رواية عودة الوصال الفصل الثلاثون 30 - بقلم سارة ناصر
« يَمُر الوجع وكأنه يشتد وجعاً في كُل مره يمر بها ، تلطخ الفؤاد بالفقدِ وكأنه يعتاد ولا يعتاد على البُعد في نفس ذات الوقت ، ملامح مُرهَقه ، وأنين تعب من القلب يقول : لقد فاض بي ، إلى ذلك وكفى !! »
ثلاثة أيامّ كامله مرت عليهم ، على الجميعّ ، خاصةً هىٰ بهذا الوقت ، وهي تجلس بغرفتها الٱن شاردة الذهن ، فمنذ ٱخر مره تلاقت عيناها مع عينيهِ بالشُرفه وعندما هربت من إجابة أنها تود بالفعل المأذون أم تريد البعد والفراق من الأساس ، منذ وقتها ولا تعلم عنه شئ.، فقد ذهب هو للعمل ولم تذهب هى ، كانت مدة عطلتها منه أكثر منه هو !! ، لا تعلم شئ عنه وعن أخباره ، فقط تخرج من الغرفه بين الوقت والٱخر لهم وتدخل مجدداً لتصبح حبسيه بمفردها ، حبيسة الوجع والألمّ ، حتى أنها لم ترى أي فرد من عائلته سوى شقيقته مره واحده ، وإن سمعت الصوت من أحد منهم لا تخرج !! ، تعمدت أن تقلل خروجها إلى الشرفه ، نهضت ببطئ ثم إنتشلت الزجاجه تتجرع منها بهدوء ، وقد جفت دموع عينيها ، إبتلعت ريقها وهي تنظر على طيفها في المرٱه فقط فردت شعرها وخصلاتها البنيه كما يحب هو !! ، لما تتعمد الوجع لها ؟، ابتسمت بتعبٍ واشتياق ، وفكرة عدم قدوم المأذون إلى الٱن لم تغيب عن بالها قط ، سمعت"نيروز" صوت دقات الباب الهادئه ، لم يسعها الوقت لربط خُصلات شعرها فقد توجهت لتفتح الباب ،. خاصةً أنها تعرف أن "ورده" و"بدر", وصغيرهما ، هبطا في فُسحه صغيره للتخفيف عن "يامن" الذي كان حبيس للمنزل طوال هذه الفتره ولتحسين نفسيته كما هم أيضاً ، فتحت الباب حتى وجدت "سُميه" بملامح وجهها المرهقه والتي هدأت عن قبل بقليلٍ ، ابتسمت لها "نيروز" بتكلفه ثم رددت بإستفهامٍ من كونها واقفه لم تدخل تنظر لها بصمتٍ فقط !! :
_" في إيه يا ماما ، في حاجه حصلت ؟"
بملامح مرهقه مثلها وفم لم يستطع الحديث وجدتها صامته ومن ثم جاء صوته وهو يهتف بإسمها من على بعد ، فتحت عينيها بذهولٍ وقد دق قلبها سريعاً عندما سمعت صوته ، هنا؟ ودخل منزلها بعد تعمد الإثنان بعدم الظهور أمام بعضهما !!
_"دا أنا يا نيروز!"
رفعت رأسها تنظر فوجدته واقف من على بعدٍ منها وقد كان ما يبدو عليه بأنه قادم من الخارج بمثل هذه الملابس التي لاقت للخروج والعمل ليس إلا..، تحركت "سميه" من أمامها وهي تشير لها بالخروج ثم إختفت تدخل غرفتها تتركهما ، ومن ثم خرجت هىٰ بتعلثمٍ حتى أنها لا تعي لخصلاتها المفروده ولا حتى لملابسها المنزليه ، وقفت أمامه بهدوءٍ وقد تحركت أنظارها بمكان ٱخر ، أما هو فنظرة الإشتياق لا تخلو من عينيه التي بدت وكأنه يشبع نفسه من طيفها ، تعمد عدم السؤال ولا الرؤيه لها ، استمر الوجع منه ، حتى أنه في كل ليله يتعمد الضغط على نفسه وتداهمه الذكريات بينهما في كل ركن حتى هاتفه والصور بينهما ! ، رفع "غسان" عينيه نحو خصلات شعرها المفروده ثم رفع يديه بوعى تامٍ وهو يرفع رأسها له حتى سحب يديها يتوجه ناحية شرفة الصاله وهي من خلفه ، وقفت وهو من أمامها والصمت سيدهما وسيد الشرفه ، فـ قطعه هو عندما سألها بإهتمامٍ :
_" إنتِ. كويسه ..؟"
تجمعت الدموع ببنيتها الفاتحه التي ظهر لونها وبشده بنور النهار ، هزت رأسها نفياً ثم غيرت مجرى الحديث سريعاً وهي تقول باندفاع :
_" خير ، مش معقول جاي تطمن عليا بعد ٣ أيام قصدت متشوفنيش ولا أشوفك فيهم !!"
أخرج "غسان" أنفاسه الثقيله ثم ردد يوضح لها :
_" سيبتك فيهم تفكري وسيبت نفسي أفكر ، سيبتك تعرفي إن قرارك مجبش لينا غير التعب وخلاص ، وحتى اللحظه دي لسه سايبك علي راحتك ومش هغصبك على حاجه !"
رفعت أنظارها تطالع عينيه الهادئه الخاليه من. تعابيره تجاهها ، وكانت الإجابه السريعه منها :
_"وفكرت ؟؟"
_"إنتِ فكرتي ؟؟"
_" فكرت إني بتوجع ولسه وحتى إنت كمان ، وفكرت بردو هيكون فيها إيه لو غيرت من نفسك عشاني وعيشنا كويسين وفي هدوء؟، وليه بنعمل فنفسنا كده !!"
واجهته "نيروز" بالصراحة الخاصه بها ، رسم إبتسامه متكمه علي شفتيه من قولها ثم قال يجيبها هو الٱخر بنبره هادئه امتزجت بالسخريه:
_" أغير إيه فنفسي ؟؟ راجل ودمي بيتحرق بسرعه وبخاف علي أمي وأبويا وأخواتي ومراتي ولو حد مس منهم شعره بقوم علي الدنيا بحالها ، تغيري ايه ؟ اصراري إني أسيبك ومتمسكش بيكي ؟؟ ولا تغيري إني محبكيش من الأول ؟ "
لم تجيبه هى وحتى لم يعطيها الفرصه حتى أجاب علي ٱخر جملتها له يُكمل:
_" وليه بنعمل فنفسنا كده ؟!! .. ما كله كان منك ومن قرارك من الأول ، لو مكنتيش اختارتي تسيبيني مكنش حصل كل ده ، ولو مكنتيش قصدتي تدوسي عليا وعلى جرحي قدامهم أكتر من مره مكنش حصل كل ده بردو ، إنتي خربتي حاجات كتير كنت بحاول أنا أصلحها بينَّا ، واحده بتقولي مش عايزاك وكفايه وعاوزه أبعد وانت بتوجعني وقربك بيأذيني وغيره .. المفروض كنت أعمل ايه أو أعمل ايه أصلاً من الأساس ؟؟ أو قوليلي كده لو بدلنا الأماكن في رد الفعل وكنت أنا مكانك وإنتِ مكاني كنت هعمل ايه من وجهة نظرك وإنتِ كنتي هتتصرفي إزاي ؟؟"
واجهها بكل صدق وصراحه ظهرت لها مع نبرته الهادئه ، طالعته بتيهه ثم صمتت للحظاتٍ حتى رددت أخيراً تجيبه بنفس الهدوء:
_" عمري ما هعرف أكون مكانك يا "غسان" ، لا الظروف ولا الطِباع تسمح بكده ،. ورغم كل ده لو كنت أنت مكاني كنت عمرك ما هتسيبني عشان فاهمه كويس إنت متمسك بيا وبتحبني ازاي ، حتى لو بيظهر عكس كده فبعض الأوقات ، بس إنت مبتقدرش خوفي عليك ولا حبي ليك ، وماشي قايم على الكل وعندك استعداد تزعل الدنيا كلها منك قصاد حاجه قد كده ممكن تستاهل وممكن لا ، بتبيع وتتخلى فأوقات مش طالبه كده ، إنت عارف إن ساعات بقيت بخاف منك من كتر ما حسيت إنت قد إيه ملكش عزيز ؟ حازم اللي انقذني من اللي كان هيعمله عمي فيا وجه قالك وحكالك عن كل حاجه ، قدرته ؟؟ لا دا بكل بساطه اسلوبك معاه كان أوحش حاجه ، باباك اللي عرفت إنك مقاطعه هو ومامتك من ساعة ما زعقلك هنا كان ليه تعمل معاهم كده ؟؟ حتى "بدر" اللي خد جنب منك عشان اللي عرفته إنك كنت هتضيع" ٱدم" تحت إيدك ! وحتى" جميله" واللي قالتهولي من كلامك معاها بمنتهي الشر وكأنها هي اللي تهجمت عليا وضربتني مش مرات ابوها اللي محدش بيقبلها أصلاً ، ماشي وجاي تجيب ظالم فمظلوم ،. وعندك حاجات كتير فيك وفـ طباعك كافيه تخلي الواحد يقولك لازم تتغير من نفسك حتى مش عشاني ، عشان لو كنا فضلنا مع بعض كان هيبقي في بيت وأسره ، كنت هكمل ازاي ؟؟ وغير ده كله ، بتدور بكل ضمير علي التعب وتجرجر الشر والأذى لينا مش مجرد ترد حق وخلاص !! ،عاوزني أقولك صح ومعاك حق؟! ، واقولك أنا معاك دايماً حتى لو إنت غلط ؟؟ ، دا حتى كلامك فوقت غضبك كفيل يخلي الواحد يتصدم إنك ازاي بتقول الكلام ده ؟ مش بتراجع نفسك انت بترميلي إيه فوسط الكلام ؟ ، مره ندله وجبانه ومره رخيصه رمتهالي بشكل غير مباشر عشان مش هينفع تقول لمراتك كده ! ومره بياعه ، ومره تانيه عبده عندك !! ، كل كلامك الحلو وتعاملك مش كفايه يخليني أتغاضى عن كل ده ، إنت صعب أوي وكأنك بتتباهى بـ ده والظاهر للناس منك غير الباطن عندك ، أفهم أيه وأقول إيه !!! .."
رمت له الحديث دفعه واحده ، حتى أنه رسم على ملامح وجهه الذهول رغماً عنه ، حرك رأسه بعشوائيه ثم ردد من بين دهشته من كل ذلك:
_" ده إنت شيلالي كتير أوي أوي، ولما أنا وحش اوي كده وفيا عيوب الدنيا مقولتليش أسيبك ليه من أول مره حصل بينا خناق فيها ، أو حتى أول مره بانلك إني بياع ومليش عزيز ..!!، دا انتِ بمنتهى السهوله بتقولي أنا خوفت منك ؟ يعني بعد الحب اللي حبتهولك توقعتي اني ممكن اذيك وثقتك فيا مهزوزه أصلاً ؟؟؟؟"
وكأن فاض بها الكيل هتفت بهجومٍ أشبه بالإنهيار فأول ما ستردفه شئ وٱخره أخر تماماً بان الوجع والتعب وحتى بوادر الآنهيار التي لم تأت لها من قبل سوى مرات محدوده ، هتفت الحديث في بدايته عكس نهايته حينما رددت أخيراً دفعه واحده مما جعله يطالعها بغير تصديق من طريقتها بٱخر ما قالته :
_" مش ثقة مهزوزه ، بس فكرة إنك مبتتهاونش فأي حاجه تعباني ، ده مش جايبلنا غير القلق الدايم وخلاص ، بترتاح إنت امته وانت طبعك كده ؟. دا مش مش أذى وتعب ليك ؟؟ ولا حتى ضغط عليك؟؟ ، أنا وكل ده فالأخر مهمنيش غير الخوف عليك وبس ، أنا مبعرفش أنام يا غسان من وجع قلبي الغير مفهوم ، أسيبك ولا مسيبكش ، يا ترى لو كملنا حياتنا هتبقي ايه ؟؟ التعامل هيبقي ازاي؟؟ حد هيتأذى تاني ولا لأ ، وقبل كل ده مش قادره من غيرك عشان قلبي مش واخد بعد ما عرفك إنه يقعد كده وملوش ونس ، ومحدش غيرك كان الونس ليه، أنا بتوجع بسبب اللي بتعمله عكس إني ممكن اتقهر من غيرك ، لكن منك إنت عمري ما شوفتك عملتلي حاجه صعبه ، إنت الوحيد اللي قبلتني وانت فاهمني مع حبك ليا مش شفقه وتعاطف عشان ده لو كان ظهر مكنتش هقولك "وأنا كمان بحبك"، انا كل شويه قلبي بيدق لما يكون جرس الباب يرن من فكرة إن ممكن تكون فعلاً هتجيب المأذون وخلاص هننهي كل حاجه ، أنا قلبي زعلان من اللي حصل والي بتعمله أوي ، قلبي بيحبك ومعملش كده غير من خوفه عليك، لكن أقسم بالله ما طاوعني اقولك "طلقني يا غسان "مره تانيه بالحرف كده ، ٱنا بحبك حب حسيت أن محدش حبه لحد قبل كده لدرجة إني قولتلك كده نبعد عشان من كتر خوفي عليك مني أنا ، أنا تعبت ، تعبت اوي ومعتش قادره والله ، مبقتش فاهمه ايه اللي بيحصل ، أعمل ايه قولي أعمل ايه ؟؟؟؟؟!"
انهارت كما لم تنهار من قبل ، يقسم هو ٱنه لأول مره ينظر لها كذلك وهي تردف كلماتها. ، رغم ما كانت تفعله ولكنها تلك المره كانت على حافة السقوط للموت مجازياّ ونفسياً وفقط من عزم الآنهيار ،حرك"غسان" رأسه بالنفي بهستيريه ولين قلبه عليها جعل دمعته تسقط وهو يدفعها عنوه ليضمها داخل أحضانه مردداً بخوفٍ وهو يري معالم وجهها مردداً ليجيب على ٱخر حديثها وكأنه يبدي لها حل :
_" متعمليش حاجه ، متعمليش حاجه يا نيروز ، ادخلي فحضني وبس ، آهدي .. إهدي عشان خاطري متعمليش كده فنفسك !!"
قال كلماته بألمٍ ، ونبرته المهزوزه بالخوف عليها كانت صعبه ، ولم يغيب عن باله في هذه اللحظه سوى أنها لم تفعل ذلك الانهيار منذ فتره ، كما قالت له من قبل ذلك أنها تصمت إلى أن تعي ومن ثم تتأخر حالتها من عزم إنهيارها كما حدث لها وقت وفاة والدها !! ، ابتلع ريقه بخوفٍ وقد سمعها تبكي بقوه في أحضانه ربت عليها بكل معاني الكلمه حتى أنه كان يربت بضربٍ. خفيف كي تعي وكي تستفيق من ما هي به ، ولأنها تجد الراحه بين أحضانه شعر لوهله بأنها ستكون بخير لا محال ، شعر بتراخي جسدها قليلاً حتى أنه إنحنى بلهفه يرفع ساقيها على ذراعه ثم توجه بها بسرعه نحو الأريكه المريحه ، لم يكن اغماء ، بل وجع وتعب ، جسدي ونفسي ، وفي تلك اللحظه فالتعب النفسي يغلب وبقوه علي الجسدي حتى أنه هو الذي يسبب هش الجسد وضعف بُنيانه يجعل الفرد نحيل من. عزم إنهاكه ، أستند على ساقيه أمامها وهو يسندها على الأريكة أما هي فـ دموعها الصامته تعبر بعد أن كانت بصوت ، رفع "غسان" أنامله بلهفه وهو يردد لها ويحثها :
_" خلاص إهدي .. اهدي ومتعيطيش ، ارتاحي وخدي نفس ، خدي نفسك يا نيروز .!!"
لا صحة الا لقول "ياسمين" التي قالت بأنها ستتعب بالفعل من هذا القرار لطالما تعلم هي شقيقتها وبقوه ، كل ذلك ولم يكن الصوت مرتفعاً كي يدخل لغرفة "سميه" التي دعت الله بأن يصلح بينهما الأمر !! ، إبتلعت "نيروز" ريقها وبين لحظة والآخر ى تخرج شقهاتها المتقطعه التي تمزقه هو من الداخل ، ولم يفعل هو في كل مره سوى أنه يوبخ نفسه بأنه سبب في إنهاكها كما كانت السبب هي ؟ وما الفائده من ذلك ؟؟ كتب علي عقلهما بالعنادٍ ليوجع كلٍ منهما الٱخر ؟؟ ،. تبدل وضعه سريعاً وهو يجلس بجانبها وهي تسند ثم مد يديه يفتح سحاب سترتها المنزليه الخضراء كي تستطيع التنفس أكثر ، ومن ثم ضمها إلى صدره الذي تعرق بتوترٍ من حالتها الغير معروفه هذه !! ، توجة يقبل وجنتيها بخوفٍ وقد شعر بملوحة دموعها ، إعتدلت ولكنها لم تخرج من ضمه لها حتى أنها حاولت التحدث ونبرتها المتقطعه حاول هو فهمها بصعوبه عندما هتقت هي تقول بتعبٍ :
_" إنت متستاهلنيـ ـش يا غسان والله ما تسـ ـتاهلني ولا أنا أستـ ـاهلك !!"
فهم معني كلماتها حتى أنه شدد من عناقه لها، إبتلع ريقه ثم قال سريعاً :
_" خلاص ، خلاص اسكتي دلوقتي خالص !"
صمتت وحتى بعدها هدأت وسكنت وبعد لحظاتٍ من الصمت ،. إعتدلت تخفي ساقيها التي كشفت ثم حاولت الخروج من بين ذراعيه شدد هو بإحكامٍ فهتف هي بضعف تقول :
_" لو سمحت ابعد!!"
_" مسمحتش !!"
قالها "غسان" ببساطه شديده فخرجت هي عنوه من بين ذراعيه ثم نظرت بعينيها الزائغه قليلاً على وجهه الذي ظهر عليه أثار الدموع ، لم تعى مدي خوفه عليها حتى تيقنت الٱن ، رفعت يديها بترددٍ ثم وجهتها ناحية عينيه ووجنتيه تتلسمها بحنوٍ وهي تمسح أثار دموعه ، وكيف لتلك الفعله لم تؤثر به ، أمسك يديها برقه ثم قبل كفها بحنوٍ ونظراته لها قد وصلت لها. ، سحبت كفها منه فوجدته ينظر إلى وجهها الذي إقترب هو منه ثم أهبط شفتيه يقبل عنقها الذي كان يعلو ويهبط من نبضه ، إبتلعت ريقها وقد همس هو. بجوار أذنها :
_" أنا كُنت جاي عشان أكسر قلبي بإيدي ، كنت جاي أقولك إني كلمت المأذون وهيجي المغرب !!"
فتحت عينيها بذهولٍ ثم وجدته يكمل ما بدأه :
_" بس هحاول أمسح كل اللي إتقال من الوقتي ومن قبل كل ده ، وهدي نفسي فرصه كمان معاكي ونكمل ، أنا مش برمي نفسي عليكي عشان أنا مستني منك يا أه يا لأ !!!!"
رفعت عينيها تطالع عينيه وعين كل منهما تقسم للآخر بأنها لن تستطيع النظر لأخر سوى من اعتادت النظر إليه بإذنٍ من القلب ليس إلا ..، نظر نحو وجنتيها الحمراء ثم همس مره. اخرى أمام وجهها هذه المره بهمسٍ :
_" بيدق جامد ليه ؟"
آبتلعت ريقها وعينيها تحتضن عينيه ثم قالت بشرودٍ :
_" هو إيه ؟"
_"قلبِك "
في كل مره لم تجيبه عن السؤال العبثي ذلك ، ورغم كونه أناني في هذه النقطه ، لانه حاول بأن يشتتها كي تقبله مره ثانيه دون أن يلح هو عليها ؟ كبرياء؟؟ عقله الغير هين جعله يفكر لقلبه الضعيف بأنه لم يتحمل بعدها عنه مهما فعلت هي به ، إعتقد أنه نجح في ذلك ، حتى أنها أجابته ونظرتها لعينيه لم تتحرك :
_" عشان مُهزأ وبيحـبكً ..حتى وإنت بتعمل اللي بتعمله ده ! "
إبتعد "غسان" عنها بتعجبٍ ليخفي إهتزازه وهو ينظر لها في حين وجد هو الذكاء بنظرة عينيها ، وقبل أن يتحدث وجدها تهز رأسها تؤكد له ثم قالت بجمودٍ :
_" إيه ؟ فاكرني غبيه للدرجه دي ؟"
تحركت نظرات "غسان" نحو عينيها وملامح وجهها الهادئه ، ثم قال سريعاً يبرر متظاهراً بعدم الإكتراث :
_" متنسييش اننا كاتبين الكتاب ، يعني أعمل اللي أنا عاوزه ، مشدتكيش غصب أنا وإحنا مثلا مخطوبين عشان أبوسك ، أنا عملت كده وأنا قاعد على الكنبه فصالة بيتكم وأمك جوه كمان، بدل ما اروح فجنب وأقولك عشان محدش يشوفني وعيب وحرام وبتاع ، حلالي يعني بمعني الكلمه !!"
قلب الحديث باحتراف ، حتى أنه غير صلب الموضوع من الأساس ، لن يتركها إلا عندما تشتت ؟؟ يقسم ؟؟ ، عبثي من الدرجه الأولى ،. هزت رأسها نفياً وقد أخفت خجلها ببراعه ثم قالت تظهر له بأنها مهما حدث محافظه تحترم بيتها ووالدتها :
_" لو قلبك جايبك مش هتعملها تاني ، إبعد عني وحاول تبقي عاقل بقا فـ مره يبني ٱدم إنتَ بدل القرف ده .!"
أولها تحدي وٱخرها وهي تدفعه كي تنهض، حاصرها حتى أوقف حركتها ثم قال بنبره هادئه شديده اللين رغم صدق حديثها الذي يعلمه ويعلم إلى مدى كان أناني كي يفعل ليؤثر عليها دون جهد بالأسف :
_" هو حد عاقل يبص لملامحك وميتجننش ؟؟ "
هذه المره وجدت الأسف من طباعه في نظراته ، حتى أنه خالف ما توقعته فقد كانت تعلم بأنه سيتحداها وما أن سيفعلها ستذهب وتتركه ، يعلم عقلها جيداً لهذه الدرجه ؟؟ ، لم يمر الوضع سوى بخبث طفيف من عقله ، ابتلعت ريقها ببطئ ثم هزت نظراتها نحو عينيه وأهدابه الكثيفه حتى أجابته رغماً عنها بتلقائيه شديده :
_" عينك حلوه أوي!!"
ابتسم "غسان" بإتساعٍ في حين توترت هي وهي تعنف نفسها بكيف خرجت بمثل هذه الكلمات بهذا الوقت ؟! ، هز رأسه يؤكد ثم قال بهيامٍ :
_" ما أنا قولتلك إن هي فعلاً حلوه عشان مختارتش تشوف حد غيرك حلو ، يا بنت الأكرمي !!!"
رفعت ذراعيها تحاوط رقبته ثم دخلت بين أحضانه وكأنها تقاوم فعلها ولكنها فعلتها ، وعلى فجأه دفعت نفسها بإرادتها ثم قالت ودموعها على وشك السقوط :
_"غصب عن عين قلبي مش عارفه أبعد عنك !!"
تحرك تلقائياً من. دفعها له حاوط ظهرها بحنوٍ وقد علم إلى مدى يصل تشتتها ، أسند ذقته على كتفها ثم قال بعقلٍ عنوة عن قلبه وما يريد :
_"أسيبلك فرصه ووقت عشان متندميش يا نيروز ؟ .. عشان انا مش عاوز أعاتب ومش عاوز أقول إني جيت علي نفسي عشانك إنتِ. ، مستغرب ازاي اتهاونت بس البصه فوشك كفيله توتر الواحد وترجعه لورا أميال من قرار كان هياخده حتى لو غصب عنه !!"..
قبل كتفها برضا ثم تحرك فإعتدلت هى ببطئ ثم وجهت عينيها بعينيه وهي ترفع يديها تدير وجهه ناحيتها ثم قالت :
_" لسه بتحبني وواثق فيا ؟؟"
_"وثقت فيكي لدرجة إنك لما قولتي نبعد اتصدمت ، أما لسه بحبك فأنا امته بطلت أحبك اصلاً ؟"..
تحركت أنظارها الصامته بعشوائيه ثم وجهتها نحو يديه الخاليه من دبلته ، وحتى سوارها لم يكن موجود بالفعل ، تنفست بعمقٌ من ما فعلته كي يفعل هو ذلك وقبل أن توبخه وجدته يضع يديه بجيب بنطاله ليخرج سوارها ودبلته السوداء ثم قال بتوضيح :
_" قلعتهم من ساعة اللي حصل وعنتهم بس بعد كده لقيت نفسي مش مظبوط وهم مش فإيدي ، خرجت بيهم وقلعتهم قبل ما أرن جرس شقتكم!"
تصنعت عدم الإهتمام ، ثم اعتدلت تسأله بنبره ليست مهتمه ولكنها زائفه :
_" أه ..ومين شافك وإنت لابسهم فالشغل!!"
علم مخزىٰ حديثها حتى أنه رفع عينيه نحو خصلاتها المفروده ثم قال بابتسامه واسعه مما جعلها تشهق بخفوتٍ :
_"مدام إنچي الجامده !!"
_" عرفت انك متتسابش لوحدك إبدأ ، مش عشان حب عشان قليل الأدب ومبترحمش "
_" أقسم بالله ولا إنتِ تتسابي ، عشان خسران اللي يسيب جمال البُني فيكِ ، ويروح لحد تاني !!!"
وجد الإبتسامه اخيراً تزين وجهها ، رفع يديه يزيح خصلاتها خلف أذنها بينما نظرت هي له بهدوء ثم قالت بتوضيح:
_" لو مستني مني جواب فمش هيكون غير لا مش عاوزه مأذون ، بس هستنى منك أنا. آنك تهدى وتفكر كويس وتقدر خوفي عليك ، وأنا قسيت عليك لما قررت أسيبك بس والله غصب عني عشان خايفه عليك ، وخايفه على باباك ومامتك وآخواتك مني !!!"
إبتسم لها "غسان" بإطمئنان ،. ثم رفع عينيه يحتضن عينيها لمدة لحظاتٍ من الصمت ، صمت نظرات متأسفه من كل طرف للٱخر ، وإنتهت بها كما إعتادت عندما توجهت تقبل وجنتيه بإرادتها ، شعر بأنفاسه المريحه تعود بعد الفقد لأيام ، تنفس بـ راحه ثم إعتدل يمرر يديه على خصلات شعرها برفقٍ حتى نبس بنبره هادئه :
_" قومي بقا غيري اللي انتِ لابساه ده قبل ما حد ييجيي ، وإلبسي لبس خروج عشان نخرج!!"
أخرجت أنفاسها وقد تحركت لتنهض تزامناً مع نهوضه هو الأخر ، ابتسمت له وهي تهز رأسها بالإيجاب ، في حين أومأ هو لها بهدوء وهو يبتسم ، وما أن تحركت ثم توجهت ناحية غرفتها ثم أغلقت بابها التي سمعت صوته "سميه" من الداخل ، ابتلع ريقه من كمية ضغط الأحداث عليه ، وقبل أن يتحرك ليخرجّ وجد صوت باب غرفتها يفتح وقد خرجت هىٰ ، توقف ثم التفت فوجدها تتجه نحوه وعلى معالم وجهها الإستفهام ، وجدت الابتسامه تشق وجهه ثم قال :
_" خيرّ يا حماتي!!!"
وجدت السعاده تظهر بنبرته ومع لقبه الذي أردفه بين الكلمات ، توسعت ابتسامتها بغير تصديق فهز هو رأسه يؤكد ثم قال بلين :
_" أيوه كل حاجه بينا بقت تمام ، ادعيلنا بقا ربنا يعديها على خيرّ ، وعلفكره أنا ملغتش أي حاجه كل حاجه فميعادها ، وأكيد شوفتي الخشب اللي جه إمبارح وطلع فوق !!"..
هزت رأسها بنعمٍ وقد تأثرت من سعادته الغير مفهومه ، تقدمت تبتسم بفرحٍ ثم رفعت ذراعيها تحتضنه بعاطفة أمومه وهي تقول :
_" الله يهديكم ويسعدكم ويفرح قلوبكم دايماً يا حبيبي إنت وبنتي!!"
خرج "غسان " من بين ذراعيها وهو يبتسم بهدوءٍ ثم هتف وهو يعتدل بوقفته :
_"مش عايزك تتعبي نفسك بعد الوقتي ، وإطمني ، كل اللي جاي خير وبس بإذن الله .."
هزت"سُميه" رأسها بسعادةٍ ، ثم تنفست بعمقٍ وابتسامتها تتسع وهي تنظر بأثره حين خرج هو من باب الشقه وهو يغلقه خلفه !!
____________________________________________
كيف مرت الثلاث أيام عليهما الإثنان ؟! ..وهما كذلك لا حول لهما ولا قوه ، فراشان مُهملان بجانب بعضهما أحدهما لا يقوى على الحركه والأخر قد تحسن إلى حد ما وهذا هو "شريف" الذي إستند بوجعٍ جسدي على الفراش الذي ظهر عليه الإهمال ، ابتلع ريقه بصعوبه ثم حرك نظراته نحو الباب والغرفه الخاليه لم يكن بها سوى "حسن" المسطح أمامه على فراش ٱخر مستغرق إستغراق تام يجعله لم يستفيق منه الٱن فمنذ ما حدث وهو على هذا الحال حتى أنهما لم يتحدثا ، كل منهم يفتح عينيه بوقت غير الأخر ، ولكن هو ؟. هو الذي نهض رغماً عنه وهو ينظر بإشمئزازٍ للمكان ، قاطع نهوضه البطئ وهو يمسك نصفه العلوي من الجانبين بألمٍ دخول أحد الأطباء عليه ، الذي نظر إليه بصمتٍ ، لم يعيره "شريف" إهتمام بل نهض ببطئ وهو يسمعه يقول بغير إهتمام طبيعي :
_" حمد لله عالسلامه يا أستاذ !!"
رفع "شِريفّ" رأسه يطالعه بغرابه ثم قال بتبجحٍ إستشفه الأخر :
_" أمشي إزاي من المخروبه دي ؟"
عقد" الطبيب" ما بين حاجبيه ثم قال بإستنكارٍ من إسلوبه :
_" إتكلم بشكل أفضل من ده يا أستاذ لأما.."
رفع "شريف" يديه السليمه قليلاً ثم وضعها ليخنق رقبة الٱخر ثم هتف بنفاذ صبر غير عابئ بأنه يعرض نفسه لمسأله قانونيه :
_" إنت هتصاحبني ؟؟. اخلص قول أمشي إزاي وفين حاجتي ولبسي ؟!"
هز له "الطبيب " رأسه بطاعه ثم هتف سريعاً له بخوفٍ ظاهري:
_" مش هتعمل حاجه ، هتروح تمضي على ورقه كده إنك هتمشي بعد ما حالتك بقت كويسه ولبسك موجود وتليفونك وكل حاجه !!"
إيتلع ريقه برهبه ما ان قالها، فأهبط "شريف" يديه من عليه بتقزز ثم إعتدل يستند ببطئ كي يخرج من الغرفه كي يتجه للأسفل وقبل أن يتجه توقف يلتفت ثم وزع نظراته بينه وبين "حسن" النائم ثم قال وهو يشير بإصبعه عليه:
_" إبقوا حللو كده لده قبل ما تمشوه ، أصله مدمن ، وهربان من أهله عشان ميودهوش مصحه ، وهربان من بلاوي تانيه ومتهجم على بنات ناس ، إطلبوا الحكومه ليه ها ؟"
صمت ثم تابع بضحكه متسليه وهو يطالع من أمامه :
_" متنساش أصل يتهجم عليك إنت شخصياً !"
قال ٱخر حديثه بسخريه وهو يطالعه بتسليه ، ومن ثم أوله من شره كي يلهبه عنه ويجلب له المصائب بعيداً عنه كونه يعلم ماذا سيفعل ما أن نهض وقابله ، تحركت عين "الطبيب" نحوه وهو مسطح ، ثم ثبتها على. وجه"شريف" الذي هز له رأسه بتسليه وهو يبتسم بشررٍ ، ومن ثم التفت ببطئ ثم تدوجه للخارج وهو يستند بـ راحه بين لحظه والأخرى ! ولم يأتِ بعقله سوى عدة أفكار شيطانيه كمثل طبيعة أفكاره ، وأولهم ذلك الذي لم يبقى عليه !! شقيقه قبل حدة الشباب ؟!
______________________________________________
خرجَت من المستشفي بعد ظهور نتيجة تحليل الدم وللفرحه الشديده كانت النتيجه توحى بوجود "حَمل" بالفعل !! ، لم يسعها الوقت اليومان الماضيان بسبب وجودها في شقة والدة زوجها وبالأخرى بجانب والدتها كي تهون عليها كونها مريضه ، ابتسمت "ياسمين" بفرحه كبرى ، وهي تقف أمام الطريق لتنتظر مواصله ، تبتسم بين الحين والأخر ببلاهه كونها شارده بكيف ستجمعهم جميعاً كي تخبرهم بمثل ذلك الخبرّ !! ، اهتز هاتفها بيديها ولم يكن الاتصال سوى من "حازم" ، أجابت على الاتصال فوجدت صوته أولاً. بجانب أذنها حتى وصلها قوله :
_« إيه يا حُب العمر ! خلصتي الحاجات اللي بتقولي هتشتريها »
توسعت إبتسامتها ، ثم كبتت ضحكاتها وهي تقول :
_« خلصت ، إنت خلصت شغل ؟؟»
_«خلصت وقاعد فالشقه عند مامتك أهو وعندي ليكي خبر هيفرحك موت!!»
ترقبت ملامحها في حين هتفت بلهفه سريعاً وقد أرسلت له فضولها مع قولها:
_« بتهزر ؟؟ إيه هو ؟»
_«لما تيجي بقا يلا مستنيكي متتأخريش وخلى بالك من نفسك، مش عارف حاجات إيه دي اللي معرفش أجبها معاكي ولا حتى أنزل أنا أجيبها لوحدي »
تعالت ضحكاتها ثم أشارت لسيارة أجرة تزامناً مع قولها وهي تدخل السياره :
_«حاجات وخلاص هو انت عشان جوزي لازم تعرف يعني ، اما إنك غريب أوي يا عم المحامي إنتَ !!»
قهقه "حازم "بحبٌ ثم هتف بلين :
_«المهم يستي ارجعي بالسلامه وبعد كده نبقى نشوف الموضوع ده !!»
أجابته بموافقةٍ هي الأخرى وقد أغلقت الخط تزامناً مع سير السياره بالفعل حيث لديها من الحماس ما يكفي لتخبرهم بما لديها وحماس ٱخر لتعلم ما سر سعادة نبرته وصوت حديث "سميه" العادي بجانبه !!
__________________________________________
أغلق هو الهاتف وهو يجلس ثم حرك رأسه بقلة حيله من عناد "ياسمين" كي تنزل بمفردها تبتاع أشياء لها ، إبتسمت له "سميه" باتساعٍ ثم حركت رأسها بغرابه وهي تردد :
_" مغلباك أنا عارفه !!"
حرك أنظاره ناحية "نيروز" التي جلست تمسك بهاتفها وهي ترتدي ملابس مناسبه للخروج تنتظر قدومه فقط كما قال لها ، تنفس "حازم" بعمقٍ ثم قال بحبٍ ومرحٍ بنفس ذات الوقت :
_" حتى لو بنتك عملت إيه فيا عمري فحياتي ما هلاقي زيها ، رغم إن دماغها ناشفه بس والله قلبها مفيش اطيب ولا احن منه ، وعيب منك يا حماتي والله ما تنصري يستي بنتك عليا شويه ، واقفه معايا كده علطول ده كلام ؟، ما تحضرينا يا روز ولا عشان الدنيا بقت تمام بينك وبين غُس هتكرفيلنا !"
خرجت ضحكات "سُميه" كما كانت "نيروز " تضحك هي الأخرى رغم خجلها ، هتف تبرر سريعاً بمرحٍ وقد تبدلت ملامحها للبهجه بعد أن كانت حزينه وهذا ما لاحظه من يجلسا أمامها :
_" بص يا حازم هي ماما كده دايماً من نحية ياسمين ، بس الغريب بقا إن ياسمين أصلاً عندها حاجه تانيه ، ركنها الجامد حتى هي كانت بتقعد تقول راجلي ، فـ كده كده لو عقلك وزك تيجي نحيتها وتزعلها ساعتها هتشوف سُميه تانيه غير الطيبه دي ، سيبك بقا من اللي بتشوفه ده دا تمويه يعم دي بتحبها هي وورده أكتر مني أصلاً .."
قهقهت "سميه" حتى وضعت يديها على موضع قلبها ثم نظرت نحو "حازم" الذي ضحك هو الٱخر فسمعها تهتف بتبريرٍ :
_" كده يا نيروز ؟ دا حتى انتِ الدلوعه بتاعتي يا بنتي ، الفكره ان ابوكي كان مدلعك أوي ومقرب منك أكتر مني ، فكنت أنا اللي قريبه أكتر من ورده وياسمين رغم إن سالم حبيبي الله يرحمه مفرقش بينكم بس كنت بعرف بردو الواحده ممكن تحس بـ إيه وعقلهم مش هيكون بيستوعب ساعتها انك الصغيره بقا والمدلله وكده ، بس والله كلكم واحد ومعزه واحده ، أنا بحبكم لدرجة ان عارفه كويس كل واحده أنا حاطاها فـ إيد مين ومين اللي هيصون ويحافظ على بناتي ، وياسمين مش بحبها أكتر واحده ولا حاجه ، بس بحس بيها لأنها بتكتم جواها الحلو والوحش وأي حاجه وبتستحمل كتير أوي ، ولا عمرها بتشتكي ألا من الشديد القوي ، وورده كمان غلبانه كل شويه تنغص علي نفسها وحالها المعروف ده ، غاويه تعب زي أمها هي كمان !! ، الله يهديكم والله الله يهديكم!!"
قالت حديثها بحبٍ ، فترحم كل منهم على زوجها الراحل ، وقد إبتسمت "نيروز" بألمٍ والغير معهود أنها هتفت توضح بعدما رأت الدموع بعين والداتها :
_" أقولك على حاجه هتفرحك ؟!، ...تخص حبيبك علي فكره !"
ترقبت ملامحها في حين ابتسم "حازم" بهدوء وقد ظهر التأثر بنظراته عندما هتفت "نيروز" بعمقٍ :
_" حلمت بـ بابا امبارح ، لقيته جاي يحضني وقالي إن كلنا وحشناه أوي أوي ، وقعد يتكلم معايا كده كلام مش مجمعاه بس فاكره إنه قبل ما يمشي طبطب عليا وقالي متزعليش ومتزَعليش مامتك وخلي بالك منها !"
صمتت ثم واصلت بمرحٍ :
_", يعني مهتم بيكي يستي أهو وهو حي وهو ميت ، الله يرحمه !!"
إستشفت "سميه " معنى حلمها وقد نظرت خلسه لـ "حازم " الذي فهم الأمر ، إبتسمت بتأثرٍ وهي تترحم عليه ، ومن ثم سمعت هي صوت جرس الباب ، نهضت هي بحماسٍ قبل أن ينهض "حازم" الذي كبت ضحكاته عليها، فقد فاض الحب منها إلى أن بقى وظهر لمن حولها ؟ ، فتحت الباب سريعاً ومن ثم وجدته ووجدت عائلته بأكملها !! والإبتسامة الواسعه تزين وجههم ، دخل "حامد" يحتضنها بعاطفة أبوه ثم همس بجوار اذنها وهو يقول تزامناً مع ربته على ظهرها :
_" كنت عارف انك عاقله وهتوزني الأمور!"
إبتسمت "نيروز" بسعاده له ومن ثم احتضنت "دلال" التي وجدت نفسها تقول بتلقائيه إمتزجت بالندم والتوضيح :
_" حقك عليا يا بنتي لو كنتي زعلتي مني فـ أي حاجه ، والله غصب عن عيني ، وانتي عارفه الأم قلبها على عيالها !"
حدجها "غسان" بتحذيرٍ من فتح حوار قد تم غلقه ، صمتت سريعاً وهي تدخل ترحب من بالداخل لتجلس ، وقفت "وسام" بهدوءٍ وقبل أن تتحدث لها تحدثت "نيروز" سريعاً كونها تعلم ما تود قوله :
_" أنا عارفه ان كلامك عشان خوفك وحبك لـ غسان مش أكتر ، علفكره انتِ مغلطيش عشان فعلاً مش هلاقي زيه حتي لو بني ٱدم مستفز وقليل الأدب !"
دهش "غسان" رغم جهله بما حدث بين شقيقته وزوجته ، نظر بحنوٍ عليهما وهما يحتضنان بعضهما فرفع ذراعيه على كل منهما أمام الأنظار المحبه ثم هتف بسعاده:
_" انتوا الإتنين مفيش أغلى منكم على قلبي ، وخدي يا وسام حقي حالاً عشان بتقول علي أخوكي قليل الأدب !!"
_" ما إنت فعلاً يا غسان قليل الأدب بس اخويا وبحبه كله على بعضه بقلة أدبه كده !!"
قالتها "وسام" بمرحٍ ثم حركت رأسها صوب "نيروز" الضاحكه وهي تقول :
_" أيوه احنا عيلة مطرقعه ، ربنا يستر علي عيالكم والله !"
قهقه "غسان" ، في حين قد اسندها برفقٍ حتى جاءت "دلال" تأخذها ، بينما وقف "بسام", في الخلف يغلق المكالمه الهاتفيه ثم دخل يبتسم باتساعٍ وهو ينظر لها ثم ردد بمرح خافت :
_" والله أنا مكنتش مصدق نفسي يا مرات أخويا ، ولو زعلك تاني يستي في غيره موجود ورقبته سداده ، حتى نفس الشكل فمش هتتعبي نفسك، قولتي إيه ؟"
قالها بمرحٍ كونه إعتاد عليها ولكن كان صوته خافت هادئ ، ابتسمت له بخجلٍ وقد تحلت بالجرأه وهي توزع نظراتها بينهما ثم قالت :
_" صحيح نفس الشكل ، بس مفيش من غسان تاني !"
هلل "غسان" بسعاده ثم حرك أنظاره نحو شقيقه الذي تبدلت ملامحه وهو يهتف بحرجٍ. :
_" أنا كده اتأكدت إنك مش هتنفعي لحد غير غسان البدري ، دعواتك بقا واحده تبقي كوبي بيست مني كده زيكم !"
خرجت ضحكتها الخفيفه ثم ابتسمت بلباقه وهي تردد :
_" بإذن الله ربنا هيرزقك بحد كويس زيك ، عاوزها بقا مهندسه ولا دكتوره ؟"
عقد "بسام" ما بين حاجبيه بعدما دخل يستند بجانب شقيقه ثم هتف بتساؤل :
_" وده ليه ؟!"
_" عشان يعني أغلب الدكاتره بحسهم ببقي ليهم مواصفات خاصه لا دكتوره لا مهندسه لحاجه كبيره كده تليق بيهم.."
نظر "غسان" عليها بشغفٍ وهي تتحدث وقد تعمد ترك شقيقه يجيب ليري ما يحدث معه ومع عقله خاصةً بعد موضوع "تاج " التي كان لها أثر بحياته ، ترقبت ملامحه وهو يسمعه يبتسم ثم قال بلطفٍ إمتزج بالعقلِ :
_" لا معنديش مواصفات خاصه ، دا أصلاً مفهوم خاطئ شويه باعتبار إن الأغلب ممكن يكون شايف كده، أو الأهالي اللي تقول لا لازم دكتور لدكتوره وبتاع وتقعد تعظم فيهم لحد ما يشوفوا نفسهم ، لكن الحج حامد ومراته الحجه دلال معلمونيش كده ، بالعكس ده أنا شخصيتي بينهم وكاريزمتي كدكتور واقعه فالأرض والله!!"
رفع "غسان" يديه يدفعه بمرحٍ من حديثه ، في حين ضحكت "نيروز " بخفه فأكمل هو :
_" وبالنسبه ليا يعني فأنا مش متشدد انها تكون كده ، أنا عندي تكون مش مكمله تعليم أو تعليمها متوسط بس تكون محترمه وبنت ناس وقلبها نضيف وعارفه ربنا وبتصلي وعارفه إيه الحرام وإيه الحلال ، وبعدين إتجوزوا يلا عشان أنا كبرت فدماغي أخطب عشان عاوز حد يبقى كوبي بيست مني كده وأجرب حلاوة الحاجات دي فالحلاول زيكم !!"
_" عال يـ بيسو ، حالاً نتجوز يعم انت تؤمر !"
قالها "غسان" فنظرت له "نيروز" بتعنيفٍ ثم التفتت تنظر ناحية الأخر وهي تردد بهدوء وبكل تلقائيه :
_" إن شاء الله ؛ هتبقى عال وهنجيب عيال !!"
شهقت سريعاً عندما إستوعبت ما قالته أمامه بعفويتها وإلتقاطها لحديث ليس لها من الأساس ، سمعت صوت ضحكتاهما الإثنان وبقوه ، وقبل أن تخجل برر "غسان" سريعاً وهو يرفع ذراعه عليها بتشجيعٍ ثم قال بفخرٍ :
_" مراتي وحقها تقول اللي تحبه يا دوكّ ، أو اللي أحبه أنا ، المهم إن نجيب عيال فعلاً وتبقي عال لاحسن بقيت على أخرى وربنا !"
توسعت ابتسامة "بسام " في حين رأى ما يكنهما الإثنان لبعضهما من حبٍ ظهر بنظراتهما لبعضهما ، بل وللدهشه اهتمام "غسان" بها هي إلى ذلك الحد وهو الذي لا يتهاون بكرامته!! ، تعجب من تخطيه لكل ذلك ، ولكنه يعلم تمام العلم كيف يصبح الآنسان عندما يقع فؤاده وينتشله الحبيب الآخر!!، لطالما الشخصيتين عكس بعضهما تماماً .. أحدهما يتفهم ولكنه يصمت والأخر هائج رغم فهمه ، ومن ثم يعود الثاني بكل بساطه وبعد ما حدث لها !! تجعل منه طباع أخرى ؟؟ أم أنه معها هي ذلك فقط ؟. لم يتهاون هو معه في ما يخص "تاج" حيث ترك لهما المنزل ! بأي وجه يقارن هو !! ، لم يتوصل إلا لنقطة معينه بحديث الطبيب عن شقيقه ، بأنه يعطي أكثر ما يأخذ وأكثر ما يعطيه رغم طباعه السيئه هو الاحتواء والآهتمام رغم ضغطه ورغم عدد معين من علامات حمراء بشخصيته ليست جيده وليس لكل فتاه بموضع نيروز بأن تتحملها ! لطالما لا يوجد شخص كامل ! ولا يوجد شخص مثالي ؟ لا يوجد بطل إلا فأنظار المُحب وكان هو بطلها هي مهما فعل ورغم المعاناه!!
________________________________________________
قبلّ وقت ليس قليل من الٱن، جلست هي أمامه على الطاوله في أحد المطاعم القريبه من جامعتها ، ورغم طبيعة الحديث بينهم الا انها لم تفتح معه ما عرفته عنه ! وحتى هو لم يفتح ذلك الموضوع معها ! ، ابتسم "عز" لها وهو يتناول ما أمامه من مشروب بارد من عصير المانجو
_"سرحانه فـ ايه كده يا صاحبة الرداء الأبيض اللي زي الملايكه ده !'
إبتسمت بخجلٍ ثم رفعت أنظارها تطالعه وهي تجيب لتشاركه أخر ما عملته بحماسٍ :
_" كنت بفكر إن لما الواحد مثلاً بيدي فرصه لنفسه يحب الحاجه اللي بيعملها ويديها فرصه ببقي ناجح فيهاوهو فخور ! ، كل مره كنت ببقى ثابته فكل درجة امتحان مكنتش بتبقي وحشه بس متوسطه المرادي بعد كلامك ليا امتحنت وجبت درجة كويسه والغريبه إني ذاكرت فالدفاتر اللي جبتهالي وجبت درجه عاليه ، عارف عشان إيه ؟"
_" هموت وأعرف والله العظيم!!"
في كل مره يتحمس بأن تردف هي له الحديث ، ضحكت بخفه ثم أجابته بحبٍ :
_" عشان سمعت كلامك ومخرجتوش من دماغي ،حسيت انك فخور بيا بجد مش كلام واني شايفه نفسي حلوه وناجحه عشان آنت شايفني كده، وعشان ذاكرت بُحب لأول مره ، بعرف بالتدريج إن ربنا عوضني بيك يا عز !!"
إبتسم بتأثرٍ ثم رفع عينيه يعانق عينيها الرقيقه البريئه ، حتى هتف أخيراً بنبره مبهجه يعلن فخره لها :
_" والله العظيم عز فخور بيكي أوي ، لدرجة إني عايز أذاكرلك أنا لو أعرف ، عشان تفضلي منفوقه كده علطول !!"
_" إتفوقت ونجحت بيك حتى لو نجاح صغير ، بس هتكرم وهاخد شهادة تقدير عشان المركز الأول ، ومش عاوزه غيرك يكون موجود معايا فاللحظه دي !"
لم تجد سوى معالم الفرحه والتأثر ، فتعزز هي منه ولم تخجل من كونه لم يكمل دراسته ، ابتسمت ببهجه وهي تهز رأسها له فهتف هو بنبره صادقه :
_" انا كده حاسس إني عز الرجال بجد مش مجرد كلمه بتتقال !! ، هو ينفع أسألك سؤال ؟"
ضحكت بخفه ثم قالت بمرحٍ :
_" أسألتك كترت اوي يا عز"
_" هو لما عمر دياب لما غني جميله كان بيغني ليكي صح ؟"
قلبت عينيها باستهزاء مضحك ثم قالت تجاريه:
_" ليه يعني؟"
_" أصله قال ملامحك جميله وكلك جميله ، ومشوفتش كده خالص غيرك انتِ !!!"
_" بتهزر يا عز انت ثبتني بجد !!! فكرتها هتبقى بايخه والله!!!"
قالتها بتلقائيه، فخرجت ضحكاته وهو يهز رأسه يؤكد ثم ردد من بين ضحكاته :
_" شوفتي بقا ؟ ، وعلفكره عز الرجال لو حلفلك بإيه إنه غلبان وعمره ما ثبت واحده قبل كده هتصدقي؟"
_" من غير حلفان ، مصدقاك ، أصل محدش هيثبت يعني ويستأذن قبل ما يعملها ، واضحه زي الشمس !!"
قهقه "عز" عالياً ثم نظر بفخرٍ زائف:
_" ده احترام وفن مش أي كلام "
نظرت له بهدوءٍ ثم هتفت توضح ما قاله لها وكأنها تستفسر :
_" انتَ فعلاً محترم ، بس ليه بحسك مش كده دايماً ، أنا خوفت منك أوي يوم ما حسن شافنا مع بعض ، انت معملتش حاجه تخوف بس ملامحك وكلامك واسلوبك لما اتغيروا حسسوني انك عندك انفصام كده وعندك جانب من شخصيتك مخفي ومش سهل وكده !!!! "
طالعها باهتمامٍ وقد فهم هو حديثها ، نهض تزامناً مع حديثه وهو يضع الأموال ثم سار بجانبها للخارج مع قوله لها :
_" مش انفصام ، بس عندي حاجه ماشي بيها في حياتي ، بطبيعة شغلي وكده ، عرفت مين جدع ومين أي كلام ، تجربتي في الحياه خلتني مخدش كل حاجه بالدراع عشان ساعات الحق بيضيع ، العقل يغلب كل ده ، وهنا العقل حاجتين آنك تفكر قبل ما تعمل الحاجه وكما تكون عاقل وراسي ومتتقللش من نفسك ، عشان كده مشيت بالأصول وعارف اللي ليا واللي عليا ، وطول ما أنا مشوفتش وحش من اللي قدامي يبقي عمري ما هاجي عليه حتى لو كله بصم بالعشره انه وحش عكس اللي حصل مع حسن عشان انا سمعت بس انه مش كويس معاكي بس مجتش عليه حذرته ، وأنا بسكت بسكت ولو قومت عمري ما بسيب حقي يا جميله ، دا غير إن اللي بيفكرني سهل وبيسوق فيها عز بيعلمه الأدب حلو أوي !! ، مش كل الناس وحشه ولا كلها حلوه ، ونعمة من عند ربنا انك تعرف اللي قدامك ده مايته ايه ، أنا شغلي عايز حد دماغه فايقه وعنده سرعه بديهه كده ومع الاسلوب الحلو عشان مطفش الزبون ونسترزق ونتعرف بالسمعه الحلوه مش بلطجه علطول ولا احترام علطول ، كل واحد ياخد اللي ليه واللي على مقاسه من طريقه وطباع وشخصيه واللي يستحقه "
توقف يأخذ أنفاسه وهو ينظر على الطريق ثم واصل بابتسامه حانيه :
_" ومتخافيش مني ، أنا مش هاجي عليكي أبداً ، دا غير إن البنت والست عندي ليها مكانه غاليه أوي ، عارف قيمتك كويس قبل ما تبقي معايا ، وعندي أخت وعارف ممكن يحصل فيها ايه لو أنا مراعتش ربنا فيكي ، وعندي أم دعوتها ممشياني ومخلية ربنا يزقني برزقهم عشان أعيشهم العيشه المرضية ليهم ، أنا صحيح كبرت على الشقىٰ ويمكن أكون جاهل فشوية حاجات بس عمري ما أجهل إن الست دي الرسول صلى الله عليه وسلم موصينا عليها ، وليها سوره كامله فالقرٱن اسمها سورة النساء ، عاوزه إيه أكتر من دول ؟ دول حاجه تخلي الواحد يخاف ربنا فيكم واللهِ ..!!"
انتهىٰ من حديثه ثم أشار لسيارة أجره يقودها رجل كبير بالسن ، ابتسمت له بحبٍ ثم قالت بهدوء:
_" عز الرجال والله ! "
ضحك بخفه ثم أشار لها بأن تركب وقبل أن تركب نظرت له متحدثه مره أخرى تؤكد :
_" هستناك بكره إنت ومامتك وفرح بقا ، متتأخروش !!"
_" بإذن الله هنجيلكم بكره !!"
أومأت له "جميله " بهدوءٍ ثم تنفست بعمقٍ وهي تدخل السياره تزامناً مع وقوفه وهو يشير لها بالوداع وإبتساكته الواسعه تعرف طريقها معها هىٰ وليس اخرىٰ !!
___________________________________________
أما الٱن.. فأمسكت "ياسمين" الأكياس التي توجد بيديها ومن ثم أعطت بالأخرىٰ الأموال للسائق ، وبعد أن هبطت إعتدلت بوقفتها ومن ثم تفاجأت بـ سيارة أخرىٰ تتوقف بعدما سارت الأخرى. ، إلتفتت تنظر فوجدتها "جميله" التي تهبط ، توسعت إبتسامتها وهي تتوقف ومن ثم وجدت "جميله" تتوجه ناحيتها تقبلها من وجنتيها ثم تساءلت بمرحٍ :
_" كنتي فين كده يا حلوه من غير أخويا !!"
_" إنتي مالك يا بت ، دي أسرار!!"
قالتها "ياسمين" بمرحٍ وهي تدخل المصعد بجانب "جميله" التي ضحكت بخفه ثم سمعت قول "ياسمين" مره أخرى وهي تردف بحماس:
_"عندي ليكم خبر تحفه!!"
ترقبت ملامح "جميله" وقبل أن تتحدث بلهفه وجدت المصعد يفتح وباب شقة "سميه" مفتوح والأصوات تخرج بالضحكات؟؟ ، نظرا الإثنان آلى بعضهما بغرابه ، حتى إتجهها خلف بعضهما يدخلان من باب الشقه المفتوح ، صمت الجميع على فجأه، ولم تتحرك أنظار "ياسمين" إلا على جلوس "غسان" بجانب "نيروز" وهو يضع ذراعه على كتفيها كما يفعل دائماً ، توسعت بسمة "جميله" في حين رددت "ياسمين". بغير تصديق :
_" متهزروش، ده بجد ؟؟"
هلل الجميع من بين الضحكات وكل منهم يهز رأسه بالإيجاب ، فوقف "حازم" يبتسم لها بإتساعٍ وقبل أن يتحرك ناحيتها هتفت هي بحماسٍ :
_" طيب حيث كده بقا وإن الأخبار الحلوه بتيجي ورا بعضها ، فـ أنا عندي ليكم خبر حلو !!"
انتبهت "نيروز" لحماس شقيقتها الغير معهود دائماً ، ثم إعتدلت بجلستها فنظر إليها "غسان" بهدوء ، في حين هتف "حامد" قبل "حازم"
_" إيه هو ؟"
_" يلا بقا يخربيت الفضول!!"
ٱخر جمله هتفت بها "وسام" ، فنظر "بسام" ناحيتهم بإنتظار ، فتحركت "ياسمين" تقف أمام "حازم" ثم أمسكت يديه الإثنان وهي تتنفس بعمقٍ حتى هتفت بنبره مرتفعه بعزم ما لديها من سعاده امتزجت بالحماس القوي:
_" يـــــــا كــــــبــــيــــرّ مـــــــراتــــك ..حَـــــــامِــــل !!!!"
توقفت لحظة "حازم " عند هذه النقطه وهو ينظر بغير تصديق ، إبتلع ريقه بصعوبه فوجد الجميع يضحك بقوه ، ومن ثم تعالت زغروطه من فم "عايده" بفرحٍ شديد وهي تحتضن "سميه" ومن ثم"دلال" حتى نهضن سريعاً يحتضنن"ياسمين " بمباركه ، أدمعت عين "نيروز" وهي تنهض بإندفاع هي الأخرى ، فنهض "غسان" ينظر إلى "بدر" و "حامد" الذين نهضوا هم أيضاً ، ليتوجهون ناحية "حازم" الذي وقف بصدمه ، أول من توجه له كان "غسان" الذي هزه بمرحٍ ثم قال بتهليلٍ :
_" فوق ياض هتبقى أب !!"
حرك "حازم" بدهشه ثم وجد من يأخذه بين أحضانه ، من يوزع الأحضان دائماً "غسان" ، ومن ثم وجد "حامد" يحتضنه بمباركه هو الأخر ثم ربت عليه بتأثرٍ وهو يقول:
_" ربنا يجعل ذريتك صالحه يبني ويبارك فيها ويقوم حب عمرك بألف سلامه هي وحبيب جده اللى جاي إن شاء الله!!"
احتضنه "حازم" هذه المره وقد شعر به شعور بأنه والده حقاً، واحتضنه أيضاً "بدر" و"بسام" بسعاده ، في حين وقفت النساء والفتيات حول "ياسمين" التي حملت "يامن" تقبله بمرحٍ ثم قالت:
_" أنا عايزه ولد حلو كده زي يا يامن يجماعه مليش دعوه "
قبلته بمرحٍ فوجدت من يقف أمامها بتأثرٍ ، فأخذت ورده الصغير لتهبطه أرضاً ثم تفاجئ الجميع بتوجه "ياسمين" لتحتضن "حازم" التي علمت شعوره ، حتى قالت له من بين إحتضناهما :
_" متأكده إنك هتبقي أحسن أب فالدنيا دي يا حازم واللهِ !!!"
نظر الجميع بتأثر وقد كان الحديث حماسي بين كل طرف والأخر ، في حين تأثرت "نيروز " وبشده وقد عادت لتجلس كما كانت، وجدت "غسان " ينظر لها بصمتٍ ،. فابتسمت برقه ثم تساءلت بغرابه :
_" بتبصيلي كده ليه ؟"
_" عاوز أبقى أب أنا كمان !!"
قالها بجديه مضحكه ، فـ قهقهت هىٰ عالياً ، فضحك على ضحكتها ، هزت رأسها بشغفٍ ثم قالت بلين تشاكسه :
_" إن شاء الله هتبقى أكتر أب صايع وقليل الأدب، يارب أول خلفتنا تكون بنت عشان أشوفك كده هتتصرف إزاي لما تجيلك وتقولك إن حد باسها أو قالها كلام زي اللي بتقوله وتعمله ده !!!"
ضحك "غسان" بخفه ثم حرك رأسه بثقه وهو يجيب :
_" ما تبقي بنت يا رزه ، وبعدين مش هستناها تيجي تقولي كده ، هعلمها إزاي تحمي نفسها ، وهجبلها إسورة مطوه زي أمها ، ونبقى تشكيله كده على بعضها إسمها تشكيله غسان البدري ومراته وعياله وإن شاء الله أحفاده كمان !!!!"
ابتسمت "نيروز" على حديثه باستنكارٍ ثم إعتدلت تسأله بجديه :
_" لأ بجد بتحب البنات أكتر ولا الولاد !!!"
_" بحب الستات !!!"
قالها وهو يغمز لها بمشاكسه ، فشهفت هي وهي تكتم ضحكتها فوجدته يتحدث من جديد وهو يقول بعقلٍ :
_" بحب أي حاجه ، وأي حاجه من عند ربنا حلوه ، واللي هيبقي منك إنتِ مش من حد تاني فـ دي تعتبر أحسن حاجه بالنسبالي !!"
_" ثبتني يا بن البدري "
قالتها "نيروز" بخجلٍ فابتسم بثقه ثم وجد "وسام" تنظر إليهم بإستكارٍ ،. فطالعها بغرابة ثم سألها قائلاً :
_"مالك يا بت بتبصيلنا كده ليه ؟"
_" لا أبداً ، الدنيا كانت واقفه بينهم على طلاق لحد من كام ساعه والوقتي بيتفقوا على ولادهم "
ضحك الإثنان بخفه فنهض "غسان" وهو يمسك بكف "نيروز" ثم نظر لها تزامناً مع قوله:
_"يلا يا رزّه "
ابتسمت له ثم سارت من خلفه في حين وقفت مره واحده عندما نظرت نحو "حامد " الذي أردف بمرحٍ :
_"ربنا يهديكم يا مجانين والله ، خلي بالك من بنتي يا جوز بنتي !!"
قالها بلطفٍ ، فابتسم "غسان " كما ضحك الجميع ثم أجابه بسخريه مُحبه:
_" من عنيا يا حمايا !!!"
ضحكت "سميه"بفرحٍ خاصةً عندما تركت "نيروز " يد "غسان " ثم توجهت بعفويه تدخل بين أحضان "حامد" بتأثرٍ ربت عليها بحنوٍ ثم هتف بجانب أذنها بخفوتٍ :
_"بنتي يا نيروز وربنا اللي يعلم ، معزتك عندي زي وسام بالظبط !!!"
نظر الجميع بتأثرٍ ثم تعالت الضحكات عندما فصلهما "غسان" عن بعضهما ثم قال بضجرٍ زائف :
_" ما كفايه يا حامد ، إنتَ ما بتصدق يا أخي !"
_" ما تلم الدور يا عمي صحيح وتروح للحب بتاعك ، ما هي قاعده أهيه!!"
قال"بدر" حديثه بضحكٍ ، فاومأ لهم"حامد" بطاعه، ومن ثم خرجت "نيروز" من الباب مع "غسان"
..
هبطا على السلم معاً ، ولم تكن سوى دقائق بسيطه حتى خرج معها من المبني ثم سار بجانبها على الطريق والاثنان صامتان منذ دقائق ، داعب الهواء خصلاته فرفع يديه يزيحها إلى الخلف ثم قال بصدقٍ يجاريها لتخرج بالحديث له :
_" طول عمري كنت بقول نفسي فـ حد أرتاحله ويرتاحلي ونمشي أطول طريق سوا !!"
حركت "نيروز" رأسها بتأثر من كلماته ، فرددت هي بعد لحظاتٍ. تتحدث بوضوح :
_" إحنا سوا ، بس أنا عارفه إن حتى خطوة تصالحنا جت بطريقه غريبه وعارفه إنك شايل وزعلان مني!! "
أخرج أنفاسه وهو يتنهد ، ثم نظر على استراحه موجوده بكورنيش البحر، جلس بهدوء بعدما أشار لها أن تجلس فجلست تزامناً مع قوله الهادئ الصريح :
_"عارفه المشكله مش فـ إني شايل أو مكسور، المشكله اللي مش عارفها إني معاكي بحس إن طريقتي وطباعي غير ، أول ما تبقي قدامي وانتي بتعيطي ببقى أضعف من الضعف نفسه ، بكابر وأعاني قصادك وكلامي بيخرج من غير وعي بس سببه اني عايز أبعد عن الموضوع الأساسي ، أنا مكنتش بنام ، عقلي دايماً مشغول بيكي وباللحظه اللي بيقعد يتخيل فيها ازاي ممكن أطلقك ، ازاي الواحد يعيش من غير قلبه ؟ ، حتى لو اتكسرت منك فأقسم بالله ما عارف ابعد يا نيروز!!"
أثار حديثه عاطفتها وشفقتها ، مدت يديها تتمسك بكفه ، ثم قالت بنبره مختنقه مما يشعر به ويخفيه، تعبر عن ما فعلته له بأسفها :
_" أنا ٱسفه يا غسان!!"
رسم "غسان"على ملامحه الابتسامه ، ثم إعتدل ينظر بجديه وهو يقول :
_"بصي يا نيروز ، كل حاجه حصلت بينا وبتحصل النصيب بيخليها تكون قدام الكل ، وأنا واحد لو سكت بسكت بس لو اتعصبت بيخرج مني كلام قدام الكل ولناس غاليه على قلبي أنا نفسي بندم عليه ، طبع ومش عارف أغيره ، بس أحسن حاجه نتفق عليها إن مشاكلنا بعد النهارده لازم تكون بينا وبس عارف ان في الأغلب ببقا سبب إنهم يتدخلوا ، بس اللي متعرفهوش واللي عايزك تعمليه بعد كده لما تلاقيني كده سيبيني وامشي وتعاليلي لما أهدى ،لو أنا ممشتش وبعدت أهدى مع نفسي ، طرف تالت بينا بعد النهارده مش هسمح إنه يتدخل ، أنا لما أبويا أتدخل وعمل حاجه حرجتني بعدت ولما أمي إتدخلت تدي حل صعب على قلبي قاطعتها ، لكن الغريب انك عملتي أكتر من كده ومش عارف أخد منك موقف ، بس أنا بحبك وقلبي مهزأ زي قلبك بالظبط ، بس عايز أقولك بعد كده لو قولتليلي أطلقك صدقيني لو كلمة طلاق خرجت منك تاني ساعتها هقولها فلحظتها بدل ما نعيد الوجع اللي عيشته ده !!"
هزت "نيروز" رأسها بتفهمٍ ثم تعمدت قول الأتي بكل جرأه :
_" زي ما بتخرج كلام متعرفوش ، بردو عاوزه أقولك إن كلامك معايا بعد كده لازم يكون أحسن من كده ، إنت هزقتني أوي ، وكمان بتمسك إيدي وبتوجعني !!"
جاب عينه عينيها الحزينه وهي تخرج له ما تهابه منه ، تنهد "غسان " يخرج أنفاسه ولا مفر ولا هروب من الأسف على ذلك:
_" عندك حق فـ دي يا نيروز ، أنا ٱسف ، بس عايزك تعرفي إني مقصدش أمد إيدي عليكي عشان عمري ما هعملها ، أنا أبويا عمره فحياته ما مد إيديه على أمي ولا رباني علي ده ، بس بردو خليكي عارفه إن صوتك العالي ده مش ماشي معايا وإنك تشاوري وبتتكلمي بإيدك كده دي حاجه بتعصبني أكتر !!"
نظرت له بتفهمٍ ثم هزت رأسها قائله بابتسامه واسعه:
_" هحاول أغير من ده يا محترم ، أيوه كده خليك كده !!"
_" انا ؟! ، طب ما تيجي !"
شهقت هي تعنفه ثم ضحكت وهي تعيد كلماتها كالعاده:
_" بردو يا قليل الأدب ؟؟؟ "
قهقه "غسان" عالياً ثم هز رأسه يؤكد ثم قال بمرح:
_" عال أوي كده ، إرجع للأصل يعم رزّه !!"
_" الأصل مش أصل من غير غسان ، غير كده كله أي كلام !!!!"
وكأنها تعيد عبثه معها بعبثها هي معه ، نظر لها بحبٍ وقد صمت وكأنه يشبع نظراته منها بعد أن غاب عنها لأيامٍ ، كما عنفها قلبها من فراقه عنفه قلبه هو إتجاهها أضعاف مضعفه !! ، كيف يصمت وهو البارع في خلق الحديث بينهما من الأساس .؟؟ أم أن الغصه المريره التي توجد بقلبه تحثه على التفكير بما لديها وما يخصها ، بوادر انهيارها معه عند المواجهه دبت به القلق !! ، لذا بعد صمت دام وهي تنظر على الأمواج البعيده عنها متنفسه بعمقٍ شاردة الذهن ، هتف هو يقول على فجأه :
_" لازم تكملي وتنتظمي عند الدكتور النفسي ده يا نيروز!!"
خفق قلبها وقد تعجبت من قوله المفاجئ ، لذا إلتفتت تطالعه فحرك نظراته في ركن ٱخر غير عينيها ، ثم سمعها تقول بتلقائيه تلومه :
_" فكرتني مجنونه زيهم صح ؟؟؟؟"
فتح"غسان" عينيه سريعاً على وسعها ثم نظر لها وهو ينفي برأسه سريعاً حتى إحتضن كفه كفها وهو يبرر :
_" مستحيل أفكر فيكي كده أبداً ، إنتِ مش مجنونه والله ، بس أنا اللي بخاف!!!"
يعترف لها بخوفه ؟ تساءلت بعينيها ، فرد على سؤالها بلين :
_" بخاف عليكي ! يمكن خوفي عليكي هو اللي رجعنا لبعض النهارده وفوقني إني مش قد البعد ، نيروز. إنتِ كان هيجيلك إنهيار عصبي !!"
سلب أنفاسها وأعادها لها بلحظه ، يبرع في إعطاء الأمان واللين، ابتلعت ريقها ثم هزت رأسها تقول:
_" ومحصلش يا غسان عارف ليه ؟..عشان إنت جنبي ، أنا مبيحصلش معايا كده دايماً ومش بيمر عليا صعب غير فـ بُعدك ، فَـ متخافش!!"
صمت عن الحديث كونه لا يعلم ماذا يجيب، بل والثقل الذي يوجد على قلبه إلى الأن لم يزول سوى بقليل.. بقربها منه! ، أما مظهرها وهي على وشك الإنهيار وحتى عدم علمها بمرض والدتها يوتره هو شخصياً من الداخل كما يحاول جاهدًا بأن يخفي ذلك أمامها .!!
______________________________________________
وضع المفتاح بـ باب الشقه وهو يتألم من وجع جسده عليه، وبالطريقه فعلها ببطئ حتى فتحه ثم دخل وهو يغلقه خلفه كما كان ، توجه "شريف" بألمٍ يجلس على أول مقعد كان بالصاله، غير مهتماً لوجودها بالداخل ، بل وهي التي ركضت من داخل غرفتها للخارج كي ترى ، وللمفاجأه توقفت "فريده" عندما وجدته يستند بضعفٍ على المقعد ، وأنفاسه تعلو من وجعه ، رفع عينيه يقابل عينيها وجسدها وهي واقفه ، أما هي فنظرت بإشمئزاز ثم بصقت على الأرض ،. فإبتسم هو بإستفزاز ثم قال يقاطع سيرها للداخل مره أخرى :
_" شمتانه فيا ولا ايه ؟!"
في تلك اللحظه وقفت "فريده" تنظر بتقزز عليه ثم هزت رأسها بجرأه حتى خرج حديثها لتجيبه بإندفاعٍ رغم إنكسارها :
_" أياً كان اللي عمل فيكّ كده فـ تسلم إيده ، وربنا يسامحه عشان منهاش حياة واحد قذر زيك تحت إيده .. !!!"
تحامل "شريف" على نفسه ثم نهض ببطئ من على المقعد وهو يقف على بُعد قليل منها حتى أخرج أنفاسه ثم أردف بهدوءٍ أمام أنظارها :
_"عارفه يا فريده ؟؟ مش هاخد حقي منك ، هوجعك تاني!!"
فتحت عينيها بصدمه وقد دب الخوف من ما جاء بعقلها ، فوجدته يهز رأسه نفياً وهو يبتسم بشر ثم قال ينفي ما تفكر به يُمحي رهبتها :
_" لا دماغك راحت فين ، ما قولتلك خلاص كارتك اتحرق !، أنا هوجعك بس مش فيكي ، فأختك والنهارده !!!!"
تشنجت ملامحها وعنفتها نفسها للوقوف له والدفاع عن من تخلت عنهم في يوم ، أثار غيظها حديثه حتى أنها هتفت تشير بنبره مرتفعه سريعاً:
_" لـــو فكرت تقـرب من "جميلـه" ، هقتلــــكّ!!!!"
ضغط "شريف" على فكه وأسنانه وعلى فجأه رفع يديه وهو يقترب ثم أمسك خصلاتها من بين يديه وهو يردد بإنفعالٍ لها :
_" هتشوفي بعينك أختك وهي جايه هنا ، وهتشوفي القذر هيعمل فيها إيه ، أختك دي هيتضرب بيها عصفورين بحجر واحد ويا أنا يا هما "
ترك خُصلاتها بعدما تأوت ثم رد لها فعلتها وهو يبصق عليها ، أمسكت رأسها بضعفٍ ، فتحدث هو من جديد وهو ينظر عليها :
_" مش خسـاره الجمال ده كله يضيع هدر ؟؟ ، أنا صريح أوي يا" فريده "بس بقولك إني مشوفتش واحده فـ جمالك ، ومش ندمان على اللي عملته فيكي ، عارفه لو مكنش بيني وبينك أبوكي كنت إديتك فرصه ومضيعتكيش من إيدي أبداً !!!!"
دفعته "فريده" بذراعها وهي تصرخ به بقوه حتى رجع للخلف من دفعها له:
_" مـــحدش هيـــقبـــل بني ٱدم زباله زيك كده ، إنتَ فاكر نفســك إيه يا قذر إنت؟؟!!"
رجع إلى الخلف رغماً عنه حتى توقف رغم ألمه ثم إعتدل بوقفته وهو يردد بنبره هادئه شديدة الهدوء :
_" عندك حق ، أنا قذر فعلاً ووحش كمان ، وعمري ما قبلت نفسي ولا شكلي ، عشان شبهه ، شبه أبويا ، لكن إنتِ ..إنتِ فريده من نوعك بس كان لازم تتكسري حتى لو مش شبه أبوكي العويل ، أنا ملقتش قبول من حد غير منك ، أنا بكره كل اللي حواليا ، وبكرهك عمري ما حبيتك يافريده، عمري ما حبيت ولا قبلت حد من ساعة ما بقيت غريب ولوحدي ، بكره إخواتي وأمهم وكل شويه بقعد أتخيل ازاي ممكن أوجعهم وأكسرهم زي ما أنا إتكسرت ، بس بردو مبيتكسروش ، عارفه ليه؟؟"
قال "شريف" حديثه بوجعٍ من بين دموعه التي هبطت وبالأخرى دموعها أيضاً أكمل حديثه بضعفٍ رغم عدم جوابها :
_" عشان اللي ببقى معاه أمه وأبوه عمره ما بيتكسر أبدأ ، وأنا اللي إتكسرت وأبويا سابني وأختي سابتني وأمي سابنتي ،. وكل اللي حواليا إتخلو عني ، بقيت بكره الناس، لدرجة إن لو لقيت ملامح شبه ملامح ناس بكرهها بكرهه هو كمان ، الغريب إنك مش شبه حد ،. شبه نفسك، وقبلتيني وحبتيني وحسستيني بقيمتي بس معرفتش أحبك عشان مينفعش !!!"
_" إنــــت مريــض ، مريـــض وفيك كل العبر الزباله !!!"
ضحك بعلو صوته من بين دموعه بل وضحكاته كانت بهيستيريه ، هز رأسه لها يؤيد ما قالته ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله تزامناً مع قوله:
_" هوريــكي المــريض ده هيعمــل إيـــه ، أقسم بدين الله ما هسيب ولا واحد فيكم يتهني بحياته!!!"
إبتلعت "فريده" ريقها من نبرته ثم وجدته يطالعها بشرٍ ، وهو يطلب أحد الأرقام ، تصنمت مكانها ، بينما ضحك هو بإنتصار عندما وجد الإجابه من الرقم الذي طلبه ، ولم تسمع منه سوى ترحيبه بإسم مجهول بالنسبه لها :
_" أهلاً بـ خالد !! "
لم تفهم شئ هي ولكنها فتحت عينيها بصدمه عندما أبعد الهاتف عن وجهه بشر ثم قال بهمس لها من علي بعد وصل إلى مسامعها :
_" خالد ده اللي هيجيب رِجلّ أختك لحد هنا يا فوفّه !!!!!"
وكأنه وضع عليها دلو من. الماء البارد والساخن بنفس ذات الوقت، صدق حديثه ؟! ، تدور بها الدنيا وقد تنفي برأسها بهستيريه ولم تسعفها ساقيها على التوجه نحوه لتخرج شرها بل كُتم بداخلها وعقلها مشتت تائه بحقيقه أنه جاد وسيجلب شقيقتها وسيفعل بها ما فعله معها ؟؟!!!!" ، لا تعلم كيف أصبحت بداخل الغرفه من خلفها حتى هو دفعها بهدوء من بين صدمتها ثم أغلق عليها الغرفه من الخارج تزامناً مع إكماله الحديث بالهاتف كي يتفق علي هلاك فتاةٍ اخرى ؟؟!!!
__________________________________________
نِصف ساعه كامله مرت على الأحداث التي حدثت ، وأما هىٰ فخرجت من غرفة والدتها الٱن ثم توجهت لتدخل غرفتها ، متناسيه ما ينتظرها حقاً !! ، وقفت تنظر بحزنٍ على الكُتب الموجوده على المكتب ، فمنذ أن أتت المنزل وهي على ذلك الحال ، تركها لسنه دراسيه مهمه مثل ما فعلت هي يؤثر بها بشده ، خاصةً ان الوقت ليس كفيل لجمع كل ما تخطته رغماً عنها ..، وأنها المتفوقه الحاصله على ما تريده بإرداتها لطالما كان حلمها التي كانت تريد الوصول له ، سيسعها الوقت لاعاده كل ذلك ؟! ، وكآنها تحمل أثقال وأعباء ، ومهما حدث فذلك يكفي مقابل صحة والدتها التي كان إحتمالها ليس كبير بأن تكون بخير وتعود سالمه مره أخرى خاليه من أي مرض خبيث كان بجسدها !! ، عانت وعاشت فكره معها وتأثرت ..، وحتى هى بحالتها النفسيه كفيله تأخذ عطلات كثيره كي تستجمع نفسها فداخلها غير خارجها من الأساس !! ، جلست على الفراش وهي تبتسم بقلة حيله فمهما كان كل ذلك مكتوباً. ومدوناً باذن من الله ، وما بيديها حيله ! ، ترضى حتى شفاء والدتها ؟ ترضى كون شقيقها يكافح من أجلهما ؟، أخرجت أنفاسها وقد إنتبهت لشاشة الهاتف التي ظهر ضوء شاشتها دون صوت ، فذلك الهاتف الذي كسر من شاشته جانب عندما قذفته ، ذلك الهاتف الذي جلبه "خالد" معها ومنذ أن واجهها شقيقها من أين أتت به برعت بكذبتها وأنقذها من سؤاله لها مره أخرى كم الأحداث التي حدثت لهم !! حتى أنها لم تستعمله سوى للساعه وسماع صوت القرٱن الذي كان يتحدث به "بسام" غير ذلك لا يوجد ، إنتشلته بإيدي مرتعشة فمن سيدق عليها سواه ، ماذا ستفعل حتى وإن هددته وحتى اختفائه كان قد جعلها تعتقد بأنها عقبه لم تأتي بعد ذلك ، تبدلت ملامح وجهها للرهبه وحتى تهديداتها له بأنها لم تجيب عليه عند الرد تتبخر كونها تهاب الأن تهديداته بصورها وتركيبها على أخرى مُخله بأحد مواقعه المقززه !! ، ستفعلها وتجيب رغم عدم تسجيل الرقم إلا أنها تعلم جيداً من يكون ..
_" ألـ ـو!!!"
أجابت "فرح" على الإتصال بنبرتها المهزوزه ، وثوان وأتاها صوت ضحكته السمجه حتى أجاب عليها بقوله المهدد:
_" وحشتيني بجد يا دكتوره فروحه ، لتكوني نسيتيني ؟"
تشنج وجهها بالخوف والإستهزاء حتى حاولت أن تكون جريئه بردها وهي تقول:
_" عاوز إيه مني يا خالد!!!"
_"كل خير يا فرح !!"
صمت يفتك بأعصابها كالعاده حتى سمع صوت أنفاسها فواصل يكمل بتوضيحٍ صريح مره واحده :
_"أولهم تقومي حالاً وتتصرفي تكلمي جميله تقوليلها إنك عاوزاه تقابليها برا البيت فاللوكيشن اللي هبعتهولك دلوقتي !!"
فتحت عينيها بصدمه وذهول ثم رددت سريعاً برفضٍ قاطع:
_" إنت بتقول إيه؟؟؟؟؟ مستحيل أعمل كده ؟؟؟ دي صاحبتي وخطيبة أخويا انت مجنون..معتش ينفع !!!"
سمعته وهو يخرج أنفاسه بنفاذ صبر ثم هتف لها بإنفعالٍ وتوعد:
_" بقولك ايه يا بت إنتِ ، أنا خلقي ضيق ، ولو معملتيش كده إنت عارفه صورك هتبقي على إيه وفين وهسيطك سيط محدش شافه قبل كل ده ، والأوامر كده ، ولما تروحي تقفي فالمكان هناك هتعرفي مين اللي عاوز ده من الأول خالص ، يعني أنا مش خسران لما تقعدي ومتنفذيش ، لأن في غيري في إيده يجيبك إنتي شخصياً تحت رجله!!!"
دقات قلبها التي تتسارع بشده ،. وصلت إلي مسامعه ؟؟ ، سمعته يردد مره أخرى بغضبٍ قصد أن يفعله لتخاف :
_" ساعه بالكتير وتتصرفي تكوني فالمكان اللي هبتهولك دلوقتي، سلام!!!!"
صوت إغلاق الخط منه كان الجواب لها وله، نظرت بضياع وقد استشفت مدي صدق شره بقوه ومن يفرض عليه الزعامة ؟. لا تعلم بأنه شقيقها ، إبتلعت ريقها وعجزت عن هبوط الدموع لديها. تمسكت بالهاتف وقد رأت من أمامها الموقع الذي أرسله لها ، قريب إذن ؟. ، ستتخلىٰ عن صديقتها أم عن نفسها ؟؟ واين عز الآن ؟؟ ووالدتها مستغرقه بالنوم تريح جسدها ، نظرت بضياعٌ والحقيقه القاسيه هي أنها ستفعل ما لا تحمل عقباه وما لا تتوقع نتيجته ،. لم تتخلى عن نفسها ، بل نهضت رغماً عنها ومحاوله الصمود ، وعقلها يصرخ بـ لا وألف لا !! ، ولكنها فعلتها رغماً عنها رغم قدوم المصائب على فجأه إلا أنها تعلم منذ أن دخلت بهذه الحلقه أن الشر قادم لا محال وأن غباؤها وضعف شخصيتها موجود بالفعل لطالما لم تتقبل طوال الفتره الماضيه علاجها النفسي ؟؟ تنتظر بأن تفعل شئ للتعالج ؟. ، مختله بعقلها لا تعلم هي مدي الغعله التي ستفعلها رغماً عنها ، ابتلعت ريقها وقد هبطت دموعها أخيراً وهي تدير حجابها على رقبتها بغير اهتمام ، ثم دست الهاتف بجيبها ، حتى خرجت من الغرفه على أطرافها دون أن يعلم أحد بأنها ستخرج بالفعل !!!! ، فعلتها ؟؟؟ رغماً عنها ؟؟ بتلك السهوله ؟؟ من الأساس وضح لمن حولها بأنها أضعف ما يكون.!، من ينظر على الدموع وما تذهب هي لفعله دون أن تعلم ماذا سيفعل بها هذان الشيطانان ، سيقول بأنها وقعت ولا وقوع بحفره عميقه كمثل وقوعها بخيبتها الٱن !!!!..
_____________________________________________
_"حلوه الخروجه اللي من غير عربيه يا غُس !!"
قالتها "نيروز" وهي تسير بجانبه ، فالتفت"غسان" برأسه يضحك بخفه على قولها ثم قال هو الأخر :
_" العربيه أصلاً بايظه بقالها شويه وكنت باخد عربية شادي لما كنت بروح مكان!!"
إنتبهت على قوله فحركت عينيها تتساءل بغرابه:
_" صحيح هو فين شادي اللي مبوظك مش ظاهر يعني؟!!"
خرجت ضحكاته ثم حرك عينيه نحو عينيها وهو. يقول :
_" مشى من إمبارح وهيجي تاني ، وبعدين أقولك ع السر بقا ؟"
عقدت "نيروز" ما بين حاجبيها بتعجبٍ ثم تساءلت بإستفهامٍ :
_" سر ايه!!"
وقفت "نيروز" أمام المبني ، تزامناً مع وقوفه هو الٱخر وهو يردد بمرحٍ صادق:
_" أنا اللي مبوظ شادي مش شادي اللي مبوظني ، بس مدام حامد مفكر العكس فـ عال أوي كده دا اللي إحنا عايزينه !!!"
خرجت ضحكاتها العاليه ثم قالت بثقه وهي تحرك عينيها بإستنكارٍ مع ضحكتها الخفيفه :
_" حسيت علفكرة "
دقق"غسان " النظر بملامح وجهها وهو يبتسم بشغفٍ مد يديه يمسك يديها ثم قال بهيامٍ وعينيه عالقه بعينيها :
_" حاسس إن روحي رجعتلي من. تاني النهارده!!"
نظرت له "نيروز" بحبٍ وقد تعمدت ممارسة الشغب حينما رددت وهي ترسم الإستنكار:
_" يا جدع ؟؟ ده أنا قولت إنت مبسوط من غيري ومبقتش عايزني!!"
قالتها لتخرج ما به من عبث ، أما "غسان" فابتسم بهدوء وقرر بخروج صدق نبرته حينما قال لها وهو يجيب على حديثها:
_" ياريت أقدر من غيرك ، مكنش فاتي تعبت من فكرة أسيبك ولا مسيبكش ، أنا لما لقيتك مختفيه كنت كل شويه أطلع البلكونه أسقي زرعك اللي من نحيتي وكأنه هو حلقة الوصل بينا ، أنا للأسف عندي وسواس بالتفكير فيكي ، لحد عقلي اللي مكنش شويه غير لما عرفت من وسام إنك روحتي فكيتي دراعك وغيرتي على الجرح وبقا ينفع يتساب عادي ويتحرك ، حتى كنت بفتح اليومين دول الواتساب والفيسبوك أشوفك منزله بوستات واستوري عن البعد والفراق والبتاع ، ملقتش حاجه بس لقيتك أونلاين فرجعت لورا تاني ، مكنتش هطلقك يا نيروز بس كنت مستني وأنا مش عارف إيه هيحصل !!"
نظرت له بتأثرٍ وقد شعرت بما سيفعله عندما كان ينظر على وجهها بشغفٍ تركت يديه سريعاً ثم سارت تتخطاه كي تدخل من المدخل بعد قولها العفوي الخافت :
_" احنا فالشارع يا مجنون يا قليل الادب إنتَ !!"
قهقه "غسان" عالياً من عفويتها وهروبها من ما كان سيفعله بل كان سيتوجه ليقبلها من وجنتيها ، ضحك بخفه ثم دخل من خلفها وهو يردد بمرحٍ :
_" وفيها إيه يعني مراتي وببوسها حد ليه عندي حاجه ؟؟؟"
سارت من قبله ولم يجد الجواب منها بل رأي ذلك الرجل الذي يجلس "سلطان " البواب ، الذي لم يظهر كثيرًا حيث لديه حجره فالأسفل تتطل على الخارج ، أما هو فقد سمع قوله الصريح حتى ضحك بخفه وهو يهز رأسه بالنفي له :
_" حقك يا بن حامد ، بس فـ بيتك مش فالشارع!!"
_" عال وعالمظبوط يا سلطانيه!!"
قالها "غسان" بمشاكسه وهو يغمز له ، ثم دخل عقب قوله فوجدها تنتظر أمام المصعد وجنتيها شديدة الإحمرار ، إنحني يهمس بجانب أذنها قائلاً غير عابئاً بأنهما ليس بمفردها :
_" يا حلاوة القلب لما يدق..يدق !!!"
خرجت "جميله" من المصعد على ذلك الوضع حتى أنها نظرت بذهولٍ وهي ترمش بأهدابها ، تحركت "نيروز" ما أن اعتدل وتحرك هو ، فوجدت سؤال "جميله" التلقائي :
_" بتعملي إيه ؟"
تعلثمت "نيروز" بنظراتها حتى أجابت أولاً قبل أن يجيب هو ، فخرج منها الحديث بتلعثم وهي توضح :
_" كان ..كان بيقولي حاجه فوداني والله عشان محدش يسمع !!!"
هذه هي الحقيقه بالفعل! ، تحركت أنظار "جميله" بينهما ، خاصةً نحو "غسان" الذي كتم ضحكاته ، فتساءلت "نيروز" من جديد:
_" راحه فين دلوقتي ؟"
رسمت "جميله" على ملامح وجهها الابتسامه ثم اعتدلت تمسك حقيبتها وهي تقول :
_" رايحه مشوار كده ، واحده صحبتي عاوزاني وهاجي علطول ، محتاجه حاجه!!!"
قصدت بأن تخفي لهفتها حيث لم تتعمد قول إسم "فرح " التي حدثتها كي تهبط لها بمكان معين بلهفه لحل مشكله مجهوله لا تعلمها !! ، هزت "نيروز" رأسها بالنفي ، حتى كادت أن تتحرك "جميله " فهتف "غسان" بغرابه :
_" حد جاي معاكي ؟"
تنحنحت بحرجٍ ثم هزت رأسها بالنفي ، وقبل أن يتحدث هتفت هي بابتسامه صغيره:
_" مع السلامه!!"
دخلا الإثنان المصعد بعد أن رحلت هي ، فحركت "نيروز" رأسها تجاه "غسان" الذي طالعها بتسليه ولم يأخذ منها سوى جمله هتفتها هي بضيقٍ منه :
_" عقلك تعبان ومش فيك والله ، نفسي تعقل شويه !!"
_" وربنا لو عقلت. ما هتلاقي غسان اللي بتحبيه !!"
قالها "غسان". بضحكٍ فضحكت هي بقلة حيله تزامناً مع فتح المصعد حتى خرج الإثنان معاً ، توجهت "نيروز" ناحية باب شقتها في حين توجه "غسان" معها ، دقت هىٰ الباب حتى فتحت لها "ورده" التي إبتسمت لهما بلطفٍ ، دخلت معه تجلس بالداخل بينما توجهت "ورده" نحو "سميه" بالداخل تعلمها بقدوم "غسان" و"نيروز" ، جلس "غسان" وهو منشعل بإمساكسه للهاتف وقد لاحظ هو رحيل عائلته إلى شقتهم ، وحتى "بدر" لم يكن موجود بالفعل ..
_" ما تركز معايا يا غسان بقولك جهازي هيطلع بكره ، إنت سامعني؟!!"
هز رأسه فقط يجاريها بالحديث وهو يتفحص أحد الصور على الهاتف ، فإنتشلت منه الهاتف ثم كادت أن تقذفه بغيظٍ ، فأمسك يديها سريعاً وهو يهتف بذهول:
_" يبنت المجنونه ، دا أيفون !!!"
رسمت "نيروزّ" على ملامح وجهها الغيط ثم رددت بحنقٍ تعنفه:
_" طب بص بقا ، احنا داخلين علي جواز وهنبقي فوش بعض علطول ، عارف لو فـ مره جيت أكلمك بحماس وتقوم قاتلهولي بالطريقه دي هعمل فيك إيه ؟."
إبتسم "غسان" ببرودٍ ثم قال يستجوبها بإسلوبه المستفز :
_" هتعملى إيه يا رزّه ؟!"
_" هشوحلك تليفونك ده من الدور السابع اللي هنسكن فيه يا غُس !!"
قالتها وهي تقلده بنبرتها البارده، مد يده ينتشل الهاتف من بين يديها ثم أشار لها بغير إهتمام قائلاً بخفوتٍ كي لا يصل إلى مسامعها :
_" وربنا تبقي تاني يوم عند أمك فيها !!!!"
همهمت وهي ترفع حاجبها بشراسه من انخفاض صوته ثم قالت :
_" بتقول إيه يا حبيبي سمعني كده !!"
ترك هاتفه بعدما أغلقه ثم التفت بوجهه يبتسم لها بتوضيحٍ وهو يقول:
_" كنت بختار بِدَل لـ شادي و بسام وحازم وبدر عشان أبعتلهم الصور يختاروا ، وكنت براجع ورق شادي بعتهولي عشان لما نتجوز أخد اجازه بقا شويه !!"
هزت "نيروز" رأسها بإبتسامه لينه ثم أمسكت كفه حتى حاصرته سريعاً بقولها :
_" اختبار مفاجئ، أنا كنت بقول ايه وانت رايح تهتم بإصحابك وسايبني أرغي مع نفسي!!!"
_" أصحابي مين يختي ده جوز اختك وجوز اختك التانيه ، وأخويا ، ولا عشان الواد شادي غلبان هتيجي عليه !!"
قالها قاصداً الهروب من سؤالها ، فابتسمت حتى خرجت ضحكاتها وهي تكمل :
_" كنت بقولك جهازي هيطلع الشقه بكره مادام الشقه جهزت والخشب طلع ومعتش حاجه هتنجاب من عندك !!"
هز رأسه بسعاده وسرعان ما ابتلع ريقه بريبه وهو يتحدث بخفوتٍ أمام أنظارها :
_" عارف ، يارب بس تعدي علي خير لاحسن كل ما ناخد خطوه بنرجعها تاني وبيحصل مصيبه، شكلّ حد باصصلي فالجوازه دي !!!"
صمت "غسان" ثم ردد سريعاً متظاهراً بالتذكر ليخرج شراستها معه :
_"ليكون الإكس ؟؟؟؟"
شهقت بقوه عندما تعمد هو بأن يعبث معها ، حرك رأسه بمشاكسه ثم تظاهر بالتفكير وهو يشير نحو أصابعه كي يقوم بالعد بشرودٍ زائف :
_" طب هيكون مين فيهم بس ..نُهى ولامريم ولا سلمى ، ولا چنى ولامرام ولا شهد ولا حسناء ولـ...."
بترت حديثه عندما شهقت وهي تفتح عينيها بذهولٍ مردده بتلقائيه :
_" نهارك إسود ..إيه كل دول ؟؟؟؟"
خرجت ضحكاته التي تسلب قلبها هي ، ومن ثم نظر لها "غسان" من بين ضحكاته وهو يردد برييه مصطنعه أمام أنظارها الضاحكه التي ظهرت له بأنها تخفي ضحكاتها بأعجوبه :
_" إستني بس افهمك..!!"
______________________________________________
بعد قليلٍ وصلتّ "جميله" إلى الوجهه التي حددتها لها "فرح" ، إلى الٱن لا تعلم هىٰ لما أتت لها إلى هنا وما المشكله التي وقعت بها من الأساس ولما بعيداً عن عز ؟. إلتفتت حولها بغرابه خاصةً أنها تقف أمام مبني والأن لم يصعد به أحد ؟؟ ، أخرجت أنفاسها بعمقٍ حينما ظهرت "فرح" لها التي كانت تقف مع "خالد" من على بعد ، توجهت "جميله" إليها بلهفه ثم تفحصتها بإهتمامٍ وهي تقول:
_" فرح ؟ حصلك ايه ؟؟ انا مش فاهمه حاجه طمنيني عليكي انتي كويسه ؟؟!!"
وقفت "فرح" تنظر بملامح وجهها المخطوفه على وجه "جميله" للحظاتٍ ، ابتلعت ريقها وهي تستوعب ما يحدث تدريجياً حتي أنها هتف أولاً بإسم من أمامها بريبه :
_" جَـ ـميله !!"
هزت "جميله " رأسها بإستفهامٍ وقلق ، حتى هتفت "فرح" على فجأه بنبره باكيه وهي تسحب يديها خلفها :
_'' تعالي .. نمشي من هنا عشان خاطري!!!"
الٱن تنقذها من براصين شقيقها والٱخر ؟؟ وقبل أن تستعلم "جميله " وجدتها تشهق وهي تنظر على من أتى خلفها وهو يمد يديه من خلف "جميله " حتى وضعها على فمها وأنفها ، حيث كان بها من المخدر ما جعل "جميله " تسقط بين يد "شريف" السليمه والذي هتف بإسم "خالد ". وهو يقول :
_" يلا بســـرعه !!"
وقفت "فرح" بضياعٍ وإلي الأن لا تفهم ما علاقة "شريف" حتى أن صدمتها جعلتها لم تتحرك إنش واحد حيث حمل "خالد" "جميله "إلى الداخل للأعلى سريعاً أمام أنظارها الضائعه ، وقف "شريف" بإعتدال ثم هتف بنبره مستهزءه لها :
_" يا مراحب بالست فَرح البياعه ، اللي باعت صحبتها وخطيبة أخونا!!"
ستخرج من صدمتها الأن ، ابتلعت ريقها وأثار دموعها الباقيه على وجهها منذ قليل مازالت موجوده ، حتى هتفت بتعلثمٍ له وتشتت :
_" انت..إنت بتعمل إيه هنا ؟؟"
وعلى فجأه لم تترك لصدمتها الجواب بل توجهت بعد أن استوعبت دنائته ثم أمسكته من تلابيبه بغير وعى لطالما كانت تخافه وتهابه :
_" إنــت؟؟..انــتَ الســبب فكل ده ؟؟؟"
وقف"شريف" يتركها تمسكه كما تريد ، أهبطت يديها المرتعشة سريعاً ، ثم أخرجت الهاتف بلهفه من جيبها وبكل سرعه إنتشله "شريف" من بين يديها حتى هتف لها بتحذيرٍ :
_"لو متحركتيش قدامي حالاً ، هموتك هنا !!"
وجدت الشرّ بنظراته ، هزت رأسها بضياعٍ لما اقترفته وفعلته بحق نفسها وحق شقيقها وصديقة أيامها !! ، حركت ساقيها سريعاً كي تركض منه ولكنه كتفها بيديه سريعاً حتي أنه أنحنى يهمس بجانب أذنها:
_" مينفعش صدقيني ..فإطلعي قدامي من سكات بدل ما شري يطلع عليكي!!!"
حاولت "فرح" التملص من بين يديه وهي تنفي برأسها فقط فسحبها هو من خلفه وهو يتمسك بمعصمها ، وقبل أن تصرخ عالياً هتف هو بوعيدٍ :
_" وديني لو عملتيها لأضيعك وأضيع صاحبتك !!!!"
صمتت بخوفٍ وقد خرجت شهقاتها بعجزٍ حتى دخلت المبني ، كانت الشقه توجد بالطابق الثاني ققط ، صعد وهو يسحبها خلفه وللحظ لم يصعد ولم يهبط أي من ما يوجد بالمبني السكني ! ، قاطع صعوده هبوط "خالد" الذي وقف يقدم له "المفتاح" إنتشله "شريف" من بين يديه ثم هز له رأسه يسأله:
_" كده حسابك وصلك ومعتش ليك عندي حاجه، معتش أشوف وشك تاني ، مفهوم ؟؟؟"
إبتسم "خالد" بإعجابٍ ثم هز رأسه وهو يبتسم بغلٍ ثم رفع أنامله يداعب أنف "فرح" تزامناً مع قوله:
_" بالشفا يا كتكوته !!!"
أوقف حركته "شريف" الذي همهم بتحذيرٍ وهو يدفعه ليهبط :
_" سكة السلامه !!!'
غمز له "خالد" في حين أكمل "شريف" صعوده وبيديه "فرح" الضائعه ، حتي وضع المفتاح يفتح باب الشقه ومن ثم دفعها تدخل بها حتي دخل هو الٱخر ولم يتماشى مع ما يفعله سوى أنها مريض ليس إلا.. !! ..
وجدت "فرح" من يدق باب إحدي الغرف وهو يصرخ صراخ مهدد ، ارتجفت أوصالها وهو يقف حتى خرجت منه ضحكاته وهو ينظر على "جميله" التي تستطحت على الأريكة أمام أنظارهما ، خرجت نبرته وهو يسألها بإستهزاء:
_" خايفه صح ؟؟؟"
لم تفعل سوى هزه رأس مريبه بالإيجاب ، ضحك هو. ثم تقدم يقف أمامها وهو يهمس لها بشررٍ :
_" أنا السبب فكل اللي بيحصلك ده يا فرح، عارفه ده ولا لأ ؟؟"
هبطت دموعها بكثره وقد خرجت منه شهقاتها العاليه وهي تسمع صراخ من بالداخل وصوت أنفاسه العاليه تعلو من مجهود سحبه لها خاصة بحالته الجسديه هذه !!! ، هزت رأسها نفياً ولم تقوى على أي حديث بل أكمل هو وكأنه يتلذذ بنبرته الحقوده :
_" لا إعرفي... أنا اللي بعتلك خالد من الأول خالص يهددك ويبوظ أعصابك ، يخليكي قاعده مش على بعضك ، بعته يجيب ليا جميله عشان أخد حقي من ابوها عن طريقك ، والصدفه تطلع أختي صاحبتها تخيلي ؟؟؟. ، ومش بس كده أنا كمان كان ممكن أخلص الحوار ده فأقل من ثانيه بس أنا للي قصدت أدمر أعصابك ، قولت أبدأ بيكي وبعد كده نشوف عز لأنه عارف إنه هيغلبني ، محتار أخد حقي منه ازاي لحد قريب أوي محتاجتش أخد حق أصلاً عشان نفس البنت اللي هو بيحبها هي بنت الراجل اللي أذاني وضيعني زمان وضيع اختي!!!"
وضعت يديها على أذنها تنفي بهستيريه ما تسمعه ، إحتدت عيني"شريف " الذي تجمعت الدموع بعينيه بقسوه إمتزجت بحدة وألم حديثه حينما قال :
_"كان نفسي أقبلك. وتكوني عوضي عن بُثينه يمكن كنت ألقاها فيكي ، بس ازاي ؟؟؟ ازاي وإنتِ بنت أكتر ست بكرهها فحياتي وبداية التعب الحقيقي كان بسببها هي ؟ ازاي وإنتي الخالق الناطق هي، نفس الشكل ونفس الملامح ؟؟؟؟"
جلست بوهن علي الأرض من أمامه وقد كانت جلستها بضعف أمام "جميله " التي أمسكت كفها تهزها ولكن الأخرى كانت بعالم ٱخر ، سمعت نبرته الجامده حتى أنه انحني يهتف أمام وجهها بشماته :
_"قوليلي فين عز دلوقتي عشان يشيلكم من إيدي ؟؟؟ ،ولا هيعرف يوصلك ولو وصل هيعملك إيه !!..ولا أي حاجه !!!"
صمت وقد وصل حقده وغله بمرضه ذلك إلى الأعلى بشده حتى أنه ضحك بهستيريه وهو يكمل ليعلمها بما سيفعله :
_" عارفه مش هيوصل ليه يا فرح ؟؟؟ ..عشا خطيبة أخوكي هتبقي ليا أنا بمعني الكلمه ، هغتصبها هنا قدام عينك !!"
فتحت "فرح "عينيها بذهولٍ وقد إرتعشت يديها وساقيها ، فهتف هو من جديد يضغط على حالتها بحديثه المريض :
_"شوفتي بقا هأذيكي إزاي ؟؟ ولو عرفتي تتعافي من كل اللي شوفتيه وهتشوفيه يبقي أنا معرفتش أخد حقي صح !!!!!"
هزت رأسها نفياً ثم أخرجت ثلاث كلمات تنفي بها بقوه مما جعله يضحك فقط :
_"لأ..مُستـــحيــيل ..لأ !!"
خرجت ضحكاته وهو ينهض ثم تظاهر بغير الإهتمام وهو يتوجه لداخل غرفته مشيراً لها قبل أن يدخل :
_" هتعرفي إن المستحيل بيتحقق ، لما أدخل أرتاح عشان لما صاحبتك وخطيبة أخوكي تفوق تعرفي إن كلامي مش هزار "
صمت ثم قال بتذكرٍ يضغط على حالتها مجدداً :
_" وأه .. في الأوضه دي مفاجأه هخرجها ليكم بعد ما تفوق اللي نايمه دي ،..إن مقالتلكيش هي من ورا الباب هي مين ، بس هي حد تعرفيه أوي أكيد!!"
الضياع ؟؟ هذا ما تعايشه الأن فبفعله بسيطه وأقل من الثانيه أخذ القرار الأهوج في ان تتخلى دون أن تعرف العواقب منه ومن أخذه ، توسع ما كانت تعتقد بأنه صغير، تائهه بين حالتها وبين ما هي مسطحه أمامها ، تهبط الدموع وأوصالها ترتجف بقوه ، إنتفضت بفزعٍ عندما وجدته صفع باب الغرفه بقوه ، والٱن لا تشبيه لضياعها سوى بأنها كمثل من تركها أحدهم بصحراء جافه دون بوصله تعلمها أين الطريق وأين الوجهه المحدده ، أين الشقيق ؟ واين الصواب ؟ ، فقط تعلم بأنها وقعت بالخطأ لا محال وأن عواقب أفعالها ستلاحقها كما ستصيب من حولها !!
_____________________________________________
بعد مرور ساعه كامله في شقة "عايده" خاصةً بغرفة "حازم" الذي جلس ينتظر قدوم "ياسمين" من الخارج بالصاله حيث كانت تجلس مع "عايده" التي فرحت كثيرًا بذلك الخبر المفرح والتي لم تأخذ راحتها فالتعبير عن ما تشعر به ، دخلت عليه الغرفه ثم أغلقتها من خلفها مره أخرىٰ ، فوجدته يجلس شارداً ، توجهت تتلمس كتفيه بحنوٍ ثم جلست بجانبه فاق هو من شروده عندما وجدها تجلس وهي تبتسم بإتساعٍ، رفع ذراعيه يضعها على كتفيها وهو يأخذها تحت ذراعيه ثم ردد بنبره تائهه سعيده :
_" أنا مش مصدق نفسي لحد الٱن يا ياسمين !!"
تنفست "ياسمين " بعمقٍ على وضعها ثم رددت باطمئنان له تجيبه:
_" صدق يا حازم ، وإفرح عشان ربنا كتب لينا إنه يرزقنا بالذريه الصالحه إن شاء الله ، هتبقى أب يا أبو الحزايم والله .."
ضحك "حازم" بخفه ثم إعتدل يجلسته حتى قال بحماسٍ مضحك:
_" طب قوليلي هييان إمته !!"
_" لسه بدري يا حازم أنا لسه فـ بداية الحمل ، بيبانوا فالشهر الرابع كده ، وبعدين سييك إنت ، هو إنت عاوز حاجه معينه ولا ايه!!!!"
قالت ٱخر حديثها بخوفٍ زائف تستشف ما يفكر هو به ، أما هو فإبتسم برضا ثم قال بقناعةٍ سريعاً :
_" أقسم بالله ما فارق معايا ، كل اللي يجيبه ربنا حلو ، اللي مخطط ليه من دلوقتي إن أياً كان اللي هيجي لازم أشبعه حنان ورضا وأحاول أسعده بكل الطرق الممكنه ، وعد بيني وبين نفسي عمر ما أقسى عليه أبداً عشان يبقى سوي نفسياً ، أوعديني انك هتعملي كده إنتِ كمان يا ياسمين !!!"
حديثه الذي خرج بنبره صادقه متأثره جعلها تتأثر حتى دفعته يدخل بين أحضانها. مجيبه إياه بطاعه ووعد ستعمل على المحاوله به :
_" أوعدك يا حازم ، أوعدك والله ..وأنا متأكده إنك هتبقي أب كويس أوي وعيالنا فالمستقبل هيبقوا فخورين بيك ويمشوا رافعين راسهم إنك أبوهم ، أبوهم المحامي حازم الأكرمي ، أكتر راجل محترم وحنين وقلبه ده زي اللبن الأبيض والله !!!"
ضمها إليه برضا وهو يحمد لله عليها وعلى ما رزق وسيرزق به ، لطالما جمعهم قلبهما الصادق النابع بحبهما منذ الصغر!! ، إعتدلت في جلستها ثم هتفت بإسمه بترددٍ :
_"حازم!!!"
همهم بابتسامه صافيه فرددت هي بنبره متردده إستشفها على الفورِ :
_" كنت عاوزه أقولك على حاجه بس متفهمنيش غلط ماشي ؟؟"
اعتدل "حازم " بقلقٍ ثم قال :
_" سامعك !!"
أغمضت "ياسمين" عينيها تتنفس بعمقٍ ثم حاولت إخراج ما تريده بشده وهي تقول:
_" بصراحه أنا من ساعة ما عرفت إني حامل وخايفه ، مش خايفه من مامتك ولا من جميله ولا من العيله ،بس خايفه من باباك ، مش عاوزاه يعرف دلوقتي إني حامل ولو عرف هيعرف زينات وأنا مش واثقه هي ممكن تعمل إيه فيا انت عارف إنها بتكرهني اوي حتى عمي بيكرهني كمان ورد فعلهم مش متوقع الحقيقه !!!"
طبيعة الحديث عليه مؤلمه ، ليس منها هي بل من أوصلها لمثل هذه المرحله !! ، رغم ألم قلبه من الحديث إلا أنه حاول أن يطمئنها بقوله كي لا تتأثر وتتوتر خاصةً في بدايات الحمل :
_" إطمني يا ياسمين أنا مش عامل حسابي ولا جه فدماغي إني أروح بكل لهفه وأقوله إنه هيبقي جد ، باختصار لإني قليت الكلام معاه بسبب كل اللي بيحصل ده ، فإن شاء الله مش هيعرف ولو خالفنا التوقعات وعرفم غصب عننا فإنتي فحمايتي ولو حد قرب منك أياً كان هو مين مش هسكتله ، وكمان إحنا مش علطول قاعدين هنا عند أمي هنتحرك من شقتنا لشقتهم ويبقي حد يستي يقدر يعملك حاجه كده ، ساعتها هيشرفوا حازم اللي مظهرش لحد دلوقتي ، متخافيش.. ماشي!!؟؟"
ورغم كونه حديث يحثها به بحنانٍ وإطمئنان وصدقه الظاهر لها قد وصل وبشده ، إطمئنت وتنفست بإرتياح وهي تسند رأسها على كتفه مره أخرى بأمانٍ ثم قالت بعفويه ونبره هادئه عكس طبيعة حديثها المرح مما جعله يرفع يديه وهو يضحك بخفه ليربت على ظهرها بحبٍ حينما قالت :
_" بحبك يواد ياحازم يا مُحامي!!"
_____________________________________________
كان التجمع الأن من "نيروز" و"غسان" و"بدر" و"ورده" ، و "يامن" الجالس على ساق "غسان", وهو يداعبه بمرحٍ وخفه ، نظرت إليهم "نيروز" بحبٍ ، في حين هتفت "ورده" بلطف ٍ له وهى ترى معاملته :
_"هتبقي أب حنين أوي يا غسان والله!!"
وجهت "نيروز" نظراتها بإستنكارٍ له وهو يبتسم بإتساعٍ ولم يغفل هو عنها وعن جلوس "بدر" الذي شرد عن الحديث لعالم ٱخر ، مال هو يهمس بجانب أذن "نيروز" وهو يقول بخفوتٍ :
_" بقولك إيه خدي ورده كده وسيبييني مع بدر شويه !!"
هزت رأسها بالإيجاب ثم أمسكت يد "يامن" وهي تشير لشقيقتها حتى نهضت بالفعل معها نحو الداخل حيث غرفة "نيروز" ، نظر "غسان" نحو "بدر" ثم أشار نحو وجهه بيديه وهو يقول :
_"إنت معانا ياعم ولا معاهم !!"
خرجَ "بدر" من شرودهِ ثم نظر بوجه "غسان" حتى قال بتلقائيه وكأنه فاض به ما بداخله :
_" أنا تايه يا غسان والله ، دماغي مليانه !!"
شعر "غسان " بمدى ثقل كلماته ، تنهد يخرج أنفاسه ثم وضع كفه يربت على ساقه وهو يحثه على إخراج ما بداخله حتى قال بهدوء:
_" قولي إيه اللي شاغلك وأنا سامعك!!!"
تنهد "بدر" يُخرج أنفاسه ثم قال بقلة بنبره تعلن عن عجزه لأول مره وقلة حيلته :
_" مش عارف يا غسان ، أو مش قادر بمعنى الكلمه كل ما أقول خلاص هاخد القرار وأروح لٱدم وأجبله ناس تاخده المصحه على فجأه برجع لورا تاني ، انت عارف الخطوه دي متعبه بالنسبالي قد إيه. ولا ٱدم هيجراله إيه ؟ أنا قولتله هحاسبه وأعاتبه بعدين ولحد الٱن رجلي مش مطاوعاني أقوم أروحله..!!"
حديث أتى من عاطفة الآخوه والتي مهما مر عليها فتصبح هي قويه ، تفهم ما يشعر به وما يتحدث إليه ، لذا وضع يديه على ذقنه بتعقلٍ ثم قال بنبره هادئه يطمئنه ويوجهه تجاه الصواب :
_" بص يا بدر ، ٱدم اخوك بالنسبالي مش عدو يعني زي ما الكل فاكر أنا لقيت العداوه والكره بينا من غير سبب وبيزيد من ساعة ما لقيته متبت فـ حسن ومطاوعه ومعاه فكل حاجه ، بس اللي هقولهولك دلوقتي ده مش من كرهي فيه ،. مهما كان إبن عمي بردو ، وايوه ابن عمي لكن إنت اخويا ومحدش هيوصل لمكانتك عندي ..عشان كده "
توقف يلاحظ ملامحه المتعبه ثم واصل"غسان" يكمل بعقلانيه :
_"عشان كده قرار إنك توديه المصحه هو أصح حاجه وهو النافع لأخوك ، والمفروض كنت تعمل ده من ساعة ما نزلت من السفر أصلاً ، وبمزاجك أو غصب مفيش حل غيره، ٱدم هيرجع يشكرك عليه بعد كده ، ورغم اللي بينا بس لو هقول الحق فأنا شوفته بيحاول إنه يكون احسن في الفتره الأخيره ، قربه من حسن خلاص معتش جايب ليه غير الشر والمصايب وبس، إتوكل على الله وخد القرار ولو مش هتقدر وقلبك هيبقي ضعيف قدامه ،. سيبلي الموضوع ده أنا !!!!"
لا مفر من أخذ قرار متعب ولكنه سليم ؟! ، نظر إلى ملامحه الهادئه وهو يهز رأسه له ثم قال بطاعه :
_" نشوف بكره الموضوع ده مع بعض ، ربنا يستر ويسهل بس!!"
أثار شفقته، ومن غير "غسان" بارع بـ لين قلبه ؟! ، وكيف تمر هذه اللحظه من دون إحتواء حدة الشباب وأحضانه الموزعه !، رفع "غسان" ذراعيه بتأثرٍ ثم قال وهو يربت على ظهر "بدر" بمواساه :
_" إن شاء الله خير يابدر ، إطمن والله وكل حاجه هتبقى عال ، إتجدعن انت بس وجمد قلبك ومش هتندم بعدين صدقني ، وأهو كويس إن سفرك إتأجل ولقيت بديل ليك هناك لمده تانيه ، يمكن دي علامه وإشاره من ربنا إن ادم ليه الفرصه دي بجد وعطاك وقت عشان تعمل ده !!!"
تنفس "بدر" بعمقٍ ثم همهم بالإيجاب وهو يخرج من بين ذراعي الأخر وهو يردد بعمقٍ :
_" رغم إنك متخلف يا غسان ساعات ، بس عمري ما لقيت فطيبة قلبك دي ووقوفك جنبي حتى لو إيه حصل ، حامد البدري كان يقولي دايماً من وراك ، إن لو حصله حاجه ، فهو هيبقي مطمن دايماً عشان الوحيد اللي هينفع تكون مكانه انتَ ، إنت اللي شايل هم كل واحد هنا حتى لو مش ظاهر إنك مهتم بس واخد بالك ، وحتى لو مندفع بس فالٱخر كله مبيبقاش عشانك ، عشان غيرك ، زي ما مرات عمي بردو بتقول إن اللي فـإيدك يا غسان مش ليك فعلاً ...!!!"
ضحك "غسّان " بخفه ثم تصنع الإنبهار بقوله:
_" ده حامد ودلال بيحبوا فيا من ورايا أهو !!"
_" طبعاً يعم بيحبوك ، ولو حصل أي حاجه منهم فـ ده من خوفهم عليك، وفعلاً. كلامهم صح ، وانت اللي فإيدك مش ليك يا غسان فعلاً ، ربنا يصلح حالك ويتمم عليك فرحتك بخير وأشوف عيالك وأبقى عم زي ما خليتك عم يا عم بقا !!!"
قال "بدر" ٱخر حديثه بمرحٍ فهز له "غسان" رأسه بتأييد وهو يقول من بين ضحكاته :
_" يارب يا بدر ، إدعي انت بس تعدي على خير وميحصلش حاجه ، أصل حد نبر ليا في الجوازه دي .. وربنا أخر ما هزهق هتجوزها فأوضتي ونعيش فيها وخلاص ياجدع!!!"
ضحك "بدر" عالياً ثم هز له رأسه يؤيده بمرحٍ حتى تحدث أخيراً يوصيه :
_" عارف إنك بتحب نيروز ، بس خليني أقولك خلي بالك منها باعتبار إني أخوها الكبير مش أخوك إنتَ ، نيروز بنت حلال والله وغلبانه ، مش غلبانه أوي يعني وأنا عارف ده ويمكن تكون هي أصعب واحده فيهم ، عن ورده وعن ياسمين كمان اللي بتدي كلام وبس دي ، بس بردو مش هيسلك معاك غير واحده زي نيروز ، إفهمها إنت بس وافهم دماغها وقدرها وخليك حنين عليها كده ومتزعلهاش ، عشان والله لما بتزعل أنا بيتنكد عليا من ورده نكد الأولين والأخرين !!!"
قهقه"غسان" عالياً ، ومن ثم لحظاتٍ ونظر له بهدوءٍ بعدما إنتهى من ضحكاته ثم أشار على عينيه الاثنان وهو يقول :
_" فـ عيني الإتنين يا بدر ، نيروز غاليه على قلبي أوي ومحدش عرف يوصل للمكان اللي هي فيه دلوقتي, إطمن يا أبو يامن !!"
إبتسم له "بدر" بهدوءٍ حتى سمع الإثنان صوت دقات الباب ، نهض "غسان" قبل أن ينهض "بدر" ثم سار ناحية باب الشقه يفتحه بعدما جاء من الداخل"نيروز" و"ورده" ، فتح"غسان" الباب ، فوجد"عايده" تقف من أمامه ثم تخطته تسأل "نيروز" بلهفه :
_" مشوفتيش جميله يا نيروز ، مكلمتكيش ؟؟؟؟"
نظرت لها "نيروز" بمفاجأة ثم هزت رأسها نفياً وقد دب بها الخوف من نبرتها ، فرددت تجيبها بريبه :
_" لا ..أنا أخر مره شوفتها أنا وغسان لما كانت نازله وقالتلي انها راحه مشوار وهتيجي بسرعه مش هتتأخر !!!!"
ترقبت ملامح الكل برهبه ، فوضعت"عايده" يديها على رأسها بخوفٍ ثم رددت بحسره ودموعها على وشك الهبوط :
_" هتكون راحت فين بس ياربي !!!!، قالتلي بردو إنها هتنزل بس بقالها كتير ، إتأخرت وتليفونها مقفول ، دا حتى حازم ميعرفش إنها نزلت أصلاً !!!"
تبدلت ملامح "نيروزّ" للخوفِ ، في حين هتف "غسان" سريعاً:
_" متعرفيش هي راحت لمين.؟؟ أو ملهاش أرقام تانيه ؟؟"
هزت "عايده " رأسها نفياً ، فأشار لها "بدر" قائلاً قبل أن تتحدث "ورده":
_"طب أدخلي أقعدي طيب على ما نشوف الحوار ده ،يمكن تليفونها فصل شحن أو حاجه ، أصبري بس !!!"
وقفت"عايده" بمكانها ، في حين تحرك"غسان" بجانب"نيروز" ثم قال لها بهدوءٍ :
_" إهدي كده يا نيروز ، وهاتيلي رقم جميله ده كده ، أو عنوان بيت صحاب ليها تعرفيهم !!"
وقبل أن تتحدث "نيروز" بالموافقه وجد الجميع من يخرج من المصعد بلهفه حتى كاد أن يتوجه ليدق باب شقة "عايده" ، فهتف "غسان" سريعاً من الشقه المقابله:
_"تعالى يا عز !!"
لم يكن سوى "عز " الذي توجه سريعاً بلهفه يدخل شقة"سميه" أمام الأنظار المستغربه ، والذي حل محل وجوههم الصدمه حينما قال بنبره مندفعه :
_" جميله مبتردش ليه؟؟ وفين فرح ، هي هنا عندكم ؟ لاحسن مش لاقيها!!"
فتحت "عايده " و"ورده"عينيها بذهولٍ ، في حين وقفت "نيروز". تائهه والخوف رفيقها علي رفيقة دربها ، أما "غسان" فوقف بتشتت وحيره من ذلك الأمر حتى أجاب هو عليه قائلاً بنبره تائهه :
_" أختك مش هنا يا عز ، وحتي كمان .. جميله بقالها شويه مختفيه وكنا لسه بنحاول ندور عليها !!!'
وقف "عز " بصدمه وإلى الٱن لا يعي معني هذه الكلمات بالتحديد ، أما"بدر" فسحب "عز" ليدخل به إلى الداخل كي يجلس ليفهم الجميع ما الذي يحدث!!!، في حين وقفت "نيروز" تنظر إلى وجه "غسان" ثم رددت بنبره مختنقه :
_" أنا مش مطمنه يا غسان ، أنا خايفه!!"
الخوف!! أكان بمحله أم لم يكن بمحله ؟؟ ، ربت علي كتفيها بإطمئنان ، وقد وقف شارداً لا يتفوه بأي حديث ، وحتى ردود الفعل فالبحث عنهما بالفعل بطيئه الٱن ، إبتلعت "ورده" ريقها بخوفٍ كما فعلت "نيروز" والذي صور لها عقلها بأنهما قد إختطفا بالفعل أم ماذا ؟؟ ، كلما يصبح الوضع جيداً يزاد سوءاً عن السوء الذي قبله ،. و ماذا حدثَ الٱن ؟؟ تغيب رفيقة الدرب وصديقتها ؟!!!
«ثِمة قرارّ مُعين قادر على قلب الأحوال ، قادر على جلب الوجع أضعاف حتى يصبح الوضع بالنهاية بعنوان الوجع !! »
إجتمع الجميع بشقة "سُميه" حتى عائلة "حامد" هو الأخر ومن ثم "حازم" الذي خرج سريعاً من غرفته ما أن علم من حديث"نيروز" لـ "ياسمين" هاتفياً ،تأزم الوضع أكثر حتى أن شقة "زينات" هي الأخرى فُتحت وبالفعل موجود بينهم الأن "سليم" الذي رسم على ملامح وجهه التهجم ببراعه ، إلتفت الجميع بالصاله بتشتت ، وقبل إتخاذ أي قرار بالبحث عنهما ، وقف "حازم" الذي إستوعب الأمر جيداً ثم نظر ناحية" والدته "يوبخها بقوله الجامد :
_" ازاي تــنزل كده من غــير ما تقوليلي ؟؟ ، وكنتي عايزاها تتأخر لحد دلوقتي وكمان معرفش!!!!! "
نظرت نحوه "عايده" الباكيه بعجزٍ ، في حين وقفت "زينات" تنظر بصمتٍ تنتظر نهاية هذا الوضع ، وبركن ٱخر قريب أمسك "غسان" كف "نيروز" المرتجف بين يديه يتلمسه باحتوائه ، في حين وقف "سليم" وكأنه ينتهز هذه الفرصه الٱن ، حتى خرج توبيخه لمن تجلس أمامه ودموعها التي تجيب على كل الحديث ، هتف بنبره حاده أشبه بالصراخ المرتفع :
_" عرفتي يا هانم إنك متصلحيش تكوني أم أصلاً ؟؟ ، يعني إيه تسيبي بنتك تنزل من غير ما تعرفي راحه فين ؟؟ ، ولا عشان سيبتها ليكم على الٱخر فـ بقا كل واحد يتصرف زي ما هو عايز !! "
وكأن الوضع ينقصه هو الٱخر ، ضغط "بسام " على فكه بسبب إسلوبه الذي لم يروق له ، في حين إندفع "حازم" نحوه وقبل أن يوبخه أمام الأنظار هتفت "عايده" بصراخٍ وهي تقف من قبل ولدها وكأن فاض بها الكيل :
_" إســــكــت !! إســـكـت بقا حــرام عليـــك ، أنـــا معتش مستــحمله كـــلامك ده !! ، ســيبت إيه لينا نعمله ؟؟ بنتـك اللي كنت بطبطب على قلبـها بدالك ؟؟ وأنفذلها الصح والكويس ليها ؟؟ ، اللي كنت بقوم معاها بالدورين رغم إنهم كانوا صعبين أوي عليا ؟. ، انـت قاسي أوي ، حتي فغياب بناتك جاي ترمي اللوم علي غــيرك ؟!!!!"
قالتها بنبرتها الباكيه ، فوقفت بجانبها "ياسمين" التي احتضنتها بتأثرٍ من حزنها ، وقف "عز" بملامح وجهه المتهجمه ثم قال قبل أن يردف أحدهم أي حديث :
_" الوقتي مفيش قدامنا غير إننا ننزل ندور عليهم فأي مكان ممكن يكونوا فيه، مستشفيات أو إقسام أو غيره .."
إلى هذه النقطه وتعالى صراخ "عايده" بالبكاء ، في حين جلست "نيروز" بضعفٍ بعد أن أجلسها "غسان" بجانب "سميه" الباكيه هي الأخرى و"ورده"، هز "غسان" رأسه بتأيدٍ ثم قال بنبرته الهادئه :
_" صح يا عز ، المفروض نبدأ نعمل كده فعلاً ، يعني مثلاً أنا وحازم نروح مكان وإنت وبسام مكان تاني ، وبابا وبدر هينزلوا هما كمان يدوروا ، كده ننجز ونلحق ندور بسرعه فوقت قليل وإن شاء الله خير!!"
أيده "بدر" و"بسام " ، فتنفس "عز" بعمقٍ يخفي إهتزازه كما كانت حالة"حازم " الذي هتف لهم بأمرٍ وملامح وجه متهجمه :
_" يــلا !!"
قاطع سيره "سليم" الذي وقف ثم ردد بمنتهي الدنائه :
_" لو لقيت أختك وكانت عامله حاجه كده ولا كده مترجعاش هنا لإما هموتها زي ما ناوي أعمل فالتانيه !!"
فُتحت الأعين بصدمه كبيره وأكثر من إنفعل كان "غسان" و"حازم" الذي قطع حديثه انفعال "غسان" المعهود وهو يصرخ به بقوله المرتفع:
_"بـــتعـــيـب في بنتــك ومحدش عارف حـــالها إيـــه دلوقتــي يا خَرفَان إنتَ؟؟؟"
قالها "غسان" وهو يشير بيديه بإنفعالٍ ثم بصق عليه من فمه أمام وجهه بإشمئزاز ، فهتف "حازم" بتقزز هو الٱخر رغم ألمه :
_" إنــت ايه يا أخي ؟؟ إنت ازاي أب إنت؟؟؟"
يتأزم الوضع أكثر ، ومن يوجد لديه شئ يردفه دون تفكير ، حتى "عز" الذي تحلى بالسكون رغم البركان الذي يوجد بداخله ، توجه عده خطوات ثم وقف أمام "سليم" حتى نبس بنبره شديدة الهدوء :
_" أنا زي ما جميله ضايعه أختي كمان ضايعه مني ، بس إنت متستحقش تبقى أبو جميله ، وبقولك إن جميله أشرف من الشرف عشان لو هي مش كده مكنتش دخلت بيتكم ده وناسبتكم ، الواحد يقرف يناسب واحد زيك بس بنتك كفيله تغير النظره دي عنك وتخلي الواحد يكافح حتي لو بالشخصيه اللي زي شخصيتك دي ، أقسم بربي اللي ما بحلف بيه كذب جميله دي خساره فيك وحتى فيا ، وهلاقيها وبعد ما ألاقيها هتجوزها غصب عن عينك ،عشان هي تستاهل تكون مع حد يقدرها مش حد لمؤاخذه مقرف زيك كده !!!"
حديث غير معهود من "عز الرجال" صمت "حازم" الذي كان هو الوحيد أن يحق له بأن يزرف الدموع أضعاف مضعفه عن والدته ، هذا الجبل الذي تحمل أثقال وأعباء ، عجزه الٱن بين أمورٍ كثيره لا يُوصف ! ، تشنجت ملامح "سليم" من أسلوبه وحديثه ، حتى أنه رفع يديه يمسكه من تلابيه وهو يتوعد له بقوله المنفعل :
_" إنت بتكلمني ازاي كده وإنت فـ بيتي يا مجنون إنت .؟ ده أنا أوديك ورا الشمس ، إنت فاهم ولا لأا .؟!!!"
وقبل أن يرد عنه أي شخص أشار لهم "عز" بالسكون ، ولكن هناك من خرجت شراستها سريعاً وهي تعنفه بصراخها :
_" مش بيــتك ، ده مش بيــتك إطلع برا بقا ، بـــرا "
قالت "نيروزّ" ٱخر حديثها بصراخٍ ، فأمسك "عز" يدي "سليم", ليهبطها من عليه وهو يضغط عليها بقوه ثم توجه يهمس بجانب أذنه وهو يهتف بحديث جرئ لم يسمعه سواهما :
_" عارف لو كنت مديت إيدك دي عليا فمكان تاني كان هيحصلك إيه ؟"
كاد أن يسحب "سليم" يديه فتمسك بها "عز" بعنادٍ , ثم هتف بنبره هامسه مره أخرى :
_" كان هيحصلك زي اللي هيحصل دلوقتي وأكتر ، بس كفايه عليك ده !!"
وما أن قالها دفعه "عز" بكلتا يديه للخلف حتى إصطدم ظهر"سليم" في الحائط من خلفه ، سمع الجميع صوت تأويه المؤلم ، ورأي الكل ملامح وجه "عز" المتشنجه بقوه ، حتي وهو يلتفت ثم قال بإختصار لـ "حازم" الذي أغمض عينيه بتشدد من التعب :
_" لمؤاخذه يا حازم!!"
قالها "عز" ثم صمت ينظر على ملامحهم المترقبه ، لم يكن بها الخوف علي الأخر بل كان بعضها من الإستنكار والشماته وغيرها ، تنفس "غسان" بعمقٍ ثم توجه يقف نحو "سليم" وهو يشير له بقوله الٱمر:
_"هى مش قالتلك تطلع برا .؟. يبقي تطلع برا وتسمع الكلام !!"
_"ليه ؟ عاوز الكل يسمع كلام مراتك زي ما بتعمل إنت يا دلدول ياللي ماشي تلم حواليها فكل مكان وتضرب الكل عشان قذارتها وقرفها ؟؟؟!"
لم يخرج الحديث سوى من فم"زينات"، نظر الجميع برهبه ، ومن المفترض بأن ينفعل "حدة الشباب" بينما رسم على ملامح وجهه الهدوء المميت ثم أجابها أجابة بمقتل :
_" أنا عاوز بس الكل يبص يشوف مين بيتكلم ؟ ، الناقصه أم الناقص مرات الخروف اللي بيمشي ورا كلامها خروفها ؟ ولا بردو اللي مكتوبة فالبطاقه أنثى وهي بعيده كل البعد عن كلمة أنثى !! ، إتجوزك إزاي الخروف ده ؟؟ معمي فـ قُرونه ولا إيه ؟"
حديث وقح وبشده قاله "غسان" ، حدجه "حامد" بتحذير من إردافه لمثل ذلك الحديث ، فلم يهتم و توجه "غسان" يتقدم ليقف أمامها ثم وجه نظراته من أعلاها لأسفلها تزامناً مع قوله المتسلي لها :
_" عاذرك يا أم الناقص ، أصل اللي متعرفيهوش إن إبنك محجوز فمسشفي بسببي وبين الحيا والموت دلوقتي !!!.. "
توقف عن الحديث عندما وجد ملامح وجهها تتحول إلى الصدمه الممزوجة بالخوف ، فواصل مجدداً يضغطها :
_" يلا كفـايه عليكي كده ، وإبقي فكري كده فالكلام قبل ما تقوليه ، وبالذات ليا أصل عندي ليكي أنا بالذات كلام محدش هيعرف يقوله ، بس أنا أصلي متربتش فبقوله عادي ، طريقك أخضر يا أم الناقص يلا "
قال "غسان" ٱخر حديثه بإستفزازٍ وهو يدفعها لتخرج من باب الشقه من بين صدمتها ، تفاجئ هو بتوجه "سليم" المنفعل نحوه ليلكمه بوجهه ، لم يسعفه الوقت أن يتحكم بضربته ، ولكن هناك من أمسك يد "سليم " قبل أن يفعلها وللمفاجأه كانت يد "بسام " الذي كانت ملامحه توحي بالغضب ، نظر له بشررٍ ثم قال بتحذيرٍ :
_" لو كانت جت فأخويا كنت هعرفك أنا بقا ازاي تتخطى حدودك مع ولاد حامد البدري يا حضرة المحامي !!"
نفض "بسام" يديه بتقزز ثم قال مجدداً له وهو يحدجه بحده :
_" الواحد الحقيقة إستحملك وسكت كتير أوي ، ومش عشان بسكت يبقي مبعرفش اخد حق ، إطلع برا بالذوق لو سمحت كده عشان لو مش بالذوق فـ في عافيه كتير أوي ، في" بدر وفي غسان وفي عز وفي حازم "، لكن الحقيقه كل دول معلش ميعنوش ليا حاجه لو أنا وقفتلك أنا وخرجتك بطريقتي اللي متعرفهاش لحد دلوقتي !!!"
تهديد ؟؟ ومن من ؟ "بسام" الذي فاض به هو الٱخر منه ؟ تفاجئ "عز"و"حازم " والنساء من رد فعله ، أما عائلته وشقيقه وابن عمه يعلمان جيداً تمام العلم بأن صمته لم يخرج إلا بوقت معين ، لطالما إنفعل علي شقيقه قبل ذلك وهزمه بالضرب وقلب الحال للسوء وبشده ، وجد "سليم". التهديد بنظرة عينيه وملامحه بل ونظر للإثنان معاً فوجد أحدهما يبتسم بإستفزازٍ والٱخر تتشنج ملامحه بالإنفعالِ ، حدجتهم "زينات" بتقزز وحقد فاق كل الحدود وحتي النظرات ، خرج ينسحب هو وزوجته أمام أنظارهم ، في حين وقف "بدر" يربت على كتف "حازم" بمواساه ، نظر "عز" نحو التوأمان نظره فهمها الإثنان ، فبادله "غسان" غمزه جاده و "بسام" الذي ابتسم له بهدوء فقط وقد رد له الإثنان ملاحظه بطريقه غير مباشره حيث وضح لـ"عز" بأنهما مثل أشقائه ، حيث كون "حازم" ابن الٱخر !! ، توجه "غسان" يشير لهم بقوله السريع :
_" يلا خلينا نبدأ فاللي قولنا عليه!!!"
إعتدل "حامد" بوقفته بجانب "بدر" في حين توجهت "نيروز" تقف أمام "غسان" قبل أن يرحل في حين إحتضنت "ياسمين" "حازم" على فجأه وكأنها تعطيه الطاقه للصمود مجدداً بعد أن رأت الضعف به لا تعلم هي ماذا ينتظرها خاصةً ،. نظرت "نيروز" بضعفٍ وقد تشبتت بيديها تضعها بكفه ثم قالت بنبره مترجيه :
_"لو سمحت رجعها يا غسان ، رجعلي جميله ولاقيها عشان خاطري ، إنت مش عارف هي بالنسبالي إيه !!"
الٱن ستهبط دموعها بعد أن تيقن الجميع بالتأخير بالفعل ؟؟ ، إبتلع "غسان" ريقه بصعوبه وقد فهم جيداً إلى مدى تصل علاقتهما ، رفع يديه يقرب من رأسها ناحية صدره ثم ضمها بإحتواء وهو يهتف بنبره هادئه مطمئنه :
_" أوعدك يا نيروز إني هعمل كل اللي هقدر عليه أنا وهما ، وإن شاء الله هنلاقيها وهتبقى كويسه ، إطمني !!"
أشار لشقيقته بأن تتجه نحوه ما أن قال هذه الكلمات ، ثم انحنى يهمس جوار أذنها بعدة كلمات ، إلى أن أمسكت "وسام" "نيروز" بالفعل لتجلسها برفقٍ ناحية "سميه" و"دلال" ، نظر "عز" بتيهه ،وقد خرج من الشقه قبلهم ، ومن ثم خرج من بعده بقية الشباب من "غسان" و"حازم"و"بدر" و"بسام" وحتى "حامد" ،وقبل أن يتحرك الجميع بالفعل وقف "غسان" سريعاً ثم أشار لهم بالوقوف وهو يردد متذكراً ما فعله "سليم" :
_"..مينفعش ننزل كلنا كده من غير ما يكون راجل موجود فالبيت معاهم!!"
وقف الجميع ، والأعين تلتفت حول مَن مِن الممكن بأن يكون هو الذي سيظل !! ، لا يعلم أحدهم بالفعل الخطوه التاليه ؟؟ ، عندما قطع شرودهم صوت دقات الهاتف العاليه ولم يكن الهاتف سوى هاتف "عز" ، الذي أخرجه بغيرِ إهتمام ينظر فوجده رقم مجهول لم يعطيه إهتمام ، ولكنه دق مره أخرى ..، نظر له "غسان" بضيقٍ ثم أشار له بغير إكتراث :
_" رد ، خلينا نخلص !!"
_"رقم معرفهوش !!"
قالها "عز " بهدوءٍ فأومأ له الجميع ، ولكن عاد "غسان" برأسه بإندفاعٍ ثم قال بنبره سريعه يشير له بيديه بلهفه :
_"طب رد كده ، ليكون ليه علاقه بجميله وفرح ، .. بسرعه قبل ما يقفل!!"
التوقع كان بمحله من حدة الشباب ؟! ، حيث التأكيد علي ذلك يحتمل على الرد علي المكالمه ، وبطبيعة "عز" بأنه لديه سرعة بديهه عن حدة الشباب ولكن بموضع مثل موضعه الٱن تائه عاجز عقله ليس به جعله لا يركز بأمر كهذا، هز له "بسام " رأسه يؤيد ما قاله شقيقه ، وقد وقف البقيه ينتظرون ، في حين فتح "عز" الخط بالفعل بعد أن فتح "مكبر الصوت" وياليته ما فعلها ، فحينما سمع صوته هو بالتحديد الذي يعرفه جيداً فتح عينيه علي وسعها وقد. زاد الشر بنظراته كما كان الخوف من الأتي !!!!
______________________________________________
قبل قليلٍ ..، جلست "فرح" بوهنٍ علي الأرض وبكاءها يتحدث عن كل ما تشعر هي به ، كل ما تفعله هي بأنها تقوم بهز "جميله" التي لم تستفيق إلى الٱن !! ، وحتى صراخ "فريده" من خلف الباب إختفي بل ظلت ساكنه هادئه حبيسة الوجع مره أخرى ! ، وجدت "فرح" ساعة الحائط أمامها التي تنظر لها بين الحين والٱخر لطالما تدرس الطب وتعلم تمام العلم بأن لحظة إفاقة "جميله" قد إقتربت وبشده ، وضعت يديها على عينيها بألمٍ ، وقد تحركت أنامل "جميله" بطريقه ملحوظه وبشده ، هزت "فرح" رأسها بهستيريه تنفي ما تفكر به ولم تخرج سوى كل الكلمات التي توحي بالنفي فعاد الصراخ من خلف باب غرفة "فريده" يعلو بالمكان ، رهبه ؟ خوف؟ ضياع؟ عقبه صادمه خطره ؟؟ كل ذلك كفيل للشرح حتى بحالها ذلك ، فتحت "جميله" عينيها بالتدريج، وقد تحركت من مكانها وهي تمسك رأسها بين يديها حتى إنتفضت على مره واحده عندما تذكرت ٱخر ما حدث بل وزاد الخوف أضعاف بنظراتها عندما وجدت حالة "فرح" ، اعتدلت سريعاً وهي تنظر حولها بريبه حتى توجهت بذراعيها تمسك "فرح" بعنفٍ وهي تسألها بنبره مهزوزه مرتفعه رغم تشوشها :
_" إحــنـا فيـــن ؟؟ ..إحنا فين يا فرح!!"
تذكرت من جاء من خلفها وخدّرها ولم تعي شئ بعد ذلك ، توقفت "جميله" ببطئ أثر دوران رأسها ثم هتفت بتوبيخٍ مع نبرتها المختنقه :
_" إنتِ عمــلتي إيــــه ؟؟ ..ردي عليا !!!!"
تنفي وفقط بهزة رأسها وهي تضع كلتا يديها علي أذنها ، اخترق مسامعها صوت صراخ من خلف الباب ، حتي هزت "جميله" رأسها بتأييدٍ لذلك الصوت ، شقيقتها ؟؟ ، هتفت من بين دمعتها القاسيه التي هبطتت بجهلٍ من كل ذلك :
_"فـ ..فـريده !! "
توجهت سريعاً بخطواتها كمحاوله لفتح باب الغرفه ولكن بدون فائده ، سمعت صوت "فريده" من الداخل الذي يوحي بالعون ، أما هي فـ في هذه اللحظه لم تجد سوى الدموع الغزيره التي هبطت وهي تسألها بضعفٍ وظهر الاشتياق لها رغماً عنها بها :
_" فــريده ؟ إنتِ فريده صح؟؟ ردي عليا يا فريده !!"
كلمات تترجى بها بأن تكون هي ولا تكون هي بنفس ذات الوقت ، ورغم جهلها بالذي يحدث إلى أن صوت بكاء شقيقها اخترق مسامعها بقوه ، لم تسمع هي سوى صوتها حقاً وهي تهتف بإختناقٍ تؤكد لها من الداخل بضعف:
_" جمـيله !!!"
دفعت "جميله" الباب بكلتا ساقيها بقوه حتي أنها فشلت في فتحه بيديها فقد كان مغلقاً ، وقفت بغير علم وضياع حقيقي لكل ذلك ، والأخرى تبكي وتضع يديها علي رأسها وأذنها فقط ،. إنتفضت ورجعت خطوه إلى الخلف عندما وجدته يخرج من باب الغرفه حتى أغلقها خلفه ، ابتلعت ريقها وقد فتحت عينيها علي وسعها بصدمه منه ،"شريف"؟! بالفعل تعلم ما يكنه تجاه "عز" بعدما علمت في الفتره الأخيره ، ولكن لما ؟؟ لما يفعل ذلك ؟! ، ابتسم "شريف" بشرٍ ثم توجه يقف أمامها حتى قال بترحيبٍ :
_" أهلاً بخطيبة الغالي ..أكيد إنتِ عارفاني !!"
وكيف لم تعلمه وهو من جاء مع شقيقه يوم خطبتهما؟! ، إبتلعت ريقها بخوفٍ ثم نظرت له حتى رددت أخيراً بإهتزازٍ :
_" إنت عاوز إيه ؟ واختي جوه عندك هنا بتعمل إيه !"
أسأبه كثيره لم تجد لها الجواب ، حرك "شريف" عينيه عليها من أعلاها لأسفلها ثم ثبت نظراته نحو عينيها وهو يغمز لها بوقاحه مردداً :
_" حلوه يا جميله ، جميله فعلاً ، الغربيه إن بنات الراجل القذر ده حلوين أوي وكأن ربنا واخد منه حاجات كتير وعطاله بدالها جمالكم ، بس أقولك ؟؟"
توقف عن الحديث عندما وجدها تنظر برهبه من حديثه الوقح فأكمل يتحدث بنفس الوقاحه :
_" أختك أحلى منك ، أو إنتوا الإتنين زي بعض بس الفرق إنك مداريه جمالك ومش مرخصه من نفسك زيها ، عشان كده جبتها هنا فثانيه تحت رجلي ، زي ما هتبقي إنتي !!!!"
إبتلعت ريقها وقد حثت نفسها علي التحلى بالجرأه ، حتى تقدمت تصرخ بوجهه بنبره مرتفعه :
_"خــــرجنــي وخَـــرج اختي من هنا !!!"
أشار نحو عينيه بالطاعه الزائفه ثم أخرج مفتاح معين من جيب بنطاله وهو يشير نحو الغرفه بعينيه قائلاً. :
_" هخرجلك أختك ، وهخليها تحكيلك بكل وجع إيه اللي حصلها وإيه اللي هيحصلك إنتي كمان ، عشان أنا عايزك كده تبقي مقهوره نفس قهرة أختك وأنا بعتدي عليها!!"
فتحت عينيها بذهولٍ وقد رمشت بصدمه وهي تبتلع الغصه المريره التي توجد بحلقها ، لم تسعفها يديها لضربه أو حتي حديثها للخروج ،بل تاهت بين الحقيقه وبين ما يردفه هو لها ، إغتصاب ؟؟ كل تلك الفتره كانت شقيقها تعاني ؟؟ تهبط الدموع علي وجنتيها بكثره ، حتي أنها لم تعي جيداً متى فتح لها الباب الغرفه لتخرج "فريده" بمثل هذا الاندفاع كي ترتمي بأحضان شقيقتها بمثل ذلك الوجع ومن ثم الوصول لهذه النقطه المؤلمه ، بكائهما وشهقاتهما العاليه بأحضان بعضهما ، وعن أي وجع يتحدث الوضع ، وإحداهما تتألم بسبب ما حدث لها والأخري تصرخ من الداخل عليها رغم وجود صدمتها إلي الآن ، ضمتها "جميله" بقوه والأخرى تتشبت بها بضعفٍ ثم خرجت منها كلماتها الممزقه التي مزقت "جميله" من الداخل إلي أشلاء وهشمت قلبها الهش الضعيف ببضعة كلمات لها أثر لم ولن يزول بسهوله:
_" أنا إتدمرت يا جميله ...أتدمرت جامد أوي وإتكسرت...مكنتش استحق ده والله ما استحق حتى لو كنت وحشـه ..أنا تعبت أوي ..أوي واللهِ ، أنا...."
لم تقوي علي أي حديث أكثر ، حتى أن شهقات "جميله" تعلو بألمٍ وهي تضمها إليها باحتواء وكأن أحضانها هي النجاه الٱن ، دون علم منهما بأنهما بالفعل في خطر بل وأمام الخطر نفسه !! ، إبتسم "شريف" بسخريه علي موضعمها ثم قال بنبره ساخره كمثل نظراته :
_" هتأثر وهعيط كده..تؤ مينفعش ، خليكم لُذاذ ، ده لسه اللي جاي أحلى ...ولا إيه يا فريده !!"
ليس هين الحديث ، إحتدت نظراتها حتي أنه بصقت في وجهه بتقزز وهي تردف له الحديث بحقدٍ :
_" يلا يا قذر يا زباله يا بن الـ*** "
تسبه بأبشع الشتائم بعد نفاذ صبرها من دنائته ، فتح عينيه بذهولٍ وتعمد عدم الإنفعال بل صفق لها ببراعه وهو يهتف بإعجابٍ :
_" فخور بيكي أوي ، بتعرفي تشتمي وتاخدي حقك أهو حتى لو بالقذاره زيي ولا إيه ؟؟"
توقف عن الحديث وهو يوزع أنظاره بين حالة "فرح" الساكنه بالدموع وبين الاثنان وهما يشبهان بعضهما حتى في شراسة أنظارهما ، واصل يكمل بتوبيخٍ زائف :
_" مش عيـب لما البنت تشتم ؟؟ ..يعني الصراحه دي حاجه مش حلوه ، سيبوا القرف ده لأبو علي أخوكم ، حتى يعني المفروض إنه بيقولوا عليه راجل ، بس الصراحه أنا مش مقننع .."
_" ولا انت راجل ولا حصلت ربعه يا كلب !!"
تحلت "جميله" بالجرأه هي الأخرى عندما وجدت شقيقتها كذلك رغم ما حدث لها ، احتدت نظرات "شريف" فسحبت"فريده" ذراع "جميله" لتقف خلفها كحمايةٍ لها ، ثم هتفت توضح له بتحذيرٍ رغم تعبها :
_"نفسي كده تقرب منها ، هقتلك سامعني ؟؟؟؟؟"
رسم الخوف علي ملامحه ببراعه ثم لف حولهم بذراعه الذي وجد بحامل أثر مطوة "غسان " ، ثم قال بتسلية كبرى :
_" بصى هعمل معاكي اتفاق ، إحنا نحكيلها من الأول خالص لحد دلوقتي وأهو نفك التوتر ونخش فالجد اللي لازم يحصل ، أصل للأسف الشديد مش هتخرج من هنا ألا ما كرتها يتحرق زيك بالظبط ، طب ده حتى معاكم "فرح" متفرج ومشاهد مستمتع وبياع أول لصاحبة عمرها وخطيبة أخوها وهي اللي جابتها لحد هنا ، عايزين التعب ده كله فالتنفيذ والتخطيط يروح هدر ؟؟..والله عيب وحرام!!!"
نظرت"جميله " بصدمه ناحية "فرح" التي وقفت تنفي برأسها إلي أن جاءت بجانب"شريف" ، في حين هتفت تلومها بضعفٍ وهي تتساءل بخيبه :
_" ليــه ؟؟"
سؤال ضعيف منكسر منهك حتي انه متعب فلولا ما فعلته لم يأتي أي شخص إلي هنا !! ، إبتلعت "فرح" ريقها وكادت أن تتحدث من بين دموع عينيها فهتف "شريف " من قبلها يتحدث :
_" متسأليهاش هي ليه يا دكتوره يا بنت المحامي الواطي العويل ، إسألي ابوكي ، قوليله ليه ؟ ليه خاني وباعني فـ قضيه قصاد ٣ إغتصبوا أختي ، قوليله ليه باع ضميره وبص للفلوس وحبس أختي اللي دخلت السجن وطلع بدالها اللي عملو فيها كده ، قوليله ليه تدخل أختي السجن وتكون السبب فخراب حياتها حتي بعد ما خرجت وإنتحرت بسبب حاجه بدأت من عند أبوكي ، قوليله إنه هو السبب هو وأم صاحبتك إنهم يخلوني غريب وحيد ، سبب كمان في موت أختي وأمي وإن كل الناس تتخلى عني ، قوليله ٱخر حاجه ليه ؟ خليت واحد هيموت وياخد حقه منك عشان يدوقك من نفس الكاس فبناتك. ، وحصل فـ واحده ، ودمرت حياة ومستقبل واحد ، لسه واحده ..، لسه إنتي يا "جميله" اللي هاخد حقي من ابوكي منك وهوجع أخويا فيكي !!!!!!"
حديث لأول مره تسمعه هي!! "جميله" التي لم تكن كذلك ما أن سمعت إختصار دنائة والدها ، هبطت الدموع منها واحده تلو الأخرى ثم حركت رأسها ناحية "فريده" فوجدتها تؤيد حديثه بهزة رأسها المنكسره ،وما أن حدث خرج صوت "فرح" المهزوز له وهي تقف بجانبه :
_" سيبنـا ، سيينا نمشي يا شريف علشان خاطري !"
حرك "شريف" رأسه باستهزاءٍ كما كان حديثه الساخر لها :
_" ملكيش خاطر عندي يا فرح !!.."
_" إنت كذاب ، أبويا مستحيل يبيع نفسه وضميره ويعمل كل ده!!"
جمله قالتها "جميله " بغيرِ تصديق ما أن إستوعبت القليل ، حرك رأسه ينفي حديثها ثم قال بأسفٍ زائف :
_" لا حصل وعمل كده ، وعشان كده انتوا الإتنين هنا ، تعالي بقا !!"
وما أن قالها رفه ذراعه السليم يمسك خصلاتها من خلف الحجاب على فجأه ، حاولت "فريده" دفعه عنها فدفعها هو بساقه تزامناً مع قوله لهما :
_" تعالي أعرفكم وأعرف أبوكي أنا كنت بحس بـ إيه..بس قبل ده كله نتصل علي "عز "حبيب القلب نعرفه كده إنك تحت إيدي وقادر أعمل فيكي أي حاجه ، هبوظله أعصابه بيكي وهتشوفي حالاً .."
ترك خصلاتها فتأوت هي بألمٍ وسرعان ما سحبتها "فريده " لتستكين بين ذراعيها وكأنها هى الكُبرىٰ !!، جذب حقيبة "جميله" من الداخل سريعاً ثم أخرج منها هاتفها ومن ثم هاتفه من جيب بنطاله هو !! ، إبتلعت ريقها وقد خرجت شهقاتها منها العاليه في حين حدجته "فريده" بإشمئزازٍ وهي تمسك ذراعي شقيقتها ،. وجدته يمد يديه لها بالهاتف ثم حدجها بتحذيرٍ وهو يقول:
_" إفتحيه !!"
ما أن وجدت على ملامح وجهه الشر ، إنتشلته منه بأناملها المرتجفه ، في حين أحكمت "فريده" ما تخفيه بـ كم سترتها المنزليه الطويل جيداً منذ أن خرجت من الغرفه تحسباً لما ينويه هو !! ، أشار الاخر للأخرى مجدداً ثم قال بأمرٍ :
_" رقم عز..هاتيه!!"
وضعت له الهاتف علي جهة إتصال "عز" حتى حفظ الرقم بالفعل على هاتفه ومن ثم عاد ليغلق الهاتف مره أخرى ، ابتسم بإنتصارٍ ثم وزع أنظاره بين الثلاثه ، وهو. يضع الهاتف علي أذنه حتى أنه لم يجيب عليه الأخر ، زفر بنفاذ صبر زائف ثم قال بحزنٍ زائف من شقيقه :
_" كده..ميردش عليا من أول مره ؟..يلا معذور أصله تايه الوقتي يدور علي أخته ولا خطيبته، لا ربنا يكون فعونه والله ، نجرب تاني من هنخسر حاجه !!"
ابلتعت"جميله" ريقها بخوفٍ كما كانت "فرح" الواقفه بتيهه من ما فعلته ، أما "فريده" فنظرت له بحده وهي تحاول الثبات والجرأه ثم سبته مجدداً من عزم إشمئزازها منه :
_" هقتلك يا قذر يا زباله ، هقتلك وأشرب من دمك !!"
أشار لها "شريف" بعينيه بغير إهتمام لحديثها ، وهو يضع الهاتف على أذنه بإنتظارٍ ، إلى أن جاءت اللحظه الحاسمه وفُتح الخط من الطرف الٱخر بالفعل ، فأجاب "شريف" أولاً بنبرته الجامده واللينه بنقس ذات الوقت :
_"عز حبيبي ، كده متردش يا راجل من أول مره ؟ إيه مش خايف علي أختك وخطيبتك !! "
إلى هذه اللحظه وماذا بعد ، سُرقت الأنفاس من الجهتين ، جهة الشر..وجهة حدة الشباب وعز الرجال !! ، إبتلعت "فرح" ريقها عندما سمعت صوت الٱخر المتلهف ومن ثم الغاضب ، أما "جميله " فهي تحت ذراعي شقيقتها تهبط دموعها بعجزٍ وقهر من كم الصدمات التي أخذتها وستأخذها !! ، ووسط إنشغاله في الحديث مع الطرف الٱخر فكرت "فريده" بفكره أخرى غير التي تتحسبها ، انسحبت ببطئ تقف من خلفه وقد تركت شقيقتها تقف تستمع إلى الحديث ومن ثم مدت يديها بإحترافٍ تأخذ هاتف "جميله" من الحقيبه ببطئ تعلم هي كيف يتم فتحه عندما رأت شقيقتها تفتحه منذ قليلٍ ، لعل ما ستفعله سبيل للنجاه من بين مخالب كُتلة الشر الذي بدا وكأنه يتلذذ بالحديث المريض ومع تهديده ووعيده للٱخر !!
_____________________________________________
_" أقسم بالله لو لمست شعره منهم هموتك ..هموتك يا شريف!!!!"
قال "عز" حديثه بتشنجٍ ، أمام أنظار الكل بمعني الكلمه حيث سمعوا صوت إنفعال "عز" وحتي ملامح "حازم " المنفعله ، تحت صدمة الجميع وبكاء"عايده" و"نيروز" والنساء بأكلملهن ، كان التجمع قي المصائب كالعاده علي السلم لذلك فُتحت شقة "زينات " وخرجت منها هي وزوجها مره أخرى ، في حين انتشل"حازم" الهاتف من يد "عز" ثم هتف بتحذيرٍ :
_" لو جيت جنب أختي هوديك فـ ستين داهيه ، قول مكانك فين حالاً ، قـــــول !!!"
خرج إنفعاله وهو يثور على الٱخر بالحديث ، وقف الجميع بترقبٍ وخوف من القادم ، مد "غسان" يديه يمسك هاتف "عز" وهو يسمع "شريف" يتحدث بصوته المستفز :
_" لأ براحه كده ليطق ليكم عرق ، أنا بكلمك يا متر إنت وعز عشان بس أقوله إني بعرف أخد حقي ، وإن أختك هعتدي عليها حالاً بعد ما أقفل معاكم المكالمه دي ، وإبقي إعرف مكاني كده لو عرفت توصلي يبقي ليك الكلام ، وصحيح سلملي على المتر الكبير ، وقوله إنه كده كده السبب خليه يحكيلكم بقا هو عمل إيه معايا زمان عشان أدوس على بناته كده.. سلام!!"
صوت إغلاق الخط ؟؟ أغلق الخط ومن ثم الهاتف ؟؟ ، وقف الجميع بصدمه ، وقد صرخت "عايده " بقهرٍ. وقد أُغشي عليها ما أن سمعت تهديد الٱخر ، أما "حازم " صرخ بـ "شريف" بإنفعالٍ في حين أن الٱخر قد أغلق الخط ، صوت البكاء والحركه كان لكثير حتى أن البعض إنشغل بحالة "عايده" ، في حين وقف "عز" بخواءٍ يبتلع ريقه ، حرك"حازم" رأسه بعنفٍ تجاه "والده " حتى هتف بصراخٍ يسأله :
_" يــعني إيه اللي بيقوله ده ؟؟ عــــلاقتك بيــه إيـــه .؟ رد عليــــا !!"
فاق حدود الآنفعال حتى أن هذه المره امسكه "بدر" و"بسام" قبل أن يمد يديه عليه دون وعي منه !! ، وقف "غسان" ينظر بتشتت على الأمر الذي تعقد حتي أنه هز "عز" بعنفٍ وهو يهتف بنيره مرتفعه :
_" أخــوك بيعمل كده ليه ؟؟ بيعمل كده ليه الـ*** ده فهمني!!!!!"
قالها وكأنه يخرجه من حالة اللاوعي ، وقف "حامد" بصدمه كبيره ، وكان أول من بدأ ليخرجهم من حالتهم تلك هو قول "بدر" المرتفع وهو يوبخهم :
_" مش وقته الغبـــاء ده ، جميــله وفرح فــ خطــر فـــوقـــوا !!"
هبطت دموع "حازم" بحسره وعجزٍ وقد إبتلع ريقه وهو يمسح وجهه بعنفٍ ثم قال بنبره شديده لـ "سليم" :
_" لو حصل حاجه لأختي وكنت فعلاً السبب فيها عمري ما هسامحك !!!"
وما أن قالها أخرج الهاتف بلهفه يجرب للمره الٱخيره أن يهاتف رقم "جميله" كما فعل "عز" مره أخرى ولكن لا رد ، فتح "حازم" عينيه بصدمه من ما رٱى ما مُرسل له !! موقعهم ؟؟ ، شهق بصوت وحنجره رجاليه خشنه ، ترقب البعض ، وجد نبرته المتلهفه تخرج للجميع بإندفاعٍ وهو يقول :
_" جميله بعتتلي اللوكيشن اللي هما فيه ، دول .. دول قريبين من هنا أوي !!"
تقدم الشباب بخطوات سريعه ينظرون بالهاتف ، فوقف "غسان" يعتدل سريعاً. وهو يشير لهم بسرعه:
_" طب يلا بسرعه.. بسرعه قبل ما ياخد باله إنها بعتت حاجه !!"
لم تكن "جميله " التي فعلت ذلك إذن بل "فريده" !!، قالها "غسان" وهو يتوجه ناحية المصعد ، فر خلفه "عز " بعد أن أشار له "غسان" ومن ثم ركض "حازم" على السُلم ومعه "بسام" ، فوقف "بدر" بلهفه ثم أشار لـ "حامد" بقوله السريع :
_" خليك هنا معاهم يعمي ، خليك عشان لو حصل حاجه!! ."
وما أن قالها نزل علي السُلم بسرعه، وبقى "حامد" و "سليم" الذي وقف يشرد بالماضي وما فعله من جديد وقد ربط الخيوط ببعضها وبالفعل لن تذهب ابنته الأخرى سوى للدمار!! ، إبتلع ريقه ما أن تذكر كلمات الٱخر في الهاتف منذ قليلٍ حتى أن الآخرى تهزه من يديه وهو شارد ، وقف "حامد" ينظر بحسره عليه وهو واقف لم يبدي أي ردة فعل حتي علي إبنته ؟؟ ، ابتلع ريقه ثم تحدث وقد هزمه تعاطفه مع أولاده:
_" لو مكُنَّاش قد خلفه العيال ليه بنتجوز ونخلفهم من الأول؟؟ "
وقف "سليم" ينظر إلى وجه الٱخر بصمت فقط ، إلى أن واصل "حامد" مجدداً بنفس الحسره :
_" تفتكر ربنا هيسامحك وإنت ظالم عيالك معاك كده ؟ ملهمش حق عليك ؟ بنتك وابنك وحتي المتغيبه وحتي الضايع اللي صحته على شعره !! ، مبتفكرش كده إن ممكن تكون تربيتك وصلتهم كلهم للي هم فيه دلوقتي ؟، العدل صعب أوي كده ؟ ، لما تقف قدام ربنا يا سليم وهو بيسألك إنت عملت إيه لعيالك حلو ؟ ربيتهم وإديتهم حقوقهم؟؟ ، خلتهم أسوياء ؟؟.. هترد تقول إيه ؟؟ "..
كلمات قاسيه لمن لا يعلم معناها جيداً ، وفي هذه اللحظه يقسم الوضع بأن من المحتمل أن ألم "حامد" يفوق على ألم "سليم " !! ، ما أن قال هذه الكلمات وهو يواجهه بالجديه الشديده ، رحل وتركه حتى أنه دخل شقة "سميه" بعد أن تنحنح يجلي حنجرته بسبب علمه أن من المحتمل أن تكون "عايده" بوضع لا يسمح له برؤيتها حيث أغشي عليها بين يدي الفتيات ومن ثم سحبوها إلى الداخل في صدمتهم بالخارج !! ، تركته الٱخرى !! ، تقدمت "زينات " بتردد تدخل شقة "سميه" رغم شعورها المتناقض ولكنها دخلت ما أن لمست كلمات "حامد " عقلها ، وقف "سليم" بتيهه ووضعه يهتف بأنه هو الغريب في هذه اللحظه ، بل ولم يأت بعقله شئ بصالح أولاده بل الٱن ومن المحتمل بأنه إن حدث ما في عقله فسيُفتح عليه باب الضياع لنفسه عندما يُفتح باب الماضي وما فعله من جديد!!!!
_________________________________________________
قبل ذلك بدقائق معينه ، أغلق "شريف" الخط وهو يبتسم بشرر ، في حين وقفت "جميله" ترتجف ، ولم تعطي هي بالاً لشقيقتها "فريده" التي سحبت الحقيبه تأخذ منها الهاتف وهي ترسل الموقع لجهة اتصال شقيقهما "حازم" بمنتهى الخفه عندما غاص الٱخر بتهديداته ، لاحظت "فرح" فعلتها من خلفه ، توجهت "فريده" تسحب "جميله" بأحضانها كي تهدأ من روعتها ما أن سمعت كمثل هذا التهديد بالفتك بها، كما أن دموع "فرح" لم تتوقف !!
إعتدل "شريف" بوقفته وهو ينظر نحو أحضانهما لبعضها ، هتف يشير بعينيه لـ "فريده" وهو يهتف بلهجه أمره:
_" إبعدي !"
تمسكت "فريده" بـ "جميله" أكثر وقد كتمت الدموع بعينيها ثم هزت رأسها نفياً وهي تخفي خوفها بإصرارها قائله :
_" مش هبعد !!!"
وجه "شريف" نظراته نحوها بإستكارٍ ثم هز لها رأسه بطريقه ليست هينه حتى توجه يدفعها بعيداً ، إصطدمت "فريده" بظهرها في باب الغرفه ، في حين أمسك "شريف" بذراعه السليم حجاب "جميله" الذي خلعه عنها بمنتهي العنف ، والٱخرى تصرخ بخوفٍ والثانيه تبكي بصمت وضعف لطالما كانت دائماً بمثل ذلك الضعف ، دفع بساقه جسد "جميله" حتى تعرقلت وهي تقع أرضاً ، حاولت التملص ولكنه كتفها بيديه حيث خلع عنه الحامل فقط رغم التفافه بالشاش وجرحه ، صرخت "جميله" بعزم ما لديها بقوه حتى كادت أحبالها الصوتيه تتقطع في وهي تهتف بصراخٍ :
_" إبــــعــــد ، إبـــــعــــد عَـــــني !!"
ترجي في الصراخ منها هي ؟ هي التي لم ترى يوم عادل لها ومعها في كل الأيام ؟؟ معاناه وتسأل الحياه لما المعاناه ؟ ولم تفعل لها شئ ، يهشم مشهدها وهي تترجاه وتحاول التملص أسفل يديه وساقيه وهو يبرك فوقها بأن تتركه ، جلست "فرح" بوهن وضعف علي الأرض وهي تصرخ أخيراً هي الأخرى ، هتف "شريف" بصراخٍ مريض هو الٱخر :
_"مــش هبــعد ، لازم أدمـــرك زي ما دمـــرت أختـــك ، لازم أوجـــع أبوكــــي، لازم أوجع أخويا !"
ٱخر كلماته بدموع عينيه ، لايعلم هو أكان كتلة شر أم مختل عقلي ؟؟ ، هزت "جميله " رأسها بالنفي بقوه وهي تنظر عليه يعبث بأزرار قميصه هو ليخلعه ، نجح في بث الرعب بها بقوه حتى أنها نفت برأسها وهي تحاول التملص بقولها الضعيف من بين بكاءها:
_" والله العظيم مليش دعوه ، والله ما ليا ذنب!!"
تقسم ؟ بالوجع . مع الدموع ؟ ،عن أي ألم يهتف الوضع ، رأي دموعها فهبطت دموعه هو الٱخر بغزاره وهو يهتف هو الٱخر بنفس الوجع قبل أن ينقض عليها:
_" ولا أنا ليا ذنب!!!! ، بس أعمل إيه ؟؟ ، أبــــــوكـــي هو السبب هو الســـــبـــب !!"
صرخ بٱخر جملته بغلٍ وقد أحكم مسك ذراعها ، وما أن رأته يستعد صرخت بقوه ، تجمع أمام باب الشقه عدد قله من السكان بسبب الصوت ولكن لا فائده من عدم فتح الباب ، تأوت "فريده" وهي تمسك ظهرها بألمٍ وقد هبطتت الدموع من عليها نهضت وهي تستند بضعفٍ ، وقد حركت يديها المرتعشه تأخذ السكين التي حاولت بأن تفتح به الباب من قبل ذلك وفشلت ، ستفعلها ؟؟ ستطعنه ؟؟ توجهت علي فجأه ثم رفعت يديها بالسكين الحاده من خلفه ثم طعنته بها من ظهره من الجانب حتى أتت بجانبه ، صرخ "شريف" بألمٍ حتى تراخت يديه من علي "جميله" وساقيه ومن ثم وقع بجانبها أرضاً بألمٍ وهو يتأوي ، شهقت "فرح" بخوفٍ وقد رأت الدماء تهبط منه بغزاره ، وقفت "فريده" تستوعب ما فعلته من جرم ، إبتلعت ريقها ، في حين حاولت "جميله", التحرك لتقف رغم تمزق ردائها الطويل من الأسفل مما أظهر ساقها المغطي ببنطال ملتصق عليه ، جلست القرفصاء بعيداً بأعجوبه وهي تدفن رأسها بضعفٍ بين يديها تبكي بحرقه شديده ، لم تسعفها قدمها علي الوقوف ، لم تتفاجئ بتقدم "فريده" كي تركع لتحضنها ليصبح البكاء بحرقه وجسد "جميله " يرتجف بشده ، والٱخرى تربت بيديها بضعفٍ وهي تربت عليها بإنكسار مردفه من بين دموعها الضعيفه :
_" أنا جنبك ..إنا جنبك وهنطلع من هنا واللهِ !!!!"
تقسم "فريده" لها كي تهدأ ، تقسم بالدموع ؟ وأين المصداقيه ، تفاجٱت "فريده" بـ "فرح" تدفعهما حين حاول "شريف " قذفهما بالسكين التي وقعت ،وهو منحني بمكانه ، وقع الإثنان أرضاً ، وإبتعدت "فرح" بسرعه، فنهضت "فريده" بسرعه فائقه تدفعه بمعدته بساقها بغلٍ وهي تبكي وضع ليس متماشي مع بعضه تماماً ولكنها فعلتها حتى أن الٱخر كان يتأوي بقوه ، ورغم قوة بنيانه إلى أن ضرب "غسان" له ٱثر إلى الٱن ، دفعتها "فرح" وهي تصرخ بها كي لا يلفظ أنفاسه الٱخيره أسفل قدمها:
_" كفــايه !!!"
وجهت "فريده" نظراتها الحاده نحوها حتي دفعتها بعيداً عنها كي تسقط أرضاً ، وبالفعل سقطت "فرح" ، ومن ثم تحركت الأنظار نحو الباب الذي حاول أحدهم بعون من معه لكسر الباب بقوه ، وصلوا أخيراً بالموقع التي أرسلته تلك الغير هينه ! ، نظرت "فريده" بلهفه حولها وتعلم تمام العلم أن الباب مغلق ، جلست تمد يدها سريعاً بجيب "شريف" وهي تحاول بأن تتفادي ضرب يديه العشوائي ، حتى أخرجت المفتاح أخيراً ، سمعت صوت "حازم" وصراخه بأن يفتح لهما الباب كمان كان صوت صراخ "عز" وهو ينادي "فرح" و"جميله" التي جلست القرفصاء ترتجف وقد تمردت خصلات شعرها بعشوائيه أثر الحركه ، ركضت "فريده" بسرعه تقوم بالتجريب لتفتح الباب ، حتى وجدت المفتاح الذي يفتحه أخيراً ، فتحت الباب ، وما أن فتحته وقف من حولها بصدمه كبيره ، نظر لها "حازم" بصدمه كبري وعقله قد شُل ،في حين ركض الجميع إلى الداخل ، إرتمت "فريده" بأحضان "حازم" بقهرٍ وهي تبكي بقوه ، ضمها إليه بحسره وقد هبطت دمعته وهو يدخل بها إلي الداخل
توجه "بسام" يتفحص حالة الٱخر الذي يتأوي ، في حين هز "غسان" بيديه بحرص كتف "جميله" الباكيه يخرجها من حالتها ، أشار لـ "حازم" بحرجٍ كي يتوجه لشقيقته ، فتوجه ناحيتها بسرعه حتي ركع يضمها كما ركعت بجانبه "فريده" فأحتضن الإثنان وهو يتحدث بنبرته المتلهفه :
_" أنا معاكم .. معاكم ..مش هسيبكم متخافوش !!"
قالها بتحشرجٍ وقد إستمر الوضع لدقائق في حين ، كانت "فرح" تحتضن "عز" وهي تسرد عليه بأنها السبب والعله بكل ذلك. ، تركها حتى توجه يقف أمام"شريف" المسطح أرضاً حتى انحني غير مهتماً لوضعه وهو يمسك رأسه بين يديه حتى أخذ يلكمه بوجهه بغلٍ فاق الحدود وهو يردد :
_" ليــه ؟؟ ليــه يا واطي يا زباله ، أنا عملتلك إيه ، عملتلك ايه هااا.؟؟؟؟"
وقف "غسان" ينظر بصمتٍ في حين نهض "حازم " يشارك "عز" في ضربه ولم يفعل سوى القليل عندما وقف "بسام " يردد بحزمٍ :
_" كفايه كده يجماعه ،كفايه هيموت !!"
فصلهما "غسان" ولم يساعد عقل كل منهم بأخذ الحق بقوه يكفي حسرة إلى ذلك فمشهد الفتيات يكسر !! ، سحب "حازم" حجاب "جميله" الملقي أرضاً ، وقبل أن يقترب "عز" منها أكثر أوقفه "حازم" بحزمٍ وهو يقول :
_" إبعد عنها !! ، ملكش دعوه بيها !!"
توقف "عز" حتى اعتدل يقف وهو يبتلع الغصه المريره بحلقه ، غض "بسام" و"بدر" نظرهها عن "فريده" وخصلات شعرها وحتي بنطالها القصير لم تستر هي سوى كم ذراعيها لتخفي السكين وفقط ، تحرك "غسان" يمسك "شريف" من تلابيبه ثم قال بوعيدٍ :
_"ملكش مكان دلوقتي غير السجن يا و**"
وقفت "فرح" تنظر برهبه كما كانت حالة "جميله" وهي تجلس أرضاً ترتجف ، فأجاب "شريف" بنبره المتقطعه من بين تأويه :
_" مش لوحدي.. اللي هخشه ، في.. غيري.. هيدخله !!!"
الوحيد الذي جاء بعقله حديثه عن والده هو "حازم " لم تترك "فريده" الفضول لهما بل بدأت بالحديث من بين دموعها الساكنه الضعيفه:
_" بابا يا حازم ، أبوك هو السبب في كل ده، الحيوان ده اغتصبني بسببه ، جيت معاه فالأول بمزاجي ، غلطت بس واللهِ إتدمرت أوي ، هو السبب في كل حاجه حصلت ، هو اللي قالي أكتب فالورقه إن غسان هو اللي طلب مني أمشي وعشان يبان إنه خطفني ، كل ده عشان يوقع حسن وغسان فبعض ، ضحك عليا واستغفلني وجابني لحد هنا بمزاجي لحد ما عرفني الحقيقه ، لحد ما عرفني ان أبوك ده راجل ظالم ويستحق يتعاقب بأبشع الطرق ، بس مش فينا كده واللهِ ، مش كده ، أنا..أنا إتكسرت يا حازم!!!!"
لا تجمع سوى من الشباب الان وفقط ، حتى بعض السكان رحلو بعدما دخل الشباب وإحتضن كل منهم من لديه !!
شفقه الٱن عليها بعد ان كانت غير مقبوله ، لا تستحق بأن يُفعل بها كذلك ، أثارت شفقة "غسان" الذي حاول الثبات من ما سمعه ،في حين إبتلع "بسام" ريقه بقهرٍ اما "بدر" فحرك رأسه بحسره علي هذه العقبه الشديده، هبطت دمعة "عز" القاسيه على معاناته مع شقيقه ، في حين احتضنها "حازم" وبكى بين أحضانها بعجزٍ وهو يتأسف لها :
_" أنا أسف ، أسف يا فريده"
لما يتأسف؟؟ وعن أي سبب يتأسف هو ؟ عن الوجع ؟؟ ، تنحنح "غسان" وهو يتقدم ناحية "جميله" الجالسه بضعفٍ وهو يترك الوضع المتأثر ثم قال بهدوء يحثها :
_" قومي يا جميله ،قومي عشان نتحرك من هنا !!"
مد إليها "عز" بجانبه يديه كي تستند عليه لتنهض ، رفعت أنظارها تطالعها وقد وجدت دموع الانهاك في عين "عز" الذي لو ود أن يقسم لها بأنه رغماً عنه كل ما حدث ، تخطاهم "حازم" يسندها بحزمٍ ، في حين أشار لـ "بدر" وهو يقول:
_" هتاخد القذر ده وتوديه المستشفي لحد بكره عما ابقى أشوف شغلي !!"
أيده الشباب في الحديث ، في حين خرجت "فريده" مرتديه ملابسها ، فبدأ البعض بالتحرك حتى "بدر" بالمهمه الذي كلفها له "حازم" ، وقفت "فريده" تحاول بخروج نبرتها الضعيفه لهم وهي تقاطع سير كل منهم قائله بمواجهة :
_" لازم تعرفوا الأول كل ده حصل ازاي و من إيه، من أول "فرح "اللي سمعت كلام أخوها وجابت " جميله" لحد هنا .. لحد بابا يا حازم اللي رافع وباع ضميره وظلم أخت شريف ودخلها السجن وهي مغتصبه من تلاته ، خرجهم من السجن ودخلها هي لحد ما اتقهرت وخرجت بعد مده وإنتحرت من كلام الناس عليها وبعد كده مامتهم ماتت بحسرتها عليهم ، حب يدوق بابا من نفس الكاس ، الكاس اللي أنا اتجابت فيه في الرجلين يا حازم... أبوك وحش أوي أوي.. أنا قرفانه منه مش عاوزه أشوفه ..مش عاوزه أرجع!!"
علم "حازم " والبقيه إلي مدى تصل دنائة "سليم " حتى في الماضي ، ابتلع"حازم" ريقه وهو يحاول التحمل والي متي التحمل ؟؟ إلي متي كتم الوجع ، حتى من "عز" الذي وقف يستوعب المعاناه الذي علمها الٱن لأول مره بالتفاصيل الذي كان يجهلها ، والد من أحببها أحد أسباب رحيل شقيقته ؟؟ وشر شقيقه ؟؟ ، رغم علم "غسان" بمدى حقارة "شريف "في أن يدخله بمتاهات وعراك مع "حسن" خصمه ومدي حقارة"سليم " ولكنه وقف رغماً عنه يخفي صدمته ومفاجأته بكل ذلك ، حرك"بسام " رأسه بأسى !! وقد وجه نظراته نحو "عز" الذي هبطت دموعه علي وجنتيه بتعبٍ ، وحتى "فرح " الذي صُدم بها بشده كيف تفعل ذلك !! ، حاولت "فرح" التبرير لـ "عز " فأشار لها بيديه بسرعه كي تصمت ثم قال بنبره ضعيقه خذلته أمام الجميع:
_" إسكتي !!!"
هبطتت دموعها منها بغزاره مره أخرى ، بدأ"بدر" في إسناد "شريف" الغير واعي بنسبه متوسطه ، في حين قال "حازم" بنبره هادئه عكس ما يحدث داخله :
_"يلا !!"
تحرك وهو يسند تحت ذراعيه "جميله" و"فريده" التي لم تحمل معها سوى حقيبة شقيقتها فقط ، من الناحيه الأخرى كانت تستند عليه ، وقف "غسان" ينظر بشفقه نحو "عز" الذي تهبط دموعه بوجعٍ أما "بسام" فكانت نظراته لـ "فرح" نظرات لوم !! ، رفع "غسان"ذراعه يمسك رأسه "عز" وهو يضمها نحو صدره بعاطفة اخوه لا يعلم من أين أتت ، إبتلع ريقه وهو يرفع يديه يربت علي ظهره بمواساه فهو الذي تأذي من جميع الأطراف ، موت شقيقته في البدايه و"شريف" شقيقه من فعل كل ذلك ,وحتى المساعده كانت من "فرح" شقيقته وكل ذلك يُفعل بمن احببها وأختارها قلبه "جميله" تأذي من الكل ومن الجميع ومن الحياه بأكملها ، إلي أين الطريق الٱن ؟؟ أين الهروب من الوجع ؟
_" أنا عارف إنك جامد عن كده يا عز ، صدقني كل حاجه هتبقي كويسه ، ",جميله" ليك صدقني متوجعش نفسك ، كل ده غصب عنك !!!!"
بكى بين ذراعي "غسان" بعجزٍ وسكون تام وكأن قلبه يتهشم من الداخل دون خروج صوت ، لطالما تحمل إلى كثيرٍ جداً ، ربت "غسان" عليه بشفقه وهو يبتلع ريقه ، خرج "عز" وهو يحاول الثبات ، ثم إعتدل بوقفته فوجد "بسام" يضع يديه على كتفه قائلاً ليحثه :
_" إحنا اخواتك يا عز ، أنا يمكن مش حاسس بيك بس عارف إنت ممكن تكون موجوع. قد إيه !!"
قالها "بسام" وهو يسحبه برفقٍ لخارج الشقه ، تحرك معه "عز" بخواءٍ ، في حين وقف "غسان" ينظر على أثرهم وقبل أن يتحرك نظر إلى "فرح" الباكيه بقهرٍ حتى احتدت نظراته ولم يمنع هجومه بأن يخرج حينما هتف بحده هادئه :
_" الغالي مبيشتريش حد بيّاع !! بس للأسف عز أخوكي وشاريكي مهما عملتي ، أنا معرفكيش ولا تهميني أصلاً بس أقسم بربي لو إنتِ كنتي أختي ما كنت راحمك !!"
خرج هجومه عليها دون وعي بأنها ليست لها صله به من الأساس ، بل ومن المفترض بأن "بسام" شقيقه كان يشعر ببوادر الإعجاب ، ماذا لو علم هو ذلك، سيرفض هذه العلاقه قبل أن تبدأ من الأساس !! ، تنهد يخرج أنفاسه وهو يرى دموعها في حين وقف "بسام" مع "عز" على أعتاب باب الشقه ، توجهت "فرح" صوب "عز" تقف بجانبه ، في حين أمسك "بسام" ذراع شقيقه ليهبطا معاً ، كل ثنائي منهما بوادي ٱخر ، فكل منهما سيذهب بالفعل للمواجهه الصعبه !! ، سبق "حازم" مع شقيقاته و"بدر" برحيله لارسال "شريف" المستشفي كي يضع عليه رقابة في حين سيفعل "حازم" الإجراءات غداً ضامناً عدم ذهاب "شريف" بحالته هذه ومع توصيه من "بدر" هو الآخر ، والٱن يرحل "غسان" مع "بسام" خلف سيارة "حازم" ، بسيارة أجره عاديه ، كما أن الرحيل للمنزل بمثل ذلك الخواء كان من "عز" المنكسر المنهك و"فرح" المُذنبه التي فعلت جرماً ستظل تندم عليه !!
__________________________________________
وقفت النساء والفتيات أمام "عايده" التي فتحت عينيها أخيراً قبل قليلٍ ، وضعت يديها علي رأسها بحسره وألمٍ وقد ابتعدت عن كل ذلك الضغط "نيروز" التي نزلت دموعها بقلة حيله وخوفٍ ، تجمع النساء كان في الداخل ، أما "نيروز", فخرجت بحزنٍ وهي تضع يديها علي فمها كي تكتم شهقاتها ، وجدته في طريقها ؟؟ "حامد" النسخه الثانيه من مَن اختاره قلبها ، وقف "حامد" بمكانه وهو يطالعها بصمتٍ متعب في حين بأنها من إتجهت لتحتضنه وقد شعرت به بإحساس أنه والدها حقاً ، رفع ذراعيه يضمها بعاطفه أبوه حتى أنه رفع يديه يربت على ذراعيها بمواساه وهو يحثها بنبره هادئه :
_" إهدي ..إهدي يا بنتي!!"
خرجت شهقاتها وكأنها تبكي من كل ما حدث لها من هذه الحياه ،يفيض بها الكيل الٱن ؟؟ التراكمات وأهٍ من التراكمات والضغوطات .. ولكن هذه رفيقة الدرب كيف لها بأن لا تنهار ؟! ، ضمها "حامد" بتأثرٍ حينما شهقت هي بتمزقٍ وهي تهتف بتعبٍ :
_" أنا تعبت أوي يا بابا !!"
فتح عينيه علي وسعها من اللقب التي هاتفته به ؟ والدها ؟ يعلم جيداً بأن ذلك اللقب لم يخرج منها بمثل هذه السهوله ، تتخيله والدها باحضانه ؟ ، ضمها بتأثرٍ وهو يهدهدها ، حتى خرجت تدريجياً فرفع كفه يزيل أثار الدموع من على وجهها ، إبتلع ريقه وقد شعر بأحدهم يقف من على بعد ينظر على المشهد بصمت ، لم تكن سوى "زينات" التي وقفت تنظر بعجزٍ من كل ذلك ، لحظة إدراك بأنها لم ترى احتواء كمثل ذلك كي تعطيه لأولادها . ، فاقد الشئ لايعطيه لدى شخصيه مثل شخصيتها ؟! ، خرج من الغرفه "ياسمين" بجانب "وسام" ، توجهت "ياسمين" تضع ذراعها لتربت علي كتف "نيروز" وهي تحاول التماسك، في حين خرجت من الغرفه "عايده" وهي تستند على "دلال" و"ورده" و"سميه" من خلفهما تمسك يد "يامن" بقلة حيله من بين دموعها الصامته هي الأخرى !! ، وجدوا هم "سليم" يدخل الشقه دون إذن ثم قال بكل تبجحٍ يسأل رغم اهتزازه :
_" رجعوا ؟؟"
بأي وجه يسأل كمثل ذلك السؤال ؟ وهو الذي لم يحاول ولم يجاهد بأن يبحث بنفسه !! ، لم يجيبه أحد ، بل أول من وقفت أمامه وهي تنظر له بتقزز كانت "ياسمين" التي نبست بإشمئزاز :
_" إنت بجد راجل ندل وجبان !!"
تسبه بوقاحة ، ومن يفعل ذلك سواها هي !! ، وللحق معها كل الحق ، رغم عدم توافق ذلك مع الأدب كونه عمها ولكن صمت الجميع ، فتشنجت ملامحه بغضبٍ وهو يهتف بضيقٍ :
_" إحترمي نفسك يا بت إنتِ بدل ما أعلمك الأدب !!!"
وقبل أن تهتف "ياسمين" بأي شئ ، وجدت "نيروز" تنفعل عليه وهي تدفعه بكلتا يديها بقوه ثم صرخت بقولها له وكأنها بوادر إنهيار مره أخرى :
_". بــــــــرا ، إطــلـع بـــــــرا !!!"
تفاجئ من دفعها إليه كذلك وحتى حركتها المفرطه في إنفعالها القوي !! ، مد "حامد" يديه يربت علي كتفها كي تهدأ من روعتها ولكنها بكت بصراخٍ عجز الكل عن فهمه حتى "سميه" التي وقفت تبكي بحرقه وقد تذكرت تلك الحاله جيداً حتي "ياسمين" التي وقفت مصدومه من صراخها المفاجئ ، خرج من المصعد "حازم" ومن معه من "فريده" و"جميله" الذي ركض للداخل بسرعه وهو يسندهما ٱثر الصراخ ، وتزامناً مع ذلك وصول "غسان" و"بسام" بسرعه خلفهما حتي أنهما صعدا علي السلم بسرعه فائقه ، نظراً لقرب المكان فكان الوصول لم يستغرق كل الوقت الكبير !! ، دخلوا الشقه تحت صدمة وذهول الجميع من رؤيتهم لـ"فريده" ، ركضت "زينات" تضمها إلى أحضانها. في حين توجهت "جميله" لطريق الراحه بمفردها ، توجهت هي لتستكين بين ذراعي "عايده" قبل أن تتوجه الٱخرى لها ، صدمتهم جعلت كل منهم يقف بمكانه بذهولٍ في حين ، توجه "غسان" سريعاً وهو يركض لـ يحتضن "نيروز" ليهدأ من صراخها الذي توقف ما أن رأت "جميله" و"فريده" ، في حين أن رعشة جسدها الملحوظه لم تهدأ سوى باحتواء "غسان" بمثل هذه اللهفه وهو يردد بخوفٍ على مسامعها :
_" خدي نفسك، خدي نفسك براحه يا نيروز !!!"
قالها بخوفٍ وقد تحركت "وسام" هي و"حامد" يفعلان حركات بيديهم ليأتي لها الهواء أمام وجهها. و"غسان" يدلك يديها بين كفه حتى تهدأ تدريجياً ..
بكت "زينات" على بكاء "فريده" بين أحضانها بحرقه كما كانت "جميله" مع "عايده" وقف "حازم" يطالع وجع "سليم" بلومٍ ظهر بكل تفصيله ، بينما نظر له الٱخر بصمت فقط !! ، خرجت نبرة "حازم" القويه وهو يواجهه بكل صراحه :
_" ضميرك كان سهل للدرجادي عشان تبيعه ؟؟ مخوفتش من ربنا ؟؟ مخوفتش علي بناتك حتى ؟؟ اللي بقت واحده منهم مُغتصبه دلوقتي!!!"
فُتحت الأعين على وسعها بقوه ، في حين تفحصت "عايده" إبنتها بلهفه كبرى، فخرجت "فريده". بإنكسارٍ وهي تهتف بتعبٍ تصارحهم :
_" أيوه أنا اللي إغتصبني ، أنا اللي إتكسرت بسببه ، أنا مش مسامحاك !!"
واجهته بٱخر حديثها بانكسارٍ ، في حين وقف الجميع ينظر بغير علم للذي يحدث !! ، حاول "سليم " التبرير لها وله وقد تعلثم بالحديث وهو يردد :
_", أنا .. أنا مش .."
أوقفه "حازم " عن حديثه المهزوز عندما أيده قائلاً بإنهاكٍ وقد هبطت دموعه :
_" أيوه إنتَ ، إنت ظالم وقادر ..إنت السبب .. جالك قلب تعمل كده إزاي ؟؟ الفلوس بتعمي للدرجه دي ؟؟ مفكرتش حتى فمستقبلي أنا ؟؟ لو مجاش فدماغك بناتك ؟؟، وإحنا نستحق منك كده ؟؟ ليه حرام عليك ؟؟."
_"فهمني يابني ايه اللي حصل!!"
أردفت "عايده" حديثها بضعفٍ من بين عينيها الحمراء من كثرة البكاء ، إعتدلت "فريده" بوقفتها حتى نبست بنبره مرتفعه مع انكسارها تهتف بكل وجع :
_" أنا هحكي ، هحكي وهقول، هقول إنه معملش حاجه عدله فحياته لينا ، هقول انه كل يوم كان بيجي عليا ولما قررت أهرب منه لقيته كسرني بردو حتى وأنا بعيده ، أنا هقولكم!!! .."
ستبدأ في قص كل ما حدث ؟؟ ، ابتلعت ريقها تستعد في حين وقفت"نيروز" بعدما خرجت وهدأت بالتدريج وقفت تستند على ذراع "غسان" ، اما البقيه فنظروا بغير فهم كي يفهم الجميع ما حدث بالفعل ، في حين بكت "زينات " على طريقة وبكاء ابنتها وحتى علمت الحقيقه الموجعه. "إغتصاب ابنتها ؟!"
لا يعلم الجميع ما حدث من بداية ماضي "سليم " إلى ٱخر ما حدث الٱن سوى "غسان" وشقيقه", و "حازم" الواقف بضغفٍ فاق الحدود حتى وقفت "ياسمين" تمسك كفه بتأثرٍ دون فهم لحالته ، و"جميله" التي وقفت بين ذراعي"عايده" ، ترقبت الأنظار وانتبهت كل الحواس حينما قررت "فريده" قص ما فعلته وما فعلته "فرح" وما فعله "والدها" في الماضي ليحدث كل ذلك من كتلة الشر "شريف".!!!!!!!
_________________________________________
وجع ! ، كفاح! ، ألم !..ثم استمرار في طريق الكفاح رغم الانهاك! وماذا بعد ؟!
طريق حياته يمر أمامه ولا يغفل هو عن الألم ، يجاهد ويكافح ليحدث له كل ذلك في النهايه ؟ ، أيستحق هو كل ذلك ؟ من شقيقه ؟ شقيقته ؟ وحتى الحياه ؟؟ ، لحظة المواجهه بينهما أمام "والدتهم" الجالسه بغرفتها بعد بكاؤها عجزاً لعدم معرفتها للوصول لأي منهما ، ولكن الٱن عملت كل شئ. ثم ؟ والصمت ؟؟ ، كانَ بكاء "فرح". بشهقاتها يمزقه هو شخصياً من الداخل ، ولكن لا مفر من المواجهه ، إبتلع "عز" ريقه بوجعٍ وأثار دموعه مازالت على وجهه ، سؤال واحد يتكرر بين مواجهه والٱخري وبين طرف والٱخر ، وسيتكرر الٱن على مسامعها :
_" ليـه ؟؟ ليه يا "فرح"؟ أثرت معاكي فـ إيه قوليلي ؟؟ "
يواجهها بكل إنكسارٍ ، أما "حنان" فكانت تبكي بحسره، في حين حاولت "فرح" التحدث فتحدث "عز" من قبلها يقول :
_" والله العظيم ما استحق ده منك ! ، أنا اللي عيشت وضيعت عمري وشقيت علشانك إنتي عشان تبقي أحسن واحده ، ليه مقولتليش ؟؟ مجتيش تحكيلي ليه زي ما بتحكيلي فكل مره ؟ ..هو أنا كنت وحش للدرجه دي عشان تعملي فيا كده ؟"
انكسر منها بما فيه الكفايه ، خرجت شهقاتها قبل أن تقول بتحشرجٍ من بين نبرتها الباكيه:
_" خوفت !! خوفت يا عز ، هددني بصوري إنه هيحطها على مواقع وحشه ، هددني وأنا مكنتش أعرف والله العظيم إن ورا الحكايه دي شريف أخوك !!!"
توجه"عز" بإندفاع يمسك معصمها بقوه ثم قال من بين ضغطه علي فكه :
_" بس!! متقوليش أخوك !!! "
شدد من مسكة معصمها بكل ما لديه من قوه في حين كانت تتأوى هي بصوت غير عابئ بمناداة "والدته" عليه ، في حين هاجمها هو مجدداً يواجهها بإنفعالٍ :
_" خوفتي ليه ؟؟ إتخليت عنك فيوم عشان تخافي ؟؟ وجعتك قبل كده زي ما عملتي انتي ؟؟ "جميله"؟؟ جميله يا فرح ؟؟. اللي عيشت أتمني تكلمني بس عشان أرد عليها ؟؟ ، اللي كانت علاقتها بيا لو نجحت كانت هتبقي أمنيه ومعجزه ونجحت ؟ بتوجعيني فالوحيده اللي حبيتها وقلبي إختارها؟؟؟ ، عاوزه تكسريني بيها ؟؟. بتوديها لشريف يموتها بالبطئ ؟؟. مسألتيش نفسك أنا هيحصلي إيه ؟؟!"
إنتهى "عز" من كلماته ثم رفع يديه يصفعها علي وجهها بقوه حتي ترنحت إلي الخلف وهي تصرخ بتأوى في حين نهضت "حنان" سريعاً ببطئ تسندها ، أما هو فوقف بخواءٍ ،، ولأول مره يرفع يديه عليها هي ولكن ماذا فعلت ؟؟ ، ابتلع ريقه بضعفٍ ثم قال بنبره هادئه أتت من عزم بركانه الداخلي :
_" تستاهلي أوحش من كده يا فرح ! ، يارب تكوني مبسوطه وانتي وجعاني كده .. وانتي السبب فكل حاجه حصلت ، خليكي فاكره إنك ضيعتي مني ٱكتر إنسانه كنت بحس بقيمتي معاها مش مجرد واحد شغال وطالع عينه عشانك وعشان ترتاحي وفالٱخر تعملي فيا كده !! "
نظرت له "حنان" بلهفه من بين دموعها ثم تحدث بتعلثمٍ من بين دموع عينيها :
_" بتقول كده ليه.. يبني بس !!!"
إبتسم "عز" بألمٍ ثم حرك رأسه يؤكد ما قاله هو وهو يكمل بنفس الألم :
_"بقول اللي حصل واللي هيحصل ، بقول إن بنتك أنانيه وضعيفه وخسرتني كل حاجه بالنسبالي ، خسرتني ووجعتني فـ "جميله " ، جميله اللي اخوها النهارده قالي إبعد عنها ومليش دعوه بيها بكل المعاني اللي ممكن تخطر على بالي ، عرفت إن خلاص أي طريق بينا هيتقطع بسبب اللي حصل ، بس حقه!!!"
صمت "عز" عن الحديث وهو يري الٱخرى تضع يديها على وجهها أثر صفعته ووالدتها تسندها والآثنان يبكيان معاً بقهرٍ :
_" حقه !! والله العظيم حقه حتى يتف فوشي ووش أي حد من طرفي ، من الأول خالص مستحقهاش ، مستحقش واحده نضيفه أصيله ، مستحقش واحده متعلمه علام عالي وأنا الجاهل الغريب اللي تايه فالدنيا دي ومعرفش غير طريق الشقىٰ وبس ، طريقي الوحيد عشان أعيشكم عيشه عدله ، مستحقهاش وهي غلبانه عانت من أهلها زي ما أنا عانيت بردو منكم ، خدت مني إيه غير القهر والتعب وأنا اللي وعدت بإنها تبقي ملكه معايا ، عملت إيه.؟؟ ولا اي حاجه ، ملقتش منها غير تقدير ، تقدير اللي مشوفتوش منك يا فرح وكأنك بتعاقبيني على كل اللي عملته معاكي ! ، أنا اللي وحش ، وحش أوي عشان حرمت نفسي من كتير أوي عشانكم ، كان ذنبي إيه من الأول اطلع ابن من زوجة تانيه قبلت تتجوز واحد متجوز وبايع عياله ومراته وبلده كلها ؟؟. ذنبي إيه يموت وتبقوا إنتوا فحمايتي وأنا لسه مش عارف الدنيا دي حكايتها إيه ؟؟ ، نفس حكايه شريف ، الفرق إنه لو كان أمه واخته عايشين كان هيفضل جنبهم ومكنش هيجي يشوف أبوه باعهم عشان خاطر مين ، كان هيشقي معاهم وعليهم عشان كان بيحبهم الحب اللي وصله لكل ده الوقتي ، بس هو لقى نفسه فاضي ووحيد في الدنيا اللي جت عليه فـ راح يقهر يوجع ناس زيه الدنيا بردو جت عليهم ، وكأن الدنيا بتقولي إنت خلاص جسمك نحس من الوجع وبقيت متعود فـ خد !! خد تعب وخد وجع وخد خذلان من أقرب الناس ليك !!"
حديث موجع أردفه عليهما رغم بكائهما بصوتٍ مع بكائه الصامت ، إبتلع ريقه بوهنٍ ثم نظر إلي شقيقته وهو يقول :
_" أسامحك إزاي يا فرح ؟؟ أسامح واحده زيك إزاي ؟؟ حتي لو مش عشان خطيبة اخوكي ؟ ازاي وهي صاحبتك !! صاحبة أيامك وحبيبتك اللي مسابتكيش فأصعب أوقاتك ؟؟"
خُذلان الأصدقاء ؟؟ وعن أي خُذلان نتحدث نحن !! وكيف لشعور"جميله " بأن يوصف !! ، بكت بقهرٍ وعجز عن التبرير في حين هتف هو من جديد لهما الإثنان بنبره باكيه :
_" ربنا يسامح الدنيا اللي خلتني أقف الوقفه دي وأنا عارف إني مليش ضهر!! ، ربنا يسامحها عشان خلتني أكون السند من غير ما يبقي ليا سند ٱتسند عليه لما أتكسر !!!"
بكاء منه ؟؟ رجل بل وعز الرجال يبكي بوجعٍ ، تركت "حنان" الٱخرى ثم توجهت بلهفه تحتضنه وتضمه إلي صدرها بألمٍ والإثنان يبكيان بقهرٍ والٱخرى على بعد بنفس الحاله ، لم نجد نحن سوى الراحه في أحضان "الٱم" وعن أي راحه وهو الذي عاش أب وابن وولد بنفس ذات الوقت.. ربتت عليه بضعفٍ وهي تحاول بأن تدواي جروحه التي تقسم هي بأنها لو مرئيه لنزفت من الدماء ما يكفي لوضعه !! ، ولم تخرج سوى كلمات معينه توحي بضعفه عندما ردد بوهنٍ :
_" الدنيا جت عليا ..جت عليا جامد أووي.. يا أم عز!!!"
يعلن كل حزن بداخله وهو الذي عاش لم يشكي ولم يبكي !! ، لم تتحمل "فرح" المشهد الذي حدث بالفعل بسبب ما فعلته بل نهضت ببطئ وهي تتحامل ثم خرجت من الغرفه بأكملها ، ومازال هو بين أحضان والدته يبكي وياليت الحياه تسمع بكائه الذي لم يأتِ سوى من قسوتها عليه ليس إلا ..!!
____________________________________________
كم من صدمه تليها الٱخرى عليهم جميعاً ، صدمه أخرى ؟؟ بل ولعدد لا نعرفه ، وقف الكل ينظر نحو "سليم" الصامت بصدمه كُبرى ، في حين إبتلعت "زينات" و"عايده" ريقهما بغير تصديقٍ ، هتفت "عايده" وهي تحاول الثبات ، تهاجمه تواجهه بالحقيقه الموجعه بالنسبه لها هي والٱخرى :
_" إزاي ؟ ازاي يجيلك قلب تعمل فـ بنات الناس كده ؟ ازاي ممكن تدخل عليا وعلى ولادك قرش حرام جاي من ظلم وقهر ناس تانيه !!! ، إنت مش عارف إنت عملت إيه ؟؟ ، حرام عليك .. حسبي الله ونعم الوكيل فيك!!"
صمتت تواجهه ثم هتفت بوجعٍ مره أخرى قبل أن تنهار باكيه:
_" إعمل حسابك إنك ..هتطلقني !!"
إحتضنتها "سميه" باحتواء لتهدهدها في حين حركت "زينات" رأسها تطالع "فريده" التي وقفت تبكي بإنهيارٍ عقب ما ان إنتهت من الحديث ، بل تبكي وليس بأحضانها بل بأحضان "حازم" هي والٱخرى "جميله" تحت بكاء الفتيات والنساء !! ، إبتلعت ريقها وهي تتوجه ثم أمسكته "زينات" من ملابسه خاصةً كُم ذراعه حتى خرج صراخها في الحديث بشراسه وهجومٍ به من التعب ما يكفي فكسرة ابنتها لم يشعر بها سوى والدتها مهما فعلت !!
_"إرتاحـــــت ، ضيــعتـــها ؟؟ ضيــــعت بنــــتــــك يــا ظـــالم ؟؟"
وما أن قالتها تركته وهى تلطم على وجنتيها بحسره ووجعٍ أمام الأنظار المشفقه الحزينه وحتى هبطتت دمعة "سليم" على وجهه بوحده ، توجهت "دلال". تفصل يديها عن وجهها كي لاتفعل ما تفعله !! ، بينما خرجت "فريده" من بين ذراع شقيقها ثم وقفت تواجههم بعنفٍ ٱتى من تعبها :
_" بتعيطي الوقتي ؟؟ وإنت كمان نزلت دمعتك أخيراً ؟؟ حسيتوا بيا ولا خايفين الناس تقول عليا كلمه ؟؟ ..إنتوا محدش فيكوا حبني ولا قدرني ولا فكر فيا ، طول الوقت زعيق وقرف وتعب ، كل شويه خناق وإعتراض لحد ما زهقت وطهقت من العيشه معاكم ، كان مالها "جميله" يا ماما ؟ كان مالها ها ؟؟ كان ماله" حازم "؟ ليه ؟ ليه كل شويه بتشوهي فصورتهم قدامي ، ليه بتكرهيني فيهم ، وليه بتقارني دايماً بيهم يا بابا ؟. مش كان ممكن تكون عادل معانا ؟ كان ممكن والله تكون كويس فحياتك كلها مكنش ده هيبقي حالنا دلوقتي !"
أول من توجهت لتحتضنها كانت "ياسمين" التي أخذتها من بين دموعها لتحتضنها ، دخلت تبكي بقهرٍ ثم إعتدلت مره أخرى تواجههم جميعاً :
_" أنا مشوفتش منكم حاجه عدله فحياتي ، حاجه واحده بس تشفعلي ، محدش قالي الصح من الغلط ، وعيت علي الكره اللي كان ليا من بنات عمي وكله بسببكم ، وعلفكره.."
خرجت من بين ذراعي "ياسمين" ثم إعتدلت توزع نظراتها بينها وبين والدتها حتى خرجت بحديث مر عليه وقت :
_" هو اللي إنتي شوفتيني معاه يا ياسمين في المطعم لما كنتي مع حازم ،هو اللي قولتيلي وجيتي هددتيني بانك هتوري صوري للكل وأنا قاعده معاه ، مورتيهمش ليه ورحمتيني ؟؟ كنتي نجدتيني من العذاب ده والله !!!"
طالع الجميع"ياسمين" بذهولٍ خاصةً "حازم" الذي نظر لها بغيرِ تصديق حتى سألها بصدمه خرجت منه الكلمات بأعجوبة:
_" يعني ايه الكلام ده ؟"
تعلثمت "ياسمين" بحديثها وهي تبرر سريعاً بنبره صادقه:
_" حازم أنا فعلاً شوفتها معاه ، شوفتك يا فريده والله بس متذكرتش شكله اوي يمكن قعدت أشبه عليه بس والله العظيم ما جه فدماغي إنه ممكن يكون هو ده ، وكمان كنت بهددها بس إن أنا صورتها بس معملتش كده، أنا قولت كده عشان مرات عمي تقنعه إن نيروز أختي تنزل تشتغل !!!"
أحداث ماضيه تعودّ بقوتها ؟ هذه التي تفعل أشياء متسرعه دون التفكير بعواقبها ، تفاجأت به يتوجه وهو يمسك معصمها بقوه شديده وهو يهتف بإنفعالٍ يهزها :
_" يعني إيه .؟. يعني إيه. تشوفيها مع واحد فنفس المكان اللي أكون فيه معاكي ومتتكلميش ؟ بتستغفليني ؟؟"
تأوت بشده فكاد أن يدفعها عنه قبل أن تتحدث مره أخرى تبرر له بصدقٍ فأمسكه "حامد" هذه المره وهو يفصله عنها مردداً بهدوء به من الغضب الدفين :
_"حتى لو غلطتت ميحقلكش تمسكها وتعاملها بالشكل ده ، أبوها لسه موجود مماتش يا حازم ، مراتك تحاسبها بهدوء مع نفسكم مش هنا ، وأظن إنت فهمت سوء التفاهم ، وأنا معاك إنها غلطانه ، بس متزقهاش كده وهي حامل ، إنت واعي ؟؟"
توجهت "ورده" سريعاً تمسك "ياسمين" لتحتويها وكل ذلك ولم تقوى "نيروز" على الحركه لهم فكان هو بجانبها يحتويها ويدلك لها كفها المرتعش بقوه ، إبتلع "حازم" ريقه ثم رفع نظراته نحو "سليم" ثم صرخ به بقوه وهو يشير له :
_" إمــشـــي ، إمشــي بقا واطلع بــــرا !!!"
لما يبكي "سليم" الٱن ؟. خوف؟؟ ، وقف بمكانه ينظر له بصمت فقط وقد فقد كل المحاولات في أن يبرر له ، أي تبرير ؟؟، هز له "حازم" رأسه بتفهمٍ وتهكم ثم قال بتعبٍ :
_" ولا خليك ، أنا اللي همشي ، همشي وهاخدهم بعيد عن قرفك ، ونبقي نتقابل في المكان اللي تستاهله ، عارف ليه ؟؟ عشان أنا هرفع قضيه وهرجع حق فريده بس ساعتها هضمن إن حقها هيرجع لما اللي يمسك القضيه حد عنده ضمير حتي لو أبوه غير ، وأنا مش هضغط على حد ميتكلمش وميفتحش الماضي ، عشان لما شريف يتكلم ويفتح فالدفاتر القضيه هتتفتح تاني ولو إتفتحت يا متر انت عارف إن مش هيبقي ليك مكان غيره..غير السجن وبس !!"
قال كلماته بقسوه حقيقيه موجعه ، أشار لـ "عايده" ثم أمسك كف كل من "فريده " و"جميله " حتى هتف بأمرٍ :
_" يلا !!"
عدلت "عايده " من حجاب رأسها بضعفٍ ثم اعتدلت تتوجه ناحيته في حين تحركت معه "جميله" بخواءٍ كمثل"فريده" تماماً ، أوقفته نبرة "ياسمين" وهي تسأله بضعفٍ من بين دموع عينيها :
_"استني يا حازم .. رايح فين ؟"
_"ماشي !! رايح شقتي وهاخدهم معايا عشان ميتسحقوش يقعدوا هنا ، عندك أسأله تانيه ؟؟"
قالها وهو يلتفت ، فتوجهت هي بوهنٍ تقف وهي تشير على نفسها قائله بكسره :
_" طب وأنا ؟"
حرك "حازم" رأسه بألمٍ ثم هز رأسه لها نفياً وهو يقول :
_" لأ ، لأ يا ياسمينا ملكيش مكان معايا ، إنتي بغباءك حصل حاجات مكنش ممكن تحصل لو اتصرفتي تصرف تاني ، إنتي صغرتيني أوي وإستغفلتيني ، خليكي أنا اللي ماشي وسايبهالك ..!!"
يتأزم الوضع بين كل طرف والٱخر ، نظر الجميع بغير تصديق ، في حين تحدثت "سميه" بضعفٍ وهي تهتف :
_" مراتك حامل يبني حرام عليك ، هو ده اللي هتصون بنتي ؟!!"
هنا وتقدمت "نيروز" بشراسه من بين دموعها دفعت "غسان" عنها ثم تقدمت تشير لـ "حازم". ثم رددت بغضبٍ موجع :
_" إمشي ،. إمشي هي مش متبته فيك ، سيبها بس لما ترجعلها مش هتستناك سامع ؟؟؟!"
أشارت له بأن يرحل فحرك رأسه لها بطاعه فقط دون أن يواجهها وقبل أن يرحل ارتمت سريعاً تودع باحضانها "جميله" الصامته بحسرتها وكسرتها ، تشبتت بها وهي تتأسف بجانب أذنها ، حتى إستمر الوضع لدقائق وما أن خرجت نظرت ناحية "فريده" التي نظرت هي لها بأسفٍ عن كل ما فعلته لها ، فتحت "نيروز" ذراعيها فدخلت "فريده" تتمسك بها بضعفٍ للحظاتٍ حتى رددت لها بأسفٍ غير محدد :
_" سامحيني يا نيروز!!!"
خرجت "نيروز" دون أن تجيبها ، فوجدت "غسان" يسحبها ناحية أحضانه وهو يربت عليها بتعبٍ ، وقبل أن يتحرك "حازم" ، وقفت "زينات" بألمٍ تواجه ابنتها :
_" متمشيش وتسبيني يا فريده عشان خاطري.. أنا قلبي موجوع علشانك ، حِسي بيا يا بنتي !!!"
الٱن؟؟ تندم ؟؟ علي ما فعلته لها ؟؟ ، حركت "فريده" رأسها نفياً ثم تمسكت بكف "حازم" وهي تحثه قائله بإختناقٍ :
_" يلا يا حازم!!!"
تخلت ؟ وكيف لم تتخلي وهي لم ولن تري سوي القسوه منها ؟؟ ، تحرك "حازم" بالفعل خارج الشقه في حين تركته "جميله" وأول الكلمات التي ستردفها ستردفها الٱن له هو لـ "سليم" ، ابتلعت ريقها وهي تطالعه ثم قست عليه بالحديث وهي تقول :
_" عمري فـ حياتي ما هسامحك .. من أول ما فكرت تجيبني للدنيا لحد الوقتي ..لحد اللحظه دي !! "
وما أن قالتها خرجت لمن بالخارج ، أغمض "سليم" عينيه بألمٍ ، في حين نظرت له "زينات" بلومٍ متعب وقد خرج بكاؤها بصوتٍ فخرجت من الشقه سريعاً تنفرد بوجعها بنفسها بشقتها ، ضم "غسان" الساكن "نيروز" بأحضانه في حين دفع "بسام" "وسام" ليحتويها ما أن رأي دموع عينيها ، شهقت "سميه" وهي تتوجه لتحتضن "ياسمين" التي جلست بانكسارٍ على الأريكه بين أحضان "ورده" ، جذبت "سميه" ذراع "ياسمين" لتنهض ثم ضمتها بحنانٍ وهي تسندها نحو الداخل هي و"ورده" ، أشار "حامد" لـ "دلال" كي يخرجا ومن ثم بعدهما "بسام" وهو يسحب "وسام" تحت ذراعه ، إلى أن أغلق باب الشقه خلفه ، ولم يكن سواهما بالصاله ، بطلها ومنقذها من الوجع ! ولكن الٱن ؟! ، شهقت بصوتٍ مرتفع فربت "غسان" عليها وهو يبتلع ريقه ثم قال بنبره هادئه :
_" متعمليش فنفسك كده يا نيروز ، لو ليا خاطر عندك بلاش الوجع ده !!"
هزت رأسها بتعبٍ فسحبها هو وهو يمسك كفها نحو غرفتها ، الذي فتحها سريعاً ثم سحبها ليجلسها على الفراشِ ، ومن ثم جلس هو بجانبها ، نظرت له "نيروز" بضعفٍ وقد توجهت هذه المره تدخل بين أحضانه وهي تردد من بين دموعها :
_" ليه ؟ ليه يا غسان بيحصل لينا كل ده ، أنا تعبت ،. تعبت أوي ، اومال هما يعملوا ايه ؟!!!"
شدد من ضمه إليها بألمٍ وقد عجز عن إبداء الحلول والأراء ، وحتي المواساه ، رفع كفه يمسح دموعها برفقٍ وقد رفع ذراعه الٱخر يزيح حجابها حتى ظهرت خصلاتها البُنيه مرر يديه عليها ثم وقف يسحبها لتقف كي يتوجه بها ناحية الشرفه المفتوحه الذي دخل بها كي تستطيع هي إستنشاق الهواء ، إبتلع ريقه ثم نظر لها يطمئنها وهو يقول:
_" أنا متأكد إن كل حاجه هتبقى تمام !!"
رفعت "نيروز" يديها تمسح دموعها ثم طالعته وكأنها تتأكد من صدقه ، وقد هزمها سؤالها وهي تتساءل :
_" ازاي ؟ ، ازاي وفريده حصل فيها كده ؟ محدش يستحق إنه يحس باللي هي حست بيه ولا يتحط فالموقف ده ، وإزاي حتى "جميله" هتقدر تتخطى اللي حصل ، وحتى ياسمين ..ياسمين اللي حازم كسرها وقالها مش عاوزك متجيش معايا .. اتخلي عنها إزاي وهو بيحبها ؟؟؟"
وكأنها تستوعب الٱمر تدريجياً ، حرك رأسه نفياً ثم ابتسم بتكلفه يطمئنها وهو يرفع يديه وجهها حتى قال :
_" هتعدي عارفه ليه ؟ عشان جميله وياسمين وحتى فريده جنبها نيروز ، نيروز اللي بيها أي حد بيعدي محنته ، مش عايزك تحملي هم ، جميله هتتخطى والدنيا هتبقي كويسه بينها وبين عز حتى لو حازم رافض بس أنا متأكد إنه لما يهدي هيعرف إيه الصح وايه الغلط زي ما هيفوق ويفهم إن ياسمين عمرها ما هتأذيه وبتحبه وحامل منه كمان يعني عمرهم ما هيسبوا بعض ، بس لو صبرتي عليه انتي وهم هتعرفوا إن أي حد فمكانه كان هيعمل أكتر من كده ، ده كويس اوي أنه مشى بدل ما الوضع كان يبقي أصعب من كده !!! متفكريش فحاجه دلوقتي !!"
إنتهى من حديثه عندما رفع كفه يمسح وجهها بالكامل وحتى ناحية أنفها وأسفله ، ابتعدت بوجهها سريعاً بحرجٍ ، فأحكم يديه يدير وجهها ناحيته مره أخرى ثم نظر لها بإستنكارٍ وهو يبتسم بهدوءٍ قائلاً بنبره جاده يذكرها بقول أحدهم في الماضي :
_"مش وسام قالتلك إني الوحيد اللي مبقرفش فيهم ؟؟؟"
خرجت ابتسامتها الصغيره وهي تتنهد حتى نظرت له "نيروز" بقلة حيله ، فتنفس "غسان" بعمقٍ ثم نبس من جديد:
_" من زمان معرفتيش الست قالت إيه !!"
قالها قاصداً تشتتها كي تبتعد كل البعد عن التفكير في التعب ، ابتسمت له بتكلفه فردد هو من جديد :
_" يا حبيبي امبارح يا حبيب دلوقتي يا حبيبي لبكره ..ولٱخر وقتي!!"
طالعته بامتنان لتفهمها لما يفعله جيداً ، أمسكت يديه بتأثرٍ ثم هتفت بنبره متحشرجه :
_" انت حتى مبتسبنيش فوقتي الصعب ، أنا ..أنا وحشه أوي يا غسان!!!"
قالتها وكأنها تندم علي ما فعلته ورغم ذلك ماذا فعل معها الٱن ؟ لم يتركها ، إبتلع ريقه ثم نفى برأسه وهو يبتسم حتى إنحنى يقبل قمة رأسها بحنوٍ ثم قال بلين ينفي ما قالته :
_" انتي مش وحشه ، دا ياريت الناس كلها تبقي زيك يا نيروز.. مكانتش وقفت عليكي وروحت إتجوزت غيرك والله العظيم!!!"
من المفترض بأنه يتغزل ولكنه يعكر ليس إلا ، نظرت له بذهولٍ فهو يردف الحديث الٱن دون وعي منه بماذا يقول تحديداً ، حرك "غسان" عينيه بإستفهامٍ فوجدها تحرك عينيها بقلة حيله منه ، وجدته يعتدل وهو يهمس بجانب أذنها بحبٍ هذه المره :
_" وربنا لو الرحله مفيهاش نيروز ما عاوزها ، متزعليش وكل حاجه هتبقي عال !!"
رفعت عينيها تقابل عينيه التي كانت قريبه منها ، وفي هذه اللحظه إبتعد هو عنها بسرعه كي لا يتأثر ، إعتدل يقف مره أخرى ، ولكن هذه المره هي من توجهت برأسها تقبله من خده برقه ثم هتفت قائله بصدقٍ جوار أذنه وهي تقف على أطرافها كي تقابله رغم إنها لا تعد قصيره ولكنه طويل عنها :
_" بحبك يا غسان..متسبنيش !!"
رفع يديه يديرها حول خصرها كي يحتضنها ثم أسند رأسه على كتفها وهو يربت على ظهرها بحنوٍ حتى أجابها بإطمئنان :
_"ازاي الواحد ممكن يسيب أمانه وراحته يا نيروز ، عمري ما هسيبك يا بنت الأكرمي عشان احنا إتكتبنا لبعض من زمان ولما وصالنا إتقطع رجعت أنا ورجعته تاني ، عايزاني أقطعه تاني ؟؟ مستحيل !!"
إبتسمت له بحبٍ وهي تخرج من بين أحضانه ، فبادلها البسمه ثم وضع يديه يربت علي كفها بلطفٍ وهو يكمل :
_" أنا حاسس إنك إتماسكتي شويه عن الأول ، أخرجي وروحي لمامتك وياسمين وخليكي جنبهم كده وحاولي تخلي مامتك متعيطش وطمنيها بالكلام إن كل حاجه هتبقى تمام زي قولتلك ، أنا متأكد !! وكمان عشان ياسمين طمنيها وخليكي جنبها ومتخليهاش ترهق نفسها عشان الحمل ، وأنا هطلع ، هروح شقتنا هنا جنبك لما تحتاجي حاجه رني عليا وهجيلك علطول !"
علم كيف يجعلها صامده كي تحتوي عائلتها ، هزت رأسها بالإيجاب ، ثم هتفت تشكره بتأثرٍ :
_" شكراً !!".
_" ماشي يا مراتي العفو !!"
قالها "غسان" وهو يلوي شفتيه بتهكمٍ وسخرية ، تشكر ؟ زوجها ؟؟ ، ابتسمت له بإمتنانٍ فسحب هو كفها للخارج وقبل أن يخرج من الغرفه وضع عليها حجابها فعدلته هي بتفهمٍ تزامناً مع قوله:
_" شكل بدر جه ، وغير ده الشعر البني بتاعك ده حوار !!"
خرجت ضحكتها الخافته أخيراً ، فغمز لها كي تخرج من حالتها هذه ، خرج من الغرفه وهي من خلفه ، وقبل أن يتوجه ناحية باب الشقه أوقفته هي وهي تمسك كفه كي لا يتحرك قبل أن تحتضنه ، ربت على ظهرها براحه ثم قبل وجنتيها مرتان قبل أن يشير إليها بالوداع ، خرج من باب الشقه وهو يغلق الباب من خلفه ، فكادت أن تتحرك هي ولكنها لاحظت خروج "ورده" من غرفة "سميه" ، توجهت تسألها سريعاً :
_" ياسمين عامله ايه دلوقتي يا ورده ؟"
كانت قد جففت "ورده" دموعها ، ابتلعت ريقها وقد أخرجت أنفاسها بتعبٌ وهي تجيب:
_" ياسمين بتهرب من الكلام و نامت وماما كمان دخلتها أوضتها عشان تنام ، وحتى بدر جه من برا من شويه ودخل لـ "يامن" ، فـ أدخلي نامي وإرتاحي يا نيروز قدامنا بكره يوم صعب !!"
غداً !! أحداث غداً كثيره مزدحمه !! حيث نقل جهازها وسط هذه الظروف الصعبه !! ، هزت لها "نيروز" رأسها بطاعة وقبل أن تتوجه "ورده " إلي الداخل تفاجأت بـ "نيروز" تفتح لها ذراعيها لتدخل بين احضانها ، دخلت "ورده" بألمٍ وهي تهتف من بين دموعها :
_" إمته هنرتاح يا نيروز ، أنا خايفه أوي!!"
خوف لأسباب كثيره أحد هذه الأسباب مجهول !! والمجهول مرض والدتها !!
تشبت الآثنان ببعضهما بقوه وأحدهما تبكي والٱخرى اخذت من الاحتواء ما يكفي كي تصمد لتحتوي غيرها ، ومن غيره هو بارع في توزيع الإحتواء !! ستصبح مثله هذه المره حتى في أفضل صفاته !! ، وكيف سيمر الوضع دون الاحتواء رغم كل ذلك الألم !!
_______________________________________________
في شقة "حازم" بعدما مر كل ذلك الوقت ، بعدما وصل" بوالدته" و"جميله" و"فريده" دخل الاثنان في إحدى الغرف قبل وقت ، في حين جلست "عايده" بحزنٍ في الصاله ، إلتفت برأسه ينظر إليها وهي تبكي بحسره ، توجه يجلس بجانبها على المقعد الكبير الحديث ، ثم رفع ذراعه يحتضن والدته بتأثرٍ وهو يطمئنها بالحديث قائلاً :
_"خلاص يا ماما ، معتش عياط بعد النهارده ، أنا عاوزكم ميأثرش فيكم حاجه طالما أنا معاكم ، فكري في الأحسن لينا ، فكري إن جميله الحمد لله محصلش فيها حاجه ، فكري إزاي هتحتوي "فريده" ونخليها تطلع من الأزمه دي علي خير ، فكري إن طول عمرك مأثرتيش معانا فحاجه ، زي دلوقتي وأنا بطلب منك تكوني أم لـ "فريده" مش عايزها تحس بفرق، عاوزنا نبقي جنب بعض وأنا أقسم بالله لو حد ليه حق والله ما هسيبه ابداً!!! "
رفعت المنشقه الورقيه تمسح أنفها بها ببطئ ثم هزت رأسها بسكون وهي تهتف بنبرتها الباكيه:
_"طلقني من أبوك يا حازم ، أنا مش عاوزه أفضل على ذمته لو بتحبني ، ولو على فريده فهي بنتي وربنا اللي يعلم ده من زمان ، بس ريح قلبي وخليه يطلقني أنا مش طايقه أبقى على ذمته!!"
تنهد يخرج أنفاسه والحمل يزداد شئ فشئ ، وقبل أن يرد لها كي يطمئها بالطاعة لما تريد هتفت هي بترجي مره أخرى. :
_" ورجع مراتك يا بني ، ياسمين متستحقش ده مننا أبداً ، بلاش تظلمها كله متقدر ومكتوب ، لو كانت عملت إيه عمره ما كان هيغير من اللي إحنا فيه دلوقتي!!!!"
تعمد عدم الاسترسال في الحديث، حتى نهض يسندها لتقف معه ثم توجه بها نحو غرفه معينه أخرى حتى دخلت بها ، أجلسها علي الفراش بعدما خلع عنها حجاب رأسها ثم دفعها برفقٍ لتنام ، جذب الغطاء ليضعه عليها بحنانٍ ثم انحنى يقبل قمة رأسها تزامناً مع قوله اللين :
_" نامي وإرتاحي دلوقتي وبكره نبقى نشوف هيحصل إيه !!"
إبتلعت ريقها ولم تتوقف عن نزول الدموع ، ابتسمت بضعفٍ وهي ترفع نظراتها تدعو خالقها كي يخفف عنه عندما خرج هو وهو يغلق الغرفه من خلفه ، تحرك وهو يقف أمام الغرفه الذي كان بها الإثنان ، إبتلع ريقه بضعفٍ وقد خانته دمعته عندما وصل إلى مسامعه بكاءهما ، دق الغرفه دقه واحده ثم فتح الباب دون إذن منهما ، فكل واحده تحتضن الأخرى بإنكسارٍ ، والٱن جاءت لحظة ضعفها هي عندما تبدل الوضع وأصبحت"جميله " من تحتضن"فريده" التي كانت صامده تحتويها منذ ما حدث ، إتضح من أقوى بطبعه وشخصيته من من رغم وجود الشر والسوء !!، حتماً تتطلب هذه الحياه بعض الشراسه كي نكمل بها ولكن ماذا إن كان بها بالفعل وأتت عليها الحياه ؟! ، كمثل حالة الأخيره ! ، دخل الغرفه بعد أن أغلقها خلفه بهدوءٍ ، ثم توجه يجلس بصمت أمامهما الإثنان ، نظر ناحية "فريده" التي إعتدلت تجلس القرفصاء بوهنٍ ، رفع عينيه يوزعها بينهما الإثنان ، كل منهم يتألم للٱخر ، رفعت "فريده" عينيها المتورمه من كثرة البكاء تواجه عيني "حازم" الحزينه على حالها ، إبتلعت ريقها ولا مفر الٱن من الإعتذار والتبرير عن الخطأ التي إرتكبته في البدايه ، رفع يديه يقاطع حديثها قبل أن يخرج ثم مرر يديه على خصلاتها الناعمه المسترسله حتى ضم رأسها ناحية صدره وهو يهتف بإختناقٍ يسرد بوجعٍ عليهما :
_" عمري ما كرهتك يا فريده عارفه ده ولا لأ ؟ دايماً بشوفك المدلله والصغيره بتاعت العيله ، حاجه كده شقيه صغيره والكل عارف بشقاوتها ، كنت بحمد ربنا إنك مبتقبليش ياسمين عشان لو إتجمعتوا انتوا الإتنين مع بعض فحاجه مش هتنتهي غير بمصيبه ، عكس نيروز وجميله اللي إتعرفوا بالعقل ، رغم بعدك يا فريده بس دايماً بحس فيكي إنك بنتي مش أختي ، أوقات برمي عليا الذنب ، السبب الكبير ، عشان مهتمتش أقرب منك أوي رغم إني في أوقات إصراري كان بيغلبني بس انتِ كنتي بتصدي أي حركه مني تبين إني بخاف عليكي وعلى جمالك اللي عيشت أنصحك بكل هدوء انك تخفيه ، أنا بتوجع دلوقتي علشانك ، تعبان أوي ليكي ، حاسس بوجعك حتى معنديش القدره ألومك على المصيبه اللي عملتيها ، بس بقول لو فكرتي تهربي من ضغط أبوكي وأمك وجيتي ليا أنا وقولتيلي أنا عايزه ابعد فتره عايزه أحس إني محبوبه عايزه حد يحتويني ، تفتكري كنت هأثر؟؟ هأثر يا فريده ؟ رغم إنك مكنتيش بتقبلي ده مني بس والله العظيم كنت هحاول بكل ما أملك من إراده .. ،الحقيقه الصعبه واللي مش هتتغير إنك دلوقتي بتفكري إنك خلاص !! بس أنا جنبك وجنب جميله ، مش هسيبكم عمري ما هسيبك ألا ما تقفي على رجلك من تاني !!!"
شهقات تخرج من بين البكاء وهو يضمها لم تقوى على الحديث سوى أنها أردفت بعبارت متمزقه :
_" أنا إتدمرت يا حازم .. أنا ضيعت وإتكسرت !!!"
ربت على ظهرها بلهفه ثم حرك يديه يرفع وجهها أمام أنظاره وهو ينفي بقوه قائلاً بنبره تحثها بالعكس:
_" لا هيعيش ولا هيكون بعد كده اللي يكسرك وأنا موجود ، حقك راجع يا فريده راجع والله العظيم لو هيكلفني موتي !!"
لوهله شعرت بالسند بل وخير السند ، إبتلعت "جميله " ريقها بصمتٍ وهي تبسم بسكون على مشهدهما ، ومن ثم تفاجأت به يمد يديه يمسح دموعها وهو يتنهد ثم قال بعد لحظاتٍ يتأسف :
_"و أنا ٱسف يا جميله ، أسف لحاجات كتيره أوي ..أولهم إني سيبتك تصاحبي من غير ما أعرف الصاحب ده كويس ولا مش كويس ليكي ، ٱسف إني قبلت أدخلك فعلاقه فيها مشاكل مجهوله مبذلتش حتى جهد أعرف سببها اللي ممكن يوصلنا لكل ده !! ، أسف عشان "عز" مش نصيبك ومينفعش ليكي !!"
صدمها فـ حركت رأسها نفياً بوجعٍ وهي تخرج أنفاسها محاوله الحديث برفضٍ :
_" عز ملوش ذنب يا حازم ، عز مش زيهم والله العظيم صدقني!!"
يتألم لألمها ولكنه مرغوم على أمره ، فبعد الٱن لا يوجد أمان !! ، ابتسم بتعبٍ وهو ينفي برأسه موضحاً بنفس ألمها :
_"مينفعش ، مينفعش يا جميله أنا ٱسف ، عز مش ليكي حتى لو هو مش زيهم ، مش هقبل أدخل علينا واحد كل ما أختك تشوفه تفتكر اللي أخوه عمله فيها ، مش هدخلك وسط ناس واحد منهم هبقى أنا اللي ساجنه ، ومش هخليكي فـ ذمة واحد أخته باعتك فلحظة وياعالم لما تبقي فـ بيته هتعملك إيه !! ، مش هقبل عند أول خلاف بينكم يعايرك بأبوكي اللي دمر مستقبل أخته فيوم من الأيام !!!!"
حديث منطقي وبشده ، نظرت "فريده" بتأثر على بكاءها ، فرددت "جميله " تردد مره أخرى لتبرر له بصدقٍ :
_" بس ..بس أنا بحبه!!"
_" مش كفايه ، الحب اللي بينكم مش كفايه ينسيكم كل ده ، وحتى لو نسيتم اللي حواليكم هينسوا ازاي ؟؟ ، أنا مش عاوز الموضوع ده يتفتح تاني ، نصيبكم مش مع بعض حتى لو إنتي موجوعه من اللي حصل ومش وقته بس هو ده الوقت المناسب اللي عرفنا إن الحكايه دي لازم تتفض !!"
يضغط علي قلبه قبل أن يضغط على قلبها هي !! ، دفنت رأسها بصدره وهي تبكي فربت عليها بألمٍ وقد عجزت عن التبرير والصمود ، بل ومن تحتاج أن تحتويها تربت عليها هي بتأثرٍ وهي تبكي لأجلها !! ثلاثه أجساد يحتضنون بعضهم ولكن الروح واحده كما كان الألم واحد !!
وجع !! ألم !! فراق!! تعب !! إنهاك!! ..كل ذلك على الجميع بوقتٍ قليل جمع بين كل ذلك ، بأي ذنبٍ على البرئ أن يحدث له كل ذلك ؟؟ وكيف للظالم بأن يستمر بظلمه ؟؟ وما ذنب المظلوم من كل ما حدث ؟؟ وكيف للألم بأن ينتهي مادامت هذه العائله لم يدوم لها يوماً بالفرحه كامله ؟ وعن أي فرحه ستستمر ؟ ..
يمكن بعد الٱن بأن تستمر رغم وجود التعب بين أفرادها ولكن كل حكايه وقصه لم تنتهي بعد ، ولكل طرف وجع وألم مختلف ..وكل إثنان لم تقف معهما الحياه بمثل هذه السهوله ، فكيف لذلك ؟
بل أول من تقف في الطريق بين أي طرفان ستكون الحياه وكأنها تقول : "كيف لكما أيها العاشقان بأن تكون أيامكما بمثل هذه البساطه ؟ ألا يوجد ألم بين ساعه والٱخرى ؟ ألا يوجد وجع لتستمر العلاقه وتقوى ؟ " وكيف تقوى ؟ وكل منهما يُنهك ويؤلم بفؤاده ويُصاب بعقله !! ، كُتب على الجميع دون إستثناء بهذا اليوم وحتى قبله ومن المحتمل بعده ..شئ" بعنوانِ الوَجع" !!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية