رواية عودة الوصال الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم سارة ناصر
_" حبيب جدو"
إبتسم "يامن" بسعاده بينما نظرت إليها "دلال" بحبٍ ثم قالت باقتراحٍ :
_" تعالى أقعدي معانا. طالما محدش موجود ، هاتي بس المفتاح وتعالي يلا "
أيدها "حامد" فابتسمت "نيروز" بطاعه ثم أومأت لهما بهدوءٍ وهي تتجه للداخل لتجلب المفتاح من جانب الباب وهاتفها ، ومن ثم خرجت تغلقه من خلفها وهي تتوجه معهم حيث الشقه الأخرى ، دخل "حامد" ومن ثم زوجته و "نيروز" إلى الداخل ، أغلقت "دلال" الباب ، ثم نظرت هي إلى "نيروز" وهي تشير لها قائله :
_" تعالي هما فأوضة وسام تعالي ادخليلهم "
ابتسمت بحرجٍ بينما أشارت هي على غرفة "وسام" للتأكيد ، ومن ثم توجهت بهدوءٍ تدق الباب وحدها وبقى "حامد" يداعب الصغير، في حين أذن أحدهم للطارق ، فتحت هي الباب بهدوءٍ وهي تبتسم ومن ثم وجدت هي "غسان" يجلس بجانب "وسام" و"بسام" يقف وبيديه بعض الشطائر يوجهها لهما ، مما دل يأنهما قد إتفقا على الذهاب للحديث مع شقيقتهم التي إنغلقت علي نفسها منذ فتره قليله حيث لم تحضر أمس مناسبة "جميله وعز" الصغيره ، أغلقت الباب خلفها بهدوءٌ بينما خرج صوت "وسام" وهي تقول:
_" دا الأوضه نورت أوي أوي أكتر من الأول !"
تعالت ضحكات "غسان" كما ضحك"بسام" على طريقتها ، أشار لها "غسان" بأن تجلس بجانبه حيث توجهت هي تجلس وهي تبتسم قائله تجيبها :
_" بتعرفي تثبتي اوي زي أخوكي يا ويسو !"
_" أومال مش أختي يا رزّه ، دي غسان تالت دي ، بعيداً عن الدكتور حبيب أخوه !"
قالها "غسان" بمرحٍ ، بينما تعالت ضحكات "بسام" وهو يقول :
_"طب أنا مالي طيب !، دا أنا جاي ومروق عليكم وجايبلكم سندوتشات من عمايل إيدي ، بقالكم زمان مدوقتوش ، محدش بيقدر ابداً ، الحق عليا جاي أهون عليكي يا كئيبه يا ثانويه عامه !"
حديثه المرح لم يخرج من فتره كبيره ،، بل ويعود هو تدريحياً. ، نظرت له "نيروز" وهي تضحك رغم إستغرابها ، بينما ضحك "غسان" ونظراته الفَرِحه بشقيقه تظهر ، خرج صوت "نيروز". الهادئ بعد ضحكتها موجهه حديثها لـ الأخرى :
_" مجتيش إمبارح ليه أنا كنت منتظراكِي، وبقالك فتره كده مش حاسه إنك تمام ، إنتِ كويسه ؟"
ترقبـت الوضع والإجابه منها بينما صمت هو وشقيقه يستمعان للإجابه المعروفه ، تنفست "وسام" بعمقٍ ثم اجابتها بابتسامه صغيره :
_" المذاكره بس كتير ومبقتش ألاقي وقت ، وكمان أخدت امتحان وجبت فيه ٦ من ٢٠ بعد ما ذاكرت فيه أوي ، ولسه عندي إمتحان فماده تانيه والدنيا متلخبطه معايا أوي !!"
ما تشعر به من عدم تفوق يعوق التفكير بوصولها لحلمها أم لا ، إنتبه "غسان" لملامحها الحزينه ، فتحدثت "نيروز" من قبله بهدوءٍ تنصحها :
_" خليكِ عارفه إن ربنا مش بيضيع تعب حد ، وإن كل ده بتجربي عشان لما تيجي اللحظه الفارقه تكوني متدربه حلو وحليتي كتير، وكمان الساعات الكتيره مش معيار ولا فارق للنجاح ، أهم حاجه التركيز والمزاج الرايق كده وانتِ بتذاكري وحطي هدفك قدامك ومتيأسيش ، وخليكِ واثقه إن الأرقام مش حاجه متقسمه علي مذاكرتك ، بس بردو إعرفي إن التركيز أهم حاجه !"
قالتها بهدوءٍ، جعلت "بسام " يأخذ طبق الشطائر يوجهه لها قائلاً لها بتعظيمٍ:
_" تسلم دماغك ،. ده اللي بنقوله من ساعتها ، عشان كده حلال عليكِ الطبق كله !"
خجلت من طريقته الغير معهوده دائماً كما تري ، بينما ضحك "غسان" وهو يأخذه يضعه أمامها كي لا تتحرج ، أومأت "وسام" لهم بابتسامه صغيره وهي تتنهد ، فخرج صوت "غسان" هذه المره بقوله :
_" ولا الثانويه حاجه يعني زي ما انتِ فاكره، أه تحديد مصير بس مش لحد الموت ، اهم حاجه صحتك ونفسيتك اللي إنتِ بإيدك تحسني منهم فالسنـه ، وبعدين مالها يعني ٦ من ٢٠ ، مشوفتنيش إنتِ وأنا كنت بجيب أقل من كده. ومنفض دماغي فالأول وبسام هو اللي شدني معاه وخلاني أذاكر ورغم كل ده ، كل واحد إتحط فالمكان اللي شبهه واللي كان هينفع فيه وليه الخير فيه وبس ، وده من إرادة ربنا الٱول ، بغض النظر عن إنه دكتور مشكوك فـ أمره بس ماشي حاله !"
لم يسمع سوى صوت الضحكات العاليه منهم ، بينما تحدث "بسام " من بين ضحكاته وهو يردد :
_" مشكوك فأمره ! ، وأنا اللي مخيطلك دراع مراتك ونازل متبهدل وجايب علاج ، محتاج أمشي وراكم بالشنطه والعلاج فكل مكان واللهِ بس اللي يقدر "
طالعه"غسان" بضحكته بينما ابتسمت "نيروز" بلطفٍ وهي تجيبه:
_" لا بجد شكراً يا دكتور بتعبك معايا دايماً ، ربنا يوفقك فـ شغلك !"
_" ولا يهمك يا مرات أخويا على راسي !"
ضحكت من طريقته بينما نظر لها "غسان" وهو يؤكد لها ما قاله عن طبيعة شخصيته المُحيره ، تعالت ضحكات "وسام" ، في حين نهضت "نيروز" كي تتركها على راحتها بقولها:
_" طيب أنا هسيبك عشان تذاكري ، وركزي كويس بقا وهستني أعرف جبتي كام عشان الفضول!"
قالتها بمرحٍ وهي تنهض بينما نهض "غسان" هو الٱخر ، ومن ثم سمع صوت ضحكاتها الهادئه وهي تنظر لها قائله بتبجحٍ :
_" من عيوني ،شدو الباب وراكم بقا "
نظرت لها "نيروز" ضاحكه بينما تنحنح "بسام" يجلي حنجرته بقوله:
_" ده إحنا بنتطرد !"
هز له "غسان" رأسه يؤكد ، بينما أشارت هي لـ "نيروز" بحبٍ وهي تراها تخرج من الباب ومن خلفها "غسان" وشقيقهما الٱخر !! ، خرج الثلاثه حيث توجهوا للصاله ، بينما توسعت بسمة "غسان" عندما وجد "يامن" يداعب "شادي" الذي خرج يجلس معهم قبل أن يذهب في المساء ، توجه يجلس أمامهم ثم أشار لـ "يامن" بأن يأتي إليه ،وبالفعل توجه الصغير يجلس على ساقه وسط ضحكات الأخرين بينما ، أشار له "بسام" ليشتته قائلاً له بنبره هادئه مبتسمه:
_" طب وأنا يا يامن ، أنا غسان مش هو !"
ضحك الجميع على كذبته ، بينما هبط الصغير من على ساق "غسان" ثم توجه لـ "نيروز" يشير لها بأن تنحني برأسها له ،حتى إنحنت وسط ضحكاتها ثم قبلها هو بهدوءٍ وهو يتحدث بنبره طفوليه:
_" خدي دي !"
تعالت الضحكات بقوه ، بينما ضحكت هي بخجلٍ عندما وجدت "غسان" يصفق له بقوه وهو يقول :
_" طب والله ميه ميه ، عملها من نفسه من غير توصيه، عال يا حبيب عمك عال والله !"
قالها وهو يرفع ذراعيه له بمرح كي يأتي إليه بينما فعل "بسام" ما فعله الٱخر كما فعل "شادي" والجميع ، وقف "يامن " للحظاتٍ ومن ثم ركض ببراءه طفوليه يدخل بين يدي "حامد" الذي ضحك بلمئ شدقيه بحبٍ وهو يقبله ثم نظر لهم بغيظٍ وهو يضع يديه بجيب بنطاله يخرج الحلوى المغلفه له وهو يقول :
_" إمسك يا حبيب جدو ، واحده ليك وواحده لـ روز ، ماشي ؟"
_"ايه الظلم ده ، وأنا !"
قالها "شادي" بضجرٍ جعل الجميع يضحك بقوه ، والغريب بأن "يامن" توجه بخطوات بطيئه يضع واحده بكف "غسان" بحنوٍ وهو يبتسم له ، ومن ثم وضع الأخري بيد "بسام " ، ضحك الجميع بحبٍ ثم خرج صوت "شادي" من بين ضحكاتهم :
_" تقريباً هو عارف إن إنتم إتنين بس بيستعبط علي نفسه ، إستنوا الوقتي لما ميلاقيش التانيه هياخد واحده من واحد فيكم !"
لم يتركه "غسان" للحيره ، بل ابتسم باتساعٍ وهو يخرج ما بيديه من غلافها ثم أشار لـ "يامن" بأن يفتح فمه حتى فتح بسعاده وهو يأخذها منه ، حمله "غسان" وهو يقف على فجأه ثم دار به المكان ببهجه حتى تعالت ضحكات الصغير بقوه والكل يضحك بخفه عليه ، ب توجه "بسام" يوجه ما بيديه لـ "نيروز" وهو يقول بلطفٍ :
_" خدي عشان مبيقاش حرام عليا برده ، بتاعتك دي !"
رفعت يديها بتردد وهي تبتسم بخفه علي مرحه الخفيف ثم أخذتها من يديه دون تلامس ، بينما حرك أنظاره هو على شقيقه الذي حمل الصغير وهو يتوجه لوالدته ناحية المطبخ ، نهضت "نيروز" تسير خلفهما حتى دخلت لهما لتجد "دلال" تقبل "يامن" من وجنتيه ومن ثم فعلت نفس الفعله مع "غسان" وكأنه طفل صغير ، قهقهت "نيروز" بقوه حتى نظر لها "غسان" ضاحكاً وهو يقول :
_" مبنكبرش عندها ابداً ، كلنا زي يامن ، بكره لما يجي عيالنا هتشوفي هتعاملهم ازاي !"
_" هعاملهم أحسن منكم كمان ، دا أعز الوِلد وِلد الوِلد ، بس ربنا يسعدكم بس ويتم عليكم بخير الأول"
إبتسمت لها "نيروز" بحنوٍ بينما تحدث "غسان" قائلاً بهدوءٍ :
_" ما أنا هفاتح النهارده أمها فالحوار ده ، دعواتك يا دلال خلينا نتلم فـ بيت واحد بدل ما احنا متبهدلين فكل مكان كده !"
_" واللهِ أنا معاك وموافقه حتى لما أبوك عرف قال ومالو نفاتحها تاني بس الأهم نيروز وسميه نشوف رأيهم ايه تاني "
ابتسمت لها "نيروز" بإطمئنان حتى إستشفت الأخرى نظراتها ، بينما وقف "غسان" يتابع النظرات بينهما وعقله لا يفوت فكرة ما تشعره والدته ناحيتها ، ليس بغض ولكن خوف كما الأخرى تخاف تماماً ، لطالما والدته وهو يعرفها جيداً ولم ولن تفضل أحدهما علي أولادها كطبيعة أي أم ، ابتسم هو باتساعٍ عندما سمع "دلال" تنفي قول "نيروز" بقولها:
_" لا تغسلي إيه وكتفك كده، إرتاحي يا حبيبتي !"
_________________________________________________
وما فائدة الوجَع لطالما كُنت أنا الموجوع ومازلت إلى الٱن ، فاضت دموعي كثيراً حتى هبطت لتغرق كل ما هو حولى ، وأنا..هنا لا أستطيع التنـفس من كثرة بكاء قلبي قبل أن تنزف عيني بمياهها الساخنه التي جاءت من الألم الذي كان وسيكون رفيق وحدتي ، محاولتي في النهوض والوقوف من جديد باتت فاشله ، بارده لم يُحركها شئ ! ، وصف لحالها ؟ وهي تجلس منذ أمس ودموع عينيها لا تجف ، جلست القرفصاء وهي تضع الغطاء علي كتفيها فقد شعرت بالبروده بسبب إبتلال ملابسها التي لم تغيرها هي أمس ، إغتسلت بألمٍ ثم عادت تجلس على الأرض متعمدة عدم النظر على الفراش ، تجلس وكل ما حولها مهشم كمثل تهشمها من الداخل تماماً ، لم تصبح فريده من نوعها ، فاقت عليهن بالجمال لكن العقل فقد كانت منهزمه بينهن ، هذا ما قالته لنفسها ، تاره تنهر وتاره أخرى تعلن عجزها وقلة حيلتها ، وضعها الصعب ، صعب للغايه ، مجرد التخيل والتذكر لما حدث ولما سيُقال عنها ليس جيد ، ليس هين بحقها ، كونها أنثى من نظر المجتمع ولكنها ضحيه ، بأي ذنب قام هو بالإعتداء عليها ؟ ، بأي ذنب تتلطخ برائتها كفتاه ! ، إنهدر حقها ؟! أم ماذا بعد ، لم تستسلم للبقاء بيما إستسلمت هي للإنكسار ، تقسم بأن كل تفصيله بداخلها قد هُشمت لأشلاء ، لم ترى هي يوماً ما الحنوٍ والاحتواء من أحدهم ، هي التي كانت وحيده رغم سوءها التي إنتشلته رغماً عنها من والديها ، بينما "جميله" كان من الأقل بأن لديها كمثل ذلك شقيق يحتويها أو أم ، أما هي ، فأين ذلك الشقيق المباشر ليكون بمحل شقيقها من والدها ، وأين عاطفة الأمومه التي لم تراها هي ، بينهما عامل مشترك في الأذى والألم ، والدهما ، تحاملت على نفسها للمره التي لا تعرف عددها وهي تتوجه ناحية باب الغرفه تفتحه بقوه جاهدت بأن تخرج منها بعد ضعفها ذلك ، تكاد تخلع مقبض الباب بيديها ، حتى أنها أمسكت حافته بقوه وهي تضغط فـ جُرحت يديها من كفها بالداخل ، لم يعني لها هذا الجرح شئ إذن ، قد جرحت هي بما فيه الكفايه !! ، جلست خلف الباب بعجزٍ ودموعها تسقط بقلة حيله ، الضياع هو رفيقها الأن. ، صرخت صرخه مكتومه وهي تضرب الأرض بيديها حتى أن ما بقى من تهشمٍ جرح يديها مره أخرى وهي التي لا تشعر سوى بالألم والإنهاك !!
_"يـــارب !"
نداء بـ ثلاثة أحرف أخرجتهم من بين دموعها بتعبٍ ، رغم بعدها عن من خلقها ولكن وقت الضياع لم نجد سوى النداء عليه هو المُنقذ الوحيد ، طريقتها في ندائها العاجز وكأنها تستنجد بالأمل الوحيد تُطعن بقلبِ من يراها كذلك !
___________________________________________
لم يظل موجود هو بالشقه بعد ما فعله أمس ، بل ظل بالخارج يجلس وحده وذكرياته لا تفارقه ، من مقهي لٱخر إلى أن ظهر الصباح ومر منه الكثير ، أما الٱن فهو يقف ينظر على منزل من نوى بأن يذهب إليه. ، وقف "شريف" يأخذ أنفاسه بهدوءٍ ، ثم أخفى هو أي معالم تظهر على وجهه فقد بدا خالياً من التعابير ، رفع يديه يدق الباب دقات متوسطه في العلوِ ، ثم أخرج من جيبه لفافه من علبة سجائره. ، حتى وضع واحده يشعلها بفمه تزامناً مع فتح الباب أخيراً ، فتح "ٱدم" الباب ولم ينظر له بترحيبٍ بل نظر بصمتٍ وبيديه المصليه ، إبتسم له "شريف" بتهكمٍ ثم قال في سخريه وهو يدخل:
_" حرمًا يا شيخنا ، رايح ولا جاي !"
_" رايح أصلي ، تعالى !"
قالها "ٱدم" بهدوءٍ شديد بينما سمع همهمته الغير مهتمه وهو يشير له بأن يكمل :
_" هصلي هنا ، روح إنتَ ، حسن صاحي ولا نايم !"
إرتدي الٱخر حذائه المريح ثم نظر له ببرودٍ وهو يردد بإختصارٍ تزامناً مع إغلاقه باب الشقه بابتسامه زائفه صغيره :
_" صاحي فالأوضه ، أدخله !"
وما أن قالها "ٱدم" أغلق الباب خلفه بهدوءٍ بينما سار "شريف"في اتجاه الغرفه حتى وقف ينظر على "حسن" المتسرخي على الفراش برأسه المحكومه بشاشٍ أبيض اللون ، دخل يجلس دون أن يهتف بـ شئ ، ثم وضع قدم فوق الأخرى ، بينما إعتدل الٱخر بجلسته وهو يهمهم بتهكمٍ :
_" أهلاً... لسه فاكر!"
_" جالي تليفون شغل مهم أوي فـ البلد ، مش عاوز أقولك كان مهم بالنسبالي قد إيه لحد ما خلصته بس مش كله يعني ، لكن قريب أوي هيحصل!"
قال كلماته بإندماجٍ ، بينما لم يعير له الٱخر إهتمام من غيظه إلى الٱن فيما حدث وكلما تحدث مع "ٱدم" بفكرة إندفاعه مره أخرى لأخذ حق لم يعطيه الٱخر فرصه للحديث، يعلم هو بأنه يجلس أمامه خير من يشجعه على فعل أي خطوه جديده تذكر بأنها خطوه لا مثيل لها ،. حاول أن يتحدث بتأثر ليأتي بأفكاره الشيطانيه عندما قال بتساؤل يعبر عن قلة حيلته وبنفس ذات الوقت رغبته العارمه إلى الٱن في أن يغلب خصمه ، خصمه الذي يعد "حدة الشباب"
_" شايف أنا بقيت فـ إيـه دلوقتي ، مش عاوز أسيبه ومش عارف العمل إيـه !!"
كان ذكياً لأول مره يقرر بها بأن يتحلى بالذكاء وفهمه لمن أمامه ، إنساق "شريف" بإهتمامٍ عندما رأي شرر كلماته يظهر علي وجهه ، وللحق كان الشعور من "حسن" حقيقي ليس زائف ، تنهد يأخذ أنفاسه بإعتدالٍ ثم أجابه بسخريه:
_" بصراحه يا بو على انت إتروقت منه عالٱخر، بس مش قبل حركة السكينه دي كنت تشاورني كان هيبقي عندي ليك حل أحسن ، إنت ناسي إن بداية العداوه كانت مني لما قولتلك إعمله محضر ، لو تتقل عليا هتاخد حاجه نضيفه "
أثار الحديث إهتمام "حسن" وبشده، حتى تحدث قائلاً هو الأخر بتفكيرٍ :
_" مجاش فـ صالحي بس من ساعتها وهو مش طايقني فعلاً ، ده غير إنه خاطف أختي زي ما قالتلي أمي ، يعني خاطف واحده ومتجوز اللي كانت المفروض ليا أنا بس ، طول عمره مكوش عليها وعلي كل حاجه أنا عايزها ، كانت إمته بتحبه ، هي كانت حد يتسجر يقرب منها ، تقوم متجوزاه ، وصلت امته للجرأه دي !!"
حديث وكأنه يسأل به نفسه بتشتت ، أما الٱخر فكان يصب تركيزه على كلماته وبقوه ، مُغفل من أمامه إذن !! ، إعتدل في جلسته ثم قال على فجأه دون مقدمات :
_" طب واللي يقولك تعمل إيه وتبقي علمت عليه العلامه التمام!"
لمعت عين "حسن" لمعة فضول وهو ينهض ليجلس بجانبه تزامناً ع قوله:
_" يبقي حبيبي ، بس قول !"
_" هقولك بس الكلام ده ٱدم مينفعش يسمعه ، لو عندك صبر تنفذ الوقتي تنفذ ، هتقف بس تستني حاجه معينه إن جت هتنفذ وإن مجاتش تتعوض مره تانيه !"
تضاربت الأفكار بعقله حتى أنه نظر إليه بغير فهم وهو يقول :
_" أنا مش فاهم حاجه !"
_" هفهمك ، بس قولي أخت غسان دي بتنزل ، فكليه هي ولا فـ دروس ولا بتشتغل ولا نظامها إيـه !"
قالها وقد علم قبل ذلك منه بأن لديه شقيقه غير شقيقه التوأم عندما وجه له تفسير في فعل المحضر ، فتح "حسن" أعينه ثم قال بشررٍ :
_" أخته على ما احسب من ساعة ما مشت وجت تاني تكون فثانويه عامه. ، كنت بشوفها قبل كده بتنزل دروس أول ما جت ، هنخطفها دي ولا أنت بتقول إيه ؟"
_" تؤ ، الخطف ده بتاع العيال التوتو. ، إنتَ تعلم عليها هيقوم هو كده متعلم عليه ، هو مش لما ضربك ضربك عشان كلمت أخوه وحش فأول مره ! ، ولما شوفتك مضروب قولتلك تعالي نعمل محضر ، اللي يضرب حد كلم حد تبعه بطريقه محبهاش ، مابالك بقا لو طلعنا على حد بردو منه وعلمنا عليه علامه تصيب وأوي كمان بس متوديش فـ داهيه !"
لم يقصد ما فهمه بعقله المريض ، حتى أن عيناه لمعت بوميض الحقد ، نظر له "حسن" بابتسامه ليست هينه وهو يقول :
_" مش بطاله بس هاخدها فين دي ! "
رفع "شريف" يديه يوكزه بصدره بغير إهتمام ثم هز رأسه بالنفي وهو يسبه بمزاحٍ قبل أن يقول :
_" مش ده اللي قصدي عليه ، معندكش وقت. لـ ده ولو ده حصل بتهيألي هيقتلك قبل ما تفكر فـ كده، أنا هقولك قصدي إيه، بس قوم معايا نروح نقف فـ حته كاشفه العماره ، ونستني لحد ما نلمحها جايه طالما انت عارف شكلها ، ده إن نزلت يعني والحظ لعب معانا النهارده ، بس مادام ثانويه عامه يبقي مبتقعدش أكيد. !"
نظر له "حسن" بتمعنٍ ثم هز رأسه فقط بشرودٍ، رأى الٱخر ينهض على فجأه ثم تظاهر بعدم الإهتمام وهو ينظر على ساعة يديه قائلاً باقتراحٍ يتساءل :
_" ها هتيجي ولا مش جاي ؟!"
نهض "حسن" ببطئ ثم هز رأسه بالإيجاب ومن ثم خرجت نبرته وهو يقول :
_"طب لو روحنا وإفرض مشوفنهاش إحنا مش متأكدين من الموضوع ده !"
_"ما أنا قولتلك لو الحظ لعب معانا ، وبعدين أدينا قاعدين نشم هوا لو منزلتش ومشوفنهاش، مش حوار ، لو هتيجي الوقتي تعالى قبل ما ٱدم يرجع ويسألك رايح فين ، غير كده إنتَ حر !"
هز له رأسه بتأييدٍ ثم خرج الٱخر إلى الخارج ببنما جذب "حسن" سترته من على الفراش الذي كان يجلس عليه بأريحيه ثم حاول إرتداء ذراع واحد على عجاله وهو يخرج خلف الآخر..!!
__________________________________________
قبل قليلٍ ، قام هو بتحريكّ رأسه لتسليم خلف الإمام ، وما أن فعلها جلس بركنٍ من أركان المسجد وهو يطوى سجادة الصلاه الخاصه به ، وجوده الٱن بهذا المكان يشعره نوعاً ما بالراحه عن منزله ، علم بأنها راحة القرب من الله ، لذة الإيمان الذي يحاول هو جاهداً بأن يقويه بقلبه وليس مجرد إسم فقط ، عقله يتشتت بين الحقيقه والسراب ، حقيقة بأنه يحاول بأن يكون أفضل ، وسراب لظلام ركن عقله المُظلم ، لا يعلم هو بأنه مجرد وسواس النفس الأماره بالسوء التي تجعله محصور بين أمرين ، يريد الأفضل دون ألم ، يريد الأفضل دون أن يترك أشياء يعلم بأن مجرد تركها ما هو إلا تعب وإنهاك له هذا ما يصوره عقله له !! ، تنهد " ٱدم" يخرج أنفاسـه الحاره محاول هو بأن يخرج الثقل الذي على صدره ، إنتبه هو على قدم تتوجه ناحيته بجلباب بيضاء تسير بخطوات هادئه لم يرفع أنظاره لذلك الذي يتوجه إلا عندما وقف أمامه ، رفع أنظاره يري من هذا الذي توجه إليه ، وجد رجل بشوش ، لا يظهر عليه كبر السن ، حتى أن لحيته البيضاء عكس ذلك ، إبتسم "ٱدم" له ثم حاول النهوض كي يفهم ما يحدث وتعبيراً عن الإحترام ...أوقفته يد الرجل وهو يبتسم له واليد الأخري كان بها كتاب الله ، توفف عن الحركه ثم جلس يعتدل عندما وجده يجلس هو الٱخر أمامه تزامناً مع قوله:
_"خليكّ مرتاح يبني ، خُد إقرأ في المصحف وإنتَ قاعد كده !"
قالها وهو يجلس ثم إعتدل يربع ساقه حتى جلس بهدوءٍ ، نظر له "ٱدم". بصمتٍ ثم نظر علي يديه المقدمه له بالمصحف ، مد يديه يأخذه منه بتردد وخجل بٱن واحد. يخشي قراءته بعد كل ما يحدث له وما يفعله ؟! ، حتى أنه لم يقرر في لحظة ما أن يمسك كتاب الله ويقرأ به منذ أن بدأ في البُعد عن طريق الإيمان والإلتزام ، أخذه منه بهدوءٍ ثم تمسك به بيديه حتى عاود النظر للذي يجلس أمامه ويطالعه بهدوءٍ شديد فقط ينظر له ، أخرج حديثه المتردد الذي يحاول بأن يخرج منه بثباتٍ حينما ردد يقول:
_" هـو ..هو لو قرأت ربنا هيتقبل مني وإنا عامل حاجات كتير وحشه فـ حياتي ؟"
إبتسم ذو الوجه البشوش ثم هز رأسه بثقه وهو يجيبه:
_" هيتقبل لو كنت مقرر فعلاً إنك تتقرب منه وتتوب إليه ، التوبه إن ربنا سبحانه وتعالى يحميك من ذنوب الدنيا ، ويرجعك لعقلك ، من علامات حب ربنا لينا هي إننا نراجع نفسنا ونتقرب منه ونترك كل حاجه ممكن تعصيه ، أحن على العبد من أمه وأبوه ، لا يمل من إنك كل شويه ترجعله قليل الحيله ملكش إلا هو. ، ملكش إلا الطريق دا بعد ما تعرف غلطك ، فهمتني يا بني ؟"
أنصت له "ٱدم" بإهتمامٍ ثم تنهد بإنهاكٍ يتحدث بعدما شعر بالإرتياح في حديثه :
_" أنا مكسوف ، مكسوف وأنا راجع وبفكر فكل اللي عملته، أنا ضيعت نفسي وشربت وببوظ صحتي ، قطعت صلة الرحم وبطلت أكلم أختي عشان إختارت واحد عيشته مش مريحاني ، كرهت ناس من غير سبب ، كنت بجيب قرف لاصحابي فيوم من الأيام كنت أنا اللي بديهم الهلاك بإيدي ، شتمت وإتكلمت بكلام محدش يتكلمه ، سبيت كتير وجبت فسيرة ناس وبنات ناس وأنا قاعد معاهم ببص على اللي رايح واللي جاي ، بعدت عن ربنا من زمان وبطلت أصلي ، بقيت بسمع الأذان ومكنتش بفكر إني أصلي وأقوم ، بسمع لكل اللي بيقولوا الشيطان من غير مجهود كنت بمشي وراه وأنا معمي القلب والنظر ، معرفش أبدأ منين وأعمل إيـه ، أنا لقيت نفسي مره واحده بفوق بالتدريج ، قومت صليت ،. عقلي كل شويه مبيسبنيش وأنا عاوز أبطل كل الوحش ومش عارف ، ما بين أسيب كل حاجه وحشه حتى أقرب الناس ليا وما بين قلة حيلتي !"
تفهم ما يشعر به من تشتت بل ونبرته المختنقه كانت كفيله لشرح ما يشعر به ، رفع الشيخ كفه يربت على ساقه ثم نبس بنبره هادئه مؤمنه :
_" مكسوف عشان ربنا ناداك تتقرب منه ؟. ولا مكسوف عشان ربنا فتح قلبك ونور بصيرتك ، العبره مش الذنب اللي نعمله ونقف عنده يبني ، العبره التوبه بعد الذنوب ، حتى لو بنتوب وبنرجع نحاول نخلى التوبه أكبر في كل مره ، عشان تقرر تسيب كل حاجه وتقطع توهانك هتقوم تصلي ركعتين تقول فيهم لـ ربنا كل اللي فقلبك. ، الوحيد اللي سامعك وعارف اللي فيك من قبل ما تشكي ، بنبدل التشتت بالصلاه ، القلق بالصلاه كل شعور مش كويس لينا بنضيعه بالصلاه ، عارف الصلاه بتعمل إيه ؟"
حديثه بالنصيحه يجلب الإهتمام وبشده، إنتبهت كل حواسه ثم وجد اللهفه تخرج منه دون وعي وهو يستجوبه :
_" بتعمل إيــه ؟! "
_" هقولك بتعمل ايه ، بتشيل الهم والحزن ، بتحسن النفسيه وبتحسسك إنك إنسان تاني كأنه إتولد من جديد بعد كل صلاه ، بتخليك إنسان نضيف ، أول طريق لكل حاجه عاوز تبدأها ، أول طريق لراحة القلب والبال ، أول طريق لغايات وأحلام وحاجه عاوز تعملها وتحققها .."
قالها بإيمان قوي ثم نظر على معالم وجهه فوجدها مبتسمه منصته بتمعن ، فأردف مره أخر يفسر ما قاله الأول من قبله :
_" الحياه يبني مكتوبه لينا وإحنا ضيوف فـ الدنيا دي ، مهما كان بينك وبين أختك مفيش حاجه تستاهل تقطع صلة الرحم ، حياتها مش مريحاك بس ممكن تكون مريحاها ، مش راضي إنت عنها بس هي تلاقيها راضيه لظروف خاصه ، لو عندها أولاد أكيد راضيه عشان تربيهم ويتصرف عليهم والله أعلم بس إعرف إن المرأه بتستحمل وتضحى ومحتاجه جنبها سند راجع نفسك وتفكيرك ، كل حاجه بتيجي بالتدريج بس الأهم إن موضوع شُربك لو فعلاً عاوز تبعد عن ده لازم تكون مقتنع وواخد القرار مش تكون مذبذب ومتردد ، القرار الصح واللي الناس وكله شايف إنه صح والدين شايف إنه صح مش بيتردد فيه ناخده ولا لأ ، تعبك بعدها عليه حسنات ،. طالما بنحاول ، وربنا بيعين اللي بيحاول ، ولو على قلبك وكرهك استغفر ربك علطول وقرب منه وإقرأ قرٱن وصلى كل ده بيفتح القلب وينوره لأن الاحساس الوحش ما هو إلا أفكار وحيل من الشيطان ، واستغفر وتوب وصلي من كل اللي قولته واللي عملته وربنا مبيرجعش أبداً حد لجأ ليه !! "
كان ينصت بتمعن وقد دب به بعض من الأمل الكثير الذي ظهر على وجهه ،تنفس بعمقٍ ثم وجد من أمامه يضع كفه يربت على كف الأخر ومن ثم ربت على كتاب الله تزامناً مع قوله له :
_" خُد المصحف وإنت ماشي ، إقرأ فيـه سور القرٱن كتير كل واحده منهم هتديك راحه وأمان ، حروف من عند ربنا هتنزل على قلبك تطمنه ،..ألا صحيح إسمك إيـه ؟"
تمسك "ٱدم" بالمصحف أكثر ثم تنفس بعمقٍ وهو يجيبه بابتسامة هادئه:
_" ٱدم ، إسمي ٱدم يا عم الشيخ !"
_" ربنا يباركلك يا بني ! "
قالها بابتسامه واسعه ثم نهض ببطئ حتى أن "ٱدم" نهض ليساعده فأوقفه هو بإشارة يديه حتي نهض بمفرده ومن ثم نهض "ٱدم"، وقبل أن يسير من أمامه تحدث له بحديثٍ عميق :
_" ابني إسمه ٱدم يا ٱدم ، ولو شوفت فيه دموع الندم والإصرار علي إنه يتقرب من ربنا زيك كده هبقي فخور بيه أوي مهما كان ومهما عمل !"
لم يعطيه فرصه للرد بل انشرح صدره وهو يبتسم ثم نظر على أثره ، إبتلع ريقه ثم تنهد يأخذ أنفاسـه وهو يتوجه بخطواتٍ هادئه ناحية باب المسجد الكبير ليجلب حذائه حتى يرحل وثمة أمل وراحه تغمره مهما كان الصعب الذي ينتظره !
___________________________________________
خَرجت من المصعد هىَ ووالدتها ومن ثم "ورده" و"بدر"، كل منهم ظهر على ملامح وجهه الهدوء الشديد الذين يحاولون هم إخفائه ،دخل الجميع إلي الشقه بالتأكيد مرت ساعات منذ خروجهم كذباً للذهاب كي يشاركوا جميله في إختيار المجوهرات لخطبتها ، جلست "سُميه" بإنهاكٍ على المقعد وهم حولها ، ومن ثم أغلفت "ورده" الباب وهي تتوجه لهم ، وجدت هي شقيقتها تمسك هاتفها لترسل لـ "نيروز" بأنهم جاءوا حيث لم يصدح لها صوت بالشقه ، نظرت إليهم "سميه" بترقبٍ ثم هتفت بنبره مطمئنه :
_" طالما نيروز مش هنا ، فأنا عاوزه اقولكم حاجه ، محدش يقلق وإطمنوا أنا كويسه وإن شاء الله عمليه وتعدي وأبقى بخير بس محدش يقول لـ نيروز ، سامعين ؟"
نظرت لها "ياسمين" بصمتٍ في حين هتف "بدر" يجيبها بنفي:
_" كده كده لازم تعرف يا حماتي ، هي مش عملية اللوز ، دي عملية قلب مفتوح ، أه حقيقه وجاده كمان بس هي مبقتش صغيره علي الخوف ده كله وغسان أهو جنبها وهي مطمنه وهيطمنها أكتر ، دي عمليه وورق ومسشتفي وحجز وشغلانه كبيره إزاي هتعدي عليها ، اعتقد إنتوا فاهمين قصدي وإن نيروز مش غبيه للدرجه دي ، بالعكس دي واخده بالها من كل حاجه ، أنا رأيي تجيبهالها بالتدريج!"
هزت "سُميه" رأسها بالنفي حتى ظهر خوفها ، بينما نظرت "ياسمين". له وهي تهز رأسها بالتأيد قائله هي الأخري محاوله الثبات:
_". أنا من زمان وبقولها إنها لازم تعرف، يا ماما المفروض متشيليش هم دلوقتي إرتاحي لحد ما نشوف هنعمل إيه ولما نتأكد أكتر لما الأشعه تبان وإن شاء الله خير ، قفلوا ع السيره دي دلوقتي لأنها جايه وكمان بلاش توتر وقلق على الفاضي!!"
_" لأ يا ياسمين أختك لو عرفت هتقفل على نفسها من تاني ، مش عاوزاها ترجع زي ماكانت أيام ابوكي!"
قالتها "سميه" بنبره ضعيفه ، في حين رد فعل "ورده" وتفكيرها مثل والدتها ، هزت "ياسمين" رأسها بمعارضه ثم قالت بجديه رغم ألمها التي هي بارعه في إخفاءه :
_" بابا الله يرحمه يا ماما ، فهماني ! ، دا كان قدره ونصيبه ، وانتِ صحتك كويسه وإن شاء الله هتقومي منها على خير ونيروز هتبقي تتفهم الوضع ، متشيليش هم ،. دا قلبك يعني أي حزن وقلق هيأثر عليه وأنا مش عاوزه ده يحصل!"
نظرت "سميه" لها بقلة حيله وملامح وجهها المرهقه تظهر في حين كاد أن يخرج حديث "ورده" المطمئن لها ولكن قاطعها صوت فتح الباب بواسطة يد "غسان" الذي كان يحمل "يامن" والأخري تدخل من خلفه ، إبتسمت هي لهم بحبٍ ، في حين أنزل هو الصغير الذي توجه بلهفه لوالديه ، بينما تحدثت "نيروز" قائله بمرحٍ :
_" كده يا أندال ، قولولي جميله عملت إيه بقا ، مبعتتليش صور ولا أي حاجه!"
ترقبت الأنظار ، بينما لم يفهم "غسان". ما يجري ولكنه لاحظ تعابير وجه ابن عمه الذي يعرفه ، تحدثت "ياسمين" بكذبٍ تجيبها كي لا تشعر بشئ :
_" إتلبخنا بقا ، هي خرجت مع عز شويه وإحنا روحنا "
_"طب وفين حازم جوزك خرج معاهم محرم ولا ايه ؟"
ضحكوا بخفه ، فأومأت "ياسمين" بالكذب ، في حين كانت ابتسامه "سميه" مهزوزه ، أشارت بعينيها لـ "ياسمين" التي فهمت ما تنوي فعله، سحبت "ياسمين" يد "نيروز" بمرحٍ وهي تتحدث تزامناً مع سيرها للغرفه :
_" تعالي هاخد رأيك فحاجات كده بس قولي بصراحه !"
سارت "نيروز" خلفها بغير علم لما يُقال في حين نهض "بدر" يبدل ملابسه وهو يبتسم لـ "غسان" بسمه زائفه فـ إلى الٱن يتحاشى الحديث معه بسبب ما كان ينوي فعله لشقيقه ، لم يتبقي سوى"سميه" التي ابتسمت له وهو يقف ينظر بتشكك لعدم سير الأجواء ككل مره بطبيعتها ، نبست بنبره هادئه تقول له بلطفٍ :
_" أقعد يبني "
نظر لها "غسان" مُبتسماً ثم قال بهدوءٍ وهو. يجلس بجانبها:
_" هقعد يا حماتي ، أصل عاوزك فـ موضوع مهم ميستناش !"
إبتسمت له بارتياحٍ ثم قالت هي الأخرى :
_" أنا اللي عاوزاك فـ موضوع مهم يمكن أهم من أي حاجه !"
نظر لها بترقبٍ ، فالتفتت هي تنظر حولها ببطئ تزامناً مع قوله المستغرب :
_" سامعك !"
_" أنا مش بقلقك بس عاوزاك تعرف إن إنت عندي بقيت زي ابني وربنا يعلم بـ ده ، بوصيك تاخد بالك من نيروز وتحطها فـ عينك يبني ، أنا إحتمال كبير أدخل عمليات وأعمل عملية قلب مفتوح ، نيروز متعرفش إن عندي القلب أصلاً وأنا قصدت معرفهاش ده من زمان من ساعة ما أبوها مات منه ، يمكن يكون حد قالك ويمكن تكون أول مره تسمع مني ده ، بس أنا بطلب منك تمسك فيها بـ إيدك وسنانك ومتضيعهاش ، بنتي ملقتش نفسها ألا بيك وبوجودك جنبها ولو أطول أعرفها وأضمن إن ميحصلهاش حاجه كنت عملت كده من زمان ومترددش لحظه !"
وقع الحديث عليه كالصدمه ، رغم علم شقيقه بمرضها وحتى والديه ولكنه لم يكن يعلم ، إبتلع غصه مريره من مجرد التخيل ، بل وهو الذي يضع نفسه دائماً مكان غيره ، وضع نفسه موضعها الٱن ؟ ولما أثار حديثها حزنه عليها ، تنهد يخرج أنفاسه وهو يجمع الحديث المطمئن لها بعقله ثم ردد بنبره عميقه:
_" أنا واثق إن لو حصل هتقومي منها بألف سلامه ، وهتعيشي لحد ما تشوفي عيالنا وتجوزيهم معانا كمان ، ولو على نيروز ف محدش عارف هي غاليه إزاي على قلبي ، أنا كنت جاي أقولك إني عايز أحدد ميعاد عشان نتجوز ومكنتش ضامن موافقتك بس دلوقتي أنا مش عايزها عاوزك تكوني بصحه كويسه ، وأنا هعرفها بهدوء وأضمنلك إنها متتأثرش وهخلي الموضوع حنين عليها ويطمنها ، أنا زي إبنك اللي مخلفتيهوش وهفضل جنبك في كل حاجه تحتاجيها ، بس الأهم إنك لازم تكوني في نفسيه كويسه ومرتاحه !"
إبتسمت له "سميه" بتأثرٍ ثم هزت رأسها تنفي أول حديثه بقولها الذي صدمه :
_" أنا جيبتك لنفس الموضوع اللي جيتلي عشانه ، أنا مكملتش كلامي يا غسان بس يمكن هتتفاجئ من رد فعلي ، أنا عاوزاك تتجوز بنتي وتستقروا وتعملوا بيت عشان أبقى مطمنه ، أنا موافقه تتجوزوا وفأقرب وقت هي مش ناقصها أي حاجه وقبل ما أعمل العمليه عاوزه أطمن عليها ، رينا بيعين وأنا أهو بسدد اللي عليا وأجازات الشغل هتتمد ده غير إني قربت أطلع علي المعاش ، عاوزه أطمن عليها حتى لو بدري عن الميعاد بس مفضلش غير هي ولو جرالي حاجه مش عاوزاها تبقي لوحدها !"
حديثها كان غير معهود بالنسبه له تشتت بين النفي والإيجاب ، أما طبيعة تفكيره ف تماشت وبقوه مع حديثها ، هز رأسه وهو يتحدث بإطمئنان ثم قال:
_" أنا عاوزك تبقي مطمنه مش أكتر ،. انتِ عارفه جواز البنت ببقي متعب بالنسبه للأم إزاي فهماني ؟ إنتِ مش مؤهله لـ ده دلوقتي "
_" يبني إسمعني أنا أم واللي حاسه بيه ده محدش هيحس بيه غيري ، أنا حتى لو مش مؤهله فـ أمك كتير خيرها موجوده وتسد وعايده كمان ، وبلاها حنة عروسه تبقي على الضيق هنا ونعمل الفرح علطول و الشقه بتاعتك أبوك قال إنها جاهزه ، يعني الخشب على ما اعتقد هتشتريه جاهز وده مش هياخد وقت كبير ، متسهله ، مبستعجلش علي موتي بس عاوزه أفرح ببنتي !"
لم يجد إجابه سوي أنه أومأ له بهدوءٍ وهو يتنهد ، بينما إنتظرت هي رده الذي خجل من أن يجيبها به لأول مره ، وجد أنه لا مفر ، فابتسم إبتسامه زائفه وهو يقول بلطفٍ :
_" اللي تشوفيه ، شوفي إمته وأنا معاكي"
_" أسبوعين كويس أوي حتي كل يوم نطلع من الجهاز حاجه فوق وتكون جبت حاجتك إنت كمان وتجهز قاعه لمعاد الفرح علي حسب ما تلاقي المعاد اللي أخره إسبوعين !"
_" ما أتجوزها فـ أوضتي بالمره !"
قالها وهو. يضحك وحديثه كان ساخر ، حركت رأسها من تبجحه ثم ابتسمت بهدوء قائله :
_" قولت إيه !"
_" قولت لا إله إلا الله ، هشوف معاد معين بعد ما أشوف مكان الحجز وأوصي علي الخشب وأخلى نيروز تختاره وتبعتلي. ، قريب من بكره. إن شاء الله !"
هزت رأسها بسعاده رغم كونها منهكه ، نظرت له بإمتنان ثم بادلها هو النظره سريعاً. ، لم تري في عينيه سوى الحب الذي فاض والذي يكنه لابنتها لم يخجل بأن يظهره أمامها ، رفعت يديه تربت علىٰ كتفه فنظر هو لها بإطمئنان ثم رفعت الأخرى تتوجه لتأخذه بين أحضانها بهدوءٍ وبعاطفة أمومه ،. رغم تفاجئه من فعتلها وخجله الذي لا يظهر إلا في القليل ولكنه تنفس بعمقٍ عندما سمعها تردد:
_" بنتي أمانه فـ رقبتك وأنا عايشه وحتي لو حصلي حاجه !"
رفع يديه بتردد يربت على كتفها ببرٍ ثم خرج من بين ذراعيها ينظر لها بابتسامه تلاشت سريعاً عندما وجدها تقف تنظر ببلاهه وشقيقتها بجانبها ،. نهض يقف وهو ينظر لها بتسليه كي يغير مجري الحديث ومجري ما رأته ثم قال بوقاحه :
_" بقولها إنتِ حماتي ،. قالتلي لا سيبك من بنتي !"
قالها بجرأه جعلت"سميه" تضحك بشده هي و"ياسمين" وكذلك"نيروز" التي نظرت له عقب ضحكاته باستفهامٍ وترقب لرد فعلها لما قاله لها بأنه سيفاتحها ، تنفس بعمقٍ ثم رمى بقنبلته وهو يقول بعلو صوته:
_" فرحنا بالكتير أوي ، بعد إسبوعين !"
حركت "ياسمين" عينيها تنظر لهم و التي كانت تفهم ما كانت تنوي فعله والدتها ، ثم ابتسمت بهدوءٍ إمتزج بالسعاده رغم رفضها في البدايه ولكنها لانت بعد ذلك وبعد أن فكرت بشقيقتها ، نظرت "نيروز" له بغير تصديق ثم هتفت بصدمه حتى أنها لم تعي ما قالته له :
_" إنت عبيط ، بسرعه كده ازاي !"
كبتت "ياسمين" ضحكتها عندما وجدته ينظر لـ "نيروز" بحزمٍ حتى رمقها بنظره حاده من سبها له ثم سمع هو صوت والدتها التي حاولت توضح أنه رغما عنها :
_" معلش متقصدش يبني ، من الصدمه بس تلاقيها "
نظر لها "غسان" مبتسماً ثم حرك رأسه قائلاً بخبثٍ :
_" ولا يهمك يحماتي ، مراتي وعارف هتعامل. معاها ازاي ؟"
نظرت له "نيروز " بأسفٍ من بين ضحكاتها حتى فعلت فعله جريئه أمام الأنظار وهي تتوجه ناحيته ثم رفعت يديها لتحتضنه بسعاده كي يشعر ما تشعر به هي ثم نبست بنبره مبهجه عندما رفع ذراعيه يحتضنها أمامهم هو الأخر :
_" بجد مكنتش مصدقه بالسرعه دي ، بس مبسوطه "
ضمها بسعاده ثم أخرجها من أحضانه تزامناً مع قول "ياسمين " المرح:
_" خدتي الجرأه دي كلها ازاي يا بت وأنا اللي بعلم فيكي بقالي سنين ، مش خساره فيكي غسان والله و ربنا يعافينا من البجاحه دي يختي "
_" من بعض ما عندك يا ياسمين يا أخت مراتي يا غاليه !"
قالها "غسان" بإستفزازٍ في حين سمع هو قول "سميه" وهي تنهض تفصلهم عن بعضهما بمزاحٍ :
_" بنتي متربتش من ساعة ما إنت إتجوزتها ، وإنت قليل الأدب ودلال مربتكش. ، الصبر حلو يحبيبي "
رفع يديه يمسك كف "نيروز " وهو يسحبها ناحيته ثم قال بثباتٍ :
_" والله مراتي وأعمل اللي علي كيفي ، إيه اللي شاغلكم ، إسبوعين وألاقي حد بيتكلم كده وهي خلاص بقا بقت فـ بيتي"
ضحكت "سميه" بخفه ثم هزت رأسها بقلة حيله وهي تردد :
_'' حقك ، الله يصلح حالكم ويبارك فيكم ويحفظكم ،. هروح أغير هدومي وحد يروح يجمع العيله عشان ييجوا ويعرفوا اللي قولناه "
هز لها رأسه بينما تبعتها "ياسمين " تذهب معها للغرفه ، فأخرج "غسان" أنفاسه وهو. ينظر على أثرها بهدوءٍ ثم إلتفت برأسه فوجدها تطالعه بابتسامه صغيره ، نظر لها بصمتٍ ثم هتف بنبره متساءله :
_" قولتيلي بقا مين اللي عبيط ؟"
_" قلبك إسود أوي يبن البدري ! ، روح يلا نادي عليهم وجيب وسام تفك عن نفسها شويه ! "
نظر لها "غسان" بهدوء ثم هز رأسه بخفوتٍ حتى تحرك يفتح الباب تزامناً مع قوله :
_" هانت !"
وما أن قالها أغلق الباب خلفه بهدوءٍ وهو يتوجه ناحية شقته ليخبرهم بٱخر الأخبار وبالأخرى يجمعهم ببهجه في شقة "سُميه" ..!!
___________________________________________
تركهما "حازم" منذ فتره كي يعود إلى شقة والدة زوجته ، فقد حدث "عز" بأنه يثق به مما تركهما مع بعضهما ومعهما "فرح" ، لن يكن الذهاب سوى لناحية واحد فقط ، في المستشفي حيث غرفة "والدة عز" "حنان" ، التي جلست تنظر بسعاده بعد أن رحبت بـ "جميله" ترحيب شديد ، جلس "عز" ينظر بابتسامه واسعه على إنسجامها مع والدته في الحديث وكذلك شقيقته ، تنهد يخرج أتفاسـه وفي يديه الهاتف الذي كان عليه عدد من الإتصالات القله للمباركه وخاصةً زوجة خاله ، سمع هو صوت "فرح" التي نبست بنبره مرحه هادئه :
_" جميله إنتِ خدتي عز الرجال ودي لحظة إدراك بجد !"
ضحكت "جميله" بخفه ومن ثم حركت أنظارها خفيه علي وجهه فوجدته يبتسم باتساعٍ ومن ثم ضحك هو عالياً عندما وجد والدته تتحدث لتجيبها هي:
_" صحيح هو عز الرجال ، بس خد بردو جميلة الجميلات يا فرح !"
إبتسمت لها "جميله" باتساعٍ فوجدتها تربت على يديها بحنانٍ وهي تقول مجدداً :
_" قلبي مطمن الوقتي لما قلب عز إرتاح بيكِ يا جميله ، هو مش هيقولك متكسرنيش بس أنا اللي بقولك قدامهم إبني ده راجل وميستاهلش غير الحلو فحياته وبس زيك كده !"
نظرت لها "جميله " بسعاده ثم أجابتها بحنوٍ وهي توزع أنظارها :
_" حضرتك مش محتاجه تقوليلي كده ، أنا بحبكم كلكم كأنكم عيلتي التانيه دلوقتي !"
_" بتحبينا كلنا بجد !"
قالها "عز" بمرح هادئ ، فنظرت هي له بخجلٍ ، بينما نظرت له والدته ضاحكه من فهمها لما قاله ، أما "فرح" فـ رددت تجيب شقيقها :
_" أيوه يا عز ، طبعاً بتحبنا كلنا إنت بتقول ايه !!"
_" إنتِ أدرى يا فرح والله "
قالتها "جميله " من بين ضحكاتها ومن ثم نهض "عز" تزامناً مع ضحكاته الهادئه مع قوله :
_" طيب يلا هروحك عشان حازم موصيني ،.. عاوزين حاجه ؟"
قال ٱخر حديثه لوالدته وشقيقته فهزوا رأسهما بالنفي ، ومن بعدها ودعتهم "جميله " بالأحضان ثم وجدته يخرج من باب الغرفه ومن ثم تبعته هي وهي تغلقها خلفها ، وجدته يشير لها بالسير جانبه ، حتى سارا الإثنان بجانب بعضهما ، بدأ هو الحديث الذي فاجئها بإهتماهه وحرصه عندما قال :
_" جميله أنا عاوزك تركزي فـ مذاكرتك ودراستك ، محتاجك تكوني ناجحه وأحسن واحده ولو عليا فـ أن شاء الله هحاول أوفق بين دراستك ومقابلاتي وكلامي معاكي على قد ما أقدر ، بس مش عاوزك تفكري فـ حاجه غير مستقبلك ، والوقت اللي تحسي فيه إنك جاهزه لخطوة الجواز متتردديش تيجي تقوليلي ، أنا معنديش مشكله أستناكي العمر كله مش لما تخلصي تعليم بس ، فـ وجودك معايا أوعدك إنه مش هيأثر عليكي وهحاول أعمل ده بكل الطرق ، فهماني ؟"
هزت رأسها بتأثرٍ وهي توجه نظراتها نحو عينيه اللامعه بحبه الصادق ، لم ترى هي مدى حنو هذه الكلمات من قبل ، حتى حديثه ونظره عينيه وشغفه الظاهر بها وصل لها وبقوه عن قبل ، الٱن لم يتحاشى النظر لها ، لم يخجل من الحديث معها وبالأخص كمثل ذلك الحديث ، انتهت بهزة رأس ولم تستطع أن تجيبه سوى عندما أخذت أنفاسها بعد وقت ، تزامناً مع خروجهما الٱن من المستشفي بأكملها ، وجهت نظراتها له وهي تقف بجانبه على الطريق ثم نبست على فجأه بعد أن جمعت الحديث الذي كان يقف هو صامت يستشعر إستطاعتها في ارداف الحديث ، حتى ابتسم عندما وجدها تنظر له قائله بنظرة عين صادقه :
_" إنتَ طيب وحنين أوي يا عز ، بتمنى تفضل كده معايا علطول ومش عاوزه منك غير كده !"
_"ينفع أقولك حاجه ؟"
أردفها بإندفاعٍ وهو يبتسم باتساعٍ ، طريقته التلقائيه جعلتها تضحك بخفه وهي تهز رأسها بحماسٍ ، فنظر هو على لون ردائها قائلاً بصدقٍ يعترف لها :
_" إنتِ بتبقي حلوه أوي فـ الأبيض اللي مبيقاش حلو على أغلب الناس ، مشوفتش حد حلو كده في لبس أبيض زيك ! ، ممكن تقوليلي سر الخلطه ؟"
خجلت بشده من حديثه رغم أنه يردفه بهدوءٍ وليس عبث !! ، نظرت له متساءله وهي تردد من بين ضحكاتها الخجوله:
_" خلطة إيـه ؟"
_"خلطة جمالك وجمال ملامحك وتفاصيلك الهاديه اللي شدتني ليكي بكل لهفه ، عاوز أعرف سر خلطة إنهم لما سموا الإسم سموه إزاي بالمصداقية دي !"
يقصد اسمها ؟! ، ما هذا الخجل التي وضعت به هي الٱن لأول مره ترى أحدهما يتغزل بملامحها بل والصدق في حديثه ظهر بشده ، ضحكت وهي تحرك رأسها بحرجٍ فوجدته يشير لها بأن تركب سيارة الأجره التي وقفت لهما ومن ثم ركب هو الٱخر بعدها ، أعطى السائق العنوان ، ومن ثم نظر لها فوجدها تنظر من النافذه بشرودٍ ، تنحنح يجلى حنجرته وهو يقول بلطفٍ :
_" لو عليا كنت عاوز أقعدك معايا أكتر بس حازم والقوانين تحكم عني بردك ، مبسوطـه ؟"
يسألها بلطفٍ كونها هادئه ساكنه ردة فعلها تجعله يشعر بالهدوء الشديد بعلاقتهما ، يتعجل كي تأخذ عليه ؟! أم أنها بها ما يكفي بداخلها والذي جعلها لا تتأثر بسهوله ! ، تشبتت بنظراتها لتنظر لعينيه التي تطالع عينيها بسكون ثم رددت بهدوءٍ وابتسامتها تزين وجهها الأبيض :
_" مبسوطه أوي ، كمان دي بقت فـ ايدي فـ كل ما هحس إني مش مبسوطه هبص ليها يا عز "
قالتها وهي تشير على خاتم الخطبه "الدبله" ، نظر لها بتعجبٍ من حديثها الذي يخرج بالتدريج ، تيقن بأنه لا يحتاج إلا لبعضِ الوقت وفقط كي تنسجم ويذهب خجلها ولو ذره بالشئ ، ضحك بخفه ثم حرك أنظاره على الأخرى الذي يرتديها هو ، ود لو يعانق كفه يديها ولكنه لا يجرؤ علي فعلها من تلقاء نفسه ، لا يستطيع فعلها كونه يفعل حدود إلى الٱن ، طباعه ليست متماشيه وبشده مع جيله ، فقد ما فعله يظهر وبشده بأنه سبق عمره بمراحل من كفاحه وجهاده لقدرته علي المحاوله كي يعيش هو ووالدته وشقيقته بسلام ، بل والٱن سيحاول بأن يعوضها رغم جهله لأمور كثيره ، همهم هو يوقف السائق عندما وقفت السياره أمام المبني فقد مر وقت قليل وهو شارد وكذلك هي الأخرى كانت شارده ، هبطت هي بهدوءٍ ثم وقفت تنتظره وهو يقف يعطي السائق الأموال إلى أن رحلت السياره، توجه يقف أمامها ثم قال بنبره لينه وهو يعدل قميصه الذي إنكمش من إنحناءه منذ قليل :
_" زي ما إتفقت معاكي ، متفكريش فـ أي حاجه ، اطلعي يلا وأنا هبقي أكلمك ، محتاجه حاجه؟"
ابتسمت له باتساعٍ ثم إجابته بهدوءٍ :
_" مش هينفع تمشي وإنت موجود عند البيت ، اطلع أقعد شويه !"
نظر لها بهدوءٍ وهو يجيبها ولم يغفل عن إهتمامها المخفي ، أما هما فلم يكونا بمفردهما ، كانت هناك النظرات التي تتابع بشراسـه الوضع ، بل وفهم من بجانبه ما يحدث ، تحرك "حسن " فأمسكته يد "شريف" بقوله المحذر الجاد :
_" رايــح فين يا متخلـف ،هتبوظ اللي بنقف علشانه ، أصبر !"
_" ملكش فيــه دلوقتي ، إنت مش فاهم حاجه ، الأستاذه اللي هناك دي أختي وكل ساعه جيبالي راجل قدام البيت ، سيبني أربيها وأربي اللي معاها دا كمان ؛ إبــعد بقولك !"
أبله ، تفور دمائه بالطريقه واللحظة والموقف الخطأ ، تملص من يد "شريف" رغماً عنه حتى أن الٱخر تركه يتوجه لشقيقه الذي يعلم هو بأنه لم يتركه إن فعل شئ ، والأهم بأن قوة "حسن" الجسمانية ضعيفه !!
_" قلـة ربايــتك دي ملــهــاش حـــل ولا إيــــه؟ ميـــن ده يا بـــت إنطقي !"
قالها "حسن" وهو يتوجه بخطواتٍ سريعه ليقف أمامها والغضب قد ظهر على ملامحه ، علم "عز" بأنه شقيقها فقد يعلم هو من قبل ، ولكنه نظر بذهولٍ لما قاله ، والأخرى تنظر برهبه من الأتي وعقلها لم يستوعب بأن تلك اللحظه يمكنها بأن تأتي أو أتت بالفعل. ! ، رفع "عز" يديه يدفع "حسن" برفق عن "جميله" والذي حاول بأن يسحبها بغضبٍ لركن بعيد كي ينفرد بـ "عز"
_" إنت بتعمل إيـه ؟"
_" إنتَ اللي بتعمل إيه مع أختي ووصلالك البجاحه تقف معاها عند بيتها ، إنتَ عبيط ياض؟"
كادت "جميله " أن تتحدث ، فأشار لها "عز" قائلاً بهدوء مميت:
_" اطلعي يا جميله علي فوق !"
تضاعف إنفعال "حسن" من كونه يتجاهله بل ويأمرها وهو الذي شقيقها ولم يفعل ذلك ، انسحبت "جميله " بتردد ، فوجدت يد "حسن" تمسك معصمها بقوه تزامناً مع قوله المرتفع له :
_" تـُروح فين يا حيلة أمك ؟ مين إنتَ عشان تأمرها كده "
قالها وهو يترك يد "جميله " ثم توجه بحركة يد سوقيه يهز رأس "عز" مع كلماته بجرأه ، رفع "عز" ذراعه ثم أمسك يد "حسن " بقوه وهو يضغط عليها مردداً بنبره حاده :
_" خطيبها يا حيلة أمك إنتَ ، وإيدك عشان متتقطعش !"
_" هو إيه اللي خطيبها .. ده إنت حلو وبتتكلم ، طب تعالي بقا "
وما أن قالها"حسن" رفع يديه يلكم من أمامه بوجهه فأمسكته يد "عز" ومن ثم رفع ساقه يضرب منتصف ساق الأخر حتى انحنى أمامه لعدم قدرته علي الوقف بسبب ضربته ، نظر له "عز" بإشمئزازٍ وهو يردد :
_" أقل حاجه مني ليك ، ما أنت مفكش حته سليمه ، بس ملحوقه !"
لم يفعل سوي ذلك ولم يريد بأن يفتعل مشاكل وهو في بداية خطبته ، لطالما هو الذي وُصِف بالعقل ، أشار لـ "جميله " بأن تصعد عندما قال بلهجه ٱمره :
_"اطلعي وبلاش تعرفي حد ، يـــلا "
أومأت له بطاعه وهي تحرك نظراتها علي شقيقها الذي تحامل على نفسه ليقف من جديد ، ثم إلتفتت تصعد ، أما "عز" فنبس بنبره مُحذره يخفي بها إنفعاله الذي ما أن يخرج لا يتسطيع هو بأن يهدئه :
_" لو عرفت إنك مديت ايدك عليها هتزعل مني زعل محدش زعله قبل كده ، وأنا خطبت أختك واختك الوقتي خطيبتي وفي بينا حاجه رسمي وقريب هتبقى مراتي ، وحوار إني سكتلك ده ميغركش أنا لما بقوم بقوم ومبيبقاش فيها نومه بعدها ، أنا ميكانيكي يعني عارف وشايف الناس وخابزهم ومعدي عليا اللي معداش على حد ، أقلها حاجه عندي فالورشه تقطع رقبتك لو حاولت تمسها بسوء ، ســــامع ؟"
لهجته في قول حديثه لم تخرج بهذه السهوله حتي أنه يستوعب تدريجياً مدي خوفه وإهتمامه بها هي وحدها ، بل ويعلم هو عن "حسن" ودنائته عندما كان يتوجه لشقيقته بسوءٍ أو ضرب أو حديث فلم تكن لها سوى "فرح" تبوح لها عن ما تشعر به ، ولم تكن تعابير "فرح" بالحزن عن صديقتها مخفيه بل كان يجلس معها هو ويجعلها تبوح بما لا يروق لمزاجها السئ بسبب حزنها علي صديقتها المقربه ! ، طالعه "حسن" بكرهٍ وقبل أن يجيبه وجده يتحرك من أمامه غير عابئ هو برد الٱخر بل رمي حديثه عليه ومن ثم إختفي من أمامه ، عدل من ملابسه بتأوي وهو يتوجه داخل المبني غير مهتماً لوجود أنظار "شريف" الذي كان يتابع الوضع وما أن رٱه يتحرك للداخل علم بأن الخطه لم تُنفذ اليوم ، فتحرك هو الٱخر ليرحل !!
_____________________________________
توجه الجميع ليجلس بـ شقة "سُميه" ، من "حامد" وزوجته وأولاده وحتى "شادي" ، وبالأخر "حازم" الذي عاد من الخارج قبل وقت قليل ، ومن ثم "عايده" التي جاءت لهم بسبب نداء "سُميه" ، تعالت "الزغاريط" الٱن وبقوه حتى أن باب الشقه كان مفتوح ، صوتهم في البهجه وصل لمن لا يسمعهم ، الصاله الكبيره الواسعه أخذت من الأشخاص الجالسين الكثير ، تعالت زغروطة "وسام" مره أخرى عالياً. ، فأشار لها البعض بالإعجابٍ ، كل تاره والأخرى تحتضن "دلال" "سُميه" بتأثرٍ بل وعلمت هي بأن حالتها الصحيه ليست جيده وتحتاج لعمليه جراحيه!! ، برعت في إخفاء خوفها عليها وتماشت مع الوضع بالسعاده والأحضان ، سمعت صوت "حامد" وهو يقول عالياً ببهجه :
_" ألف ألف مبـــروك يا جماعه عقبال أولادكم !"
رد الجميع عليه بسعاده ، في حين كانت تجلس "جميله" بتوتر رغم فرحتها ، منذ أن صعدت وسمعت الأصوات قبل قليلٍ ، لم تكن النظرات الموجهه له هو تحديداً سوى منها هي "نيروز"، التي نظرت له بسعاده وبالأخرى الخوف التي برعت في إخفاءه ولكنها تعاهدت بأن لا تترك له الفرصه كي تشعر به بكثره ، نظرت إليه بابتسامتها الصغيره وهو منشغل بالحديث مع "شادي" و"بسام" و"حازم" ، بينما كان "بدر" يجلس يداعب صغيره متحاشياً الحديث المباشر مع "غسان" ، كانت تتحرك أنظار "غسان" بعفويه عليهم وهو منشغل وما أن لمحها تنظر إليه بشرودٍ غمز لها بطرف عينيه حيث كانت تجلس هي بعيداً عنه بجانب "وسام" التي فعلت زغروطه أخرى عاليه من سعادتها البالغه ، ضحك الجميع عليها ومن ثم إعتلت زغروطة "ورده" هي الأخرى ببهجه ، لم يسمعهم سوى "حسن" الذي خرج من المصعد وأول ما إنتبه له هو علو أصواتهم و وصوت" الزغاريط" العاليه ، ومن ثم إنتبه هو لفتح شقة "زينات" التي خرجت تنظر بفضولٍ وما أن رأت ولدها ينظر شهقت شهقه عاليه وهي تتوجه له بلهفه لتحتضنه وهي تهتف بإسمه :
_"حسـن !"
دخلت بين أحضانه بلهفة أُمومه ، أما هو فبادلها الأحضا ن بفتورٍ ، نظرت هي على جروحه من رأسه وحامل ذراعه وقبل أن تسأله، وجدته يسألها بنبره جاده :
_" هو فـي إيـه بيحصل جوه ؟"
حركت رأسها بجهلٍ منتظره وبقوه لحظة اندفاعه ، لن تحتاج هي بأن تشعله فقط هو سيشعل أعصابه بنفسه ، وبالفعل ابتسمت بإنتصار رغم جهلها وهي تراه يتوجه ليقتحم الشقه دون إذن بل دخل مباشرةً إلي الداخل ، أما هم فتوقفت الضحكات والحديث وحتي الزغاريط وكل منهم يطالع الواقف وبجانبه والدته بمفاجأه ، وقف الجميع على مره واحده بينما لم يقف "غسان" الذي ما أن رآه تشفي به وبقوه من جرح رأسه وذراعه وحتى وقفته التي ظهرت لهم بأنه لم يقوى حتى على الوقوف ، لم يقف "غسان" إلا بعدهم ببطئ ثم نظر لها هي ، حتي وجد ملامحها الخائفه تحاول بأن تخفيها كي لا يراها "حسن" الواقف ، أول من تحدث كان "حازم" الذي توجه يقف أمامه مردداً بنبره جاده :
_" إيه اللي جابك يا حسن ؟ عاوز إيـه تاني ؟"
لم يتأثر "حازم" بما يظهر علي شقيقه ، بل فهم الوضع سريعاً وفهم من يمكنه بأن يفعل به ذلك ، حتى تحركت أنظاره ناحية "غسان" الذي كان ينظر بصمتٍ والذي توجه أيضاً. ليقف بجانب "نيروز" ،. نظر له "حسن" بإستهزاءٍ وقبل أن يتحدث ، تحدثت "سميه" هذه المره بنبره جاده :
_" امشي ياحسن من بيتي أنا مش عاوزه مشاكل !"
تطرده ؟! ، نظر لها بغيظٍ داخلي ثم قال بنبره حاده :
_" بتطرديني ؟ بعد ما كان أنا اللي المفروض أكون جوز بنتك ؟ ، بقيتي عليا ده.. اللي جاب بلطجيه يعلموا عليا !"
إلتفتت رأس"نيروز" بصدمه لـ "غسان" الذي توجه ليقف أمامه رغم أنظار البعض التي تفاجئت بما قاله عن "غسان "، نظر له بصمتٍ ومن ثم قال له بنبره هادئه وبشده :
_" مش شايف نفسك جاي تتكلم بعشم أوي ! ، أول حاجه جيت تقول إن مراتي كانت المفروض تبقي مراتك إنت مش أنا ، وأنا راجل مقولكش بغير أوي يا حسن فـ أعمل فيك إيه تاني بعد اللي أنا عملته وإنت كل أركانك بايظه !"
صمت "غسان" عقب قوله ثم رفع يديه باستسلام للجميع هو يردد بتهكمٍ يقول اعترافه:
_" ايوه يـا جماعه أنا فعلاً اللي عملت فيه كده بناقص نقطه صغيره أوي.. إن أنا اللي كنت البلطجيه اللي علموا عليـه !"
قالها "غسان" بإستهزاءٍ في حين ترقب الجميع الوضع ، لم يتحدث بعدها سوى "زينات" التي إستشاطت غيظاً وهي تقول :
_" وكمان بتزغرطوا ، بتزغرطوا على إيه علي عمركم ؟!"
حديثها كان ساخر في حين طالع "غسان" "حسن". بكرهٍ ثم رفع يديه بمنتهى الهدوء يمكسه من تلابيبه وهو يقربه منه بتهكمٍ وهو يقول :
_" متجيبش سيرة مراتي علي لسانك القذر ده ، نيروز مراتي وهتبقي فعلاً مراتي يعني عينك لو راحت نحيتها ولا حتى لسانك بكلمه هزعلك أكتر ما زعلت مني قبل كده يا بو علي !!"
وما أن إنتهى نفض يديه بإشمئزاز وهو يدفعه بهدوء بعيداً عنه ، لم يتحرك "حامد" ولا "بدر" كون الحوار كان هادئ جاد وبشده !! ، عكس الحديث وطبيعته ! ، تحدث "حازم" بحزمٍ وهو يشير لهما قائلاً :
_" إطلع يلا إنت وأمك بالذوق ، يــلا مش ناقصه هي مشاكل !!"
نفذ صبره ؟ أم خوف من الأتي ؟ طالع "حسن" شقيقه و"غسان" بحقدٍ ثم توجه بنظراته ناحية "نيروز " التي وقفت تنظر بترقب للوضع ، ثم نبس بنبره مستهزءه يوجه حديثه لها :
_" بتختاري واحد الموت قرب منه هو واللي منه ؟! متزعلوش بقا لما تشوفوا اللي هيحصل !!"
إبتلعت "نيروز " ريقها ، بينما حدجها "غسان" بجديه كي تجيبه على حديثه ولا تترك لخوفها فرصه ، حاولت أن تبقي ثابته في ردها الجامد حينما قالت:
_" ملكش دعوه بيا ، إمشي إطلع برا ولو جيت جنب أي حد ساعتها مش هتلاقي غيري وأنا وقفالك أنا قبلهم كلهم يا حسن !"
نظر لها بسخريه حتى أنه يعلم بأن داخلها مهزوز ، أمسكه "غسان" من تلابيبه مره أخرى عندما إنتظر ردها وفعلت ما يودها بأن تفعله ، هتف هو هذه المره يجيبه علي حديثه الأول :
_" هات أخرك يا ناقص ، لو شوفت منك ذرة شر واحده لأي حد هنا ، ساعتها محدش هيرحمك من تحت إيدي ،... بــــرا !!"
أمسك"حسن" يد "غسان" وهو يهبطها من عليه بتقزز فعله ببراعه بملامح وجهه ثم ، نظر له وهو يهتف بشررٍ مخفي وظاهر بنفس ذات الوقت :
_" هنشوف !"
توجهت "ياسمين" بإندفاعٍ بعد أن نفذ صبرها ثم فتحت الباب أكثر وأكثر وهي تشير مره أخرى بقولها المتبجح :
_" يلا بـــرا مبتسمعوش !!"
نظرت لها "زينات" بحقدٍ. ثم رفعت أنظارها من أعلاها لأسفلها ، فدفعتها "ياسمين" بيديها كي تخرج بجرأه ، إلى أن خرجت بالفعل خارج الشقه ، أما "حسن" فوقت يوزع الأنظار عليهم جميعاً بصمت ، علم بأنه إذا دخل بمنافسه وعراك الٱن سيخسر ، ثبت نظراته علي "جميله " التي تطالعه بكرهٍ ظهر في نظراتها له وترقب لما سيحدث أو يحدث ، رسم على وجهه ابتسامه ساخره ثم قال لها هي الأخرى من ضمن الحديث :
_" مقرطسه أخوكي إنتِ كمان ومفهماهم إنك شريفـه !"
نظر "بسام" و"شادي" له بنفاذ صبر من وقاحته ، بينما قبل أن يتحدث أحد من الرجال وجد صفعة على وجهه من "حازم" الذي تشنجت ملامح وجه بقوله المنفعل :
_" دي أختك يا زباله ، يعني أشرف منك ومن عشره زيك يا واطي !"
قالها وهو يهزه ، فدفعه"حسن" عنه بشررٍ ثم ابتسم بسماجه يردد هو الٱخر باندفاعٍ وهو ينظر :
_" ما صحيح هتجيبه منين طول ما هي لزقالي فـ قليلة الربايه والأصل نيروز !"
نظرت "ياسمين" له بتقزز وقبل أن ترفع يديها عليه حدجها كل من "حازم " و"سميه" بتحذير ، الٱن يوجد من بيديه أخذ الحق ، حدة الشباب ؟! ،، لم يتحمل "غسان" أكثر من ذلك بل دفعه بقوه يحاصره وهو يسنده علي الحائط حتى تأوي من ضرر عظام ظهره ثم أمسك خُصلاته بقوه وهو يهبط رأسه تزامناً مع ضربته له في معدته مع حديثـه المنفعل الصارخ :
_" بتعـيــب فــ مراتي قدامي يا نـــاقص !"
لم يتحرك "بسام" إنش واحد ولا حتي "بدر" و"شادي" تركوه يفعل به ما يستحقه وحتى "حامد" ، أما "دلال" فنظرت بخوفٍ هي و"نيروز" التي إندفعت بسرعه تفصل "غسان" عنه وهي تقول :
_" كفـــايه، إبـــعـــد .."
قالتها وكل ما يجول بعقلها هو تهديد "حسن" الذي أربكها من قليل بل والذي ضغط علي نقطة ضعفها التي تهابها منه !! ، نظر لها "غسان" بإنفعالٍ وهو يبتعد تدريجياً عنه حتى خرج "حسن" سريعاً بعد أن سحبته والدته تسنده إلى شقتها ، تزامناً مع صراخ "غسان" لها أمام الجميع :
_" بتـــدافـــعـــي عنه ليـــــه ؟ صعبــــان عليكـي أوي !!"
نبرته المنفعله كان صوتها عالياً وبقوه ، حتى إنتفضت "وسام" التي رأت تعابير الإنفعال شديده علي وجهه ، أما "ياسمين" فنظرت بتيهه من كل ما حدث وهي تغلق الباب بعد أن أشار لها زوجها بأن تغلقه ، وقف "حامد" يتابع ما يفعله ولده ، ومن ثم توجه "بسام" وحده فقط يمسك ذراع شقيقه يبعده عن "نيروز". فلم يستجيب هو بل ظل ينظر عليها وهي تصرخ بوجهه هي الأخرى تعترف :
_" إنـــتَ اللـــي صعبـــان عليــا إفــهمنــي بـقـــا ، إيـــه مشفتوش وهو بيهددك وبيهددنا ، طايح فيه ومش عـــارف هو ممكن يعمل إيـــــه !! "
تصرخ بوجهه هي الأخرى دون أن تفعل حساب لمن حولها مثله ؟! ، سحبت "ورده" يد والدتها رغماً عنها وهي تبعدها عن كل ذلك ورغم تشتت "سميه" إلا أنها توجهت عندما وجدت "بدر" يسندها هي الأخري إلي الداخل بعيداً عن جو التوتر المشحون !! ، وقف "شادي" ينظر لـ "حامد" الذي وقف بصمت وهو ينظر علي إبتسامة "غسان" الساخره عندما هتف بنبره مستهزءه لها أمام الجميع:
_" بـــردو لســـه خيفالي مــنــه !! ، وأنا صـعبــان عليكـي ؟ واخـــدك غصــب عنـك أنا ولا إيه ! "
حركت "نيروز" رأسها وهي تكتم دموع عينيها الخائبه من كل ما يحدث ، وقف "حازم" بجانب "ياسمين" في حين هتف "حامد" أخيراً يتحدث لهم :
_" إمشـي يا غسـان من هنا الوقتي !"
إلتفت برأسه ينظر إلى والده باستنكارٍ ، حتى أن "حامد" نبسها بنبره هادئه ، أشار هو لـ "بسام" بأن يفتح الباب يسحبه معه بعيداً عنها لطالما خرج إنفعاله أمام الجميع عليها وإن حدث بقوله لشئ لها جارح أمامهم لم يصبح الوضع جيد ! ، نفض "غسان" يد شقيقه ثم نظر لها وهو يخرج ما يخفيه بداخله وكأن فاض به الكيل من فكرة رؤيتها خائفه بل وظهرت بذلك أمام الجميع وكيف وضعه ؟!
_" إنتِ جبــانه يا نيــروز ، ومشوفتش فـ حياتي أجبن منك !"
_" قولتلــــــك إمشــــي من هـــــنـــا !"
صراخ ؟ بل ومن حامد الذي لم يخرج صراخه إلا في القليل ، يصرخ عليه أمام الجميع ؟! ، عندما شعرت بإحراجه الشديد ووضعه بمثل ذلك الموقف رغم صراخها عليه هي الأخرى ، حركت عينيها بالنفي لوالده وله ثم رفعت يديها تتمسك بيديه كي لا ينفرد بنفسه رغم غضبها وحزنها منه ، وفي لحظة الضياع لم ولن تتخلي عنه لحظه مهما فعل ، أما هو ماذا فعل ؟ ترك يديها وهو ينفضها حتى هتف بقوله الجاف لها أمامهم :
_" إبـــعدي عني ! "
ترك يديها ثم نظر إلى والده بلومٍ داخلي ، رغم صحة حديثه ولكن لم يقدر هو خوفها ولم يفعل حاجز بل حدثها في انفعاله أمام الجميع !! ، فتح باب الشقه ثم خرج منه كادت هي إن تتبعه فأشار لها "حامد" بحزمٍ وهو يأمرها وكأنها هي إبنته وليس هو :
_" خليكـي متــروحيش وراه !!"
نظرت له بتشتت بينما فهم "حازم" بأن الأمر يجب أن يكون خاص ، أمسك يد "ياسمين" يسحبها خلفه لخارج الشقه وهو يشير لوالدته بأن تأتي حتى جاءت بالفعل ومعها شقيقته ، بينما فتح الشقه وأدخلهن ثم عاد لهم من جديد ، كل ذلك وهي تقف ودموعها قد هبطتت بينما نظرت هي بإطمئنان عندما لاحقه شقيقه التوأم ، أما "دلال" فنظرت إلى "حامد" بلومٍ أمام "بدر" الذي خرج لهم وترك زوجته بالداخل مع والدتها ، تحركت. تخرج من الشقه ولم تنظر لها بسبب حزنها على ولدها بل توجهت بصمت لتدخل شقتها ، فأشار "حامد" لـ "وسام" بأن تذهب لوالدتها ، بقى "حازم وشادي وبدر" ، "ونيروز" التي جلست تكتم دموعها بصمتٍ حتى هبطت منها ، أخذ "بدر" "شادي " يدخل الشرفه بالصاله عندما وقف ينظر على إنتظار "حامد" لهم بأن يرحلو ،. وقبل أن يتحرك "حازم" نبس بنبره هادئه متأسفه :
_" المفروض إن أخويا هو السبب ومحدش هيتأسف عن اللي حصل غيري ، بس أنا هسيبك الوقتي يا نيروز تفكري وتهدي. مع نفسك !"
وبعد أن قالها وجه نظراته لـ "حامد" الذي فهم ما يود قوله له ثم سمع هو صوت إغلاق باب الشقه ، توجه "حامد" يجلس بجانبها ثم رفع يديه يرفع وجهها له وهو يقول :
_" إنتِ غلطانه وهو غلطان أكتر منك كمان ، أنا لما قولتلك إن صبره بيخلص بعد حاجه إستحملها مكناش بتكلم وخلاص ، لو هتقفي على ابني غسان على الواحده فمش هتنفعوا لبعض أبداً ، البدايه كانت منه بس مكنش هيموته فـ ايده ، لأن حسن مكنش فيه حته سليمه ، واللي قاله ميتسكتش عليه ، عارف إنك خايفه علي ابني ومقلقه بس هو قالك قبل كده أنا بتعب يا نيروز وأنا بشوقك خايفه ، أه كان غلط كبير منكم إن أول مشكله طلع صوته وكنت أنا الموجود ومردتش أدخل عشان المشاكل اللي بينكم محدش يدخل فيها ولا ينفع ده ، تقوموا المرادي فاضحين نفسكم قدام الكل ؟ ، لو هقولك مين اللي بدأ يزعق ويختبر صبر التاني فـ هو إنتِ ، أما هو فـ عمل حاجه أنا طول عمري بحاول معلمهاش وإربيهم علي كده ، إن الراجل ميعليش صوته علي مراته قدام حد مهما كان ! ، المشاكل قدام الكل واللي بيدخل فيها اكتر من طرف غير الزوج والزوجه بتبوظ العلاقه ! احنا كنا فـ ايه ولا فـ ايه ، دا انتِ كنتي ماشيه بكره تروحي تشوفي معاه فستان فرحك وحجز قاعتكم ، يرضي مين ده ؟"
تاره يهدهدها وتاره أخرى يعاتبها كونها رفعت صوتها عليه الأخرى وفصلته عن ابن عمها بالقوه وهي تعنفه بالطريقه الخاطئه ومن ثم انفعل هو من إسلوبها ، بل كان يدافع عنها من الأساس ! تستوعب هي فيما بعد ؟ بل وبعد أن قالها لها صراحةً بأنها "جبانه ؟" ، هزت رأسها بصمتٍ فرفع هو ذراعيه يحتويها ، أمام نظرات "سميه" التي إستمعت للحديث و"ورده" ، هتفت "سميه" وهي تتوجه بخطواتٍ هادئه تتحدث لهما قائله :
_" قولت كل اللي المفروض يتقال ، أنا لما قولتله موافقه على الفرح ويكون بسرعه مش هنتأخر فيه ، عرفت إنه هيحافظ عليها ، والوقتي لما دافع عنها عشان كلمه قالها حسن ، متتردش لحظه فـ كده ، بس إبنك ميرفعش صوته علي بنتي قدام الناس ويقولها إنتِ جبانه ، ميرضينيش ده وعارفه إنها لحظة غضب بس أنا سامعه كل حرف إتقال ، أنا بنتي مش هترتاح ألا بوجود غسان معاها وهو كمان ، بس إننا ندخل لمشاكل بينهم بتصعب علينا حاجات عاوزينها نتعمل ، المفروض مين يراضي مين دلوقتي وإبنك شتمها وعارفه إنها غلطانه لما رفعت صوتها علي جوزها ، بيعصبوا الوضع. ليه!"
عتاب وإعتراف بٱن واحد ،. تفهم "حامد" الوضع حتي نهض يشير لها بأن تجلس تزامناً مع قوله المطمئن :
_" كلامك على راسي يا مدام سُميه بس ابني مش عبيط ابني واعي وعاقل وعارف هو بيعمل إيه ، وراجل عشان مقبلش علي مراته نص كلمه ، وأديكي قولتي محدش يدخل بينهم مادام الوضع كده ، ولو مين هيراضي التاني فـ بنتك غلطانه زي ما غسان غلطان ، وكل واحد طريقته مكانتش كويسه بالنسبه للتاني ، احنا نسيبهم يتصرفوا مع بعض ، وروقي إنتِ !"
قالها بهدوءٍ لم يخلو من مدافعته عن ولده الذي يعلم بأنه أخطأ مما كان الخطأ في بدايته من الأخرى ، أومأت له "سميه" بابتسامه هادئه ولم تقوى علي إرداف حديث أكثر بل تفهمت هي وجهة نظره ، حتى قررت بأن لا تتدخل كي يمر الوضع ، أيدتهم "ورده" بنظراتها ، فهتف "حامد" يتحدث :
_" عن إذنكم ، محتاجين حاجه ؟"
ابتسمت له "سميه". بامتنان هي و "ورده" التي أشارت لـ "نيروز" بالنهوض ، فنهضت تتحدث قائله :
_" إستنى يا عمو هاجي معاك !"
ستذهب هي له !! ، بعد أن سبها ؟ حدجتها "سميه" بغرابه ، فابتسم "حامد" بقوله لها :
_". هتيجي وهو اللي قالك جبانه وعلى صوته عليكي ؟ "
_"لا هتيجي عشان هي اللي بدأت وزعقت الأول فيه قدام الكل وحطته فموقف بايخ لما حضرتك طردته ، مش كده يا نيروز !"
قالتها "ورده" سريعاً كي تهدأ الوضع ، تحركت نظرات "سميه" الحاده صوب "ورده" التي شجعتها كي تسير خلف "حامد" الذي خرج من باب الشقه ، وبعد خروجهما ، هتفت "سميه" بحده تقول :
_" إنتِ إيه اللي إنتِ عملتيه ده ؟ أختك هي اللي تروحله !"
_" ماما إنتِ مش فاهمه ولا واعيه إن غسان كان بيدافع عنها ؟ ، وهي اللي زقته بإيدها عشان تبعده عنه وزعقت فيه ، هو أه غلطان وأوي كمان ،، بس أنا عرفت مشكلتهم اللي كانت قبل دي ، ونيروز مسكتتش رغم إن قالها كلام صح وهو اللي رجع يتأسف رغم إن بتهيألي محدش كان حاضر خناقتهم غير عمو حامد ، لما كل واحد يضحي عشان التاني مره ويحاولوا يوزنوا العلاقه هتنجح ، مش بقول تلغي كرامتها لأن أنا عارفه إن نيروز هتربيه علي اللي قاله وكويس أوي كمان بس هي إترددت بس من نحية إنها حطته فالموقف ده وزقته وزعقت فيه قدام الكل لكن إنه زعقلها وقالها انتِ جبانه عارفه إنها مش هتعديها ، وكويس إن حازم بعد ياسمين عشان عارف إنها مكنتش هتخلي الموضوع يعدي ، يعني في فرصه إن الوضع يهدي ومش عاوزين كلام كتير الفرح هيقرب أهو وانتِ فاهمه كفايه مشاكل لحد كده !"
نظرت لها "سُميه" بضياعٍ ، ثم تنفست بعمقٍ دون أن تجيبها ، أما "ورده" فنظرت لها بإطمئنان وهي تربت عليها بهدوءٍ كما أنها إختارت ذلك لحالة والدتها التي ستسوء إن تدهور الوضع أكثر !!
___________________________________________
تحرك "بسام" وهو يخرج من غرفة "غسان" الذي أغلقها خلفه ، وما أن خرج وجد الأنظار تتوجه إليـه ، تنفس بعمقٍ ثم ثبت نظراته على والده الذي نظر له باستفهامٍ ، ومن جانبه "نيروز" التي وقفت تنتظر ، خرج صوت "بسام" الهادئ وهو يقول :
_" بيلبس ونازل !"
نظرت له "دلال". بلهفه ثم قالت بإندفاعٍ :
_" رايح فين يا بسام ، ليكون هيمشي إلحقه يبني !"
_" لا مش هيمشي ولا حاجه ، نازل يتمشي بعيد عن الجو المشدود ده ، متقلقيش !"
جلست بقلة حيله علي الأريكه وهي تولول كحديث النساء بقولها:
_" كان من. ايه ده بس ياربي ، كان من إيه ندخل فالمشاكل دي من الأول ، أنا كنت حاسه ،والله قلبي كان حاسس !"
تحرك أنظار "نيروز" لها بحزنٍ فلو كانت تقصد بأن تحملها ذنب لفعلت أقل من ذلك ، أما "نيروز" فهي تشعر بأنها المشكله قبل حديثها ، نظر لها "حامد " وهو يلومها بنبره جاده :
_" انتِ بتقولي إيه يا دلال إسكتي "
_" مش هسكت يا حامد ، إنت طرده وزعقتله قدام الكل ، دا غير إنه كل شويه يا حبة قلبي يتحط تحت ضغط من كل اللي حواليه ، هسكت إزاي وأنا مش شيفاه مرتاح وكل الحِمل هو شايله من غير حِمل !"
تحركت أنظار "بسام " لوالده الذي حذره من وجود "نيروز" التي وقفت تنظر وتتابع بحزنٍ ، نظر لها "حامد " بإنفعالٍ ثم قال يعنفها :
_" لازمته إيه الكلام اللي ملوش لازمه ده ، مـ الدنيا كويسه أهي ،. إسكتي يا دلال عشان الليله دي تعدي بقا !"
ترقبت أنظار "وسام" فرفعت "دلال" نظراتها له وهي توزعها بينه وبين الأخرى حتى قالت بتبرير :
_" أنا مش قصدي بكلامي نيروز اللي واقفه دي يا حامد ، أنا أم وكل اللي طلبته إن ابني يرتاح ، مش فاهمه أنا بقول ايه غلط ، نيروز بنتي زي وسام ، بس عاوزاها تقدر وجود ابني جنبها اللي بيتعب بردو زيها !"
قالتها وبٱخر حديثها دموع ، تفهمت "نيروز" ما تشعره ، بل وللمفاجأه توجهت تحتضنها بتأثرٍ وهي تقول :
_" أنا مقدره يا طنط وخايفه عليه عشان بحبه ومش قصدي إنه يتحط فالموقف ده ولا يتعب بسببي !"
بادلتها "دلال" الأحضان وهي تهبط دموعها دون سبب موجه ، فإن كانت هي بكفه وولدها بكفه أخرى حتماً ستختار ولدها كطبيعة أي أُم ، نظر "حامد" لهما بحنوٍ تزامناً مع فتح باب الغرفه بواسطة "غسان" الذي وضع. هاتفه بجيب بنطاله ، ثم وقف ينظر لهما بصمتٍ ، وقبل أن يتحرك أمسكه "حامد" من ذراعه كي يتوقف تزامناً مع قوله :
_" نيروز جت عشان تواجهوا بعض لوحدكم من غير ما حد يدخل بينكم ، وزي ما عاتبتها هعاتبك عشان الراجل مينفعش يعلي صوته على مراته قدام حد ، بس الظاهر متكتش عليك تتعلم ده أوي ولا أنا بريبك يا غسان ، الأمور مبتتاخدش كده سامعني !"
إبتسم "غسان" بسخريه ثم قال يواجهه:
_" وده بعد إيـه بعد ما طردتني قدام الكل !"
نظر له "حامد " بحده كونه لم يتراجع إلى الٱن ، توجهت "نيروز " تقف أمامه ثم هتفت هي الأخر بتبرير ٍ :
_" غسان أنا مقصدتش أعرضك للموقف ده ، بس خوفت عليك من فكرة إنه ممكن يأذيك بعد ما قال هو ده وهددنا ، طبيعي أخاف بعد اللي قاله !"
أشار لهم "حامد" بالذهاب ، حتي يذهب كل منهم إلى غرفته كي يواجه الإثنان بعضهما بينما أمسك هو يد زوجته يتوجه بها ناحية غرفته ، تزامناً مع رد "غسان" المتساءل لها بقوله :
_" إنتِ عاوزه إيه يا نيروز؟! ، أنا مبقتش فاهمك !"
_" قولتلك إني عاوزاك كويس يا غسان وإني بحبك وبحب وجودك ، نفسي تفهم إني بخاف عليك منه ، إنت مش قادر تفهم إنك مبتعملش حاجه معاه غير إنك بتزود شره ، مش عارف إنه غدار وممكن ياخدك غدر ساعتها أنا مش هستحمل صدقني !"
لم يتفوه بأي حرف بل ظل ينظر لها باستهزاءٍ ، فرمقته هي بعدها بحده وهي تقول :
_" وكلامي ده ميمحيش غضبي منك وإنتَ بتشتمني قدام الكل إني جبانه ، أنا مش جبانه ، أنا أعرف كويس أوي أرد وأعمل الحاجه اللي عاوزاها ولو خايفه علي حسن منك كنت وافقت عليه أتجوزه من قبل ما أنت ترجع ، لكن إنت مش فاهم "
رمقها "غسان" بحده ثم نبس يحذرها بقوله لها :
_" فكري فـ كلامك قبل ما تقوليه عشان المره الجايه هتزعلي مني ، وأه انتِ جبانه يا نيروز وبتخافي وخوفك غطي علي أجبن جبان فالمنطقة هنا !"
يرمي لها حديثث جاد مستفز وحديث لم ولن يروق لها ، وجهت نظراتها المنفعله له ثم قالت توبخه بصوتٍ مرتفع :
_" إنت بردو مش فاهم ولا مقتنع بإنك هنتني قدامهم بكلمتك دي ؟ وحتى للمره التانيه عليت صوتك وزعقت جامد قدام الكل وأنا واقفه ؟ ، ملاك ومبتغلطش مش كده ! ، وأنا عاوزه أشوف إنت ممكن تزعلني إزاي و ساعتها هتعرف إني مش جبانه وأنا عارفه كويس أنا بقول إيه ، وجيت عشان أقولك حقك عليا من فكرة الموقف اللي إتحطيت فيه من باباك بسببي وإني شيلتك عن حسن بالقوه عشان عارفه إنك مكنتش هتوقف ضرب غير بالطريقه دي ومني أنا مش من حد تاني ، لكن أنا مجتش أتأسف علي الجزء اللي إنت غلطان فيه لا وكأنك بتقلب الترابيزه عليا وكمان أنا اللي هبقي غلطانه عشان إنت قولتلي جبانه وشخطت فيا قدام الناس؟! ، تبقي بتحلم والظاهر إني غلطت لما فكرت أجي أقولك حقك عليا من اللي أنا غلطت فيه !!"
تاره توبخه وتاره صوتها كان مرتفع ، نظر لها "غسان" بملامح وجهه المنفعله ثم أشار لها بعينيه وهو يتحدث بلهجه ٱمره :
_" وطي صوتك !"
_" لا مش هوطي صوتي ، موطتش إنت صوتك ليه ساعة اللي حصل ، عالاقل مفيش غريب يينا دلوقتي !!"
_"صـــوتـــك يوطــــى بقـــولك !"
رددها مجدداً بلهجه جامده ٱمره ،. رفعت يديها تشير أمام وجهه بإنفعال وهي تردف له بهجومٍ :
_" قولتلك مش هوطي صوتي ، إيه ؟ معتش عارف تقول إيه غير وطي صوتك ؟ مبتدافعش عن نفسك ليه وإنت عارف إنك غلطان فـ ده ، أنا مش هسمحلك تقلب الترابيزه عليا ، ســامع !"
تأدبه ، نفذ صبره عليها بسبب طريقتها الغير محببه بالنسبه له ، أمسك معصمها بقوه التي تشير بيديها به ثم ضغط عليه قائلاً بغضبٍ يكتمه كي لا يخرج بقوه عليها :
_" لما أقــولك توطي صوتك توطيــه ، عيل صغير قدامك عشـان تأدبيني ؟ أنا قولتلك إني مش غلطان عشان طريقتك دي ؟؟ قولتلك إني مش ٱسف ؟ إديتيني فرصـه ولا إنتِ اللي نازله كلام بإسلوبك وطريقتك اللي مش ظابطه معايا دي !! ، عليت صوتي الوقتي عليكي وإنتي واقفه تزعقي فيـا بمنتهىٰ البجاحه ؟ ...ما تنطـــقي ؟سكـــتي ليــــه !"
تأوت من مسكته لمعصمها بقوه حتى حاولت التملص ، بينما لم يتركها هو ، نظرت له وهي تكتم ضعفها أمامه بدموعها التي تكتمها أمامه ، بينما عينيها تطالع عينيه التي ظهرت لها جافه ، تحدثت بنبره متحشرجه تهاجمه من جديد :
_" إبعد إيــدك دي عني ، بتوجعنـي كده ، سيــبنـي !!"
نظر لها بصمتٍ وهى تحاول التملص من بين يديه بينما أمسكها هو لم يتركها فرفعت يديها الأخرى تحاول بأن تجعله يتركها ، نظر لها بتعابير وجه خاليه ثم هتف يحذرها قائلاً :
_"عرفتي إني بعرف أوجع حتى أكتر منك ، وده مش وجع عشان أنا أعرف أعمل أكتر من كده ، بس مش أنا الراجل اللي أمد ايدي على مراتي ! فلما تتكلمي معايا صوتك ميعلاش بعد كده ،. وتفكري فكلامك اللي بتقوليه قبل ما تقوليه عشان إنتِ مش عارفه إنتِ بتخَرَجي إيـه !! ، يا تسكتي خالص ومتتكلميش !"
ترك يديها أخيراً بعد ٱن أمسكها منها بينما هبطت دموعها ثم قالت من بينها تقول :
_" إنت إنسان جاحد ومبتحسش بغيرك!"
لا يشعر بغيره ؟ ترمي الجمله الخطأ له هو بالفعل بل يشعر وبقوه ، بينما طريقتها كانت ليست هينه عليه ، بعد أن حاول بأن يقف بجانبها تقول له ذلك ؟. ورغم تفاجئه بما قيل ولكنه ابتسم يطالعها بسخريه من الموقف ثم أجابها رداً علي حديثها بنبره ظهرت لها بارده :
_" وإنتِ جبانه يا نيروز ، وبتتشطري علي الناس الغلط وسايبه الباقي يأثر عليكي ، وغبيه لأقصي حد ، وأنا مش بقرون عشان أقفلك وانتي بتزعقي لا وكمان ليا ، ولا حتى طريقتك دي معايا ، مصبرتيش وكأنك مش شايفه غير إن أنا اللي غلطان رغم إنك قولتي إنك أسفه وغلطانه ، مستنتيش تديني فرصه أواجهك زي ما واجهتيني ، بتقولي على لساني إني مش شايف نفسي غلطان ومكمله ! ، عرفتي إنك غبيه وجبانه وكل ما بحاول أصلح حاجه بينا إنتي حاساها أو خايفه منها.. بتبوظيها .."
قالها بهدوءٍ شديد ، ثم نظر لها من أعلاها لأسفلها وكأنها نظرة لوم ممزوجة بالتهكم ، حتي تحرك يتخطاها ليخرج من باب الشقه رغم محاولته بأن لا يذهب يضمها عند سماعه لصوت شهقاتها ولكنها أخطأت بحقه أكثر من مره الٱن !! ، صفع الباب خلفه بقوه حتى إنتفضت من بين دموع عينيها ، لم تعطه فرصه للرد بل وفعلها وردها لها هو الٱخر الٱن عندما خرج من الشقه بأكملها يتركها لها ولهم ، كتمت شهقاتها ثم رفعت يديها تمسح دموع عينيها من على وجهها ، حذرهم "حامد" من التدخل حتى وإن كان البعض يقف يترقب الوضع ، ولكن ليس لديهم بأن بتدخلا بينهما بعد الٱن ، توجهت تفتح باب الشقه كي تخرج منه ثم دقت جرس منزلها إلي أن فتح لها "شادي" الذي كان يتوجه ليخرج ، بل وكان عليه الرحيل ولكن أوقفه فعلة "غسان" التي غيرت كل شئ !! ، نظرت له بصمتٍ وهي تتنهد لتأخذ أنفاسها بينما نظرت له دون أن تنبس بأي حرف إلى أن قال هو ليطمئنها :
_" متقلقيش كل حاجه بتعدي !"
لم تجيبه بل نظرت له بصمت قبل أن تدخل ، أما هو فهو يعلم بأن صديقه لم يتهاون في موقفه الذي حدث أمامهم ، بل وبالأساس كان يتوجه ليهبط له بعد أن رٱه من الشرفه عندما نزل "غسان" بسرعه في المصعد ، ركب هو المصعد. كي يلحق به ، بينما دخلت الأخرى تغلق الباب خلفها ، فوجدت "ورده" تنتظرها نظرت لها "نيروز" بصمت وقبل أن تتحدث نبست بنبره هادئه معارضه :
_" مش قادره أتكلم يا ورده ولا ناقصه أصلاً ، هدخل أرتاح وأنام وهتنكلم بعدين !!"
تركتها "ورده" ترحل بعد أن عملت بأنها تحتاج بعض الوقت للإنفراد بنفسها بينما دخلت هي لترى صغيرها ووالدتها ، أما "بدر" فـ دخل الغرفه عقب رحيل "شادي"..!!
_____________________________________________
منعها "حازم" بحزمٍ من فكرة تدخلها بين شقيقتها وزوجها ، بل جلس ومازال يجلس الٱن وهي بجانبه ، كل مره تتحدث بها كي تخرج يمنعها هو ، لا تمل في المحاوله بأن تخرج لترى أحوال شقيقتها ووالدتها ، وقبل أن تتحدث نفذ صبر "حازم" الذي تحدث يقاطع حديثها قبل أن يخرج بقوله الجامد :
_" قولتلك أقعدي ، إيه مبتفهميش !! ، هم أحرار مع بعض ، كل واحد بيحل مشاكله مع نفسه ، اهدي وإرتاحي !"
نظرت له "ياسمين " بغيظٍ مكتوم حتى أجابته بنبره مندفعه :
_" إنت اللي مبتفهمش يا حازم علفكره ، عشان أنا عاوزه أطمن علي أختي وماما ، وإنت عارف حالة ماما ، أنا مش فاهمه من امته وإنت دماغك متقفله كده !"
قالتها بضجرٍ وهي تعتدل لتجلس على الفراش بجانبه ، بينما نظر لها بصمتٍ يتحمل حديثها إلي حد معين ، ثم هتف بنبره ساخره يراضيها كي تصمت وتتوقف عن الحديث :
_" عندك حق أنا راجل مبفهمش ودماغي قفل ، حاجه تاني ؟"
لا تعلم لما تشفق عليه الٱن ؟ ، كبتت ضحكتها الهادئه ثم حركت رأسها بقلة حيله منه وهي تعتدل لتتسطح ، أما هو فجلس ينتظر حديثها كونه يعلم بأنها تردف حديث غير محسوب له ، بل ويتحملها لأقصى حد إلى أن ينفجر ، علم بأنها إكتفت فإعتدل هو الأخر لينهض حتى يخلع قميصه وهو يفك أزراره ، نظر على وضعها وهي تجلس واضعه يديها على معدتها وصدرها بأريحيه ومن ثم هتفت له بحزمٍ :
_" إطفي النور بقا ! "
_" مش ملاحظه انك عصبيه زياده عن اللزوم ونكديه للدرجه متتوصفش ؟ "
_" طيب ، إطفي النور بقا ، بدل ما أقوم أنام جنب أمك ، أنا مصدعه ومش قادره والله !"
توجه ناحيتها يجلس على طرف الفراش ثم وضع يديه بحنوٍ على جبهتها ثم شهق بخفوتٍ مردداً بصدمه :
" ده إنتِ سخنه ، قومي !"
نظرت له بغيرِ إهتمام ، بينما رمقها هو بحزمٍ حتى نهضت تعتدل ، نظر لها بتمعن ثم نهض مره أخرى يرتدي ملابس فوقيه تزامناً مع قوله لها :
_" قومي إغسلي وشك !"
كادت أن تعترض بينما توجه يسحب يديها برفقٍ حتى تنهض ثم أمسكها وهو يفتح باب الغرفه متوجهاً بها ناحية المرحاض ، وقف يسحبها خلفه ثم فتح الصنبور يضع من المياه على يديه على وجهها باهتمامٍ ،. ضحكت على فعلته بقوه ،فنظر لها هو باستنكارٍ ثم قال بسخريه :
_" ما أصل أنا عارفك لو قعدتي ألف سنه مش هتقولي إنك تعبانه!"
_"إنت هايف والله وشاغل بالك أوي ، دا غير إنك عسل وحلو أوي !"
إعتلت ضحكاته منها وهو يرجع من خصلاتها إلى الخلف ، ثم خرج من المرحاض وهي بجانبه إلى أن وصل الغرفه ثم فتح أحد الأدراج ليجلب منها أحد الأدوية وهو يوجهه لها تزامناً مع قوله :
_" خدي ده علشان تقومي كويسه !"
إنتشلته منه وعينيها لا تفارق عينيه وهي تنظر له بحنوٍ ، إنتشلت زجاجة المياه لتأخذ وما أن أخذته وضعت الزجاجه بمكانها ثم توجهت خطوه واحده حيث مكان ما يقف هو رفعت ذراعيها لتدخل بين أحضانه وهي تردف قائله له بأسفٍ :
_" معلش يا حازم ، انا بجد مزاجي وحش اوي من أول ما كشفنا على ماما لحد دلوقتي، متزعلش من كلامي "
رفع يديه يربت علي ظهرها بحنانٍ ثم أجابها هو الٱخر بتفهمٍ :
_" أنا فاهم يا ياسمين ومقدر ، بس إطمني كل حاجه هتبقي كويسه والله متضغطيش على نفسك "
خرجت من أحضانه وهي تتنفس بعمقٍ ثم أومٱت له بابتسامه صغيره ، في حين أنه توجه ليغلق الأضاءه
_________________________________________
_" يــــوه ما تســكت بقا يا شـــادي ، أنــا مش نـــاقص بقولك !"
أردف "غسان" حديثه بنفاذ صبر وهو يقف أمام كورنيش البحر القريب من المبني الذي يسكن به ، نظر له "شادي" بهدوءٍ ثم أكمل بقوله يستجوبه :
_" رد بس على كلامي يا غسان متحكمش دماغك وخدني علي قد عقلي يا عم !"
نظر له بملامح وجه متشنجه ثم جلس يخرج من جيب بنطاله علبة سجائر كانت لديه ، حتى أخرج منها واحده ليضعها بفمه بغير إهتمامٍ مغلف بالغيظ المكتوم ، شهق "شادي" والذي إنتشلها بفمه وهو يعنفه بقوله :
_" سجــاير يا غســـان ؟ إنتَ مش بطلت العاده دي ! ،"
_" بقولك إيه يا شادي متوجعش دماغي ، إنت عارف إني لما بكون مخنوق بشرب واحده ، يعني كل فين وفين كده ..حِل عن دماغي بقا وهاتها يلا !"
رفع يديه عقب حديثه ،. بينما لم يتركه الآخر علي فعلها بل قذفها بعيداً عنه وهو يحدجه بغضبٍ تزامناً مع قوله الحاد:
_" لا مش هحل عنك يا غسان ، عشان حتى العاده دي كانت إتبطلت ، وإنت من الأساس مبتدخنش ، وحتى لو ؟ يعني المره اللي تعملها من بين ألف مره بتعملها ودمك محروق ؟ "
تنهد يخرج أنفاسه وهو يتحامل علي نفسه بأن لا يدخل معه بنقاشٍ ، بينما وجده يجلس بجانبه بهدوءٍ ثم قال بجديه :
_" إنت مردتش ليه علي كلامي ؟"
_" هرد أقولك ايه ، ما إنت عارف إن قلبي متحركش لحد ألا هي مش محتاج أقعد اتكلم وأرد. رد معروف إنت عارفه ، أقولك إيه تاني ؟ مش مأجل فرح ولا زفت كل حاجه فـ معادها يا شادي وأنا مقولتلهاش مش عايزك ، بس مش رايح لها خليها تفوق من اللي هي فيه بقا ، مدتنيش فرصه أتكلم وأنا اللي طلعت غلطان فالٱخر فـ مشيت بعيد عنها بدل ما يحصل حاجه بينا تاني ، وأنا بحاول أعدي واتغاضى عن حاجات كتيره عشان الدنيا تمشي بس خلاص كل حاجه علي ٱخرها عندي !"
نظر له "شادي" بصمتٍ وهو يتفهم حديثه ثم خرج صوته منه يستجوبه بغرابه :
_" وإنت لما تاخد موقف منها هتجهزوا ازاي وتروحوا تشتروا حاجتكم ازاي مش فاهم أنا !"
_" إنت صدعتني وأنا مش ناقصك ورغم كل ده جاوبتك علي كلامك ، وأنا قولت اللي المفروض يتقال وخلاص ، وعادي نمشي واخدين موقف ياما بيحصل بين أي إتنين لسه بيفهموا بعض ! "
قالها "غسان" بهدوءٍ ، فرفع "شادي" أنظاره المنصته له وهو يتفهم حديثه بينما هتف "غسان" مره أخرى يطمئنه كونه فهم ما فهمه الآخر بالخطأ :
_" وأنا مش عبيط ولا عيل يا شادي ، اللي إنت خايف منه مش هيحصل ، مش هتوصل لطلاق يعني ، أنا معملتش كل ده عشان أرجع أطلقها فالٱخر ، وأنا قولتلها إني مش هسيبها ألا لو قالتلي وحسيت إنها مش عاوزاني ، ساعتها مش هقبل علي نفسي أكون مع حد طلب مني يسيبني ومش عاوزني !"
هز "شادي" رأسه وهو يومأ له بالإيجاب ،. ثم تنفس بعمقٍ وهو يضع قدم فوق الأخرى بقوله :
_" أومال مصدعين أمنا ليه وعاملين دراما "
حرك "غسان" عينيه ناحية الٱخر ثم قلبها بمللٍ وهو ينهض ليعتدل ثم أخرج أنفاسه بصوتٍ مسموع وهو يقف يوجه وجهه للبحر الذي جلب الهواء مما جعل خصلاته السوداء تتحرك والهواء يداعبها ويداعب وجهه ، وضع "شادي" يديه على كتفه من الخلف ثم نبس بنبره هادئه :
_" يلا نرَوح وكل حاجه هتبقى عال !"
_" روح إنت وسيبني شويه كده مع نفسي ، هرجع وراك !"
صمت عندما وجد العناد بنظراته وأن الحديث الذي خرج منه لا يقبل النقاش ، تنفس بعمقٍ ثم أومأ له بهدوءٍ قبل حديثه الذي رحل من بعده :
_" همشي يا غسان بس مش هروح غير لما أشوف أخرتك إيـه ، هسيبك مع نفسك زي ما إنت عاوز بس إعرف إن أبوك عمل كده عشان متغلطش أكتر عشان لو كنت فضلت مكنش هيبقي دا حالكم دلوقتي كان الوضع هيبقي أصعب من كده. ، وعمره ما هيعمل حاجه تضرك بالعكس كل ده نفعك الوقتي وموصلش الوضع لحاجه صعبه ، إعقلها من كل النواحي يا صاحبي من نيروز وأمها وأبوك وحتى أمك وأختك وعلاقتهم بمراتك عشان اللي بيحصل ده مش هيبقي كويس لبعدين وأول حاجه هتحصل بعد كده هتكون هي السبب فنظرهم بعد ما بتغلطها قدام الكل ، ســلام يا عم "
قالها بهدوءٍ شديد ومن ثم إلتفت يذهب فوجد"بسام" يقف خلفهم ، بالتأكيد هبط منذ قليل كونه يعلم بأن شقيقه سيجده بمثل هذا المكان ، نظر لـ "شادي" نظره فهمها جيداً فاومأ له وهو يضربه علي كتفه بخفه ثم تخطاه ليرحل ، توجه "بسام " يدير جسد "غسان" له حتى نظر له الٱخر بصمتٍ
_"هو صحيح إنت اللي بنتحضن دايماً وبتواسي ، لكن لما بيحصلك حاجه بتمشي وتهرب مننا بعيد ، بس أنا جيت أقولك إني حاسس بيكّ وحاسس إنك محطوط تحت ضغط كده مش مفهوم ، دا غير إني حسيت بيك بجد ومزاجي كده مش متظبط رغم إني بحاول أهدي نفسي ، بس باين الدراسه اللي بقول عليها دي بجد يا غُس !!"
قال"بسام " ٱخر حديثه بمرحٍ ، حتى خرجت ضحكة "غسان " الخافته له ثم تحدث يجيبه بتساؤل :
_" أومال أنا مبحسش ليه ؟"
_" عشان مبتحسش سهله يعني !"
قالها "بسام" ببساطه ، فتنفس "غسان" بعمقٍ وهو يخرج من جيب بنطاله عُلبة السجائر تزامناً مع قوله وهو يتذكر قولها :
_" مبحسش مبحسش ! ، هي جت عليك ، اللي إنت شايفه ما الكل بقا شايف كده !"
حديثه المتهكم كان تزامناً مع وضع اللفافه بفمه ، بينما أمسكها "بسام" منه بإشمئزاز وهو يعلم ما يفعله في بعض الأحيان من تلك الفعله ثم أمسك يديه يجلب العُلبه من بين يديه قائلاً بعقلانيه :
_" بطل تعمل حاجات مش حلوه عشانك ، أنا مش قولتلك غلط قبل كده كتير ، مفيش حد عاقل بيأذي نفسه كده !"
_" وأنا مش عاقل يا بسام ، سيبوني بقا وحلو عن دماغي شويه !!"
قالها وهو يتجه ليسير ، قذف "بسام" ما بيديه بعيداً عنه ثم إلتحق به وهو يسير بجانبه قائلاً له بجمودٍ :
_" إنت عاقل يا غسان بس بتحب تسوق شغل الجنان فحاجات عاوزه الصبر "
لم ينظر له "غسان" وهو يسير بجانبه ، بينما كان سيرهم قد توقف أمام المبني ، وقف "غسان" بينما وقف شقيقه هو الٱخر يحثه بقوله :
_" يلا نطلع!"
قالها وهو يشير له بينما رفع "غسان" رأسه ينظر على الشرفه الذي وجدها هو مغلقه ، علم بأنها لم تخرج بها بل إنفردت بنفسها بالداخل ، أخفض عينيه بعجزٍ من كل ما حدث اليوم ثم تحرك يدخل المبني بقلة حيله، توجه خلف شقيقه الذي ابتسم له بإطمئنان وقبل أن يصعد دخل به شخص يبغضه أحدهما وبشده "سليم" الذي كان بالخارج ولم يأت سوي الٱن ، طالعهما بكرهٍ دون أن يتحدث بل ولا يعرف الٱن إلى من بالتحديد سيوجه نظراته المحتده له !! ، لم يجد هو سوى قول "غسان" الذي أخرجه من تشتته بينهما وهو يقول:
_" أنا يا متر ، لو عاوزه تبص بصلي هنا .."
تحركت أنظار "سليم"نحوه بينما أمسك "بسام " ذراع "غسان" بحركه خافته تحسباً لفعل شئ ، وصل المصعد إلى الطابق تزامناً مع قول "سليم" الساخر وهو يخرج من المصعد :
_" مش فاهم إنتوا عيله شايفه نفسها على إيـه ! "
نظر له "بسام" بغيظٍ دفين ، أما "غسان" فابتسم باستفزازٍ يجيبه وهو يقف أمامه:
_" مش ذنبنا إنك شايف نفسك ولا حاجه جنبنا يا متر ، أو يمكن انتوا اللي عيله واطيه بإستثناء مراتي واللي تبعها ، بص.. اللي على مقاسك فيهم إلبسوا "
صمت "بسام" عندما وجد شقيقه يأخذ الحق بطريقه مستفزه تظهر من كره "سليم" الذي تشنج ملامح وجهه ببغضٍ ثم قال :
_" مهما تعمل باين أوي إني نقطة ضعفك ونقطة ضعفكم كلكم هنا !"
يخرج حديث يثير الإستفزاز ويعامله بنفس طريقته معه ، تحرك "غسان" من أمامه يخرج مفتاحه من جيب بنطاله ثم ردد يجيبه بنبره غير مهتمه أصابت الٱخر بالغيظ الذي خرج عندما صفع شقته هو. الٱخر عقب قول الأول :
_" وحتى لو !! ، فالٱخر مجرد نقطه مش متشافه ، مسائك خرفان ولحمه ضاني !"
قالها باستفزازٍ ثم أغلق الباب عندما وجد الٱخر يصفعه بوجهه بقوه تعبيراً عن غيظه ، كبت "بسام " ضحكاته ، في حين تركه "غسان" ليدخل إلى غرفته وقبل أن يدخل أوقفه شقيقه عندما هتف بإسمه ثم توجه ناحينه يفعل ما يود فعله ، عندما أخذه بعناقٍ شديد يضمه عله يسحب منه ما يشعر به ويأخذ منه كي يخفف من عليه ، أما "غسان" فـ ضمه بحنوٍ ثم هتف قبل أن يتحدث الٱخر :
_" أنا كويس يا بسام ، عادي ياما بيحصل ، متشغلش بالك بيا وروح طمن أبوك اللي باعتك ورايا وقوله إني مش عيل صغير "
خرج "بسام " من أحضانه ينظر له بترددٍ ، بينما لم يظهر سوى "حامد". الذي ظهر لهما عقب الحديث هو و"شادي" ، ثم هتف له بنبره جامده:
_"عيل يا غسان ومتربيتش ولا شوفت تربيه ومحتاج تتربي من جديد ، ومتستاهلش واحده زي نيروز ، وأه بقولك الكلام ده وباجي عليك فوقت زي ده عشان إنت مش مستوعب إنك بقيت بتعمل حاجات كتير من غير ما تحس بالنتيجه بعد ما كنت بتفكر فالحاجه ولو ذره ، الحُب عمره ما كان بيغير كده الواحد ، مواجهتكش بالقوي لما كنت رايح إنت والأستاذ شادي وسكت ومقولتش إنكم عملتوا زي البلطجيه ومكذبش فعلاً هو فـ دي ، مش حل تروح تعوره فكتفه زي ما مراتك إتعورت عشان كده تبقي خدت حقك بقا وخلاص ، قاعد تتكلم وتزعق وفاكر الكل شغال عندك وعند أبوك، بدر اللي زعلان منك عشان كنت هتأذي ٱدم أخوه اللي هو ابن عمك مجربتش تروح تقوله زعلان مني ليه وحقك عليا وتراضيه ، طايح فالكل حازم مره واخته مره وبدر مره وأخوه مره وكمان مراتك ، ناقص إيه كمان تيجي تزعقلي وتضربني أنا كمان !"
كلمات قاسيه من "حامد" الذي يترك حسابه لفتره معينه ، وجاءت الفتره في فتره غير مناسبه له ، كما يشعر هو في كل مره بأن والده ينتقده في كل شئ يفعله وفي كل مره يصمت هو بها ولم يواجهه بحديثه الذي بداخله ، أما "بسام " فصمت رغم عدم إستحسانه بمواجهة والده بمثل ذلك الوقت ، تنهد "غسان" يخرج أنفاسه الثقيله من على صدره ثم أجابه بنبره هادئه يواجهه :
_" عندك حق ، أنا وحش في كل مره بيحصل فيها حاجه ، عشان كده إنت عمرك ما وقفت تأيدني فـ حاجه واحده فكرت أعملها بتفكيري ، حتى الوقتي مقدرتش اللي أنا فيه وجيت تكلمني فوقت مش طايق حتى نفسي فيه ، بس رغم كل ده هستحمل عادي وأنا قدامك اهو قول كل اللي عاوز تقوله واللي مش عاجبك فيا ومشيني علي مزاجك بقا ، قولي أحميكم إزاي وأحمي مراتي إزاي ، قولي أسيبه يعمل اللي هو عاوزه من غير ما يتحاسب عشان بعد كده يدور اللعب علينا وعليكم ، قولي بقا إن لازم اعدي على كل واحد ابوس راسه ، قولي مخافش عليكم وعليها إزاي ، لو أنا بجح ومبحسش ومندفع ، فـ انت بردو مبتحسش بيا ، محدش بيجرب يحط نفسه مكاني هنا، كل حاجه غسان عمل كذا لا مكنش ينفع كذا ، غسان هيتعامل ، غسان هيمشي غسان مرجعش ، وجود غسان عشان يصلح اللي بيعمله عشانكم واللي بيتعمل عشان يبعدو عنكم وبس ، ولما يحصل مفيش حاجه بتعجبكم بردو "
نظر له "حامد" بتعجبٍ من خروج مثل هذه الكلمات منه هو تحديداً ، بينما وقفت "دلال". بجانب"وسام " تنظر بحزن ظهر بشده علي ملامح وجهها ، إبتلع "حامد" ريقه من ما يحمله ولده بداخله بالتفكير الخاطئ ولم ينبس سوى كلمه واحده لا يعلمها هو الٱن :
_" إنتَ مش أب يا غسان !"
_" وإنت أب ، عشان كده معنديش حاجه أقولهالك غير لو أنا وحش أوي كده فحقك على راسي يا بابا "
قالها بجديه شديده يخفي وجعه الغير محدد من ماذا ، ولكن تحركت أنظاره بذهولٍ عندما وجد "والدته" تهتف من بين تشتتها بإندفاعٍ :
_" طلقها يا غسان ، طلقها لو كل واحد هيفضل يتوجع من التاني كده يبني !"
حدجها "حامد" بغضب ، كما كانت نظرة "بسام" لها تحذيريه كي تستوعب ما قالته وبالٱخر "شادي" ، أما "غسان" فتحلى بالثبات ثم خرج صوته يجيبها بهدوءٍ رغم وجعه من حديثها :
_"خوفك عليا ميخلكيش تفكري فـ كده ، لو مش عارفه إنك كده بتوجعيني أكتر يبقي أنا فعلاً وحش وأذيكم بالجامد مني ومن علاقتي بيها .."
حديثه الجاد لوالدته وهو ينظر لها جعلتها في لحظة ندم سريعه بعد إردافها لحديث لم تعلم هي بأنه سيكون بمثل ذلك الثقل عليه ، نظر لها مجدداً ثم وزع نظراته لهم يعلمهم بما يريده بحزمٍ :
_" مش عاوز حد يتدخل فحياتي بعد كده ولا يقولي أي حاجه، أنا حُر أطلق أتجوز أولع فنفسي حتى. مش مهم مادام مش بعرضكم لأذى بعد الوقتي "
صمت عقب قوله الذي أردفه بحزمٍ ثم توجه بنظراته يثبتها على وجه والدته وهو يطالعها قائلاً مره أخرى يواصل بحديثه الصادق دفاعاً عنها :
_"وهي مش وحشه ولا أذتني بحاجه عشان تكوني عارفه هي بس بتخاف زيك بالظبط وخوفكم إنتم الإتنين مشترك وفنفس الوقت عكس بعض ، انتِ خايفه عليا لتأذى بسببها ، لكن هي خايفه عليا من كل حاجه هنا وخايفه عليكم كلكم ، هي اللي خافت عليكم منها ليحصل حاجه بسببها ، وإحساسها بإنها ممكن تسيبني لو حد إتأذى بسببها وصلي وبيوصلي في كل مره بتكلمني فيها ، عشان كده ده اللي مخليني مش عارف أوزن بينكم وبينها مش عارف هبقى أشيل الأذى عند مين فيكم ، منها لميعجبكوش وترجعوا تتأذوا وتزعلوا ، ولا منكم لتسيبني عشان هي خايفه عليكم وعليا وعلى اللي جاي !!"
حديثه لأول مره يخرج وهو الذي ليس من أنصار الحديث عن ما يشعر وما يجري بداخله حتى هي "نيروز" التي حاولت بأن. تجعله يتحدث ويخرج ما بداخله هرب منها كونها تهاب التفاصيل وتجعل منها عقد متسقبليه ، ضاقت به الأركان ؟! ، وقف ينظر على وجوههم الذي كساها التشتت من منطقية حديثه الذي لم يشعر به سواه ، هتف مجدداً بنفس النبره الهادئه يقول قبل أن يتحرك للداخل :
_" وبعد كل ده أنا اللي مبيحسش سواء هنا أو هناك ، إنتم محدش فيكم بيحس ولا بيفكر بالطريقه اللي أنا فيها دي !"
لم يترك فرصه لهم بالحديث ، بل إلتفت يدخل غرفته الذي دخلها وهو يغلق باباها دون صوت ! ، تركهم بحيرة الندم أم لا ، أما هو فلم بفكر سوى بأن ماذا لو لم يجد الٱن أمامه سوى أحضانها هىٰ وفقط ، ولما يشعر بالهموم تأتى مره واحده عليه الٱن ؟! ، بعد أن خلع سترته وحذاءه ، توجه ببقية ملابسه التي كانت للخروج ثم تسطح بها على فراشه بتعبٍ ،شعوره متضارب ومشاعره مختلطه ، وقد أُنهك اليوم بما به الكفايه ،سيهرب هو بالنوم كنا فعلت هي منذ وقت ؟! ، سيفعلها ما دامت ليست بجانبه هي وأحضانها ، لم يفكر سوى ما سبب عناء ذلك اليوم الذي جاء واحد تلو الٱخر ، جواب كل عقول من حضر الوضع بأن ما حدث لما كان سيحدث إن لم يأتِ "حسن" ، عودة "حسن" تدمر كل شئ ، عوده ليست حميده في حين بأن الوضع كان مبهج للغايه بسبب إقتراب موعد الزفاف !!
«حيرت قلبي معاك
حيرت قلبي معاك.. وأنا بداري واخبي
قل لي أعمل إيه وياك.. ولا أعمل إيه ويا قلبي
بدي أشكيلك من نار حبي.. بدي أحكيلك لك ع اللى فى قلبي
وأقولك ع اللى سهرني.. وأقولك ع اللى بكاني
وأصورلك ضنا روحي.. وعزة نفسي منعاني.. »
خرجت كلمات أغنيه من أغاني كوكب الشرق من هاتفه ، وهو يقف أمام المرٱه يتطلع على مظهره بغير إهتمامٍ ، إلتفت "غسان" ينظر على المفاتيح الخاصه به حتى يأخذها كي يضعها بجيب بنطاله ، أمسك الهاتف ليغلقه حتى يضعه هو الٱخر ثم فتح باب غرفته بهدوءٍ ، خرج إلى الخارج حتى وجد والده يجلس ووالدته بالمطبخ أما البقيه فلم يكونوا موجودين حتى "شادي "الذي جلس في غرفة" بسام " كان بالداخل ، لم يتفوه بأي حرف بل نظر له بصمت تام وهو يتوجه ناحية أحد الأدراج التي وجدت بجانب باب الشقه يجلب حذاء له ، و سرعان ما وجدها تقف أمامه وهو ينحنى ليرتدي حذائه ، وقف ببطئ بعدما إنتهى ثم طالعها بتعابير وجه خاليه ، أما هي فطالعته بأسفٍ حتى أنها تكتم دموعها عندما وجدته يتحاشى الحديث معها وكأنه يعلن بأنه يقاطعها ؟! والدته ؟! ، نظرت له "دلال" بحنوٍ ثم تحدث قائله له بتبريرٍ :
_" حقك عليا يا غسان متزعلش مني أنا مكنتش عارفه أنا بقول إيه وكمان .."
بتر حديثها وهو يبتسم بسمه زائفه ظهرت لها ولوالده الجالس علي بُعد من وقفتهما ، بينما قاطعها "غسان" قبل أن تكمل بقوله الذي إعتبره أحدهما ساخراً :
_" ولا يهمك يا أم غسان ، إنتِ أم مهما كان !"
لم ينتظر ردها عليه ولا على رغبة "حامد" في الحديث له ، أغلق الباب خلفه بهدوءٍ ثم توجه يدق جرس شقة "سُميه" ، حتى إنتظر بضعة لحظاتٍ إلى أن فتحت له "ورده" التي ابتسمت له بلباقه وهي تتحدث بلطفٍ :
_" أدخل يا غسان ، معلش بس هصحيها أصل شكلها تقريباً نايمه متأخر !"
قالتها بالكذب ، فمنذ وقت وتلح عليها "ورده" بالنهوض لترتدي كي تذهب لتبدأ في تجهيزات الزفاف فيما بعد ، ولكنها تصر علي رأيها ، أما "سُميه" فتركتها علي راحتها ، أومأ لها بهدوءٍ وقبل أن تتحرك تحدث يحاصرها بقوله الذي وضح لها بأنه يفهم ما تفعله شقيقتها :
_"دخليني أقولها أنا إن اللي بتعمله ده مش جاي معايا سكه !"
_" معلش هي مضغوطه بردو أكيد إنتَ مقدر وفاهم "
كان حديثها بالأسف ، فابتسمت له عقب قولها ثم أشارت له بالموافقه كي يذهب قبلها ، أومأ لها "غسان" ثم تحدث قبل أن يتحرك بـ جديه :
_" مقدر ، هنحل إحنا مشاكلنا سوا ، متشغلوش بالكم"
وقفت ثم نظرت على أثره من على بُعد وهو يدق الباب بهدوءٍ ، إلى أن فُتح له الباب بواسطتها حتى أنها لم تتفاجأ منه نظرت له بخواء ثم تركت الباب وهي تدخل مره أخرى ثم جلست على المقعد دون أن تنبس بشئ وهي توليه ظهرها ، عقاب ٱخر على شكل صمت؟؟ ، ابتسم بسخريه لاذعه منها ثم دخل يغلق الباب بهدوءٍ وهو يسمعها تتحدث دون أن تنظر له بل تصنعت الإنشغال بترتيب الأشياء علي التسريحه أمامها :
_" جاي ليه ، أنا مش نازله فـ حته !"
وقف "غسان" يطالعها بصمتٍ إلى أن أخرج أنفاسه بهدوءٍ يلومها بنبره متساءله :
_" إيه اللي وصلنا لـ كده يا نيروز؟ إيه اللي يخلينا مظبطين كل حاجه عشان ننزل زي الوقتي ويحصل حاجه تغير كل ده بـ .."
بترت "نيروز" حديثه بشراسه وهي تنهض تلتفت له حتى أجابته بهجومٍ :
_" إسأل نفسك ، متسألنيش أنا ، أنا بحاول أرضيك وإنت مفيش حاجه بترضيك ، بفهمك اللي شايفه إنه ممكن يحصل وإنت مش عاوز تفهم غير اللي إنت شايفه وبس ، وصلتني لحاجه مكنتش عاوزه أشوفها ، ومامتك بتحملني ذنبك من غير ما تقول ده ليا فـ وشي ، كلامك ليا قدامهم خلاهم كلهم يفهموا إنك إنت اللي تعبان وإن أنا اللي حطاك تحت ضغط و مش مقدراك ولا مقدره وجودك معايا ..."
صمتت تنظر له وهو يطالعها بإنصاتٍ دون أن يتحدث فواصلت تكمل مره أخرى بنفس الهجوم الذي يثير غيظه بسبب طريقتها :
_" جيتلك عشان حسيت إن أنا حطيتك فموقف مش كويس ، لقيتك بكل برود واقف تقولي إن أنا جبانه تاني وغبيه كمان ، واجهتك وإنت كل اللي كان علي لسانك إني أوطي صوتي ، يمكن مديتكش فرصه تتكلم زي ما قولت ، بس ده ميدكش الحق تمد إيدك عليا أو تمسك إيدي بالشكل ده !."
كان يقف ينظر لها بتمعن وما أن سمع ٱخر كلماتها هتف باستنكار يستجوبها بقوله :
_" أنا مديت إيدي عليكي ولا بتحبي تحوري ! ، إنتِ اللي قعدتي تشاوري بيها بعصبيه وصوتك كان عالي ، مدتنيش فرصه أتكلم رغم إني عندي القدره أخليكي تتخرسي بس سيبتك تطلعي كل اللي إنتِ عاوزاه زي الوقتي كده ، لأ وشغلاني بنقطة جديده كمان ! ، إني بقلب الترابيزه في حين إنك إنتي اللي قلباها من بدري ، قولتيلي إني مبحسش وكل اللي بيحصل أصلاً عشان حاسس بخوفك وعشان عارف هو قد ايه متعب ليكي وليا بقولك ..لا أنا جنبك ،.. أسيبلك حسن يخوض فيكي ويجيب فسيرتك وأقف ساكت ؟؟ .."
نظرت له بضجرٍ ظهر بكل تفصيله ، وسرعان ما فتحت عينيها بذهولٍ عندما سمعته يقول مره أخرى بتوضيحٍ لٱخر حديثه :
_" والله لو إنت عاوزاني أسكت وهو بيتكلم عليكي كده ، فـ دي حريه شخصيه يمكن معندكيش كرامه ، بس أنا بقا مش هكست عشان اللي يعيب فيكي هيبقي بيعيب فيا وإسمك علي أسمي ، مراتي يعني يا حرم غسان البدري لو مش واخده بالك من النقطه دي ، يعني حرم راجل مش سوسن !"
توجهت "نيروز" بإنفعالٍ تقف أمامه مباشرةً ثم تحدثت قائله بغضبٍ له تجيبه :
_" أنا عندي كرامه غصب عنك وعن أي حد مش شايف كده ، وواخده بالي أوي إني حرم راجل ، بس راجل عقله تعبان ومش فيه.. وهو كل شويه ماسكلي فخناق مع شخص لو إتساب علينا هيموته ويجي علينا بس مش فاهم ده !"
ضغط على فكه متحلياً بٱخر ذرة صبر لديه ، حتى تنهد يخرج أنفاسه بغيظٍ ثم تحدث بحده :
_" أنا عقلي تعبان يعني ؟ ، وإنتِ عقلك ده إيه ؟ بيفكر ازاي إن كل اللي بيحصلي ده مش تعب ليا؟ ، مبتفكريش غير فنفسك وبس؟! حتى لما فكرتي فيا كان عشانك بردو ، محستيش إن الدنيا بتضيق بيا فكل مره وإنت بعيد بعنادك ده ، ولا مره لقيت إحتواء ولا اعتراف من الكام مره اللي كنا على خلاف فيهم ، كله لامني وجه عليا بسبب مشكله بدأت منك ، كله ضدي عشان بحاول أحميكي والأذى ميطولكيش ، قدرتي ده ؟ حسيتي بيا ؟ عرفتي إني مضغوط وإن مش إنتِ لوحدك اللي مضغوطه ؟ .."
بان الإنهاك به وبنبرته بعد أن كانت حاده قويه تواجهها ، إبتلعت ريقها وقبل أن تهاجمه من جديد لاحظت إهتزاز نبرته بمشاعر مكتومه بداخله لا يود ظهورها ، تعلم بأن موضعه من موقف والده كان ليس جيد منها ، وقف ينظر لها بصمتٍ ،أما عينيها فلم تفارق عينيه التي لمعت ولكن أي لمعه كانت بها لا تعلم هي ! ، بان التردد بعينيها من حديثه ، أما هو فلم يتخلى عن موقفه ، حتى إنه جاء معها ليكمل تجهيزات الزفاف ، هتف بنبره جاده قبل أن تتحدث هي :
_" يلا "
وقفت للحظاتٍ تحاصر نفسها بين شيئين ، تتقدم لتعبر عن أسفها من خطأها به للمره التي لا تذكر هي عددها بالتحديد ، أم تتحلى بالقوه أكثر ، وللحق تظاهرها بممارسة قوة الرأي والحديث بعد لينه كان كثير عليه بما يكفي ، تنفست بعمقٍ ثم مدت يديها تمسك كفه بهدوءٍ ، فـ سحب كفه منها ببطئ وهو يتحدث مره أخرى يهرب من ما تفعله هي :
_" يلا يا نيروز ، أنا مش جاي عشان أخليكي تحني عليا، ولا طلبت منك حضن عشان تعمليه ، أنا قولت اللي عندي ، ولو الخطوه دي مش جايه منك تبقي متلزمنيش الوقتي ، أنا مبشحتش منك احتواء وإهتمام ، اللي إنتِ أصلاً بتخافي تعمليه عشان مفكركيش إنك متهاونه ، أنا واخد بالي من اللي إنتِ بتعمليه ، ده مش رسم شخصيه عشان مبشوفش الشخصيه دي على غيري ، ده عبط بيعمل فتور بينا علي الفاضي ، بس أنا مُجبر عادي أصبر عليكي لحد ما تفهمي إن دي حاجه يعني بتطلع من قلبك اللي حبي فيه أقل من اللي معايا بكتير أوي "
حركت رأسها بالنفي من فهمه لها بالخطأ القوي ثم تجمعت الدموع في مقلتيها عندما رأته يخرج حديث بداخله. مكتوم ، لم تتوقع بأن بداخله كمثل ذلك ، كما فعل أمس مع والده تماماً ، الصبر للحظه معينه ؟ أم أن مرض الكتمان يستأذن للإنصراف في جوله فقط وسيعود ؟! ، هبطت دمعتها عندما فهمت هو بما شعر به من إردافه لمثل ذلك الحديث ، ثم إجابته بنبره مختنقه :
_" غسان إنت فاهمني غلط ، أنا بحبك عادي بس وقت ما بزعل مبعرفش أعدي حاجات معينه.."
وقبل أن تكمل وجدته يتحدث بهجومٍ هو الآخر:
_" ووقت زعلي أنا بَعدّي ليه بعدها ؟ بجيلك وبحاول أسحب منك الكلام ! بس بردو مفيش لين عندك يشفعلي حتى لو إحنا الإتنين غلطانين، أنا مقولتش إني مش شايف نفسي غلطان ، إنت اللي حرفتي ده بمزاجك ، أنا مش مبسوط كده يا نيروز ، لو شيفاني مستاهلش حبك يبقي نبـ.."
حديثه المتأثرّ جعلها تمد ذراعها المفرود كي يقترب منها لتأخذه بين أحضانها ، رغم تيبس جسده في البدايه بإرادته كي لا يتهاون ، ولكنه فعلها وتأثر هو الآخر ، عندما شعر براحته بداخل أحضانها ، رفع يديه يحاوط خصرها مع ضمه لها وهو يسمعها تجيبه بتبرير مع نبرتها الضعيفه:
_" تستاهل والله ، تستاهل بس أنا مش عارفه ليه كل ده بيحصل ، أنا تعبت أنا كمان واحنا لسه يعتبر فأول الطريق ، أنا مش عايزه غيرك وغير راحتك وبس !"
لم يتحدث ولم يجيبها بل ظل ليتعافى من أحضانها وفقط ، دون نبس أي حرف ، ربت على كتفيها بهدوءٍ وهو يعتدل يخرجها من بين أحضانه بقوله :
_" هتنسناكي برا على ما تغيري هدومك !"
وما أن قالها"غسان" توجه بعدما إلتفت ليخرج من الغرفه دون إرداف حديث لينهي ما هما به ، أما هي فنظرت بتعجبٍ منه وعقلها لم يستوعب سوى فكره واحده علمتها الٱن بأنه ليس طبيعياً بل وسيعاملها بالجديه دون عبث لطالما لم يغلق هو الحوار ويأخذ موقف !! ..
______________________________________________
خرجت من بوابة جامعتها بمفردها بعد أنه من المفترض بأن محاضراتها قد إنتهت اليوم ، وقفت "جميله" على الطريق تنتظر مواصله لتوصلها ، ولكن عاق نظرها عندما وقع بصرها عليه وهو يقف ينظر لها بشغف.ٍ ،. تحرك بهدوءٍ يقف أمامها وبيديه كيس ، أما هي فـ صُدمت من كونه موجود بالفعل ولها ؟! ، ابتسمت باتساعٍ بينما سمعته يتحدث قائلاً بنبره لينه هادئه :
_" إتفاجأتي ؟ ولا أروح تاني ؟"
ضحكت "جميله" بخفه ثم هزت رأسها بحماسٍ وهي تجيبه :
_" إتفاجأت طبعاً ، إنت عرفت منين إني هطلع الوقتي !"
ظهر الإهتمام بعينيه وبقوه " رفع "عز" أنظاره نحو عينيها الواسعه ثم ردد ببسمه صغيره هادئه :
_" أنا واقف من زمان هنا عشانك ، لإني معرفش المواعيد!"
نظرت له بغير تصديق ثم رددت تجيبه بإندفاعٍ :
_" طب وشغللك إنت كده بتعطل نفسك يا عز !."
_" كله يهون عشان خاطرك يا جميله ، أنا مصدقت بقيتي ليا ، وإن شاء الله تبقي معايا .."
طالعته بخجلٍ ثم سارت بجانبه على الطريق عندما وجدته يشير لها بالسير ، إلتفت برأسه ينظر على فستانها الأبيض الرقيق الممزوج بورود حمراء صغيره جداً ، ابتسم باتساعٍ ثم رفع أنظاره لها قائلاً مره أخرى :
_" كل مره بتبهريني بجمالك فـ الأبيض !"
لم توجه رأسها ناحيته بل أكملت سير بهدوءٍ. والخجل رفيقها ، أما هو فإهتمامه جذبها ناحيته أكثر ، تنحنح "عز" يجلي حنجرته ثم نبس بنبره هادئه لينه:
_" كويس إنك إتبسطي أنا قولت مش هتبقي مبسوطه أوي كده ، إمسكي !"
وقف عند استراحه وقبل أن يجلس مد يديه لها بالكيس الذي يوجد به علبه متوسطة الحجم مغلفه ، إنتشلتها من بين يديه ثم طالعته ببسمه تتساءل :
_" إيه ده ؟"
أشار لها "عز" بالجلوس ، فجلست ومن ثم جلس هو تزامناً مع قوله لها :
_" دول كشاكيل كبيره كده وحبة إقلام وإقلام تانيه ملونه عشان تحددي بيها المهم زي ما بيقولوا ، وعندك نوت بوك غلافها عليه حرف الـ E، اللي هو أنا يعني ! "
طالعته بتأثرٍ وهي تتمسك ما بيديها أكثر ثم إبتسمت تجييه بنبره متأثره :
_" مش عارفه أقولك إيه بجد يا عز ، بس إهتمامك ده حلو أوي ، وأنا مبسوطه إنك جيت من غير أي حاجه ، عارف.. ؟"
قالتها كتعبير بأنها ستكمل كلماتها ، أما هو فينتهز فرصتها فالحديث إبتسم يجيبها بحبٍ وهو يقول :
_"بصراحه مش عارف ، قولي نفسي أعرف !"
طالعته بضحكتها الخافته ثم إعتدلت تجيبه بنبره هادئه :
_" عارف إني كنت بحس إن مش هيجي حد يهتم علشاني بحاجه أو ياخد باله من تفاصيل معينه كده ، اللي هو عادي وجودي زي عدم وجودي فحياة حد ، أول يوم جامعه حازم عمل اللي عليه وزياده بس أكيد مش كل مره هيعمل كده ويسيب بقا شغله ومصالحه وبابا كده كده مش مهم عنده غير إنه دخلني طب بالغصب عشان هو عاوز كده وخلاص!!"
تخرج ما بداخلها له ، إبتلع ريقه من معاناتها الغير مباشره في قولها له ، طالع عينيها بسكون ثم تنفس بعمقٍ يجيبها بنبره صادقه واثقه :
_" خسران اللي وجودك مش مهم فـ حياته يا جميله ، إنتِ عدم وجودك أصلاً صعب عليا من بدري ٱوي ، كنت بشوفك من بعيد وكل اللي كنت بقوله ، إني حبيت جميل وياريتني ضله بجد !! "
ضحكت بخفه ، ثم تبشتت بنظراتها له أكثر حينما هتف هو من جديد يوضح:
_" ربنا خلقنا عشان نكافح ونمتحن إمتحان كبير جواه امتحانات تانيه ، منهم حد مش مبسوط بأهله ، منهم حد مش لاقي أهله ، منهم حد نفسه يلاقي أهله ، بس المهم إنه بيبقي إختبار بس ربنا بيبعت لينا العوض بعد كده عشان يهون علينا ، أنا بحبك وبحب كليتك حتى لو إنتِ مش بتحبيها ، لازم طبعاً تحسي بنفسك ، إنتِ فخر يا جميله ، فخر لأبوكي اللي هترفعي إسمه فيوم من الأيام لما تجيلي وربنا يقدرني وأعملك عياده تليق بيكي ، فخر ليا أنا كمان حتى لو مش متعلم بس كفايه حد فينا فخور بالتاني ، أنا شايفك فعلاً دكتوره وأجمل دكتوره شافتها عيني ومش هشوف دكتوره جميله كده زيك يا جميله ، حسي بمكانتك وباللي بتعمليه، وإعرفي إن غيرك كمان الفرصه ضاعت منه رغم إنه مثلاً كان يستحق يدخل ده أو كان يستحق يتعلم زيه زي الناس اللي فـ سنِه ، أنا كنت عارف إنتي كان نفسك فـ ايه ودخلتي إيه ، بس الإختيار الأنسب ربنا هو اللي بيختاره لينا !"
لما شعرت بالفخر الٱن ، حديث المُحب يجعل من أحببه يعشق كل تفاصيله، يجعله أكثر نرجسيه ؟! ،. طالعته بتأثرٍ وقد إستشتفت مدي معاناته في حديثه حيث جزئه الخاص به ، أجابته بإندفاعٍ تبرر له ما قاله عنه :
_" متقولش كده تاني على نفسك ، إنتَ أحسن من أحسن راجل متعلم ، أنا شايفه كده !"
ضحك "عز" بخفه ثم حرك رأسه بتأييدٍ وهو يقول :
_" كفايه إنتِ تشوفي كده ، مش عاوز ولا مهتم إن حد يشوفني حلو كده غيركّ ، نفسي أتغزل فيكـي يا جميله بالكلام الحلو ده بس مش عارف ، إنتِ عارفه اللي فيها بقا "
ضحكت كي لا تشعر بالتأثر ، يقصد عدم إمكانه بجمع حديث فُصحي منسجم مع بعضه بالحروف والكلمات، رفعت أنظارها تطالع وجهه ثم تنفست بعمقٍ وهي تتحلى بالجرأه ثم قالت:
_" اسمحلي أعملها أنا ، وإعتبر نفسك قولتهالي !!"
_" موافق!"
إعتدل "عز" بحماسٍ فنظرت هي لعينيه ثم تنفست بعمقٍ تردف من جديد بقولها:
_"وقعتُ بمن كان وسيكون عِز الرجَال ، أفضل ما في الأيامّ ، وقعتُ بعينيه التي لم تفارق يوم عيناي ، حتى وإن كان يحاول الهروب ، فـ ليس الهروب هروب النظرات ! ، بل كانت فترات ..وأصبحنا الٱن معاً بجانبه وبجانبي والحُب بيننا هو المُنتصر ! ."
قالتها بصدقٍ وإختارت أكثر الكلمات سلاسه كي تصل له بسهوله ويستطيع هو فهمها ، إبتلع ريقه بتأثرٍ من تلميحها الغير مباشر ثم تنهد يخرج أنفاسه وهو يجيبها مع هزة رأسه لتأييد كلماتها له :
_" والله أنا واقع برده !"
قالها بتلقائيه جعلت ضحكاتها تعتلى ، تمعن النظر بضحكتها الواسعه ، ولم يخرج من شروده إلا عندما همهمت هي بجرأه تتحدث كي ينتبه لها :
_" عز !"
نظر لها بإستفهامٍ ، أما هي فعقدت العزم على أن تقولها ، تنفست بعمقٍ ثم قررت بأن تخرجها له ليهدأ قلبه كما هدأ قلبها هي من قبل :
_"علفكره ، أنا كمان..بحَـبــكّ .."
فتح عينيه على وسعها مما جعل كلماتها أيضاً دقات قلبه تتسارع من إعترافها الذي كان لايشعر به سوى إعجاب وفقط ، رمش بإهدابه عدة مرات ثم تأكد عندما هزت هي رأسها تؤكد له ما سمعه رغم خجلها الشديد ، لم يستطع هو فعل أي شئ سوى رفع يديه التي توجد بها الدبله ثم قبلها برقه مع قوله العاجز لها:
_" مش هعرف أعمل غير كده ، لما تبقي حلالي بقا ، مش ناويه !"
تنحنحت بحرجٍ ثم أجابته بهدوءٍ :
_" مستعده أكون معاك وليك بس حازم قال فتره ناخد على بعض الأول ، حتى لو بسيطه ، ممكن تكلمه هو تاني وتشوف الموضوع ده "
هز رأسه بتفهمٍ ثم نهض يعدل من ملابسه ، فنهضت هي بعدما جذب الكيس الذي يوجد بجانبها ، ثم تنفس بعمقٍ وقبل أن تتحرك وهي تسير بجانبه هتف هو يعترف لها بصراحه كبرى:
_" النهارده يعتبر تاني أسعد يوم فـ حياتي!"
ابتسمت "جميله". باتساعٍ ثم هتفت تسأله باستنكارٍ :
_" وليه تاني ؟"
_"عشان إن شاء الله أول يوم هيبقي سعيد فـ حياتي يوم ما تبقي ليا وفـ بيتي ، بس لما ربنا يشاء ده !"
ظهر الحُب بنظراتها له ، تنفست بعمقٍ ثم سارت بجانبه بهدوءٍ أما هو فسار بجانبها ومن بين سيره رفع يديه ينزل من حجاب رأسها الذي رُفع من الخلف ، خجلت من فعلته ، بينما ابتسم هو لها بإطمئنان وهو يقف بمكان ما على الطريق ليوقف لها مواصله كي ترحل وتعود لمنزلها ..!!
______________________________________________
_" كان لازم ده يحصل يا دلال !"
قالها "حامد" الجالس على الأريكه والأخرى تجلس بجانبه ، نظرت له بهدوء ثم أجابته بنبره هادئه معارضه :
_" لا مش لازم ، إنت عاتبته وزعلته فوقت مكنش محتاج ده منك يا حامد ، أنا مش هستنى كل شويه أشوف ابني كل ساعه محطوط فـ مشاكل، أنا أه قولتله كلمه جت عليه بس كنت خايفه أعمل إيه !"
_" يعني هو إبنك لوحدك ، مهو ابني أنا كمان ، ومش لوحدك اللي خايفه عليه وبتنصحيه براحه ، ما أنا كمان عملت كده ، وبعدين ابنك مش صغير كفايه كلام بقا ، هو مش قال أنا حُر فحياتي ، يبقي خلاص هو حر فعلاً ، أنا مش باجي عليه أنا كلمته كده عشان مش ده غسان اللي أعرفه ، ولما حرجته قدام الكل عرفت إنه لو كان فضل كان قال أكتر من كده لمراته ، إنتِ مش عارفه ابنك لما بتكلم وهو متعصب بيطيح ويغلط فاللي حواليه ازاي ؟ كنت أقوله يروح ياخد جنب مع نفسه قبل ما يعمل حاجه واحنا مش فبيتنا لا وكمان قدام الناس !، إنتِ مش شايفه غير راحته وبس ، مش شايفه إنه راجل ، والراجل مينفعش يكلم مراته بالشكل ده قدام حد مهما كان هو مين ، أنا عمري جيت عليكي وكلمتك كده قدام حد ؟ ، فكرتي فـ نيروز وموقفها ، فكرتي إن كلام ابنك ليها خلاكي إنتِ ذات نفسك تاخدي موقف منها من غير سبب محدد ، شويه تقوليلها بطريقه مش مباشره إنها سبب فكل ده ، وشويه تقوليله طلقها وكأنه عيل صغير بتديه أوامر إنتِ عارفه إنه مش هينفذها ، كلمتك خليته يتأكد من حاجه غلط هو فاهمها ، خليته يشوف إنك مش عاوزه غير هو وبس وإنه يكون وسطنا من غيرها زي الأول. ، هتقعدي ولادك حواليكي ولا إيه أنا مش فاهم ؟، ده مش بسام يا دلال ، ده مش هتكسبي لينه بحضن منك بعد كلام منك ليه ، مش ده اللي هيعدي حاجات ويخبيها جواه ، دا يا هيتعامل كأن مفيش حاجه حصلت أو هياخد جنب مننا لحد ما ربنا يسهلها بقا "
تاره يعاتبها وتاره يتحدث بحديث منطقي ، تنفس بعمقٍ عقب حديثه ثم نظر لها وجدها تنظر بتشتت وقلة حيله ، فهتف هو من جديد بقوله :
_" متقلقيش بكره يجي ويهدى مع نفسه ويعرف إن كلامنا ده مش معارضه ليه ، إتعاملي معاه عادي وكأن مفيش حاجه حصلت ، وإنتِ عارفه إنه فالاخر كده كده بيضعف قدامك ، بس شيلي نقطة الظلم الصغيره اللي جواكي من نحية نيروز ، ومتنسيش إنها فدت إبنك اللي كان هيروح فيها بضربه سكينه على فجأه ، نيروز بتحبه وبتخاف عليه بس هو مش عارف يوزن بين خوفها وخوفكم هنا زي ما قالك بالظبط ، إن شاء الله خير وكل حاجه هتبقي كويسه سيبيها لله وقومي شوفي سُميه وساعديها فحاجه عشان صحتها متتعبش وقوليلها كده كلميتين كويسين نهدي الدنيا بيهم "
تنفست بعمقٍ وهي تنظر له ثم أومأ بتفهمٍ على حديثه، نهضت بخفه تجلب حجاب رأسها إستعداداً للخروج ، أما هو فجلس ينظر بشرودٍ على تقلب الٱحوال بهذه السرعه !!
_____________________________________________
مر وقت قليلٍ وهي تجلس معه بسيارته الٱن ، لم يتفوه هو بأي حديث سوى الأمور الجاده فقط ، كان "غسان" يقود السياره بهدوء شديد وسكون ، أما هي فكانت توزع نظراتها بينه وبين الطريق بين الوقت والٱخر حاولت فتح حديث معه كي ينسجم ولكنه يصر على موقفه منها ويجيب بالآقتضاب ، تنفست بهدوء ثم حركت رأسها ناحيته تتحدث إليه وله بنبره ظهرت له مختنقه عندما قالت بعتابٍ :
_"مش معقول رايحين نشوف فستان فرحي وإنت بتتعامل كده !!"
لم يحرك رأسه ناحيتها ، تنفس "غسان" وهو يتنهد ، لا يعلم لما يأخذ موقف منها، شعوره بأن كل ما يفعله لأجلها وهو لا ينتظر منها أي مقابل ، ولكنه شعر بأنه وحده من يحاول بقاء علاقتهما. ، أخذ أنفاسه وهو ينظر من أمامه ثم أجابها بهدوءٍ زائف :
_" أنا بتعامل كويس مفيش حاجه.."
_" أنا لما قولتلك إنك مبتحبنيش مكنتش بقول كده وخلاص!! "
حرك رأسه بسخريه من حديثها ، حتي هو إلى الٱن يُنهك من فكرة أن يفاتحها بموضوع مرض والدتها ، تمنى لو أخذ منها كل الوجع له وحده ، ولكن هي ماذا تظن من وجهة نظره ؟؟. ، حرك رأسه ناحيتها ثم أجابها بإختصارٍ :
_" اللي إنتِ شيفاه يا نيروز. ، براحتك"
_" مهو براحتي فعلاً ، لأن إنت مش بتعدي أي حاجه أهو ..وأنا اللي بحاول وإنت منفضلي على الٱخر ، لما نزلت معاك وإنت ساكت كده قولت يمكن لما نمشي نفك ، وبردو واخد جنب حتى أكتر من الأول !!"
هجومها في كل مره يكاد أن يصلح الأمر.. ولكن يصعب هو. الأمر عليه ، نظر أمامه ثم تنفس بعمقٍ يتركها تتحدث بما تشاء وما أن إنتهت أجابها هو علي حديثها بهدوءٍ. :
_" مبعديش عشان إنتِ معدتيش قبل كده بردو ، قولتلك إيه اللي يراضيكِي ولففتيني وراكي عشان قولت كام كلمه كانو صح ، صبرت عليكي لحد ما لينتي وبقيتي كويسه حتى ساعتها مفكرتيش بردو فيا وفـ موضعي نحية اللي حصل ، زي ما خدتي وقتك ، بردو أنا هاخد وقتي عادي مش مشكله .."
_"لأ ، إنا مخدتش وقتي إنت مسبتنيش أخد وقتي وفضلت جنبي لحد ما بقيت تمام من نحيتك !"
جاء بالإجابه الذي يريدها هو منها ، حرك عينيه ناحيتها ثم نظر لها نظرة عرفتها جيداً حينما قال :
_" وإنتِ ؟ كنتي جنبي ؟"
_" جيتلك وإنت مشيت وسيبتني ، وقبل ده مسكت إيدك روحت إنت خلتني أسيبها وكأني عندي مرض مُعدي "
سكنت عقب قولها ، ثم إلتفتت برأسها ناحية الشرفه كي لا تجعل دموعها تهبط من كل ما يحدث، كلما يقتربا خطوه بالصلح أحدهما يفسدها وغالباً يأتي الفساد منها هي ، ضغط على فكه بضجرٍ داخلي من كل ما يصل إليه ، أخرج أنفاسه الثقيله من على صدره ثم نظر ناحيتها يجيبها بهدوءٍ :
_" إنتِ غلطانه يا نيروز ، غلطانه فحاجات كتير ، عايزاني أقولك حقك عليا من اللي أنا غلطت فيه زي ما جيتيلي وقولتيلي إنك عرفتي غلطك؟ ماشي ، بس إنتِ مش فاهمه أنا حاسس بإيه دلوقتي ، أنا تعبت مره واحده وأنا شايف كله معارضني وضدي وأنا معملتش غير حاجه واحده بس ، كنت بحاول أحميكي وأرد الحق ، أردلك حقك ، عشان أنا بحبك مش زي ما بتقولي إني مبحبكيش ، أنا عمرى ما ضعفت عشان حد كده زيك ، ولا لفيت حوالي نفسي ولا عقلي إتشغل إلا بيكي، ولا وقفت لأهلى عشان خاطر حد غريب عنهم. ، بس إنتِ القريبه ، من القلب والعقل وحتى البال اللي مهداش غير وأنا نايم لما جبتلك حقك من حسن ، ويزعل اللي يزعل ، مش عاوز أقولك إن كل اللي أنا فيه بسببك ،. كل ده مش مهم بالنسبالي ، أنا أهم حاجه إنتِ ويفرقلي تشوفيني بعد كل ده بحاول وبعمل كده عشانك مش عشان همجي وأناني ومش بفكر فـ غيري ؛ حتى لو غيري شيفيني وحش دلوقتي ، بس أنا متأكد إنك شيفاني أحسن واحد زي ما بشوفك أنا !!"
إبتلعت ريقها ثم رفعت أناملها تمسح دموعها البسيطه التي هبطت بتأثرٍ ، ثم دارت وجهها له فوجدت عينيه تطالعها بتمعن وإهتمام ، وجدت التعب به ، أما هو فلا يعلم سبب محدد واحد لذلك التعب ، بل كان من أشياء وأسباب عده خرجت بوقت غير مفهوم ، مدت كفها تعانق كفه بأسفٍ ثم نبست بنبره هادئه لينه:
_" وأنا أسفه تاني متزعلش مني !!"
تمسك "غسان" بيديها ثم سحبها ناحيته يحتضنها بهدوءٍ بعد أن وقفت السياره ، تنفس بهدوءٍ يخرج ما على صدره ثم إعتدل يشير لها بقوله الهادئ :
_" إنزلي يلا عشان تختاري الأبيض اللي هتطلي بيه ليا "
خرجت ضحكه خافته منها وهي تمسح أثار دموعها ، بينما طالعها "غسان" بحنوٍ ولم ولن يفكر سوى بـ رد فعلها عندما تعلم ما ينتظر والدتها ، نظر لها بحنوٍ وكعادته في كل مره يتنازل عن أشياء لأشياء أخرى تحت ضغطه ، رفع يديه يمسح وجهها بلطفٍ ثم إلتفت يهبط تزامناً مع هبوطها هىٰ الأخرىٰ !!
________________________________________________
في شقة "زينات" بعد مرور وقت قليلٍ ، كانت هي تجلس بجانب "حسن" على فراشه بغرفته ، ترى تأوي جسده وهي تدلكه بيديها بدهان العظام ، إعتدل بجلسته ببطئ ثم نظر على والدته الصامته عقب قولها لحديث كان ومازال يثير غيظه ، نظر على الشاش الملتف حول كفها والخدوش البسيطه الموجوده علي وجهها منذ ٱخر مره كانت بها المنافسه ، هتف بشرر وهو يضغط على فكه بعد سبه لهما :
_" مجلناش المصايب والقرف ألا من ساعة ما جه بروح أمه ،. وكمان الزباله اللي ماشيه تبيع الكل وشارياه هو لوحده ، أحسن مني فـ إيه ده ؟"
كان يستجوبها كما يستجوبها في كل مره ، لطالما هي التي إعتادت علي أن تريه بأن الجميع لم ولن يكونوا أفضل منه ، نظرت له بخبثٍ داخلي ثم قررت اللعب علي نقاط ضعفه أكثر :
_" مش أحسن منك يا حسن ، بس أديك شايف حضوره فأي مكان وأي حاجه بيدوس علينا وعلى هيبتنا ، من ساعة ما جه وأبوك ذات نفسه معتش زي الأول وبقي ياخد جنب ، ولا حتى غسان سايب فرصه إن حد فينا يربي قليلة الربايه دي ، وكمان أختك قالت إنه هو اللي قالها تمشي ، ومحدش إهتم وكلهم مصدقينه إنه ميعملش حاجه زي دي ، كل ماده أبوك يرجع لورا ،. مش هنسى المره اللي إتهانت فيها لما اللي ما يتسمى جه زقني وثبتني بالمطوه أنا وأبوك عشان يخليني أروح لنيروز وأقف قدامها أتذل ، ولا لما أختها الحربايه وقعتني ونزلت ضرب فيا هي وأختك جميله ، كل ده ومحدش جابلي حقي يا حسن وانت ساعه موجود وعشره لأ ، أنا تعبت تعبت يبني من الهم ده وأبوك مبقاش يعمل حاجه ، دا حتى أختك جميله حازم خطبها لواحد محلتوش حاجه وكمان مش متعلم وأبوك لما رفض وقفله حازم اللي خرج من تحت طوع أبوك ، معتش ألا إنت يا حسن تدور علي أختك وتردلي حقي !!"
ود لو. يستهزء من جزء معين من كلماتها ، تجعلهم أشقائه فالوقت الذي يروق لها وفقط ؟! ، تصنع الشرود كي تحل عن عقله ثم هتف بتوعدٍ وهو ينهض:
_" قريب يمّا ، قريبّ هقهرهم ، متشغليش بالك "
نهض ببطئ ثم تحرك ليخرج من الغرفه تزامناً مع حركتها هي الأخرى ثم قالت بتساؤل مهتم :
_" طب انت رايح فين يا حسن الوقتي !"
_" فـ داهيه "
قالها "حسن" بغير إهتمام وهو يحك أنفه ، خرج ومن ثم أمسك مقبض باب الشقه وقبل أن يفتحه وجد من يقف خلفه يهتف بإستهزاءٍ منه حتى وصله قوله :
_" على فين يا سعادة الباشا ،. ما لسه بدري مش تقعد تعملنا كام مشكله كده وتغور تاني ! "
إلتفت "حسن" يطالع وجه والده بتهكمٍ ثم قال هو الٱخر بنفس النبره الساخره :
_" لو هعمل حاجه هعملها بمزاجي. ، وبعدين أسيبهالك مخضره أحسن بدل ما كل شويه وجودي ببقا تقيل علي قلبك ، عالأقل تدي لنفسك فرصه تاخد حق أمي وتدور علي أختي ولا أنت ما صدقت يا ..بابا !!"
وقح! عاق! كل معاني السوء به. ، نبرته الساخره وصلت لـ "سليم " بشده حتى أن ملامح وجه ظهر عليها الغضب وهو يقول بإنفعالٍ :
_" ما إنتَ لو عاقل وبتظهر تحل مكنش ده بقا حالك ولا كلامك بس كله منك ومن أمك اللي بوظتك !"
تشنجت ملامح وجه"زينات " بضجرٍ ، في حين فعل "حسن" صوت معارض من فمه باستفزازٍ ثم هتف يجيبه بنبره بارده :
_" الكلام ده معتش بياكل معايا ، سيبنالكم هنا العقل عملتوا إيه. ؟ واحد خرج من تحت طوعك ، والتانيه خطبت واحد بردو غصب عنك ، والتالته مشت من البيت وسابتك ويا عالم فين هي الوقتي ،. وكل ده ومش عارف تاخد منهم حق ولا باطل ، وساكت علي هزاءة أمي ،. وسايب الكل يحط عليك ، حتى نيروز اللي كانت زي الحبل الملفوف على صباعك وبضغطه أو اتنين عليها كانت فاتها متجوزاني من زمان حتى لو غصب عنها ، كل حاجه هنا بتحصل وحصلت بسببك ، بس بص وشوف مين باقيلك ؟ "
الجحود ظهر بحديثه وهو يستجوبه ، هتف مجدداً. يواصل حديثه بنفس البرود الذي يزيد من إنفعال والده :
_" ولا واحد باقيلك هنا ، يعني أي حاجه هتحصلك مش هتلاقي حد منهم جنبك ، كله خلاص سابك ، محدش فـ إيده يبقي باقيلك وتحت إيدك غيري أنا بس ، بس في الأحلام الكلام ده !"
وقف "سليم" أمامه وقد ربط لسانه من إرداف حديث ليجيبه له ، رفع يديه يصفعه بقوه علي وجهه ، تحرك وجه"حسن " ناحية اليسار وهو يسمع صراخ والده عندما هتف عالياً يوبخه :
_" إنت قـليـل الأدب ومــشوفتــش ربايه !"
تحركت "زينات" سريعاً تقف بالمنتصف كي تفصلهما عن بعضهما ، أما "حسن" فـ ردود فعله غير متوقعه بسبب ما هو به ، دفعها حتى رجعت إلي الخلف ومن ثم وقف أمام والده وقد إحتدت عينيه مما جعل"سليم" يبتلع ريقه برهبه من تصرفاته عندما هتف الٱخر يجيبه بغضبٍ :
_" ولما أنا متربتش جاي تقولي أنا ليه دلوقتي ، ولو أنا متربيتش فأنتَ ضعيف وجبان وعمرك ما هتعرف تتصرف في وسط اللي بيحصلك ده !"
نظر "سليم" بذهولٍ له وهو يتحرك ليلتفت حتى يخرج ، وقبل أن يخرج وقف يطالع "والدته" التي إعتدلت بألمٍ تقف بجانب والده ثم هتف بسخريه يشير لها بقوله :
_" إبقي قوليله بعدين إن اللي بيولع النار مبينساش يطفيها !"
قصد ما رٱه وما عاناه من رب أسره ليس عادل ، قصد تربيته الغير سويه له ؟ ! ، قصد كل ما كان يراه من تعنيف له على أشياء تستحق وأخرى لا تستحق ، أغلق باب الشقه بعده بقوه وهو يصفعه حتى إنتفضت تلك التي تقف لتنتظر المصعد ، ولم تكن سوى "وسام" التي من المفترض بأنها ستهبط إلى دروسها ،. إبتلعت ريقها رغم قوة شخصيتها إلا أن ظهر علي ملامح وجه الغضب ، تحرك "حسن" ناحيتها ثم وقف بجانبها وهو يبدل ملامح وجهه للثبات مردداً لها بإستهزاءٍ :
_" أحلى حاجه فيكي إنك مش طالعه شبه أخوكي !"
تظاهرت "وسام" بالثبات ثم رددت تجيبه بإندفاعٍ :
_" إحترم نفسك يا مهزأ إنتَ وخليك فـ حالك !"
ظهر"شادي" على الفور وهو يصعد علي السُلم وبيديه بعض الأكياس ،. صعد بها عندما وجد المصعد مشغول ، نظر لها بإستنكارٍ ثم وزع نظراته بينها وبينه. ثم قال:
_" في حاجه يا حبيبي ؟"
_" حبيبك فـ قلبك يا خويا ، اطلع منها ملكش فيه !"
إبتسم "شادي" ببرودٍ ثم ترك ما بيديه على الأرض وهو يجيبه:
_"لا دا إنت بتحلو أهو ، ده من إمته بقا دا ؟"
صمت ثم أشار بعينيه لها وهو يردد :
_" إنزلي على السلم يـلا ، ولما تشوفي الأشكال دي متستنيش تركبي معاها أسانسيرات ماشي ؟"
هزت رأسها بترددٍ ثم سارت بهدوء تهبط من علي الدرج بعد أن كانت توزع نظراتها بينه وبين الٱخر ، إلتفت "شادي" فوجده يقف ينظر بصمتٌ مترقب به بعض التهكم ، أشار له بيديه ثم هتف بجديه شديده :
_" إمشي من هنا يَلَا ، وبعد كده لما تلاقي واحده من عندنا هنا وتبعنا لا عينك ولا كلامك يتحركو نحيتها ، سامعني ؟"
_" ولما إنتَ كده يعني مبتفاتحش صاحبك ليه ؟ لتكونوا مقضينها مع بعض من وراه !"
صمت يطالعه بإستفزازٍ ثم واصل يكمل بسماجه :
_"حقا؟؟ وربنا دي تبقى فضيحه عنب ، حتى صاحبك خصمي ومحتاج أنا حاجه زي دي أدوس عليه بيها !!! "
وما أن قالها وجد "شادي" يمسكه من تلابيبه بإنفعالٍ وهو يسبه بأفظع ما يمكن سبه به ، ثم أمسك يديه يكتفها وهو يلكمه في وجهه ، دفعه "حسن" عنه بكل ما يملك من فعله ، ثم قال بنبره مرتفعه :
_" ودينـي مــا سايبكم ، ماشي . !"
قالها بتوعد ولم يفعل شئ ٱخر ، دخل المصعد بعدها ثم أغلق سريعاً ، أما "شادي" فوقف يتنفس بصوت مسموع إلى أن انتشل الأكياس بغيظٍ ثم توجه ليدق باب شقة "حامد" !!
_________________________________________________
أغلق باب الشقه من خلفه بهدوءٍ ثم أخرج مفتاحه يغلقه من الداخل جيداً حيث نوى على ما سيفعله ، نظر "شريف" بترقبٍ للمكان الساكن ، لم يعود هو إلى المنزل من ٱخر مره كان بها وفعل ما فعله ، توجه بخطواتٍ بطيئه يمسك بمفتاحه ثم وضعه في باب الغرفه التي هي بداخلها ، من المفترض بأنها غرفته ، إبتلع ريقه وهو يفتح القفل الذي بداخل الباب تلقائياً فعل الباب صوت وهو يُفتح ، وما أن فتحه وجدها تجلس القرفصاء على الأرض والمكان بما به مهشم من حولها ، نهضت رغم ألمها ، نظرت له برهبه وهو يقف يطالعها بصمتٍ عندما دخل أكثر ، توجه بخطواتٍ هادئه يقترب منها ، أما هي فحركت رأسها بالنفي وهي ترجع إلي الخلف ، إلي إن وقفت أمام الجدار وهو أمامها ، هبطت دموعها عندما هتفت بنبره خافته خرجت منها بأعجوبة :
_" إبـ ـعد عنـ ـي "
أخرج أنفاسه بصوتٍ مسموع ثم تحركت نظراته علي الفراش الغير مرتب ومن ثم على ملابسها التي كانت ومازلت عليها ، رفع يديه يتلمس جرح يديها بإستهزاءٍ فتفاجأ هو بقوتها وهي تدفعه عنها بعزم ما لديها ، رجع إلى الخلف إلى أن وقف علي بعد خطوات منها ، طالعها بسخريه ثم تجاهل ما فعلته وهو يتساءل :
_" حاسه بـ إيه يا فريده ؟ قوليلي عشان أعرف أكتر أختي حست بـ إيه ساعتها ، وعلفكره أنا موجب معاكي ، عارفه هي ؟؟"
صمت عقب قوله الساخر ثم واصل مجدداً بألم وتشفي بٱن واحد:
_" هي كان تلاته بحالهم بيعتدوا عليها ، شوفتي بقا الوجع ؟"
رفعت "فريده" كفها تمسح دموعها بقوه ثم هتفت بإندفاعٍ حتى أن نبرتها خرجت مرتفعه وهي تصيح عالياً :
_"خـــرجـــني مـــن هــــنـــا !! "
خرجت ضحكته الساخره وهو يقترب منها أكثر ثم أخرج أنفاسه وهو يهز رأسه بكيدٍ تزامناّ مع قوله الساخر :
_" بسرعه كده ؟ ، طب دا حتى مش ناوي أحبسك كتير زي ما أبوكي حبسها !"
تحركت من أمامه كي تخفي رعشه يديها وعلي فجأه انحنت تجلب من الزجاج الملقي بتهشمه علي الأرض ، ثم وضعتها علي رقبتها وهي تبتزه حينما قالت:
_" لو مسيبتنيش أمشي هموت نفسي وهجبلك مصيبه هنا !"
لم. يتحرك إنش واحد ، بل نظر لها وهو يكبت ضحكاته ثم أشار لها بغير إهتمام مع قوله الذي لم يصدمها منذ أن عرفت دنائته :
_"عادي ! ، موتي نفسك ! ، إنتِ أصلاً مش فارقالي ، إنتِ مجرد واحده رخيصه، وخلاص كارتك إتحرق ، وخدت حقي منك ، لسه أختك ، ساعتها هسيبك تمشي وده وعد ، ماشي ؟؟"
تركت ما بيديها يقع أرضاً ثم أذنت لدموع عينيها الكثيره بأن تهبط حتى تحركت رأسها وهي تصرخ به بلومها :
_" أنا عملك إيه عشان تعمل فيا كده ؟ ، دا أنا حبيتك وإديتك الأمان ، إختارتك إنت من بينهم كلهم وبيعت الكل علشانك ، وعلى قد ما حبيتك على قد ما كرهتك ، أنا بكرهــك ، بكــرهك يا شــريف !"
ٱخر حديثها كان كره من بين دموعها توصله له بالصراخ ، أما هو فرفع يديه يزيح خُصلاتها التي هبطت علي وجهها من الأمام ثم. ردد بنفس الكره :
_" وأنا كمان بكرهك يا فريده ! ، أوي "
دفعت يديه و ذراعه بعيداً عنها ثم صرخت تعنفه وهي تدفعه بعيداً عنها :
_" متلمسنــيــش ، إبــعد إيدك القذره دي عــني !!"
قلب عينيه بنفاذ صبر ثم أمسك خصلاتها بإنفعالٍ وهو يهتف من بين ضغطه علي فكه :
_" محدش قذر هنا ألا إنتِ ، فاكره نفسـك مين عشان تمدي إيدك عليا ، مش كفايه ابوكي اللي هو والدنيا مدوا إيدهم عليا ، لو إيدك لمستني تاني ساعتها هعرفك إيه هي القذاره اللي بجد! "
ترك خصلاتها تحت تأويها بالألمٍ ثم دفعها حتى وقعت هي على الأرض ، طالعها بشررٍ وتشفي وهي تمسك خُصلاتها بوجعٍ من بين شهقاتها المنهكه ، دق هاتفه بجيب بنطاله مد يديه يأخذه حتي سب المتصل وكاد أن لا يجيبه ولكنه تذكر الخطه سريعاً ، أمسك الهاتف بحذرٍ كي لا يضغط رغماً عنه على الإجابة ثم جلس على الأرض أمامها وهو يسند علي ركبتيه ثم جذب قطعة زجاج حاده يضعها أمام رقبتها وهو يردد بتحذيرٍ :
_" لو سمعت صوتك وأنا برد على التليفون هغرقك في دمك !"
قربها منها أكثر حتى تأوت من الجزء الحاد الذي لامس رقبتها ، لطالما يعلم هو بمدي جُبنها ، هزت رأسها له بخوفٍ ظهر عندما أشار لها مره ثانيه بما تفكر به ، فتح الهاتف بيديه الأخرى ثم وضعه علي أذنه وهو يسمع الطرف الٱخر يقول :
_" بقولك تعالالي الوقتي حالاً فنفس المكان اللي كنا فيه ، نزلت رايحه درس ويمكن تيجي فـ أي وقت ، ها ؟؟"
وزع نظراته عليها وعلي ملابسها التي كشفت عن ساقيها ، أجابه بهدوء على حديثه وهو ينظر عليها :
_" متأكد إنها هي يا حسن !"
وما أن سمعت إسم شقيقها تحركت حركه ملحوظه ، فقرب هو ما بيديه أكثر بتحذيرٍ ، حتى سكنت وصمتت ، وجد التأكيد منه فردد يجيبه بإختصارٍ كي يغلق الخط :
_" تمام ، عشر دقايق كده وهتلاقيني قدامك!!"
أغلق هو الخط كي يتأكد من إنتهاء المكالمه ، ترك ما بيديه حتى وقع على ساقها ببطئ ، تحركت سريعاً تضع يديها علي رقبتها التي خدشت وظهرت الدماء على يديها ، نهض بسرعه ثم وقف ينظر لها وهي جالسه حتى تحدث أخيراً بقوله قبل أن يرحل:
_" كل مكان هنا متقفل كويس أوي ، وهخرج وهقفل عليكي من برا وهسيبلك الشقه عشان تغيري وتاكلي ، ما إنت بردو بني أدم لحم ودم ، لو حاولتي تمشي بأي طريقه قذره هجيبك تاني ، دا غير إني هفضحك فضيحه الدنيا والٱخره وهعرف الدنيا كلها إنك كنتي عايشه معايا من غير جواز ، والعقد العرفي ده خلاص بح ، إتولع فيه من زمان، مش عارف ازاي غبيه كده ، مفيش ولا حاجه واحده تساعدك توصلي لحد وده من زمان مش من دلوقتي ، حتى تليفونك اللي أنا خدته ، بحييكي علي غبائك ده ، معاقه ذهنياً لدرجه متتوصفش يا فريده ، ليكون أمك وأبوكي قرايب ؟؟ "
مع ضحكته أردفها هو بسخريه ، نظرت له بتقزز ثم بصقت عليه وهي ترفع أنظارها له تحذره بتوعد مما هو قادم :
_" مش هسيبك يا شريف ، أقسم بالله ما هسيبك وهاخد حقي منك لو روحت فين !"
_" طيب!"
برود ، وإستفزاز بـ ثلاثة أحرف ، ثم خرج ولم يترك لها الفرصه بالحديث مجدداً سمعت صوت فتح الباب بعد أن غلقه ومن ثم غلقه مره أخرى بحرص بعد أن فتحه ليخرج منه ، شهقت بقوه من بين دموع عينيها لوضعها بمثل ذلك الموقف ، إنكسار ، تشتت ، ضياع ، لا تشعر إلا بسواهم وفقط !! بعد اللوم لنفسها على ما يقرب مائة مره في الثانيه الواحده !!
______________________________________________
وقفت "ياسمين" على السلم قبل أن تهبط ، تودع "سُميه" وشقيقتها وحتى "عايده" و"جميله" التي اتت منذ وقت ، ولا يخلو الوداع من عائلة "حامد" هو الأخر ، منه ومن "دلال" ، أما "شادي" فوقف مع "بدر" يلاعب "يامن"
_" مع السلامه يا حبيتي ، خلي بالك من نفسك شكلك هبطان كده !"
قالت "سُميه" حديثها لـ "ياسمين" التي ابتسمت لها بإطمئنان ثم اجابتها بحبٍ :
_" المهم إنتِ يا ماما ، خلي بالك من نفسك كويس أوي ، أنا هروح أشوف بس الشقه اللي محتاجه تتنضف دي وهبقي أرجع تاني ، محتاجه حاجه ؟"
هزت رأسها بالنفي ، بينما توجهت هي لتحتضن "جميله" و"عايده" وحتى "دلال" ، ووقف "حازم" يودع "بدر" و"شادي" قبل أن يرحلوا ، دخلا الإثنان المصعد ، بينما دخل الجميع إلى شقة "سُميه" يجلسوا عدا "عايده " وابنتها ، أغلقت "ورده" الباب تزامناً مع حديث "سُميه" لـهم :
_" متعرفوش غسان ونيروز هيرجعوا إمته ؟"
وقبل أن تجيب "دلال" هتف "حامد" بعقلٍ وهو ينظر لها :
_" عم غابوا فعلاً بس مش أوي ، وبعدين الله يصلح حالهم اللي نازلين عشانه مش سهل بردو "
تنفست بعمقٍ ثم نظرت إلي الصغير تشير له بحبٍ ، لاحظ "حامد" هدوء "شادي" المُريب حتى أنه إستأذن حتى ينصرف قليلاً ، أذنوا له حتى خرج من الشقه وهو يغلقها خلفه ، ثم رفع أنظاره حتى ثبتها بذهولٍ عليها وهي تقف وقبل أن تدق جرس الباب هتف هو بصدمه :
_" أُم عيون قناصه ؟؟؟"
إلتفتت "منه" عندما سمعت صوته يأتي من خلفها ، طالعته ببسمه واسعه وسرعان ما تلاشت وحل محلها الاستهزاء عندما تذكرت أخر محاولاته للوصول إليها ، هتفت هي هذه المره وهي تتصنع الصدمه :
_" شادي بيه ؟؟؟"
هز رأسه يؤكد لها بغرورٍ زائف ثم تحرك يقف أمامها وهو يسألها بلين:
_" إيه اللي جابك يا بت يا منه ؟"
_" وإنت مال أهلك يا شادي بيه ؟"
نظر لها "شادي" بذهولٍ من وقاحتها ، ثم نظر لها بضجرٍ وهو يردد :
_" إنتِ كده بتغلطي فيا علفكره ، كده عيب منك بقا !"
_" ومش عيب منك تدخلي من أكتر من رقم ؟؟ وترن عليا؟ وكمان بتحاول تفتح الإنستجرام عندي ! "
نظر لها "شادي" بثباتٍ ثم ردد يجيبها ببراءه زائفه :
_" أنا ؟"
_" أه ، محدش بجح غيرك ممكن يعمل الحركه دي ، وبعدين أنا عامله لكله. حدود ومفيش غيرك اللي لزقه عامل زي اللبانه مبيمشيش ولا يحل بعيد !! "
حرك رأسه بقلة حيله من طبيعة كلماتها الجريئه ، كبت ضحكته ثم ردد من بينها بغمزه عين :
_" مش يمكن إرتاحتلك ومُعجب بيكي!"
حركت "منه" أنظارها وهي ترفع شفتيها بإستنكارٍ ثم رددت تجيبه بجرأه :
_" إنتَ ٱخر واحد ممكن أبص ليه ، إنت بصباص وبتاع بنات ومحدش يأمنلك !!"
إبتسم ببرودٍ ثم تحدث ببساطه يجيبها :
_" مش يمكن أتوب علي إيد أم عيون قناصه وشعر إسود قصير زي الحرير!"
لم تمنع ضحكتها بأن تخرج منها ، حاولت معه بكل الطرق على أن تبعده عن طريقها ولكنه لا يمل إذن ، تنفست بعمقٍ ثم قالت كي تنبهه:
_" بُص. !"
_" باصص والله ، مش عارف أبص غير على جمالك ! !"
حركت رأسها بإشمئزاز من غزله الذي لا يروق لها ، طالعته بتمعن وهي تردف بقية كلماتها بهدوءٍ شديد له :
_" بتعرف تعاكس والله بس أنا اللي مبيجيش معايا الكلام ده ، وعاوزاك تعرف لتاني مره إني مش هاجي بالطريقه دي ، ثم إن الحلاوه مش كل حاجه يعني !"
أخذ "شادي " أنفاسه ثم ضحك بخفه وهو يسألها بمرواغه :
_" قصدك حلاوتك ولا حلاوتي !"
_" حلاوتك!"
قالتها بتلقائيه حتي أنها فتحت عينيها علي وسعها مما قالته للتو ، قهقه عالياً ثم رفع يديه يصفق بحراره وهو يردف بحماسٍ يُهلل :
_" حلاوتك إنتَ يا عسل !"
هربت من نظراته بعد أن نظرت له بحده ،ثم دقت جرس الباب وهو لايزال واقف ، وقبل أن يفتح لها الباب سألها بجديه شديده :
_" طب إنتِ جايه ليه بجد مقولتليش يعني !"
_" ملكش دعوه ، وبعدين هاجي ليه يعني ، أكيد مش عشان أشوف سواد عيونك!"
_" طب والله إنتِ جيتي عشان أشوف أنا سواد عيونك القناصه اللي مراعتش الجريح ، وأنا الجريح ، ما تحنيلي وتجيلي بقا .."
وقبل أن تجيبه فُتح لها الباب بواسطة "جميله " التي ابتسمت لها باتساعٍ وهي تقول :
_" كل ده يا منه ، مستنياكي من ساعة ماكلمتني وقولتيلي إنك جايه .."
_" معلش يا جميله إتأخرت بجد ، وقولت أجي أباركلك هنا عشان مجتش النهارده الجامعه.."
إبتسمت لها بحبٍ ثم خرجت من أحضانها وكادت أن تتحدث "جميله " ولكن قاطعها وقوف "شادي" الذي نظر للأخري بتسليه ، وزعت "جميله " نظراتها بينهما ثم هتفت بترقبٍ :
_" هو في حاجه حصلت ولا إيه ؟"
_" هيحصل إيه يعني ، ما معروف إنه بني ٱدم وقح ومستفز !!"
شهقت "جميله " بخفوتٍ وهي تعنفها بنظراتها بينما نظر "شادي" لها بصمتٍ ثم هتف بتوعد زائف :
_" ، أنا سايبلك لحد ما خدتي عليا، لو مسكتك هرنك علقه محترمه"
شهقت" منه" باستنكارٍ ثم تركت يد الأخرى التي كانت تتمسك بها كي لاتتحرك ثم أجابته بشراسه وهي تشير له :
_" علقة مين يا أبو علقه ، ناسي البوكس اللي كان فـ وشك ولا إيه ، إن كنت ناسي أفكرك أنا تاني !"
_" فكريني لو جدعه!!"
قالها بعنادٍ وهو يقف أمامها ، أما هي فابتسمت بخبثٍ ثم عاندته وهي ترفع يديها فأمسك هو معصمها سريعاً ، فرفعت الأخرى فأمسكها أيضاً بيديه الأخرى ، نظرت له بغيظٍ ، ثم وجدته يضحك بانتصارٍ وهو يردد بغرورٍ من وضعهما :
_" عرفتي بقا ، يلا نفذي الرهان !"
وقفت "جميله " تنظر بصدمه من ما يحدث من عبث ، أماهي فحاولت دفعه عنها وهو يمسك كلتا يديها حتى تركها هو بإرادته ثم أردفت بتعنيفٍ :
_" إبعد كده ، إنت ما صدقت ولا إيه !!"
صمتت تتابع ثباته المستفز، ثم واصلت مره أخري باستنكارٍ :
_" رهان إيه ده ، إنت هتستعبط !"
_" تفكي البلوك "
ضحكت" منه" بإستهزاءٍ ثم أشارت له بغير اهتمام وهي تقول تزامناً مع سيرها لـ شقة "جميله " :
_" دا عندها !"
_"عند مين ؟"
هتفت بها "جميله " بغرابه ثم كبتت ضحكتها عندما اجابتها علي سؤالها :
_" عند أمه !"
_" أمي ميته والله !"
_" عقبالك يا حبيبي!!"
سحبتها"جميله " كي تتوقف عن حديثها الذي لم يكن به حرف واحد لبق ، أما هو فغمز ثم قال قبل أن يتوجه ناحية السُلم يهبط من عليه :
_" حبيبك يا منه! ، هبقي حبيبك ، هحققهالك !"
سَمع هو صوت إغلاق باب الشقه ، وهو يهبط على الدرجّ يكتم ضحكاته علي عفويتها وتلقائيتها وحتى وقاحتها التي جذبته ناحيتها أكثر..، هبط كي يسير بمفرده ينفرد بنفسه بعد أن شعر بثقلٍ غير مفهوم علي قلبه، ولكن وجودها جعله يضحك بخفه علي ما تفعله دون حساب !!
________________________________________
كان قد مر وقت منذ ذهابهم لإختيار فستان الزفاف ، ومن ثم خرجا هما بعدها للذهاب للقاعه الذي رٱها أحدهما على إحدى الصفحات حتى تم الحجز وذهب للتأكيد ودفع بعض الأموال ، ركبت السياره في الأمام بجانبه ، قد أُنهك الإثنان اليوم بما به الكفايه ، جلست بتعبٍ تزامناً مع ركوبه هو الٱخر ، مد يديه لها بالأكياس التي توجد بها الطعام ، انتشلتها منه بهدوءٍ ، وإلى الٱن تلاحظ صمته الغير ظاهر أيضاً ، حاولت فتح الحديث معه عندما سألته بعفويه :
_" حاسس بـ إيه بعد ما حجزنا الفستنان والقاعه وكده ؟"
تنهد "غسان" يخرج أنفاسه ثم ابتسم لها بإتساعٍ وهو يردد بهدوءٍ تزامناً مع قيادته للسياره :
_" مبسوط يا نيروز، وبتمني تعدي على خير ، عشان يجمعنا بيت واحد بقا بعد كل ده !"
فتحت العُلبه ثم جذبت منها شطيره توجهها له بحنوٍ ، رفع يديه الأخرى يأخذها منها وهو ينظر على كتفها ، نظرت له بسعاده رغم إرادتها بأن يعود لطباعه التي تعهدها هي ، وجدت الإهتمام بنظراته وحديثه عندما قال قبل أن يضع الطعام بفمه:
_" بكره إن شاء الله نروح نغير على الجرح فالمستشفي ، لسه دراعك بيشد عليكي زي الاول !"
_" لا الحمد لله ، أنا بسيبه أصلاً فالبيت من غير الحامل ده ، بس لما خرجت حطيته ، يعني مش هقعد كتير كده إن شاء الله!"
هز رأسه لها ثم مضغ ما بفمه بهدوءٍ وهو ينظر أمامه بتمعن ، فـ تنفست هي بعمقٍ ثم رددت تتحدث بعقلانيه :
_" مالك يا غسان ، إحكيلي مالك عشان حاسه إنك مش تمام حتى بعد ما كل حاجه بقت عالأقل تمام !"
حرك "غسان" رأسه لها بإطمئنان دون أن يجيبها ، فرددت هي مره أخرى تقول :
_" قولي مالك وأنا جنبك وهساعدك !"
إبتلع ريقه ، ثم نظر لها يسألها بإندفاعٍ هادئ ظهر لها :
_" هو أنا وحش يا نيروز ؟؟"
صمتت بذهولٍ مخفي من سؤاله الغير متوقع ، أخرجت أنفاسها بهدوءٍ ، ثم إجابته بصدقٍ :
_" لو قولتلك إنك أحلى واحد فالدنيا دي هتصدقني ؟ ، إنت مش وحش يا غسان ، إنت مفيش حد فـ جمالك ، ياريت كل الناس تشوفك زي ما أنا شيفاكّ ، ولا أقولك ؟؟ بلاش عشان أنا هغير كده !!"
خرجت ضحكته منه ، حتى أنها كانت تشتاق لضحكاته العاليه ، تشببتت بنظراتها وهي تطالعه بصدقٍ لمشاعرها ، أردف هو عقب ضحكاته بحبٍ ونبره هادئه قليلاً ما تخرج منه بعد أن عرفها :
_" ياريت فعلاً الكل يشوفني زي ما بتشوفيني إنتِ ، يمكن كان كله حبني علي عيبي زي ما عملتي !"
_"حتى عيوبك بحبها رغم المشاكل بس في كل مره بعرف إنها هتنتهي وحبنا هو اللي غالب ، لكن دلوقتي أنا مش مرتاحه وأنا شييفاك كده قدامي !"
ركن السياره بأحد الجوانب أمام المبني تزامناً مع إجابته المطمئنه :
_" أنا كويس ، كويس بيكِ !"
وما أن قالها أشار لها بأن تهبط ، حتى هبط و هبطتت وبيديها الأكياس الذي إنتشلها هو منها ليحملها ، سارت بجانبه ونظراتها لا تفارقه ، دخل وبعد لحظاتٍ ركب المصعد معها وهي مازالت تطالعه بغرابه
_" بصراحه إنت مش كويس يا غسان !"
لم يجيبها علي حديثها ، وعقله لم يفوت فكرة مرض والدلتها ، بل وشيطان عقله يصور له. صور متتاليه لها ولحالتها النفسيه ، والطبيب النفسي الٱن !! ، خرج من المصعد وهي بجانبه ، وقف ينظر لها بهدوءٍ قبل أن يتوجه ناحية شقته ثم نبس بنبره هادئه :
_" هدخل أرتاح شويه ، عاوزه حاجه ؟"
_"لا متمشيش ، مش معقول صابره من أول اليوم وتيجي تهرب وأنا مستنياك تيجي تقول اللي عاوزه ، مالك ؟"
قالت "نيروز" ٱخر كلمه وهي ترفع أناملها تدير وجهه لها ، هرب بنظراته منها ثم نظر لها بسكون حتى قرر إستجوابها بطريقه غير مباشره :
_" في مشكله كده حكهالي أخو واحد صاحبي ومش عارف يفاتحه ازاي فيها "
نظرت له بشغفٍ ثم رددت تجيبه بطيبه:
_" طب قولي إيه هى ممكن أساعدك عادي "
تحرك "غسان" ببطئ ثم أخرج مفتاحه يدخله بالباب تزامناً مع قوله:
_" هغير هدومي وأعمل حاجه أشربها وأحكيلك ، هتيجي ولا تروحي تغيري إنتِ كمان !"
لم تتركه مع نفسه إذن ، تحركت "نيروز" بإصرارٍ ثم وقفت خلفه فابتسم هو باتساعٍ حتى فتح الباب كي يدخل ومن ثم دخلت هي ، وما أن دخلت أغلق الباب خلفه ، لاحظت سكون المكان بشده ، تنحنحت بحرجٍ ثم رددت وهي تنظر له يتوجه ناحية غرفته :
_" ده شكل مفيش حد هنا "
_"بسام هنا أهو جوه فأوضته متقلقيش إنتِ مراتي يعني !"
قالها وهو يلاحظ غلق الباب باستثناء مسافه صغيره وطيف شقيقه يظهر يبدو أن يذاكر ويقرأ بإحدى الكتب التي لها علاقه بمهنته ، جلست بإنهاكٍ على الأريكه بالصاله. ثم فتحت هاتفها تعبث به بمللٍ إلى أن لاحظته يخرج بمظهره من الغرفه ، ملابسه الغير مرتبه ومن ثم يخرج بعفويه وهو يتثاءب ويضع يديه علي فمه بنعاسٍ ، وقف بهلع مره واحده عندما وجدها تجلس ، ثم وضع يديه علي موضع قلبه ، تنحنحت هي وهي تكبت ضحكتها ، أما هو فتحرج ، إعتدل سريعاً يعدل من شكله ثم توجه ناحيتها يتحدث بلطفٍ :
_" منوره يا نيروز "
_" دا نورك يا دكتور !"
قالتها بخجلٍ ثم إعتدلت هي الأخرى بحرجٍ عندما وجدته يجلس علي بُعد منها ، هتف من جديد بعد لحظاتٍ يردف لها بتفهمٍ :
_" كُنت عاوز أقولك إستحملى غسان ، هو برده بيحبك وبيحب وجودك ، وحتى ممكن يقف قصاد أي حد عشانك ، بس أخد جنب من بابا وماما ومش بيتكلم معاهم أوي من ساعة إمبارح ، هو بيحبك وهيفهم كلامك أوي لما تقوليله إنهم بيتمنوا ليه الخير وبس والله !"
نظرت له باستغرابٍ من جزء معين من حديثه ، فهتفت تسأله بترقبٍ :
_" هو في حاجه حصلت امبارح غير كلامنا مع بعض !"
هز رأسه بنعمٍ دون أن يعطيها تفاصيل بل أجابها بالمختصر كي لا تأخذ موقف من والدته :
_"حصل شد بينه وبين بابا وماما بس كان شديد شويه من نحية الكلام ، لأن أنا حسيت إن الكلام كان صعب عليه ومش فوقته ، بس انتِ عارفه هتحتويه إزاي صح ؟"
سألها بترقبٍ فأومأت له بنعمٍ دون أن تفهم أكثر ، وجدته يعتدل عندما فتح "غسان" باب الغرفه وهو يبتسم باتساعٍ لشقيقه الذي توجه ليجلس بجانبه ، ثم وضع يديه علي كتفه بعاطفة إخوه ، نظرت لهما "نيروز" بإعجابٍ من علاقتهما ، حتى أمعنت النظر بوجه كل منهما ، لا تعلم هي كيف فرقت بين نسختين متطابقتين كمثل هذان !! ، فارق لون الخصلات الغير ملحوظ سوى من لديهم. القدره علي الملاحظه أو من يراهم بشكل متواصل كمثلها ومثل عائلتها هي بعد الٱن !! ، وحتى لحية كل منهما الخفيقه التي زينت وجههما ، خرجت من شرودها عندما وجدت"بسام " ينهض ناحية المطبخ وهو يهز رأسه لـ قول "غسان " له عندما قال :
_" بس مظبوطه ، متحطش سكر كتير ، وإعمل لنيروز كوباية ليمون بالنعناع ساقعه !"
نظرت له "نيروز " بحرجٍ ثم عنفته بلطفٍ وهي تراه ينهض ليجلس بجانبها:
_" إنت بتتعبه ليه ، أكيد مشغول ، عديني أقوم أعمل أنا ".
أمسك يديها يقاطع نهوضها وهو يضحك ثم أجابها بنبره هادئه ظهر بها بعض العبث الطفيف :
_" هو متعود على كده ، وبعدين هتعملي ايه بدراعك ده ، مستعجله علي العمايل ليه بكره تعملي وانتِ فـ بيتي لحد ما تقولي إرحموني !"
_" يعني إنتَ مش هتساعدني ولا إيه ؟؟"
قالتها بجديه شديده فجلس هو بأريحيه يجيبها على حديثها بقوله :
_" أنا قولتلك إن مليش فـ حوارات المطبخ ، بس أتعلم عشان خاطرك !!"
أنقذ نفسه هو بٱخر حديثه ، إبتسمت له بلين ، ثم طالعته باهتمامٍ وهي تسأله بجديه :
_" ماله بقا صاحبك ، إحكيلي يمكن أساعدك وأقدر أفيدك !!"
إعتدل "غسان " بجلسته ، ثم أخذ أنفاسه يجيبها بعقلانيه كي يعلم مدي عمق تفكيرها وردود أفعالها :
_" كانت مامته تعبانه بمرض القلب وماتت بيه ، وكان متعلق أوي بيها ، كان بيحبها حُب كبير أوي بس ماتت وسابته وهو إتأثر بعدها ويمكن لسه لحد دلوقتي متأثر بس تعايش مع الأمر الواقع ، وبعد سنين باباه المفروض هيعمل عمليه فالقلب لأن عنده نفس المرض اللي مامته ماتت بيه بس صاحبي مبيعرفش ومش عارفين يجبهالو ازاي!! "
إبتلعت "نيروز" ريقها الذي جف ، ثم حركت أنظارها بتيهه ، ومازال هو يطالعها بإهتمامٍ ، تذكرت مرض والدها الراحل وتعلقها به !! ، أخذت لحظاتٍ ومن ثم أجابته بهدوءٍ وهي تنظر لعينيه :
_" هى صعبه أوي ، يمكن أنا حاسه بـ صاحبك ده ، بس هو المفروض يحصل إفرض باباه دخل عمليات من غير ما يعرف هيبقي رد فعله ايه وهيودعه ازاي!، حتى لو صعبه بس أكيد في طريقه تقوله بيها ، ممكن تقعد وتستدرجه وبعد كده تجبهاله بهدوء ، فاهمني ؟"
ماذا إن علمت بأنها من سُميت بصديقه ورفيقه وهو الذي يستدرجها !! ، تنهد يخرج أنفاسه حتى أن في هذه اللحظه هربت الكلمات منه ، صمت ينظر بصمتٍ. على ملامح وجهها بهدوءٍ ، موضوعها ومواجهته مع والديه أمس جعلته هادئاً ساكناً ، طباعه ليست كالمعتاد، والأفكار تتضارب بعقله ، نظرت له وهي تعقد حاجبيها بابتسامه واسعه ثم رددت تسأله بهدوءٍ:
_" بتبصيلي كده ليه ؟"
_" عشان بحب ملامحك المُريحه لقلبي دي !"
قرر تغير مجرىٰ الحديث إلى أن ينتهي موعد الزفاف ، قرار سريع أخذه بسرعه كون ما أردفه دب بها القلق ، لم يشعر بنفسه سوى عندما رفع ذراعه يأخذها بين أحضانه وهو يتنفس بعمقٍ ، تشبتت هي به بابتسامتها وإلى الٱن لا تعرف ما يجري بداخله ، بل تعلم بأن يوجد علي قلبه ثقل ، ونصفه منها والٱخر من والديه ، سمع صوت إغلاق باب الشقه حتى أنه لم يخرجها من بين أحضانه ، إعتدلت هي بحرج ، فوجدته يشدد من مسكتها كي تستند على صدره بإعتدال ، وكزته بخفه وهي تعتدل ، ثم وقفت تبتسم بلطفٍ لـ "حامد ودلال" وهي ترحب بهما
_" حمد لله عالسلامه يا حبايبي !"
قالتها "دلال" وهي تتوجه لتجلس بجانب "غسان" الذي صمت ولم يجيبها بشئ ، ترقبت "نيروز" الوضع جيداً حتى أنها تبتسم وفقط علي حديث "حامد" لها بسبب ترقبها لملامح وجه "غسان" التي ظهرت بارده وهو يمسك هاتفه متصنعاً الانشغال به ، خرج "بسام" من المطبخ وهو يحمل صينيه الأكواب ،حتي توجه يمسك كوب القهوه يوجهه لـ "غسان" الذي إبتسم له بإمتنانٍ ، ومن ثم توجه بكوب الليمون بالنعناع لـ "نيروز" التي أخذته منه وهي تشكره ، ثم جلس أمامهم بهدوءٍ ، بينما نظرت "دلال" وهي تشهق ثم أخذت من بين يديه الكوب قائله بخوفٍ :
_" القهوه دي كتير عليك يا غسان ،سيبها أقللها. هتوجع قلبك كده !"
وزع نظراته بين يديه الخاليه وبين الكوب ، وقبل أن يتحدث بتبرير لها كي تصمت وجدتها تحدج "بسام" بغيظٍ. وهي تقول :
_" في حد بيعمل قهوه بالكميه دي ! ، إنت مش عارف وقولت إن البتاع اللي إسمه الكافيين ده عنده كتير فالجسم ولما بيزيد بيعمله رعشه إيد وصداع ومبيعرفش يخليه ينـام !!"
ترقبت "نيروز". الوضع بصدمه طفيفه من كونها أول مره تعلم ذلك ، ضغط "غسان" على فكه في حين ابتسم لها "بسام" بإطمئنان :
_" هو مبيشربهاش كتير ، يعني لو خدها الوقتي هتفوقه لأن شكله تعبان ومصدع ، متخافيش يعني ياماما !"
طالعته "دلال" بضجرٍ حتى كاد أن يتحدث"حامد " فهتف "غسان" وهو يقف على مره واحده مردداً لهم:
_" خلصتم ؟؟ ، هتشربوني كمان علي مزاجكم؟ رعشة إيد إيه وصداع إيه ؟ ما أنا كويس أهو ، هاتي الكوبايه !"
نظرت له "دلال" بغيظٍ ثم وقفت تطالعه بتحذيرٍ قائله :
_" إنت هتزعقلي كمان ولا إيه ؟ ، قولتلك كتير ، كتير عليك !"
وقف "بسام " يأخذ الكوب من بين يدي والدته ثم وجهه نحو "غسان" الذي نظر لوالدته وهو يردد بهدوءٍ :
_" ياريت تعامليني إنت وهو على إني واحد اكبر من كده ، وأنا مش هقولكم تمام ماشي وندخل دي فـ دي ، كل حاجه وليها وقتها وحاجتها !!"
وقفت "نيروز" تمسك ذراعه بهدوءٍ ثم نظرت له وهو يأخذ. الكوب من يد شقيقه تزامناً مع قول "حامد" الذي تحدث متصنعاً غير الإهتمام:
_" مش بقولك طايح فالكل ومش عارف مين معاك ومين عليك ، ربنا يهديك!!"
نظر له "غسان" بتعابير خاليه ثم توجه ناحية غرفته الذي أغلق بابها خلفه ، نظر "بسام" لوالدته بلومٍ ثم قال :
_" مكنش ليه لزوم الكلام ده يا ماما ، مبتصبريش أبداً ، إنتِ عارفه إن هو لما بيشربها بيشربها مظبوط ، وأنا زودت ليه السكر بالقصد عشان ميشربش منها غير قليل خالص ويسيبها أنا واخد بالي يعني بلاش تيجي عليه بقا إنتِ وبابا فـ وقت مش تمام فيه ، راعوا ده لو سمحتم !"
تنهدت"نيروز" الواقفه تأخذ أنفاسها بغير علم لما يحدث ، أما "حامد" فنظر لولده حتى يجيبه بتفهمٍ :
_" أمك معملتش حاجه يا بسام ، هي بتحاول تكسب أخوك من تاني بعد اللي قالته ، بتلطف معاه الجو ومش صابره لحد ما يلين هو مع نفسه زي ما بيعمل ، لكن أنا قولت اللي المفروض يتقال وهو عارف غلطه بس بيقاوح ، خليه يقاوح براحته لحد ما يهدى مفيش مشكله !"
نظر له "بسام " بصمتٍ ، ثم تحركت أنظاره ناحية "نيروز" التي وققت بتيهه ، حتى هتف لها بنبره هادئه :
_" أدخليله "
أومأت له وهىٰ تهز رأسها له بالإيجاب ، إلى أن فتحت الغرفه لتدخل بها ومن ثم أغلقتها خلفها ، تحركت أنظاره لهما ثم نبس بنبره هادئه يوضح لهما :
_" غسان مضغوط يا جماعه فـ ريحوا دماغكم منه وهو هيبقي كويس ، ومتنسوش إنه ملبوخ عشان موضوع الفرح ده ، وكمان إنتم عرفتم إن نيروز متعرفش لحد دلوقتي إن مامتها تعبانه وهي كمان هتدخل عمليات ، وعارفين بردو غسان بيحبها قد إيه يعني أكيد شايل هموم الدنيا عشانها غير اللي حصل ، وبصراحه يا ماما كلامك إمبارح ليه مكنش لطيف خالص عشان فعز ما هو بيحاول إنتِ راحه تقوليله طلقها وبتاع ، مش عايز أقولك إن ده لو حصل فعلاً غسان مش هيبقي بالمنظر ده كمان ، وحتى عتابك ليه يا بابا كان صعب عليه فوقت. زي ده رغم أن كلامك صح بس الوقت مكنش صح عليه ، وإنتوا عارفين إنه عمره ما كان بتاع مشاكل وكان بيحل أموره باللطافه والإسلوب الحلو بين الناس بس حسن وأبوه غير ، وهو أول مره يتحط فمشاكل زي كده ، وبيعمل كل ده عشانكم وعشان مراته حتى لو مش أصح حاجه بس بقا مُجبر يعمل ده ، والنقطه الفارقه إننا مش زي زمان يا بابا ، الشباب مش زي زمان ، مش هيسكت أكتر من كام مره وهو بيشوف مراته بتتهزأ ومره تتأذي جسدياً غير الأذى النفسي ، ومش هيسكت وهو شايفه بيهددنا إنه هيدور علينا ومش هيسيبنا فـ حالنا ..!! "
صمت "والده" يستمع إلى حديثه بتفكيرٍ وتفهمٍ كما صمتت "دلال " تنظر بقلة حيله ثم وزعت أنظارها وهي تنظر عليهما وعلى باب غرفة ولدها الٱخر ، الذي جلس على الفراش بإنهاكٍ وهو يتجرع من الكوب الذي يوجد بيديه أمام أنظار "نيروز" التي توجهت لتأخذه من بين يديه وهي تقول :
_" كفايه كده يا غسان بجد!"
أخذته من بين يديه وهي تضعه على طاولة ما بعيداً عنه ، ثم توجهت تمسك كفه بيه يديها حتى ربتت عليه بحنوٍ ثم جلست تدير رأسه ناحيتها حتى أسندتها عليها تعبيراً لتأخذه هي بين أحضانها بهدوءٍ ، إبتسم وهو يستند عليها فتحدثت هي قائله له بتأثرٍ رغم عدم علمها بما حدث:
_" أنا حاسه بيكّ !"
شعر بصدق كلماتها حتى أن أنفاسها الساخنه لفحت فروة رأسه ، رفع يديه يمسك يديها ثم خرج من بين أحضانها بالتدريج وهو يقبل كف يديها من الداخل ، أثارت عاطفته من جميع الجهات ، من ما يشعر به ومن ما يحاول إخفائه عليها لوقت مُعين ، وجدها تخرج أنفاسها وهي تسأله يإهتمامٍ :
_" غسان هو اللي حصل ده بسببي صح ؟ ، أنا مش فاهمه حاجه هو إيه اللي حصل بينك وبين طنط وعمو ؟"
ابتسم "غسان " بإطمئنانٍ ثم حاول تغير مجرى الحديث ليشتتها، أردف بنبره هادئه :
_" لا مفيش حاجه بسببك ، عادي ياما بيحصل !!"
طالعته بتشككّ ، فحاول هو تشتتها كي يخرج من الموضوع حينما رفع يديه كي يزيح حجاب رأسها ، أمسكت يديه بتحذيرٍ ثم قالت له :
_" إنتَ بتعمل إيه !!"
_"حاسس الجو حر عليكي !"
قالها "غسان" بعبثٍ ، فنظرت له بحده وهى تنهض تزامناً مع قولها :
_" لا الجو مش حر ، إنت اللي مصمم تبقى قليل الأدب علطول"
كبت "غسان" ضحكته وهو ينهض هو الٱخر ثم طالعها بثباتٍ وهو يردف :
_". إيه قلة الأدب فـ كده، كنت هفك لك الحجاب عشان أفردلك شعرك وأخليكي على راحتك كده، قفوشه أوي يا رزّه !"
فعل عبثه كي يجعلها تتناسي كل ما حدث وما تحدثا هما به ، وبالفعل نظرت له بحنقٍ زائف رغم فرحتها بعودة عبثه ومرواغته من جديد ، حركت رأسها بضجرٍ ثم إلتفتت تزامناً مع حديثها المعارض :
_" والله إنت فاضي ، سيبني بقا عشان أمشي ، لإني إتأخرت "
تحرك بخفه يقاطع سيرها وهو يقف أمامها بثباتٍ ثم أجابها بعبثٍ وهو يبتسم بجرأه :
_" إنتِ مع جوزك علفكره ، يعني طظ فـ كله !"
_"طظ فيك إنت يا قليل الأدب ، احترم نفسك شويه ، مهما كان أنا لسه فبيتي ومينفعش أتأخر عن الميعاد اللي المفروض أرجع فيه ، محدش فيهم هناك عارف إن أنا هنا ، عديني بقا .."
_" انا مش قليل الأدب ، أنا محترم خالص لحد دلوقتي!!"
رفعت شفتيها باستنكارٍ ثم حركت رأسها تجيبه بسخريه :
_" مـ هو واضح!"
نظرت له عقب قولها فوجدته يتوجه حتى أهبط شفتيه يقبل وجنتيها بحنوٍ تزامناً مع همسه لها وهو يقول:
_" أنا ٱسف ، حقك عليا"
إرتبكت من قربه حتى أنها وقفت ترفع عينيها تطالع عينيه المتأسفه ، إستشفت مدى صدق قوله علي أسف لقوله لكلماتٍ لها أمام الجميع ، أخرجت أنفاسها ببطئ ثم رفعت يديها السليمه ترجع من خصلاته إلى الخلف ، حتى وجدته من بعدها يلف ذراعه على ظهرها ثم ضمها بقوه ، يشعره فؤاده بأنه من الحرص بأن ينتهز فرصة قربها هذه الفتره ، يشعر هو بالٱتي ومما سيحدث لهما. من أحداث ستغير مجرى علاقتهما التي بدت جيده إلى حدٍ ما ؟ أم أن الثقل الذي يوجد علي صدره يجعله يحتاج الإحتواء دون أن يتحدث لها بذلك. مباشرةً ، أسندت رأسها بتعبٍ وجهل لما يحدث من أول يومه ، تيقنت بأنه يريد احتواءها بين وقت والٱخر كي يستطع هو الصمود أكثر ، حتى أنه لم يجد الراحه إلا في أحضانها ، أنفاسه التي تخرج وتدخل بانتظام، لم تكن كذلك سوى بعناقه لها ، حاوطت ظهره بيديها للحظاتٍ ثم أسندت رأسها على صدره، أما هو فأغمض عينيه بتعبٍ وشعر بدمائه الساخنه أعلى فمه ، خرج من أحضانها بإندفاعٍ ثم دار وجهه يتحسس فوق شفتيه ، توجهت تلتفت لتنظر له ثم شهقت عندما وجدت أنفه تنزف دماء !!
_" ده دم ! "
رفع يديه يتحسس أنفه ثم دار وجهه بعيداً. عنها كي لا تتلمس دمائه حتى مد يديه يأخذ من المناشف الورقيه وقبل أن يفعله رفعت هي طرف حجابها بعناد تمسح ما هبط من الدماء بلهفه ، ومن ثم مسحت ٱخر ما تبقي بيديها دون أن تتقزز ، تلمست أنفه وشفتيه بحنوٍ غلفه الخوف ، ثم هبطتت يديها وهي تتوجه بخطواتٍ سريعه تفتح باب الغرفه ، وقبل أن يقاطعها وجدها تهتف بإسم شقيقه الذي دخل على الفور ، ثم حدثته "نيروز" بلهفه جعلت من بالخارج يدخل :
_" مناخيره كانت بتنزف دلوقتي ، دي حاجه كويسه ولا خطر ولا إيه لأحسن فجأه كده ومن غـ .."
توقفت عن حديثها بلهفه عندما وجدت "دلال" تدخل بخوفٍ ومن جانبها "حامد" ، نظر لها "غسان" بحده من نشرها للوضع ، أما شقيقه فرفع يديه يرفع رأس الأخر ثم نبس بنبره هادئه له :
_" هجبلك ليها قطره ، بس دا ضغط نفسي يا غسان ، متتغطش نفسك عشان متتعبش !"
_" عادي بتحصل ، معدتش بتنزف ، نيروز اللي بتحب تكبر المواضيع بس !"
توجهت "دلال" تحسس مكان ما يظهر بأن الدماء قد إختفت ،. أما هو فوقف ينظر لها بصمتٍ تزامناً مع حديث "حامد" اللين له وهو يجيبه :
_" روح خُد القطره من عند أخوك يبني ، وريح قلبنا فـ مره بقا !!"
أمسكت "نيروز" يديه وهي تسحبه خلفها ثم توجهت خلف "بسام" الذي خرج من أمامهما ، وجهت "دلال" نظراتها نحو زوجها بخيبة أمل ،. فـ طالعها هو بإطمئنان ثم تنفس بعمقٍ وهو يخرج هو الٱخر ومن ثم هي من بعده !
__________________________________________
أخرج اللفافه من فمه وهو يخرج الدُخان من فمه وأنفه بمللٍ من وقفته منذ فتره تزامناً مع قوله الحانق :
_" هي البت دي بالها طويل كده ليه ، كُل ده زفت درس !"
قال"شريف " حديثه وهو يزفر بملل بينما كان يسلط "حسن" أنظاره بتركيزٍ على الطريق الجانبي ، تحدث يجيبه وهو ينظر من أمامه بقوله الهادئ :
_"أصبر يا شريف ، فاتها جايه هتروح فين يعني دا أنا شايفها نازله قدام عيني ، أمسك كده الشومه دي !"
عصاه كبيره ؟ ماذا سيفعل ذلك الأهوج ! ، أمسكها "شريف" منه ثم نظر إليه وهو يخرج الحامل من ذراعه ثم طواه جيداً كي يضعه بحيب بنطاله ، إعتدل سريعاً يختبئ وراء الجدار عندما لمح طيفها من على بُعد ، ثم نبس بنبره منخفضه يهمس له سريعاً :
_" أخيراً ، جت أهيه داخله علينا ، بص كده ورانا ليكون حد شايفنا .."
هل جاءت اللحظه الحاسمه ؟ ، تهزمنا الحقائق دائماً ، بأن من لا يصلح لأي شئ ولم يفعل للحياة شئ ، يُفعل به، ومن ثم يُسمي بالضحيه التي عانت من أجل أحدهما ، التي كانت أحد أسباب الوجع لغيرها ، لم تهدي الحياه أبداً لأي منا حياه سويه نظيفه دون عواقب وأفعال من مَن لم يحبون لنا الخير !!
أعطي له "شريف" العصاه الخشبيه الغليظة ثم التفت بوجهه ينظر على الطريق الجانبي كي لا يراهما أحد ، ثم إعتدل "حسن " يقف جيداً إلى أن دخلت "وسام " سريعاً بعدما أمسك معصمها يسحبها ناحيته بسرعه كي لا يراه أحد ، شهقت "وسام " بخوفٍ وقبل أن تصرخ عالياً وضع "شريف " يديه علي فهما بقوه وهو يوجه الٱخر بقوله وهو بحثه بنبره سريعه :
_" سيــب إيــدها وإضربها علي دماغها بسرعه يا غبي قبل ما حد يجي ، إخلـــص !!"
حركة يديه برجفتها التي أصبحت رفيقته أينما حل كانت هي الموجوده ، وبحركه حاول فعلها ، بينما هي تحاول التملص وهي ترفع ساقيها لتضرب من أمامها خلف الحزام ، تفادى "حسن" ما تفعله ثم إلتفت سريعاً بعدما وجه له "شريف" رأسها ثم رفع العصاه يضربها بقوه علي مؤخرة رأسها حتى شعر بالدماء تسيل علي ملابسها وملابس "شريف" ، ولم تكن سوى لحظات وتراخت يديها وحتى قدمها ، أمسك "حسن" يد "شريف" ثم سحبها خلفه وهو يركض سريعاً مما جعل "وسام" تسقط أرضاً بقوه بل وأصبحت في عالم ٱخر بعدما كانت تريد أن تصرخ بالنجده ، إذ بها أصبحت هي والتراب بجانب بعضمها ولأن الشارع جانبي لم يدخل به أشخاص سوى بين وقت والٱخر ، دماءها تسيل من رأسها تحت حجابها البيچ الذي لم يصبح لونه سوى أنه أحمر من الدماء وحقيبتها وقعت بجانبها وكأنها تنتظر منها أن تنهض لترتديها ، ولكن أين العقل الٱن ؟ وأين هي برأسها ؟. لم تكن موجوده بالفعل سوى بجسدها الذي هوى أرضاً ودمائها التي تهبط من رأسها وكأنها تريد العودة للتشبت بمن بها ومن لها !! ،
____________________________________________
وبنفس الوقت كانت تجلس هي بغرفة "بسام" تطالع ولدها الذي جلس بهدوءٍ بجانب زوجته وولدها الٱخر منشغل بالحديث مع والده والٱخر مع زوجته التي جلست ولم تتركه بعد أن رأته ينزف من أنفه ، وإذ بها فجأه أمسكت موضع قلبها وهي تتأوى فجأه بصوتٍ مسموع ، نغزه قويه تكاد تهشم قلبها الٱن دون أسباب موجهه ، تأويها بالألم كان مرتفعاً كان وصل إلى مسامعهم ، وأول من نهض كان "غسان" الذي هتف عالياً بإسمها وهو يتوجه ليمسك كفها برفقٍ ثم جلس على ركبتيه ، أما الكل فإلتف حولها بخوفٍ ، أخذت أنفاسها ببطئ عندما أشار لها "بسام" بأن تفعل ذلك ، تنفست وهي تنظر علي مسكة يديها بكف "غسان" والٱخرى بيد "حامد" الذي لم يستوعب ما يحدث من الأساس ، هتفت بنبره هادئه تطمئنهم :
_" أنا كويسه مفيش حاجه ، شكة فـ قلبي كده بس ، متقلقوش "
قالتها "دلال" وهي تعتدل أما "بسام" فتوجه سريعاً يجلب أحد أقراص الفيتامينات التي تأخذها والدته ، وقفت "نيروز" تضع علي يديها من زجاجه المياه ثم وضعتها بحنوٍ على وجهها ، نظرت لها "دلال" بتأثرٍ ، بينما رفع "حامد" يديه بلهفه يزيح حجاب رأسها كي تستطع هي أخذ أنفاسها ،. إعتدل "غسان" بجلسته ثم دلك كفها بين كفه بحنوٍ ، لم يستوعب هو كيف نهض بهذه السرعه وهو الذي أول من انتبه لوضع يديها علي موضع قلبها ،. تنفس بعمقٍ وهو يحاول أن يجمع الكلمات ثم سألها بلهفه ظهرت في نبرته :
_" بقيتي أحسن ؟"
لامس قلبها إهتمامه وإهتزاز نبرته ، حتى أن من سرعة ما حدث لم يعطيه ذلك الفرصه لحملها ناحية الفراش ، بل إعتدلت وهي تشير لهم بالاطمئنان بسرعه ، نظرت له بحنوٍ وتأثرٍ فرفع هو كفها ناحية فمه يقبلها ببرٍ والأسف بنظراته ولكن لا يعلم هو لماذا ، تشبتت بيديه ثم ابتسمت له باطمئنانٍ ، ولم تنتبه هي للهفة "حامد" وخوفه بل تسلط أنظارها علي من حملته بأحشائها ، بالطبع لم ترتفع سوى كفة الأبناء !، نظر لها "حامد" بضجرٍ ثم قال بمرحٍ زائف يخفف من توترها الملحوظ بما حدث :
_" بقا كده ؟ شفاف أنا وكل الحب رايح لابن الكلب ده !"
خرجت ضحكة "غسان". عندما وجد "نيروز" تقهقه عالياً ، أما "بسام" فدخل سريعاً وبيديه الأقراص كي تأخد منها ، قدمه لها مع زجاجة المياه ، تزامناً مع قوله الغاضب منها:
_" بلاش تهملي فعلاجك بعد كده ، اديكي شوفتي إيه اللي حصل فـ ثانيه واحده بس !!"
_" يبني دي نغزه غريبه عمرها ما جاتلي معرفش من إيه ، بس باخد علاجي واللهِ !"
قالتها ومن ثم رفعت الزجاجه تأخذ من الفتيامنات ، ولم تتجاهل هي شعور القلق الذي دب بداخلها ولا تعلم لماذا ، نغزة قلبها جاءت من شعورها وعاطفتها كأم ، مررت "نيروز" يديها علي ظهر "غسان" بمواساه على حسرته منذ قليلٍ ، أثار شفقتها وهو لم يعطي نفسه راحه اليوم ، تنفس بعمقٍ ثم ترك كف والدته بلطفٍ ، حتى نهض يسندها من يديها كي يتوجه بها ناحية غرفتها ، قاطعه "حامد" بمشاكسه وهو يقول :
_" لا دي مراتي ، أنا اللي هسندها !"
_" ودي أمي !"
أردفها "غسان" بإستفزازٍ ، جعل "دلال" تبتسم باتساعٍ وهي تمسك يد كل منهما كي تتحرك لتنهض ، أمام "بسام " فوقف يرجع خصلاتها البيضاء إلي الخلف ثم أنزل من ملابسها البيتيه أكثر وهو يعدلها لها، بدلاً من أن تفعل "نيروز" ذلك والذي أشار لها بأنه سيفعل هو ما يتوجب عليه ، توجهت خلفهم وهي تمسك بهاتفها وهاتف "غسان" الذي لم تتركه منذ أن كانت تتمسك به وهي تعبث به عندما كانت تجلس بجانبه ، توجهت خلفهم ، إلى أن دخلت الغرفه الخاصه بوالديه ، ولم تجد سوي إهتمام "غسان" الذي ظهر بقوه وهو يرفع ساقيها بحنوٍ ثم ثبتها علي الفراش بمساعدة شقيقه ، أما "حامد" فأمسك الغطاء بهدوءٍ كي يضعه عليها فساعده "غسان" بفعلها ، إلى أن جلس بجانب زوجته علي الفراش ، ومن ثم أهبط "غسان" رأسه يقبل قمة رأسها تزامناً مع قوله الخافت الذي وصل إلي مسامعها وهي تبتسم لطباعه اللينه التي تغلب الأخرى الشديده:
_" ألف سلامه عليكي يا حبيبة قلبي !"
حبيبة قلبه وليس لقلبه حبيب سواها قبل أن يعرف الٱخري، انتبهت "نيروز" علي صدق نبرته من اللقب الذي أردفه لوالدته ، لا تعلم هي بأنه لم يلقبها هي كذلك من قبل !!، تطمئن أكثر عندما تري حنانه الذي يظهر في أوقات غضبه الدفين ، تنفست بعمقٍ وهي تراهم يقبلون "دلال" ، وعلى ملامح وجه "حامد" الذي نظر لهم بضجرٍ زائف ، شردت بهم ولم تشعر هي بإنسحاب "غسان" وهو يمسك يديها ليسحبها ناحية "دلال" ، تفهمت "نيروز" بأنه فعل كذلك ليجعل الوضع بينهما أفضل شئ ، انحنت "نيروز" تقبل قمة رأسها بلطفٍ تزامناً مع قولها الهادئ اللين لها :
_" سلامتك يا طنط ، ابقي إنتظمي فالدوا أرجوكي عشان وجع القلب ده مش سهل ، ربنا يعافيكي منه !"
تصعب عليه الموقف إذن ، نظر لها "غسان" بشفقه وإلى الٱن يعجز هو بكيف سيأتي لها بذلك الموضوع ، لم تمر سوى دقائق والحديث غير مهم للغايه يتوزع بينهم ، على الأقل أخبرت والدتها في الهاتف بأنها موجوده هنا ، صدح صوت هاتف "غسان" الذي كان يمسك زجاجة المياه ليوجهها نحو والدته التي طلبت المياه مره أخرى بسبب جف حلقها من القلق الذي لا تعرف له سبب ، نظرت "نيروز" على شاشة الهاتف من بين يديها ثم أجابته حينما سألها عن هويه المتصل :
_'' ده شادي "
يلاحظ. غيابه وكان سيبدأ هو بالاتصال عليه ، أشار لها"غسان" وهو يقف بمكانه ثم ردد :
_" افتحيه عـ الإسبيكر ، وثانيه وهاجي أخده منك أهو "
قالها وهو يغلق الزجاجه ، تزامناً مع فتحها الخط وهي تفتح الإسبيكر الذي صدح صوته بالمكان بقوه وصوت "شادي" الذي دل على مدى رغبته في الصراخ عالياً :
_" ألـــو ، إلحقـني يا غســان ، وسام..!"
قالها مما جعل الكل ينتفض حتى "دلال" التي نهضت بخوفٍ ، وقعت الزجاجه من يد "غسان" وهو يتوجه سريعاً ينتشل الهاتف من يديها تزامناً مع إكمال الحديث :
_" وســـام يا غسان ، لقوها واقعه وغرقانه فـ دمها والناس كانت ملفوفه حواليها ولما روحت اشوف طلعت هي ، تعالــى بسرعه مش عارف أتلم على أعصابي .أنا.."
صرخت "دلال" عالياً ببكاء ، ووقف "حامد " بصدمه شلت من حركته ، بينما تراخت يد "غسان" بهلعٍ بعد أن سمعه يعلمه عن مكانهم الأن ، ، ركض بسرعه يهبط وكأن العالم لم يكن به سوى المكان الذي حدثه به الٱخر به مما يعني بأنه قريب من المنزل جداً ، شعر بإنسحاب الدماء من جسده ، وحالة "بسام " لا تختلف عنه ، ركض الإثنان معاً ، ومن ثم معهم "نيروز" التي نظرت برهبه وهي تركض هي الأخرى بخوفٍ ، وصراخ "دلال" من خلفهم كان الشئ الوحيد الذي اخترق مسامعهما ، خرجت تصرخ بإنهيارٍ وهي تحاول بأن تهبط ولكن منعها يد "حامد" الذي خرج بسرعه فائقه من قبلها حتى وجد الشقق تفتح جميعها ،
_" خلي بالكم منها ، متخلوهاش تنزل !"
قالها علي عجاله ولم ينتظر المصعد بل هبط علي قدميه رغم ألمه ورغم عدم فهمه لما يحدث ، حتى "بدر" الذي وقف ينظر بذهولٍ هو والاخرين ، بينما تبدلت ملامح الجميع للرهبه عندما. توجهوا لها يسندوها برفقٍ. والكل يحاول أن يفهم منها ما حدث ، وإنقلاب الحال رأساً على عقب كان هو الوضع !!
______________________________________________
قبل قليلٍ ، رجع بسيره بعد أن قرر السير بمفرده ليخرج ما حل عليه مش شعور ليس جيد ، سيره بجانب المنبي كان هادئاً إلى أن لاحظ التجمع في الطريق الجانبي ، منع نفسه من الذهاب ولكن فضوله كان قد ساقه ووجه قدمه ناحية الشارع الجانبي ، في البدايه كان يخمن بأنها قد تكون منافسه بين أحد الشباب ولكن عندما وجد التجمع كبير ، دخل في وسطهم بغير تصديق عندما سمع الهمسات والحوار الجانبي وما أن رأها شهق عالياً وهو يبعد الجميع عنها وعن لمسها ولمس جسدها ، ثم هتف بإسمها بغير تصديق عندما وجد الدماء من حولها :
_" وســــام !!"
هتف بإسمها بمفاجأه ، شقيقة رفيق أيامه ؟ ، شعر وكأن دلو من الماء البارد في فصل الشتاء إنسكب عليه ولا يعي حتى الٱن ، ارتجفت يديه بطريقه ملحوظه حتى وضعت إحدي النساء قماشة على رأسها من الخلف تزامناً مع. إخراجه لهاتفه كي يطلب صديقه ، صرخ الرجال برجال أخرى كي يطلب أحدهما النجده والإسعاف ، ولكن التأخر كان هو المطلوب من رقم الطوارئ ، لا اجابه وان لم تكن لا اجابه فلا قدوم بهذه السرعه ، انتهي من المكالمه ثم رفع يديه يضرب وجنتيها بخوفٍ حتى تلطخت ملابسه بالدماء شعر بأحد الشباب يتوجه ناحيته ليدفعه كي يحملها ولكن إلي أين ؟؟ ، دفعه "شادي" بصراخٍ وهو يقول :
_" إبــعد عنها "
لا يريد بأن يلمس جسدها شخض وبالفعل ينتهز الشباب الفرص وهو سيد من يعلم ذلك
_" حد يطلب. الإسعاف يا متخلــفين "
قالها أحد الرجال كما قالها "شادي" من بعده بصراخٍ ، وجد من يدفع التجمع بكلتا يديه هو الٱخر ، ثم هتف باسمها بضياعٍ وهو ينحني ليحملها من بين يدي صديقه:
_" وســــام ، قومـــي يا وســـام عشان خاطــري !"
صرخ بها "غسان" بقوه وهو يحملها بسرعه فائقه ولم يعطي نفسه الفرصه للوقوف مصدوماً ، دفع"بسام " التجمع وهو يحبس دموعه بعينه حتى ركض خلف"غسان" الذي وجد أحد الرجال يفتح له سيارته على الطريق بسرعه ، دخل بها إلي الداخل وركب "بسام " في الأمام ومن ثم صرخ"غسان" به بصوتٍ مرتفع وهو. يضع يديه ليضربها بخفه على وجنتي شقيقته التي كانت لا حول لها ولاقوه بين يديه :
_" إطــلع بسرعه !"
أخبره "بسام " على مكان المستشفي الذي يعمل بها بعلو صوته وبخوفٍ شديد ، حتى أمسكت"نيروز " يد "حامد" الذي جاء ينظر بضياعٍ ثم وجد "شادي" يركض ناحية المبني وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله ، هبطت دموع"حامد " وهو ينظر علي ملابس "شادي" التي ظهر عليها بقع الدماء ، ولم يستوعب أن الدقائق قد مرت إلا عندما وقفت سياره "شادي" ودفعته "نيروز " التي علمت إلي أين ذهبوا من قبلها. ، ركبت وهي تمسك كف "حامد " برفقٍ عندما أشار لها "شادي" بسرعه كي تركب ، تحركت السياره وعقل كل منهم قد هرب منه ، لم يسمع "شادي" سوى صوت شهقات "نيروز" العاليه التي حاولت جاهده بأن تكتمها ، ومن ثم هبطت دموع "حامد" بصمتٍ قاتل وهو يتذكر منظر الدماء الذي التفت سريعاً يهرب من مشهدها ، وما أن هرب وجد بقية الدماء على ملابس الأخر ، وما تشبيه لهما في الضياع سوى كأنهما في الغرفه المظلمه لا يعرف أي منهم طريق للخروج من الصدمه التي مثلت الظلام. ، العقل قد شل ، والحركه متكتفه ورغم كون الطريق قصير ،. لكن شعر كلاً منهم بأنه طريق لا يوجد أطول منه طريق ، طريق الإنهاك لمن يعي جيداً الموقف ، ها هو أحد أطراف عائلته تأذى دون شفقه ،و بين الحياه والموت كانت هىٰ 'وسام '
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية