟؟ ايه يعني مديت دراعي احضنك بعفوية كرد مني ولا لحظة تأثر فالتانية وانتي قريبه ، ما بتحصل !!"



أثار إنفعالها تمادية في الخطأ ، وقبل أن يتحدث "بدر"ليعنفه ، صاحت هي تخيره بإنفعال :



_" لا أبداً مفيهاش حاجة ،  ترضاها علي أختك بقا  ؟."



_" أه"



قالها ببساطةٍ ، فضحك "بدر" كي يهدأ الوضع ثم قال بصراحةٍ يقاطع صدمتها برده :



_" ما أصل معندوش اخوات بنات !"




        
          
                
_"ووسام دي ايه ؟. مش تعتبر أخته وبنت الراجل المحترم ده ؟؟ "



رفع "حامد" كفه يستند ليقترب منهما في حين حرك"شادي" رأسه بغيظٍ كنبرته التي خرجت عليها بجمودٍ لا تعهده :



_" إنتي كده بتلبخي يا منة .. وبلاش تختبري قوة تحملي فاللي بتعمليه عشان ساعتها هتشوفي واحد تاني !!"



أمسك معصمها يأخذها بركنٍ بعيد عن وقفة "حامد" الذي امسك معصم "بدر" يقاطعه :



_"الداخل ما بينهم خارج يا بني دول اهبل من بعض ..سيبهم وشادي ليه كلام تاني معايا ، بس بعد ما "منة" تمشي !"



وقف يلبي ما قاله الاخر وهما ينتظران في الخارج كما كانا و أسنده "بدر", عندما لاحظ تعبه الخفيف في حين نفض يديها بحدةٍ ثم قال بجدية صارمة تخرج منه لأول مره :



_"اول حاجة عليتي صوتك عليا..وكمان في مكان المفروض يكون عام  وقدامهم ، تاني حاجة بتدخلي طرف تالت بينا وإنتي قاصدة ، هو حد كان قالك إنك هتبقي جامدة لما تعلى صوتك عليا وتهدديني!!"



_" أنا جامدة طول عمري !!"



قالتها بإندفاعٍ فطالعها بتمعن ثم قال بغير إكتراثٍ وقح ممراً عينيه عليها :



_" مش أوي!"



_"ولما مش أوي خطبتني ليه ؟؟ !"



كانت جملة صادقه خرجت بنبره أهدأ من قبل ، فلم يعطيها الرد سوى عندما أمسك حقيبتها يعطيها لها وهو يقول :



_" أنا بقول تمشي عشان بتخيبي أوي كل ما بنقرب على الجواز  وخفي بجاحة شوية وإحترمي نفسك بعد ما تحترميني الأول  قدام اي حد !!"



أمسكت الحقيبة بإندفاعٍ ثم قالت بجرأةٍ وهي ترمقه بحدةٍ :



_" وإنت محترمتش نفسك ليه ولا إحترمت وجودهم ولا حتى إحترمتني ، أنا كده يا شادي وهفضل كده وكونك بتحاول تفك حاجز المفروض إنه صح فـ دا شئ بيخليني مطمنش مع إني بحبك ومطمنالك ،  أنا مبحبش الإسلوب ده ولا عمري عملته ، وإنت للأسف مفكرني متساهلة من كتر ما قابلت رُخاص، انا دي مبادئي وأنت حُر !!"



إعتدلت متجهزة كي ترحل ثم قالت قبل أن تسير بشكل منفعل:



_",سلام"



تركته واقف ثم تخطته بسرعةٍ ولفح خصلات شعرها القصيرة  إحدى وجنتيه وهي تتخطاه عن قرب ، رحلت بغضبٍ بعد وصلة تأديب ،  ظاهره بأنهما مختلان تاره ، وتاره هو المختل وهي الجادة صاحبة الحق ولكن الأسلوب ؟! بالصوت؟! ، مخطئ هو أكثر عنها ويعلم تماديه الذي حذره منه "غسان"وحامد" ، يعتقدها مثلهن ؟؟ أم أن حماسه يغلبه في كل. مره ؟! 
ودعت "حامد" بسرعه قبل ان تفلت الدمعه التي تحبسها بعينيها ، رحلت وكان هو الذي يعتقد بأنه سيلحق بها كي يوصلها إختفت عندما ركبت سيارة أجره ، رافضة قدوم "بدر" و"حامد" ..أيعقل أن ينقلب الحال وكان في البداية مجرد مرح ؟؟ عبث؟. ليس إلا ؟؟ 




        
          
                
_" كانوا بيقولونا إن الحُب بيجنن وبيخلي العقل طاير منه فيخلي الواحد باين كأن عنده ربع مهوي من دماغه ،أما إنت فدماغك كلها مهويه  وطايره منك  وكأنك مراهق فبداية الطريق مش شاب كبير عاقل وناضج وكلها أيام وتفتح بيت ، طول ما إنت بتعاملها زي ما كنت بتعامل غيرها فمش هترتاح في العلاقه دي وهتمل بسرعه أوي ، لو بتحبها هتحسسها إنك أمين ومحافظ عليها لحد ما تبقي ليك وساعتها إنت حر !!"



يلومه "حامد" وغير قادراً علي الوقوف، بل يقف أمامه "شادي" الذي سكن وصمت يستمع ثم قال يبرر :



_"معرفتش أرد عليها فكل مره غير بالطريقه العفوية دي ، هو أنا قولت إني متشكك فيها ولا بتسلى بيها ، انت مش فاهمني يا حج حامد أنا بحبها  !!"



_"عشان فاهمك بنصحك بكل هدوء ازاي تحافظ علي بنات الناس ، علشان أنا عندي القدرة  اني اقوم أعاتبك على الكلام اللي بتقول إنك حاولت تعمله ..ساعتها هتعرف عتابي هيبقي عامل ازاي ، بس هعاتك علي إنك ابن حامد  يعني أخوه وسام ..اللي البنت مغلطتش وهي بتقولك ترضاها عليها  وسكت معرفتش تجاوب  ترضاها؟؟ "



يسأله ؟؟ توتر "بدر" من المشادة الكلامية علي الرغم من ان الاخر يجلس ، إعتدل "شادي" في وقته ناظراً له بضيقٍ  من التخيل وهو ينفي تلقائياً  قائلاً :



_"مرضهاش طبعاً علي "وسام "، ولو حد فكر يعمل معاها  كدة هقطع رجله عنها !!"



_"وإن مكانش عند "منة" اخوات يقطعوا رجلك يا شادي ؟؟ أو ان كانت" منة" بنت  محترمة محافظة على نفسها لابن الحلال اللي هو اصلاً قرب يتجوزها ؟؟.، أو ان كانت بنت ابوها مربيها من غير ام توعيها أكتر عن حاجات متعرفهاش بس طلعت واعيه ومحترمه وقليل لما دا يحصل من غير ام ...بطل تبقى مندفع وسريع وخليك عاقل ورزين خسارة أخلاقها معاك "



وأكمل بعد  كل ذلك التوبيخ بـ :



_"لو مدايقك يا أخي تحفظاتها دي سيبها وشوفلك واحده نِغشه !!"



قالها بمكرٍ استشفه "بدر" ، فنظر له "شادي" بصمتٍ ثم قال معارضاً مشيراً له  بعفويةٍ وثقة :



_" عمري ما هلاقي زي "منة"!!"



إندفع "بدر" يقول تلقائياً بودٍ :



_" خلاص يبقي خليك عاقل اليومين دول وصالحها ، ولو مش محترم يا أخى إحترم نفسك حاول..عارف إنها صعبه بس حاول دلوقتي!!"



ضحك رغماً عنه رغم ضيقه بما حدث،  فنظر له "حامد " بصمتٍ وكانت النظرات عتاب يؤدبه به وكأنه صغير لا يفقه شئ ، تجرع من المياه فقد جف حلقه ثم عاد يستمع وهو يمسك "السبحة " لحديثهما العشوائي من قاعة الزفاف وموعده الأصلي وكل هذه الأمور وما شابه !



________________________________________



خرجت من مرحاض الغرفه بعدما ظلت هناك لدقائق ، داهمها شعور "جميلة" فبكت لأجلها ومن ثم سرعان ما مسحت دموعها وهي تمسح وجهها وتخلع حجابها عنها كي تأخذ أنفاسها براحةٍ ولا تعلم لما يداهما الضيق منه ولأجله ولم تحدد سبب فعلته هو لها إلا ما رأته بمحض الصدفة !! ، خرجت "نيروز"  تمرر يديها على خصلاتها كي ترجعها إلى الخلف بخفةٍ ثم أمسكت طرف الحجاب ، تلاحظ جلوسه بل وإنسحابه خلفها ، ووجوده الٱن وهو يجلس على بُعدٍ منها في الشرفة المفتوحة يدخن سيجارته ، جاب عينيها طيفها والغريب بأنها تتعمد تجاهله عندما رمشت بأهدابها بعيداً عنه وهي تتوجه لتقف أمام المرٱه !




        
          
                
هل ما رأه صحيح ؟؟ عينيها متعكرة بها أثار دموع أم هبطت؟؟ ، نهض"غسان" يطفئ سيجارته بخفةٍ ثم خرج منسحباً متوجهاً ناحيتها وهي تعقد حجابها بـ راحةٍ وبطئ ، وضع كفيه على كتفيها كي يديرها له بحركة خفيفه ، فتماشت مع. حركته وهي تقف بمقابلته ولم ترفع عينيها له إلا عندما لامست أنامله الخشنه ذقنها ليرفع وجهها أمام أنظارها سائلاً بتشككٍ به من الإهتمام ما ظهر لها :



_" معيطة ليه ؟!"



رفعت"نيروز"  عينيها تقابل عينيه المتفحصه لملامحها بإنتظار للجواب الذي جهله ، بل ويجهل حالها الغريب هذا والفاتر ، رفعت يديها تهبط يديه من على وجهها ثم قالت محاوله الفِرار من نظراته الثاقبه :



_" معيطش !!"



تنفي ولا تشعر بأن النفي خرج منها بحدةٍ بالغه كافية لتهجم ملامحه وهو يسألها بتشنجٍ يعلن حيرته عندما سألها بتوبيخ :



_" ما تتظبطي!!.. إنتِ بتردي عليا كده ليه !! "



_" عادي!"



عادياً؟؟ إستنكر هذا بنظراته ، فوجدها تكمل بضيقٍ هادئ بنفس التوبيخ وهي تلتفت ناظرة  للمرٱه مره أخرىٰ :



_" عايزني أرد عليك ازاي يعني!!"



ضغط على فكه متحلياً بالصبر حتى أدارها ناحيته بإندفاعٍ  هذه المره مردداً بفظاظةٍ أتت من كبت غضبه منها ثم ٱخرج ما يكبته منذ أمس بالإسلوب قبل الكلمات حينما قال :



_"إنتِ بجحة كده ازاي ؟؟.. جاية تتكلمي معايا بالبرود ده وكمان مبترديش عليا ؟؟ مين فينا اللي يعمل كده بالظبط!!"



 جهلت نصف حديثه وانفعالها جعلها  تتغاضي السؤال بغرابةٍ بل عقدت ما بين حاجبيها ترد بدفاعٍ منفعل :



_" وإنت تعمل كده ليه؟؟ "



سيخرج لها الكلمات المرتفعه الٱن بصوته؟؟ مع حديث يكبته منها ؟؟، أخرج ٱنفاسه بصوتٍ ثم قال بنبرةٍ أكثر إرتفاعاً :



_" عشان خبيتي عليا حاجة. مكنتيش لازم تخبيها ولما عرفتها معرفتهاش منك ، ولما واجهتك ووقفت أتمنى تصارحيني  سكتي وحورتي  وعديتها زي ما بعدي حاجات كتير ، وإعرفي إني مش ناسي بسهولة كده وصابر عليكي للٱخر  !!"



وجدت الإسلوب الفظ المتبجح وكأنها أجرمت ولا تعلم لما بدٱت ولما إندفع هو بهذا الإنفعال كي تنظر له بمفاجأةٍ من رده حتى عادت ترد :



_"مخيبتش عليك حاجة !"



إنكمشت ملامحه بغضبٍ من إصرارها حتى عاد يرد بمواجهةٍ وقحةٍ  :



_"أومال مين اللي شاف "حسن" أمي ولا روح أمك ؟!"



ليس وقت للمفاجأه بعلمه بل أثار انفعالها أكثر كلماته هذه فردت ترفع يديه تحذره بحزمٍ :




        
          
                
_" إحترم نفسك!!"



حرك "غسان" رأسه نفياً ثم إعتدل أكثر بوقفته وردد بخشونةٍ متبجحةٍ يهبط يديها من أمام وجهه بحركة خفيفه قائلاً :



_" وأنا بقا قليل الٱدب  ، وقبل ما تيجي تعلميني أم الأدب ، روحي علمي نفسك ازاي متخبيش على جوزك حاجة زي دي ، أو حتي لما يبقي يواجهك إبقى قولي ، مش كل شوية هقعد أعديلك كلام وتصرفات لو كانت العكس عمرك ما كنتي هتعديها إنتي !!"



_" أه يعني شايل ومعبي مني، وأنا اللي بغلط علطول لكن إنت ملاك مبتعملش حاجة !!"



وجد إسلوب المراوغة بها بل وكأن الأمر ينقص ذلك ؟؟ كفى ما سمعه من شقيقه اليوم تأتى وتكمل هي بهذه الطريقه دون برهان واحد يعلمه لما ؟؟ ،أخذ أنفاسه بتنهيدةٍ مسموعه يحاول تجاهلها كي لا ينفعل عليها حتى قال بدون مقدمات عندما وجد مرواغتها في الحديث معه :



_"أنا مبحبش شغل اللف والدوران ، يا تردي عليا من غير ما عقلك دا يخيب منك يا  تنقطينا بساكتك يا أخرسك أنا بمعرفتي !!"



تمنى عندما يصعد يريح ضغطه بعناقٍ تبادر هي به كي يتنفس بإرتياحٍ وها هي تارة تثبت له بأن لا مثيل لها وتاره تريه بأن وحده من يحاول ويشعر بالطرف الٱخر وليست هي !! ، ثبتت عينيها بعينيه بقوةٍ فقابل نظراتها القوية بنظرة خالية من التعابير تحولت للدهشة سريعاً عندما إندفعت تحدثه بظلم كلماتها عليه مسرعه تتهمه بما  لم تنتظر أدلته :



_"لا بتحب اللف والدوران قد عينيك ، بدليل كارت "دكتور عاصم"  اللي معاك، فاكرني هبلة ومجنونه ومعرفش إنك بتروحله تسأل عني وكأني تعبانه فدماغي ؟؟ ، ولما مش واثق في حالتي النفسية أوي كده بتتجوزني وأنا مصارحاك ومعرفاك كل حاجة وإني مش تعبانه ومرواحي عنده مش قانون ، بتكذب وتحور وتعمل نفسك مش عارفُه وكل حاجة بانت من ساعة ما شوفت رسالة الواتس وطنشت  اللي بيقولك. فيها ما تقولها إن امها تعبانه وهي مش هترجع للي كانت فيه وأنا واثق من ده ، هو واثق  وانت لأ ومفكر عقلي تعبان وكأن دا هو الخوف عليا منك ، ومدي للموضوع أكبر من حجمه وشاغل بالك بحاجة مش موجوده  !!"



تنزل عليه التُهم  واحدة تلو الأخرى ، بل ومعها الدليل برسالة الطبيب قبل فتره ، أهكذا ربطت الاحداث ببعضها بالخطأ.؟؟ صُدم من هجومها الغير مُبرر ، حتى حرك رأسه بغير تصديق لكل كلمة خرجت منها ، والذي يثير إنفعاله بٱنها تشير بيديها أمامه بحركةٍ منفعله تجعله بنفعل عليها ، عندما أمسك معصمها بغمضه عين ثم قال بجديةٍ ناظراً لها بإنفعال يحاول عدم خروجه :



_" بتثبتيلي إن الدنيا  لسه مجابتش اللي أغبى منك !!!! "



فتحت عينيها من قوله الهازئ بها بشدة ظهرت ، حاولت التملص بيديها وهي تبكت تأويها بالوجع من ضغطه عليها والذي عاد يردد لها بحدةٍ :




        
          
                
_"كل مره بتتسرعي وتقولي كلام إنتي مش قده  من الأول ،  مستعد  أكررلك كام مره الوقتي ، والأهم إني بعديلك في كل مره وإنتي بتضغطي عليا ومبتتهاونيش فأي حاجة مع إني بسيبلك كتير عشان لو ركزت اوي فاللي بتعمليه ولو وقفتلك على الواحدة مش هتعمري معايا وبعدها طبعي اللي غالب عليكي ده لحد دلوقتي هيتمسح  بأستيكة  !"



إبتلع ريقه ببطئ وهو يهز يديها بتحذيرٍ أتي بعده كلماته الجامده فأكمل بصرامةٍ يعلمها بٱن هذه المره غير المرات السابقة :



_" وأنا مببرش لحد غيرك ، والمرادي مش هبررلك زي كل مره ، وإفهميها زي ما تفهميها طالما لسه غبية وجبانه !!"



ضغط على معصمها أكثر فتٱوت "نيروز" بصوتٍ وهي تكتم الدموع تزامناً مع لهجته التحذيريه الموبخه بنظرة عينيه الجافه عليها :



_" وإيدك دي هقطعهالك قريب لو فضلتي تتعاملي معايا وتشاوري بيها كدا قدامي ، فاهمه ولا مش فاهمة؟؟؟؟!!"



هبطتت دمعتها أخيراً بعد محاولتها بالتمسك وهي تصرخ بصوتٍ منخفض  تنظر له بألمٍ موزعه نظراتها ببن ضغطه علي يديها وبين عينيه الحازمة بتحذيرٍ وإصرار على الضغط بمعصمها الصغير  بين كفه الٱكبر :



_"سيب إيدي ..إيدي وجعتني حرام عليك!!"



لأول مره تخافه وتهابه بمثل هذه الطريقه ، لم تختر هي الوقت المناسب أبداً ، ضغط بالسوار في عزم انفعاله بضغط السوار علي معصمها حتى جرحه جرح سطحي لم ينتبها له الإثنان ، فقط تتوجع هي ، ظل ممسك معصهما حتى نفضه فتراجعت خطوه إلى الخلف أثر تركه لها وهي تمسك معصمها بوجعٍ تحاول الثبات مره أخرى أمام حديثه الذي رد عليه جواباً علي حديثها بألم معصمها :



_" وإنتي مبتوجعيش ؟؟ لما كل شوية ترميلي كلام مبقاش ملاحق أصرفهولك منين ؟؟، ولا مش حرام عليكي وإنتي ضغطاني قدامك عشان ببقى مجبر أعديلك وكله عشانك فالٱخر عشان مضغطكيش وحاسس بيكي وباللي فيكي وكل اللي بيحصل !!"



 إقترب أكثر بنفس الحدةٍ والحزم حتى أصبحت مُحاصَره بنفسها  بين الحائط من خلفها وبينه وهو واقف ينظر لها بصمتٍ بعد هذه الكلمات وصدره يعلو ويهبط من إنفعاله والذي لم يخرج بقوةٍ عليها إلى الٱن !! لأنها فقط  نيروز ؟؟ لم يقصد محاصرتها ولكنه  وقف أمامها فأصبحت كذلك !! , أهذا هو الإنفجار؟؟ ام ان الانفجار بأنه سيأخذ ركن منها بعد هذا الحديث؟؟ ،صمتت ، ولا تعلم لما ,  وهي  ترفع عينيها الٱن بخوفٍ تنظر نحو عينيه وعقلها يعلن لها جرس الإنظار بقربه هذا ونظرته ،  لم تبادله الشراسة ؟؟ أين ذهبت منها؟؟ فهي فكل مره تندفع بشراسة ، وعندما لم يرى الشراسة بها هذه المره وقف وأكمل بكل صراحةٍ ما يشعره من ضغطٍ منها ولأجلها ورغم ذلك لا تُقدر؟؟. من يقدر؟؟ سؤال ساخر سألته نفسه له عندما لم يجد من يوافقه تفكيراً ويشعر به دون حديث.، كانت هي كذلك ؟؟ ولما لم تكن الٱن ؟؟ بأكثر وقت يحتاجها به تعوضه عن قسوة الحديث ورغم أنها تنتبه بأن به شئ لم تسأله ثانيةً رغم أنه ينتظر السؤال بعشمٍ كي يرتمي بأحضانها يتنفس براحةٍ ، بل بكل بساطة تهاجمه وتلومه علي جرم لم يفعله وليس لها صلة به من الأساس ، خافت منه والخوف غريب عندما وقف مقترباً لم يذهب ، وعندما وجدته شرد بعقلٍ ٱخر تحت تأثرها ومازال الإنفعال رفيقه وهي تراه حركة قفصه الصدري  يصعد بطريقة ملحوظه ، مهلاً ؟؟ في لحظة غضب ويقترب أكثر للتهديد ؟؟ إندفعت سريعاً ترد علي حديثه الٱخير وهي تعتدل صارخه به بنبرة مرتفعة بخوفٍ من  عينيه :




        
          
                
_"وإنتَ غبي ومعندكش احساس ولا دم !!"



هاجمته بالنبره المتحشرجة ومن ثم بكت بٱخرها بإنهزام وهي تمسك معصمها بألمٍ، وكأنها تسب نفسها بمثل هذه الكلمات التي من المفترض بأن يردفها هو لها ، رمي لها نظرة ساكنة خالية حتى من حدته وجموده بل رد بفتورٍ يائس من اللوم:



_" مبقاش راجل لو مديت ايدي عليكي يا نيروزّ دلوقتي حالاً ، ومبقاش راجل بردو  لوقربتلك وعرفتك إزاي غبي و معنديش إحساس ولا دم ، مش حلو أثبتلك ده فلحظة  زي دي!!!"



وقاحة؟؟ بإثباته بأنه إلى الٱن يتحملها لأجلها ؟؟، كان صواباً بهذه اللحظه  عندما تعمد تركها كي لايتأزم الوضع أكثر حينما قال :



_".. أنا ماشي ..وهسيبك لدماغك ..عشان ده أصعب!! "



ذكرها بقول قالته ، وإعتبر أن هذا هو العقاب ، تعالت أنفاسها بكتم البكاء  وحتى من حديثه التي ترى جفاءه وغير إكتراثه بها لأول مره بهذه الجديه ، لا تعلم بأنها تضغط على جرح مفتوح ،  تحرك من أمامها للمرحاض في خارج الغرفه وليس لمن بالداخل ، فأسندت رأسها علي الحائط بيكاءٍ صامت تحاول إيقافه وهي تحرك قدميها كي تغسل معصمها من الدماء الخافته التي كانت عليه ٱثر ضغطه !!..



خرجت بعد دقائق تضع دهان يهدأ من الوجع ثم لفت عليه شاشٍ بسيط ، كما لفت حجابها بحذرٍ وحرص كي تهبط بعدما غسلت عينيها ووقفت تضع بها الكحل كي يخفي أثار دموعها!!



كان يصعد من أجلها ، ما هذا الوضع الساخر، هو من يحاول لأجلها في عزم وجعه فتشد الوجع أضعاف دون جهد وكأنها أصبحت بارعة في ذلك!! ، قدر حالتها النفسيه لكثير ووضعها ومشاعرها المتضطربه وحالتها المرضيه المؤقته وعندما زاد الوضع عن حده تعمد الصمت ولكنها من أخرجت كل ذلك بداخله !!  



مسح "غسان" على خصلاته كي تخرج أصوات عقله ثم إعتدل يمسح وجهه بالمنشفه الذي وضعها على رقبته بإهمالٍ وهو يخرج متجهاً نحو الصالة التي خرجت هي بها متوجهة نحو باب الشقة بعد أن وضعت الحذاء أرضاً لترتديه قبل أن تهبط بصمتٍ ، كانت تتوقع تبجحه بقوله لكلماتٍ مماثله مثل واجب الإستئذان كونه زوجها ، ولكنها لم تسمع ذلك منه بعد إغلاق باب الشقة والتي أغلقته خلفها ، عندما وجدته يتجاهلها كلياً وهو يجلس على الأريكة في الصالة مستغفراً ممسك المحرك بحاثاً عن قناة القرٱن الكريم عل الوضع من جميع النواحي يهدأ !! .. 



وفي الأسفل لم تلبث سوى دقائق وأهبطها المصعد لٱخر طابق ، حتى خرجت منه تمسح عينيها للتأكيد متوجهه للخارج ثم للجانب بضع خطوات ودخلت المحل ، فوجدت "حامد" جالس بالداخل هذه المره وعلى ساقه "يامن" ،  وجلس "شادي" بجانب "بدر" ..



_"أومال فين"غسان " يا حبيبتي ، قالي إنه نازل بسرعة !!"



سألها "حامد" بحنوٍ فإنتفضت بخفةٍ غير ملحوظه وهي تحرك عينيها نحوه والذي إلتقط بأن بها أثار دموع واضحة بسبب لونها البني الفاتح الواضح بنور النهار هذا ، حاولت رسم إبتسامة مصطنعه ثم قالت بنبرة هادئة :




        
          
                
_" فوق لسه يا عمو،  محتاج حاجة تحب أعملهالك أنا ؟"



_" لا تعالي أقعدي جنبي عاوزك !"



توترت من  حديثه حتى تشككت بأن دموعها تهبط بسبب هذه النظره لها، ولكنها جلست بهدوءٍ وهي تنظر له بترقبٍ تحاول إخفاء معصمها وهي تهبط كم ملابسها الفوقيه أكثر  ، وضع يديه المجعدة الحانية علي كتفها بعاطفة إبوه وهو يسألها بحرصٍ :



_"معيطة ليه يا بنتي !!"



إرتبكت وهي تشيح بوجهها بعيداً عنه مرددة بتبرير كاذب تحاول به الهروب من إهتماهه الحاني الذي يذكرها بوالدها الراحل:



_"مش معيطة ولا حاجة ،  تلاقيها حاجة دخلت فعيني !!"



جاب عينيه لاصق ابيض ملفوف  تحاول ستره ولاحظ هذه الفعله منذ أن جلست بإرتباكها ، رد بتلقائية متعقله مشيراً نحو ما فوق كفها أي معصمها :



_" هي نفس الحاجة اللي دخلت فإيدك على كده ؟!"



يسأل؟؟ ويرواغ كمثل ولده يحاول سلب الكلمات بإرادتها مع ذكاءه في التعامل؟؟. داهمها نظراته الحانية والتي تريدها بمثل هذا الوقت ووجدت أنها ستنهزم فردت سريعاً  محركه عينيها نحو "بدر",و"شادي" اللذان إستقبلا "يامن" بحبٍ وهو يركض لهما عندما ترك جده :



_" مفيش حاجه أنا كويسه يا عمو شكراً على سؤالك !"



يعلم بأن حزن المرأه من رجل أحبته لا يخرج سوى في النظرات وخاصةً عند جلسه تريح بها عقلها مع والدها الذي سيملي عليها نصائح بالصبر حتى وان لم تشرح هي !! ، ولكن أين والدها؟؟ النظرات موجوده وهو لا !! ، عاد يسرد بعمقٍ :



_"مبضغطش عليكي ولا هضغط يا بنتي ,   براحتك ، بس أنا موجود فأي وقت وإنسي إني أبوه ، أنا ابوكي دلوقتي وفاللحظة دي ، عشان كده عايز أقولك إن  كل حاجة بتعدي !!"



_"مش مع غسان كل حاجة بتعدي ..مع إنه بيظهر ده !"



قالتها بتلقائية. فصمت لم يجيب ولم يبرر علها تخرج ما تود قوله ، وبالفعل سٱلته بغرابةٍ :



_"هو صعب ولا أنا اللي صعبه؟!!"



وجد السؤال مندفعاً بالحيرة ، ولا تعلم هي بأن الإجابة في الكلمة الرابعه ؟! ، إبتسم وهو يجيبها ويعلم بنفس الاجابه ولكنه رواغ في التعبير عندما قال :



_" ابني مش صعب يا نيروز  ،  ابني بيحبك وانا قولتهالك فالاول هترتاحي اوي لما تفهميه ، يمكن من الصعب إنه عايز من غير ما يطلب ، والجدع اللي يقرى دماغه !!"



_" وهم ليه مش زي بعض!"



فهم سؤالها عن ما حدث في وضع"غسان"و"بسام " إبتسم برضا ثم قال بذكاء يوزن بين الأمران :



_"عشان لو جوزك. كان زي أخوه ، كنتي هتفهميه بس عمره ما كان هيعدي كل حاجة ، ركنة "بسام" وحشه وقفلة عقله أوحش بس ندمه سريع بينه وبين نفسه وياتيجي بسرعه ويبان ويعترف بده يا تتأخر بس مسيرها تيجي ويعترف بكل صراحة   ، بس رزانته قبل كل ده حلوه عكس غسان حتى ولو خد جنب بس فاهم مهما عقله إتقفل.. وندمه عزيز عمره ما يخرج غير باللف والدوران وٱسف بتاعته مش كلمة..أسف اهتمام وتفاصيل!!"




        
          
                
ٱُعجبت بحديثه ، وإبتسمت بسخرية من الداخل قبل وقت رمت عليه بأنه يعشق المراوغه والدوران في الحديث لا تعلم بأنها بارعه وتعلمت من مُعلمها ، إبتسمت على ٱخر حديثه إبتسامة هادئه باهته من الداخل عندما قالت بصراحة وعفوية :



_" كنت بقول إن الرجالة مبتحبش التفاصيل!!"



تذكرت إهتمامه ولم يعطيها "حامد" الفرصه  لتكمل ، بل صحح لها بإرهاق ظهر علي ملامحه وهو يوضح بلين :



_"لأ هي الرجالة مش مبتحبش التفاصيل ، اسمها مبتهتمش !! ، بس بيهتموا لحد ما تيجي اللي بيشوفوها مختلفه عن أي حد فيحاولوا يهتموا بالمختلف  فنظرهم .. إنه يشوف واحده مختلفه عن الكل وإنه يختارها يبقي هو دا الحُب !!"



كم لطيف وهو يتحدث بهذا العمق ، يخفف عنها رغم ما بها ورغم ذلك خرجت جمله عفوية وهي تبتسم بخفة:



_" يعني أنا مختلفة؟؟"



ضحك علي عفويتها ثم حرك رأسه يؤكد بصدقٍ ما لا تراه :



_" مختلفة فـ عينه، لدرجة إنه إتغير من غير ما يحس بسببك !!!"



_" أنا.؟؟؟"



يقصد بأن تحنو عليه أم ماذا يفعل بعقله ؟؟ دون حتى العلم بما حدث بينهما، أكد وهو يسرد :



_" ايوه ..من واحد كانت طاقته عادية وشغفه هادي أوي ومبيشاركش كل حاجة لواحد إهتم وبقا كله حيويه وشغف مبيروحش عشان خاطر القمر !!"



غازلها بمرحٍ فضحكت وعلم هو بأنه خفف عنها ،فقال وهو يري دخول "غسان" من الباب :



_"معلش هتعبك .  هاتيلي كوباية ماية ي نيروز !"



يجف حلقه لأكثر من مره ولا يكف عن شرب المياه ، قاطع جذبها لزجاجة المياه ، يديه وهو يأخذها بحزمٍ  يصب في الكوب ثم قدمها له وهو يسأله بغرابةٍ  مردفاً. أبي مما أثار غرابتها :



_" مالك يا بابا إنت كويس ؟؟"



_" الحمد للله فـ نعمة يا بني  "



وأضاف عندما بحث بيديه عنها ولم يجدها:



_"اخرج كده دور على السبحة تلاقيها وقعت مني برا !!"



كانت ستخرج رغم أن الحديث ليس لها ولكنه خرج قبلها يبحث باهتمام ،  وهو يسمع صوت ضحكة "يامن ", العالية البريئة فشردت "نيروز" مبتسمة على برائته مع والده و"شادي" من على بُعدٍ ، وإنتفض هو بالخارج وهو منحي والذي سرعان ما نهض عندما سمع صوت تكسير الكوب أرضاً عندما وقع من أيدي "حامد " مستسلماً للسحابة السوداء التي تداهمه منذ فتره ، وعلى فجأه أُغشي عليه بصمتٍ ساكن وهو جالس على المقعد ولولا تهشم الكوب لما علم هو وهو في الخارج يقف مندفعاً ينظر ما مصدر الصوت وعندما وجده بمشهده كذلك وكأن دلو من الماء البارد سقط علي رأسه في فصل الشتاء القارص ، وأتت صدمته بمحلها عندما صرخت "نيروز" وهي تهز المقعد وكتف "حامد" بخوفٍ عندما إلتفتت برأسها منتقضه تنظر للكوب وصوته حينما وقع ، هرول "غسان" فى الخارج عندما أخرجته من حالته بصراخها ،، ركض "بدر" مع "شادي" عند سماعهما الصراخ تاركين الصغير بخوفٍ وجهل إلا أن توقف الجميع ونظروا له وهو كذلك جالس جلسه ساكنه بعالم غير عالمهم ، وعقله بمكان ٱخر غيرهما ،فماذا   إن كانت هذه الغفوة التي كانت رغماً عنه غفوة مغصبه لم يستطع التحكم بها ، ماذا إن كانت 
"  الغفوة دائمة  ؟؟ "

google-playkhamsatmostaqltradent