Ads by Google X

رواية لعاشر جار الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم سلمى رأفت

الصفحة الرئيسية
الحجم

    

 رواية لعاشر جار الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم سلمى رأفت

 28-بداية العودة
          
                
أنزل "تيام" يداه بضجرٍ متلفظًا بصلف :



_وهو الاحترام تيجوا تزعقوا في بيتنا واحنا نسكت؟؟ وبعدين أنتم مين أصلًا؟؟



خرجت "أمل" على أصواتهم العالية باستغرابٍ ولكنها شهقت عندما رأتهم أمامها، تبًا للحياة وتبًا لِـ"تيام"، فكان هذا الرجل وعائلته أقارب زوجها الذين يسكنون في جنوب الصعيد وكانت صلة الرحم بينهما شبه منقطعة، لم يسبق لهم المجيء إلى هنا فوقفت مدهوشة هي الأخرى حتى قطع "عزت" صمتهم ناطقًا باستنكار وكان حديثه مضحكًا بسبب هيئته التي كانت تشبه أصحاب الملاهي الليلة :



_هو في إيه يا جدعان؟؟ ما تفهمونا الوضع! هو كل ما حد يخرج يتنح؟؟



أفسح لهم "سعيد" المجال بعدما استفاق من صدمته فولجوا إلى الداخل باستنكارٍ شديد وكأنهم ولجوا إلى شقة من قتل عائلتهم ولم يأخدوا بالثأر، جلسوا على الأريكة التي في عرفة الصالون وحينها نطق "كرم" قائلًا باستهجانٍ :



_شكل العيشة في مصر لحست نفوخك وخلتك بسكويتة يا ولد أخوي.



مسح "سعيد" على وجهه بتعبٍ قائلًا بإرهاقٍ :



_وإيه لازمة الكلام ده يا عمي؟؟ 



نطق ذلك الشاب الذي كان يُدعى "علي" قائلًا بغضبٍ بلغ أشده :




        
          
                
_بقى يا ابن عمي تخطب لابنك ومحدش فينا يعرف؟؟ دي بقى الأصول؟؟



اشتغلت رأسه بغضب جحيمي فكفى حديثًا عن ذلك الموضوع الأخرق فصاح مناديًا على ابنه بقوةٍ :



_"تــــيــــام!!



كانوا يجلسون على السفرة جميعهم بالخارج ولقد كان صوته عاليًا بشدة فانتفض "تيام" من جلسته ونظر إليهم بتوترٍ وابتلع لعابه في قلق، سار ناحيتهم حتى دلف إليهم قائلًا بتوترٍ :



_نعم يا بابا.



نظر له والده بشرارة والغضب يتراقص بين مقلتيه قائلًا ووتيرة أنفاسه تزداد بغضبٍ وكان يصك على فكيه مما جعل هيئته مرعبة :



_اتفضل قولنا حضرتك خطبت ازاي، أخرة عمايلك السودة!



هرول ناحيته وكاد يبكي من رهبة الموقف ثم جلس على ركبتيه أمامه قائلًا بصدقٍ :



_وأقسم بجلالة الله اللي عمري ما حلفت بيه كدب اللي في الصورة دي "عائشة" وكنت بهزر.



صدقه "سعيد" لأنه أكثر من يعلم أولاده وكان حديثه محل صدق، بينما في الخارج تفوهت "چودي" قائلةً بتساؤل :



_صعيد إيه يا طنط؟؟ ودول لحقوا جم ازاي دول؟؟



كانت "أمل" واضعةً يدها على رأسها بتعبٍ ولم تستطع الرد في نفس ذات اللحظة دلف "تميم" من باب الشقة قائلًا باستغرابٍ من هيئتهما :




        
          
                
_إيه مالكم في إيه؟؟ إيه يا عم "عزت" وحشتني والله.



كاد "عزت" أن يمزح معه كعادته ولكن قطع حديثه الذي لم ينطق به خروجهم من الداخل وهم يرمقون "تيام" بقوةٍ وتوجه "سعيد" ناحية زوجته قائلًا لها في همسٍ :



_هيباتوا معانا يومين، وابنك ليه روقة بس أما أفوقله.



هزت رأسها بالموافقة وذهب من أمامها ثم اقتربت تلك السيدة قائلةً باشمئزازٍ وبلهجةٍ ممتزجة بين الحضر والريف والصعيد وكأن كل ما يعجبها من حديثٍ تضمه إلى قاموسها وتطبقه في الحال، كانت ترمقها بقوةٍ جعلت الآخرى تستشيط غضبًا من نظراتها وحديثها :



_آدي أخرة تربيتك يا "أمل" ابنك جايب ليكِ الكلام الماسخ.



على صوتها بغضبٍ فطاقة تحملها نفذت منذ زمنٍ قائلةً بقوةٍ وسخط :



_والله ادعي على ابني وأكره اللي يقول أمين، وبعدين ماله تربيتي؟؟ الواد كان بيفك عن نفسه وبيهزر هو وأخته، فيها حاجة دي؟؟ مش ذنبي بقى إن عندكم سوء ظن، تعالى يا واد "تيام" فرجني على الصور علشان مشوفتهاش.



شقت الابتسامة ملامحه الحسِنة في فرحةٍ جعلت تلك الفتاة تبتسم له خلسة في هيامٍ، لاحظتها كلًا من "عائشة" و "چودي" اللتان ابتسمتا لبعضهما بخبثٍ، هرول "تيام" ناحية والدته يعانقها بقوةٍ فبادلته العناق وهي تقبله من رأسه بحنو أمومي، نظر لهما "سعيد" وشعر بالذنب لوهلةٍ لأنه بتمام العلم بابنه وأن كل ما حدث كان سوء فهمًا، لمح نظرة الشماتة والسخرية التي كانت في وجه "كرم" و "علي" وتلك السيدة الحمقاء التي تبددت ما إن نطقت زوجته بهذا الحديث وسرعان ما أدرك حديثهم المغلف بالخبث وعلى صوته قائلًا بقوةٍ :




        
          
                
_ما تسمعنا حاجة يا "عزت" ده احنا عندنا عريس برضو، ده "تيام" الغالي، كويس يا عمي أنت ومرات عمي إنكم جيتوا، كان هيفوتكم هيصة وفرح إيه! اطربنا يلا، هات يا واد يا "تميم" الدي چي من جوة.



لم يفهم "تميم" ما حدث ولكنه انصاع وراء والده وفهم "عزت" ما يرمي إليه وسرعان ووجه نظرة لابنته التي أخذت "عائشة" لشقتهما ليأتوا ببعضٍ من الآلات الموسيقية والنظارات المبهرجة لتزيد تلك الليلة جنونًا.



لم يسبق لِـ"سعيد" أبدًا أن يعاقب أبناءه أمام أحدٍ أو يسمح لأحدٍ بأن يتحدث عنهما بسوءٍ أو يشمت بهما، ففعل ذلك لمجرد العِند بهما ولكن سيلقى "تيام" العذاب بألوانه بسبب ما حدث من تحت رأسه.



_______________________________



كانت جالسة بشرودٍ كالمعتاد، ظنت إنها عندما تلتقي بعائلتها سوف ينتهي ذلك الشرود ولكنه ازداد وأصبحت رأسها كالمعجم الذي يحتوى على آلاف الكلمات وتكاد تنفجر من كثرة التفكير، قطع شرودها ولوج "يحيى" وهو ممسك في يديه الحقائب من باب الشقة، وضعها جانبًا ثم اقترب منها قائلًا بابتسامة عذبة :



_دي كل هدومك وحاجتك اللي كانت في الشرقية ودي هدومك وحاجتك اللي كانت في البيت عندنا، مكلتيش حاجة؟؟




        
          
                
هزت رأسها بالنفي فوجدته تحرك ناحية المطبخ يعد لهم بعض الشطائر فاقتربت من حافة المطبخ الذي كان مصنوع على الطراز الحديث "الأمريكاني" واقفةً أمامه ناطقةً بمللٍ :



_أنا مش عارفة أي حاجة هنا، وكمان أنا قاعدة زهقانة ولوحدي ومش عارفة أعمل إيه.



ترك ما في يده وكأنه تذكر شيئًا هامًا، رأته يتوجه ناحية إحدى الحقائب يخرج منه شيئًا لم تقوى على رؤيته، وجدته يتوجه نحوها يعطيها ما في يده قائلًا بمرحٍ :



_ده موبايلك، محدش لمسه من ساعتها، ومفيش password



التقطته منه في استغراب نظرًا لطوال الفترة السابقة لم يكن لديها أي هاتف خلوي من الأساس، نظرت له مرةً أخرى قائلةً بتساؤل :



_هو أنا معنديش صحاب؟ أنا مش عارفة أي حاجة عني خالص.



ذهب ليجلب الشطائر ثم جلس على الأريكة بإرتياح فتوجهت لتجلس بجانبه، أعطاها شطيرة والابتسامة لم تفارق محاياه، تذوقتها هي فأكملتها بتلذذ جذب هو انتباهها بحديثه قائلًا :



_اسمك كنزي إمام، عندك 26 سنة، خريجة حقوق جامعة القاهرة، اجتماعية جدًا بس مكنش حد قريب منك غير "لارين".



تنهد هو عند نطقه لاسمها، لاحظت هي توقفه ولكن قبل أن تعقب سبقها هو مضيفًا :




        
          
                
_شاطرة أوي أوي في دراستك ومجالك، كنت أنا وأنتِ عاملين زي الروح الواحدة مش بنتفارق أبدًا، أنا وشي معرفش الضحكة من بعدك يا "كنزي".



اقترب منها يأخذها في أحضانه ودموعه تسيل على وجنته بسعادةٍ من رؤيتها ثانيةً، حامدًا للرب على وجودها، تصنمت هي أثر عناقه ولكنها بادلته بحبٍ له فيكفي بالنسبةِ لها الآمان والسكينة التي نعمت بهما في داخل كنفه..



قطع عناقهما هذا صوت الطرق على باب الشقة، استنكر هو بشدة وتركها متوجهًا ليرى من ذلك الطارق المزعج بعدما دلفت هي للداخل تجلب حجابها، فتح الباب بضجرٍ فوجد أمامه "آدم" الذي كان يبتسم له في ودٍّ وتفوه قائلًا ببشاشة :



_أزيك يا حضرة الظابط، اتمنى تكون بخير.



ابتسم له مرغمًا وفتح الباب على مصرعيه قائلًا بترحيبٍ :



_أنا الحمدالله كويس، اتفضل.



تكلم "آدم" بحرجٍ قائلًا :



_لا مالوش داعي، أنا كنت بس عايزك في موضوع بخصوص مشكلة حصلت عندنا وكده، ومحبتش أكلمك في الموبايل بصراحة، شوف وقت فاضي ونتقابل في الكافيه اللي على أول الشارع.



بالطبع انتابه الفضول وتفوه قائلًا :




        
          
                
_تمام أوكي، نتقابل على تمانية كده، مناسبك؟



_كويس جدًا، اتمنى مكونش عطلتك عن حاجة.



أجاب هو بالنفي وودعا بعضهما ثم أغلق الباب يتجه نحوها بعدما خرجت من الداخل والفضول يتراقص في مقلتيها فقرر هو إراحة فضولها المميت قائلًا :



_ده واحد جارنا في العمارة هنا، مش عارفة بصراحة عايز إيه بليل هبقى انزل أقابله.



هزت رأسها بتروٍ وتفوهت قائلةً بسعادة :



_ابقى عرفني على الجيران هنا، أنا مش هفضل قاعدة طول اليوم لوحدي.



ضحك هو بملء شدقيه قائلًا بسخرية :



_ده أنا علاقتي بيهم زي الزفت، بس إن شاء الله تظبطي أنتِ الدنيا.



ضحكت على ضحكته واستمعا إلى صوت الأغاني الصاخبة فاستغربت قائلةً :



_إيه ده هو في حد عنده فرح هنا ولا إيه؟؟



جلس وهو يضحك مرةً أخرى قائلًا :



_ده تلاقيه عم "عزت" وولاده، أقسم بالله مقوم ومنيم العمارة كلها على الكباريه اللي عامله.



جلست بجانبه تحدثه بمرحٍ :



_والله شكلهم زي العسل، عملوا ليك إيه علشان تبقى معاهم زي الزفت؟؟




        
          
                
رجع رأسه للوراء واضعًا يديه تحتها قائلًا :



_دي عمارة بنت مجانين، أقسم بالله مفيش يوم بيعدي من غير ما حوار يحصل فيها، يا "علا" ماسكة في "عزت" بسبب الأغاني، يا أبو "تيام" بيعجن "تيام"، يا عم "عادل" بيشتكي من غسيل أنطك "أمينة" اللي بينقط عليهم، المهم أي حوار يحصل.



تجاذبت معه أطراف الحديث فكانت من عادتها المرحة حب الثرثرة مع الغرباء، كان الرهاب الاجتماعي يرهب منها من كثرة ما تفعله مع الغرباء، لكن هل ستسير السفن بما تشتهي الأنفس أم ستقلب الرياح السفن رأسًا على عقب؟؟



________________________________



_آه يا ضرسي ياني!



خرجت تلك الجملة من "حازم" بألمٍ التفت له "مروان" قائلًا ببعضٍ من القلق :



_أنا نفسي افهم يا نكرة أنت ضرسك إيه اللي واجعك وأنت تالتة إعدادي؟؟ أنت خدت مسكن ومفيش فايدة بكرة هبقى أوديك للدكتور.



نظر له الآخر بسخطٍ فكان الألم يفوق تحمله، جاء في بال الآخر فكرة فشرع في تنفذيها والثاني ينظر له باستغرابٍ حتى انتهى من تلك المكالمة ولم يمر عدة دقائق حتى وجدا "عبدالله" يدلف إليهما قائلًا بمرحٍ :



_يا مساء الفل، ماله سي "حازم"؟؟




        
          
                
ابتسم له "مروان" بمرحٍ ورحب بيه وعقب على حديثه قائلًا :



_بيشتكي من ضرسه جامد أوي، ومش هعرف أروح بيه في حتة علشان الصيدلية، و"عمر" ناقص ينام مع المرضى في المستشفى، مجاش في بالي غيرك صراحة.



خرج له "حازم" من خلف الفاصل قائلًا له بألمٍ شديد :



_إلهي يارب تتجوزها، بس أخلصوا ضرسي مموتني!



أمسكه الآخر من تلابيبه بضجرٍ وهو يجره خلفه قائلًا بخبثٍ :



_متقلقش يا مارو، في إيد أمينة.



أرسل له "مروان" ابتسامة أعربت عن اطمئنانه بينما نظر له "حازم" بريبةٍ طوال الطريق حتى وصلا إلى عيادة طبيب الأسنان، ولجا إلى الداخل وحجز له موعدًا مع الطبيب وجلسا ينتظران دور الصغير.



بعد مرور قرابة الساعة، ازداد سأم "حازم" والتفت إلى "عبدالله" قائلًا بمللٍ :



_هو في إيه؟؟ هو بيعمل إيه كل ده؟؟ ده لو بيركب طقم سنان كامل كان زمانه خلص!



سأم الآخر أيضًا ولم يرد عليه، تعالت أساريرهما عندما نادت مساعدة الطبيب على اسم "حازم" فدلف ومعه "عبدالله" إلى الطبيب، طلب منه الطبيب الاستلقاء على ذلك الكرسي المخصص لأطباء الأسنان للكشف وسأله عمَّا يشكو منه، وبعد العديد من الفحص تفوه الطبيب قائلًا بعملية :




        
          
                
_الضرس ده بايظ، الحشو هيتكلف 2500 جنيه.



_في الشهر؟؟



قطعه "عبدالله" بتلك الجملة الساخرة المستعجبة من ذلك السعر الباهظ بينما عقب "حازم" قائلًا بضجرٍ :



_2500 جنيه ليه يا دكتور؟؟ ده مرتب يعني ولا وظيفة ولا إيه؟؟ ده أنا خدت بُقي كله ببلاش! 



قلب الطبيب عينيه بمللٍ وسخط قائلًا :



_بعد إذنكم مالوش لزوم اللي بتقولوه ده، على فكرة بنقبل التقسيط.



وقف "عبدالله" من مقعده قائلًا بغضبٍ فكان السعر مبالغ فيه بحق :



_هو حضرتك كان نفسك تبقى خريج معمار المرشدي بس استخسرت مجموعك؟؟ تقسيط إيه اللي بتقبلوا بيه؟؟ 



خلع الطبيب كمامته الطبية قائلًا بضجرٍ أشبه بالضجر الطفولي :



_هو لا كده عاجب ولا كده عاجب؟؟ قولنا بنقبل التقسيط وممكن تقسط على 12 شهر، مش هيبقى مبلغ يعني!



نزل "حازم" من ذلك المقعد قائلًا باستهجان :



_تقسيط إيه يا دكتور؟؟ هو احنا شاريين شقة دوبلكس في العاصمة الإدارية؟؟ ده هحشي ضرسي! يلا يا "عبدالله" أنا خفيت خلاص، قال 2500 جنيه قال.



كاد أن يخرج "حازم" لكن أمسكه "عبدالله" يرجعه مكانه قائلًا بصلفٍ :




        
          
                
_أقعد يالا، شوف يا دكتور شغلك، حسبي الله.



ابتسم الطبيب وبدأ في عمله حتى انتهى، وخرجا لتلك المساعدة يدفعان المبلغ المطلوب وكاد "حازم" و "عبدالله" أن يبكيا على ذلك السعر، ولكن على أية حال دفعا وعادا إلى الصيدلية وما إن رأهما "مروان" تفوه قائلًا يطمئن عليهما وهو يحتسي بعض القهوة في هدوء :



_حمدالله على السلامة، عملتوا إيه؟؟ تشكر يا "عبدالله" والله ربنا ما يحرمني منك يا أخويا.



نظر كلاهما في اتجاه يعاكس الآخر ولم ينطقا ببنت شفة، استغرب هو سكوتهما فصاح قائلًا بضجرٍ :



_ما تنطقوا أنتم ساكتين كده ليه؟؟



ابتلع "حازم" لعابه بقلقٍ واسترسل "عبدالله" قائلًا وهو يحك في رأسه :



_كشفنا وعمله حشو، بس كده.



ضيق الآخر عينيه بشكٍ وتحرك يجلب محفظته الجلدية المخصصة لحفظ النقود وهو يقول :



_دفعت كام؟؟ وبلاش بقى جو احنا أخوات والكلام ده متزعلنيش منك.



سخر "عبدالله" قائلًا بامتعاض :



_وأنت مين قالك إني هقولك الكلام ده؟؟ ده أنا دافع 2500 جنيه!! اطلع يالا بيهم ومينقصوش جنيه!



بمجرد أن وصل لمسامعه ذلك السعر انتابته نوبة سعال شديدة سببت لهم زعر وهرولا نحوه يضربان على ظهره بقوةٍ حتى هدأ وجلس على كرسي بجانب الأدوية وجلب "حازم" له كوبًا من الماء ليروي ظمأه، تجرع حفنةً من الماء ثم نظر لهما بالتناوب وتلفظ قائلًا بنبرةٍ أشرفت على البكاء :




        
          
                
_قولتوا دفعتوا كام؟؟



_2500 جنيه.



تفوه بها "حازم" ببلاهةٍ وغباء جعلت الآخر يدخل في نوبة السعال ثانيةً، سأم "عبدالله" والتقط أحد علب الأدوية يلقيها على "حازم" قائلًا بسخطٍ :



_يا شيخ يخربيت غباءك!! 



وضع يده على رأسه بألمِ متفوهًا باشمئزاز :



_أرحم أمي بقى!! هو أنا واكل ورثك!! أنا سايبها ليكم وماشي!



تركهما ورحل بسرعةٍ جعل "مروان" يتمتم بحنقٍ قائلًا :



_آه يا حيوان!! ده أنا هنفخكم، ده لو كنت وديت أنطك "أمينة" معاه كان حشى ليه بـ100جنيه!!



انتهى من كلماته وأخرج المبلغ المطلوب يعطيه له قائلًا بعدما هدأ وهو يحتضنه :



_أمسك، ربنا ما يحرمني منك يا أخويا وتعيش وتوديهم للدكاترة.



بادله العناق بمرحٍ وسرعان ما وقعا في الضحك من الموقف.



لا يربطهما دماءً واحدًا، ولكن كانت سبل الوصال بينهما أقوى من أي رابط في العالم، فوالله لو سألتموني من أقوى حظًا ورزقًا، هو الذي يُرزق بصديقٍ يفوق أي إخاء للعالمين.



__________________________



_بس ازاي يعني مجاش من المحضر؟؟ أنتم متأكدين من هويته؟؟




        
          
                
خرج ذلك الحديث من "يحيى" باستغرابٍ فعقب "آدم" قائلًا بتعبٍ :



_"چويرية" أكدت على هويته، بس فعلًا مش عارفين أنا شاكك إن الواد ده وراه ليلة مش مجرد ابتزاز.



أكد "يحيى" على كلامه متلفظًا :



_ده أكيد، بص سيبلي الموضوع ده وإن شاء الله هيخلص على خير.



وقفا الاثنان قابلة بعضهما يصافحان بعضهما واسترسل "آدم" قائلًا بامتنان :



_تسلم والله، هنتعبك معانا معلش.



وضع يده على يد الآخر قائلًا وهو يرفع الحرج بينهما :



_مفيش شكر ما بينا، وأنتم برضو زي أخواتي، أنت مروح ولا وراك حاجة تانية؟؟



ابتسم له "آدم" ورد عليه قائلًا :



_لأ مش هروح، أنا لسه هشتري شوية حاجات.



أومأ له بالموافقة وذهب كلٌ منهما في وجهته بينما أمسك "يحيى" هاتفه يرسل إلى شقيقته رسالة نصية تحتوي على :



_أنا جاي على البيت أهو، انزلي، ده أنا هفسحك فُسح.



جاءه الرد منها بسرعةٍ موافقة بينما هي كانت جاهزةً من الأساس، التقطت هاتفها وخرجت من الشقة تضغط على زر طلب المصعد وكان في الطابق العلوي فلم يستغرق كثيرًا للمجيء،انتبهت لفتح باب المصعد ونظرت لمن في الداخل الذي كان يمسك هاتفه وانتبه لها ولم يكترث، دلفت إلى الداخل تقف بجواره بحرجٍ بينما انتبه الآخر لهيئتها ونظر لها بصدمةٍ ألجمت عقله، لم يتفوه بكلمةٍ بل ظل ينظر لها ووتيرة أنفاسه ازدادت بوتيرةٍ مرعبة حتى تفوه قائلًا بتيهٍ وهو يتفرس ملامحها باشتياقٍ :



_أنتِ بجد؟؟



نظرت له وتفوهت قائلةً باستنكار :



_أفندم؟؟



كاد أن يتحدث ولكن وقف المصعد وخرجت منه مسرعةً وكاد أن يركض وراءها لكن اصطدم بأخيها الذي يمسك بيدها ويذهبان للخارج بينما ظل هو واقفًا بصدمةٍ من الذي رأه.



_________________________

 

  • يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent