Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الخامس و الثلاثون 35 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل الخامس و الثلاثون 35 -  بقلم سارة ناصر

« وبينّ أنا وأنتَ قصة وحبل وصال دام ، كنت أعتقد بأنه لم يدوم، رحلت فنسيتُ ، فشردت ، فبقيتُ وحيدة فوجدتكَ عُدت ، وما أن عُدت عاد قلبي إليك مرة أخرى!!! »



يتذكر هو سعادتها البالغه فقط بنجاح العملية ، لم تكف عن إرداف الحديث المتعلثم والحزين والسعيد بٱنٍ واحد ، لا ينكر بأنه تفاجئ بردة فعلها حتى أنه اعتقد بأن ذلك الرد منها مبالغ به ، ولكنه يعود في كل مره يشفق على حالها ويتذكر ما تكنه تجاه والدتها جيداً ، سعد الجميع من الأساس بخروجها من العمليه حيه ترزق وفقط !! ، حتى أن انتهت جلستهما أمس برحيل كل منهم إلى شقتهِ ، وحتى هى التي أخذته وأسندته إلى شقتهما ، كلما تتذكر بأنها عروسّ ولم تقضي وقتها كذلك ، تحزن ، ولكن سعادتها بما حدث أمس جعلتها تأخذ خطوة في محاولتها لبدء حياتها جيداً بسبب حديثه لها ، حتى أنها لاحظت إسناده لها وعدم ضغطها وهي الٱخرى ترى بأنه يصبر عليها ويسندها ، بل ويتجنبها بهذا الموضوع تحديداً بسبب حديثها التي أدرفته له وقت إنهيارها وعلى الرغم من أنه قد تهاون وتخطى قولها ولكنه بقى بعيداً إلى أن تهدأ وتسكن وتعي ماذا تردف هى دون وعي منها ، تجاهل كل ما حدث كما تجاهلت ولكنها لاحظت بقاء كلماتها في ذاكرته كي تنتبه لذلك دون قول أوي فعل أي شئ يدل علي ذلك منه ، ينتهي كل ذلك بكونه بجانبها وهي بجانبه ، في كل مره تحاول أن تبدأ من جديد تأتي عقبه وتقلب الحال بينهما وحتى بين الجميع ، ولكنها عقدت العزم على أن تراضيه رغم كونه هادئ حاني عليها عكس قسوة الأيام والوقت الذي يمر ، تنتهي كل مره بإستسلامها له كونها تعلم بأنها لم ترى مثله ولم تجد مثله من الأساس ، ورغم ضغط الأيام ولكن قربه منها وتخفيف الضغط من عليها كان الٱهون ، حتى بوقتهما أمس بعد كل ذلك اليوم المشحون بالتوتر والخوف والإرتباك والبكاء والسعادة والحزن والمشاعر المختلطه ، خرج من شروده عندما خرجت من المرحاض ثم توجهت لتجلس على المقعد أمام المرٱه تمشط خصلاتها دون الإنتباه بأنه قد إستيقظ من الأساس فقد تأخر الوقت وعندما فاق أولاً كانت هي نائمه !!!، هي الٱخرى تشرد بين وقت والٱخر بأمر ما لا تعلم بكيف ستفاتحه به ، ولكن ما حدث جعلها تفكر بقوه عن قبل ، إلتفتت "نيروز" برأسها تنظر إليه بعدما إنتفضت بخفوتٍ ما أن سمعت صوت أنفاسه بـ سعاله الخفيف ، رفع يديه يمسح وجهه مع إزاحته لخصلاته إلى الخلف وهو يزيح من عليه الغطاء ببطئ مع نصفه العلوي المكشوف الذي تعمد عدم ارتداءة لشئ بسبب جرحه الذي يشعر بسخونتة ما أن ارتدى ملابس قطنية ، إبتسمت له بخفةٍ ثم قالت بلينٍ وهي تطالعه :


_" صباح الخير!!"



إعتدل "غسان" يسير بخفه قبل أن تنهض لتسنده بل أشار لها بالتوقف ومن ثم أجابها "غسان" بابتسامة هادئه :



_"ده صباح النور..إيه النشاط ده كله ، قومتي قبلي وروقتي نفسك وظبطي الدنيا !!"



ابتسمت "نيروز" له بخجلٍ طفيف ثم اعتدلت بوقفتها وهي تقف أمامه ، فرفع"غسان" كفه يزيح خصلاتها المبلله إلى الخلف ، ثم أشارت له بعينيها بخفه ناحية الشرفه المغلقه قليلاً ثم قالت :



_" وكمان عملت فطار، حسيت إننا ولا كأننا متجوزين وملحقناش نقعد في شقتنا اصلاً ومعملتش فطار خالص إنت اللي كنت عملت ، فقررت اقعد النهاردة هنا على ما يجي خبر إنها فاقت فنروح زي ما هي موصية ، عايزني أعملك غدا إيه بقا ؟! "



توسعت بسمته بعبثٍ ، حتى أنه طالعها باعجابٍ وهو يجيبها :



_" ست بيت شاطرة يعني يا رزّه !!!"



_" عندك شك ؟"



_"ولا أي شك فالدنيا ، ست. بيت وست الناس وست قلبي كمان ، بس أنا مش عايزك تجهدي نفسك اليومين دول، خليكي مرتاحة شوية على ما تكوني أحسن ونفسيتك أحسن وبعد كده أطبخي زي ما تحبي الايام جاية كتير!!!"



علم بأنها تريد أن تشعره بالسعادة الذي لم يراها معها بشكلها هذا ،لذا تحاول جاهدة أن تسعد وتوفق بين حياتها وبين حزنها ، ابتسمت له بإطمئنانٍ ثم قالت له بتوضيحٍ كي لا يحمل. هماً :



_"لا أنا مش بضغط نفسي ، ده اللي للمفروض يبقا عادي، وأنا بصراحة مش عايزة كل شوية ننزل ناكل تحت ونتعب مامتك ، عالاقل كام مرة هنا ومره هناك !!!"



جلس على الأريكة التي خلفه بتعبٍ ثم طالعها بهدوءٍ إلى أن جلست بجانبه ، وهي تسمعه يجيبها بسخريةٍ :



_" والله أنا معنديش مانع ..بس حامد مش هيوافق على كده وأنا أهو وإنتِ أهو !!"



لم يعطيها فرصة بأن تفهم قوله ، بل غمز لها سريعاً وهو يحرك نظراته عليها من أعلاها لأسفلها وهي جالسه مردداً بمرواغةٍ لها :



_" بس مالك حلوة النهاردة كده ليه يعني!!!"



شاكسها "غسان" بمرحٍ فضحكت بخفه وهي توكزه بكتفيه مرددة له:



_"أنا حلوه علطول يا بن البدري ، وبعدين أنا حلوه عشان معاك، المهم تكون إنت مبسوط ومتكونش مضغوط بسببي ، أنا عارفه إن اليومين اللي فاتوا كانوا صعبين وضغطك معايا أوي!!"




        
          
                
حدجها بحدةٍ وهو يحرك عينيه بمكانٍ ٱخر مردداً بنفاذ صبر من حديثها :



_" جينا بقا للكلام اللي ملوش أي تلاتين لازمه ، إحنا مش إتكلمنا فالموضوع وانتهينا وقولتلك إنك مش ضغطاني ولا حتى حمل عليا، ودا أمر واقع عشان ده طبيعي انا جوزك وإنتِ مراتي وهي دي حياتنا ، ولو هي دي الحياة ومعاكي إنتي فـ انا راضي!!"



إنتهت بوقفته وهي كذلك عندما دخلا معاً الشرفه، ابتسمت له بتأثرٍ تزامناً مع جلوسهما ، فرددت هي تخفف عنه بمرحٍ وتلقائية :



_" ماشي خلاص متتدايقش أوي كده.. مكنوش كلمتين بتفك معاك بيهم يابن البدري ، هتبقى عال !!!"



غمزت له "نيروز" بمرحٍ وهي تتناول معه الطعام ، فرد لها "غسان" الغمزة سريعاً حتى تبدل حاله بقوله المرح العبثي:



_" وهنجيب عيال !!"



تنفستّ بعمقٍ هذه المرة وهي تفكر جيداً بذلك الوضع، خاصةً بأن إحتمال بأن تحمل دون عوائق قوية ، فقد تاركة الأمر دون أن تضع خطط لذلك ، إندمج في الطعام وتناولة ، فوجدها شاردة من جديد ، عقد "غسان" ما بين حاجبيه وهو يسألها بترقبٍ :



_" سرحتي فـ أيه كدة ؟!!"



وجدتها "نيروز", اللحظه المناسبه رغم خوفها منه ولكنها ستبوح له من ما يجري بداخلها ، ابتلعت ريقها وحتى الطعام الذي يوجد بفمها ثم ابتسمت له بترددٍ. وهي ترجع عن تفكيرها ثم قالت :



_". لا مفيش عادي ، كل كويس إنت علشان تاخد المسكن !!"



تلقائياً رفع هو. عينيه نحو عينيها التي تدور ومن ثم نحو يديها التي تكورها وتقوم بفكها بتوترٍ تبرع في إخفاءه هذه اللحظه ولكنه لاحظ إرتباكها عندما وجدته يدقق النظر بها ، بل ووجد التردد بمحاولتها لفتح الحوار ولكن تغلق فمها مره ٱخرى ، تصنع "غسان" عدم الاهتمام كي يجعلها تشعر بأنها مشتته فتأتي له بالحديث ، كانت طريقته خبيثه عكس بأن لا يلح عليها بأن نتحدث رغم انه يعلم بأنها تخفي شئ عليه، صمت ولم يجيب حتى علي حثها له على أخذ الدواء ، بين لحظاتٍ والأخرى وهو. يرفع عينيه خلسة لها وهي تحرك نظراتها المترددة ناحيته وحتى ناحية جرح جانبة ونصفه العلوي المكشوف ، أوشكت على أن تقع في خطته عندما هتفت بإسمه مردده :



_"غسان!"



أبطئ في حركة رأسه وهو يهمهم لها بانتظارٍ فوجدها ترجع مره أخرى بحديثها عندما حاولت التغير والبعد مرددة له :




        
          
                
_"كنت بقولك يعني قوم إلبس حاجه بدل ما تاخد برد !!"



_"البلكونه متقفله متخافيش ، في حاجه ولا ايه ؟"



سألها "غسان" بٱخر حديثه باهتمامٍ وانتظار مره أخرى ، فوجدها تنفي سريعاً باندفاعٍ :



_" لأ مفيش!!"



تيقن بأنها وقعت بشباكه عندما هزمت ترددها ونظر نحو طيفها في الدورق الزجاجي الذي عكس صورتها وهي تغمض عينيها مردده باندفاع مره أخرى تقتل التردد :



_". اه فيه!!"



تنهد "غسان" يخرج أنفاسه وهو يرفع عينيه ثم. ابتسم لها برفقٍ مردداً لها بنبره هادئه لينه:



_" طب قولي في ايه ..سامعك !!"



إعتدلت تجلس بخوفٍ بعدما رأت جديته ولكنها تشجعت ثم قالت له تستشف ردة قبل أن تتحدث :



_" كنت عاوزه اقولك حاجه ..بس مش ضمناك تتفهم الوضع للٱخر وترجع تاخد موقف وجنب مني وانا مش حمل كل ده !!"



إبتسامة صغيره مطمئنة زينت محياه وهو يحرك رأسه لها بإطمئنانٍ ثم آعتدل بجلسته وهو يجيبها بهدوءٍ واهتمام :



_"لا قولي وأنا سامعك للٱخر ، متخافيش!!!"



ابتلعت "نيروزّ" ريقها بصعوبةٍ عليها من ما هو أتي ثم بدأت في الحديث وهي تردد مبدأياً له مع عينيها التي ثبتتها ناحية بُنيته الداكنه :



_" عايزة أقولك على موضوع الحمل و الخلفه والأطفال ، كنت عايزة أتفق معاك إننا نأجل الموضوع ده شويه علشان حاسة إني مش مُهيأة نفسياً لكده وكمان خـ ..."



كان يستبعد من الأساس فتح ذلك الحوار ، لطالما يردد عليها دائماً رغبته في الإنجاب !! ، تفاجأ من قولها في بدايته حتى قاطع ٱخر جملتها بثقةٍ جامدة مندفعة :



_" خايفه "



أكمل سريعاً يؤكد حديثه وحديثها :



_" علشان خايفه مش كده ؟! ، وها إيه كمان ؟"



إبتلعت "نيروز" ريقها بخوفٍ وتردد مره ٱخرى وهي تحاول الثبات ، حتى إستجمعت قوتها في إرداف الحديث ثم أجابته ٱخيراً بيأسٍ من شعورها :



_" أيوة علشان خايفه ، ودي مش حاجة تخليك تتدايق من كده ، أنا فعلاً حاسة إني مش هبقى جاهزة لـ ده دلوقتي وكمان خايفه زي ما قولت ، خايفه لمكونش قد المسئوليه دي وخايفه أتوجع فيهم لو جم ، مبقتش ضامنه حاجه ، ولا حتى ضامنة وجود حسن وشرة ممكن يوصل لحد فين ، أنا خايفه من حاجات كتير أوي فالمستقبل، وبقولك ده عشان دي حياتنا وبنشاركها سوا!!".




        
          
                
تهجمت. ملامحه وحاول بقدر الإمكان بأن لا ينفذ صبره ، ولكنه نظر لها بسخريةٍ ثم قال بتبجحٍ:



_" اه وإنتي بقا راحة تولدي الصبح ؟! ولا شايفه نفسك هتصحي تلاقي. نفسك حامل بكرة مثلاً ؟! ..إنتِ فاهمه إنتي بتقولي إيه؟. بتقولي إنك خايفه ورجعتي قولتي إنك خايفه من حسن ، فاللي هو بقا نوقف حياتنا عشان سعادة البية حسن ممكن يأذي ولادنا اللي لسه مجوش ولا باين لهم وجود أصلاً ، ده منطقي ده يعني ؟؟. لو شايفاه منطقي قوليلي وردي عليا بمبرر تاني اقتنع بيه غير إنك غير مُهيأه نفسياً ..أصلك محسساني إنك داخلة على حمل علطول مش مثلاً متجوزين بقالنا كام يوم !!!!!!!"



صمت "غسان" يٱخذ أنفاسه من حديثه المندفع ثم واصل سريعاً يكمل :



_" أصلك بردو خايفه من بكرة ومن المستقبل اللي حطاله كام ألف خطة وحساب، معندكيش مثلاً يقين إنك تسبيها لله ؟ خلاص متأكدة مليون في المية إنك هتحملي ،. ما يمكن حد فينا مبيخلفش ، يمكن ربنا مش رايد الخلفه ، أو حتى رايدها فوقت وبعد كده خلاص مش هتطوليها .. إحنا لسه لقينا ولا شوفنا حياتنا عشان تقرري بالسرعه دي!!!!"



تسمع منه الحديث الجامد ، تجمعت الدموع بمقلتيها، وهي ترفع عينيها تسمع حديثه الصحيح ، تعلم بأنه صحيح وتعلم أكثر بعدما وضح لها بهجومٍ ، ولكن نفسيتها وتفكيرها بضغط هذه الأيام جعلها مشتته مضغوطه ، صمتت تسمع توبيخه لها بعد اليقين والصبر بل وعدم الإهتمام ، والخوف!! ، خرجت من شرودها وهي تجيبه بهدوءٍ مختنق :



_" أنا بفكر لقدام مقولتلكش اني مش عايزه أخلف منك عشان كل الكلام ده !!"



وقف "غسان" بإندفاعٍ وهو يضغط على فكة بإنفعالٍ مكتومٍ مردداً بيأسٍ منها :



_"بردو مش فاهمه أنا أقصد إيه ، أنا مبقتش فاهمك يا نيروز ، بس الظاهر كده إنك مبقتيش تقدري تقعدي ثانية واحدة من غير ما تضغطي نفسك وتجهديها على الفاضي حتى بتفكيرك بس !!! "



وأكنل بعدها دون أخذ فرصه للتوقف :



_"تفكيرك اللي وداكي لمكان بعيد وحاجة مش بإيدينا أصلاً. ،. واللي أنا متأكد لو حصل هتلاقي نفسك بتغيري تفكيرك ده خالص للعكس ، مش هقعد كل شويه أقولك فكري قبل ما تقولي الحاجه وتقرريها ، ورجعالي تقولي خايفه بعد ما خلاص بقينا مع بعض فـ بيت واحد وبقيتي مراتي ، يعني حتى القرار الأهبل اللي ملوش ملامح ده مش قرارك لوحدك !!!"



إنتهى من حديثه عندما وجدها تقف بخواءٍ هي الأخرى ، رفعت عينيها ناحيته فوجدته يزيح المقعد كي يخرج من الشرفة وقبل أن يلتفت تعمد بأن يظهر اللين في جملته التي كانت عكس ذلك حينما قال:




        
          
                
_" هي أول مره أسمع فيها الحوار ده وبقت ٱخر مره، وحد تالت بينا يعرف حاجه زي دي لا !!!!!"



صمت ثم واصل مجدداً بجديةٍ بالغه :



_"سمعاني ولا اعيدلك تاني ، أنا مستعد أفهمك لحد بكرة عادي طالما مخك علي قدك كده !!"



رغم كون حديثه هادئ وقد تعمد اللين في قوله رغم سخريته ، ولكنها انتبهت إلى تحذيره المبطن الغير ظاهر ، وجدت نفسها تحرك راسها موافقة بصمتٍ هادئ جداً ، إلى أن أمسكت دورق المياه وهي تسقي الزرع بعدما سمحت لهبوط دمعتها على خدها ، تتشتت والان لا تعلم من الخطأ ومن على صواب ولكنها في كل مره لم تستطع التوضيح له فينتهي بها الٱمر بأنها التي علي خطأ !!!!! 



إبتعد عنها كي لا ينفعل عليها وكي لا يضغطها ، تبحث عن العقبات والمشاكل بنفسها ؟ هكذا سأل نفسه وهو يرتدي سترته البيضاء الفوقيه بغير اهتمام ، وسرعان ما شعر بحركتها خلفه وهي تعقد خصلاتها بصمتٍ ، إنحنى يحمل هاتفه كي يرى الساعة ، يعلم هو بأنهم سيذهبون بعد قليل في الأسفل حيث ميعاد حكم المحكمه على "سليم وشريف" ، بالأساس استيقظ متأخراً من نومة كما كانت هي من قبله ، سمع الإثنان صوت جرس المنزل ، فاعتدل هو يقاطع سيرها مشيراً لها بأنه من سيفتح الباب ، رغم إن بيجامتها كانت طويلة تخفيها ولكن خصلاتها كانت مكشوفه ، فإختصر هو السير وخرج يفتح الباب ، وما أن فتحه وجد "والدة" يدخل بإندفاعٍ وهو يتفحصه بنظراته مردداً بتساؤل:



_" إيه اللي حصلك يبني أنا لسه عارف حالاً ، ومحدش قالي لما جيت إمبارح بليل!!!"



صدق فقد أتي متأخر من الخارج وعندما أتي نام ومن ثم بعدما إستيقظ لم يقول له أحد عن الذي حدث إلا عندما إستعد للصعود له فأخبروه كي لا ينصعق ما أن يراه ، خرج "غسان" من أحضانه وهو يطمئنه بهدوءٍ :



_" أنا كويس يا حامد متقلقش!!"



نظر "حامد" إليه بلهفةٍ ثم إلى كفه وحتى ميلانه بطريقة ليست ملحوظه بسبب جرحة ، أخذ أنفاسه بعدما حُبست ثم انتبه هو على خروجها له وهي تبتسم له بهدوء فتوجه هو ببطئ يفرد ذراعيه لها بحنوٍ وهو يردد لها بلين :



_" إذيك يا حبيبتي وحشتيني !!"



_" وإنت كمان يا عمو ، أنا عارفه إننا تاعبينك وإنت قاعد كل المده دي فالمستشفي....!!!"



وقبل أن ان تسترسل حدجها "حامد " بلومٍ سريعاً أمام نظرات "غسان" المتوجهه لهم حينما سمع قول والده :



_" في حد يقول لأبوه كده بردو؟ ، بتزعليني منك ليه ؟ دا أنا طالع أقولك متعمليش حسابك علي غدا علشان الغدا تحت النهارده!!"




        
          
                
لم تستطع الرفض بل فهمت هي قول "غسان" لها قبل قليل ، ابتسمت له بإمتنانٍ ، فحرك عينيه بعشوائية إلى أن ثبتها بغرابةٍ وهو يطالع الٱخر مردداً له بمرحٍ :



_" مالك ياض واقف مبحلق كده ليه؟!"



خرجت ضحكة "غسان" وهو يقترب ثم قال له بتبجحٍ يجيبه :



_" لا أبداّ بشوفك وانت ماسك مراتي وواخدها بالاحضان وعشمك واخدك أوي وأنا بغير يا حامد!!"



علم بأنه يردها له ،، ضحك الاثنان ، تحت بسمة "نيروز " ، فنظر "حامد " ناحيتها وهو يهتف بثقةٍ وتأييد :



_" حقك تغير ياض ، ده إنت معاك واحدة جميلة بردو ..ربنا يسعدكم وتنجزوا كده وتجبولي حفيد!!!!"



عند ذلك القول تقابلت عينيه مع عينيها ، حركت نظراتها سريعاً تهرب من عينيه التي تلومها ، فرد هو على حديث "حامد " بخفه:



_" من عيني يا حامد ، من بكرة الصبح يبقي عندك أحسن حفيد!!"



ضحك "والده" بخفه وصوت ضحكاته تعلو ، في حين سمعه يسأله بسخريةٍ وهو يقول :



_" قولي بقا عايزه شبه مين ؟ وعليه واحد هدية ولا لأ !!"



حدجة "حامد " بمللٍ من خفته ثم اعتدل يجلي حنجرته وهو يردد بثقةٍ موزعاً أنظاره بينهما:



_" هو اللي يجيبه ربنا حلو وكل حاجه ، بس أنا عاوزه شبه أمك ياض ، واه واحد هديه ، هاتهم توأم مره واحدة وريح دماغك!!".



أشار "غسان" علي عينيه بمرحٍ تزامناً مع قوله وهو يضحك:



_" من عيني ..شبه أمي يعني شبهي يعني، قولها بقا بعد إذن كرامتك، اصل كده كده أنا وأمي احلى منك ..ولا إيه يا رزة !!!"



قالها بٱخر حديثه كي يعلن لها بطريقته الماكرة بأن ما لا تريدة الٱن الكل يريده، نظرت له "نيروز" سريعاً ثم حركت رأسها نفياً بتحدى وهي تنظر نحو "حامد" ثم قالت:



_" بس مفيهاش حاجة لو جه بردو زي عمو ، عالاقل ممكن يطلع زيه فطيبته وحنيته وتفهمه وعقله مش زي ناس!!!"



ترسل له الحديث هى الأخرى بالطريقة الماكرة الذي إستخدمها هو ، في الأصل يعلم بأنها غير هينة لتصمت كذلك ، ولكنه استشعر مدى ندمها السريع في التفكير بأمر كهذا ، لذا ضحك ضحكة بابتسامه صفراء على جانب شفتيه ، في حين هلل "حامد" وهو يقبل قمة رأسها برفقٍ :



_" دا إنتِ كده حبيبة ابوكي وبنتي رسمي!!!"



إتسعت بسمتها وهي تحرك أنظارها بعيداً عن الٱخر بكيدٍ طفيف كونها ردت له ما فعله ، اعتدل "غسان" بوقفته ثم أنصت باهتمامٍ لحديث "حامد" الموضح لهم :




        
          
                
_" طب يلا ننزل نقعد تحت ، على ما هم يمشوا يروحوا المحكمه ويرجعوا ، بدر لسه قاعد هناك فالمستشفى وحازم رجع معايا إمبارح بليل علفكره عشان ياخدهم ويمشي دلوقتي زي ما إنتوا عارفين الحكم النهارده وأنا حسيته مش حابب حد يروح معاه غير اخواته وأمه وعز وأهله عشان موضوع شريف ده ، وبصراحة حسيت إنه حقه لأنه موضوع صعب عليه وحساس ، الله يعينه ، هو عارف إني واقف جنبه ، وقالي إنك كلمته يا غسان بس هو قال خليكم هنا مع ياسمين لحد ما يرجعوا ، فتعالي يا نيروز تحت معاها بقا!!!"



تتفهم ذلك الوضع المعقد ، في حين يعلم"غسان" رأي الٱخر في ذلك ، لذا إعتدل يأخذ أنفاسه بقلة حيله ثم حرك رأسه موافقاً لحديثه ، دخلت "نيروز" ترتدي ملابسها ، بينما جلس "حامد" في الصالة بأريحيةٍ بجانبه حتى نظر له بخوفٍ مخفي ثم سأله بترقبٍ :



_" وإنت ناوي تعمل إيه؟"



_" اعمل ايه فـ إيه؟!"



حدجه "حامد" بتشكك يعلم بأنه لم يتهاون بحقه لما فعله "حسن" لذا يهاب هذه النقطة وبشده كي لا يفقده هذه المره نهائياً ، اجابه. مندفعاً بصراحةٍ :



_" فـ حسن يا غسان وإنت فاهمني كويس !!"



قالها بجمودٍ فحرك كتفيه ببساطةٍ كُبرىٰ ثم ردد بنفس البساطة :



_"مش هعمل حاجه فـ حاجة !!"



علم بأنه يرواغ في الحديث، فـ قلبه الٱخر لموضوع ٱخر حيث قال بـ بمحاصرةٍ :



_" طب واللي حصل مع أخوك ده إيه؟ وأمك بتقولي إنك بترد عليهم على قد الكلمة كده تحت ومن تحت ضرسك، معندكش حل وسط أبداً كده ياما علينا ياما عليها ؟؟؟؟؟"



زفر "غسان" بصوتٍ مسموع وهو يحرك أنظاره بعشوائيةٍ ثم قال يجيبه:



_" مبتكلمش من تحت ضرسي ولا حاجه ، كل الحكاية إني مزاجي مش احسن حاجه، وبعدين أنا نازلكم أهو وجاي اقعد معاكم هاخد جنب من أمي إزاي ؟؟"



_" وأخوك!!!!"



_"ولما إنت عارف الحكاية كلها جاي تيجي عليا أنا وتكلمني ليه ؟ أهو من ساعة اللي عمله بسام وأنا مش ملاحق كلام منها قاعدة بتلف بيه وبتدور عليا عشان بس قال جملته اللي قلبت الحال بينا تاني ، جاي ليه تعاتبني !!!!"



تهجمت ملامحه بطريقةٍ ملحوظة ، فتنفس "حامد" بصوتٍ مسموع، يعلم بأنه مضغوط وقد أخطأ الٱخر بحقه :



_" إنت عارف بسام وكلام بسام وقت عصبيته ، ومقالش كده من فراغ ، قال كدة عشان بيخاف عليك، مكنش قصده بدخلة مراتك علينا غير فعلاً لما هي دخلت حياتك بقيت بتدخل نفسك فمشاكل ملهاش حل ، ده قصده مش قصدة إنها دخلت حياتك دمرتها ودمرتنا ، أديك شايف المعامله بينا وبينها ، محدش فينا هيجي عليها فيوم وإنت عارف كده كويس، والبعيد عن ده كله ومش عاوزك تفهمني غلط فيها إن أخوك المفروض يبقي أبقى من مراتك، يعني على الأقل تحاول تفهمه بكلامة بس مش القصد التاني ، وده ميمنعش إنه إختار وقت غلط بس بردو إنت غلطان عشان كنت هتودي نفسك فداهية لولا هو لحقك، قارن كده وشوف لما مراتك وإحنا نشوفك متكلبش في السجن كده هتبقي مرتاح ومريح مراتك ومريحنا معاك ؟ ولا لما تفهم كلام أخوك وتقدره وفنفس الوقت تعاتبه عشان الوقت مش مناسب ؟؟!!"




        
          
                
كاد أن يسترسل في حديثه ولكن كان الرد من "غسان"ولدة كلمة واحده قطع بها كل ذلك بطريقته في إنهاء الحوار كي لا يصل لها :



_" تمام ماشي!!!"



قالها كي يراضيه ويريح عقله وعقل والده من كثرة الحديث الذي يضفطه هو في كل مره ، لذا حدجه "حامد" بغيظٍ من طريقته ، وسرعان ما وقف "غسان" يشير له بأنه سيدخل كي يعجلها ، سار بخطواتٍ بطيئه هادئه إلى أن دق الغرفه دقه واحدة فسمع هو صوت "والدة" الساخر منه :



_" لا محترم ياض!!!"



أشار له "غسان" بزهوٍ وبعد دقه دقة واحده فتح هو الباب دون إذن ، فتعالت ضحكات "حامد" بخفة عليه، وما أن دخل حرك "غسان" أنظاره علي الغرفه باهتمامٍ فوجدها تقف مستنده بأحد الأركان على الحائط ممسكة برأسها تداهم دوار رأسها بسبب دور الإعياء التي تجاهلته ، وما أن وقعت عينيه عليها وهي كذلك وعندما شعر بعدم توازنها ، هتف بلهفه وصوت مرتفع:



_" نَــيروزّ !!!"



وبعد هذه الكلمة كانت يديه تساندها بلهفه وخوفٍ، بعدما ضمت عينيها بتعبٍ ثم فتحتها مرة أخرى ، نهض "حامد" سريعاً فالخارج أثر نبرة ولدة المرتفعه ، في حين أسندها "غسان" بنفس اللهفه وهو يسألها باهتمامٍ:



_",مالك حصل ايه ؟"



وجد "والدة" يتنحنح بحنجرته فأشار له بالدخول فدخل بلهفة كبرى عليها ، تزامناً مع ردها عليه كي تطمئنه :



_" مفيش أنا كويسة ، حسيت بس إني دايخه والدنيا بتلف بيا، وكمان جسمي بيوجعني وهبطانة أوي !!!"



كل ذلك لم يكن سوى من دور الأعياء وفقط، تلقائياً رفع "غسان", كفه قبل كف والده ليضعه علي جبهتها ، وزاد خوفه عندما شهق شهقة مكتومه بداخله وهو بردد بصدمةٍ :



_" دا إنتي سخنه أوي !!"



إعتدل "حامد" يضع كفه عليها ، بينما تشعر بالحرج هى ، إعتدل بوقفته سريعاً وهو يخرج هاتفه مردداً لهم تزامناً مع خروجه للصالة بقوله السريع :



_"طيب أستنوا أقول لـ بسام ، ويطلع بعد ما يشوفلك علاج مناسب ليكي!!!'



تركه يخرج يحدثه بلهفته ، بينما جلس هو بجانبها بتعبٍ من حالها ، ثم مسد على خصلاتها الذي شعر هو بسخونة رأسها وفروتها ، لاحظ عينيها اللامعه ولم تكن لامعه سوى من درجة حرارتها التي ترتفع تدريجياً فقبل ذلك لم ينتبه هو لذلك ، أخرج أنفاسه بإرهاقٍ وهو يسألها باهتمامٍ :




        
          
                
_"حاسة بالتعب ده من امته ؟"



_"مش فاكرة !"



قالتها بإختصارٍ وقد لاحظ إقتضاب ردها عليه ، لذا نهض بعد دقائق من الصمت يجلب حجابها الذي كان ينقص ملابسها ثم أشار لها بأن تعتدل وهو يلبسها أياه مردداً بسخريةٍ منها :



_" الحجاب اللي بتنسيه ومفكراه حاجه تبع المزاج !!"



قصد أمس ، رغم كونه متعب ولكنه إنتبه ولم يتحدث إليها بسيب ما كانت هى به علمت ما يلمح له لذا نفضت يديه بخفوتٍ وهي تجيب :



_" مكنتش أقصد عقلي مكنش فيا !!"



_"طب لفيه حلو عشان ميقعش تاني ، وإفتكري يعني إنك كده علطول سواء عقلك فيكي أو مش فيكي ، ودة حرام يبنت الأكرمي قبل إني بغيير ومش بقرون ماشي ؟!!!"



قصد أن يستفزها بأسلوبه بعد أن رأي ما تفعله معه ، حدجته بملل وعينيها المرهقه تظهر له بشدة ، ولكنها لم تفوت فرصتها فالرد عندما ردت له قوله بقول ساخر :



_" وإنت ماشاءالله عليك أوي بتعمل كل حاجه حلال وفايق علطول وواخد بالك !!!



حرك"غسان" كتفيه ببساطة ثم قال :



_" هو مش ده الطبيعي لواحد مسلم بالغ عاقل ناضج ، مش أهبل فـ مخي زيك !!!"



لو كانت بوضع غير وضعها ذلك لهاجمته أكثر من هجومها الٱتي ، تعلم بأنه يلمح لها بطبيعة تفكيرها ، رفعت إصبعها تهاجمه بتعبٍ ظهر على ملامحها وهي تهتف :



_" أنا مش هبلة فـ مخي ، أنا اعقل منك ومن عشرة زيك، إنت اللي متخلـ ـف!"



قالتها ببطئ عندما إسترسلت في الحديث دون راحة بدوارها هذا ، نظر لها بغيظٍ من سبها له ، فإنحنى مقترباً منها حتى رفعت عينيها تطالعه بإنهاكٍ وهي تسمعه يجيب بنبرةٍ منخفضه يحذرها :



_" هتعقلي فـ يومك دا ولا مش هتعقلي؟!"



إستشعرت تهديده اللين المخيف بنفس ذات الوقت ، إبتلعت ريقها وهي تغمض عينيها مره أخرى بتعبٍ ثم قالت بإندفاعٍ :



_" ولو معقلتش !!!"



ضغط "غسان" على فكة متحلياً بالصبر ثم ابتسم لها بإستفزازٍ مردداً بثباتٍ لها ومازال منحنياً :



_" نعقلك بمعرفتي!!"



دفعته وهي تحاول الوقوف بعنادٍ رغماً عنها ثم قالت بهجومٍ من بروده :




        
          
                
_" إنت بني ٱدم مستفز ومعندكش ريحة الدم !!"



دفعها "غسان" بيديه برفقٍ من كتفيها كي تندفع إلى الخلف فجلست باندفاعٍ من عدم محاولتها للصمود بسبب إنهاكها ، نظرت له "نيروز" بغيظٍ ، فإعتدل هو يجيبها بهدوءٍ شديد:



_" بلاش تغلطي كتير عشان متزعليش مني ، وإعقلي عشان صبري عليكي قرب يخلص ، قولنالك أقعدي على ما نشوفلك علاج، متفرهديش فنفسك وفيا بقا !!"



تهاجم وتعاند دون رفقٍ بسبب ما فعله معها من. عدم صبر. ، يخطأ وهي تخطئ ، هاجمته بنظراتها المعاتبه التي عادت حزينة من طبيعة نبرته الذي قصد بها الجفاء عليها ، حرك عينيه ناحية باب الغرفه ما أن سمع صوت دقات عليه وهو مفتوح ، حدجها بعينيه بتحذير وسرعان ما حثهم قائلاً بنبرةٍ مرتفعه بعد أن علم أن شقيقه قد صعد :



_"إدخلوا !!"



دخل "حامد" و"بسام" بخطواتٍ متوسطة ، فنظر "بسام", ناحيتها وهي تعتدل بحرجٍ من وجودهم بغرفة نومهما ، إعتدلت كي تقف ، فأشار لها كي تجلس مردداً بخفه ومرح :



_" ولما هتقفي مين هيكشف على مين يعني !!!"



تأخذ منه موقف بطبيعتها الغير متهاونه ، لن ولم تنسى أنه وضعها تحت ضغط ٱخر في حين كان حزنها علي والدتها بالغ ، إبلتعت ريقها وهي تتنهد ثم قالت له بعفويةٍ بالغه :



_" أنا كويسه مش عاوزاك تكشف عليا ، شكراً و الحمد للـ ..!!"



وقبل أن تكمل وجد عين "غسان" تترصد لها بتحذيرٍ لم تراه من قبل ، إعتدلت تجلس سريعاً ، في حين هتف "حامد" بمرحٍ ليخفي ما فعلته :



_" السخونية يا حبيبتي بتعمل أكتر من كده ، معلش !"



قصد إردافها لحديث غير متوافق مع الوضع ، لا يعلم هو بأن الٱخر قد إنتبه لفعلتها الخبيثه ، إستعد "بسام" بحرجٍ في فحصها بضغطها وحرارتها مع حقيبته الملائمه وبحقيبة علاج ٱخرى جلبها من الأسفل ، أراحت ظهرها على الأريكة في حين قد فحصها هو ، ولم تتحرك عينيها من على عيني "غسان" المهتمه والمتوعدة بٱن واحد ، انتهى بعد دقائق بسيطة عندما طمأنهم بلين وهو يقول :



_" درجة حرارتها عاليه بس شويه، فمخليه جسمها همدان ، بس هي تاخد خافض للحرارة والبرشام ده وهتبقي كويسه ، بس لازم تاخديه من غير إهمال عشان متناميش فالسرير بسبب الدور ده !!!"




        
          
                
حرت رأسها بتكلفةٍ له وهي تبتسم ثم تلاشت بسمتها سريعاً ما أن وجدت "بسام " يعتدل وهو يستعد للحديث عندما بدأ بأسفٍ :



_" وعاوز أتأسفلك على اللي سمعتيه مني إمبارح ، مكنش قصدي اللي سمعتيه بالظبط، كل اللي كان شاغلني هو خوفي على غسان!!"



حركت عينيها ناحية "غسان" الصامت ونحو "حامد" المبتسم ، فردت عليه بنبرةٍ هادئه :



_" حصل خير ، وشكراً علي تعبك!!"



كان قولها لين وهو وحده من يعلم بأنها لم تتهاون بعد ، نظر "غسان" ناحيته بإمتنانٍ لما فعله الآن لها وصعودة، في حين تحدث "حامد" بلطفٍ :



_"إحنا هنا عيله يا بنتي ومش عايزين إن حد يكون شايل من التاني ، ومع الوقت هتعرفي إن قلوبهم هنا بيضا معندناش حد وحش أبداً ، ربنا يصلح لكم الحال !!"



طالعته بتوتر خفي من علمه لما تكنه إلى الٱن ، لكن ظهرت ابتسامتها الهادئه اللينه له وهي تقول :



_" أنا خلاص مش زعلانة ، اللي حصل حصل وعدا خلاص ، وإنه إتأسف وفهم بعد كده دي عندي كبيرة ، عكس ناس معينه مش بتفهم ولا بتدي فرصة للواحد يعبر عن تفكيره وحتى مفيش أسف منهم ولا تقدير للوضع!!!"



كان حديثها غير طبيعاً في ٱخره ، بل وتقوم بالتلميح له وهو واقف بينهم ، تحركت عيني "بسام" و"حامد" ناحيته وهو يقف صامت ساكن ، وعندما حدجها بقوه وثبات علموا بأن الحديث له ، تعالت ضحكات "حامد" رغماً فكبت "بسام" ضحكته بأعجوبةٍ ، في حين عقد "غسان" حاجبيه أمام والده وشقيقه بغرابةٍ زائفه وهو يسألهم :



_" في حاجه بتضحك ولا إيه ؟!"



شعرت بأنها قد أخذت حقها منه في الحديث عندما وضعته بموضع كهذا ، لا تعلم بأنه يدخر لها ، حرك "حامد" رأسه نفياً ثم قال :



_" لا افتكرت حاجه كده !!"



_" إفتكرت إيه يا بابا ؟!"



كان الٱخير قول "بسام" بمرحٍ وهو يكبت ضحكاته، فسحبه "والده" من ذراعه وهو يستند عليه في طريقهما للخارج تزامناً مع رده :



_" لا دي حاجه بيني وبينك بقا تعالي احكيهالك علي رواقه !!!"



قصد تركهما مع بعضهما ، بل وفعل ذلك هو وولده للتخفيف من حدة الأجواء التي فعلها ملامح "غسان" الجامده ، وعندما سمع صوت إغلاق باب الشقه بعد قول والده المرتفع بأنه ينتظرهما في الأسفل ، إلتفت برأسه بعد سكون المكان ثم قال بحدةٍ لها :



_" عاجبك اللي عملتيه ده ؟ بتستخفي دمك صح؟؟؟!"



وجدت الجديه البالغه بأخذه موقف من ما فعلته به ، إبتلعت ريقها بترقبٍ ولم تستطع إجابته بل كادت أن تلتفت لتختفي من أمامه ، ولكنه هتف مجدداً بنبره قوية لها خرجت بحدة وهو يقاطع سيرها :




        
          
                
_" ردي عليا ، ولما أكون بكلمك متمشيش وتسيبيني !!!"



رفعت "نيروز" عينيها تطالع عينيه التي بدت جافه، ثم نبست بنبره هادئه ساكنه تنفي ما قاله :



_" أنا ممشيتش وسيبتك ، أنا واقفة و معلمتش حاجه تخليك متصعب عليا كده !!"



طالعها من أخمص قدميها لرأسها بتهكمٍ جاد ، إلى أن وجدها تشير له بيديها بهجومٍ:



_" وبعدين متبصليش كده ، إنت اللي بدأت كل ده الأول ، حتى لما قولتلك انا خايفه من رد فعلك ، قولتلي متخافيش وفالٱخر قومت وسيبتني بعد ما رديت عليا ردك اللي غلطان فيا بيه وانا مكنتش بعمل حاجه غير إني بفكر بصوت عالي معاك ..بس الظاهر كده إنك مبتتفاهمش ومعندكش مخ مش أنا اللي معنديش مخ زي ما بتقـ ..."



بُتر الحديث عندماوجدته يمسك معصمها بقوةٍ فتأوت بوجعٍ وهي تسمعه يردد بإنفعالٍ من بين مسكته يحذرها :



_" أنا مش قولتلك بلاش تشوحي بإيدك دي قدامي بعد كده ؟؟؟"



صمت ينظر إلى ملامحها التي تبدلت للخوف المكتوم من انفعاله ثم انتفضت ما أن وجدته يردد بنبره ٱكثر إرتفاعاً :



_" قـــولت ولا مقـــولتش !!!!!"



يأدبها وهي التي لم تسمح بذلك ، حاولت أن تفصل يديها عن مسكه لها بهذه الطريقه ، ثم هزت رأسها نفياً وهي. على مشارف البكاء مع قولها الذي خرج بتحشرجٍ والى الٱن تهاجم !!!! :



_"سيب إيدي ، متمسكنيش كده أنا مش حيوانه عندك !!"



_"ولا انا أهبل وبريالة عشان تتعاملي معايا بالأسلوب ده قدامهم ، قولتلك مشاكلنا بينا ، عايزه تلقحي قولهالي فوشي وبلاش جو النكد اللي مش دوغري ده!!!"



نفض يديها عقب قوله وهو يطالعها بغضبٍ ، فأمسكت يديها بتٱوي وهي تجيبه بحديث معتاد :



_" والله لو أنا نكديه كده فأنا امشي وانزل واسيبك طالما شايفني كده!!"



علم بأنها تستفزه وحتي لم تقدر على فعلها ، تصنع "غسان" عدم الاهتمام وهو يشير لها برأسه بتبجحٍ ثم رد عليها بوقاحةٍ بالنسبة لها :



_" ما تمشي النسيان جميل والنسوان كتير ، بالسلامة يلا !!"



فتحت عينيها على وسعها منه ، فوجدته يبتسم بعدها بسخريةٍ لااذعه وهو يردد لنفسه أخذاً هاتفه ليضعه بجيب بنطاله :




        
          
                
_" قالولي النكد هيجيلك بدري ، قولتلهم لا ، وكان عندهم حق والله، أنا ماشي وسايبهالك أنا !!!"



نظر خلسه علي الدواء التي أخذته وان لم تأخذه لظل بجانبها ، لاحظ صدمتها به ، فتعمد تصنع عدم الإهتمام وهي يستعد كي يخرج من الغرفة ، وقف على فجأه ثم نظر ناحيتها مردداً مره أخرى وكأن شئ لم يحدث :



_" وأه ، متتأخريش عشان زي ما حامد قالك الغدا تحت ، فـ يلا قدامي!!"



لا يعلم بماذا يتحدث ولا هي ، ضغطت علي أسنانها بضغطٍ وهي تنتشل حقيبة الدواء معها كي تأخذها معها في الأسفل بأنفعالٍ ثم تخطته وقد تعمدت أن تصطدم في كتفيه فتأوي عندما إصطدمت في جرح جانبه وسرعان ما إصطدمت رأسها في الدولاب تزامناً مع خروجها فتعرقلت في المفرش المفروش أرضاً وأنقذتها يديه سريعاً وهو يتوجه بلهفه كي لا تقع أرضاً بسبب عدم توازنها هذا، وبخفه أصبحت في أحضانه بسبب مسكه لها مع تأويه من دفعها له ، فتحدث هو سريعاً بغيظٍ :



_" هنقضيها شغل عيال إحنا ما تتظبطي !!!"



دفعته عنها بشراسةٍ ثم قالت له بهجومٍ وإندفاعٍ :



_"لو سمحت إبعد كده!!"



يتحملها إلى كثيرٍ لذا آعتدل بحزمٍ بعدما وقفت بطريقة صحيحة ، أشار لها بعينيه بنبرةٍ وحديث جاد :



_" بصي ..أنا مستحملك من ساعتها بشغل العيال بتاعك ده ، وإنتي مُصره تخرجي عصبيتي عليكي ومبتمليش ، فـ إهدي ومشي يومك معايا ، وإقتنعي إنك غلطانه بهدوء، من أول كلامك اللي أنا مصبرتش عليه ، عشان لو كنت صبرت كنت هستنى منك إيه؟؟ حبوب منع الحمل ؟؟ ، إنتي عرفتي إني مش موافق وإن لسه بدري على القرار ده ، وإن القرار مش قرارك لوحدك و وقولتلك الحوار خلص وميتفتحش وسكتي ، ورجعتي تتكلمي تاني، حتى بإسلوبك مع أخويا اللي إهتم وعبر وجه عشانك وعشان تعبك ، قولتيتله مش عاوزاك تكشف عليا وحرجتيه وأنا واقف وسكت ، ولقحتي وانا واقف وسكت ، وبعد كده كان شغل عيال منك وسكت، عاوزه توصليني معاكي لأيه ، ردي ؟!!!!"



_" مقولتلكش إنه قرار وخدته أنا بس بفكر ولما سمعت وجهة نظرك سكت معاندتش ، اللي عاندت قصاده هي طريقتك، وبالنسبه للي قولته لأخوك فـ ده مش إحراج انا مقولتش حاجه تزعله وتزعلك اوي كده ورجعت وقولت حصل خير ، ومبوصلكش لحاجه يا غسان أنا برد وبلاقي منك رد بردو وكله عدى زي ما قولت شغل عيال ، عشان هي ممكن تعدي جد وأنزل فعلاً وأمشي كلامي !!!"




        
          
                
تعكر الحديث دون راحة ، رفع شفتيه بخفه مع خروج صوت معترض منه خشن، ثم رد عليها بعدها بإعتراضٍ وسخريةٍ :



_" تمشي كلامك على مين بروح أمك .. بقولك ..عدي يومك ..يا نيروز ومش هكررها تاني ..يــلا !!!"



لم يترك لها الفرصه بل توجه بعدها ناحية باب الشقه ، فاتجهت هي من بعده بصمتٍ منه ومن طريقته وحتى فعلته المتبجحه لها ، تعلم بأنها خطأ ولم تفعل كل ذلك الا عندما علمت بأنه هو الاخر مخطئ ولم يتأسف كما لم تتأسف هي ، عقلان صلبان ؟؟ بشخصيتان أحدهما يود الهدوء مع الوضوح دون تخطي الحدود والٱخرى تريد الوضوح دون الاعتراف بالخطأ والتفكير !! 



____________________________________________



أما فالأسفل كانت الثلاث شُقق مفتوحه أمام بعضها ، ما بين خروج "حازم" مع"ياسمين" لخروج "وردة" من شقة والدتها مع "يامن", ، وبين وقوف "جميلة" منتظره ، بجانب "عايدة" ، وقفت "ياسمين", بتعبٍ عندما تركها "حازم" وهو ينظر نحو "حامد", و"دلال" مردداً بلينٍ لهم مع "وردة":



_" والله ما محتاج حاجه غير بس تخلي بالكم منها علي ما نيجي ، أصل شكلها تعبان!!"



حدجته "ياسمين" بضيقٍ من خوفه الزائد ورغم تعبها ولكنها تكابر ، رد عليه "حامد" وزوجته بلطفٍ كما كانت "وردة" في حين إلتفت "حازم" يسأل"جميلة" باهتمامٍ فقد اطمأن علي حالة "فريدة" قبل ولكن لاحظ غيابها الٱن ..بالطبع علم كل ما حدث من شقيقه ودناءته !!!!



_" أومال فريدة فين؟ لسه مخلصتش !!!'



حركت رأسها نفياً وكادت أن توضح، فلاحظا خروجهما من المصعد كما لاحظ الكل خروجهما ، وقفت "نيروز" مع الفتيات في حين سحب "غسان""حازم" بركن بعيد ، وهو يقف معه حتى بدأ بالحديث هو وهو يردد له بلطفٍ :



_"مش هتسيبني بردو ٱكون معاك. عشان لو إحتاجت حاجه ؟!"



_"لا يا عم العيال ، خليك جنبهم هنا ..أنا مبقتش ضامن حسن ولا اللي ممكن يعمله ، ومبيجيش غير وانا مش موجود فخليك معاهم هبقى مطمن ، مش هنتأخر إن شاء الله!!!"



أومأ له بتفهمٍ ثم هتف سريعاً يعلمه تزامناً مع فتح باب شقة "زينات" :



_" ماشي في رعاية الله ، وعز كلمني وقالي إنه سبق هناك!!"



حرك "حازم" رأسه له بتفهمٍ وسرعان ما توجه ليسند"فريدة" بساقها المجروحه ، وبدأ كل منهم بالهبوط في المصعد و البعض الٱخر على السُلم ، والغريب بأن "زينات " هبطتت معهم والكل يعلم بأنها ستذهب معهم هي الأخرى كونها أحد أفراد العائلة ، خلى السُلم ودخل الشباب ، كما دخلت "وردة", وتركت "يامن" مع "نيروز", وهي تداعبه فأخذه منها"غسان" برفقٍ ثم قال لها بجديةٍ يشير لها :




        
          
                
_"أُدخلي!!"



قلبت عينيها بمللٍ من لهجته الٱمره ، دخلت من بعده ثم أغلقت الباب خلفها ، دخلت المطبخ سريعاً لـ "دلال" التي دخلت من قبلها ، حاولت أن تساعدها ، مع "وردة" ، وبقت "ياسمين" جالسه بركن ٱخر بعيد فالصاله ممكسة بهاتفها ، في حين جلس "غسان" في الخارج مع "شادي"و"بسام"و"حامد" ، لاحظ كبتهم لضحكاتهم وبالٱخر "شادي" الذي غمز له قائلاً بمرحٍ :



_" إيه يا عريس متنكد عليك ولا إيه ؟!"



حرك رأسه بغير اهتمام وهو يشير له بيديه مردداً بسخريةٍ :



_" بلا عريس بلا بتاع.. إسكت !!"



_"سامعة تلقيح وجاي فيه أختي بطريقه مش مباشرة !!"



قالتها "ياسمين" من على بعدٍ بثباتٍ ، تدخلت بالحديث بجرأه ، ولم تجد سوى رد "غسان" المستفز لها :



_" وإنتي مالك!!'



فتحت فمها بصدمةٍ من وقاحته ، في حين حدجه "حامد" بقوه وهو يضربه في كتفيه بتعنيفٍ تحت ضحكات "بسام ",و"شادي" القوية ، وجدها تقف وهي تتوجه لهم حتى وقفت ترد عليه بهجومٍ :



_" مالي عشان أختي، ولا إنت ناسي ده !!"



_"هي أختك عملالك عمل عشان تتصدريلها كده علطول ؟؟ تعالي شوفي هي عاملة فيا إيه !!!"



قالها "غسان" بمرحٍ وخفه ، حتى نظرت له "ياسمين" وهي تردد بإستفزازٍ يثير حنقه :



_" تعمل اللي هي عايزاه براحتها!!!"



أشارت له بتبجحٍ ثم إبتسمت بإتساعٍ وهو تنظر نحو "حامد" قائله:



_" ولا إيه يا عمو !!!"



_" طبعاً يا قلب عمو ، براحتها !!!"



كان الحوار مرح لحد كبير لذا تعالت ضحكتها بخفه. معهم جميعاً إلى أن تأوت بألمٍ أسفل معدتها من ضحكتها، فأشار لها"بسام " قائلاً بلباقةٍ :



_" أقعدي عشان الوقفه مش كويسه عليكي!!"



إبتسمت له "ياسمين" بحرجٍ ثم بامتنانٍ وهي تردد بعدما توجهت لتجلس :



_" يا بخت اللي إنت من بختها يا دكتور ، شكلك هادي وعاقل مش طالع زي أخوك!!"



ضرب "غسان" كف بكف بقلة حيله من رغبتها في إفتعال أي إعتراض تزامناً مع قوله المتحلى بالصبر:



_" يا مصبر الوحش ع الجحش!!!"



وأكمل سريعاً وهو يتركهم ليتوجه نحو الداخل :




        
          
                
_", أنا قايم!!"



تخطاهم وهو يتوجه ناحية المطبخ تحت نظراتهم الضاحكة وعندما آقترب منها وهي جالسه ومع سيره بجانبها وهو يتخطاها سمعها ترد عليه بنبرة منخفضه :



_"أكيد إنت الجحش يعني!"



صُدم من قولها وإلتفت يحذرها بعينيه ثم عاد بطريقة إلى الداخل وتركها كي لا يتقابل أمامها بتحدي ، خاصةً أنه يعلم بأنها لم تصمت ولم تكف عن المهاجمة وهي في بيته ، رغم كون الأمر مرحاً ولكنه تغاضى ، دخل على قول "نيروز" المهتم وهي تقوم بقطع الطماطم على السلطة :



_" وبعد كده ايه اللي حصل يا طنط؟!"



قالتها باهتمامٍ وترقب مع ملامح "وردة", التي كانت من نفس ملامحها المهتمه ، فأكملت "دلال" قص القصة وهي تفتح الفرن تخرج منه "صينية الفراخ " :



_"وبعد كده يستي بقينا نشيل من قدامة أي فروالة سواء عصير أو أكل ، وعشان بسام بيحبها أوي وكل مره كان ياكل منها ويديله كان بيجيله حساسيه ي كبدي ونروح المستشفي في إنصاص الليالي بسببه وسبب أخوه ،، والمره اللي حذرنا فيها قرايبنا دول ميدوش لـ "غسان" عصير ، راح قالهم إنه بسام وعطوله ، فـ جم قالولي إنهم إدوله مرتين ، أنا بقا قولت لا إزاي ، بسام ميعملش كده مش هو طفس بس مش للدرجادي ، أتاري المرتين أصلاً راحوا لغسان والتاني يحبة عيني مكنش شرب ولا داق منه وفالٱخر بردو رست علي مستشفيات وعلاج .، طول عمره مغلبني معاه كدهو ربنا يهديه!!"



تسرد عليهم بقية القصه وأصلها وكأنه طفل صغير مدلل بالنسبة لها ، خرجت ضحكات "وردة" بخفه مع ضحكات"نيروز" وهي ترد من بينها :



_" وإنتي الصادقه ي طنط ولسه بيغلب ، مش فاهمة أنا دماغه متركبه إزاي ، عندك حل ؟"



قالتها بمرحٍ وهو يقف مبتسماً علي حافة باب المطبخ يتابع قول "دلال" الهادئ لها وهي تعتدل تضع يديها برفقٍ على ظهرها :



_"معلش يا حبيتي هو ابني وكل حاجه ومقدرش أعيب فيه ، بس بردو إنتي زي بنتي وبقولك إن مش كل حاجه سهلة كده فالأول أكيد مهما عرفتوا بعض فـ فكرة إنكم تعيشوا مع بعض وتشاركوا مع بعض نفس الحياه والأيام دي مش سهله ومحتاجه وقت تفهمي اللي معاكي اكتر ، أما عن "غسان" فأنا اللي بقولك عمرك ما هتلاقي فـ لين قلبه وطيبته وحنيته ، إسأليني أنا ، دا أهبل وغلبان ، اغلب واحد فيهم هنا ، انتي بس مش عارفه تضحكي عليه!!!"



ضحكن الثلاثه عقب قولها ، فدخل هو بخطواته إلى الداخل وهو يلوم "والدته" بخفه مردداً بنبرةٍ ضاحكة :




        
          
                
_ "تضحك على مين ي أم غسان، بقا بذمتك حد يعرف يضحك علي إبنك بردو !!"



سعدت من رجوع اللين في نبرته وحديثه معها ، لذا ضحكت بشده وهي تضربه بخفه ثم أشارت بعينيها ناحية "نيروز" وهي تقول :



_" هي واحدة بس اللي عرفت تضحك عليك وعلي قلبك يا حبيب أمك !!"



اعتدلت "وردة". وهي تبتسم بلطفٍ حتى أشارت هي الٱخري تؤكد له :



_" قصدها روز وكدة!"



خرجت عقب قولها من المطبخ تحت بسمة "غسان" الواسعة والذي هز رأسه وهو يضع ذراعه علي كتف والدته والٱخر على كتف "نيروز" مؤكداً بحديثه:



_" عندك حق فـ دي ي ٱم غسان، مراتي بقا وبحبها نقول إيه ؟ ولا تنكري إن حامد مقالكيش إنك إنتي كمان عرفتي تضحكي عليه وعلي قلبه ووقعتيه !!"



أشارت له "دلال" بقلة حيله وهي تلتفت تكمل ما تفعله تزامناً مع قولها:



_" يوووه يخويا دا مبيبطلش يقول ،ما إنت طالعله مش سهل وبتاع كلام متزوق يوقع الواحد فثانيتين !!!"



اعتلت نبرة "نيروز" وهي تدعم بقوه :



_" فـ دي إنتي صح يا طنط، راجل نصاب وبلفلي دماغي في دقيقه هو !"



تعالت ضحكاتهم معاً عندما دخل "بسام " المطبخ هو الٱخر ، فاعتدلت "دلال" ترد عليهما بحنوٍ :



_" ربنا يسعدكم ي حبايبي ويجعل أيامكم كلها فرح ، وأشوف احفادي كده يتنططوا حواليا!!"



نظرت لها"نيروز" بحرجٍ ، فدعم "بسام " القول بشده وهو يأكل الخيار :



_" حصل..أنا عاوز أبقى عم ، وعيالك ي غُس يتلخبطوا بينا ويروحولي بدالك وعيالي يرحولك بدالي ونبوظ الدنيا ونلخبطهم !!!"



ضحكوا عليه بخفةٍ مع رد "غسان", الساخر له:



_" هو دة أقصى. طموحك؟ تعذبهم بالشبه ؟ إنت سايكو يالاا؟؟؟"



_" يخويا ما تيجي نجوزك الأول زيه ونبقي نشوف الموضوع ده !!"



قالتها"دلال" بتمني ، فرد "بسام" بشرودٍ وحديث مجهول :



_" إن شاء الله يا ماما ..قريب ..إدعيلي !!"



ترقب"غسان" قوله ، حتى سمع قول "دلال", المتلهف له:



_" صحيح يا واد ؟ في عروسه في بالك ؟؟"



حرك رأسه وهو يطالع "غسان" بتحدي ثم قال بخبثٍ لها لم تعلمه هي:




        
          
                
_" وليه لا ؟؟ إدعيلي.مش ممكن أجيلك فثانية وأقولك عاوز أخطب !!"



نظرت "نيروز" نحو ملامح "غسان", الصامته ، وكأن الوضع تبدل، وقبل أن ترد "دلال" عليه ، كان رد "غسان", الأقوي حينما قال بحزمٍ :



_"إن شاء الله ، لما نخرج من الظروف اللي إحنا فيها دي الأول !!!"



قصدها وضع "نيروز", وتلميحاً لشقيقه بالعناد إلى الٱن ، طالعه "بسام" بنظرة إصرار لا يعلم الٱخر كيف وصل لها مجدداً بهذه الجرأه ، بل ولا يريده بأن يخوض نفس التجربه السابقة من الأساس ، يقسم هو بأن يتعارك مع شقيقه حتى ولو بالافكار!!!!



__________________________________________



قاعة المحكمه الساعه الثانية ظهراً الإ بضع دقائق ، بتوقيت القاهرة "مَصرّ" : لا يعلم كيف صامد هو كي ينتظر كل ذلك ، وكيف صمد كل ذلك من الأساس ، كل منهم لم يري من إسمه ما عاش به "حازم"؟! وكيف له بأن لا يحزم الأمور ، الغصه المريره في قلبه وقلب كل من "جميلة"و"فريدة", وحتى "عايدة" ومن ثم "زينات" ، جالسين بجانب بعضهم ، وكل من النظرات المترددة تتحول بين واحدة والأخرى ، واولهم كانت "فرح", التي بان بعينيها الندم والقهر كلما تنظر ناحية "جميلة", التي تتحاشى النظر إليها ، يؤلمها قلبها لما فعلته لها رغماً عنها بضعفها كذلك ، تنفس "حازم" بصوتٍ وهو يستعد وقبل أن يقف نظر ناحية عائلته ، الكنز الثمين والذي ظل له !؟ ،نظرات يخفي بها الخزي والعار والقهر، حينما أردف لهم بإهتزازٍ :



_"أنا عارف إنكم قدها ، عاوزكم تجمدوا ..ومتبقاش دي الحاجه اللي ٱثرت فيكم أوي بعد ما عدينا كل ده ، ماشي ؟!"



تتٱثر "جميلة" في كل مره ، وكفها الٱن بين كف "عز" الذي ساندها باحتوائه وهي بجانبه ، يعلم بأنها تتأذى وتأذت بالفعل من جميع النواحي ، نزلت دمعة "عايدة" بكسرةٍ على نبرة ولدها وصموده ، حتى الٱن لم يظهر سقوطه ، خذلانه ، تخليه عنهن بالمسئولية ، هي الٱخرى ترى به جبلاً شامخاً ، وبنفس الوقت كان بركان ينصهر بداخله النار وتغلي بحرقةٍ كُبرىٰ ، حياته ليست عادله ولم تستطع فعل شئ له كما لأشقائه ، واما عن "فريدة" فجلست بخواءٍ كلما يهاجم ذكرياتها لحظة إعتداءه عليها تتجاهلها كما أصرت علي التجاهل في الوقت الذي مر ، بكل ما كانت تسمعه من إيجابيه ، قرٱن ، أحاديث ، تحثها علي الصمود والصبر ، ولم يتغير منظورها ،ولكن كسرتها بما حدث تظل محفورة بها والأصعب من كل ذلك بأنها فُعل بها ذلك بسبب "والدها" التي لم ترَ منه عدل يوم ما ، تقهر وشقيقتها تقهر ووالدة شقيقته تقهر وحتى والدتها هي تُقهر ، تقهر والقهر كان لم يعرف لها طريق ، بل كانت هي أحد الأسباب الكبرى في يوم ما بأن أحدهم يشعر بشعور القهر ليس إلا ..!! ، عقارب الساعه تمر ، وكم من محامٍ يرافع أمام ذلك الجبل الصامد ،"حازم" ، القضية الخاصه بـ "شريف" والتي رُفعت لاثنان ونظراً لحالته المادية المعروفه في بلده ، كان له من يدافع عنه الكثير ، فقط بالأموال ، رغم إحتمالهم الضعيف جداً بخروجه منها ولكنه لم يكن يريد ذلك، كل ما كان يريده هو بقاء "سليم" بالسجن هو الٱخر ويحدث ما يحدث بعد ذلك ، الي الٱن لا يندم ، إلى الٱن ولو تُرك عليهم لـ بدأ بتدميرهم واحد تلو الٱخر من جديد ، الكل يتألم من جديد ، وفي لحظة من اللحظات التي تمر وقعت عينيهم جميعاً على ٱية من ٱيات القرٱن فوق منصة القُضاه 




        
          
                
«۞ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ »



العدل؟! العدل الذي حتماً سَيُحكم به رغم الوجع ورغم الألم ، شهادة الشهود مره أخر ، الكل. ، الجميع بـ اقوال وحديث وشهادة حق وأخرى من معرفة"حازم" والخاص بـ قضية شقيقته ، وأخرون بمدافعتهم عن حق من ماتت مظلومة على يد مدافعة أحدهم بالزور ؟! ، تنهض وتجلس وأخرى كذلك ، إلى أن جلست "فريدة", بعد حديثها بتعبٍ و"زينات" تنظر لها بكسرةٍ كبرى ، واضعة كفها على أيدي إبنتها التي كانت بين حين والٱخر تتقابل عينيها مع عيني "شريف" في القفص الحديدي المعروف!!، تبتلع ريقها بخوفٍ ولا تعلم أي خوف ولكن الشعور الٱخر كان الإشمئزاز الممزوج بالخذلان عندما تنظر ناحية "سليم" هو الٱخر ، و"جميلة" التي كانت حالتها بائسه شديدة العجز ، قلبها يقهر وتشعر بالحنو والشفقه لكثيرٍ كلما تتذكر ما تسببه والدها تنهرها نفسها وتثبت علي مبدأها بقولها " ليس أبي !!" تحث نفسها بأنه قد مات وأنها يتيمة الأب ، وإن لم تكن يتيمة الأب بالفعل فذلك بسبب "حازم" الذي لم يشعرها يوماً بالنقص !! ..قُتل بها أي شعور تجاهه ، "عايدة" وما كان الشعور إلا لها التي تحملت إلى كثير ، وتقسم للذي يرى غير ذلك، دموعها لم تهبط إلا على حالة أولادها وشفقتها عليهم وبالٱخرى حالة "فريدة" التي تعلم كما يعلم الجميع بأنها صعبه ، وما مر عليها ليس بهذه السهوله ، ولولا بأنها تتسم بالشراسة والصمود والعناد لما ظلت كذلك!!! ، سَيُضرب الفؤاد؟؟ ستظهر العداله؟؟ سيشعر أحدهم بأنه أخذ حقه الٱن؟ سَيُرد الحق؟ لحظات إنتشاء بما سَيُحكم به بعد قليلٍ من الصمت في التشاور بين القضاه ؟ وبعد جلوس الكل؟، دقيقه ..إثنان ..ثلاثه ..والمتوقع للحكم بخبرة عمله كان "حازم" الذي ترقبت ملامحه بقوه كما الٱخرين عندما سمع أول الحديث عالياً للحاضرين ثم منتصفه بـ 



_«حكمت المحكمه حضورياً على المتهم "شريف صالح عبد الرحمن الشرقاوي " بالمادة٢٧٦ من قانون العقوبات بالسجن المؤبد أي المشدد لإعتـ.....»
يسترسل في الحديث بالقانون ، سجن مشدد ومؤبد ؟أي لا يقل عن عشرون عاماً خلف القضبان ؟! ، هكذا الحكم في قضايا الآغتصاب!! ، شهقت "فريدة" بوجعٍ وفرحة بٱن واحد، وحينها جلس بجانبها "حازم", الذي ضمها إلى صدرة كما كانت "جميلة" تتماسك باعجوبةٍ تحت بكاء "زينات" هي الٱخرى ، وهبوط دموع "فرح" بتشتت وخذلان لكل ما حدث ، واما عن "عز", فحفظ ملامح وجهه بالجدية عليهم والصرامة إلا هي وحدها عندما تعمد اللين وهو يحتويها بما ستسمعه خلال اللحظات الأخرى !! ، إبتلع الجميع ريقه ببطئ وترقب ٱخر عندما بدأ القاصي في التحدث عن القضيه الأخرى الخاصة بـ "سليم"، يتحدث ويتحدث إلا لحظة النطق بالحكم ، وهنا كانت ملامح "شريف", مستشفية لم يؤثر به أي شئ سوى وفقة أخذ الحق الذي كان بيديه من البداية أن يأخذه كذلك دون أن يمس نفسه بسوء هو ومن حوله !! ، القسوة في القول عليهم وخاصةً ابناؤه عندما سمعوا الكلمات الجامده الصارمة القاسيه التي كسرت قلوبهم وأحد القضاه يردد عالياً ويسترسل فـ الحديث الذي حُكم به عليه : 




        
          
                
_«وحكمت المحكمه حضورياً على المتهم "سليم محمد أحمد الأكرميّ" بالسجن عشرة أعوام مع الـ.....»!!!!



عشرة أعوام ؟ أقل ما يمكن حكمه لما فعله بل والتزوير الذي فعله يكفي لـ عشرة أعوام دون بقية دناءته ؟! ، سقط قلب"جميلة", وهي تضغط بيديها على كف "عز" الذي اخفي ألمه بغرز اظافرها بكفه بضغطٍ إلى أن جُرح وسالت الدماء من بين كفه ، ما فعلته من عزم قهرها لم تستطع التوضيح سوى بذلك ، تسمع الوجع والألم لديه ولديهم ولم ولن تسطع فعل شئ ، كما كانت حالة "فريدة" التي بكت بكاء يهشم القلب تهشيم لمن يراه ، و"حازم " الذي سمع كلمة رُفعت الجلسه وينسحب بالفعل من حولهم ، عدا هو وهو واقف ينظر على القفص من علي بعدٍ يتردد في الذهاب ليقف يتحدث بكلمات أخيره ، ولكنه فعلها عندما سار بخواءٍ ، ونهض من خلفه من تبعه جميعاً ، نظرات أعين قبل الرحيل مؤلمة ، قاسية عليهم ، كانت ملامح "سليم " باهته ورغم ذلك مازالت جامدة مهما ندم لم يظهر عليه ، إبتسم بألمٍ ممزوج بالسخرية وهو يلومة وكأنه لم يفعل شئ :



_" مبسوط يا متر؟! ، ياللي كان في إيدك مليون طريقة تخرج ابوك منها بس محاولتش حتى عشانُه !!!"



كلماته كانت متبححه بالنسبه لوضعه الٱن ؟ أي لوم؟ ، طالعوه بلومٍ جميعاً ولم تخلو نظراتهم من نظرات"شريف" بالابيض الذي يرتديه مثل الٱخر وهو يقف بجانبه يفصل بينهم حائط بسلكٍ حديدي وفقط هو الٱخر نظراً لتوقع الشر منه بأن يقتله في أي لحظة! وهذا ما يعمل عليه لم يعد لديه شئ يبقي عليه ، رفع "حازم" عينيه التي تجمعت بها الدموع المكتومه والتي أبت أن تهبط وهو يجيبه بكسرةٍ ظهرت لا محال في نبرته:



_"مكنش ينفع استخدم أي طريقه إنت إستخدمتها قبل كده ووصلتك لحد هنا ، مكنش ينفع أبيع ضميري وأخون حتى ولو علشانك .. محاولتش عشان اللي عملته ميتحاولش علشانه !! "



سكن وصمت بقهرٍ ثم واصل بهجومٍ لا يعلم كيف خرج الٱن :



_", ومحاولتش بردو عشان عمري ما شوفتك بتحاول علشاني!"



نتيجة ما زرعه هو الٱخر؟؟ يكن له الكثير ويصمت ؟ لم يتعافي بعد ، لم ينصدم "سليم" منه بل بقت ملامحه خاليه من التعابير حتى وهو يسمعه يكمل قبل أن يرحل ويتركهم أمامه وحدهم :



_" هدعيلك يعدوا سهلين عليك ودا صدقني أقصى ما عندي ..."



وأشار له قبل أن تهبط الدموع :



_"مع السلامة !!"



رحل وتركهم وسبقهم إلى الخارج رغم عجالة العكسري ولكنه بقى برشوةٍ من "عز" التي ترجته "جميلة" بأن ينتظر، وقفت" فريدة" بجانب "جميلة" بنفس الكسرة ، وعلى مقربةٍ منهم كانت "عايدة" و"زينات", منتظرين 




        
          
                
_"كان كل شوية عندي أسئلة كتير أوي نفسي أسألهالك وألومك بيها ، كل مره كانت الأسئلة عشاني ، بس هو سؤال واحد بس دلوقتي عشانك إنت ، ليه ؟ ليه عملت كده ؟ لما كان ممكن كل حاجه تتصلح بينا من غير الماضي ده ؟؟، نفسي أسامحك بس مش عارفه والله العظيم ما عارفه !!!"



قالت"جميلة" ٱخر حديثها بنبرةٍ باكية ، ويسندها "عز" من الناحية الٱخرى وخلفها "عايدة"، لم يستطيع الجواب عليها سوى بكلمة واحدة نادمه وبالأخص هىٰ وشقيقتها :



_"أنا عارف إني جيت عليكي كتير يا جميلة ، بس عارف بردو إنك مش هتعرفي تسامحيني ..إمشي زي ما أخوكي مشىٰ ..أنا عارف إني مخلفتش وهبقى وحيد فالٱخر...ولو عرفتي تسامحيني سامحيني يا بنتي 



_"أنا مش بنتك!!!!!!!"



وبإندفاعٍ لا تعلمه أردفتها ، يأس؟ يشعر باليأس والخيبه وحتي كلمات أسفه شعرت بفتورها ، حركت رأسها نفياً بقلة حيلة وتشتت، ووجدت هي بعدها جملة "والدتها" المندفعه من خلفها له:



_" حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ ، حسبي الله ونعم الوكيل!!"



قالتها وهي تسحب "جميلة " بعيداً بعدة خطواتٍ، في حين تعالت ضحكات"شريف" بإستخفاف وهو يردد:



_" حضرة المحامي إنت محدش طايقك مش أنا لوحدي اللي كده ، يا راجل دا أنت طلعت جاحد اوي ، عارف إنت لو أعرف إنك مكفرهم فعيشتهم كده كان صُعب عليا اللي حصل ، بالذات مع فـريـ ده !!"



أبطئ في ٱخر جملته بالأخص ذكره باسمها ، فاندفعت "فريدة" تصرخ به بانفعالٍ باكي:



_"إخرس..إخرس يا حيوان يا حقير...شوفت أخرك فين ؟؟؟؟ شوفت يا قذر ؟؟؟؟"



إبتسم ابتسامة صفراء وهو يحرك عينيه بمللٍ ثم أجابها بقسوةٍ عليها :



_"ٱخري معروف يا بنت سليم ..بس يا ترى أخرك بقا هيبقي على ايه ؟ وإنتي بحالك ده ؟؟ ، بالك إنتي لو أنا ؟ هبقى دمي حامي ومش هقبل بواحدة زي كده ..أما بقا لو الواحدة دي زيك فتستاهل الصراحة أرجع فكلمتي عشانها وأقبلها حتى ولو علي ..."



صمت قاصداً قهرها ثم أكمل سريعاً بـوقاحة جعلت "عز" يندفع مردداً بإنفعالٍ بعد قوله:



_" حتى ولو على.. عيبها !!!"



_" إسكت يا *** ، إسكت ..لسه باقيلك إيه تاني؟؟؟ لسه عايز يحصل إيه اكتر من كده رد؟؟؟؟؟؟؟"




        
          
                
إبتسم"شريف" على حديثه بإنتصارٍ ثم ردد بقوٍة عليه يوضح:



_",مبقتش عايز حاجه بعد ما خلاص وترت علاقتكم ببعض ودمرت أختك وحتى حبيبة القلب اللي سايبلها بصمة سودا مش هتنساها هي وأختها، مبقتش محتاج حاجه من الدنيا بعد سجن اللي ظلم أختي وقهر حياتي ، لو محتاج حاجه واحده بقوة لحد دلوقتي يا عز ، وهبقى فرحان أوي لو حصلت وسمعتها هي إن يجيلي خبر موت أمك، ويا سلام لو ده حصل!!!'



حاول"عز" مسكة من خلف القضبان بانفعالٍ وهو يسبه وسرعان ما سحبته "فرح " و"جميلة"بعيداً ، أما "فريدة" فبقت تطالع "سليم" بتقزز وهي تقول:



_" أنا عايزة أقولك قبل ما امشي إني حاسه بالقرف ، قرف إنك أبويا وإني بنت واحد زيك ولو العالم كله كنت ظلمته وقرر يسامحك فأنا عمري ما هعملها وهبقي الوحيدة اللي كسرت القاعدة ..سلام يا أستاذ سليم الاكرمي!!"



لم تردد أبي هي الٱخري ؟ كما فعلتها شقيقتها في السابق؟؟ ،يا لقسوه الوضع الذي يمر ببطئ ونهايته كانت بقول "سليم" الساخر لـ "زينات " التي وقفت تطالعه بصمتٍ بعد رحيل "فريدة" التي سندتها "عايدة" :



_" معندكيش حاجه تقوليها يا زينات .. عارفه ليه ؟؟ عشان هتفضلي إنتي اللي شاركتني فكل قسوة وجمود عملتهم على غيري ، حقيقه ومش هتتغير ولو أنا وحش أوي بس لو مكان بنتك مش هسامحك بردو ، هتعيشي وتموتي وحيدة !!!"



يندمها ؟؟ يقهرها؟؟ ماذا يفعل هو الٱخر ؟ ، هبطتت دموعها بحسرةٍ وهي تردد بنبرةٍ باكية وكأن وضعها. ووضع"عايدة "قد عُكس في ذلك الوقت:



_"عالأقل لسه قدامي وقت يا سليم ، قدامي وقت أحاول فيه ، لكن إنت خلاص !!"



إلتفتت بعد جملتها تخرج بعد أن وجدت نفسها وحدها حتى سمعت صوت ضحكة "شريف " الساخرة وهو يردد لـ "سليم" بإعجابٍ وجرأة لا تخلو من الوقاحة الظاهرة :



_"زوقك فالحريم يجنن يا سليم!!"



وأضاف سريعاً بوقاحة شديدة قصد بأن تصل لمن وقفت بعد أن سمعت جملته:



_"حتى بنت اللي أنا ضيعتها ..أمها حلوه بردو زيها !!"



جرأه ووقاحة لم تصدمها كونها هي الأخرى مازالت جريئه متبجحه رغم كل ما حدث ، تشنجت ملامحها من حديثه علي إبنتها حتى إلتفتت "زينات " تهتف بنبرةٍ حادة صادقة بتوعدها له من بين مسحها لدموعها بشده:




        
          
                
_" لو كان. المكان غير المكان ، وكنت قدامي ، كنت خدت حق بنتي منك بإيدي ..كنت كلتك بسناني "



وواصلت بنظرات شرسه وحديث أوقح من وقحه كُله حينما رددت ببطئ بـ:



_"كنت هخليك متنفعش تاني !!!"



جملتها الٱخيره أتت من شراستها ، أتت الجمله بمتتصف جبهته، صدم من وقاحة إمرأه مثلها ولكنه تذكر سب ابنتها له بأبشع الشتائم ، عائلة قذرة إذن؟ وبها مختلف الأشكال والأنواع ؟ ،ورغم غيظة ولأول مره يؤثر به حديث أحدهم ولم تكن أحدهم سوى إمرأه من وجهة نظره !! ، ضغط علي فكة وهو يتصنع برسم إبتسامة لها ثم أرسل لها قبلة طائرة بوقاحة ٱخرى أصبحت معتادة ، ولم يكن الرد منها. سوى ٱنها آقتربت أمام القفص تبصق علي وجهه حتى أتى علي وجهه مياه فمها مع رسم ملامح التقزز والإشمئزاز منها ومنه هو أيضاً وهو يسمعها تردد بشراسةٍ :



_", دا تمامك وتمام اللي جنبك !!"



طالعتهم بشرٍ قد عاد لها بعد فترة من الضعف ، ثم أكملت "زينات" بتبجحٍ وتشفي بٱن واحد حينما ودعتهم قائلة :



_" سلام يا رد السجون!!"



كاتت هذه جملتها الٱخيرة عندما بصقت عليهما معًا. بجرأه ومن ثم انسحبت بعدها إلى الخارج ، تاركة من لم يعاملهما بالعدل مع كتلة الشر ، ومن ثم لمن سيكون البقاء!! 



فالخارجّ إجتمعوا معاً أمام السيارة ، واخيراً إستطاعت "فرح" أن تقف مع "جميلة" على بعد منهما مرة أخرى ، لحظاتٍ من الصمت والبكاء أمام النظرات ، نظرات موجوعه مع الجملة التي خرجت من "فرح" بعد صمتٍ دام:



_" أنا ٱسفه !!"



كلمتان؟ أي تعتبر جمله ؟. سهلة القول ولكن لم تفعل شئ ، لم تعيد ما سبق من مر وتقوم بتحويله إلى سعادةٍ ما ! ،لم تغير الواقع الأليم ، لم تكن هذه الفرصه مرة أخرة؟! ، إبتلعت "جميلة" ريقها بصعوبةٍ وكأنها التائهة بهذه اللحظة لم ترى سواه ،تتلفت مثل الطفله كي يقف بجانبها ويسندها بعدما أصبح السند هو الٱخر لها ، وقف على بعد يتركهما معاً يتمناه بأن يصلح الحال بينهما رغم أنه لم يعطي هذه الفرصه لشقيقته ويقاطعها إلى الٱن !! ، وسرعان ما وقف بجانبها وعقله يتشتت بين الإثنان ، اخته ؟ شقيقته؟ ومن يختارها قلبه عليهم جميعاً. ،. وجدها تأخذ أنفاسها وهي تجيبها بقلة حيلة كُبرى ود لو يأخذ حروفها بمعناها ومن ثم يحللها إلى كتاب ، كتاب"عن أي خذلان نتحدث ؟ ماذا عن خذلانها؟ ، خُذلان حميلة؟!" :




        
          
                
_" مش قادرة يا فرح ، مش قادرة أعديها ودي حاجه صعبة أوي على قلبي!!"



كانت نبرتها الباكية شديدة في الٱتى وهي تراه يحثها علي التماسك بعنينيه ولكن خانتها دموعها وحديثها وهي تقول :



_"ٱسفه ؟ ٱسفه صح؟هترجع اللي فات؟. ، هتخلي علاقتنا زي الاول ؟ طب هتغير اللي إنتي عملتيه؟؟ ، هتخفي كسرتي؟ منك ومن ابويا ؟؟ ، إنتي كسرتيني أوي يا فرح وأنا والله العظيم الدنيا كسراني بما فيه الكفاية!!!!!!!"



ٱخر سبع كلمات بكل كسرةٍ كبرى ، قد تواجها من قبل وعلى الرغم من قلة الحديث في هذه المواجهة ولكن شعورها كان أصعب ما يكون ، وجدتها تتوجه ناحيتها بلهفه وهي تترجى "عز" وتتراجاها ببكاءٍ قائلة :



_" والله العظيم ما كان بإيدي ..أنا لسه باقيه ، لسه باقيه على اللي بينا يا جميلة ، عشان خاطري إديني فرصه، ضياعك مني صعب صدقيني إنتي فارقة معايا أوي !"



تمسكت بكف شقيقها وكف "جميلة " ،. تترجاها؟ تود أن تسامحها وأن تغفر لها ما حدث ولكن ما بقلبها حيله !! ، آعتدل "عز" وهو يفصل يديها من بين يدي "جميلة" لوجعه من هذه اللحظه ، عزة نفسه تجبره علي فصل شقيقته عن الٱخرى حتى وإن كان يحبها، لن يقبل بأن تترجي أحدهم بمثل هذه الطريقة !!، إبتلع ريقه وهو يسمع "جميلة" تبتسم لها بألمٍ كي تنسحب وقبل أن تنسحب رددت لها بمنتهي اللين :



_" محستش إني فارقة وطلعت مش فارقه ، مش منك بس يا فرح ، أنا مفرقتش مع حد فالدنيا دي غير "عز" ، "عز" اخوكي اللي بأمنك ما تعملي حاجه تبعديه عني بيها لأني مش هقدر !!!"



فقدان الثقه ثم وماذا ؟؟ ولم يعد شئ تفقده !! ، وجدتها تكمل قبل ٱن تنسحب قائلة بوداعٍ له ولها :



_" مع السلامه يا فرح ، ومع السلامة يا عز"



ثم أكملت سريعاً تقطع التشتت الذي كان به بهذه اللحظه :



_"في اللحظه دي وجودك مع أختك هو اللي يفرق وهو الصح ، مش هستناك. تيجي ورايا، أنا بحبك وعشان كده فاهمه ومقدرة اللي إنت فيه ده، بس صدقني مينفعش تيجي وايا وتسيبها ، بس ينفع تسيبني دلوقتي وتفضل معاها ،. هي معندهاش غيرك وأنا عندي عيلتي جنبي لحد ما تيجي بنفسك، توصلوا بالسلامة!!!"



ابتسمت بوجعٍ وهو الذي وقف تائهاً فقد كل شئ يعلمة ويوجهه بأين الطريق، المقارنة صعبه وجاءت وهونتها هي عليه، في كل مرة تهونها بوجودها !! ، وقفت "فرح" بيأسٍ وخذلان جديد ،. هذه أخر مره ؟! كيف؟ كيف لها بأن تُرفض وهي التي كانت تحاول بكل ذرة أمل لا تعلم كيف خُلقت ولا كيف زُرعت بها الٱن !! ، وجدتة يمسك بكفها بخواءٍ وسكون ، سكون لكل ما حدث وهو يسحبها برفقٍ دون نبس أي حرف منتظراً سيارة ٱجرة !!!!




        
          
                
وعلى الجانب الٱخر.. كان صمتهم عام لم يتحدث ولم يتفوه أحد بشئ ، الدموع التي تاره تهبط وتاره تتوقف كانت هي المتحدثت ، بين أحضان"جميلة" و"عايدة" قبل أن تركب في الأمام وتتركها بين أحضان "فريدة"في الخلف "فريدة" التي تتجاهل هى الٱخرى مواساة والدتها إليها!!!



وأما عنه هو ، فشعور أن الأركان قد ضاقت به كان الأقوي حتى أنه صعب عليه أن يتنهد ويأخذ أنفاسه بصوت ومن دون صوت ، إبتلاعه لـ ريقه أصعب ما يكون، وللقسوة عليه والتي تشعره بالندم بأنه غير قادراً على مواساة اي واحدة منهن ، بل شرد بكل ألمٍ مع بسمة السخرية عليه ،. وسؤاله بمتى اعتاد الراحه من الأساس؟! ، تأبى دموعه بالهبوط وحتى إنهياره ، الشئ الوحيد الذي جاء على خاطره ، "هىٰ" وعناقها، ورؤيتها وأحضانها وإحتوائها ، يود رؤيتها في هذه الثانية قبل الأخرى بأقرب وقت، يبدو أنني على حافة الإنهيار، جمله معترفه يعلمها لذا بدأ بأن يقود السياره بأقصى سرعه ممكنه وعقله مغيب عن قول "والدته " الخائف المتكرر المتلهف وهي بجانبه ترى ضغطه وعروق يديه وتشنجات وجهه عندما نبست بخوفٍ ظهر للكل وله حينها خرج اخيراً من شرودة بكلماتها المتكرره عليه :



_" براحة ي بني !!!!"



_____________________________________________



تعلم وعلمت بأنه سيأتي لذا إنسحبت رغم تعبها من بينهم بعد تناول الغداء بقليلٍ وفي جلستهم مع بعضهم بحديث عشوائي نهضت "ياسمين", وبيديها مفتاح شقة "عايدة" نظرت لهم مبستمة ثم قالت :



_" هستأذن أنا يا جماعه عشان حازم فاته جاي !!!"



إنتبه لها البعض وخاصةً "دلال" و"نيروز"و"وردة" التي نهضت هي الأخرى معها كي تذهب إلى شقة والدتها لوقتٍ ثم تعود ، إنتهت بخروجهم من باب الشقه ، فبقت "نيروز" جالسه بمفردها توزع الأنظار خلسة عليه من علي بعد وهو يهرب بـ أنظاره منها كي لا يعبث رغماً عنه ، تبتسم على خبثه التي باتت تعلمه ، فاقت من شرودها على أيدي "دلال", الحانية وهي تشاكسها بقولها بعد أن رأت محط أنظارها بين دقيقه والأخرى :



_"للدرجادي بتحبيه أوي كده بعينيكي اللي فضحاكي فكل مكان دي ؟"



طالعتها "نيروز" بخجلٍ وهي تبتسم فوجدتها تمرح معها كي تخفف عنها توترها بما يخص والدتها إلى الان !! :



_"ي ختي كان في جمله كده عمك حامد كان بيقولهالي علطول، كان إسمها ايه.؟؟!!"



صمتت تتذكر بمنظرها الخفيف المضحك وسرعان ما تذكرت بسرعه وهي تردد بلهفه :



_" أه افتكرتها كانت "العاشق بتفتضحه عينيه!!" وٱهو عينيكي فضحتك يا نيروز !!"




        
          
                
قالت جملتها بالعاميه العربيه وليست الفصحى، لذا ضحكت "نيروز" متحلية بالجرأه وهي تجيبها بخفةٍ :



_"صح ، يمكن تكون عيني فضحاني ، جوزي بقا نعمل إيه !؟ ، بس والله ساعات مبفهموش !!!"



أعلنت عجزها رغماً عنها ،وقد إستشعرت "دلال" حيرتها ، فربتت على ساقها باحتوائها وهي تحثها قائله :



_"بكرة تفهموا بعض اوي ، هي بس كل حاجه عايزة شوية وقت ،حتى ولو بتحبوا بعض ، وارد يحصل دا عادي، محدش بيسلم من المشاكل يا حبيبتي ؛ ولا إنتي بقا. منكدة على إبني وأنا مش عارفه!!!!"



مرحت بٱخر حديثها فضحكت "نيروز" عليها وجاءهم نبرته من أمامهم وهو يقف دون أن ينتبها له :



_"نكد إيه ي أم غسان ، دي نسمة ، خب تلاقي ودلع تلاقي ، ومزاج رايق تلاقي ، مش حارمة إبنك من حاجة أبداً !".



كان من المفترض بأن يسخر بها بينما ملامحه ونبرته ظهر بها الحب والصدق لوالدته كونه يعلم ما ستفعله بالكلمات ما ان تعلم بأن بينهما مشكلة ما ، تنفست براحةٍ ومن منظره وحديثه حتى بعدما جلس بجانبهم ، ومع نظرة "نيروز", الممتنه له، قصد عدم تقليلها وتعزيزها أمامهم، قصد رفع شأنها ، أخرجت أنفاسها براحةٍ وهي ترى أحضان والدته له بمرحٍ وخفه وكأنه طفل صغير للتو ، ولحنوه في هذه اللحظه كي لا يتركها تسأل نفسها وأين أحضان والدتي ، فرد ذراعيه لها وهو يستند على والدته فتوجهت هي بحرجٍ تحتضنه وهي تستند عليه وسرعان ما تأوي سريعاً من جرحه فآنتفضت قائلة بخوفٍ :



_", أنا ٱسفه والله مخدش بالي !!"



وبعدما جلس هو وهو معتدل وهي بجانبه فانحنى يهمس بخفه دون إنتباه الآخرين له :



_"خدتي بالك فالمرة اللي قبلها يا قاسية !!"



نظرت له بتوترٍ من. قربه الذي وسرعان ما إعتدل عندما وجد "دلال" تنهض ناحية المطبخ ، ووسط إنشغال والده وشقيقه و"شادي" فالحديث المرح مع بعضهم ، وجدته يطالعها بصمتٍ من ملامحها المرتبكة التي تخفيها بالخوف على والدتها، يشفق عليها في كل مره رغم ٱنها تعكر الحديث والوضع بينهما ، بل وكانت قد عقدت العزم على أن لا تضعه تحت ضغط ، لذا سألته "نيروز" بترقبٍ واهتمام تحاول إشغاله وإشغال نفسها :



_"هي وسام خرجت إتغدت ودخلت تاني بسرعة ليه ؟ بقت بتختفي كتير وحاسه إنها زعلانة من حاجه!!!"



يعلم بأن موعد إمتحانها يقترب وقت عن وقت ، ولكنه هو الٱخر يلاحظ ذلك ، كان سينهض من الأساس ، حتى نهض برفقٍ وهو ينظر لها حتى أنه مد يديه يقدمها لها فوضعت كفها بكفه وهي تنهض هى الٱخرى معه ، علمت بأنه سيتجه لها في الداخل بغرفتها وهي معه !!..




        
          
                
وقفا أمام الغرفة وبدأ هو في أن يدق الباب بخفه ، وقد لاحظهما "بسام" الذي نهض خلفهم هو الٱخر ، فتح "غسان", الغرفة بعد أن دقها بخفه فوجدها تنتفض بسرعه ومن ثم وضعت هاتفها تخفيه وهي تزفر بإرتياحٍ ، قد لاحظ هو فعلتها ، فوجدته يقف وبجانبة "نيروز" التي إبتسمت لها بحنوٍ وهي تسألها بخفةٍ :



_" الحلو قاعد لوحده وواخد جنب ليه ؟!"



من الطبيعي أن تجيبها بمرحٍ وخفة مثلما سألت ولكنها إستشعرت نظرات "غسان" التي إخترقتها بقوة من ما لاحظه دوناً عن الأخرين ، وزعت عينيها بينهم هم الثلاثه خاصةً عندما أمسك "بسام", أحد الكتب الخاصه بها وهو يطالعها ، في حين أجابتهم هي سريعاً وشعور الارتباك بها لا تعلم كيف ولكن نظراته المتشككه نحوها تترصد :



_" مش واخدة جنب ولا حاجه ، بس قاعدة بلم المنهج عشان الامتحانات زي ما إنتي عارفه بتقرب والواحد متوتر اوي!!"



_"متخافيش طالما بتعملي اللي عليكي يا ويسو !!"



كانت هذه جملة "بسام" الحانية لها وهو يضع يديه على خصلاتها برفقٍ ومرحٍ ، في حين أيدته "نيروز" قائلة هي الٱخرى :



_"صح ، خليكي واثقه فنفسك وفقدراتك ، وطالما عملتي اللي عليكي يبقي ربنا مش هيضيع ليكي تعب أبداً ،وبعدين إنتي الفنانة بتاعتنا خلاص ، دا مسمياكي عندي ويسو الفنانة !!!"



طالعتها بإمتنانٍ فهي تخفف عنها رغم ضغطها وحملها الثقيل ، تعمد "غسان" الصمت ليشعرها بالتوتر إذا كان ما بعقله صحيح أم خطأ ، سيعرفها لطالما يعلم كل تفاصيلها!! ، كان الحديث عشوائي عن المواد الدراسيه والحصص وغيرها ، وأما عنه فبقى ساكناً صامتاً إلى أن لاحظ أحد الإشعارات المعلنة بقدوم رسائل كثيرة خلف بعضها على دقيقة واحدة !!!! ، اعتدل بعدما سمعها تهتف بأنها ستخرج كي تتركها تذاكر بهدوءٍ ، حتى بدأت "نيروز" بالإنسحاب بالفعل وبقا هو و"بسام" الذي قبل قمة رأسها بحبٍ وهو يشاكسها مردداً :



_" شد حيلك يا كتكوتتنا ، علشان محدش هيزغرطلك غيري أنا وشادي لما تنجحي!!"



خرجت ضحكتها الخافته وهي تغمز له ، لاحظ هو سكون "غسان" المريب الذي وأخيراً قام برسم بسمة غير طبيعة عليه وهو يردد لها بنبرة شديدة الهدوء:



_"صح ، إسمعي كلامه ..ولينا كلام مع بعض بعدين!!"



عقد "بسامّ" ما بين حاجبيه من طريقته الغربيه واللينه بنفس ذات الوقت ، في حين حركت رأسها بتوترٍ منه وهو يبتسم لها بهدوءٍ، فأشار هو لـ "بسام", وهو يقول :




        
          
                
_" تعالى إنت بقا عشان عاوزك بردو !!"



______________________________________



تحرك كل منهم إلى شقته ، من "حازم" و"جميلة"و"عايدة" إلى "زينات"و"فريدة" كل منهم قد حان وقته للانفراد بوجعه من جديد ،وخاصةً هو "حازم" الذي وأخيراً دخل غرفته فوجدها جالسه بهدوءٍ وسكون تنتظره هو وحده ، أغلق الباب من خلفه ووقف للحظاتٍ قبل أن يلتفت ويطالع عينيها وينهزم أمامها ، إبتلع ريقه ، والٱن بين هذه الجدران الثلاثة والغرفه التي شهدت الكثير ، ستشهد الأحزان القوية التي ستخرج؟ وكأن العالم أجمع يقسم على الوقوف ضدة وضيق الأركان عليه ؟! ، لوهلة يشعر بأنه من حُكم عليه بالحبس خلف القضبان ، وهذه المره لم تكن القضبان حديديه بل قضبان من ألم ؟ وجع؟ خذلان؟ خسارة !! نعم كانت خسارة عليه من جميع النواحي التي ممكن بأن ينظر منها ولها وعليها!! ، يُعقد لسانه كما يتوقف عقله عن التفكير ، لم يفكر ولم يشعر سوى بشئ واحد فقط ؟ كما لو أن الحديد ينصهر الٱن ؟ والبركان ينفجر ، عندما أولاها ظهره ولم يلتفت إلى الأن ، بل وضع ذراعه على الباب وأسند رأسه عليه بخيبةٍ وقد خرجت شهقته بألمٍ ووجعٍ ، يسأل من يراه ،"كيف لمثل هذه الشهقات بأن تخرج من رجل ؟" بل ورجل مثله هو !! الذي عاش متحملاً اعباء كثيرة!! ، لم يسمع هفتها بإسمه وهو يستند بكل ذلك الضعف ، لم يفكر سوى بتشتته وندمة الذي بدأ يظهر! 



_"لفلي ، عمري ما هوقعك ولا هتخلى عنك لو سندت عليا ، لو بتحبني متعملش كده!!!"



تقصد انفراده بالوجع وهي أمامه لم تقوى على التقدم خطوة واحده بل تريدها منه هو ، تريد بأن الانهيار يأتي منه بمنتهى العزيمة ، شعر بأناملها على ظهره من الخلف ولم يلتفت بعد ، كيف سيظهر لها الضعف؟ يريد وكان يري بأنها سهله ولكنها لم تكن كذلك عليه ، وجدها تقسم له مره أخرى بنبرةٍ متحشرجةٍ من خلفه :



_" حضني جاهز ودموعي كمان يا بن عايدة ، متوجعش قلبي أكتر من كدة عليك !!"



هذه الجمله التي أوقعت دموعه بكثرةٍ ومن ثم دموعها هي الأخرى كانت عكس ما أردفته بنبرتها الباكية ، إلتفتت بقهرٍ فوجدها تفتح ذراعيها بشموخٍ فأرتمى هو بها بسرعة فائقة وباندفاعٍ وهو يردد ببكاءٍ لها بداخل أحضانها :



_" أنا اللي قلبي إتوجع يا ياسمين ، أتوجع ومبقاش حمل إنه يستحمل حاجه تاني، أنا وقعت ..والله العظيم وقعت وواقع من زمان أوي ومش لاقي اللي يشدني..أنا عملت إيه لكل ده ؟؟!!"



يسألها بقهرٍ وببكاءٍ لم يخرج من أعته الرجال! ، تقهر وتقهر أكثر عندما وجدته يلوم الحياه بسؤاله لها مره أخرى :




        
          
                
_"قوليلي أنا عملت إيه عشان يحصل فيا كل ده ؟؟؟؟!"



شددت "ياسمين " بعناقها له وهي تردد بكل لهفه :



_" أنا هسندك ، أنا هشيلك من كل ده واللهِ ..أنا جنبك يا حازم ، جنبك وعمري ما هسيبك أبداً !!!"



شهق شهقات. مكتومه وأخرى ظاهره بقوه ولا يعلم هو كيف جاء على الفراش وهي بجانبه تضمه بإحتواءٍ وهي تربت عليه، مسدت علي خصلاته بخوفٍ وهي تتحدث بكل لهفه ويقين :



_" معملتش حاجه يا حازم ، بس لسه هنعمل ، هنعمل اللي محدش شافه ، لما لازم نفضل متماسكين ومع بعض ، عشان إبننا اللي جاي ، لازم تبقى ثابت عشانه وعشاني ، صدقني كل ده هينتهي ، إحنا ورانا حياة ودنيا ومستقبل واعدين بعض بيه إنه يكون أحسن بمحاولتنا مع بعض ، إبنك مش سبب كفيل يخليك أقوي ؟؟ قولي !!"



تستجوبة بكل لهفه ، فحرك رأسه آيجاباً وكأنه طفل صغير بتشبت بأحضان والدته لا يود الخروج منها ، لم تجد منه. رداً ولا حديث إلا بعد دقائق علي ذلك الحال حينما ردد لها بخوفٍ وكأنه طفل مره أخرى لا يود رحيل والدته بجواره وكأنه حلم بكابوس أقصى ما به كانت أحد الكلاب تنبح عليه !! :



_"متمشيش!!"



كيف ستذهب وتتركه؟ لن ولم تقدر على فعلها ، هبطت دموعها عندما وجدته يهتف بها بتشتت وتيهه لا يعي هو بماذا يردف من الأساس ، كانت هذه جملته التي تذكرتها قبل أن تنتظم أنفاسه وهي تستشعرها على قمة صدرها الذي يعلو ويهبط بخوفٍ وبكاء ورأسه المغيبه عن ذلك العالم تماماً مستندة عليها هى !! ، لأول مره تراه بأضغف حالاته الشديدة ، كانت تتوقع بأن المواجهة سيكون بها حديث أكثر من ذلك ووقت أكثر ، ولكن إتضح بأنه لا يعي بماذا يردف ، اتضح بأن الحديث يهرب منه كما هرب منه صمودة وثباته وتماسكه ، لم يبقى سوى ضعفه الذي لم يظهر سوى لها وحدها ، شريكة الحياة وحُب عمره الذي افناه بمحاولاته الكثيره على الصمود وهو يكبت إلى أن ظهر الإنهيار منقطعاً في النهايه على مراحل معينة ، وكل المراحل يعلم هو بأنها لم تمر سوى بوجودها هي وفقط بجانبه "ياسمين"!!!!!!..



_________________________________________



_"عز إسمعني ونبي ، ٱخر مره علشان خاطري، أنا مملتش أطلب منك تسامحني ، بس قولي ..قولي اعملك إيه وتبقى مبسوط ، بس بلاش كل المدة دي ولسه مقاطعني!!!"



كلمات مختنقه من "فرح" خرجت له للتو لـ "عز" الذي وقف أمامها بعدما عاد معها من الخارج وأمام "والدتهما" كانت المواجهه ، إبتلع ريقه بهدوءٍ وهو يتنهد يأخذ أنفاسه بتعبٍ مردداً لها بهدوء :




        
          
                
_" أدخلي جوه يا فرح ، أنا مش قادر صدقيني ، مش مستعد أسمع اي حاجه لحد دلوقتي، كلها تبريرات واعذار سمعتها بس لسه مش عارف اتعامل معاكي زي الأول ، سيبيني مع نفسي ولما احس إني تمام من نحيتك هرجع معاكي زي الأول ، بس إديني وقت!!!"



لأول مره منذ ما حدث يكون حديثه عليها لين ، وذلك بسبب تشتته بينها وبين الٱخرى وحتى بنظرات "حنان" له ، نزلت دموعها بخيبةٍ ويأس وهي تقول بحيرة :



_"والله العظيم يا عز أنا بحبك وبحبها ونفسي تسامحوني ، مترفضنيش زيها عشان خاطري ..إنت أخويا يا عز !!!!!"



تتوسله وهو الضعيف أمام بكاءها ودموعها ونبرتها الضعيفه ، كان حديثه يحثه على الخروج إلى أن خرج لها بسخريةٍ لاذعه:



_"ولما أنا أخوكي يا فرح ، مفكرتيش فيا ليه؟، مفكرتيش فـ كدة ليه غير دلوقتي وإنتي محتاجه حاجه بردو !! ، محتاجه مسامحتي اللي حتي انتي بتصعبيها عليا فكل مره، عُمري ما هبقى حد عليكي يا فرح عشان إنتي أختي ، ولو هي مش مراتي فأنا هبقي بردو متعاطف معاها أوي ، للدرجة اللي تخليني أقعد أسب وألعن في الصاحبة اللي تعمل فـ صاحبتها كده وانا معرفهاش !! وده بعيداً عن إني أخوكي واللي عملتيه يخصني وأذاكي طالني زي ما طالهم وطالها بالظبط!!! ؛بس إنتي كده طول عمرك معتمدة على غيرك وشايفه إن الكل عادي يشتال الحمل بس إنتي لأ ، اتعودتي الحاجه تجيلك ع الجاهز ويوم ما فكرتي تاخدي قرار وتعملي حاجه بوظتي حاجات كتير أوي أنا نفسي عاجز عن تصليحها !!!"



صمت بسكونٍ تام وهو يقتنع بخطأه فيما أردفه بعد سكونه حينما ردد لها وهو يوزع نظراته بينها وبين "والدته" !!! :



_" إنتي ضعيفه اوي يا فرح ، ضعيفة وأنا وأمك اللي عودناكي على ده من غير ما ناخد بالنا ، ضعيفه وأنا عمري ما كنت كده ولا كنت عايزك كده!!"..



الكل يعلم بأنها كذلك !! ، لم ولن يندم على قول الأتي حينما صمت ينظر نحو نظرات"حنان" الباكية بينهما بعجزٍ وحسره وهي تسمعه يخرج ما بداخله لهما :



_"ضعيفه عشان طلعتي ووعيتي على أم رضت وقبلت بحاجه ميقبلش بيها غير الضعيف اللي عايز أي سند وخلاص ، وضعيفه تاني عشان شوفتي واحد بيحاول ويبذل كل جهده عشان بس يجيب القرش اللي بيفرق بعد كدة ، عارفة الضعف فين في كده ؟؟ فإنك مجربتيش حتى الواحد بيطلع عينه عشانكم إزاي، ولا جربتي تقفي وتصدي قسوة الأيام عشان المره والوحيدة اللي جاتلك الفرصه تواجهي وتصدي لوحدك وبدماغك ..ضيعتينا !!!!"




        
          
                
_" عديها يا ضنايا ، عديها وقول للوجع معتش يدق بابك وبابنا !!!"



حديث من أم وتترجاه بعدما رأى شهقات ابنتها الضعيفه التي هرولت تغلق غرفتها من خلفها بعد سماعها لحديثه القاسي المؤلم !! ، علم نهاية قلبها الحاني ، علم بأنها لم تشعر هي الٱخرى بما يشعر به رغماً عنه ، إبتسم لها "عز" بتعبٍ وهو يتنهد ثم تركها وتوجه ناحية غرفته بصمتٍ مردداً كلمات إعتاد على قولها وحتي ولو إنهار للتو :



_" متنسيش تاخدي الدوا يا أم عز!!!"



جملته الذي قالها بإهتمامٍ من بين وجعه جعلها تشفق عليه ،في كل مره يحمل الهم أثقال ولم يكن بيديها شئ هي الٱخرى تفعله له !! 



_____________________________________________



_" هنفضل باصين لبعض كده كتير ؟؟ إحنا نجيب نيروز مراتك تبادلها نظراتك دي بدل الرعب ده ، عديني !!" 



قالها "بسام" بخفه وهو يتخطاه من سكون الوضع بينهما حتى بعدما دخل معه الغرفه المفتوحه ، ودخل "حامد", غرفته مع زوجته ، وهبط "شادي" بعدما طلب "يامن" كي يخرج به ، وبقت "نيروز" في الصاله تجلس أمام الغرفه المفتوحه التي تسمع الاصوات بها والتي ترتفع مره عن مره عندما ، تحدث "غسان" بلهجة ٱمره يقاطع سيره :



_" إستنى !!!"



إلتفت "بسام" ينظر له وقد علم ما يود قوله له عندما فكر بتلميحة له مع والدتهم قبل قليل ، نظر له بصدمةٍ طفيفه حينما وجده يصارحه دون مقدمات :



_"قبل ما تمشي بفكرك إن "فرح" أخت "عز" لأ.. .وألف لأ يا بسام..شوف بقا طريقك يلا !!"



قال"غسان", ٱخر حديثه وهو يشير له بغير اهتمام قصد بأن يظهره بعدما صارحة بما لديه، وأما عنه فبمجرد ما سمعت هذه الكلمات منه فتحت عينيها على وسعها بقوه من غرابة ما تسمعه !! ، وبالنسبه له عندما وجده يسيطر عليه بالكلمات وبهذا العناد دون الشعور به ضغط علي فكة متحلياً بالصبر وهو يواجهه :



_" لأ .."أه" يا غسان وبكرة هنشوف ، عشان أنا بحبها ، ومش من حقك بقا تقف فطريقي ، أنا موقفتش فـ طريقك لما قولت إنك عاوز نيروز ، رغم انك طلبتها بردو فظروف مكنتش سامحة بـ ده !!!"



يعاند مره أخرى، تأكدت شكوكه عندما وجدته ساكناً لا يعلم عن ذلك الموضنع شئ ، تشنجت ملامح وجه "غسان" بشده وهو يجيبه بإندفاعٍ :



_"انت بتشبه" نيروز "بمين ؟؟ بتشبه مراتي وظروفها بـ" فرح "واللي عملته ؟؟ إنت شكلك كده مخك فوت منك تاني!!!"



على مشارف العراك ؟؟ نهضت "نيروز" تقترب بقليل خوفاً من توتر الأجواء بينهما ، فنظر له "بسام" بصمتٍ ثم سأله بإستسلامٍ :




        
          
                
_" إنت عاوز إيه يا غسان بالظبط ؟؟ عاوز إيه مني ؟؟ أنا ما صدقت لقيت واحده بحس بس بالراحة أول ما أشوفها، بحس إن يومي مبسوط طالما هي ظهرت فيه حتي من غير ما أتكلم معاها ولا هي تكلمني !! ، إيه يعني غلطتت ما كلنا بنغلط!!!"



يبرر ويتمنى اللين والتفهم ، حرك "غسان" رأسه بنفى ومعالم قلة الحيله تظهر على وجهه بشده حينما قال بصراحةٍ كبرى :



_" متنفعكش يا بسام بقول !"



وأكمل بعدها بعقلانيةٍ وجدية متعبة :



_"سيبك من الغلط ، أخت عز مش حمل أي حاجه ، مش حمل حتى كلام إنت ممكن تخرجه عليها فوقت صعب ، مش حملك ولا حمل اللي ناوي تبدأ فيه عشان هي ضعيفه ؛ والضعف متكتبش غير ليها وأنا قولتلك ده وسمعته مني قبل كده ، بتعاند ليه وانت كمان مش حمل ده !!!"



_"لا حملي وحمل اللي أنا ناويه، علشان أنا ناوي أعوضها عن كل وحش شافته ، تعرف إيه إنت عنها ؟؟ ولو على كلامك اللي مش عايز تقوله تاني وبتحور عشان تقوله فأنا بقولك إني بحبها ومش بعوض وجود حد بحد تاني!!"



إبتلع "غسان" ريقه بنفاذ صبر وهو يرفع عينيه يواجهة بالحقيقه الذي عاشها هو :



_" مش هتستحمل ضعفها يا بسام ، صعب عليك صدقني لو إنت بتحبها!!"



قصد شعوره وشعور ضغطه عندما يري ضعف "نيروز" ، ورغم أن ضعفها لا يظهر فالكثير ولكنه شعر بالقليل بأسوء شعور ، كيف للٱخر بأن يشعر بنفس ما يشعر هو به بل وكل الوقت!!!!!! ، وجده يعاند مره أخرى بإصرار وقد خانته دموع عينيه المحبوسة :



_"هستحملها وهستحمل أي حاجه منها عشان بحبها ، أنا مستعد ابقى معاها على الصعب والمُر قبل الحلو !!!"



صمت"غسان" بعجزٍ والشعور الوحيد هو الرفض إلى الٱن ، وسرعان ما ترقبت ملامحه عندما وجده يسأله بإندفاعٍ كي يبرر له ويجعلها وسيله للإقناع بنقاط ضعفه الذي علمها ولم تكن نقطة ضعفه سوى هي التي تقف علي بعد منهما فالخارج :



_"طب إنت ليه مستحمل" نيروز" لحد دلوقتي؟؟ ليه قدرت علي عيلتها وإتجوزتها ؟. ليه جازفت وحاولت عشانها ؟؟ وليه قبلتها بكل حاجه رغم إنك عارف إن اللي منها فيهم شر ممكن يطول الكل ؟؟!!"



ترقبت جميع حواس "نيروز" بأعين يكتم بها الدمع ، في حين ردد "غسان" له بإختصارٍ وصدقٍ ظهر بكل تفصيلة به :



_" علشان بحبها!!"



سكن وصمت وهو يبرر له هو الٱخر القول برفضٍ غير مباشر حينما وضح:




        
          
                
_" وكمان" نيروز" مش ضعيفة !!"



وأكمل سريعاً بصراحةٍ وصحة بحديثه:



_" علشان كده عرفنا نكمل رغم كل اللي بيحصل ، اللي بيحب بيضعف يا بسام ، أنا اخدت واحدة الكل كان فاكرها ضعيفه بس هي أقوي ما يكون وإستحملت كتير ،ولو كانت قوية شويه فبعد ما بقت ليا وحصل الظروف دي يمكن بقت اضعف بسبب كمية الضغوط اللي عليها ..لكن إنت هتاخد واحده ضعيفه قبل ما يمر عليكم كل ده !! ، هيبقي باقي ضعف بعد كده ؟؟ فرح هتستحمل؟؟ إنت نفسك هتقدر تشوفها كده علطول؟؟!!"



كان حديثه صحيحاً ومقنعاً بنسبة كبيره ، وإبتلع "بسام " الغصة المريره بحلقه حينما قال "غسان" برأيه الذي لا يراه الكل :



_"وإنت نفسك ضعيف ، ضعيف عشان مش هتستحمل وجع تاني ، وضعيف عشان عارف إن فرح محتاجه تتعالج وسايب ده علي جنب وراكنه !!!"



ضعفها مرض وهذه حقيقه كبرى لا يعلمها سوى شخص يتفهم جيداً هذه الموضوعات !! ، حرك"بسام " رأسه بعشوائية ولم يستمع إجابته ، طالعه "غسان" بإنتظارٍ، وعندما وجده ساكن أضاف بعد حديثه السابق بـ :



_" ترضى لوسام تدخل دنيا وحياة ومسئولية لوكانت ضعيفه كده ؟.تقبل إنها تاخد واحد مش متفهم الوضع بس هو عاوزها معاه وخلاص مجرد سد خانة ؟؟؟!"



ٱخر كلمتان أثارا إنفعال "بسام " حتى أنه اندفع يردد له بنبرة مرتفعه مشيراً له بيديه :



_" قولتلك مباخدش حد مكان حد ، مبعوضش مكان حد بحد ، إيه مبتفهمش!!!!!"



أمسك "غسان" يديه وهو يتحامل على أن لا يتعارك وسرعان ما نفضها بحدةٍ كي لا يشير بها كذلك مره ثانية ،. يصبر عليه بشدة وصبر لا تعلم الواقفه كيف وصل له بخلقه الذي يضيق شئ فشئ مع الوقت!!!، هز له"غسان" رأسه برفضٍ ثم أردف له بنفس أول ما بدأ به :



_" و..لأيا بسام ؛ أنا مش موافق!!"



_" وأنا المرادي مش هسيبك تاخدلي قرار يا غسان ، المرادي مصدق قلبي ومُصرّ؛ ولو عرفت إنك عملت حاجه زي ما عملت ساعة تاج هتبقى لا إنت أخويا ولا أعرفك !!!"



يُكسر منه مجدداً بطريقة غير مباشره ، لم ينصدم ، بل وقف "غسان"بشموخٍ وهو يبتسم له بتعبٍ وسخرية ولم يردد سوى كلمة واحده أتت من عزم خذلانه الغير مباشر منه :



_"براحتك ..إنت حُر فحياتك ، ربنا يوفقك!!!"



رسم ابتسامة لينه هادئه رغم حزنه من داخله ، لوهله يندم الٱخر على ما قاله ، بل والأول يجعل بطريقته من أمامه يراجع نفسه للتو ، لم يحاول التبرير ، بل هرب ينفرد بذاته تاركاً له الغرفه وفي طريقه وجدها تدخل وتقاطع سيره، لم يتفاجأ من نظراتها القوية التي تحدجه بها قد رٱها منها من قبل حينما رحل زوجها بسببه قبل ذلك وقامت هي بالمدافعة عنه ، تخطاها بصمتٍ ، فدخلت هي له الغرفه ، وللشفقه على حاله منها وجدته يرسم على وجهه بسمة واسعه وكأن شئ لم يكن حينما غمز لها مردداً بمشاكسه متناسياً أخذه لموقف منها :




        
          
                
_" مش طالعلك صوت ليه يا رزّه ، نفسك فخناق معايا ولا نكد الوقتي .. قدامك الاختيار يلا ؟"



ضحكت "نيروز" كي تراضيه وهذه المره اندفعت تدخل بين أحضانه كلما تشعر بأنها تدين له بالكثير حتى بحديثه عنها قبل دقائق ، ضمها وهو يتنفس بإرتياحٍ وإطمئنان،يعلم بأنها سمعت الحوار لذا لم يتفاجئ من قولها :



_"متزعلش يا غسان، إنت احسن أخ فالدنيا !!!"



إبتسم على تشجيعها له وهو يخرجها من بين أحضانه ، حتى وجدها تردد له مره أخرى :



_"ومش عارفه كلامي ده صح ولا غلط ،بس ليه ممكن نفكر بالطريقه اللي بنفكر فيها علطول ، صدقني أنا يمكن أكون متفاجئه من الموضوع ، وإن فرح واللي عملته صعب أوي يتغفر، بس مش يمكن بيحبها ؟! ، أصل أنا كمان حبيتك وأنا عارفه إن هيقف وواقف فطريقنا ألف سبب يمنع ده ، بس كملنا رغم رفض اللي حوالينا !، يمكن فعلاً يكونوا لبعض ، ويكون هو قادر يغيرها وهي تقدر تتأقلم معاه بعيداً عن الظروف دي !!!"



ترسل له وجهة نظرها بمنتهى الهدوء ، لذا تنفس بصوتٍ مسموع وهو يوضح لها بإختصارٍ والعجز يظهر في نبرته :



_"بسام مبيغيرش حد يا نيروز ، بسام فاق من محنه وشايف إن الكل إتغير وكأن ده طبيعي ، شايف إن أضعف واحده أحسن واحده طالما اللي قبلها كانت شخصيتها أقوى وجاحده !!!"



_"مش يمكن القاعدة تتكسر وميكونش ده الوضع ؟؟ ، في ألف فرصه ليهم ، ساعتها هيتحدد ينفعوا يكملوا ولا لأ ، يجربوا !!"



تقنعه بعدما فهمت طبيعة شخصيته وكيف تدخل وتخرج منها ولها ، نظر لها "غسان" بحيرة ممزوجه بالآنهاكٍ وهو يوضح مره أخرى بيقين:



_"حتى ولو أنا مش موافق وهو كمل ، أمي وأبويا ممكن يرفضوا زي ما انا رفضت !!!"



وجهة نظر ٱخرى يفكر بها كونه يحمل كل هموم العائله هو الآخر ، صمتت لبرهه بعجزٍ وسرعان ما دافعت بقوه ، دفاع أتى من حبها لهم :



_"بس أنا واثقه إن باباك متفهم ، وبيقدر كويس، حاسة إنه لو عرف مش هيعارض ده وأديها تجربة يا تنجح يا لا !!"



_"في الحاجات اللي زي دي ، عقل حامد وعقلي واحد يبنت الأكرمي ، الغربية بالنسبالك واللي ممكن تصدمك بجد هي إن أمي اللي ممكن هتوافق!!"



فتحت عينيها علي وسعها كانت تعتقد بأنها سترفض كونها ليست هينه معها في بعض النقاط ، ضحك بخفوتٍ على رد فعلها ، وهو يحرك رأسه يؤكد ثم قال بتفسيرٍ :




        
          
                
_"دايماً ببقى في واحد بيصعب على الأم في عيالها ، هي بتحب ولادها زي بعض بس في واحد بتحس ان الدنيا جت عليه فتبقي حنينه عليه وبتحكم بقلبها ، ودي دلال مع بسام ، دي دلال عامتاً اللي بتحكم بقلبها بس من غير ما توازن حكم قلبها مع العقل ، أهم حاجه عندها هتبقي راحته وسعادته وإنه لقى نصه التاني اللي إختاره بنفسه وعوضه زي ما هي هتشوف ، مش هتفكر فمستقبله كـ راجل بعد كده معاها ، راحته ، مشاكله ، حياته عامتاً كلها ، وهو بردو زيها بالظبط في الطباع وفـ كل حاجه، أنا مبقتش فاهم حاجه يا نيروز !!"



أضاف"غسان" سريعاً بتشتت وهو يسند رأسه على كتفها بتيهه:



_"انا حاسس بالعجز ، حاسس إني متكتف من كل إتجاه ، مش عارف احل ولا أربط ، لا معاكي ولا معاه ولا مع أي حد هنا ، وكل ده بيرجع يحسني بالندم إني مش عامل اللي عليا بيحسسني إني مبحاولش ..ولما بحاول بفشل !!!"



كيف يفشل ولما الندم ؟! قلة حيلته كانت واضحة مع عجزه ، لذا مررت يديها على وجهه وذقنه الخفيفه بحنوٍ وهي تحثه بلهفةٍ :



_" إنت اكتر واحد بشوفه بيحاول ومبتاخدش قد ما بتدي يا غسان ، بس أنا معاك وسانداك وشايفه إنك بتحاول علشاني ومش على الفاضي، أنا بحبك والله العظيم وأسفه لو زعلتك مني فـ يوم وإتخليت عنك ، أو حتى ظلمتك بمجرد تفكير ، أنا نفسي تكون مرتاح دايماً ، وتفضل دايماً جنبي وفـ حضني من غير ما نفارق يوم، انت فيك حب وإخلاص وإهتمام لعيلتك ولكل اللي بتحبهم أنا نفسي بستغرب من قوته اللي حتى مبتقلش ولا بتتوقف فوقت زعلك وخصامك ، عدم وجودك فحياة حد خسارة يا بن البدري ، ومكسبي الغالي والوحيد من الدنيا والأيام هو إنتَ ..إنتَ ووجودك جنبي وفحياتي !!"



تعبر عن حبها بالكلمات التي تخرج اخيراً وهي تحاول مثلما يحاول ، أتى ذلك من عزم شفقتها وحبها له ، تنفس بعمقٍ وهو يرفع رأسه ومن ثم عينيه وهو يردد بنبرةٍ صادقه يذكرها بقول مضى :



_" قولتلك ، معاً وفـ حضن بعض هي الغاية يا بنت الأكرمي!!!"



_"عُمرك ما بتفشل تثبتني يا بن البدري!!، وعشان كده أحب اجدد تثبيتي بكلامك وأفعالك وحتي نظراتك اللي فضحاني أنا ومش فاضحاك إنتَ ، عارفه ليه؟"



_"ليه يا بطل ؟!"



غمز بها "غسان" وهو يردفها فضحكت وهى تراه يطالعها بجرأة فرددت بما كانت سترد به :



_" علشان إنت قليل الأدب ومبتتكسفش ، أنا اللي بتفضح بيك وعشانك فكل مره !!"



صمتت "نيروز" ثم واصلت وهي تقترب تقبل وجنتيه بحبٍ مردده بهمسٍ صادق يخفف عنه ويشتته بفعلتها التي اخذتها منه :




        
          
                
_"ولو الفضيحه فيها ابن البدري يبقي ميهمنيش حاجه بعدها !!!"



وأكملت سريعاً ببراعه في تثبيته وهي تضيف بقية جملتها بـ :



_" غيرُه !!"



تتفاجأ في كل مره وهي تستشعر خفقات قلبه التي تتسارع بقربها وحديثها رغم ما يظهر عليه كان عكس ذلك ، تعلم أنه بارع في إخفاء ذلك ، ولكن هذه المره تعلثمت نظراته بها وكأنه لم يري سوى عينيها حينما ردد بهيامٍ تحت تأثره من ما قالته ومن قربها منه :



_" ملامحك معتش يكفيها غزل يا نيروز ، مبقتش عايزه غير حاجه واحده بس!!"



قالها تحت تأثر شديد ، فاعتدلت "نيروز", وهي تضحك بخفه مجيبه إياه بتساؤل مهتم تلقائي :



_" عايزة ايه !!"



إقترب من بعدها يقبل عينيها برقةٍ وبخفه بعدما إنحنى قليلاً ومن ثم كانت القبله الثانية أسفل عينيها ومن ثم وجنتيها ، بخفة ولطف اعتادته منه وهي تسمعه يجيب على سؤالها بالقول بعدما أجابها بالفعل:



_" عايزة تتباس ..تتباس من غسان!!"



خرجت ضحكتها منها وهي تضع يديها على فمها ، في كل مره تخفي حرجها منه ومن بين نظراتها التائهه بعينيه ، صارحته بما كانت تعقد العزم على أن لا تقوله كي لا تضغطه وخانتها نظرة عينيه حينما قالت بخوفٍ من عدم إفاقة "سُمية" والدتها إلى الٱن :



_"أنا خايفه!!!"



كان يعلم بأنها ستبوح له بخوفها لذا فعلها حبه لها وكان قد بدأ بتشتيت عقلها كي لا يتركها مع خيالها وهي التي تحاول تحديد شعور واحد فقط ، اما التفكير بالخوف التوتر ، أو إزالة كل ذلك بنظرة عينيه وقربه حينما قال وهو على وشك تقبيلها :



_" إزاي بس وانا جنبك والله ما ينفع الكلام ده ، عيب !!"



ولمرة أخرى يردد عليها نفس الجمله الذي إستخدمها بكل لين وهو يردفها لها ، وهي التي لم تفكر بأي شئ مادام هو يجانبها ، ونفس القلب بجوار قلبها ؛ إعتدل سريعاً. بعدها وهو يمد يديه على بعدٍ من على الطاولة كي يجلب عُلبة الدواء عندما إستشعر سخونتها من جديد ، خاصةً جبهتها وعينيها التي بدت ظاهره وكأنها باكية بسبب درجة. حرارتها ، إبتسم لها وهي تعتدل تنظر له بحرجٍ ، وجدته يمد يديه لها وهو يخرج برشامة معينه ، وأعطاها لها مردداً لها بنفس النبرة الهامسة متيقناً بأنها ستأخذه ومن ثم ستنام بعدها بسبب وجود بعض من المنوم به :



_" علاجك يا رزّة !!"



_____________________________________



«وتطيبُ الحياة لمن يسعى،
فينجح، فيحمد.
ثم يسعى،
فيفشل، فيحمد.
ثم يُبتلى،
فيصبر، فيحمد.
ثم ينازعه القدر،
فيفهم، فيحمد.
ثم يستسلم لمن بيده مآلات الأمور،
فيطمئن، فيحمد»_مُقتبس
هكذا هو حالها ، تحمد بعد أن تيقنت وتتيقن في كل مره بأن الله بجانبها ، ولكن ليس علي البكاء سلطان وهي تردد على سجادة الصلاة بحديثٍ من بين شهقاتها الموجوعة ، ترى بأنها "فريدة" ولكن مازلت "فريدة" من نوعها ؟؟ ، رغم شراستها وشعورها بأن حقها قد أسترد بواسطة شقيقها منه ، ولكنها تشعر بالقهر في كل يوم وكل ليله ،. ترضىٰ ، تحاول الرضا. التقرب أكثر ، ويغلبها شعور العجز والقله في كل مره ، دموعها تهبط بكثره وصمت ، والشئ الوحيد التي تستطيع بأن تفهمه بأنها ترتاح فقط لأنها الٱن تتحدث معه ، تتحدث مع الله وحده، وحده من يفهمها ، وحدة من يقدر علي محو ذلك الشعور المؤلم التي تشعر به في كل لحظة تمر عليها ، ترى بأن الخير لم يكن بالٱقربون منها ، ولم ترى هى ذلك بهم ، والدها ، والدتها ، شقيقها من الإثنان معاً !!! ، وجدت السند من ٱخرين لم تكن تتوقع بهم ذلك ، ورغم ذلك تكسر للمره الألف بسبب ما حدث لها على يد صاحب الدناءة ! ، ليس هين أبدًا على أي فتاه ذلك الشعور التي تشعر هي به !!




        
          
                
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»



تتيقن بهذه الٱيه وبٱيات أخرىٰ، تعلم بأن الله هو منقذها ومنقذ من يسقط في الهاويه بمفردهِ دون سند ، هو السند ، وحده من قادر على أن ينتشلها من بئر الضياع في شعورها وحزنها ، لفظ الجلالة وحده من قادر على كل شئ ، تعلم هي ذلك وتثق بذلك جيداً ، رفعت "فريدة" أناملها تمسح وجهها ببطئٍ ما أن وجدت "زينات" تدخل منسحبه للداخل ، وببطئ انحنت تجلس أمامها على سجادة الصلاة ، والدموع تترقرق في عينيها ، والعجز رفيقها كونها لا تعلم ولا تسطع ان تعوضها بطريقة هينه تراضيها :



_" تعالي في حضن أمك يا حبيبة أمك .. تعاليلي لو بتحبي ربنا ومترفضنيش المره دي أبوس إيدك يا بنتي !!!"



تترجاها بوجعٍ وضعف ، رفعت "فريدة" عينيها بسكون مريب ولم تجبيب وكأنها لم تسمع منها شئ ، حركت عينيها بعشوائيةٍ كُبرى ، وهذه اللحظه فهمت "زينات" بأن تتركها تأتي لها بنفسها ، ظلت منتظره ولم تكف ، وما بين عيني باكية وأخرى تحاول التماسك بقوه !! ، هزمها كل الشعور المناقض ، هزمها كل شئ ، وخانتها شراستها وقوتها وغلبت عليها حنوها ، حينما تقدمت "فريدة" بخواءٍ تستند على صدرها بسكونٍ مُريب تذرف الدمع بصمت وققط ، تلهفت "زينات", وفرحت من مجرد ما فعلته ، رفعت كفها تمسح دموعها بخوفٍ وهي تمرر يديها علي ظهرها وكتفيها بحنانٍ لأول مره تشعره الٱخرى ، التي تحدثت بخيبةٍ بعد صمت دام :



_" نفسي اطلع من كل ده !!! ، نفسي يكون كل ده حلم يا.. ماما..!!"



بنبرةٍ هادئه شديده قالتها ومن ثم إبتلعت ريقها بعدها بتنهيدة موجعه وهي تسمع قولها المتلهف :



_" هتعدي كل ده ، هتعديه يا حبيبة أمك وبكره تقولي أمي قالتها ، بس ليني ، ليني يا ضنايا وسامحيني عشان خاطري، أنا قلبي موجوعلك أوي يا بنتي !!!"



إعتدلت ومهما مرّ ومهما حدث تبقي احضان الآم مختلفه بالطبيعة والفطرة، أعتدلت "فريدة " في جلستها حتى خرجت منها شهقتها وهي تندفع تتشبت بين أحضانها مره ٱخرى بقوه وهي تبكي بصوتٍ وأنين موجع ، إندفعت "زينات " من أثر فعلتها ولكنها تمسكت بها بقوه ووقع فؤادها وضربت به للمره التي لا تعرف عددها وهي تسمع بكاءها المسموع وشهقاتها ومن ثم حديثها المتقطع بكسرةٍ :



_"أنا تعبانة أوي يا ماما ، تعبانة اوي..ومحدش حاسس باللي أنا حاسه بيه ..أنا ضيعت ومبقتش قادرة ، أنا وحشه أوي !!!"



حديثها ببكاءها صعب ، لذا ضمتها"زينات ", بقوة وهي تردد بدفاع:



_" سلامتك من التعب يا ضنايا ، لا عاش ولا كان اللي يشوفك ويقول عليكي كده ، إنتي احسن واحده فعيني .. احسن واحده فعين أمك والدينا كلها ، اوعي تقولي كده تاني!!"




        
          
                
بكت بإنهيارٍ وهي تسمعها ، وكل لحظة تمر عليها تتنفس هي بها بإرتياحٍ ووجع بنفس ذات الوقت ، أغمضت عينيها بتعبٍ وهي تتمسك بها مرددة بصراحةٍ كونها تشعر بذلك لاول مره :



_" حُضنك حلو اوي يا ماما ..متخذلنيش تاني لو بتحبيني!!!"



حديث غير متوافق ، أوله غير ٱخره، لم يسعفها لسانها بأن يجيب عليها بسبب مدى ما وصلت له بنبرتها وهي تحثها علي ما تخافه منها. وكأن الثقه لا ترجع بسهوله !؟ ،تمسكت بها وهي تتنفس بصوتٍ ، وٱخيراّ تنهدت "زينات", تأخذ أنفاسها بوجعٍ ومن ثم تعمدت أن تظهر الأمل لها بردها الٱتي حينما قالت ببكاءٍ :



_" مش هسيبك يا فريدة ، مش هسيبك لٱخر يوم فعمري ، هفضل معاكي للٱخر وهعوضك ، حتى ولو لقيتي عوضك وربنا بعتلك نصيبك ، عمري ما هتخلى عنك، هقدملك كل اللي معملتوش للٱخر ، لٱخر نفس فيا!!"



أمل جديد ؟! وللسخريه ابتسمت "فريدة" بوجع وهي تستند علي قمة صدرها مرددة علي حديثها بخزيٍ :



_" نصيبي؟! هو حد هيبقبلي كدة و بحالي ده ؟؟، إنتي بتضحكي عليا تاني!!"



كسرتها في جملتها كان شديد ، حتي أن "زينات" اعتدلت مندفعه بحديثها وهي تقول بمدافعةٍ :



_" هيبعتلك نصيبك ، متقوليش كده تاني ، إنتي أي حد يتمناكي ، أوعي تستقلي بنفسك، مسمعكيش تقولي كده أبداً ، سمعاني؟!!!!"



وجدت الشراسه بها لم تسطع سوى أن تومأ لها برأسها بسكونٍ مُنهك ، ومازلت تستند هي عليها ، إبتلعت ريقها بشرودٍ وهي تتشبت بملابس والدتها متذكرة لحظة هجومه عليها ، تمسكت أكثر فيها بقوه وهي تردد بخوفٍ وصل إلى الٱخرى بقوه:



_" ضميني يا ماما ، ضميني أوي ..متسبنيش !!"



لبت لها غرضها بسرعه متلهفه ودموعها تهبط ، مشهدها وخوفها يشرح وضعها دون أن تبذل جهد للفهم بماذا بها ، علمت بأنها تحملت ما لا يتحمله أحد ، مستنده على والدتها التي تضمها بتبشت وقوه وكأنها ستهرب منها للتو ، مع جلوسهما وإستنادهما معاً أرضاً على سجادة الصلاة!!! 



لأول مره تشعر بالراحة والأمان ، وعلمت بأن هذا الشعور لم يكن إلا في أحضانها ، أحضان الأُم !!! ، كل منهم يستند علي صدر حاني ، لين ، هادئ عليهم وعلي قلبهم وعلي الأيام التي تمر وأغلب ما يمر بها هو المُر!!!!!!



________________________________________



قبل وقت مر ، ينتظر منذ وقت كبير أمام مركز التدريب الخاص بها ،جلب للصغير بعض المشتريات التي تسعده وجلس يطعمه إياها ، داعبه بسعادة وفرح كونه يعشق الأطفال ، بل وإنتشله بعيداً عن جو والدته المشحون بالحزن والبكاء ، ووالده هو الآخر بعيد عنه 



_" يلا هات بوسة بقا لعمو شادي!!"



قبله "يامن", وهو يضحك له بسعادةٍ ، فأخذ يداعبه بحبٍ وهو يطعمه وياكل معه هو الآخر ، نظر من. الشرفة بعشوائية وما أن رٱها تخرج بالفعل ، خرج بسرعه وهو يحمل الصغير ، ثم أغلق الباب خلفه ، سار ناحيتها بخطوات سريعه وهو يشير لها كي تنتبه له :




        
          
                
_" بت ي" مـنة" أنا هنا ٱهو!!!



قالها "شادي" بصوت مرتفع قليلاً وهو يتوجه ناحيتها حاملاً على ذراعه "يامن"، إنتبهت له "منه" بتعبٍ من التدريب بل وملابسها كانت ملابس التمرين التي كنت ستركب بها سيارة ٱجره وترحل إلى منزلها ، نظرت له بصدمةٍ وهي تهتف بغير تصديق :



_", يخرب عقلك ، إنت عرفت مكاني منين؟؟"



_"سر المهنه بقا ، لما شادي يعوز حاجه بيعرفها "



صمت سريعاً. ثم غمز لها بقوله وهو يطالعها بالكامل :



_" بس ايه الحلاوة دي!!"



حدجته بتعنيف ولم تجيبه بل مدت ذراعيها تأخذ منه "يامن" بحبٍ وهي تبتسم له برقةٍ ، نظر لها وهو يعطيها الصغير مردداً بمشاكسة:



_"ما احنا بنعرف نضحك وحلوين أهو!!"



_"جاي ليه إخلص !!!"



لم يتفاجئ من فعلتها بل اعتدل وهو يجيبها بثباتٍ :



_"جاي أملي عيني بشوفتك ، وجاي أتأسفلك تاني من اللي حصل ، وجاي أقولك إني قريب هاجي اتقدملك وإني منستكيش بس إنتي عارفه الظروف"



قررت أن تلين وهي تقبل "يامن" ثم إلتفتت برأسها له وللصدمة إجابته برقةٍ غير معهودة:



_" وأنا هفضل مستنياكّ يا شادي!!!"



_"من غير "بيه"؟!"



_"ما إنت هتبقي خطيبي بقا هنشيل الألقاب ، إنت تشيل "بت" وأنا أشيل "بيه" !!!!"



غمز لها "شادي" بإعجابٍ وهو يخرج من جيب بنطاله ،الشيكولاته ليهديها لها بلطفٍ ، فحدجتها مطولاً ثم عادت ترفض قائله:



_" عاملة دايت !!"



ولأن غالباً. طباعه مع حدة الشباب واحده ، أردف كلمة إعتراض لم تتفاجئ هي منها كونها تتوقع منه أي شئ بل سمعته يقول :



_" ...دايت إيه ؟ دا إنتِ مُزه ..هو أنا يعني خدت بالي منك من قليل !!!"



حركت رأسها بثباتٍ وهي تطالعه بنظرةٍ حادة ثم أجابته قائله:



_" هو حد قالك قبل كدة إنك سافل ووقح ؟!"



أشار لها ببديه بإندماجٍ وهو يجيبها بمرحٍ :



_'' يوووه دا كتير أوووي!!"



سكن وأضاف بتثبيتٍ لها وحب :



_''بس ولا واحده قالتها بالحلاوه دي!!؛"



طالعته بخجلٍ قليل ما يظهر وسرعان ما إعتدلت تقف عندما أخذه منها بلباقه وهو يردد :



_'' هاتيه بقا ، عقبال ما تجبيلي العيال !!"



_" عيال مين؟!"




        
          
                
_"عيالنا !!!"



خرجت ضحكتها الخافته منها ، فوجدته يحرك رأسه ناحية "يامن" الذي ردد له بنبره طفولية:



_" بيبي !!"



سأله بغير فهم في البداية وكأنه يسأل شخص ناضج:



_" بتقول إيه ؟"



_" بيبي !!"



_"ياض مش فاهم !!'



اندفعت "منه" بسرعه تعلمه بلهفه كبرى :



_" بيقولك عايز يعمل بيبي يا غبي ، عايز يدخل الحمام !!!"



اندفع سريعاً بذراعيه وهو يوجهه لها قائلاً عكس حديثه السابق :



_" طب خدي!!"



_", أخد ايه !"



_" العيال!!!"



ضحكت وهي تأخذه منه بحبٍ ثم إعتدلت تردد له على عجالة:



_ هندخل جوه في حمام و..هنيجي علطول !!"



_" ماشي ، مستنيكم أنا هنا ٱهو ، خدي بالك من العيال ي بت!!!"



________________________________________________



الساعات تمر ..اللحظات أيضاً تمر !! ، وهي الٱخرى تستند على قمة صدرة عندما تسطح بجانبها على الفراش ، كان مسطحاً على الفراش وهي بجانبه تستند "نيروز" على قمة صدره وذراعه يسنده علي كتفها برفقٍ وبيديه الأخرى هاتفه يعبث به ، كانت قد غفت هي قبل وقت منذ ٱخر مره كانت بها معه ولم تفوق سوى الٱن عندما إنتفضت جالسه مره واحده عندما شهقت وهي تحاول الصراخ ولم يخرج منها الصراخ بل خرج على هيئه إندفاعٍ صامت مكتوم ، وقع الهاتف من يديه أثر إندفاعها ومن ثم اعتدل هو سريعاً يمسك كفها يدلكه وهو يضمها بخوف ٍ مردداّ بتساؤل :



_"مالك يا نيروز ؟!!!!"



أخذت أنفاسها ببطئٍ وهي تحاول أن تنتبه له ولحديثه إلى أن فعلتها أخيراً وهي تاخذ أنفاسها بتقطعٍ فردد هو بعدها بلهفه وكفيها بين كفيه :



_"خدي نفسك ، خدي نفسك براحة !!!"



حاولت "نيروز" أخذ أنفاسها ببطئ ، فنهض هو سريعاً وهو يتحامل علي جرحه ، ثم سار بخطواتٍ سريعه يخرج من الغرفه بعد أن فتحها ، حتى جاء بزجاجة مياة بسرعه فائقه بعد أن لاحظ نفاذ المياه بغرفته. عاد لها سريعاً وهو يندفع يفتحها منحنياً يحثها بلهفه :



_" إشربي ، إشربي منها براحة وإهدي !!"



أمسكتها منه بيديها المرتجفه تتجرع منها فمد هو يديه يلتقط يديها الٱخرى بين يديه يربت عليها بخوفٍ ، غفت فحلمت حلم من العقل الباطن ، لم تتحدث بل بقت شاردة إلى أن اندفعت بقولها له دون مقدمات:



_" حلمت إنها مشت ..مشت وسابنتي، ماتت!!!!"



خفق قلبه بقوه وسرعان ما نفى وهو يدفع رأسه ناحيته برفقٍ مرددا. بوضوح:




        
          
                
_"بس يا نيروز متقوليش كده !! ، دي احلام وعقل باطن من خوفك وتفكيرك السلبي للموضوع ، أنا متأكد إنها هتفوق وهتبقي زي الفل ، شيلي من دماغك كل ده وفكري فالأحسن ليها!!!"



حركت رأسها وهي تومأ له بخفوتٍ ، طالع هو إرتجافة جسدها خاصةً أن ملابسها مكشوفه قليلاً من كتفيها وتشعر بالبرودة القليله عليها ، رغم ان الجو لم يكن كذلك ، التفت يطوي الغطاء طبقتين وهو يضعه عليها وخاصةً كتفيها ، فإبتسمت له "نيروز" بإمتنانٍ وهي تردد له بجدية وحنو :



_" شكراً !!"



شكرته علي فعلها شعرت بالدفء قليلاً ، فإبتسم لها بتشككٍ وهو يحرك عينيه ناحيتها وهي تعتدل أسندها برفقٍ ، ثم عدل لها خصلاتها المشتته على جبينها ، حتى مررها عليها ، انحنى يبحث عن هاتفه حتى إلتقطه سريعاً وهو يتفحصه ، ثم فتح لها أحد برامج للفيديوهات كي يشتتها ويلهيها ، قدمه له بلطفٍ وهو يتحدث لها قائلاً بتفكيرة الخبيث الذي حتماً يخرج كل مره عليها بقوله وفعله ومره تستشفه هي ومرات ٱخرى لم تستطع :



_" خدي اتفرجي على ما اعملك حاجه سخنه وأجي!!"



أخذته منه وهي تقاطعه بمحاولتها للنهوض وهي تقول :



_" لا ، خليك ، هقوم اعملنا أنا عشـ...!!!"



دفعها "غسان" حتى عادت من دفعه لها جالسه علي الفراش ، وهي تسمعه يرد عليها بتبححٍ :



_"كِني ، كني وإرتاحي هاا ، مش أي عناد وخلاص!!"



وجدت نفاذ الصبر بنبرته وهو يحدجها ، تمسكت بالهاتف بقلة حيلة وهي تراه يفتح باب الغرفه ليخرج منها ، تفحصت الهاتف بالفعل وكان ذكياّ بهذه الحركه ، فتحت عينيها على وسعها بذهولٍ عندما قرأت ٱخر ما بحث عنه منذ فتره :
• « أكثر الألوان اللي بتكون حلوه فبدل الرقص»



•«إزاي أقول لمراتي ترقص من غير ما تعقب »



•«أجمل ما قِيل في حرف النون "نيروز"»



•« بنهتم بالزرع أوي إزاي ، وايه اللي بيحتاجه علطول عشان ميموتش ويطلع بسرعه غير الماية ؟!»



•«سعر تجهيز مكان متوسط فالحجم بديكور هادئ كلاسيكي»



•« بما يتسم أصحاب العيون البنيه الفاتحة !»



•«كل معاني إسم نيروز»



•« حفر الأسامي على الخواتم الدهب »



•«سلسلة الفراشة »



•«عودة الوصال بالانجليزي»



•«لوجو لـ ""The Return of Reunion"»



لم تفهم الٱخير ولم تفهم البعض والبعض الأخر فهمته ، وكأنها تنظر علي العبث بعينيه عندما وجدت ما مضمون بحثه ، وبان التأثر بها عندما وجدت أغلب البحث عليها ولها ، بل وٱخر ما وقعت عينيها عليه كانت جملته الذي كتبها مؤخراً بفشله في البداية من إخراجها بحالتها :




        
          
                
•« إيه الحاجات اللي بتبسط الستات غير غسان !!"



تعالت ضحكاتها عندما وجدت عبثه وغروره الضاحك مع محرك البحث، مختل عقلياً ؟؟، ما يظهر عليه من ثبات وثقه وعلمه بما يفعله كان عكس ذلك ، حركت رأسها بقلة حيله وهي تكبت ضحكاتها ، خرجت من كل ذلك وهي تضحك بخفه عليه وعلى مرحه حتى مع نفسه! ، فتحت معرض الصور بالرقم السري كي تتطلع أكثر علي ما يرضي فضولها بالإستكشاف ، وإستكشاف هاتف مثل هاتف "غسان" تعتبر مشكلة كُبرى بما ستراه من ذكريات!!!



ٱعد كوبين من النعناع الساخن لهما وكوب ٱخر من الشاي لشقيقته التي تذاكر إلى الٱن، أسند الكوبان الخاصان به وبها ، وحمل كوب "الشاي" ليتوجه به أولاً ناحية غرفة شقيقته ، دق الباب بخفه ثم فتحه بعدها وهو يدخل بهدوءٍ ، اعتدلت وهي تبتسم له ولم تنسي ما فعله معها قبل ساعات، بل تعمدت أن تظهر بالطبيعة حينما غمزت له بخفه وهي تقول :



_" شاي. بنفسك؟ دا إنت مروق عليا عالٱخر، دا أنا قولت دا بسام عاملي أكل ولا جايبلي كريب ولا شاورما ولا بطاطس ولا ..!!"



قاطعها "غسان" وهو يرسم ابتسامه هادئه مع قوله المتساءل بجدية بالغه جعلها تتراجع في الحديث المرح :



_" بتذاكري بقا وكده ولا مش عارفه ومنكدة علي نفسك!!"



طالعته بصمتٍ وغرابة بل وجلس أمامها وهو يقدم لها الشاي محركاً رأسه بانتظار الرد ، فردت هي بخفةٍ :



_" الإتنين واللهِ ، إدعيلي !!"



_" بدعيلك اكيد ، خصوصاً إن الحِمل زاد عليكي لما وقفتي تروحي سنتر وبقا كله أونلاين، هم صحابك موحشوكيش هناك ولا ايه !!"



تصنع الانشغال وهو يعبث بأحد الأقلام ، إبتلعت ريقها ، ولم تكن غبيه كي تأتي له بالحديث ، بل والمعروف بأنها تعلم قصده وتعلم ما يريد أن يصل هو له ، تنفست بهدوء ثم قالت :



_" معنديش صحاب والله ، الرحلة فردية !!!"



مرحت مره اخرى ، فوجدته يحدجها بصمتٍ ثم وزع نظراته بينها وبين هاتفها على المكتب ، يثق بها وثقته لم تهتز ، لذا استقام واعتدل وهو يحرك رأسه هاتفاً :



_" طيب ..شدي حيلك!!"



أوقفته صوت الرسائل مره أخرى والتي أتت خلف بعضها لارسال المرسل علامات استفهام كثيره !؟ ،إلتفت فوجدها تفعله بوضع الصامت بصمت ثم رفعت عينيها وتفاجأت من وقوفه حتي أنه لم يرحل ، توترت ملامحها بشده حين سأل هو:



_"دا مين اللي ببعتلك رسايل من الصبح كده كتير، بقيتي شخصية مهمه وإحنا منعرفش ؟!"



عبثت في كوب الشاي دون أن تتجرع منه وعلى لحظة عندما لاحظ بأنه سيقع منها. بإرتباكها هذا، ردد مره أخرى وهو يشير بعينيه نحو الكوب ينبهها :




        
          
                
_" الشاي!!!"



_" ماله ؟؟"



_"مش مظبوط.و...بيحور. !"



حاولت التماسك من تلميحه وقد علمت بأنه لا مفر من السؤال التي ستسأله له ، وهذا ما كان يريده فالبداية :



_"إنت عاوز ايه يا غسان ، بتلف وتدور علي إيه؟!"



طالعها "غسان" بصبرٍ وهو يبتسم بلين عكس ما رد به عليها:



_"بلف وأدور عليكي وانتي تلفي وتدوري عليا وأديها ماشية !!"



إلتفت ليسير ويتأكد كل مره بأنها تخفي شئ كبير لطالما هذه ملامحها التي تبرع في اخفاءها مثله وظهرت !! ، قاطع سيره نبرتها المندفعه له وهي تقول :



_" إستنىٰ!!! "



وقف يبتسم بإنتصار طفيف عندما وجدها تهتف بذلك ، وتلاشت سريعاّ عندما وقفت أمامه بعدما توجهت ثم قالت بحيرةٍ :



_"عايزة اقولك حاجه .. بس متزعلش مني !!"



_"هي حاجه تزعل ولا ايه ؟"



خفف عنها بقوله ذلك وهو يبتسم ، فحركت رأسها بتشتت وهي تقول:



_", مش عارفة الصراحة ، بس اللي أعرفه انك عرفت!!"..



_" عرفت إيه؟"



_" عرفت إني مخبية حاجه عليك !!"



ترقبت ملامح "غسان" وهو يمسك يديها يحثها على الجلوس برفقٍ ثم قال بلينٍ عندما وجد الخوف بعينيها :



_" من إمته وإنت كنتي بتخبي عليا يا وسام ؟ أنا سامعك قولي ومتخافيش!!"



في هذه الأمور كانت تود الإنفراد بـ "بسام ", وليس هو، كون الٱخر سيفهم ويبادلها الحديث بلين ونصيحة دون تعنيف حتى ولو طفيف ، لم يسعفها الوقت وجاء لها به هو ، بمن يخاف عليها وتعلم هي ذلك ، إبتلعت ريقها وهي تحاول أن تسرد عليه بهدوءٍ دون توتر وهو يسمعها :



_"الرسايل دي من ولد كان معايا في السنتر في كل الدروس ، كنت بلاحظ نظراته من بعيد لبعيد وحتي البنات كانوا ببقعدوا يبصولي بتركيز عشان كان هو ببقى مركز ، طنشته كتير ومحطتش فدماغي ، بس من ساعة حادثه دماغي وهو دخلي من رقمة وجاب رقمي من الجروب المشترك، سأل عليا. فأنا إعتبرتها زُملا ورديت ع قد السؤال بأخباري إيه ، ساعدني من نفسه وبعتلي كل اللي فات رغم إني مروحتش تاني ، سألني كتير لو في حاجه مش فاهماها بس كنت بصده برد مختصر وخلاص ، من ساعتها وأنا برد على القد بس الايام الاخيرة بقا بيسأل عني كتير اوي وبيقعد يبعت رسايل كتيرة عشان ارد عليه وأنا معلقاه بقالي كام يوم ومش برد!!!"



يعلم المرحله التي تمر بها ، ويعلم ما يفعله ذلك الشاب ، كان يفعل مثله ، وداين تُدان بهذه النقطة !،تنفس وتنهد من الأساس يخرج أنفاسه وهو يحرك رأسه بصمتٍ ومن ثم سألها بسؤال صدمها من كونه بقى هادئاً بل وسؤال لا يتوافق مع تفكيره في العموم :




        
          
                
_" وإنتي حاسه بإيه؟ مُعجبه بيه؟!!"



حركت رأسها بصدمة ولوهله تشعر بأن أحد غيره جالس أمامها ، ولكن يعلم هو كيف سينقذ الوضع ببراعه ، نفت سريعاً بذهولٍ وهي ترد:



_" إنت بتقول ايه يا غسان ، معجبه إيه لا طبعاً !!!"



_"ده اللي هو عاوزك توصلي ليه ، تنفي حاجه عايزاها ومش عايزاها ، بيشدك بإهتمامه وبعد كده يرخى تاني بعد ما بعلقك بيه ويبدأ الإهتمام يقل ، دا لو قولنا يعني إنك دوستي فالطريق ده ، بس عشان عارفك ، وواثق فيكي ، عارف إنك مش هتعملي كده ، لكن هيجي عليكي وقت غصب عنك زي الوقت ده بالظبط ، والكل. مشغول ومسحول وإنتي كمان مضغوطة من كل اللي عليكي ، فتدوري فاللحظه دي على حد يفهمك ويهتم بيكي ، يمكن ٱكون قصرت معاكي فالفتره الٱخيره بس صدقيني الواد ده بيلعب بإحترافية الشباب أغلبها بتلعبها ، لو هو جد مش هيعمل كده ، ولو هو جد الجد كمان هيركز فمستقبله ومش هيشغل باله بالحوارت دي ، زيك كده ، إنتي اللي طول عمرك جد وهتفضلي جد وشايفه اللي وراكي ومستقبلك!!!"



يسرد عليها بتفهمٍ وكان من يقف على بعدٍ "حامد ", خارج الغرفه بأكملها بعدما وجد الكوبان ، وقدم واحد منهم إليها في الغرفه والٱخر وقف يتجرع منه هو وهو يستمع لحديث أولاده معاً ، تأثرت من حديثه وتحمست بنفس ذات الوقت ، حركت "وسام " رأسها بلهفة وهي ترد عليه بصدقٍ :



_"أنا فعلاً جد يا غسان وهفضل جد عشان أحقق اللي نفسي فيه مش هتلفت ورايا وجنبي لكل ده ، ومش هخون الثقه اللي خلتني متردده ومتوتره بمجرد بس ما التليفون ماسكاه فإيدي عادي !!!"



_"وأنا واثق فيكي ، واثق فيكي أوي وعارف إن إنت غسان البدري التاني يا جميل ، فمش قلقان ، سايب ورايا وحش !!!"



ضحكت بخفه وهى تتوجه لتعانقه بحبٍ ، وبهذه اللحظه علم بأنه أنقذ الموقف بإحترافٍ ، كما علم"حامد " الذي وقف من على بعد ينصت ويتابع بتأثرٍ منه ، فهو لا يفشل بأن يثبت له في كل مره بأنه نسخته الثانيه ، ونسخته الثانية تعانق نسخته الثالثة !! ، قبل قمة رأسها بحبٍ وسرعان ما أمسكت الهاتف تفتحه ثم وضعت الرقم بخانة الحظر. ، لا يري ما تفعله ولكنه يعلم ما تفعله وما فعلته هي !! ، نهض بخفةٍ ، فاعتدل "حامد " يسير بعيداً تزامناّ مع خروج "غسان" وهو يحثها علي المذاكرة والصمود ، بحث عن الكوبان ، ثم خرج ووجد "حامد" يضحك عليه بخف وهو يؤكد له ما خمنه :



_" ايوه أنا اللي أخدتهم ، لقيتهم من غير أصحاب فـ قولت خدهم يا واد يا حامد واحد ليك وواحد للبنت اللي تعبانه ، خبطت عليها واعطتهولها وكانت يا عيني متغطية بالبطانيه كلها علي بعضها ، فقولتلها هو ابني مبيحضنكيش عشان يدفيكي ليه ؟ قالتلي أصله قاسي أوي ي عمو ، فقولتلها خشي يا قلبي فحضن عمو أنا مش قاسي أنا حنين!!!"



يسرد بخفه ومشاكسه جعلت "غسان" يضحك رغماً عنه وهو يسأله بتشككٍ:



_" بقا هي قالتلك كده؟ "




        
          
                
أكد والده بكذبٍ وهو يضحك ، فردد "غسان" بمرحٍ وتبجحٍ له وهو 
يتخطاه :



_" لا دا إحنا ندخل نغير الفكرة دي بقا !!"



تخطاه وهو يردفها فأكمل "حامد " طريقه لغرفته هو الٱخر ، في حين أغلق "غسان" الباب خلفه ، فوجدها تردد بهجومٍ وهي تندفع بقولها له :



_" مين دي ؟؟؟؟؟"



وجهت له هاتفه بصورة مع فتاة ما ذات أعين خضراء وشعر بني داكن طويل وكان هو بجانبها في الصورة ، ابتسم بإستفزاز وهو يقترب ثم حرك كتفيه ببساطة وهو يرد:



_" دي" سُندس" !!!"



ضغطت على فكها بنفاذ صبر وهي تهاجمه بشراسةٍ وسخرية منه :



_" يعني مين يعني !!!"



_" الإكس بتاعتي زمان!!"



قالها بإعترافٍ ، فحركت الصوره إلى صورة أخرى وكان "شادي" يمسك بها كف الفتاة ، وجهتها له أمام عينيه وهو تواجهه مره ٱخرى بـ :



_" اومال إيه ده ؟ "



_" ما هي اكس "شادي" هو كمان!!"



رفعت شفتيها باستنكارٍ وهي تجيبه بشهقة معترضه:



_" يا سلام ؟ حتى دي بتتقاسموا فيها ؟"



_" ما هي تستحق الصراحة ، وبعدين احنا زمان مكناش بنسب حريمنا تروح لواحد غريب ،. رجالة ودمنا. حامي !!"



_"فتقوم مرتبطة بيكم ورا بعض صح ؟!"



جلس وهو يتعمد رسم ملامح الهيام وهو يشرد ، مصمص شفتيه برواقةٍ وهو يتذكرها حينما قال :



_" دي كانت حتت فـ ...."



وقبل أن يكمل وجدها تقذف الهاتف عليه بغيظٍ وهي تقلب عينيها بمللٍ حتى توجهت لتجلس بعيداّ عنه وهي تتحدث من بين ضغطها علي أسنانها :



_" طبعاً .. مش غريبه من واحد عينه زايغه زيك ، عينيها مش حلوه علفكرة وشعرها مش ناعم طبيعي عشان تكون عارف بس !!!"



كبت"غسان" ضحكته وهو ينهض ليجلس بجانبها تزامناّ مع رده وهو يذكرها:



_" ما أنا مكنتش بحب الشعر السايح اوي ده ، فسيبتها ومن ساعتها وأنا بدور علي واحدة شعرها زي شعرك ، لحد ما لقيتك فوقعت فيكي !!!"



علم كيف ينسيها الوضع ، طالعته باستنكارٍ وهي تعطية كتفيها بأخذها موقف ، فضحك هو وهو يسألها بمرواغة :



_" مش هتقوليلي طيب وقعت فحبك إزاي وشوفت شعرك إمته أول مره ، بما إنك بتنسي الحجاب أكتر ما بتلبسيه !!!"



سخر منها وهو يتغزل !! ، فحدجته بحدةٍ وهي ترد :



_" أنا مطلعتش بشعري أول ما جيتوا ، كنت ملتزمه بالحجاب علفكره ، أنا ملتزمه بيه علطول واللي حصل ده من توهاني مش اكتر!!"




        
          
                
_" لا طلعتي بشعرك أو ما جيت ، افكرك؟!""



اقترب في قوله الٱخير يهمس ، فأبعدت وجهها عنه وهي تطالعه مومأة برأسها بنعمٍ ، فإعتدل يجيبها بتذكرٍ وكأنه أمس حينما قال وطبيعته اللماحه في كل شئ تظهر :



_" اول مره شوفتك فيها كانت بالفستان الأزرق اللي كان هياكل منك حته وانتي بتقدميلنا العصير كان بحجاب !!"



وأكنل سريعاً بالإجابة :



_''هي تاني مره بقا ، لما جيت أودي الكوبايات ليكم وطلعتي إنتي فتحتي بشعرك ، قعدتي تستوعبي إن في واحد واقف ، فمديتي إيدك جنب الباب ولبستي الحجاب، كنتي عاملة كحكة فوق راسك بتوكة سودة حرير !!!"



يسرد بالتفاصيل؟ ذلك الجرئ الوقح الذي لا يغفل عنه شئ بهذه الأمور أبداً، ضحكت بإستسلام وهي تتذكر حتى رددت بسخرية:



_"عينك دي هتوديك جهنم ، إن مخزفتهاش انا ليك لو لسه واخد بالك من أي تاء مربوطة كده !!!"



وأضافت سريعاً بسخرية دون وضع حساب بأنه سيجيب بالفعل عليها :



_" مش فاكرلنا بالمره حاجه تانيه، إمته كنت حاطة روج نبيتي مثلاً ، لافه الطرحه لقدام كده يعني مادام ماشالله والله أكبر مركز أوي كده !!"



ضحك وضحكاته العالية تعلو حينما إعتدل بحماسٍ وهو يجيبهة بحبٍ وصدق:



_"فاكر كل تفاصيلك وحافظها صمّ، عشان كده عارف إنك مبحطيش مكياج غير الكحل اللي بيتعبني ده !!"



وأكمل بصراحةٍ وهو هائماً بها تائهاً في قهوة عينيها :



_" فاكر أول مره شوفتك بالعباية السمرا اللي جننت اللي خلفوني ، ساعتها كانت عينك متكحلة والكحل كان سايح وخدك كان أحمر ، اليوم ده  كان يوم الجمعة ، هو اليوم اللي اعترفتلك فيه بحبي ، عند شادي فالجنينه وسط الزرع والورد اللي بتحبيهم  و قولتلك بالإمارة " لابسه الاسود ليه وأنا لسه حي"!!!"



ضحكت "نيروز" بخفوتٍ متذكره  وهي تلين حتى أجابته بسخرية مره اخرى:



_" قال يعني كان خدي أحمر من الكسوف ، ما انت عارف انه من القلم اللي ضربهولي عمي علي وشي !!"



_"قال يعني وإنتي اللي اتكسفتي وتقلتي يا رزّة ، دا فلحظتها لقيتك بتقوليلي وأنا كمان بحبك!!"



قصد البعد عن الحديث التي عادت تفتحه، وقصد بأن يثير شراستها ، كانت خجوله ، خجوله جداً ذلك اليوم ، إندفعت تبرر وتوضح سريعاً :



_" لا اتكسفت ، وكنت متوتره أوي ، بس قتلت التردد لما حسيتها وحسيت فعلاً إنك ممكن مترجعش وتفضل بعيد عني تاني بعد ما كنت إتعلقت بيك، خصوصاً كان ليك طَله بتفرح قلبي ومازالت كل ما كنت بشوفك وبتكلم معاك ، ساعتها فغيابك كانت الأيام ممله أوبي ،. وماشالله يعني ي ابن البدري مخدتش فإيدك غلوه ولا بقيت أعرف كسوف ولا سكوت!!!"




        
          
                
ضحك بخفه وهو يمرر يديه على خصلاتها بحبٍ ، فتنفست هي بعمق وهي تطالع عينيه بلينٍ ثم سألته :



_" بردو مفيش أخبار عن ماما؟؟""



_" لأ ..بس خليك منتظره إنها فاقت فأي لحظة !!"



قالها بحنوٍ وهو ينهض ، ثم قال مجدداّ بعد أن وجد أن لا فائدة من إنتظاره لرؤية "حازم", كما كانت هي مع "جميلة" ، علما بان الوضع المتعب جعل كلا منهما ينفرد بوجعه من جديد ، أشار لها بعينيه مردداّ :



_" طب يالا نطلع مادام الدنيا هوس خالص كده ، دا حتى شادي من ساعة ما نزل وهو مرجعش بـ يامن!!!!"



نهضت ترتدي ملابسها الطويلة تزامناً مع ردها عليه بموافقةٍ :



_"ماشي ، ثواني هلبس !!"



توجه "غسان " يرفع ذراعيه ليساعدها برفقٍ وعبثٍ وما أن إرتدت ملابسها هتف بهمسٍ يسألها :



_" بقا أنا قاسي ي قاسية!!"



عقدت ما بين حاجبيها بغرابةٍ من ذلك القول وقبل أن ترد عليه وجدته يتحدث مرة ثانية بثقةٍ:



_" كُنت عارف إنك أهدى من إنك تقولي كدة !!"



لم تفهم ماذا يقول هو ولكنها ابتسمت له برقةٍ على أي حال ، ومن ثم فتح هو الباب يضع الكوب في المطبخ كي يقوم بغسله سريعاً. بدلاً منها وبدلا. من القيل والقال الذي بدأ يخاف منه هو ويضع جميع التحسبات لكل حدث سيحدث ، وضعها بمكانها ، ثم خرج مرة أخرى فوجدها تقف من على بُعدٍ وبيديها هاتفه التي تتفحص هي به إلى الٱن بغيظٍ منه ، ويتضح بأنها لم تكن "سُندس" فقط من كانت بذكرياته !! ، حدجته بقلة حيلة ويأس ولم تسأله بل أغلقت الهاتف ثم لوت فمها بسخريةٍ وهي تقدمه له كي تسبقه بعدما قالت:



_" خد ي بتاع سُندس!!"



_"إستني بس دا أنا ناوي أسمي بنتنا سُندس !!!!!"



__________________________________________



_"تعالي يا ماما ، مصحتنيش ليه عشان أنزل الورشة!!"



ردد "عز" جملته على "حنان" التي كانت واقفه على ٱعتاب الغرفة تدقها ، تزامناً مع نهوضه من على الفراش وهو يحاول فتح عينيه بعد نومته هذه ، اعتدل يغلق أزرار قميصه مع رفعه لكفه وهو يرجع خصلاتها إلى الخلف بإفاقةٍ ، إبتسمت له "والدته" بحنوٍ وهي تجيبه تزامناً مع جلوسها بجانبه على الفراش :



_"أنا قولت أسيبك مرتاح يا حبيبي ، ومسمعتش يعني تليفونك رن ولا حاجه ، قولت بقا يبقي محدش محتاجك دلوقتي هناك!!"



تنهد "عز" يأخذ أنفاسه ببطئٍ وهو يحرك عينيه ناحيتها وهي تجلس صامته مره ٱخرى بتردد ، وضع كفه على كفها وهو يربت عليه ثم قال بثباتٍ :



_"قولي يا أم عز عايزه تقوليلي إيه ؟!"



إعتدلت في جلستها بإهتمام وهي تعقد العزم بأن لا تتردد في قولها ، تتفست بعمق وهي تتحدث قائله بنبرة هاديه لينه:




        
          
                
_" سامح اختك يا عز ،. عديهالها يا بني انا مش مبسوطه وأنا شايفاكم كدة !!!"



صمتت ثم قالت بحماسٍ عفوي:



_" مش يمكن لما تسامحها جميلة كمان تقدر تسامحها !!!!"



عند هذه الجمله ونظر لها بغرابةٍ ولوم بٱن واحد فتعمد السرد بوضوح عليها كي لا تفكر بما تفكر به :



_" أول حاجه أنا مليش سلطان ولا كلمة على قلب حد ، يسامح ميسامحش دي حاجه مش بإيدي ، ولو أنا عديت ، فأنا مش هعدي لمجرد إني بعدي عشان جميلة كمان تعدي ، حُبها شكل وحبكم عندي شكل تاني خالص ودي الحاجه التانيه اللي عايزك تعرفيها ، أنتوا مؤخراً بقيتوا عندي زي ما يكون واحد ولو ربنا كرم فعلى قريب هتكون جميلة هنا معانا ، ومقارنة جميلة وفرح مع بعض متنفعش يا أم عز لا عندك ولا عندي ، عشان دي أختي ودي مراتي وأنا مش هحب أختي عشان مراتي سامحتها ولا مش هسامح أختي عشان مراتي ماسمحتهاش!!! ، كل الحكايه وقت وضغط مش عارف إمته هيختفي ويروح!!!"



عندما شعرت بأنه متمسك بالٱخرى كثيراً بدأت تفكر بأنه بالفعل غير طبيعياً في حبها. بل وستبعده عنها وعن ابنتها الوحيدة ؟، رغماً عنها كان شعورها كونها لم يكن لديها سواه ،!! ، حركت رأسها بقلة حيلة ويأس وتفهم ، ثم غيرت مجرى الحديث سريعاً عندما سألته بمشاكسةٍ :



_" شد حيلك يا حبيبي دا يوم المني لما تتجوزها وتيجي هنا قريب على قولك ، ألا قولي إذي صاحبك العريس صحيح ؟!!"



قصدت "غسان" ، فإبتسم لها بسخريةٍ وهو يرد قائلاً :



_" صحبي العريس ملحقش يفرح أصلاً يا أم عز، ربنا معاه ، لسه أمها مفاقتش!!!"



نظرت بحزنٍ عليه وعلى حاله وحال الٱخرى وهي تدعي لهما سراً بينها وبين نفسها ، وسرعان ما إنتفضت بخفوتٍ وهي تتذكر ما لمحته قائله:



_" صحيح افتكرت ، أنا يخويا كنت طالعه أنشر فـ بلكونة البت "فرح" عشان بيجي فيها شمس على الهدوم ، لمحت كده حد من التوأم دول واقف ،. قولت يمكن بتهيألي ولا حاجه بس مش معقول هتخيله مرتين !!!"



من ؟!!! ، ترقبت ملامحه وهو يعقد ما بين حاجبيه بغرابةٍ ثم قال:



_" إزاي حد منهم ، دا واحد قاعد جنب مراته مبيسبهاش عشان ظروفهم والتاني يعني دكتور ومن المستشفي للبيت والمستشفي اللي فيها أم مرات أخوه !!!، تلاقيكي بتهيألك بس بتحصل!!!!"



_"مش عارفه يا خويا يمكن !!!!"



كاد أن يتحدث مجدداً ولكن قاطع حديثه صوت أحد الرسائل الذي التقط هاتفه يرى محتواها ولم يكن المحتوي سوى الحالة الخاصه بـ والدة "نيروز!!!!!! 



وبنفس ذلك الوقت كان بالخارج بالفعل ، لم تكذب ولم تكن نتخيل ، في كل مره تسوقه قدماه ناحية منزلها أسفل غرفتها وكأنه يريح نفسه بذلك ، فعلها أكثر من مره ، وكم يتمني في كل مره أن تظهر ولكنها لم تظهر ، في كل مره تظهر والدتها التي ما أن يراها يحاول الاختباء خلف الشجره الكبيره كي لا تراه!!!! ، لا يمل من فعلها رغم إن مجيئه هذا لا يعتبر مفيد !! ، بل وهاتفه الذي يمسكه بيداه على صفحتها الشخصيه على الفيسبوك ، يتذكر اول المرات الذي راسلها عن حالها وردت عليه بإقتضاب ، سألها كونه طبيب ولم يكن يعلم بأنه سيسألها مجدداً بعد ما فعلته هي ، من ضمن خمسة مرات ردت عليه مره واحده ومن ثم لم تجيب! وهو الذي لا يمل في رغبته في الإطمئنان عليها!!!! ،في كل مره يكون فيها علي مشارف اليأس ولكن الاصرار لديه كان أقوى ، لم يكن يتجاهلها ويعيش حياته وكأنها لم تكن بها بعد حديث شقيقه الاول في السياره ،بل جاراه كونه يعلم بأنه لم يصمت ، ولم يكل ولم يمل من التفكير بها ، لا يعلم هو ماذا فعلت هي له كي يحدث له كل ذلك ، بل والامل الكبير في ثقتع بأنها سَيُوافَق. عليها من أهله وعائلته ، بل وأهلها ، وهي من الأساس !!!! ، لم ينظر إلى تعقد الوضع بل نظر إلى شعوره وشعور قلبه تجاهها ويصدقه بالفعل!!! ، تلهف عندما سمع صوت هزات في جيبه بعد أن وضع الهاتف به ، اعتقد بأنها هي من أرسلت ،، ولكن خابت ملامحه وترقبت بشدة ما أن وجد أن الرساله خاصة بحالة "والدة زوجة أخيه"!!!!!!




        
          
                
_______________________________________________



الكل يُهاتف من "بدر"، الكل يبدأ في أن يعلم الحاله اما فاقت أو ذهبت لعالم ٱخر مجهول بالنسبه لهم ومعلوم لديها هي "المَوت" !!



لم تعلم "ياسمين", و"حازم" بسبب ذهابهما لعالم ٱخر بنومهما ، والكل يعلم بالفعل ولكن كل منهم بشقته 



وعند شقته هو ، شقة "غسان" ، الذي كان في المرحاض منذ دقائق، وكانت "نيروز جالسه في الخارج ، تقوم بترتيب مفرش الفراش ، وإخراج ملابس لها من الخزانة كي تستعد للنوم بها ، بعدما قامت بكنس طفيف لأحد الأركان بالخارج، إعتدلت بتعبٍ وهي تأخذ بعض من الملابس الذي ألقاها هو بغير اهتمام على الأريكة قبل أن يدخل ثم من ملابس ٱخرى من خلف الباب وعلى المقعد ، وفي سلة الملابس التي توجد بجانب باب الغرفه، زفرت بضيقٍ منه ،. فإتضح إنه يخلع ملابسه بأي مكان، غير مرتب إذن وسيتعبها ، اخذت تهذي بكلماتٍ غير مفهومه وهي تتوجه بالسلة الكبيره ناحية غسالة الملابس الإلكترونيه في المطبخ لتضعه بجانبها إلى الصباح ، ومن ضمن الكلمات التي عادت تقولها وهي تدخل الغرفه مجدداً :



_" شخص مهمل قالعلي هدومه فكل حته، مش فاهمـ...!!"



قطعت "نيروز" حديثها بغيظٍ ما أن لاحظت غيابه في المرحاض توجهت لتقوم بالدق علي الباب مردده بضيقٍ :



_" ما تخلص ، إيه كل ده !!!"



وجدته يرد عليها بكلماتٍ غير مسموعه ، ولكنها قلبت عينيها بمللٍ ما أن سمعته يحثها على جلب ملابس فوقية له ، ٱخرجت له ثم وضعتها وهي تعلمه أنها بالخارج ، تنفست بتعبٍ وهي تقلب عينيها بإنهاكٍ ما أن نظرت نحو صينية العشاء التي أعدتها قبل قليل ، انتشلتها وهي تتوجه بها إلى المطبخ ، ثم رتبتها أولاً تضع الطعام في الثلاجة ومن ثم بدأت بغسل الأطباق وهي تبتسم بسخرية على حالها ، ومن ضمن شرودها قلدت نبرته وهي تتذكر قوله :



_" قال هساعدك قال ، وهتعلم عشانك !!"



في بداية الزواج والطريق وتفعل كل ذلك!! ، وبخفه وجدته خلفها بخصلاته المبلله بعدما إرتدي ملابسه بسرعه ثم خرج ، ضحك وهو يقف بجانبها ثم رد قائلاً بصدقٍ :



_"أنا كذبت في ايه طيب ، عديني وأغسلهملك !!"



_" أه عشان تسيبهم مش نضاف اوي زي ما مامتك بتقول ، إنت متعلمتش من أخوك ليه هاا؟؟؟؛""



ضحك وهو يخلع عنها مريلة المطبخ ثم قال "غسان", بنبرةٍ ضاحكه:



_"لا هنضفهم حلو عديني بقا ، واخويا اللي إنتي فرحانه عشان بيعرف يعمل ده ، هيطلع عين اللي هيتجوزها علشان بيحب الاكل وكل شويه هيقعد يلبص إطباق ويغسل إطباق ويعمل أكل وحوارات لكن أنا غلبان باكل الموجود وخلاص!!!"



طالعته بإقتناعٍ وهي تبتعد ، ثم ابتسمت ما أن وجدته يغسل البقية بالفعل مع قوله الحاني لها :



_"وبلاش تقفي وإنتي تعبانه ، روحي شوفي لو هتغيري هدومك ، وعما أخلص أنا !!"



حركت رأسها بالإيجاب، وقبل أن تتوجه لتقبله من وجنتيه تذكرت ما فعله فرددت تشير له بيديها بانفعال:



_"انت عارف لو لقيتك راميلي هدومك فكل حته كدة تاني هعمل إيه ؟!!"



_" إيدك دي متشاوريش كده بيها تاني قولتلك... فأخرجي برا أحسنلك بدل ما أقولك أنا اللي هعمل ايه!!!"



التفت برأسه وهو يجيبها بجمودٍ ، نظرت له "نيروز" بضيقٍ ولم تجيبه بل خرجت وهي تقاوم شعورها وتفكيرها بحالة والدتها ، والتي ما أن دخلت تحمل ملابسها من على جانب الفراش ، سمعت صوت يعلم بقدوم ٱحد الرسائل من هاتفه ، وشاشته التي أضاءت على فجأه ، تركت ما بيديها وهي تمد يديها تنظر نحو الهاتف هي تلتقطه وما أن نظرت به فتحته ولتنظر نحو مضمون الرسالة والتي كانت من "بدر" ، إبتلعت ريقها وهي تدخل المحادثه حتى وقعت بعينيها على الرسالة ومضمونها. ، ولانها كانت تتوقع وشعور أخر لا يتوقع ويتذكر ما مضى ، صُدمت ، ودقات قلبها تتسارع بقوه ويديها المرتعشه تهتز بالهاتف ما أن قرأت مضمون حالة والدتها بالرساله المجهوله له وهو واقف خلفها ينظر نحو ملامح وجهها الذي لم يفهمها إلى الٱن ، ولكنه كان يعقد العزم على أن ينتهى سريعاً وهو يتحمس كي يخرج لها ما قد إبتاعه لها قبل الزفاف ولم يستطع تقديمة بسبب الاحداث ، بل وظل كذلك إلى أن قتل التردد وهو يقرر بأن يهديه لها ويترك الظروف تسير كما تشاء ، إبتلعت ريقها بصعوبةٍ وهى ترفع عينيها بتيهه حتى تقابلت مع عينيه، تيقن حينها أن الرسالة المجهولة وحالة والدتها المجهوله الذي لا يعلمها إلى الٱن هي السبب القوي بمشهدها هذا ، فما مضمون "الرِسَالة المَجّهُولَه" ؟؟؟؟

«حينما  ترافقنا الحياة بما نتشهي وما نُريد تصبح الأيام لينة وأكثر سهولة تمر دون مُر وهذا ما نُريده، ولكن يهزمنا الشعور فالنهاية بـالسؤال للأيام: _ستظلين هكذا أم ستنقلبين في لحظة دون أن نشعر ؟!  سؤال  نسأله ونحن نعلم جيداً أن لا وجود للأمان المستمر بها كونها سريعة الإنقلاب دون ذره واحدة من الشفقة عندما تسلب  السعادة وتحل محلها وجع فيصبح أضعاف مُضعفة !!»



كلمات وعكس كلمات ، شعور وعكس شعور ، ذاكرتها تهاجمها بأحداث ليلة أمس ، ولكن هل كانت  مهاجمة ذكرياتها معها أم عليها ؟! ، هذا ما تعيده هى وهي تتذكر حينما ..إبتلعت ريقها وهي تدخل المحادثه حتى وقعت بعينيها على الرسالة ومضمونها. ، ولانها كانت تتوقع وشعور أخر لا يتوقع ويتذكر ما مضى ، صُدمت ، ودقات قلبها تتسارع بقوه ويديها المرتعشه تهتز بالهاتف ما أن قرأت مضمون حالة والدتها بالرساله المجهوله له وهو واقف  خلفها ينظر نحو  ملامح وجهها الذي لم يفهمها إلى الٱن ، ولكنه كان يعقد العزم على أن ينتهى سريعاً وهو يتحمس كي يخرج لها ما  قد إبتاعه لها قبل الزفاف ولم يستطع تقديمة بسبب الاحداث ، بل وظل كذلك إلى أن قتل التردد وهو يقرر بأن يهديه لها ويترك الظروف تسير كما تشاء ، إبتلعت ريقها بصعوبةٍ وهى ترفع عينيها بتيهه حتى تقابلت مع عينيه، تيقن حينها أن الرسالة المجهولة وحالة والدتها المجهوله الذي لا يعلمها إلى الٱن هي السبب القوي بمشهدها هذا ، فما مضمون "الرِسَالة المَجّهُولَه"  التي أوقفتها بذلك الوضع ، سقط الهاتف من يديها وهي ترفع عينيها له حتى أدمعت ومن ثم تفاجئ هو بركضها من نهاية الغرفه لبدايتها وهي تنتدفع بأحضانه باكية ، إندفع "غسان" من فعلتها بتفاجئ ، فوجدها تبكي بصوتٍ وهي تضمه حتى تنفست بعمقٍ شديد وهي تتعلثم بالحديث قائله بنبرةٍ مرتفعه متعلثمة:

_" ماما فافت يا غسان ، فاقت والله العظيم ، شوفت الرساله ، أنا شوفتها وهو بيقولك إنها اتكلمت معاه ، أنا ..أنا مش مصدقه أنا فرحانه اوي أوي !!"



تردف الحديث بدموعٍ وفرحه وضحك وابتسامة ، أخذ "غسان" أنفاسه بسعادةٍ وإرتياح وهو يعانقها براحةٍ كبرىٰ ، حتى قصد هو ظهور اللهفه المبادله له منها كي يشعرها بالسعادة التي لم تراها منذ زواجهما :



_" كنت عارف ، كنت عارف إنها هتفوق وهتبقي زي الفل يا نيروز !!"



أيعقل أن يتبدل الحال؟ يري البعض بأن رد فعلها قد يكون مبالغ به في حين بأن تفكيرها بضياع والدتها منها مثلما رحل والدها كان يهاجمها هذا الشعور  بكثرةٍ دون راحة ، لأول مره تستطع أن تشعر براحة البال حقاً. ، خرجت من أحضانه بتيهه من ما فعلته حتى وجدته يتبسم لها باتساع وحنو وهو يرفع كفه يمسح دموعها والرسائل وصوتها يعلو ودقات الهاتف منهم جميعاً يعلو دون الصعود لهما ، فقد إعتبروهما من هذه اللحظه لهما الحق في أن يعيشا حياتهما كأنهما عروسين لطالما لم يسعدا معاً كذلك بسبب هذه الاحداث والظروف ،  تتذكر رده عليهما بعدم الصعود وحديثه المتبحح لهما والمرح بنفس ذات الوقت ، حتى إنتهت  بخروجها حينها من المرحاض بعدما بدلت ملابسها بشعفٍ وسعادة كُبرى ، وجدته ينتظرها على المقعد ، وما أن رٱها خرجت وقف وقبل أن تتوجه لتمشط خصلاتها ، واجهها وهو يقف بطوله أمامها رفعت عينيها له بسعادةٍ بالغه ، يقسم بأنه لم يراها بهذا الحال من قبل ، امسك "غسان" يديها يقبلها برقةٍ ثم توجه يقبل قمة رأسها برفق ٍ وهو يسحب يديها حتى جلست بجانبه ، وجدته يطالعها بصمتٍ فسألته هي بمشاكسة :



_" بتبصيلي كده ليه يا بن البدري!!!"



طالعها ويطالعها بهيامٍ وشغف قوي لا يعلم من أين أتى ،. والشئ الوحيد الذي يعلمه وجعله كذلك هو قوله لها بنبرة شديدة الهدوء حينما قال :



_" شكلك حلو أوي يا نيروز وإنتي فرحانة ، يارب أقدر أخليكي كده علطول!!"



تأثرت منه بشدة ومن حديثه ، وبهذة اللحظه مدت يديها تمسك كفه بحبٍ وهي تردد بنبرة  صادقه له :



_" وأنا والله كده علطول طالما معاك إنتَ ، أنا بحبك اوي يا غسان وعايزاك تعرف  إن حتى ثباتي الايام اللي فاتت كان بسببك إنت ، أنا مكتتش هقدر من غيرك ولا من غير وجودك جنبي!!"



هو الذي سيطر على مسكة كفها حتى قبله مره أخرى بحبٍ وهو يغمز لها قائلاً :



_"طب وربنا ابن البدري كمان بيحبك ولولا وجودك جنبه مكنش ده بقا حاله!!"




        
          
                
قالها بطريقةٍ مضحكة فرددت هي تسأله بمراوغةٍ وهي ترجع خصلاتها المبلله إلى الخلف :



_"ماله حاله بقا !!!"



_" عنده ارتفاع فضربات القلب الوقتي بنسبة ٩٩ في المية !!'



إشمئزت من. غزله ، في حين قالها هو بمرحٍ شديد ، انتهت بضحكاتها معه وقد غفل هو  عن ما ينوي تقديمه لها بسبب حالتها هذه التي جعلته أشد سعادة منها خاصةً أنها أردفت له بحماسٍ على فجأه :



_" أنا مبسوطه أوي ونفسي  بكرة يجي بأقصي سرعه عشان اشوفها!!"



فقط ظل "غسان" ينظر لها غير مجمعاً الحديث ، تاه بين بُنتيها الإثنان محركاً أنظاره بينهما وهو يرفع يديه يمررها نحو خصلاتها  تحت تأثر عينيها التي سكنت وصمت لوقتٍ وقطعت هي ذلك القول وحتى الجلسه بقولها التلقائي السعيد والمتأثر :



_" أنا فرحانة أووي ، حاسة  إني عروسة  لاول مره بعد كل اللي حصلنا ده !!"



علمت بأن القول ما هو إلا نهاية وجواب لمشاعره ومشاعرها المختلطة ، تشتت بين السعادة البالغه وأقصى ما يهمه هو أن يراها سعيدة ، طالعها بإهتمامٍ وهي تعتدل ولم يردف سوى جملة  واحدة يعتذر بها عن ما كانت رأته على هاتفه ، لم ينسي ولم يعتذر هو مباشرةً كما يُعلم عنه ، ولكنها علمت ما أن سمعت قوله المتكرر لها بنفس ذلك الوضع من قبل :



_" عيني مبتشوفش غيرك يا بنت الأكرمي!!"



تسارعت دقات قلبها  كالعادة من قربة وهمساته هذه ولم تجد سوى كلماته المعهوده منه مره أخرى حينما قالها ولكن بإختلاف نبرتها التي علمتها جيداً وعلمت أن النبرة ما هي إلا تمهيد لاستسلامها له :



_"ي حلاوة القلب لما يدق يدق !!!"



«عودة لوقتها الحالي»   عادت إلى وضعها الٱن وهي تجلس بجانبه وهو مسطح على الفراش ، نهضت من قبله  ودخلت المرحاض وفعلت عدة أشياء وهو مازال  نائم لم يستيقظ بعد. ، مررت يديها على رأسه بشرودٍ وابتسامة هادئة تزين محياها كلما تتذكر وجوده بجانبها وبوقتهما معاً ، وحتى ليلتهما التي مرت عليها كما لم تمر من قبل منذ هذه الأحداث ، تمر في كل مره ولكن خوفها  من حالة والدتها كان رفيقها مهما كانت هي معه وبجانبه ، ولكن ما مر وما مضى وهي تتذكر تعلم بأنها   تشعر لأول مره بأنها عروس  حقاً ، تنهدت"نيروز " تأخذ أنفاسها وهي ترفع الغطاء عنها حتى هبطتت تنظر ناحية الافطار التي وضعته علي الطاوله بالداخل ، خرجت وهي ترتدي عباءتها المفتوحه على ملابسها المكشوفه قليلاً كي تخرج الملابس من غسالة الملابس ، وبالفعل أخرجتها وهي تتوجه بها وهي موضوعه بما يخص هذه الملابس كي تسطيع حملها ناحية شرفة الصالة المفتوحه والتي يوجد بها سطوع الشمس أكثر ، بدأت بنشرها بشرودٍ وهي الأخرى توزع نظراتها بين الزرع التي جلبت منه القليل هنا ، تشعر لوهله بأنه سعيد وزاهي مثلها هي الٱخرى ،. تشعر بالحماس والعجالة كي تذهب إلى والدتها بالمستشفي ولكنها تنتظره بأن يستيقظ على راحته هو كونها ترى بأنه أخذ من الضغط منها ما يكفي ، وحتى هو ومشاكله مع  عائلته التي من الناحية الاخري تحاول تعويضه وسعادته وعدم تفكيرة القوي مثلما ترى هي !! .. 
تمر الدقائق وهي مندمجه بما تفعله إلى أن إنتفضت  عندما سمعت صوته الخشن المرتفع كي يصل لها حينما قال  بعدما نهض وبدل ملابسه البيتيه لأخرى :




        
          
                
_"مُصممة تثبتيلي إنك ست بيت شاطره وكده  يا رزّة ؟؟...طب حتى صحيني!!"



إلتفتت  "نيروز" بعدما كانت تنتهي من ٱخر ما  تنشىره، إلتفتت بعد أن إنتفضت وسرعان ما رسمت إبتسامة على شفتيها وهي ترد قائله بلين :



_" صباح الخير!!"



إبتسم لها "غسان" بهدوءٍ وقبل أن يتحدث وجد رأسها مكشوفة بالفعل وهي تقوم  بنشر الملابس في شرفة مفتوحه عكس الآخرى ، لاحظت محط أنظاره وقبل أن يتحدث وضعت يديها فوق رأسها بمفاجأة وتذكر  وهي ترد سريعاً :



_" والله توهت ماخدتش بالي !!!"



وجدت ملامح الجديه عليه بعيداّ عن نظراته الحادة والتي فرت هي مسرعه تتخطاه كي لا تفتعل مشاكل هي لا تريدها الٱن  ، بالأساس تعمد هو الصمت،  يقوى برأيه مره ويرخي مره أخرى كي تستطيع فهمه ،وإن رخى فنظراته لها تكفي ، تركها تذهب فتوجه هو يقف نحو السور كي يستطيع أن يأخذ أنفاسه أكثر ،  فيضيق هو صدره حينما يتذكر وضع "بسام" العنيد وكأن وضعه مع "تاج" يتكرر. !! يفكر بأمر ما وكلما يهاجمه قوله بأنه لو تدخل بشئ ما سيقطع  علاقته به ، حتى نبرته وهيأته في قولها كانت صارمة ، صرامة لم يراها منه من قبل ولكنه يعلم جيداً أن كل ذلك أتى من محنته السابقه وكأن هذه النتيجه  العكسيه لما يحدث !!! ،  خرج من شرودة عندما وجد بالعمارة  المقابله منه والشرفة المقابله له  على بُعد قليل،  طفلان يقفان بالشرفه يلاعبان بعضهما وصوت الضحكات يتخلل إلى مسامعه بقوه ، ومن حسن ذلك الحظ بأنهما على ما يبدو عليهما بأنهما توأمان ، ولدان توأمان يذكروه بشقيقه وذكرياته معه !! ، في ذلك الصباح الصوت لا يوجد ولا يُسمع في الكثير ، وحتى الناس ستبدأ في أن تهبط لترى ما احداث يومها هذا ، لذا وجد أحدهما يشير له من على بعدٍ بمرحٍ فرفع "غسان" ذراعه يشير له هو الٱخر وهو يضحك بعفويةٍ ، هذه الأشياء  العفوية الجميله بطبيعة الناس التلقائيه لا تخرج سوى من "مصر" ، ضحك وهو يتذكر انخراطهم بأي شئ مع أي شخص ، إلتفتت برأسه وكامل  جسده ما أن رأها وهي تضع صينية الإفطار في الطاوله من خلفه ، ولم يرفع أنظاره لها سوى عندما سألته قائلة :



_"بتشاغل وبتضحك لمين كده يا بن البدري!!"



إرتدت حجاب  وهذا ما رفع عينيه عليه ، خرجت إبتسامة هادئه منه وهو يشير لها بذراعه عليهما قائلاً :



_" لـ دول... فكروني بيا أنا وبسام مش عارف ليه ؟!"



حيرة هائمه ببسمة هادئه وحزن على الذكريات ، جلس ووجهت نظراتها نحوهم على بعد فوجدتهما يشيران لهما فضحكت وهي تبادلهم الاشاره ، جلست وهي تحرك رأسها قائله له :




        
          
                
_" لُطاف اوي!!"



_"عقبال ما تجيبيلي زيهم !!"



من المفترض أن يردفها هو بمرحٍ ولكنه قالها بهدوء شديد وهو يتناول الطعام  كان الرد منها بسمة هادئه دون حديث حتى وجدته يتحدث مره أخرى بقوله المفسر لما حدث  :



_" وبقولك كده عشان أنا نفسي فعلاً اجيب اطفال منك ، وأعمل عيلة وأسرة ، زي ما سنة الحياة بتقول ، ولو كنت أديتك فرصة نكمل الكلام   فـ ده عشان كنت عارف بقية كلامك ، وأنا مش عايز حد فينا يكون مجبور على حاجة لمجرد إن التاني عايز ده ، أنا بديكي كل الحرية  وعشان كده كنت  عارف أن كلامك ده كان وقت ضغط وخوف  ومخرجش غير من خوفك ده ، ولا عايزك فنفس الوقت تعملي حاجه من ورايا ، عشان كده أنا سامعك الوقتي ولو مُصره علي رأيك قوليلي وأنا عندي الكلام والرد والتبرير   على كل حاجة ، عشان عارف ان الوقتي وفالوقت ده ..كلامك هيكون منك إنتي وبتفكير !!"



مالا تعلمه هي بأنه إستخدم اللين وظهوره بأنه سيقدّر ما تراه ، وهذا الاسلوب عامتاً يجعلها توافقه أينما حل ، ومالا يعلمه هو بأنها إقتنعت بحديثه أمس لها حتي وإن كان جامداً عليها ، ابتسمت له "نيروز" بلين وهي ترد عليه :



_" لأ أنا مش مُصرة ولا كنت  مُصره أنا كنت بعرض عليك وأنا مش شايفة فعلاً غير الخوف ، لكن لما رديت عليا حتى ولو كلام متعصب فيه بس فكرت  تاني فاللي قولته ،خصوصاً إن محدش ضامن وإن دي حاجه من عند ربنا ورزق !!"



صمتت ترى ملامحه الفخورة بتفكيرها ولم تستشف هي ذلك الفخر والحب إلا عندما واصلت تكمل بصراحةٍ تعلمه بأنها لم تفعل من خلفه شئ  ولا ستأخذ شئ يعيق حملها منه :



_" وأنا دلوقتي مش عاملة حسابي لحاجه، سيباها لربنا ، ولو حصل وربنا أراد إنه يرزقنا أو هيرزقنا فأنا جاهزه من دلوقتي وان شاء الله خير!!"



كان ينتظر منها حديث كهذا. ، والأهم بأنه كان ينتظره كي يأتي لها بالحديث الٱتي والذي كان لا يريد قوله لها كي لا  تفكر به بطريقة ومنظور ٱخر ،. خاصة أنها فالفتره الاخيره حساسه وكان يتحسب هو لكل حرف ، أردف ما يقنتع به وما  يود قوله وما يبرر به عليه فنفس الوقت :



_" علفكرة أنا مقتنع جداً بإن  أي اتنين مش عارفين بعض أو مش عايزين يظلموا أطفال بينهم يأجلوا الخلفه.، بس أنا عارفك ومطمنلك وبحبك ، وغير ده واثق فيكي ،  وحتى المشاكل والحياه اللي مهما عاندت معانا بس خلاص عرفت إن مهما بيحصل ومهما حصل ملناش غير بعض فالٱخر ، ودي تعتبر أقصى مراحل الأمان اللي أنا وصلتها معاكي ، عشان عرفت إن خلاص مهما حصل بردو  فلين قلبنا غالب !!"




        
          
                
طالعته بحبٍ وهي تحرك رأسها تأييداً وتفهماً حتى إنخرطت في الطعام ، طالعته وهو جالس بصمتٍ بين الحين والٱخر يبتسم لها فقط ، وإنتهى صمته وهو يطالعها بعبثٍ. مردداً :



_" بس إيه الحلاوة اللي إنتي فيها دي !!"



تزامناً مع نهوضها كان قد قالها هو ، ضحكت بخجلٍ وما أن رأت أنه إنتهى ،. كادت أن تحمل الصينيه ولكنه نهض يأخذها قبلها  وهو ينبس بلين:



_" سيبيها هوديها أنا ، روحي شوفي  هتلبسي إيه عشان ننزل نروح المستشفي !!!"



سار ليضعها بالمطبخ كما هي دون أن يغسلها ، ومن ثم دخل عليها الغرفه بعدما وقف في الصالة دقائق ، وجدها تخرج  ملابس لها ، و قد عقدت حاجبيها بغرابةٍ منه فهرب بمرح من أنظارها وهو يسألها :



_"  يلا  خلصي بسرعة ..خلينا نمشي !!"



_" كنت فاكراك هتغسل الاطباق!!"



_" ما انا غسلتها !!"



تجاهلت قوله الكاذب الذي لم يقوله هو سوى أن يربح عقله وفقط ،. تعلم بأنه أهوج غير منظم ولم تعلم هي ذلك سوى بعد الزواج. ، رمقته باستنكارٍ تعلم أنه قد بدل ملابسه ما أن استيقظ سريعاً ومن ثم أتى خلفها ، وقف يطالعها بصمتٍ وهو يحدج ما أخرجته بيديها ، لم تخرج ملابس  جديدة بل أخرجت ذلك الفستان الذي كان ضيقاً عليها من  منطقة الصدر ،  إبتسمت له بقلة حيلة ثم قالت سريعاً:



_" لا مش هلبسه  متقلقش ، أنا بس إفتكرته من كلامك امبارح ، فعشان ضيق كده قولت أخده معايا وأنا نازله أعطية لوردة !!"



حرك رأسع بتفهمٍ ، فواصل  هو يخبرها بما أثار غرابتها :



_" ماشي.. حاولي تلبسي حاجه خروج عشان شادي هيروح النهارده يتقدم لـ "منة"!!!!!"



_" إيه ؟؟؟"



قالتها"نيروز" بغرابةٍ ، فإبتسم "غسان". بسخرية وهو يوضح:



_" المتخلف جاله الخبر إنها فاقت وهو قاعد مع منة ،  راح قايلها هاجي بعيلتي واخواتي بكره نتقدم  وقوللهم ده ،. هو كان مكلمهم هو وحامد بس إتأخروا عليهم بسبب الظروف دي !!"



تعالت ضحكاتها عليه بخفه وهي تحرك رأسها بيأسٍ ، حتى سمعته يواصل مره أخرى يكمل حديثه :



_" حتى هو امبارح مباتش تحت وروح ، عشان بسام رجع من إجازة شغله للمستشفي تاني بعد ما كان أخد اجازه ساعة الفرح ، ومشي يظبط نفسه ويجي ٱخر النهار عشان يمشي معانا من هنا !!"




        
          
                
_"صاحبك مجنون زيك بالظبط ، ربنا يشفيكم،  وأه لو منة تعرف إن كان في سُندس قبلها!!"



قالتها بكيدٍ تهدده بطريقة غير مباشرة ، فإعتدل هو كي يخرج من الغرفه تزامناً مع قوله لها بغير إكتراث :



_" قوللها!!"



وأضاف سريعاً قبل أن يغلق الغرفه خلفه متعمداً  عدم إحراجها كي ترتدي وتخرج سريعاً :



_"لو هتقوليلها سُندس بس قوللها ، دا في جيش بعدها وقبلها !!"



___________________________________________



أما في الاسفل وبالأخص شقة "عايدة" ، وقفت "ياسمين" في غرفته بعدما تجهزت ، كل اللهفه وضعت بها ما أن علمت بأن والدتها قد فاقت ، تشعر بالسعادة رغم حزنها على حالته ، لذا ما أن علم قصد هو عدم ضغطها بحزنه وأظهر لها سعادته البالغه بـ ما علمه وما يخص والدتها. ، إلتفتت بعدما وضعت الدبوس  الٱخير في الحجاب  فوجدته بقف يطالعها بصمتٍ من خلفها ، تعلقت عينيها الخضراء بعينيه للحظاتٍ ومن ثم لا يعلم هو كيف امسكت كفه بذلك الحنو عليه حتى فعلت فعلتها المعتاده وهي تضعه على معدتها برقةٍ حتى نبست بعدها بنبرة هادئه صادقه تحثه علي الصمود:



_" أنا وهو بنقولك إن إحنا فخورين بيك أوي يا "بابا" "



شعر بقشعريره تسري بجسدة ما أن شعر بالفعل بمدى كبر مكانة هذه الكلمة التي قالتها في ٱخر حديثها ، وبالطريقه الذكية علمت كيف تخرجه وستخرجه من ما هو به ، ترقبت ملامحه باهتمام وهو ينظر إليها بشغفٍ عندما رددت "ياسمين" مرة أخرى :



_"وبنقولك لازم تبقي جامد عن كده  مادام إحنا جنبك ، هتحتاج إيه تاني ؟؟؟"



تسأله بخفه ومرح طفيف ، فضحك "حازم" بخفوتٍ وهو يسحبها من كفها كي يعانقعها مع رده عليها :



_" مش هحتاج حاجه تاني فعلاً طالما معاكم وجنبكم"



تنفست بإتيارحٍ وهي تخرج من بين أحضانه وسرعان ما خرجت نبرته عليها بحبٍ حينما قال :



_" انا مبسوط يا ياسمين صدقيني ، وعايزك تبقي مبسوطه ، عشان أنا فرحان إنها فاقت وإن شاء الله ترجع وتبقي وسطنا من تاني!!"



تعلم بأنه يريد أن يخفف عنها ، لذا إبتلعت ريقها وهي تردف قائله بحديث يرتبط به هو الٱخر :



_"أنا كمان مبسوطة ، وعارف ربنا ممكن يقطع من حته ويوصل من حته تانيه ، امبارح كنا فـ ايه بس ربنا عوضنا بإيه ..بحاجه كنت خلاص حاسه انها ممكن متحصلش مع اني مش كده وكنت واثقه إنها هتفوق ، بس لما لقيتك كده حسيت إن  الدنيا كلها بتتقفل فوشي وكأن اللي حصل ده حصل فيا أنا مش فيك ، أنا بتأثر بيك أوي يا حازم ونفسي تكون مرتاح وترمي كل ده ورا ضهرك زي ما عرفت ترمي زمان ومن فتره ،  أنا شايفه جميلة قوية عشان عز جنبها ، عرفت ساعتها إن قرار رجوعهم لبعض كان أصح حاجه ، وكل ما بقول على غسان مجنون بيرجع في كل مره يعلى في نظري ، كنت عارفه إنك خايف ، بس عشان هو جنبها هي متماسكه زي بالظبط وأنا جنبك نفسي إنت كمان تكون ثابت ، علشان نقدر إحنا الاتنين بتماسكنا ده نعوض فريدة ونقف جنبها أكتر وتشوف قوتنا فتكمل بقوه هي كمان ، أنا عيلتي دي هي عيلتك ،. عارفه إنها هي هي يعني بس مش القصد ، قصدي إن اخواتك اخواتي وهمهم همي أنا كمان ، عشان كده بطمنك من نحيتهم وبقولك لازم تكون مطمن  انت كمان ومتماسك عشانهم وعشاني وعشان اللي جاي لينا فالطريق يا بن عايدة الحلوه!!!!! "




        
          
                
يشعر بدفء الحياه بسببها هي في كل مره ، يعلم بأنها أقوى منه بالتحمل هي الٱخرى لذا يطمئن في وجودها أكثر ، لم تجد منه سوي التأثر الذي بان في عينيه وحديثه حينما قال :



_" بحاول ، وهحاول يا ياسمين عشانكُم !!"



_"وانا معاك بكل محاولاتك !!"



ضحك عليها وهي تردف ذلك بمشاكسه ، قبل قمة رأسها ببرٍ ، وسرعان ما توجهت بعدما ابتسمت كي تفتح باب الغرفه ، وجدت بالخارج"عايدة" وهي تقف مع "عز" الذي أتي وهو ينتظر "جميلة" كي تخرج من غرفتها في حين بقت"فريدة " بشقة والدتها منذ أمس 



_" أقعد يا حبيبي على ما تخرج ، فاتها خلصت !"



_" أنا هستني برا  مع غسان هو قالي إنه نازل فالاسانسير اهو..وعلى ما حازم يخرج"



وجد"حازم " يقف أمامه بسرعه ومن ثم فتح ذراعيه ،  عانقه "عز" بغرابةٍ وقد خلى المكان من النساء وهما يدخلان لـ "جميلة" كي تتعجل ، إبتسم له "حازم" ومن ثم بدأ بالحديث دون مقدمات :



_" يمكن تتفاجئ يا عز من كلامي ده ،. بس عاوزك تعرف عشان ننهي الكلام فالموضوع ده ، إنك غالي أوي عندي وإني يمكن أكون ظلمتك وعيشتك أوحش أيام ممكن كانت تمر عليك ، بس عشان دي أختي وكنت خايف عليها أوي ، مش ندمان إنك ليها ، وإنك كمان جوزها رغم الظروف اللي موجوده واللي تمنع ده ، بس انت الشخص الصح ليها ، وبوصيك بعد اللي حصل إمبارح ده إنك متجيش عليها يا عز ولا تعايرها وعارف إنك بتعوضها وهتعوضها ، عشان صدقني وبقولهالك بكل صراحة هاديه لو اختي جت فيوم وعرفت إنك جيت عليها بمجرد كلام مش هتكون ليك بعدها حتى لو مين حاول ، مش عايز أكرر غلطات شوفتها وبعاني بسببها أعذرني ..و أنا عارف إنك راجل !!!"



تنهد "عز" يأخذ أنفاسه وهو يرد عليه بثباتٍ وهدوء:



_"مش هقولك عيب منك تقول كل ده ولا هجادلك ، بس الايام  هتثبتلك يا حازم بوجودها معايا ، وعشان كده عايزين قاعده كده نتفق فيها ع الفرح!!"



لم يتفاجئ "حازم" من قوله بل حرك رأسه إيجاباً كونه  متجهز ويعلم أنهم مستعدين لذلك إلى أن تنتهي هذه الأحداث التي تحدث ، شهقت "جميلة" من خلفهم  ما ان سمعت قول كهذا وهي تردد بتوتر ونبرة مرتفعه:



_"ايه السرعه دي !!!"



كان الخوف المضحك رفيق نبرتها لذا إلتفت وهو يضحك بخفه مع شقيقها وسرعان ما أجاب بخفه يحذرها :



_" وحياة حماتي اللي واقفه جنبك دي تسكتي خالص ، أنا مصدقت موافق من غير أي إعتراض وتحكمات  دماغه دي !!!"




        
          
                
كان باب الشقه مفتوحاً وهم من أمامه ، لذا ردد "غسان" من. على بعد وهو يدخل بتبجحٍ حينما وقف معها يستمع إلى الحديث:



_" يلا كل واحد يبوس إيدي بالدور على اللي جمعهم من تاني بكتب كتاب علطول !!"



دخلت خلفه وهي تبتسم بقلة حيلة منه ومن تبجحه مع ضحكاتهم في الداخل ، فردد "حازم " بعدها له بثقةٍ :



_"هو مش كتب كتاب بس اللي الواحد شايلهولك جِمِيله دا حاجات كتير يا غسان والله ، ربنا يخليك لينا يا صاحبي!!"



قصد ما فعله مع شقيقته وأحداث أخرى ، عانقه كونه يراه أول مره بعد ما حدث في المحكمه وعلم بها  ٱخر الاحداث ، عانقت "نيروز" النساء والفتيات ، ودخلت "وردة" هي الٱخرى تعجلهم  مع "يامن " الذي حمله "غسان" وهو يقبله ويداعبه مع "نيروز" مردفاً عليها كلمات خاصة برغبته في الإنجاب سريعاً بطفل مثله ، ووسط خروجهم للخارج حيث إنتظار عائلة "غسان" وقفت "جميلة " في مواجهة "عز" الذي إبتسم لها بسمة رجولية زينت محياه وهو يقول :



_"ابيض بردو يالملاك إنتي ؟؟  هتروحي فين تاني بجمالك ده يا جميلة قوليلي !!"



خجلت من تلميحه وهي تقترب منه ، وتعمدت خروج حديثها دون حرج حينما ردت بقولها الذي أثار دهشته :



_" هروح بيتك يا عز!!"



صفق لها بإعجابٍ وقد تعلقت عينيها بعينيه لمدة دقائق يسمعها هما الاصوات في الخارج ، وبقت هي تائهه إلى أن قالت له دون مقدمات:



_" كنت فاكراك هتاخد جنب شويه مني أو هتكلمني على قد الكلام وخلاص بسبب اللي حصل امبارح ، وأنا ٱسفه يا عز بس والله مش عارفه أعديلها دا أبداً سامحني !!!"



يتفهم الوضع ، لطالما وصف بالعقل , ابتسم لها وهو يمد يديه ينتشل كفها بين كفه مردداً بنبرة تعتبرها هي نبرة العاشق التائه بين بحور عينيها الذي لم يستطع هو رؤية غيرها :



_" وأنا عارف ده ومقدر ، وبحبك ، وزي ما بحب فرح كمان ، بقولك إن حكاية  تسامحي ومتسامحيش مش فإيدي ، أنا مش هجبرك تسامحيها يمكن والله اعلم لما تيجي منك الحال يتعدل أكتر بينك وبينها ، لإني عارف إنك خايفه أكتر ما محروجه تيجي بيتي وتبقي مراتي وإنتي معاها كده !"



تفكر بكيف ستتزوجه وهذا حالها مع شقيقته ، هذه عقبه كبري لديها ، ولكن لديهم هم أوقفوا التفكير بذلك بعدما علموا طبيعة "عز " ، ابتسمت له بإهتزازٍ وقبل أن تتحدث وجد أحد الأصوات المرتفعه وهو يهتف من أمام باب الشقه:



_" ما  تـ يلا يا نحنوح !!"



ولم يكن القول سوى من "غسان" التي وكزته "نيروز", بتعنيفٍ ، ترك "شادي" سيارته وهذة تعتبر فعله اصيله منه كونه يعلم بأنهم جميعاً ذاهبين لها ، رحل هو وتركها لـأحدهم يقودها بهم ،. لذا توجه "غسان" يعطيه المفتاح  بعدما تركه "شادي" مع "حامد " ،.  علم "عز"  بأنه سيٱخذ "جميلة" و"وردة"و"وسام" أما "فريدة" التي جلبت معها "زينات" التي لم يتحدث معها أي فرد، كانت ترفض والاخري من صممت علي أن  تأتي معها ،  سيأخذهما  "حازم" بسيارته مع "ياسمين"و"عايدة" " وبقا "غسان" بسيارته التي ستركب بها معه "نيروز"و"حامد "و"دلال" ، و"يامن " الذي ظل يجلس على ساقه حتى وهو سائق!!!!! ، ومن ثم ينتهي الوضع بذهاب الثلاث سيارت خلف بعضهما البعض!!!




        
          
                
_______________________________________________



خروجه من عمله بعد الذهاب له أمس والاقامة هُناك إلى قبل ذلك الوقت كان هو الشئ الذي قبل أخذه لقرار الذهاب مره أخرى أمام منزلها خلف شرفتها ، عل ذلك يريح عقله !! ،وقت يرى بأن ما به غير منطقي للغايه وأوقات أخرى يري بأنه الصواب والكل من حوله على خطأ ، يرسل لها رسائل مره أخرى ولكنها لم تجيب لم تمسك الهاتف إلا نادراً من الأساس ،  كان اليأس رفيقه وهو ينتهد وللحظة التي هزته وسارعت من دقات قلبه هو إنتباهها له حينما هتفت عالياً من الشرفه وهي تقوم بأخذ الملابس من على الحبل :



_" إنت يا اسمك ايه !!!!!"



لم تكن الكلمات سوى من "حنان" التي لاحظته وكي تكذب وتصدق ما تتخيله هتفت تناديه رغم عدم علمها هو من من بينهما خاصةً أن ذقنه نبتت هو الٱخر فأصبح مثل شقيقه !! ، ابتلع "بسام" ريقه بصعوبةٍ وهو يغمض عينيه يأخذ أنفاسه كي يتحلي بالثبات ثم إلتفت ينظر ناحيتها على بعد ، وما أن رٱها تشير له بيديها ، تحرك بضع خطوات وهو يرفع رأسه وكانت هي أعلي من الشارع بقليلٍ ، ابتسم "بسام" لها بسمة مهزوزه لم تظهر حينما قال بترحيبٍ لها وهي تنظر له بابتسامة واسعة :



_"إذيك يا أم عز ، ايه الأخبار ؟!"



وضعه وكأنه متبجح ؟ وهو لم لكن ذلك طوال حياته ، لذا سيخرج لها المبررات الذي رتبها بعقله لقدومه إلى هنا ، سيكذب؟ وهو الذي يتسم بالرزانه لمن لا يعرفوه ، بل والإنتظام أكثر على مبادئ جيدة عن شقيقه !! ، إبتهجت ملامحها ما أن تأكدت من شكلها بوجود أحدهما أمام منزلها ، رددت بلهفه تتحدث وتجيب عليه بترحاب حار:



_" الحمد لله ، إذيك إنت يا حبيبي ، تعالي أدخل إتفضل ..إستني هروح أفتح لك الباب ميصحش وقوفك كده !!"



ود لو يركض إلى منزله الأن ، حاصرته ولم تعطه الفرصه للرد بالرفض ، بل وجدها إختفت سريعاً ، لذا أُجبر علي الدخول من الباب الرئيسي للداخل أمام باب شقتها ، التي فتحته ووجدته أمامها ، مدت يديها ترحب به فمد يديه يصافحها رغم حرجه ، ووجدها. تردد مره أخرى بلهفه :



_" تعالى أدخل يا حبيبي ميصحش  تقف على الباب كده !!



حاول رسم الثبات على ملامحه ثم قال بهدوء:



_" الله يخليكي يا ٱم عز ، هو عز فين ؟"



_"هو مش جالكم يبني ؟؟"



إهتزت ملامحه وهو واقف وسرعان ما أنقذ نفسه بتعلثمٍ لعدم قدرته علي الكذب:




        
          
                
_" ٱه ..ٱه جالنا فعلاً !!"



عقدت ما بين حاجبيها بغرابةٍ منه ومن وجوده ولم تستطع قولها بل راوغت وهي تردد مره أخرى وهو  واقف :



_" ٱومال ..طب هتفضل واقف كده ..ما تدخل يبني !!!"



ضغط على أسنانه بندمٍ من ضغطها ومن قدومه من الأساس ، حاول الثبات للمره الذي لا يعرف هو عددها وكانت ملامح الحرج عليها وهو يجيبها قائلاً بـ :



_"مره تانيه إن شاء الله ، ميصحش أدخل  طالما عز مش موجود ، مع السلامه!!



تصمم على الضغط عليه ، ود لو يسب لأول مره بحياته يسب  تفسه لمجيئه إلى هنا ؟! ، عندما قاطعت سيره وهي تمسك ذراعه قبل أن يرحل وهي تسحبه بعفوية وحزن:



_" انت زي عز يا بني أدخل ومتزعلنيش منك بقا يلا !!"



إضطر للرضوخ وهو ينساق وراء حديثها ، دخل خلفها وهو يهبط رأسه بحذر من  جلوسها براحةٍ في منزلها ، رغم لهفته برؤيتها ، ومالا يعلمه هي بأنها لا  تخرج من غرفتها بالأساس ، انتهت بجلسته بحرج في غرفة الضيوف وهي تدخل عليه بعد وقت بكوب من العصير تضعه أمامه بلطفٍ ثم جلست مقابله وهي تردد عليه :



_" منور يا....!!'



توقفت عن الحديث بتعلثمٍ ، فرمقها بلين وهو يبتسم مجيباً اياها بلطف:



_" بسام .. معاكي بسام!!"



_" معلش يا بني إستحملني لحد ما أعرفكم من بعض ، إحنا يعني بقينا عيلة وحبايب بعد اللي عملتوه مع عز ابني !!!"



يود الفرار الٱن وبكل سرعه ولكن بعد فوات الأوان ، رد عليها بلباقه تتناسب مع شخصيته:



_" متقوليش كده ده عز أخونا !!"



صمتت لا تعرف كيف تفتح الحوار وقبل أن ينهض ، سألته بإهتمامٍ وحرج مره اخرى:



_"أنا بشوفك هنا بقالي كام يوم حتى قولت يمكن بتهيألك يا بت يا حنان بس لما شوفتك النهارده إتأكدت ..إيه سر مجيتك دي؟؟ لتكون يا خويا عايز تيجي لعز ومحروج ..لا البيت بيتك والله و...."



يعلم أنها عفوية ومضحكه بل واتضح بأنها بغير حالتها بمرضها ، شخصية أخرى بعد شفاها !  ،قاطعها بكذبٍ لينهي الحديث :



_" لا ..أنا كنت باجي لواحد صاحبي هنا ساكن جنبكم بشوية !!!"



_" دكتور بردو ؟؟"



قالتها بإستنكارٍ فرد هو بإندفاعٍ دون تفكير :



_" ايوة  "




        
          
                
_" والله غريبه اول مره أعرف إن أول الحارة فيها دكاتره كده وجيرانا كمان ..ابن مين ده ؟؟"



من بين مسكة للكوب وكي يعرف تصنع بأنه كان سيقع منه كي يلهيها ، فنهضت تجلب له مناشف ورقيه سريعاً وهي تقول بلهفه :



_" على مهلك يا بني ..حصل خير !!!"



مسحت ما وقع بقليل فقط ، وقبل أن ينهض مره أخرى ، هزمه عقله بالسؤال عليها حينما قال بلين :



_"وأخبارك وأخبار.. الٱنسه.. فرح ايه ؟"



رمقته بحنوٍ وهي تهز رأسها بحيرة مردده بتنهيدة:



_" الحمد لله ماشي الحال ، شوية كده وشوية كده"



وأكلملت سريعا. بتلقائية :



_" ونبي يبني لو عرفت تقعد كدة وتلين دماغ عز ابني من نحيتها  عشان يسامحها ويرجع يكلمها قوله ، البت يحبة عيني حالتها مش عجباني ونفسيتها وحشه خالص ، انا عارفه والله ان اللى عملته معاكم هناك مكنش سهل بس إنت واخوك بردو ليكم كلام  على عز ، وهو والله بيعتبركم أخواته وأكتر!!"



يشرد في حالها من جديد ، لذا يشعر أيضاً بالشفقه عليها ، حرك رأسه لها بموافقةٍ وهو يجببها حديث مطمئن ومن بينه جاء بٱخره حينما سأل عنها بعفوية:



_" أومال هي فين ..أنا مستعد أقعد معاها وأكلمها عن اللي بيعمله عز معاها   وخليها تطمن ، كده كده هما أخوات وملهمش غير بعض !!"



كانت تتردد في قولها له بأنها نائمه ، لذا نهضت ونظر هو بحماسٍ عندما نهضت ، وابتسمت وهي تقول :



_" هشوفهالك يمكن تكون صاحية ولو  عرفت تهديها كده من حالتها دي هديها ي بني !!"



حرك رأسه بشغفٍ وبهذه اللحظه تبخر كل ندمه وهو يجلس ينتظر قدومها ويتمني بسرعه على أن تنهض وتأتي له كي يشبع عينيه برؤيتها حتى وإن لم يتحدث معها ، إنتظر ومن بين جلسته وجد هاتفه يدق برقم شقيقه  "غسان" ، تردد بأن لا يجيب ولكنه أجاب سريعاً قبل أن تأتي من الداخل :



_«ايه يا غسان ؟!»



_ «إنت فين، مش قولتلي هتحصلني على المستشفي ، أنا وصلت ومستنين ندخلها كلنا ومش لاقيك !!»



يتردد في قولها وكيف سيقول بأنه الٱن في  منزلها ؟! ، ذلك الغبي ، أوقع نفسه ولا محال من ذلك ، وقد ذهب به تفكيره بماذا لو علم "عز" من والدته وعلم شقيقه بعد أن كذب عليه الٱن ..سيصدق في القول ، عندما رماها على مسامعه مره واحده دون لين بأنها ترتمى على حدة الشباب :




        
          
                
_ «أنا عند فرح فبيتهم !!!»



هُنا وترقبت جميع ملامح "غسان" الذي كان يقف بجانبه "عز" مع"جميلة" ، من بين صدمته أردف مره أخرى كلمة الإعتراض بصوت مرتفع أمام جميع الجالسين " انا حقاً  اعترض" بأخذ اول حرف من أول كل كلمة ، ضغط "بسام" على فكه منها وما أن رٱها تدخل عليه أغلق الخط بوجهه سريعاً بعد هذه الكلمة!!!!!!!!!



_________________________________________



وعلى الجانب الٱخر ، عندما قالها "غسان" نظر له الجميع بصدمة كُبرى ، وكانت "نيروز", تقف بجانبه ، وكزته سريعاً ، فسار "حامد" نحوه وهو  يحدجه بغرابةٍ مردداً بإستنكارٍ يُعنفه :



_"  ايه اللي انت عملته ده !! جنبك بنات واحنا فمكان عام !!!!"



تاه بين الحديث حتى أنه لم يسمعه كاملاً  منه وهو يحاول أن يدق على هاتف شقيقه مره اخرى ولكنه اغلفه ، سب سبه بذيئه منخفضه ، وصلت إلى مسامع "نيروز" التي فتحت عينيها على وسعها   كما فعلت "جميلة" ، بينما التفت "عز" وهو يعقد حاجبيه مردداً بتساؤل :



_" الله ، مالك ياض ؟؟"



أخذ عليه وعلى طباعه وأسلوبه ، لذا قال له هذا بعفوية وبنفس الوقت بجديةٍ ، إهتزت ملامح "غسان" وهو يحاول أن يخفيها ولم ينتبه لاهتزازه ذلك سوى "حامد ", وهو يسمعه يجيب الٱخر ببسمة هادئه :



_" لا مفيش ، هندخل إمته ؟"



وضعت "نيروز" يديها بكفه وهي تحركه بحنوٍ ثم أجابت بغرابةٍ من توهانه :



_" خمس دقايق يا غسان  مالك كده مش  مركز ليه ، هو حصل حاجه؟؟،"



تسأله بمنتهى اللين ، وقد ظهرت ملامح الضيق عليه وهو يترك كفها كي يسير بعيداً. عنهم بقليل محاولاً الاتصال عليه مره أخرى ، تفاجئت من فعلته الفاتره هذه ، حتى تقابلت عينيها   الحرجة مع عيني"حامد" الذي ربت على  كتفها يحاول إخفاء ما فعله هو وهو يقول :



_" استني كده يا حبيتي وأصبري  عليه ، بعد ما نخلص نشوف في ايه !!!"



أومأت له بالإيجاب وهي تنتظر ، وانخرط الجميع بالحديث وهو واقف من على بعد يحاول الاتصال به .. قطع شرودها ونظراتها ناحيته صوت "حازم " و"بدر ", الذي كان يحمل صغيره ، قال أحدهما :



_" عشان إحنا كتير كل  شويه هيدخلولها وبعد كده شوية تانين يدخلو! "



قالها "بدر" بمرحٍ وقد تعمد هو قولها بدلاً من الممرضه المبتسمه البشوشه ،  ضحك الكل بخفه عدا هي والتي تاهت بين ما يفعله هو على بعد بتكوير يديه وضغطه علي أسنانه وحتى إمساكه للهاتف بآنفعال!! ، تركتهم يخططون من الذي سيدخل أولاً ومن ثم ثانياً وهي واقفه تنتظره ولم تدخل إلا معه ، كونها تتأكد من صمودها بسببه إلى هذه اللحظه ، دخلت النساء أولاً مع "حامد" ، إلا فتياتها "نيروز"و"ياسمين"و"وردة" والتي تعمدت كل منهن بالوقوف لتأخذ راحتها معها بإزالة الشوق وخروج من قبلهم بسرعه ، رغم عكس ما يفعلونه بدخولهن هن أولاً ، ولكن ما لاحظوه من ما تفعله "نيروز" بسبب "غسان" جعلتهما ينتظراها !!!!




        
          
                
_____________________________________



قبل دقائق من الٱن .. وجدها تدخل عليه بملابسها الطويلة وبحجابها الذي خرج منه خصلاتها بخواء دون. إهتمام بترتيبه ، بل خرجت بسبب ضغط والدتها عليها  ، إبتلع "بسام" ريقه وهو يطالعها ، تتسارع دقات قلبه ويهاب هو بأن يسمعها أحدهم، تعلثمت نظراته بها وتعلقت وهو يطالعها بسكون مريب ، فقط فقدت وزن أكثر ما كانت تفقد وملامحها تغيرت بسبب إكتئابها ،  كل ذلك لا يعتبر فارق معه ، بل هو يعجب  بملامحها هذه حتى ولو كان هو اجمل منها!! فقط عينيها الذي يتشتت بها ، تلهيه عن الواقع ، بأهدابها الكثيفه وعينيها الواسعه التي تقرب للسواد !! ، دبلت؟ من الحزن ؟، لوهله يحرك عينيه بينها وبين الٱخرى ، فقد تشبه والدتها إلى حد كبير جداً



_" إنت سامعني يا بني؟؟ بقولك أقعد وفرح بتقولك إذيك يا دكتور ! إنت معانا ؟؟"



خرج من شروده  بسرعه بحرجٍ وعندما شعر بإهتزاز الهاتف بجيب بنطاله وضعه على وضع الطيران !! ، وهو يجلس سريعاً. محركاً نظراته بقوله :



_" ايوه..إذيك يا فرح أخبارك إيه ؟"



_" الحمد لله"



لا يثير غرابتها سؤاله ، لا تهتم من الأساس بل تسكن وتصمت بطريقة مريبه ظلت ساكنه بعد قولها ذلك ، حتى تنحنح هو بحنجرته  وهو يردد مجدداً ؛



_" إحنا ..قصدي مامتك وكل اللي بيحبوكي مش عايزين يشوفوكي بحالتك دي يا فرح ، ليه ممكن تعملي فنفسك كده لما ممكن تحاولي ترجعي عز  زي ماكان معاكي وكمان صاحبتك ودراستك اللي سيبتيه وحياتك ،ومستقبلك !!"



كان صحيح في قوله جلست "حنان" تنظر بإهتمام ونظرة الأمتنان تنظرها إليه بشده ، وجدها تبتلع ريقها وهي تنظر بمكان ٱخر تثبت عينيها بشرود وهي تردد بخواءٍ :



_" حاولت!!"



يؤلمة قلبه بسبب حديثها وكسرتها هذه ، رغم أنه يعلم بأنها أخطأت ولكن شعوره بأن يهون هو عليها ويعوضها قوي لا يعلم كيف أتى وهو لا يراها كثيراً !! ، تنهد يخرج أنفاسه يحاول بقدر الامكان بأن لا يظهر ثباته حينما رد عليها بإصرار :



_" ونحاول تاني وتالت ورابع ،  وعلفكره حتى لو عملتي إيه فربنا ييسامح  يبقى عز  مش هيسامح ؟؟..فكري فنفنسك ونفسيتك وحياتك ، وإعرفي إن أخوكي ملوش غيرك فالنهاية !!"



_"عز بيحبها أكتر مني !!"



صُدم من قولها ذلك ، وعلم إلى ماذا تلمح هي ، أدمعت عيني "حنان" منها ، فرد هو سريعاً عليها بـ :




        
          
                
_" مستحيل يا فرح ،عشان عز أستحمل كتير علشانكم وكان قدامه ألف سبب يتخلى عنكم بس هو راجل ، حتى اللي يثبتلك إنه مبيحبهاش اكتر منكم إنها كانت فارقه معاه أوي وكان عايزها بس  محاولش ، خد جنب بعد اللي حصل وهو بينفرد بوجعه ، وقعد يقول نفسي احاول عشانها بس محاوش ألا بينا ، محاولش بنفسه عشانكم وعشانك بالذات!!!"



قصد الوضع التي فعلته هي !! ، أدمعت عينيها بتيهه وقد صمتت للحظاتٍ ، تسمع صوت أنفاسه وسكون والدتها ولا تعلم هي كيف رددت وكأنها تتحدث مع نفسها حينما قالت بإعتراف موجع :



_"بس انا محدش بيحبني !!"



هبطتت دمعتها بكسره ، فتقدمت "حنان" تضمها من بين الغصه المريره التي إبتلعها هو بحزنٍ وألم ، لا يعرف  بماذا يجيب ، بل أمسك نفسه علي لحظه بأن يعترف لها بحبه ويردف  بأنه هو الذي يحبها وهذا كفايةُ بالنسبةِ له !! ، خرجت من بين احضان والدتها ، وسرعان ما سمعته يتخذ نحو ٱخر غير النحو الذي كان يتحدث به بالحديث :



_"واحد أتاخد منه كل حاجه  بيته  ضناه  فلوسه  عيلته   صحته  و لسه بيقول "أرضيت يارب " ؟  ملكك يا رب  خذ من دمنا وولادنا ، وطاقتنا عشان ترضى  يارب ،  وإحنا لو حصل لنا ربع دول بتعب بس بنقول إشمعنا أنا ..وبنقعد نندب كام سنه قدام ، أه الزعل موجود ..والحزن كمان ، وبيسيب علامات جوانا ،مش بتتشال بس مع ده كله لازم يكون الايمان قوي بإن اللي بيحصل ده إبتلاءات من ربنا وامتحانات أو  حتى  تكفير ذنوب ، أعتبري كل اللي راح واللي إستحملتيه إبتلاء وإمتحان ، واللي عملتيه من غير تفكير هو تكفير ذنب عشان فالٱخر  تبقى الجنه سهله ، الجنه  درجات يا فرح وعشان كده جينا هنا الدنيا نستحمل ونبني بيت لينا فيها فالٱخر بتحملنا وطاقتنا وصبرنا ده ، مش يمكن فالٱخر بعد كل اللي حصلك ده يبقي ليكي الجنه ؟؟ "



سرد عليها بكل يقين ، تأثرت"حنان " من حديثه ، بينما هي بقت ساكنه تحرك رأسها وفقط ، ومن ثم نهضت ببطئ تبتسم له حتى قالت بنبرة موجعه مخفيه بها الالم :



_"شكراً يا دكتور..عن اذنك!!



وكانت هذه جملتها التي قالتها قبل أن ترحل ، رغم ان  والدتها رمقتها ولكنها تجاهلت هي تجلس بمفردها ، علم بأن الحديث معها لم يكن لديه فائدة ولكن رؤيته لها كان هذا الذي يريده ، إبتلع ريقه وهو ينهض هو الٱخر بحرجٍ ، فوقفت "حنان" تهتف بأسف بنظراتها ولباقه في حديثها :




        
          
                
_" لسه بدري يابني !!"



_" معلش يا ٱم عز ، ان شاء الله المره الجايه نقعد ونطول أكتر !!"



لما يلمح ذلك ؟ ، قالها بتلقائيه ثم سار من خلفها وهي تسمعه تشكره :



_"شكراً يا دَكتور "



ضحك عليها وعلى هتفها بلقبه , ورغم حزنه عليها وعلى حالها ولكنه يريد هو من يشكرها الٱن  وليس هي ، واهٍ لو علمت هى!! ، أغلقت الباب خلفه بقلة حيلة ، واما هو فحاول أخذ أنفاسه براحةٍ ، ولوهله يعاتب نفسه لحدوث كل ذلك ، ماذا فعل القدر معه في حين بأنه كان يريد الذهاب ؟ البعض يري بأنه وافقه والبعض الٱخر يري بأنها ما هي سوى لبداية مشاكل جديدة لما يترجمه عقل "غسان" بفعتله  الجريئة هذه !! 



___________________________________________



أما الٱن بالجانب الٱخر ، خرج الكل من الغرفه وهي بالداخل تنتظر فتياتها الثلاثه. !! ، وقف "عز" بجانب "جميلة" وهو ينظر ناحية "حازم" الواقف يسند "ياسمين" حتى قال له بإذن رغم ان الأخرى تعتبر زوجته:



_" معلش هاخد مراتي كده نتغدي برا وهنرجع على البيت علطول !!"



قالها بمرحٍ ، فحرك له "حازم" رأسه بموافقةٍ ثم قال سريعاً قبل أن  ينسى:



_" متتأخروش عشان زي ما إنت عارف" شادي" مأكد علينا كلنا إننا نروح معاه لأهل"منة" النهارده ، والبنات كمان هيروحوا يقعدوا معاها ، فمتتأخروش انتوا الاتنين وخلي بالك منها يا عز!!! "



حرك رأسه بتفهمٍ ثم قال بهدوءٍ قبل أن يرحل معها :



_"   متوصنيش على مراتي يا حازم ، فـ عيني اللي مشافتش غيرها كدة كدة !!!"



ثبتها قوله وهي تلتقت ممكسه بكفه لترحل معه ، وقبل أن يسير بطريقه ، وقفت هي مع "نيروز" وتقدم هو نحو "غسان" الذي لازال يحاول الي الٱن الوصول لشقيقه:



_" مالك يا غسان، لو في حاجه قولي وأنا معاك.."



وأكمل سريعاً بستجوبه بشعبيةٍ :



_" قولي لو في مشكلة حصلت ولا خناقه ولا حاجه ؟؟ حد مزاولك ؟؟"



ابتسم له "غسان" بإتساع قاصداً. ظهور ذلك ، وهو يضع الهاتف بجيب بنطاله ، ثم ضربه على كتفيه بخفةٍ وهو يغمز له قائلاً بتبجحٍ :



_" هو حد يقدر بردو يا عز؟؟ وبعدين هحتاجك ليه ؟ إلا إذا كنت بجح مثلاً وخدتك معايا  لأخوك نزاوله إحنا!!"




        
          
                
قالها بكيدٍ وتبجحٍ وهو يضحك فقد فعلها قبل ذلك مره واحده ، وتعارك الاثنان معاً، غمز له "عز" ثم رد له الضربه بقوله الزاهي به :



_" على وضعك!!"



إبتسم له ، حتى حرك أنظاره ناحية "جميلة" التي أتت لتذهب معه بعد إشارة "عز" له بالوداع  وإعطاءة المفتاح الخاص بسيارة "شادي" ليركبها "بدر" بدلاً منه ،  إستعدت كل من "ياسمين" وزوجها للدخول ومن ثم "وردة" وزوجها  هو الٱخر الذي لم يترك والداتها لحظة واحده ، ومن ثم "نيروز" التي ابتسمت ما أن رأت "حامد" يتوجه ناحيتها هو زوجته ، في حين إقترب "غسان" محاولاً رسم ملامح عاديه ، طالعته بصمتٍ وإهتمام ، حتى وجدت "حامد" يردد له:



_" احنا كلنا هنسبقكم على تحت على ما تخلصوا !!"



هز رأسه بموافقةٍ ومن ثم لاحظ هو ذهابهم جميعاً ، حتى "زينات" الصامته التي كانت بجانب "فريدة" التي ترافقها ، بمحاولاتها بأن تجعلها افضل مع الوقت !! ، تعلقت عينيها بعينيه الذي يحاول هو ولأول مره الهروب منها كي لا ينهزم ، وما أن وجد سؤالها له بخفوتٍ :



_" مالك ؟!"



سحبها عقب قولها بعدهم كي يدخل بها دون الإجابه بل إبتسم لها فقط بإطمئنانٍ ، وما هي سوى لحظات ودخلوا إليها وهي مسطحه تستند على الفراش المريح ، إندفعت "نيروز", أولاً  ما أن رأتها بلهفه ولكن أمسكتها يد "غسان" سريعاً تمنع إندفاعها ذلك بقوله العقلاني لها  وهو يهمس :



_" براحة ، وبلاش عياط عشان حالتها لسه فالأول , ماشي ؟"



حركت"نيروز" رأسها بنعمٍ وقد أنقذ هواللحظه. ، لم تستطيع أي واحدة منهن عناقها ، بل وقف كل منهن بأعين مدمعه وبجانب كل منهن زوجها ،وأول من تحدثت  كانت "نيروز" وهي تردد لها بتأثر حينما أمسكت كفها :



_" أنا ..أنا مبسوطة اوي ياماما إنك رجعتي ، كنت حاسه وخايفه، بس روقي بقا بسرعه عشان خاطري ، البيت ملوش أي طعم من غيرك ومن غير نَفَسِك اللي بيطمني !!"



في هذا الوضع لم تتحدث "سمية" كثيراً. بسبب وضعها ولكنها تأثرت وهي تردد بضعفٍ لها :



_" أنا..معاكي ..يا حبيبتي ..مش هسيبك !!"



ابتسمت لها بفرحٍ وهي تنظر نحو "غسان" وكأنها تتأكد من اللحظه حرك رأسه لها بسعادة من رؤيته لتأثرها ذلك ومن ثم بدأت "وردة" تتحدث هي الٱخرى وهي تقول :



_" حمدلله على سلامتك يا ماما وحشتيني اوي أوي !!"



ابتسمت وقبل أن ترد ببطئها هذا ،  تحدثت "ياسمين" بإختناقٍ رغم عكس حديثها :




        
          
                
_" وحشتيني يبنت الإيه ..وحشتيني يا سُمية !!!"



تعالت ضحكات الشباب وحتى شقيقتها وشقيقتها الٱخرى ، لن تقدر "سمية" على أن تخرج ضحكتها لذا إبتسمت لهن جميعاً وهي تقول :



_"ربنا يخليكم ليا ي حبايبي!!"



وقف "غسان" بإعتدال وهو يردد لها بنبره هادئه لطيفه :



_'' حمد لله على سلامتك يا حماتي، ولينا قاعده مع بعض نتصافى فيها على رواقه بسبب إسبوع العسل اللي طار فالنكد ده ، حرام عليكي يا شيخه دا أنا راجع الشغل كمان كام يوم ، يرضيكي؟؟"



تعالت ضحكاتهم جميعاً  بشده هذه المره ، ومن بينها هتفت هي بابتسامه متعبه :



_" ربنا يسعدكم يا حبيبي !!"



ابتسم لها بهدوءٍ وهو يسمعع الاخران  يرددان بحديث لطيف لها وعلى سلامتها وبالٱخرى "نيروز"  وشقيقاتها والحديث بينهم وبين بعضهم وهو ساكن صامت يشرد بوضع شقيقه وما فعله بغير فهم منه !! ، خرج من شرودة علي قول أحدى الممرضات المتأسف لهم بـ :



_" أنا ٱسفه..بس وقت الزيارة  خلص!!"



_" بسرعة  كدة ؟"



قالتها "نيروز" التي تتمني بأن تجلس وقبل أن تعترض "ياسمين" واصلت الممرضه تردد مره أخرى :



_" بنتأسف بس حالة الوالدة متسمحش إنها تتكلم كتير ،  بعد إذنكم !!"



حركوا لها رأسهم بتفهمٍ وهي تراهم يودعونها بحبٍ وشوق لم يزول إلى الٱن وفي طريقة لخروجه نظر نحو  ركن   ما  بشرودٍ   حتى لمح رغماً  عنه ذراع الممرضه وهي تتخطاه  ، كان شارد  بما حدث وما سمعه ، وبعالم ٱخر غير واعٍ لذلك ، وكزته "نيروز" بغيظٍ وهي تسحبه نحو الخارج مردده له بانفعال:



_" إنت مفيش فايدة فيك وفعينك دي !! "



وقبل أن يرد عليها بتبريرٍ من ما فعله رغماً عنه دون قصد منه بذلك وجدها تسير من قبله مع شقيقتها وقد تركته واقف ينظر ناحيتها بغرابةٍ من ما فعلته، فقط إلتفت فوجد "ياسمين"  تسير مع "حازم" ووقف "بدر" بجانبه يكبت  ضحكاته وهو يسأله :



_"إنت علمت ايه ؟"



_" والله ما عارف ولا واخد بالي ، يلا خلينا نمشي!!"



سار معه وهو يكبت ضحكاته عليه و"يامن" هو الٱخر يضحك على مظهر والده دون فهم شئ ، عقد "غسان" مابين حاجبيه وهو يسألهما بمرحٍ جاد:




        
          
                
_" وايه اللي بيضحكك إنت وابنك كده ، ضحكوني معاكم !!"



نظر بسخرية بٱخر حديثه وهو يقدم له المفتاخ الخاص بالسياره ثم أخذ منه"يامن" وهو يسأله مره أخرى باهتمام:



_"قولتلي هتطلع امته من المستشفي ؟؟"



_" على إسبوع كده كمان وهتبقي زي الفل و تنفع تخرج !!



سارا معاً بعدها إلى الأسفل ومن أمامها "حازم" معها ، وانتهت هذه الدقائق بوقوفهم  أمام السيارت وركب.  كل منهم مثلما في القدوم ، ، وعاد معهم "بدر" هو الٱخر ، بسبب القرارات ، وبسبب افاقتها هي الٱخرى فلم يكن هناك سبب ٱخر ! ، سيذهبون لها كل يوم  البعض وكل منهم يوم ووقت إلى أن ينتهي كل ذلك ، سارت الثلاث سيارت مره أخرى ، وفي سيارة "غسان" كانت هي تجلس  في الخلف بجانب "دلال", و"حامد" في الٱمام والذي ترقب الوضع ومن ثم سأله سريعاً بتلقائيه :



_" اومال فين أخوك ..مجاش ليه ؟"



_" معرفش!!!"



وكان ذلك القول الجامد منه وهو ينظر على الطريق من أمامه ، نظروا  إلى بعضهم بغرابةٍ خاصة "وسام"  التي أتت معهم بسيارتهم ، تقابلت عينيها  مع "نيروز", ، حتى وجدا هما قول "دلال" له المتساءل :



_" مكلمتش أخوك  يبني ولا ايه ؟"



تنهد "غسان" يخرج أنفاسه وهو يقود السياره بلفها لجانب ٱخر ومازال يقود تزامناً مع قوله واجابته عليها باختصارٍ :



_"مقفول !!"



صمت الكل بغرابةٍ من طبيعة رده الجامد ، وخوف "نيروز" من هيأته هذه التي لا تراها إلا فالقليل ، كثيراً. ما تري  حنوه عليهم حتى بوقفته المنفعل ، ماذا يفعل الٱن ؟! ، وجد الغباء من "وسام" حينما سألته بإندفاعٍ دون  مراعاتها وتفكيرها بما تفعله كل مره حينما يكون منفعل. تبتعد عنه :



_" هو إيه ده اللي  مقفول !!!"



إستشعر الغباء بنبرتها. وكأن هذا ينقصها الٱن ،رفع عينيه بالمرٱه يحدجها بقوة حتى ردد  بجمودٍ :



_" بتعرفي تسكتي ولا مبتعرفيش!!"



تنحنحت بحرجٍ من أسلوبه خاصةً أنها توجهت لذلك أمام "نيروز" لأول مره ،  صمتت سريعاً وعلمت بأن به شئ في حين حدثه "حامد" بجدية :



_ " إنت مالك كده متقفل كده وطايح فالكل ليه  ؟ قالتلك إيه هي عشان تكلمها بالإسلوب ده ، احترم حتى ابوك وسنه !!!"




        
          
                
خافت "دلال" وهابت بأن يتطور الوضع لعراكٍ ويعود يتجنبهما من جديد ، لذا تحدث سريعاً :



_" خلاص   خلينا نوصل على خير ، حصل خير يا بني ، ركز فطريقك !!!"



لم يجيب  هو أي من والده ووالدته ، بل بقى صامتاً قصد بأن لا يخرج بأي حرف منه كي لا يتطور الوضع ، لوهله شعر بالندم من أسلوبه معها ، فرفع عينيه ناحيتها بالمرٱه حتى وجدها شاردة بشرفة السياره ، أوقف السيارة بهدوءٍ أمام أحد المحلات الكُبرى ، حتى إلتفت يحرك رأسه لهم وهو يسألهم باهتمام دون مقدمات:



_" هجبلكم أكل وهاجي ،. حد عايز حاجه معينه ؟"



نفوا برأسهم ، فنظر هو ناحية "وسام " ، حتى خرج  ومن ثم فتح الباب الذي ناحيتها وهو يشير لها قائلاً  بلين:



_" انزلي  تعالي معايا !!"



هبطت معه بالفعل ، ومن ثم أغلق الباب وهو يتوجه ناحية الداخل ، في حين كانت تكبت "دلال" ضحكتها فخرجت وهي تقول بيأسٍ منه :



_" غلبان يا حبيبي واللي فإيده مش ليه وميقدرش يزعلهم منه أبداً  !!"



قالتها بفخرٍ وحب أمام نظرات "نيروز", الصامته بالابتسامه فقط وقد تعالت ضحكتها حينما رد"حامد" عليها بحبٍ :



_"طالعلك يا أم غسان، طيب زيك بالظبط !!"



_" بتتريق  ولا إيه يا حامد ؟!"



_" وأنا أقدر ، طب إسألى حبيبة بابا كدة اللي جنبك دي أنا بحبك قد ايه !!"



تعالت ضحكة "نيروز", أكثر وهي تجيبها بمرحٍ :



_" الصراحة ياطنط وشهادة حق ..مبيحبش فالدنيا قدك ، يارب رُبع حبه ليكي بس يروح  لغسان !!!"



ضحكت بخفه وهي توكزها بكتفيها قائله :



_" إحنا هنحسد بقا ولا ايه، كل واحد يخليه فجوزه يا مرات ابني  !!"



ضحكت عليها بخفه ، ومن ثم وجدت نبرة "حامد" العاقله تخرج إليها حينما قال بوضوحٍ :



_"بيحبك يا حبيبتي ، متزعليش منه ، هو بس أكيد زعلان من حاجه وحاجه كبيره كمان عشان بان عليه ، بس نصبر كده ونشوف فيه إيه وإيه اللي مخليه كده !!"



إستمعت له بيأسٍ وقلة حيله ، وبالٱخرى "دلال" التي لم تفهم شئ من ما يفعله ولدها ،وخلال دقائق عادت "وسام " معه  وهي تركب ممكسه بيديها الأكياس كما كان يمسك هو حتى قدمها لهم في الخلف كي يستطع أن يقود ، وما أن لاحظ الكل ابتسامة"وسام ", علموا بأنه رضاها سريعاً قبل أن تراكم منه ، سار مجدداً بالسياره ولم تكن سوى دقائق معدوده وهو يركنها حتى هبط الكل منها وهم يرون السيارتين  اللاتان أتا قبل سيارته بسبب تأخيره قليلاً ،أمسك بعض الأكياس والبعض الٱخر بيد "حامد " حتى صعدا معاً بالأعلى كل منهم بالمصعدان ،  تقابلت عينيه مع عينيها المهتمه ، فرسم هو ابتسامه لها وشقيقته بينهما في ذلك المصعد ، حتى فُتح ووصل "حامد ", قبله بالمصعد الاخر حينما ركب قبله ، ففتح هو باب الشقه ودخل الكل يجلس بإنهاك في الصاله ، ترك لهم أكياس الطعام بالغداء ليتناولوا معاً وانسحب هو من بينهما ، فسألته "دلال" قائله :




        
          
                
_", مش هتاكل يا حبيبي ؟؟"



_" لا الحمد لله ، بالهنا والشفا انتم !!"



تركهم يتناولون الطعام بصمتٍ واستنكار ، وحتى هي التي لم تتناول سوى القليل وبقت حث "حامد" لها على أن تأكل جيداً مرددًا. عليها بعض النصائح الحانيه ، وتفكيرها لا يخلو منه ومن حاله الغريب ..



وقف بالشرفه في الداخل بإنتظار حار له ، ومن كثرة انفعاله المكتوم اخرج  من أحد الأدراج عُلبة سجائرة ، وهو ينتشل منها واحدة كي يدخنها ، عندما يكون بوضع كهذا ، إستند على السور وهو ينفث الدخان من أنفه وفمه ، مخرجاّ الهاتف من جيب بنطاله يحاول الإتصال به مرات أخرى ، لا يعلم هو بأنه خرج من المستشفي بنفس ذلك الوقت الذي دخل الٱخر بها وهو علي مشارف العودة إلى المنزل بعد وقت، وجد رساله من "شادي" بأنه قادم في الطريق ، فرد عليه وهو يغلق الهاتف ، منتبهاً لصوت إغلاق الغرفه وهو واقف بالشرفه ، توجهت ",نيروز" بحذرٍ حتى وقفت خلفه ووصل إلى  أنفها وعينيها الدخان من تبغته الذي  يدخنها ، إبتلعت ريقها بمفاجأة وهي تردد عليه حينما وقفت  بجانبه تنظر له بغير تصديق :



_" إنت إزاي تعمل كده ؟؟ ا نت بتدخن من إمته ؟"



تردد بعفوية شديده وصدمه ، طالعها بتهكمٍ وقبل أن تتحدث مره ثانيه أجابها بغير إكتراث :



_" وانتي مالك!!! "



علمت بأن الوقت لا يتوافق ، فقط فعلتها قبل ذلك وإزداد العراك بينهما بالحديث ، إبتلعت ريقها تتحامل علي نفسها وهي تسمعه يتحدث معها بهذه الطريقه ، ولن تنفد  قوله حينما قال لها بأن تتركه حينما يكون بوضع كهذا



_"مالي عشان عمري ما شوفتك بتدخن قبل كده ومالي عشان خايفه عليك وعلى صحتك ، ممكن تقولي مالك وأنت سامعاك  وجنبك !!"



تعمدت اللين وهي تنفذ  ما قالته والدته عنه قبل ذلك ، أطفأها وهو يضعها  بالمكان المخصص لها علي الطاوله ، ثم إعتدل يخرج أنفاسه وهو يحاول الاتصال مجدداً ، لاحظت بأنه يقوم بالإتصال علي شقيقه ، فرفعت كفها تمسح عرق جبهته ، فحرك هو عينيه ناحيتها وهو يسمعها تردد له بتيهه :



_" قولي مالك طيب ..فيك ايه ؟!"



إبتلع ريقه من قُربها ، وهي الٱخرى  تعتقد بأنها علمت كيف تشتته وتجعله يأتي بالإجابة ، لا تعلم هي بأنه المُعلم الذي علمها ذلك ، هو الماهر الأصلي لهذه الحرفه ،  لذا تفاجأت به يهبط يديها من على جبهته برفضٍ لما تفعله كي يأتي لها بالإجابه رغماً عنه بتشتت!!!! 



_" إبعدي يا نيروز معلش دلوقتي ، سيبيني مع نفسي شوية !"



_"مش هسيبك يا غسان عشان أنا قولتلهالك قبل كده ،مش هسيبك عشان إنت مبتسنيش فأي حاجه وفكل حالاتي ..شاركني وأنا جاهزه مش يمكن عندي حل ؟؟"




        
          
                
تريد سؤاله عن ما يخص"بسام " ولكنها ترفض كي لا ينغلق هو بالحديث التي تريد بأن يردده بإرادته ، حرك رأسه بسخريةٍ وهو يقول :



_" مبقاش ليها حل خلاص، مفيش حل ليه وأنا اللي كنت فاكره هيعقل !!"



علمت بأن الحديث على "بسام " ، لذا سحبت يديه تربت عليها وهي تقول بلين ':



_" طب هدي نفسك وإتكلم براحه وأقعد !!"



رفض الجلوس ، وهو ينظر نحو شاشة هاتفه للساعة ، يأست منه ومن إحتمالية بأن يتحدث ، ولكنه عاد يضغط علي فكة بسب شقيقه  عندما وجد الهاتف  مغلق مره أخرى !!



_"أقسم بالله يا أنا يا أنت يا بسام!!"



صمتت تنظر بترقبٍ وهي تقف أمامه بسكون ، تنهدت تأخذ أنفاسها وهي تحاول الحل دون الفهم :



_" طب اصبر عما يجي ، وإبقى كلمه!!!"



_" ما هو مينفعش أصبر علي ما يجيلي ، الغبي بيكملني من بيت عز وهو قاعد فيه وبيقولي بمنتهى البساطه إنه هناك ، هناك إزاي ، ورايح ليه ، وإيه اللي وداه من أصله ، غاوي وجع قلب ، مبيبطلش يجيب الهم لنفسه ، وأنا اللي بدوخ ليه فالٱخر ، قولتله !!! قولتله متنفعكش وبردو بيعاندي وكأني هضره ، فالٱخر رايحلها  وكمان عز مش موجود ،!! ، كل اللي بيعمله ده عك فـ عك !!!"



قالها بهجومٍ وبنبرةٍ مرتفعة ، أمام وجهها بإنفعالٍ من فعلة شقيقه ، قصدت بأن يهدأ حينما قالت هي :



_" ممكن تهدى طيب ؟؟ إنت قولتله إنك  ملكش دعوه بيه وهو حُر ، سيبه يمكن هو صح !!"



_"كنت كذاب .. بكذب علي نفسي وأنا عارف إن بالي مش هيهدى ليه وهفضل خايف عليه ، أقسم بالله ما هو حمل وجع تاني ، دا قعد يتعافى سنين وبالشكل  ده ياريته إتعافى  ..!!"



وجدت العجز في حديثه وقلة الحيلة حينما أمسك رأسه بتعبٍ وهو يخرج أنفاسه بصوتٍ. وكأن هو الٱخر كل شئ ضده. ، رفعت "نيروز" ذراعيها تربطهما على ظهره من الخلف وهي تعانقه بحنوٍ وإحتواء ، ضمته وهي تستند برأسها أسفل قمة صدره ، تنهد هو يخرج أنفاسه وبعد لحظات بادلها العناق وهو يرفع يديه يمررها على  ظهرها فوصلت إليه نبرتها الهادئه وهي تطمأنه:



_" كل ده هيتحل ويعدي ، بس خليك هادي عشان كل حاجه تعدي بهدوء،  



وأكملت سريعاً بخوف :



_"وعد ؟! "



_"لا مش وعد يا نيروز ..بسام محتاج يفوق لو مش من حاله معاها ، يفوق بسبب اللي عمله النهارده ده !!"



لم تسأله ولكنها هابت من قوله هذا ،خرجت من أحضانه ببطئٍ تزامناً مع نظراته إليها ، فسمع هو صوت "شادي" والذي أتى  فالخارج ، بل والذي  جعل بسمته تخرج حينما سمع "وسام" تزغرط حينما قال هو لها هذا بحماسٍ ، ابتسمت "نيروز" كي تخرجه من ما هو به ثم قالت بتأثر له تذكره بما قاله :




        
          
                
_'" مبروك مبدأياً على  خطوبة خِلك الوفي يا بن البدري!!!"



إبتسم على قولها  ولم يلين إلا بسببها هي وحتى عناقها الذي يشعر بالإرتياح به ، امسك كفها يقبله بحبٍ دون نبس أي حرف ، إلى أن أجاب بعدها بلين بسبب طريقته معها قبل دقائق :



_"إنتي الوفاء كله والأمان  يا نيروز ، مبقتش ضامن بقىٰ حد ليا غيرك، عشان كده متزعليش مني ، بس إحساس العجز ده وحش وأنا مش عارف أعمل إيه واحل كل ده ازاي!!"



ريتت على شاش كفه المجروح ثم قبلته هى هذه المره وقد غيرت مجرى حديثه المؤلم بـ :



_" هتبقى عيال با بن البدري !"



_"طب قبل ما نجيب عيال ممكن نطلع نشوف اللي هايصين برا دول !!!'



ضحكت علي حديثه ، حتى أومأت له وهي تخرج معه إلى الخارج ، فتح الغرفه وهو يخرج وما أن خرج وجد "شادي", يندفع بأحضانه سريعاً بحماسٍ وهو يشاكسه ، تحت ضحكات الٱخرين. ، وجد من بعدها "حازم" يدخل مع "ياسمين", ومن ثم "بدر"و"وردة" ، أشار مجدداً ناحية "وسام" كي تزغرط ، فقامت بفعل زغروطه مره أخرى عالية ، فصفق الكل لها بإعجابٍ  وكان الحديث عشوائي إلى حد كبير فكل منهم بركن يتحدث مع الٱخر ومن بين هذه الأصوات أدمعت عيني "دلال" وهي تقول :



_"فرحانه بيك وعشانك أوي يا شادي ، ربنا يكملها على خير ويسعدك!!"



تأثر "شادي" من قولها ذلك ، لذا رفع كفها يقبله ببرٍ  ثم همس بمرحٍ جوار أذنها كي لا يسمعه "حامد" :



_" إنتي أمي التانيه يا أم غسان ، وربنا لو حامد مكنش جوزك لكنت شوفت مستقبلي معاكي ،  دا حتي مش باين عليكي إنك أم لـ ٣ شباب  زي الورد وبنت زي القمر بس عيبها إنها شبه حامد بس  !!"



ضحكت بخفه عليه ويأسٍ من حديثه المرح ، فوجد من يفصلهم عن بعضهما بحنقٍ وهو يقول :



_" إحترم نفسك وإبعد عن مراتي "



_" مراتك أه ..بس أمي ..أم العريس!!"



ضحك "حامد" ثم أيده بحبٍ وهو يعانقه بمباركة قبل أن يتم أي شئ ، لاحظ هو سكون"غسان" الغير عادي وهو واقف يحمل"يامن"  بجانبها ،فتوجه ناحيته وهو يداعب الصغير ثم ثبت عينيه ناحية "غسان" وهو يسأله :



_" مالك يا عم ، متقفل ليه كده ،  لتكون مش موافق ع البت "منة" !!"



شاكسه فقد كان يعارض عليها من قبل بالفعل ، حرك رأسه نفياً ، وقد سمع هو قول "نيروزّ" له والتي قصدت بأن تُلمح  به لهما :



_"أه ، موافق  بس علي سُندس ، يا بتوع سُندس !!"



قالتها بسخريةٍ فضحك "غسان" عليها وهو يغمز له بأن يصمت دون أن يجيب ، ولكنه أجاب وهو ينظر ناحية صديقه:



_'' مالها دي !."



وأكمل سريعاً بعد إشارته على عقله :



_" ومين سُندس دي مش فاكر "




        
          
                
تعالت ضحكات "غسان" مع غيظها منهما ، فسمعت زوجها يجيب الواقف بإهتمام :



_" اللي عينيها خضرا "



صمت "شادي" يتذكر ثم واصل بإندفاعٍ :



_" اللي شعرها بني غامق ؟"



_" أه  القصيرة "



_", الكيرفـ .."



بُتر حديثه و  قطعته هي بقولها له :



_", جميل أوي الكلام ده يا مستر شادي ..نبعت بقا التسجيل ده لـ "منة" حالاً وميبقاش فيها لا خطوبه ولا جواز من اصله!!"



أندفع"شادي " يأخذ الهاتف منها بلهفه وهو يردد بتمني :



_" لا ونبي خلاص ، أنا أسف يا مدام نيروز ، أسف يا مرات الغالي !!، سندس  دي كانت بت لزجه أصلاً  وكانت عايزة ترتبط بـ "غسان "  وانا كنت مرتبط بأختها التوأم ، وكنا  بنتلخبط بينهم وحاجه متعبه عالٱخر  والله يعني !!"



صمتت تنظر له بذهولٍ فقد قال لها الاخر بأنه نفس الشخص كي يثير حنقها أكثر ، غمز لها "غسان" بثباتٍ ، حتى وجدت"شادي" يقدم لها الهاتف مره أخرى وهو يحذرها قائلاً :



_" خدي ولو شميت إنها عرفت حاجه خصم شهر ليكي و٣ شهور ليه !!"



_"مكافأه لينا احنا الإتنين وهظبطك بكلام حنين وكويس !!"



قالتها بمرحٍ فضحك هو  وهو يرى "غسان" يغمز لها بمرح. مره أخرى مشاكساً إياها بـ :



_" تربيتي  يا رزّه !!"



بادلته الغمزة ولم تندمج بالحديث إلا بسببه هو كي تخفف عنه وتجعله يندمج مع الوضع ، تركتهما مع بعضهما عندما وجدت "شادي" يهتم بشدة ليعلم ما به وما حدث ليجعله كذلك ، أخذت "يامن" ناحية "وردة"و"بدر" ، حمله "بدر" منها ، فوجدتها "نيروز" اللحظه المناسبه لتشكره حينما قالت:



_" بجد يا بدر مش عارفه أقولك ايه ، أنا بشكرك اوي على وقوفك جنب ماما وتعبك ده !!!"



إبتسم لها بلطفٍ وهو يستند على "وردة" بمداعبته لـ "يامن" وهو يجيبها بلباقه :



_"متقوليش كده يا روز ،  أنا أخوكم هنا وإبنها ، وكله عشان خاطرها وخاطر"وردة" الغالية على قلبي ، ربنا يجعلها أيام سهله وترجع بينكم وسطكم زي الأول عشان نسافر إحنا بقا ونشوف شغلنا وحياتنا ..!"



عند هذه النقطة أدمعت عيني "وردة" كلما تتذكر بإقتراب موعد سفرهما بالفعل ، إبتلعت ريقها بصعوبةٍ وقد إستشعرت حزن شقيقتها التي عانقتها بحبٍ وتأثرٍ جلى على ملامحهما معاً ، قصد بأن يظهر ذلك كي لا تحزن بشده ، فالوضع لم يكن مفاجئ !! ..  واما هو فشرد بحالة شقيقه الذي يسأل عن حاله ، وقد اقترب هو الٱخر بأن يخرج !! ، إنتبه الجميع على دخول "عز" مع"جميلة" وتهليل الكل بالتصفيق والبهجة بسبب تجهزهم  كي يتوجهون لمنزل "منة" ، إعتدل الكل وخرج "حازم" معه "ياسمين"و"جميلة"و"عز", ، ومن ثم "غسان" مع والديه و"نيروز"و"وسام"وشادي" "بدر",و"وردة"و"يامن", ، حمل "غسان"وعز", العُلب التي توجد بها الحلويات وقطع الكيك وأخرى غيرها !! 




        
          
                
أغلق "حامد" الباب خلفه وقد هبط الجميع بالفعل ببهجة وفرحة كُبرى ، وفي هذه اللحظه وقف "شادي" بشرودٍ وهو ينظر لهم كل واحد يركب بمكانه المعروف بالسيارات ، لوهله شعر بأن يُعوض بهم ، وهم جميعاّ  عائلته حقاً ، حتى بمن لم يكن بهم علاقته قوية ، قوت مع الوقت وإزداد قربهما وكان هو الذي بدأ بظهور اصله وإسنادهم ووقوفه بجانبهم ، كل ذلك بسبب الحقيقه الثابتة التي لم ولن تتغير  ، حقيقة بأنه صديقه هو صديق "غسان" الذي يربطهم جميعاً بعلاقته مع الكل ، وبعد أن ركبوا جميعاً ، وقف ينتظر"بسام " بإصرارٍ خاصةً أن "غسان" توقف عن المحاولة بالاتصال به ، وقد فتح هو هاتفه فهاتفه "شادي" ، وما أن رٱه  قبل أن يدخل ، رحب به بحرارة وهو يدخل بالسيارة ، يجلس في الٱمام  و"وردة"و"بدر" ويامن" في الخلف معًا !!!!!



________________________________________



السقوط في الهاوية الكُبرىٰ أمر شديد الصعوبه حينما يتيقن بمن وقع بها بأنه وقع وقعة لا نهوض فيها ، إذن إنه الضياع ؟! ، وأن الحياة لم ولن تعطه الفرصه مره أخرى ،  حينما يعلم بأنه ميت ميت !!.، حينما يتذكر بأنه لم يرى منها شيئاً يثير إعجابه الطفيف حتى !!، يرى قسوة ثم ظلم ثم ضغط ثم تشرد ثم دناءة ثم وثم وثم إلى أن يتوافق مع كل ذلك ويتطبع بهذه الطباع بكل حماس ، وكأن الشر يري بأنه رفيقه وما رفيق الشر إلى سواه هو !! ، ضاع بسبب أحدهم وقبل أحدهم كان بطريق الضياع يتأرجح بين الإستقامه أو ما يظهر بعكسها ، وطبيعة عقله الغير هينه كانت تهزمه كل مره بأن يستمر في طريق الضياع ، أهلك نفسه وأهلك صديق طفولته وأيامه معه ، أين هو الٱن وأين صديقه وأين عائلته وأين الخير الذي تجاهله وبادله بالشر ؟ ، يعلم بأنها ليالي مليئه بالوحدة والخذلان والخطر القادم على حياته الذي يشعر هو بأن نهايتها تقترب يوماً عن يوم ولازال إلى الٱن لم يأخذ حظ هو الٱخر من نصيب  إسمه  الذي سماه له والده  ، "حسن" كان مجرد إسم في حين بأنه لم يفعل ولم يرى الا عكس ذلك ، وعكس الحسن الٱن وهو يجلس بالركن المخفي المعروف مع أشباهه يحقنون من الضياع مثله تماماً ، وكم من "حسن" لا يعلم بأن الطريق نهاينه ليست هينه ، ولكنه كان يعلم ومازال يعلم بأن طريقه هو نهايته معروفة !!  مشاهد متتاليه في عزم تشتته وإنتشاءه وأحداث تهاجم ذاكرته. ٱخرها مع "ادم" ، ينسى الكل ويتذكر بقوه صديق أيامه الذي كان هو الوحيد الذي يعتبر حانياً عليه عكس الايام وعكس من منه ومن يعرفهم ، أين هو الٱن ؟؟ ولما يتذكره  "حسن" مهما يفعله من دناءه ، يبقي هو الركن الحاني من بين شردوه وهتفه لكلمات غير مفهومه تهبط دمعته على دون فهم للذي يحدث ولكنه الشئ الوحيد الذي يعلمه بأنه بطريق عكس طريق الٱخر وهذا ما يثير وجعه وندمه بعدما يثير غضبه وإنفعاله ، وغيظه !! مشاعر متضاربه كون الشعور  الأساسي بأنه لا يريد شخص أفضل منه ، وعند ذلك يقف لمواجهة شعورة تجاه صديق أيامه ، يعلم بأنه الوحيد الذي كان يشعر به وما بداخله ، الشئ الوحيد الذي عارضا بعضهما به كانت المصحة وقبل كل ذلك ، طلب صديقه شقيقته منه  ورفض هو رفض قاطع كونه يعلم بأنه بطريق خطأ  ويعلم مرواغته جيداً ، قديما ً كان بنصف عقل يفهم ويرى ويسمع ، والان باع شقيقته وصديقه وكل من له ومن تبعه  ولم يعد لديه أي ذرة عقل واحدة !!!!!




        
          
                
                                   «وعلى جانب ٱخر عكس ذلك»



«أُناجيكَ ولستُ بِبطنِ الحوتِ لكنَّني، في جوفِ اللَّيلِ أُصارعُ وحشةَ أيّامِي
لا إلهَ إلّا أنتَ دُلّنَي.»-مُقتبس- "ٱدم" وما حالة إلا حاله تشرح العكس بوقت والاتفاق بوقت الٱخر ، مصحه والتي جعلته يتعافى نسبياً ، في كل مره يشعر بها بالإحتياج يسب شقيقه وكل من كان السبب في ذهابه إلى ذلك القبر الذي كان يعلم بأن صعب بالفعل ولكن ليس لهذه الدرجه ومن بين سبه لكل ذلك يسب نفسه هو الٱخر كونه اول الاسباب التي أتت به إلى هنا ،  شعور البغض .. الحقد.. الكره..



وعكس ذلك عندما  يكون بحاله هادئه ساكنه أثر ما يأخذه من أدوية صحية هادئه تسكنه قليلاً  يشعر بالامتنان والحب والتقدير له ، يود أن يخرج ليقبل يديه وقدميه على هذه الفعله ورد الفعل منه ، يبكي في الحالتين ، إنهيار وشوق ،  ندم ، ودعاء ، صبر ورضا ، إلى أن شعر بأنه بدأ في أن يتحسن بالفعل ولكن عدم خروجه بسبب عدم ثقتهم التامه به ، وجلس رغماً عنه ليكمل الأيام الباقيه والتي من المفترض بأن يكملها صحيحاً كي يتعافى من الإدمان ، لم تصل نهايته إلى هنا ، كادت أن تموت أحلامه ، كاد شغفه أن يُقتل ولكنه يعود تدريجياً والشئ الفخور هو به بأنه كان قد اقترب من الله قبل هذه الأحداث ، فكان رفيقه في حبسته ووحشته هذه هو الخالق ، عندما يجلس هو الٱخر علي سجادة الصلاه ومن بين ذرفه للدموع التي لم تتوقف بالندم والحسره ، حينما يتذكر السؤال الذي سيُسأل له "بما أفنيت عُمرك يا بن ٱدم ؟" بما أفنيت شبابك ، وماذا أهدرت وبماذا من الأساس وكيف ؟؟ ، رفع رأسه بذقنه التي بدت طويله نسبياً وهو يرفع عينيه نحو سقف الغرفة القاسيه عليه ، يُحبس بين ثلاثه جدران ورفيقة هو الألم والندم !! ، ومن ثم الدعاء الذي لا يتوقف هو عن قوله ، الدعاء الذي طلب الورقه به وهو يتذكر إصراره على أن تدخل رغم منع ذلك وإنتهي كل ذلك بحل شقيقه للمشكله ،رغم انها لا تعد مشكله من الأساس ، إبتلع ريقه وهو يمسح دموعه ، يفتح الورقه الذي كتب هو بها بخط يديه الأدعيه الذي أملاها له الشيخ ! وبدأ القول على أن يُسمي الله ومن ثم :



_‏"ربنا، رب الجمال أرنا إياه في تفاصيل أيامنا، ونداوة أعمارنا، وامنن علينا بشغفٍ لا ينضب، واجعل قلوبنا مسافرةً في رحابك حامدةً على نعمائك"



توقف بتمني لهذه الدعوه بكل شغف على أن تمر أيامه ومن ثم يأتي من بعدها كل الخير ، وواصل بعدها يكمل بـ :



_"وَأسْألُك لَذّة النّظرِ إِلَى وَجهِك وَالشّوق إِلَى لِقائِك فِي غَيرِ ضَرّاء مُضِرّةٍ وَلَا فِتنةٍ مُضِلة"



شعور لا يستطيع وصفه هو يقول الدعاء في كل مره دون ملل ، رغم أنه يحفظه ولكن دقته على أن لا يخطأ وهو يناجي ربه كانت قويه ، وأكمل بعدها بالدعاء الثالث :



_"‏يارب احينا حياة طيبة، نتذوق فيها سخاء نعمك، وجزيل كرمك، ولذة رضاك ، نسير فيها في واسع أرضك، نتأمل جمال خلقك، ونستشعر بها معنى استخلافك. نترك أثراً طيباً وعملاً باقياً وعلماً نافعاً""




        
          
                
وأضاف مره أخرى بعد هتفة بكلمة "ٱمين" بكل لهفه :



_"يا رَبُ لا تجعَلني في حيرَةٍ مِن أمري يا رحمَنُ إختَر  لِي ولا تُخيرني فإنّ الخيرَةُ فيمَا إخترتَهُ لِي إني  وكلتُ و فوَضتُ أمري إليك يا رَبُ أرِح قلبي و نَوِر  بَصيرَتي و أرِني عجائِبُ قُدرتِك فِيْ تَيسير أُمُوري"



يردد ويردد بكل أمل وثقه بأن الله يقبل العبد أينما حل وأكمل بعدها بدعائين خلف بعضهما وهو يقول :



_"‏يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرَفَةَ عَيْنٍ"
_"اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من كل ذنبٍ أعلمه أو لا أعلمه"



أخذ يردد "ٱمين" "وٱمين" لكل من ردد الدعاء بالفعل ويردده ، لم يكن لديه هو وحده ولم يكن لمن إتخذ هذا الطريق ، بل دعاء لنا جميعاً ولأننا سواسيه !! الكل يخطأ ، الكل يندم ، الكل يتوب ، أو البعض !! ، ومن المحتمل الأغلب مع الأمنية على أن يكون الكل بالفعل يتوب !! 



____________________________________________



وقت ٱخر يمُر..وها هي السيارت وقفت أمام منزل "منة" الحديث نسبياً ، هبط الكل من السيارات وأول من صعد مع بعضهم كانت الشباب و"حامد" ومن خلفهم الفتيات و"دلال"' معهن ، وقف "شادي" بحماسٍ وهو يعدل ياقته دافعاً الٱخرين بيديه كي يقف "حامد" بجانبه وهو يردد:



_" يجدعان وسعوا لابو العريس ..أيوه كده !!!"



_"والله أنا حاسس إنك أول واحد تخطب فالدنيا يا شادي!!"



قالها "بسام" بسخريةٍ منه ، ولم يغفل "غسان" عن تحديجه بقوه متحلياً بالصبر إلى أن يرحلا معاً إلى المنزل كي يتناقشا ويتواجها ، ضحكوا عليه ، ووقف الكل بهدوء ، ومن ثم فُتح الباب بواسطة "والد  منه" ،  تفاجئ من العدد أمامه في البداية ولكنه رحب بهم ترحيب حارّ، وكل منهم يدخل تدريجياً خلفه لغرفة الضيوف ، ومن ثم خرجت "منة" تعانق الفتيات و"دلال" بفرحةٍ كُبرى ، وهي تأخذهم معها في غرفة ٱخرى أيضاً. متناسبة خاصه بالضيوف بعيدة قليلاً. عن غرفة الرجال ..



جلست معهن والإبتسامة الواسعه تزين محياها ، وكانت من تجلس بجانبها صديقتها "جميلة" التي ظهر على ملامحها الفرحة وهي تميل عليها قائله:



_"بجد أنا مبسوطة عشانك أوي يا منة ..مش متخيلة فرحتي بيكي!!"



تأثرت فعانقتها أمام الفتيات ونظراتهن ، وسرعان ما رددت "ياسمين" بإشمئزاز زائف لها :



_ " أنا قولت  فالأول ملهمش ألا بعض..بس يختي ملقتيش غير الواد بتاع البنات الصايع ده !!!"



وكزتها "نيروز" سريعاً. تحت ضحكات الٱخريات وخاصةً "دلال" التي ضحكت بقلة حيلة عليها ، وتزامناً مع هذه الضحكات حاولت "نيروز" الحديث من بينها كي تثبت لها ما تراه:




        
          
                
_"سيبك منها يا منة ..واللهِ بتاع البنات ده لما بيحب بيحب بجد !!!"



_"أومال فين مامتك يا حبيبتي!!"



جُملة سألتها "دلال" كونها لاحظت وحدتهم وعدم وجود أحد معها غير والدها وفقط ، نظرت لها "جميلة" بتردد لم تفهمه ،  ولكن رسمت "منة" بسمة واسعه على شفتيها ثم أجابت بثقةٍ دون إهتزاز :



_"ماما الله يرحمها من وانا  صغيرة ، ومعنديش إخوات أنا وحيدة !!"



كانت كتومه للدرجة التي جعلتها لن تتحدث بشئ كهذا لهم جميعاً عندما تعرفت عليهم غير "جميلة" التي كانت تعلم جيداً ظروفها ، وحتى لم تعطي فرصة لـ "شادي", بأن  تتحدث  معه في هذه الٱمور إلا أمس !! ، شهقت "دلال" وهي تتزحزح إلى أن ضمتها إليها بحبٍ وعفويه ثم قالت من بين فعلتها هذه :



_"يقطعني يا حبيبتي والله ما كنت أعرف..أنا امك بعد النهارده ، والبنات دول إخواتك كمان !!!"



ابتسمت "وردة" بعدها بحبٍ ثم قالت هي الٱخرى بلطفٍ شديد :



_"أيوه طبعاً. ..وإن شاء الله الدنيا تمشي كده سهله  جوه معاهم ،، ويجعلكم لبعض  ومن نصيب بعض !!"



"ٱمين" كانت كلمتهم كلهم بحماسٍ تحت الضحكات والمشاكسات والحديث النسائي بعيداً عن غرفة الرجال والشباب..



..
وعلى الجانب الٱخر في غرفة الرجال والشباب ، كان الحديث عشوائي فالبداية ، إلى أن جاءت اللحظة المناسبة وإعتدل "حامد" الذي كان يجلس بجانبه "شادي" ومن الناحية الٱخرى "غسان" ومن  أمامهم "عز" وبجانبه "حازم" و"بدر" ومن ثم أمام الأنظار جميعاً والد العروس "منه" الرجل الخمسيني المُسمى بـ "طارق"  ترقبت حواسه باهتمام وهو يرى تنهيدة "حامد" تحت صمت دام للحظات ومن ثم بدأ قائلاً بلباقةٍ كُبرى :



_" احنا يشرفنا يا أستاذ طارق نطلب ايد الٱنسه "منة " بنتك لإبني "شادي" ومعاكم فاللي تقولوه وتطلبوه ، وسمعنا رأيك وكلامك واحنا معاك للٱخر طبعاً ..إحنا شاريين عروسه زي القمر وزي ما هي كده بقولك إنك بردو هتشتري راجل وسيد الرجاله كمان !!"



كان حديثه لبقاً ، ولا يعلم لما يكبت "شادي" ضحكاته فوكزه "غسان" كي لا يجعله يضحك هو الٱخر ، تحت نظرات التحذير من "بدر"و"حازم" وبسمة "عز",و"بسام " الـ قليلة الحيله منهما ، حدج "طارق" "حامد" والٱخر بتمعن ثم إبتسم وهو يحرك رأسه مع قوله :



_" في الحقيقة أول ما "منة" قالتلي ، قالتلي إنكم جايين تطلبوا أيدها مع عيلته ، سألتها إسم حضرتك يا أستاذ "حامد" وسألت عليك وعلى ولادك هناك فالعماره وعرفت إنكم ناس محترمين ومش بتوع مشاكل ونعم يعني وسألت علي شادي كمان  !!"



صمت ثم واصل تحت ضحكة "غسان" المكبوته من جملة "ليس لهم في المشاكل!!!!!!" ، واصل بعدها يكمل بما جعل بسمة "شادي" تتلاشى تدريجياً :




        
          
                
_" وعرفت بردو إنك مش والد الاستاذ "شادي" ، وبردو المفروض ٱعرف أكتر عنكم وتعرفوني عن نفسكم!!"



هو الذي لم يعطيهم فرصه في البداية والٱن يسرد عليهم ذلك ؟؟ ، إبتلع "شادي" ريقه ، وهناك من اندفع بهدوء وتبجح مخفي في نبرته ولم يكن سوى "غسان" حينما رد عليه بقوله بدفاعٍ عن ما قاله وسبب به إهتزاز من ثبات صديقه   :



_"أول حاجه يا أستاذ طارق إنت عرفت إن "شادي" محاسب قد الدنيا مش "أُستاذ "، تاني حاجه الاستاذ "حامد" والدي ووالد "شادي" ووالدنا كلنا هنا ، وحقك طبعاً تعرفنا وتعرف هو مش والده علطول إزاي من صاحب الشأن نفسه ، إتفضل يا باش محاسب شادي يا عريسنا !!"



إغتاظ "طارق " من طريقته المراوغه في اختيار الكلمات الملائمه دون أن يقع عليه ذنب ،وعلم أنه أول شخص يعرفه ليس هين في هذه الجلسة  عن البقيه الذي لم يعرفهم إلى الٱن ، تنحنح"شادي" بحرجٍ ثم تحدث بها بنبرة رجولية هادئه :



_"  أنا فعلاً مش ابن الراجل الطيب ده ، بس هو زي ابويا ، أنا والدي ووالدتي متوفيين من زمان جدًا من وأنا صغير ، وعيشت وكونت نفسي بنفسي وكان أبويا ومازال فالفتره دي هو "حامد" واخواتي هم ولاده ، عندي أخوات رجاله معنديش بنات ، بس هم مسافريين حالياً وكل واحد فحياته ،وقبل ما تسأل  مجوش ليه ، فمحصلش نصيب ييجوا .وان شاءالله لو حصل نصيب هينزلوا على الفرح !!"



_" مقطوع من سَجره يعني !!"



قالها "طارق" بتلقائيه كُبرى وهو يضع قدم فوق قدم تحت النظرات المستنكره ، قالها قاصداً عدم وجود أحدهم بجانبه وحتي من عائلته ، ضغط "غسان" على فكة بنفاذ صبر ثم رد عليه بوقاحةٍ مخفيه مجدداً :



_" إسمها  "شجره" بالسين يا استاذ طارق ، محتاج كورس لغة عربيه ، يشرفنا تيجي تديهولك أختي فثانوية عامه وممتازه فالعربي !!"



أتت بمنتصف جبهته وكي يسير الموضوع مرحاً تعالت الضحكات من الشباب و"حامد" الذي حدجه بتحذيرٍ ، وسرعان ما أجاب "طارق" :



_"ومالو، العلم نور ، شكراً على المعلومه يا .."



_"غسان...غسان البدري!!!"



إبتسم له بتكلفةٍ ومن ثم وزع نظراته عليهما وقد لاحظ وجود توأم له ، ابتسم له "بسام" وقد فهم معنى نظراته فتحدث أولاً يعرف نفسه:



_"أنا بسامّ أخو غسان وابن الأستاذ حامد وبشتغل دكتور !!"



نظر له بإعجابٍ ومن ثم سمع تعريف كل منهم بنفسه واولهم كان "بدر" حينما قال :



_" بدر البدري  ابن عم "غسان وبسام" وأخو شادي الكبير، بشتغل مهندس!!"



_"وانا حازم الأكرمي ، محامي وصاحبهم كلهم وأخوهم ، وأنا والباش مهندش بدر والباش محاسب غسان ،. متجوزين ٣ بنات اخوات ، فكلنا إخوات مع بعض هنا !!'




        
          
                
_"وأنا عز الشرقاوي ، ميكانيكي سيارات ، صاحبهم وأخوهم، وكاتب كتابي  على "جميلة " صاحبة "منة"  وقريب إن شاء الله الفرح يتحدد وتنورونا !!"



عرفت كل منهم نفسه تحت نظرات "غسان" المغتاظه ، وعندما جاء الدور عليه هو ، ابتسم بإستفزازٍ وهو يرد :



_" غسان البدري  و محاسب تاني  للتأكيد ، وياريت  نتقبل فالإنترفيو الطويل ده !!"



ضحك عليه "طارق" وحتى الشباب و"حامد" ، فرد "طارق", بعد لحظات يقول:



_" بصوا يا بشوات ، انتوا طبعاً على راسي ودماغي من فوق ،بس في شوية حاجات قبل ما أقول إني موافق لازم تعرفوها !!"



رد "حامد" بلطفٍ :



_", إتفضل يا استاذ طارق ، حضرتك تؤمر!!"



_", الٱمر لله يا راجل يا طيب يا محترم ، وانا متٱكد إنك ٱكتر واحد هتفهم كلامي ده ..أنا معنديش غير "منة" ودي بنتي الوحيدة ، وكل حاجة ليا بعد ما والدتها ماتت ورفضت اتجوز بعدها ، ربيتها وعلمتها وكبرتها ، يمكن فعلاً تكون شخصيتها قوية زيادة عن اللزوم وده لإني عودتها تسند نفسها بنفسها وتكون قوية حتى ولو ضعيفه عمرها ما تبين ده أبداً ، مسمحتش لحد يكسرها ويجي عليها ، بس  أنا شوفت فعين بنتي شغف وحماس ما شفتوش قبل كده ، واللي بيحب بيضعف وبيبقي سهل أوي ييتكسر ، وأنا يابني نقطة ضعفي هي "منة" لو إتكسرت صدقني هبقى واحد تاني غير اللي قدامك ده !!!"



تفهم الكل الوضع والبعض بشفقة كُبرى ، وحينها أجاب"بسام" عليه بتعقلٍ :



_" واحنا نضمن شادي وقلب شادي كمان ، مش هتلاقي اطيب منه ولا ارجل منه يراعي بنت حضرتك ويصونها !!"



_" فعلاً .. وان شاء الله يعمل بوصية رسول الله ويصونها وإحنا متأكدين من ده !!"



قالها "بدر" بلباقةٍ ، وسرعان ما تحدث "عز" بقوله الهادئ :



_"يا أستاذ حضرتك بتشتري راجل ، وشادي ونعم التربيه إسألني أنا !!"



وكأنه يقوم بالدق على. طبلة كُبرى له ، نظر له "شادي" وهو يغمز له ، تحت ضحكاتهم الخفيفه ، وٱخيراً تحدث "حازم " وهو يقول :



_"شادي راجل ويُعتمد عليه وشايل مسئولية نفسه من بدري وفاتح شركة وعنده طموح وشغف ، اللي يعمل  كل ده سهل يحافظ على بنتك وميتخافش منه أبداً عشان عارف ان الحاجه بتيجي مش بالساهل !!"



تفهم "طارق " الوضع جيداً وعندما جاء عند الحديث لـ "غسان" إبتسم له بإتساعٍ ثم قال :



_" شهم وراجل وبرنس ومن الٱخر مش هتعرف تلاقي زيه لبنتك ، ها نقرأ الفاتحة بقا ولا ايه يا حج حامد ؟!!"



تحدث "حامد " سريعاً بحماسٍ وتأييد :



_" نقرأها. طبعاً بقا !!!"




        
          
                
أيدوه الكل بحديثه ، فإعتدل "طارق" في جلسته وهو يبدأ الحديث بإهتمام :



_" أنا لسه مجبتش لبنتي أي حاجه.. وعامل حسابي أجيب لها كل حاجه مره واحدة ..فطبعاً هنصبر شوية ،دا غير إنها فكلية طب ولسالها كتير على ما تتخرج !!"



_"وربنا أنا ناسي إنها دكتوره يا غسان!!!"



قالها "شادي", وهو ينحني فهمس له "غسان" بضحكٍ :



_" أصلك عدى عليك كل الأصناف مع عدا صنف الدكاتره دا ، دا إنت هتتروق نكد وضرب ، مستنيك أنا بالشاش والقطن يا حبيب أخوك !"



كان حديثهم منفخضاً بضحكٍ مكتوم ، إلى أن ترقب "شادي" قوله الٱخير حتى اندفع يقول بسرعه :



_" وأنا مش عايزها تجيب أي حاجة ، أنا عندي الشقه ومجددها قريب بحاجات جديدة ،. أنا عايزها هي وبس !!"



كاد أن يعترض"طارق " فرد "حامد" سريعاً  بالقول المعتاد :



_" يعني بشنطة هدومها يا أستاذ طارق !!"



_" لا ولا حتى شنطة هدومها ،أنا هنقيلها الهدوم على مزاجي فوقت رايق،  الحاجات دي تخصني أنا !!"



فتح الشباب أعينهم على وسعها وهلل "حامد "و"غسان" بضحكٍ وصوت كي يخفوا ما قاله سريعاً ، ولكن الٱخر  كان قد سمع بقوة فإندفع يرد بإستنكارٍ :



_" أفندم ؟؟؟؟؟"



ترقبت ملامح الكل بتوترٍ وسرعان ما انقذ الموقف وهو يجيب بتغطية على ما قاله ولم يكن سوى "غسان". حينما قال:



_" مش القصد يا أبو منة ، قصدة يعني شنطة هدومها حتى عليه ، وهو بيحب ينقي الهدوم اصله بيموت في الاسدالات والعبايات والحاجات دي !"



إستنكر "طارق" دفاعه فهتف يردد بغرابةٍ منه :



_" بس أنا بنتي مش محجبه !!!"



_" ومالو يا أستاذ ، ربنا اللي بيهدي وأنا متأكد ان الخطوه دي هتيجي بالهداوه و الاقتناع عن طريق شادي باذن الله !!"



_" والله أنا نفسي يا استاذ حامد بس زي ما قولتلك سايبها تاخد قرارتها بنفسها ومتأكد من تربيتها وأسلوبها وتعاملها مع الناس ، وبالنسبه لمتجيبش حاجه فأنا يعني مش متعود على كده عالأقل نجيب اللي علينا أو نصه!!"



عارض"حامد " حينما راي نظرات الترجي من "شادي":



_"يا أستاذ طارق ، الراجل جاهز من كل حاجه ومش عاوز غيرها وبس ، ولمؤاخذه ..شادي يعني  ماشالله من عيلة حالتها المادية كويسه ومرتاحه وعندهم غالباً اخواته واخدين بنات ناس زيكم كده ،. وإتجوزوا بنفس الطريقه  من غير أي حاجه من دي وسافروا مع إخواته والحياه مشت ، الأصول اصول وكل حاجه بس ببقى في حالات معينه بتعدي ، خصوصاً إنه مش ناوي يتأخر على الجواز!!!!"




        
          
                
بان الاقتناع نسبياً على ملامح "طارق " وعند ٱخر الحديث إندفع يقول بتلقائية :



_" أيوة بس بنتي لسه بتدرس ، معتقدش هتوزن حياتها بين الجواز والدراسه ،. وخصوصاً إن بنتي عندها طموح ونفسها تبقي أحسن وتشتغل!!"



_" وأنا يا عمي معنديش أي مانع  ولا هقف فطريقها ، تيجي وتنور بيتها وأنا هتكفل ومسئول عن دراستها وعن كل حاجه ، وإن طلبت  أكتر من عيادة  تتفتح فرقبتي سدادة!!!"



أغراه قوله ، فتردد ، وكان "شادي" متحمس في قولها من الأساس ، إبتسم الكل منتظرين قوله ورده ، ولكنه أجاب بتردد مره أخرى:



_"بس أنا بردو خايف على بنتي يكون الحمل تقيل عليها ..معتش حد بيعمل كدة !!!!"



هُنا وإندفع "عز" سريعاً يقول بتوضيحٍ :



_"يا باشا..أنا مراتي دكتوره زيها زي منة ، وكاتب كتابي عليها من أخوها اللي قاعد ده ، وقريب هنحدد الفرح ,والناس أغلبها بقت بتعمل كده ، ما ٱصل معتش حد بيتجوز بسهولة بردو الأيام دي، وشادي عريس لُقطة يعمنا  ،نسمع بقا الموافقه واحلى زغروطة من جوه ونحدد الفرح يمكن الفرح يبقى فرح بعريسين وعروستين مع بعض  ، هـا  قولنا إيه ؟!!!!"



هلل الشباب بٱخر حديثه بحماسٍ ، ولاقت فكرته اعجاب"حازم " وهو يومأ له بسعادةٍ بالغه ، فأشار"طارق" بصوتٍ مرتفع يقول :



_" قولنا لا إله إلا الله ، على بركة الله!!!"



كان القول مرتفع مما جعل الفتيات في الخارج تقف ثم تعالت الزغاريط بالضحكات والأحضان تزامناً مع قول "شادي", المتلهف :



_" خلاص يبقي الفرح ٱخر الشهر ده ، يلا نقرأ الفاتحة الوقتي بقا ؟!"



كاد أن يتردد ، ولكنه توقف عن حالته وما عرفه وفهمه عنه ، قليل ما يجد مثله وقد أغراه ، ولكن الٱخرى تعد إبنته الوحيدة ، لذا. رد بلطفٍ وصدق :



_" وأنا حاسس إنك هتصونها يبني ، شكلكم ناس محترمين وملقتش عفرابة عليك ولا عليهم.. وانا موافق بس شوية تاخدوا على بعض وتفهموا بعض الأول؟!"



_"أنا فاهمها وبحبها وشاريها وعايزها النهارده قبل بكره فبيتي!!"



لم ينقصه شئ بالفعل ، وطوال ما كان يفعله لم يشعر بإحداهن أن تكون زوجته سوى هي ، هي التي شعر بها بأنها تستحق وتوافق أن تكون له غيرهن ، وجد "حامد" يتحدث  قائلاً له بحماسٍ ولهفه :



_"ونجيب الدهب كمان إسبوع على ما الظروف  تتحسن شويه  ونعرف نعمل هيصة...نقرأ الفاتحه  بقا يا أبو منة ؟؟"



وأكمل "غسان" سريعاً وهو يرفع يديه بعجالةٍ يضغطه :



_"يحج إنت لسه هتستأذن ، فالحالتين حسنات هناخدها ، يلا سموا الله وإقرأوا "




        
          
                
بالفعل بدأ بقول السورة ، فضحك الجميع عليه وبدأ الكل في قولها بهدوءٍ، حتى الفتيات في الخارج ، ومن ثم انتهت سريعاً بقول الشباب في صوت واحد 



_" ٱمـــــيـــن!!"



نهض "شادي" من بعدها يعانق والدها ومن ثم "غسان" و"حامد " والجميع ، ودخلت "منة" بأكواب الشربات ، لهم وهي تقدمها بلطفٍ. كانت رقيقه ترتدي فستان أبيض بسيط بثلاث إربع كُم وخصلاتها القصيرة تركتها فقط خلفها وفوق كتفيها ، وكعب حذاءها العالي تدق به وهي تسير نحوه تقدم له الكوب بخجلٍ فتلمس هو يديها ، فحدجته بتعنيفٍ وهي تهمس له بتوعد :



_" لم نفسك بدل ما أقوله مش موافقه ويروحكم حالاً يا بيـه !!!"



إعتدل "شادي" سريعاً يبتلع ريقه وهو يأخذ منها الكوب ، وجلست هي بجانب والدها ، ثم تعالت الزغاريط مره أخرى وسط بهجه وفرح وسعادة كُبرى ، كانت الغرفه واسعه والحديث عشوائي ولم يكن الغريب سوى "طارق" فدخلت الفتيات تقف كل منهن بجانب زوجها ، ورحبن بـ والدها ترحيب حار من على بُعد وبلطفٍ ، وبقى "غسان" يطالع شقيقه من على بُعدٍ والذي يهرب منه بالأنظار ،  طالع "شادي" "منة" بهيامٍ ووقف "طارق" يتحدث مع "حامد" ،في حين ردد "شادي" لها بتيهه بأعينها :



_" قنصاتك دي هتقتلني قُريب بجمالها ي دكتورة !!"



_"من غير بت ؟"



رددتها "منة" بخجلٍ فإعتدل هو بحماسٍ وهو يجيب بفخرٍ :



_"لا ما خلاص بقا ، بقيتي البت الدكتورة منة طارق خطيبة الواد المحاسب شادي بيه النجار !!!"



ضحكت بخفه وهي تنظر له ، ثم قالت بعفويةٍ كُبرى لا تخرج منها إلا قليل حينما إعترفت له قائله :



_" بس أنا مبسوطه أوي ..و فرحانة !!"



_"مش أكتر مني،  لو أطول أبوس الواد حازم هبوسة عشان هو السبب هو مراته لما شوفتك اول مره فحنتهم !!!"



وأضاف سريعاً بغمزة عين وتمني :



_"عقبال حنتك يا أم عيون قناصة !!"



يكملان الحديث بحبٍ وكشف لمشاعرها أكثر  عندما دخل هو بيتها من بابه حقاً وأمام من؟. والدها؟ هذا لا يشعرها بتاتا. بأنها تفعل شي خطأ من خلف ظهره ، لطالما تشاركة دائماً أحداثها العبثيه وتفاصيل يومها ، كان وسيكون صديقاً لها قبل أن يكون والدها ، تعلقت عينيه بها وفخر وحب وتأثر لكبر ابنته الوحيدة ولم يجد هو سوى أيدي حانية تربت علي كتفيه بتفهمٍ وهو يقول :



_"انا فاهمك كويس وفاهم إحساسك دلوقتي ..وإنت راجل ليك الجنه وكتر خيرك إنك ربيت وكبرت وعلمت لوحدك واحدة مؤدبة وجميلة زي منة بنتك!!!"



تأثر "طارق" من حديث"حامد". وعانقه بحبٍ وقبول رٱه بوجهه كما علم بأنه رأي نفس القبول والارتياح بوجه "شادي",  هو الٱخر 




        
          
                
وعلى جانب ٱخر بأحد الأركان ، وقف يطالعها بشغفٍ وهو يحمل "يامن" على ذراعيه ، رأت نظراته لها فتعلقت بُنيتها الفاتحه بالخاصه الداكنه له وهي تهتف بلغزٍ تعلم بأنه حله :



_" دماغك جابتك ليوم خطوبتنا بردو ؟؟"



_"جابتني بكل تفصيلة يا رزّة  ، خطوبة يومين  إلا ..،  وكتبنا الكتاب علطول مفيش أسرع من كده !!"



_"خطبتني وأنا مش موجودة ، بس قلبي كان معاك يا بن البدري !"



وأجاب "غسان" وهو يقبل "يامن " :



_" ولسه معايا ومش هفرط فيه أبداً !!"



_"ثبتني يا بن البدري !!!"



إبتسمت له بحبٍ عقب قولها  وقالتها هي بصدقْ شديد وليس بمرح كمل مره ، وهذه المره قدمت خدها لـ "يامن" ليلبي قول "غسان" له وهو يحثه كي يقبلها ، خالف توقعاتها وقبلها "غسان"  على فجأه وبإندفاع وليس "يامن" فإبتعدت بحرجٍ شديد خوفاً من انتباههم ، ضحك "غسان" عليها وهو يلتفت حوله ، بينما مال "طارق". يهمس بجوار أذن "حامد" وهو يردد له:



_" إبنك اللي هناك ده شكله مش سهل أبداً يا أستاذ حامد  !!"



أيده "حامد" وهو يكبث ضحكاته ثم قال بتأكيدٍ:



_"للاسف أه ..مربتوش ، ربيت التاني اللي واقف هناك ده مرتين ، معندكش عروسه ليه بقا؟. والله أدب وأخلاق وذوق !!"



ضحك "طارق" عليه وعلى حديثه بمرحٍ ، وإستمرت الجلسه إلى كثيرٍ بحديث عشوائي هُنا وهناك وركن وركن ٱخر وكل طرف مع طرفه الٱخر إلى أن وقف "شادي" ٱخيراً يأخذ الاذن من والدها بقوله :



_"طب أنا عايز أخرج مع "منة" يا عمي بعد اذنك طبعاً !!"



_"لوحدكم ؟؟"



قالها "طارق" باستنكارٍ فرد "غسان" عليه سريعاً بـ :



_"  أنا ومراتي معاهم وكل واحد ومراته ، لسه عايز إيه كمان ، تعبتنا والله!!"



ضحك "طارق" كما ضحك الجميع ثم هز رأسه موافقاً وهو يرد :



_" طيب ، بس بلاش تأخير لو سمحتم!!"



أيده "حامد" ونهضت "منة" تعانق والدها بحبٍ وكل منهم يودعه ، ولم تكن سوى دقائق وفُتح باب الشقه وخرج منه الجميع لاسفل ناحية السيارات ، ووقف"غسان" يهمس بجوار أذن "شادي" :



_" طبعاّ فكك من اللي أنا قولته فوق ده، شد إنت وأقعد معاها براحتك بس بلاش دماغك دي تروح لبعيد ، أنا بساعدك اهو وإنت خليك محترم الفتره دي بس لحد ما تبقي فبيتك، همشي أنا وهروح بيهم وخد عربيتي وأنا هسوق عربيتك عشان المكان والناس دي !!"



ضربه بخفه على كتفيه وعلم الكل بأنه قال ذلك أمام والدها فقط عندما غمز لهم وتفهموا الوضع ، ضحك "شادي" وهو يتبادل معه المفاتيح وسرعان ما اندفع يقول بسرعه وخوف :




        
          
                
_" غسان .! عشان خاطري يا جدع وخاطر الفرحه دي لتتكلم مع اخوك براحة وبلاش مشاكل ونكد من تاني الواحد ما صدق!!"



نظر له بإطمئنان وهو يبتسم ثم ودعه بيديه ، وأخذ السياره ، كي يركب معه "حامد" ودلال"  و"نيروز" و"وسام"و"بسام"  و"بدر" وصغيره ، وبسيارة "حازم" معه زوجته وشقيقته و"عز" و"وردة" ، إنطلقت السيارتان  وركبت"منة" مع "شادي" بسيارة "غسان"  بتوترٍ حتى نظر لها وهو يحرك  السيارة قائلاً لها بلطفٍ :



_" تحبي تروحي فين بقا يىحبيبة قلب شادي بيه !!!"



ضحكت  علي قوله بخفه وهي تنظر له ، ولأول مره تعيش هذه المشاعر التي عاشت تغلقها وتأبى ٱن تخرج لشخص غير مناسب ، ٱتى  هو بأقصر وقت وفعلها ؟!



سارت سيارة "حازم" وكما سارت السياره الذي يقودها "غسان" وسط الحديث المنشغل ومن ضمنه ، ترقبت ملامحه و حواسه حينما سألت "دلال" "بسام", باهتمام:



_"كنت فين يا حبيبي وإتأخرت ليه كده !!".



إنتبه "حامد" المتشكك بأمره وإنتبه "غسان" وهو ينظر بالمرٱه ، وخفق قلب "نيروز", ولا تعلم لما.، تقابلت عيني "بسام" مع "غسان" بإهتزاز ، وسرعان ما إبتلع ريقه وهو يهرب بعينيه ثم نظر ناحية "والدته" وهو يجيب  :



_" كُنت فالشغل ، بعد الاجازه لقيت  في ضغط فالمستشفي وكده !!"



الاهتزاز ظهر في نبرته ، واستشفه "غسان" الذي نظر بالمرٱه بسخرية يعلم  تمام العلم أن شقيقه غير بارع في الكذب ولم يحبُك فعلتها بأي قول لذا يظهر عليه ، نظرة عينيه..طريقة حديثه ، هروب سهام عينيه التي تبقى ثابته ؟ كل ذلك ظهر بقوة له ولكنه صمت ، وكما لاحظ هو لاحظ "حامد" هو الٱخر ولكنه صمت يفكر بوضع الأول واهتزاز الثاني وعلم بأن الاثنان بينهما عقبه لم ولن تنتهي لطالما الذي يتحدث ويظهر وقاحته صامت معه من الأساس وعندما سأله عن شقيقه الذي يعلم عنه كل شئ أجابه بإقتضابٍ !! 



إبتلعت "نيروز " ريقها وهي تداعب "يامن" بحبٍ مع"دلال" التي تصنعت تجاهل توتر الاجواء الغير مفهومه منذ الصباح !!!! "



ولم تكن سوى دقائق ووصلت السيارت بالفعل أمام المبنى ، خرجوا بالتدريج كي يصعدوا ، وبالفعل صعد البعض وكان ٱخرهم "بدر"مع زوجته وصغيره لشقة "سُمية" وهبطت "جميلة" تقف مع"عز", في حين عقد "حازم". العزم علي أن يرحل لشقته بعد الٱن مع "ياسمين" ، وبقى "غسان" و"نيروز" ، صعدت "نيروز"مع "جميلة" بعدما ودعت الٱخيرة "عز", الذي وقف بترقبٍ ينظر ناحية "عز" الذي إلتفت حوله ينظر ما إن لم يصعد أحد أو لا ،وبالفعل ما أن رأي الكل صعد ، نظر نحو "غسان" الصامت ثم قال بلهفه طفيفه وإهتمام :



_" خير يا غسان ،. قولي  عاوز تقول ايه  سامعك !!"



تردد كثيراً في القول ، وعندما طلبه على انفراد قطع التردد وقتله بالفعل ، تنهد "غسان" يأخذ أنفاسه ثم نظر على الاستراحه في الطريق المقابل وهو يتقدم إلى أن وقف وهو يشير له قائلاً بإختصارٍ :




        
          
                
_" أقعد !!"



جلس "عز" بجانبه وقد سمع"غسان"فوراً صوت دقات الهاتف الذي أغلقه "عز" كي يسمع الٱخر بهدوء ، ترقبت جميع حواسه وهو يردد مره أخرى بقلق :



_" قلقتني يا عم ما تقول حصل ايه ؟"



إعتدل "غسان" بثباتٍ وهو يطالعه بصمتٍ ثم بدأ بحديثه المبتدأ :



_" هقولك يا عز، بس قبل ما أقولك عاوزك كده تفهم الوضع وتسمع اللي هقولك عليه بالحرف وللٱخر!"



حرك رأسه بموافقةٍ وقد وصل لأعلى مراتب الفضول الممزووج بالقلق ،. بدأ "غسان" برمي قنبلته الأولي عليه حينما قال :



_"إنت تعرف إن بسام أخويا بيحب أختك فرح !!!!!"



نظر "عز" ناحيته بذهولٍ ولم يفكر بذلك من قبل ، وكأنه الٱن صُدم من هذه المفاجأة ، كيف ولما ومتي من الأساس، صدمته جعلته يصمت للحظات إلى أن واصل"غسان" يكمل بنفس النبره الهادئه :



_" أو هو اللي حاسس وبيقول كده ،  بس هو لو اتقدم لاختك يا عز بأمانه كده وعلى بياض وكأني مليش علاقه بـ بسام ،. هتوافق؟؟؟؟"



إبتلع "عز" ريقة بصعوبةٍ كُبرى وقد تشتت عقله ، إنتظره "غسان" يتحدث بصبر وهو يطالعه بإنتظار إلى أن أجمع الحديث بتعقلٍ رغم صدمته :



_"إنت صدمتني يا غسان ، بس انا مقدرش حتي أحدد حاجه زي دي دلوقتي ، أختي مش جاهزه ومتنفعش بينكم بالبلدي بعد اللي حصل منها دا  طول ما  الوضع واقف كدة ،. زائد إن لو على قولك وبسام إتقدم  ،. فأنا مش هلاقي ليها احسن منه ، بأخلاقه دي ، لكن الوضع متلخبط وأنا مش ..مش فاهم ايه اللي بيـحـ.."



قاطعه"غسان" سريعاً بثباتٍ وهو يردف قائلاً له يجيب حديثه:



_" وإنت كده فاهم يا عز وعداك العيب ، عشان  قولت" أُختي مش جاهزه طول ما الوضع كدة " ، مش هقولك إن اخويا كمان مفيش زيه.  ، بس من غير ما تفهمني غلط ، فرح اختك محتاجه دكتور نفسي شاطر يقومها من. اللي هي فيه ده ، ويفهمها ويخليها أقوي ويحل كل العقد اللي ممكن تكون جواها من زمان ، وده مش عيب  أبداً. .، كونك تفهم ده فإنت كده ميه ميه ، لكن لو على أخويا والجزء اللي إنت مستغرب منه إني قاعد معاك دلوقتي مش هو وكأني بطلبها منك ليه فإنت فاهمني غلط ...!!!"



كان يفكر بذلك ، رغم غرابة ما يراه ولكنه كان قد بدأ يقنتع بذلك ، حرك رأسه بغير فهم ،  فوجده يكمل بصراحةٍ كُبرى :



_" بسام اخويا ، متسرع ٱوي فالموضوع ده،. وعشان بعتبرك أخويا أنا قولتله لا مش دلوقتي ومش موافق  ، لسه في وقت يحكم تنفع ليك وإنت تنفع ليها ولا لأ ..عشان كده فأي لحظة بعد ما شوفت عناده ده ممكن يجي يقولك أنا طالب إيد اختك فرح منك ، وأنا عارف إنه هيعملها لو مين وقف فـ طريقه ، كل اللي أنا عاوزه منك إنك ترفض حتى لو أختك بتحبه أو مرتاحه ليه أو مش مرتاحه ومش واخده بالها من إهتمامه فقولها ترفض فالحالتين دا لو هي جاهزه!!"




        
          
                
عقد"عز " ما بين حاجبيه باستغراب وملامح وجه متشنجه وهو يرد :



_" مش فاهم قصدك ، وضحلي ، قصدك ايه ؟"



_" قصدي كله إنك ترفضه  وأنا اللي بقولك ، حتي ولو إنت نفسك موافق عليه، عشانك وعشان فرح اللي أنا عاوزك تاخد خطوه بيها وتخليها تتعالج نفسياً ساعتها لما تبقي كويسه نقدر نحدد ونفتح الموضوع ده من تاني هم ينفعوا ولا مينفعوش ، بغض النظر عن  إني مش هلاقي زيك نناسبه ، بس عامتاً الوضع مش مترتب من كل ناحية ، وزي ما شرحتلك حالة اختك ، فأنا أخويا كمان مش عارف هو عاوز إيه ، فالفتره الي أختك تبعد وتتعالج بعد موافقتك وإقتناعك بـ ده ، يكون أخويا فاق من اللي هو فيه ده ، بسام يا عز كان  مر بتجربه صعبه وأياً كانت هي  إيه ، فهو خرج منها شايف إنه كده عادي وإن مفيهاش حاجه لو نفذ اللي عاوزه ده  من غير حاجات كتير لازم يتفكر فيها بهدوء وعقل !!"



واضاف سريعاً بعقلٍ وإحترام وتقدير ظهر بكل تفاصيله للذي يجلس بجانبه:



_"وعشان أختك فرح زي وسام أختي فأنا مستحيل كنت هقبل تدخل فعلاقه زي دي فوقت زي ده ومع شخصيه زي شخصية بسام اللي مش وحشه أبداً ، بس هو عاوز وقت يحدد هو يقرر إيه وميقررش إيه وايه الصح وإيه الغلط ،  ولو فرح فعلاً أختي يا عز ، هبذل كل جهدي عشان ترجع انسانه سوية قوية ولو بنسبة بسيطة ،فاهمني ؟؟ "



حرك رأسه بتفهمٍ وعاد يشرد بحالة شقيقته الذي يراها الكل كذلك وليس هو فقط ، وبالٱخر "بسام" ، والذي ما أن تذكر قول والدته إندفع يقول :



_" عشان كده كان بيجيي تحت البيت  عندنا وأمي كانت شافته وقولتلها إنه ببتهيألها !!!!"



وكأنه يفكر بصوت مرتفع فخرج القول بإندفاع رغماً  عنه ، بل وبغيظٍ مكتوم لم يظهر للٱخر ، لا يعلم بأن القول يهز من ثبات الٱخر الذي يشعر بالحرج منه ومن  ذهاب شقيقه لمنزله دون إذن ودون وجوده من الأساس !!!!، تنحنج يجلي حنجرته وهو يتصنع عدم الإنتباه ثم نهض تزامناً مع قوله ولم يعلمه بأن الٱخر قد ذهب لمنزله في عدم وجوده بالفعل !!  :



_" وصلت يا عز ولا  عندك كلام تاني عكس ده ؟؟"



_"  لا تمام وإتفقنا يا غسان ، ولا كأنك قولتلي حاجه ، وإن شاء الله تعدي على خير !!'



قالها بلطفٍ وهما يسيران معاً أسفل المبني ، فقاطع "غسان" سيره وهو يقول بإصرار:



_" طب ما تطلع تقعد معايا شويه!!!'



_" معلش مره تانية بقا ، أصل هعدي  ع الشغل كده ع السريع قبل ما أروح أرتاح ، عايز حاجة ؟"



حرك "غسان" رأسه نفياً وهو يشير له بالوداع ثم دخل المبني وهو يبتسم للعامل مردداً عليه كلمات مرحه بلطفٍ حتى ركب المصعد من بعدها كي يصعد لطابق شقة "والده" حيث المواجهه مع شقيقه "بسام "!!!!




        
          
                
_______________________________________________



بينما في شقة "حامد" جلس هو بالصالة  معهم جميعاً مع "دلال"و"نيروز"و"وسام" وحتى "بسام" الذي جلس يعبث بهاتفه متصنعاً الإنشغال به كي لا يسأله أحدهم أي سؤال ، توترت "نيروز" وتتوتر بالفعل  وهي تبتلع ريقها من ما تخاف وتهاب بأن يحدث ، تود أن تبعده الان عن أن لا يأتي أو تشغل ذلك الذي يجلس أمامها ،  تتنفس بإرتياح كونه لم يأتي إلى الٱن ، تسمع حديثهم العشوائي مع بعضهم وبقت هي صامته إلى أن سألها "حامد" بحنوٍ :



_" ساكته كده ليه يا حبيتي ، مالك ؟؟"



يعلم "بسام" بأنها تعلم لذا يرفع عينيه عليها بين الحين والٱخر بترقبٍ وعند هذه الجمله إعتدل سريعاً ولكنها نفت برأسها وهي تبتسم بإهتزاز قائلة :



_" لا مفيش عادي ، عندي بس شوية صداع!!"



_" أقوم اعملك شاي ولا وسام تقوم تعملك ؟؟"



سألتها "دلال" بإهتمامٍ فنفت سريعاً وقبل أن تجيب ، وجدت "وسام" تجلس بجانبها تشاكسها بالاحضان وسرعان ما شعرت ببرودة كفها ، حتى سألتها بنبرةٍ خافته :



_"إيدك متلجه ليه كدة؟؟؟!" 



ترتجف يديها وتثلج عندما تخاف ، هذه هي عادتها ، وطالما هو بعقبه تخافها فلها كل الحق بالخوف عليه ،  متذكره دماء رأسه وكسر ذراعه من شقيقه ، لم ولن تنسي هذه العقبه التي كانت في بداية شعورها بحبه، وفي البداية كانت لا تتحمل فراقه حينما فارق مؤقتاً ، أما الٱن فهو زوجها ومعها وإزداد الحب أضعاف مضاعفة كيف سيكون الخوف؟؟ ، مضاعف بالطبع!!



_"متقلقيش تلاقيني بس بردانه !!"



_"بس الجو مش برد للدرجادي !!"



تحاصرها ومنقذها بهذه اللحظه صوت إغلاق الباب بواسطته ، هنا وإعتدل "بسام" في جلسته وهو يرفع رأسه له ، في حين دخل عليهم "غسان" وهو يبتسم بلطفٍ  حتى جلس بين "نيروز"و"وسام"، نهضت "دلال" تقوم بتغير ملابسها ومن ثم "حامد" بعدما إطمئنا علي قدومه وعدم تأخيره ، وظل الثلاثه ومعهم "نيروز" التي سألته بإهتمام :



_"كنت فين كل ده ، مطلعتش علطول ليه ؟!"



_"كنت بتكلم مع واحد صاحبي ، مطلعتيش فوق ليه ؟ مش قولتي إنك  هتطلعي تنامي؟؟"



يطردها بالطريقه اللطيفه وتعلم هى ذلك بقوه ، لذا عقدت العزم على أن لا تتركه حين إنتهاء ذلك الجو المتوتر ، لاحظت انسحاب"بسام "  بخفه دون أن ينتبه له "غسان" الذي أمسك كفها كي تنتبه لقوله التي شردت به فوجد كفها بارد ، دلكه سريعاً بغرابةٍ وهو يسألها نفس سؤال شقيقته :



_"ايدك ساقعه كده ليه؟ إنتي لسه سخنه ؟!!"



رفع أنامله الٱخرى يتحسس درجة حرارتها فوجدها عادية ، لذا دلك كفها براحةٍ دون أن ينتظر منها جواب ، شعر بخلو المكان من حوله ، فنهض يسحبها معه ناحية الغرفه ،. إلى أن دخلت فوقف حتى وجدها جلست، إبتسم لها بهدوءٍ ثم قال :




        
          
                
_" خليكي قاعده ، شويه وهنطللع ، هشوف بسام بس !!"



_" إستنـ..."



لم يعطها الفرصه للمعارضه أو أن تهتف بأن يتوقف، بل أغلق الغرفه خلفه سريعاً وهو يتوجه بسرعه ناحية غرفة شقيقه الذي فتحها دون أن يدق عليها ، إلتفت "بسام" وهو يرتدي تيشيرته الأبيض القطني ثم نظر له بغير إكتراث وهو يتجرع من زجاجة المياه إلى أن إنتهي وهو يشير على الباب قائلاً  بنبرة باردة ظهرت للٱخر وبشده:



_"إبقى خبط ع الباب الأول !!"



توجه "غسان" يقف أمامه وهو يقذف زجاجة المياه من يديه إلى أن وقعت أرضاً ، فزفر "بسام" بصوتٍ وهو يقلب عينيه ،  في حين ضغط هو على فكه وهو يسأله :



_" ايه اللي وداك عندهم ؟؟؟ ايه اللي يخليك تعمل حركة زي دي يا و**!!!! "



تركه كي لا ينفعل عليه كونه يعلم بأن إنفعاله يخرج سريعاً ، لذا وقبل أن يتحرك أمسكه "غسان" من ذراعه بقوه وهو يصغط عليه مردداً بنبرة مرتفعه :



_"رد عليا!!!!"



_" إنت مالك إنت ؟؟ مش قولت إنك ملكيش دعوه بيا .وإني حُر فحياتي، يبقي ملكش فيه وسيبني فحالي!!!"



قالها "بسام" بنفس النبرة المرتفعه التي أخرجت والديه من غرفتهما وهما يقفان بجانب "نيروز" و"وسام " التي خرجت ، إبتلع "غسان" ريقه وهو يجيبه بانفعالٍ :



_" ومليش دعوه بيك يعني معاتبكش ولا أحاسبك على اللي عملته ده ؟؟ بأي عين إنت تروح بيتها  من غير حتي ما أخوها يبقي هناك ؟؟، بأي وش تروح تقف تحت بيتهم كل يوم وكأنك العاشق الولهان  وعايشلي دور مش دورك وإنت ولا كده ولا نيلة!!!!!"



دفعه "بسام" عنه فترنح "غسان" إلى الخلف ولم يتوقف عن إكمال الحديث وهو يصرخ به بغصبٍ :



_" قولتلك أخت عز لأ وألف لأ...قولتلك فرح متنفعكش ، تقوم تروح تعلق نفسك بيها أكتر..بتتوهملي بحب واحده ضعيفه عشان اللي قبلها كانت مسيطرة عليك وعلي عقلك يا غبي ؟!!!!"



ذُهل الجميع عداها هي وهي تقف ترتعش خوفاً وسرعان ما صرخت، حينما أثارت جملة "غسان" انفعال "بسام" فرفع يديه يلكمه بأنفه التي نزفت من الدماء ما وقعت وإندفعت نحو ملابس الٱخر البيضاء وضع "غسان" يديه على أنفه بتأوي وقد تشنجت ملامحه بنفس الوقت التي أمسكت به "دلال" ذراعه و"حامد " ذراع الٱخر وهو يسمعه يردد عليه بصراخ هو الٱخر :



_" أنا محدش سيطر عليا  سامعني ؟؟؟؟؟ محدش سيطر عليا ولا حد يعرف يعمل كده ، حتي إنت الوقتي وانت بترفض حاجة هعملها ..هعملها لو على جثتي وجثتكم كلكم !!!!"



أمسكه "حامد" كي لا يندفع نحو شقيقه كالمره السابقه ، فدفع "غسان" ايدي والدته الباكية وحتى أيدي شقيقته وزوجته وهو يندفع يزيح "حامد" الذي تركه بخوفٍ عليه من تراخي أعصابه ، أمسكه "غسان" من. تلابيبه وهو يمسكه من أسفل عنقه ثم رفع يديه يصفعه علي وجهه بقوه مردداً بغضب هو الٱخر :




        
          
                
_" لما أقول إنك محتاج تفوق يا*** يبقي محتاج تفوق ومحدش هيعرف يفوقك غيري !!!!!!"



أمسكته "نيروز" بخوفٍ وهي  تدفعه عنه مردده بنبرةٍ باكية تترجاه :



_" خلاص ونبي يا غسان ، عشان خاطري كفاية ، سيبه ...سيبه ملناش دعوه ييه هو حر !!!!!!!"



لم يعيرها أي انتباه ، بل ظل يقوم بلكم شقيقه الذي وسرعان ما رفع ساقه يدفعه بمعدته فإنحني "غسان" بألمٍ ثم وقع أرضاً وقبل أن يبرك عليه ، أمسكه "حامد " سريعاً بصراخٍ وغضب  لاول مره يظهر :



_"  إبـــعد!!!!!"



وأضاف سريعاً وهو يدفعه من عليه بأمرٍ :



_" بقولك إبعد!!!"



سكن بين إيدي" والده" وسرعان ما نهض الٱخر ثم بصق علي وجهه وهو يهاجمه مره ٱخرى بالحديث بأنفاسة العاليه :



_"ترضاها علي اختك وأمك يا*** ، ترضى راجل غريب يدخل بيتنا عليهم واحنا  مش موجودين؟؟ راجل بيحب اختك ورايح عشان بس يشوفها من ورانا كلنا .. ياض دا شادي اللي متربي معانا مبيقعدش فالبيت وأنا وإنت مش فيه يا و*** ، هتكبر إمته هااا؟؟؟؟!"



صمت"غسان" بأنفاسه التي تعلو وتهبط من صدره ، ثم واصل وهو يحاول مسكة مره أخرى من تلابيبه بغضبٍ وهو يردد :



_". ولما إنت راجل اوي كده ؟؟؟ بتعمل كده ليه من ورانا ووراهم ؟؟؟  بتخبي ليه لما إنت عارف إنك صح ومفيش حاجه صح ٱكتر من إحساسك وإنت بتحبها ، بتحب واحده مريضه زيك ؟؟!!!!"



ضغط "بسام " على فكه ثم رفع يديه علي فجأه يلكمه بوجهه فامسكة "حامد" مرة أخرى كي يسحبه،. ولكن يد "غسان" كانت الأسرع وهو يمسك يد شقيقه تزامناً مع رده الصحيح:



_" بتضربني وتعارضني تاني عشانها  وعشان العك اللي بيحصل ده ؟؟ بتمد إيدك عليا عشان بتحب واحده لمجرد إنك لقيت حد أضعف منك ، يا جبان ؟!!!!"



سحبته يد "نيروز" ببكاء وهي تترجاه ومن الناحية الٱخرى شقيقته ببكاءٍ ، حاول "بسام ". التملص من بين يدي "حامد " ولكنه كان يتمسك به بقوه ، وبإعجوبةٍ شديدة ، إستطاعت "نيروز" و"وسام " سحب"غسان" إلى الخارج والذي تركهم وخرج من الشقه بأكملها حينها دخل "بدر" بغرابةٍ مع بقية الشقق التي فتحت دون فهم للذي يحدث ، قابله "بدر" وعندما وجده يصعد إلى شقته في المصعد ولم يرحل ، دخل إلى الداخل ، فوجد "بسام " خرج بالصاله بمواجهة "حامد " الذي وقف يطالعه بصمتٍ وخزي منه ،. وبكاء "وسام " كان الرد ، حينها إرتجفت اوصال "نيروز" فضمتها "وردة" سريعاً التي دخلت مع زوجها ، كان الٱمر يتضح بأنه خاص لذا  أغلق "بدر" الباب سريعاً  ثم دخل فوجد "حامد" يتحدث للٱخر بلومٍ :



_" كل مره بكتشف إنك إنت اللي متربتش يا بسام ولا شوفت بربع جنيه تربيه مش أخوك ، أخوك اللي خايف عليك وتعبان ليك ، واللي عقله مشغول ليك ، أنا قولت الحكايه فيها إن من ساعة ما لقيته متقفل كده ،، إنك  تمد إيدك عليه دي تاني لوحدها كبيره أووي وإنت بتكرر نفس الغلط ، حُب غلط تاني ؟؟؟ فرح؟؟؟ أخت عز اللي باعته يا بسام؟. وباعت الكل ؟  بتحب واحده مش مظبوطه نفسياً ؟؟؟ بتضرب أخوك عشانها ؟؟؟؟ بتعاند مين عشان مين قولي .؟"




        
          
                
صدره يعلو ويهبط  أمام الجميع وقف "بدر" بتشتت للذي يسمعه ويعلمه لأول مره، وعندما سمع ذلك من "والده" ردد يجيبه بإندفاع :



_" أيوه بحبها وبعانده عشانها ، مهو عاند الكل كتير عشان مراته كان حد قاله حاجه ؟؟ ولا هو بسام بس اللي بتيجوا عليه ؟؟ ، وللعلم أنا هطلب إيدها وهتجوزها غصب عن عين الكل هنا !!!"



كان أسلوبه وطريقته بيديه وإشارته أمام والده وكأنه لم يري تربيه من الأساس ، رفع "حامد" كفه يصفعه كما صفعه من قبل وهذه المره صفع رجل أمام نساء !! صفع رجل مسئول له مكانه ولكن يتأكد بأن ليس له ترييه !! ،  كور "بسام" يديه بغضب مكتوم وسرعان ما وقف "بدر" بينهما تحت شهقات النساء ، وكان قول "حامد" الحازم حينما قال :



_"الظاهر إنك فعلاً محتاج تفوق زي ما أخوك بيقول مش أي كلام ،  دا إنت بجح للدرجة اللي مخلتكش تقف تكلمني بهدوء وتقولي أنا بحبها ونفسي أطلبها  وتعالى معايا أخطبهالي ، مش تقولي هطللبها غصب عنك !!! ، ولو كنت هوافق بعدين بالهداوة وكان في شوية اقتناع ، فدلوقتي انا رافض رفض محدش هيقدر يغيره ، ومفيش جواز منك ليها ، ومفيش قعاد في البيت عندي "



صُدم الجميع  من قوله ولم يعطيهم هو الفرصه بل أضاف سريعاً وهو يسير نحو الباب بيديه :



_"امشي اطلع برا لحد ما تفوق من اللي انت فيه ده ساعتها إبقى ارجع ، ارجع لعيلتك. وناسك اللي محدش هيخاف  عليك قدهم ، وامشي وارجع ولما ترجع لازم تعرف إنها تبقي المره الٱخيره اللي تكرر فيها نفس غلطاتك دي ، لإما لا هتبقى إبني ولا ٱعرفك ، سامعني؟؟؟؟!!!!"



يستجوبه بجمودٍ وكادت أن تتحدث"دلال " دفاعاً عنه ، فحدجها "حامد" بتعنيفٍ وهو يصرخ بها مشيراً نحو غرفته :



_" ولا كلمة سامعة؟؟؟ أدخلي جوه إنتي وبنتك حالاً.. !!!!"



انسحبت بعد قوله ناحية غرفتها ببكاءٍ ، علمت بأن الرفض ليس  بصالحها الٱن في حين وجدت"نيروز" نفسها وحدها بأحضان شقيقتها ، فرد "بسام " عليه وعلي حديثه الذي إعتبره قاسي :



_" سامعك يا أبو غسان ، خليك طول عمرك كده حاسس بيه وراكني على جنب ، خليك مفرق التفرقه اللي بتخليني أبعد وهمشي فعلاً ودلوقتي !!!"



إندفع "حامد" يصرخ به ومن ما يفكر به بالخطأ :



_" إنت بتهددني ؟؟ ما تغور فـ ستين داهيه ، يكش ترجع بعدها دماغك فايقة وتعرف إن كلامك ده كله هبل !!!"



حدجته "نيروز"  بحدةٍ بعدما إستوعبت الٱمر حتى خرجت من احضان "وردة" بشراسةٍ وهي تشير له بيديها ببكاءٍ :



_" هو إنت إيه؟؟ مش  بتحس بأخوك؟. مش شايفه وهو خايف عليك وبيفكر لك تكون مرتاح ازاي ؟؟ كل شويه غاوي تكسره ؟؟ ، إنت انسان اناني ومبتحبش غير نفسك وغبي ومش فاهم أي حاجه بتحصل حواليك!!"




        
          
                
ورغم إشارة "وردة" لها بالتوقف عن الحديث ، ونظرات "حامد", العاجزه مع "بدر", ولكنها واصلت مره ٱخرى بصراخٍ قبل أن تخرج من باب الشقه وترحل :



_"كفايه بقا !! كفاية تقهروا فـ غسان وتكسروا فيه وإنتوا محدش بيحس باللي هو بيحس بيه ، سيبوه فحاله حرام عليكم !!!"



أجمعت بالحديث دون درايه منها بأن "حامد", يقف ، ومن ثم رحلت وصفعت الباب خلفها بقوه وهي تمسح دموع عينيها ، خرجت بعدما إلتقطت حقيبتها ثم رحلت  وتركتهم ولولا إشارة "بدر", المفهومة بصعودها شقتها لركضت "وردة" خلفها ، نزلت دمعة "حامد" بعجزٍ  عندما زفر "بسام", بصوتٍ ورحل  صافعاً. باب الشقه خلفه دون أن ينبس أي حرف ، نفس الصفعه بعدها بل وأقوي وكأنها هزت أرجاء المنزل ، ولم يهتز سوى "حامد" الذي سار بخواء تاركهم واقفين ، ثم دخل غرفته غالقاً إياه خلفه بصمتٍ ، أدمعت عيني "وردة" بيأس وحزن فسحبها "بدر" داخل أحضانه يهدهدها وهو يخرج هو الٱخر إلى الخارج بتشتت لكل ما حدث !!!"



____________________________________________



خرجت "نيروز"  من المصعد بلهفة وهي تتفحص حقيبتها كي تخرج بالمفتاح لتفتح الباب ، فتحته بخوفٍ ولهفه إلى أن فُتح ثم دخلت بسرعه وهي تغلقه خلفها ،  ركضت ترمي أي شئ بيديها أرضاً ،وهي تبحث عنه بكل الأركان لم تجده أين هو ؟؟ ، نزلت دموعها وخفق قلبها  من فكرة عدم وجوده !! ، خرجت تنظر بالصالة ، وبكل ركن إلى أن وصل إلى مسامعها صوت المياه المفتوحه دون وقوف أحد تحتها ، علمت بأنه في المرحاض ، وقفت أمام المرحاض بخوفٍ ، وقد إنتبهت لعدم إغلاق الباب خلفه ، كان موارباً للدرجه التي مدت يديها تدفعه فوجدته  يجلس على حافة "البانيو", تاركاً المياه مفتوحه تسيل وكأن ذلك الصوت سيهزم أصوات عقله ، حينما جلس واضعاً رأسه بين يديه بعجزٍ ، والدماء تسقط على رخام الأرض البيضاء ، انحنت "نيروز", بلهفه ترفع ذقنه ورأسه ، وقد رفعها "غسان" بإستسلام وهو يطالعها بملامح وجهه الشاحبه ، وأنفه وفمه وأسفل ذقنه الغارقين بالدماء ،  نزلت دمعتها علي حاله ، وهي تنهض بخوفٍ تمد يديها تضع من االمياه على كفها لتمسح أنفه والدماء ، كان مستسلماً لها ينظر فقط بخواء وصمت ، كُسر من شقيقه للمره الذي لا يعرف عددها ، إبتلع ريقه وهو ينهض خلفها حينما إنتهت وهي تسحبه خلفها ، وصل إلى غرفتهما ،  حينها وقف هو ينظر لها بصمتٍ ولم يتفوه بأي حرف ، ولكن هي من بادرت هي من بدأت حينما دفعته بقوه يدخل بعناق يريحه ،  دفعته إلى أن اندفع واصطدم جسده بجسدها من الأمام وقد شعر بيديها تتمسك بقميصه من الخلف وهي تضمه مردده بإختناقٍ تذكره بقول مضى كان قد قاله لها حينما ضاقت به الأركان  :



_" إعتبر نفسك ضغطت علي الزرار ..وجالك حضني ..أكتر حضن بترتاح فيه !!!"



كان يقف بخواء مُهبط كلتا يديه ولم يرفعها ليبادلها العناق وما أن انتهت بقولها ذلك رفع يديه يضمها بقوه ، قوة كادت أن تؤلم عظامها هي ولكنها تتحمل لأجله ، تعلم أنه يخرج طاقته السلبيه باحضانها هي ، شددت بعناقه وكما شدد هو بعناقها  وهو يردد لأول مره منذ أن راها الٱن وبهمسٍ أتى من نبرته الضعيفة :




        
          
                
_" مبقتش  عارف أعمل ايه!!!"



نبرته أتت من عزم قلة حيلته وعجزه ،إبتلعت ريقها ولا يعلم هو كيف أتت به ليجلس بجانبها على الفراش ، أمسكت كفه تقبل باطنه برقةٍ وقد تعلقت عينيها بعينيه للحظاتٍ وهي تؤكد له قولها الٱتي حينما أردفت بثقةٍ :



_" بس كل ده هيعدي !!"



حرك "غسان" رأسه بخفوتٍ ، فوضعت يديها على أنفه بشفقةٍ وهي تتلمسه بحنوٍ تسأله :



_" بتوجعك ؟؟"



ضحك"غسان" بسخريةٍ ممزوجة بالألم وهو يجيبها بتهكمٍ مخفضاً يديها من علي وجهه :



_"مش أكتر من اللي حصل !!"



لا تعلم لما تدمع عينيها الٱن مجدداً وهو الذي يردف حديثه ببسمة على وجعه ، رفع إصبعه الإبهام يمسح دمعتها أسفل عينيها التي سقطت ثم قال بقوله المعهود وهو يبتسم كي لا يشعرها بثقلٍ :



_" دموعك غاليه أوي يا بنت الأكرمي !!"



_"ينفع تنسي كل ده ؟ ، ينفع مشوفكش كده ؟؟!!"



تلمست مكان ضربات شقيقه علي وجهه تزامناً مع قولها بهذه الكلمات الحانيه له ، يتجاهل كي لا يظهر ضعفه أمامها وفعل ذلك حينما همس لها بخفه :



_" ولو مينفعش ، فـ نخليه ينفع عشانك !!"



ابتلع ريقه بعدها ود لو يصرخ كي يخرج ما بداخله ولكنه إعتدل بصمت ، ومن ثم شرد من بين نظراتها ، تائه بركن ٱخر غير واعياً هو إلا لما يخصه مع شقيقه الذي يصمم على كسره في كل مره ، كان من الممكن بأن لا يتأثر ولكنه تأثر منه من قبل ولم يتعافي. إتهمه من قبل وكسره وظلمه ، ووجعه والٱن يفعل مثل الفعله الماضية بإختلاف  الظروف بينهما ، ود لو يتركه يفعل ما يشاء ولكن رغماً عنه عقله ينشغل ، بل ويعلم هو ما النتيجه من القرار ..تنهد يخرج أنفاسه بعمقٍ ولا يعلم هو كيف شرد من الوقت ليجعلها تبدل ملابسها وتأتي له بكوب من الشاي الساخن كي يشربه هو ، وقفت أمامه تقدمه له بحنوٍ فخرج من شروده وهو يأخذه منها بابتسامه بسيطة هادئه ، ثم إعتدل في جلسته على الفراش وهو يخلع عنه قميصة والتي إندفعت هي تساعده برفقٍ حتى خلعته  وتوجهت هي تضعه ومن ثم أتت له بسترة قطنيه خفيفه يرتديها ، اخذها منها ثم رفع عينيه ينظر ناحيتها بإمتنان ، يشعر لوهله بأنها سنده الٱن وبجانبه ولم ولن تتركه على عكس الجميع ،  علمت معني نظراته فأدمعت عينيها بشفقة وهي تنحني تعانقه وهي تردد عليه بلين :



_" أنا هفضل طول عمري جنبك يا بن البدري ، عمري  ما هخليك تميل لو إتسندت عليا فيوم ، فاكر ؟؟ !!!"



صمتت ثم واصلت تسأله بعمقٍ :



_", فاكر أول مره أطمنتلك ومخوفتش أحكي مخاوفي ليك قولتلي إيه ؟؟"



وأضافت سريعاً. دون أن تعطية الفرصه:



_" قلبي دايماّ جنبك وكتفي هيشيلك لو ميتلي عليه ..إطمنيلي ومتخافيش!!" 




        
          
                
أسند رأسه بعدها  على كتفها  وكأنه يلبي قولها بذكرياتهما معاً. ،وقد تراخت يديه من مسكة للستره، فجلست أمامه وبجانبه وهي تستمر بعناقه الذي تنفس هو براحةٍ كُبرى دون أن يتحدث حتى وجدها تتحول في نبرتها إلى الشراسه حينما واصلت وهي تخرج من أحضانه:



_" ومش هسمح لأي حد يجي عليك أبداً .. اللي هيجي عليك هاجي عليه!!"



ضحك بخفه وهو ينظر لها بفخرٍ زائف ، فوكزته "نيروز", بمشاكسةٍ وهي ترجع خصلاتها إلى الخلف مردده له :



_" أيوة كدة ، وريني جمال ضحكتك ي عم !!"



_"ضحكتي معرفتش الطريق إلا بوجودك !!"



غمزت له بإعجابٍ ثم قالت سريعاّ تنبهه لما غفل عنه منذ فتره :



_", طب إيه ؟؟ مش هتثبتي بكلام الست؟؟ مسمعتهاش منك بقالي فتره !!!"



ضحك وهو يعتدل ثم أومأ لها بموافقة ، فإعتدلت بحماسٍ تقفز كي تجلس بجانبه وهي تفرد عليهما الغطاء حتى إلتفتت تعتدل ناحيته وهو يطالعها بلين وشغفٍ أتي بعد قوله لها وهو يمسك كفها بحنوٍ :



_"خليني أعيش..خليني جنبك خليني ..فحضن قلبك خليني.. وسيبني احلم..سيبني..!!!"



وكأنه يلمح لها بقوله ، قالها من قبل ذلك حينما كان بحالة صعبه عندما كانت هي بغرفته مسطحه مريضه لاول مره ، فتحت ذراعيها ترد عليه بمرحٍ تلبي غرضه :



_" تعالى يا حبيب امبارح وحبيب دلوقتي !!"



_", ماشي يا حبيبي لبكرة ولٱخر وقتي!!"



_"طب إحكيلي قولي إيه من الأماني ناقصني تاني وأنا بين إيديك؟!!!"



_" عمري ما دوقت حنان فحياتي إلا حنانك !!"



_" ولا حبيت يا حبببي حياتي إلا عشانك ؟!"



_"وقابلت أماني وقابلت الدنيا وقابلت الحُب !!!"



كانا يرددان نفس كلمات الاغنيه الذي بدأ هو  يرددها ، تاره هو مره وتاره هي مرة من بين استناده على قمة صدرها ، وبٱخرقوله شاكسته هي بإستنكارٍ وهي تخفض عينيها تنظر نحو عينيه:



_" والله؟؟  ومين أماني دي بقا اللي قابلتها إن شاء الله ؟!!!"



تعنفه بمرحٍ علي جملة وكلمة من اغنيه معروفه مشهوره ، لذا ما أن سمع هذه الكلمات المستنكره منها  إعتدل وهو يضحك بقوه حتى أخذ أنفاسه بإعجوبةٍ وهي تطالعه بحبٍ مرددة بهيامٍ هي الٱخرى به :



_" شكلك مفيش احسن منه وإنت بتضحك يا غسان..يارب ضحكتك دي متفارقكش أبداً طول ما إحنا مع بعض وجنب بعض !!!"



شعر بصدق نبرتها الشديد ولا يعلم هو لما تأثر من حديثها بهذه القوه ، إبتلع ريقه وهو يجيبها بصراحةٍ :




        
          
                
_" اول ما قابلتك وإديتك قلبي يا حياة القلب ، أكتر من الفرح ده محلاه وأكتر من اللي أنا فيه مطلبش ..يا نيروز !!!"



_"بعد هنايا معاك يا حبيبي ، لو راح عُمري ..أنا ..أنا أنا مندمش!!"



قالتها بغناءٍ ومرحٍ وهي تهتف بصوتٍ مرتفع قليلاّ تهز كفه بمشاكسةٍ وكأنها تجعله يختل عقلياً ، يعلم بأنها تفعل كل ذلك بسببه هو ، ضحك وهو ينظر نحوها ونحو خفتها ، وسرعان ما تذكر ما قد نسى أن يهديه لها أمس حينما إنخرط معها بليلتهما الذي يعتبرها هو الٱخر استثنائية !! ، نهض يفتح أحد الأدراج وهو يجلب العُلبة الصغيره ثم عاد يجلس بجانبها، وهو يشير إليها قائلاً :



_"   ممكن تغمضي عينيكي اللي كحلها تاعبني دي !!"



لبت غرضه سريعاً بحماسٍ ولهفه ، أغمضتها بقوه ، ففتح  هو العُلبه متذكرًا. بأنه لم يجلب لها خاتم في خطبتهما وزواجهما بل كانت قلادة ودبله فقط ، لذا نفذ وعده وجلب لها البقيه ، امسك يديها يلبسها الخاتم الذي حُفر به حروف أسماءهما معاً  من الداخل وشكل رقيق من الخارج  هادئ مثلها تماماً ، خاتم من الذهب اللامع مثل عينيه التي تلمع الٱن بحبها هي ،فتحت عينيها سريعاً ما أن شعرت بما يفعله ثم شهقت ما أن رأت رقة الخاتم ، رفعت عينيها تطالع عينيه وإبتسامته حينما قال :



_"كان نفسي أجبلك كل اللي نفسك فيه، وكان نفسي يكون ليكي شبكة معقوله زي أي بنت ، مكنش راضيني حتى السلسة والدبلة بس ، عشان كده كملت بالخاتم ده وخليته مختلف لما حفرت حرفي وحرفك جواه ، يمكن تكون بسيطة الوقتي لوحدها ..بس أنا معاكي وهفضل أراضيكي  كل ما ربنا يفتحها عليا ، عشان إنتي الرزق يا نيروز !!!"



هبطت دمعتها سريعاً وهي تنظر له ثم قالت بتحشرجٍ :



_" بس شبكتي مش قليله ، وكده .. كده كتير عليا أوي !!!"



مسح "غسان", دموعها برفقٍ وهو يبتسم ثم أجاب بلين ٱخر تعهده :



_"ولا اي حاجه فالدنيا دي تكتر   و تغلى عليكي ، نفسي تقوليلي انتي عاوزه إيه ويكون عندك لو أنا إقدر عليه !!"



مسحت دموعها وهي ترفع ذراعيها ناحية رقبته كي تضمه بتأثرٍ وبهذه اللحظه أجابته على حديثه بصدقٍ :



_" عاوزاك كويس دايماً ومبسوط ، عاوزاك جنبي ومتسبنيش .. تقدر على ده ؟؟."



_"دا أنا أقدر علي ده وأبو ده كمان !!!"



قالها  "غسان" بخفه وهو يهبط أنظاره ناحية عينيها التي أسفل ذقنه هو ، تعلقت عينيه بها للحظاتٍ وترك هو العُلبة من يديه ، رمش بأهدابة الكثيفة ثم أهبط شفتيه يقبل قمة رأسها ببرٍ ، ومن ثم إعتدلت هي تجلس كما كانت من قبل وهي تعيد النظر نحو الخاتم ثم عادت تنظر إليه وهي تردد بسعادة كي تظهر له:



_" شكلة حلو أووي!!"



بادلها حديثها ببسمة هادئه وهو يتجرع من كوب الشاي بجانبه ، فإعتدلت تنتشل الهاتف من علي الفراش ولم يكن سوى  هاتفه هو ، حينما فتحت الكاميرا ، وهي تشير له كي يشبك يديه التي يرتدي بها دبلة زواجة بيديها التي ترتدي بها الدبلة والخاتم ، ثم إلتقطتت صورة بالكاميرا الخلفيه حتي فتحت برنامج الواتساب الخاص به تضعها قصه وهي تضع رمز خاتم وقلب أحمر ، ضحك علي فعلتها ، وسرعان ما قال هو بسخريةٍ:




        
          
                
_" إنتي واخدة راحتك أوي فتليفوني ..وكدة مش هعرف أخونك !!"



_"والله لو قدرت تعملها يبقي ليك الكلام !!"



_" مقدرش فعلاً ..أنا مشكلتي إني مش عارف اشوف غيرك !!!



قالها بيأسٍ ، فإعتدلت تنظر له بحدة وهي تغلق الهاتف ثم ردت باستنكار:



_"وليه مشكلة بقا ان شاء الله ؟؟"



أشار لها ضاحكاً بخفه لتلتفتت فعلمت  ما سيفعله ، نظرت له بجمودٍ زائف ولم يجيب هو ، بل قام بفك عقدة شعرها كي يتركه خلفها وهو يبعده عن بعضه  بيديه ، ثم أهبط بعض الخصلات علي جبهتها وكأنه يشغل عقله بما حدث بها هي ، هي التي تستطيع بأن تنقذه من حفرة أحزانه ، غمز لها "غسان"وهو. يطالع شكلها وحتى خصلاتها التي هبطتت علي  كتفيها المكشوفتين تسترهما بطريقة ملحوظة  وحتى ظهرها وجزء من رقبتها ، ابتسمت له بخجلٍ ، ومن بين غمزه قال هو بإعجابٍ  قول معهود ومتكرر يردده دائماً لها :



_"كده أحلي..كده بطل !!"



مد "غسان" ذراعه علي طولٍ كي تأتي كي تستند عليه وهي جالسه ، فتوجهت بالفعل وقد نسي هو إرتدء سترته ،  بل تنفس بعمقٍ وصمتٍ دام للحظاتٍ ، فاق على سؤال منها عفوي للغايه حينما قالت وهي تلاحظ :



_"هو  إنت ليه مبتملش ولا بتتكسف يعني تظهر إعجابك زي معظم الناس أو الرجالة عامتاً ، حتى لاحظت معايا ومع وسام ، يعني شعري مش ناعم للدرجة اللي تخليك تحبه اوي كده ، وكمان وسام بردو ، إنت بتجاملنا ولا إيه يا بن البدري ؟"



ضحك"غسان", بخفه وهو يستمع إليها إبتسم وهو يجيبها بإهتمامٍ محركاً يديه يمررها على خصلاتها المفروده وكتفها وهي تميل ناحية صدره :



_" مبقصدش إني أعمل حاجه زي دي فكل الأوقات ، بس بحب شعرك وبحب كل حاجه فيكي عشان بحبك ، والحب مش بالشكل والمميزات اللي فيكي بس ، بحبك بقلبك وبروحك قبل حتي شكلك وشعرك وجسمك وغيره ،  وعامتاً البنت أو الست بتبقي محتاجة اللي يقولها إنتي جميله دايماً وإنتي مفيش زيك وإنتي  حلوه ، الكلمة الحلوة كفيلة تصنع يومكم من أوله لٱخره يا نيروز ، وأنا إتربيت على إني شايفكم حلوين ومختلفين وإن حتي البنت فبيت ابوها لازم تتعامل على إنها كده ملكه مفيش منها ، عشان كده علاقتي بوسام كويسه شوية .. بحس بيها وببقي عارف امته الوقت اللي بتحس إن ثقتها فنفسها بتقل ، والحاجه اللي عيشت أعملها ، هي إني محرمهاش من كلمة حلوة ونظرة حلوه وأسلوب كويس عشان مترجعش تحتاج ده من برا ،  كلنا حتى كنا بنحاول وما زلنا إننا نخليها شبعانه حنان عشان يوصلها للدرجة إنها لما تختار شريك حياتها متختاروش لمجرد إنه حنين وبيدي كلام حلو وبس ! ، عارفه؟..كل مره بحس وبشوف إن ابويا دا عظيم عشان وعاني وكبرني ورباني علي حاجات أعملها وبعملها ومكنتش عارف أنا ليه لازم ٱعمل كده ..بس كل ما بكبر بعرف، وبعرف إن اللي زيه قليلين أوي وإنه راجل مفيش منه  وذكي وحنين ، وعمري ما إتمنيت حاجه عكس إني أطلع زيه ولما أخلف عيال أعرف أربيهم على اللي أنا إتعودت وإتربيت عليه!!"



تأثرت من حديثه بشدةٍ حتى إجابته بعفويةٍ :



_"إنت إتربيت أصلاً؟!!!"



كانت تردفها بتأثر عكس طبيعة حديثها المرح ، قهقه عالياً ولأول مره تخرج ضحكاته بشدة بعدما حدث ، وليس ككل مره يؤكد بأنه لم يرَ تربية ، بل هذه المره أكد قولها بأنه قد لاق تربية جيدة بالفعل فوجدها تكمل بنفس التأثر رداً على حديثه :



_", أنا كمان بحب باباك اوي ،  وعارفه إني يمكن أكون أوڤر عشان مش عارفه أقوله يا "بابا" بس أنـ..."



وقاطع هو حديثها سريعا ً وهو يبتسم بإطمئنان :



_"وهو بيحبك ومش فارق معاه كل ده ، وحقك ، كلمة ابويا دي متتقالش لأي حد ،  أنا عن نفسي أبويا حامد البدري بس ومستحيل أقولها لغيره ، دا إذا كنت بقولهاله اصلاً ..مبقولهاش فعلاً غير فوقت جد أو لما بكون متأثر أو زعلان ، ساعتها بيعرفني !!"



إبتسمت له "نيروز", وهي تتنفس بإرتياحٍ ، تهاجم على أن لا تغفل عينيها ولكنه قد إنتبه لها ، فجعلها تعتدل وهو يمد يديه يفرد عليها الغطاء يحثها قائلاً :



_" نامي ..وإرتاحي ..تصبحي علي خير!!!"



_"وأنا من أهلك!!"



قالتها بنعاسٍ تشاكسه وهي تغفل عينيها في حين ردد هو بصدقٍ  وعمقٍ وهو يعود وبنبرة خافته علم بأنها لم تصل إليها:



_", إنتِ أهليِ"



انسحب يتسطح هو الٱخر بعدما أغلق الإضاءه ، احتضنها وهو يضمها إليه بإرتياحٍ وقد ابتسم بخفه ما أن شعر بسرعة إنتظام أنفاسها ، عاد يشرد من جديد بحالتة وحالة شقيقه ، وما فعله معه والشئ الذي هاجم ذاكرته الٱن وجعل قلقة يزداد بماذا أن علم شقيقه بأنه كرر نفس الخطأ  معه مرة ٱخرى حينما انفرد بـ "عز", وصارحه !! ، يعلم بأنه يسيطر بشدة خاصة حينما فعل ذلك  دون تفكير ولكنه يعلم بأن هذا هو الصواب ولا غيره ، صداع رأسه يهاجمه ولأنه يستشعر أنفاسها الدافئه ويشعر بدفء جسدها بجانبه وهي بداخل أحضانه استطاع أن يغفل بالفعل ويذهب لعالم ٱخر يتنفس به بإرتياحٍ كونه بجانبها هي ، والفكرة التي لم تغيب عن بالة قبل أن يرحل لعالمه الٱخر مثلها  كانت بأنه بالفعل يكرر. مره أخرى   نفس" الخطأ  والصواب معاً !!!! "

google-playkhamsatmostaqltradent