رواية عودة الوصال الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم سارة ناصر
« تلاحقنا عواقب أفعالنا إينما كُنا ، حتى وإن فعلنا شئ لا يستحق العواقب له ، ثمة اختيار يوافقك بينما لم يوافق غيرك ، أو نظره معينه بشئ في حين ٱخرين لم ينظروا كذلك ، ومن ثم لم يأت سوى الوجع لأفعالٍ كُنا لها وإليها نرضى !!»
وقف أمام الغرفه بضياعٍ يذهب في طرق مختلفه عن الأخرى ، وقلبه المُنهك الذي أذن له بالوجع لم يهدأ ، وضع يديه أعلى رأسه بألمٍ ثم حرك رأسه نفياً من أفكار عقله التي تعلو بقوه ، يديه ملطخه بدمائها ، وحتى ملابسه منذ ٱخر مره حملها حتى جاءت لهما نقاله تنقلها في الأسفل ، دخل "بسام" معها إلى الداخل حيث غرفة الطوارئ ومن معه من أطباء متخصصين يعرفهم هو ، ولم يقف بالخارج سوى "غسان" الذي وقف بأعجوبه وساقيه لا تحتمل الوقوف ، هبطت دموعه بضياعٍ ، حتى أنها تهبط دون توقف ، إستند على الحائط ودموعه لا تجف ، في حين ظهرت هي ووالده من علي بعد يركضون ناحيته بعدما عرفوا أين سيكونوا هم ، وقفت "نيروز" بلهفه تنظر له بتعبٍ ولم تسأله بل رأت الغرفه مغلقه ومضاءه بضوء أحمر من الدائره أعلى الباب ، وقف "حامد" يستند على الحائط بعجزٍ ودموع عينيه تهبط هو الٱخر أسنده "شادي" الذي حاول التماسك قبل أن يقع أرضاً ثم أجلسه على المقعد ، بينما وقف "غسان" بخواء ولم يستطع أياً منهم إخراج الحديث ، ارتجفت يدي "نيروز" من بين دموعها بقوه ، حتى أنها حاولت جاهده أن ترفعها لتمسح دموعه من على وجهه ، دفعته كي يدخل بين أحضانها ، ولم تكن أحضانها سوى النجاه الوحيده من تشتته وألمه ، ضمته بقوه حتى سمعت هي شهقاته الخافته بل وتسمع تأوي بكائه ؟! ، بكت هي الأخرى بتعبٍ ثم تحدثت له بنبره ضعيفه خرجت له :
_" هتبقي كويسه والله ، والله هتبقي كويسه !"
رفع يديه يزيح خصلاته إلى الخلف بتيهه ثم رفع كفه يمسح دموعه تزامناً مع قوله المتحشرج الذي ضرب فؤادها من رؤيته بمثل ذلك الضعف :
_" أنا خايف ، خايف يا نيروز "
الخوف !! ، يأتي على الإنسان وقت يخرج ضعفه دون حرج لمن اختاره فؤاده ، أما الأخرى فهي شقيقته ، الأقرب دائماً لفؤاده الذي أُنهك الٱن ، هزت رأسها له بلهفه ثم ربتت على كفه من بين دموعها :
_" متخافـش !!!"
لم تقوى على إرداف أكثر من ذلك ، أخرج أنفاسه بصوتٍ مسموعٍ وبان الإنهاك بكل تفاصيله ، اما "حامد" فقد كان يجلس بخواء لم تهبط. منه سوى دموعه حتى حديث الٱخر له لم يسمعه ، مشهد الدماء لم يغيب باله ، التفتت "نيروز" بإندفاعٍ عندما وجدت نفسها ستخرج منها شهقاتها ، وضعت يديها على فهمها ثم حاولت بأن تكتم دموعها أكثر ، ولكنها تفاجأت بسؤاله الذي سأله لها وكأنه طفل ينتظر الجواب الإيجابي من والدته:
_" هتبقي حلوه يا نيروز صح ؟"
هزت رأسها تراضيه وهي تبتسم من بين دموعها ثم رفعت يديها تمسك يديه باحتواءٍ ، تشبتت يديه بيديها وكأنه التائه من عائلته ، الطفل الذي فقد كل الطرق التي تؤدي لمنزله ، ثم وجد النجاة بها هى وحدها ، أما عقلها فلن ينصرها في هذه اللحظه عندما وجدتها تفكر بالشخص الوحيد الذي يمكنه. فعل ذلك ، وضعت يديها على رأسها بألمٍ ثم انزلتها ترفعها ناحية وجهه وهي تزيل دموعه التي تنهمر ولا يُعرف لها طريق محدد ، سحبت يديه خلفها كي يجلس بجانب والده ، وبالفعل تحرك بخواء ، ثم حرك رأسه بعجزٍ ناحية "حامد" الذي لم ينظر إلا على باب الغرفه من أمامه ، رفع "غسان" ذراعه يوجه وجه والده ناحية صدره حتى ضم رأسه له بوجعٍ وهو يهتف من بين دموعه بنفس النبره المختنقه :
_" هتبقي كويسه والله يا حامد .. !"
وكأنه يثبت لنفسه هو الٱخر الحديث ، وقفت "نيروز" تنظر على المشهد من أمامها بألمٍ ، رأس "حامد" تستند ناحية صدر "غسان" و"شادي" يضع يديه ليربت بها على ساق "حامد" ، أخرجت "نيروز" هاتفها تفتح القرآن الكريم لتقرأ منه رغم دموع عينيها التي تتجمع بين كل لحظه والٱخرى !!
تذهب في الطرقه وبيديها الهاتف تقرأ بتوتر ، حتى أن صوتها قد وصل لهم وهم جالسين ، تفاجأت بمن يركض خلفها التفتت بسرعه تنظر ولم يكن سوى "بدر" و"ورده" التي أمسكت يد "دلال"، أجاب "شادي" على اتصال "بدر" بالتأكيد ! وقفت "دلال" تنظر بقهر والمشهد أمامها وضح لها بشده ، كادت أن تصرخ بوجعٍ فنهض "غسان" سريعاً يسندها وهو يأخذها بين أحضانه ، بينما إرتمت "نيروز" بإحضان "ورده" في هذه اللحظه ،
وقف "بدر" حتى جلس بجانب "حامد" الذي يهز ساقه وفمه يتحرك بالذكر من بين دموعه وفقط ! ، بكت "دلال" بصوت في أحضان "غسان" الذي ضمها بألمٍ ، يضم الجميع في حين أنه هو الذي يريد ضمه واحده لا يخرج منها أبداً ، توجب عليه فعل ذلك منذ أن كان صغيراً ، تحدثت بوجعٍ وصوتها من بين البكاء أرسل لهم جميعاً بعض من وجعها :
_" أنا كــنت حاسه ، والله كنت حاسه وقلبي وجعني من أول اليوم! ، قولتلها بلاش تنزل وكأن قلبي كان حاسس !!"
ربت على ظهرها من الخلف بقوه ثم أخرجها برفقٍ يمسك يديها كي يجلسها على المقعد بجانب "والده " الذي تحركت أنظاره أخيراً لها هي ، من بين حبهما الذي بقى لكبر سنهما ، شعر المُحب بأنفاس حبيبه بجانبه ، نظر لها بخواءٍ فوجدتها تردف من بين دموعها بتعبٍ :
_" وســام يا حامد ، وســام بنتنا ، قلبي بيوجعني أوي .."
طريقتها في قول كلماتها جعلت الدموع تهبط حتى دموع "بدر" الذي توجه يضم رأسها بين يديه برفقٍ وهو يهتف لها بإطمئنان، وقف "غسان" على بُعد منهم ينظر بصمتٍ ، حتى توقفت دموع عينيه تدريجياً ، ولم يذهب عقله سوى له هو تحديداً ولـ تهدديه الذي علم به الجميع الآن من يمكنه فعل شئ كهذا سوى "حسن" الذي برع في قلب الأحوال ، إحتدت عينيه الباكيه وهو يضم كفه بتوعدٍ ، وإذ كان ما يفكر به نفس ما كانت وصلت إليه والدته التي أشارت لـ "نيروز" من بين دموعها:
_" قولت ، أنا قولت إن ولادي مش هيطلعوا منها علي خير مادام المشاكل بدأت من ساعة ما حبها وإتجوزها !"
نظرت لها "نيروز" من بين بكائها ، أغلق "غسان " عينيه بقوه من ما يسعه من والدته حتى توجه ليقف أمامها وهو يحذرها بنظراته فوجدها تسترسل كلماتها الموجوعه بغير وعي :
_" مش هقدر أشوف ولادي بيضيعوا مني والله ، قولتلك يا غسـان طـ .."
وقبل أن تكمل حديثها حدجها "غسان" بتحذير موجع وهو يهتف :
_" إسكتي ، مش وقته !"
حركت رأسها بخيبه وهي تبكي، حتى توقفت عن ما كانت تردفه ، أما "نيروز" فلم تفهم معني ٱخر ما كانت ستردفه ، ولكنها استشفت بأن الذنب يوجه إليها وحدها ، إبتلعت ريقها بإنهاكٍ ثم تركت يد "ورده" وهي تتوجه لمقعد بعيد كي تجلس بمفردها هي ودموعها المتشتته من ما يحدث !
لم تشعر سوى بشهقاتها العاليه التي وصلت إليها وهي تتذكر كل مُر مر عليها في الحياه ، أين العدل وأين الراحه التي وجدتها هىٰ ، حركت رأسها تنظر على "غسان" الذي ثبت نظراته عليها من علي بُعد ، جسده أمام الغرفه التي توجد بها شقيقته كما أن عقله انقسم إلى أنصاف متعدده ، أحدهم مع من بالداخل وٱخر مع والديه وٱخر معها ، وٱخر به وبمن يشك به حتى يفعل بشقيقته ذلك ، وضعت "نيروز" يديها على أذنيها بتعبٍ تنفي الأصوات الخارجه ثم رددت مع نفسها ٱيات قرٱنيه علها تهدأ من روعتها ، توجهت "ورده" ناحيتها كي تضمها إليها بعاطفة إخوه ، وهي الأخرى تبكى بصمت ..
عقارب الساعه تمر لســاعه كامله مرت عليهم وكأنها سنواتّ، هو يستند على الحائط بتوترٍ تاره تهبط دموعه وتاره يمسحها بقوه عندما ينظر إلى وجه والديه ،. و"حامد" يجلس مستنداً على كتف "بدر" و"شادي" يمسك يد"دلال" وهو يربت عليها بحنانٍ ، و"نيروز" ترتجف يديها بين يد شقيقتها التي تهدأها بين وقت والٱخر ، وقف الجميع وإلتفت من كان لا ينظر على باب الغرفه الذي خرج منه "بسام" للتوّ ، وحده !، رأى التساؤلات في عين الجميع في حين هزه "غسان" بقوه قبل أن يتساءل الجميع ثم صرخ به بقوله وهو يتساءل :
_" طمــني يا بســام ، بقـت كويســه صــح !"
أمسك "بسام" كف شقيقه ثم نبس بنبره ضعيفه خرجت لهم جميعاً:
_" خيطوا الجرح وحطوها تحت جهاز تنفس ،وهتفوق كمان شويه عشان نعرف دماغها ونظرها إتأثروا ولا لأ .."
وما أن قالها ضم هو "غسان" بقوه فهو لم يعطي فرصه لنفسه بأن ينهار ، بكاء الإثنين بأحضان بعضهما كان لهما صوت مرتفع بشهقات كل منهما ، ضمه "غسان" إلى صدره بوجع ، في حين بكت "دلال" في أحضان"شادي" الذي هتف بتحشرجٍ يطمئنها :
_" مفيش حاجه هتتأثر والله ، متقلقيش هتبقي كويسه وهتقوم من تاني أنا متأكد !"
وبين أحضان والأخرى ، "بدر" وعمه ، و"نيروز" التي نهضت بلهفه ثم احتضنت شقيقتها ، أخرج "غسان" شقيقه من أحضانه ثم رفع أنامله يمسح دموعه ، يترك دموعه هو ويمسح دموع شقيقه ؟! ، فعلها ثم قال بنبره جاهد هو بأن تبقى ثابته :
_" خليك جامد يا بسام ، خليك ثابت ، أختك هتبقي كويسه ، هتبقي كويسه والله !"
قسمه هو الوحيد الذي خرج بترجي وضعف ثم ترك شقيقه ، وهو يسحب يد"نيروز" التي كانت ترتجف من بين أحضان شقيقتها ، توجه بها يجلسها على المقعد ، ثم نظر لها نظره لينه ، ثم توجه هو ناحية"بدر" ثم هتف بنبره هادئه له :
_" روح يا بدر وخُد مراتك ونيروز معاك وخد أمي عشان مينفعش التجمع ده "
وقبل أن يكمل باقي حديثه وجد "دلال" تقف باندفاعٍ وهي تشير له بقهرٍ :
_" مش همشي فـ حته وأسيب بنتي ، سامعني يا غسـانّ !!!."
توجه "بسام" يسندها برفقٍ ، في حين خرج صوت "حامد" أخيراً وهو يقف يؤيد حديث ولده :
_" إمشي يا بدر وخد المفتاح وخلى ورده تدخل تجيب لبس لـ وسام ، وأدخل إنت هات لبس لـ شادي وغسان ،. أنا مش عارف أبص علي الدم ده يبني !"
أسند"غسان" والده في حين أومأ له "بدر" وهو يأخذ منه المفتاح ، ثم أشار لـ "ورده" التي اتجهت ، ومن ثم قاطع سيرهم توجه "غسان" يقف أمام "نيروز" وهو يردد :
_" روحي يا نيروز معاهم "
_" مش هسيبك وامشي مستحيل !"
قالتها بجديه شديده وهي تمسح وجهها ، وجد الإصرار بنظراتها حتى أهبط نظره علي كفها الذي يرتجف بطريقه ملحوظه ، أمسك يديها يدلكها بلطفٍ ثم أشار لـهم بأن يرحلوا هما ، أخذ "بدر" مفتاح سيارة "شادي" كي يستطيع الذهاب والعوده بسرعه ، أسند "غسان" "نيروز" برفقٍ ثم أخذ زجاجة مياه من يد "بسام" الذي إنتشر حاله في المستشفى ، ومن ثم ساعده الممرضات المعروفين منه وكذلك بعض الأطباء ، وكان التجمع يسمح به رغماً عنهما كونه أحد الأطباء المعروفه بالمشفى ، وضع على يديه ثم رفع يمسح وجهها بحنوٍ ، ومن ثم وضع بعض المياه على يديها كي تهدأ رجفتها ، نظرت له بشفقه ، فـ فـي لحظة وجعه وألمه لم يعطي نفسه الفرصه ولا الوقت للإنهيار وحده بل تتحرك أنظاره وإهتمامه ناحية الجميع ولم يكن مهم لديه هو سوى بالنهاية ! وأين النهايه إذن ؟ ستفعلها هي؟ كي لا يتأذى منها ؟ عقلها بين قرارات كثيره مصيريه ! ، خرجت من شرودها عندما سألها بكامل إهتمامه وهو يمسك رأسها برفقٍ :
_" بقيتي أحسن ؟"
هزت رأسها له دون حديث ثم وجهت نظراتها ناحية ملابسه الموجود عليها الدماء. ، نهض يسير ناحية والده ثم مسد على خصلاته البيضاء يرجعها إلى الخلف ، فتفاجأ به ينهض ببطئ ثم أشار لـ "بسام" بقوله :
_" وصلني أوضتك يا بسام ..خليني أتوضى وأصلي !"
أمسك "بسام". يديه يسنده وهو يومأ له ثم سار معه لنهاية الطرقه ، ومن ثم نهض "شادي" يذهب للمرحاض في الأسفل ليغسل وجهه ويديه ، ولم يتبقي سوى "دلال" التي لم تتوقف دموعها إلى الٱن هي الوحيده من بينهم ، رفع "غسان" كم ملابسه يمسح وجهها ثم هزها بحزمٍ وهو يقول:
_" خلاص يا ماما بطلي عياط بقا ،هتفوق وهتبقي كويسه إن شاء الله متقلقيش !"
لم تتحرك أنظارها ناحية "نيروز" التي وقفت على بُعد منهم ، بل نظرت في عين "غسان" وهي تردد :
_" مفيش غيره حسن هو اللي عمل كده يا غسان ، حسن اللي أنا عارفه إنه مش هيسيب حد منكم فـ حاله بعد ما كتبت علي مراتك ، إفرض أختك كانت راحت فيها ، أنا مش هقدر ، مش هقدر يا غسـان تعالى نسيب البيـت ونروح نسكـن فمكـ.."
_" إهدي ، إهدي مفيش حاجه هتحصل بعد كده ولو هو فـ أنا مش هسيبه !"
وكأنه يزيد من قلقها أكثر ، نظرت له بلهفه ثم اجابته بإختناقٍ :
_" لا ، متهوبش نحيته ، أنا مش مستعده أخسر حد فيكم ، سيبهاله لو هي اللي فارقه معاه أوي ، سيبهاله وهو نصيب والله يبني !"
حديثها التي تردفه هي دون وعي منها لا تعلم بأن عواقبه عليه هو صعبه ، لم يقف لها في الحديث ولم يوقفها عند حدها ، كونها بهذه الحاله ، ولكن الحديث كان عليه هو أصعب ما يكون ، تنهد يخرج أنفاسه بتعبٍ ثم أومأ لها دون تركيز ، وهو يوزع نظراته عليها وهي تجلس من على بُعد منهم ، إعتدل ثم توجه ليستند على الجدار وما أن فعلها وجد بعض من الأطباء يخرجون من الغرفه ومعهم إحدي الممرضات ، توجه "غسان" يقف بلهفه في حين كانت قد فعلت "نيروز" هي الٱخرى ذلك ، أجاب أحد الأطباء الواقف من أمامهم بهدوء:
_" هتفوق كمان شويه بس مش هتتنقل من الأوضه ألا ما نشوف الأول نتيجه الخبطه دي إيه بعد ما تفوق ،مش عاوز أقول إن الزياره الكتير دي ممنوع أصلاً لـ دكتور بسام يزعل مني ولا حاجه ، بس إنتم أكيد فاهمين الحاله ، ربنا يشفيها إن شاء الله"
وما أن قالها تحرك من أمامه ومن معه أيضاً ،بينما وقف "غسان" بتيهه ينظر على باب الغرفه ومن ثم تجاهل حديث الطبيب وهو يفتح الغرفه ليدخل بها هو و والدته من خلفه التي توجهت "نيروز" لتسندها برفقٍ ، دخل "غسان" فوجدها منقوله علي فراش أخر نظيف غير الٱخر وبعيداً عنه بقليلٍ ،فقد أخذت الممرضات وقت لتنظيف المكان ، وقف "غسان" أمام الفراش في حين تراخت قدم "دلال" التي جلست على بعد منها بعجزٍ ، أمسك "غسان" كفها الدافئ بين كفه البارد وهو يتشبت بها وقد تجمعت الدموع بمقلتيه من جديد وهو ينظر على رأسها الملتفه بالشاش على المكان المصاب والغير مصاب ، لاحظ وضع الأكسجين كي تستطع أخذ الأنفاس ، ومن ثم لاحظ تمسكها بيديه بقوه وتشنج ملامح وجهها وكأنها تستنجد بأحد ، تلمس جسدها بلهفه وخوف عندما وجدها تتحرك بطريقه غير ملحوظه للكل ، في حين دخل عليهم الغرفه سريعاً "بسام" الذي عاد بسرعه ،. وقف هو الٱخر يبتلع ريقه ثم قال بنبره خافته من خلف شقيقه :
_" بتفوق !"
نظر لها "غسان" بلهفه شديده عندما وجدها تغمض عينيها بقوه ومن ثم رمشت بأهدابها عدة مرات حتى فتحتها بتشوش وهي تنظر على سقف الغرفه ومن بعدها تتحرك أنظارها على شقيقها وشقيقها الٱخر ، صداع رأسها وصوت صفارة في أذنها كان شديد حتى تأوت هي بخفوتٍ ومن ثم تركت يد "غسان" بيديها وهي ترفعها لتزيح ما يوجد على أنفها وفمها ، جاهدت بخروج صوتها الضغيف لهم وهي تقول :
_" أنا فين!"
وما أن قالت الكلمتان هبطت دموعها وهي تحاول بأن تعتدل ولكن أوقفها "بسام" بحزمٍ وهو يسندها هو بطريقه صحيحه، ومن ثم نهضت "دلال" تتظر بحزنٍ وهي تتحدث بلهفه :
_" حمد لله علي سلامتك يا حبيبتي "
قالتها وهي تقف بجانبها "نيروز"، أما "غسان" فوقف بترقب ليعلم حالتها كما كان "بسام" هتفت هي من بين دموع عينيها برهبه وهي تتمسك بيد "بسام" :
_" مشيني من هنا يا غسان ، إنت عارف إني مبحبش المستشفيات وبخاف منها ، عشان خاطري مشيني !"
أخطأت في الأسماء كون تركيزها مهزوز. ، لاحظ "غسان" بأن الكلمات من المفترض بأن تكون له في حين بأن الٱخر يعتاد المستشفى!! ، هز لها "بسام" رأسه ، بينما أمسك "غسان" يديها وهو يطاوع ما تفكر هي به :
_" حاضر هخليه يمشيكي من هنا بس أصبرى يشوفو الأشعه اللي هتتعمل على دماغك وهنمشي علطول ماشي ؟؟!"
نظرت تستشف مدى صدق كلماته ، بينما هبطت دموع عينيها ، فتوجهت "نيروز" تربت على قدمها بإطمئنان فوجدتها تهتف بإسمها قائله :
_" قوليله يا نيروز يمشيني عشان خاطري !"
هزت رأسها لها بلهفه ودموعها لا تتوقف ثم تصنعت بأن تنظر على "بسام" كي لا تقلقها علي نفسها حتى هتفت له بتصنع :
_" إسمع كلامها يا غسان لو سمحت ، مشيها من هنا "
خرج "غسان" على الفور من الغرفه وهو يكتم دموعه حتى وجد أطباء الاشعه يقطعون طريقه تفهم هو بأنهما جاءا من الإنذار ، خرجت من بعده "نيروز" التي أمسكت كتفه بموساه ، بينما أمسك "بسام" يد والدته يسندها للخارج، والكل في الإنتظار من النتيجه السريعه التي ستحدد إن كانت ستمكث أم سترحل ...!!
___________________________________________
بعد مرور وقتّ جلست "سُميه" تنظر بقلة حيلة بعد علمها لما حدث ، بل وبالأخرى تفكر بحالهما ، كان معها بشقتها "عايده" و"جميله" التي خرجت عندما سمعت صوت الصراخ ، ومازالت "منه" موجوده ، في كل حدث شديد تكون هي بالفعل موجوده ، والمره السابقه عند طعن "نيروز". بالسكين الحاد ولحظات التوتر الذي كان الجميع بها ، من الواضح بأن حظها لا يوجد أفضل منه !! ، ربتت هىٰ على يد "جميله" بمواساه ، و"عايده" تحمل "يامن" ، لاحظ الجميع صوت رجل يجلي حنجرته عند باب الشقه المفتوح ، ولم يكن سوى "عز" الذي هاتف "جميله" قبل قليلٍ وعلم منها ماحدث حتى جاء سريعاً ، نهضت "جميله" بسرعه كما حثه البقيه علي الدخول ، دخل بحرجٍ ثم رحب بـ " عايده" التي ابتسمت له قائله :
_" إتفضل أقعد ببني !"
جلس "عز" بجانب "جميله" التي ظهر على ملامحها القلق ، فهتف هو بنبره هادئه يطمئنها :
_" متخافيش يا جميله ، إن شاء الله خير"
حركت هي أنظارها ناحيته ثم هتفت بخوفٍ ظهر بنبرتها :
_'' مخافش ازاي يا عز دي بيقولو مضروبه على راسها ربنا يستر ، وكمان لو اللي فـ دماغي هو الصح مش هيبقي فيها خير أبداً "
المواساه كيف بدون أحضان ومسكة يد ؟ هو الذي لا يحق له فعل ذلك الٱن ؟؟ ، نظر لها بهدوءٍ ثم نبس بنبره لينه يطمئنها :
_" إيه اللي فـ دماغك ، إهدي كده وإطمني وإتفائلي خير "
_" لا .. ، اللي عمل كده مفيش غيره ، هو حسن ، حسن اللي بعد ما حصل اللي حصل وأنا معاك تحت طلع قلب الدنيا هنا وعمل مشاكل بين نيروز وغسان ووقع الدنيا فبعضها وهدد غسان بإنه مش هسيبه ولا هيسيب اللي منه !"
قلقها الظاهر يقلقه هو شخصياً ، إعتدل في جلسته ينظر لها بإهتمامٍ حتى يخرج منها توترها وهو يقول:
_" جميله بصيلي ، شيلي من دماغك الاحتمالات دي الوقتي ، دي حاجات مش هتجيب غير مشاكل ، إنتِ أكيد مش محتاجه غير صحة قريبتك وإنها تكون بخير ، قومي تعالي معانا نروحلهم المستشفي ، أنا كنت هروح لـ أمي وفرح بس لما عرفت اللي حصل رجعتلك هنا !!"
نظرت له بتيهه ثم رأته يقف وهو ينظر قائلاً لهما بلباقه:
_" عن إذنكم ، هروحلهم عشان لو حد محتاج حاجه ، وبعد اذنك هاخد جميله معايا عشان تشوفهم !!!"
أومأت له "عايده " دون أن تردف حديث ، إرتباكها كان أقوى من ذلك ، نهضت "جميله " بخفه ومن ثم سمعت "منه" وهي تقول :
_" إستنوا خدوني معاكم !"
أخفض "عز" أنظاره على الفور ، فأومت لها "جميله " وهي تمسك يديها ليتحركا معاً خلفه وهو يخرج من باب الشقه ، ومن ثم اغلقت "منه" الباب خلفها وقبل أن يتوجه كل منهم للمصعد ، تفاجأوا هم بخروج"بدر " و"ورده" ومعهم بعض الأكياس بيديهم ، هتفت "جميله " بتساؤل لهما:
_" إنتوا هنا من إمته ؟"
_"جينا بسرعه نجيب لبس ليهم ، إنتم رايحين ؟"
هز "عز" رأسه لـ "بدر" ، فنفس بعمقٍ وهو يجيبه بلطفٍ :
_"طب إنزلو هاخدكم فالعربيه. معايا !!"
سبقت "جميله" مع "منه" على السُلم ومن أمامهم "عز" الذي أخذ الأكياس من بين يدي "ورده" بلباقه ، ومن ثم دلف الإثنان المصعد ليهبطا حتى يتوجه كل منهم إلى الوجهه المحدده !!
___________________________________________
بعد مرور بعض الوقت ، وقف "غسان" ينتظر بينما دخل شقيقه معهم بالداخل مره أخرى ، أمسكت "نيروز" كفه بمواساه وهي تقف تنتظر بينما ، كان "حامد" يقف بلهفه ينتظر خروج من بالداخل كي يرىٰ إبنته ، جلست "دلال" تنظر بترقبٍ ، فُتح الباب مره أخرى ووقف الجميع ، بينما لم يعطي "حامد" الفرصه لهم بل دخل بسرعه فائقه للداخل ، في حين وقف "غسان" يبتلع ريقه حتى سحبته "نيروز" إلى الداخل بينما وقف "شادي" فالخارج ينتظر ، حيث كانت الدماء عليه أكثر شئ ، في الداخل وقف "بسام" في أحد الأركان يسمع حديث الطبيب الذى رأى الاشعه على الفور ، هتف لهم بنبره هادئه مطمئنه :
_" الحمد لله مفيش أي حاجه حصلت فالدماع وده من ستر ربنا ، كان ممكن يحصل فقدان مؤقت في الذاكره وكان ممكن يأثر على حركات معينه فالجسم بس مفيش حاجه خطر ظهرت قدامي ، هي بس تركيزها هيبقي مش قد كده ليوم قدام وإحذورا الحركه الكتير ليها ، ممكن عادي تروح مفيش مشكله بس بلاش إجهاد لأن الصداع مش هيروح دلوقتي من عندها ولا وجع الأذن ، عن إذنكم ، وخدوا إسماء العلاج المعين اللي هتاخده من دكتور أحمد تحت !"
تنفس "غسان" براحه وهو يبتسم له كما فعل "بسام" فتوجه "غسان" سريعاً ينظر إليها ، فوجدها تبكى بإنهيارٍ في أحضان والدها الذي بكى هو الٱخر وهو يهتف من بين دموعه :
_" كده بردو. يا وسام ، كده توقعي قلبي عليكي!!"
تشبتت بأحضانه في حين أمسكت هي يد والدتها من الناحيه الأخرى حتى خرجت من أحضانهم وهي تنظر للواقف من أمامها كونها تعلم بأنه الوحيد الذي سيلبى ما تريده :
_" مشيني من هنا يا غسان عشان خاطري ، مش قادره أقعد ، روحوني بقا !"
وهذه المره نظرت له ، إبتسم لها بإطمئنان، ثم حرك أنظاره فالغرفه إنقسمت إلى نصفين كبيرين ، مما جعلها لم تتحرك منها إلا من فراش لٱخر وفقط ،بل وبها من الاجهزه الكبيره ما يكفي ، وقف "حامد " ببطئ ثم أمسك يد "نيروز " يربت عليها بحنانٍ وهو يهتف :
_" معلش يبنتي تعبناكي معانا ، في لبس هيجي لوسام عاوزك تساعديها تغيره عشان زي ما إنتِ شايفه دلال أعصابها مش فيها !"
نظرت له "نيروز" بلهفه ثم حركت رأسها بالإيجاب وهي تقول :
_" إنت بتقول إيه يا عمو، تعب إيه وسام زي أختي وأكتر ، حاضر بس هي فين الهدوم دي "
وما أن قالتها وجد من يدق الغرفه عليهم ولم تكن سوى "ورده" التي تنهج بصوت مسموع ، فقد بذل كل منهم أقصى ما لديه من سرعه كي يٱتو ، من قيادة "بدر" للسياره والبقيه بالخارج ، تفهم الجميع ما سيحدث الٱن ، حتى خرج "بسام " وهو يسحب يد شقيقه ثم خرج "حامد" وهو يسند "دلال"، وبقت "ورده" و"نيروز" كي يتكلفوا بتغير ملابس "وسام" ومعهم ممرضه واحده فقط..
في الخارج توجه "شادي" و"غسان" ناحية المرحاض لتبيديل ملابسهما الفوقيه ، أمّا "حامد" فوقف ينظر إلى "دلال" التي شردت بتفكيرها ، نظر لها بحنوٍ ثم أمسك يديها قائلاً بتساؤل :
_" إنتِ كويسه يا دلال!"
_" كويسه يا حامد بس قلبي واجعني مش مطمنه ، خايفه على عيالي ،أعصابي مبقتش فيا !"
إحتضنها بحبٍ ما أن رأي قلة حيلتها ، ابتلع ريقه ثم همس لها بجانب أذنها:
_" كل حاجه هتبقي كويسه إن شاء الله"
_" بطل شقاوة بقا يا عمي مش فالمستشفي كده !"
قال "بدر" حديثه ، أمام نظرات "جميله" و"عز" من على بُعد ، وكذلك "منه" التي نظرت بلطفٍ لعلاقتهما ، ضحك "حامد" بخفه، ثم نظر لٱخر الطرقه فوجد "غسان" يأتي بجانب "شادي" ، ومن ثم فُتح باب الغرفه سريعاً ، حتى دخل "غسان" بها بسرعه ، بينا هبط "بسام" منذ قليل ليجلب الأدويه التي كانت بالأسفل. ، وقف "غسان". أمام نظرات شقيقته التي ترجته بنظراتها ، أشارت له الممرضه بأن يحملها ، توجهت "نيروز" تسندها برفقٍ لتجلس ،، ومن ثم إعتدل "غسان" يحملها ببطئ بين ذراعيه وهو يبتسم لها بإطمئنان ، فر "شادي" سريعاً للأسفل حتى يجهز السياره، بينما توجه "بدر" يدفع حساب المستشفي كون كل منهم فر خلفها وخلف دماءها دون تحسب لذلك ، أسندت "نيروز" "دلال" برفقٍ ، في حين سار "عز" بجانب "جميله" و"منه" التي نظرت بشفقه على حالهم ثم إعجابٍ بـ لهفه "شادي" على صديقه ووالدي صديقه ، دقائق بسيطه وقد خلى المكان ، ومن ثم من الواضح بأن المعظم سيرحل ليعود إلى المنزل بمواصله وسيارة أجره !! ، ساعات قليله وبنفس ذات الوقت كانت أكثر من الكثره عليهم هما في مرور الوقت !!
___________________________________________
وقف "حسن" يمسك زجاجة المياه بعد مرور وقت كبير على الإثنان معاً خارج المنزل ، وضع من المياه على يديه كي يغسل بها وجهه كما نظف الٱخر ملابسه من الدماء بأعجوبه ، زفر "شريف" بضجرٍ وهو يقول غير عابئاً بالماره على الطريق من جانبه وهو يسبه قبل أن يردد بحنقٍ :
_" مبناخدش منك غير القرف وخلاص !!"
نظر له "حسن" بغير إهتمام ثم قلب عينيه بمللٍ وهو يسأله بجديه شديده:
_"هنعمل إيه دلوقتي !"
توقف "شريف" عن ما يفعله ثم نظر لـه بإستنكارٍ وهو يقول:
_" إسمها تعمل إيه إنتَ ، أنا مليش فيه أنا قولتلك على الطريقه وشد إنتَ بقا ، تستخبى فبيتكم ، فبيت ٱدم ، أو عند أي حد من الشله ، أو قهوة أبو تميم المهم برا عني خالص وعن وجع الدماغ ده !"
قالها قاصداً المقهى الذي كان يجلس به معه ومع الشباب ، نظر له "حسن" بغضبٍ ثم هتف باستنكارٍ :
_" إنت كل مره تسحبني للحاجه وتسيب أمي كده !، هتبطل عواله إمته !"
_" ليه يا خويا كنت واعدك بإيه أنا وخليت بالوعد ، أظبط كده عشان منزعلش من بعض ، وخليك فاكر إنك اللي جيت وقولت أنا عاوز أخد حقي يا شريف وعاوز أقهره وأحزنه علي اللي منه ، مش ذنبي بقا إنك خرع ومبتعرفش تاخد حق لنفسك لوحدك ، إن كان فـ دي أو فاللي قبلها فأنت كده كده غبي ومبتعرفش تتصرف يا بو علي !"
ضغط "حسن" على فكه بغيظٍ منه ثم أشار له بإنفعالٍ وهو يتحدث بصوت مرتفع :
_" إنت مش بتفكر! ، مبتديش عقاد نافع ليه بعدها ، بقولك أستخبى فين ، تقولى ٱدم ، أول مكان هيكون فيه عندي هو مكان ٱدم ، إنت عبيط !"
توجه"شريف" يقف أمامه ثم حرك أنظاره عليه وهو يهتف بهدوء:
_" مش عاوز أقولك يا حسن إن لو حد لقانا وشافنا هنتروق فيها ، بس ٱدم الوحيد اللي ينفع نروح نقعد عنده فخف كده وإهدى ! "
_" إنت عبيط ؟ ما هو هيجيلنا هناك ولو لقانا هنتروق !"
إحتدت عيني "شريف " وهو يطالعه ثم اجابه بحده ظهرت في نبرته :
_" يروق مين ما توزن كلامك إنتَ كمان ، متخلنيش أروح امسكه أموته فـ ايدي ، قادر وأعملها خد بالك فـ اسكت بقا "
_ " طب أقعد فـ جنب طيب الوقتي ، وإسكت خلينا نشوف هنعمل ايه فالورطه دي!!! "
قالها بغير إهتمام ، فطالعه "شريف" بتحدي من كلماته الغير مهتمه بقدرته ، ضغط على فكه ثم قال بعنادٍ :
_" متخلنيش يا حسن نروح عند ٱدم وتشوف هيحصل إيه !!"
_" إنتَ غبي يا بني ؟ لو غسان ملبوخ دلوقتي بعدين هيجي يطربقها على دماغنا !"
قال "حسن" حديثه بتحذيرٍ ، فوجد "شريف"يشير له بغير إهتمام ثم وقف ينظر بعينيه بشرر وهو يقول :
_"طب لو روحنا عند ٱدم وغسان جه وشوفت شغلي معاه ، وإن حصل حاجه منه هوديه فـستين داهيه من غير ما نلبس ، هتقول إيه ؟"
نظر له "حسن " بغير فهم ثم قلب عينيه بمللٍ وهو يشير له بضجرٍ :
_" أنا دماغي مش فيا يا عم إنتَ ، أنا ماشي ، لو هتيجي عند ٱدم تسكت خالص ومتتكلمش عن اللي حصل عشان هو على ٱخره وممكن يمشينا من البيت وساعتها مش هنضمن نروح عند حد تاني، وأنا معنديش فالٱخر غيره عشان دماغي بتروق هناك وأنا محتاج الوقتي وطظ بقا "
صمت "حسن" يأخذ أنفاسه ثم قال:
_" هنروحله دلوقتي وبعد ما ناخد اللي فيها نطلع على مكان من اللي قولت عليه ، يلا أنا مبقتش قادر !!!"
تشتت عقله من فكرة احتياجه ، بل ويديه ترتجف بقوه الٱن وخرج ٱخر الحديث عندما شعر بإحتياج جسده لجرعه ما من المخدر الذي تٱخر عن حقنه ، قال كلماته وهو غير عابئ بـ الٱخر ولا لكلماته المتوعده التي خرجت منه ، بل سار من أمامه بعدما أشار له ، ترك "شريف " الزجاجه من يديه تقع أرضاً ثم سار هو الٱخر وعقله ليس منشغل إلا بـ أفكاره ،. فقوله لكلماته المتوعده دون حساب لها ٱتي من تهيج الدماء بعروقه ، لم يفعل ولم يكن بعقله خطه ، ولكن إن مسه حدة الشباب بسوء سيفعل ما يتوجب فعله عليه لطالما ورط نفسه مع "حسن " ، المره السابقه لم يتدخل هو ، وإن حدث بمره أخرى وعلم الٱخر بأنه مشترك بما فعله الٱخر بشقيقته فحتماً سيتوجب عليه الوقوف له للدفاع عن نفسه غير مهتم لصديقه !! ، عندما قلب الأفكار بعقله لم يجد هو سوى بيت ٱدم وفقط ! كل من الأماكن الاخرى لم تستمر طويلاً ..!! ولكنه سيفكر فالأمر !! .
______________________________________________
وقفت سياره تلو الٱخرى أسفل المبنى ، مابين سيارة "شادي" وسيارات أجره أخرى أتت خلف سيارة الٱول من المشفى ، توقف "بدر" عن قيادة السياره وهو يركنها على إحدي الجوانب ، ففتح "غسان" الباب برفقٍ ومن ثم هبط حتى فرد ذراعيه يحمل "وسام" رغم قدرتها على السير ولكنه أصر على حملها ، سار بتمهلٍ للداخل وأول من دخل المصعد كان هو وهو يحملها ومعه "دلال" التي أسندتها "نيروز" برفقٍ إلى أن وقفت حتى رأت المصعد يصعد ، نظرت على أثرهم بشرودٍ ومن ثم وجدت أحدهم يضع كفه على كتفها التفتت لتجده "حامد" الذي ابتسم لها بحنوٍ ، أمسكت يديه لتسنده بلهفه فنظر لها بتأثرٍ وهو يتحدث بنبره متعبه تزامناً مع صعودهما على الدرج:
_" إنتِ بنت أصول يا نيروز ، وصحيح بيبانوا أوي فـ وقت الشده يبنتي ، عمرى ما هلاقي أحسن منك لإبني !!"
ابتلعت ريقها بتأثرٍ ، وعقلها يتضارب من ما تفكر به هىٰ ، ستجيبه بما يجري بعقلها ؟! ، صعدت معه بصمتٍ ، في حين توجه "بدر" للداخل بجانب "ورده" بعدما أعطى مفتاح السياره لـ "شادي" الذي وقف يرتب سيارته بهدوءٍ ومن ثم وجدها تقف تنظر له بتمعن ، إعتدل في وقفته ثم نظر لها وهو يعقد حاجبيه بجديه شديده ، فوجدها تتوجه ناحيته وهي تشير إلى وجهه ناحية خده ثم قالت بهدوء :
_"في دم هنا لسه !"
رفع "شادي" يديه ناحية ما تشير إليه وهو يضغط بيديه كي يزيل ٱثر ما تقوله ، إبتلعت ريقها وهي تهز رأسها له بينما وقفت "جميله" على بعد منهما مع "عز" الذي كان يطمئنها بالحديث
_" متوتريش نفسك يا جميله ، اطلعي يلا وإهدي كده عشان تذاكري لامتحان بكره ده !"
لا تغيب عنه التفاصيل إذن إبتسمت له بحنوٍ ثم أومأت له قائله بلين :
_" حاضر يا عز ، مع السلامه !"
قالتها وهي تشير له كي تصعد ، فهز رأسه هو بابتسامه واسعه ثم أشار بيديه بلطفٍ لـ "شادي" قبل أن يرحل ، بادله "شادي" الوداع وهو يقول بلعو صوته:
_" مع ألف سلامه يا عز ، متحرمش منك يا صاحبي ، تعبت نفسك والله "
بادله "عز" المجامله ثم أشار بيديه لـ "جميله" ، في حين نظرت "منه" لـ "شادي" باستنكارٍ وهي تردف :
_" صاحبك!!، إنت تعرفه ؟؟"
_"احنا أي حد معدي من جنبنا كرجاله يبقى صاحبنا !"
خرجت ضحكتها منها ، في حين وقفت "جميله" بجانبها ، فهز هو رأسه بهيامٍ وهو يردد:
_" ضحكتك عالم تاني وربنا يا أم عيون قناصه !"
حركت"منه" رأسها بقلة حيله منه وهي تبتسم ثم إحتضنت "جميله " بوداعٍ حتى خرجت وقبل أن تسير من أمامهم هتفت بنبره ضاحكه لينه تشير له :
_" مع السلامه يا شادي ..بيه يا بصباص يا بتاع البنات !"
كبتت "جميله " ضحكتها من حديثها ، فوجدته يرفع يديه يشير لها مع قوله المرتقع وكأنه صدق ما فعلته من ابتسامه:
_"سلام يا قلب شادي بيه البصباص بتاع منه!!"
توقف عن الحديث ثم قال بخفوتٍ :
_" ضحكت يعني قلبها مال .."
صمت ثم حرك رأسه ناحية "جميله " التي إعتدلت لتسير وقبل أن ترحل وجدته يتساءل كي يؤكد :
_" صح ؟"
ابتسمت له بلطفٍ ثم حركت رأسها منه وهي تلتفت لتدخل إلى الداخل كي تصعد بينما تحرك هو من خلفها مباشرةً ..
______________________________________________
بينما في الأعلىٰ وقف الجميع في صالة شقة "حامد"، بعدما أسند "غسان" شقيقته على أريكه مُريحه أمام أنظارهم ، جلست "دلال" تمسك كف "وسام" بخوفٍ ظاهري ، اما "حامد" فجلس الناحيه الٱخرى حيث جانب "وسام" وهو يضع يديه على كتفها ، اما "سُميه" وقفت تتحدث قائله بحبٍ :
_"حمد لله عالسلامه يا حبيبتي ، طنطك عايده راحت تعملك حاجه ترم عضمك كده وتعوض الدم اللي نزفتيه لأن شكلك مرهق اوي!!"
إبتسمت لها "وسام" بتأثرٍ في حين وقف"بسام" يعطي لها كوب الليمون حتى تستطيع أخذ أنفاسها أكثر ، دخلت "ورده" ترتب فراش "وسام" قبل أن تدخل إلى غرفتها ، أما "بدر" فوقف يحمل صغيره الذي كان لا يتوقف عن البكاء ، دخلت "جميله" عليهم تجلس بجانب "وسام" بمواساه ، اما هو ؟؟ وقف ينظر عليها بين الجالسين ، وجدها تقف على بُعد تنظر بصمتّ ، وما أن تحركت أنظارها إليه وجدته ينظر إليها بتعبٍ بان في عينيه بقوه ، تنهد "غسان" يخرج أنفاسه ، ثم تجاهل حديث كل منهم الجانبي الغير مهم ، ومن ثم نظر إليها مره أخرى فوجدها تقترب تمسك يد "سُميه" ومن ثم إحتضنتها بإحتياجٍ ، أحضان الأم تريح وبشده، وعندما إحتاجت هي لذلك إحتضنتها بهدوءٍ ، ربتت والدتها على ظهرها بغرابه ، فخرجت "نيروز" وهي تتنهد ثم نظرت حتى وجدت والدتها تجلس بجانب "دلال" ، توجه "غسان" يمسك كف "نيروز" ، فابتسمت له بحنوٍ ثم سارت بعيداً عنهم بطريق الشُرفه التي توجد بالصاله بعيداً عن التجمع ، دخلت لتقف بصمت ومن ثم دخل بعدها ، فوجدها تطالعه بهدوء ومن ثم وجد نفسه على فجأه يُدفع بأحضانها حتى قالت بتأثر له :
_" حاسه بيكّ والله ، عيط يا غسان ، عيط ومتكتمش كل اللي إنت حسيت بيه من أول اليوم ، وأنا أسفه أسفه بجد لأن أنا السبب !"
ضمها إليه بغير تصديق ، ألهذا كانت صامته بعيده لا تتحدث ؟ ، ابتلع ريقه ولا ينكر هو بأن الراحه أتت له للتو بين أحضانها ، وجد الدموع تتجمع في مقلتيه دون سبب محدد الٱن ، بل يبكي مره أخرى مما شعر به تجاه شقيقته ، لم يشعر بأن أحد سيشعر بما به دون أن يتحدث ولكنها تبدى مبررات لكسره !! ، ضمها إليه بشغفٍ ثم خرج ببطئ من بين ذراعيها يمسح وجهه برفقٍ وهو يقول بهدوء مدافعاً عن ما تقوله:
_" سبب ايه يا نيروز ، متقوليش كده !"
أما هى فإعتبرت أنه العناق الٱخير بعد قرارها ؟! ، إبتلعت ريقها وهي تنظر بعينيه مردده بنبره هادئه عكس ما بداخلها :
_" أنا عارفه إن أنا السبب من غير ما نضحك على بعض يا غسان ، أختك محدش عمل فيها كده غير حسن اللي عيشت طول الفتره اللي فاتت خايفه منه ليعمل حاجه ، إنت عارف لو كانت راحت فيها أنا حالتي كانت هتبقي إيه ؟"
ضغط على فكه من إسلوبها الذي يظهر بأنها تحمل نفسها الذنب دون أن تفهم جيداً بأنه لا يراها كذلك ! ، هتف وهو يتحامل على نفسه :
_" اسكتي يا نيروز ، هنبقى نتكلم بعدين!! "
هزت رأسها نفياً ، ثم هبطتت الدموع منها وهي. تخرج له ما يوجد بداخلها دون مراعاة لحاله الٱن :
_"هو ده الوقت المناسب يا غسان ، ده الوقت اللي خلاني أتأكد إن علاقتنا ماشيه تأذي فينا وخلاص ، أنا مش مستعده أخسرك ولا أكون السبب في خسارة حد بتحبه ، أنا تعبت أنا كمان ونفسي أرتاح الراحه اللي مشوفتهاش لحد دلوقتي ، لما قابلتك وقلبي إتحرك ليك انت بعد ما كنت ركناه قولت هرتاح بوجودك ، وفعلاً حصل بس مش لكتير ، مشوفتش الراحه دي مكمله ، لحد دلوقتي لحد وسام !!، حُبي ليك أذاك وأذى اللي منك وأنا واقفه مش عارفه المفروض أعمل إيه ، أنا خلاص هاخد القرار اللي المفروض هيريحني ويريحك ويريح أهلك ، عالأقل علاقتي بمامتك متبقاش مش كويسه عشان مكونش السبب فـ تعب حد تاني!!!! "
قلبه يُطعن منها الٱن ، حتى أنه لم يكن لديه القدره على مقاطعتها في الحديث ، نظر لها بتعبٍ ثم ردد بتساؤل والتشتت رفيقه :
_" إنتِ.. بتقولي إيه ؟؟؟"
أما عنها فالثقل عليها كان كثير حتى أنها تجاهد بأن تجعله براحه وأمان كي لا يتأذى ، الفراق ؟ أهذا ما كانت تقصده ؟ ، إبتلعت ريقها والدموع تنهمر منها مع قولها الضعيف المختنق :
_" يعني قُربي منك مبقاش ينفع بعد كده ، مش هستني لما ألاقيك ميت بين إيدي أو أخوك لاقينه ميت أو مضروب ، أو حتى وسام مره تانيه إن مكانش ربنا سترها فـ دي ، أنا مش قادره كده ، مش قادره ..يا غسان !!"
الضعف خانها عندما ظهر بقوه في نبرتها ، إبتلع غصه مريره بحلقه ولم يستطع جمع الحديث الٱن ، هل حقاً تريد الفراق ؟ بعدما حاول من أجلها ؟؟ ، أغمض عينيه بإنهاكٍ وغضبٍ دفين تجمع بداخله عندما هتفت هي من بين دموعها صراحةً وكأن الوضع كان ينقص ذلك !! :
_ أنا ..مش هقدر أكمل !!"
صمتت "نيروز" تبتلع ريقها فنظر هو لها بإستفهامٍ مؤلم لما أردفته هتف "غسان" بنبره ضائعه يتحدث رغم ألمه ، يتساءل لضعفها مره ثانيه :
_" تقصدي إيه ، نبعد ؟؟؟ "
صمت "غسان" بألمٍ ثم واصل بعد لحظاتٍ عندما إستوعب عدم التصديق من قرارها السريع :
_" نبعد بعد كل ده ؟!!"
حان الٱن قولها لتكسر قلبه ، وتنهك فؤاده كما تُنهك هي بالبطئ ، جمعت شتاتها ثم نظرت بعينيه بضعفٍ وقلبها يحذرها من قولها ويسبها من تركه وحيداً وهي تتخلى عنه ، أما عقلها فنظر للصواب من الناحية الواحده ، أيقنت بأنها السبب والعله في كل شئ يحدث له. ، كُتب على علاقتهما بالمعاناه في بدايتها بل وصمد هو في كل مره رغم وجعه المخفي وهى كذلك ، أيقنت بأنها الخطر نفسه عليه وعلى عائلته ، ماذا سيحدث إن كانت شقيقته قد رحلت عن الحياه؟! ، بارعه في تحميل نفسها كل ذنب ليس لديها ذنب به ، وجع ضميرها وصوتها الداخلي ينهرها من كونها ترسل له الألم أضعاف بحبها له ، طالعت عينيه التي بدت لها وكأنه لا يريد السماع من شئ سيفتك به ، أما هي فحاولت أن تضغط على وجعها كما ضغطت على ألمه وهي تقول بنبره هادئه عكس ما بداخل كل منهما من ثورة الٱن :
_" طلقني يا غسـان !!"
تداهمنا الفواجع مره واحده. ، واحده تلو الٱخرى وهذه كانت حقيقته هو ، فـ في تلك اللحظه يتساءل هو أين حدته ؟. وأين شبابه ؟. ، لم يشعر بحبس أنفاسه كمثل الٱن ، نظر لها بغير تصديق يجاهد بالثبات التي هزته هى ، تحدث بنبره حاول بأن تخرج ثابته ، يهاجمها بتعبٍ به من الهجوم التلقائي بما يكفي:
_" أطلقك ؟؟ ، بكل سهوله كده قدرتي تقوليها ؟ ، عاوزه تبعدي بعد كل اللي عملته عشانك وعشان تبقي معايا ؟ ، هتبعدي عني عشان بردو حسن واللي منه !! ، عاوزه تفارقي بعد ما جهزنا كل حاجه عشان نبقي مع بعض ؟ ، مشوفتيش حبي ليكي ؟ محاولاتي بإنك تكوني معايا ؟ ، انا قولتلك إنك السبب؟ قولتلك إني هسيبك لو حد إتأذى بسببك؟؟ ؟"
حرك رأسه وكأنه لا يعي ما تقوله هي ، لاحظ نفي رأسها بقوه فلم يتحمل الإنتظار صرخ بها سريعاً ليجعلها تخرج بالمبررات :
_" مــــا تنـــطقـــي ..سِـكــتــي ليــــه ؟؟؟!"
خديث خلف الأخر يخرج منه بغير تصديق مؤلم ، هزت رأسها بالنفي ودموع عينيها تهبط ثم رددت بنبره مرتفعه ضعيفه تذكره بقولها:
_" لا مقولتش ، أنا اللي قولت إني مش هبعد غير لما أشوف إن كل واحد بيتأذى من وبسبب التاني ، وده حصل أكتر من مره ، وانا مش هرضي أكون سبب في تعب حد ، كفايه لحد كده ، أنا من ساعة ما إنت رجعت وإنت ولا أنا شوفنا كويس ! ، بالعكس أنا اللي خطر عليك طول الوقت ، إنت مش شايف الحال إتقلب إزاي وكل واحد بقا شكله عامل إزاي من ساعة اللي حصل لوسام ، ومش فاكر لما حسن كان هيجيب السكينه فيك وكنت هتروح فيـها ، أنا مبقتش حمل الضغط النفسي ده أنا تعبت ، تعبت ومعتش قادره "
انهيارها بحديثها وصل له حتى وصل لمن بالخارج في صوت بكائها الذي جعل الجميع ينهض منها ومن صوت صرخته المؤلمه بها على فجأه ، كان الجميع بالخارج يقف بالمساحه الواسعه التي وجدت أمام الشرفه ، أما هو فنظر لها وحدها بخيبة أمل كبرىٰ ، نظر لها بتعبٍ ثم ردد بنبره مرتفعه مُنهكه :
_"عند أول مطب هتبيعي ؟ عرفتي إنك أنانيه ومبتفكريش غير فـ نفسك وبس؟؟ ، مفكرتيش فيا ولا فـ ضغطي النفسي اللي بردو زي ما إنتي بتعاني أنا كمان بعاني ، خلاص بتقرري لوحدك وكأن مفيش غيرك خسران ؟ ، أنا مفرقش معاكي ؟ قولتلك هبقي معاكي ومش عاوز غيرك وغير راحتك وإنك تبقي مبسوطه ومش شايله هم !!، ليه مصممه توجعيني وتيجي عليا طول الوقت ؟؟؟ "
صُدم الجميع من ما فهموه ، حتى ظهر لهم بطريقه غير مباشره ، طالعته بقهرٍ ثم رفعت عينيها تطالع عينه اللامعه بالدموع الذي كتمها هو بها بالقوه ، تحشرجت نبرتها وهي تجيبه بإندفاعٍ كي يتركها لما تشائه رغماً عنه :
_" عشان أنا بوجعك بقولك نبعد ، عشان بتعبك وبتعب اللي حواليك بسببي يبقى لازم نبعد ، كفايه لحد كده يا غسان أرجوك.. !"
حرك أنظاره بألمٍ حولهما حتى وجد الجمع ملتف بصدمه ، نهر نفسه للحظه بأنه كان بإمكانه أن يحكم قلبه كي لا يدق لها من البدايه وهل للقلب سلطان ؟! لمحه بسيطه ساخره عندما إندفع بكل ما يمكن فعله كي تبقى له هو وحده ليس إلا ..، تنهد يخرج أنفاسه الثقيله من على صدره ثم هتف يوضح بملامحه المنهكه :
_" كفايه يا نيروز ؟! كفايه وكأنك كنتي حباني غصب عنك!! ، مكنتش وحش للدرجادي معاكي عشان تتخلى عني بالسهوله دي"
لوم وعتاب يوجعها هي نفسها حتى أنها لم تستطع إيصال شعورها وخوفها له ، سمعته يهتف بتأكيد قوى وكأن ضغطها عليه فعل القسوه بسرعه فائقه :
_" بس إنتِ عندك حق فكل كلمه قولتيها ، أنا بوجعك وإنت بتوجعيني فعلاً ، بس عمر الوجع ما كان وجع غير فاللحظه دي وإنتِ بتقوليلي أطلقك فأصعب أوقاتي ، وأنا قولتلهالك !"
شهق من كان لا يفهم جيداً عندما سمعوا كلمة "طلاق" ، لم يعطي أحدهما الفرصه للتدخل، ردد هو يكمل بوجعٍ وهو يذكرها هو الأخر بحديثه :
_" وأنا قولتهالك ، قولتلك إني عمري ما هحاول مع حد مبقاش عايزني وبيطلب مني أسيبه وأبعد عنه ،. مش هرمي نفسي على حد مبقاش عايزني !"
لما يقهر قلبها الٱن ، شهقت بقوه عندما أيقنت جيداً معنى كلماته ، كاد أن يتدخل البعض ، فأشار لهم "غسان" بيديه للتوقف ، هبطتت دمعته التي جاءت من قسوتها عليه في مثل ذلك الوقت ، ما أكثر الأسباب كي تهبط الدموع !!!! وخانته أمام الجميع ، حتى صُدم البعض من ما فعله هو بعدها ،عندما احتضنها بألمٍ ، عانقها كي يعلمها بأنه العناق الٱخير منه ، وعناقه شئ ٱخر شعرت بأه ضلوعها ستُكسر بين ذراعيه ، يتحلى بٱخر عناق مؤلم ؟. ، بكت بصوت في أحضانه التي ظلت للحظاتٍ فهمس بجوار أذنها بألمٍ قبل أن يخرجها من بين أحضانه التي كانت دافئه ولوهله شعرت بالأمان يحاوطها ثم الوجع عندما همس بجوار أذنها بندمٍ :
_"كُنت عارف إن حبي ليكي أكتر بكتير أوي من حبك ليا ، بس أنا اللي عملت عبيط ! "
جمله هشمت من قلبه قبل أن تنزل عليها بوجعٍ خرجت من بين أحضانه ببطئ ثم مدت يديها تخلع دبلتها حتى أمسكت كفه تضعها به وهي تردف بتحشرج:
_" أنا أسفه ، ده اللي لازم يحصل!!"
تمسك بكفها بين كفه حتى سحبته هي منه وقبل أن ترفع يديها لتخلع القلاده له وجدته ينسحب من أمامها ومن أمامهم جميعاً ، توجه "بسام" و"شادي" من خلفه بسرعه ولكنه أغلق باب غرفته بوجههم جميعاً ، خرجت "نيروز" هى الأخرى تبكي ثم سارت بخطواتٍ سريعه كي تخرج من الشقه ، وقبل أن تخرج وجدت "حامد" يمسك كفها أمام. أنظار "سُميه" الباكيه هي وابنتها :
_" ليه كده يا بنتي !"
التفتت تسحب يديها من بين يديه ثم رفعت عينيها المليئه بالدموع وهي تجييه بنبره مختنقه :
_"كفايه !! ، عشانَّا وعشانكم "
نظر بأثرها عندما هربت سريعاً من أمامهم ومن خلفها "سُميه" و"ورده" و"جميله " وحتى " عايده" التي أتت ، توجه"حامد " يجلس بجانب "وسام" التي كانت تسمع الحديث من مكانها بغير تصديق ، أما"دلال" فوقفت تبكي حتى توجهت بلهفه أمام أنظارهم تدق باب غرفة "غسان" الذي أغلقه كي لا يسمع ما لايريد سماعه:
_" افتح يا غسان ، إفتح وفهمني حصل إيه ..متقهرش قلبي عليك يا بني !!"
جملتها كانت مليئة بالبكاء ، في حين توجه "بسام" و"شادي" يحتضنوها بمواساه وصدمه مما يحدث بٱن واحد..!!
_____________________________________________
دخلت سريعاً بعد أن فُتحت لها الشقه وهي تضع يديها تكتم شهقاتها ، أوقفتها "ورده" تقاطع سيرها حتى وقفت تدخل بين أحضانها بألمٍ ، وأمام أنظار "سُميه" التي وقفت تبكى بصمتٍ وهي تردد بعجز لتسألها :
_" ليه كده يا بنتي ، ليه يا نيروز !!"
خرجت "نيروز" من بين أحضان "ورده" ثم وقفت تتحلى بالتماسك أكثر وهي ترفع يديها ثم مسحت دموعها تزامناً مع قولها لهم :
_" أنا حره وده قراري ، وبتمنى محدش يضغط عليا ، ولا يفتح معايا الموضوع ده بعد الوقتي !"
نبرتها المتحشرجه لم تفشل بأن تخرج ، لم يتحدث سوى "بدر" الذي أنزل الصغير أرضاً وهو يتحدث بعقلٍ :
_" لا يا نيروز ، أنا هكلمك وكأني أخوكي مش ابن عم غسان ، إنتِ دوستي عليه دلوقتي ووجعتيه ، وحتى خوفك عليه ميخليكيش تاخدي القرار ده كده وبالطريقه دي !!! "
نظرت له بتيهه من بين دموعها التي تهبط، أما "عايده" فاسندت "سُميه" وهي تجلسها ثم سمعتها تقول بلومٍ من بين بكائها هي الأخرىٰ :
_" عملت فيكي إيه يا بنتي ، قوليلي عملت أنا فيكي إيه عشان وجع القلب ده ، عايزة تتطلقي وإنتِ لسه متجوزتيش ! ، عقل إيه ده بس ياربي !!"
كلماتها وهي تولول بحسره ، أثارت "نيروز" التي إنفجرت صارخه بهم قائله بهجومٍ :
_" هـــو ده كـــل اللي يهمـــكم ؟ ، أنــا مش هستحمـــل وجع تاني بعد ده ، أنـــا تعـبـت ، إفهــموني بـقـا .. !"
توجهت"جميله " تمسكها كي تهدأ من صراخها الغير مفهوم الذي صدم الجميع ، نظرت لها "سُميه" بحسره ، في حين نظر "بدر" بذهولٍ على إنهيارها المفاجئ ، بكت "ورده" وهي تأخذها بين أحضانها تربت على ظهرها وفقط ،هي و"جميله " ، تركتهم "نيروز" بسرعه ثم توجهت مندفعه ناحية باب غرفتها تغلقه خلفها بسرعه قبل أن يدخل خلفها أحدهم ، وقفت "ورده" تنظر بضياعٍ حتى توجه "بدر" يربت عليها بحنوٍ ، في حين هتفت "سميه " بتعبٍ هى الٱخرى :
_" حرام عليكي يا نيروز ، حرام عليكي تحطينا فالتعب ده كله يا بنتي ربنا يسامحك ويهديكِ .."
حديثها من قلة حيلتها ، لم يكن لديها القدره على النهوض بسبب أعصابها ، هتفت"جميله " بتأثرٍ من حديثها وهي تقول بوضوحٍ للٱخيره:
_" وهى ذنبها إيه يا طنط ، المفروض تقدري إنها تعبانه ومضغوطه ، أنا بعترف إن حسن يتساب بسببه ألف واحد زي غسان رغم إنه ميستحقش ده ، بس هو السبب فكل اللي بيحصل ده ، وخبطة وسام دي كان فيها موته ، قدروها وحسوا بيها عشان لو كان حصل حاجه أسوء من كده ، نيروز مكنتش هتكمل بالمنظر ده !!"
قالتها "جميله " بدفاعٍ عن رفيقة دربها ، توجهت من بعدها تدق باب غرفة "نيروز" بإصرار وحزن ممزوج كي تفتح لها ولا تنفرد بنفسها
نظرت "عايده" بقلة حيلة ثم نبست بنبره هادئه كي تهدأ الوضع:
_" متتعبيش نفسك يا سُميه ، والله كل حاجه هتبقى تمام وزي الفل ، إهدي إنتِ بس وارتاحي عشان صحتك!!"
_____________________________________________
وقفت تبكي بحسره على حال أولادها ، يسندها "شادي " في حين أسند "حامد" و"بسام" "وسام" للغرفه الخاصه بها ، توجه "شادي" بـها إلى غرفتها ثم مسد على حجابها بحنان وهي تجلس على الفراش الخاص بها ، إبتلع ريقه ثم رفع كفها يقبله ببرٍ يعتبرها والدته التي رحلت من الحياه بأكملها وتركته وحيداً دون أم ، قبل كفها بحنانٍ ثم قال بتأثرٍ من حالها :
_" هتروق والله والحال هيبقي تمام ، بس ريحي نفسك بس كده "
هزت رأسها بتعبٍ وقد لاحظت دخول زوجها وابنها الٱخر وهي تردف بحسره:
_" لا يا شادي ، غسان إتكسر كسره عمرى ما شوفتها ، حتى الكسره الوحيده اللي قهرت قلبي وخلتني مش مصدقه يوم خناقه مع بسام ، بس الوقتي غير ، الوقتي ابني أنا سمعت قلبه وهو بيتكسر .."
نظر لها "بسام" بحزنٍ من فتحها لحوار قد أغلق وتلك عادة أغلب الأمهات بعاطفتهم التي تظهر مدى إهتمامهن وتذكرهن لكل ثقيل يمر على من حملتهم بأحشائها ، ابتلع "شادي" ريقه، في حين وقف "حامد" يلومها بنبره هادئه جاده :
_" فكرتي فيها يا دلال الوقتي ؟ ، عرفتي إن الكلام اللي بيخرج مننا ببقي ليه سلطان بعد كده ! ، أديكي قولتيله طلقها ومشوفتيش غيره وكأنك مستعجله على الوجع والتعب ليه !!! "
فاض به هو الٱخر حتى وان لم تكن لديها سبب وحتى عدم علم نيروز بما تريده لإنفصالهما ، فالقرار أتى من نيروز نفسها وليس هي !! ، نظرت له بغير تصديق ثم لامته وهي تشير على نفسها :
_" بتلومني يا حامد ؟ بقا كده ؟ أنا هتمنى الوجع والوحش لإبني بردك ؟"
صمت"حامد" بتيهه فوجد بكاءها يزداد ، نظر له "بسام" بترجي كي يصمت ، حتى توجه يربت على والدته التي كانت مثله في الطباع ، أما الٱخر فينهكه فؤاده لأجل ولده الذي لا يعبر عن ما بداخله يقسم الٱن بأن الوجع لم يسمى وجع إلا بإنفراد الٱخر بمثل هذه الطريقه ، بل وسيره منكسراً بينهم بعد أن كان هو الوحيد من بينهم الذي يتحلى بالثبات ومن داخله الضعف ينهش ببعضه ، ما بين ضعفه لشعوره من أجل الٱخرين ،. وما بين ضعفه الذي ينافسه كي لا يأتي على كرامته كرجل ويلبي لها ما تريده من فراق !! ، خرج من الغرفه ثم أغلقها خلفه بإصرارٍ ، كي يذهب له وإذ به عندما شعر "غسان" بأن الجميع إنسحب خرج من غرفته ؟؟ لم ينتبه "حامد" إلا عندما وجده يمسك كيس الدواء ثم دخل غرفة "وسام" حتى أغلقها خلفه ، أيقن بأنه سيتعامل وكأن شئ لم يحدث ، سينافس الوجع ويكتمه ؟؟ ، وضع "حامد" يديه على رأسه بانهاكٍ ثم جلس على المقعد تتضارب الأفكار بعقله فلم يعطيه الٱخر الفرصه في قوله لشئ بل إنتشل الكيس ثم هرب يدخل غرفة شقيقته وهو يغلقها خلفه قبل أن يخرج حرف واحد من فم والده !! ،
دخل "غسان" الغرفه عليها فوجدها تشهق شهقات خافته ، إعتدلت "وسام" في جلستها فوجدها تنظر له بلهفه وهي تهتف بإسمه ، نظر لها بحنوٍ ومن ثم توجه ليجلس بجانبها في الناحيه الأخرى وهو يرفع يديه ليمررها على خصلات شعرها مردداً لها بتساؤل حاني وكأن شئ لم يكن :
_" بتعيطي ليه يا وسام ؟"
تحركت أنظارها المشفقه نحو عينيه اللامعه !! أكان يبكي ؟؟ يتظاهر بالتماسك على ٱخر ذره ؟. ، هتفت بتحشرجٍ تجيبه :
_" عشانك ، وعشـان نيـ .."
بتر عبارتها عندما تنحنح هو ثم قال بحزمٍ وهو يخرج الدواء من عُلبته :
_" الكلام ده مش وقته الوقتي ، أهم حاجه تاخدي علاجك وتبقي كويسه عشان تقدري تقومي من تاني وتذاكري وتشوفي مصالحك ، وسيبك مني خالص!!! "
استشفت وجعه في نبرته حتى وإن حاول إخفاءها ، أخذت الأقراص من بين يديه ثم نظرت له بشفقه وقبل أن ترفع يديها نحو فمها إجابته بضعف:
_" أسيبني منك !! ، متعملش مش فارق معاك يا غسان وإنت موجوع ، اتكلم معايا عشان خاطري وبلاش الإسلوب ده !!"
نظر لها "غسان" بتمعن ، ثم تنهد يخرج أنفاسه وقد قرر تجاهل حديثها حينما أردف بمجرى ٱخر يسألها بترقب :
_" مين اللي عمل فيكي كده يا وسام ؟!"
تحركت أنظارها بخوفٍ من طريقته التي ظهرت عندما سألها ، إبتلعت الأقراص بالمياه ، ثم إعتدلت تنظر بمكان ٱخر وقد إستغرقت لحظات ، فإنتفضت هى بطريقه غير ملحوظه حينما ظهرت الحده في نبرته وهو يكرر:
_" بــصيلي وردي عليا !"
صمت ينتظر تحرك عينيها نحوه ، فرفع يديه يحرك رأسها ليرفعها تجاهه وهو يردف بتساؤل مختنق :
_" حسن صح ؟"
إبتلعت ريقها ، والمضحك بأنها قد فهمت بأنه لم يسألها ؟. ولكنها غفلت عنه وعن ما لديه من حدة الشباب !! ، رفعت أنظارها المُتردده له ثم أجابته بتعلثمٍ :
_" ملحقتش أركز بس هما كانو إتنين ومنهم حسن ،و..واحد كان مكتفني على ما حسن يضربني !"
فتحت عينيها على وسعها عندما سمعته يسبهما سبه بذيئه ثم إعتدل يهز رأسه وهو يومأ لها قائلاً بحده من داخله :
_" مين ده اللي كان ماسكك شوفتيه هنا قبل كده ؟؟؟؟"
هزت رأسها نفياً ، فأخرج هو أنفاسه الساخنه ثم إعتدل يرفع يديه يربت على وجنتيها بحنانٍ فرددت هي بإندفاعٍ تسأله بلهفه :
_" هتطلقها ؟!"
إبتلع غصه مريره بحلقه ثم تنهد بتعبٍ وهو يرسم ابتسامه زائفه على وجهه يجيبها محاولاً تغير مجرى الحديث التي بدأته هىٰ:
_" نامي يا وسام ، مش وقته الكلام ده !!"
_"لأ وقته ، انا السبب فـ كده صح ؟ أنا الي خليتها تقول كده عشان حسن ابن عمها عمل فيا كده وحاول يأذيني ؟؟ قول إن الكلام ده صح ، وأنها هتسيبك عشان اللي حصل ليا !!! "
قالتها بإنهيارٍ تحمل نفسها ذنب خراب حياة شقيقها، تفاجئ من طريقتها ،إندفع سريعاً يأخذها بين أحضانه وهو يهدهدها بالحديث قائلاً :
_"لأ مش صح ، نيروز اللي خافت وبتخاف زياده عن اللزوم ، إنتِ ملكيش ذنب فـ حاجه ، ولا ليكي سبب فبعدي أنا وهي ، هى اللي خدت القرار ده وهي اللي إختارت تبعد وأنا مش هغصبها تبقى معايا عافيه !!"
يكذب على نفسه ؟. يخدعها ؟ ود لو جعلها معه رغماً عنه ، ولكن ماذا حدث الٱن ، خرجت تنظر له بغير تصديق وهي تنفي بلهفه قائله :
_" لا يا غسان متسمعش كلامها ، نيروز بتحبك وإنت بتحبها، مستحيل تسيبك بالطريقه دي ، فكر فيها عشان خاطري !! "
تنهد يخرج أنفاسه بتعبٍ حتى هي ببكاءها تضغط عليه هى الٱخرى ، سـ يساع المكان للكتم بداخله من جديد ؟؟ ، إبتلع ريقه ثم أجابها بوجعٍ وهي بين أحضانه وهي الوحيده التي جعلته يردف الحديث دون أن يتصنع اللامُبالاه :
_" انا حبيتها أكتر، كنت متمسك بيها لحد اللحظه وهي اللي سابت وباعت ، كسرت قلبي وأصرت تضغط عليا وتجرحني وأنا لسه مفوقتش من توهتي عليكي!! ، هي اللي سابت وقررت تسيب بعد ما قربنا نوصل لنص الطريق سوا ، أنا مبقتش قادر أتكلم أكتر، مبقتش عارف أقولها خليكي وأنا بحبك وعاوزك ، الأذى مش هيطولك ، محدش هيجي جنبك ، هحاول عشانك ، متخافيش عليا ولا على أهلى ، إطمني أنا جنبك ، كل ده مفرقش معاها ، رغم إن كل حرف كان بيطلع كان صادق أوي من جوايا ، حقها ترتاح يا وسام ، بس مش من حقها تسيبني تايه فأقصر وأصعب وقت عدى عليا دلوقتي ، خلتني أشك فنفسي إني مش قادر أحميها ولا احبها زي ما هي عايزه ، مع إني حبيتها يمكن أكتر ما هي حبتني!!! "
تتوجع وتأخذ من وجعه ، وإن كان هذا الوجع الذي بداخله يصل إليها فلم تتحمل هي إذن ؟! ، ضمته إليها بإحتواءٍ وقد شعرت بمدي إنهاكه ومحاولاته المعروفه والغير معروفه ، المرئيه وعكس ذلك !! ، رددت بلهفه تجيبه بتأثر:
_" إنت تستحق تتحب يا غسان ، إنت تتحب والله ومحدش زيك فالدنيا دي ، أنا بحبك أوي!!"
تواسيه ؟ وهو الذي كان لم يخرج هذه الكلمات أمام أحد أما هي ؟ قريبه منه القرب الذي يعلمهم الإثنان ماذا يجري بداخل الٱخر دون أن يشعر أو يبذل الجهد في الشرح ، وجدته يتحدث مره أخرى والتعب لم يترك نبرته حينما قال:
_" لما فكرت فيها دلوقتي عرفت إننا فعلاً تاعبين بعض على الفاضي ، حتى الحُب مش كفيل يخلينا نكمل ، انا إتمسكت بما فيه الكفايه وإستحملت إني أشوفها عامله حساب لكل حاجه ، جيت على نفسي زي ما باجي فكل مره وانا شايف توترها وعدم راحتها وإرتباكها وخوفها فكل خطوه بناخدها ، حتى لو حاولت تخفي ده ، بس أنا كنت عارف وكنت فاهم ، يمكن أنا اللي وحش وأناني ومشوفتش غير نفسي عشان مش عاوز أشوفها كده ، رغم إني عمرى ما جيت عليها فمره عشاني أنا ، بالعكس كله كان عشانها ،نبعد عشان بتتعبني وبتتعب نفسها ، بس دلوقتي مش فارق معايا غيرك وبس لازم تكوني كويسه وتقومي من تاني!!"
غير مجرىٰ الحديث بٱخره ،. وهو يخرجها من بين ذراعيه ثم نظر لها ، تعمدت تجاهل حديثه ثم نظرت له بعجزٍ من عدم إستطاعتها لقول شئ ، بل هزت رأسها فقط دون أن تتفوه بحرف ، نهض بعدما رفع الغطاء قليلاً عليها ثم أشار على الصحن بجانبها وهو يقدمه لها ود لو يجلس ليطعمها كما كان يفعل مع "نيروز" !! ، ولكن عقله وصداعه لا يحثه على ذلك!! ، خرج وهو يغلق الغرفه من خلفه بعدما أومأت هى له بطاعه ، وجد شقيقه بجانب صديقه يقف ووالده يجلس ينظر بشرود ، تصنع اللامُبالاه ولم يتعمد التجاهل لوقفتهم ، بل نظر لهم بإستفهامٍ وبكل برودٍ هتف يسألهم بجديه مع إبتسامه صغيره رسمها على شفتيه :
_" واقفين كده ليه ، مالكم؟"
عقد "شادي" ما بين حاجبيه كما فعل "بسام" ، في حين فهم "حامد" بأنه لا يفعل ذلك إلا من عزم الوجع ، وقف يبتلع ريقه ثم سأله بخيبه :
_"مالك إنتَ يبني !"
_" أنا كويس وعادي أهو ،. أدخل نام يلا تصبح على خير !!"
ببساطه شديده قالها وكاد أن يتوجه فوجده يمسك ذراعه يقاطع سيره مع حديثه الذي ظهر حزنه :
_" بلاش كده وقولي حصل إيه ؟ أو هتعمل ايه بس متسكتش كده !"
يشفق على حاله في حين بأن ولده لم يظهر تأثره أمامه ؟، حرك "غسان" كتفيه بغير اهتمام زائف يتٱكل بداخله ثم ردد بوضوحٍ لهم جميعاً:
_"أنا مسكتش، ومش هعمل حاجه ، هي إختارت وأنا هنفذ من غير ليه، وربنا يوفقها ، محتاجين مأذون فأقرب وقت بس بعد ما الحق يرجع !!"
ترقب والده ما يتحدث عنه ، ورغم صدمتهم بجدية ما قاله إلا أن خوفهم من اخر ما قاله كان أقوى ، هز رأسه يؤكد بجرأه وقدد قرر الإتفاق على المكشوف والظاهر
_" أيوة بعد ما أخد حقي وحق أختي من اللي عملوا فيها كده عشان هي أهم من أي حاجه دلوقتي!!! "
رأى "والده " بعينيه الإصرار ، تنهد يخرج أنفاسه بقلة حيله وعجز هو الٱخر فلم يعد لديه قدره على إخراج حديث ، وحتى شقيقه وصديقه ، الذين تركوه يدخل إلى غرفته ومن ثم أغلقها خلفه ، وما أن دخل إبتلع المُر وخلع عنه كل زائف قد تظاهر هو به ، أغمض عينيه بألمٍ ولم يقوى على الخروج للشرفه أو الوقوف بمنطقة ما ، بل توجه بعقل تائه يتسطح على الفراش ، إلتفت برأسه ينظر على دبلتها الذي وضعها هو على الطاوله بجانبه ، أخرج أنفاسه بثقلٍ ثم حرك عينيه وهو يبتسم بسخرية امتزجت بالوجع ، رفع كفه ينظر على السوار التي عقدتها هي بكفه منذ أيام قليله ، حروف اسمها بين يديه هو ، وهي التي تريد الذهاب وتركه !! ، لم يخلعها ؟ يعذب نفسه لطالما لم يخلعها! وخاتم الزواج ، دبلته السوداء في يديه اليسرى !! ، إلى الٱن لم يعي جيداً ماذا فعلت هي من أجله ؟. لما لم تحاول كما حاول هو من أجلها ، بل والمره الوحيده التي حاولت هي بها ،. ضغطت عليه وجرحته جرح سيزال ينزف سراً ، عندما قررت بأن تتركه ومن ثم التخلى !! ، تضيق به الأركان ، ولم تضيق كمثل هذه الساعات عندما تأتى الصدمات واحده تلو الأخرى وكأنها تسقط على رأسه وقلبه وتهشمهما تشهيم !! ،سيأتى النوم لزيارته هذه الليله ؟ يستطع هو بأن يغفل عينيه ! أم ستداهمه الأفكار وسيضغط عليه ضميره وعقله؟؟ ، وإن لم يحدث كل ذلك ، فكيف للقلب أن يهدأ وهي مازالت رفيقته ! أنيسته حتي أنه لم يدق لأخرى سواها حتى الٱن !! ، كيف الفرار من الحقيقه الموجعه بالنسبه له ؟ كيف الفرار منها ومن ما فعتله بأقصر وقت بينما كان عليه هو أقسى وقت يمكن أن يمر على المرء !! ، لم يسأل نفسه سوى سؤال واحد بسخريه لاذعه ، ليس السؤال سؤال متى كانت الأمور سيئه لهذه الدرجه ؟؟ بل الأصح من ذلك هو .. متي كانت على ما يرام من الأساس؟! ..
_____________________________________________
أخذ قرار كان بين الحين والٱخر يلح على عقلها هىٰ! ، فكرة بأنه سيتأذى منها لم تغيب عن بالها قط ! ،بين وجع والٱخر وبين ألم وتعب كانت هي مُحاصره، ثم ضغطت لتحاصر نفسها أكثر بأخذها لمثل ذلك القرار بهذا الوقت وبهذه السرعه ! ، ستفكر هىٰ بكيف العيش بدونه بعد أن إعتادت على وجوده ووجود الأمان التي تتمنى بأن يدوم ولكن أحدهم لديه رأي ٱخر كي يخرب حياتهما ! ، الدموع لا تفارقها لطالما شعرت بأنها تود فُراق قلبها عن جسدها! ، لم تجيب أي من الدقات التي كانت على باب غرفتها ، لم تمل من الإصرار كي تنفرد بنفسها حتى والدتها التي بكت كي تراها وتأخذها بين أحضانها !
ماذا لو علمت هي بأنها مريضه قلب ؟؟ ستفعل ذلك بها وبنفسها؟ ، تعلم هى بأنها تظلم نفسها وتظلمه أكثر ، لطالما تعلم جيداً مدى ظهور حبه الصادق التي لم ترى منه مكروه قط ، ولكن هي تريه المكروه وتمثل له الخطر على حياته ، كما تعتقد ولم تتنازل !، لم تجف الدموع ، واليوم كانت بمثابة شلالات تنهمر بكثره لا تعرف هي أين الطريق لها !، وقفت بتعبٍ تنظر في المرٱه وهي ترفع يديها تتحسس بأناملها قلادته واحده ؟ بل كانت قلادتين ! واحده منذ الصغر والأخرى منذ أن كُتب عليهما بأن كل واحد منهم ليس إلا للٱخر ، والٱن تبدلت الٱحوال! ، تأخذ قرار يوجعها و يوجعه ومن ثم تشتت الكل ، تعتقد بأن هذه الراحه ، ولكنها تقسم بأن الشعور الٱن فاق حدود الوجع ليس إلا..، خلعت ما برقبتها ثم وضعته على "التسريحه" من أمامها ،. حتى إلتفتت تمسك موضع قلبها بتعبٍ وشهقاتها لا تهدأ ، بارعه في تعذيب نفسها وتعذيب من. حولها ، وللحق أكثر من تبرع بذلك ، جلست على الفراش التي وضعت عليه الدفتر الخاص بذكرياتها في الماضي ومن ثم الحاضر والمستقبل ! ، أمسكت القلم بيديها المرتجفه وقبل أن تفتح صفحه جديده تدون بها بتاريخ جديد لشعور وقرار جديد ، قررت أن تبحث بين صفحات الماضي ، فتحت صفحات عشوائيه ثم إنتبهت على ما يوافق حالهما الٱن عندما كان يرسل لها أحد الخطابات بعد مشكله طفوليه برع في إنقاذها منها :
[ نيروز ممكن تردي عليا ؟ ، أنا مكنش قصدي أزقك كده ، بس لما لقيت حسن بيرفع إيده يشوح طوبه كانت فـ إيده كانت هتيجي في دماغك فلما زقيتك لقيتك وقعتي والفستان إتوسخ روحتي معيطه ، أنا أسف والله وبحبك ، سـلام.. ، بس إفتكري إن مكنش قصدي .. أنا كان قصدي أحميكي منه !]
يبدو أنه يشعر بالمسئوليه وخاصةً عليها منذ زمن !! ، ٱخر كلمتان تأثرت بهم بشده في حين بأن الوضع قد تغير الٱن وهي التي فعلت ذلك لتحميه منه هو !! كذلك تعتقد !! ، قلبت بين صفحه والأخرى بابتسامه صغيره من بين دموعها ثم قرأت :
[صباح الخير يا نيروز ، كل سنه وإنتِ طيبه عشان رمضان ، جيبتلك فانوس صغير لونه وردي زي الورد اللي بتحبيه بس كنت عارف لو كنت بعته كنتي هترجعيه ، عشان كده إديته لـ بابا يدهولك ، بس هو مني أنا علفكرة ،
بحبك وكل رمضان وإنتي حلوه وعلفكره أنا مش هبطل ابعت جوابات حتى لو مش بتاخديها .]
إبتسمت بإشتياقٍ لأيام الطفوله ، والتي كانت لا تحمل هم بها ، وعلى الأقل كان بأيامها والدها الراحل !! ، هبطت دموعها عندما نظرت على الصوره الورقيه التي وجدتها معلقه في الصفحه المقابله ، تلمستها بحنوٍ وتذكرٍ ، فتلك الصوره كانت هي تقف ممسكه بيد والدها وبجانبها هو "غسان" الذي امسك بيد "حامد" واليد الأخرى كان بها توأمه الٱخر "بسام" ومن ثم بجانبها من الناحية الأخرى شقيقتها "ياسمين" والأخرى "ورده" .. ومن الخلف "دلال" و"سُميه" ظهر على ملامحهما الشباب لم تكن مجعده كمثل الٱن ، صوره تذكرت بأنها مأخوذة في أحد أيام الشهر الكريم عندما كانت بعزومه بشقتهم ، تذكرت ذلك اليوم عندما جلست بجانبه ببراءه على سفرة الطعام فحاول هو إمساك كفها ، لم تعطه الفرصه بل نظرت له بغيظٍ ولأول مره يخرج منها في ذلك اليوم ، شردت بذاكرتها إلى سنوات ماضيه مضى عليها الكثير ....
flash back :
كان الجميع ملتف حول مائدة الطعام الكبيره خاصة أنه الأن شهر رمضان المُبارك حل عليهم بالبركات والبهجه ، الصغار من حولهم، و "سالم" والد "نيروز" يجلس على بُعد منها فقد كانت "نيروز" تجلس بجانب "غسان" و"بسام" ومن الناحية الٱخرى "ياسمين" و"ورده" ، الحديث الجانبي والبهجه تملئ المكان. في حين نظر "غسان" لها فوجدها مندمجه في تناول الطعام بهدوء ، وأسندت كفها الٱخر على ساقها ، فرفع يديه هو وسط إنشغال الحديث ثم حاول وضعها على كفها وهو يسألها بنبره خافته :
_" مش ناويه تردي على الجوابات يعني يا رزّه ..؟
سحبت كفها بسرعه ثم خرجت من براءتها وهي ترسم على ملامح وجهها الغيط حتى أردفت تعنفه بقولها الذي سمعه والدها ووالده:
_"لو سمحت عيب كده ، بابا قالي إن كده حرام"
_" أنا عملت إيه ؟"
قالها بتساؤل وقد خرجت نبرته واضحه صريحه للجالسين جميعاً ، وترها بسؤاله وقد ارتبكت هي ، فأخرج أنفاسه من توترها لعدم قولها لشئ ، ولكن خرج صوت من تعرف بالشراسه منذ يومها ، دفعت "ياسمين" شقيقتها برفقٍ ثم نظرت بغضبٍ له وهي تقول رغم امساك "ورده" لها كي لا تفتعل شجار :
_" إنت اللي متربتش ، أنا شوفتك وإنت بتمسك إيدها ، وبعدين قاعد جنبها ليه ، قوم من هنا .."
نظر لها "غسان" بنفس الغضب ثم قال بوقاحه هو الٱخر كونها في منزله :
_" وإنتِ مالك إنتِ ، ما تقومي إنتِ من هنا ."
وقفت بإندفاعٌ ولكن أوقفها نبرة "حامد" الذي كبت ضحكته هو ووالدها ثم رسم على ملامح وجهه الغضب الزائف وهو يشير لـ "غسان " بعينيه :
_" في حد بيقول كده لحد فـ بيته ؟. إتكلم معاها كويس وإتأسفلها حالاً .."
_" تمام هتأسف بس تتأسف هىٰ الأول هي اللي غلطت الأول !"
قال "غسان" حديثه بعنادٍ فضحك "سالم " وهو يحرك رأسه بقلة حيله ثم أهبط رأسه يتحدث بخفوتٍ بجانب أذن "حامد" :
_" الواد ده مش سهل ليه يا حامد ، شكله طالع يفكرك بكل كبيره وصغيره كنت بتعملها فشبابك وبعدين بصراحه عنده حق بنتي اللي غلطت فيه الأول وإنت عارف ياسمين ، ده الواد يعم ..الواد اللي مخلفتوش فـ أنا مش مسئول بقا ..!"
كبت "حامد " ضحكاته ثم نظر على زوجته فوجدها تضحك هي الٱخرى هي و"سميه" وهما ينظران علي النظرات فيما بينهم ، أنقذ "بسام" الوضع وهو يقول بهدوء:
_" متزعليش يا ياسمين هو مش قصده ، هو مدايق بس عشان نيروز مش بترد عليه في الجوابات اللي بيبعتها ليها "
كان يعلم"سالم " ذلك الأمر ، تصنع عدم الإنصات كما فعل البقيه، ولكن إلتفت "غسان" ينظر لشقيقه بضجرٍ ، فهتفت "ياسمين" بغير اهتمام كي تكيده :
_" ميهمش ، هي كده كده عمرها ما هترد عليه عشان دي قلة أدب !"
_" يـــاسمين!!"
قالها "سالم " بتحذير ، فنظرت إلى والدها بصمتٍ وقد فهمت إشارة عينيه
_" إتأسفيله إنتِ الأول يلا ، إنتِ اللي غلطانه إنتِ كلمتيه بإسلوب مش كويس !"
نظرت إلى والدها بغيظٍ طفولي ثم نظرت إلى "غسان" حتى قالت له بغير إهتمام :
_" أنا ٱسفه ، يلا دورك!!
قلب "غسان" عينيه بملل ثم حرك أنظاره من عليها حتى ثبتها على وجه "نيروز " الصامته وهو يقول :
_" أنا أسف.."
أسف غير مباشر أرسله لها هي كونه يرى أن الٱخرى لا تستحق الأسف ، لم ينتبه لفعلته سوى والديه الذين إبتسموا بلطفٍ وقلة حيله منه ، إندمج الجميع فالطعام مره أخرى ،في حين أنه نظر إليها بلطفٍ ثم همس بنبره خافته وصلتها مما جعل وجنتيها حمراء وبشده :
_"بردو بحبك "
لاحظ إحمرار وجنتيها فردد هو بالقول الذي ثبت معه إلى أن مر الزمان وقاله لها أيضاً بنفس الطريقه:
_" بيدق جامد ليه ؟"
_''هو إيه ؟"
_" قلبك !!"
حديث جانبي طفولي برئ لاحظه الجميع حيث كانت الضحكات الخلسه عليهم وهم يتهامسان معًا ببراءه. وللحق برائتها هى ، فكان هو "غسان" الذي عُرف بعبثه حتى منذ الصغر، ولم يكن معنى اسمه واقعاً إلا عندما رحل وعاد لمنزله القديم ، عندما عاد لها ودخل بين المشاكل فأصبح حدة الشباب كي يحميها هي ولكن هي من تعمدت الٱن بتركه هي تفعل نفس الامر، مي تحميه !! ..
Back..
إبتسمت بإشتياقٍ وألمٍ ثم تذكرت كلمته المعهوده والتي أوقعتها به عندما كان يردد في بداية علاقتهما الغير مفهومه بتساؤل لماذا يدق قلبها ؟؟، والٱن يدق قهراً وألماً ليس إلا ، لم تساعدها أناملها للغوص في الذكريات أكثر ، بل أمسكت القلم تفتح صفحات أخرى بيضاء نظيفه جديده ، حيث كان الدفتر ضخم ليسع كل هذه الذكريات.. ، ثبتت صفحه أمامها ثم دونت التاريخ واليوم المحدد وحتى الساعه التي نظرت على الحائط كي تستعلم الوقت ومن ثم بدأت في كتابة حروف مؤلمه بالنسبه لها ٱخيراً ..
-"قد أُُنهك فؤادي بما فيه الكفايه في عدد ساعات قليله بعد قرارِ البُعد
فراق مؤلم وعناق مؤلم وعلاقات مؤلمه ، فكيف الهروب من الألم ؟؟
وأنا .. هُنا مُخَاصره بين الحقيقه الموجعه..
الخطـرّ .. والضياع ومن ثم التشتت والحيرة بكيف لنا أن نجتمع وكل منا يمثل الأذى للٱخر .. كيف التحمل وأنا أشعر بأن فؤادي يغادر جسدي الهش الضعيف ببعده عني ، مجرد فكره مؤلمه لم يمر عليها الكثير ولا أعلم كيف سأتحمل القادم من دونه .. ولكن ثمة شئ له صوت بداخلى لا يرحل عن إلحاحه بقوله عندما يعلو صوته فجأه بعقلي حينما يقول
رُبّما هذا الصواب لا غيره !!
وأنا هُنا الٱن بين أمرين.. الصواب والتعب ..
لم أعد أستطيع التحمل أكثر ، تُنهك وتُستنفذ طاقتي في شئ لم تكن نهايته مرضيه لنا وهذه هىٰ الحقيقه!!! "
حروف جديه تخرج بكل ألم ، تركت كل ما بيدها ثم جذبت الغطاء ودموعها تهبط دون توقف ، والحقيقه الموجعه والمعروفه بالنسبه لها بل والتي تعايشها الٱن ..هي انها تفارقه فيعنفها قلبها !!
فصلها "حازم" عنها بإعجوبه ، في حين وقف الجميع بصدمه ، توجه الكُل ليهدأ من الوضع بينما وقف "غسان" يتابع بصمتٍ وما أن تحركت عينيه تحركت نحوها هي وهي تقف تنظر بصمت قاتل وعينيها المتورمه من كثرة البكاء كفيله لشرحِ حالها ..
_" أنا مش فاهمه حاجه إنتِ بتقولي إيـه !"
قالت "زينات" حديثها بغضب وهي تمسك خصلات شعرها بألمٍ في حين أحكم "حازم " مسك "ياسمين" كي لا تتوجه ناحيتها وهو يهتف بحزمٍ :
_" إهدي بقا ، إسكــتي !!"
_" لا مش هسكت ، مش هسكت للصفرا دي هي وعيالها ، إنتِ عاوزه إيه مننا بقا ، ما كفايه !!! ، نفسي تخليكم فحالكم بدل القرف ده ، إبنك القذر فين الزباله اللي عمل فـ وسام كده ، فين اللي خرب على أختي ومش هيرتاح ألا ما يموتها بحسرتها هي وأمي !!!!"
وقف "حامد" وعائلته بسكون وترقب ، في حين حركت "زينات" رأسها نفياً باستنكارٍ ثم رددت تجييها بنفس الإنفعال:
_" أنا معرفش حاجه عن اللي قولتيها دي ، وحتي مكنتش فاهمه حاجه امبارح لما كله طلع يصرخ ويجري فجأه ، حسن مشى من هنا من ساعة ما كان جوه عندكم !!"
قالتها ولم تغفل عن الشماته التي خمنت بداخلها بأنه ليس سوى ولدها من فعل ذلك ، تعلم تمام العلم بل وهي التي سببت له بأن تهيج الدماء بعروقه أكثر قبل أن يرحل منذ ان كان موجود بالفعل في شقته وحتى مواجهته مع والده !! ، تمسك "حازم" بزوجته بحزمٍ وهو يحذرها في حين وقفت "نيروز" تطالع "ياسمين" بهدوءٍ مريب ثم أجابت على جميع الحديث بنبره هادئه ساكنه:
_" مفيش غير حسن اللي عمل كده ، هو اللي عاوز يوجعني ويخربلي حياتي لحد ما عملها فعلاً وهتطلق عشان يبقي مبسوط ويبعد عننا بقا بـ شره لو دا راضيه ..فـ ده هيحصل "
صمتت "نيروزّ" تأخذ أنفاسها ثم توجهت بالحديث نحو شقيقتها المُمسك بها زوجها حتى أكملت "نيروز " بحديث إعتبره البعض غبي للغايه منها بذلك الوقت وأمام تلك التي تشمت :
_" وأه يا ياسمين أنا حياتي إتخربت ، بس أنا اللي عملت كده بمزاجي وأنا اللي قررت أبعد ، فـ إنتي مش محتاجه تدافعي عني بعد الوقتي ولو حسن ظهر مش هتعرفي تعمليله حاجه ، أنا خلاص رضيت وقررت بالوضع كده ، الحق من حسن مش بتاعنا ، ..يلا ندخل .."
ضغطت على جرحها كي تجعل الكل يصمت ، أغمض "غسان" عينيه بغضبٍ مكتوم ، حيث تحركت جميع الأنظار عليه وهو واقف وكان بعضها شفقه وتعاطف !! ، نظرت لها "ياسمين" بذهولٍ ثم رددت بإنفعال :
_" إنتِ مجنونه ؟ هتسيبيه عشان واحد حيوان تربية زباله زي ده؟؟ ! ، هتخربي حياتك وتدمريها عشان مين ؟؟.. إنتِ مستوعبه !!"
_"أه مستوعبه وقولتها وبقولها إن ده الصح واللي لازم يحصل!!."
_" أدخلي جوه!"
قال "حازم " حديثه لـ "ياسمين" بأمر ، فكادت أن تعترض هي ولكن نظر لها بحده ، حتى وقفت مجدداً بعنادٍ ، فأمسك كفها يسحبها خلفه كي لا يتأزم الوضع منها ، في حين وقفت "زينات " تنظر بشماته ظهرت بنظراتها ، أشارت "سميه" لـ "غسان" كي يدخل خلفها الشقه بقولها :
_" معلش ييني عاوزاك دقيقتين بس .."
وجدت الرفض بنظراته ولكن تحرج من قوله في حين نظرت له بترجي فسار خلفها بهدوء ، بينما صفعت "زينات" في وجههم الباب ، في حين تحرك "شادي" خلف "حامد" و"بدر" إلى شقة "سميه" المفتوحه من أمامهم
_" إنــتِ إتهبلتي فـ مخك شكلك كده !"
قالتها "ياسمين" وهي تمد يديها تهز "نيروز"بكتفها أمام الجميع ، نظرت لها "نيروز " بخواء ولم تتحرك نظراتها من على وجه شقيقتها ، فـ توجهت "ورده" تفصل بينهما ولكن تمسكت"ياسمين" بيد "نيروز" بقوه وهي تهتف لها بنبره متفعله إمتزجت بالتوضيح:
_" إنت مش واعيه ؟؟ مش واعيه حتى إني ضدك الوقتي ؟ أنا كنت إمته ضدك؟ فوقي يا نيروز ، سمعاني ؟ فوقي ده مش حل عمره ما هيكون ده الحل!! .."
نفضت "نيروز" يديها ثم قالت بنفس النبره الهادئه :
_" ملكوش دعوه بيا ، أنا حره وأعمل اللي أنا عاوزاه ، إنـت عمرك ما هتحسي باللي انا فيه ولا حد هـنا هيحس باللي أنا فيه ، إفهمي بقا !"
حرك"حامد" رأسه بقلة حيلة هو وزوجته وحتى "شادي" الذي عجز عن إبداء حل ، الوضع معقد إذن ! ، طالعتها "ياسمين" بلومٍ في حين وقفت "ورده" بالمنتصف ، فإلتفتت "نيروز" تنظر إليهم جميعاً حتى هتفت بنبره واضحه لهم :
_"مش مضطره أوضح ليكم ،بس أنا تعبت حرام عليكم ، أنا بحبه وعشان بحبه عمرى ما هرضي لأذيته ، قربه مني وحتى قربي أنا منه مش أمان ، وسام كانت هتروح فيها بسببي وحتي هو كان هيروح فيها بردو بسببي ، وأنا بتعب كمان بسبب العلاقه دي ، كده كده حسن مش هيسيبنا فحالنا ، أنا قررت أبعد عشان أنا الخطر هنا عليكم ، وعلى عيلته مش هستني لما حد منهم يروح فيها وأقف أأنب نفسي وضميري بإني لو كنت بعدت مكنش هيحصل ده من الأول .."
وقف "غسان" يبتسم بسمه ساخره على مبرارتها التي لم تتماشى معه ، صمت الجميع ووقع الفؤاد حينما أخذ أنفاسه بصوت مسموع ثم قال بهدوء شديد وبرضا لم يراه أحد به كمثل الٱن :
_" حاضر يا نيروز، فأقرب وقت هحاول أجيب مأذون عشان نخرج منها بهدوء زي ما دخلنا ، بس خليكي فاكره إنك دوستي على جرح عمره ما هيتداوى بسرعه ، عشان أنا بتمنالك الرضا ترضي ، وقفت وحاولت أخليكي متخافيش ومتحمليش هم اللي جاي وبردو صممتي على التعب لحد اللي وصلنا ليه دلوقتي ، خليكي عارفه وفاكره إني قبلتك بكل عيوبك اللي إنتِ شيفاها سبب للبعد ، عيبك انك بنت عم حسن؟! ، اللي عمري ما فكرت فيها بالطريقه دي ، بس إنتِ اللي صممتي توصلينا للنقطه دي رغم إن مكنش فارق معايا ، بس تمام اللي إنتِ عاوزاه وأنا مبخليش حد معايا غصب ، ولا بشتري حد بياع !!! "
تمسكت أمامه كي لا تهبط دموعها ، إبتلعت ريقها من حديثه ، فإبتسم هو عقب قوله ، حتى وجد "حامد" ينظر إليه بشفقه كبرى حاول الهروب منها بنظراته ، في حين وقفت "دلال" تبكي بعجزٍ وقد تحدثت لها هي الأخرى بوضوحٍ :
_" ليه يا بنتي كده ، أنا ملقتش سعادة ابني غير معاكي إنتي ، ولما خوفت عليهم زي أي أم بتخاف على عيالها قولتله يطلقك طالما بتتعبوا بعض ، مكنتش عارفه بقول إيه ساعتها بس الكلمه خليته يقاطعني ، يعني كنت عارفه إنه بيحبك بس لما حصل ده عرفت إنه بيحبك أوي !!.."
_"كُنت !! "
قاطعها "غسان" بإختصارٍ فلم تستطع الوقوف أكثر كي تستمع لما يفتك بها وبقلبها بالألم ، بل توجهت سريعاً نحو الداخل حتى تهبط دموعها كما تشاء ، سحب"حازم" "ياسمين" خلفه نحو غرفتها ، في حين خرج"حامد " يسند زوجته الباكيه ، وقد هدأ الوضع هدوء مريب ، في حين قد خلى المكان لـه ولوالدتها التي صعب عليها الأمر بعدما سمعت كلماته وقبل أن تبرر له بكلماتها وجدته يوضح بتعبٍ لم يخجل من ظهوره أمامها :
_" بنتك اللي إختارت تبعد وتبيع ، أنا حاولت أخليها أمانه فـ رقبتي زي ما قولتيلي لحد دلوقتي لحد اللحظه دي ، بس هي اللي أصرت تدوس عليا من غير ما تحس باللي جوايا .."
صمت يعى مدي تعب حديثه ثم هتف بغير تصديق مما تفعله به وكأنه يستوعب الأمر تدريجياً :
_" دي حتى مستنتش عقلي وقلبي يهدوا وأنا تايهلها وبفكرلها إزاي هجيبلها حقيقة مرضك بطريقه تبقي حنينه على قلبها ومتوجعهاش ، راحت بكل بساطه هي اللي وجعتني ، بس أنا كنت عارف إن بنتك من البدايه محبتنيش زي ما حبيتها ، كنت عارف إني خسران طالما إديت ٱكتر ما خدت!! .."
إبتلع ربقه وعندما علم بأنها لم تستطع إرداف حديث توجه لينحنى ثم قبل قمة رأسها بعاطفة وشفقه لحالها وكوداع لشئ كان سيربط بينهما ، اعتدل يقف مره أخرى ثم إلتفت بعدما رسم على محياه ابتسامه زائفه ، توقف عندما سمع باب غرفتها يُفتح وقد أتت من الداخل وهي تحمل بيديها عُلبة المجوهرات ؟! ، نظرت لها "سميه" بلومٍ، في حين مدت يديها بألمٍ وقد خلعت القلاده الذهبيه لتعطيها له كما أعطته الذي أخذها أمس "الدبله"،وقف يحرك أنظاره بين عينيها اللامعه بالدموع وبين ما بيديها المرتعشه بطريقه ليست ملحوظه لاحظها هو كما يلاحظ أصغر الأشياء ، انتبه على صوتها المتحشرج وهي تقول تزامناً مع تقديمها له بالعُلبه :
_" اتفضل خُد دهبك !"
ود لو يضحك بسخريه لاذعه ولكنها خرجت منه بابتسامه واسعه جريئه لا تتماشى مع الوضع ، الٱن وحرفياً إن كانا مخطوبين فقد فُسخ ما بينهما الٱن بذلك ؟ وبالنسبه لعلاقتهما فتقرر نهايتها هي من جميع النواحي حتى يأتي ما عليه بقدوم المأذون ! مجرد تخيلها لهذه اللحظه يؤلمها ولكنها تتعمد ضغطها على جرحها وجرحه هو الأخر ، وجد نفسه يردف تلقائياً بسخريه ظهرت في نبرته وحتى كفه الذي دفع كفها للخلف مما يعني بإرجاع ما تود تقديمه:
_" خليهملك مش عاوزهم !!"
أصرت على رفع يديها مره أخرى ثم نظرت تواجه عينيه التي رأت بها الوجع المخفي أضعاف ثم قالت بعنادٍ :
_" مينفعش دا حقك ، زي ما حقي تجيب مأذون عشان ننهي اللي بينا بما يرضي الله .."
تتعمد القسوه في كل مره عليه هو وحده ! مرغومه على أمرها إذن ، فإن كان يوجع هو فالوجع لديها شئ قاسي أيضاً بإعتبراها أخذت قرار يهلكها بالكامل قبل أن يهلكه، ماذا يوصلها عقلها ؟! ، حرك رأسه ومن ثم خرجت نبرته المتهكمه وهو يطالعها باستهزاءٍ :
_" العادي !! ، لإنك أصلاً مبتتهاونيش وفاكره أخد الحق حِرفه من الشخص الغلط وبس ، بس لو ده حقي فـ لأول مره هسيبه ، عشان ليكي "
يعترف بطريقه غير مباشره بأنها غاليه ولها مكانه لم ولن يصلها أحد بعد ما فعلته هي ؟! ، صمت "غسان" يأخذ أنفاسه ثم واصل يكمل بنفس نبرته الساخره :
_"وبقولك مش عاوز منك حاجه ، إعتبريهم مكافئة نهاية الخدمه !"
حديث ليس هين عليها بل يهينها ؟ وأين الموجودين ؟ لا يوجد أحد إذن؟ تركتهم "سُميه" ينفردان بالحديث عل أحدهم يلين ! ، ولكن يصعب الوضع أكثر، طالعته بإشمئزاز من ٱخر ما أردفه ، كانت البدايه هادئه ومن عزم وجعه أخرج وقاحته ؟. عليها ؟. ، قلبت عينيها بغضبٍ ثم أشارت له قائله بهجوم:
_" احترم نفسك معايا ، أنا مكنتش عَبدَه عندك عشان تقولي مكافئة نهاية الخدمه ، ولا حبيتك بتمن ومقابل ، كل اللي قولته إنه حقك وأنا مبجيش على حق حد !"
لم يتقبل بعد الٱن طريقتها معه ، كيف سيخرج حبها من قلبه؟. ،لم يقدر على فعلها من الأساس ، طالعها بثباتٍ يهزها هي ، ثم حرك رأسه يؤكد لها حديثه:
_" لو كنتي حتى عَبدَه كانت فاتها قدرت عن كده ، بس معلش.. القلب خالى ومبقاش حد غالي !! "
صمت يخرج أنفاسه وعندما شعر بأنه إكتفى من أخذ الوجع منها قرر تركها وترك الحديث بنبره ساخره وهو يودعها بجمله بها لقب من المفترض بأنه كان يثبتها به بعبثه وغزله بها وليس يودعها بعد وجعه كمثل الٱن :
_"سلام ..يا بنت الأكرمي !"
وبالبساطه المتعبه له من داخله قالها كي لا يظهر تعبه أمامها ، إعتبرته بمنتهي البرود واللامُبالاه فعلها هو ! ، إنتفضت عندما سمعته يغلق باب الشقه بقوه ، حتى أن دموعها المحبوسه هبطت على الفور دون أن تعلمها بأن رحل من كانت تأبى الهبوط أمامه !
___________________________________________
لا يوجد أحد معها بالمنزل ، وحتى زوجها ذهب إلى مكتبه بعمله منذ الصباح ، أخذت الغرفه بسيرها المتعاكس بشرودٍ ، أمسكت هاتفها ثم حاولت لأكثر من مره أن تطلب رقم "حسن"، ولكن لا رد منه وهاتفه مغلق من الأساس ، انتهت الحلول وقد قررت إرسال رساله تحذره منها من عدم القدوم أو حتى عدم المكوث عند "ٱدم" ، إبتلعت ريقها ثم خرجت بسرعه عندما سمعت صوت إغلاق باب الشقه ، وجدته يدخل بهدوءٍ ثم وقف ينظر عليها وهي واقفه عقد حاجبيه من ملامح وجهها الغير مفهومه ثم قال بتساؤل وهو يجلس على الأريكه:
_"واقفه كده ليه مالك؟!"
_"حسن إبنك ضرب بنت حامد وكانت هتروح فيها وبحاول أوصله عشان ميرجعش ولا يقعد عند ٱدم ، عشان هدوء اللي اسمه غسان ده مش مريحني ، شوفلك صرفه !!"
قالت حديثها باندفاعٍ على مره واحده ، فنظر لها "سليم" بصدمه ثم وقف يسألها بغير تصديق:
_" ضــرب مين ، وعمـل ايه ! ، إنتِ بتقولي إيه ؟؟؟"
_"اللي سمعته يا سليم ، لازم نشوف نحل نبعد إبنك عن إيد غسان ،قلبي مش مطمن !!"
تشنجت ملامحه بإنفعالٍ وهو يسير يقف مشيراً أمام وجهها بنفاذ صبر قائلاً بنبره مرتفعه :
_"ما لازم قلبك ميطمنش ، عشان إبنك المتخلف اللي مُصر يودي نفسه فـ ستين داهيه أكتر ما هو !"
تفاجأت من انفعاله الغير معهود على أمور خاصة بضياع ولدها ، وجدته يردف مره أخرى وعدم الإهتمام خاصته قد أُرسل لها بشفرة حديثه :
_" إنتِ تشيلي من دماغك خالص اني ممكن أوصل لابنك وأشيله من تحت إيد ولاد حامد البدري ، أنا قولتهالك وبقولهالك تاني ، أنا شايل إيدي من أي زفت يخص إبنك ، كفايه بنتك اللي ماشيه ومحدش عارف ليها طريق لحد دلوقتي ، بوظتيهم هم الإتنين وخربتي حياتهم وإنتِ واقفه بمنتهي الهدوء وكأنك أم زي الناس ، اسكتي بقا ، اسكتي مش ناقصين هم يا شيخه !! "
يرمي لها اللوم الٱن ، إندفعت بغيظٍ تردف هي الأخرى كي تجيبه :
_" لا ما إنت متحملنيش ذنبهم لوحدي بعد ما مش لاقيلهم حل ، إنت كمان سبب في اللي كل واحد وصله هنا ، مترميش لوم عليا إنت السبب فيه من الأول !!"
نظر لها"سليم " بإنفعالٍ وقد قرر إخراج ما يراه ، تحدث بغضبٍ وهو يشير بيديه أمام وجهها كعلامه للإنفعال :
_" سبب فـ ايه ها ؟؟ ، كنت باخد من فلوسي وأعطي لابنك وأقوله إنزل شوف اللي إنت عايزه وارجع فالوقت اللي تحبه ، كنت بديه فلوس عمال على بطال يجيب بيها شُرب وقرف ؟. ، كنت بقول لبنتك ده غلط وده ميتلبسش وأزعقلها علي حاجات محدش في سنها يعملها ولا إنتِ اللي ماشيه مخلياها جريئه وتلبس ايه ومتلبسش إيه ، وتخرج فين ومنخرجش فين ، أنا اللي خلتهم بالجحود اللي هما فيه ده ولا إنتِ..؟؟؟؟"
_" عالأقل كنت بخليهم يحسوا بنفسهم ويقدروا نفسهم ، بدل ما كنت بتيجي عليهم فالوقت اللي تحب تمشي فيه جنانك وتحكماتك عليهم ، كنت بحاول أخليهم ميحملوش هم ويعيشوا سنهم ، كنت عاوزاهم يشوفوا نفسهم ، مش مجرد عيال من زوجه تانيه، كنت بقولهم إنتم أحسن من إخواتكم وهم مبيحبكوش عشان دي الحقيقه ، رغم إنك معانا هنا بس بردو إحساسي إنك دايماً قلبك مع عايده وعيالها أكتر مني مكنش بيروح ، عدلت إمته بين عيالك؟! ، وكل كلامك عن الاحترام والهدوء كان على جميله اللي انت نفسك مبتعملش باللي بتقوله ده قدامهم وقدامها ، الكلام عن الادب والطاعه كان علي البيه حازم اللي إنت محبتش أحسن منه ولحد دلوقتي بتضعف قدامه ، لسه معاك هو دلوقتي؟! ، سامعك وواقف جنبك ؟ وحتى مراتك واقفه معاك هي وبنتها ؟. محدش حبك هنا ولا قدرك غيري أنا وعيالي رغم ظلمك لينا .."
توبيخ مع قلب اللوم ؟؟ ، وأي لوم ونصف حديثها منطقي والٱخر عكس ذلك، نظر لها بغير اهتمام ثم وجه لها نظره من أعلاها لاسفلها وهو يردد :
_" كل ده مش هيخليني أجري على إبنك ، يكش يموته فإيده أو يتحط فـ قلب سجن عشان نرتاح منه ومن قرفه ، وكلمه زياده هرميكي برا البيت ده ، أنا معنديش حد غالي يا زينات ، وحسابك معايا بيتقل ، فإقعدي فجنب وفكري كده لو بنتك مشت من هنا عشان اللي جه فدماغي واللي فدماغك أقسم بالله لهكون مموتها فإيدي وكلمه اعتراض هتكوني محصلاها، جاتكم القرف ، مشفتش منكم حاجه عدله فحياتي !!!!!"
بمنتهي البرود قالها ، لم تطالعه بذهول فقد تعلم إلى مدي يصل إهتمامه في الأمور العائليه ، القسوه جميعها له هو وحده فقط !! ، تنتظره بأن يشفق وأن تُثار عاطفته بينما هو بدون قلب من الأساس ! ، نظرت بحسره على حالها وحتى حال أولادها ولم تخلو الحسره من الحق على عائلة "حامد" التي ما أن أتت إنقلبت الٱمور رأساً على عقب !!
_________________________________________
وقفوا في شقة "حامد" ينظرون علي "غسان" الذي خرج بعدما بدل ملابسه ، لم يكن "بسام" موجود من الصباح حيث كان من المفترض بأن يذهب لعمله ، بينما وقف "شادي" بجانب "حامد" و"وسام" بغرفتها ، وضع "غسان" مفاتيحه بجيب بنطاله ثم أمسك زجاجه المياه المثلجه يتجرع منها بغير إهتمام حتى وقعت بعض قطرات المياه على صدره ورقبته المكشوفه من فتحه لأول ثلاثة أزرار من قميصه الأسود ، إبتلعت "دلال" ريقها من تعامله اللامُبالي ، ثم هتقت تسأله بترقبٍ :
_" رايح فين دلوقتي يا غسان؟؟"
خرجت نبرتها المهزوزه كونها تتوقع الإجابه ، إلتفت برأسه ينظر إليها وهي تقف بجانب والده و"شادي" يسندها ، تنحنح يجلي حنجرته ثم أجابها بإختصارٍ :
_" رايح مشوار!!"
_"بلاش جنان يبني وإعقلها وأصبر نشوف مين فعلاً اللي عمل كده !"
قال "حامد" حديثه بهدوءٍ ، فوزع "غسان" نظراته عليه وعلى "شادي" الذي وقف بتردد ومنذ أن أتى من الخارج من ما كلفه "غسان" به منذ الصباح وهو يتردد بأن يريه ، حرك عينيه ثم وقف يشير لـ "شادي" وهو يهتف :
_"عملت إيه يا شادي؟؟.. ولٱخر مره هسألك ما كان فاتني نزلت وعملت المهمه دي بدل ما إنت عمال تتهرب مني كده !!"
حاصره "غسان " بقوله الصريح في حين أثار الحديث فضول والديه ، فهتف "غسان" معلناً الصراحه لهم حينما قال باحتراف هادئ :
_" طيب حيث كده ، إنتوا لازم تعرفوا إني مش هسيب حق وسام ، بعت شادي يشوف الشارع ده كاميراته شغاله ولا لأ ويجيب منهم لحظة دخول وسام فيه ، ونزل وجه ومقاليش أي حاجه لحد دلوقتي ، فأنا أنزل بقا أشوف مصالحي بنفسي ومعتمدش علي حد فيكم هنا !"
قال حديثه بسخريه من كونه يحاول وكل منهم في كل مره يرى محاولته بالخطأ ، ابتلعت"دلال " ريقها بخوفٍ في حين هتف "حامد" بتساؤل مُترقب:
_" يعني إيه ؟"
_" يعني بنتك مكنش عليها حسن بس يا حج حامد ، عارف يعني إيه ؟ يعني لو كانت دماغهم وزتهم شمال أنا كنت خدت إعدام من بدري فيهم ، وأنا عارف إنه حسن لكن اللي معاه أنا معرفهوش ، فـ لو معاك الفيديو تطلع بيه يا شادي بدل وعزة جلالة الله هطلع أموت أبوه وأمه قبل ما أوصل لـ *** ده ! "
علم جيداً كيف يهددهم ، يهددهم بنفسه هو بالخطر !؟ ، إهتزت ملامح "حامد" في حين نظرت "دلال" برهبه، فأخرج "شادي" الهاتف من جيبه ،ثم قاطع سير "غسان" بسرعه قبل أن ينفذ ما قاله ، قدم له الهاتف وهو يفتحه على مقطع الفيديو دون صوت ، إنتشله "غسان" من بين يديه وهو ينظر له بحده امتزجت بالألم ، وقف ثم أخرج أنفاسه ومن ثم ضغط على علامه التشغيل ليفتح الفيديو ، ومن جانبه "حامد" وزوجته عندما تحركا ليشاهدان ما حدث بتعبٍ ، نظر بغيظٍ على الفيديو ، وقد تبدلت ملامح وجهه للشرر ، رفع رأسه بعدما أستوعب من معه ثم قال وكأنه يؤكد ما رٱه :
_" ده شريف اللي كان مع حسن يوم ما كنا عند ٱدم ؟، شريف أخو عز ؟؟"
صُدم "حامد " هو وزوجته حتى أن الصدمه كانت جاهله دون علم ! ، هز له "شادي" رأسه بتأكيدٍ ثم أخذ الهاتف من بين يدي "غسان" الذي وقف متحلياً بالصمت !! ؛ إعتدل في وقفته وهو يأخذ أنفاسه ثم حرك أنظاره على وجه "شادي" وهو يردد بتبره شارده غريبه أتت من غرابة ما رٱه:
_"حلو أوي الكلام ده !!"
توجه ينحنى بجانب الباب ليرتدي حذائه ، ثم اعتدل يفتح باب الشقه ولم يعطي فرصه لوالديه بالمقاطعة ، حتى أنه دق باب شقة "عايده" بصوتٍ مرتفع ، جعل شقة "سميه" تُفتح عندما توجهت "دلال" تدق عليهم بخوفٍ غير مفهوم ، فتحت "عايده" الباب وقبل أن تتحدث هتف "غسان" بنبره جامده:
_" بـــنتــك فــيـن !!"
طالعته "عايده" بإستغرابٍ وقبل أن ترد وجد "حازم " يسأله من خلفه بنبره جاده:
_" وإنت عاوز إيه من أختي ايه يا غسان !!"
وقبل أن يجيبه وجد "سليم " يفتح باب شقته هو الٱخر ، لم يعطي له "غسان" الفرصه بل سحبه يمسكه من تلابيبه وهو يردد هو الٱخر رغم علمه بجهله لمكان ولده :
_" الزباله اللي إنت مخلفه إنت كمان فين ؟؟"
فصل "حازم " سريعاً بينهما في حين وقف البقيه ينظرون بترقب وفقط ، حتى "بدر" الذي وقف يطالع "غسان" بتفهمٌ لتهيج أعصابه ، وجد "حازم " يصرخ به قائلاً بصوت عالي :
_"ده مـــش إســلوب ولا دي طريـــقه !"
ضغط "غسان" على فكه بغضبٍ ثم هتف بصراخٍ هو الأخر يشير له :
_" وإيــه الطريقه لما أخوك يطلع على أختى هو وأخو خطيب أختك التانيه ويضربوها على راسها ويرموها فالأرض زي الأندال ويطلعوا يجروا !"
صُدم الجميع حتى "نيروز" التي خرجت تنظر هي الأخرى بعدما سمعت صوت صراخه ، لهفتها عليه جعلتها تركض من داخل غرفتها للخارج ، هتف "حازم " بغير تصديق ، في حين وقفت "عايده" مصدومه بشده:
_" شريف ازاي ؟؟. ويعمل كده ليه ، طب حسن وماشي لكن أخو عز ليه !!!!"
قالها بتشتت ، فهز له "غسان" رأسه بتأكيد ساخر ، في حين هتف "شادي" يرضي رغبتهم في فهم ما يحدث وما العلاقه :
_" أيوه شريف يا حازم ، شريف صاحب حسن أصلاً من قبل ما عز يجي يتقدم لأختك !!"
هز "حازم " رأسه بعدم إستيعاب ، فهتف "غسان" مره أخرى بنبره حاده لـ "عايده" :
_" قولتلك فين بنتك ؟؟؟"
إغتاظ "حازم " من طريقته في حين وقفت "ياسمين " وشقيقتها تنظر بغير فهم قوي ! ، نبس "حازم " بنبره حانقه مغتاظه :
_" إنت بتكلم أمي كده ليه ؟"
_" تعالى اخلي أخويا يخبط أختك ويحاول يموتها ونشوف هتبقي حالتك عامله ازاي معايا !!"
قال "غسان" حديثه بقهرٍ داخلى واندفاع خارجي ، لا يعلمّ "حازم" أن يغضب من ما أردفه للتو أم يتعاطف معه!! ، هتفت "عايده" بهدوء متفهم قبل أن يحدث من وضع سئ :
_" سيبه يا حازم ، معذور يبني.. جميله جايه فالطريق مع عز كان عليها امتحان واخر مره كلمتها قالت إنها واقفه تستني تاكسي وعز جاي معاها ، يعني اللي إنت عاوزه جاي فالسكه من غير صوت عالي ولا مشاكل !! "
هدأ إنفعاله بالتدريج عقب سمعاعه لمثل هذه الكلمات ، فوجدها تبتسم له برضا ، حرك أنظاره من عليها ثم وجهها على "سليم" حتى خرجت منه نبرته المتساءله بتهكم والإشمئزاز لا يخلو منها :
_" ما إنت لو خلفتك منها عِدله مكنش ده هيبقي الوضع ، بس نقول إيه الناقص بيجيب ناقص زيه بالظبط.. بالذات لو مراته ناقصه بردو !"
قصد أبنائه وزوجته الثانيه ، شهق البعض من وقاحته ، بينما حاول "سليم" إمساك رقبته فأمسك "غسان" يديه ضاغطاً عليها بقوه ثم قال بنبره هادئه :
_" انا إتربيت أه ، بس متربتش أوي عشان أراعي سنك ده ، فأركن فـ جنب وكفايه عليا إبنك وبعد كده نبقي نفوقلك ونفوق لأمثالكم اللي ماشين يخربولي فـ حياتي!!"
ترك يديه بنفور في حين تماسك "حازم " كي لا ينفعل ، بينما حرك"غسان" أنظاره عليها وهي تقف تطالعه بلومٍ ، حتى أنه إنتبه على نبرتها المتساءله له :
_" ليــه ؟ ليه مصمم تجيب التعب لنفسك !!"
قالتها "نيروز" قاصده هجومه كذلك في كل مره ، إبتسم لها أمام أنظار الجميع ثم هتف يجييها بثبات زائف :
_" مش مشكلتي إنك ضعيفه ، والضعيف ملوش مكان فـ حياتي !"
_" إسكــــت !"
قالها"بدر" بحزمٍ مكان ما كان سيردفه "حامد" ، قلب عينيه بإصرار ثم ثبتها على وجه "بدر" و"نيروز" التي طالعته بخيبه وحسره من ما أردفه عليها للتو
_" عرفت إني لازم أسيبك ! "
_"بيكي ومن غيرك يا نيروز ، هجيب حق وسام ، وسيبك بقا من حوار انا خايفه وأنا خطر عليك وحسن وزفت و مش هيسيبك ،. لأ .."
صمت ينفي ثم واصل يؤكد بجرأه :
_" لأ صدقي إنك إنتِ اللي بيعتيني وصممتي تكوني جبانه ، وإنسي يكون في أمل إننا نرجع ، أنا مبمسكش فـ حد ندل وأناني كده ، بالذات لو زيك !"
إندفعت "ياسمين" تصرخ بوجهه هي الأخرى كي توقفه عن حده :
_" اخرس خالص ، أنت مفكرها إيه ؟؟ مدلوقه عليك؟.؟ فوق من اللي إنت فيه وبتقوله ده !!!"
سحبه "شادي" بعيداً عنهما فدفعه "غسان" عنه وهو يبتسم لها بفخرٍثم أشار لها قائلاً بهدوء:
_" أنا اللي إتدلقت فيها ومش عارف أنسي اللي عملته واللي بتعمله ، قوليلي أخرس إزاي وأتأقلم مع حقيقة إنها بياعه ورفضتني فأصعب أوقاتي !"
تراجعت "ياسمين" في حديثها في حين سحب البعض "سميه" بعيداً عن الحديث ، طالعته "ياسمين" بصمتٍ ورغم نظرة "حازم" لها بتحذير من أن تصمت، هتفت توضح له بألم من ما تعانيه شقيقتها وحتى هو :
_" إنتوا اللي عملتو كده فنفسكم ، وهي قالتلك مبقتش عايزاك رغم إني ضد الفكره بس هي اللي إختارت تبعد ، فمتقعدش تقطمها فـ قرار هي حره فيه حتى لو هي مش صح بس هي حره ودي حياتها !"
حديثها النابع من مدافعتها عن شقيقتها أينما فعلت ، شعرت "نيروز" للحظه بأنها لها سند وظهر ، ولكن وقفت تنظر بصدمه. عندما سمعتها تلطخ كل ذلك بجملتها التي أصابته بقلبه حينما قالت:
_" إيه ؟ هتفضل مع واحده مش عايزاك ، وقالتلك تطلقها ؟ قولي لو إنت بتحبها وروحك فيها هتقبل تخليها علي ذمتك إزاي وهي ممكن تكون بطلت تحبك !!!!"
لا يوجد دفاع لهذا الحد !! ، كل منهم يردف الحديث دون وعي منه بماذا يقول ولكنها ضغطت على الجرح وبقوه ، حتى أن "نيروز " اندفعت تقول :
_"لا يا ياسمين أنا مبطلتش أحبه ، بالعكس أنا بتوجع ومش عارفه أعمل ده بس بُعدي عنه هو الصح لينا!!!"
بسمة ألم زينت محياه وهو يحرك رأسه بعبث من ذلك الحوار الذي ينهكه ليس إلا ...، لم يجيبهما بل حرك أنظاره على من حوله فوجد"حازم" يغلق باب شقة "زينات " بعدما ادخلهما بسرعه كي لا يتأزم الوضع ، ومن ثم وقفت "عايده" في حين وقف "حامد" بصمت أما زوجته فدخلت مع "سميه " هي و"ورده" إلى الداخل ، تشبتت نظراتها به ثم هزمها قلبها عندما إقتربت تمسك كفه تترجاه بنظراتها وحتى حديثها:
_"عشان خاطري متروحش لحسن ، متعملش حاجه أنا خايفه عليك !!"
خوفها عليه دائم ، ظنت إنها ستعتاد الراحه بعد الٱن ولكن بما فعلته قد صعبت من الأمر ، لم تعي ما فعتله من عزم حبها له ، حتى وقف البعض يطالعها بحيره ، ابتعد"غسان" عنها بألمٍ وهو يرجع خطوات إلى الخلف ومن ثم سحب كفه من بين يديها بتعبٍ ثم ردد بهدوءٍ مريب يذكرها :
_" متنسيش إنك طالبه الطلاق !!"
وجدها تهز رأسها بإصرار ، ثم هتفت من بين دموعها التي هبطت :
_" طلبته ولسه طالباه ، بس ده ميمحيش خوفي عليك !"
تشتتها يتعبه ويتعب قلبه ، تضغطه نفسياً لأقصى حد بذلك دون أن تعلم ، حرك رأسه نفياً ثم إبتسم بألم :
_" مش من حقك لو فيها طلاق و ملوش لزوم الخوف !!"
انسحب الجميع من حولهما ، وبقيت هي معه ولا تعلم كيف تقف تطالعه بألم أمام باب شقته من الداخل المفتوح ويطل على الخارج ، ابتلعت ريقها تضغط عليه بحديثها وهي تقول بنبره ضعيفه :
_" أنا بحبك ، والله العظيم بحبك وعشان كده قلبي مش مطاوعني افضل عشان أذيك وخلاص ، أنا ببعد من حبي فيك !"
لم يشعر بنفسـه إلا عندما صرخ بها بقوه وهو يدفعها من كتفيها ومازال ممسك هو بها مع كلمته الصارخه التي خرجت منه بقوه:
_" كــــفـــايه !"
وققت لم تتحرك يعي جيداً ما فعله ولم يفعل ذلك سوى للتعبير عن غضبه وتعبه ، هبطت دموعها بحسره عندما سمعته يوضح لها ما تفعله هي :
_"كفايه ، إنتِ إيه ؟ مبتبطليش تدوسي عليا بكلامك وطريقتك دي؟؟ ، إنتِ أصلاً مش عارفه إنت بتعملي إيه ولا عارفه انت عاوزه إيه بالظبط ، لو مش عارفه إن بكلامك ده بتتعبيني تبقي مشكله ، بس ماشي ، أنا هطلقك وهبعد زي ما بتقولي !!!"
إنتهي بحديثه عندما رفع يديه الإثنان يهزها من كفتها بهستيريه ، وقفت ثابته لم تكن خائفه بل رأت كل شعور به الكسره بعينيه ،. تركها وهو يرجع خطوات إلى الخلف ثم هتف قائلاً بنبره هادئه على فجأه :
_" هعملك اللي إنتِ عايزاه وبعدها تبعدي عني مش عاوز أشوفك ولا عاوز أسمع كلامك وكل واحد يبقي من طريق زي ما إنتِ عاوزه ..!!"
دق قلبها بعنفٍ والٱن جاءت للحظه التي تريديها وبنفس الوقت لا تريدها ، وقبل أن يردد لها بكلمة طلاقها وجدت "وسام" تندفع له قائله بترجي :
_" لا عشان خاطري يا غسان ، متعملش كده ، إدي نفسك فرصه حتى لو مش هتديها هي فرصه!!"
قالتها وهي تدفعه بمكان ٱخر غير الذي وقف به ، لا يعلم هو بأن ألمه منعه عن قولها حتى هذه اللحظه ،لاحظ خروجهما من المصعد حيث كان المكان الذي يقف به بجانب باب الشقه من الداخل ، وقفت "نيروز" تنظر بصمت ودموعها هي التي تتحدث ، إبتلع "غسان" ريقه ولم يعلم هو سوى فكرة واحده ، بأنه كان من إمكانه قولها الٱن أو من قبل ذلك ، بينما لم تكن هينه عليه قولها ! ،تركته باصعب وقت يحتاج به أن يرى إحتوائها وهذه هي النقطه الفارقه معه !! ، طالعها بكسره ظهرت أمامها وهو يمسك كف شقيقته كي يسندها حتى لا تخونها رأسها وتسقط ، هتف بعد أن إبتلع ريقه وهو ينظر لها :
_" خليكي فاكره إنك إنتِ اللي وصلتينا لكده يا نيروز!!"
طالعته بصمت وقبل أن تبرر بحديث يضغط عليه ، أوقفها بحزمٍ وهو يردف:
_" متتكلميش ، أنا معتش هستحمل منك كلام ، كفايه لحد كده ، طلاق وهطلقك وهبعد عنك مش هخليكي تشوفي وشي عشان نبطل نوجع بعض !!"..
توجه "غسان" عقب حديثه ثم أجلس شقيقته على الأريكة وهو يشير لها ثم قال بهدوء:
_" إرتاحي ومتقفيش فتره طويله كده تاني"
أومأت له "وسام" بحزن طغى علي ملامحها عندما رأت حاله ، غفل هو عن التجمع القليل على السلم في الخارج عندما تركوه يدخل بها إلي الشقه التي فُتحت وسمع من بالخارج كل ذلك ، كل مره يتأزم الوضع أكثر وحتي لم يعد بيديهم الأمر ، توجه بخطوات ثابته كي يخرج وكانت هي من تقف لتقطع طريقه بوقفتها رغماً عنها ، رسم على ملامح وجهه الجديه ثم نظر لها حتى خرجت منه نبرته الهادئه وكأنه لم يصرخ منذ لحظات :
_" عديني ، عاوز أخرج لو مفيهاش بحاجه مني !"
نظرت له بلومٍ من مايفعله ، إبتلعت ريقها بإنكسار عندما هتف هو بابتسامه تهلكه من الداخل:
_" ..ومش محتاج أقولك إن البيت بيتك وبراحتك يعني ، حتى لو هتبقي طليقتي إن شاء الله!!"
إبتعدت عن طريقه عندما تفحصها بنظراته من أعلاها لأسفلها ، ثم ثبت نظراته على خصلات شعرها التي خرجت بها بسرعه دون وعي منها عندما سمعت صراخه ، أشار لها بعينيه ثم قال بحده :
_" المفروض إنك لسه مراتي فـ تحترمي ده لحد ما تخرجي من على ذمتي !!"
ثبت نظراته على رقبتها وعلي سترتها المنزليه التي قُتح سحابها من الأمام حتى ظهر عنقها ، لم يحرك أنظاره من عليها وكأنه يودعها بذلك ، أخرج أنفاسه ثم هتف بسخريه وبنبره خافته عندما اقترب يهمس لها :
_" مكنش خساره فيا تكوني معايا بجمالك ، بس إنتِ اللي إستخسرتيه فيا يبنت الأكرمي !"
يغازلها بسخريه لاذعه ، يعلمها بطريقه ما بأنه لم يرى مثلها ، يجعلها تندم بطريقته المؤذيه في إرداف الحديث ، هربت بأنظارها منه ثم دخلت تجذب حجاب والدته كان موضوع على المقعد من أمام أنظارها، طالعها بتهكم ثم هز رأسه لها قائلاً مره أخرى :
_" وابن البدري.. عمره ما هيلاقي واحده تانيه يحبها ويقدرها زي ما كان بيعمل معاكي ..بس للأسف كله كان رايح ف المكان الغلط !"
يهشم خواطرها بجمله تلو الأخرى، تصنعت الشراسه من إردافه لحديث يأتي عليها ، هتفت بهجومٍ وهي تشير له قائله بنبره مندفعه :
_" و إنت ملكش عزيز وبياع .. !"
_"بياع ...مقولتش حاجه ! أصل هتكوني إتعلمتي البياعه دي من مين غيري يعني عشان تبيعيني فلحظه وبسرعه كده .. ،أما مليش عزيز ، فانا بردو مليش عزيز.. غيرك ، بس كنت....كُنت يا نيروز!!!!"
تركها بعدما قال حديثه ولم يعطي لها فرصه بأن تهاجمه أكثر ، خرج من الشقه بأكملها فوجد "عز" يقف بجانب "جميله" ومعه "حازم" و"ياسمين" و"حامد" و"بدر" و"شادي" فقط ، سمع هو قول "بدر" :
_" تعالى بس يا عز ندخل جوه ، حتى الوضع يبقي أهدى تعالى !!"
تحرك "بدر" والجميع نحو الداخل كي يدخل "عز" من خلفهم ، بينما وقف هو ينظر إلى "غسان" الذي وقف يطالعه بصمت تام إلى أن هتف يسأله :
_" فين أخوك شريف يا عز ، فين اللي ضرب أختي على دماغها وطلع يجري زي الجبان !!!!"
تحركت أنظار "عز" عليه بتيهه وعدم فهم ، بينما لم يأت بعقله من كل الحديث الذي علمه منهم بأن شقيقه يفعل ذلك ليوجه له شرر وأذى كي تخرب حياته لا أكثر ، إحتدت عينيه إلى هذه النقطة ثم إعتدل بوقفته وهو يجيبه بنبره جاهد بأن تخرج هادئه ثابته :
_" أنا معرفش حاجه عن الموضوع ده ، وحتى معرفش شريف أخويا فين بيته ولا معايا ليه أرقام !!!"
طالعه "غسان" بإستنكارٍ ثم هتف بإندفاعٍ وهو يمد يديه يمسك ياقة قميص الٱخر :
_" وحياة أمـــك!!"
تشنجت ملامح وجه "عز" في حين تحرك من حوله من الرجال كي يفصلوهما ، فهتف "عز" وهو يهبط يدي "غسان" :
_" أنا عشان فـ حتتك مش هقولك حاجه تزعلك ، عشان أنا أقدر أزعلك مني أوي بس إحنا بنفهم فالأصول ، ومش محتاج أعرف إنت مين عشان دي مش أخلاق دكتور بسام المحترم !"
_" حلو.. أنا غسان وعاوزك تزعلني أو حتى تفهمني يعني إيه أخوك وملكوش أرقام مع بعض ولا تعرف حتى طريق بيته ، إحنا هنحور على بعض !"
أهبط يديه من عليه بإرادته عندما فصلوهما عن بعضهما ، فتنفس "عز" بعمقٍ ثم أشار له قائلاً بتفسير:
_" هقولك اللي فيها ولو بعد اللي حكيته لسه شايفني بداري عليه تبقي مبتفهمش !"
ترقب "غسان" كما ترقب الكل باهتمامٍ ، قرر قص ما رٱه وما تهتف حياته على"حازم" أيضاً ، رأى أنها قد جاءت الٱن اللحظه الحاسمه لقول كل شئ لا يجب أن يُداريه ، سمع نبرة "غسان" الهادئه وهو يشير له نحو شقته قائلاً :
_" ماشي ، مستعد أسمعك ، بس بعد كل ده هتيجي معايا ندور على أخوك و تقف قصاد أخوك اللي مش هيفلت من إيدي وهجيبه كده كده هو والناقص اللي معاه ..!!!"
هكذا كان حديثه وهو يشير له كما أشار له "حامد" بهدوء ومن ثم سار معه "حازم" و"بدر"، و"شادي" إلى شقة "حامد" ، أما "عز" فيعلم تمام العلم بأن شقيقه يمكنه فعل ذلك والأصعب والأقسى من ذلك ..
______________________________________________
منذ أمس ولم يتحرك أي منهما من منزل "ٱدم" ويعد إقناع "شريف" للجلوس كون حدة الشباب منشغل بما فعله من جرم هو والٱخر ! ، كان "ٱدم" مرحباً بهم بفتورٍ فقط ، حتى أنه لم يصبح كثير الحديث ، وحتى تناوله الهلاك ! حاول بأن يتأخر على الجرعه الذي يأخذها ، نجح مره وفشل مرات كثيره منذ أن قرر ، يبكي ؟؟ ، ييكي لعدم قدرته علي أخذ القرار ، فعندما يصر يجد عوائق بطريقه ، الطريق إلى الإستقامه كفاح إذن !! ، جلس بغرفته ثم رفع يديه يمسح دموعه وهو يرفع أنظاره المترجيه للأعلى ثم دعا بقوله الذي ظهر به التشتت :
_" يـارب ، دلني على الصح من غير تعب ، نفسي أبطل والله نفسي أبطل بس مش عارف ..!!!"
نبرته المختنقه الحائره أتت من عجزه ، مع العلم بأن بإمكانه أخذ القرار النهائي وأن بيديه يذهب لشقيقه ويحثه على فعلها كي يضعه بمصحه ، وعندما يصل إلى هذه النقطه يرجع أميال إلى الخلف لمعرفته جيداً بكيف سيكون الألم ، ولكن الآختيار كان بيديه من البدايه ! لما الوجع ولما الندم الٱن ..، هذا ما قاله عقله له ، نهض يخفي أثار دموعه سريعاً ثم عدل من ملابسه أكثر قبل أن يخرج لهم متظاهراً بهيأته العاديه ، وصل إلى مسامعه نبرة "حسن" الضاحكه وهو يقول بمنتهي الدنائه على إحدى الفتيات :
_" دي البت دي كانت مقضياها مع كله وفالأخر خدها الغلبان ده ، عارف لو يعرف ماضيها والله ما كـ..."
بتر "ٱدم" حديثه عندما هتف بملامح وجه بها من الضجر ما ظهر لهما :
_" بس يا حسن إسكت ، حرام !! "
حرك "شريف" أنظاره بغير إهتمام ثم نظر على الٱخر فوجد ضحكاته تتعالي ، فضحك هو الٱخر ، عندما هتف "حسن" بسخريه لاذعه :
_" شيخنا ..، من إمته ده ياعم ، ده إحنا دافنينه سوا ..!!"
_" بصراحه يا ٱدم معاه حق ، يعني أنا لما جيتلكم وقربت منكم من فتره ، كنت إنت خاربها على الٱخر معرفش مالك نخيت ليه كده ورجعت لورا ..!!"
قال"شريف" حديثه بنبره ضاحكه أثارت غيظ "ٱدم" الذي هتف يوقف ما هم به :
_" منختش ولا رجعت لورا ، كل الحكايه إن عيني إتفتحت وعرفت الصح من الغلط والحرام من الحلال ..!!"
_"وهي السجاير اللي بطلتها دي مش حرام ، ولا الضرب والحُقن هما اللي حلال يا دومي !!"
بكل إستفزاز قال"حسن" حديثه ، فتعالت ضحكات "شريف " الذي يجعل الأمر أكثر إستفزازً بضحكاته ، نظر له "ٱدم" بصمتٍ ثم قال متحلياً الثبات :
_" لا مش حلال ، بس عالأقل بحاول عشان ملقاش نفسي ميت وملاقيش حد جنبي ، أو بلحق نفسي عشان موصلش لمرحلتك دي .."
صمت عن قول حديثه وهو يطالع "حسن" الذي طالعه بغير إهتمام ، فوصل يكمل مره أخرى ليواجهه :
_" إنت مصدق نفسك ؟؟؟ ، مش شايف نفسك عامل ازاي؟؟ دا إنت لو حد نفخ فيك هتموت يا غبي يا متخلف ، سيبك من شريف ده ، مش هينفعك والله ولا عمره هيوصل نفسه للمرحله اللي بقيت فيها دي !!!!"
وقف"شريف" ببطئ ثم أشار لـ "ٱدم" بتمثيلٍ ضاحك :
_" كده إنت بتغلط فاللي بيعملك دماغك ، هتبقي قدها لو قولتلك معنديش ليك كِيف لما تيجي تطلب والجزمه فوق رقبتك ؟؟؟!!"
كبت"حسن" ضحكاته وهو يخرج اللفافه من فمه ثم نفخ الدخان من أنفه، تزامناً مع قول "ٱدم" الغير مهتم :
_" عمري ما هتذل ليك يا شريف عشان تبقى عارف بس !"
_"ولو حصل والكيف ذلّك ؟؟؟"
صمت "ٱدم" ثم هرب بأنظاره كي يجلس على الأريكة التي كانت على بُعد منهم ،ثم أخرج هاتفه ليفتحه هو وحده بعيداً عن ما يفعلانه الإثنان ، لم تكن لحظاتٍ إلا وقد تبدلت ملامحه للصدمه عندما قرأ إحدى الرسائل المرسله ولم تكن الرساله بمحتواها إلا من "زينات " !!! ، هل ما قرأه الٱن صحيح ، حسن يهرب ؟؟؟ ومن معه ؟؟ وضرب ابنة عمه ؟؟ ولم يجيب علي اتصالات والدته بسبب إغلاقه لهاتفه؟ ، وعندما وصل لٱخر جمله وقف بإندفاعٌ عندما قرأها صراحةً ..
[ ...وقوله غسان مش هيهدى ألا ما يمسكه يموته ، لو عندك يا ٱدم خليه يمشي بسرعه ، شكل غسان ابن عمك ده مش ناويله علي خير..أمانه لتقوله .]
نظرا له الإثنان باستغراب من وقفته السريعه المندفعه بل ونظرات الغضب في عينيه ، وقبل أن يسأله أحدهم وجد نفسه يتوجه سريعاً ليمسك "حسن" من تلابيبه وهو يردد بصراخٍ :
_" عَمــلّت إيـــه تـــاني يا متخلف !!"
إستشف"شريف" بأنه علم لا محال ، بينما طالعه "حسن" بغضب هو الاخر وهو يدفعه بعيداً عنه مردداً بنبره منفعله :
_" عملت إيه فـ إيه ؟"
_" بنت عمي ؟؟؟ بنت عمي يا واطي؟؟؟ طب غسان ولما تضربه هياخد حقه منك لكن هي ؟؟ عملتلك إيه عشان تعمل فيها كده؟؟؟! ، جاي تقعد عندي بالحداقه وتغفنلي ؟؟؟"
قال "ٱدم" حديثه بنيره مرتفعه جعل "حسن" يطالعه بصمتٍ بينما وقف الٱخر ينظر بترقب ، إلى أن هتف "ٱدم" مره أخرى :
_" كل ما أقول هتبطل غباء وجهل بقا ترجع تبوظ الدنيا وتعكها علي دماغنا فالٱخر يا *** "
تشنجت ملامح "حسن" من سبه ،في حين أشار له "ٱدم" بإنفعالٍ :
_" مش هقولك تقعد المرادي يا حسن ، وأحب اقولك جهز نفسك بقا إنت والأستاذ وإمشوا من. هنا عشان غسان مش ناويلكم علي خير، وياريت معتش ترجع خالص طول ما إنت مصمم تبقي غبي كده !!!!"
نظر "حسن" باهتمامٍ ثم رفع عينيه يوجهها نحو "شريف" الذي هتف بمنتهي الهدوء:
_" متزقش كده يا عم ، أنا ممكن أقعد وأشوفلك غسان مين ده اللي جايلنا وناويلنا على الشر وأعرفه مقامه قد إيه ! ...بس هناخد نفسنا ونمشي من هنا بالذوق أصل شكلك يعني كده والله أعلم بتطردنا ..!!"
نظر له "ٱدم" بإستهزاءٍ ، في حين. توجه "حسن " يسحب "شريف " خلفه وهو يقول على عجاله غير عابئ بالحديث :
_" يلا بسرعه ، اخلص .."
سار "شريف" من خلفه هو الٱخر ثم إرتدي حذاء قدمه من الداخل حتى وضع يديه يتمم علي هاتفه الذي كان بجيبه ومن ثم غمز لـ "ٱدم" ببرودٍ وهو يردد بنبره ليست هينه:
_" لما تطرد شريف ، تبقي لازم تعرف انت كنت فـ إيه وهتبقي فـ إيه ، إبقى قابلني لو عبرتّ دماغك تاني .. سلام!!!"
_" طظ يا شريف!!"
قال "ٱدم" حديثه بجرأه فوجد "شريف " يهز رأسه له ومن ثم سحبه "حسن" بسرعه خلفه كي لا يأتي ما قاله الٱخر ، سمع صوت إغلاق باب المنزل ، في حين جلس هو بإنهاكٍ ، ومهما حدث لم يستطع هو محو خوفه الصادق علي صديق أيامه ، ولكنه أيقن بأن "حسن" لا يوجد منه أمل ليسحبه معه للطريق الصحيح، بل قربه منه يؤخر ما يفعله من صواب من الأساس !!!!..
____________________________________________
ثم يعود السؤال لهم هم وهم يتساءلون بنفس سؤال من رأى المعاناه !!
جلس الجميع على المقاعد ومر وقت قليل عليهم ، صوت "عز" في سرد ما رأه وما نشأ عليه أثار شفقة البعض والبعض الٱخر يهتف لنفسه ، أيوجد تضحيه كمثل ذلك ؟؟ ..، أيقن البعض بأنه رجل بل وعز الرجال كما يري الغير ، تحركت أنظار "غسان" عليه بشفقه لم تظهر ثم هتف يقول بنبره هادئه وهو ينهض :
_" أنا كمان يا عز موجوع على أختي ، بس قولي سبب كافي يخلي أخوك يعمل فيها كده ؟؟ ، قولي حتى لو حد عمل كده لأختك هتفضل قاعد كده ؟؟"
يحاصره بل وذلك الغير هين يعبر له عن أسفه لمعاملته قبل قليل بطريقه غير مباشره ، علم "عز" غايته الأخرى من الحديث ، في حين وقف "شادي" يأخذ أكواب العصير من يد "دلال" ، ثم وضعها على السفره بجانبهم ، وقف "عز" يحرك رأسه بهدوء ثم قال بهدوء متفهم :
_" أنا مقدر خوفك يا غسان ، بس أنا مليش علاقه بشريف غير الدم فعلاً ، وأنا معاك فـ أي حاجه تحكمها عليه ، عشان لو حطيت نفسي مكانك عمري ما هسكت على حق أختي !!!"
يثير نقطة شراسته ، وبخه "حامد " بنظراته، فـ ٱخيراً قد رأي سكون ولده الٱن يأتي أحدهم وشجعه ؟؟ ، وقف "غسان" ثم نظر إلى "بدر" قائلاً له بنبره شديدة الهدوء :
_" أنا رايح عند أخوك يا بدر ، ولو لقيته يعرف حاجه عن الموضوع ده مش عايزك تزعل !!"
وقف"شادي" و"حازم" الذي ود لو ينفرد بـ"عز" بعد أن سمع مختصر حياته ، تحركت أنظار "بدر" عليهم جميعا ثم وقف تزامناً مع قوله:
_" أنا جاي معاك يا غسان ، وعاوز اقولك لو ٱدم يعرف حاجه عن الموضوع ده من قبل ما يحصل هعرفه أنا وهسيبك ليه تعمل اللي تعوزه ، بس أنا أضمن أخويا عشان هو نضيف وعمره ما يطلع منه حاجه زي دي !"
هز "غسان" رأسه له ثم إعتدل بوقفته وهو يشير لهم بقوله :
_" يلا !!"
قالها وهو يخرج من باب شقتهم ، سار من خلفه "شادي" و"عز" و "حازم" في حين وقف "حامد " يوصي "بدر" بخوف وهو يقول :
_" خد بالك يا بدر ، متسبهوش يبني يعمل حاجه ليودي نفسه فـ داهيه ، إحنا مش ناقصين !!!"
_" متقلقش يا عمي ، اطمن!!"
ٱخر ما سمعه من ابن شقيقه ومن ثم خرج ، جلس "حامد " مره أخرى بتعب على المقعد وقد سمع صوت شهقاتها من خلفه ، وقبل أن يدير رأسه لها وجدها تأتي لتجلس بجانبه هي الأخرى بتعب وقد ظهر الخوف في نبرتها الباكيه عندما قالت :
_" أنا مبقتش حمل القلق ده ياربي !!"
كذلك كان القول المتحشرج بالبكاء ، وهي تعلن عجزها وقلة حيلتها بما يحدث أمامها ، رفعت أنظارها للأعلى من وسط نحيبها ثم قالت بخوفٍ مره أخرى:
_" أستر يارب .. !!"
نظر لها "حامد" بسكون ومن ثم رفع يديه يمسح دموعها ثم ربت على كفها قائلاً محاولاً بث الإطمئنان بها :
_" هيسترها يا دلال ، هيسترها متقلقيش .."
________________________________________________
_"عرفتي إن نيروز كانت لازم تعرف من الأول ؟؟؟ مبسوطه وإنتِ كل شويه فقلق وهم كده وإحنا مش عارفين هيحصلك ايه!!!!"
توبيخ ومن "ياسمين" إلى والدتها ؟؟ بعيداً عن غرفة "نيروز" التي دخلت لها "جميله" لتواسيها ، ولم يكن التجمع الٱن سوى من "ياسمين" و"سميه" و"ورده" و"عايده" .. ، حركت "سميه" رأسها بخيبه ثم تنهدت تأخذ أنفاسها في حين هتفت "ياسمين" مره أخرى بلومٍ :
_" عاوزه أفهم ، فهميني يا ماما ؟؟ فهميني ايه اللي بتعمليه فنفسك ده ؟ ، مش بنتك اللي خدت القرار اللي كلنا ضده ، جايه توجعي قلبك أكتر ما هو موجوع ليه.؟؟ "..
نفت "سميه" برأسها لها ثم قالت بنبرتها المتحسره :
_" افهمك وأقولك إيه ؟ ، انا تعبت يبنتي سيبني فـ حالي ، عايزه اختك تبقي إسمها مطلقه وماشيه قاهره فنفسها لحد ما هتطب ساكته مره واحده ومش عايزاني أتقهر ولا أبكي على حالي ده !"
_"حرام يا ماما كده ، إرضي وإن شاء الله كله هيبقي تمام ، إنتِ اللي تاعبه نفسك !!"
حديث كان من "ورده" التي حاولت بأن تهدأ الوضع بين شقيقتها و"ياسمين" التي أردفت مره أخرى توبخها بتعبٍ :
_"حرام عليكِي نفسك وتعبك إحنا ما بنصدق تبقي كويسه، تقومي تاعبه نفسك ٱكتر ؟؟؟. دا مش عقل والله ، والله ما عقل أبداً ، اللي إنتِ وبنتك فيه ده .!!! .."
إنفجرت توبخها من خوفها عليها ، فلم تعطي "ورده" فرصه لوالدتها بٱن تتحدث بل خرج إندفاعها لشقيقتها وهي تقول بحزمٍ :
_"كفايه يا ياسمين بقا ، كفايه حرام عليكي سيبيها فحالها وكلميها بطريقه أهدى من دي شويه ،. هي كانت عملت إيه يعني ..!!"
نهضت "عايده" في حين نظرت"ياسمين" لشقيقتها ثم وزعت نظراتها بينها وبين الأخري تزامناً مع قولها :
_" لا عملت ، لما كل شويه تعيط وتقعد تندب كده يبقي مفيهاش بعد كده صحه ، كل شويه بنقول ياماما صحتك !! ياما قلبك ، ياماما متعيطيش !!! ، نعمل ايه تاني ؟؟ مش بنتك اللي عاوزه كده وقررت كده ما تبقى مطلقه هنعمل ايه ؟ هنقعد نبكي على الأطلال بقا ونركن فجنب عشان هتبقي مطلقه وخدت قرار مش ماشي على هوانا ؟؟ ، ما هى حره يا ستي ، هي حره .. بس كفايه وجع قلب بقا من كل نحيه الواحد معتش متسحمل كده !!!!"
أردفت حديثها بنفاذ صبر ، بينما نظرت لها "ورده" بصمت لم تستطع إرداف حديث أكثر ، بينما أنصتت "سُميه" لحديث إبنتها وهي تجيبها بنبره باكيه:
_" مش هتحسي بيا ولا بوجعي علي أختك واللي بيجرالها، ما إنتِ مش فمكاني.."
_" كفايه عياط وحِزن بقا ، كان فـ إيدنا إيه ؟؟ أو بإيدنا إيه نعمله وهي راكبه دماغها ، ليه مش قادره تفهمي إن اللي إنت بتعمليه ده بيوجعك ويتعبك أكتر !!"
صمتت تنظر بسكون وهي تستمع لحديث ابنتها ثم رفعت يديها تمسح دموعها تزامناً مع نهوضها وحدها لتذهب ناحية غرفة "نيروز" ، أمام أنظارهن ، نظرت "ورده" ناحية "ياسمين" التي وقفت تخرج أنفاسها ثم قالت :
_" براحه شويه يا ياسمين ، أومال لو مش عارفه إنها تعبانه !!"
حركت "ياسمين" رأسها بقلة حيله ثم اندفعت بقولها لها :
_" ما عشان عارفه إنها تعبانه بقولها كده ، إنتِ مش واعيه لو فضلت كده حالتها هتبقي عامله ازاي ، إحنا ما بنصدق تكون كويسه وفحال كويس تقوم هى منغصه عليها حياتها ، وبردو أختك الغبيه اللي مش فاهمه هي بتعمل إيه ، كل اللي إنتوا فيه دا عك ، عك من أول ما خبينا على نيروز مرض ماما ، قوليلي لو كانت تعرف كانت هتبقي كده وهتعمل اللي عملته ده ؟؟؟ "
تستجوبها بهجومٍ فصمتت الأخرى بعجزٍ حتى واصلت الاولي تقول مجدداً بنفس الإندفاع :
_" عرفتي إن كل اللي ماشيين فيه ده غلط !! ، ولو سيبتكم هنا يوم واحد الدنيا بتبوظ ، كان فإيدك تبعدي ماما عن كل ده ، كان في ايدك تتصلي بيا وتقوليلي اللي حصل مكنتش هتأخر ثانيه ، عالأقل بأي طريقه كنت وقفت التخلف اللي بيحصل بين اختك وغسان ، ما أنا مش راضيه بردو عن اللي بيحصل ده ، بس طبيعي لما تقف قصاده وتقوله مش عايزاك هقف مع أختي اللي محدش فيكم حاول يفهمها هنا ، كله سابها تعك وتعمل اللي هي عايزاه من غير ما تاخد راي حد ده صح ولا ده غلط ، محدش عارف إنها هتتعب من كل ده ومش هتستحمل التعب النفسي ده بردو ، حتي هي وهي بتاخد القرار مش عارفه هي ممكن تحس بـ إيه ولا إيه اللي ممكن يحصل من ده ، وكل ده فالٱخر مش حمل الا عليها وعلى ماما اللي كل شويه بقول هتروح مننا فأي لحظه قبل ما تعمل زفت عمليات !"
أخرجت "ياسمين" كل ما تود قوله دفعه واحده ، لشقيقتها التي نظرت لها بحزنٍ ومن ثم هبطت دموع عينيها منها وهي تلومها بقولها :
_" كنتي عاوزاني أعمل إيه يا ياسمين ؟؟ كنت هتدخل وهعمل إيه وهي بتقول حرام عليكم سيبوني فحالي أنا معتش قادره أنا تعبت ؟؟ ، كنت أغصبها علي إيه ؟؟ وأودي ماما فين وكل اللي حصل كان قدام الكل ؟؟ "
إبتلعت "ياسمين" ريقها ثم وجدت "عايده " تتوجه لتربت على يد كل منهما وهي تقول بهدوءٍ :
_" إهدوا ي حبايبي ، إهدي يا ياسمين يا بنتي متكبريش المواضيع أكبر ما هي ، ومتلوميهمش على حاجه حصلت غصب عننا وعنهم ، ونيروز اختك حتى لو القرار غلط بس هي مش صغيره عشان تقولي كده ، هي مسئوله وكمان مكتوب كتابها يعني هي اللي تقرر وتتحمل نتيجة قرارها حتى لو هتتعب زي ما بتقولي ، وحتى ورده محصورة بينها وبين جوزها وابن عمه هتعمل إيه يا بنتي ما كله جه مره واحده كده !! "
تركتهما "ياسمين" وهي تتوجه ناحية غرفة"نيروز" هى الأخرى بينما ربتت "عايده" بحنوٍ على "ورده" التي مسحت دموعها سريعاً ما أن رأت "يامن" وهو يخرج يهتف باسمها من غرفتها ، إبتسمت له ثم توجهت لتجلس وهي تشير له ليأتي لها ..
دخلت "ياسمين" عليهن الغرفه ، ثم أغلقتها من خلفها بهدوء ، وجدت "سميه" تحتضن "نيروز" التي خرجت سريعاً من أحضان والدتها ما أن رأت "ياسمين" تدخل ، نهضت "جميله" وقد تفهمت معنى نظرات "ياسمين" ، انسحبت بهدوءٍ لتخرج في حين وقفت "سميه" أمام "ياسمين" التي هتفت لها وهي ترسم عليها إبتسامه زائفه :
_" كفايه دموع ياماما ، وسيبيني معاها شويه !!"
نظرت لها بقلة حيله ثم وزعت نظراتها المحذره لها من ما بعقلها ، حتى انسحبت تخرج من الغرفه بخطواتٍ هادئه ، سمعت "نيروز" صوت اغلاق باب الغرفه بينما جلست "ياسمين" وهي تطالعها بهدوءٍ ثم خرج سؤالها لها على فجأه :
_" مبسوطه كده ؟؟!"
وجدت السؤال يوجه إليها ، ولم تفعل سوى أنها حركت رأسها بنفي ثم جلست تحاول الثبات أمام نظرات الأخرى التي عرفتها جيداً ، جاهدت بأن تخرج منها نبرتها المختنقه وهي تجيب :
_" لأ .."
_" طب ليه يا نيروز ، مش هقطمك بس هقولك الحقيقه اللي لازم أقولهالك عشان خايفه عليكي .."
ترقبت "نيروز" ما ستردفه الأخرى عقب قولها ، فأخذت "ياسمين" أنفاسها ثم بدأت بقول حديثها الهادئ العقلاني :
_" مش هقولك عملتي ليه كده بس هقولك إن غسان نفسه ميستاهلش منك ده خالص ، دا بدل ما تقفي جنبه ؟ تحتويه ؟ حتى لو القرار عاوزه تاخديه وتقوليه بس عمره ما كان ينفع فوقت زي ده ! ، أنا وحازم كنا الخناق بينا أكتر من أي حاجه بس لما كانت تحصل مشكله كنت بركن أي خلاف وأروحله لما احس إنه موجوع ومداري مش ظاهر ده كمان ،وبعد كده بنرجع نتعاتب وأتهاون بقا متهاونش على حسب الحاجه ، بس عمري ما قولتله يسيبني على أول مشكله كبيره حصلت ، رغم إن حسن كان ولسه بيكرهني وأنا كمان بكرهه وياما قال وعاد وزود ونقص بس بدل ما كنت بهرب كنت برد عليه ، عمك كان بيحاول يعمل أي حاجه عشان يبعدنا عن بعض ومكنش عايزني لابنه بس وقفت بكل بجاحه وأنا اللي إتمسكت بـ حازم ، عارفه إن الوضع متغير وإن حسن عندك اتصرف تصرف تاني غير معانا بس هي هي الحاجه لو. وقفتي وأصريتي علي تمسكك بيه مش تظهري إنك بعتيه زي ما هو شاف ، إنتِ أختي وممكن أقول عليكي غبيه ومبتفهميش بس قدامه عمري ما هسند ولا هقف ألا معاكي إنتِ وبس "
صمتت تأخذ أنفاسها وهي تنظر على ملامحها المنصته ثم واصلت بنفس العقلانيه :
_"و خوفك ده مش مبرر قوي عنده أو عند أي راجل عموماً عشان هما أساساً مهما كانو بيحسوا ومهما كانو بيقدروا برد نقطة الإحساس دي مش هي التمام والأساس عندهم ، دول بيحكموا على إنك تقفي جنبهم وتديهم حلول وتسنديهم مش تحسي إنك خايفه عليه وسيبتيه عشان كده ، ساعتها مش هيقول غير إنك أنانيه ومبتحبيش غير نفسك وبس !! كل واحد فينا عنده طريقة تفكير مختلفه ، وغسان اصلاً أول واحد عايز إحتواء وكلام كده حماسي بإنك عمرك ما هتسيبيه ولا هتتخلي عنه ، أصل ده واحد مسك فكل اللي. قدامه عشان بس عاوز يجيب حق أخته !! يعني العبيط اللي يقول إنك مش هتبقي فأمان معاه !! ، كان ممكن يقولك من ساعة موضوع السكينه اللي جت فيكي إنه يسيبك عشان انتي إتأذيتي بسبيه بس هو عمل إيه ؟؟ باعك ؟؟ قالك همشي عشان خايف عليكي ؟؟ قالك هسيبك عشان انتي كنتي هتروحي فيها ؟؟ ، بالعكس أنا شوفت إنه إتمسك بيكي اكتر ، ده خوفت منه ليضربني ولا يعمل حاجه لما قولتله اطلع برا على ما أغيرلها لبسها ، مستحملش يبقي بعيد عنك الكام دقيقه دول وكأنه لوبعد إنتي هيجرالك حاجه !! دلوقتي إنتي بعدتي وكسرتيه بكلامك وعلفكره اللي إنتي قولتيه برا عالسلم لما كنا واقفين مش صح وجيتي عليه بكلامك بس وقفت معاكي عشان انتي لسه ليكي ضهر وسند ومهما تعوزي وتختاري فأنا هقف معاكي وهدعمك فالحاجه اللي مش هتأذيكي ولا تتعبك وتتعب اللي حواليكي .."
سكنت في حديثها ثم أخرجت أنفاسها بهدوء ، بينما نظرت "نيروز" إليها بتشتت ومن ثم كتمت الدموع بعينيها من فكرة أنها تائهه ، ابتلعت ريقها ثم بررت لها بقولها العاجز :
_" وأنا تعبت يا ياسمين ومبقتش قادره ، أنا كده وهفضل بخاف كده ،بس والله خوفي عليه أكتر بكتير من أي حاجه ، يمكن قصدت أبينله إني بياعه عشان يسيبني بس أنا مش هستحمل أي كلمه منه بعد كده فوسط الكلام ، مش عاوزه الماضي ده ولا اللي بيحصل دلوقتي يأثر بعدين ويرجع كل ده بسببي فالأول وفالٱخر عشان دي حقيقه ومش هتتغير ، حسن إيده طايله حتى لو هو نفسه مش عارف يحمي نفسه بس شره أقوى منه ومعندوش قلب وحتى لو مش موجود فلما بيظهر بيقلب الدنيا وأنا مش هقعد كل شويه على أعصابي استني أشوف هيحصل إيه ، وفأي لحظه ممكن يأذيني فـ غسان ،حتى لو هنتجوز وهنخلف ونعمل بيت فكرة إن شره بينا دي أنا مرعوبه منها ، أنا نفسي أعيش فـ سلام نفسي وراحة بال ومشغلش دماغي بحاجه ويوم ما حبيت إختارته بكل حاجه فيه من غير ما أبص إنه مش بيتهاون فحقه وإنه ساعات ببقى متهور وممكن يموت اللي قدامه ويروح فيه فـ داهيه ، دا غير إنه مش بينسي ، حتى لو إتصلح حالنا وحصل اللي بتقولي عليه فـ مش هينفع مش هيغفر. اللي أنا عملته غصب عني عشان منتوجعش فبعض !!"
رفعت "ياسمين" ذراعيها تضمها إليها عندما وجدت الإنهيار بٱخر ما أردفته ، ربتت عليها بتعبٍ وهي تهدهدها ثم قالت بنبره لينه عميقه :
_" بس اهدي ، اهدي يا نيروز ، وإستني نشوف هيحصل إيه ، إن شاء الله خير وبس اللي هيحصل ، بس هوني علي نفسك ، هوني عليها ماشي؟؟؟"
بكت في أحضانها بعجزٍ حتى أنها لم تكن لديها القدره علي الموافقه بهزة رأسها ، لم تأخذ منها سوى المواساه وفقط ، لطالما كانت "ياسمين" وستكون خيرّ السند لها ، رفيقة الأيام الشديده عكس رفيقة دربها اللينه "جميله " ، دائماً ما تقدم شقيقتها الحلول ، تشعر بها دون أن تخرج بالحديث ،. حتى وإن خرج إنفعالها عليها ولكن في النهايه تصبح لديها الرهبه والخوف والإهتمام علي ما يصلح لشقيقتها وفقط لطالما كانت الرجل وبنفس الوقت المرأه ..!!
______________________________________________
وبالسرعه الكافيه قبل قليلٍ ، وقف كل منهم بعدما هبطوا من سيارة "شادي" ، يقف كل منهم أمام منزل "ٱدم" ، ترقبت الأنظار في حين رفع "غسان" يديه يدق الباب دقات متتاليه ، بل ويحكم نفسه وأعصابه لأقصى حدٍ ، وقف " عز" بجانب "حازم" و"شادي" فالخلف في حين كان "غسان" بجانب "بدر" في المقدمه ، لم تكن سوى لحظاتٍ وظهر من خلفهم "ٱدم" وهو ممسك بسجادة الصلاه ، فقد خرج للمسجد وأتى بعد إنتهاء الصلاة ، إلتفت "غسان" سريعاً على الصوت ، بينما وقف "ٱدم" ينظر بقلقٍ من الوضع والتجمع سمع هو نبرة "غسان" الساخره له :
_" حرمًا ، مش غريبه كل ما أجيلك ألاقيك بتصلي؟؟
صمت ثم قال سريعاً قبل أن يجيبه :
_ "دعيت لحسن المرادي ولا لأ ؟"
قلب "ٱدم" نظراته بغيظ مكتوم في حين هتف "بدر" يقول بوضوح:
_" حسن فين يا ٱدم هو واللي معاه ، وعرفني حالاً إنت كنت عارف اللي عملوه وساكت ولا حكايتك إيه بالظبط ، لأما هقل منك وسط الناس دي كلها وفـ قلب الشارع !!"
قال"بدر" حديثه بحزمٍ ،، فابتلع "ٱدم" ريقه وقد رأي غاية كل من "غسان" و"بدر", بالفتك به ، هز رأسه بنفي ثم قال بدفاع عن نفسه :
_" أنا معرفش حاجه ، إنتوا بتتكلمو عن إيه ؟!!"
توجه "غسان" يمسكه من تلابيبه ثم قال بإنفعالٍ خرج منه بعد أن فقد السيطره علي كتمه :
_" ولااا ، مش عايز إستعباط ، اخلص قول فين حسن واللي معاه ، وكنت عارف اللي عمله فأختي ولا لأ ..!!"
وقف"بدر" بمكانه ينظر بإنتظار لإجابة شقيقه الذي نظر بخوفٍ غير واضح لهم حاول أن يداريه ثم أجاب بنبره هادئه بها من الاهتزاز ما ظهر لـ "غسان" الممسك به :
_" والله ما كنت أعرف حاجه ، هم جم امبارح عندي من غير ما أعرف اللي عملوه ، لحد ما ام حسن بعتتلي رساله من شويه وقالتلي لو هو عندك خليه يمشي عشان غسان مش ناويله علي خير وقالتلي اللي حصل فـ وسام ، وبعد كده قومت زعقت فيه وقولتله يمشي من هنا عشان متجيش تقوم عليه ..!!"
كل معاني الغباء وُضعت به هذه اللحظه ، رفع "غسان" سريعاً كفه يصفعه علي وجهه بانفعالٍ وهو يصرخ به بتوبيخ ٍ :
_" وقـــولتلـــه يمشــي يا غـــبــي ، قــــولتله يمشـــي يا مــتخــلف يا واطـــي ؟؟ دا المثل بيقول أنا وابن عمي عالغريب يا *** "
اندفع "بدر" و "حازم " يفصلانهما عن بعضهما تزامناً مع قول"عز" الهادئ وكأنه لا يرى عراك من أمامه :
_" طب ولما مشى هو وشريف اللي كان معاه راحوا فين ؟؟"
_"معرفش ، والله ما أعرف أنا قولتلهم إمشوا وحسن قام وشد شريف بسرعه قبل ما غسان يجيله !"
قالها بنبره مرتفعه وهو يعدل من ملابسه ناظراً نحو"غسان" الذي أمسكه "حازم" و"بدر" ، طالعه "غسان" بغضب ثم عنفه بقوله وهو يسأله باندفاع:
_" راحو فين يا واطي ، راحو فين إنطق .!!"
_" ما قالك معرفش ،خلينا نفكر وإسكت شويه وإهدى !!!"
نظر إلى "بدر" بشرر ثم حرك رأسه بالنفي وهو يشير بيديه لـ "آدم" مع قوله له مره أخرى :
_" أنا مش هستنى ، إنت هتيجي معانا دلوقتي وتعرفنا وتودينا كل مكان ممكن يكون موجود فيه القذر ده ، عافيه ذوق هتيجي يعني هتيجي !!"
هز له "ٱدم" رأسه بخفوتٍ في حين صمت البعض وقد رأي بهم التأييد من قراره السريع ذلك ، ولكن هتف "غسان" مره أخرى بنفس الغضب :
_" أول مكان تتوقع يكونوا فيه إيه ؟؟ إنجز وقول يلا !!"
تحامل "ٱدم" على نفسه من طريقة الٱخر التي لم تروق له وجد"بدر" يحدجه بتحذير كي يجيب "غسان" ، فأخد أنفاسه وهو يجيبه قائلاً :
_" في قهوه هنا جنبنا بشويه ، ممكن يكونوا راحو قعدو فيها من جوه عشان فيها مكان مستخبي كنا بنقعد فيه !!"..
_"نركب لها ولا هنمشيها يا ٱدم دي ؟!"
سأل "عز" سؤاله بعقلٍ ، فأمعن "ٱدم" النظر بملامح وجهه ثم اجابه بهدوء :
_" اللي تشوفوه وأنا معاكم !!!"
_" نركب يا جماعه عشان نوصل بسرعه ، يمكن يكونوا هيمشوا من هناك ولا حاجه !"
لم يكن الحديث المقترح سوى من "شادي" الذي أشار لهم وهو يتوجه نحو السياره، أومأوا له وكل منهم يتجه خلفه ، ولم يكن آخر من سيتوجه سوى "غسان" الذي دفع " ادم " بكتفه وهو يردد بخفوتٍ قبل أن يسير قبله :
_" أقسم بالله ما نجدك من إيدي غير أخوك يا زباله يا عويل !!"
توقف لحظاتٍ ثم أردف مجدداً بتقزز :
_" إنت اللي بيجري فعروقك ده إيه يالاا مايه؟!!!! "
نظر له "غسان" عقب قوله بإشمئزاز ثم سار من قبله وهو يسمعه يجيب على حديثه بقوله المستفز :
_" بردو ملكش فرص معايا أقبلك يا غسان ، ومش جاي معاكم عشان خاطرك ولا خاطر سواد عينك ، عشان بس عمي وبنت عمي وأخويا مش أكتر من كده !! "
تعمد تجاهل حديثه وهو يبتسم بسخريه تزامناً مع دخوله السياره، ومن ثم دخل "ٱدم" من بعده ، دقائق بسيطه ثم بدأ "شادي" بتشغيل محرك سيارته التي أخذتهم جميعاً حتى يبدأ بالتحرك نحو المقهى الذي قاله "ٱدم" !!!!
____________________________________________
لم تتحرك منذ أن تركها وحدها حبيسه سوى من ساعه واحده فقط قبل الٱن ، نهضت تجلب ملابس طويله تسترها ثم دخلت المرحاض الكبير بالخارج ، جسدها الهش الضعيف بطاقتها التي تنفذ لم تعد تقدر على ذلك ، وحتى الطعام ترفض بأن يدخل فمها ، إنكسرت بكل معاني الكلمه من إنكسار ، كل لحظة تمر عليها توبخ بها نفسها وبقوه ، أين كان عقلها ، واين ذهب قلبها ؟ له ؟. لذلك الحقير الذي إعتدى عليها بكل وحشيه ؟؟ من ٱمنت له وجعلت منه أميراً له سلطان على القلب والعقل ، ماذا فعل بها هو في النهايه ؟؟، إنتهت بجلستها الٱن على الأرض بالغرفه الأخرى التي كانت تجلس هى بها ، توضأت ؟ وفعلتها؟. رغم جهلها من الأساس بيكف تجري هذه الأمور . كيف يجري القرب من الله ، لم يُنظر بأنها قواعد وقوانين بل نلجأ إليه في كل وقت لفظ الجلاله موجود !! ، يقبل العبد أينما فعل وأينما. حل عليه !! ، بسخريه لاذعه إبتسمت هى عندما بحثت على سجادة صلاة لتصلى عليها ، لم تجد من الأساس ، ومن البدايه لم تهتم هي ! ، وضعت أمامها حجاب رأس أبيض غير التي ترتديه هي كي تسجد عليه ، ركعتين لله فعلتهم هى ببكاء مرتفع ينهك من قلبها إنهاكٍ ، عجزت عن الدعاء وحتى عن قراءة ما تيسرمن كتاب الله كي يخفف عنها بل بين الوقت والٱخر تردف هي لخالقها بأنها تعلن قلة حيلتها وتنتظر منه الفرج !! ، وأي فرج سيأتي من عند الله لطالما كنت أنا البعيد لا أفقه شئ ، تفوتني كل صلاه! ، لم تجد من ينصحها في حياتها بل لم تقابل هي سوى توبيخات كثيره علي أشياء أكثر تستحق ولا تستحق ، ليتها إستمعت لحديث شقيقتها ؟ شقيقها ؟؟ نصائح زوجة والدها التي كانت تدخلها "عايده" بين الحديث كونها تشفق عليها !! ، كل ذلك يرجع إلى ذاكرتها وبقوه ، يداهمها كل صواب غفت هي عنه ، حثتها ساقيها هي على النهوض عندما أتى بعقلها فكره من المحتمل بأنها ستنجح وان نجحت؟ كيف الفرار من تهديده الصريح لها .؟؟. ستفعلها أولاً. وإن نجحت ستفكر في الأمرّ...
جذبت سكين رفيعه جداً من بدايتها ثم توجهت ناحية الباب تدخل به طرفه الحاد الرفيع ، كي تحاول بأن تقوم بفتحه وهو مغلق بقفلٍ ، تحاول مره واثنان وأربعه ، وسبعه ..، كل ذلك ولم تأخذ من كل محاوله سوى الفشل في فعلها ..!! ، تضيق الأركان أمام نظراتها ومن ثم ؟؟ جلست أرضاً بوهنٍ وعجزٍ ثم تركت السكين تقع أرضاً منها بخيبه وصوت شهقاتها يعلو مره ثم مره أخرى البكاء بصوت ..!!
______________________________________
وصلت السياره بسرعه أمام المقهي ، أوقفها "شادي" ببطئ ومن ثم تحرك ليهبط وهو يشير لهم ، أول من هبط كان "غسان" الذي سار بجانب "عز" ثنائي كفيل لبث القلق إلي من يعرفهم جيداً فذلك هو المندفع والٱخر الذي ما أن يخرج إنفعاله لن يهدأ بسهوله ، لطالما وُصِف بالعقل في أوقات مُعينه ، بل والأول لين القلب عن الثاني وهذا الغير معروف !! ، دخل "غسان" يبحث بانظاره وقد كان بجانبه جميع الشباب ، وجه نظراته لـ "ٱدم" ثم قال بنبره خافته :
_" مين صاحب القهوه دي !"
رفع "ٱدم" عينيه يشير إلي ذلك الجالس مع بعض الرجال ، أومأ له "غسان" ثم حرك أنظاره بتمعن يبحث عن ما يود أن يجده ، إستصعب الأمر عليه في حين قال "عز" بذكاءٍ :
_" إنت قولت فين المكان المستخبي ده ؟؟"
وجه سؤاله لـ "ٱدم" الذي إبتلع ريقه وهو يقول :
_" المكان اللي جوه ده محدش بيدخله كتير عشان لو في كبسه أو الحكومه جت فمره محدش يعرفه ، ولو دخلت كده علطول صاحب المكان هيمنعك ومش هيقولك أصلاً ..!!"
وجد علي ملامحهم الحيره في حين هتف "حازم " قائلاً وهو يقترح:
_" طب ما نكرمشله فـ أيده كام ميه !! ..هيرضى .؟؟"
_"مش هيرضى ، هو هيضمن منين إنك مش ظابط ولا مخبر ..، مفيش حل غير إن ٱدم يدخل جوه !!"
هكذا كان جواب"غسان" الذي نظر بحيره ، أشار لهم بالجلوس على المقاعد كي لا يكونو نقطة شك بين الناس من حوله ، جلس كل منهم وعلى ملامحهم الترقب ، فأشار"شادي" لـ "غسان" وهو يردف له قائلاً بغير فهم كما كان البقيه :
_" مش فاهمك يا غسان وضح !!"
فهم "عز" ما سيقترحه الٱخر ، أخذ "غسان" أنفاسه ثم أشار لهم برأسه وهو ينظر نحو "ٱدم" تزامناً مع خروج نبرته وهو يسرد ما يجري بعقله :
_" ٱدم اللي عارف المكان وهو اللي كان بيدخل يعني محدش هيعرف يدخل جوه ألا هو .. اما بقا إزاي فركزوا معايا وبالذات إنتَ ..!!"
لهجته كانت جاده ، جامده ، فنظر له "ٱدم" بغيظٍ مكتوم في حين أكمل "غسان" بقية حديثه بنبره هادئه كي لا يصل صوته للٱخرين من حوله :
_" إحنا هنقوم من هنا وهنروح نقف فشارع جانبي نستني ٱدم بعد ما يجيبهم لو هم جوا ، وأنا متأكد إنهم جوه طالما في مخبأ زي ده ، هتخش إنتَ وتقولهم إن إحنا كنا عندك من ساعة وعرفنا القهوه اللي حسن بيقعد عليها وهيجولك بعد ما هيدروا عند أصحابكم وبعد كده القهوه دي زي ما أنت هتقولهم إنك اللي قولتلنا الأماكن وتوهتنا فالأول !!!"
فتح"ٱدم" عينيه علي وسعها ثم نفى برأسه سريعاً بإندفاعٍ :
_" أنا مش هعمل كده ، لو حد فيهم حس بغدر مني مش بعيد يقوم الباقيين عليا وأولهم شريف ، وهم مش هيبقوا لوحدهم هناك دا لو كانوا هناك .."
_" هتسمع اللي قولته وهتروح ، عشان اللي يعمل حركه زي دي في أختي ويطلعوا يجروا زي الجُبنه يصدقوك عادي ، انت مش صاحبـهم؟!!"
نظر "ٱدم" إلى "غسان" بتشتت في حين خرج صوت"حازم " أخيراً يوضح:
_" حسن هيقوم معاك يا ٱدم وهيجي ، حسن جبان حتى لو شراني بس جبان دا غير إن منظره ده مش هيساعده إنه يقعد يستني حد يجيله يحط عليه !!"
حرك "بدر" رأسه ثم نظر صوب "ٱدم" قائلاً بثقه :
_" هيجوا معاك يا ٱدم ، قوم يلا !!"
ابتلع"ٱدم" ريقه في حين هتف "عز" أخيراً بثباتٌ يوقف نهوض "ٱدم" :
_" بس شريف أخويا مش هيدخل عليه حاجه زي دي !! ''
_" هتدخل عليه مادام جه عنده هو وحسن عشان يهرب معاه ، جرئ إنه فضل ومروحش بيته بس هيجي عالأقل أول ما ٱدم قالهم إمشوا قامو مكركيين ومشوا بسرعه !!"
قالها "بدر " بعقلانيه ، فهز له "عز" رأسه بإقتناعٍ ليس بالكامل ، نهض "غسان" سريعاً ثم رفع ذراعه نحو شارع علي بعد منهم وهو يقول:
_" هنبقى هناك كده هتخش يمين هتلاقينا علطول !"
هز له "ٱدم" رأسه بخفوتٍ ثم جلس بمكانه متظاهراً بمسكه للهاتف إلى أن يتحرك الشباب جميعاً ، أصبح بمفرده بعد دقائق ، فأمسك هاتفه ثم نهض يفعل صفاره من فمه متوجهاً نحو ذلك الرجل الذي يجلس ، حتى خرج صوته بترحيب حار ليجعله يفهم ما يريده :
_" أبو تميم ، فيــنك يا عمّ..!! "
_"عمّ ٱدم ! فينك انت ياض ، أنا اللي فيني بردو يا واطي بقالك فتره غايب وحارمنا من طيفك ليه ، لتكون عقلت ياض، لأ فوق كده لسه بدري !!! "
قالها ذلك الرجل بخشونه ونبرته في قول حديثه كانت غريبه سوقيه للغايه ،. مع ضحكاته السمجه ، حاول "ٱدم" أن يجيبه بتبرير مقنع ومن ثم التلميح له بما يريد أن يدخل بمكانٍ ليس معروف للكلِ ..
..
إجتمع "غسان" والشباب في الشارع الجانبي متراصين بجانب بعضهما في وضع الإنتظار ..، هتف "بدر" أخيراً يقطع الصمت ثم قال لـ "غسان" الذي وقف ينتظر :
_" أنا بقولك من دلوقتي يا غسان أهو ، حقك متتكش فيه أوي ، إحنا لا سوابق ولا بتوع سجن عشان متروحش فـ داهيه ، عارف إن أنا لو مكانك مش هفش غلي غير بإيدي وأنا برجّع حق أختي بس لدرجه إن حد يموت فـ إيدي يبقي لأ ..!! "
طالعه "غسان" بصمت ثم تظاهر بالاهتمام كي يصمت في حين هتف "حازم" يقول :
_" بدر عند حق فالحته دي ، وكمان حسن مش حمل نفخه ، غير إنه أخويا ومش هتمناله الشر بس هو يستاهل يا غسان !!"
_" في صداع هنا ي جماعه احترموا ده بقا !"
قالها "غسان" بتبجح وهو يشير بإصبعه ناحية رأسه ، وبخوه بنظراتهم في حين طالع "بدر" "عز" الساكن ثم ردد يسأله :
_" ساكت ليه يا عز ، ما تتكلم تقول حاجه إنت كمان !!!"
رفع "عز" أنظاره ثم وجهها ناحية "غسان" الذي وقف يضع يديه علي جيبه وهو ممسك به. علم "عز" ماذا يضع هو بجيبه ، ابتسم له بإعجابٍ في حين إستشف "غسان" نظراته ، فردد هو بنبره هادئه صريحه:
_" ساكت عشان أنا الوحيد بينكم اللي مش حاسس بأي ذرة خوف علي أخويا شريف ، فمش هتكلم وأقول لغسان خلي إيدك حنينه عليه ، لو عليا نفسي أخفيه من علي وش الأرض بس مش بإيدي ، وساكت بردو عشان مستغرب علاقة حسن أخوك يا حازم بشريف أخويا ، دا حتي فرق السن بينهم شويه ! ، دا شريف أكبر مني أنا شخصياً ..!!"
_"عادي يا حبيبي الواطيين بيتلمو علي بعض من غير سن !! "
قالها "غسان " بسخريةٍ ، في حين هز له "عز" رأسه بتأييدٍ وهو شارد ، إعتدل سريعاً بوقفته عندما سمع صوت أقدام من علي بعد ، عقد الكل ما بين حاجبيهم باستغراب ، فأشار لهم بأن يعتدل كل منهم ليستند خلف الحائط ، واحد .. إثنان .. ثلاثه.. ، دخل "ٱدم" الشارع أولاً وهو بهتف بلهفه زائفه لم تكتمل :
_"بســرعه ، تعالو بســرعه من هنــا ..!!!"
وقعت الفئران في المصيده ؟؟؟ ، يمكن قول ذلك إذن ، دخل "حسن" يركض من قبل "شريف" خلف "ٱدم" وما أن دخل سحبته يد"غسان" سريعاً وهو يحاصره على الحائط ثم وضع يديه علي فمه وهو يخرج مطوته ليضعها أمام رقبته ، في حين تصنع "شريف" الذكاء وما لم يسمع هو صوت دخول بقدميه الشارع فسحبته يد "شادي" هى الأخري وهو يفعل نفس فعلة "غسان" الذي هتف الشرر قد تملك منه:
_" أهلاً أهلاً بالناقص!! "
حاول "حسن" التملص فأمسكه "بدر" في حين وقف "حازم " ينظر ، بينما دفع "شريف" "شادي" بإحترافٍ وهو يرفع ساقه ليضربه به حتى تأوى فتوجه "عز" يقرب من النصل الحاد الذي انتشله من "شادي" سريعاً ثم وجهه صوب رقبة"شريف" وهو يبتسم قائلاً بنبره ليست هينه :
_" مش هتهرب منها يا شريف ، خليني أعرفك بقا المره دي ، إنك مؤذي بجد ، وأنا قولتلك لو حصل منك حاجه تخص حوار خطوبتي هزعلك مني !!"
طالعه "شريف " الذي سكن بين يديه عندك ثبته الأخر بتمكن ، نظر له بابتسامه ساخره وقد إعتلت أنفاسه لما فعله قبل قليلٍ ، بينما خرجت نبرة "غسان" الذي عنف "حسن" وهو يصرخ به :
_" تعمل كده فأختي أنا يا ناقص ؟؟؟ فاكرني مش هجيبك يا زباله ؟؟؟؟ ، دا لو في بطن زينات هجيبك يلاااا "
لم يعطيه "غسان" فرصه للرد عليه بل إنقض عليه بالضرب في جميع أنحاء جسده ، والأخر يتأوى وفقط !! ، رفع يديه يلكمه بوجهه ثم أحكم مسك مطوته وهو ينحني له بعدما سقط "حسن" أرضاً يفرد ساقيه ، ففتح "غسان" النصل الحاد ثم ضربه بها بساقه وهو يسحبها بشررٍ وبنفس الوقت كي لا تكون خطر عليه ، خرجت صرخة "حسن" منه في حين بدأ التجمع من حولهم يأتي أمام الشارع
_" دي عشان تفتكر بيها يا و** اللي يقرب من اللي يخص غسان البدري بيحصله إيه !!!!!!"
قالها بشرر وقد تعالت أنفاسه ، وكاد أن يوجه مطوته ليسحب بها على وجهه وهو يهتف بنفس الانفعال قبل أن يسحب:
_" ودي هتبقي علشان بردو اللي بيقرب بـ نظرة بس لمرات غسان البدري يا ناقص ، اللي يجي جنب حاجه متخصوش ويحاول يخرب حياتي ، واللي يتكلم علي مراتي نص كلمه يبقي لازم يحصله أنقح من كده .. ، إتعدل .. إتعــدل يـــاض بــــقولك !!"
إعتدل "حسن " وهو يحاول التملص وقبل أن يكمل "غسان" سحبه بما يوجد بيديه أمسكه"حازم " و"بدر" بعيداً عنه بسرعه ، حتى هتف "حازم " قائلاً بصراخٍ :
_" كــفايه هيـــموت من الــضرب ده إن مكــنش من المطــوه اللي فإيـــدك !!"
تأوي "حسن" وهو يتسطح على الأرض ، بينما نهض "غسان" الذي كان يعلو صدره ويهبط بشده أثر انفعاله قرر تركه ثم توجه لمن يكتفه "شادي" و يثبته "عز " وهو يقول :
_" قولــي سبب واحد غير إنك دلدول الناقص ده ، عملت فأختي كده ليـــه ؟؟؟"
تعالت ضحكات"شريف " بإستفزاز فتوجه "غسان" يصفعه علي وجهه بإنفعالٍ ، لم يتأثر "شريف " بل ابتسم بعنادٌ ثم قال يستفزه :
_" لو راجل أوي كده ...خليهم يسبوني وقابلني راجل لراجل يا غسان !!"
وجد التحدي بعينيه بقوه ، وكيف له بأن يتحدي حدة الشباب !! ، أشار لهم "غسان" وهو يدفع "عز" من عليه ، ثم رفع أنظاره نحو "شادي" ليتركه ، إعتدل "شريف " بوقفته ثم طالع وجه "غسان" وهو يردد بنفس الإستفزاز كي يشتته :
_" لو كنت قولتلي من الأول يا ٱدم إنك ناوي على غدر كنت جيت بردو ، مكنش ليه لزوم الفرهده دي ، وشارع مستخبي وبتاع وكلام .و.."
تعمد الإسترسال في الحديث كي يشتتهم وعلي فجأه رفع يديه سريعاً بكل إحتراف يديرها علي "غسان" حتى داره بسرعه فائقه وأصبح هو الذي يحاصره بعد أن انتشل المطواه من يد "غسان" ، علم"عز" بعقله الغير هين ، لطالما يعلم ذلك منذ زمن ، تعالت ضحكاته وكل منهم قد تصنم بمكانه حتى "ٱدم" الذي وقف ينظر بغير تصديق !! ، طالعه"غسان" بملامح وجه خاليه ولكن نظرة التحدي كانت بعينيه حينما هتف "شريف" بنبره قصد بأن تخرج بارده :
_" وعاملي فيها بقا المان والجمدان ، فين ده يا راجل !! ، بقا عاوز تثبت وتوقع شريــف ؟؟؟ إنت عبيط ؟؟؟"
صمت "شريف" ثم واصل يشير بعينيه نحو شقيقه الذي وقف بسكون و"غسان" الذي أسفل يديه :
_" هو عز أخويا مقالكش .. إن اللي بيدوس لـ شريف على رُبع طرف بس مبيشوفش حـلو بعد كده ؟؟؟؟ ، تؤ ...غلطان أوي يا عز ، مش تنصح صاحبك ، وكمان نسيبك !!"
_" ولا يفرق معايا أي نمره من دي ، المهم إني عرفت انك مش راجل عشان تقابل راجل أصلاً .."
قصد "غسان " بأن يلعب علي نقطة ضعف الرجل ، عندما يهدده برجولته ،. تبدلت ملامح "شريف" للغيظ الذي كتمه ثم هز كتفه ببساطه حتى هتف بحزمٍ :
_" نتقابل راجل لـ راجل حالاً ، بس لو تضمن إنتَ إنك هتخرج زي ما تدخل !!"
ظهرت شبه ابتسامه عبثيه علي وجه "غسان" عندما تركه "شريف" ، وهو يتجهز ، وقف الإثنان أمام بعضهما ، وكل الأنظار تترقب منهم من كان خوف ومنهم من كان جهل لما يحدث وكأنها حلبه ؟؟؟ وليس عراك لأخذ وإسترداد حق من المفترض ؟؟ ، إبتلع "عز" ريقه بترقبٍ في حين كان التجمع من بداية الشارع به بعض من الشباب والأطفال ، وثلاثة رجال أتوا من المقهي أثر الصراخ ، خلع "شريف" سترته ثم قذقها أرضاً وهو يدور أمام "غسان" ، أشار له "شريف" كي يخلع قميصه فابتسم "غسان" بتهكمٍ ثم قال بكل وقاحه :
_" خلينالك القلع ، أنا مبقلعش يا حبيبي !!!"
أتت بمنتصف جبهة "شريف" عندما ضحك بعض من الشباب المتجمعين على بداية الشارع ، على قول "غسان" المفهوم !! ، هز له الٱخر رأسه بغير اهتمام وعلي فجأه وجه له لكمه بوجهه فترنح "غسان" إلى الخلف ثم وقف يثبت سريعاً وهو يتوجه ليردها له !! تفاداها "شريف" أول مره وعلى حين غره دفعه "غسان" من نصف ساقه من الخلف حتى ركع من أمامه ثم فاجئه بكلمه أصابت وجهه حتى وضع "شريف" يديه وهو يتأوي ، حيث كان يتظاهر بذلك عندما رفع ساقه ينهض بسرعه ثم ضرب "غسان" بساقه هو الآخر ، كان يتحسب لفعلها وما أن فعلها حاول بأن لا تخونه قدمه ليركع، فأصبح الإثنان واقفان أمان بعضهما الأن من جديد ! ، ابتسم "شريف" ثم قال وصوت أنفاسه يعلو :
_" ده انت مش سهل بقا زي ما بيقولوا ..أومال مش شايفك اللي هو يعني !!"
إبتسم "غسان" له كي يثير إستفزازه ثم اجابه بنبره متهكمه مع خروج أنفاسه العاليه :
_" مش ذنبي إنك متجيش حاجه جنبي !!"
هلل الشباب مره أخرى من الخلف ، فغمز له "شريف" تزامناً مع قوله :
_" لا حلوه دي !! عارف انت لو النصيب مكنش خلاك خِصم ليا ، كنت صاحبتك وعملنا شغل جامد مع بعض !"
رفع يديه بعدها ليلكمه بوجهه فأمسكه "غسان" تزامناً مع رده الذي لم يخلو من ابتسامته التي اتسعت:
_" مستنضفش !!!"
رفع قدمه مره أخرى يدفعه بها وهو يلوي ذراعه حتى وقع "شريف" أرضاً من بعدها ،حيث كان "شريف" بنفس طول وجسد "غسان" عكس "حسن" الذي كان قصير عنهم وكتفيه وجسده هزيلان من المخدرات ، لم يتحمل "غسان" الإنتظار ، بل ضربه بمعدته وجانبه ضربه تلو الأخرى ولم يعطيه الفرصه لينهض مره أخرى كي يواجهه وبعد أن فعل ذلك جثى فوقه بسرعه وقد تشنجت ملامح وجهه للانفعال وهو يمسك وجهه بين يديه مردداً بشررٍ وهو ينهج :
_" لازم تفكر مليون مره قبل ما تختبر صبري يا *** ، وقبل ما تفكر تقرب من أختى !!!!!"
إنحنى سريعاً يمسك "المطواه " التي وقعت أرضاً بجانبه ثم أرجع يديه للخلف كي يوجهها نحو كتف "شريف" الذي حاول الفرار منه ولكن كتفه"غسان" وهو يبرك فوقه ، سحبها ناحية كتفه كما فعل قبل ذلك بالٱخر ثم نهض بسرعه ولم يفعل أكثر من ذلك كونه تقابل معه وجه لوجه !، ابتلع ريقه وقد خرجت أنفاسه وهو يطالعهم الآثنان مسطحان بجانب بعضهما لا حول لهم ولا قوه !! ، سحبه "شادي" و"عز" خارج الشارع في حين وقف "بدر" يبتلع ريقه وهو يحرك أنظاره من عليهم ثم قال لـ "ٱدم" من بين أصوات التهليل بالفائز :
_" تشوفلهم عربيه تاخدهم لحد المستشفي الحكومي اللي على أول الكوبري وبعدين لما نخلص من اللي إحنا فيه ده هعرفك إن الله حق ، ليك روقه معايا يا ٱدم !!"
تهديد صريح من "بدر" الذي ظهر الغضب بنظراته حينما انفرد بشقيقه ، هز له"ٱدم" رأسه بخوفٍ مكتوم ثم مد يده ينتشل الأموال الذي قدمها له "بدر" بتقزز ، ومن ثم أشار لـ "حازم " كي يذهب معه ، وقبل أن يفعلها "حازم " ويذهب خانته يديه وهو ينحني يتحسس تنفس "حسن" فوجده يتنفس ومن ثم تحركت يديه ، نهض سريعاً ثم سار بعدما نظر لـ"ٱدم" بسكون ثم مال عليه يقول :
_" رقمك عشان أبقى أكلمك !"
خانته عاطفته بالخوف علي شقيقه ، أخرج له "ادم " الهاتف ولم تمر سوى لحظات. وأخذه "حازم " منه ثم رحل من الشارع ليخرج من بين. التجمع الذي قل ، ولم يتدخل أحد منهم باعتبارها منطقه معروفه بشغبها الدائم وخاصةً ذلكّ المقهي المشبوه !! ..
______________________________________________
عندما حدثتها والدتها بأن "وسام" تجلس بالخارج لم تصدق هي ، بل وقد دب بها القلق من فكرة أنها سارت بعد تحذير الطبيب ، نهضت ترتدي عباءتها كون ملابسها كانت منزليه بشده ، خرجت "نيروز لهم بعدما تجهزت فوجدت"وسام" تجلس بجانب"حامد" ومعها "سميه" التي رحبت بوجودهم هذه المره كي لا تشعرهم بشئ من الحرج حتي بعدما حدث بين ابنتها و "غسان" ولدهم !! ، وقفت "نيروز " تبتسم رغم ملامحها المرهقه وبشده وحتى عينيها المتورمه ، ثم توجهت تجلس بجانب"وسام" وهي تربت عليها بلهفه :
_" اتحركتي ليه بس يا وسام ، مش الدكتور قال تريحي ، كنتي قوليلي إنك عاوزاني وكنت هاجي أكيد ، ما غسـان مشى فعادي و .."
توقفت عن إكمال الحديث عندما إستوعبت ما قالته. ، فوجدت "حامد " يهتف سريعاً :
_" والله قولتلها كده يا بنتي بس هي قالتلي إنها نفسها تجيلك هي وتتكلم معاكي ، فأنا هسيبكم وأخرج أنا و هرجعلها كمان شويه .."
نظرت له"سميه" بلباقه وقبل أن تلح عليه للجلوس تعمد هو الذهاب نحو الباب وهو يقول:
_" لو محتاجين حاجه قولولي ، أنا زي أبوكي يا نيروز حتى لو قولتي لابني يسيبك ، ده مش كفايه يشيبل معزتك عندي يا بنتي ... ومستني بردو لحظة عقلك !"
لم يعطيها فرصه للإجابه بل خرج سريعاً من الشقه في حين نظرت لهم "سميه" بلين وقد قررت النهوض للجلوس مع "ورده", وصغيرها بالدخل في حين ذهبت"ياسمين" لـ "عايده" منذ وقت. بعد جلوسها مع "نيروز " ..، أخرجت "وسام" أنفاسها وأول ما قالته لها من لومٍ كان :
_" ليـه كده يا نيروز ؟؟؟ ، إنت عارفه إن غسان بيحبك ليه بتيجي عليه ؟؟؟"
تهرب كل مره من الوجع فيحاصرها من جديد ، إبتلعت ريقها ثم أخذت أنفاسها ثم حاولت أن تجيبها بنبره جاهدت أن تخرج ثابته :
_" أنا تعبت يا وسام بجد أنا مبقتش قادره لكل اللي بيحصل ده ، انتِ مش عارفه انتي لو كان جرالك حاجه كان هيحصل إيه ؟ إنا خدتها من قصرها وبدأت أنهي الوجع حتي لو هيجيب وجع غيره بس أحسن ما بنتعب بعض كده !! "
_" مدخلنيش يا نيروز فكلام من ده دلوقتي ، إنتي بتحبي غسان ، بس زي ما هو قال من غير ما تزعلي مني هو حبك أكتر ما انت حبتيه ، أنا بقولك كده عشان أدافع عن أخويا علفكره وعشان بردو بحبك ، بس بردو عاوزه أقولك إني عمري ما شوفت غسان ضعيف كده من غيرك مجرد ساعة واحده قولتيله إنك مش عايزاه وعايزه تتطلقي ، مكنتيش عارفه انتي هو كان بيحاول يكتم جواه إزاي ، غسان اللي زي ما كان تقيل بس كان بتاع بنات ، بس عمره ما إتلفت لواحده غيرك انتِ ، بصلك بقلبه قبل بعينيه ، حماسه وطاقته اللي كانت بتظهر وانتي بتبقي موجوده مشوفتهاش فيه خالص ، أنا كان ناقص أشوف القلوب طالعه من عينيه مجرد ما بس بتيجي تخبطي علي باب الشقه ، أنا حبيتك أوي عشان هو حبك بطريقه يخلي اللي يشوفك يحبك كده من غير سبب ، كنت بقول إننا مش هنبقى صحاب عشان شوفتك كده واخده جنب شويه انتي وجميله قولت ياسمين هي اللي مُتفتحه وهتقربني منها بعفويتها دي ، بس لما قربت منك أكتر وغسان ابتدى يتشد ليكي والتجمعات زادت حبيتك من حبه ليكي حتى بعد ما عرفت إنه بيحبك حبيتك أكتر بسببه هو ، ده الوحيد اللي قولت إنه يا ويلها اللي هتيجي وهتاخده مني عشان بجد عمري فحياتي ما هلاقي زيه ، حد بيهتم زيه كده حتى بأدق التفاصيل ، رغم إن معزة بسام زيه بس بسام بيجيله وقت ولو زعل بيركن ومبيكملش حد ، لكن غسان فعز وجعه وتعبه مبينسانيش ولا بيهملني. وواخد باله من اللي حواليه مهما حصله !! ، عايزه تخسري واحد زي ده يا نيروز ؟؟؟"
قالت حديثها من دفاعها لشقيقها ، استشفت "نيروز " بعض نقاط الشراسه ، علمت أنها مثل شقيقها حتى بطباعه التي إمتزجت هي الأخرى بها ،عجزت "نيروز" عن قول حديث للتبرير ، بل صمتت وقد تجمعت الدموع بمقلتيها ، إبتلعت "وسام" ريقها ثم حاولت النهوض تزامناً مع قولها الهادئ لها :
_" مش بقولك ترجعيله عافيه ، بس أخويا محدش يخسره أبداً يا نيروز ، ولا يستحق اللي انتي عملتيه ليه ده !! "
قالتها بلين رغم توبيخها فنهضت "نيروز" تسندها برفقٍ ، رغم محاولة الأخرى بأن تذهب بمفردها ولكن لم تتركها "نيروز" التي سارت بها بتمهلٍ ثم وقفت تنظر على باب الشقه الذي وقف يدقه "بدر" توجهت تفتحه ،في حين قد رأت هى "حازم" يدخل شقة. والدته ومن ثم أغلقها خلفه ، ابتسم"بدر" لوسام" ثم دخل بهدوءٍ يهتف باسم "ورده" ، عادت "نيروز " تسند "وسام" وقد سقط حجاب رأسها رغماً عنها ، أغلقت الشقه خلفها ثم توجهت تسند"وسام" ومن ثم وقفت تدق الباب ، لم تمر سوى لحظات حتى فتح لها "شادي" الباب ، وما أن فتحته رأت "شادي" ومن ثم "غسان" في الخلف يقف أمام"حامد " و"دلال" التي ما أن رأنها هتفت بلين سريعا ً :
_" إدخلي يا بنتي ، تعالي !!"
هزت لها "نيروز" رأسها نفياً ثم قالت بنبره هادئه :
_" لا معلش ..مره تانيه ..!!"
قالتها ثم رفعت أنظارها التي خاننها تطالع وجهه وما أن أمعنت النظر به وهو يقف ينظر لها هو الٱخر وجدت جرح بكدمه حمراء أسفل عينيه ، شهقت سريعاً بلهفه ولا تعلم كيف سارت بمثل تلك الخطوات السريعه ، حتى رفعت يديها أمام أنظارهم بخوف تمررها علي الكدمه وهي تسأله بكل لهفه :
_" ده من إيه .؟؟ إيه اللي حصل ؟؟؟"
إبتلع "غسان" ريقه ثم حرك أنظاره عليهم ومن ثم ثبتها عليها وهي تقف حتى مد يديه يرفع حجاب رأسها كي يخفي خصلاتها البنيه التي ظهرت وخاصةً أن صديقه يقف ! ، شعر بالجميع ينسحب من حوله ، في حين ردد هو بغير إهتمام وهو يلتفت :
_" ملكيش دعوه !!"
لوهله شعرت هي بالندم من لهفتها واندفاعها ، تنهدت تخرج الثقل من أنفاسها ثم تقدمت لتقف أمامه حتى خرجت نبرتها توبخه بلومها :
_" مليش دعوه ؟؟؟"
_" أه ملكيش دعوه ، مش إنتِ مش عايزاني وكرهاني وعايزه تطلقي ؟؟"
واجهها بالحقيقه وقد وضع بصماته الخاصه بين الحديث ، نظرت إليه بغير تصديق وهي تنفي برأسها مع قولها المبرر سريعاً :
_" أنا كرهتك ؟؟ عملتها إزاي دي ؟؟ ..ده ياريت مكنش فاتني موجوعه الوجع ده كله!!!"
إبتسم "غسان" بألمٍ وقد إنتشل زجاجة المياه وهو يتوجه ليجلس تزامناً مع قوله:
_" أي وجع ده ؟ أومال اللي عمليته فيا ده يبقي إيه ؟ فاكره قلبي ملاهي ولا ايه ؟؟؟"
تنشنجت ملامحها من بروده وحتي طريقته فالحديث ، رفعت صوتها تعنفه وهي تشير له بإصبعها :
_" متكلمنيش بطريقتك المستفزه دي.. فاهم ؟!!!"
تأدبه مره أخرى !! ، ترك الزحاجة وهو يضعها علي المقعد بجانبه ثم نهض حتى ردد لها بسخريه :
_" بلاش الصابع ده عشان بخاف بس !!"
تخرج شراستها شئ فشئ ، وجدته يقترب منها فرجعت هي خطوه إلى الخلف ،فإنحنى هو يهمس لها جوار أذنها:
_" عارف إنك مكرهتنيش ، عشان ببساطه محدش يكره غسان البدري ! ، وحتى أنا خليتك تحبيني بطريقه صعب أوي تنسيني بعدها !!"
إعتدل ينظر بجرأه في عينيها التي إحتدت ، مرر نظراته من أعلاها لأسفلها ثم هتف بجرأه لها :
_" خسيتي بسرعه بس لسه جامده وحلوه !!"
قالها قاصداً نزول وزنها بطريقه ليست ملحوظه ، حالتها النفسيه جعلتها تفقد وزن قليل غير ظاهر بسرعه فائقه ، ولكن إستشفه هو لطالما يحفظها عن ظهر قلب ، لم يأخذ منها سوى قولها التي سبته به :
_" انت قليل الأدب ومتربتش !!"
_" بصراحه أبويا رباني وعمل اللي عليه ، بس أنا اللي عندي فن الإصرار إني أكون قليل الأدب !"
قصد بأن يثير شراستها بعد أن رأى دموعها المكتومه ، وإلى الٱن يتخيل بماذا ان علمت ما يخص والدتها ، لم يهدأ قلبه تجاهها ابداً مهما وبخه ، وقبل أن تلتفت نظرت له تذكره بهجومٍ. :
_", متنساش تجيب المأذون فأقرب وقت زي ما قولت .. طالما من الواضح كده إنك خدت حقك... معتش حجه كده !!"
جاءت له بنقطة يود بأن لا تأتي ، حاول الثبات ثم غير مجرىٰ الحديث كي لا يظهر ضعفه :
_" عندك حق ، قرار طلاقك مني يستاهل حجج عشان يتأجل ، أصلك تستاهلي تفضلي على ذمة واحد زيي!! "
_"يعني إيه ؟"
حرك كتفيه ببساطه ثم قال بمنتهي الثبات :
_" مبحبش اسم مطلق ده اللي هيتكتب جنب إسمي فالبطاقه ، هسيبك كده لا منك ولا بيكي نستفيد !"
فتحت"نيروز" عينيها بذهولٍ ثم ضُرب فؤادها عندما هتف هو مره أخرى :
_" أو هتجوز عليكِي واحده تانيه .. أيهما أقرب يعني !!"
_" انـــتَ مجــنونً ؟؟؟ تتجوز علي مين ؟؟؟ ، ده أنا أخليك تطلقني غصب عن عينك وعين اللي يتشددلك !!"
قالتها "نيروز" بهجومٍ ورغم غيظه من ما أردفته إلا أنه ضحك تزامناً مع قوله الغير مهتم الزائف :
_" ما إنتِ لسه أصيله هو وغيرانه وهتولعي فـ بعضك !!"
نظرت له وعلي ملامحها الإشمئزاز ولم تجد سوى رد واحد عليه :
_" قرفانه.. مش غيرانه !!! ، ثم إنك متجرأش تعمل حاجه زي دي ، انت مفكرها سايبه ؟؟ مستحيل أقبل اكون زوجه تانيه..وبعدين مش بعيده عليك تروح تشوفلك واحده تانيه ده إن مكانتش موجوده أصلاً ما إنت قليل الأدب وعينك علي كل تاء مربوطه معديه !!!!"
صمتت ثم أشارت له قائله بشراسه وبنفس المرتفعه:
_" هستنــى المأذون فأقرب وقـــت بقولك !"
نبرتها المرتفعه أثارت انفعاله ، رفع يديه يمسك معصمها ثم قال بتحذيرٍ :
_" أنا مش قولتلك صوتك ميعلاش !!! ، وإيدك دي متشاوريــش بيها كده ؟؟؟"
تأوت من مسكته لمعصمها ثم حاولت دفعه ، وهي تقول بهجومٍ :
_" ســيب إيــدي!!"
_" مش هسيبها ألا ما توطي صوتك وتبطلي طريقتك المستفزه دي !!!، وخلينا كده طول النهار والليل معنديش مانع ، ما أصل أنا ماسك إ يد مراتي يعني حقي وأعمل اللي أنا عاوزه وبكيفي !!!"
دفعته بعزم ما لديها حتى رجع إلى الخلف ببطئ وهو يسمعها تهاجمه بردها :
_" إنت مفكر نفسك إيه..ها .. ؟!! "
_"مفكر نفسي بحبك ، ولسه مفكر ، حتى بعد اللي عمليته ، أستحق منك كل ده ؟؟؟ حبتيني إنتي قد إيه عشان تقرري قرار زي ده فساعة زي دي ؟؟ ، حُبك ليا معملتيش بيه حاجه ؟؟ كل المحاولات كانت مني أنا وبس ؟ وانتِ شاطره أوي فإنك توجعي قلبي وخلاص ؟؟؟
خرج منه الحديث باندفاعٍ حتى أنها تفاجأت من نبرته الضعيفه التي خانته ،يكابر هو منذ أن رٱها كي لا يخرج ضعفه أماهها ولكنه خرج بالنهايه ! ؛ هبطت دمعتها من لومه الموجوع ثم حركت رأسها نفياً :
_" انت مش فاهمني ، عمرك ما هتفهمني !!"
إبتلع "غسان" غصة مريره بحلقه ثم ثبت نظراته نحو عينيها يواجهها بانكسار ٍ:
_" أكتر واحد كان فاهمك ولسه فاهمك لحد دلوقتي أنا يا نيروز ، لدرجة إن عقلي ده مبهداش وهو بيفكرلك ازاي تكوني مرتاحه ، فاهمك للدرجه إني ببقى عارف إنتي عاوزه تقولي إيه قبل ما تتكلمي ، زي الوقتي!! .."
أخرج أنفاسه بتعب وهو يري دموعها ثم واصل يكمل بتوضيحٍ مؤلم:
_" عايزه تقولي إنك بتحبيني ومش عارفه تعيشي وإحنا كده ، عايزه تقولي إنك عاوزه تتطلقي وفنفس الوقت مش قادره ، إنت مش عايزه مأذون ولا عايزه كل ده، إنت مش عاوزه غير حضني والراحه وبس !!".
طالعته بخيبه ولم تنفي قوله بل سمعته يلومها بعتاب :
_" ليه ؟؟ ده إنتِ حاجزه أكتر فستان كان حلو عليكي بشكل ميتوصفش ، وكأني عمري ما شوفت عروسه قبل كده بالمنظر ده ، وحتى القاعه والخشب والعفش اللي جاي !! ، و ميعاد الفرح اللي إتحدد !! ، كل ده مش كفيل يعرفك إننا دوسنا جامد مع بعض فالطريق وكنا قربنا نوصل ؟؟؟ ، قررتي تسيبيني بكل قسوة وكأني مستحقش كل اللي فات ده !! ، مستاهلش أفرح ؟ مستاهلش أتحب زي ما حبيت ؟؟ "
هزت "نيروز" رأسها نفياً بانكسار ، فأكمل "غسان" مجدداً بانهاكٍ نادم :
_"وحياتك عندي لو هرمي لوم واحد بس فهيكون للي كان السبب في إني أرجع تاني أسكن هنا فالعماره دي من تاني !!"
يعلن ندمه عن إختيارها في البدايه من الأساس وعلى أول مره تقابلت عينيه مع عينيها ؟! ، هتفت من بين دموعها لتعود تضغط عليه كما تضغط بالحديث كل مره وبتشتتها :
_" بس أنا ..بحبـ ـك ..!!"
إبتسم يحرك رأسه ثم قال بإختصارٍ :
_" كذابه .. كذابه يا نيروز ، محدش بيحب حد ويعمل معاه اللي انتِ عملتيه ده !!"
لحظات من الصمت القاسي وصوت شهقاتها يعلو ، تهشم قلبه إلى أشلاء ورغم كونه لا يتهاون الا أنه رفع يديه يضم رأسها ناحية صدرة برفقٍ ثم قال بعنادٍ لما يشعره كل منهما بداخله :
_" هطلقك يا نيروز ، وهعملك كل اللي يرضيكي ، عشان مهما بحاول أقسى ، فـ لين قلبي عليكي غالب !!"
صدقه وصل لها بقوه ، اعتدلت تخرج من بين ذراعيه ثم هزت رأسها فقط دون نبس حديث ، إلتفتت تخرج بسرعه وهي تتوجه ناحية باب الشقه ، بينما وقف هو والإنكسار رفيقه، هبطت دمعته الوحيده الٱن بقسوه ، لم تحاول بعد إظهار لينه وضعفه ؟؟ لم ترفض الطلاق ؟؟ سؤالان من عقله إلى قلبه ، ولم يكن لقلبه بعد ذلك جواب فقد أُنهك !! ، أغلق غرفته سريعاً خلفه بخواء
يُكتب عليه الوجع في كل مره يواجهها يخرج منهزماً بسبب قلبه اللعين ،لما ؟؟ لأنني احببتها بصدقٍ ؟ أم أن عينياي لم ترَ مثلها ؟ ، يسأل قلبه ولم يجد سوى إجابه واحده منه ."فقط .لأنها نيروزّ !!"، سبب قوي إذن ؟.! إبتسم بسخريه بعدما خلع عنه قميصه وبدل ملابسه لأخرى مريحه ، بل وبقى عاري الصدر ، تلك النيران التي تتٱكل بداخله تجعله لم يستطع تحمل شئ ؟ ، جلس على الأريكه بانهاكٍ وقد إنتشل هاتفه ، فرد ظهره قليلا.ً ثم أمسك الهاتف يفتحه صورتها معه بالخلفيه الداخليه بسيطه رقيقه !! ، ما بين حديث قلبه وعقله ولكنه فعلها ، فتح معرض الصور ينظر على الصور المأخوذه له ولها معاً ، توسعت ابتسامته عندما وجد الصوره التي كانت هي تقبله بها والأخري كان هو الذي يقبلها ، وبين صوره والأخري .. ومن ثم فتح مقاطع الڤيديو التي كانت تقوم هي بتصوريها بعبثٍ ، أيمكن للأحوالِ بأن تقلب وتتغير كذالك ؟؟. ، عجباً إذا لتقلب الأحوال !! ، عيدّ معني إسمها كان عيد ومازال .. فكل يومٍ كانت هي بحياته كان بمثابة عيد بالنسبه له !! ، ومن ثم المعني الٱخر البهجة!! و الوردة المتفتحه التي دخلت حياته لتبهجها ، ثم ؟؟ وماذا فعلت بكَ أيها الأحمق ؟؟ سؤال عقله ؟؟ ، تداهمه الذكريات .. بل واللوم عليه هو فكل مكان إن نظر له سيتذكر أي شئ لهما مع بعضهما !! ، نهض بعدما ترك الهاتف ثم وقف أمام المرٱه يتطلع على مظهره وخاصةً وجهه التي تلمسته قبل قليل بلهفه من ما به !! ، رفع يديه يمررها على خُصلات شعره كي يرجعها إلى الخلف...، فتح أحد الأدراج ثم ثبت نظره علي سِوار يديه المعلق به وحروف إسمها الذي يحمله ، فك عقدته ومن ثم خلعه ليضعها به ، ثم خلع "دبلته السوداء" من يديه اليسري ليضعها هي الأخرى معها ، ثم أغلق الدرج ، وهو يتوجه ناحية الشُرفه الذي إفتقدها لفتره بسبب إزدحام الأحداث معه ، فتحها بهدوء ثم وقف بها ورغم مداعبة الهواء له إلا أنه خرج بها دون ملابس فوقيه وكأن هذا سيريح صدره ! ، نظر ناحية شُرفتها بمفاجأه.. فقد كانت تجلس وتبكي ومن ثم نهضت سريعاً ما أن فتح الشرفه ليقف بها ، حاولت ترك ما بيديها وهي تتعمد عدم النظر له ولكنها تفاجأت بنبرته المتساءله لها وقد خانه الإهتمام :
_" بتعيطي ليه ؟"
تحاشت أن تنظر ناحيته ولكنها نظرت ثم ثبتت نظراتها نحو جسده العلوي بجرأه ، ولم تشعر بنفسها سوى عندما قالت له بهجومٍ من بين دموعها :
_" ما تستر نفسك يا بني ٱدم آنتَ . وبعدين هيهمك أوي بعيط ولا لأ ..؟ احنا مش نهينا كل حاجه !!!!! ."
تنهد يخرج أنفاسه ثم حرك أنظاره نحو عينيها التي مسحتها بقوه من الدموع ،. تنهد قائلاً بهدوءٍ يسألها بنبره جاده متجاهلاً ما قبل ذلك :
_" عارفه عيبك إيه يا نيروز ؟؟"
ترقبت ملامحها وهي تنظر له ، فوجدته يواصل بحديثه الهادئ المتعب لها وله:
_" إنك خايفه من اللي جاي وعملاله حساب ..في حين إنك بردو ماشيه تلبخي ومش عايزه الجاي ييجي من اللي بتعمليه ده !! ، لا إنتِ قادره وجاحده زي بعض البنات ولا ماديه ولا أي حاجه وحشه من دي ، كل اللي شدني ليكي من تاني بساطتك فكل حاجه حتى ملامحك البسيطه الهاديه ، مجتش أنا هنا وأنا بحبك لسه ، كنت بحبك حب أي كلام ولما مشيت راح مع الوقت بس لما رجعت حبيتك تاني من الأول ، أو حبيتك أول عشان حب زمان ده كان لعب عيال كده برئ ، قصدت أكون حنين ولين عليكي ، استحملتك وإنت بتقولي كلام يعصب أي راجل ، كل اللي كنت بقوله إن أنا جنبك يا نيروز ، معاكي، مش هيحصل حاجه ، كان ردك إيه ؟ أنا عارفه يا غسان وبحب وجودك ومش خايفه طول ما أنت معايا ..، طلعتي بتدي كلام وبس ، لكن فعل لأ..! ، يمكن كل حاجه بينا جت بسرعه وده اللي مش مخلي بينا تفاهم يكفي إننا نبقى هادين شويه من غير مشاكل علطول ،بس أنا فهمتك بسرعه وفهمت قلبك ، وحسيت بيكي وبوجعك من كل حاجه قولتي عليها ليا ، كنت بقول ليه ؟. مكنش فيه أوبشن إني أخد من عندك حبة وجع ونتقاسمه مع بعض عشان أخفف عليكي وجعك وتعبك من كل حاجه حتى فراق أبوكي ،.. طفل كده وماسك فـ ايد أمه بس تاه منها فلحظه ، قالتله خليك هنا أنا هنا وجنبك ومعاك متتحركش على ما أجيلك ، وإستناها ترجع ومرجعتش !! "
إبتسم من تشبيهه بتعبٍ ثم واصل يوضح بإختناقٍ :
_" أهو إنتِ الأم القاسيه دي ، رغم إنها أم ،بس قست وسابت واحد مكنش بيلاقي نفسه غير معاها ، وباعت حد بتحبه فأصعب أوقاته ، وقته الصعب الطفل ده كان إنه فاللحظه دي تايه ومش عارف حاجه ودماغه مش مجمعه هو ممكن يحصل إيه أو إيه اللي بيحصل ، زيي بالظبط لما حصل لأختي اللي حصل ، بس بردو الطفل صعب اوي يرجع لأمه ، صعب يا نيروز!! عشان لما يفوق ويفهم ويعرف هيعرف إن أمه هي اللي سابته وقصدت ده ، داست علي قلبها وسابته زي ما عملتي إنتِ بالظبط !!"
إبتلعت غصه مريره بحلقها ثم رفعت عينيها تطالع عينيه التي لمعت أمامها بوميض غريب إستفته هى ولم يكن سوى دمعته الذي كتمها، طالعته بملامح وجه لينه عادت لها أثر شفقتها التي ظهرت من عنف حديثه علي قلبها ، ثم هتفت تجيبه بنبره هادئه مختنقه تبرر بلومٍ :
_" إنت طلعتني وحشه أوي أوي وأنا مستاهلش ده منك يا غسان !!!"
_"ولا أنا أستاهل ، مين يستاهل أصلاً .؟؟
سكن عقب قوله ثم دفق النظر على ملامح وجهها التي رأها هو جميله بعينيه فقط حتى وإن كانت مرهقه ، لطالما يراها دائماً جميله دون أن تبذل جهد وحتى إن لم تكن هي جميله حد القول عليها بمسمى الجمال !!
إبتلع ريقه ثم إبتسم بسمه صغيره صادقه وهو يركف كي يراضيها ويراضي م تريده رغماً عنه. :
_"بس هانتّ .. كل واحد و يروح لحاله !"
ضغط علي نفسه بقولها ، ومن ثم وكأنها تستوعب ما قاله ولوهله شعرت بأن الصدق في نبرته كان قوي للدرجه التي وصلت لها ، حاولت أخذ أنفاسها ثم قالت بتعلثمٍ وكأنها لم تبدأ هي بأخذ ذلك القرار من البدايه !!:
_"قصدك إيه ؟!"
رفع "غسان" عينيه ثم وزعها ناحية الزرع تزامناً مع قوله وهو يعيد النظر إليها :
_" قصدي اللي إنتِ عايزاه يا نيروز ، هطلقك.. مش إنتي عايزه كده بردو ولسه قايلالي كده من شويه ، وكل شويه تيجي تقوليلي عاوزه المأذون فأقرب وقت ؟!!!"
رأت جديته فالحديث قويه كما لم تراها من قبل به ، نزلت دموعها وقد خانتها ثم هزت رأسها بأسى وقد قررت الٱن الهروب من الإجابه الحتميه التي ستقرر ! ، اما هو فالإصرار والصدق كان رفيقه في هذه اللحظه ، قد قرر إنهاء الوجع لها حتى وإن ذلك يتعبه بالفعل ، سمع صوت إغلاق باب الشرفه الخاصه بها ، حرك رأسه بقلة حيله ثم رفعها ينظر إلى السماء وهو ينفخ بصوتٌ ليخرج أنفاسـه ، وقد تشتت عقله وتاه بين ما يريده عقله وما يريده قلبهما..، تاه وأصبح هو الحائر من. قرارتها المتناقضه بين ما تريد وما لاتُريد !!
_________________________________________
تجهز كل منهما للرحيل أخيراً من المستشفي ، قد كان اليوم هو اليوم الذي تم تحديده لخروج "حنان" والدة "عز" بعدما إستقرت حالتها ، في حين قررت "فرح" الرحيل هى الأخرى وسوف تأتي بين وقت والأخر والمحدد لموعد الجلسات مع طبيبها النفسي ، قبل قليلٍ أوقف "شادي" السياره أمام المستشفى عندما ذهب هو الشباب من المنطقة ، أوقف "عز" وودعوه عندما حدثهم بأنه سيذهب لوالدته وشقيقته ، أما الٱن يقف هو يربط حذاء والدته الطبي كما أن "فرح" رتبت حجاب رأسها الأسود لها برفقٍ ، ايدي حانيه عليها كما كانت هي عليهما ، حتى وإن ظلمت نفسها وظلمتهما معها بقرارها من الزواج برجلٍ متزوج من الأساس !! ، تنفست براحه ثم نظرت بتأثرٍ عليهما ، نهض "عز" بعدما إنتهى ثم مد كفه يسند "والدته" من ذراعيها وهو يقول بهدوء لينّ محاولاً بأن يخرجها من حالة حزنها وخوفها الغير ظاهر حيث ان تركت المستشقي وذهبت للمنزل بالتأكيد ستشعر بأنها ليست على طبيعتها قد إعتادت المرض بمنزلها. :
_" جاهزه يا حجّه ؟!"
ضحكت "فرح" بخفه ، ولكن خرجت نبرة "حنان" التلقائيه دون تحسب :
_" أيوه يا حبيبي!!"
إبتسم لها "عز" بحنوٍ ، ثم أشار لـ "فرح" تزامناً مع قوله:
_" إشتالي يا فرح الشنطه الصغيره دي ، وسيبي التانيه هاخدها علي إيدي وهسند ماما أنا .!!"
أومأت له بطاعه ، وقد بدأت في حمل ما قاله لها برفقٍ حتى فعل هو بيديه الخاليه ليحمل الحقيبه الأخرى ثم أسند والدته وهو يخرج من باب الغرفه، وما أن خرج وجده على وضع بأنه كان سيدق الباب من المفترض ، "بسام" ؟؟ الذي حاول الأيام الماضيه تحاشي مقابلته حتى بالأنظار مع "فرح" حيث قد دب به بعض القلق من حديث الطبيب النفسي !! ، توسعت بسمة "عز" وهو يرحب به قائلاً بحبورٍ :
_" مساء الخير يا بسامّ ، عامل ايه ؟"
ابتسم له "بسام" بحبٍ فقد رأى إعتيادة على قوله لاسمه دون لقب ، هز رأسه بتشجيعٍ ثم قال هو الٱخر :
_" حبيبي يا عز ، أنا كويس ، جيت أشوفكم وأطمن كده لتكونوا محتاجين حاجه قبل ما ما تمشوا .."
حرك أنظاره رغماً عنه على "فرح" التي نظرت أرضاً بحرجٍ ،في حين رددت "حنان" بلطفٍ :
_" كتر خيرك يا بني ، متحرمش منك أبداً .."
_" على ايه يا أم عز ، ده إحنا أقرب من كده بكتير مفيش بينا الكلام ده ، ربنا يجعل أيامكم سعيده ومتحتاجوش تيجوا هنا تاني .."
إبتسمت له بإمتنانٍ كما إبتسم "عز" له وهو يمدحه :
_" الله يصلح حالك يا دكتور بسام ، يعني الحلو فكل ده إني عرفتك والصراحه انت ذوق أوي ومحترم من قبل حتى ما نبقي قرايب كده من بعيد !"
إتسعت بسمته اللبقه ثم وزع أنظاره بينهم تزامناً مع قوله:
_" متقولش كده يا عز ، قرايب يعم من قريب ومن بعيد وصُحاب كمان !!"
تعالت ضحكات "عز" وهو يومأ له فأشار له "بسام " كي يذهب ويكمل طريقه:
_" مع الف سلامه !!"
قالها ومن ثم هز له "عز" رأسه بشكرٍ وهو يسند والدته التي سارت ومعه ومن خلفهم "فرح" الصامته التي توقفت بحرجٍ ما أن هتف "بسام " لها وهو يناديها :
_" فَـرّح !"
خجلت أن تسير دون أن تجيبه بل التفتت ثم نظرت له بلطفٍ وهي تبتسم بتكلفه فقال هو من جديد ونبرته اللينه وصلت لها وقد خرجت منه رغماً عنه :
_" خلي بالك من نفسك بقا ، بصراحه مش عايز أشوفك هنا تاني .!!"
يمرح؟؟ ضحكت بخفه من إسلوبه فهزت رأسها إيجاباً وقد واصل هو مجدداً :
_" بس ده ميمنعش إنك تنتظمي مع دكتور عاصم لحد ما تبقي تمام ، وأنا واثق إن الدنيا هتقف معاكي وربنا هيعوضك عن كل اللي شوفتيه .. إرضي إنتِ بس !!"
تأثرت بحديثه ولم تردد علي مسامعه سوى :
_" ونعمّ بالله ، شكراً يا دكتور بسام ، وقوفك جنبي ونصيحتك ليا فكل مره كنت ببقي تايهه فيها من أسباب كتير ..عمري ما هنساها !!"
تفتح معه حديث؟؟ قالت شكر غير المعتاد بقوله ؟ ، إبتلع ريقه وقد حرك نظرة عينيه نحو مكان ٱخر وهو يردف :
_" الشكر لله يا دكتوره ، إتجدعني !!"
رفع رأسه ينظر لها وهي تومأ له ثم سارت محاوله اللحاق بشقيقها ووالدتها ،في حين حرك رأسه هو بجهلٍ من ما يحدث معه ، يتحاشى النظر إليها. طوال الأيام الماضية ومن ثم الأن تنقلب كل أموره رأساً على عقب!!، وبخ نفسه من التفكير بها ومن هذا الإهتمام الذي خرج عنوه عنه لها ؟؟ منذ متى ؟؟ ، حرك رأسه نفياً ثم إستغفر سريعاً وهو يكمل طريقه للأسفل محاولاً عدم إنشغال عقله بها !!
_________________________________________
في شقة "عايده" خاصةً غرفة "حازم" الذي دخل الان غرفته بعد أن كان يجلس مع شقيقته كي يخبرها بلطافه ما حدث لـ "عز" كي تتفهم الأمر ولم يجد هو منها سوى شفقه هي ووالدته ، حرك أنظاره نحو "ياسمين" التي تسطحت على الفراش وقد وضعت عليها الغطاء ، والإضاء المغلقه ..، أثارت إندهاشه ، فقط سمع صوت شهقات خافته تحاول هي بأن تكتمها ، توجه سريعاً يفتح الإضاءه ، ثم هتف بإسمها وهو يزيح الغطاء عنها فتصنعت هي النوم ، رفع يديه يضعها على وجها برفقٍ ثم قال بلهفه :
_" مالك يا ياسمين في إيه ؟!!!"
فتحت عينيها وقد ظهر على ملامح وجهها الأرهاق والدموع وآثارها ، نهضت تجلس بعدما علمت بأنه كشفها ثم رسمت ابتسامه زائفه على وجهها وهي تردد :
_" مفيش حاجه عادي ، أقوم أعملك أكل ؟"
هربت بأنظارها على الفور فوجدته يمد ذراعه يدفعها ناحية صدره وهو يقول :
_" مالك بقولك ، حصل إيه ؟؟؟"
لم تعرف ماذا تجيب هى ، بل وهي التي تتظاهر بالتماسك بكت بين أحضانه ، ثم رددت بغير فهم للذي يحدث :
_" معرفش يا حازم بس أنا مش تمام ، حاسه إن في حاجه كاتمه علي نفسي من كل اللي بيحصل ده !!"
ربت عليها بلهفه من نبرتها الباكيه المتحرشجه ، ثم هتف وهو يعتدل بسرعه :
_" سمي الله كده وإستغفري كتير ، وبعدين اللي حصل ده مسيره يبقى ليه حل ، متشيليش هم كده !"
إبتلعت ريقها وهي تهز رأسها ثم مسحت دموعها برفقٍ وهي تخرج من بين ذراعيه ثم حاولت النهوض فأوقفها هو بقوله :
_" راحه فين !!!"
_" هشوفلك حاجه تاكلها فاتك جعان !!"
إبتسم لها "حازم " بحنوٍ ثم هز رأسه نفياً وهو يقول :
_" أنا مش جعان يستي ، الحمد لله .. اقعدي بقا وارتاحي !"..
تنهدت تأخذ أنفاسها وقد دارت رأسها وهي تقف ثم إنتشلت شئ في لحظة عدم إنتباهه وهو ينهض ليبدل ملابسه ، عقد ما بين حاجبيه عندما وجدها ستخرج حتي سألها بإهتمامٍ يقاطع سيرها:
_" راحه فين تاني ؟"
رسمت ابتسامه صغيره علي محياها ثم قالت تزمناً مع فتحها باب الغرفه :
_" هروح الحمام وجايه ، هعمل زي الناس ، عندك مانع ؟"
قهقه عالياً من. شراستها المعهوده دائماً ثم قال وهو يرفع يديه بإستسلام :
_" لأ طبعاً ، براحتك يا حب العُمر ، مستنيك أنا علي ما تيجي "
ابتسمت له بحنوٍ وقد ظهر الحُب في نظراتها ، ولم تكن سوى لحظاتٍ وقد خرجت من الغرفه وهي تغلقها خلفها ، وما أن إلتفتت وجدته يقف من خلفها على بُعد حتى انه دخل من باب الشقه منذ قليل ولم يكن سوى "سليم " ، أخفت ما بدييها منه كي لا ينتبه ففقدان ثقتها به من أن يفعل بها شئ قويه !! ، رسمت ابتسامه صفراء ليست هينه عندما وجدته يطالعها بكرهٍ ، وقد كانت متبجحه حيث تعمدت بأن لا تخجل هي منه ومن ما ترتديه من بنطال قصير وكنزه عاريه الكتفين والعنق ، رمشت "ياسمين " بإهدابها ثم قالت بلؤمٍ :
_" ايه يا عمي ، واقف كده ليه ؟ هتصورني؟"
ضغط "سليم" على أسنانه وقد توجهت إليه "ياسمين " تقف أمامه في حين نظر لها بإشمئزاز ثم أجابها قائلاً . :
_" من حلاوتك هصورك ولا إيه يعني!!"
رسمت على ملامحها الاستفزاز ثم قلبت عينيها بمللٍ وهي تقول بغرورٍ :
_" بصراحه أنا حلوه ، أحلى واحده ممكن تشوفها ، أومال حازم إختارني يعني من قليلّ ، دا انت المفروض يعني راجل واللي هو مينفعش تتكاد من حد حلو كده زيي خليها لـ ستّ الغيره دي !!"
_" ولا فيكي أي حاجه عِدله ،. بجحه وقليلة الادب ومشوفتيش ربايه وخساره فيكي ابني اللي بعدتيه عني مره فمره لحد ما خلتيه يبعد خالص ويقاطعني !!"
هجم بحديثه عليها وكأنه كان يدخر لها ، هزت رأسها بإقتناعٍ زائف ثم أجابته بهدوء شديد :
_" ممكن معاك حق إني بجحه ، بس أنا إتربيت من سالم الأكرمي أكتر واحد الناس بتحلف بيه وبجدعنته لحد دلوقتي ، إتربيت من راجل سابلنا سيرته الحلوه ورث لينا ، عالأقل أحسن من الورث اللي انت شفطت منه ، وراجل ربي وخلف بنات لا هيجي زيهم ولا هيكون زيه هو فالدنيا دي ، فعشان كده لازم لما تيجي تتكلم بعد كده عنه تتكلم وإنت عارف الراجل ده عمل إيه وقيمته قد إيه ، وتكون عارف إني مش هسمحلك تتكلم عنه بطريقه مباشره أو مش مباشره ، عشان إحنا متربين تربيه معدتش على ولادك أصلاً يا عمي .. ."
صمتت "ياسمين" تتابع ملامحه المتشنجه ثم تابعت بتذكرٍ قبل أن ترحل من أمامه :
_" وأه .. أنا مش خساره على حد ، ده معلش يعني أنا خساره فيك والله عشان تبقى حمايا .. طب عمي وأهو متقبلين الوضع من زمان ، رغم انه وضع. يعني بصراحه ...مُقّرف !! "
قالت حديثها بجرأه ثم إلتفتت تسير من أمامه كي تتوجه ناحية المرحاض التي أغلقته خلفها على الفور ومن ثم فتحت ما بيديها وثمة ابتسامه حماسيه زينت محياها ، ولم يكن بيديها سوى " إختبار حمل " !!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية