رواية عودة الوصال الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم سارة ناصر
_" ومين نقطة ضعفك غيري عشان تجمعني معاهم فجمله واحده يابن البدري !"
سحب يديها ليجلسها علي المقعد بينما جلس هو على طرف الفراش تزامناً مع رده الواثق :
_" وسام منكوشه وبحبها برده خدي بالك .."
إبتسمت له باتساعٍ في حين أكمل هو يواصل بعقلانيه :
_" وعشان تكوني عارفه عمر ما كان الشكل الحلو هو كل حاجه ، يعني لما تكوني متسرحه هحبك ولو منكوشه مش هحبك ؟! ، زي ما بردو لو حد بيحاول يجمل ملامحه عشان شايف إنها مش حلوه ومش ملفته ، الشكل ممكن يكون ملفت بس عُمر الحب ما يبقي بالشكل أبداً ، كل واحد ليه اللي يحب شكله ويعشق تفاصيله من غير مجهود، كُلنا جمال وكل واحد ليه جماله الخاص!"
أنهى "غسان" حديثه وهو يطالعها بينما رفعت هي شفتيها يإستنكارٍ ثم قلبت عينيها بغيظٍ تجيبه إجابه قاتله رغم حديثه المنطقي :
_" وايه كمان يا بتاع الرقصات!! ، شوف مين اللي بيتكلم !"
قالتها "نيروز" وهي تلوي شفتيها بسخريه في حين خرجت ضحكاته العاليه بغير تصديق مما فعلته هي من ردة فعل ، إعتدل أخيراً بجلسته ثم أجابها بمراوغه :
_" عالأقل بيرقصوا غيرهم بيعقب!"
قالها وهو يلمح لها علي قولها ثم غمز لها بوقاحه ، فوجدها تنظر له بثباتٍ ثم حركت رأسها بغير إهتمام ، فحاصرها "غسان" مجدداً بقوله وهو يضع كفه بهدوء علي كفه الأخر ثم اعتدل بانتظارٍ قائلاً لها بخبثٍ غلفه عبثه:
_" طب أنا قاعد أهو ،. قومي وريني عشان مبصش برا يلا "
كبتت ضحكاتها ثم رفعت يديها بتأديب تشير له بإصعبها قائله بلهجه أمره:
_" بطل قلة أدب وإحترم نفسك لو سمحت!"
تأدبه مع خروج ضحكاتها بطريقه لا تتوافق مع حديثها ، ضحك بخفه ومن ثم نهض يقف أمامها وهو يمد يديه مع انحناء جسده ليجلب علبة الدواء من الكيس ثم إنتشل من جاء موعدها حتى أخرجها وهو يمد يديه يعطيها لها ، أخذتها منه ببسمتها التي عادت حانيه ثم مدت يديها تمسك زجاجة المياه تنجرع منها تزامناً مع قوله المُفسر :
_" البرشامه دي قبل الأكل، وفي واحده تانيه صفرا زي عمك ومراته وعياله بتتاخد بعد الأكل "
قهقهت بقوه على حديثه بينما ابتسم على ضحكتها حتى واصل يكمل بتوضيحٍ :
_"وأنا هروح أغير هدومي وعندي كام مشوار كده هروحهم وهرجعلك تاني ، فـ أنا همشي وهبعتلك حامد بعد شويه يقعد معاكي عشان لو حصل حاجه يكون مكاني ، مش هتأخر !!"
قال حديثه بهدوءٍ رغم رؤيته الإستغراب الذى كسى ملامح وجهها من فكرة تركه لها في حين كانت تعلم هي بأنه لم يتحرك على الأقل إلا بعد ساعات عندما يجتمع الجميع حولها ، وقبل أن تسأله حاول تشتيتها بأفعاله ثم رفع يديه يمررها على خصلاتها و رفع الأخرى يضعها على ظهرها من الخلف وهو يضمها إليه بهدوءٍ هاسماً بجانب أذنها بتبريرٍ :
_" عمر ما رقاصه تملى عيني ، محدش يملي عيني غيرك انتَ يا عقباوي !"
شعر بإهتزاز جسدها أثر ضحكاتها ثم مدت يديها تلكمه بخفه بصدره كعادتها بعفويه ثم رددت بغمزة عين :
_" ثبتني يا بن البدري!"
_"دا ابن البدري كان فاكر إن كل حاجه بتسطل العقل حرام ، لحد ما جت ضحكتك دي وسطلتني بالحلال واللهِ .."
قالها "غسان " بضحكٍ وهو ينظر بسعادة على ضحكتها الذى يفضل هو النظر إليها ، توجه بوجهه يقبل وجنتيها بمرحٍ بينما فصلته عن اللحظه دقة باب الغرفه ، نفخ بمللٍ ثم نظر لها قائلاً بسخريه :
_" بيت هادي محدش صاحي فيه بقاله يجي عشر ساعات ولما اجي أبوس يقطعوا الأرزاق ، أما نشوف مين اللي وقع من حامد ده وناسيه هنا ..."
قالها بسخريه وهو يتذكر ما يفعله والده به ، كبتت ضحكتها بينما توجه هو يفتح باب الغرفه فوجدها من أمامه تطالعه بصمتٍ متمعن حتى إبتسم هو بسخريه مردداً :
_" تيجي منك بردو مش بعيده !"
نظرت له "ياسمين" باستنكارٍ دون فهم ما يردفه هو ، فتحت الباب هي أكثر ثم تخطته حتى توجهت تقف أمام شقيقتها وهي تضع يديها على ذراعها بحذرٍ ناظره لها بلهفه ، طمأنتها "نيروز". بينما سمعت هي صوته وهو يقول :
_" أنا همشي أنا بقا .."
_", لأ إستنى !"
قالتها "نيروز" ومن ثم سحبت يد"ياسمين" لتقف أمامه ، حتى وزع هو أنظاره بتساؤل ، فابتسمت هي بهدوءٍ ثم حاولت بأن تجعل الوضع بينهما ألطف كما كان :
_" أنا عاوزه معرفتكم ببعض تكون هاديه ولطيفه زي ما كانت ، ممكن أفهم يعني.. إيه اللي بيحصل !"
وقف "غسان" يتابع وهو صامت بينما إبتسمت لها "ياسمين" بحنوٍ ثم قالت بتوضيحٍ :
_" أنا مش عندي مشكله خالص ، بالعكس هو ممكن الوقت اللي كنا فيه خلى كل واحد خلقه ضيق ومش طايق بجاحة ولا قلة أدب التاني فـ أنا كنت عذراه بجد ومش عندي مشكله من نحيته "
قالتها مع وصفها له بجرأه ، ضحكت "نيروز" عندما رأته ينظر لها بدهشه مشيراً. على نفسه وهو يقول باستنكارٍ :
_" مين ده اللي بجح وقليل الأدب ، أنا ؟!"
هزت رأسها وهي تضحك بينما سمع صوت ضحكات "نيروز" ، فتنهد هو يأخذ أنفاسه يجيبها بتفهمٍ :
_" أنا مش زعلان ، أنا عارف هي عندك إيه ودي حاجه متزعلنيش ، ده غير إن انتِ زي أختى وعموماً الله يكون فعون حازم !"
صمت ثم ينظر على ملامحها التي تبدلت لنفس دهشته ، حتى علمت بأنه يردها لها ، إقترب خطوه واحده ثم مال بوجهه يقبل "نيروز " من وجنتيها بتبجحٍ أمام شقيقتها ومن ثم التفت بعد قوله لها :
_" سلام يا رزه !"
قالها وهو يتوجه ليخرج من الغرفه تاركاً بابها مفتوح ، تحت نظرات الخجل من "نيروز" والأخرى التي ضحكت بقلة حيله وهي تحرك رأسها تنظر إلى شقيقتها مردده :
_" صحيح والله اللي تفتكره موسى يطلع فرعون!"
صمتت تنظر على ضحكة شقيقتها الواسعه وهي تسألها بإهتمامٍ :
_" ماما صحت ؟"
_" محدش صحى غيري أنا وورده ، هي بتعمل الفطار فالمطبخ على ما يصحوا ، أنا كنت جاية أشوفك وأطلع لك لبس كويس عشان تطلعي تقعدي فالصاله على ما الفطار يجهز !"
أماءت لها "نيروز" بابتسامه حانيه ثم جلست على المقعد من جديد وهي تنظر على الأخرى التي توجهت ناحية خزانتها تجلب لها ملابس مناسبه للجلوس بالخارج ومتناقسه غير التي ترتديها من عدم تناسق بسبب ما حدث أمس..
___________________________________________
_" إستنـي على ما أطلع المفتاح !"
خرجت الكلمات من "سليم" بعدما خرج من المصعد وهو يسند يد "زينات" الذي ذهب بها مبكراً إلى المستشفي ، كان كف يديها ملتف بشاشٍ، كما أنه وُضع على وجهها بجانب حاجببها لاصق طبي صغير مع بعض الخدوش البسيطـه على وجنتيها ، نظرت له بغيظٍ من طريقته حتى أنها تغضب من ما فُغل أمس بها وهو يقف غير مبالياً بها وحتى لم يعنف إبنته التي فعلت بها ذلك هي والأخرى ، وبل تركها حتى الصباح ليذهب بها إلى المستشفى حتى عادا الإثنان بهذا الوقت ، أما عن "سليم" فكانت يديه مرتجفه بطريقه غير ملحوظه فمثل هذا الوقت يجب أن يغلق الباب عليهما وهما بالداخل تحسباً لذلك الأهوج ، ماذا ان رٱهم ، وكأن أمنيته التي لا يريدها قد حدثت الٱن ،. سمع صوت إغلاق باب شقة "سميه" من خلفه حتى أمسك بالمفتاح بيديه ولم يلتفت برأسه ، أما "زينات" فطالعت ذلك الذي توجه لهم بخطواتٍ هادئه ثابته بغيطٍ، شعر "سليم" بيد أحدهم توكزه بخفه من كتفه بالخلف مع سماعه صوته الهادئ وهو يقول :
_" لفلي يا متر !"
ثلاث كلماتٍ قالهم "غسان" بهدوء شديد بل ومن الغريب بأنه تماسك من الإنفعال حتى ظهر ببرودة ما يفعله ، إلتفت له "سليم" ، بينما نظرت له "زينات" بإشمئزازٍ وهي تردد له :
_" إنتَ عاوز إيـه ؟ إحنا مش خلصنا !"
تبدلت ملامح "غسان" للجمود ثم نظر لها بحده كما كانت حدة رده عليها :
_" إبنك فـيـن !! "
نظرت له "زينات" بسماجه ولم تجيبه بينما سمع هو صوت "سليم" الذي أعلن بجهلهما عن السؤال :
_" منعرفش فين من ساعة ما مشى إمبارح ، منعرفلوش مكان !"
إبتسم "غسان" بسخريه عليه بينما وزع نظراته على وجه الأخرى ويديها بشماته حتى هتف لها مجدداً يسألها هي وكأنه لم يسمع الإجابه :
_" إبنـك فـين !"
هزت رأسها باسنكارٍ ثم رفعت شفتيها قائله بنفاذ صبر له :
_" ما قولنالك منعرفش ، إيه مبتسمعش !"
_"لمؤاخذه يا متر !"
قالها "غسان" بهدوء وخفوت ومن ثم رفع يديه يضعها على رقبتها وهو يضغط عليها بحده ، أما الٱخر فوقف ينظر بدهشه لم تحركه بل هي من. تحركت حتى أنها لم تستطع الحديث والرد عليه عندما هتف هو لها مجدداً بوعيدٍ :
_" أنــا ممكن أمــوتك فــ إيــدي عــادي ! يعنــي تخلــصي وتخــلصيــني وتقــوليلي ابـــنك النــاقص فيـــن عشـــان متــزعلوش منى ، إنتـوا لــســه مشــوفتوش زعـل لــحد الوقـتي !"
قالها بإنفعالٍ فمد "سليم" يديه سريعاً يفصل يديه عن عنقها وهو يردد هو الٱخر بإنفعالٍ :
_" إبعد عنها ..إنــتَ مجــنون !"
قالها وهو يعنفه فـمد "غسان" يديه يدفعه عنه حتى اصطدمت رأس "سليم" بـ باب المنزل من خلفه ، تأوي هو مع سعل الأخرى بشده وهي تحاول أخذ أنفاسـها ، توجه "غسان" من بعدها يقترب منه حتى هبط برأسه يهمس بجانب أذنه بسخريه:
_" كانوا بيقولونا الراجل اللي تمشيه كلمة واحدة ست ميبقاش راجل ، يبقي خروف ، ده لو الست اللي ممشياه ميتقالش عليها ست أصلاً يا.. خروف !"
إعتلت أنفاس "سليم " بقوه في حين أنه إندفع بقوله وهو يتحدث أمامه وجه الٱخر :
_" أنا ممكن أوديك فـ داهيه علي كل اللي بتعمله ده !"
حرك "غسان" رأسه بسخريه ثم أشار لـ "زينات" التي وضعت يديها على عنقها بألمٍ ، فهتف هو بتهكمٍ :
_" جوزك فاكر نفسه حاجه وهو أصلاً ولا حاجه.!"
صمت ثم حرك عينيه على "سليم" حتى أكمل بقوله الحاد المُغلف بالتهديد الصريح :
_" تودي مين فـ داهيه يا متر ! ، أنا اللي فـ ايدي أوديك فـ ستين داهيه مش داهيه واحده ، خد عندك.. إعتداء بالضرب على مراتي إنت ومراتك ، لأ والمره الأولى إنتَ اللي إقتحمت بيتها وغصبتها علي حاجه مش عاوزاها وهي كانت بترفض بمنتهي الهدوء وبتدافع عن نفسها ، وانتَ مش واصي مفيش واصي خروف ! ، والتانيه بردو تعتبر شروع فـ قتل والسكينه اللي جت فـ كتف مراتي لأ واللي كانت هتيجي فيا ، يعني دي لوحدها حاجه تانيه وهو خارج بالسكينه من بيتك وقدام عينيك ، الجرح موجود ومتخيط ، وضرب مراتك لسه معلم عليها والشهود موجودين ، تحب نبدأ منين ؟ ومش هقف ضدك لما تقول أنا خطفت بنتك ، لأ خطفتها بس هاتلهم دليلك يلا ..!!"
تبدلت ملامح "سليم" للتهجم في حين نظرت "زينات " بتردد لما قاله عنها هي وحدها ، وبالأخص هي الأخرى يظهر عليها علامات إعتداء وإن حدث ما قاله سيسمي دفاع عن النفس في حين بأنه يوجد فرق بين واقعه والأخرى ، رتب لها جيداً إذن !! ، لم يمنع "سليم" رده المندفع من تبجحه الذي ازداد عليه بل أجابه بإندفاع وهو يتحلى بالجرأه الزائفه :
_" ميفرقش معايا !"
_" ولا أنا فارق معايا غير نيروز واللي هيقرب منها بكلمه واحده بس يقول على نفسه بعد كده يا رحمان يا رحيم ، وده ميمنعش إني رجعت فكلامي ، حقي هاخده بس مش بقضايا وكلام فـاضي بإيدي ..سامع؟...بإيدي يا متر "
قال كلماته بشررٍ ثم توجه ينظر للأخرى ليسألها للمره الثالثه :
_" ٱخر مره هقولها ولو ملقيتش إجابـه إقسم بربـي ما إنتِ خارجه من تحت إيدي سليـمه ، إبــــنــــــك فـــــيـــن !"
كل الحوار. منذ أن خرج لم يخرج له صوتّ إلا ٱخر كلمتان أردفهما هو بصراخٍ شديد جعلها تنتقض ، بل وجعل الشقق تُفتح !!
_" عـ عـند ٱدم..!"
إبتسم بإنتصارٍ ثم هز رأسه بنظرة عينيه الشارده تزامناً مع قوله وتأكيد ما كان يفكر هو به :
_" زي ما توقعت ، النجسين بيتلموا مع بعض فعلاً !! "
قالها بوقاحه ثم سمع هو صوت فتح باب الشقه بواسطة يد "سليم " ثم سحب زوجته بيديه حتى أغلق الباب بسرعه بوجههم جميعاً ، ولم يخرج سوى "بدر" و"حازم " دون علم الٱخرين حتى أنهما خرجا وسط إنشغالهم ، ومن الشقه الٱخرى خرج والده وصديقه اللذان كانا يجلسان بصالة المنزل !،
إلتفت "غسان" يعدل من هيأته ثم إبتسم لهم وكأن شئ لم يحدث حتى رفع يديه قائلاً لهم:
_" كله تمام يا رجاله ، كله يرجع زي ماكان ، مفيش حاجه !"
قالها بغرابه ومن ثم أشار لابن عمه والٱخر بالوداع وهو يدخل شقته حتى دخل ومن خلفه صديقه ، بينما لم يتفهم سوى "بدر" ما الذي يفكر به الٱخر حتى أنه أشار لعمه بالإستئذان ومن ثم حث "حازم" على الدخول مجدداً ، حتى أُغلقت الشقتين معاً ..
____________________________________________
بعد مرور وقت قليل ، جَلسّ على المقعد في الحديقـه الخاصه بالمستشفى ينظر من أمامه وفقط بشرودٍ ، حتى أن جرح ما بجانب فمه هو الٱخر قد تم وضع لاصق طبي عليه ، تنهد "عز" يخرج أنفاسـه بينما تذكر هو ما علمه من حالة والدته حتى أنها وضعت تحت جهاز خاص بالتنفس لفتره بسيطه مما يعني أنها ستصبح على مايرام ،وإلى الٱن يستمر حالها كذلك ، بينما جلست بجانبه "فرح" وهي تنظر من أمامها على لون الزرع الأخضر الموضوع بجانب بعضه بإنتظامٍ وأيضاً طاقم الممرضات في كل مكان ، إلتفتت برأسها له تنظر له بصمتٍ فهو لم يتحدث إلى الٱن حتى أنها علمت فقط بأن ما حدث بوجهه من شقيقها ، لكن لم يطيل معها هو بالحديث ، خرجت أنفاسها المسموعه ثم تحدثت تقتل ترددها :
_" متسرحش كتير يا عز ، عالأقل إتكلم ، اتكلم معايا متسكتش كده !"
إلتفت ينظر لها بملامح وجهه الخاليه من التعابير فقط أومأ لها برأسه بينما حاولت فتح الحديث معه مره أخرى وهي تتساءل :
_" طب قولي مروحتش الشغل ليه النهارده ؟"
_" برتاح شويه ، قومي يلا عشان تطلعي ترتاحي وعشان الجلسه!"
قالها بهدوءٍ بينما ابتسمت له "فرح" وهي تهز رأسها قائله لتوضح له ما لم ينتبه هو له :
_" معادها جه وخدتها وخلصتها من بدري ونزلت أقعد عشان طلب مني كده ، متشغلش بالك انتَ المهم قوم وشوف نفسك انتَ تقريباً مكلتش حاجه من إمبارح !! "
إبتسم لها بحبٍ ثم أشار لها تعبيراً عن أنه لا يوجد مشكله ، شعر بإهتزاز هاتفه بجيبه فمال يخرجه ببطئ ومن ثم نظر على شاشته وهو يزفر بمللٍ ثم وضعه بجيب بنطاله من جديد تحت أنظارها المتمعنه بينما تساءلت هي بفضولٍ :
_"مين ومبتردش ليه .؟"
_" مرات خالك هتلاقيها بتطمن بس مش قادر أخش معاها فجدال عشان هتقولي هاجي وأنا أقولها متجيش ، هبقى أرد عليها بعدين وخلاص !"
ما أن إنتهى أومأت له بتفهمٍ وهي تنظر له بحنوٍ بينما دق هاتفه مره أخرى ، أخرجه ينظر بنفاذ صبر حتى تهجمت ملامحه وهو يحرك رأسه بتعبٍ ، أخذ نفساً عميقاً وهو يقلل صوته. تزامناً مع نهوضه بجانبها وهو يتحدث على عجاله :
_" شكلها مفيهاش راحه ، ده تليفون شغل ومحدش هيسيبني ألا مـ أروحلهم الورشه ، خلي بالك من نفسك وأنا كده كده هاجي بدري إن شاء الله..،سلام"
أومأت له وهي تنظر له عندما ذهب وصوته عندما أجاب علي الهاتف. كان على بُعدٍ منها ، نظرتها بأثره كانت شفقه وفخر بٱن واحد حتى أنها لم تراه يوماً يأخذ راحه له ولجسده كما لم يأخذ راحه لنفسيته وضغطه الذي يعايشه مع واقعه وكأنه أمر طبيعي لم يعاني منه بكثره مثلما عانى الٱن بسبب ظهور شقيقه من جديد ، مما يبدو بأنها شردت لوقتّ في كل مره تتذكره لشقيقها هذا والأخر ، بل وعندما تذكرت مأساة قد حدثت وبها شقيقتها نزلت منها دمعتها على الفور !! ، في ذلك الوقت حتى ما حدث أمس كافياً لجعلها بمزاج ليس جيد ! وعندما يضيق بنا أي ركن لم نستطع سوى البكاء ، ماذا عن دمعتين الٱن لا مانع إذن! ، رفعت يديها تمسح وجهها عندما وجدته يأتي لها من على بُعد ، مسحت ٱثار الدموع من علي وجنتيها سريعاً ثم اعتدلت حتى رأته يقف من أمامها مبتسماً بهدوءٍ وهو يرحب بها :
_" إيه الأخبار ؟!"
إبتسمت له بتكلفه وهي تومأ له بالايجاب تزامناً مع قولها :
_" الحمد لله كويسه !"
نظر لها "بسام" وهو يبتسم بهدوءٍ بينما أراد هو فتح الموضوع معها الذي علمه فور قدومه في الصباح ، تنهد يأخذ أنفاسه ثم أخرج يديه من جيب البالطو الأبيض مع قوله لها يستأذنها :
_" ممكن أقعد ؟"
إبتسمت له "فرح" بترحيبٍ لما قاله ثم أشارت له بلباقه فجلس هو مع إحتفاظ مسافه بينهما حتى نبس بنبره متساءله :
_" عز أخباره ايه ؟"
_" كويس الحمد لله .."
نظر لها بتمعن ثم تنفس ببطئ وهو يعتدل ثم تنحنح بحنجرته قائلاً لها بهدوءٍ:
_" مادام هو مش هنا فـ أنا هقولك علي اللي مفروض يتقال وتبقي تقوليله الموضوع بعد كده براحه وأنا مش هفتحه معاه عشان ميتحرجش مني !"
إنتبهت لما يُقال ثم إلتفتت برأسها تسمع بقية حديثه عندما بدأ هو يقول :
_" الكاميرات صورت عز وهو بيتخانق قدام المستشفى والموضوع إتعرف وإدارة المستشفى كانت هتبعت تجيب عز واللي كان معاه لأن الكلام ده ليه عقوبه وعلي حسب الكلام انه بيأذى من صورة المستشفي لأن المكان اللي كانو بتخانقو فيه تبع المستشفي فيعتبر الخناق كان جواها وليها عقوبه كغرامه وغيره.. ولحسن الحظ كان في كام دكتور معايا وحاولت أهدي الموضوع شويه قبل ما يبعتوله ..!!"
صمت يتابع ملامح وجهها المتوتره بل وظهر في عينيها الخوف علي شقيقها ، رفعت أنظارها تطالع وجهه حتى نظرت لعينيه بأسفٍ وهي تقول :
_" أنا بجد أسفه يا دكتور بسام ، عز مش كده خالص بس حصل سوء تفاهم وكان صعب علينا حتى كان قبلها رجعت حالة ماما تسوء من نحية التنفس زي ما كانت أول مره وحضرتك مكنتش موجود "
نظر لها بأمانٍ كي لا تري بحديثه التهديد وعلى العكس كان هو يطمئنها فقط مع إرادته لإرسال رساله له هو ، إبتسم بهدوء ثم هز رأسه مردداً بنبره هادئه :
_" أنا فاهم ومقدر بس عاوز أقولك خلي عز يتحكم بأعصابه وميعملش كده تاني حتى لو مش فمكان زي ده ، وعلى حسب اللي شوفته إنه كان أخوكم اللي كان بردو بيتخانق معاه هنا بس محدش شافه غيري فـ إن شاء الله الأمور تتظبط وحاولوا تقعدوا مع بعض وتلاقوا حل لعله خير !"
نظرت له "فرح" بخيبه ثم حركت أنظارها توزعها على المكان من حولها وكأن الحديث قد فاض وسيخرج لمن يوجد أمامها الٱن ، أجابته بعجزٍ وتشتت على حديثه :
_" للأسف مينفعش أو معتش ينفع ، مشكلة شريف إنه عاوز ماما تموت زي ما مامته ماتت ، أنا حاسه بيه ، وهو عاوز يقرب منا بس مش عارف حتى أنا .. فكرة إنه بيشوفني مع عز واخته اللي كانت معاه ماتت وسابته بأبشع الطرق اللي ممكن تتوصف هو .."
صمتت عندما شعرت بضعف نبرتها بينما دُهش هو من حديثها دون مقدمات ورغم ذلك تظاهر بالإستماع مع تعاطفه الذى يحاول بأن لا يظهره ، بل وذهب عقله لما فعله شقيقه معه منذ أن وعى على الحياه ، تناقض بين ما يقارنه ولكن فكرة. خوف شقيقه عليه تجعله غير مصدقاً لما يحدث ولما يُقال ! من اعتاد الطمأنينه ؟! ، إنتبه بكامل حواسه بإهتمامٍ ظهر علي وجهه بشده عندما واصلت هي تكمل منذ أن توقفت عند ٱخر كلمه أردفتها هي :
_" هو.. عاش معاناه بس المعاناه مخلتوش يبقي شخص مسالم وعاوز يعيش بمنتهي الهدوء ، بالعكس دي خلته عاوز كل ما يشوف عيله متقربه من بعضها يروح يفكها عن بعضها ، خليته شخص معمي عاوز ينتقم من حاجه حصلت بإرادة ربنا ، حتى انتقامه من نحية ماما كان بالكلام اللي بيأخرها فكل مره كانت هي بتتقدم فيها ، بخاف منه وخوفي منه عمره ما هيغلب وجع قلبي علي اللي حصل عنده واللي حصل لأختي اللي لحد الٱن محدش عارف هي اتظلمت كده ازاي وليه في حين إننا مصدقينها من غير ما نعرف تفاصيل ، يمكن التفاصيل هو عارفها ووجعاه بس تعامله غلط وبيوجعنا حتى بيوجعه هو كمان .!"
ما أن إنتهت هبطت منها دمعه وحيده عبرت عن ما دي ما تكتمه بداخلها بل ويعود بقوه بعد ظهور شقيقها ومما يحدث لشقيقها هي الأخرى ؟! إذن يفتح لهم باب الوجع من جديد في حين أنهما كانا بهدوء رغم ما بداخلهم ، لما يخرج ما بداخلهم الٱن ، بسبب أب لا يتحسب لما يفعله ؟ أم أُم لا تفعل حساب لنتيجه قرارها واختيارها ؟! قبلت الزواج علي زوجته الأولى بل وبقى هو الأمر سرًا في البدايه حتى أن أطفاله من الأولى كانوا صغاراً ! ، تضغط عليه أكثر وهو أكثر ما به ضغط الٱن وقبل الٱن ، إبتلع "بسام" ريقه ثم أخرج من جيب البالطو منشفه ورقيه حتي مد يديه لها بها ثم قال بنبره هادئه يواسايها :
_" متعيطيش ، امسكي!"
أخذتها منه ببطئ ثم رفعتها على وجنتيها تمسح بها بينما سمعت صوته الهادئ العقلاني بقوله لها :
_" سمعت الشيخ الشعراوي بيقول: لو حصلك حاجه أو مصيبه وأياً كان ، متبصش للي حصلك واللي راح منك ، بالعكس نبص للي لسه باقيلنا هنلاقي اللي باقي أكتر يمكن مصيبتنا أهون من مصيبة غيرنا ، وقال ساعة ما يجيلنا حاجه تتعبنا منقولش ده ضرر ، لا ..نشوف الموضوع من جهه تانيه ونقول ربنا عمل كده ليه ؟ ابتلاء؟ عاوز يشوف صبرنا على الإمتحان ده ، نستصحب أمانة الإيمان الأولى ، منخدش ساعة نؤمن باللي حصل وساعة نقول ليه ؟ وهنعمل ايه .!! "
حديثه المطمئن العقلاني وصل لها وبشده ،حتى أن مواساته في كل مره تأتي بنصيحه لها وإفاده وليست مجرد مواساه بحديث سيزول أثره ، ابتسمت له بإمتنان وهي تحاول أخذ أنفاسها براحه بينما سمعته هو يتحدث من جديد يسألها :
_" عارفه تقولى إيـه ؟"
نظرت له وهي تستجوبه بهزة رأسها وعينيها بينما تابع هو مباشرةً يهتف بنبره عميقه :
_" وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد "
_" ونعمه بالله"
قالتها برضا ، فابتسم هو يخفف عنها عندما قال بلطفٍ متذكراً شئ ما :
_" لما كانت الدنيا بتضيق بيا وأنا صغير شويه كان حد عزيز عليا يقولي " ده اللي ليه أب ميحملش هم ما بالك بقا اللي ليه رب !" "
قالها "بسام" متذكراً والده حيث لم يذكره هو كي لا يجرح مشاعرها كون والدها متوفي ، إبتسمت له بامتنان ثم هتفت تؤيد :
_" معاك حق فعلاً ، الحمد لله !"
قالتها بإبتسامه واسعـه بينما رد لها الإبتسامه وهو ينظر لها بإطمئنانٍ حتى شعر بأنه محاصر من نظرة عينيها الممتنه له ، تنحنح بحنجرته ثم نهض يهرب من ما يشعر به حتى رأي هو من يشير له من على بُعد ، هز رأسه لها بأذنٍ ثم قال :
_" طب عن إذنك ، محتاجه حاجه ؟"
_" شكراً ، مش عارفه أقولك إيه بس كلامك بجد خفف عني شويه !"
إبتسامه ولكنها كانت باتساعٍ حتى هز رأسه لها فقط ولم يبرر هو بل رحل من أمامها كي لا يقع في بحر نظراتها كما إستشعر ، إبتسمت بأثره وهي تأخذ أنفاسها بل وتشرد بحديثه ، كل مره يصبح هو منقذها في الحديث !.
___________________________________________
_" يخرب عقلك ، حوت واللي يزعلك يموت !"
كلمات خرجت من "شادي" الجالس على المقعد بغرفة "غسان" الذي وقف يمرر المشط على خُصلاته وهو يرجعها إلى الخلف ، لم يعطي لحديث الٱخر إهتمام بل مد يديه سريعاً بعدما تجهز من إرتدائه لملابسه ، ثم وضع المفاتيح بجيبه كما أمسك الهاتف يضعه بجيبه على عجاله وهو يشير له تزامناً مع سيره ليخرج من الغرفه:
_" إخلص يلا !"
قالها "غسان" لـ "شادي" الذي نهض هو الٱخر وقبل أن يخرج وقف ينظر على مظهره بالمرٱه برضا ، ومن ثم توجه ليخرج خارج الغرفه ، حتى وجده يقف مع والدته ووالده بالصاله ، نظر "غسان" إلي والده ثم إبتسم له بهدوءٍ يوضح له مره أخرى :
_" خليك قاعد معاها يا حامد وخلي بالك منها لو عمها جه فأي لحظه هو والتعبانه اللي معاه دي ، وعندها دوا كده فـ كيس فكرها تاخده بعد الأكل هي عارفه هو نهوه بس فكرها ، وأنا مش هتأخر هاجي بسرعه إن شاء الله"
ورغم طبيعة ما يردفه بأن يكون لوالدته وليس لوالده ، إلا أنه يعلم مدى إهتمام والده بشده في التفاصيل حيث إستشف مدي راحة الأخرى مع والده هو ، وبالفعل استشعرت به حنان والدها الراحل ، حتى أن "غسان" لم يغفل من ما تفكر به والدته تجاه "نيروز" ، أومأ له "حامد" بهدوءٍ ثم سأله بإهتمامٍ :
_" طب وانتَ رايح فين مقولتليش يعني ؟!"
نظر له كما نظر لـ "والدته" التي طالعته بتساؤل هي الٱخرى ، أما هو فلم يجيب إلا أن نظر لـ "شادي" الذي هتف سريعاً من قبله ببراعة في الإقناع قبل أن يجيب الٱخر. :
_" رايح معايا الشغل عشان نشوف الأجازه هتقعد قد ايه ، وكمان لنيروز عشان جرح دراعها ده شكله هيطول وكده !"
نظرت له والدته بتشكك بينما هز "حامد" رأسه بهدوءٍ قائلاً لهما :
_"طب متتأخروش عشان لو في حاجه!"
_" متقلقش بس خلي بالك منها زي ما قولتلك.."
قال "غسان" حديثه ومن ثم تركه وهو يتوجه ناحية باب الشقه حتى اعتلت ضحكاته عندما سمع قول والده :
_" فـ عيني يا نحنوح قبل ما تبقي فـ قلبك .."
أغلق الباب مع سماعه لصوت ضحكات والدته من الداخل ، حتى توجه إلى. المصعد ومعه "شادي" الذي أمسك هاتفه ليري الوقت ، بينما في الداخل تجهز "حامد" حتى يذهب إلى الشقه الأخرى مع زوجته ، حيث كانت "وسام" بدرسها في الخارج !!
___________________________________________
في شقة "عايده" جلس "حازم" بغرفة "جميله" بعدما ٱتى من الخارج ، والتي لم تذهب لجامعتها اليوم بسبب إرهاقها وإنهاكها مما حدث أمس ، دخلت "عايده" وهي تمسك بكوبين على صينيه صغيره ، إبتسما لها بإمتنانٍ ، فـجلست "عايده" على الفراش من أمامهم ، بينما إنتشل كل منهما الكوب تزامناً مع حديث "حازم" لها وهو يبتسم بهدوءٍ :
_" تسلم إيدك يا حبيبتي "
إبتسمت "عايده" له باتساعٍ ، أما هو فوزع أنظاره عليهما والمترقبه منهما حتى أنه لم يفتح معهم ذلك الموضوع الذي قاله ، تنهد يأخذ أنفاسه ثم هتف بنبره هادئه لهما :
_" عاوز افتح معاكم موضوع وأشوف رأيكم فيه وبالذات جميله"
_"قول يا حبيبي سامعينك !"
أردفتها "عايده " بنبره لينه بينما أومأ له رأسه وهو يركز نظراته على شقيقته الصامته بإنتظار ، فابتسم هو يتحدث من جديد بوضوحٍ :
_" عز الشرقاوي طالب مني إيد جميله!"
إبتسمت "عايده" بسعاده حتى أن قول ابنتها بما قاله الٱخر قد تحقق ولم يتحدث "عز" عبث إذن ، نظرت له ببهجة ثم رددت بغيرِ تصديق :
_" صحيح يا حازم ، جالك وقالك كده فعلاً ؟!"
هز لها رأسه بالإيجاب وهو يضحك بينما نظر على شقيقته التي إحمرت وجنتيها بخجلٍ من ما ستبديه من رد فعل أمامه ، رفع ذراعه يضعه على ظهر "جميله". بحنوٍ ثم نبس بنبره هادئه يسألها :
_" محتاج أعرف رأيك يا جميله ، إنتِ أهم رأي فيـنا هنا ، إنتِ أكيد عارفاه ، شوفي كده حاسه نحيته بـ راحه! أو لو عندك مشكله ومش قادره تدخلي فعلاقه دلوقتي نأجل الموضوع ، سمعيني اللي محتاجه تقوليه وأنا سامعك أهو !"
ابتسمت له "جميله " بحنوٍ ثم حاولت أن تخرج منها نبرتها كي لا تخرج بتعلثم حتى أجابته ٱخيراً :
_" معنديش مشاكل يا حازم وإن شاء الله ربنا يقدم اللي فيه الخير ،بس قول لبابا الأول يمكن هو عنده مشكله !!"
من المفترض بأن تكون ٱخر الكلمات سخريه ، أما عنها فكانت خيبه ، وخيبه كُبرى !، تنهد يأخذ أنفاسه تحت أنظارهم ثم أجابهم بهدوءٍ و حزمٍ :
_" أبوكِي لازم هيطلع مشكله من لا مشكله متوقع رأيه هيكون إيـه ، أنا إتصلت بيه قبل ما ٱجيلكم الشقه يجي يعني شويه وجاي ، أنا عارف هو ممكن يقول إيه لو عرف بالظبط شغله وحاله رغم إن ده مش عيب ولا حرام ولا قليل ، وعاوزكم تعرفوا حاجه مهمه ..أنا مليش ألا أنتم في الدنيا دي إنتم وياسمين ، وأنا مش هستنى لما أبوكي يا جميله يجوزك ويجيبلك عريس غصب عنك إنتِ مش عارفاه ولا حتى عاوزاه ، أنا تعبت من كل اللي بيحصل وٱن الٱوان تبقوا من مسئوليتي وخليه هو بقا مع مراته وبنته اللي ضايعه وابنه اللي هيبقي سوابق لو غسان بلغ باللي حصل ده غير اللي هو كان فيه ، ربنا يبعد عننا شرهم ، وإحنا مخدناش بالنا من زمان أنه إختارهم هم عننا بطريقه مش مباشره ، ولو وصل بيا الحال أخدكم من هنا وأقعدكم عندي هعملها ، إحنا جايين الدنيا نكافح ونعيش ، وكفاحنا معاه ملوش ٱخر بس الواحد مننا ليه ٱخر وطاقته بتروح وهو لسه فأول طريقه ومحتاجها .."
حديث مؤلم ، ٱلم كل منهم ظهر مع قوله لحديثه الذي يفكر به هو منذ فتره ، تنهدت "جميله" تأخذ أنفاسها بوجعٍ ، بينما صمتت "عايده " بقلة حيله ، ومن ثم قبل الإجابه على حديثه والتي كانت صعبه سمعوا هم صوت غلق باب الشقه ، نظروا إلى بعضهم بهدوء ، بينما وقف هو على باب الغرفه ينظر بعد أن رأى "حازم " يجلس من على بعد ، لم ترفع "جميله " نظراتها له بل توجه هو يجلس بجانب "عايده " على الفراش ومن ثم نظر إليهم باستنكارٍ حتى ابتسم بـتهكم على "جميله " التي تحاشته بنظراتها ومن ثم نبس بنبره ساخره :
_" اهلاً بالبلطجيه اللي نزلت ضرب فـ مرات أبوها يعني واحده مكان أمها ،.. فاكراني مش واخد بالي ولا أي ..، حسابك معايا لسه مخلصش يا دكتوره "
رفعت"جميله " أنظارها تواجهه بقوه بها فقط ، بينما تحدث"حازم " له قائلاً بنفي لما قاله بأول حديثه :
_ " مرات أبونا عمرها ما تبقى أُمنا ، أُمنا محدش هيبقي زيها ، دا غير إن البلطجه كانت منها الأول لما نزلت ضرب فـ نيروز يعني البدايه مش منها ، ولا كانت تستني لما تدور ضرب فيها وتعدمها العافيه زي ما عملت فالتانيه ؟"
ترقبت الأنظار حتى أن حديث "حازم" كان بحزمٍ ، نظر له "سليم" بجمودٍ ثم هتف يجيبه بحده :
_" كلام المحامين ده مش هنا ، ولا مبرر للي حصل ، دي منظر دكتوره متربيه ومتعلمه وهيبقى ليها مكانه عاليه في نظر اللي حواليها ؟!"
_" أنا مش عايزه مكانه عاليه فنظر اللي حواليا ، أنا عايزه أرتاح ، ممكن تسيبني فـ حالي بقا ؟ عشان أنا تعبت ومعتش حمل أي كلام ، كلامك بقا زي السكينه اللي كانت حاميه وبقت تلمه بتأثر بس بالبطئ ، لو مستني مني أصرخ وأعيط وأعاتب فـ ده مش موجود عندي دلوقتي ، ولا حتى الأسف عشان اللي عملته ده أقل حاجه ممكن تتقدم ليها ، ولا أنا شوفت ربع زعلك ده عليا ولا على ماما حتى ، ممكن قبل ما تعاتبني وتقرر تعاقبني تبص وتشوف إذا كان اللي بتعمله ده عدل ولا مش عدل ؟! "
حديث أردفته "جميله " بهدوء شديد عكس من المفترض لها بأن يكون صراخ ؟! ، الٱن تهيج دمائه تدريجياً بل ومن دون سبب مقنع ولكن يبدو أن زوجته الأخرى قد ملئت عقله بحديث ضدها ، حديث عن عقاب لها ، لا تمل هي بتاتاً ، نهض يوجه يديه حتى يمسكها من خصلات شعرها ، ولكن إذ بيد "حازم" كانت بالمرصاد حتى أمسك يد والده بقوه يمنعه ثم وقف هو الٱخر بعدما وقفت " عايده" وهي تسمع "حازم" يهتف بحزمٍ :
_" إيدك متتمدش عليها تاني !!"
صمت يدفع يد والده بعيداً ثم تحدث مره أخرى بتوضيحٍ :
_" لما عرفت إنها إتمدت عليها المره اللي فاتت وأنا مش موجود، قولت عشان كانت بتزعق وتتكلم بصوت عالي لأ والكلام مكنش فيه حاجه غلط علي حسب ما سمعت ، بس قولت نسكت ومنقولش يمكن بيعلمها إزاي مترفعش صوتها على أبوها اللي خلفها ، بس قولي الوقتي هي عملت إيه غلط ؟ ، عملت إيه هي من أول ما خلفتها عشان تمارس قوتك عليها بالضرب والإهانه بالكلام والمعايره والكلام اللي زي السم ؟ ، أنا خلاص إتعودت امسك إيدك اللي ماشيه تترفع على أي حد دي ولو عرفت إنها إتمدت عليها تاني أنا همشيهم من هنا وهقعدهم فمكان إنتَ مش هتعرف له طريق ، ونهاية الكلام ده واللي جايبك هنا عشانه ، بعرفك إن جميله أختى جايلها عريس وأنا هوافق عليه .."
تجاهل جميع للحديث وركز بقوه على ٱخره حتى أنه نبس ينبره جامده يستهزء :
_" جاي عريس وهتوافق عليه ؟ وأنا إيه شفاف قدامك ؟! وبعدين مين ده اللي جايلك إنتَ وسايب أبوها اللي مسئول عنها ؟"
قالها باستهزاء ، بينما ابتسم "حازم" يوضح:
_" لا ما أخوها مسئول ، وأنا بعطيك معلومه بس يعني موافقتك إن شاء الله مش هي اللي هتمشي الحوار ده !"
_" يعني ايـــه .؟"
_" يعني عز متقدم لها وبعرفك عشان أديله معاد يجي ولو مش موافق يجيي هنا نجيبه عندي معنديش مشكله بس عشان متشوفش بنتك بتتجوز مثلاً فجأه وإنتَ مش على علم بـ ده !"
نظر له "سليم " بغيظٍ ثم هتف يسأله بإنفعالٍ أمام نظرات "جميله " الساكنه ووالدتها الخائفه :
_" وهو انتَ لما تعرفني إنه جاي لها عريس هتقولي إسمه هو بس ؟ مش محتاج تعرفني هو مين إسمه ايه بالكامل ولا حتي بيشتغل إيه وأعرفه ولا معرفهوش ولا إنت واخد القرار وخلاص !"
تنهد"حازم" يأخذ أنفاسه ثم جلس أمام أنظاره تزامناً مع إشارته لوالدته وشقيقته بأن يجلسا ، ثم أجابه بهدوء وتوضيح:
_" لا شخص متعرفوش أو ممكن تسمع عنه بس ، وإسمه بالكامل عز صالح عبد الرحمن الشرقاوي ، وبيشتغل ميكانيكي وهو اللي بصلح عنده العربيه لما تعطل ، وكمان أخته تبقي صاحبة فرح ومعاها في نفس الكليه ، حاجه تاني محتاج تعرفها ؟! "
كان حديثه ساخر إلى حدٍ مُعينّ ، وهو يردفه على مسامع "سليم" الذى شرد وتغيرت ملامح وجهه بشده « عز صالح عبد الرحمن الشرقاوي..؟!» أسمع ذلك الإسم من قبل ؟ بل ولديه ماضي مع هذه العائله !! ، إبتلع ريقه من تشابه الإسم ،. تشابه ؟ أم أنه الإسم بذاته!! ، لا يوجد تشابه يين نفس الأسماء!! ، حاول تجميع الأفكار بعقله بينما نظراتهم كانت مترقبه وبشده ، ما المانع ان خرج منه حديثه بتعلثمٍ ليبرر ، حاول أن تخرج منه نبرته بغير تعلثم بها ، حتى نظر له وهو يجلس من أمامه ثم هتف بما جاء به عقله كي يبرر إعتراضه:
_" ميكانيكي؟ وأنا بنتي دكتوره ؟ ..على جثتي لو ده حصل !".
تسارعت دقات قلبها هي التي كانت تهاب الرفض وبشده حتى أنها لا تعلم بأنها ستشعر كذلك !! ، مشاعرها ليست محدده الا وقت الرفض ؟! ، إنتبهت هي على صوت "حازم" وهو يردد بنبره هادئه وبشده :
_" ماله الميكانيكي معلش؟ هو ده مش شغل وبيتعب بردو ؟ وبعدين ده بيصرف على أمه وأخته وباباه ميت من زمان وبيتعب وبيشقى يعني ميتخافش منه على بنتك ، على الأقل بيشغل مش زي إبنك اللي لحد الوقتي قاعد ومبيشتغلش ولا حتى خد شهادته من علامه إللي ييسقط فيه بقاله سنين ولسه قدامه جيش وموال والعمر بيضيع منه عالفاضي ، أه ده مش متعلم بس راجل ، ومش مهم توافق عليه لو على جثتك يدخل هنا ، في أماكن كتير يجي فيها من غير على جثتك !! "
نظر له "سليم" بغضبٍ ثم خرج صوته بإنفعالٍ وهو يشير لهم :
_" لو الجـــوازه دي حـــصــلــت مــش هتشـــوفوا منــي خـــيـــر "
ظهر خوفه في نبرته ؟ أو لما يشعر بالخوف الٱن ؟! ، تضاعف غضبه عندما هتف "حازم" يجيبه على قوله بنبره إعتبرها الٱخر تحدي وعناد منه :
_" هيجي وهتم على خير إن شاء الله ، ومش طالبين منك تدفع لها حاجه هي مش جاهزه والباقي عليا أنا ؟! ، خليها تشوف حياتها هي كمان بعيد عن هنا بدل ما مبناخدش من هنا غير الأذى والهم وبس ؛ وأنا موافق عليه وأوي كمان ولو حد غيره متعلم ومعاه شهاده بس أبوه بيصرف عليه مش هقبل بيه وهيبقي على جثتي أنا ، لكن ده هو اللي هيشيل أذاك منها ويراعي ربنا فيها.."
فاض به الكيل ، مع ضيق الحديث من الٱخر ، حتى أنه رفع يديه يصفعه على وجهه بإنفعالٍ ، شهقت "عايده" كما شهقت "جميله " بقوه بينما لم يتحرك "حازم" ولم يبدي ردة فعل ولو ذره ، كانت ملامحه خاليه من التعابير ، والده ، يحق له بالضرب حتى أنه لم يمنعه ويمسك يديه وهو يضربه ، لن يحمي نفسه. ولم يوقفه حتى لا يصبح عاق، بل يفعل ما يريد فعله، يمكنه المدافعه عن والدته وشقيقته ومن منه وفقط ، أما هو ففكرة مسكه ليد والده كي لا يضربه كانت صعبه عليه ، ليست هينه لهذه الدرجه ، وقفت "عايده" سريعاً أمام "سليم" ثم هتفت عالياً هي الٱخري وكأن صمتها قد فاض هي الٱخري:
_" كفايـه ، كفـــايه بقــا علينــا ، حـــرام عليـــك !! "
نظر لها بصمتٍ ، في حين وقف "حازم" ينظر له بتعابير وجهه الخاليه ثم أردف بنبره هادئه وبشده:
_" مش همنعك يا حضرة المحامي ، إنتَ مهما كان أبويا وليا حق عليك ، بس معلش معتش تستاهل كلمة أبويا مني غير لما تراجع نفسك وتشوف كده كام مره ظلمتنا وكام مره جيت علينا ، وأنا مرجعتش فـ قراري ، جميله هتقابله والموافقه والرفض بـ إيديها هي مش إحنا ، ولو تقيله عليكّ قعدتهم مش هتردد أخدهم عندي !! "
_" لو أختك طلعت من البيت على بيتك إنتَ للموضوع ده مش رجعاه تاني ، وأمك لو طلعت منها وراحتلك معاها هتكون طالق ، ســــــامـــعيــن؟!"
نظرت له "جميله " بغير تصديق كما نظرت "عايده "، بينما نظر له "حازم" ولم ينبس سوى بكلمه واحده حتى أنه علم أنه تهديد:
_" اللي تشوفه !"
كلمه قالها ببرود ،بينما يعلم هو بأنها لم تكن كذلك وإن إستخدم الٱخر عقله فسيتخدم عقله هو الٱخر لطالما كان عملهما المحاماه ، وقسمه بالطلاق سيصيب أو لا يصيب بنقطة ذهابهما إلي بيته بالتحديد على ذلك الموضوع ، تركهما "سليم" وهو يتوجه خارج الغرفه ، بينما ما أن سمع هو صوت إغلاق باب الشقه نظر لهم ببسمه صغيره ثم هتف بنبره هادئه :
_" جهزوا نفسكم ، عشان هكلمه يجي بكره إن شاء الله!"
نظرا له بإستنكارٍ فهتف هو من جديد يوضح :
_" مش هجيبوا عندي عشان حلفانه ، هظبط كده اللي فدماغي وهقولكم كمان شويه ، المهم متشيلوش هم وأنا معاكم ."
وما أن قالها رفع ذراعيه الإثنان حتى وضع على كل واحده منهم ذراع ، وهو يضمهما إلى صدرة متنفساً بإنهاكٍ ، شعر بدموع والدته بينما نبست "جميله " بنبره مختنقه :
_" أنا بحبك اوي يا حازم بس خايفـه .!! "
ربط على كتفها بإطمئنانٍ ومن ثم هبط بوجهه يقبل قمة رأسها كما فعل مع والداته التي ظهر عليها نفس قول الٱخرى ، ثم ردد يجيبهما بنبره مطمئنه :
_" إطمنوا، إن شاء الله كل اللي هيحصل خير وبس !"
____________________________________________
جلس على سجادة الصـلاه يؤدى فرضه والذي منتظم هو به منذ فتره حتى أن ما يفعله عكس ذلك!! ، كان يجلس من خلفه "حسن" الذي أشعل قداحته أمام وجهه لـسيجارته التي توجد بفمه ، ثم تحسس وجه بألمٍ وهو يطالع "ٱدم" زفر بمللٍ ، في حين قام الٱخر بالتسليم ، ومن ثم وجد "حسن" يتحدث بتهكمٍ له:
_" تراويح دي ؟"
نهض "ٱدم" ومن ثم إلتفت ينظر له بسخطٍ ، فقد أوقف الحديث معه منذ أمس ، لم يجيبه سوى بكلمه واحده يختصر إجابته:
_" ملكش دعوه ، خليكّ فحالك !"
رفع "حسن" يديه يشير له بغير إهتمامٍ ، بينما كاد أن يصلي الٱخر مره أخرى وقاطعه صوت دقات الباب العاليه ، إبتلع "ٱدم" ريقه ، في حين وقف "حسن" بإندفاعٍ ، ومن ثم نظر الإثنان لبعضهما ، حتى تحرك "حسن" ليتجه ناحية الباب بحذرٍ بينما قطع سيره "ٱدم" الذي فاض به الكيل من ناحيته ، هتف يوقف من حركته قائلاً. بحزمٍ :
_" إستنـى يا غَبِي !"
إحتدت نظرات"حسن" من معاملته بهذه الطريقه منذ أمس ، تحلى بالصبر ، ومن ثم أشار له الٱخر بأن يرجع إلى الخلف حيث ركن غير ظاهر ثم توجه هو يقف خلف الباب مردداً بتساؤل لمن بالخارج:
_" مين؟"
_" هو حد بيعبرك غيري ؟!"
ما أن سمع صوته أبعد المقاعد من خلف الباب ثم فتحه بهدوءٍ وهو ينظر له بملامح خاليه من تعابير للترحيب به ، وقف "شريف" ينظر باستنكارٍ ثم دخل ووقف ينظر على المقاعد التي كانت أمام الباب ، بينما دخل الٱخر دون نبس أي حديث ، حتى ظهر "حسن" أمامهما ، توجـه "ٱدم" يقف على سجادة الصلاه من جديد حتى عقد "شريف" مابين حاجبيه متسائلاً لذلك الذي يوجد بوجهه كدمه زرقاء ! :
_" هو في إيـه ؟ وإيه اللي فـ وشك ده !"
إبتسم "ٱدم" بتهكمٍ وقبل أن يبدأ بالصلاه هتف بنبره ساخره وهو يشير له على "حسن" الواقف :
_" خليه يحكيلك حصل إيه !"
قالها ومن ثم أخذ السجاده على بُعد قليل منهم ، بينما جلس "شريف" الذي خرج من منزله قبل أن تستيقظ الأخرى هروباً منها ، جلس بجانب"حسن" الذي جلس هو. الٱخر ثم أشار له بعينيه بأن يبدأ بالحديث ، حتى تنفس "حسن" ليخرج أنفاسه وهو يستعد لبدء الحديث ..!!
_____________________________________________
بعد قليلٍ وقفت السياره على بُعد من المنزل ، ثم هبط منها "غسان" و"شادي" ، حيث كانت السياره سيارة "شادي" ، نزل ثم أغلق الباب وهو ينظر من أمامه ، ثم إلتفت برأسه ينظر لـ "شادي" الذي وقف بجانبه بترقبٍ، رفع "غسان". يديه ليضعها أسفل عين "شادي" وهو يردد بتساؤل :
_" من إيـه دي ؟ أول مره اشوفها الوقتي !"
وضع محرج الٱن ، لم يقلل من شأنه حتى يسخر عليه الٱخر عندما يعلمه بأن فتاه من فعلت به كذلك ! ولم تكن سوى "منه" ، هرب "شادي" بأنظاره ثم هتف يجيبه بتعلثمٍ حاول أخفائه :
_" لا ..ده أنا إتخبطت. في الحيطه .."
أمعن "غسان" النظر بوجهه بقوه ثم حرك عينيه باستنكارٍ وهو يقول :
_" حلوه الحيطه اللي ليها ايدين دي !"
ضحك بخفه كي يشتته ثم أشار له على المنزل من أمامه تزامناً. مع قوله:
_" طب يلا بينا.."
تحرك "غسان" بهدوءٍ كما كانت الخطوات ثابته من الطرفان ، إلي أن توجه يقف أمام المنزل بهدوءٍ ، حتى أن الطابق كان أرضي ، رفع "شادي" يديه كي يدق الباب ، فأمسكته يد "غسان" بسرعه وهو يحرك رأسه له ثم ابتسم قائلاً له بنفىٍ:
_" مش كده ..يتفســخ !!"
قالها بنبره ليست هينه بينما نظر له الأخر بصمت مترقب لما هو ٱتٍ ، أما الباب فكان ليس حديث قوي ، بل ظهر عليه بأنه قديم من الخشب ، وسرعان ما رفع "غسان" قدمه تزامناً مع رفع ساق"شادي" وهما يرجعان بها إلي الخلف ثم دفعوا هما الباب بهذه الطريقه ثلاث مرات حتى فُسخ الباب وفُتح بقوه ، دخل "غسان" سريعاً ثم ثم دخل "شادي" يغلق الباب من خلفه ، تحت نظرات الثلاثه الواقفين بصدمه ، حيث لم يضع "أدم" خلف الباب شئ ليمنع فتحه بعد أن دخل "شريف" قبل قليل ، نظر "شريف" بترقبٍ ، بينما وقف "حسن" يرمقه بغضبٍ ، في حين أن "ٱدم" وقف يطالع الوضع بخوفٍ داخلي ، نظر له حينما إبتسم "غسان" باتساعٍ وهو ينظر علي سجادة الصلاه التي وجدت بيديه ثم نبس له وهو ينظر له:
_" حرمًا يا حبيب قلبي ، أوعى تكون نسيت تدعي لحسـن !"
إبتلع "ٱدم" ريقه في حين هتف "حسن" بصوتٍ مرتفع مما دل على انفعاله:
_" إنتَ مصمم بقا يبقى موتك على إيدي !"
لم يمنع ضحكاته بأن تخرج ليسمعها من يقف أمامه ، حتى أنه أشار لـ "شادي" بأن يضحك حتى يجعل للوضع أكثر إستفززاً ، انتبه لصوت "ٱدم". الذي قال له بنبره هادئه مشيراً بيديه له:
_" إمشي يا غسان وبلاش يحصل مشاكل !"
لم يعير لحديثه إهتمام بل نظر هو باستنكارٍ على "شريف" الذي تنهد يأخذ أنفاسه ثم جلس من أمامهم واضعاً ساق فوق الأخرى مردداً :
_" أما نشوف هتخلصونا من الفيلم ده إمته ؟"
سار "غسان" بخطواتٍ ثابته يقف أمام ذلك المستفز وهو ينظر له متحدثاً بنبره ساخره :
_" مين الحلو ؟"
_" شريــف .. وانتَ ؟"
قالها باستفزازٍ وهو يهز ساقه الموضوعه فوق الأخرى ، فنظر له "غسان" بثباتٍ حتى نبس بنبره جامده من طريقته :
_" طب خليكّ فـ حالك وإركن فـ جنب عشان أشوف شغلي ، عال ؟"
فهم "غسان" من طريقته وأفعاله الغير منطقية لما يحدث بأنه ليس بشخص سهل التعامل بل ومن الممكن أن يعوق ما سيفعله ، أخرج من علبة سجائره ، ثم وضعها بفمه مشيراً له بغير إهتمامٍ تزامناً مع قوله :
_" عال !"
صُدم "ٱدم" من رد فعله بينما وقف ينظر لـ "حسن" الذي زاد انفعاله وهو يتوجه بخطواتٍ سريعه يقف أمام وجه "غسان" ثم رفع يديه يدفعه مع قوله الصارخ به :
_" تـــعــالى ، مادام انــتَ عــاوز كده ، وديــني ما هتــخرج ألا وإنــتَ فـ نعشك !"
رجع"غسان" خطوات إلي الخلف في حين توجه "شادي" يمسك"ٱدم" بقوه كي لا يتوجه لفصلهما ، والٱن إزداد إنفعال "غسان" حتى أنه توجه يدفعه هو الأخر بيديه التي وضعت علي عنقه ثم رجع به إلى الخلف بقوه حتى حاصره على أحد حوائط المنزل ، وهو يصـرخ به بقوه :
_" غلــطة عـــمرك إنتَ عملتـــها لمــا فكــرت ترجع تحاســبنا علي حــاجه مش من حقـــك تحــاســبنـا عليهــا ، لأ ولمــا تجــيب السكــيــنه فــ مـــراتي يا ناقـص .."
رفع "حسن" يدفعه بيديه حتى يفلت من أسفل يديه مع قوله الذي حاول أن يخرج صحيحاً وبنفس انفعال الٱخر صرخ هو :
_" وهفـــضــل وراكـــم ، وديــني ما هســيبك ولا هســـيب اللي منــك ، همــوتك وأموتــها بعدك ، بــعــد ما أحســرها عليــك يا *** "
رفع ساقه يضرب "غسان " بقدمه كي يرجع. عنه ، أما "غسان" فأخرج مطوته من جيبه بسرعه وباندفاعٍ رغم تأويه من ضرية الٱخر ، ثم وضعها على وجهه متحدثاً بنبره مرتفعه ٱثر انفعاله وتشفيه :
_" وحيــاتـها عنــدي ما أنــا خــارج ألا مــا تقــول حقي برقبــتي ، ..أنا اللي همــوتك يا قـذر ومش ســـايب فيــك حتـه سليمــه !"
قالها بصراخٍ جعل "شريف" يقف لينظر بعد أن توقع أن الأمر لم يكن بهذه الخطوره ،. بينما أمسك "شادي" الاخر بحزمٍ كي لا يتحرك رغم صراخ "ٱدم" بالتوقف عن أذية صديقه ، دفعه "غسان" ليقع أرضاً ثم مد يديه يشق كم قميصه بقوه وبإندفاعٍ حتى ظهر كتف "حسن" الذي فهم ما سيفعله به ، حاول التملص منه بينما وجه "غسان" المطواه أمام كتف وذراع الٱخر ثم هتف يتوعد بأخذ الحق بنفس الطريقه:
_" إفـــرد دراعك يا ناقــص ، إفـــرده بدل ما أدخل أمـها فرقبــتك !!"
كاد أن يدفعه "حسن " بينما طعنه "غسان" في كتفه بغلٍ حتى نظر له وهو يصرخ بقوه ، تذكر صراخ النساء ، بل ابتسم بانتصار عندما وجده يرجع إلى الخلف مع صراخه وهو يمسك كتفه ، بينما صرخ"ٱدم" عالياً ثم دفع "شادي" بقوه والذي تركه يتوجه ناحيته وهو يسمعه يسب "غسان" بقوله وهو يتجه:
_" كفــايه ، سيبــه يا *** "
نهض"غسان" بسرعه ثم دفعه بقوه حتى وقع "ٱدم" أرضاً ومن ثم جثي "غسان " فوقه ثم لكمه بشررٍ من سبه له تزامناً مع خروج نبرته التعنيفيه له :
_" بتدافع عــن ده يا عويـــل ؟، يا واطــي، هتستــرجـــل إمتــه قولــي ؟ بتشــتمني عشـــانه يا قذر ، عشــان واحد بيــاع ،ولو حصــلك حاجــه مش هتــلاقيـه جنبك يا غبـــي !"
قالها بصراخٍ يعنفه وهو يبرك فوقه ، بينما حاول"ٱدم" دفعه عنه بقوه رغم صحة حديثه الا أنه اجابه بنفس الصراخ مما جعل "غسان " يتهور :
_" إنتَ مـــال أمــــك يا *** ، ملكش دعوه بيــا ، إبــعد بعيد عنــي "
تضاعف أنفعاله عندما سمعه يسبه ويسب والداته !! ، لم يشعر بنفسه إلا عندما رفع مطوته يوجهها ناحية وجهه كي يشفي غليله ، وإذ كان بالمرصاد إثنان، ركض "شادي" إليه كي يمنعه ودخول أحدهما باندفاع المنزل وصوت أنفاسه عاليـه ، وقف "شادي" مره واحده ينظر على من يقف بذهولٍ بينما ألتفت "غسان" برأسه بغير اهتمام كي يكمل ، حتى شعر بساق أحدهما تقف بجانبه ومن ثم يديه تمسك منه المطواه وهو يأخذها منه بقوه ثم هزه بغضبٍ مع قوله :
_" إبــعد عنه !"
رفع "غسان" أنظاره لينظر له ، ثم نظر بتمعن حتى أيقن هو أنه فكر بما بيفكر به ! ، ولم يكن سوى "بدر" الذي إرتدي ملابسه عقب رؤيته لهما يسيران ثم هبط سريعاً بعد أن علم ما يفكر به "غسان" وربطه بـ "حسن" وتوقع والده ، انتبه على صوت "بدر" المنفعل بقوله لهما :
_" إيــه .؟ هتموتـو بعض!! ، خلاص الدم معتش فارق ؟ "
صمت ثم نظر إلى "غسان" الذي إعتدل ليقف ببطئ حتى أنفاسه التي تخرج منه وتحرك قمة صدره !
_" ٱخويا يا غسـان ؟ ٱدم ؟ كان عملك إيــه ؟ "
عدل "غسان" من ملابسـه مع خروج سبه بذيئه موجهه لأدم ولحسن معاً ثم تجاهل حديث "بدر" بينما شعر هو بفتح عين "شادي" على وسعهها وهو يشير له وقبل أن يفهم هو شعر بكوب من الزجاج تتوجه في مؤخرة رأسه من "حسن" الذي نهض بخفه يمكسها ومن ثم وقف يدفعها عليه ، تأوى "غسان" وهو ينحني ثم وضع يديه سريعاً حتى شعر بابتلالها من الدماء التي خرجت من مؤخرة رأسه مع تشنج ملامحه بألمٍ ،. إلتفت رغم ألمه بسرعه ثم رفع قدمه يدفع "حسن". على الأرض بغضبٍ ، حتى أنه إنتشل الصحن من على الطاوله ومن ثم وجهه على رأسه بقوه حتى تهشم مع صراخ "حسن"، تزامناً مع صراخه بغضبٍ قاق الحدود:
_" موتــك علي إيــدي يا بن الخروف ، وربنــا ما هسيبك !"
توجه "بدر" عندما استشعر غضبه الزائد ثم فصله عنه هو و"شادي" وهما يمسكانه بقوه محاولاً التملص من بين يديهم ، أما "حسن" فكانت رأسه تدير به وبقوه مع ألم ذراعه الذي نزف بقوه ، هتف "بدر" عالياً لشقيقه وهو يمسك "غسان". :
_" شـــوفه ، شــوفه إنتَ وصاحبك يدل ما يروح فيــها.."
قال حديثه على عجاله ومن ثم خرج من باب المنزل وهو يمسك "غسان ". وصديق الثاني يمسكه من الناحيه الأخرى لخارج المنزل ، أما "شريف" فكان يقف يتابع الوضع. فقط ، وما أن رأى منظر الدماء من رأس وكتف "حسن" ، وجد "ٱدم" يحثه بنبره متلهفه وهو يضع يديه علي جرح الٱخر :
_" وقف تاكسي بسرعه ، بسرعه قبل ما يموت مننا .!"
ود لو تركه رغم عدم وجود ذنب له بما فعله والده ولكن نار الانتقام حاميه ، حاده يود بأن تطول كل من منه ، تحرك بخطواتٍ ثابته حتى أنه لم يفعل جهد لكي يركض ، ثم خرج من باب المنزل وهو يتوجه بعد لحظاتٍ ناحية الطريق ، حتى لمح هو سيارتهم الذى توقع بأنها لهما تذهب وتتحرك إلي بعيدٍ ..!!
______________________________________________
جلست "نيروز" مع التجمع العائلي حيث كان الجميع بشقة والدتها من "حامد" وزوجته بينما كانت ابنته بالخارج ، كان "حازم" يجلس هو الٱخر مع "عايده" و"جميله" و"سميه" وحتى "ورده" و"يامن" صغيرها وبالأخرى "ياسمين" التي جلست بجانب "نيروز" من الجانب الأخر حيث كان التجمع مبهج وكل منهم يتحدث مع الأخر بحديث مختلف ، أما "نيروز" فكانت شارده من عدم مجيئه إلى الٱن !، إلتفت "حامد" وهو يبتسم من الحديث ثم وجه أنظاره إليها حتى وجدها تنظر من أمامها بشرودٍ ، رفع يديه يشير أمام وجهها بمرحٍ ثم قال بمشاكسـه :
_" سرحانه فـ ابني ولا ايه ؟ ..طب وأنا ؟ مليش نصيب !"
إنتبهت له "نيروز" ثم ضحكت بخفوتٍ وخجل بٱن واحد. ، إبتسم هو لها بحنوٍ أما هي فسألته بعفويه شديده عن ولده :
_" هو كده ازاي بجد ؟"
_"هو مين ؟"
قالها بمكرٍ وهو يضحكّ ، فتنحنت هي بحرجٍ بعد أن إستوعبت قولها، فأجابها "حامد" من بعدها بقوله المفسر :
_" مش هعرف أجاوبك ، أصل كل واحد بيشوف حبيبه بطريقه مختلفه عن غيره ، يمكن اللي أقدر أقولهولك واللي احنا شايفينه فيه إن غسان طيب وحنين على غيره ، مش هقولك إنه مثالي ، مفيش حد مثالي ، بس أنا عارف إنه قليل الربايه وإن أنا إتلخبطت فتربيتهم وربيت بسام مرتين على إنه غسان ، بس عاوزك تعرفي إن عنده طاقة إستحمال على اللي ييحبهم كتير أوي ومش بتخرج ألا بعد تحويشه كده ، عشان كده لو جه لحظه عمل حاجه أصبرى عليه وهو بيراجع نفسه بسرعه وهيرجع تاني ، وأوعى تعاندي قصاده عشان هيعلى عليكِ ومش هتوصلوا لحل بسرعه ، وربنا يصلح حالكم مع بعض ويسعدكم وأعيش وأشوف أحفادي عشان أنا اللي هربيهم لأن أبوهم مش هيربيهم !"
ضحكت علي حديثه عالياً بينما تفهمت هي ما يود قوله لها بأنه لديه من الطباع المنفره كي تتأقلم وتتفهم هي الوضع ، هزت رأسها بنفىٍ على ٱخر حديثه ثم قالت بمرحٍ :
_" ما كده هيطلعوا زي غسان !"
قالتها بعفويه وتلقائيه حتى أنها لا تعي جيداً ما قالته بالتحديد ، نظر لها بدهشه ومن ثم حرك رأسه بقلة حيله منها. ومن تلقائيتها ، بينما إنتبه الجميع على صوت "حازم" الذى هتف يقول ببهجه :
_" إن شاء الله يا جماعه ، في عريس هيجي لـ جميله بكره وهقابله هنا فالشقه دي ، وعشان كده هحتاج الحج حامد معايا يقابله وكمان ولاده وبدر وشادي إن شاء الله ، وأنا كلمت العريس وهيجي بإذن الله!"
علمت"سميه" من قبل عندما أعلمها الأخر هو ووالدته بينما كانت تعلم الفتيات بسبب قول "جميله " لهم منذ قليل ، إبتسم "حامد" باتساعٍ ثم هتف بسعاده :
_" طبعاً هبقى موجود يا حبيبي ، وألف مبروك ربنا يقدم لكم اللي فيه الخير .. مبروك يا جميله"
إبتسمت له بخجلٍ وامتنانٍ بينما هلل الأخرين بفرحٍ ، ومن ثم نهض "حامد" من جانبها تزامناً مع قوله لها عندما تذكر بأن الٱن هو موعد الدواء المسكن لألم الجرح:
_"قوليلي يا حبيبتي حطيتي شنطة العلاج فين ؟"
وقفت بسرعه وهي تقاطعه قائله له بلباقه :
_" لا خليك يا عمو متنعبش نفسك أنا فاكره كويس !"
_" أقعد إيه ده غسان مأكد عليا بتاع ستين مره يشيخه ، أقعدي ده موصيني !"
قالها بمرحٍ ثم نظر لها جيداً وهو يستأذن منهم بعد أن سمعوه ، وبعد أن سمع هو مكان الدواء ، توجه بخطواتٍ هادئه إلي حيث غرفتها ، بينما إبتسمت "سميه". بحنوٍ وشكر وهي ترفع أنظارها للأعلي من كون ابنتها دخلت بين عائله كمثل هذه ، بل و زوج مثل غسان التي تغتاظ من طريقته في بعض الأوقات ولكنها أيقنت بأن حبه لابنتها فاق الكثير ، وضعت يديها على موضع قلبها بألمٍ ، حتى تأخذ أنفاسها بهدوء وهي تنظر إليهم بحبٍ حتى أن "يامن" توجه لها ليجلس على ساقها ببراءه ، ضحكت بخفه وهي تقبله بينما إستشعرت "ورده" تأخير زوجها كغير عادته !! ، وكأن ما تفكر به قد تحقق عندما سمعت صوت دقات الباب ، نهض "حازم" يفتح تزامناً مع أخذ الدواء من يد "حامد" بواسطة "نيروز" التي ابتسمت له بحنوٍ ، فُتح الباب وظهر من أمامهم "بدر" وبجانبه "شادي" فقط ، ومن ثم دخلا ورحبوا بهم بهدوءٍ ، بينما وقف "بدر" حتى نهض "حامد" يقف بجانبه بركن ثم قال دون مقدمات:
_" زي ما قولتلي واللي كنت بفكر فيه بالظبط ، شيلت حسن من إيده بالعافيه ، وربنا يستر علي حسن وميجرالوش حاجه.. هبقى أكلم ٱدم . بس عاوزين نقفل على الموضوع ده ومحدش يعرفه وحاول تخلي نيروز تروح لـ غسان عشان حالته صعبه ومتعصب أوى حتى رفض يجي معانا هنا ممكن يهدى ويروق فوجودها !!"
كان يستمع إلى حديثه بتفهمٍ شديد ، لطالما يعلم هو بكيف يفكر ولده بل وسار معه إلي ٱخر الطريق وجاراه بأمر كذبه ، هز له رأسه بتفهمٍ ثم أومأ له بعينيه بكتمان الأمر حتى سمع هو صوتهم وهم ينادون عليهما ، توجه "حامد" يبتسم وكأن شئ لم يكن ، ثم التفت بوجه لـ "نيروز " التي ظهر بنظراتها التيهه وهي تبحث عنه. من ثم الخيبه عندما وجدته لم يظهر ولم يأتي إلى الٱن ، غلبت هي التردد حتى التفتت برأسها له تسأله باهتمامٍ :
_" متعرفش غسان فين يعمو ؟"
هز لها رأسه ثم نهض يمسك يديها يسحبها خلفه تزامناً مع قوله :
_" طيب بجماعه هستأذن أنا وبنتي شويه بس فالشقه عندي وهنرجع تاني ، موضوع ميقعدش يعني ، كملوا كملوا .."
قالها بمرحٍ حتى أنهم ضحكوا بخفه ثم هزت لها "سميه" رأسها بالموافقه عندما وجدت "نيروز" تنظر لها بعجزٍ ، فتح هو باب الشقه ثم أغلقها من خلفه وهو يخرج مفتاحه من جيب بنطاله الواسع المريح ، ثم قال مع فتحه الباب:
_" غسان جوه وشادي قالي أنه دخل ومش عاوز يكلم حد مش عارف ليه!"
ترقبت جميع حواسها حتى أن قدمها دخلت من قبله الشقه وهو من خلفها ، فأجابته هي بخوفٍ :
_" ليه حصل ايه ؟"
_" مش عارف هتلاقيه فـ الأوضه .. ممكن تدخليله عادي وأنا موجود هنا !!"
هز رأسها بالايجاب دون حرج حتى أنها تفكر به وفقط ، ابتسم علي أثرها وهي تتحرك ، ود لو يخرج من الشقه ولكنه بقي بها. حتى أنه توجه بهدوء يدخل غرفته وهو يغلقها خلفه ليجلب هاتفه ، وقفت أمام باب الغرفه ثم رفعت يديها السليمه تدق الباب ولكن لا توجد اجابه بل وتسمع حركه بالغرفه ، لما لم يجيب ، مدت يديها تفتح باب الغرفه ثم نظرت قبل أن تدخل حتى أنها دخلت ومن ثم قد أنغلق الباب ، رفعت رأسها تبحث بعينيها حتى شهقت بخفوتٍ وهي ترأه يردي تيشيرته الأبيض على جسده. العاري من فوق حتى ستره ومن ثم ارتدي الستره القطنيه السوداء مع غلقه لسحابها بإهمالٍ وبسرعه ، شروده جعله غير منتبهاً للدقات ولا حتى دخولها الغرفه بهدوءٍ ، أمسك ملابسه الفوقيه الملقاه ثم أمسك طرف الكم الذي كان به دمائه الخافته ، دفعة الكوب لم تفعل له جرح عميق بل أتت بدماء فقط والكوب لم ينكسر عليه بل انكسر ما أن وقع ، إلتفت بها حتى يضعها بصندق الغسيل الذي يوجد بجانب باب غرفته ومن ثم توقف مره واحده عندما وجدها تقف ، نظر لها باستغرابٍ ثم تساءل بنبره جاده :
_" انتِ هنا من إمته ؟"
تعلثمت نظرات "نيروز" حتى حاولت السير له وهي ترفع رأسها تنظر داخل عينيه ووجهه التي تراه هي ولأول مره خالي من التعابير معها !! ، إبتلعت ريقها ثم هتفت تسأله بنبره هادئه لينه :
_" مالك ؟"
حرك أنظاره ناحية كتفها الموضوع بحامل ذراعي ثم تمعن النظر به حتى أنه تنفس من فكرة أخذه للحق بنفس الطريقه ، نظرت له بتمعن ثم حركت رأسها على ما بيديه حتى لاحظت الدماء على الملابس ، شهقت بخوفٍ ثم مدت يديها تتلمس الكم مع قولها اللاهف :
_" ده دم !! إنتَ كويس ؟"
رسم على وجهه ابتسامه ثم تخطاها ليضع ملابسه بالصندوق المفتوح تزامناً مع قوله ليطمئنها :
_" كويس الحمد لله وانتِ ؟"
جانب ٱخر سئ ؟ عندما يكون بحاله مزاجيه سيئه يعامل الجميع وكأنه المذنب ليعامله بذلك البرود ، نظرت له باستنكارٍ ثم توجهت تقف خلفه حتى إلتفت ينظر لها وهو يعقد حاجبيه بل تطالعه هي بشراسه ؟! ، عقد حاجبيه بتساؤل مردداً لها :
_" إيه ؟ بتبصيلي كده ليه ؟"
رفعت يديها السليمه ثم ضربته علي صدره بها مردده بحنقٍ جاد:
_" انتَ بتكلمني كده ليـه ؟ "
نظر لها بدهشه من تحولها السريع ، استطاعت بلحظه أن تقلب الحال من متعلثمه بالحديث خائفه ، إلى أخرى مغتاظه شرسه ! ، أمسك يديها سريعاً بحزمٍ ثم نظر لها بجديه مردداً :
_" إنتِ قد الحركه دي ؟ لأ وبتعمليها وانتِ فـ بيتنا ..وفـ أوضتي ! .."
قال ٱخر حديثه بتسليه ، حتى أنها حاولت أن تسحب يديها بخوفٍ ، تركها وهو ينظر لها بصمتٍ. ، استطاعت بوجودها وشراستها بأن تخرجه عن مزاجه السئ ولو بقليلٍ جداً ، بل ووجودها وحده يختلف ، حتي أنه لم يجرب ذلك من قبل ، انتبه هو على صوتها مره أخرى عندما هتفت بتساؤل جاد وكأنها لا تسبه :
_" إنتَ بارد ليه ؟"
خرجت ضحكته أخيراً بخفوتٍ، ثم حرك أنظاره وغضبه المكتوم والذي ينسحب منه تدريجيًا ، حرك أنظاره من أعلاها لأسفلها ثم تساءل بنفس طريقتها في السؤال :
_" وانتِ حلوه ليه ؟!"
رفعت شفتيها بإستنكارٍ حتى أنها ظنت انه مقلب وخدعه بها من صنعه، التفت تتحرك كي تفتح الباب. لتخرج ، فمد يديه سريعاً يغلقه ثم وقف أمامها يطالعها بعبثٍ ثم قال :
_" دخول الحمام مش زي خروجه !"
دفعته بيديها بغير إهتمام وهي تتظاهر بالقوه في حين أن طريقته تجعلها تضحك ولكنها تكتم ضحكاتها ، أمسك يديها ثم فتح الباب وهو يخرج منه وهي من خلفه ، بينما وقف هو عندما وجد "والده" يقف وهو يستند بأريحيه ممسكاً بهاتفه الذي جلبه من الغرفه حتى يقف بترقبٍ ، رفع "حامد" أنظاره من على شاشة الهاتف ثم نظر له بصمتٍ ، بينما نظر له "غسان" بتمعن وهو يسأل بإستنكارٍ :
_'' وده اسمه إيه ده كمان ؟"
_" أنا أقف فالحته اللي تعجبني ، بيتي وبفلوسي "
حرك "غسان" رأسه بمللٍ وهو ينظر لها فوجدها تضحك بخفوتٍ، فهم هو ما يجري من خلفه ، من. بداية" بدر" لمجيئها الغرفه له ، إبتسم باستفزازٍ ثم طالع والده بجرأه وهو يسأله :
_" ولما إنتَ ماشي في الرايحه والجايه تقولي مراتك لأ مش مراتك ، جايبهالي لحد عندي ليه ؟! "
_" لا منا واقف ومممشيتش وواخد احتياطاتي ؛ سيب أيدها بقا "
حرك راسه بسخريه ، حتى عاند والده ومن ثم دفعها بهدوءٍ لتفف أمامه حتى سارت تقف ، بينما وقف هو يهز رأسه بطاعه حتى توجه يقبلها من وجنتيها مرتان ومن ثم قمة رأسها ، ثم التفت بوجهه يقول بتبجحٍ :
_" ها وأعمل ايه تاني ؟ "
ضحك "حامد" ثم أشار له بأن يترك يديها مره أخرى ، فـ توجه "غسان". ليرفع ذراعيه ثم أدخلها بين أحضانه أمام والده مردداً مره أخرى من بين خجلها :
_" لسه مصمم علي رايك يا حامد ؟"
خرجت ضحكات والده وهو ينفي بقوه فلم يترك شئ ليفعله ، دفعته "نيروز" بعيداً عنها ثم حدجته بغيظٍ حتى شعرت هي بيد "حامد" تربت على كتفها بهدوء ثم مال يهمس بجانب أذنها:
_" قولنا مجنون ولازم نستحمله !"
ضحكت بخفه حتى أنها شعرت به يتوجه ناحية المطبخ ، ومن ثم توجه "حامد" ليجلس على أحد المقاعد ، فذهبت هي خلف "غسان" حتى وجدته يفعل ليمون بالنعناع بالماء البارت وهو يخرج مكعبات الثلج ، توجهت تقف بجانبه ، ثم وكزته قائله بابتسامه واسعه :
_" إعملي معاك !"
_" لأ .."
نظرت له بضحكٍ ، فابتسم هو لها ثم غمز قائلاً لها بمشاكسه قد عادت له أخيراً :
_" عقبال ما تقفي فـ مطبخ بيتي ، واجي أقولك طابخه إيه يا حبيبتي تقوليلي مكرونه بالبشاميل يا غسان يا حبيب قلبي ونور عيني وكبدي من جوه .."
ضحكت "نيروز " بقوه ثم أشارت له من بين ضحكاتها قائله باشمئزازٍ :
_" ايه المحن ده ؟"
_" معذوره برده ، مشوفتيش إنتِ حامد ودلال لما يلاقو نفسهم فاضيين !"
قالها "غسان" بمرحٍ ، فابتسمت له وهي تستند ثم هتف بنبره هادئه عميقه:
_" بعيداً عن الهزار ، بس هم لُطاف وجمال أوي ، وبحب علاقتهم ببعض وحبهم اللي مبيتكسفوش يبينوه قدام حد ، ولا حتى بيخافوا يتشافوا تافهين عشان كبروا شويه وعندهم ولاد كبار ، كان بابا كده الله يرحمه عشان كده بحبه اوي فيه كتير من بابا .."
إبتسم بهدوءٍ ثم حاول تغيير مجرى الحديث الذي يؤلمها حتي قال بجديه وصدقٍ دون عبثه في أوله ،الذي يكون بحديثه في كل مره مثل هذه :
_" وهو بيحبك أوي ، ودلال بردو بتحبك ، ووسام بتحبك وطريقتها معاكي كأنك أختها مخلياني مبسوط أوي ، عشان متبقاش عمه حربايه لولادي ، وأنا. بحبك أكتر منهم ، كلنا بنحبك وهتحبينا أكتر يا رزه لما تقعدي معانا اكتر ، لأن احنا عيله تتحب كده كده ، حتي بسام لما ياخد على وجودك ويبطل يتحرج منك ويكون هو فاق مش هتبطلي ضحك عليه ، ما تيجي ؟"
ضحكت بخفه علي حديثه ، ثم تساءلت باهتمام من بين ضحكتها الواسعه :
_" اجي فين ؟!"
_" تعيشي معانا ، أو نطلع فوق فـ شقتنا ونتجوز !"
قالها بمرحٍ ونفس الوقت حاول إختبارها كي يري أنها مؤهله لتلك الخطوه أم ماذا ، لم يكن رد فعلها سوى ضحكه واسعه وهي تشاكسه بحديثه :
_" أه ونبقي عال ونجيب عيال مش كده ؟"
قلب هو الثلج مع ابتسامته وهو يهز رأسه تزامناً مع قوله:
_" بالظبط ، بس أنا بتكلم بجد فالموضوع ده عشان لو موافقه فعلاً أبدأ أكد على الناس اللي هيظبطوا الشقه أكتر وأبتدي أظبط الدنيا أنا كمان على ما تاخدي وقتك !"
كان حديثه بإقتراحٍ ، بينما نظرت له "نيروز" بهدوءٍ ثم هتفت تجيبه بنبره صريحه تعترف :
_" أنا متلخبطه ومش عارفه المفروض أعمل ايه ؟ مش عاوزه أخد الخطوه دي وأرجع أندم !"
هل سمع هو الحديث صحيح ؟ أوقف تقليب الملعقه بالكوبين ، ثم التفت بوجهه ينظر لها بجديه بل وتحولت ملامحه لأخرى خاليه وهو يسألها باستنكارٍ :
_" تندمي علي وجودك معايا في بيت واحد ؟ ولا على إختيارك ليا ، مش فاهم أنا ..تندمي علي إيه بالظبط !"
هزت رأسها بالنفي حتى أن حديثها كما تردفه يخرج منه شئ لا تقصده تحديداً ، نظرت له بصدقٍ ثم هتفت تبرر له بهدوءٍ وكأن بحديثها المبرر يهدهده وليس العكس ! :
_" مش ندم على إختيارك ولا ندم على وجودي معاك ، ما أنا موجوده معاك دلوقتي ومش ندمانه ، بس أنا خايفه لمبقاش قد المسئوليه حتى لو حصل وجه أطفال ، خايفه من فكرة إن يحصل حاجه أو يحصلي حاجه ، أو حتى يحصلك انتَ حاجه ولا حسن ولا عمي ولا مراته هيسبونا فحالنا مش هيبقي في إستقرار ولا حياه هاديه وأنا . .."
قذف " غسان" الملعقه على الرخام حتى قُطع حديثها تزامناً مع قوله الحاد الذي خرج صوته لوالده بالصاله :
_" يـــادي عمــــك ومــــراتـــه وعـــيــاله.!! "
تفاجأت من ردة فعله الغير معهوده ، بل وجاء رد فعله هذا من انفعاله اليوم. لم يتبخر بهذه السهوله وبارعه هي في قول حديث يثير غيظه، نظرت له بصمتٍ كما كان حزن عندما سمعته يردف مره ثانيه :
_" مش هنخلص إحنا من عمك ولا مراته ولا من زفت حسن ! ، فـ نستني لما يموتوا ويغوروا فـ داهيه عشان نبدأ حياتنا ونستقر ، موقفه حياتك عليهم ليه ؟ ، هو أنا مش واقف معاكي وجنبك وبيقولوا جوزك يعني ، يبقي هما هيمنعوني عنك ازاي ؟ انتِ لو بتقوليلي أنا مش مؤهله نفسياً ومحتاجة وقت مش هقولك حاجه ، لكن عمــك وخوفك منه ده مش مبــرر !!"
لهجته الحاده التي خرجت لها لأول مره بتعنيفه لها جعلتها تقف صامته بل ودموعها تحبس بعينيها ، بينما وقف "حامد " في الخارج حتى أن حديث ولده قد وصل له ، لم يريد التدخل هو بينهما ، نظرت له "نيروز " وهي تحاول التماسك كي لا تظهر ضعيفه ثم تساءلت بنبره جاده :
_" إنتَ بـتزعقلي كده ليه ؟ كل ده عشان قولت اللي خايفه منه ؟"
حرك رأسه بنفاذ صبر ثم أجابها بنفس الحده :
_" بردو هتقوليلي خوف !! ، بزعق لعقلك اللي مش شايف غيرهم فكل حاجه بتعمليها ، عاوزه تفرحي حطاهم قدامك ، عاوزه تحزني حطاهم بردو قدامك ، حتى وانتِ بتاخدي قرار مصيري بردو حطاهم قدامك ، أنا موقفتش ضدك بس فكرة خوفك منهم وأنا خلاص معاكي دي لوحدها مش ظابطه معايا ، لأن هم أمر واقع ، ولا أروح أموتهملك بقا عشان نبدأ صح ومن جديد ؟ "
صمت "غسان" ينظر لها ثم واصل مجدداً بقوله حتى دخل "حامد"المطبخ تزامناً مع قوله:
_" أنــا مبضغطش عليكي بس انك تأجلى خطوه مهمه عشانهم وعشان وجودهم اللي ملوش حل غير كده فـ ده مش طبيعي ، وأنا مش خيال مٱته معاكي عشان أقف اشوفك خايفه منهم وكل مره تقوليلي خايفه وأسكت ، قولتلك هبقي معاكي ، ومش هسيبك ، وهقفلهم ولو مش عايزاني قولي ولو عايزاني أنا هحاول وهاخدك منهم ومن اللي عاوزين يعملوه فيكِ ، مملتش أقولك يا نيروز متخافيش حتي لحد دلوقتي ، والقرار قرارك وانتِ حره فيه عشان أنا بتعب من فكرة انك معايا ولسه بردو عقلك معاهم وخايفه منهم ومش عارفه تعيشي ، لا انتِ بتأذي نفسك لوحدك ولا خوفك منهم راضيني ، هنفضل لحد إمته نشيل هم حاجات لسه مجتش ، ولو حصل إنتِ هيبقي مالك ساعتها ، انتِ اللي هتأذي ولا هم ولو أذو غيرك فـ ساعتها أنا هشوف شغلى بس من غير خوف ، خوفك محاوطني وأنا محتاجك معايا حتى من غير جواز بس محتاجك فرحانه من غير حساب ليهم ، عشان لا حد هيتعب زيك ولما هتتعبي محدش هيتعب قدي وأنا الراجل اللي المفروض معاكِ وانتِ خايفه !! "
هبطت دمعتها وهو يواجهها بالحقيقه بل وفاض انفعاله اليوم بما يكفي ، وقف "حامد" ينظر لهما بينما أخذ "غسان " كوبه وهو يتحرك من أمامهما فأوقفته نبرة "نيروز " المختنقه وهي تسأله بخيبه :
_" يعني إيـه ! "
_" يعني إنتِ حره فالقرار اللي تاخديه ، عاوزاني من غير خوف ، أو مش عاوزاني بخوف عشان أنا معتش قادر وأنا شايفك كل ثانيه خايفه ومش عارفه تعيشي حياتك عادي من غير حمل الهم والخوف ! !"
التفت "غسان" من بعدها يخرج من المطبخ ، أما هي فسقطت دموعها حتى أن رفع "حامد" ذراعيه يربت عليها بحنانٍ فالحجم الأكبر من مصداقية الحديث كان منه هو أما الطريقه فكانت جافه عليها لأول مره ، ربت عليها بحنانٍ تزامناً مع قوله :
_" إهدي يا بنتي ، إهدي كل حاجه هتتصلح ، سيبيه هيهدي مع نفسه وكل حاجه هترجع زي ماكانت "
هزت "نيروز" رأسها بالنفى ثم نبست تنفي قوله :
_" لأ ، هو قالها وخلاص ، يعني يا مخافش يا منبقاش لبعض ؟"
سألته بلومٍ فهز رأسه يوضح ما قاله ولده:
_" هو ميقصدش كده بالظبط يا نيروز يا بنتي هو عاوزك تبقي مبسوطه ومش مرهقه نفسك ولا نفسيتك في الخوف وانك تشيلي هم اللي جاي واللي ممكن ميجيش ، بالعكس هو خايف عليكي وبيحبك وعاوزاك فرحانه وتشيليهم وتشيلي شرهم من دماغك..، الحياه مش عاوزه كده يا بنتي لو وقفتي تفكري فكل حاجه ممكن تحصل وهتحصل ، مش هنعرف نعيش فـ راحة بال ، بالعكس دا بيقرب الموت وإحنا شايلين الهم ، ده حتي مش من دينا ، أحنا بنسلم أمرنا لله وبنقول إن شاء الله خير ، مش يارب إيه اللي هيحصل أو أنا مستني اللي هيحصل ، وانتِ جيتي عنده فنقطه هو نفسه بيحاول يشيلها من عندنا ، عاوز اللي بيحبهم في راحة وأحسن حال مش بايعك بس هو عنده إستعداد يعمل أي حاجه عشان اللي بيحبهم يكونوا مبسوطين ومحاولته معاكي في كل مره زي ما بيقول بيراضيكِ ويطمنك ، مبيشوفش بعدها نتيجه منك ، قربه منك فاكره هو أذى ليكي ومحسسه إنه مببعملش اللي عليه وهو واقف جنبك وعاوزاك متخافيش يا بنتي !"
أنصتت لحديثه بهدوء مع مسحها لدموع عينها بينما خرجت من بين أحضانه ولم تنبس بأي حديث بل توجهت لتخرج من باب الشقه وهي تتركه بهدوءٍ كي تذهب وتختلي بجلستها بمفردها ، تنفس "حامد " بعمقٍ ثم سار بخطوات هادئه يفتح غرفته حتى رٱه يقف بالشُرفه وهو يرفع رأسه إلى السماء مغمض العينين محاولاً أخذ أنفاسـه!!
_" مبسوط كده ؟"
أنزل رأسه بهدوءٍ دون أن ينظر لوالده الذي إتجه نحوه ، ثم رفع الكوب يضعه على الطاوله الصغيره الموضوع بجانب من جوانب الشرفه حتى أنه لم يتجرع منه ، ثم إستند على السور وهو يتنهد تزامناً مع قوله الهادئ لوالده :
_" أنا من ساعة ما جيت وأنا مش طايق ولا قادر لأي كلام ، ولاحتي دلوقتي ، فـ إمشي وسيبني مع نفسي بقا ."
قالها بهدوءٌ صريح فوقت "حامد" ينظر له بحزمٍ ثم أشار له بقوله ليعنفه :
_" وأنا الوقتي مبتكلمش غير جد ، فـ تحترم نفسك وانتَ بتكلمني ، وبعدين مش قادر ليه ؟ يكون عشان كنت هتموت واحد فـ ايدك وتروح فيه فـ داهيه ولا مش قادر عشان مزاجك اللي متعكر من ساعتها واللي فضل لحد ما جه عليها وكلمها بالطريقه دي وهي غصب عنها !! "
طالعه "غسان" بصمتٍ ثم بخيبه فلم يشعر والده بما يشعر به ، هذا ما يشعر به ، تنهد يأخذ أنفاسه بصوتٍ مسموع حتى أنه تحلى بالصمت كي لا يجيب علي والده ومن ثم يندم ، رفع "حامد" يديه ثم وضعها على وجه "غسان" يديرها له مع قوله الجامد :
_" بُصــلي هنــا وأنــا بكلــمــك .."
أكمل بقوله الحاد ليفسر له ما لا يراه :
_"مينفعش تبقي أم لعيالك لو مكانتش حست بكل ده ، خايفه عليك وعلى ولادكم فالمستقبل مش بغلطك ، يمكن خوفها كتير شويه ،بس عمرها ما هترجع خوفها ده ترميه للبحر من يوم وليله ، ذنبها إيه من الطريقه دي ولا حسن مزعلك أوي؟! ، والله لو حنية قلبك خلصت علينا ومعتش فايض ليها فـ سيبها أحسن عشان الست مش عايزه ألا حنيه وكلام ناعم يطمن وبس ، أقل حاجه بترضيهم !"
قال أخر حديثه بسخريه منه ، لم ينبس بأي حرف ليرد علي والده بل تحلى بالصمت. وفقط وهو يسمعه ، حتى أن تبجحه وانفعاله يمنع نفسه تلقائياً من الظهور لوالده. ، إنقلاب الحال رأساً على عقب غريب ومريب ! ، نظر على ٱثر والده وهو يدفع باب الغرفه ليخرج بينما وقف هو يأخذ أنفاسه ببطئ والأفكار تتضارب بعقله ، حرك أنظاره على دخول "شادي" الغرفه بترقبٍ وهو يبحث عنه فملامح وجه "حامد "كافيه لشرح الموقف بعد أن رأى تهجم وجه الأخرى وهي تدخل عليهم ومن ثم غرفتها ، بينما كان يجلس هو بشقتها ، زفر بنفاذ صبر عندما علم هو بأنه سيجبر علي القول بما حدث ، لم يتركه ذلك الذى وصفه بالنحله !!
_" إتخانقتم صح ؟"
لم يعير لحديثه إنتباه بل إلتفت ينظر من الشرفه وفقط ، حتى سمع قول "شادي" من جديد يهتف :
_" حد يزعل مراته ؟ مش دي اللي خليتك تلف حوالي نفسك ، صحيح والله الحاجه وهي بعيد ليها لهفه كده ، بس انتَ اللي مش مقدر اللي معاك ، بالك انتَ ..؟ لو منه معايا ؟... هشوحها فلحظتها من هنا علطول .."
قال حديثه بمرح كي يجعله يضحك ، وبالفعل ضحك"غسان " بخفه، تزامناً مع قوله:
_" محدش بيسلم من النكد ، عملت فيك إيه هي كمان !"
_ خلينا فيـك ، بنسلم من النكد والله لو فاهمين الواحده اللي معانا كويس ، بس أنا عارفك لما تاخد جنب بتبقي متقفل كده ، قول اللي فيها يمكن أقولك تعمل ايه لو إنتَ اللي غلطان..."
نظر له "غسان" باستنكار ومن ثم دفعه بيديه عندما هتف. من جديد:
_'' دا لو غلطان ، ودي كده كده ...إكيد ، قولي في إيـه .؟!"
وجد بأنه لا مفر من إلحاحه بجانب أذنه كي يخفف عنه تنفس بعمقٍ ثم قرر الحديث بالمختصر كي يريح عقله من حديثه متفهم هو جيداً بأنه لولا وجوده بجانبه لما كان هذا الوضع ، لطالما الإثنان صديقان ورفيقان كل منهم يفهم الٱخر بل ووصل لهما الحال بأن كل منهم يفهم الٱخر جيداً أكثر من أنفسهما !!
_____________________________________________
خرجت من الشقه مع "حازم" حتى تبيت اليوم في شقة "عايده" حيث غرفة "حازم" و ستقضي معهم بعض الوقت قبل الليل ، رغم إعتراض والدة الإثنان بأن يذهب الإثنان إلى شقتهما ولكن مناسبة أمس الصغيره وخوفهم مما يتوقع حدوثه لأي منهم وهما غير موجودان توترهم أيضاً ، أغلقت "سُميه" الباب بعدما خرج الجميع ، حتى "ورده" ذهبت إلى غرفتها حيث تغيير ملابس صغيرها ومن ثم ذهب خلفها زوجها ، تنفســت بعمقٍ ، ثم توجهت تدق غرفة "نيروز" التي رأت تعابير وجهها ،حاولت اخفاءها هي حتى أنها ظهرت ولكن لم تأخذ أي من شقيقتها أو الأخرى انتباه بسبب الأصوات والانشغال بالحديث ، دقت الباب مرتين ومن ثم فتحته بهدوءٍ وهي تدخل إلى الداخل ، بينما رفعت "نيروز" يديها تمسح دموعها سريعاً ، أما الآخرى فعلمت جيداً بأنها بها شئ ، حركت المقعد لتجلس عليه أمامها والأخرى تجلس على طرف فراشها. ثم مدت يديها ترفع وجهها لتنظر لها بهدوءٍ ثم تساءلت بحنوٍ :
_"دموعك نازله ليه يا نيروز ؟ ، بتعيطي ليه ؟"
قالت "سميه" حديثها بعاطفة أمومه ، ورغم هروب "نيروز" منها دائماً كي لا تبكي ، ولكن هذه المره دخلت بأحضان والدتها بقوه وهي تشهق بخفوتٍ حتى ضمتها والدتها بقوه وشفقه دون علمها لما حدث ، بل سمعتها وهي تهتف من بين دموعها :
_" بيعاتبني عشان خايـفه من اللي هيحصل وأنا معاه ، ..بيعاتبني عشان خايفه من عمي ومراته وابنه ، وهو معايا ، أنا تعبـت ..ياماما ..نفسي أرتاح بقا "
طريقتها بقول حديثها جعلت والدتها تحزن لأجلها بل والربط بين حديثها وما أتى بعقلها كان سريع. ، ربتت علي ظهرها بحنانٍ ثم هتفت نبره هادئه تهدأ من الوضع رغم حنقها من الذي كان سبب في هبوط دموعها :
_" بصي يا حبيبتي ، لو إيه اللي حصل وايه معرفهوش ، بس الراجل بياخد على خاطره أوي لو حس ان الإنسانه الللي معاه خايفه فوجوده ، في بقا حب وخوف عليها أو نظرته لنفسه مش راضي عنها ، المهم إن الفكره دي ذات نفسها بتوتر من ثباته عشان هو بيتوجب عليه يكون السند والضهر اللي الواحده تكون وراه لما تخاف ، فحتى لو قولتيله إنك خايفه وهو خايف عليكي فـ بردو إنتِ بتحسسيه إن معندوش ضهر ولا عارف يحميكي يا نيروز ، فهمتيني ؟"
رفعت أناملها تمسح دموع ابنتها بهدوءٍ ثم ابتسمت لها تحثها بقولها لطالما كانت هي الصغيره المدلله وإلي الٱن لا تستطيع رؤيتها بغير ذلك :
_" أيوه كده فوقي وخليكي متماسكه ، أنا بنتي مترجعش لورا أبداً من شوية كلام ، ياما بيحصل ، ولو عيشنا نشيل هم مش هتعرف نكمل الباقي من حياتنا"
نفس كلمات "حامد" إذن! ، تحتاج بأن تراجع شعورها وقراراتها من جديد ، لطالما وضعت هي الخوف في كل شي تراه ، شخصيتها ليست بالضعيفه وخوفها ليس من ولكن على !! عليها وعليه هو وعلى مستقبلهم التي توقفه هي بسببهم ! ، نهضت "سميه" بهدوءٍ ثم ابتسمت لها بحنوٍ قبل أن تخرج ونتركها كما تعلم هي بأنها تحتاج لبعض الوقت بمفردها ، إبتسمت "نيروز" بأثرها حتى سمعت هي صوت إغلاق الباب ، تنفست بعمقٍ ثم نهضت تقف أمام المرٱه وهي تخلع حجاب شعرها عنها ، أمسكت المناشف الورقيه تمسح وجهها ثم خلعت سترتها الطويله عنها حتى تجلس بأريحيه ، بينما وقفت تنظر على شكلها ٱثر البكاء ، أمسكت كحل الأعين تضع منه بعينيها كي تخفي أثار البكاء الذي جعل شكلها منهك ، ومن ثم أخذت حجاب قصير تضعه على كتفيها فقط وهي تفتح الشرفه كي تسقي الزرع ، فتحتها و إنحنت تأخذ الدورق كي تسقيه ، بينما نظرت هي على الشرفه فوجدتها خاليه بل وكوب المشروب الخاص به لم يتجرع منه ولو نقطة واحده !! ، إلتفتت وهي تتظاهر بغير الاهتمام ثم سقت الزرع بالترتيب وهي تنحني بهدوءٍ ، بينما وقفت مره ثانيه دون أن تنظر حتى تسقي الناحية الأخرى منه ، ولحظه ؟ رأت طيفه يقف من جديد وبجانبه صديقه ؟ ، التفتت بسرعه يبدو أنهما دخلا لجلب شئ ومن ثم عادا ، تنحنح" شادي". بحرجٍ ما أن نظر لها فوجدها بدون حجاب ، ومن ثم وكزه حتى تخطاه ليدخل ، قلبت عينيها بلامُبالاه ثم مدت يديها تسقي الزرع ، بيما نظر لها "غسان" ومن ثم رفع أنظاره مردداً لها بنبره جاده :
_" و طالعه بشعرك كده ليه ؟ البلد بتاعت أمك وبتاعتك ولا إيه؟ "
قالها كي يأتي بالحديث معها وبالاخرى يريد توجيهها لشئ معين ، فلم تكن الستار هابطة كي لا يراها أحد ، بل وتاهت هي عن الأمر ، التفتت برأسها تنظر له بغضبٌ ثم هتفت بجرأه :
_" وإنت مالك !!"
_" يمكن عشان جوزك مثلاً ؟! ..،يا تخشي جوه يا ترفعي الطرحه دي على راسك !"
قالها "غسان" بحزمٍ وهو ينظر لها بجديه ، بينما احتدت نظرتها من لهجته الٱمره ،حتى أجابته بجمودٍ:
_" ملكش دعوه بيا ومش داخله فحته ، لو وقفتي مدايقاك أوي ممكن تمشي إنتَ من هنا ..، وأنا القرار فـ ايدي لسه زي ما بتقول فملكش كلمه عليا .!"
شراستها الذي أخذ علي خروجها لم تفاجئه ، بل فاجئه ٱخر حديثها حتى نظر لها باستنكارٍ مردداً بنبره جاده :
_" وحياة أمك ؟ ، و مين اللي ليه كلمه على التاني إنتِ هتستعبطي؟"
نظر على ملامحها المتهجمه وهو يكنل بتوضيحٍ :
_"وبعدين أه القرار قرارك وأنا سايبك براحتك تفكري مش جابرك على حاجه بس ده مينسكيش إنك مراتي يا بنت.. الأكرمي !"
حديثه كان به من التهكم ما يكفي بٱخره وحتى أوله ، هدأ انفعالها الغير معهود بثباته لفتره طويله ، حتى أنها لم تجيبه على حديثه حركت عينيها من عليه ثم رفعت يديها تسقي الزرع دون نبس أي حديث ، قُربها منه كان كافياً لاقترابه أكثر ، انتشل الحجاب من على كتفها بهدوءٍ يضعه علي رأسها ، تركته يفعل ما يفعله حتى أنها لم ترفع نظراتها لتواجهه ، بينما وضع يديه يرفع ذقنها كي تواجه نظراته تزامناً مع قوله المشاكس :
_" بطل واللي يزعلك يتقتل ، حقك عليا !"
رفعت يديها تبعد يديه عنها. بحزمٍ ، خاصةً أن طبيعتها ليست من المتهاونه في المسامحه بسرعه قياسيه !! ، أجابته بهجومٍ غير عابئه بندمه على أسلوبه وليست طريقته. :
_" مش بالسرعه دي ، أنا معملتلكش حاجه عشان تزعق فيا كده ، أنا كل اللي قولتلهولك إني خايفه ، المفروض أروح أقول لمين إني خايفه غيرك ؟ ، حتى لو أنا فكرت بطريقه صعبه شويه بس دا ميدلكش الحق إنك تكلمني بالأسلوب ده ، إنتَ مبتحبنيش !"
_" أنا محبيتش فـ الدنيا قدك ، وكلامي مش أسف عليه عشان أنا مقولتش حاجه غلط ، انتِ محتاجه تراجعي نفسك وتحطي نفسك مكاني فـ مره وأنا شايفك مش واخده راحتك بسببهم وكل حاجه عندك إستعداد توقفيها لحد ما هما يوقفوا ولا لما حياتهم تقف ، لا أنا ولا أنتِ ولا حتى غيرنا عندنا ميعاد محدد لـ ده !! .."
قال حديثه بنبره جاده مع هدوءه وهو يوضح لها ، أما هي فنظرت له بصمتٌ تعلم أن حديثه وتعيفه لها خوف عليها فقط وليس لصالحه بشده ، بينما تحاول هي عدم التهاون ، ترددت نظراتها حتى تركت ما بيديها وهي تتنهد لتأخذ أنفاسها ، ومن ثم إنتبهت علي صوته وهو يقول بنبره لينه من جديد يحاول مراضاتها :
_" إلبسي ننزل نتمشى وشوفي إيه اللي يرضيكي وأنا اعملهولك !"
_"مليش مزاج ، شكراً "
أردفتها "نيروز" بجديه ورسميه كي لا يظهر له بأنها وقعت بشباكه ، وهي التي وقعت منذ زمن ، هز رأسه بالإيجاب ثم إلتفت يدخل وهو يغلق الشرفه من خلفه، نظرت بأثره بدهشه حتى أنها كانت تقتنع بأنه سيظل يردف لها بحديث لين ويصر هو علي رأيه في أن تهبط معه ، أكان ينتظر هزة رأسها بالنفي كي يفعل ذلك ،شعورها الٱن ليس جيد ، بل وستبدأ في نهر نفسها لما قالته في النهايه!، دخلت إلى الداخل ثم أغلقت الباب وهي تصفعه بهدوء فقط مما دل على غيظها مما فعلته وما فعله أيضاً ، توجهت تجلب الدفتر من الدرج ثم جلست مره أخرى حتى تكتب به بقلة حيله ، بل وتمنع نفسها من البكاء ، كلما تحاصر نفسها بمفردها تجد البكاء هو رفيقها ، ومن ثم أصبح "غسان" رفيقها حتى ظهر ليمنع البكاء ، وجوده إما يمنعه أو يضعفه وفي الحالتين كانت هي تستعد ومازالت تستعد وبقوه ، بل والٱن ذهب عقلها بالفعل لفكرة أنها ستوقف حياتها على أمر واقع ليس له وقت للزوال ، ومن ثم تأذي نفسها وفقط ، هبطتت دمعتها عندما أيقنت بحديث الجميع بأن الخوف وبشده ليس حل ،وحتى خوفها لا يأذيها وحدها ، حتى هو يتأذى أيضاً ..!!
_____________________________________________
أسنده يجلس على الأريكـه بعد أن جاءا من الخارج منذ قليلٍ ، عندما ذهبوا إلى المستشفى الحكوميه القريبه سريعاً ، وُضع شاش ملتف حول رأس "حسن" حتى أن جرح رأسه من بين خصلاته من الأمام قد خُيط ، بينما وضع كتفه وذراعه في حامل ذراعي بعد خياطة جرح كتفه الطويل الذي تفنن به الٱخر ، فرد ظهره بإنهاكِ وألم ظهر على ملامح وجهه بشده بل وما أخذه من مخدر لم يشعره بشئ الٱن ، لذلك وقف "ٱدم" يقدم له بيديه الدواء المسكن حتى يجعله يتراخى قليلاً ، لطالما صحة "حسن" في الٱونه الاخيره ليست أفضل شئ ، أخذها "حسن" من بين يديه كما أخذ الزجاجه ثم تساءل بهدوء:
_" أومال شريف فين ؟"
_" وقفلنا التاكسي وإحنا جايين وقالى هيجي بعدين لأن جاله تليفون شِغله !!"
هز له "حسن" رأسه بينما سأله "ٱدم" بشفقه يلومه :
_" ليـه يا حسن ؟ ، ليه؟ ما كنا بعيد وكل واحد بعيد عن شر التاني ، مبسوط باللي حصلك ده !"
نظر له "حسن" بصمتٍ للحظاتٍ ،. من إردافه الحديث بلومٍ وعتاب ، هز رأسه له بتعبٍ ثم أشار له بقوله مما دل على إنهاكه :
_" مش قادر يا ٱدم ، سيبني أنام ، بس غطيني!"
قالها بإنهاكٍ ، جعل "ٱدم" ينظر له بقلة حيله ، بينما جذب الغطاء من على المقعد ثم فرده عليه عندما وجده يتسطح على الأريكه بأريحيه ، ثم توجه ليغلق الإضاءه ولم يذهب عقله بالتفكير إلا عن ما يفعله "شريف" ، هروبه في كل شئ قد سبب أو يسبب لـ "حسن" الخطر ، بل وبرودة أعصابه ناحيته وبشده ، وعدم اهتمامه الذي ظهر بقوه ، حتى أنه لم يتحرك إنش واحد للدفاع عنه !!، لطالما "ادم" هو الركن الهادئ وبنفس ذات الوقت عكسه ، مما ظهر مدى جلوسه مع نفسه والتفكير بالأمر من جديد، أما الإثنان ، فأحدهما يريد الإنتقام وبقوه ، وأحدهما لا يمل من نشر شره ، بل ومن الواضح أنه يعشق التحدي وأن القادم ليس مبشراً ..!!
___________________________________________
أغلق "غسان" باب الشقه بهدوءٍ وهو يحمل الكوبين بيديه على صينيه صغيره ،. فقد تركت هي كوبها ، ولم يتركها كذلك ، حثه صديقه وبقوه على فعل ذلك وهو يراجعه ، بينما كان سيأخذ وقته هو ويعود ، أما الخطوه فكانت سريعه بسبب "شادي" ، دق باب شقتها عدة دقات حتى إستغرق لحظات ومن ثم فُتح الباب بواسطة "سميه" التي حدجته باستنكارٍ ، تنحنح يجلي حنجرته ، ومن ثم دخل عندما إبتسمت بتكلفه لكي يدخل ثم أغلقت الباب ، فالتفتت له تطالعه باستغرابٓ حتى قالت قبل أن يتحدث هو :
_" مزعل بنتي ليه يا غسان ؟"
عقد حاجبيه بهدوءٍ ثم نظر له حتى يجيبها :
_"أنا مزعلتش حد ، هي بس محتاجه وقت ، وأنا مش قولتلك مش هاجي عليها ؟."
نظرت له "سُميه" بتمعنٍ ثم حركت رأسها ، بينما هتف هو من جديد يستأذن:
_"ممكن أدخلها الأوضه ولا حرام وكده ؟"
قالها "غسان" بجديه شديده حتى أنها اقتنعت بأن حديثه جاد وليس ساخر من داخله ، هزت رأسها بالايجاب وباستنكارٍ من عدم فهم ما يفعله ذلك الغير مفهوم تصرفاته بل وحديثه بالنسبه لها ..! ، اتجهت ناحية المطبخ بهدوءٍ وهي تنظر على الغرفه بتمعن حتى تفتح له ، بينما وقف يدق باب الغرفه بهدوءٍ حتى أذنت للطارق بالدخول دون أن تعلم هي من الطارق ، فتح الغرفه ثم دخل وهو يلتقت ليغلقها من خلفه ، بينما رفعت أنظارها بهدوءٍ ومن ثم شهقت شهقه خافته وهي تنهض تنظر على قدومه بدهشه ، طالعها بتحدي ، من المفترض بأسفٍ !! ، وقفت ترسم على ملامحها الجديه وهي تقول :
_" إنتَ خدت عليها ورجلك بقت تجيبك لأوضتي كتير !!"
كبت ضحكته ، ثم توجه يسند ما بيديه على الطاوله ، حتى وقف أمام وجهها يطالعها بتسليه ثم أجابها اجابه تحاصرها :
_" على الأقل تعبانه وجايه أشوفك ، مش واحده جايه ودخلت أوضتي من غير ما تخبط ووقفت ورايا بتبص عليا وأنا بغير هدومي !!"
انتظر تعلثم نظراتها في المكان وحتى حديثها ، ولكنها فاجئته عندما أجابته بجمودٍ :
_" والله انتَ اللي أطرش ومبتسمعش ، عشان أنا خبطت عليكّ وإنت ولا هنا ، والحق عليا عشان كنت داخله أشوف مالك !"
لامس أخر حديثها قلبه ، حتى أنه رفع يديه يمررها على خصلات شعرها بحنوٍ وهو يجيبها بنفس حروف أخر كلماتها :
_" لا الحق عليا أنا عشان طريقتي مكنتش ظريفه ، بس أنا عاوزك تبقي كويسه وأشوفك فرحانه من غير ما تشيلي هم ، يمكن صوتي عِلى بس مكنتش بفكر فـ حاجه ألا ليكي وعشانك .."
صمت عندما إستشعر بأنها ستلين ، بينما رفع أنامله يمسح كحل عينيها الخارج عن إطاره ثم هتف بنبره مرحه يتغزل :
_" هو أنا قادر على عيونك من غير كحل عشام تكحليهالي ، المفروض أعمل ايه دلوقتي بقا ..!!"
عقدت حاجبيها مع رجوع ابتسامتها الصغيره وهي تتساءل :
_" تعمل إيه مش فاهمه !"
هز "غسان" رأسه بصبرٍ لها ثم نبس بكمله واحده يجيبها :
_" هفهمك!"
وما أن قالها رفع ذراعيه يضمها إليه بقوه حتى يأخذها بعناقٍ مُريح ، ليريح أعصابه قبل أن يعبر لها عن أسفه ، رفعت ذراعها بتردد ثم غلبته وهي تربت على ظهره من الخلف ، حتى وجدته يهتف وصوته قريب من أذنها عندما وبخها بقوله :
_" كنتي بتقولي بقا إن أنا مالي بيكي ، ومليش كلمه عليكي ، وأطرش مبسمعش وإيه كمان !"
خرجت "نيروز" من أحضانه ثم نظرت له باستنكارٍ من بين ضحكاتها :
_" قلبك اسود أوي يا بن البدري !"
_" مش أسود من قلبك والله يا بنت الأكرمي !"
قالها باستفزازٍ وهو يطالعها بتسليه ، حتي شهقت هي شهقه زائفه ، بينما أشار هو. على رأسه وهو يتذكر بقوله :
_" قلبي إسود لدرجه إني لسه منسيتش جزمتك القتاله اللي صابتني فـ راسي ، لسه فاكر إن أنا غسان المبطوح منك .. بس فـ قلبي "
غمز لها عقب قوله ، فضحكت هي بخفه ، فابتسم "غسان" لها وهو يهز رأسه قائلاً بمرحٍ مع تصفيق يديه الحار :
_" أيوه كده..خلى ريما ترجع لعادتها القديمه !! "
ابتسامه حانيه ظهرت على وجهها له ومن ثم تلاشت تدريجياً عندما وجدت صوت هاتفه يعتلي بجيب بنطاله ، حرك رأسه ثم وضع يديه بجيب بنطاله يأخذ الهاتف حتى نظر إلى شاشته وهو يعقد حاجبيه. من ثم ضغط على زر إختفاء الصوت ، عقدت ما بين حاجبيها بتساؤل وهي تنظر له قائله :
_" مين ؟"
إبتسم لها ابتسامه زائفه ، ومن ثم حاول وضع هاتفه مره أخرى بجيب بنطاله حتى أوقفته هي بحركه يديها وهي تنظر له نظرة ليست هينه ، أيقن هو أن شراستها قد أُخذت منه مع الجرأه بعد أن تيقن بأنه مُحاصر الٱن ، أخذت الهاتف من بين يديه ثم ضغطت علي زر الفتح من الجانب حتى وجدت مكالمه فائته من " مدام إنچي الجامده "، فتحت عينيها على وسعها ثم شهقت بقوه وهي ترفع أنظارها ، فوجدته يقف ينظر لها بثباتٍ ثم حرك كتفيه مردداً بتبرير ٍ يعلن عن برائته :
_" والله مش أنا اللي مسجلها كده !"
نظرت له بغيظٍ ثم رددت بحنقٍ وهي توكزه بالهاتف في كتفه :
_" وهي بترن عليك ليه مادام انتَ مش مسجلها وسايب الناس تسجلك الأرقام ، ومسجل رقمها ليه أصلاً ، ده طبيعي!!"
كان حديثها ساخر لدرجه كبيره ، أخذ "غسان" الهاتف من بين يديها ثم وضعه بجيب بنطاله وهو يجيبها بنبره هادئه ظهرت لها برود :
_" أه طبيعي عشان أول ما جيت الشغل كان في حاجات كتير محتاج يتسأل عنها ، ده غير إن مكنتش عارف اجي وجيت بعد تقديم طلب وهي اللي اختارته ، يعني الأمور دي مش بتمشي بالصحاب عشان شادي صاحب الشغل! ، كانت بتبعتلي ورق وحاجات ولما قدمت على الأجازه مروحتش شادي اللي خدهالي منها فـ بعتت رسايل تشوفني كويس ولا لأ بمنتهي الإحترام وانا اللي مردتش ولما مردتش رنت ، حاجه تاني ؟"
قال "غسان". حديثه بتوضيحٍ بينما طالعته هي بصمتٍ مستنكر ثم هتفت تواجهه :
_" وكل ده مبرر يخلي إسمها مدام إنچي الجامده !"
حرك رأسه وهو يضحك بخفه مع نفاذ صبره ثم أجابها مجدداً يسب صديقه بسره :
_" اديكي قولتي. مدام يعني متجوزه ومش معنى إنها حلوه يعني هبصلها ، وبعدين شادي اللي سماها كده ، أنا كنت مسميها مدام انچي بس!! "
تغتاظ في كل مره من قرب "شادي" منه بل يجعله وقحاً ولا مانع من أن ترى تبجحه حتى في تسجبل الأسماء. .!!، نظرت له بحده ثم التفتت تفتح الدرج وهي تخرج منه دهان مرطب ، عندما كانت تتوجه في الصباح لتجلبه قاطعها هو ، فتحته بيديها ببطئ بسبب حركة ذراعها ثم أشارت له بيديها بأن يرفع رقبته لأعلى ، تفهم ما ستفعله هي حتى رفع رقبته ثم وضعت من الدهان على أناملها تتحسس جرحه البسيط ، انتهت هي ، فمد يديه يمسك الكوب ثم وجهه لها ببسمه صغيره مع قوله الهادئ. :
_" امسكي اشربي!"
أمسكت الكوب بهدوءٍ وتعابيرها خاليه ، بينما جلست هي بغير اهتمام حتى وقف يطالعها بحبٍ ثم جلس على الأريكه من أمامها قائلاً بغمزة عين حتى تلين :
_" جرا ايه يواخد قلبي ما تيجي تقعد جنبي !"
ضحكت "نيروز" من عبثه حتى إرتشفت من الكوب ثم وضعته بجانبها بهدوءٍ مع خروج ضحكتها أخيراً ، سمعت هي نبرته المقترحه لها مجدداً عندما قال :
_" لسه مش عايزه ننزل نتمشى وأجبلك حاجه حلوه كده ..؟
ترددت في الإجابة خاصةً أنها تشعر بسكون جسدي أثر الدواء ، خرجت نبرتها تتحدث لتجيبه بابتسامه :
_" المسكن مهبطني ودماغي مش مظبوطه كده. ، ينفع تخليها بكره ؟"
تحرك يجلس بجانبها بخفه ثم رفع يديه يربت علي ظهرها بحنانٍ تزامناً مع قوله :
_" خلاص مش مهم ، خليكى مرتاحه !"
إبتسمت له "نيروز" بحنوٍ ثم أشارت له بالاعتدال حتى مدت يديها تأخذ الهاتف من جيب بنطاله بجرأه ثم أشارت له بأه يفتحه ، ضحك وهو يأخذه منها ثم وضع إصبعه على مكان البصمه حتى فُتح وما أن فُتح وجد صورتها العفويه معه في يوم زفاف شقيقتها ، طالعتها بفرحه ثم التفتت تنظر له بتأثرٍ فوجدته يتحدث بمرح :
_" وربنا القلب خالي من أي أنثى غيرك !"
غمزت له باعجابٍ ثم مدت يديها تغير الإسم إلى اسمه الأول "مدام انچي"، علم بأنها ليست بهذه السهوله أو ما يظهر عليها عكس ذلك ، هز رأسه برضا ثم اعتدل في جلسته عندما وجدها تفتح الكاميرا. الأماميه ثم رفعت يديها موضع التصوير فوجدته يضع يديه على كتفها وهي تجلس بجانبه ثم ضمها له كي يأخذ الصوره ، بل وعندما فتحت الفيديو تفاجأ هو عندما تحدثت وكأنها تحدث المتابعين المجهولين الذي ليس لهم وجود من الأساس ، حتى هتفت بقولها المرح وهي تشير عليه بعينيها :
_". إذيكم يا جماعه ، الباش محاسب غسان البدري يخصني ، نقول تاني ، غسان البدري يخصني وأي حد هيتشقلب ، هيتدحرج ودماغه توزه يروح نواحيه هقطع وشه !! عــال ؟ "
وما أن قالتها "نيروز " بضحكٍ إمتزج مع ضحكه الشديد حتى أنه هز رأسه بالفيديو وهو يقول من بين ضحكاته :
_" عال ياجماعه!"
تركت الفيديو مفتوح بعفويه حتى أنه توجه يقبلها من وجنتيها بمرحٍ مع حديث عفوي ليس له علاقه ببعضه بينما فتح الفيديو لدقائق حتى أنها توجهت بٱخره تقبله من خده بحبٍ ، فضمها إليه بسعاده بالغه ، وانتهى الفيديو بعناقهما وهما جالسين ،. وما أن إنتهت الضحكات أخيراً. بعبث مما حدث ، هتفت هي من بين ضحكاتها بٱخرها :
_" إبعتلها الفيديو بقا !"
ورغم تفهمها لما حدث لكنها تمزح ، هز رأسه من بين ضحكاتهما ثم هتف يوضح لها بمرحٍ :
_" هي فعلاً متقصدش حاجه دا هي مجتهده وبتحب شغلها أوي ، كبري دماغك منها، وتعالي أقولك أنا نفسي أعمل ايه !"
هزت "نيروز" رأسها بتفهمٍ ومن ثم عقدت حاجبيها بتساؤل ، فأمسك هو الهاتف ثم ضغط على أغنيه معينه تشرح حالهما وشخصية كل منهما بشده، وقبل أن يصدح صوت الاغاني قال لها بوضوحٍ :
_" هنرقص !"
نهضت بحماسٍ حتى سمعت صوت الأغنيه الهادئه يخرج من هاتفه بصوتٍ متوسط تزامناً مع مسكه ليديها بحنوٍ ثم رفعت هي الأخري تضعها علي كتفه و يديه هو الأخرى أسندها علي خصرها وهما يهتزان معاً بهدوءٍ غلفه المرح والحب على الكلمات الٱتيه :
_«اتمشى معاها ونتكلم
أضحك واحكيلها وتحكيلى
لحد الدنيا اما تضلم
اسكت فتقول طب غنيلى
اغنى فاشوف لمعة عينها
فلاقيها تصلى وتدعيلى
اتوشوش كده بينى و بينها
عن سهر الحب ولياليله
اطمن كل اللي شاغلها
منا صايع اصلى فى حواريه
تسرح وتقول عرفاك شاعر
تلعب بالكلمه و تفاصيلها
تسلك فى متاهه يا واد شاطر
تحبكها و ترجع تلايمها
انا اصلا مشكلتى فى عينها
تاخدنى بلاد و تودينى
وبلادى اللى انا اصلا منها
بايعانى و بتطلع عينى..»
كانت الحركه بخفه وهو يبتسم باتساعٍ حتى أنه ردد الجزء الذي يشرحها كما كانت تردد هي الجزء الذي يشرحه ، إنتهت الكلمات وما أن إنتهت توجهت بنفسها تدخل بين أحضانه وهي ترفع زراعها السليم تحاوط خصره من أعلى حتى التفت على ظهره بتشبتٍ ثم تنفست بعمقٍ، شعرت بالأمان يحاوطها كما شعر هو بالإرتياحٍ ، أنزل رأسه يهبطها حتى يهمس بجانب أذنها بقوله الذي إخترق سهام قلبها :
_"كُل جَمِيـل هىَ نَيّروزّ ، وما جَميل رأيته إلا سِواها. والله العظيم !"
إبتسمت باتساعٍ وهي تخرج من أحضانه تزامناً مع تنفسها بعمقٍ ثم وكزته بمرحٍ قائله بغمزة عين :
_" ثبتني يا بن البدري !"
ضحك بخفه وهو يتوجه ناحية ووجهها ليقبلها من وجنتيها للمره الذي لا يعرف هو عددها ، وقبل أن يتوجه ليفعل ما نواه ، وجد سواراها متوجه ناحيه عنقه وهي تطالعه بتسليه مردده بمكرٍ :
_" متاخدش عليها و احترم نفسك بقا !"
نظر لها "غسان" بتحدي ثم رفع يديه يهبط من يديها مع ابتسامته العبثيه ثم غمز لها بقوله :
_" طب ما إنتِ بوستيني وفـ ڤيديو ، نروح بقا نوريه لحامد ودلال ووسام وأمك وأخواتك والعيله كلها وننشر البهجه كده .."
ضحكت "نيروز" ضحكه عاليه وهي تتظاهر بالشر ثم تركته وهي تتوجه لتفف أمام المرٱه تزامناً مع قولها :
_" هو أنا مش قولتلك مبتكادش يابن البدري ، عادي أنا عملت إيه أخاف منه !"
هلل بقوه ثم صفق وهو يهز رأسه بتشجيعٍ :
_" عال أوي ، أنا عاوزك كده علطول ميهزكيش أي حاجه مادام إنتِ في السليم ومعايا ."
إبتسمت بهدوءٍ ثم مدت يديها تجذب هاتفها وهي تشير له حتى جاء ليقف بجانبها لتأخذ صوره لهما كما اخذت هي بهاتفه ، أخذت الصوره وهو يقف من خلفها ويديها على كتفيها بهدوءٍ حتى أنه كان ينحني لتأتي رأسه في الصوره ، أغلقت الهاتف ومن ثم إعتدل هو وهو يتوجه ليأخذ الكوبين ، معتدلاً بوقفته بعد أن أخذ الهاتف يضعه بجيبه ثم قال بهدوءٍ :
_" أنا همشي أنا بقا ، عاوزه حاجه ؟ ! "
توجهت لتقف أمام وجهه ثم وجهت عينيها تواجه عينيه بتمعن حتى قالت بنبره صادقه من تحول حالها :
_" عاوزاك مبسوط ، وعايزه أقولك إن فـ وجودك الراحه عمرها ما بتسيبني !"
مال يقبلها لطالما هي كانت قاطعته عن فعلها ، ثم إستقام يعتدل مردداً بإطمئنانٍ :
_" منه لله قلبي اللي خلاني نحنوح وشمتهم فيا بس انتِ حبيبتي القديمه والجديده واللي لسه مكمله يا نيروز ، وراحتك من راحتى ، و لو مش مرتاحه مش هبقي مرتاح..ســلام يا رزّه !"
ضحكت "نيروز" بخفه وهي تنظر له يفتح باب الغرفه حتى رحل وتركها مفتوحه ، ولم تمر سوى لحظات حتى ظهرت "سميه" من على بُعد تقف بينما تنفست بارتياحٍ عندما وجدت ابتسامتها الواسعه وبقوه !!
__________________________________________
الفرحه لم تسعه منذ أن حدثه"حازم" ووجوده الٱن مع والدته المسطحه على الفراش وشقيقته الجالسه بجانبه يفرحه بعد ذلك ، حتى أنه ضحك بما به الكفايه عندما وجد زغروطه خرجت رغم ضعفها من فم والدته رغم تعبها ، وملامح وجهه التي ظهرت وبقوه بأن السعاده إمتزجت بالتعب حتى غلبته ، ابتسمت "حنان" بتعبٍ ثم حاولت أن تظهر سعادتها له أكثر رغم تعبها حتى قالت بوضوحٌ بعد مباركتها :
_" ربنا يفرحـك يا حبيبي ، خد فرح معاك بكره بس والمره الجايه أكون بقيت أحسن شويه ، وربنا يجعل فوشكم القبول لكل اللي هتشوفوهم "
حرك "عز" رأسه بتفهمٍ حتى أنه عارضها قليلاً ولكنه أيقن بأن موعد غد لا يضمن هو إعادته ، بل ولم يتوقع قبول "حازم" ووالده بهذه الطريقه ، لا يعلم هو ماذا ينتظره في الغد ، تحدثت "فرح" بسعاده تجيبهم بنبره مبهجه ظهرت لهما بحديثها :
_" طبعاً هكون معاه ، هو محدش يملى مكانك بس أنا وعز منتظرينك تبقي في أحسن حال ، عشان لو في خطوه كمان غير الخطوبه وهم جاهزين ، نفرح بقا ونهيص !"
إبتسمت باتساعٍ ، ثم أخذها تحت ذراعه يحتضنها قائلاً بحديثه الطبيعي الذي لا يمل ولا يكل من قوله :
_" ربنا يخليكم ليا ، وافضل سندكم طول العمر!"
أمسك يد والدته بحنوٍ وشقيقته أسفل ذراعه وكأنه يمتلك الٱن الأرض وما عليها من الرضا ، بل ومن المفترض بأن تكون بداية خطبته غد ، لا مانع من كبت السعاده ، الأمل يغمره من جديد ولو ذره بالشئ !، بعدما كان منهكاً يفكر بكيف سيخرج من دوامة الوجع وظهور شقيقه ! ، يفكر بكيف سيقضي بقية يومه في الصباح عندما شعر بضيق الأركان عليه ، حتى عمله لم يعطيه فرصه لأخذ أنفاسه وقسط من الراحةِ النفسيه قبل الجسديه ، يجاهد مع مكافحته ، وقل للذي يجاهد من أجل العيش وحمل المسئوليه بأن ما يفعله لا يقدر بثمنّ حتى وأن رُفع له مثال من الذهب الخالص ! ، هو "عز" ومهما حدث له عزة نفسه لا تقل أبدًا ! ، تيقن هو جيداً بأن الصبر على ما لا يريده يأتي بٱخره ما يريده هو وبقوه ، ويا ليت للإنسان كل ما يريده دون تغيير !! ، أما لو تجمعت الأنظار عليه وتمعن كل منهم النظر على ما يفعله وما فعله وما ضحى به من حقوق لديه من أجل والدته وشقيقته لم يكن القول سوى بأنه .."عـــز الـــرجال "
تـنويه هام : «في مشهد ممكن يكون مؤذي نفسياً للبعض أو هو كده بالفعل ، فاللي حاسس نفسه مش تمام ونفسيته مش متظبطه يأجل قراءة البارت لوقت يكون فيه تمام وألف سلامه عليكم »
• متتسوش الڤوت لأن مش ماشي على عدد اللي بيشوف البارت ولا حتى الروايه والصراحه متشرطش قبل كده لأن عارفه إنه بيتعمل من القارئ منه لنفسه كده ، بس لو هنشوف عدد الفوت وعدد ال بيشوف البارت مش ماشيه خالص ، وشكرًا
________________________________________________
« ليس كافياً للحُبِ بأن يكون مجرد مشاعرّ ، فـ التفاصيل إن إمتزجت معًا وكل طرف أصبح مثل الٱخر بكل تفاصيله فقد يكون هذا هو الحُب كما يجب أن يكُون !!»
ظُهر اليوم التالي، حيث شقة "حامد" الٱن ، جلس البعض على المقاعد الملتفه حول بعضها في الصاله ،بعدما جاء "شادي" من الخارج ، بينما جلس "غسان" بجانب والدته ، و "شادي" يجلس بجانب "حامد" ، كان الحديث غير مهم للدرجه شديده الإنتباه حيث كان "شادي" يمسك هاتفه ينظر له باهتمامٍ وهو يكتب على برنامج الواتساب لأحد الأرقام ليجيب على السؤال بـ :
_« دخلت على اكونت غسان وجبت بيدچ نيروز وقومت جبت أكونت جميله ودخلت على الأصدقاء عندها لحد ما لقيتك وشوفت الرقم ظاهر عندك على الفيسبوكّ ، ..ها حنيتي؟»
لم يستغرق لحظاتٍ ثم نظر على مضمون الرساله المرسله له :
_« بتتعب نفسك عـ الفاضي والله يا شادي بيه ، سـلام »
وما أن قرأ الكلمات وجد صورتها قد إختفت وحتى إرساله الرساله لم تصل حتى تستلمها مما يعني بأنها قامت بحظره ، ضرب ساقه بإنهزامٍ في ذلك الأمر ثم أغلق الهاتف بضجرٍ وهو يضعه بجيبه ، ثم حرك عينيه فوجد الجميع ينظر له بتمعن ما أن فعل حركته المسموعه ، حتى "وسام" التي خرجت تجلس هي الأخري ، تفهم "غسان" ما حدث وهو يكبت ضحكاته ، بينما تساءل "حامد" وهو ينظر له قائلاً. بتساؤل :
_" فـي إيه ياض!"
صمت "شادي" بخيبه ثم رفع أنظاره يسألهم بجديه شديده وكأنه فقد ألاعيبه في ايقاعهم :
_" لو أنا مُعجب وواقع ومش عارف أعمل إيـه ! ، أعمل ايه ؟"
قالها بجديه شديده للغايه ، في حين حركت "دلال" رأسها بقلة حيله وهي تضحك كما ضحك "حامد" بينما رفعت "وسام" كفها تصفق مع خروج نبرتها وهي تلحن وبنفس الوقت تعطيه الإجابه مما جعل الأنظار تتوجه ناحيتها ببهجه :
_" لو قلبـك غرقان فـ غرامها ..ليه تستنى وأقف قدامها ، قول وعيد وزيد قول عشقــان ...لو نفسنا دلوقتي فـ حاجه ليه نستني دي تبقى سذاجه ..نفذ حالاً فوراً والٱن ، ما قبل أي حد تاني ، ليه نستني لو لثواني.. وإحنا بإيدينا نعيش بمزاجــنا أحلى كتيـر .!"
كانت تصفيقها هادئ مع خروج كلماتها بمرحٍ حتي أن "غسان" شاركها فالتصفيق ونهض "شادي" يتراقص بمرحٍ وما أن انتهت إعتدل هو ثم أشار لها بيديه بالإعجاب تزامناً مع قوله المَرِح :
_" كلام ميه ميه ،بس أعمل إيـه بقا ..؟"
سمع صوت ضحكاتهم ، فـ عاد هو يجلس مره أخرى ثم تنهد يخرج أنفاسه بينما حدثه "حامد" بهدوءٍ يعرض عليه:
_" مش ناوي بقا تتجوز يا شادي وتعقل وتعمل زي صاحبك اللي وقع ومحدش سمى عليه ده !"
ضحك الجميع في حين خرج. صوت "غسان" المتنحنح وهو يجلي حنجرته قائلاً بإعتراضٍ :
_" طب صاحبه قاعد ساكت ومؤدب أهو متكنشنيش بقا !"
_"يا حامد غُس ده واقع من عماره سبعين دور دا أنا قعدت أقوله يروحلها يصالحها إمبارح بدل ما معرفش أنام ويقعد يعيطلي بقا وأنا عندي صداع !"
ضحك "حامد" عالياً على حديث "شادي" في حين فهمت"دلال" ما قصده بسبب علمها المختصر من زوجها أما "وسام " فلم تفهم شئ ، إنتبهوا هم على صوت "شادي" مره أخرى وهو يهتف بجديه يجيبه :
_" لا بجد بفكـر فعلاً فالموضوع ده "
صمت ثم واصل بإندفاعٍ :
_" ما تيجي معايا نخطب منه !"
تبدلت ملامح "دلال" للفرح ثم رددت بغير تصديق :
_" بجد يا شادي ، قول إنك بتتكلم جد !"
لم يعطيه "غسان" فرصه للرد ، بل أجاب هو بنبره معارضه يتحدث:
_" جد أي وبتاع ايه ، هو شافها وعرفها فين عشان يخطبها ، هو أي كلام !"
صمت "شادي" بينما خرج صوت "حامد" العقلاني يردد لهم وبالأخص للأخير:
_"لا مش أي كلام ، بس بردو مش لازم يشوفها بتاع ستين مره عشان يعرفها ويخطبها ، هو لازم يحبها عشان يروحلها ولا ايه ؟..مش كل الجوازات حُب ، وهو قال إنه معجب بيها يعني لما يخش البيت من بابه أحسن من الهبل التاني ده ، ويخطبها بالحلال وبعد كده الوقت هيخلق الحب ده ، ده حتى يعقل بقا ، وبعدين الحب مش لوحده اللي بيخلي الواحد يروح ياخد خطوه ، عشان كده ناس كتير بياخدوا خطوة الجواز من الحب بس وبعد كده بنلاقي صفر تفاهم وتقدير ، أهم حاجه التفاهم وكل واحد يقدر ويفهم دماغ التاني ، ساعتها الحب الأساسي بيزيد مش بيقل أو بيفضل زي ما هو ..!"
حديثه كان من تأييد زوجته ، بينما هز "شادي" رأسه ، فأجاب "غسان" بتبرير كونه يفهم صديقه بقوه :
_" أنا مبعارضش النقطه دي ، أنا عاوز الوقت يبقى من نحية شادي ، مش قصدي انه يحبها الأول وبعدين ياخد خطوه ، هو عرفها إمته ! ، وهيستحملها أساساً ولا لأ ، وهو مؤهل للجد ده دلوقتي ، اللي قولته إنه لازم يفكر الأول عشان لما ياخد الخطوه ميفشلش فيها وتأثر عليه بعدين ، وبعدين منه مين اللي يخطبها دي هتصبحه بعلقه وتمسيه بعلقه ، دي ضرباه فـ وشه أهو !!"
حرك "شادي" نظراته بحرجٍ زائف ثم وضع يديه على وجهه لوضع الخجل ، فنظر له الجميع للحظاتٍ ومن ثم تعالت الضحكات بقوه ، وما أن إنتهت ، تحدث "شادي" من بينها قائلاً بتفكيرٍ :
_" إنتوا الإتنين عندكم حق ، وكمان غسان عنده حق فالنقطه دي ، يمكن لما أبعد وأقعد مع نفسي أفكر كده ، ولو لقيت نفسي مشغول بيها أوي والموضوع فارقلى ، هرجع وهبقى أقولك نروح نخطبها وأشوف حياتي بجد بدل الوحده دي ، الواحد فعلاً محتاج يدي وقت لنفسه يفكر مش كلام !"
_" عَـال يا شوشّ !"
غمز "غسان " عقب حديثه ،ثم بادله الغمزه صديقه تحت إبتسامة الجميع الواسعه ، خاصةً بعدما أيده "حامد" في حديثه بعاطفة أبويه شديده ، نهض "شادي" يفتح باب المنزل بعدها سمعوا صوت دقات الباب ، حتى أنه أشار لـ "غسان" بأنه سيفتح هو ، وما أن فتحه ظهرت هي بابتسامتها الهادئه وفي يديها صحن من الحلويات التي أعدته والدتها وحثتها على القدوم به ، أفسح لها "شادي" الطريق ثم أوقفها سريعاً وهو يمد يديه ليأخذ من. الطبق تزامناً مع قوله المرح :
_" لازم أدوق قبل ما صاحبي وعيلته يتسمموا ولا حاجه!"
طالعته "نيروز" بدهشه من حديثه الغير عابئ بمدى تبجحه ، ومن ثم سمعت هي صوت الضحكات العاليه من الداخل
_" تعالى يا روز!"
قالها "حامد" كما قالتها زوجته وابنته ، بينما. أفسح لها "غسان" المكان لتجلس بجانبه ، حتى وضعت الطبق على الطاوله من أمامهم ومن ثم جلست بجانب "غسان" الذي لم يحرك عينيه من. عليها بل أول سؤال سأله لها وهو يثبت عينيه علي ذراعها:
_" خدتي الدوا ؟"
هزت رأسها بالإيجاب ، في حين أمسك كل منهم الطبق ليتذوق ،. بينما هتف هو مره أخرى بغمزة عين :
_" شوفتي بوست الفيسبوك ؟"
قال حديثه بمراوغه حيث أنه وضع صورة يديه ويديها بارتدائهما خواتم الزواج ثم كتب عليها ،" الحمدلله التي تتم بنعمته الصالحات ، كتبنا الكتاب "
ومن ثم الدعاء وحديث معسول باللباقه كي يشهر أكثر زواجهما ، أما هي فابتسمت ما أن رأته حتى أن المنشور كان مبهجاً لحد كبيرحيث عدد التعليقات والفرحه التي توجد به من جميع زملائه وأصدقائه ، وحتى صديقاتها وزملائها كانت كثيره ، أومأت له وهي تهز رأسها ثم قالت بتوضيحٍ :
_" شوفتها طبعاً. ، وحطيت إستوري واتساب لينا وإحنا واقفين فالمرايا "
ضحك"غسان " بخفوتٍ ثم تحدث بثقه وهو يميل برأسه ناحيتها متحدثاً بنبره هادئه عبثيه :
_" ما أنا خدتها وحطيت قلب على صورتك "
نظرت له "نيروز" بغيظٍ ثم هتفت بسخريه من كونه يفعل أشياء لاتحبذها الفتيات في موضعها :
_" قلب!! ، بتحط قلب عليا !"
_" بغير عليكِ ، وعشان الصوره كانت بشعرك ، وأنا عندي ناس كتير صحابي ، أوريهم شعرك وكلك وأبقى بقرون بقا ولا نعمل ايـه ؟"
ظهر لها منذ أمس بأنه حذِر في ذلك الموضوع حتى تنبيهه على دخولها من الشرفه بسبب خصلات شعرها التي كانت بدون حجاب ، نظرت له بإقتناعٍ حيث وضعتها هي بسبب عدم وجود غريب لديها علي البرنامج !! ، تحدثت تجيبه بتحدي كي لا تذهب الفرصه وهو غالب :
_" طب وبالنسبه لمدام إنچي الجامده اللي الأستاذ شادي مسك تليفونك وسجلها دا غير الرقّصات اللي حضرتكم كنتوا قاعدين ومندمجين أوي!!"
حرك "غسان" رأسه. ضاحكاً. ثم فهم هي ما تعنيه جيداً بالشق الأول من حديثها ، تحدث يجيبها بهدوء بعد أن انتهى من ضحكاته :
_" أولاً محدش بيمسك تليفوني ولما كان معاه كنت أنا فاتحوله يشوف ورق معين فـ راح مغير الإسم ، تاني حاجه بقا من أول ما كان ليكى صوره على تليفوني ساعة فرح حازم وياسمين ، حطيتها فـ ملف لوحدها وبرقم سري يعني صور إمبارح آتحطت معاهم كمان ، أما بقا الرقصات فـ كانت على تليفون شادي ، أنا مش مراهق يعني عشان كل ساعه أشوف رقاصه دي كانت مره وتوبه ، دلوقتي عندي اللي ترقصلي إن شاء الله..بس الصبر !"
رفعت يديها توكزه بصدره ثم رددت بتعنيفٍ:
_" عشان لما أقول إنك قليل الأدب وسافل تبقي تعترف على نفسك متقولش أنا ؟!.."
قلدته بطريقته بٱخر كلمه ، بينما تعالت ضحكاته هو ومن ثم إلتفتت برأسها عندما وجدت "حامد" يسألها بإندماجٍ :
_" حلو الجـلاش ده أوي يا روز ، إنتِ اللي عملاه !؟"
كادت أن تجيبه بينما وجدت "شادي" يشير بغير إهتمام ثم تحدث قبلها بمزاحٍ :
_" يا شيخ رايح تقولها إنتِ اللي عملاه ! ، أكيد هتقولك أه أنا وبتاع مادام حماتها قاعده بقا والشغل ده !! "
تكتم غيظها منه لفتره ، إبتسمت هي باستفزازٍ ثم أجابته بشراسـه غير معهوده بالنسبه للجالسين :
_" مش هكذب وحماتي عارفه إن مش أنا اللي عملاه ، كفايه تاكل منه انتَ وتقول رايك ، بالهنا والشفا.."
شراستها مختفيه بإسلوبها اللطيف ، بل وأحرجته وهو الذي لا يشعر بالحرج بل متبجح من الدرجه الأولى ، ضحك الجميع بقوه أما هو. فرسم على ملامح وجهه الرهبه وهو يرفع يديه باستسلام مردداً وهو يوزع نظراته بينها وبين "غسان" :
_"ده في غساسين كتير والوضع ميطمنش !"
إبتسمت "نيروز" باستفزازٍ في حين هتف "غسان" بثقه وهو يرفع يديه يضعها علي كتفها بتشجيعٍ :
_" أومال إيـه ، كوبي بيست خلاص ، التوأم التالت دي ، فخليك بعيد عشان مش هنعيد !"
هز له "شادي" رأسه بالايجاب ، في حين هتفت "وسام" بمرحٍ :
_" لو قلبك مات متجيش علي إتنين غساسين !"
_" الواحد بقا يخاف على ولاد ابنه في المستقبل ؛ رينا يستر يارب"
ضحكت "دلال " على حديثه في حين ضحك الجميع فهتفت الأولي تدافع عن ولدها قائله:
_" والله ما هتلاقي زي إبنك وحلاوة ابنك ، إسكت مفيش زيه ده ، قال تخاف قال"
نظر لها "حامد" باستنكارٍ في حين وكز "غسان" نيروز" ثم غمز يقول بمرح وهو يشير بيديه على والدته :
_" إلحقي بتعاكسني ، نوريها الڤيديو ولا ايه؟!"
ضحكت "نيروز " عالياً بينما هتفت "وسام" تجيبه بمشاكسه :
_" ما تعاكس يا غُس ، حقها ، ما إنتَ إنتاجها يعم ، مش شايف نسخه منها إزاي.!"
حركت "نيروز" أنظارها تدقق النظر علي ملامح وجههما ، فالتشابه بينها وبين توأميها قريب جداً ، إبتسمت بإعجابٍ ثم هزت رأسها بتأيد لحديث الأخرى ، ابتسم الجميع باتساعٍ ، ولم تكن سوى لحظاتٍ ونهضت "دلال" بينما جلس " حامد" يستمع لحديث "شادي" الجاد:
_" أنا إن شاء الله ، همشي بكره بقا عشان أشوف الدنيا اللي إتقلبت ورايا دي ، هتوحشوني ، بس هرجعلكم تاني قريب إن شاء الله"
كان يعلم" غسان" بينما عارضه "حامد". بحديث جاد مُحب بعاطفه أبويه :
_" ما تخليك يا شادي هو حد اعترض ، ربنا اللي يعلم إنتَ عندي إيه وزيك زي ابن الكلب اللي قاعد ده بالظبط !"
كبتت "نيروز" ضحكتها بينما نهض "غسان" بهدوءٍ تزامناً مع رده علي والده :
_" طب وليه الغلط ، أنا سايبلك المكان أهو وماشي !"
إبتسم "حامد" كما إبتسم "شادي" ، بينما أمسك "غسان" يد "نيروز" ناحية شرفة الصاله ، حتى دخلا الإثنان أخيراً ، ووقف هو بهدوءٍ وهي تطالعه بصمتٍ ، حرك عينيه ناحية عبائتها السوداء من أعلى لأسفل ، بينما رفعت هي وجهه بغيظٍ تركزها على وجهها ثم نبست بثقه :
_" خليك معايا هنا ، قول إنتَ عاوز تقول إيه !"
ابتسم "غسان" بعبثٍ ثم حرك عينيه باستغرابٍ من كونها تفهمه بعد الأن :
_" مش عاوز أقول حاجه ، عاوزك بس تفكري كويس ومش معنى إن الموضوع إتقفل يبقي كده خلاص ، عاوزك تقفي وتواجهي إحساس الخوف والتردد من جواكي ، أنا مش عاوز غير كده بس ، لأن عمري ما هغصبك على حاجه انتِ مش عايزاها ، لو نأجل كام سنه كمان معنديش أي مشاكل ، المشكله عندي سبب تأجيلك لو كان خوف منهم و من اللي جاي ، عشان وجودك معايا مش هيغير حاجه غير اني بحاول فكل مره إنك متخافيش وتبقي في أمان ، وأنا معنديش غير حبي ليكي وخوفي عليكي .."
رفعت عينيها تقابل عينيه ، ثم ثبتت نظراتها بها حتى إستشفت مدى صدق كلماته ، تنفست بعمقٍ ثم ابتسمت قائله بهدوء تجيبه على حديثه :
_" أنا مقولتش غير إني مش جاهزه للي هيحصل من الخطوه ، لكن الخطوه طالما معاك هبقى مبسوطه أوي ، بس ميجيش فيها أذى ليك ولحد تاني بسبب علاقتنا دي ده كل اللي خوفت منه .."
إبتسم لها بإطمئنانٍ ثم هز رأسه بابتسامه يقول :
_" يستي ربنا ما يجيب أذى ، أنا هكلم أمك فالموضوع ده و مدام إنتِ جاهزه وأنا جاهز والشقه مفيش فيها ألا حاجات معينه تتعمل هجيبلها أنا ناس تظبطها وأجيب اللي عليا ونستقر ،. طالما معندكيش رهبه من الخطوه دي زي ما قولتيلي وأنا أوعدك مش هأذيكِ ولا هاجي عليكِ ولا هتخافي وأنا معاكي ..والفتره اللي أمك بتسد فيها فلوس جهاز ياسمين زي الوقتي كده هبدأ أنا أو بدأت كمان أجيب حاجات الشقه ، عشان لما نقرر فـ أي لحظه نكون. جاهزين ، هكلمها أنا على رواقه ولما أقنعها نبقى نشوف معاد نحدد فيه الفرح هيبقي إمته لأن الشقه مش هتاخد كتير ده بسرعه يعني ، اللي هياخد وقت فـ إنه يحدد ويقرر تاني هو انتُ. .."
ابتسمت "نيروز" على حديثه ، حتى جاء بعقلها صلاتها أمس من عجزها وقلة حيلتها ، إستخاره لأخذ الخطوه أم لا من تشتتها ، بينما لم تشعر هي سوى بالراحه التي إزدات على راحتها كونها جواره وجوار قلبه هو ، لم يظهر عليه العجاله والتسرع في الأمر ، بل ظهر مصداقية حديثه في استعداده للإنتظار مادامت لم تؤجل هي بسبب عمها ومن منه ! ، تنفست بعمقٍ ثم أمسكت كفه هذه المره وهي تتشبت به كصغيره بيد والدها تخبره بأن مصيرها بيديه هو عندما قالت بنبره تخللها الأمان :
_" وأنا موافقه تكون أيامي معاك ، ولو الأيام مفيش فيها غسان ، متبقاش أيام بالنسبالي !"
نظر لها بسعاده بالغه فاضت من عينيه ، بل وتضاعفت فرحتها عندما رأت سعادته هو ، سحب كفها ناحيته مما جعلها تدخل ببن أحضانه أثر دفعه لها ، بينما إبتسمت هي براحه ثم خرجت بهدوء وهي تنظر علي ابتسامته حتى قال بمرحٍ وهو يخرج هاتفه :
_" طب نوثق اللحظه بقا ونعمل فيديو زي بتاع إمبارح ، خدي.."
فتح "غسان" هاتفه ثم وضعه على وضع الكاميره الأماميه وهو يوجهه لها فأمسكته من بين ضحكاتها ثم بدأت بقول كلامتها المرحه وهي تنظر للهاتف يينما وضع هو يديه على كتفيها وهو يسمعها :
_" بصو يا جماعه ، لو حد قالكم إيه أحسن حاجه حصلت في الحياه فـ قولوا إن وجود إنسان فاهمك بكل تفاصيلك دي أحسن حاجه ، والمهم إن الباش محاسب غسان البدري عاوز يتجوزني بس أنا بقا ...."
إسترسلت في حديثها حتى أنه كان مرح ولكن حديثها بعفويتها كان حقيقي نابع من ما تشعر به هي ، لم يفعل هو سوى أنه يؤيدها في الحديث بهزة رأسه في الڤيديو ومن ثم ضحكته التي خرجت بصوتٍ حتى قبلها من وجنتيها وهي تتحدث فدفعته هي بعفويه كي تكمل حديثها العفوي من بين ضحكاتها وضحكاته..
مراقبة الوضع رغماً عنه كان من "حامد" الواقف من على بعد بعد أن دخل "شادي" الغرفه ، ودخلت " وسام" غرفتها ، بينما وقف يتابع الوضع منذ أن سمع صوت الضحكات من الطرفان ، حتى أنه يكاد يقسم بأنه لم يرَ على وجهه أي منهما من قبل سعادتهما هذه ، بينما جاءت" دلال" تقف عندما وجدته مندمج ويظهر علي ملامح وجهه الحب ، ومن ثم تابعت معه الوضع حتى خرجت منهما الضحكات وبقوه عندما وجدوا ابنهما يقبلها من وجنتيها رغماً عنها وكأنها طفله لا تريد القُبلات ، بينما ردت له القبله هي الأخرى كي يتركها تفعل وتتحدث في الڤيديو المُبهج وبشده ولمشهدهم الذي ما أن رٱه أحد لم ينبس بشئ سوى أنه لطيف ، وياليت هدوء ولطافة الأيام تدوم !!
__________________________________________________
إعتدل في جلسته على المقعد المريح ، وهو يطالع الذي يجلس أمامه بهدوءٍ وصمت حدث بعد قوله لعدة نقاط يهاب منها وبشده ، لم يذهب هو لعيادة الطبيب النفسي منذ ماحدث له ٱخر مره من وجعٍ. ، يعلم بأن وجوده ليس إلا لزيادة الوجع عندما يحاصر نفسه بحقائق وأحداث حدثت ويحاول هو التخطي !! ، خرج هو من عمله منذ وقت حتى أنه ذهب مع الطبيب ومن ثم ذهب الآثنان لعيادة "عاصم" ، طالعه "عاصم" بهدوءٍ ثم هز رأسه يحثه على أن يُكمل :
_" كمـل ، أنا سامعكً !"
نظر "بسام" له بصمتٍ ، ثم حرك رأسه بقلة حيله، بما سيتحدث بعد أن ظهرت الحقائق منذ مده بل ولم يتبقى سوي تخطيه الأمر وفقط ، إبتسم "عاصم" بهدوءٍ ثم هتف يردد له بتوضيحٍ بعدما أخرج ما بداخله منذ قليلٍ :
_" فكرة إن خلاص عرفت إنها إنسانه كانت على خطأ ، لأ وثقتك موجوده لسه فـ أخوك ، وفكرة إنها مشت لما أخوك هددها لتاني مره كل ده عطاك فرصه تفكر فالأمور من منظور تاني!! ،يعني وجعك كان من قلة علمك باللي عملته وكنت تايه ومقهور ومش حابب نفسك من فكرة إنها سابتك من غير ما تعرف إيه السبب ، ده غير إن ثقتك في نفسك قلت ، دلوقتي بقا بعد ما كل ده بقا واضح ، تعبان زي الأول ؟ حاسس إنك بتتقدم خطوه عشان تكون أحسن ولا لسه واقف مكانك ؟ "
فهم"بسام " ما يشرحه ويسأله الٱخر فتنهد يخرج أنفاسه ثم قال يفسر له :
_" حسيت إن الحمل خف ، اتوجعت وبتوجع لسه ، يمكن طريقة غسان مكنتش سهله عليا لما خبى عليا اللي عملِته واللي بتعمله ، بحاول الوقتي أرجع زي ما كنت عارف إنها هتيجي بس إحساس إني تايه ومش لاقي نفسي القديمه ده ملخبطني ، عاوز أخد راحه وفاصل من الضغوط ، أو راحه من دماغي اللي لما اقعد مع نفسي بتلومني على اللي عملته وعلى إني عرفت واحده زيها من الأساس !!"
_"يعني في تطور ، الأول مكنتش بتبقي عايز ولا حاسس إنك ترجع للأحسن ، رغم إن أي حد هيشوف يقول الأول أهون من الوقتي ، بعد ما عرفت الحقيقه الموجعه، بس الطريقه مكنتش ماشيه مع شخصيتك من الأول ، كل غرض غسان إنه يشيل عنك أي أذى بس معلمش حساب للوقت اللي هيشيله وهيوقف فيه ، يمكن شخصياتكم اللي مش شبه بعض بالمره سببت سوء التفاهم لأن كل واحد فيكم بيشوف من وجهة نظر التاني ، وكل واحد مفكر وجهة نظر التاني زيه ، وأنا شايف إن اللي حصل ده مش مخليك مستعد لأي علاقه تانيه دلوقتي بس رغبتك فإنك تلهي نفسك مبتقفش !!"
حرك"بسام " نظراته بعدم فهمٍ ، فأومأ له "عاصم " بتوضيحه أكثر وهو يقول :
_" بتلهي نفسك وثقتك مش فمكانها فالناس دلوقتي ، ومقصدتش بتلهي نفسك غير بـ "فرح" واللي قولته عنها ، يعني إيه عاوز تبقي معاها وبتبقي مرتاح وفنفس الوقت بتهرب ، يعني عاوز تقرب عشان حاسس إن وجعها باين ليك وإنك لقيت حد موجوع زيك من أمر مجهول وماضي ، وفنفس الوقت بتبعد عشان مش واثق أصلاً .."
هرب بأنظاره بمكان ٱخر عندما وجده يفهمه وبشده ، ثم حاول التحدث دون تردد وهو يبرر :
_" بس أنا مقولتش إن وجود فرح فارق ومش فارق ، أنا بتكلم عشان غالباً هي من أحداث يومي ولما بشوفها ساكته وباين عليها اللي برا عكس اللي جوه بتفكرني بنفسي !"
تحركت نظرات"عاصم " نحو عين الآخر ثم هتف يظهر له الحقيقه عمداً كي لا يتركه مع ما يشعر به :
_" وأنا بردو مقولتش إنها حدث مهم فيومك ، اللي إنتَ فيه وارد جداً يبقي مشاعر ، بس ميمنعش إنها شفقه منك عليها ، وانتَ دلوقتي اللي بإيدك تكون جاهز للخطوه دي ولا ، بتقول إنك حاسس إنك بتبدأ تكون أحسن ، ولسه في كام خطوه ، لو فعلاً بتحس بالراحه فوجودها يبقي مش لازم تكون هي موجوده فأحداث يومك وانتَ بتحاول تتعافي من حاجه معينه، عشان ممكن وبكل بساطه تميل ليها ، ولو ميلت ليها من غير ما تتقدم لقدام هتبقي بتظلمها وبتظلم نفسك ، لازم تكون كويس عشان تبدأ صح ، وأنا فاهم قبل ما تقولي إني مش حاسس بحاجه أنا بقول وارد تحس ، ده غير إن وجودها فوقت زي اللي انتَ فيه ده مش سهل يتنسى بسرعه ، وفرح شخصيه متردده ومتعرفش تاخد حق ولا باطل يعني عقلها وتفكيرها ميروحش أبداً للتفكير فاللي بتعمله واللي بتحاول تعمل وقت بيه عشان تكلمها ،قدرتها على المعارضة والموافقة تكاد معدومه ولكن عند حد معين ممكن الحال يتقلب وتنهار زي ما بيحصل معاها ، وهي مش شبهك في المعاناه هي عانت أه بس كل واحد بطريقه مختلفه !'
هز رأسه بتفهمٍ رغم إستنكاره من شرحه الموقف من ناحية المشاعر وهو لا يشعر بمشاعر عده إتجاهها ، فهم بأنه معرض للسقوط بحبها ، وهل يعلم الغير بأن شخص ما سيقع فالحب بعد فتره ؟ هذا ما هو مُستنكر ، ولكن كلمات الطبيب كان لها مغذى قوي ، من أنه رأي به مشاعر طفيفه اتجاهها يل ويبعده لفتره يمكن أن تكون صغيره أو كبيره كي لا يتأذى مره ثانيه مهما كانت الأخرى ليست حد التشابه مع من قبلها ! ، خرج صوت"بسام". وهو يهتف مره أخرى بهدوءٍ :
_" بس أنا حاسس إني مش عامل اللي عليا مع عيلتي، حتى هما كمان ضميري واجعني من نحيتهم ، و فكرة إن غسان ممكن يكون سامحني أو لسه زعلان ومش مبين دي تعباني ، عشان أنا ظلمته وهو عمره ما ظلمني ، والمره اللي فكرته ظلمني فيها كان حاميني من كتير أوي !"
علم "عاصم" بأنه يشعر بالتأنيب ناحية شقيقه ، ذنب ؟ الشعور بالذنب بعد فعل شئ رغم عنه من الممكن أن يكون سئ ويراود الشخص أينما فكر وأينما علم بأن الطرف الأخر سامحه بالفعل ولكن فكرة رغبته في رؤية الدليل صعبه !!
_" أنا مقدرش أقولك إن أخوك سامحك أو مسامحش ، عشان أنا عرفت منك إنه مهما حصل منك هيفضل يحميك ويخاف عليك ، ودي نقطة صعبه في الشخصيه اللي بتعمل كده ، لأنها بتبقي فارق أو مش فارق بتعمل اللي المفروض فاكره إنه حق عليها ، وممكن جداً ميكونش حق ، وبردو النقطه دي مؤذيه للطرف نفسه والطرف التاني ، بس الأول عنده حاجتين على حسب اللي قدامه ، بيخاف عليه وبيحبه وبيحميه عشان هو عاوز كده ، أو نفس الحاجه بس مش عارف يبطل يحميه مع إنه ممكن يكون إتوجع منه ، ظهور المشاعر والإحساس ببقي صعب فشخصيه بتخبي اللي بتحس بيه "
صمت يأخذ أنفاسه كي يسترسل مجدداً مع إنصات الأخر :
_" وأنا بقول كل ده عشان نفس الشخصيه لو لقت منك رد فعل بعد الوجع اللي عملتوهلها ومش عاجبه هيبقي رد فعلها قاسي ، مش بقولك تجنبه ولا ابعد عنه بس الوقت اللي بتشك فيه إن لسه مسامحكش ومنساش اللي عملته فيه رغم وجعك ، إبعد عن فعل أي حاجه توجعه للمره التانيه ، لأن اللي هيخبي غضبه رغم الحب ورغم عدم قدرته بأنه يوقف حمايته ليك طبيعي يعرف يعمل فوق وجعك وجع أضعاف !، لكن انتَ قولت إن عيلتك متفهمه مش كلها عرفت اللي حصل بس إحتوائهم ليك وخوفهم عليك ميخليش الواحد يأنب ضميره بس هيتوجب عليك إنك تراضيهم وبس وتريح قلبهم بخطوة إنك تبقي أحسن دايماً يا بسام .!"..
تفهم الحديث جيداً ، حتى أن قدرته الأن على قول شئ أكثر باتت فاشله ، كفى اليوم حديث ، فقد أخرج الكثير كما تفهم الأكثر !! ، استشعر"عاصم " إكتفائه كما أن الوقت قد انتهي ، نهض ببطئ وهو يبتسم ، مع اعتدال حركة "بسام " ثم وقف أمامه ووضع يديه على كتفه يحثه بقوه علي عدم الإستسلام وهو يقول :
_" قبل كده محستش إنك فايق ، لكن كلامك الوقتي حسسني إنك شخصيه مختلفه وإن فكرة تحسنك للخطوه اللي قدام جت من وجعك الشديد ، على عكس أشخاص بتقفل على نفسها ، ٱمل أن انت تفكر كويس فاللي جاي واللي إتقال .."
_" إن شاء الله "
قال "بسام " حديثه بابتسامه صغيره ، ثم إلتفت بعد وداعه يخرج من الغرفه وهو يمسك بهاتفه كي يري الساعه ، لم يتبقى سوى وقت قليل كي يعود لمنزله ويرتدي ملابس أخرى بعد أن حدثه "حازم " بأنه سيقايل معه "عز" لـ خطبة "جميله " كما أن بقية الشباب أيضاً سيكونوا هناك بالفعل!!
_____________________________________________
في شقة "عايده" كان "حازم" يجلس بغرفته وبجانبه "ياسمين" ، تنظر له وهو ينهي المكالمه مع من سيسمي "العريس" ، انتظرت للحظاتٍ حتى أغلق هو الهاتف ، ثم ظهرت ابتسامه واسعه على وجهه وهو يديره لها ، فاعتدلت هي في جلستها بينما تابع هو بفرحه ظهرت بنبرته :
_" أنا حاسس إني مبسوط أوي يا ياسمين ، شايفه جميله حاسسها مبسوطه هي كمان !"
هزت رأسها بحماسٍ ثم وضعت يديها تربت على ساقه بحبٍ مردده بسعاده إمتزجت بالفرح :
_". أنا مبسوطه عشانكم ، وبالنسبه لجميله فـ البت دي شكلها بتحبه يا حازم!"
ضحكت عقب حديثها ، بينما إعتدل ينظر لها بتمعن وهو يفكر حتى هز رأسه يجيبها بهدوءٍ :
_" مش عارف يا ياسمين بس أنا حاسه ليها وهو اللي هيعوضها ، إنتِ مشوفتيش لمعة عينيه وهو كان بيفاتحني فالموضوع ولا حتى نبرة صوته إن كان وش لوش أو فالتليفون ، لما قالي أنا حاسس بحاجه نحية أختك كنت متدايق من جوايا اوي ، هو طبيعي حد يقول كده! ، بس لما كمل كلامه عرفت إنه مش حاسس لا ده واقع ، أنا فرحان بس ميمنعش إني غيران فنفس الوقت عشان دي جميله الصغيره ،حبيبة قلبي معاكي ومع عايده ، اللي كنت بشتالها على إيدي وأنا قاعد ببص ليها وأقولهم هي جميله أوي يقولولي أه ، ميعرفوش إني بقولهم فعلاً إن هي جميله وملامحها جميله وحتى كلها جميله "
ابتسمت له "ياسمين" بحبٍ ثم قالت تجيبه على حديثه المتأثر :
_" حقك يا حازومي تغير ، أنا نفسي بغير على نيروز من غسان اللي ظهر فجأه وبقا جوزها ده بس زيك بالظبط لما بفتكر إنه بيحيها وييخاف عليها ببقي مبسوطه ومطمنه ، وبعدين هي دي طبيعة الحياه بقا كل واحد يلاقي عوضه يا عوضي !"
ضحك بخفه على ٱخر حديثها حتى أنه قبل يديها بحبٍ ثم تحرك ليعتدل أكثر تزامناً مع كلماته :
_" طب شوفي يا عوضي هلبس إيه عشان نلحق ، على ما اطلع أشوفهم برا كده !"
نهضت هي الأخرى وهي تبتسم ثم وقفت أمامه قائله بهدوءٍ :
_" من قبل ما تقول خرجتلك لبس حلو زيك كده ، بس استني ألبس حاجه عليا واطلع معاك نشوفهم.."
إبتسم لها "حازم " بمرحٍ ثم أشار لها بوجهه قائلاً بمشاكسه :
_" الله ده انتِ بتتكسفي بقا ، مفيش حد برا غير أمي وأختي !"
قال حديثه وهو ينظر علي ملابسها فكانت ترتدي بنطال قصير مع ملابسها الفوقيه التي كانت تكشف عن كتفها وعنقها وذراعيها ، أومأت له بخجلٍ لا تريده بأن يظهر كما هو معتاد بينما أمسك كفها يسحبها خلفه حتى فتح الغرفه ثم خرج منها وهي بجانبه ، نظرت هي عليهما فوجدتهما يجلسان في صالة المنزل على المقعد الكبير وكل منهم تتحدث مع الأخرى ، خرج صوت"ياسمين". المشاكس لهما وهي تقول:
_" محتاجه أعرف بتتوشوشو فـ ايـه ؟ بتتفقوا على الواد من دلوقتي يا جبابره !!"
ضحك "حازم " وهو يجلس بجانب والدته بينما جلست "ياسمين " بجانب "جميله". مع صوت ضحكات " عايده" ، وإجابة "جميله " وهي تقول بمرحٍ :
_" والله ما حد جبروت غيرك !"
_" ما تتكلم يا حازم ، شوف يعم عمة عيالك بتقول إيـه ، شوفي يا حماتي!"
حرك "حازم" يديه ليضعها علي كتف والدته ثم هتف بنبره ضاحكه ليخرج من الأمر هو والدته :
_" والله إحنا ملناش دعوه ، إتصرفوا مع بعض إنتوا قرايب قبل ما تبقوا نسايب وحرابيق ، أنا قاعد جنب جدة العيال وشوفوا دنيتكم إنتم بقا .."
خرجت ضحكاتهن على حديثه في حين أيدته "عايده" فـ إقتربت "جميله " تحتضن "ياسمين " تزامناً مع قولها اللين :
_" مستحيل يبقي في شغل حرابيق يا جماعه ، أنا مبحبش حد قد ياسمين أختى ومرات أخويا كمان وأم حبايب عمتهم إن شاء الله .."
إبتسم "حازم " بسعاده بينما هتفت "عايده" بعاطفه أمومه كونها تعلم "ياسمين" جيداً من صغرها :
_" ربنا يسعدكم يحبايبي ويفرح قلبكم ، ويرزقك يا حازم بعيل كده بسرعه عشان عاوزه أبقى جده !"
إبتسم لها باتساعٍ ، ثم قال بثقه :
_" ومالو يا عايده من بكره يكون عندك حفيد هو نقدر نرفضلك طلب !"
ضحكوا بخفه في حين رددت "ياسمين" بنبره هادئه :
_" إن شاء الله لما ربنا يأذن ، وبعدين معرفش مالكم مستعجلين ليه كده ، إتقلوا تاخدو حاجه نضيفه "
_" هتحملي فـ طفل من مدينتي يعني ، انتِ بتقولي إيه !!"
تعالت صوت الضحكات على حديث "جميله " بينما نظرت لها الاخري باستنكارٍ من بين ضحكاتها ، ولم تمر سوى لحظات حتى قال "حازم" كي يحثهم على النهوض وبدأ التجهيز :
_" يلا بقا كل واحد يقوم يلبس ، وبالذات انتم عشان حواراتكم كتير!"
قالها وهو يشير علي زوجته وشقيقته ، بينما توجه بوجهه ناحية "عايده" ثم قال بمشاكسه :
_" لكن أنا وانتِ يا عايده ملناش فـ الحوارات !!"
ابتسمت هي في حين نهضت "جميله" لتتوجه ناحية غرفتها بينما نهضت "ياسمين" وهي تقول :
_" طب أنا هلبس عليا حاجه عشان أروح عند ماما ألبس لأن لبسي هناك ، هستناكم ."
أومأ لها الإثنان حتى تحركت من أمامهم ترتدي شئ حتى تخرج لشقة والدتها ، بينما إلتفتت "عايده" تنظر لـ "حازم " وهي تتحدث له بحديث نسائي لاق للوضع :
_" يعني مفيش حاجه فالسكه كده ؟! "
قهقه "حازم " عالياً ثم حرك رأسه بقلة حيله وهو يجيبها :
_" يا عايده إنتِ محسساني إن أنا متجوز من ٣٠ سنه !"
__________________________________________________
بعد مرور وقت ، وقف "عز" أمام المرٱه يعدل من مظهره بعدما إرتدي قميص من اللون الأبيض وبنطال من اللون الأسود والحذاء كان من نفس لون بنطاله ، ظهر بمظهر أنيق رغم إرهاقه ، بينما وففت "فرح" من خلفه بعدما عادت معه إلى المنزل لترتدي فستان هادئ من اللون الوردي ، رفعت يديها تمسح عبارتها بتأثرٌ ثم مدت كفها تديره إليها بهدوءٍ ثم قالت بسعاده متأثره :
_" إنتَ حلو كده ازاي يا عز، أنا مبسوطه عشانك أوي أوي بجد .."
رفع "عز" ذراعيه ليحتضنها بتأثرٍ ثم أجابها بنبره متأثره هو الأخر :
_" وأنا مبسوط يا فرح ، بس نفسي أفرح بيكِ إنتِ كمان بقا ولا إيه رايك !"
ضحكت بخفه حتى أنها علمت بأنه يهرب من كلماته المتأثره كي لا يتأثر ، ابتسمت له ثم هزت رأسها بالنفي وهي تقول :
_" كفايه أفرح أنا بيك واشوفك مبسوط دي عندي بالدنيا ، ولو عليا فـ لسه بدري يا عز عشان أنا قدامي دراسه وحاجات ، أه هعيد السنادي تاني غصب عنى عشان الظروف دي بس بعد كده عاوزه أنجح وأبقى قدام ولما أحس إني مستعده للخطوه مش هقولك لأ يعم ، بس أنا عاوزه أنجح فدراستي واتظبط فيها الأول وبعد كده ربنا يسهل "
إبتسم لها "عز" بحنوٍ ثم قال بتوضيحٍ يفسر لها كما يريد بأن يتركها علي راحتها:
_" مش معترض يا فرح بالعكس أنا معاكِ فـ أي حاجه تحتاجيبها ، بس فنفس الوقت عاوز أطمن عليكِ زي ما ماما عاوزه تطمن بردو ، طب ما أنا أهو وجميله زيك بس هي بتختلف من شخص للتاني عارف إنها حمل ومسئوليه بس زي ما هراعي ربنا فيها هختار واحد يراعى ربنا فيكِ ، أنا رفضت ناس كتير أوي بتجيلي وكل اللي بشوفه كويس بقوله إنك لسه بتدرسي بس مش عاوز أفضل أرفض ، عاوزك بردو تشوفي حياتك ، بس انتِ تفوقي بس وربنا هيسهل إن شاء الله.."
إبتسمت علي حديثه بـ راحه ثم وجدته يهز رأسه لها بأمانٍ، فتوجه هو يقبل قمة رأسها بهدوءٍ حتى أنها ردت له نفس الفعله ، وكل ما يجول بخاطرها بأن ترى شقيقها سعيد ، حتي أنها قررت منذ إختفاء التهديد لها بأن تتعايش مع الوضع وكأن شئ لم يكن ، وفكرة تخليها عن صديقتها باتت صعبه بل ستصبح زوجة أخيها وعندما تصل لهذه النقطه تنهر نفسها بعدم التفكير ثم تتجاهل الوضع بسبب إختفاء تهديد الٱخر وفقط ، نظرت على أثره بهدوءٍ عندما أشار لها بأن تأتي لتخرج من الغرفه ..، سارت خلفه بخطواتٍ هادئه ثم وجدته يفتح باب الشقه ثم إلتفت ينتظرها كي تخرج ، وما أن خرجت أغلق الباب وهو يهبط الدرجات البسيطه وهي خلفه ، ثم وضع يديه هو عندما وقف أمام المنزل من الخارج يطمئن علي هاتفه والأموال حيث سيمر هو ليجلب بعض الحلويات كنوعٍ من اللباقه ، وما أن رفع رأسه ينظر على الطريق. رٱه يقف من أمامه تزامناً مع شهقة "فرح" المصدومه ، طالعهما ذلك الواقف وهو يستند على سيارته ببرودٍ ، بينما لم يستوعب أي منهما من أين علم هو ولما جاء ؟ وبهذا الوقت!! ، إلى أن استوعب "عز" الٱمر هتف بنبره حاده يسأله :
_" خـيـرّ !"
لم يكن الواقف بمثل هذا البرود ويطالعه سوى "شريف" الذي جاء وراقب الوضع بعد علمه بسماع زغروطـه في عرفة والدته ، وتصنت من تصنت حتى علمت إحدي الممرضات بما في الوضع من والدة الٱخر ، إعتدل "شريف" يستند بأريحيه ثم قال :
_" حسيت إنك عريس ، مش تقول لأخوك بردو ؟!"
صُدم "عز" و"فرح" من كونه يعلم ، بينما علم "عز" بأن القادم لم يكن خير مادام الٱخر هنا !
_" قُصره ، جاي ليـه ؟"
قالها "عز" بنفاذ صبر ، في حين نظرت "فرح" بترقبٍ لما هو أتٍ ، فأجاب "شريف" يُعدل قوله :
_" جاي معاك ، وبالمره نعرف أخويا الصغير هيناسب مين !"
تكتفت حركته حتى أنه ليس لديه وقت للعراك، إبتلعت "فرح" ريقها بخوفٍ بينما وزع "شريف" نظراته بينهما إلى أن هتف من جديد بتهديد خفي :
_" دا أنا جاي ومأجر عربيه وعامل نظام ، ولا تحب نبدأ ضرب فـ بعض وبلاها بقا تروح تقرأ فاتحه ولا تخطب ولا مش عارف هتعمل إيه ، أنا جاهز فـ كل حاجه !"
صمتت "فرح" تنظر على ملامح وجه "عز" حتى قال بجمودٍ :
_" وأنا أضمنك منين تيجي متعملش حاجه ، وليه تيجي اصلاً ، إنتَ مش بتكرهنا ومبتحبناش !"
ورغم كونها حقيقه ولكنه يريد بأن يكسر عينيه بالذهاب معه بالغصب بينما لم يعلم هو بأي عائله سيناسب بل والعروس إبنة رجل ظالم لديه معه ماضٍ سئ !! ، القادم ليس خير إذن ؟! ، وجد الحيره في كونه سيرفض كي يدخل بعراكٍ أتٍ، يقبل وينتهي الأمر رغم عدم ثقته به؟! ، هز "عز " رأسه بخفوتٍ ثم أشار بعينيه لشقيقته كي تركب السياره ، بينما وقفت هي بخوفٍ فتقدم "شريف" ناحيتها ثم أمسك كفها يضغط عليه بقوه عكست قوله الهادئ :
_" إركبي !"
تحركت معه على الفور كي تدخل بينما هتف "عز" بتوعد قبل أن يركب :
_" وعزة جلالة الله لو حصل حاجه ما هسيبك ألا ما تكون ميت فـ ايدي !"
_"عيب يا ..خويا ، دا أنا حتى موجب معاك وجايب الجاتوه يعني وفرتلك وقت ومجهود وفلوس!"
ركب هو الٱخر بعدما ركبت شقيقته ، بل وتعمد عدم مراجعة نفسه بأنه اضطر للموافقه ، تحركت السياره على الفور وكل منهم يوجه النظرات للٱخر، ما بين خوف وترقب منها ، وما بين إنتصار وتحدي لفوز تهديده ، وما بين نظرة غضب دفين مع إنتظار لما هو قادم !! ..
________________________________________________
وقف ينظر على مظهره برواقه وبجانبه من الناحيتين "شادي" وشقيقه "بسام"، حتى أن "غسان" إرتدى كمثل ملابس شقيقه ، وضع من عطره بينما إنتشل من يديه بسرعه ليأخذه "بسام" وهو يقول:
_" يلا بسـرعه ، بسـرعه"
قالها لكي يخفي بأنه جاء من الأساس لوضع العطر من شقيقه ، نظر "غسان" له باستنكارٍ ثم إنتشل الزجاجه من يديه وهو يدفعه بيديه بعيداً كي يتطلع علي مظهره دون أن يجيبه ، كبت "بسام" ضحكته ، ثم إلتفت يفتح باب الغرفه ليخرج منه ، بينما وقف "شادي" يتحسس خصلات شعره ثم قال بمرحٍ :
_" هو مفيش أي أنثى فالحوار ، حد معاه كده ولا كده !"
_"معرفش!"
أردفها "غسان" وهو يضع مشط الرأس مكانه ثم إلتفت ينظر له بإستنكارٍ وهو يتحدث قائلاً :
_" وإرحم نفسك بقا شويه "
_" أه ما إنتَ خلاص لقيتها. اتجوزت ، هستنى منك إيه يعني ، الله يسهلك ياعم إنتَ وأبوك !!"
قالها بمرحٍ وهو يشير بيديه حتى أنه ذكر والد الٱخر بسبب نصائحه له بترك أمور اهتمامه بالفتياتِ وقبل أن يرد "غسان" وجد "حامد" يقف على أعتاب باب الغرفه ثم جاءهما نبرته وهو يقول :
_" ماله أبوه ياض !"
ضحك "شادي". ثم تحرك نحوه بمرحٍ وهو يقبل قمة رأسه مع قوله المرح له :
_" ماله أبوه ! أحسن ناس والله ، هو أنا قولت حاجه!"
إبتسم له"حامد " بحنوٍ ، بينما خرج وهو من خلفه حتى تبعهم "غسان" للخارج ، نظر على باب الشقه المفتوح والذي خرج منه والده ووالدته للتو ، مع صديقه ، ونظر على غرفة شقيقته فوجدها مغلقه والإضاءة موجوده بالداخل مما يعني بأنها تذاكر دروسها ، سار بخطواتٍ ثابته ثم أغلق إضاءة الصاله ، بينما ظهر "بسام" ينتظره حتى خرج وأغلق "غسان" الباب من خلفهما ، توجه الإثنان خطوتان إلي باب الشقه التي توجد بجانبهما ثم دخلا بها فوجد الجميع جالس بالصاله ، أما هي فكانت تقف ممكسه بهاتفها بجانب الباب وما أن انتبهت لهما توسعت بسمتها ، فابتسم "غسان" لها يغمز ثم مال ينحني يتحدث بجانب أذنها بعبثٍ :
_"مساء البسبوسه? can I have one bosa"
ضحكت بخفه ثم دفعته برفقٍ كي يجعل شقيقه يدخل بعد أن رأت ملامح الحرج عليه ، إبتسمت له بحبٍ ثم رفعت عينيها وهي تهبطها لتنظر له من أعلى لأسفل حتى ثبتت نظراتها على وجهه وهي تقول :
_" إيـه الأوتفيت الحلو ده !"
نظر لها "غسان" بغرورٍ ثم سار وهي بجانبه حتى جلسا علي مقعدين بجانب بعضهما تزامناً مع قوله :
_'' أحسن منك يعني؟!"
نظر هو على ملابسها من أعلى لأسفل ، فوجدها ترتدي فستاناً عادياً من اللون الأزرق الفاتح حتى كان ضيق من الأعلى ومفرود من أول منطقة الخصر ، إبتسمت بثقه ثم نظرت على نفسها بتمعن عندما هتف هو بهدوءٍ شديد يقول:
_" انتِ اللي حلوه فـ محلياه أوي ، وإبقي نزلي الطرحه شويه عشان حاسس إنك تخنتي وبقيتي بطل والفستان ضيق من فوق ! "
شهقت بقوه وهي تنظر على نفسها ثم تلسمت بدييها ذراعها وكتفها ، ثم هتفت هي تبرر بلهفه :
_" تخنت إزاي ، وعرفت ازاي ..هو إنتَ شوفته قبل كده عليا ؟"
هز رأسه بالإيجاب وهو ببتسم متذكر تلك المره وهي كانت ترتديه، نظر لها بحبٍ ونظرة عين لامعه تقسم لها بأنه لن يفوت أي تفصيله :
_" كنتِي لابساه أول مره شوفتك فيها لما جيت هنا ، لما جيتي مع مامتك وقدمتي العصير اللي سكره كان كتير ، كنتي حاطه إيديكِ فيه ولا ايه ؟"
شاكسها بحديثه ، فضحكت هي تجيبه بنفس طريقته:
_" ذاكرتك قويه يا بن البدري ، وبعدين كنت بتبص عليا ليه وأنا جايه عندكم ده احترام يعني ؟ لأ ومدقق أوي وعارف إن كنت خاسه ولا تخنت ، عارف لو عينك اتحركت علي حد كده ولا كده دلوقتي هخلعالك عشان انتَ مش سهل بالمره !"
ضحك "غسان" عالياً ، ثم حرك رأسه ببراءه مردداً بمرحٍ :
_"لا ما خلاص بقا ، من ساعة ما عيني وقعت عليكي وهي مش عاوزه تبص على حد تاني غيرك ، بس نزلي الطرحه وخليكي تخنانه أنا بحبك كده "
ابتسمت بقلة حيله ثم وجدته ينظر لها بصمتٍ وقبل أن تفعل ما تفعله واجهته بسؤالها التي تخافه في المستقبل :
_" بصراحه غيرتك دي قلقتني انتَ.."
وقبل أن تكمل حديثها استشعر هو ما تفكر به حتي هتف يوضح بابتسامه وحديث عقلاني :
_" مش متحكم فيكِ يا نيروز ، إلبسي براحتك اللي يناسبك ويناسب جسمك وكمان يناسب دينك ومن النحيه دي انتِ مش مأثره ، أنا معارضتش لبسك أنا بس بديكي رأي اللي طالع من غيرتي عليكي لحد يشوفك مثلاً بشعرك عارف إنك مطلعتيش البلكونه بيه قبل كده وانا موجود ممكن غصب عنك بس بقولك عشان تاني مره تاخدي بالك بس مش أكتر دا غير إنك تاخدي بالك عشان حرام ، و الفستان اللي ضيق من عند الكتاف ومن قدام ده أنا راجل وعارف الرجاله بتفكر وبتشوف وبتبص إزاي، وبعدين دا حلو أوي أوي عليكي علفكره بس إنه لفتني عشان ضيق شويه من فوق مش عاوزه يلفت غيري حتي لو غصب عنه ، كده كده أخزقهاله يعني مش حوار ، بس أنا مضربتكش وقولتلك قومي غيريه ، أنا بقولك براحه عادي وكمان بقولك حل زي الطرحه كده ، دا غير إن لبسك كله محترم ومفيهوش حاجه وأه أنا واخد بالي منه عشان قليل الأدب قبل ما تقولي بس أنا مبقولكيش لازم تلبسي خمار أو نقاب وبفرض عليكي ده ، واحد ومراته يستي وبنبها لحاجه بسيطه بمنتهي الهدوء ، وبعدين أعمل ايه راجل مصري شرقي غيور وعادي كلامي ده يعني بيحصل فكل علاقه انتِ اللي بتخافي أوي وتربطي كل حاجه بخوفك من اللي جاي ، لكن أنا مش متعصب ومش بتحكم ، أنا غسان وبحبك يا رزّه "
إبتسم باطمئنان ، بينما تفهمت هي ما قاله ثم هزت رأسها بابتسامه صافيه ولمعة عينيها تظهر له فقط ، طمأنها حديثه الواقعي حتى أنه يفهم ما تريد التحدث به قبل أن تخرج الكلمات ، نهضت تزامناً مع نهوضه عندما وجد "حازم" يقول :
_" العريس بيركن العربيه وطالع ، إفتحوا أوضه الصالون .."
رجعت "نيروز" تقف بالخلف مع النساء والفتيات ، بينما وقف "حامد" والشباب بجانب بعضهم بجانب باب الشقه ينتظران المصعد حتى يفتح ويخرج لهما من به !!..
خرج "عز" من المصعد بجانب شقيقه "شريف"والذي علم أنها عمارة "حسن" ولكن إلى الٱن لم يفهم شئ ، كان "شريف" يحمل الأكياس بيديه حتى دخل بعد "عز" وبجانبه "فرح" ، رحب به الشباب وهو يرحب بكل واحد منهم ببنما أشار هو للنساء بحرجٍ حتى وجهه "شادي" ناحية الغرفه الخاصه بالضيوف ، بينما أخذ "حازم" ما بيد "شريف" وهو يرحب به ، حتى قال "شريف" بنبره هادئه رغم فهمه الأن ما يدور بل وتوقف عقله عن التفكير ، شقيقه سيتزوج من العائله بل ولم يفهم هو تحديداً من هي الٱن هي التي يريد الوقع بها كمثل شقيقتها ؟!، وُضع بموقف لا يحسد عليه بتاتاً ، خرج صوته أخيراً يخفي ارتباكه ووجعه المخفي :
_" أخو عز الكبير "
_" أهلاً وسهلاً"
قالها "حامد" وهو يرحب به بعدما رحب به الٱول ، وما أن مد يديه لـ "غسان" الذي ما أن رٱه وقف ينظر بتعجب من رؤيته ، بل وبعد علمه الٱن بأنه شقيقه، مد يديه يصافحه بفتورٍ ثم قال باستنكارٍ :
_" إنتَ ..!! "
_" صغيره الدنيا أوي يا ..غسـان !! "
سحب "غسان" يديه من كف الأخر وهو يطالعه بتمعن ، بينما سار الٱخر مع "حازم " والٱخرين ، ورغم إستغراب "حازم " من وجوده إلا أنه توقع تصالحهم ، توجهت "فرح" حيث النساء والفتيات لتقف معهن ، بينما دخلت مع الفتيات ناحية غرفة "نيروز" والتي جلست بداخلها"جميله " بتوتر، أما بالخارج فوقف "غسان" يفكر فالوضع ، إلى أن تحركت قدميه نحو الداخل بهدوءٍ ليجلس معهم
أما غرفة "نيروز " فجلسن جميع الفتيات وحتى النساء بعدما توجهن لهن على الفور ، رحبت "فرح" بالجميع بحبورٍ ، بينما جلس الجميع ، فهتفت "ياسمين" بمرحٍ وهي تراقب الأجواء :
_" مالكم يا جماعه كده ، إيه يا جميله ما تفكي ، استنوا "
قالت ٱخر حديثها بانتظارٍ ثم فتحت هاتفها علي أغنيه حماسيه بهدوءٍ ، فخرج تصفيق البعض بهدوء وببهجه ، فأمسكت "فرح" يد "جميله " تتراقص معها بهدوءٍ ، فهتفت "نيروز" بصوتٍ مرتفع لها كي تسمع :
_" متتوتريش يا جميله ، أومال لو إتكتب كتابك علطول زيي كنتي هتعملي ايه ، فكي كده !"
ابتسمت "جميله " حتى أنها توقف عن الميلان بكتفها ثم توجهت تحتضنها يإحتواءٍ ، إبتسمن النساء بحبٍ ، حتى "عايده" التي فاض الحب والتأثر من عينيها ، لم تمر سوى نصف ساعه فقط من الرقص بين والدة العروس وغيرها وبعد صوتهما معاً بقراءة الفاتحه للرجال فالخارج والنساء فـ الداخل ، بينما وجدو هم صوت دقات على الباب دون النظر وهو يخفض رأسه كون وجود فتيات ، فظهرت له "ياسمين" ثم سمعته يقول :
_" خلي جميله تيجي يلا "
قالها "حازم" فخرجت "جميله " بعد أن أشارت لها "ياسمين" ، وقفت هي تنظر إلى شقيقها بارتباكٍ بينما ذهبت الآخرى المطبخ ، فنظر"حازم " لها باطمئنانٍ وهو يقول :
_" خليكِ عاديه يا جميله مالك خايفه ليه كده ، ادخلي واتكلمي معاه وإحنا هنخرج برا فالصاله بعد ما تسلمي عليه وعلى أخوه ، مامته مجتش عشان تعبانه شويه. وأنا اتقفت معاه علي شوية حاجات بسيطه كده أنا وعم حامد و الشباب وبكره هيجيب الدهب ونمشيها خطوبه كده على ما ربنا يسهل وتكونوا فهمتوا بعض "
ابتسمت له وهي تحاول أخذ أنفاسها ثم التفتت هي تنظر على "ياسمين" التي هتفت باسمها ثم قدمت لها صينيه العصائر ، إنتشلتها من بين يديها ثم سارت خلف شقيقها باتجاه الغرفه ، دخلت خلفه وهي تراه يقدم وجودها ، بينما دخلت هي بخجلٍ ثم قدمت لكل منهم الكوب ، إلى أن وصلت لـ "عز" الذي ظهرت سعادته إلى حد غير معقول ، بينما أخذها وهو ينظر بعينيها ، فهربت هي بأنظارها ثم قدمت لشقيقه ، الذي في صدمته الداخليه الي الأن ، معتقداً بأنه في بيت أكثر رجل يكرهه بل ويناسب ابنته !! ويشرب من منزله !! ، كبت غضبه وغيظه ما هي إلا معجزه ، تجرع كل منهم للعصير بينما أشار لها شقيقها بالجلوس بجانب "عز " مع وجود مسافه ، تسائل هو عن عدم وجود والدها بينما تجاهل الٱخر وكأنه لم يسمع ذلك ، سمعوا هم صوت بالخارج، حيث كان باب الشقه مفتوح ، دخل "سليم" رغم حديث "عايده" بأن لا يدخل ولكنه دخل بعد أن قال بعلوٍ :
_" إبــعدي !"
هذه الكلمة الذي سمعها من بالداخل توترت الأجواء ، بينهما و جلس كل منهم بمكانه كي لا يسوء الوضع ، ولكنه ظهر وهو يدخل ثم وزع نظراته عليهم جميعاً إلي أن وقعت عينياه عليه هو "شريف" ويا لصعوبه هذه اللحظه بالنسبه للإثنان !! ، وقف "شريف" ومن ثم وقف البقيه مع ترقب الأنظار بالخارج والداخل !! ، ارتباك ، توتر ، تشتت هذا ما كان به "سليم" الذي كان يعتقد بأنه سيفعل العكس ، لم يعلم هو بأن المناسبه ستقام بالفعل بل وبمنزل سُميه ، وعندما وجد الحركه والصوت خرج على الفور من شقة زوجته الثانيه ، لم تتحرك أنظار الجميع آلا عندما هتف "عز" بلباقه :
_" إذي حضرتك يا أستاذ سليم ، كنت لسه بسأل عليك !"
ما الحل إذن في هذه المعضله !! ، لم تتحرك أنظاره ناحية "عز" بل ثبتها علي ذلك الواقف يطالعه بكرهٍ ونظرة عين يحاول بها بأن لا يظهر وجعه ، لو يعلم بأنه إختار الذهاب إلي طريق وجع فؤاده لما ذهب في هذا الوقت الذي إعتقد به بأنه منتصر علي شقيقه وقد هزمه بكبريائه ، موقف ساذج بعد كونه مؤلم وبشده، حرب النظرات التي لم تكن سوي حرب من طرف واحد وهو "شريف" لم يفهمها أحد ، في حين وقف "حازم" بترقبٍ، ومن ثم "جميله" التي ارتبكت وسار الخوف بجسدها ورجفة يديها بشده ! ، عادت إليها أنفاسها عندما وجدت والدها قد فكر فالوضع حتى أنه هتف بتوتر برع هو بأخفائه :
_" أهلا بيكم ، منورين!"
خرجت الأنفاس بعد حبسها من الأتي ، بينما مد "سليم" يديه بالترتيب وكان أولهم "شريف"، انتظر "شريف" بضع لحظاتٍ وهو يحرك نظراته بينه وبين كفه ، وحتى لا يجعل الوضع محرج توجه"عز" سريعاً يمد يديه هو ليصافحه منعناً للإحراج ،. حيث إعتقد بأن شقيقه سيقصد فعلها ليضعه في وضع محرج، وقف الشباب يخرج منهم واحد تلو الأخر بهدوءٍ، حيث بقى "حازم"وعز" و"شريف" و"سليم" و"جميله "، جلس "سليم " في مواجهة "شريف" حينما جلس البقيه ، بينما تفهم "سليم" ما جرى جيداً حتى أنه هتف بنبره هادئه بها بعد الآستفزاز :
_" كده. تتفقوا على جواز بنتي وأنا مش موجود ، هو أنا مش أبوها بردو ؟"
كاد أن يتحدث كلاً من "عز،" و"حازم" ، بينما خرج صوت "شريف" أخيراً ليجيبه :
_" وأدينا إتفقنا ومش محتاجين حاجه غير إننا نسيب العرايس مع بعض شويه "
صمت ثم واصل مجدداً ينظر إليهم:
_" ولا إيـه !"
لم يعطيهم فرصه بل نهض ، وما أن نهض، نهض معه "حازم " ومن ثم قام "سليم" هو الٱخر ، أشار "شريف" لـ "سليم" وهو يبتسم بسمة زائفه مع قوله:
_" عايزك برا شويه يا سليم ..بيـه "
إبتلع "سليم" ريقه في حين حاول "عز" تهدئة الوضع حينما قال:
_" أستاذ سليم محامي يا شريف !"
قالها بسبب إستماعه للقب الذي هاتفه به الٱخر ، بينما رسم "شريف" على ملامح وجهه الدهشه وكأنه لأول مره يعلم !!
_"بجد ! ، يبقا نقوله يا متر ، شكله متر شاطر في شغله ومراعي ربنا ، ولا إيه يا متر!"
ضحك "عز" بخفه كما ضحك "حازم" بينما تحرك "شريف". ومن خلفه "سليم"، فأشار "حازم" لهم بأنه سيخرج ، وبالفعل خرج "حازم" إلى الخارج،
حتى وجد النساء في الغرفه ، و"بدر" يجلس بجانب عمه ، وبجابنهم بقية الشباب ، بينما سحب"سليم" "شريف" إلى الشرفه"، توجه "حازم" ليجلس مع "حامد" ومن تبعه
بينما في الشُرفه ، وقف الإثنان أمام بعضهما ، والنظرات المحتده من طرف ، والأخرى في انتظار الحديث ، وما أن وجد حرب نظراته ستستمر هتف ليسأله رغم إرتباكه من رجوع الماضي :
_" انتَ عاوز إيـه !"
أخذ "شريف" أنفاسـه ثم ثبت نظراته الكارهه على وجه الٱخر وهو يردد :
_" إفتكرتني ؟ ، فاكر الشاب الغلبان اللي بيعته وكان لا عارف ياخد حق ولا باطل ، فاكر اللي إنتَ والدنيا جم عليه ؟ أنا لو أطول أقتلك هنا هقتلك فمكانك ، بس عايزك تصبر عليا لحد ما تشوف الدنيا اللي جت عليا هتعمل فيك إيـه !"
كلماته التهديديه تهز من ثباته أمامه ، تنهد يخرج أنفاسـه ثم نبس بنبره هادئه مهتزه :
_" أنا مليش دعوه بحاجه ، إبعد وخد أخوك وإمشي أنا مش موافق على الجوازه دي "
_" حظك إني جيت وأنا مش عارف هو هيناسب بنت مين ، بس لما عرفت خلاص طلعتلي فرصه سهله من ألماظ مش دهب ! ، ولو محتاجني أمشي فـ همشي فعلاً بس لوحدي ، وأخويا هيكمل الجوازه ، أهو يسهل عليا كتير يا سليم "
نبرته الحاده المتوعده يجزم بأنها خرجت لـ تقوم بعكس ما يفعله وجعه من الداخل ، إنتبه على صوته الساخر مره أخره وهو يقول :
_" إنتَ ميتقالكش سليم ، ولا حتى متر ، عارف إنتَ يتقالك إيـه !؟"
يسأله ولم يعطيه فرصه للرد بل مال يهمس بجانب أذنه بسبه بذيئه ، تكاد تخرج انفعاله بعد إرتباكه ، تحرك بوجهه سريعاً وهو ينظر له بغضبٍ دفين ، فهز "شريف" رأسه بالتأكيد وهو يقول بتأيد :
_" أيوه مستغرب ليه ده اللي نندهلك بيه ...سلام يا ***"
فتح "سليم" أعينه على وسعها حتى أنه تحرك رغماً عنه عندما وجده يدفعه كي يخرج من الشرفه ، حتى خرج "شريف" بالفعل ، ثم وقف الرجال في الصاله ، فـ ودعهم هم بالترتيب تزامناً مع. قوله الهادئ الذي عكس ثوره ما بداخله:
_" معلش لازم أمشي عشان ورايا شغل ، وأهو عز موجود وفرح هتبقي ترجع معاه !"
إبتسم له "حامد". ومن ثم الشباب ، بينما وقف هو يودع بيديه ٱخر إثنان حيث وقف"غسان" بجانب "بسام " ، عندما دخل من باب الشقه وجدهما بعيدان عن بعضهما أما الٱن فلا يعلم هو أي منهما قد قابله من قبل ووجد به الشراسه التي خالفت توقعاته ، نظر له "غسان" بتسليه وإنتظار ، في حين وقف "بسام" يبتسم بلطفٍ ، فمد يديه يقتل تردده ولم يصافح بقوله غير يد "بسام " حتى قال له بنبره خبيثه :
_" تاني مره دي يا غسان ، أول مره كنت هايل !"
عقد "بسام" ما بين حاجبيه بينما لم يفهم حديثه سوى "شادي" و"بدر"، ولكن ، هتف "بسام" سريعاً بابتسامه وهو يوجهه :
_" شرفتنا ، وعالعموم هو غسان وأنا بسام !"
موضع محرج ، ولكنه حاول إخفاء الٱمر وتعامل معه وكأن شئ لم يحدث بل مد كفه يصافح "غسان" الذي طالعه باستهزاءٍ وغير راحه ، صافح الإثنان بعضهما ، حتى إنتهوا ومن ثم نظروا على ٱثره وهو يخرج من باب الشقه ثم أغلقه خلفه و"حازم" يقف ، جلس. الجميع مره أخرى وهذه المره خرجت النساء من الغرفه ، حتى وقفن بالصاله بإنتظارٍ بينما وقفت "فرح" بجانب "ياسمين"، ومن ثم توجهت "نيروز" لتجلس بجانب "غسان" وكذلك "ورده" بجانب زوجها ، نظر الجميع عليه وهو يخرج من. الشرفه وملامح وجهه المتهجمه تظهر ، فوقف "سليم" يهتف لولده أمام الجميع وحتى "فرح":
_" عاندتني وعملت اللي عاوزه ؟"
لم يقف أي منهم له عُلم من كل منهم بأنه رجل لا يستحق له التقدير فصمت. الجميع، ونبس "حازم" يجيبه وهو جالس :
_" أه ، وربنا يسهل "
هز "سليم" رأسه باستهزاءٍ وقد علم الأن بأنه لم يوجد أحد من أبنائه مازال تحت طوعه هو ، سمع هو صوت دقات الباب ، فالتفت يفتحه حتى وجد "زينات" التي كانت مستغرقه فالنوم بسبب ألم جسدها ولكنها علمت ما فُعل بسبب ما قاله "سليم" لها ، دخلت تفف بجانبه وهي تنظر لهم بحده، بينما طالعها كل من جلس ببرودٍ ، فهتف "سليم" بنبره خائبه يجيبه:
_"إنتَ مش فاهم أي حاجه !"
_" مش مهم ؛ الأهم إن كله هيشوف حياته ودنيته مش هتقف إن شاء الله على بيت المحامي سليم الأكرمي "
قال "حازم " حديثه يجديه شديده لم يكن بها سخريه ، نبرته صريحه بقوله ، هز "سليم" رأسه وهو يحركها عليهم جميعاً وما أن وجد "غسان" يسند ذراعه على كتف "نيروز" الملتصقه به نظر لهم باستنكارٍ وهو يثبت نظراته عليهم هو الٱخر حتى لاحظ الجميع محط أنظاره ، لم يتركه "غسان" يتمادى في طرح النظرات بل هتف بتبجحٍ غير عابئ بوجود من منه :
_" بص على قدك "
كبتت "ياسمين" ضحكتها حتى نظرت لها "فرح " بتعجبٍ، تعلم أن والد صديقتها ليس هين ، ولكن وضع كمثل هذا الوضع لا يفترض بأن تكون ضحكات ! ، نظر له "سليم" بغيظٍ ثم إلتفت ليخرج من باب المنزل بينما هتفت "زينات" بكرهٍ :
_" عيله مشافتش ربايه، ربنا ياخدكم كلكم "
قالتها بحقدٍ حتى أن الأنظار توجهت لها بذهولٍ من دعوتها فهتفت "ياسمين ". نجيبها باستفزازٍ :
_" هي فعلاً عيله مشافتش ربايه من زمان حتى إنتِ منها متنسيش ده ، ومش هقولك بقا إحنا طلعنا قليلين التربيه ليه.. أكيد عشان تلاقي حد يرد عليكِ زي الوقتي كده ! "
أشار لها "غسان" بيديه بالإعجاب حتى. أكمل بقية الرد وهو يقول :
_" وبالنسبه بقا الله ياخدكم كلكم ، فأول حد يستاهل يطير من هنا هو إنتِ ، برا يا أم الناقص من غير مطرود ، إنتِ والمـتر !"
سحبها"سليم" قبل أن تكمل ثم خرج وأغلق الباب خلفه ، لم تكن سوى ضحكات من الجميع رغم غرابة الموقف على "فرح" وألم "حازم " من الداخل وحتى عدم إعجاب بما حدث من ناحية "حامد" ولكن لا يتطلب الأمر معهم سوى ذلك فقد أُستخدم معهما كل الطرق اللبقه في البدايه ولكن بلا فائده.
نظر "غسان" عليها وهي تجلس بجانبه ساكنه لم تتحدث حتى أنه لم يستطع إستشعار خوفها التي تظهره ، أشار بيديه أمام وجهها الشارد وهو يقول :
_" سرحان فيا وفـ غرامك بيا ولا إيـه ؟"
خرجت "نيروز" من شرودها وهي تبتسم له باتساعٍ ثم هزت رأسها له بالايجاب ، فتحدث هو وهو يعتدل ثم قال بإقتراحٍ :
_" طب إيه ، حاسه نفسك أحسن؟! "
_" الحمد لله كويسه"
أمسك "غسان" كفها وهو ينهض تزامناً مع قوله لها :
_"طب يلا ننزل نتمشى !"
نهضت "نيروز" معه دون نقاش ، فقد عارضت أمس مرتان ، ابتسمت له وهي تهز رأسها ثم مدت يديها تهبط من حجابها علي كتفيها دون أن يتحدث هو ، فابتسم لها باتساعٍ ثم التفت يتحدث كي يعلمهم بأنه سيهبط لأسفل قليلاً معها !!
أما في الداخل فكان الإثنان يطالعا بعضهما بمشاعر مختلطه ، حتى أن"عز" المرتبك من نظراتها لا يعلم هو وصف شعوره الٱن ، ابتسم بهدوءٍ ثم هتف بما بقلبه وهو يقول :
_" إرفعي عينك يا جميله ، أنا مبسوط اوي ونفسي تكوني مبسوطه زيي"
رفعت "جميله" أنظارها المبتسمه بخجلٍ تطالعه بهدوء ثم قالت هي الأخرى :
_" أنا كمان مبسوطه يا عز "
توسعت بسمته ، حتى أنه أشار لها بحماسٍ تزامناً مع قوله :
_" عارف إنك قرأتي الفاتحه جوه مع الستات ، وإحنا قرأناها هنا ، بس ٱنا عاوزنا نقرأها تاني مع بعض "
نظرت له "جميله " بسعاده ثم رفعت يديها بحماسٍ لم يظهر له إلا قليل حينما بدأت بالفعل في قراءة سورة الفاتحه كما فعل هو ، وبعدما إنتهي الإثنان ، تحركت عينيه ناحية عينيها ثم نظر بها بقوه وهو يعترف بنبره صادقه :
_" أوعدك يا جميله إني مش هزعلك فـ يوم وهحاول أعمل ده رغم إن الحياه مبتمشيش من غير مشاكل ، بس هراعي ربنا فيكِ وهعملك كل اللي إنتِ عايزاه ، لحد ما أشوفك أسعد واحده ، وهحاول أعمل على ده ، وهفضل جنبك لحد ما تخلصي مشوارك وعمري ما هقف فطريقك ولا هشوف نفسي عليكي ، أنا لما قولتلك إني حاسس بحاجه من نحيتك مفكرتش أقولها بالصراحه ألا لحد ما أخش البيت من الباب ويكون بينا حاجه رسمي ، بس دلوقتي حتى لو مينفعش أوي أقولها بس هقولهالك ومش مستني منك الجواب غير لما تحسي بيها فعلاً .."
أنصتت "جميله " بتمعن حتى أنها نظرت له بتأثرٍ ، فواصل هو يكمل بنبره لينه صادقه وإعترافه لا يفارق عينيها:
_" أنا بحبـك يا جميله "
إرتجفت يديها بطريقه غير ملحوظه ، ثم ابتسمت له بتأثرٍ ، وهي تجيب على حديثه الأول :
_" وأنا أوعدك إني هبقي متفهمه معاكّ وربنا يبارك لنا في اللي جاي ويتم علينا بخير ، ومش بطلب منك غير إنك تكون فاهمني وهادي معايا ، وإنك متبخلش عليا إنك تظهر حنيتك عشان أنا عيشت محرومه منها ، وعايزه أقولك عشان أقتل حيرتك إن زي ما أنتَ شوفت بابا مش موافقني علي أي حاجه ، فعشان كده لو حصل حاجه منه حاول تقدر وتفكر فيا مش فاللي هيقوله ليك أو اللي بيعمله !"
ورغم جرأة ما قالته إلا أنها تريد الصراحه من البدايه ، روغم دهشته إلا أنه أُعجب بصراحتها حتى هتف بنبره هادئه مبتسمه :
_"وأنا جنبك يا جميله وهسمع كل اللي جواكِي واللي عايزه تقوليه حتى لو هيخرج واحده واحده ، أنا صابر ومش همل ، وربنا يقدرني وأعوضك عن كل اللي كنتي محتجاه وملقتهوش"
إبتسمت له بهدوءٍ وهي تشعر بالراحه فقط من فكرة علاقتهما ، تنهد يخرج أنفاسه وهو ينظر إليها بتمعن بينما يحاول هو جاهداً فتح أي حديث !!
جلست "عايده" ومجازياً مازلت تضع يديها على قلبها بالخوف ، جلس "حازم" يهدهدها بحنوٍ بينما نهض "حامد" يشير لزوجته بأن يرحل كل منهم إلى شقته ، حيث أخذ كل منهم قطعة من الجاتوه تعبيراً عن الفرحه ، نهض "بسام" يأخذ "شادي". إلى الخارج والذي أخذ "يامن" معه ليشاكسه ، بينما جلس "بدر" بجانب "حازم" ومن الناحية الأخرى توجد بحانبه "ورده" و"ياسمين" تجلس بجانب "فرح" تتحدث معها ، وجلست"سُميه" بهدوء، بينما خرجت "دلال" مع زوجها لشقتها كما خرج الإثنان من قبلهما ، نهضت "ورده" تدخل للعروسين صينيه من الطعام الحلو كنوعٍ من الذوق العام ، بينما أشارت "عايده" لـ "فرح" بابتسامه كي تأتي لتجلس بجانبها بلطفٍ ، فتحرك "حازم" يجلس بجانب "ياسمين" ومن الناحيه الأخرى جلس "بدر" بهدوءٍ يبتسم لـ "سميه" التي ظهر على ملامح وجهها الإنهاك ..!!
________________________________________________
«وأجمل منك لم تر قط عيني وأطيب منك لم تلد النساء
خلقت مبرءا من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
قمر سيدنا النبي قمر وجميل سيدنا النبي وجميل
وكف المصطفي كالورد نادي وعطرها يبقي إذا مست أيادي وعم نوالها كل العبادى
حبيب الله يا خير البرايا
قمر سيدنا النبي قمر وجميل سيدنا النبي وجميل
ولا ظل له بل كان نورا تنال الشمس منه والبدور
ولم يكن الهدي لولا ظهوره وكل الكون أنار بنور طه
قمر سيدنا النبي قمر وجميل سيدنا النبي وجميل.»
خرجت الكلمات من إحدي العربات علي كورنيش البحر ، بينما كان يجلس هو بجانبها على أحدى الإستراحات والتي كانت بالقرب من المبني ، ليست حد البُعد الكبير ، رفعت الحلوى إلى فمها بتلذذ ثم نظرت له قائله يإعجابٍ :
_" طعمها تحفه أوي يا غُس !"
أردفت "نيروز" حديثها بتلقائيه، وهي تطالعه ، في حين نظر لها "غسان" ضاحكاً من هتفها بإسمه بتلك الطريقه الذي لأول مره يحبذ دلعه بذلك اللقب منذ أن هاتفته به هي ، رفع ما بيديه يطعمها حيث كان كل منهم يتذوق ٱخر مختلف ، هزت رأسها بإعجابٍ ، ثم لاحظت هي صمته مع بسمته فقط ، نظرت له باستغرابٍ ثم قالت :
_" طالما مش بتنكش ولا قليل الأدب كده يبقي مش مطمنالك !!"
كبت "غسان" ضحكته ثم هز رأسه بثقه يجيبها بهدوءٍ ظهر به نبرته الخبيثه :
_" والله قلة الأدب حاضره ، بس عشان الناس بس ، ودا عشانك لكن أنا ميهمنيش الناس ، يهمني إنتَ وبس يا جميل !"
هزت رأسها بتأييد عندما وجدت عبثه يعود ثم قالت بمرحٍ :
_" ايوه كده إنت غسان البدري ، كده عال أوي !"
لم يستطع منع نفسه من خروج ضحكاته إسلوبها وطريقتها بالحديث مثله تماماً ، بل أصبحت النسخه المصغره منه هو شخصياً ، لحظاتٍ من الصمت وكل منهم ينظر للٱخر وسط إنشغال الأجواء وتذوق ما بيديهما ، ولكنها إنتبهت وهي تحرك رأسها بإنتظار مُستفهم حينما ناداها هو بقوله :
_" نيــروز !!"
همهمت تجيبه هي براحه وهي تحرك أنظارها علي ملامح وجهه المبتسم ، بينما إبتسم هو بحنوٍ يسألها بترقبٍ :
_" كنت عاوز أطمن عليكِ وعلى موضوع الدكتور النفسي ، لسه بتروحيله ؟!"
توقفت عن مضع ما بفمها ثم رفعت أنظارها تطالعه بصمتٍ مع ابتسامتها الهادئه ، قد تفهمت ما يود قوله بل وما يشعر به هو تجاهها حتى جهله بذلك الموضوع يشتته بالخوف عليها ، إبتلعت ريقها ثم أخرجت أنفاسها تجيبه بهدوءٍ وهي تنظر على وجهه المترقب والمهتم بالإنتظار للإستماع :
_" معنديش معاد محدد بروح ليـه ، يعني مليش جلسات معينه ولما حسيت إني أحسن شويه بطلت اروحله من فتره ، بس لما رجعت تاني رجعت لما حسيت إن الدنيا مضيقه عليا ومحدش كان فاهمني ساعتها ، مخصصنيش ولا حسسني بإني مريضه نفسيه يمكن كنت الأول بس دلوقتي لأ ، من ساعة ما ظهرت فحياتي وأنا مفكرتش أروحله ، بس لما بحس إني متلخبطه بروح أخرج كل اللي جوايا ، يمكن عشان حسيت إنه المكان اللي حد فاهمني فيه ، بس لما لقيتك ولقيت حضنك وكلامك محتاجتش أرجعله تاني عشان تايهه،بالعكس أنا فهمت أنا إيه وفين فـ وجودك !"
نظر لها "غسان " بهدوءٍ ، حتى أنه تأثر من حديثها وبقوه ، رفع كفه يمسك كفها ثم ردد بنبره عميقه خرجت من قلبه النابع بحبها :
_" وأنا فـ وجودك لقيت غسان تاني حلو كان مستخبي جوايا ، وأنا مش بسألك عشان مفكرك تعبانه ، بالعكس أنا جنبك وبشجعك لو محتاجه تنتظمي معاه أكتر ، وأنا بقولك حتى لو مش عاوزه تفتكري ده بس بقولك إن عمري ما شوفتك مجنونه ولا هشوفك كده أبداً ، ..طب وربنا أنا اللي مجنون بيكِ !!"
إبتسمت باتساعٍ على ٱخر حديثه حتى أنها تشبتت بيديه ، بينما إنتبهها هما. للصبي الذي وقف بعلبه كبيره من الخواتم والسوار ، إبتسمت هي له بحنوٍ كونه صغير ، بينما أشار لها "غسان" بأن تختار ، مدت يديها بحماسٍ تبحث عن سوار عليها حروف إسمه ، حتى إستغرقت وقت ، بينما هتف "غسان" يسألها بإهتمامٍ :
_" بتدوري علي إيه ؟"
_"إسمك وإسمي !"
قالتها وهي منشغله في البحث بينما هتف الصبي يقول بهدوء إمتزج بابتسامته الصغيره :
_" طب قولو أسمائكم إيـه !"
إبتسم "غسان" له ثم قال له بنبره هادئه يمزح معه:
_" غسان يا صاحبي ، يارب تلاقيه؟"
ضحك الصبي من طريقته العفويه ، ثم هز رأسه بأسفٍ وهو يقول :
_" الإسم ده قليل أوي والله مش معايا بس قول إسمها يمكن يكون معايا "
هز "غسان" رأسه بخيبه أمل ثم نظر لها قائلاً بمرحٍ :
_" حامد ملقاش ألا إسم أبوه يسميني بيه ، مش مسامحهم والله!!"
ضحكت هي بخفه ثم نظرت للصبى تزامناً مع قولها :
_" طب في نيروز!"
هز الصبي رأسه ثم مد يديه يلتقت السوار السوداء الذي كان بها حروف إسمها متفرقه عن بعضها باللغه الانجليزيه ، أخذتها هي بحماسٍ ثم رفعت يد "غسان" لتجعله يرتديها ، فابتسم هو عليها ثم قال بتشجيعٍ :
_" طب هختارلك أنا خاتم بقا ، مش هسيب إيدك التانيه فاضيه"
قالها بمرحٍ ليشاكسها ثم تطلع على معصممه بإعجابٍ حتى رفعه أمام فمه يقبله بمشاكسه ، وكزته هي بخجلٍ حيث كان يقف الصبي ، فابتسم يمد يديه يخرج لها خاتم على شكل فراشة صغيره ثم أمسك يديها يضعه بإصبعها بهدوءٍ وهو يبتسم ، إبتسمت له هي باتساعٍ، بينما نظرت على شكله مطولاً تزامناً معه وهو يخرج الأموال ليعطيها للصبى حتى رحل من أمامهما ، أشياء بسيطه كافيه لتوسع إبتسامتها ، بالأساس ليس خاتم من يجعلها سعيده ، بل وجوده بجانبها جوارها يجعلها أشد سعاده !، أخرج هاتفه كالعاده ثم أشار لها بأن توثق اللحظه ، أخذته منه ثم وضعت كفها بكفه ومن ثم تشبكت أصابعهما ببعضهما حتى إلتقطتت الصوره بسعاده، غمز لها بإعجابٍ ثم أخرجت هي هاتفها تصور نفسها من الكاميرا الأمامية وهو بجانبها ، صور للتذكارِ ، وما أجمل بأن تكون الذكرى هو بالنسبه لها ، وهىَ بالنسبه له هو ..!!
_________________________________________
الحقيقه موجعه للغايه ، فكرة تفاجئه وكبت كل ما يشعر به ما أن رأى رجل ظالم لا يريده بأن يحظى بـحياه عاديه ، بل الموت له ولأولاده هو كل ما يريده ، هذا الذي عاش المُر أضعاف مضعفه لكل من عاش المُر فقط ، نزلت دموعه وهو يقف أسفل البنايـه بعد أن عاد بالسياره لمكان ما كان يستأجرها ، وقبل أن يصعد الطابق على السُلم وقف يهدأ من كل ما يشعر به ، كل ذلك الوقت غير كافياً بأن يهدأ ، إرتباط شقيقه بمن يريد الإيقاع بها هي الأخرى بعد أن أوقع شقيقتها ، بداخله بركان إن خرج سيدمر من أمامه ، بل وسيحرقه حياً ، مسح بيديه وجهه ما تبقى من دموعه القاسيه ، صعد السُلم بهدوءٍ مُميت ود لو يصعد ويكسر هو كل درجه إن كان هذا كفيلا. لإختفاء وجعه من الداخل ، مد يديه يخرج المفتاح بخواءٍ حتى أن فكرة تفاجئه بالشئ باتت معدومه بعد الأن ، لم ولن يتراجع عن فكرة انتقامه ، أغلق الباب من خلفه بقوه خرجت دون وعى منه ، ثم نظر على الشقه التي ظهرت ساكنه وبشده ، توجه ليسير ناحية غرفته بينما خرجت هي من غرفتها تقف بلهفه ثم نظرت له قائله:
_" إنتَ جيت يا شريف ، إتأخرت ليه ؟"
وجدته يقف ينظر لها بصمتٍ حتى إنها لم تعطه فرصه للرد بل سألته مره أخرى باستفسارٍ :
_"..ممكن تقولي بقالي كام يوم مش عارفه أشوفك ليه ؟"..
طرحها للأسأله خلف بعضها تنفذ من صبره عليها الذي يتحمله هو ، تعمد تجاهلها وهو يتوجه ليدخل الغرفه بينما لم تتركه "فريده" بل دخلت خلفه وهي تهتف مجدداً :
_" مش بترد عليا ليه ؟ ممكن أفهم مالك .. بقالك كام يوم مش مظبوط وياتيجي بعد ما أنام ، يا تمشي قبل ما أصحى من ساعة ٱخر مره لما كُنت .."
بتر هو كلماتها وهو يلتفت ينظر لها بحزمٍ ثم ردد بحده شديده ظهرت في نبرته :
_" إســكـتي!"
حركت "فريده" رأسها باستنكارٍ ثم وقفت تطالعه بإستغرابٍ وهي تهز رأسها بالنفي من ما تراه غريب به :
_" مش هسكت يا شريف ، إنتَ بتهرب مني ليه ؟ وبتتعمد متقعدش معايا ولما أكلمك بترد علي قد الكلمه ، أنا مستاهلش منك ده ، أنا بيعت أهلي عشانك ، عشان أقعد معاك وإختارتك إنتَ ، ليه بتعمل كده..!! "
توجه نحوها يقف أمامها بخطواتٍ ثابته ثم حرك رأسه قبل أن يخرج انفعاله بنبرته :
_" قولتلك إسكــتي !"
قالها وعقله مغيب عن ما قالته كلما ينظر لها يتذكر والدها وما فعله به ،خرج صوتها المرتفع وهي تتحرك من أمامه بإنفعالٍ:
_" لا مش هسكت ، أنا مش كل شويه هقعد أقولك إني بحبك وإني بيعت الدنيا عشانك ، شويه بتتهرب مني ومن الكلام معايا ، وشويه تيجي تقولي كلام غريب ميتوافقش مع اللي إنتَ فيه ، قولتلك إحكيلي مالك حتى لما قولتلك إتكلم عن عيلتك إتكلمت باختصار واللي المفروض أكون فاهمه وعارفه عنها كل حاجه بإعتبار إني المفروض مراتك ، هسمعك والله أسمعك عادي بس متسيبنيش حيرانه فيك وفي اللي بيجرالك وأنا واقفه مش عارفه.أعمـ..."
توجه "شريف" بخطواتٍ مُنفعله يمسك معصمها بقوه وهو يقطع حديثها قائلاً بصراخه المرتفع :
_" قولـــتـــلك بــس ، إخــــرســي !"
نظرت على إنفعاله بل وهو الأن بكامل قواه العقليه ليس كالمره السابقه ، أمسك معصمها بقوه وهو يسحبها خلفه ثم دفعها على الفراش تجلس من أمامه حتى هتف بنبره صارخه وكأن فاض به الكيل بعد الٱن :
_" عــــــاوزه تـــعـــرفي إيـــــه عنــــي ، أبــــويا اللــي بـــاعني ولا أختـــي اللــي إغتصــــبوهــــا !"
ٱن ٱوان ظهور الحقيقه ، حتى تخرج منه بذلك الوجع !! ، نبرته الصارخه تقسم بأن الوجع لم يعرف طريق إلا له هو وحده! ، وقف ينظر لها بشررٍ وقد وضع ستار على عقله وما يردفه ، وحتى أنفاسه التي تعلو وتهبط ، رؤيته لوالدها اليوم لن تمر مرور طبيعي إذن ؟! ، طالعته بذهولٍ ثم تحركت أنظارها بألمٍ وتشتت من عدم إستيعابها لما قاله ، لحظات من الصمت قطعته هي وهي تنظر لعينيه التي بدت لها حاده وبقوه ثم قالت بتعلثمٍ وهي تمسك معصمها بوجعٍ :
_" إغـتصبـ ـوها !"
هز رأسه يؤكد بهيستيريه حتى أن قوقعة ألمه قد إمتلئت بشده وقد قرر هو بأن يخرج ما بها وما به هو ، صرخ يؤكد لها بقوله المُوجع مره أخرى :
_" إغتـــصـــبــوها ، بـس ليـــه ؟ ها ؟ قوليـــلـــي إنــتِ ليــــه ! "
قالها "شريف" بصراخٍ وهو يهزها بيديه بقوه ، بينما تطالعه هي بدهشه وعدم علم لما يُقال ، أكمل بصراخه الموجع يسترتسل بـكلماته مره أخرى :
_" قــــولــيلي ليــه ، عَـــمَـــلِت إيـــه للدنيــا عشان تعمـــل فيــهــا كده ، تلاتــه يطــلعـــوا عليـــها ياخــدوها ويغتــصبـــوها ويموتوها بالبطئ ، ليه تعيش فـ قهر وظلم وهي كــان كُـل اللي عاوزاه الراحــه ، عاشــت طول عمرها جنب الحيــط بس الدنيا مبـتسيــبش حــد فحاله ، جت عليها وعليا !!"
نغزات بقلبها أتت من حديثه بل وتوصف بالطعنات عندما وجدت الوجع والدموع على وجهه وحتى بحديثه ، نهضت "فريده". وكأن عقلها لم يرى سوى مواساته بهذا الوقت عندما وجدته يقف يخرج أنفاسه بعلوٍ ، رفعت يديها تحتضنه بمواساه دون أن تتحدث بكلمه ، بينما دفعها هو بعيداً عنه بقوه بكلتا ذراعيه حتى دُفعت على الفراش بقوه ثم تسطحت عليه بجسدها رغماً عنها تزامناً مع قوله الصارخ وبشده وأحباله الصوتيه تتمسك ببعضها كي لا تتمزق :
_" إبـــعــــدي عنــــي ، متقـــربيـــش مني تانـــي ، أنا قرفـــان منـك ومـــن اللي جابــــك !!"
اعتدلت بألمٍ وهي تنظر له بصدمه تشل من حركتها بل وعجزت هي عن هبوط الدموع منها علي ما يردفه ، وكأنها طُعنت بسكين حاده قبل أن تُطعن بقلبها ، نظرت له بصدمه شديده ظهرت بكل تفصيله عندما صرخ هو من جديد ووجعه وشره يمتزجان معاً :
_" بكــــره أبوكي ، ولو وصـــل بيــا الحـال أقتـــله هعمـــلها ، بــس أنا إختارت طريـــقه أحســـن ، طريقه تقتله وتقتلك وإنتوا لسه حيين !"
تبدلت ملامحها للرهبه ثم رفعت أنظارها الخائفه تطالع عينيه التي لم تهبط من على تفاصيل جسدها ، حاولت أن تتحرك عندما استشعرت ما يفكر به دون أن تعلم السبب إلى الٱن ، فـ نظراته كانت كافيه لشرح الوضـع ، نهضت بســرعه فائقه ، ثم رفعت ذراعيها تدفعه عنها ، فأمسك يديها هو بقوه ثم ضربها على وجهها يصفعها وهو يمسك خُصلات شعرها ليدفعها ناحية الفراش مره أخرى ، ثم إلتفت ناحية باب الغرفه يغلقه بالمفتاح من الداخل كي لا تخرج أو تهرب ثم أخرج المفتاح بقوه وهو يدخله داخل جيب بنطاله ، ثم سار بخطواتٍ ســريعه ينظر لها بشرر ، كتف حركتها بيديه بقوه وهي تحاول التملص أو مسك أي شئ لتضربه بينما نظر هو لها بشررٍ وهو يمسكها بقوه ثم هتف بنبره مرتفعه يوضح أكثر بصراخه :
_" عـــاوزه تهــربي ؟، طب وحـــقي ! ، حقــي اللي أبوكي ضيعه ، ضــيعه بنفس بــارد لما وكلته يمسك قضــية أختى اللي كانــت مضمونــه قصـــادهم !، أبوكي اللــي إشتـــروه يخــفي كل حاجه ، أبوكي اللي نيمـــني وأنا مش فاهــم حاجــه ، أبوكــي اللي زور كذبهم وقذارتهم وخلاه سَــليم، اللي هما إشتـــروه عشـــان يقول ويظهــر بأن أختــي هي اللي عمـــلت كده بمزاجـــها ، خرجـــهم من السجـــن وهما ميستاهلوش غير الموت جواه ، خــرجهم وإتحكـــم علي أختـــي إنها تدخل السجن بعد ما ظهــرت إن هي اللي عملت كده بمزاجها ، أقـــولك أختى شافت إيه جوه بسبب أبوكي ؟ أقولك أنا كنت بموت كام مره فاليوم أنا وأمــي!"
أخر حديثه كانت دموعهما الإثنان تنهمر ولا يُعرف لها طريق معين، حتى أن صراخها بالخوف أن يتركها كانت لا تعني له بشئ وهو يكتف قدميها بساقه وزراعيها بيديه ، هتف يكمل من بين دموعه مره أخرى :
_" مـــش هتعرفـي عشــان إنتِ مجربتيــش ، ليــه أبوكي يعمل فينا كده ، وهو اللي كان مشهور ساعتها والكل بيحلف بيـه وبشطارته !، أتــاري الظاهر غير الباطن ، بس كان شاطــر أوي لما نيمني وغفلـني ولعبها معاهم صح ، ورماها فالسجــن بتموت هناك بالبطئ ، وأنا برا مش عارف أعمل إيه ولا إيه ، فكرة أخد الحق راحت وإتبخرت بسببه هو وبسبب اللي عمله ، معتش نافع معاها لا محاميين ولا غيره ، كل جلســه كان بيخيب أملي عن اللي قبلها واللـي بعــدها ، كل جلسـه أمي كانت تتعب من غير سبب وتعبها ملوش تحديد ، رماها جوه فالسجن بدم بارد ، كــل اللي يسوى وميسواش كان بيتكلم عليها ، محدش سابـها فـ حالها لا وهي حيه ولا هي ميته !"
إردافه لحديث أُغلقت عليه الأبواب منذ سنوات يقهره ،وهو يفتح أبواب الوجع التي لم ولن تُغلق لديه ، نظر لها بصمتٍ بارد مُميت وهي تحاول التملص من بين يديه ، حتى أن ما ترتديه كشف عن جسدها بسبب حركتها ، نظر لها بخواءٍ وقد دقت طبول التنفيذ بداخله وقبل أن يفعل ما يود فعله منذ أن وقع بها نبس هو يكمل ما بدأه :
_" عارفــه ؟ خـرجـــت تـــاني ، قعدت فتره وخرجـت ،خرجت فاقده كل حاجـه كانت جواها قبل ما تدخل ، كل حاجه فيها قتلوها هما وجه أبوكي وكمل عليها ، بعد ما شافت عذاب جوه وضرب واهانه وذل ، خرجت ، بس شافت برا اللي صعب أي حد يشوفه ، نظرات الناس ليها كانت وكأنها ماشيه عريانه ، بلد وكل اللي فيها قاعد يجيب فسيرتها ، وأنا مكنتش ملاحق عليها ولا على مرض أمي اللي متوصفش هو إيه غير إن حزنها وقهرها بيرجعها لورا وبس، الناس كانت بتشتمـها فالرايحه والجايه بأفظع الشتايم اللي ممكن تتشتم ، على قد ما استحملت جوه مع ناس ظالمه وناس مظلومه بس مستحملتش برا كل الأهانه والذل اللي كان بيوصلها من النظرات بس قبل الكلام .."
إمساكه لها لم يمنع شروده حينما أكمل بتذكره لما حدث وكأنه يحفظه عن ظهر قلب ، بل ولم يُنسي ، محفور بذاكرته بأداة حاده وبشده !
_" فــ يوم جت وخدت حباية غله موتت نفسها من كلام الناس عليها ومن كل اللي حصل ليها من ساعة ما إتولدت لحد يوم ما إنتحرت !، كنت أنا ميت من قبلها وأنا مش ملاحق أجيبلها حقها من مين ولا مين ، ولما ماتت مُت أنا معاها وقلبي مات وكل ذرة طيبه فيا محيتها ، الدنيا مسكتتش معايا لحد هنا ، دا أمي كمان ماتت بعدها لما عرفت إنها انتحرت قعدت تعبانه وعقلها مش عايز يصدق الحقيقه اللي بتكوي قلوبنا معاها ، بس لما استوعبت جالها الجلطه وراحت فيها ، دفنت أختي لوحدي ، ودفنت أمي لوحدي وبطولي ، وكأن الدنيا بتقولي إنتَ مش هتعيش غير غريب ووحيد ، تعبت لحد ما خلاص قربت أتجنن ، كل اللي حصل حصل بعد ما جدي مات وسابني مسئول وكل اللي منا سابونا، سافرت بفلوس أبويا اللي إتحرم منها عشان إختار ست شبهه فقلة الأصل ، قعدت برا كام سنه بعيد عن القرف اللي شوفته فـ حياتي، اللي كان بيقف ما بين أرجع ولا مرجعش إني أزور قبرهم عشان فكل لحظه بيوحشوني ، عاندت لحد ما جه الوقت إني أنزل ، ونزلت وروحت أول حاجه أعملها إني خسرت اللي عملوا كده لـ أختي وأهاليهم اللي وراهم واللي قدامهم ، حرقت ليهم أرضهم ، وكل واحد عملت فيه حاجه شكل يعيش ويفتكرني بيها ، وبالطريقة اللي متلبسنيش فيها حاجه، لحد ما جيت عند أبوكي.. "
سكنت "فريده " أسفل يديه تهبط منها دموعها وهي تستمع فقط ، والإثنان ينظران إلي بعضهما بوجعٍ ، وأما عنه ففاق وجعه وألمه الكثير !
_" لحد أبوكي ، اللي وقفت عنده أفكر ، لو مكنش باع ضميره وباع نفسه للطرف التاني ودخل أختى السجن ، كان كل ده هيحصل! ، أقتله ويروح فيها من غير ما يحس باللي بحس بيه !، قولت لأ ، أدوقه من نفس الكاس ، واجيب بناته تحت رجلي وأولهم انتِ اللي معرفتك بيا كانت أسهل من السهوله عشان انتِ رخيصه بنت راجل رخيص، مقابله والتانيه والرابعه لحد ما بقيتي فـ جيبي ، وحتى أخوكي اللي كان مسهل عليا الدنيا أوي خليته ضايع أكتر ما هو وبعدد الحقن ده يروح فيها فأقل من ثانيه. ، وأختك عرفت إن صعب أخش عليها نفس دخلتك بس ضربت بيها عصفورين بحجر ، منها أوجع أختي اللي من أبويا ومنها تجيلي لحد عندي براحتها خالص ، ومكنتش عارف إن لما أوجع أختي هوجع أخويا اللي راح ناسب أبوكي الـ *** "
تأويها من مسكة يديه كان مؤلم ، حتى أنه لم يتحرك إنش واحد فقط ، محاولتها بالتملص باتت فاشله لذلك سكنت تدريجياً ، ولكنها صرخت بعزم ما لديها عندما هتف هو من جديد بنبره صريحه وعينيه الحاده التي ظهرت لها وكأنه شيطان بمخالب ومخالبه علي معصمها موضوعه وتؤلمها بشده :
_" استعجلتي باللي هيحصلك ، بس ٱن الٱوان يحصل ، عشان تحسي انتِ وأبوكي باللي أختي وأنا حسينا بيـه ، ملكيش ذنب ، بس ذنبـك هيبقي فرقبــته هو لأن هو كان وهيكون الســبب فـ .. ده !!"
وما أن قالها "شريف " تفهمت هي ما ينوي فعله ، بكائها وصراخها العالي قبل أن يهجم عليها بالإعتداء لم يشعره بالذنب ولم يجعله يتراجع عن ما نوي فعله :
_" لأ أنا مليش دعوه .. واللهِ مليـش دعوه ،ســيبني ، ســـيبني !"
ترجته ، وصراخها يعبر عن ألمها من كل ما حدث ، أيقنت أن كل علاقه بدأت بما لا يرضي الله لا ترضي بالنهايه ، بكائها بعجزٍ وصراخها وهي تحاول التحرك كان ليس هيناً ، حتى أنها أيقنت بأنها وقعت لا محال ، وأن لا مفر من ما ينويه هو ، لم تمل رغم تيقنها بما سيحدث أو بما يحدث بالفعل ، بل صرخت ، وصراخها بقوه عبر عن كل ما تشعر به ، أما هو فالوحشيه والهجوم والشراسه كان لا يرى سواهم في تلك اللحظه ، ما بين صراخها وما بين ما يتذكره لشقيقته وما حدث له ، لا تعلم هي كم مر من الوقت عليها كي تصبح جالسه بمثل هذا الخواء ، وبل وصراخها هدأ إلي أخرى باكيه بصمتٍ يهشم القلب إلى أشلاء ، ولا يعلم هو كيف ومتي نهض بهذه السرعه ، نظرت له بوجعٍ وألمٍ نفسي وجسدي حتى أنها تعي تدريجياً ما حدث ، المؤكد بأن شرفها قد هدرت هي به وأضاعته ضياع لا رجوع له !، ضحيه ، عاشت هي ضحيه وأكملت حياتها واختيارتها بما قاله لها قلبها وتجاهلت حديث عقلها ، لا يستحق أحد بأن يكون بمثل ذلك الموقف مهما فعل !! ، رفعت الغطاء تستر به نفسها عندما وجدته يقف بعد أن وقف يعتدل ، وعى هو الأخر ما فُعل ، إبتلع ريقه ثم رفع يديه يضرب مؤخرة خشب الفراش مع قوله الصارخ لها :
_" حسيـــتي باللي أختــي حست بيـــه !! ، عرفتي يعني إيــه معني الوجــع !"
صمت ينظر علي دموعها المنهمره بإنكسارٍ ، يقسم هو بالوجع أضعاف بأن لو كانت شقيقته بمثل موضعها الأن وما يظهر عليها من إنكسارٍ وصل له هو وهو الذي لا يشعر بشئ لها ، كل ما كان هو صراخ ، صراخه وهو يهشم كل شئ من أمامه ناظراً حوله بضياعٍ وهو يردد بتساؤل مريب هستيري:
_" لــيــه ؟، ليـــه يحــصل كل ده من الأول !"
صراخه وبكائها هما اللذان وُضعا بموضع كهذا ليشرحا الموقف ، وقف وصدره يعلو ويهبط بشده ، حتى تحرك يغلق من قميصه الذي فُتح بإهمالٍ ثم اعتدل بوقفته وملابسه الذي انتشل من حبيبها المفتاح ليخرج ، توجه ناحية الباب يفتحه ثم خرج منه وهو يتركها بقلب قاسٍ لا يعرف له اللين طريق، وسرعان ما أغلق الباب من الخارج بالمفتاح كما كان يغلقه من الداخل ، فـ باتت هي بالداخل سجينه الحزن والإنكسار ، مما ظهر بأنها هي الأخرى قد كُتب عليها الوجع من الأن ومن قبل ذلك ، هي التي لم تجد أحد بجانبها ، تألمت بشده من الداخل والخارج ، نفسياً وجسدياً ، لا يمكنها اللوم إلا علي نفسها ومن بعدها والدها التي صارت هي تمقته وبشده نظراتها المحتده من بين بكائها المنكسر لا تستطيع هي وصفها أو صف ما تشعر به ، كل ما تشعر به هو الندم والألم ، وما أدراك من الإثنان عندما يجتمعان وبقوه والحاحٍ ، تحاملت علي نفسها وهي تزيح الغطاء عنها ثم تحرك بتأوى وهي تهبط من علي الفراش بخواءٍ ثم حاولت الاعتدال والسير ببطئ بعدما عدلت ملابسها ثم سارت وهي تحاول أخذ حذرها من تهشم ما كان علي الأرض ، تحاملت بقوه حتى وصلت لمرحاض الغرفه الصغير تدخله وهي تغلق الباب من خلفها ثم جلست على الأرض خلف الباب وهي تضع يديها علي فمها تكتم دموعها وشهقاتها ، تقسم هي بأن الوجع أقل ما يمكن قوله في هذه اللحظه ، إنتفضت وبقوه عندما سمعت صوت أشخاص قله ومن ثم سمعت صوت غلق باب الشقه حتى اختفت جميع الأصوات وصوته هو أيضاً ، لا تعلم هي بأنهم قد أتو من صوت الصراخ ، وبعدما إعتدل هو يخرج من الشقه يواجههم ويخرج بعيداً عن المنزل والشقه الأن ، أما هي فدموعها لا تعرف الصبر ، فتحت صنبور المياه تضع منه على وجهها رغم ارتجافة يديها وبقوه ! ، هي التي فعلت خطأ كان بإمكانه بأن يتبخر ولا يصبح خطأ ، إصرارها علي وضع نفسها بمكانه في الأسفل لم تفشل ، ظُلمت وأكثر من ظُلم كان هي ! ، لم ترى عدل من عائلتها خاصةً والدها ووالدتها ،ولم ترى نفس العدل من الحياه ومن عقلها وقلبها الذي ارجعها هو خطوات كثيره إلى الخلف ! ، هل ستسأل نفسها كما سأل هو بألمٍ؟! وضعها لم يظهر سوى من المفترض بقولها أن يكون : لما الحياه وأنا بلا حياه الٱن ومن قبل ذلك !
هذا هو القول الذي يتماشي مع وضعها المُشفق الٱن ! ، ضحت لأجله في حين بأنه في التخلي لا يفوز أحد عليه ، إختاره قلبها المُفغل في حين كان قلبه صلب قُطع به أي شعور ، فعلت الخطأ الصغير في البدايه بينما كان ينتظر هو فعل كل الأخطاء ، ولم تكن سوى أخطاء خطِره أتت وستأتي وتأتي بالفعل !
يعود السؤال لمن ينظر علي حالها وهي تغتسل بضعفٍ وإنكسارٍ وكل الإنهاك والألم وُضع بها هي وحدها ، يعود السؤال بنبره مختنقه من ما رأته ماضي وحاضر " لما الحياه وهي بلا حياه ؟!"
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية