رواية لعاشر جار الفصل التاسع و العشرون 29 - بقلم سلمى رأفت
29-نهاية المعضلة
_الله يكرمك ما تقول لحد من البيت، ده "مروان" لو شم خبر إننا عملنا حاجة هينيمنا على السلم.
وقف "نوح" لحظةٍ ونظر له ثم بدأ بالتحدث بودٍّ :
_خلاص مش هقول لحد، أي خدمة.
ابتسم له "حازم" وتناسى تمامًا أمر ألم أسنانه ونظر له بخبثٍ خفي وأدار محرك دراجته بمرحٍ وانطلق ولكن باتجاه "نوح" الذي نظر له بريبةٍ عندما وجده يقترب منه بسرعةٍ بالغة فهرول يركض هو والآخر وراءه يضحك بشيطانية قائلًا بشرٍ :
_عايز تركبنا جمايل؟؟ وربنا ما هسيبك!
ركض "نوح" برعبٍ وهو ينظر وراءه بسخطٍ وفلتت منه سبّة نابية بغضبٍ متفوهًا بتوعد :
_وربنا ما هحلكم!! أقسم بالله لاهشردكم!!
ظل "حازم" يسوق دراجته ناحيته بمرحٍ والآخر يحاول الفرار منه وقد تناسى تمامًا كِبر سنه لوهلة وظل هكذا والمارة في الطريق كادوا أن يقعوا من الضحك بسبب هيئة "نوح" الجدية والمهندمة وقصر قامة "حازم" الذي يركض وراءه بدراجته في شرٍ بالغ وهو بتضاحك بشيطانية مريبة لا تليق بعمره ولا بهيئته أبدًا.
_______________________
صبيحة اليوم التالي :
خرج "تيام" من غرفته وهو يفرك عينيه أثر النعاس وتناسى تمامًا وجود من يبيتون معهم من ليلة البارحة فخرج بسروالٍ يشبه السراويل المخصصة لفرق كرة القدم، وكان يرتدي سترة تشابه ذاك السروال المريب وكانت تلك السترة وذلك السروال عليهما شعار نادي من الأندية الرياضية ألا وهو نادي القرن "الأهلي" وكأنه غادر لتوه من إحدى مباريات كرة القدم وليس مستفيقًا من النوم، لا بد أن "علي معلول" يزوره في أحلامه فيكون دائمًا على أبهة استعداد للقاءه، تجول بعينيه صالة المنزل فوجد من تجلس على الأريكة بإنصاتٍ وتركيز لما في يدها، ركز ببصره على ما في يدها وجدها تحبك بأبرة مخصصة لتلك النوع من الحباكة، وبجانبها كرة من نسيج الخيوط المغزولة "التريكو" ، استشعرت هي وجود أحدًا يراقبها فرفعت بصرها وجدته ينظر إليها باستغرابٍ، تملك منها الحرج ولملمت أشياءها بسرعةٍ وركضت للداخل في سرعةٍ مهولة بالرغم أنها كانت ترتدي ثيابًا فضاضة وكامل حجابها الذي كان يغطي جسدها العلوى بأكمله، لم يكترث لها وتوجه ناحية المطبخ وجد والدته تعد الطعام بسأمٍ ومللٍ استنكره هو لوهلة وتفوه قائلًا بمرحٍ مشاكسًا لوالدته كعادته :
_صباح الفل يا "أمل"، إيه يا ماما مالك قالبة وشك كده ليه؟؟
نظرت له وهي تزفر بحنقٍ قائلةً :
_بحضر فطار ليكم، بس طبعًا هم بيصحوا من خمسة الفجر يبيعوا لبن ولازم أصحى معاهم، صحيت عملت اللي هم عايزينه ودخلت أنام تاني معرفتش، صحيت وعملت ليا كام شغلة وبحضر فطاركم وأبوك مشي على الشغل، وابعد عن وشي علشان أنت السبب.
عقد حاجبيه بضجرٍ متلفظًا ببلاهة :
_وأنا مالي يا "أمل" ؟؟ هو أنا اللي قولتلهم تعالوا؟؟
نظرت له وهي تسبه في سرها، تملكه شعورٌ بالغضب ناحية هؤلاء المتطفلين_من وجهة نظره_ وحاول كبحه ولكن ازداد أكثر عندما وجد من تقتحم عليهما المطبخ وكأنها أحد ضباط القوات الخاصة الذي اقتحم لتوه وكر الخلية الإرهابية، ظلت تنظر إليهما وهي تضيق عيناها؛ على الأرجح تجسست على حديثهما واستمعت لما دار فتلفظت قائلةً باستهجانٍ :
_وهو ده من الاحترام يا أستاذ "تيام"؟؟ بتنادي على أمك باسمها؟؟
نظر إليها بشرٍ فمن أكثر ما يبغضه في الحياةِ بأكملها تدخل أحدٌ في ما لا يعينه، تكلم وهو يحاول كبح غضبه قائلًا :
_والله يا تيتا احنا عيلة قليلة الأدب في بعضينا، وبعدين هو اسم أمي ماله؟؟
نظرت له تلك السيدة باشمئزاز وكادت أن تعقب على حديثه وجدوا من يولج للمطبخ أيضًا ويتفوه قائلًا ببعضٍ من السخرية الممزوجة بالمرح :
_أصل أمك اللورد فولدمورت.
ضحك "تيام" بقوةٍ ومعه "تميم" وضربا كفيهما ببعضهما وكانت هيئتهما مثيرة للضحك فكان "تميم" يرتدي نفس ما يرتديه شقيقه ولكن باختلاف شعار النادي، فقد كان هذا النادي نادي الفارس الأبيض "الزمالك"، نظرت لهما والدتهما وهي تحاول كتم ضحكاتها بينما الأخرى استشاطت غضبًا وتركت لهم المطبخ وذهبت، فور خروجها كفا الاثنان عن الضحك واقترب "تيام" منها يعانقها قائلًا بحبٍّ :
_والله يا ماما ما كنت أقصد حاجة، بالله عليكِ ماتزعلي مني.
نظرت له بحنو أمومي فمهما فعل سيظل ولدها المحبب لها هو وشقيقه، تذكرت أمرًا ما وتفوهت قائلةً بخبثٍ وبنبرةٍ ذات مخزى :
_مش زعلانة، بس اشبع من أوضتك وسريرك اليومين دول.
نظر لها بعدم فهمٍ ولكنه لم يكترث، خرجوا بالأطباق يتناولون الطعام في جو يسوده المرح، بينما كانت هناك أعين تراقبهم بغشفٍ وبالأخص عليه هو، تنظر له بإعجابٍ شديدٍ فهو بالنسبةِ لها شخصٌ مميز ظهر من العدم، تحاول كبح تلك المشاعر ولكن، ليس لدى أحدٍ منا سطوة على قلبه.
____________________________
_اتفضل يا حضرة الظابط، نورتنا وربنا، ده عفش الشقة لو بيتكلم كان رقص من الفرحة.
كان هذا صوت "مهند" الذي دوى في المكان ترحيبًا بـ"يحيى" الذي دلف وهو يحاول كتم ضحكاته، بالطبع كان يحاول الآخر التعامل بطبيعته لكن لم ولن يهدأ له حال حتى تنتهي تلك المعضلة البشعة_بالنسبةِ له_، خرج "آدم" من الداخل وهو يرحب بـ"يحيى" هو الآخر وتبعه بقية شباب تلك الأسرة وكأنه أحد الوزراء وليس جارًا لهما، نظرت "فريدة" من خلف باب غرفتها عليهم بحماسٍ ثم التفتت لإخوتها قائلةً بسخريةٍ حاولت إتقانها لإخفاء سعادتها الغير مبررة تلك :
_أقسم بالله أخواتكم دول أوڤر، دول بيستقبلوه ولا اللي بيستقبلوا وزير التموين!
غمزت لها "يارا" بطرف عينيها قائلةً في مكرٍ :
_ده على أساس إن عينك متشالتش من عليه يعني؟؟
توردت وجنتيها قائلةً بحياءٍ وهي تجلس بجوارهما على الفراش :
_مش بالظبط يعني، هو بس اللي حليوة حبتين.
كانت "چويرية" تجلس معهم وهي لا يعجبها الوضع فمازالت لا تعرف خطأها، ولماذا لها تلك المعاملة السيئة من أشقائِها الذكور، لمَ جميعًا يظلمونها ويسلبون حقوقها؟؟ فهي دائمًا مظلومة في تلك الأسرة ولا تلقى معاملةً حِسنة أبدًا ولا تعلم هي لم كل هذا، نظرت لهم وتفوهت قائلةً بجمودٍ وازدراء :
_هو "فريد" فين؟؟
التفتت لها "چوري" وهي تربت عليها مجيبةً إياها في حنوٍ قائلةً :
_مع بابا وماما، مفيش غيره ليه صبر يلف معاهم ويأخرهم عقبال ما نخلص.
قلبت عينيها في مللٍ وزفرت بحنقٍ ازداد أكثر عندما وصل إلى مسامعها حديث "لارا" الذي كانت تتحدث بشغفٍ قائلةً :
_أنا عارفة إنه مش وقته، بس خلاص المدارس فاضل ليها شهر والمدرسة بعتت إيميل لماما إن أنا لازم أحضر أول يوم علشان هيبقى في تكريم للأوائل، وبجد أنا مبسوطة جدًا.
ضغطت "چويرية" على شفتها السفلية بغيظٍ وحقدٍ دفين، لكنها لن تنطق ببنت شفة بل ظلت تنظر لها في كرهٍ واضح لم تستطع إخفاءه، قطع ذلك المشهد خروج "لميس" من المرحاض مرتديةً حِلة نسائية كالتي تشبه حِلة سيدات الأعمال، كانت حِلة جميعها باللون الأسود عدا ذلك القميص الأبيض الذي كان أسفل تلك السترة السوداء المطابقة للون البنطال القماشي، مطلقة العنان لخصلات شعرها القصير الذي لا يتخطى كتفيها، واضعةً أحمر شفاه لونه قرمزي يليق على بشرتها البيضاء، أمسكت هاتفها وحقيبتها الصغيرة وخرجت دون أن تنطق، نظرن إليها في دهشةٍ وقبل أن يسألنها عن سبب تلك الهيئة كانت قد أختفت من الغرفة بأكملها.
خرجت لهم في الخارج قائلةً وهي تضع هاتفها الخلوي في حقيبتها :
_أنا رايحة الشركة، سلام.
رفعوا جميعًا نظرهم عليها وبالأخص الذي كان الحاسوب على فخذيه، تأملها لوهلة ولكنه عاد لينظر من جديد إلى حاسوبه في تركيزٍ قطعه حديث "ريان" الحَرج قائلًا وهو يحمحم موجهًا حديثه إلى شقيقه :
_مش تقول، إن الأستاذة وراها حاجات تترجم في الشركة.
رفع له "آدم" حاجبه الأيمن باستنكارٍ ثم نظر إلى "يحيى" قائلًا وهو يبتسم ابتسامة صفراء :
_لا مؤاخذة يا "يحيى"، احنا مُريبين شوية.
رفع "يحيى" نظره له قائلًا يرفع الحرج بينهما :
_لأ ولا يهمك عادي.. طب أنا دلوقتي عرفت أهكر موبايله، ومسحت كل الداتا اللي عليه، وأي داتا كان باعتها لحد، إن شاء الله ميكونش في حاجة أكبر من كده.
تعالت أسارير الفرحة على وجوههم جميعًا وهرولوا عليه جميعًا يحتضنوه في إخاء، كان "يحيى" قد عانى من مشاكل في التنفس بسبب قوة عناقهم له وبالفعل لم يعد يقوى على التنفس فصاح قائلًا برعبٍ :
_يخربيت كده، بتخنق!!
ابتعدوا عنه سريعًا بينما هو ظل يسعل بشدة حتى توقف وهو يتنهد بقوةٍ حامدًا للرب أنه نجا، اقترب منه "مراد" بكوبٍ من الماء الفاتر قائلًا بمرحٍ :
_متأخذناش؛ أصل من الفرحة مفكرناش، أمسك بل ريقك.
أخذ منه كأس الماء شاكرًا له وعندما انتهى من تجرعه شكروه جميعًا فهذا معروفٌ لن ينسى أبدًا ما حيوا، ابتسم لهم وتبادلوا العبارات المحببة ثم استأذن منهم بالرحيل، عندما رحل توجه "ريان" إلى تلك الغرفة التي يقبعن بها يفتح الباب قائلًا في حدة وهو يقترب منها :
_ربنا سترها الحمدالله ولا أبوكِ ولا أمك عرفوا، وعزة وجلالة الله، لو حصل حوارات منك تاني يا "چويرية" أنتِ حرة!
كان يزمجر بأعلى صوته من شده غضبه منها فليست تلك أول مرة ترتكب أخطاء هوجاء تكاد أن تلقيهم جميعًا في الجحيم، وليس من الطبيعي أن كل مرة سوف تسلم الجرة، تركها ورحل بينما هي نظرت في أثره بعدم اكتراث وقلبت عينيها في مللٍ كعادتها، ثم تركتهما وخرجت متوجهةً إلى غرفتها وكأن شيئًا لم يكن.
___________________________
كان يقف أمام المرآة يصفف شعره في استمتاعٍ بينما كان شقيقه يرمقه بازدراءٍ قائلًا :
_مش هتبطل أم العادة الزفت دي؟؟ هو كل شوية تنزل تقابلي واحدة؟؟
نظر له هو في المرآة بعدم اكتراث مدندنًا إحدى الأغاني، اقترب منه الآخر قائلًا في شرٍّ :
_والله؟؟ طب أنا بقى هقول لأمك ونشوف الحوار ده إيه يا دنچوان "يوسف"
تملك منه الرعب بينما الآخر أسرع ناحية باب الشقة فهرول وراءه الآخر يمسكه وهو يقول له باستعطافٍ قائلًا :
_لأ!! "أمينة" لأ!! أنت ناسي عملت فيا إيه آخر مرة؟؟
نظر له "يونس" بمكرٍ مذكرًا إياه قائلًا :
_لأ مش ناسي، ومش ناسي كمان أما.. ولا بلاش.
زفر الآخر بحنقٍ قائلًا كعادته :
_بص، دي آخر واحدة، بس خلاص أنا ظبطت معاها مينفعش أخلف مواعيدي أبدًا، أستأذنك بقى.
تركه وخرج مسرعًا قبل أن يبلغ والدته، فلو لمحته "أمينة" فقط فسوف تعلقه على بوابة البناية الرئيسة حتمًا بلا جدال، استقل المصعد حتى وصل إلى الطابق الأرضي وكان طوال تلك الثواني ينظر لنفسه في المرآة مادحًا نفسه في إعجابٍ واضح وغرور، ابتسم بمكرٍ حل محلها ابتسامة رعب عندما فُتح باب المصعد ووجد والدته في وجهه، لم يستوعب تلك الصدمة فظل يحدق بها بعينين جاحظتين، تفحصته هي من أعلى رأسه إلى أخمص قدمه متفوهةً بسخرية وهي تضع كلتا يديها على خصرها :
_على فين يا روميو؟؟
ابتلع لعابه في توترٍ كالمراهق الذي اكتشف والده لتوه أنه يحادث الفتيات ليلًا عبر الهاتف متوعدًا له بأشد العقاب، جاوبها في رعبٍ قائلًا :
_ر رايح أقابل واحد صاحبي، في حاجة؟؟
تبسمت له في شرٍّ قائلةً :
_صاحبك برضو؟؟
لا لم يتمالك نفسه أمام ذاك التحقيق المميت، هرول من أمامها مسرعًا للخارج بينما هي علا صوتها قائلًا بسخطٍ :
_وربنا لما تجيلي يا حيوان!
وقف هو في الخارج يأخذ أنفاسه بسرعةٍ حتى بدأ بالتنفس بوتيرةٍ منتظمة، وجدها تدلف إلى المصعد وما إن ارتفع عاد إليه سلامه النفسي ووقف بغرورٍ يعدل من هيئته، كاد أن يتحرك لكنه صاح بغضبٍ من أثر تلك المياه التي وقعت عليه من أعلى للتو بقوةٍ، نظر للأعلى وجد التي تضع يدها على فمها قائلةً في أسفٍ :
_إيه ده هي جت عليك أنت؟؟ كان قصدي الواد "غيث" ابني والله.
ثم وقفت باعتدالٍ تتحدث بغضبٍ غير مبرر قائلةً :
_ولا ليه، أنتم كلكم نفس الصنف الزبالة، رجالة و***.
جحظت عيناه من حديثها الأحمق بينما أقترب "إيهاب" من "يوسف" وهو يحمل بعض أكياس البقالة يرفع بصره إلى زوجته متفوهًا بسخطٍ :
_وأما اطلعلك دلوقتي يا "علا" اوريكي الرجالة الو*** دي عملي؟؟
كاد أن يكمل وجد وعاءً من الماء ينسكب عليه من الأعلى بقوةٍ أيضًا جعلته يتغرق بأكمله، نظر لهما "يوسف" وهو يسبهما بسباتٍ نابية وكاد أن يدلف للبناية مرةً أخرى فقد أفسدت تلك الحمقاء موعده الغرامي فكيف سيذهب لمقابلة تلك الفتاة بملابسه تلك؟؟ لكن قبل أن يتحرك وجد "إيهاب" يركض ناحية المصعد بقوةٍ يستقله حتى يصل إلى زوجته يلقنها درسًا لن تنساه أبدًا، نظر للأعلى مرةً أخرى وجد والدته تقف في الشرفة تنظر إليه في شماتةٍ وفي الشرفة المجاورة شقيقه الذي ينظر إليه بخبثٍ وهو يأكل بعض التسالي مع والدته مستمتعين بالمشهد، صاح "يوسف" قائلًا لهما :
_نبرت فيها يا "يونس" الفقر؟؟ البت طارت منك لله!!
ضحك "يونس" بمكرٍ بينما ظلت "أمينة" ترفع وتنزل حاجبيها تلاعبه بتشفٍ واضح، ظل يسب فكل من حوله حتى استقل المصعد هو الآخر وهو مشتعل غضبًا من الذي حدث له.
__________________________________
كان نائمًا كالسمك المقلوب الذي خرج من المياه لتوه لا يدرِ بمن حوله، ازعجه رنين ذلك الهاتف الأحمق تجاهله ووضع الوسادة فوق رأسه وعاد للنوم مرةً أخرى، استمر ذلك الرنين المزعج وعندما ينتهي يعاود الرنين مرةً أخرى وكأن ذلك المتصل ستعود له حياته عندما يرد عليه، جذبه في سخطٍ يجيب عليه بنبرةٍ ناعسة قائلًا :
_إيه القرف ده!! في إيه يا عم "سيف" على الصبح!!
جاءه صوت "سيف" الغاضب وبشدة ينهره قائلًا :
_قوم شوف ياخويا مين اللي الـHack موبايلك ومسح كل الداتا اللي عليه علشان شكله Hacker متوصي وبالجامد، لدرجة إنه مسح الداتا اللي على موبايل وموبايلي كمان!
انتفض "حسام" من مكانه برعبٍ يفحص هاتفه يتأكد من صدق حديثه وللأسف صدق، لطم على وجنتيه برعبٍ قائلًا :
_يالهوي! احنا روحنا في داهية!! أنا سكت الراجل ده بأني بعت صور البت دي لحبايبهم، بس أنا مكنتش عملت حاجة وكنت بعتلك نسخة منهم احتياطي!!
شد هو شعره للوراء متلفظًا باستهجانٍ قائلًا :
_ليه يا روح أمك؟؟ وجاي على نفسك أوي كده ليه؟؟ يعني يا بغل مش قادر تأمن موبايلك من أي حاجة؟؟ ده شوية كمان وكان مسحك أنت من على وش الدنيا!!
انتاب الآخر شعورٌ بقهرِ والسخط متفوهًا في غيظ :
_والله ياخويا مأمنه كويس، بس معرفش مين ابن الكلب اللي عمل كده!!
صاح الآخر فيه تبعه دلوف "سوزان" إلى الشرفة وهي تحمل صينية صغيرة بها كوبٍ من القهوة الساخنة وكادت أن تضعها على الطاولة التي تتوسط الشرفة كان هو قد التفت لها وسرعان ما أغلق الهاتف وقلب تلك القهوة عليها بلا شفقةٍ أو رحمة تتابعت هي صرختها بألمٍ من حرارتها وقبل أن تنطق بشيءٍ جذبها هو من خصلاتها الثقيلة قائلًا بتهديدٍ :
_عارفة لو فكرتي بس تطلعي كلمة من اللي سمعتيها دي هعمل فيكِ إيه؟؟
ضرب رأسها في الحائط من وراءها بقوةٍ جعلتها تفقد الوعي ووقعت أسفل قدمه معلنةً عن استسلامها لبئر أحلامها، نظر هو إليها بغيظٍ ثم بصقها بازدراءٍ وركلها في معدتها بلا رحمةٍ ثم تركها وخرج وتركها مكانها بلا ذرة تأنيب ضميرٍ، فليس هناك ضميرًا من الأساس!
__________________________________
كانت تتجول أمامه ذهابًا وإيابًا وهي تفكر في حلٍ قطع سبل أفكارها زوجها الذي غضب منها قائلًا :
_في إيه يا "بوسي"؟؟ خيالتيني! في إيه يا حبيبتي؟؟
جلست بجواره في قلقٍ قائلةً بشرودٍ :
_أنا قلقانة على "سوزان" أوي يا "شريف" الزبالة اللي متجوزاه ده أكيد عمل فيها حاجة! ومش عارفة أتواصل معاها!! أنا حتى مش عارفة أسافر ليها اطمن عليها!! معيش عنوان ليها!!
اعتاد هو مؤخرًا هذا الحديث ولكن تلك المرة تفوه وهو يشاهد أحدى المبارايات على التلفاز قائلًا بإهمالٍ :
_وأنتِ تروحليها ليها؟؟ ما تخليها هي اللي تيجي.
كادت أن تلعن غباءه ولكن قبل أن تفعلها لمع في عقلها فكرةً شيطانية قائلةً بخبثٍ :
_تصدق عندك حق! فعلًا هي اللي لازم تجيلي!
تركته ودخلت إلى غرفتهما نظر هو في أثرها وهو يدعي في سره بالهدايةِ لها لم تمر بعضة دقائق حتى خرجت له بصندوقٍ متوسط الحجم يبدو عليه الهلاك، وضعته أمامه وهي تتفوه قائلةً بحماس :
_هو ده اللي هيجيبهم.
نظر إلى الصندوق فكان أشبه بصناديق المجوهرات ولكنه كان عتيقًا بشدة، يبدو وكأنه تراث عائلي، قبل أن يعلق ساهرًا وجدها تنطق بمكرٍ بالغ قائلةً :
_اللي زي "سيف" دول كلاب فلوس، وأمي ميتة بقالها سنين زي ما أنت عارف، مش لقينا ليها ورث؟؟؟
جذبت انتباهه فتلفظ قائلًا باستغرابٍ :
_ورث إيه ده اللي اكتشفتيه بعد سنتين من موتها؟؟
قربت منه ذلك الصندوق تحسه على فتحه، نظر لها بريبةٍ ولكنه أخذه يفتحها بحذرٍ وما إن فتحه كادت أن تخرج عيناه من موضعها قائلًا بدهشةٍ :
_إيه ده!؟؟ إيه الدهب ده كله!! ده أمك لو كانت بتبيع آثار مكانتش جابت كل ده!!
ضربته بخفة في كتفه قائلةً بضجرٍ :
_احترم نفسك، ده الدهب بتاعي، ده تحويشة عمري، كنت دايمًا بسمع إن الفلوس قيمتها بتقل الدهب لأ، كل ما كان يبقى معايا مبلغ بروح اشتري حاجة وأشيلها، مضمنش الزمن يجرا فيه إيه.
ظل ينظر إليها بدهشةٍ فقد وصل لها مخزى حديثها الخبيث، تضاحكت هي بمكرٍ أنثوي وجذبت هاتفها تبحث عن رقم زوج شقيقتها الأرعن، وضعت الهاتف على أذنها ونظرت له تحسه على الاستماع والأنصات، ما إن رد بدأت حديثها بلهجةٍ رسمية قابلها الآخر ببرودٍ ثم تفوهت قائلةً والشر يتخلل بين ثنايا كلامها :
_كنت بنضف شقة أمي الله يرحمها، لقيت فيها علبة كده قديمة، قولت هرميها بس لقيتها تقيلة أوي، فتحتها لقيتها مليانة دهب، قولت بس، ده أكيد الورث اللي سابته لينا، وطبعًا لازم يتقسم بيني أنا وأختي، آه.
ظهر الطمع على عينيه وبدون ذرة تفكير تفوه قائلًا :
_تشكري يا مدام "بسملة" احنا هننزل مصر قريب بإذن الله، هنبلغك لما نوصل.
أتمت على حديثها ثم أغلقت الخط، نظرت إلى زوجها الذي مازال ينظر إليها بدهشةٍ وكان يتردد في ذهنه جملة "أنتِ بوسي؟؟ أنتِ ملاك الرحمة؟؟" ضرب كفًا بكفٍ قائلًا في صدمةٍ :
_صحيح، إن كيدهن عظيم.
________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية