Ads by Google X

رواية لعاشر جار الفصل الحادي و الثلاثون 31 - بقلم سلمى رأفت

الصفحة الرئيسية
الحجم

    

 رواية لعاشر جار الفصل الحادي و الثلاثون 31 - بقلم سلمى رأفت

31-بعث مرة أخرى
          
                
_أقسم بالله، وشرف أمي اللي في تربتها، هوريك الدكر اللي سابته من بعدها، أنا أمي مخلفتش بنتين يا روح أمك، خلفت واحدة بس، اللي هي مراتك اللي واقفة دي، أنا بقى اللي هوريك النجوم في عز الضهر.



انهالت عليه بالضرب المبرح السريع يلاحقه سبات نابية سقطت لها الأفواه من جرأتها، تدخل المارة يحاولون فض ذلك العراك العنيف تبعه نزول "مدحت" مرةً أخرى وهو يمسكها من ذراعيها قائلًا بحدة :



_أهدي مينفعش كده، تعالي هنروح القسم، تعالي بقولك!



كانت تحاول هي إفلات ذراعها من قبضته وهي تطلق السباب من شفتيها لهذا الوغد، بينما في الأعلى صاح "تيام" في شقته قائلًا بحماسٍ وهو يرتدي نعاله الصيفي الخفيف :



_خناااااااقة!! خناااااقة!!!



ارتعبت والدته من إثر صياحه فهو في كل مشاجرة تحدث في الشارع يصيح كالمختلين ويذهب لرؤيتها بينما سألت "توحيدة" باستغرابٍ قائلةً :



_خناقة إيه؟؟ ما يدخل يشوفها من البرندة وخلاص!!



رد عليها "تميم" وهو يحاول إخفاء ضحكاته قائلًا :



_أصل "تيام" بيحب يشوف الخناقات لايڤ.



لوت ثغرها بتهكم بينما في الخارج فور خروج "تيام" تبعه "عزت" الذي ما إن رآه ضحك بقوةٍ قائلًا بيأسٍ :




        
          
                
_أكيد طبعًا نازل تشوف الخناقة، تعالى يا حبيبي.



من حسن حظهما كان المصعد فارغ فجاء بسرعةٍ لهما وولجا للداخل ولكن لم تمر دقيقة حتى وقف في الطابق السابق لهما، نظرا لبعضهما باستغرابٍ من وقوفه ولكن فُتح باب المصعد وولجت "لارا" للداخل بسرعةٍ قائلةً بحماسٍ :



_يلا يلا بسرعة عايزة أشوف الخناقة، وكمان "كارما" بنتها عندنا فقولت هنزل أنا بسرعة أحوش الدنيا زمان البنت قلقانة.



اعتلت ملامح الصدمة عليهما ولكن سرعان ما شرعا في الضحك وضغط "عزت" على الطابق المقصود حتى وصل للطابق الأول، بينما في شقة "محسن ونيس" كانت "كارما" واقفةً في الشرفة وهي تهتف بتشجيعٍ قائلةً :



_أيوة يا مامي، أضربيه يلا.



كان يقف بجانبها جميعهم وهم يتضاحكون عليها فمن المفترض أن تكون خائفة، لكن هي تقف وتشجع والدتها بكل أريحية وكأنها ليست بشجارٍ حاد بل بمسابقة الباليه المائي.



وقف "عزت" حائلًا بينهما و كان أيضًا "مدحت" يحاول جذبها من ذراعها وتهدئتها بينما على الجانب الآخر احتضنت "لارا" "سوزان" التي انتابتها نوبة بكاء حادة من شدة الموقف وخوفها الشديد على شقيقتها، بينما كان "تيام" واقفًا يمسك في يديه علبة متوسطة الحجم تحتوي على حُبيبات الفُشار ويأكل منها باستمتاعٍ وكأنه يشاهد أحد الأفلام السينمائية المشوقة، سرعان ما اتجهوا جميعًا إلى قسم الشرطة التابع لهم وبالطبع لحقهم "تيام" و "لارا" بثيابهما العبثية فكان "تيام" يرتدي ملابس منزلية مريحة وكانت ترتدي "لارا" نفس الشيء بالإضافة إنه واسع_نسبيًا_ وترتدي حجابها، كل هذا لا يعني في شيء ولكن كان نِعال "تيام" مضحك بدرجةٍ عالية تبعته "لارا" التي كانت ترتدي نعال في كل قدمٍ مختلف عن الأخرى فجعل شكلها عبثيًا لأقصى درجة، وصلوا جميعًا إلى قسم النزهة ولكن تلك المرة دخلوا إلى مكتب الضابط مباشرةً ولكن صدموا من المشهد الذي أمامهم.




        
          
                
صاحت تلك الفتاة التي كانت تحتضن الضابط برعبٍ وابتعدت عنه ولكن جذبها الآخر قائلًا باستنكارٍ :



_في إيه يا دودو؟؟ بتصوتي ليه؟؟ هو أنا جايبك من شارع جامعة الدول؟؟ ده أنتِ مراتي!! 



حمحم "تيام" بإحراجٍ قائلًا وهو يوجه حديثه للتي بجانبه :



_احنا آسفين يا حضرت الظابط، احنا آسفين يا مدام دودو، يلا يا "لارا" أنا معرفش إيه قلة الأدب اللي الناس بقت فيها دي!! يلا يا جدعان، إيه اللي قلة الحيا اللي بقينا فيها دي!! 



صاح فيهم جميعًا مما شعروا بالخجل من تصرفهم المُشين وكادوا بالفعل التحرك للخروج ولكن توقفوا من حديث "لؤي" الساخط قائلًا :



_أقف منك ليه!! 



وقفوا جميعهم بالفعل أمامه كالقطط الوديعة بينما جلس هو على مقعده الوثير وجلست زوجته على كرسي من أحد الكرسيين المقابلين له بينما ظلوا جميعًا صامتين حتى هو أصدر جلبة من أثر خبطه بقوةٍ على مكتبه قائلًا بضيق :



_هو أنتم محتاجين عزومة!! ما تخلصوا في إيه!! أنا مبقاش ورايا غيركم ولا إيه!! ده أنا بقول أعملكم سويت هنا في القسم بحيث متتعبوش من المشوار..



بادر "سيف" بالتحدث قائلًا باستعطافٍ :




        
          
                
_يرضيك يا باشا؟؟ يرضيكِ يا مدام دودو؟؟ بقى باخد مراتي وبربيها علشان خرجت من ورايا تقوم أختها تعمل فيا كده؟؟



 صاحت "بوسي" بصوتٍ مرتفع نتج من غيظها الشديد منه قائلةً :



_أيوة ياخويا اتمسكن، اتمسكن..



نظرت هي لـ "لؤي" قائلةً بقوةٍ بالنيابة عن شقيقتها :



_البيه يوميًا بيعجنها ضرب بسبب ومنغير سبب ومانعها عني وبقالها أكتر من خمس سنين في الغُربة مش بتنزل حتى كل شهر أشوفها، ولا حتى بتكلمني غير كل فين وفين واحنا كنا جايين نعمل محضر وبعدها هنرفع قضية طلاق.



حاول هو كتم حقده من تلك الحمقاء ولكن قبل أن ينفي كل ما قالته فكت "سوزان" بعضًا من أزار بلوزتها ليتبين العديد من الكدمات والجروح، بعضها حديثة وبعضها قديمة، وكان هناك أيضًا آثار لحروقٍ فكانت حالتها للحق تثير عاطفة الحجر.



نظر "مدحت" إلى "عزت" بشفقةٍ من حالة تلك الفتاة المسكينة وصُدم "لؤي" من مظهر جسدها بينما شهقت زوجته بفزعٍ فلم يأتي في مخيلتها كل ذلك العذاب!



اقتربت "بوسي" تربت عليها وتأخذها في أحضانها بينما كان هو واقفًا يصك على فكيه بسخطٍ بينما في الخليفة مال "تيام" على "لارا" قائلًا بتساؤل عبثي لا يناسب الموقف :




        
          
                
_ألا هو أنتِ جايبة الكروكس ده منين؟؟ ده أنا قالب الدنيا على كولكشن اللي فردة سبايدر مان وفردة سيندريلا!



استنكرت هي حديثه ثم نظرت إلى قدميها باستغرابٍ، سرعان ما جحظت عينيها بإحراجٍ ثم نظرت له بحقدٍ دفين لحقه هو قائلًا ببراءة :



_والله ما بتريق عليكِ! أنا فعلًا قالب الدنيا على كروكس يبقى شيك ومريح أروح بيه دروس الثانوي!



ردت عليه هي قائلةً بسخرية :



_هبقى أوريك بيتباع فين لما نخرج من القسم ده مش بعرف أوصف.



كاد أن يعقب على حديثها استفاقا على جذب "سيف" من قِبل أمين الشرطة للخارج قائلًا بغضبٍ :



_والله العظيم ما هسيبكم!!



اختبأت هي داخل أحضان شقيقتها بينما أرسلت له "دودو" نظرات ساخطة فصدق من قال النساء للنساء، وقف "لؤي" قائلًا بهدوءٍ وهو يوجه حديثه لتلك المسكينة :



_مدام "سوزان" حضرتك محتاجة ترفعي قضية تعدي عليه وهياخد فيها مش أقل من سنة، وبعدها قضية طلاق هيتحكملك فيها من أول جلسة.



اقترب "عزت" يشكره بامتنانٍ ثم رحلوا جميعًا، بينما كان "تيام" يشعر بالشفقة عليها بحق لكن لمعت في ذهنه فكرة سرعان ما أخبر التي بجانبه بها، أظهرت استحسانها له وما إن وصلوا أمام البناية اقترب "مدحت" قائلًا لها بحنو أبوي :




        
          
                
_نورتينا يا بنتي، واحنا كلنا معاكِ وتحت أمرك ووراكِ لحد ما الحيوان ده يتحبس، متقلقيش من حاجة أنا هنا زي والدك بالظبط.



ابتسمت له "سوزان" ابتسامة باهتة تشكره بها على حديثه، بينما اقترب منهما عزت قائلًا بنبرةٍ لا تحتمل النقاش :



_تعالوا معايا يلا، أنتم معزومين انهاردة على الغدا عندنا وكلمي يا "بوسي" جوزك يجي يتغدى معانا، ومش عايز أي اعتراض أنا كلمت "ناهد" وعملت حسابكم في الأكل!



سارعت "بوسي" قائلةً بذوقٍ ولباقة :



_والله ماليه لزوم، خليها مرة تانية يا أنكل معلش حقك عليا أنا بس مرة تانية.



بالطبع ألح عليها مرارًا وتكرارًا ولكن قابلت هي كل هذا بالرفض المهذب، بينما اقتربت "لارا" منها تقول بابتسامة :



_أطلعوا أنتم وأنا هجيب ليكِ "كارما" 



لم تقوى على المعارضة مرةً أخرى فوافقت وسرعان ما توجه جميعهم إلى مساكنهم.



دلف "تيام" بحزنٍ إلى شقته لمحه والده الذي مازال غاضبًا منه ولكن فطرته الأبوية تجاه خالفت كل شيء فأردف قائلًا :



_في إيه يا "تيام"؟؟ مالك قالب وشك ليه؟؟



نظر لهم جميعًا فكان جميعهم متجمعين في صالة المنزل ثم تلفظ قائلًا بحزنٍ وقلة حيلة :




        
          
                
_اللي اسمها "سوزان" أخت طنط "بوسي" دي، صعبانة عليا أوي، تخيل يا بابا بقالها أكتر من خمس سنين برة مصر ومش بتتواصل مع أختها غير قليل ده غير كمان إن جوزها ده منه لله كان بيضربها وحرفيًا بيهنها بطريقة زبالة! وجسمها كله مليان كدمات وآثار حرق، منه لله والله.



دُهش جميعًا من كلماته وبالفعل نال تعاطفهم وتفوهت "أمل" قائلةً بقلة حيلة ودعاء :



_لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يفك كربها يارب، منهم لله الرجالة اللي زي كده والله ده يويلهم من ربنا.



نطق "تيام" بضجرٍ قائلًا :



_أيوة ما أنا بقولكم كده علشان عايزين نعمل حاجة، على الأقل نقف جنبهم حتى لو منعرفهاش هي، بس الناس لبعضها، وعم "عزت" اتحايل عليهم يتغدوا معاهم انهاردة رفضوا تمامًا، فاحنا بقى هنزلهم الأكل، ده من الصبح برة وخناقات أكيد مفيش حيل يقوموا يعملوا أكل! أنتِ عاملة أكل إيه يا ماما؟؟



التمعت عيني "أمل" بتلك الفكرة فوقفت متجهةً نحو المطبخ قائلةً بحماسٍ :



_عاملة ورق عنب وفراخ بالبصل، استنى يا "تيام" أنا عاملة بزيادة استنى هغرف ليك ونزلهم أنت وأخوك!



استحسن "سعيد" تصرف ولده فهمها بلغ طيشه فسيظل طيب القلب، لحق "تميم" والدته يساعدها في ترتيب الصحون فوق تلك الصينية متوسطة الحجم وما إن انتهت حمل كُلٌ منهما صينية ونزلا إليها بحماسٍ، كادا أن يطرق أحدهما الباب ولكن خرجت "لارا" من الشقة المقابلة وهي تحمل "كارما" تداعبها ومن خلفها كان "مهند" يحمل في يديه صينية تحتوي على عدة أطباق بداخلها حلى الأرز باللبن الشهير وبجانبه "مراد" الذي يحمل في يديه كراسةٍ للرسم وعدة ألوان مائية، ابتسم "تيام" لها فبادلته هي تلك الابتسامة بابتسامة أكبر وسرعان ما طرق "مراد" الباب حتى فتحت "بوسي" واستنكرت من كثرتهم ومن تلك الصواني التي يحملونها، بادر "تيام" قائلًا بمرحٍ :




        
          
                
_أمي بقى كانت عامل ورق عنب، وراسها وألف سيف لتنزل تدوقك وتدوق طنط "سوزان" أكلها وده مفيش فيه نقاش!



ابتسمت بحرجٍ ثم أشارت له ولأخيه بالدخول حتى يضع تلك الصواني على مائدة الطعام وسرعان ما تحدث "مهند" قائلًا بمرحٍ يماثل الآخر :



_ده بقى رز باللبن، أمي بقى قالت لازم لازم تاكلوا منه، افسحي الطريق بقى أحطهولك.



ابتسمت هي للغاية من كرمهم الوفير وتفوهت قائلةً بشكرٍ وامتنان :



_والله ما كان ليه لزوم والتعب ده كله، شكرًا ليكم أوي والله، "شريف" كان هيجيب أكل من برة عادي، تسلمولي والله، يلا يا "كارما" تعالي.



تمسكت بها "لارا" وسارعت بالقول متفوهةً بلطفٍ :



_طب أنا بستأذنك "كارما" تقعد معانا انهاردة، حتى بصي "مراد" جايب ألوان وكراسات رسم وهنلعب معاها وهي لما تبقى عايزة تيجي هجيبها ليكِ، متقلقيش عليها.



لم تجد كلمات توفي شكرهم وكانت تريد ألا تُحمل عليهم أكثر من ذلك ولكن أمام إلحاحهم وافقت بابتسامة بسيطة.



قبلتها ابنتها وسرعان ما عادت معهم مرةً أخرى، أغلقت الباب وراءهم ثم اتجهت إلى شقيقتها التي كانت جالسةً بشرودٍ وحزنٍ وما إن انتبهت لشقيقتها تفوهت قائلةً بهدوءٍ :




        
          
                
_شكلهم كويسين أوي.



جلست هي على الأريكة المقابلة للأريكة التي تجلس عليها الأخرى قائلةً بتعبٍ :



_جدًا، كلهم محترمين وكويسين صراحة معادا كام حد كده دمهم سم..



لم تكترث الأخرى لها وظلت شاردة في كل ما سُلِب منها بالقوة، فأبسط حقوقها حتى لم تنالها، شعرت بدوارٍ يجتاح رأسها أدركت سريعًا إنها تحتاج لقسطٍ من الراحة، لاحظته الأخرى من خلال امتعاض ملامحها فتلفظت قائلةً وهي تجذبها لها في محاولةٍ منها لإسنادها :



_تعالي، شكلك عايزة تنامي، تعالي نامي يلا وهجيب ليكِ هدوم تغيري.



لم تبدي هي أي رأي بل اقتصرت فقط على تحركها معها إلى أحد الغرف القابعة بالشقة المخصصة للزائرين، أبدلت هي ملابسها وسرعان ما توجهت نحو الفراش وما إن ارتخت عضلاتها نامت على الفور من شدة عناء وتعب اليوم..
كانت تلك هي أول ليلةٍ لها تستيطع فيها أن تسبح بخيالها بحريةٍ فقد تخلصت من سجن زوجها الوغد ولو نسبيًا، لكنها اكتسبت بعضًا من الثقة من جيشها الوحيد والذي يتمثل في شقيقتها الصغرى..



 _________________________________



كانت هي ممسكةً بهاتفها تنظر إلى الصور الفوتوغرافية باستمتاعٍ طفيف، فكانت معظم تلك الصور إما بمفردها أو تتشاركها مع أخيها.
مللت هي من ذلك الروتين ولكنها انتبهت إلى ألبومٍ خفي آثار فضولها، وما آثار فضولها أكثر عنوانه الذي كان يقتصر على حرف "N".




        
          
                
ضغطت عليه حتى تتفحص محتوياته ولكنها صُدمت برمزٍ سري يتوجب عليها كتابته حتى تتمكن من فتحه.
ضيقت عينيها بشكٍ فلماذا يكون على ألبوم صورٍ فوتوغرافية رمزًا سري؟؟ فالهاتف نفسه لا يوجد عليه إي رمزٍ للحماية!!



فكرت لوهلة أن تكون تلك صور خاصة لها ولكن كان يوجد العديد من الصور لها خاصة وكانت متاحة بلا أمانٍ مع بقية الصور، واستغربت كثيرًا من هذا الحرف المريب بالنسبةٍ لها، ظلت تنظر إلى شاشة الهاتف حتى لمحت موضع بصمة الإصبع لها وكان هذا خيارًا بدلًا من خيار الرمز السري.



ابتسمت بانتصارٍ حين فتح بنجاحٍ وكانت الصدمة..
وجدت العديد من الصور والصور ولكن برفقة شابٍ لم تتعرف عليه إطلاقًا، ظلت تشاهد تلك الصور وتقلب بينها وكانت جميعها في أماكنٍ مختلفة وكان يبدو عليها السعادة البالغة استغربتها هي كثيرًا، فمن هذا الشخص؟؟ أيمكن أن يكون زوجها؟؟ لا لا فلو كانت متزوجة فكان سيظهر زوجها الآن، لم تفكر أبدًا أن يكون لها علاقة عاطفية من الأساس، حيث لم ترتدي في يديها أي خاتم زواجٍ أو خطبة، ظلت تفكر كثيرًا في هوية هذا الشخص حتى قابلها مقطع فيديو لهما..



لم تضغط لمشاهدته لكنها تفوهت قائلةً في نفسها :




        
          
                
_مين ده؟؟ لأ لأ، معقولة نكون مرتبطين؟؟ بس إزاي؟؟ طب وإنا هعرف منين دلوقتي؟؟ لأ لأ أكيد مش هتسأليه يعني يا "كنزي" أصل قدر طلع ميعرفش عنه حاجة!



كانت تفكر بعمقٍ في ذلك الموضوع وتخطت ذلك المقطع وتعمقت أكثر في تلك الصور حتى وجدت العديد من لقطات الشاشة لمحادثةٍ بينها وبينه ومن خلال تلك المحادثات العاشقة الممتزجة بالمرح تعرفت على اسمه وبفطنتها الشديدة للغاية علمت لمن ينسب ذلك الحرف، عادت لهذا المقطع مرةً أخرى وضغطت عليه، ثوانٍ وظهرت صورتها وهي تضحك بملء شدقيها وهي تنادي عليه في حماسٍ، وجهت كاميرا الهاتف عليه وكان مظهره لطيفٌ للغاية وهو يشرب أحد المشروبات الغازية وسرعان ما انتبه لها وضحك عاليًا وهو ينظر لها بحبٍّ استشفته هي من نظراته.



انتهى المقطع ووضعت هاتفها جانبًا وشردت مبتسمة بلا وعي قائلةً :



_يا ترى أنت مين يا "نوح" وإيه حكايتك معايا؟



________________________________



_أنا مش فاهمة والله هو أي تناحة وخلاص؟؟



خرجت تلك الجملة من فم "چويرية" بتعجرف عقب عليه "مهند" قائلًا بضيقٍ :



_مالك يا صفرا؟؟ في إيه؟؟ فيها إيه يعني البت تقعد معانا هي قاعدة على نفوخك؟؟ ياستي احنا مبسوطين بيها اطلعي إنتِ منها!




        
          
                
زفرت هي بحنقٍ وتوجهت نحو والدتها تقول باعتراضٍ ظهر على ملامحها :



_لأ والله أنا شايفة مكنش ليه لازمة الفيلم العربي ده ما تروح تنام مع أمها ولا في أي حتة واحنا مالنا؟؟ هم بتوع مشاكل احنا مالنا بمشاكلهم؟؟



لم ترد "أصالة" على حديثها المعتوه هذا وذهبت من أمامها بينما هي كانت تشتعل غضبًا وذهبت إلى غرفة "لميس" التي كانت جالسة على فراشها والحاسوب يقبع على فخذيها تركز به بقوةٍ قطع تركزيها حديث "چويرية" الأحمق :



_هو أنتِ عاجبك اللي بيحصل برّة ده؟؟ أنا بجد مش فاهمة لازم يعني نعمل رز باللبن وجايبين بنتها تقعد معانا، مش فاهمة والله يعني ما تترزع جنب أمها البيئة دي!!



نظرت لها "لميس" بلامبالاة وعقبت على حديثها بعدم اكتراث قائلةً :



_ما تبات يا "چويرية" الناس لبعضها برضو، أمال مفكرة الناس كلها سودة زيك يعني؟؟



دبدبت على أرضية الغرفة بغيظٍ شديد وتركتها ورحلت بينما هي عادت تتابع عملها وترجمة العديد من الملفات المهمة، انتشلها من تركيزها ثانيةً عندما وصلتها رسالة نصية على هاتفها جعلتها تترك كل ما في يدها لتقرأها وكانت تلك الرسالة الماجنة تنص على :




        
          
                
"وحشتيني أوي يا حبيبتي، هستناكِ بكرة في شقة المهندسين، متنسيش.."



أغلقت هي هاتفها وبلا وعي ارتسمت ابتسامة على وجهها وتسارعت نبضات قلبها في حبٍّ ولهفة، لامت نفسها على عبثها هذا وعادت لتكمل عملها مرةً أخرى..



__________________________



_ليه؟؟
 ليه يا "آدم" وصلتنا لكده؟؟



خرجت تلك الكلمات من فاهها بنبرةٍ أعربت عن ألمها وخذلانها، نظر إليها نظرته المعهودة، نظرته التي تحتويها من بطش العالم أجمع، وضع قهوته أعلى السيارة وأخذ منها قهوتها أيضًا ووضعها بجانب خاصته، ظل يتأملها بتلهف ورغمًا عنها تبدلت نظراتها هي إلى اللهفة والشوق، فجأة وبدون مقدمات، اقترب منها وسحبها داخل أحضانه بغتة وكاد يعتصرها داخل ذراعيه من قوة ضمته لها، أما هي لم تعارض تصرفه هذا وكأن عقلها تغيب بل ظلت متمسكةً به وانهمرت دموعها على وجنتيها بقوةٍ تبعها صوت نحيبها، أخرجها هو من أحضانه ثم نظر لها بحنانٍ وظل يكفكف دموعها بأنامله بحبٍّ وتفوه قائلًا بنبرةٍ هامسة :



_متعيطيش، كفاية لحد كده..



جذبها نحو السيارة ثم جلست على مقعدها بجانبه بينما جاء هو بالقهوة واستقل سيارته ثم أمسك بيدها قائلًا بضعفٍ :




        
          
                
_كفاية بجد يا "ندى" أنا عمري ما خونتك ولو حتى بالتفكير، والله كل اللي حصل ده كان لعبة وأنا للأسف مشيت وراها، بس مكنتش شايف حاجة قدامي غيرك وغير إن ممكن تروحي مني.



استعادت وعيها ثم نظرت له بقوةٍ قائلةً بحدة :



_لعبة؟؟ لعبة إيه دي اللي تخليك تعمل فيا حاجة زي دي وأنت عارف إن هي هتوجعني ومش هيبقى سهل عليا اتخطاها؟؟



قرر هو البوح بكل شيء وما إن انتهى لم يلقى منها سوى الصمت والدهشة، لم يأتي بمخيلتها أبدًا أن تكون والدتها التي من المفترض أن تكون أكثر من يحنو عليها تكمن بداخلها لها بكل ذلك الحقد والغيظ، كان تستشف الصدق من حروفه وكانت تشك كثيرًا بأمر والدتها وطريقة حديثها المريبة معها ولكنها لم تتوقع هذا أبدًا..



نظرت له بقوةٍ وتفوهت بنبرةٍ لا تحتمل النقاش :



_ركز معايا وأعمل اللي هقولك عليه..



________________________________



في صيدلية "عين جالوت" :



كان "مروان" جالسًا أمام حاسوبه يسجل الأدوية التي اشتراها حديثًا قطع ذلك دخول "فريدة" إلى تلك الصيدلية قائلةً بهدوءٍ :



_السلام عليكم.



رفع "مروان" نظره عليها قائلًا بعملية :




        
          
                
_وعليكم السلام، اتفضلي محتاجة إيه؟؟



ابتسمت له "فريدة" بحرجٍ قائلةً :



_أنا فريدة بنت "محسن ونيس" معاك في العمارة، أنا سنة تانية صيدلية السنادي، وكنت حابة أنزل اشتغل بجانب الدراسة وهي كده كده مبدأتش يعني وعمو "مدحت" قالي على الصيدلية بتاعتك، ومتقلقش من حاجة أنا شاطرة جدًا وهتابع معاك بسرعة بس كنت عايزة اتعود على المهنة يعني.



ابتسم لها "مروان" وأردف قائلًا ببشاشة :



_معنديش مشكلة تشتغلي معايا إطلاقًا، وهوضحلك النظام هنا ومكان الأدوية بالظبط، أنا عادةً محدش محدش بيشتغل معايا ولو على الشيفتات أنا ببدل مع أخواتي وكده هم برضو عارفين النظام هنا وأنا ببقى متابع معاهم برضو، تحبي تنزلي من أمتى؟؟



فرحت بشدة بسبب قبوله لها بتلك البساطة وردت بحفاوة :



_من دلوقتي لو ينفع.



دعاها للتحرك معه ليعلمها تفاصيل كل شيء هنا حتى لا تتعثر وتظل تبحث عن أي عقار لمدةٍ طويلة، للحق دُهشت هي من نظامه في ترتيب العقاقير وسهولة الوصول لها ولأي تفاصيل تخص أي عقار، اختتم حديثه قائلًا بابتسامة بسيطة :



_بس كده، النظام هنا سهل على كل رف جنبه Notes بكل حاجة تخصه وفي Notes برضو لأي دوا هنا الآثار الجانبية وبيتاخد لإيه بالظبط وكده، ولو احترتي في حاجة أنا ببقى مسجل كل حاجة على اللاب توب.




        
          
                
نظرت له ومدت يدها له قائلةً بحماسٍ :



_تمام، وده سلام أول يوم شغل.



صافحها وهو يضحك بخفوتٍ منها وتفوه يجاريها في حديثها :



_تمام يا دكتورة "فريدة" اتمنى يعجبك الشغل هنا.



ذهبت هي تباشر عملها عندما دخل عدة أشخاص للصيدلية وظل هو يتابعها وارتاح لأسلوبها المهذب والسلس مع الناس ولم تخفق في أي شيء حتى الآن، في أثناء تلك المراقبة الخفية أتى له إتصالًا على الهاتف الخاص بالعمل وهم بالرد بعملية كعادته لكنه وجد صوت فتاة تبادر هي بالحديث قائلةً :



_السلام عليكم، صيدلية عين جالوت معايا؟؟



رد عليها هو بعملية وتهذب :



_أيوة يا فندم، حضرتك محتاجة إيه؟؟



صدمته الأخرى من طلبها قائلًا بتصميمٍ :



_بعد إذنك اديني ست أكلمها.



رد عليها هو متفوهًا باستغرابٍ :



_واقفة مع زبون يا فندم، اتفضلي قوليلي، متقلقيش هقدر أساعدك.



عقبت هي على حديثه ببعضٍ من الضجر قائلةً :



_لأ مش هتعرف.



ازداد استغرابه واستنكاره وتلفظ قائلًا بضيقٍ :




        
          
                
_يا فندم أنا دكتور على فكرة مش بشتغلك!



نطقت هي بطريقةٍ كيدية وسخريةٍ ماكرة قائلةً :



_طب أنا عايزة مانيكير nude أغمق سِنّة من الـ café au lait



صمت يحاول استيعاب ما قالته وسرعان ما صاح قائلًا باستغاثة :



_دكتورة "فريــــدة"!!!



_____________________________



كان "تيام" يستعد للنزول وما إن انتهى من ارتدائه لحذائه صاح قائلًا بنبرةٍ مرحة :



_أنا نازل أجيب أندومي من السوبر ماركت، حد عايز حاجة؟؟



لم يرد عليه أحد فاتجه لفتح الباب لكن باغتته زوجة عمه_الحرباء الكبرى، الثعبان الأقرع بالنسبةِ له_ قائلةً بطيبةٍ مصطنعة :



_معلش يا "تيام" خد "ياسمين" معاك عايزة تشتري هي بنفسها حاجات من السوبر ماركت.



لم يكترث لها لكن ظل منتظر تلك التي تدعى "ياسمين" هذه على مضض وهرولت نحوه قائلةً بابتسامة خجلة :



_أنا خلصت.



أشار لها ناحية المصعد وما إن ولجاه تفوهت "توحيدة" توجه حديثها إلى "أمل" بنبرةٍ ذات مخزى :



_العيال كبرت، دي "ياسمين" دي كل شوية يتقدملها حد وترفضه، خايبة والله، يتقدملها إشي الدكتور، إشي المهندس، إشي الطيار، وهي تقولي عايزة أكمل علامي واتجوز حد بحبه، كتها خيبة بنت الهبلة.




        
          
                
ابتسمت لها "أمل" ابتسامةٍ صفراء واسترسلت مضيفةً :



_ربنا يقدم لها اللي فيه الخير ونصيبها هيجي هيجي.



بادلتها "توحيدة" تلك الابتسامة بإصفرارٍ أكبر ورفعت يديها كعلامةٍ للدعاء وتفوهت قائلةً بنبرةٍ مبطنة :



_يــارب آمـين..



بينما في الأسفل بادرت هي بالحديث قائلةً في محاولةٍ منها في جذب أطراف الحديث معه :



_ألا هو أنت عندك رقم؟؟



نظر لها باستغرابٍ وتفوه كاذبًا بضجرٍ من سؤالها :



_لأ معنديش.



عادت تسأل من جديد وهي تسير معه قائلةً ببلاهة :



_طب عندك واتساب؟؟



نظر لها بعدما ضيق عينيه وتلفظ بسخرية كعادته قائلًا :



_ده على أساس إن الواتس بيتعمل ببطاقة التموين بتاعت أمي يعني؟؟



خجلت هي من صلفه فقد استغربت كثيرًا فهو دائم المرح لم تتوقع هذا منه، التزمت الصمت طوال الطريق بينما في الأعلى كانت "لارا" تنظر لهما وهي تردد مرةً أخرى حديث تلك الفتاة قائلًا بسخريةٍ وتنمر :



_ألا هو أنت عندك رقم؟؟ طب عندك واتساب؟؟؟
إيه يارب الأشكال الملزقة دي على المسا!!




        
          
                
_وأنتِ مالك يابت أنتِ؟؟



ارتعبت هي بشدةٍ عندنا سمعت صوته لكنه يأتي من الأعلى فنظرت فوقها وجدته "تميم" ينظر لها بسخطٍ وهو يرفع أحد حاجبيه فوضعت هي يديها في خصرها قائلةً بضيقٍ :



_أنت اللي مالك بتدخل في كلام الناس اللي بينها وبين نفسها ليه؟؟ ليه تتجسس على الناس؟؟ ها؟؟ جتكم القرف مليتوا البلد.



تركته ودخلت مسرعةً إلى الداخل بينما هو ظل واقفًا بصدمةٍ وشرع في ضرب كفًا بكفٍ وهو يتمتم بالحوقلة..



______________________________



_يعني اللي اللي شوفتها من يومين دي كانت "كنزي" بجد!!



نطق بها "نوح" بصدمةٍ من الذي أخبره به "يونس" و "يوسف" وتفوه الأول مؤكدًا على حديثه قائلًا بهدوءٍ :



_أيوة هي، عرفت ليه عملنا الليلة دي كلها؟؟ علشان لو كانت فضلت عايشة كان زمان رقبتك هتطير أنت وهي بجد، ومكنش ينفع نقول ليك حاجة علشان كنت هتقلب الدنيا عليها، بس للأسف القدر وقعها في طريقنا تاني وحظك إنك تعرف إن هي عايشة.



ظل هو صامتًا يتنفس بقوةٍ وصدره يعلوا ويهبط بإنفعالٍ، تجمعت الدموع في مقلتيه بلهفةٍ وتفوه وهو ينظر لهما بالتناوب :




        
          
                
_يعني هي مش.. مش فاكراني؟؟



أومأ "يونس" برأسه له وقد ظهرت معالم الشفقة عليه من حالة شقيقه تلك ولكن قبل أن يقف "نوح" ليغادر توقف حين سمع صوتها من الخارج، نظر لهما بصدمةٍ وكاد يهرول للخارج لكن أمسكه الاثنان بقوةٍ ليمنعاه حتى يتسمعوا لذلك الحوار الدارج بالخارج..



_مساء الخير، كنت بس عايزة أنشر ومش عارفة علشان غسيل حضرتك بينزل ماية، ومحدش فهمني حوار جدول الغسيل ده بس محتاجة أنشر دلوقتي على ما أفهم الدنيا.



تفحصتها "أمينة" من أعلاها لإسفلها وهي تحاول تذكرها ولكنها فشلت فتفوهت قائلةً بودٍّ كعادتها :



_أكيد يا حبيبتي هدخل ألمه أهو، ألا لامؤخذة في السؤال يعني، أنتِ مين؟؟



ابتلعت "كنزي" لعابها بتوترٍ ولكنها أردفت بثباتٍ فليس هناك ما يستدعي توترها :



_أنا كنزي، أخت المقدم "يحيى" اللي في الدور التامن.



تفهمت "أمينة" وكادت تلج إلى الداخل فزعت عندما وجدت "نوح" يهرول ناحية الباب ومن خلفه "يونس" و "يوسف" يحاولان إمساكه، ارتعبت "كنزي" عندما وجدت من يهرول ناحيتها ولكن غر فاهها عندها رأته...



نطقت ببعض الدهشة والهمس قائلةً :



_"نـ نوح"!!



__________________________


 

        


  • يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent