رواية لعاشر جار الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم سلمى رأفت
34-لماذا يا چايدا؟
_ في إيه يا جماعة خيـ...
لكن كلماته انقطعت فجأة عندما وقعت عيناه على ابنه. جسده كان ممتدًا على الأرض، ووجهه غارق في الدماء. بجانبه، وقف شقيقه بلا حراك، وجهه جامد كأنه قطعة أثرية منحوتة، عيونه تحدق في اللاشيء.
باندفاع جنوني، ركع "سعيد" بجانب ابنه، ينتزعه من أحضان "أمينة"، التي كانت تبكي وتصرخ كأن صوتها يحاول استجداء الرحمة من السماء. حاول "سعيد" كبح النزيف بيديه المرتعشتين، لكنه كان يشعر بالعجز يتسلل إلى قلبه مع كل ثانية تمر. صاح بصوت خشن ومضطرب:
_ حد يطلب الإسعاف بسرعة!!
ازداد الحشد حولهم، وجوه قلقة تتبادل النظرات، وهمسات متوترة تنتشر بين الناس. بعضهم وقف متفرجًا، والبعض الآخر يحاول فهم ما يحدث، لكن الجميع كان عاجزًا عن التدخل.
لم تمضِ دقائق طويلة قبل أن تصل سيارة الإسعاف. أضواؤها الزرقاء مزقت عتمة الليل، وصوتها المزعج جذب أنظار الجميع. على بُعد خطوات، كان "عبدالله" جالسًا على المقهى الشعبي عندما لمح السيارة، فتغيرت ملامحه في لحظة. نهض من مكانه بسرعة، يصرخ بأصدقائه:
_ يا خبر أسود! إيه اللي جاب الإسعاف عندنا؟!
قفز من مكانه وركض نحو العقار، يتبعه أصدقاؤه دون أن يعرفوا السبب، وكأن رعبه كان كافيًا لدفعهم خلفه.
بسرعة، حُمل "تيام" إلى داخل سيارة الإسعاف، وركب معه "سعيد" وزوجته وابنه الآخر. بينما تحركت السيارة، انطلق بقية السكان خلفها بسياراتهم، مشاعر القلق تسيطر على الجميع، والخوف يملأ قلوبهم من المجهول الذي ينتظرهم.
في الخلف، وقف "نظمي" على حافة الشارع، مبهوتًا مما رأى. للحظات لم يستطع التحرك أو الكلام. التفت إلى "يحيى"، الذي كان يراقب المشهد بصمت، ثم قرر أن يتبعهم. شيء ما بداخله أخبره أن الأمور لن تعود كما كانت.
وصلوا جميعهم في النفس التوقيت تقريبًا إلى المشفى، التي فور وصولهم اضطرب النظام واشتدت الأصوات العالية نظرًا لكثرة عددهم.
هرول الطاقم الطبي نحو تلك العربة التي تحتويه بداخلها ناحية تلك الغرفة التي لا يعلم عنها أي أحد ولكن سرعان ما اختفى داخل تلك الغرفة وبقى فقط الصراخ والبكاء الذي يعم المكان..
ظلت "أمل" تبكي بحرقةٍ وجميع السيدات يلتفن حولها يحاولن مواساتها ومنهن من تدعو له بالشفاء وأن تكون تلك الوقعة بسيطة ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، أبدًا...
جلست "لارا" على الأرض تبكي عليه وكأنه زوجها الذي حدث فيه هذا وكانت بجانبها "عائشة" التي تبكي هي أيضًا والجميع من حولهم يحاولون التهدئة فكان الوضع مزري بدرجة كبرى.
أما ناحية الشباب والرجال كانوا يقفون بصمتٍ يدعون الله بداخلهم على تحسن الحال، فكان "تيام" دائمًا صاحب الظل الخفيف والمرح لديهم جميعًا، وللحق، فأنه يملك مكانة خاصة وكبرى في قلوبهم..
كان "عمر" في هذه الأثناء في عمله فلم يدرِ ما حدث، ولكنه كان مارًا بالصدفة فوجدهم جميعًا مما جعله يترك عمله ويأتي للاستفسار عما حدث، وما إن علم توجه بسرعة إلى مديره يطلب منه الإذن للرحيل وشرح له الحالة كاملة، بسبب منزلة "عمر" الغالية في قلب مديره وافق بل وأيضًا أمر جميع الأطباء بالاهتمام بحالته التي كانت سيئة جدًا.
مرت ساعة وخرج الطبيب وملامحه لا تنم على الخير، هرول "عمر" باتجاه وهو يخرج حديثه القلق المضطرب الذي يتوارى خلفه العديد من الكلمات المطمئنة الذي يريد سماعها:
_خير يا دكتور، طمني هو عامل إيه؟؟
أزال الطبيب القناع الطبي وهو يسترسل بأسف:
_للأسف النزيف مكنش مقتصر على النزيف الخارجي، احنا عملنا ليه آشعة وطلع فيه نزيف فوق الجافية في المخ.
وهنضطر نعمله عملية إزالة للتجمع الدموي.
دعواتكم ليه..
عُتِم وجهه ما إن تحرك الطبيب من أمامه، حينها هرولت "أمل" عليه تمسكه بقوةٍ وهي تحاول التكلم من إثر بكاءها القوي:
_الدكتور قالك إيه يا "عمر"؟؟ و "تيام" ماله مخرجش ليه؟؟
حاول هو استجماع قوته وابتلع لعابه بقلقٍ والتف لهم يقول ببعضٍ من المجاملة حتى يهدأ الجميع:
_الحمدالله على كل حال، هو مش محتاج مننا غير الدعوات، هيدخل العمليات كمان نص ساعة، بس بسيطة إن شاء الله.
لم يستطع إخفاء الحقيقة، وحاول تجميلها على قدر الإمكان، وحتى يتجنب أي أسئلة أخرى تحرك من أمامهم لكن أمسكته "أميرة" بقوةٍ وهي على وشك الدخول في انهيار عصبي وصاحت في وجهه بانهيار قوي:
_"تيام" ماله يا "عمر"؟؟ رد عليا!!
عملية إيه دي إللي بسيطة؟؟ حرام عليك متسيبنيش كده!
جذبها هو إلى أحضانه يربت عليها وظلت هي تبكي بقوةٍ، إنما هي لم تستطع حتى السؤال مرةً أخرى، فاقترب "سعيد" منها يساندها حتى لا تقع مغشيةً عليها، كانت ملامحه جامدة، لكن في كل دقيقةٍ تمر يشتد عليه ألمه الداخلي، وسرعان ما أُزيل قناعه الجامد وللحق ارتجف قلبه من لوعة الموقف، فسيبقى "تيام" هو الأقرب له والأحن، فرت دمعة من عينه لكنه لم يقوى على إزالتها، ظل يتمتم له بالدعاء والشفاء العاجل، فمهما بلغ طيشه سيظل ابنه وفلذة كبده.
كانت تقف في صمتٍ وهدوء كعادتها، وبجوارها أشقائها الذكور وكل شباب العائلة تقريبًا، جميعهم بلا استثناء ملامح الحزن تكسو وجوههم، بالطبع ولج إليها الكثير من الهواجس في مثل هذا الموقف، لكنها أصرت على ابتعادها، وكانت تلك أول مرة تستطيع التغلب على ذكرياتها..
في وسط تلك الحلقة الحزينة، أدركوا أنهم سيمكثون عدة ليالي هنا، فاتجه "مروان" برفقة "حمزة" و "حازم" إلى العقار مرةً أخرى ليجلبوا العديد من الملابس التي تخصه وملابس لهم أيضًا، فهم يعتقدون أن غرفة المشفى جناح فندقي.
ما أثار استغراب "سعيد" أنه حاول الكثير معهم ليذهبوا إلى بيوتهم ولا داعٍ لانتظارهم لكنهم أصروا على الانتظار والمبيت أيضًا معهم.
فبهذا المعدل ذهب كل فرد من كل أسرة ليجلب مقتنياتهم الشخصية ليستطيعوا المكوث بأريحية.
كانت "أمل" هدأت بعض الشيء وظلت تدعو الله بخشوع أن ينجي ابنها ويحفظه من كل شر وأذى، اقتربت منها "أصالة" وهي ممسكة بعلبة بلاستيكية تضم داخلها الأوراق الملفوفة المحشوة بعدة مكونات فيما يسمى بالـ"محشي"، وضعت يدها على كتفها تقول لها في حنان وعطف على حالتها تلك مردفةً بقلق:
_ربنا يقومه بالسلامة يا حبيبتي، متخافيش "تيام" قدها وقدود، بس تعالي بس كلي حاجة علشان متهبطيش، أنا كنت عاملة محشي انهاردة وحقيقي نفسي تدوقيه.
ابتسمت لها "أمل" ولكنها أشارت برأسها بالرفض فهي لا تريد تناول أي شيء وليس لها شهية من الأساس، لكن مع أصرار "أصالة" تناولت، وقد اكتشفت أنها لم تأكل منذ وجبة الإفطار، حيث كان وقت تلك الوقعة للمشؤومة توقيت وجبة الغداء.
استغرب العديد من الأطباء والممرضين من ذلك العدد الماهول، ولكنهم لم يقوا على التحدث، وكانوا يتهامسون فيما بعضهم البعض عن هوية المريض الذي يأتي له في عملية جراحية خطيرة كل هذا العدد، وقد دار حوار بين اثنتين من طاقم التمريض حيث تفوهت الأولى بتهكمٍ من ذلك العدد:
_إيه ياختي كل الناس دول؟؟ هو اللي مفتوح دماغه وائل كفوري ولا إيه؟؟
ضيقت الأخرى عيناها وتلفظت بشكٍ وهي تنم عليهم كعادة الفتيات مؤخرًا:
_أنا اللي عرفته إنه واد في ثانوي، طب ماشي الرجالة الكبيرة والستات دول أهله، مين بقى الشباب المزز اللي هناك دول، وإيه كل البنات دي!
دي بوراك دينيز لما جيه مصر مكنش عنده كل العدد ده!
بقولك إيه يا بت يا شيماء، خليكي هنا راقبي الجو، أصل هموت وأعرف الواد ده عامل ازاي.
كادت أن توافق صديقتها على طلبها الأحمق ولكن انتفضتا من صوت "عمر" المتهكم الذي يبدو أنه استمع إلى حوارهما بأكمله:
_يا ماشاء الله، سايبين اللي وراكم واللي قدامكم وقاعدين تحبولي في العيانين؟؟ تحبي أجيبلك رقمه؟؟
تفوت منهما بهيامٍ وبلا وعي قائلةً بحالمية شديدة:
_ياريت يا دكتور والله..
كادت أن تؤكد الأخرى على حديث صديقتها ولكن استفاقا بسبب صراخه عليهما وسرعان ما هربوا من أمامه كالفئران التي تختبأ من عدوها اللدود ألا وهو القط الشرس..
—————————-
كان الجميع بلا استثناء معه؟ والعجيب أنهم قرروا المبيت في المشفى للاطمئنان على حالته.
مرت حوالي ساعة تقريبًا، وجميعهم جالسون على أحر من الجمر، وألسنتهم لا تتوقف بالدعاء له بألا يصيبه أي مكروه.
فهو شاب في مقتبل العمر، لا يستحق كل هذا، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
هدأت "أمل" قليلًا من حالتها، وكان النساء ملتفات حولها منذ المجيء، وللحق، كن منظرهم جميعًا مزريًا للغاية، حيث كانوا محتلين الردهة بأكملها؛ بعضهم جالسون على الكراسي المخصصة للانتظار، ومنهم من يقف في الزاويا، ومنهم من يجلس على الأرض يدعو ويقرأ من كلام الله المعجز ألا وهو القرآن الكريم..
كان "عمر" اضطرّ للعودة إلى عمله بما أنهم في نفس المشفى التي يعمل بها، وذهب "مروان" برفقة "فريدة" إلى أحد الأطباء للاستفسارات أدق عن حالته والتعليمات التي يجب أن يلتزموا بها معه عندما يخرج من تلك العملية، بينما ذهب "نوح" برفقة أخوته ليشتروا بعضًا من الأطعمة المعلبة لتساعدهم جميعًا على الصمود.
أما الباقي انشغلوا بالحديث في مواضيعٍ أخرى في محاولةً منهم لتشتيت عقلهم حتى لا يعود أحدٌ إلى بكائه المستمر الذي حمدوا الله عندما توقف..
وبالطبع وقفت "ياسمين" بجانب والدتها ووالدها وشقيقها الأكبر في صمت وكان ملامحهم جميعًا تدل على الاستياء من هذا الحدث، ولكن لابد من رأس الأفعى التدخل لتعكير صفو ذهنهم وكانت سوى "توحيدة"، حيث اقتربت من "أمل" متحدثةً بتهكم مرير:
_ربنا يقومه بالسلامة يارب، بس ده تقصير منك برضو، علشان تبقي تنزليهم بعد كده.
تم تجاهل حديثها الأخرق من قِبل "أمل" و "أميرة" ولكن نطقت "أمينة" بحنقٍ من حديثها غير مهم قائلةً بضيق:
_هو في إيه يا ست إنتِ؟؟ الواد في العمليات وإن شاء الله يطلع لينا بالسلامة وده قضاء ربنا وحكمته! مالك بقى إنتِ؟؟ يا تقولي كلمة حلوة يا تسكتي، محدش هنا ناقص غم!
وبلا أي شك وصل صوتها إلى جميع الواقفين، فكانت تتميز "أمينة" بصوتها العابر للقارات ونتج عن هذا تدخل الواقفين قبل أن تدب مشاجرة عنيفة وكل شيء لا يستدعي لذلك الهراء.
لكن قبل أن يتحدث أحد ليهدأ الوضع سبقتهم "توحيدة" تنبس بسخطٍ وبلا تعقل فنطق لسانها بما لا يحمد عقباه أبدًا:
_هستنى من جيرتهم إيه يعني؟ صحيح نسوان خايبة بس العيب مش عليكم، العيب على ال**** اللي معاكم..
بالطبع ذلك اللفظ النابي جعلهم جميعًا ينقلبون عليها حيث تدخل الرجال والسيدات معًا ولسوء حظها وصل "نوح" وإخوته وقد استمعوا للحديث مما جعل "يوسف" يهرول ليبعد "أمينة" عن مكان تلك السيدة الشمطاء حيث تلفظ قائلًا بهدوءٍ يسبق العاصفة:
_وهو بقى في ست محترمة تقول لفظ زي ده؟ ولأ رجالتنا هم اللي ولاد *** ورجالتك إنتِ من العشرة المبشرين بالجنة؟؟
دبت مشاجرة عنيفة جدًا بينهم حيث تدخل أفراد الأمن ليفضوا هذا الاشتباك بقوةٍ لأن هذا المكان ملغم بالمرضى وليس مكانًا للشجار والسباب.
بالطبع تبادلا العبارات المليئة بالكلام الفاحش والبذئ حتى بعد تدخل أفراد الأمن ولكن قطع "سعيد" تلك الملحمة وهو يقول دون أي حرج ولا احترام لعمّه ولكن نتج هذا بسبب الضغط العصبي فولده مصيره بين يدي الله الآن وهم هنا يتبادلوا قذفات السباب بلا تعقل:
_بقولك إيه يا عمي، ارجع بلدكم أنت ومراتك وولادك، أنتم مالكوش مكان ما بينا، أنت غلطت فينا كلنا وده رد الفعل وأنا من بدري ساكت وأقول صلة الرحم وبلاش نقطعها أكتر ما هي مقطوعة أصلًا، روحوا الله يسهلكم.
بعد أكثر من مناوشات استمرّت حوالي نصف ساعة، أخذ عائلته وانصرف بعيدًا بعد أن أدرك بحقٍ أنه لم يعد شيء متبقي من كرامتهم التي تم هدرها من قِبل هؤلاء الحمقى.
جلس "سعيد" بتعبٍ على كرسي الانتظار واضعًا رأسه بين راحة يديه يحاول فيهم استعادة ثباته الانفعالي لكن قطع هذا الهدوء اقتراب "يوسف" منه يربت عليه متفوهًا بنبرةٍ متألمة ممتزجة بالخذلان والأسف عم بدر منه ظنًا منه أن هو سبب تلك المشكلة:
_حقك عليا يا عم "سعيد"، والله أنا مش مشوفتش قدامي لما لقتها بتبجح كده...
كاد أن يكمل أرسل له "سعيد" ابتسامة بسيطة ولكنها كانت صادقة، وقف وابتسامته تتوسع أكثر في أكثر وأخذ يربت على كتفه قائلًا بنبرةٍ ممتنة ودية ليزيل عنه الحرج:
_يابني ده أنت اللي حقك عليا وحقكم كلكم عليا، ده رد فعل طبيعي وهم فعلًا معندهمش ريحة الأدب، مفيش حاجة يا حبيبي.
ابتسم له "يوسف" واحتضنه بقوةٍ رغم عدم التعمق في العلاقات لكنه التمس منه بعض الحنان والحب، لم يكن يؤمن أبدًا أن هناك جيران بهذا الشكل ولكن كذب حدسه بشأن ذلك وهذه ليست أول مرة بالطبع، فدائمًا حدسه كاذب...
كانت "لارا" قد هدأت قليلًا فوجدت كلًا من "عائشة" و "رقية" يقتربن منها بخبثٍ لا يناسب تمامًا المكان ولا حالة شقيق الأولى، ولكن يسري في دمائهما كرات دم حمراء وبيضاء وفضول.
جلستا بجانبها وقد تلفظت "رقية" بتساؤلٍ مصطنع عن سبب حالتها المزرية تلك قائلةً ونبرتها تفوح برائحة الخبث والمكر:
_مالك بس يا "لارا"؟
ده "عائشة" اللي هي أخته مش عاملة في نفسها كده.
حاولت مسح دموعها وتفوهت قائلةً بنبرةٍ متحشرجة مبحوحة وكانت تتكلم بصدق نابع من قلبها:
_صعبان عليا أوي بجد، ده احنا لسه في أول السنة ولسه شاب بيشوف مستقبله، ليه ممكن يحصل ليه كده؟؟
بالطبع كلماتها أصابتهما في مقتل فأخذتا يبكين بجانبها وانضمت لهما فلا يصح أن تتركهما وحدهما..
________________
السادسة مساءً بتوقيت إسطنبول..
كانت تركض بأقصى سرعتها في طرقٍ متفرقة حتى لا يستطع الالحاق بها.
لكن قد سبق سيف العزل، وجدت من يقبض على خصلات شعرها الكثيفة ويجذبها نحوه وهو يبتسم بالنصر والانتشاء قائلًا بنبرةٍ مختلة:
_إيه يا روح أمك؟ فاكراني مش هجيبك؟؟ إنتِ آه هربتي من أبوكي من فرنسا لتركيا بس مش هتعرفي تهربي مني أنا..
تعالت ضحكاته بجنونٍ أكثر بينما هي ظلت تبكي بقهرٍ وحرقة، فحتى بعدما هربت من سجنها وقعت بالأسر في سجن من لا يرحم، كادت أن تتوسل إليه بأن يتركها ولكن كتم الآخر فمها هامسًا بسخطٍ وغيظ:
_إيه؟؟ مالك زعلانة كده ليه؟؟ ده أنا حتى هوديكي عند حبيب القلب.
چو، ولا لحقتي تنسيه؟؟
ازدادت دموعها بقوةٍ فمجرد ذكر اسمه فقط تشعر كمن جُرح قلبه بنصلٍ حاد..
ذهبت معه بالقوة فهي أكثر من يعلم إذا قامت بأي شوشرة سوف يصل أبوها إليها وكما يُقال في الأزقة والحواري "ضل راجل ولا ضل حيطة" فيما معناه إن الوضع السيء الحالي بالنسبةِ لها أفضل بكثير من وضع آخر أسوأ ألأ وهو والدها..
________________
وقفت هي صامتة كعادتها تراقب كل من حولها، وقع نظرها عليه شاردًا في الفراغ وبجانبه شقيقته التي لمحته قبل قليل يتصل بها يخبرها بالوضع الحالي وقد أتت له منذ عدة دقائق، بالطبع وبالتأكيد هي لا تراقبه لكنها شديدة الملاحظة لا أكثر.
اضطربت عندما وجدته ينظر إليها فوجهت نظرها إلى بقعة أخرى لكن دونًا أن تشعر داهمتها ذكرى ولكنها لم تكن ذكرى عابرة أبدًا...
_
كانت تجلس وحيدة كعادتها، تشعر بالحزن والهم يغزوها.
كانت دائمًا تجلس على ذلك المقعد المتواجد في مدرستها الثانوية بعيدًا عن كل هذا العبث.
مرارًا وتكرارًا تستمع إلى الفتيات يخططن للهروب من المدرسة لمقابلة حبيبهن السري بعيدًا عن مكان المدرسة، ومنهن من تحكي بسعادةٍ عارمة عن تلك الهدية التي جلبها حبيبها لها في من يُطلق "عليه عيد الحب"_
أو "عيد المحن" في منظروها الشخصي_ لكنها لا تكترث لهن كثيرًا بالرغم من شعورها بعدم الانتماء لهن..
كانت تلك المرة تجلس دون أن تسمع أي شيء لكن لفت نظرها ذلك الشاب الذي ينظر إليها خلسة نظرًا لأن مدرستها مشتركة، لكنها لم تعيره أي اهتمام ولكن جذب انتباهها تلك التي جلست بجانبها وهي تتحدث بنبرةٍ ساخرة وكأنها تعرفها منذ زمن:
_مالك يا بنتي قاعدة كده ليه؟؟ ما تيجي تقعدي معانا.
نظرت إلى نفس موضع نظر تلك الفتاة فرأت مجموعة مختلطة لكن لا يبدو عليهم الهيام أو يوجد بينهم علاقات غرامية ولكنها كانت لا تهوى تلك المجموعات لسببٍ مجهول ألا وهو عدم الأطمئنان لها إطلاقًا.
لكن مع إلحاح تلك الفتاة وافقت على مضض الانضمام لهم وكان ذلك أسوأ قرار اتخذته في حياتها كلها..
انضمت لهم ولكنهم لم يكونوا مثل ما توقعت فكانوا في غاية اللطف ولا يظهر عليهم أي شبهة ولكن مع التعمق في تلك المجموعة اكتشفت أنهم كانوا كالورد في منظرهم، لكنهم في الواقع أشدّ شوكًا من العوسج..
حيث في مرة كنت مرات تجمعهم حكت لهم مشكلتها في تلك الفترة وما حدث من قِبل والدها، وبالطبع أظهروا تعاطفهم الشديد معها ولكن قد تفوه أحدهم بأنه يملك الحل لذلك.
استنكرت وبشدة فكيف يملك الحل في تلك المعضلة الصعبة، وقبل أن يشرح لها عرض عليها واحدة من سجائره، لكنها رفضت وبشدة ولكن استمر في الالحاح عليها وأنها ستساعدها في الاندماج معه وقال لها بأن تخرج كل ما يضايقها وهي تنفث هواءها معللًا بأن تلك الطريقة ستساعدها كثيرًا في إزالة همومها.
كانت بالوعي غير الكافي عن أضرارها فكانت تعلم أن من الخطأ التدخين ولكن لمَ؟؟
لا تعلم حقًا، وكان هذا من أهم الأسباب التي جعلتها توافق..
في البداية كان تختنق من رائحتها الكريهة، لكن مع الاستمرار، وجدت فيها المتعة، وأنها تخرج كل همومها في تلك اللفافة اللعينة.
أصبحت تدخر من مصروفها لتشتري علبة منها، فكانت تتمتع بكرامةٍ عالية ولا تقبل أن تأخذ من أحد أصدقائها.
فماذا يقولون عنها؟؟
بخيلةً مثلًا؟؟
ظلت على هذا الحال تدخن معهم وفي كل الأوقات التي تسمح لها بهذا، لكنها كانت تحب الطعام الصحي وممارسة الرياضة فكان هذا عامل أساسي بأن لها صحة جيدة بعض الشيء.
ولكن ذلك الشاب في مرة طلب مقابلتها بعيدًا عن المجموعة، استغربت طلبه ولكنها وافقت، وقد تمت تلك المقابلة في أحد الشوارع الجانبية.
_إيه يا "طارق"؟؟ جايبني على ملا وشي ليه؟؟
تفوهت بهذا الحديث وهي تقترب منه بينما هو كان يلتفت حوله وكأن العيون تتربص به من كل زاوية.
اقترب منها وهو يخرج من جيب سترته لفافتين وهو يعطيها لها وكأنه يعطيها شيء ثمين للغاية وليس لفافتان من الحشيش!
_امسكي دول، جربيهم وادعيلي.
استنكرت منهما وتلفظت وهي تتفحصهما بدقة:
_وده إيه ده إن شاء الله؟؟
رمقها بحدة وكأنها تسأل عن أسرار دولية خطيرة ليس لها الحق في السؤال عنها ولكنه تمتم ببعض الهدوء لا يناسب الموقف:
_جربيهم بس وادعيلي، فكك من السجاير، دي بقى هتوديكي في دنيا تانية.
امتثلت لأمره وبالفعل عجبتها تلك اللفافة وأصبحت مداومة الطلب عليها بالرغم أنها كانت تكلفها كثيرًا ولكنها كانت بالفعل تحتاج إليها بكثرة عن كل مرة تأخذها منه، حتى وقعت في تلك الدوامة الذي لا مفر منها...
استفاقت من تلك الذكرى على صوت صياحهم عندما خرج "تيام" من تلك الغرفة لينقلونه إلى العناية المركزة، أخبرهم الطبيب بأن لا يسمح لأحدٍ الدفوف له إلا عندما يمر أربعة وعشرون ساعة على الأقل.
حمدوا الرب جميعًا فكانت حالته مستقرة نوعًا ما، كان جميعًا على استعداد للمبيت معه ولكن أقنعهم "عمر" بذكاء أن يرحلوا جميعهم وأنه سوف يبقى معه ولا يُسمح بهذا العدد أبدًا.
تراجعوا بعد الكثير من الحديث وقرروا بالفعل العودة إلى الديار وقبل أن يرحلوا أعطت "علا" إلى "عمر" علبة من الطعام الشهي ليتناول منه بدلًا من طعام الشارع وأوصته جيدًا بأن يتصل بها عندما يحدث أي شيء بدلًا من أن يقلقهم وهي أصغر منهم سنًا وتستطيع التحرك في أي شيء بسهولة.
وبالتأكيد رفضت "أمل" التحرك وبقيت هي وزوجها وابنهما بجانبه وبالطبع لم تتركها "أميرة" وحدها هي وأولادها وزوجها..
لم يأتي في مخليتهم لوهلة ما سبب كل هذا وذلك من حسن حظ "يحيى" ورئيسه الطائش الذي وعد "يحيى" بأن يأتي مجددًا في الغد ليطمئن عليه ويعتذر له عم بدر منه.
في طريق العودة برفقة شقيقته سألته باستفسارٍ قائلةً بشرود:
_ده ماشاء الله العمارة كلها كانت موجودة علشان خاطره، هو يعني مين ده أو بيعمل ليهم إيه؟؟
تنهد "يحيى" وتحدث ونبرته يشوبها بعضٌ من الألم لأنه لم يفكر أبدًا في التقرب منهم ولا التعرف عليهم:
_مش عارف أوي، مكنتش بتعامل معاهم، بس اللي أعرفه إن "تيام" احلى حاجة في العمارة دي كلها.
كفاية بس الضحكة اللي مش بتفارق وشه أبدًا وعمره ما كان بيبعد عني ولا بيتعامل معايا بحذر على عكسهم وكان دايمًا طيب وعلى نياته وبيعتبرني زي أخوه ويمكن أكتر، مع إنه عمره ما شاف مني أي حاجة غير وش الخشب.
أنا أكتر حاجة ندمان عليها يا "كنزي" إني كنت بشوفهم ناس ميتعاش معاهم ولا يتطاقوا كلهم، أنا زعلان على كل الوقت اللي عدى ده وأنا بعيد عنهم وهم اللي أقرب ليا من الأهل.
تأثرت هي من كلماته بشدة وعزمت في نفسها أن تتقرب منهم هي وشقيقها، فلا شيء يستدعي البقاء بعيدًا عنهم.
داعب هو ذاكرتها وقررت أن تسأله عنه ولكنها خشيت بالفعل أن تكون علاقتهما مجرد علاقة عابرة لا يعرف أحدًا عنها سواهما، لابد أن تجلس معه لتعرف كل شيء ومن ثم تبدأ في الكشف عن الأمر بنفسها..
______________
_نهاره مش فايت!! مين "لارا" اللي عاملها فولو دي؟؟
انتفضت من جلستها أثر صراخها بتلك الكلمات ثم ذهبت جانبها لترى على ماذا تتحدث ولكن أدركت أن الحديث عليه دائمًا بالطبع.
نظرت لها بضجرٍ واسترسلت قائلةً بمللٍ من طيشها:
_ما تهدي بقى يا كوكي، هو أصلًا مش شايفك ولا معبرك، وبعدين من تحرياتي عليه يعني "لارا" دي معاهم في العمارة، يعني جيران.
وقفت تلك التي تدعى "چايدا" ولكن دائمًا ما ينادوها بـ "كوكي"، ظلت تتحرك ذهابًا وإيابًا بغضبٍ واستنكار منه.
فهي دائمًا من يركض وراءها الفتيان وتحظى دائمًا على منافسات الشبان عليها وعلى من ستحنو عليه وترتبط به، وكأنها كيم كردشيان، ولكن عندما اصطدمت به وهو لا يحاول أبدًا التحدث إليها وعندما تبادر هي لا يلقى لها بالًا، أشغل بالفعل تفكيرها وأصبحت مهوسة به حد الجنون!
ظلت هكذا حتى انتفضت صديقتها عندما وجدت إشعارًا من هاتفها يدل على وصول رسالةٍ ما، لكنها وجدته من تطبيق التواصل الاجتماعي "فيسبوك" والذي كان أحد الإشعارات ينص على أن قام أحدٌ من أصدقائها بنشر شيء ما، ولكن توقف عندها الزمن عندما وجدتها "عائشة" وكان منشورها يحتوي على العديد من الأدعية وفي نهايته تطلب من الجميع الدعاء لشقيقها بالشفاء العاجل.
لم تكتب أية تفاصيل على ذلك المنشور ولكن قام أحدٌ من الأشخاص بالسؤال عن ماذا حدث وقامت بشرح له ما حد بالمختصر في التعليقات.
تلك الفتاة لو كانت اكتشفتها المخابرات المصرية لكانت كسبت كنزًا حقيقيًا!
فقد ظلت تبحث حتى وجدت اسم المشفى التي يوجد بها وعنوانها أيضًا. ثم أخبرت "چايدا" بما حدث، ولكن توصلت الأخرى لفكرة خبيثة وسرعان ما أمسكت بهاتفها وقامت بإنشاء مجموعة تضم العديد من الفتيات والزميلات اللواتي معها في المدرسة والدروس.
ضغطت على زر التسجيل الصوتي بعدما رأت العديد من الرسائل التي تحتوي على:
"إيه يا جماعة الجروب ده؟؟"
"ده أكيد جروب تبادل علمي، جزاكِ الله خيرًا"
"أنتم عارفين لو طلع من الجروبات إياها وفيها ولاد ويدخلوا يتعرفوا والكلام بتاع الكورنيش ده أنا هعمل فيكم إيه؟؟"
"أكيد ده جروب خروجة جماعية وشكلنا هنخربها، بس قوليلي في ولاد معانا؟؟ أقصد في ولاد معانا يعني علشان مخرجش آه إنتم فكرتوا إيه؟؟"
"ما تخلصي يا ست "چايدا" باشا إنتِ عاملة أم الجروب ده علشان تنقطينا بسُكاتك؟؟"
"يا بنات بالله عليكم طريقة عمل البان كيك علشان جعانة"
بدأت بالتحدث قائلةً بنبرةٍ تفوح منها الحزن والتأثر المصطنع بالطبع:
_مش هتصدقوا بجد، "تيام" اللي معانا في المدرسة دماغه اتفتحت وجاله نزيف وكان في العمليات من شوية، احنا لازم نروح نزوره، مش زيارة المريض واجب برضو؟؟
ما إن أرسلت ذلك المقطع الصوتي حتى كثرت الرسائل أكثر وكان مضمونها:
"يا خبر! دماغه اتفتحت ازاي؟؟ "تيام" مين أصلًا؟؟"
"لأ متهزريش! "تيام الشريف"؟؟ المستشفى دي فين ده زميلنا وواجب علينا نزوره"
"واحنا مال اهالينا، ما يولع هو كان ابن خالتي علشان اروحله المستشفى!"
"طب آخد معايا ورد وشوكليت ولا ورد بس؟؟"
"لأ لما يطلع من المستشفى بقترح نروحله البيت أحسن"
"يا خسارة بجد، يارب ما يكون حصل لوشه حاجة، ده قمور أوي"
"يا جماعة مش مهم "تيام" دلوقتي، هو كان "تيام" ابن مصطفى قمر يعني؟؟ عايزة بس طريقة البان كيك"
أغلقت تلك المحادثة فهي لن تنتهي من استفساراتهن التفاهة، ولكنها عزمت على خطتها.
فهي لن تترك المجال لتلك التي تدعى "لارا" أبدًا..
_______________
مرَّ يومان على تلك الحالة ولم يحدث أي جديد، بل كل يوم فقط يأتون جميعهم على فترات متباعدة للاطمئنان، ولكنهم لا يجدون فائدة.
استجاب الله دعائهم الصادق أخيرًا،ووجدوا مجموعة من الممرضين يركضون ناحية غرفته، مما جعل الرعب يدبُّ في أوصالهم حتى خرجت إحدى الممرضات قائلةً بفرحةٍ عارمة:
_حمدالله على سلامته يارب، هو فاق دلوقتي، وهننقله أوضة عادية، الله أكبر كل المؤشرات الحيوية كويسة أوي، ربنا يطمنكم عليه يارب.
أطلقت كلماتها ثم رحلت لتكمل عملها، بينما هم ظلوا يشكرون الله على رحمته بهم، وإنه لم يخيب ظنهم أبدًا.
تم نقله إلى غرفة عادية، وبالطبع انتشر الخبر أسرع من سرعة الضوء في الفراغ، حيث أتوا جمعيًا للاطمئنان عليه. حينها نطق هو أخيرًا قائلًا بتعبٍ ووهن:
_إيه يا جدعان، صلوا على النبي كده، مكنش نزيف في المخ ده!
اقترب منه "تميم" ثم أمسك رأسه يقبلها بحبٍّ قائلًا بتأثر:
_الحمدالله يارب إنك قومته بالسلامة، والله ما عايز حاجة تانية غير إنك تبقى كويس.
ظهر ضجر "تيام" من تصرف أخيه وصاح فيه بغتة ووجع بدا في نبرته:
_يخربيت شكلك دماغي يالا واجعاني! وبعدين أنت بتبوس راسي ليه؟؟ هو أنا خطيبتك ولسه كاتب عليا؟؟
انهالت عليه الدعوات بالشفاء العاجل، وفرح هو بداخله كثيرًا بهذا الاهتمام، ففي الآونة الأخيرة دب في قلبه شعور بأن لا أحد يكترث لأمره، ولا أحد يريده من الأساس، حمدًا لله على كل شيء.
اقترب منه "سعيد" وهو يمسك بكفه قائلًا والدموع تلمع في مقلتيه:
_يارب يا حبيبي ما أشوف فيك حاجة وحشة، ده أنت نور عيني يا "تيام" أنت و أخوك.
بس والله لو في مصايب تاني أنت حر!
تكلم هو بعبثية وبلا وعي قائلًا بسخرية:
_لأ لأ، مصايب إيه؟ ربنا ما يجيب مصايـ..
قطعت كلمته طرقات خفيفة على الباب تبعها دلوف العديد من الفتيات، وكل واحدة منهن تحمل باقة من الزهور في يدها، واليد الأخرى إما فارغة أو تحمل علبة كرتونة متوسطة الحجم تحوي بداخلها على قطع الكاكاو المحلَّى.
نظر إليهم "تيام" برعبٍ وخوف، وكأنهم حبيباته اللاتي كان يواعدهن سرًا، والآن اكتشفن جميعًا أنهن ضحية ذلك الوغد.
بينما تقدمت "چايدا" وقالت بلطفٍ مائع لا يناسب الموقف أبدًا:
_ألف سلامة عليك يا "تيام"، إن شاء الله تقوم بالسلامة يارب.
دوى صوت صرصور الحقل في المكان، حتى قطعه "سعيد" وهو يصك على أسنانه بغضبٍ جحيمي قائلًا بتوعد:
_مش تعرفنا يا حبيبي، مين الحلوين دول؟؟
مال "عبدالله" على "يونس" الذي كان واقفًا بجانبه، قائلًا بسخرية وتهكم:
_أقسم بالله من يومه حظه في السما ابن الذين، كل دول بنات!!
نطق "يونس" بحقدٍ دفين هامسًا بغيظ:
_لأ وكلهم حلوين ابن الإيه، الجاحد جايب اتنين وعشرين بنت علشان يشوفوه!!
كاد أن يرد "تيام" بكلمات تبرر الموقف، لكن سبقته تلك الحمقاء قائلةً بودٍّ مزيف:
_أنا "چايدا سرور" صاحبة "تيام" في المدرسة، ودول بقية صحابنا وجايين نزوره، أصل "تيام" ليه غلاوة في قلبنا كلنا، حتى فيه بنات تانية بس معرفتش تيجي بس هتعوض الزيارة دي لما يروح البيت بالسلامة.
اتسعت أعينهم بصدمةٍ من كلماتها، لكن لم يستطع "مهند" إمساك لسانه ولا التحكم في نبرة صوته، فخرج حديثه منصدمًا:
_كل دول يا ابن الجاحدة ليك غلاوة في قلبهم؟؟ ليه يا قادر؟؟ ده ليوناردو دي كابريو معملهاش!!
ابتسم "سعيد" لابنه الذي كان يغوص في سريره أكثر فأكثر، حتى كاد أن يختفي، وتلفظ قائلًا بخبثٍ وشر:
_ده بس أما يفوق شوية ويقولنا بقى على الغلاوة دي، بس الصبر....
_________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية