رواية الجلاد لقلبي رغم حبي الفصل الثاني 2 - بقلم دينا النجاشي
البارت التاني♡
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡
في أحد المنازل المتواضعة، كانت مودة تجلس وتفكر في حديث سماء، لتتنهد بإحباط، لا تعرف ما هي نتيجة الأمر، لكن كان عليها أن تتحدث مع عمها. فـ سماء كانت على حق. السكوت في موضوع كهذا أكبر خطأ. وبينما كانت مشغولة بالتفكير، استمعت إلى صوت عمها وهو يقترب من منزلها، وعلى وجهه ابتسامة حنون. لـ تنظر إليه بحب رغم كل شيء فهو الأقرب إليها ويدعمها دائما، لذلك تخاف أن يحزن لأنها ترفض الزواج من ابنه...
جلس بجانبها وبحب. .. خير يا ست البنات كلمتيني وقلتي عاوزه تخدي رأي في حاجه
مودة بتوتر.. احم عمي... عمتي اشجان حكتلي عنكم وانتو صغيرين قلتلي انك كنت بتعتبرها اختك وديما هزاركم كان مع بعض ورغم انكم كنتو اولاد عم وتنفعو لبعض الا انك طول عمرك بتعتبرها اختك اللي مخلفتهاش ستي ورغم ده قالو انهم هيجوزكم وانتو رفضتم لان نظرتك ليها كانت نظرة اخ لأخته
عمها بابتسامه... فكرتيني بالماضي يا مودة فعلا طول عمري بعتبر اشجان اختي ولما اصرو اننا نتجوز حاولت وهي حاولت نغير نظرتنا لبعض بس منفعش لان من اول يوم نظرتي ليها نظرات اخ ومقدرتش وقلت لابوي هي اتربت وسطينا واعتبرتها اخت من اخواتي ومينفعش بعد السنين دي وانا معتبر نفسي اخوها وسندها تقول تتجوزها وابوي اقتنع بكلامي وتجوزت مرت عمك بعد قصة حب كبيره
مودة بابتسامه... ربنا يحفظك ليها يا عمي
عمها بحنيه مسح علي راسها... انا فهمت قصدك يا مودة وفهمت عاوزه توصليلي اي يا غالية وصدقيني انتي كبرتي في نظري اكتر ولأول مره احس ان مودة الصغيره ام ضفرتين بقت خلاص انسه جميله وعاقله وبتشاورني وبتعرفني الغلط اللي كنا هنقع فيه
مودة بدموع احتضنت عمها ومن بين دموعها... متزعلش مني يا عمي صدقني حاولت اتأقلم واغير نظرتي لسامر بس معرفتش
عمها بحنية... انا فهمك يا حببتي ومش زعلان منك ابدا بالعكس انا مبسوط بيكي
_ابتعدت مودة لتنظر إليه بابتسامة، فمسح عمها دموعها وبهدوء همشي انا يا قلبي عشان عندي شغل ومش عاوزك تشغلي بالك بالموضوع دا خالص لان دي مجرد تجربه وكل انسان بيمر بتجارب وحاجات عشان يتعلم منها
أومأت مودة برأسها مبتسمة، ثم غادر عمها وتنهدت بارتياح، وكأن حملاً ثقيلاً عن قلبها قد زال، فأمسكت الهاتف بسرعة لتخبر سماء بما يجري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الشركة.... كان آدم جالسًا شارد الذهن يفكر فيما قالته له والدته في الصباح. فلم يكن يفكر في الزواج وتلك الأشياء التي يراها عديمة الفائدة من وجهة نظره. تنهد بغضب من كلام والدته ونظراتها الحزينة بسبب رفضه، ولا يعرف كيف سيقنعها. فهي كأي أم تريد أن تطمئن عليه. أغمض عينيه وهو يسترجع ذكرياته، وظهرت له صورة سماء وهي صغيرة، فـ ارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة. تذكر ضحكتها العالية عندما كان يلاعبها ، وتذكر تلك الكلمات التي لن ينساها أبدًا، عندما كانا في الحديقة، واقتربت منه طفلة صغيرة وقاطعته اللعب مع سماء، تريده أن يلعب معها، لـ تبكي، سماء. وتحتضنه حتى لا يلعب مع غيرها، فقبلها على رأسها بحنان ... مش عاوزك تعيطي تاني لاني مش بحب الاعب غيرك يا سمكه ... ابتسمت سماء بسعادة وقبلته وضحكت... واردفت بحب... لما اكبر هتجوزك يا آدم... ضحك آدم من كلامها. ثم مرت الأيام بعد ذلك اليوم، وغادر إلى منزل عائلة والده، وبعد فترة طويلة عاد ورأها. مرتين وهي في المرحلة الإعدادية.... استيقظ من تلك الذكريات وفتح عينيه وفي داخله فضول ليعرف كيف أصبحت بعد كل تلك السنوات. قطعت أفكاره مكالمة هاتفية، فأمسك هاتفه وأجاب، وقد أصبحت ملامح وجهه قاسية وبلهجة لا تعرف الرحمة.... وصلت لإيه
_صهيب بجديه... الموضوع ممشاش غير لما عملنا سطو مسـ*لح يا ادم .. للاسف، عمك عامل احتياطاته من كل نحيه. عشان كده خليت الرجاله يتعاملوا علي انهم عمال، وعرفوا اماكن السلاح واللي شغلين لعمك بعيدا عن العمال واستحوذنا علي الأسلـ*حه، وعلي رجالته وحبسينهم دلوقتي في غرفه في المصنع وبيوصلو الاوامر اللي انا بقولها وسايب معاهم كام واحد من رجالتنا و المصنع شغال ذي ما هو عشان منلفتش الأنظار وعمك يوصله حاجه وعرفنا مكان البضاعه وطبعا هما بس المسؤولين عنها وبيغلفوها بنفسهم ودلوقتي الرجاله مستنين مني اوامر عشان نخرج البضاعه كلها من المصنع بس مش عارف نوديها فين؟ او نعمل فيها اي؟
ادم بجديه... المزرعه
صهيب باستغراب... مزرعة العيله
ادم بنفي... بقت مزرعة عيسي لواحده لاني عرفت من فتره انه اشتراها لنفسه واتنقلت ملكيتها لاسمه
صهيب بتفهم... والمزرعه دي مهجوره ولا اي نظامها
ادم بتأكيد.. مهجوره عاوزك تنقل فيها كل البضاعه وتتأكد ان المصنع خالي من كل حاجه ورجالته تتنقل علي المزرعه وتعرفلي منهم اماكن الكاميرات الخاصه بشغلهم في المصنع واللي بيديلهم الأوامر من بعد عيسي
صهيب بتساؤول.... هتعرف منه حاجه ولا في حاجه هتوصلها
ادم... لما تعرفه هتاخد منه الفون اللي كان بيكلم منه عيسي واكيد هو مسجل كل المكالمات اللي بنهم عشان لو عيسي غدر ميروحش لواحده في الرجلين وانا ساعات وهكون عندك لاني مش هفوت مشهد مميز زي ده من غير ما اشوفه
صهيب بضحكه... دا انت شيطان بس كنت عاوز اسالك عن حاجه
ادم.. اممم اسال
صهيب... الموضوع لو اتعرف والحكومه اخدت عمك مش هيبقا في فضايح للعيلة
ادم بسخريه... وانا من امته بيهمني الفضايح. الكلام ده مبيأكلش عيش يا وحش فعمل اللي قلتلك عليه وكلها كام ساعه وهكون عندك
صهيب.. تمام يا كبير سلام
أغلق آدم المكالمة وابتسم مهددا، ثم أنهى بعض الأعمال حتى غادر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل سماء كانت نائمة، فتململت عندما سمعت رنين هاتفها. فركت عينيها، ، وأمسكت به. صدمت بعدد المكالمات التي تلقتها من مودة، ففتحت بقلق
وقبل أن تتمكن من النطق بكلمة جاءها صوت مودة الغاضب يوبخها لعدم الرد عليها... انتي فين يا زفته عماله بتصل عليكي من بدري وقلت يمكن بتعملي حاجه وبعدها اتصلت تاني وفونك بيرن ومفيش رد
سماء بضحكه.. حقك عليا يا دوده اصلي كنت نايمه يا قلبي
مودة بحنق... انتي نايمه وانا هنا الافكار السوده عماله تلعب في دماغي وخفت يكون حصلك حاجه وانا عارفه ان عمو محمد في الشغل
سماء بابتسامة... يا بنتي حرام عليكي انا قلتلك خفي من الروايات اللي بتقرأيها بقيتي بترسمي حكايات في دماغك وتخوفي نفسك في الفاضي
مودة بغيظ... المهم كنت مكلماكي عشان اقولك الحمد لله عمي فهمني وكمان قالي انه مبسوط اني قلتله وبتنهيده خفيفه... متعرفيش انا كنت خايفه ازاي من الموضوع بس الحمد لله اني سمعت كلامك وطلبت اكلمه علي انفراد وفهمه وجهة نظري
سماء... الحمد لله يا حببتي المهم اي رايك نتقابل لاني مليت اوي فوق ما تتخيلي
مودة بفرحه... ياريت يا سماء دا انا هفرقع شوفي انتي بس يوم ونخرج فيه
سماء.. خلصانه يا قمري هكلم بابا واتفق معاكي عشان تقنعي السيد الوالد انتي كمان
مودة بضحكه... السيد الوالد دا حتة عسلية قولي تقنعي الوالده اللي نفسها تجوزني الصبح
سماء بضحكه... اللاه مش عاوزه تفرح بيكي.. علي العموم انا هكلم بابا واقولك
مودة... ماشي يا روحي باي بقا وهكلمك بعدين
سماء بحب .. سلام
_أغلقت سماء المكالمة وذهبت للاستحمام، وبعد الانتهاء بدأت تصلي بخشوع وهي تحمل المصحف وتقرأ منه. حاولت أقصى الخشوع في الصلاة ولم تخشع إلا بالقراءة من المصحف، وفي سجودها شكرت الله كثيرا حتى انهمرت الدموع من عينيها، وكأن هناك سرا تخفيه عن الجميع وتركته في قلبها ولا تطلب المساعدة سوي من رب. العباد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان آدم في طريقه إلى للبلد، وتبادرت إلى ذهنه ذكريات الماضي. فضغط على يده بغضب حتى ابيضت مفاصله، وأقسم ان يجعلهم يعانون.
وبعد فترة في الطريق وصل إلى وجهته، البلد الذي شهدت علي عذابه . تنفس بهدوء وهو ينظر حوله. ولم يكن يعلم أن مجيئه سيسبب له الألم مرة أخرى. وضع يده على قلبه وأغمض عينيه. ثم نزل من سيارته بالهيبة التي عرف بها ودخل تلك السرايا التي كان يكرهها. أظلمت عيناه وظهرت. نظرة الشر على وجهه جاهزا لجولة ستجعله في احسن حال.. في تلك اللحظه علم الجميع بوصوله من الغفير .... فـ استقبله عمه الأكبر بفرح. لقد افتقده لفترة طويلة. ولم يره منذ زمن ، والآن هو أمامه. نظر إليه آدم ببرود وصافحه بفتور. فتنهد عمه بحزن وهو يعلم أن آدم لم ينس الماضي. ثم نظر آدم إلى ابن عمه بغل، وقابل عمران نظراته ببرود ليقطع نظرات الكراهية تلك. صوت عمه الأصغر.....
_يا مرحب بادم بيه اخيرا جيت وشرفت البلد بس يعني كنت قولنا انك جاي عشان نعملو حسابنا ونستقبلك احسن استقبال
فنظر إليه آدم بسخرية ودخل إلى السرايا دون أن ينطق بكلمة ليغضب عمه من استخفافه به، فدخل الجميع ورأوه، فجلس واضعا قدمه علي الأخرى وهو ينظر إلى عيسى عمه الأصغر ببرود وبنبره هادئه... يا مرحب بيك يا عيسى
عيسى بغضب.. عيسي كده حاف
أسند آدم ظهره على الكرسي بثبات وهو يقول بسخرية: أللي اعرفه ان الالقاب بتتقال للي بنحترمهم
غضب عيسى من كلام آدم وأراد الرد بغضب، لكن منعه شقيقه الأكبر عادل.... خلاص يا عيسي وبجديه يا ام عمران جهزي الغدا يلاه
وقف ادم مكانه وبجمود... ملوش داعي انا طالع شقة ابوي ارتاح عشان دقايق وعندي ليكم مفاجأة هتعجب الكل
استغرب عادل من كلام آدم، وكأنه يلمح إلى شيء سيحدث. أما عمران فقد فهم أن آدم ينوي أن يفعل شيئاً ، وقبل أن يتحرك أوقفه عمه الكبير بحزم. يمين بالله ما هتتحرك غير لما تتغدا معانا
حرك ادم عينه بملل، وقبل أن يتمكن من قول كلمة، استمع إلى صوت أم عمران خلفه... ، كده يا ادم مش عاوز تتغدا معانا دا انا اول ما عمران قالي انك جاي وانا وقفه بعملك الاكل اللي بتحبه كله.... نظر آدم إلى عمران بدهشة، فكيف؟ وعلم بقدومه، فاستقبل عمران نظراته بسخرية وانصرف من أمامه. رد آدم نظره إلى أم عمران. لقد أحب تلك السيدة مثل والدته. فهي عاملته كأنه أحد أبنائها، فرسم البسمة على وجهه وبهدوء... اخبارك اي يا خاله
اغرورقت عيناها بالدموع واقتربت منه لتضع يديها على وجهه بحب... بخير عشان شوفتك يا حبيبي متعرفش كنت وحشني ازاي
ابتسم آدم ومسح دموعها بهدوء... طيب مش هدوقيني الاكل اللي من الصبح بتعمليه عشاني
ضحكت من بين دموعها وأمسكت بيده وسحبته لسفرة الطعام وبحنيه... وهأكلك بإيدي كمان
ابتسم لها آدم ثم تحول نظره إلى عمران. كان واقفاً في الحديقة منشغلاً بمكالمة، فعقله مشتت لأنه علم بقدومه. اتجه نظره نحو عيسى الذي كان ينظر إليه بحقد كامن في عينيه.فقابل آدم نظراته ببرود وجلس يتناول الغداء ويتحدث مع أم عمران دون أن يلتفت إلى أحد من الحاضرين.
وبعد الانتهاء كان يجلس محاطًا بأعمامه وعمران الذي كان ينظر إليه محاولًا معرفة ما كان يخطط له آدم. كان يعلم تلك النظرات وأن آدم لن ينهي أمر المصنع فحسب، بل أن هناك شيئًا أكبر.
نظر ادم في ساعته وبهدوء... اممم قوم يلاه يا عيسى ودع مراتك وبناتك مبقاش في وقت
تفاجأ الجميع بكلامه فرفع آدم عينيه التي تحولت لشر وبابتسامة لا توحي بخير.... دي قرصة ودن من ادم الشيمي عشان تاني مره تحط في بالك مين ينفع يتلعب معاه ومين لا.
شحب وجه عيسى من كلام آدم ونظر إلى عمران بخوف يحاول أن يفهم منه ماذا يعني آدم بكلامه، ثم نظر إلى آدم بعصبية.... تقصد اي بكلامك ده انت جاي بيتي وبتهددني
وقف آدم واقترب منه بخطوات ثابتة تسببت في انهيار أعصاب عيسى، فهمس همسا في أذنه....ورحمة ابويا لخليك تتمني المو.ت يا عيسي بس اصبر
تحول وجه عيسى إلى اللون الأصفر وكانت نبضات قلبه تقفز من الخوف. قام من مكانه مبتعداً عن آدم وينظر إلى أخيه ليساعده وبنبره متقطعه انت عاوز مني اي وتقصد اي بكلامك ده يا ابن شعيب...
عادل بجديه... في اي يا ادم يا ولدي فهمنا
وضع آدم يديه الاثنتين في جيب بنطاله وبنبرة صارمة ونظراته لازالت على عمه... خلي الغفير يفتح البوابه وكلكم دلوقتي هتعرفو في اي
لم يفهم عادل ما يعينه آدم، لكنه فعل ما قاله، مما جعل الجميع مصدومين من اقتراب سيارات الشرطة من السرايا وتحاصرهم من كل مكان.
أما عيسى فلم تقدر قدماه علي حمله من شدة الصدمة وفهم ما يعنيه آدم بتهديده
قام عمران من مكانه واقترب من آدم بغضب غبي ومتسرع طول عمرك
نظر إليه آدم بسخرية وأجاب بخبث... غريبه طول عمرك بتعجبك دماغي
عمران بجديه... انت عارف بـ اللي عملته ده هنخسر قد اي وكفايه اللي الصحافه هتقوله وهتعمله وهتضر ذيك زينا
ادم ببرود... ومين قالك ان يهمني المكسب او الخساره يا ابن عمي تؤ انا عايش عشان انتقم وبس
عمران بجديه... هتندم يا ادم وبكره هفكرك
تحولت نظرات ادم امامه يشاهد الشرطة تدخل المنزل وبستخفاف... بلاش انت تفكرني بندم لانك اكتر واحد عارف ان الندم مش في قاموسي يا صديقي العزيز
قطع حديثهم دخول الضابط وبنبره جاده... عندنا امر بالقبض علي عيسى الشيمي
ادم بموأمه... قومو بوجبكم
الضابط بحترام.. متشكر يا ادم بيه لوله حضرتك مكناش قدرنا نوصل للعصابه دي ابدا
لم ينتبه آدم إلى كلامه، لان هناك ما شغل ذهنه أكثر وأشعره بالانتصار، وهي الحالة التي رأى عيسى عليها. كان يجلس على الأرض وينظر حوله في حالة صدمة، غير قادر على الكلام.
اقترب الضابط ومن معه ووضعوا الأصفاد في يده، بينما كان عيسى يراقبهم بصدمة، وعندما سحبوه استمر في الصراخ بصوت عالٍ، مستغيثًا بأخيه وعمران، فأغمض عادل عينيه حزنًا، ام عمران . أدار ظهره له وتنهد حزناً على ما فعله عيسى بنفسه.
ورحل الجميع وبقي آدم كما هو. وقف ينظر أمامه ليقطع تشتيت انتباهه. صراخ عمران وأمه
نظر خلفه فرأى عمه عمران يسنده بخوف ويجلسه على الكرسي وزوجته بجواره تبكي. ربت على يدها ونظر إلى آدم، والتعب واضح في نبرته.
_اي اللي حصل يا ادم وعيسى عمل اي
ادم بجمود.... اسأل ابنك يا عمي وببرود مضطر امشي سلام يا خاله...
وغادر دون أن يستمع إلى كلمة واحدة
ركب سيارته ليغادر، لكن أحدهم اعترض طريقه.
نظر إليه بنظرة قا.تلة، لكن عمران لم يهتم بنظرته وركب سيارته. صمت لبضع دقائق، وصمت آدم أيضًا، يشعر بالكراهية والحزن عندما يتذكر جلسة كتلك في الماضي و خروجهم للسهر في وقت متأخر من الليل في السيارة وأحاديثهم التي لم تخل من الضحك والمزاح، لكنه وبخ نفسه على ذلك.فهو كان خائناً عدو له.
قاطع صوت عمران أفكاره.... انت لازم تمشي بحراسه من بعد النهارده
ابتسم آدم بسخرية وتحدث دون أن ينظر إليه.. علي الله يا ابن عمي
غضب عمران لأنه يعلم أن آدم عنيد حتى على نفسه... عمران بعصبية زائدة، وهو ما فاجأ آدم، لأن عمران لا يتخلي عن برودته إلا لشيء يستحق. هل هو حقا خائف عليه؟
_بلاش برود يا ادم واسمع اللي بقولك عليه دلوقتي العصابه دي حطاك في دماغها انت عارف بسببك ضاع عليهم بضاعه بفلوس قد اي
ادم بجديه.... خليك في مصلحتك يا عمران وبلاش تعمل ان قلبك عليا وأضاف بسخرية وهو ينظر إليه: "ولا دلوقتي افتكرت انك الكبير بتاعنا
تنفس عمران بغضب وعيونه تحولت للد.ماء وبجديه...مش وقت كلام عن الماضي يا آدم انت جواك عارف ومتاكد ان محدش بيتمنالك الخير قدي فسمع كلامي واعتبره اخر طلب هطلبه منك
ضرب آدم يده بغضب وهو ينظر إلى عمران... انت عاوز مني اي ما تسيبني في حالي بقا وخلي نصيحك لنفسك اوعك تكون فاكر بأن اللي بتعمله ده هيخليني اسامح واعدي اللي حصل زمان.. لا يا عمران مش هيحصل انت بقيت ميت بنسبالي
ازداد غضب آدم واحترقت عيناه من الغضب، فسحب عمران من ملابسه وبلهجة قاسية...خايف عليا ليه غريبه دا لو انا مكانك كنت دفنتك بإيدي ولا ضميرك بأنبك عشان اتهمتني ظلم ولانك الكبير العاقل صدقوك وكدبوني
كان عمران يستمع إليه بهدوء ولم يصدر أي رد فعل، وبعد أن انتهى آدم أمسك بيده التي كانت تمسك به ودفعها بعيداً، ثم نزل من السيارة، ووقف جانباً حتى تمر بجواره.. نظر إليه آدم بنظرات نارية، وأدار سيارته وغادر.
وظل عمران يتابعه حتى اختفى فقام بعدها بالاتصال علي أحد رجاله ليتلقى الرد من الجانب الآخر... أوامرك عمران بيه.
عمران بجمود... عينك علي ادم في كل مكان ومن النهارده تنقل سكنك في المكان اللي عايش فيه ويكون معاك حراسه تمشي وراه في السر انت عارف ادم مش سهل وهيكشفكم فنتبهو
الحارس بتفهم... متقلقش يا عامران بيه كل اللي طلبته هيحصل
عمران.. تمام
_ أغلق عمران هاتفه ومرر أصابعه في شعره محاولا أن يهدأ . ثم دخل المنزل للاطمئنان على والده..... رآه جالساً والحزن ظاهر على ملامحه، وكأن هموم الدنيا تتساقط على رأسه.
اقترب منه عمران وهو يفكر كيف سيتحدث عن الأمر، فنظر إليه والده بحزن...احكي يا عمران عمك عمل اي تاني في ادم وليه الحكومه دي كله جت عشان تاخده وعصابة اي اللي الضابط اتكلم عنها انا عقلي هينفجر
عمران بتنهيده... عمي اتلقي عقابه يا حج ويستاهل اكتر من كده
_قاطعت محادثة عمران زوجة عمه الوقفه ورأه هي وبناتها.. تقصد اي بكلامك ده يا عمران يعني اي يستاهل ولا عشان ادم بيه تيجو علي جوزي وتقولو يستاهل
نظر عادل خلف ظهر عمران ليراها وبناتها واقفين فأغمض عينيه بتنهيدة، فالأمر لا يطاق. أما عمران فالتفت نحوها وبجمود ادخلي جوه يا مرات عمي أنتي والبنات وبعدين هنتكلم في الموضوع والكل هيعرف حصل اي...
_شعرت بالغضب من برودهم وأقنعت نفسها أنهم هم من فعلوا ذلك وأوقعو زوجها في الفخ ليأخذ عمران كل الممتلكات لنفسه وسجن زوجها، فارتفعت نبرتها يغضب... لا انا مش هسكت يا عمران انا جوزي اتاخد قدام عيني والكل مش عارف اي السبب لا وكمان صحبك جاي بنفسه بعد السنين دي كلها وظبطلك كل حاجه وفرشلك الدنيا ورد.... نظرت إلى بناتها بحده..عرفتو انهم مبيحبوش لينا الخير سمعتم بيقولو اي علي ابوكم
كان عمران يستمع إلى كلامها بصدمة، ثم تحولت بعد ذلك إلى غضب أعمى، فضغط على يده بقوة وصر على أسنانه وبنبرة مرعبة...دقيقه واحده لو شوفتك قدامي هتندمي عمرك كله فبلاش تخليني اعمل حاجه عمري ما عملتها
ارتعدت زوجة عمه عندما رأت غضبه وتحوله المخيف، فمن يجرؤ على الوقوف في وجهه، لكنها شجعت نفسها على التحدث علانية وقت انهيارهما حتى لا يحاسبها أحد على كلامها، فأمسكت أيدي بناتها في خوف وأخذتهم وغادرت بسرعة.
تنفس عمران محاولاً أن يهدأ، لكنه لم يهدأ بهذه الطريقة، فضرب الحائط بقوة ليتوعد لها على ما قالته.
الاب بجديه.. اهدا يا عمران ومتخليش كلامها يأثر فيك يابني دي طريقتها واحنا عرفين
اومأ له عمران وبجديه... عيسي كان مشغل مصنع ادم لحسابه وبيتاجر في الممنوعات وطبعا كل ده بيتورد بره مع البضايع الاصليه للمصنع ومفيش اي شك من نحية الموضوع لان ادم اسمه معروف في السوق والكل عارفه وادم اكتشف الموضوع
عادل بصدمه.... انت بتقول ييبني
عمران بأسف... دي الحقيقه يا حج عيسي كان هيودي ادم ورا الشمس لو حد كان شم خبر بالموضوع ده
عادل ضرب يد على يد بصدمة. لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يسامحك يا عيسي مش عارف ليه طول عمرك حاطت ادم في دماغك وناويله علي الشر
عمران بتنهيده... عيسي لعب في عداد عمره ولوله خاطرك وخاطر بناته كان ادم خلص عليه من بدري
عادل بحزن.. ياما نفسي يرجع تاني يا عمران ويعيش وسطينا واعتذرله علي كل حاجه حصلت واقوله اني كنت غلطان
أومأ عمران برأسه شارداً وهو يتذكر حديثه مع آدم، ليغلق عينيه بألم يتمنى أن يمحو ما مضى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان آدم في طريقه إلى منزله، وطوال الطريق لم يتذكر سوى الماضي وصداقته مع عمران، فضرب المقود بكل قوته.. كان يتنفس بصعوبة حتى يهدأ. تلقى اتصالا لكنه لم ينتبه وواصل التنفس بغضب ثم أجاب.....
صهيب بهدوء... احنا وراك يا ادم
ادم بجديه... تمام يا صهيب
صهيب.. في حاجه حصلت كنت عاوز اقولك عليها
ادم بجمود.. اتكلم
صهيب...عمران معرفش ازاي عرف اني موجود في البلد ووقت ما كنت ماشي لسكن اللي قاعد فيه انا والرجاله لقيت حد ساحبني لشارع مهجور وهددني ان لو حصلك حاجه او اتنبشت روحي هتبقا قصادك وهيخدها بأيده وبعدها قالي اللهم بلغت اللهم فشهد وسابني ومشي ومقدرتش اقولك طول ما انا هناك علي اللي قاله لانه هددني باني معرفكش حاجه فستنيت لما اطلع من البلد واقولك لان عمران الغلطه معاه بفوره وكمان مكنتش فاهمه ولا فاهم سبب تهديده وكنت متوتر لو اللي خططناله يبوظ بسببه وبسبب انه عرف اننا رجالتك
كان آدم يسمع لصهيب مصدوماً، وكأن لسانه مقيّد. لم يكن يعرف ماذا يقول ولم يفهم ما كان يفكر فيه عمران.
استغرب صهيب سكوت ادم فأردف بهدوء.. ادم سامعني
ادم بشرود... سامعك يا صهيب
صهيب.. بتفكر في اي
ادم.. هتعرف بعدين هقفل انا دلوقتي
أغلق آدم هاتفه، وكان ينوي القيام بشيء لمعرفة ما يخفيه عمران
وبعد فترة وصل آدم ونزل من سيارته وهو يشعر بثقل في قلبه، ليدخل المنزل وهو غارق في أفكاره، فلاحظته ولدته لتناديه باستغراب...ادم
نظر ادم نحوها واقترب منها وقبل رأسها بحب... أي حبيبتي
والدته بتساؤول.. مالك يا حبيبي وشك باين عليه الحزن ليه كده وشارد
ادم بهدوء.. مفيش يا قلبي النهارده الشغل كان كتير فمرهق شويه عن اذنك هطلع ارتاح شويه
والدته بهدوء.. تمام
تنهد آدم وهو يعلم أنها حزينة منه فجلس بجانبها وأمسك بيدها بحب.. ماما بلاش زعل بالله عليكي انتي عارفه غلاوتك وزعلك عندي بدنيا كلها
كانت الدموع في عينيها وحاولت إخفاءها، لكن آدم لاحظها، مما زاد حزنه. أمسك وجهها وقبل رأسها بمحبة.
_خلاص يا حببتي شوفي اللي هيريحك ويطمنك واعمليه انا معنديش اهم من راحتك في الدنيا
نظرت إليه بحنان ووضعت يدها على خده أنا راحتي هي اشوفك سعيد وليك عيلتك وأطفالك.
آدم بابتسامة... واي اللي مخليكي متأكده كده انها هتعجبني مش ممكن مرتحش او متعجبنيش
والدته بضحكه... انا خايفه انك لما تشوفها تصر علي والدها تكتب الكتاب
رفع آدم حاجبه بمكر... لدرجه دي. يعني ام ضفاير اللي كانت اسنانها كلها وقعه بقت انسه ادم الشيمي هيتهبل لو شافها
أومأت والدته بضحكة.. بظبط ولاني عرفاك. عارفه انها هتعجبك وهيعجبك عقليتها جدا
ادم بتفهم.. ماشي يا حببتي شوفي هتعملي اي وانا هكلم الحج محمد بكره ان شآء الله واتفق معاه علي يوم
ابتسمت والدته وعبثت بشعره بطريقة فوضوية، وهو ما كانت تفعله دائمًا عندما كان صغيرًا. ابتسم ادم علي تلك الحركه وقبل وجنتيها وبعدها استأذن منها وصعد لغرفته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي مكان آخر كان يجلس في منطقة بعيدة عن الجميع. تنهد بصوت عالٍ وظل يفكر في ما قاله والده. ثم وقف حيث كان سيغادر، لكنه سمع صوت شهقات عالية فنظر في كل الاتجاهات، محاولًا معرفة من أين يأتي هذا الصوت، حتى وقعت عيناه على فتاة تجلس تحت شجرة وتدفن رأسها بين ذراعيها وهي تبكي، فاقترب منها بحذر ليفهم ما بها، وبلهجة طبيعية.. أنتي بخير يا آنسة.
ارتعدت تلك الفتاة عندما سمعت الصوت. كانت تخشى أن يتعرف عليها أحد، فنظرت إليه بخوف، لكنه تجمد في مكانه عندما رآها، وتاه في تلك العيون الزيتونية ولم يستطع أن ينطق بكلمة.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الجلاد لقلبي رغم حبي) اسم الرواية