رواية لعاشر جار الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم سلمى رأفت
27-انقلابٌ حاد
_أيوة هو فيس بوك ده، طب اعزمنا، طب كلمنا حتى، خايفين من الحسد ولا إيه؟؟
رد عليها وهو يحاول تهدئة نفسه فكل ما تقوله بالنسبةِ له هراء، استعاد هدوءه وتلفظ قائلًا بنبرةٍ أكثر هدوءً :
_اعقلي الكلام يا "تفيدة" علشان الواحد مش فايق ليكِ، ومن غير سلام.
أغلق المكالمة في وجهها بسخطٍ فكلامها تكرر في ذهنه وأشعل فتيل غضبه، ألقى بنظره على الجهاز القابع أمامه وجد أنه بالفعل قد انتهى من عمله وحان موعد الرحيل، لملم أغراضه وخرج من مقر الشركةِ بأكملها متجهًا بسيارته نحو مسكنه، فحان وقت الراحة من عناء اليوم، تذكر حديث شقيقته ولكن تلك المرة شرع في الضحك مكلمًا نفسه :
_قال ابني خطب قال، "تيام"؟؟ ده ميعرفش يشيل كوباية، يروح يشيل مسؤولية بيت وواحدة معاه؟؟
ضحك بقوةٍ على حديثها فابنه بالطبع لم ولن يصلح لخطبة فتاة، فهل سيبلون الفتيات به؟؟ بالطبع لا، وصل إلى البناية وتوقف بسيارته ونزل منها ولكنه توجه إلى السوق التجاري ليشتري بعضًا من الأغراض المنزلية، دلف للسوق التجاري يشتري ما يريده وبالفعل أجاده بسهولة وانتهى من جميع متطلباته وذهب للصراف الذي ما إن لمحه تفوه بفرحةٍ عارمة قائلًا :
_مش تقولوا يا بشمهندس إنكم هتخطبوا لـ"تيام"؟؟ ألف مبروك ليه ربنا يتممله على خير يارب، بس فعلًا زعلان منك ده أخونا الصغير كنا جينا عملنا معاه أحلى واجب.
استنكر حديثه بشدة؛ فتلك هي المرة الثانية على التوالي يتكرر نفس هذا الحديث الأخرق، لم يرد عليه وأخد أغراض البقالة وخرج شاردًا في كلامهما ولكن قطع سبل تفكيره العابر بجانبه قائلًا بمرحٍ :
_ألف مبروك يا هندسة لـ"تيام" أقسم بالله ابن حلال ويستاهل.
نظر خلفه وجده أحد الجيران في البنايات المجاورة، تشتت أفكاره بقوةٍ وانتبه لهاتفه الذي يرن باستمرار، وجد المتصل أحد المعلمين الذي يتردد أبناؤه لديه، استغرب لوهلة فلم يبدأ أيًا منهما الدراسة بعد ولكنه أجاب على الفور فوجد النبرة الساخطة الآتية من الجهة الأخرى تقول :
_ده تسيب يا بشمهندس "سعيد"!! ازاي تخطب لـ"تيام" في السن ده؟؟ ده شخص غير مسؤول على الإطلاق!!
غضب الآخر من نبرته الهجومية تلك فعقب قائلًا :
_ده أكيد سوء تفاهم، خطوبة إيه دلوقتي؟؟ وبعدين حضرتك مالك محموق كده ليه؟؟ هو كان خطب بنت سيادتك وأنا معرفش؟؟
تراجع الآخر بعدما أدرك هجومه غير المبرر فعاد يتحدث بنبرةٍ معتذرة :
_أنا آسف، بس أنا بعتبرهم زي ولادي، ومينفعش ده غير قابل لتحمل أي مسؤولية!
عاد "سعيد" حديثه بأن هذا ليس مجرد سوى سوء فهم وأغلق الهاتف بعصبيةٍ واتجه نحو بنايته وهو يتوعد لولده بأشد عذاب.
بينما في الأعلى كانت "أمل" في المطبخ تعد وجبة الغداء في هدوءٍ؛ كان "تميم" بالخارج وكان "تيام" يغط في سباتٍ عميقٍ كعادته منذ أن بدأ أجازته الصيفية، قطع ذلك الهدوء الرتيب رنين هاتفها فتوقعت أنها شقيقتها كالعادة ولكن صُعقت عندما وجدته أخاها، ردت على الفور فليس من عادته الاتصال إطلاقًا بها نظرًا لحدوث بعضٍ من المشكلات قديمًا فقطع الاتصال بينهما، جاءها صوته العالي قائلًا :
_والله عال يا ست "أمل"!! بقى بتخطبي لابنك وفرحانين وهايصين ومش هاين عليكِ أنتِ ولا أختك تكلمونا!! أقسم بالله أخوات تعر!!
صدمت هي وفقدت نطقها لوهلة ولكنها ردت بشجاعةٍ قائلة :
_هو في إيه يا "متولي"؟؟ مالك في إيه؟؟ أنا منستش أصلي للدرجة اللي تخليني أخطب لابني ومكلمش حد فيكم، ثم إن أصلًا معرفش أنت بتتكلم على مين أنا ولادي داخلين تالتة ثانوي خطوبة إيه اللي بتخرف تقولها دي؟؟
كان شقيقها من النوع المتعصب دائمًا فدبت بينهما مشاجرة هاتفية حادة حتى انتهت بإغلاقه للمكالمة وهو يتوعد لهما، في تلك الأثناء دلف "سعيد" من باب الشقة بعصبيةٍ وهو يتفوه بصراخ :
_الزفت "تيام" ابنك فين؟؟؟
استنكرت هي من غضبه الغير مبرر فتلفظت قائلةً وهي تشير ناحية غرفته :
_مخمود جوة، إيه الجديد يعني؟ في إيه داخل بزعابيب أمشير علينا كده ليه؟؟
خلع سترة بدلته وألقاها على الأريكة قائلًا بحدة :
_أنا ابقى ماشي في الشارع والاقي اللي بيرنوا عليَّ يقولوا ليا أنت خطبت لابنك ومقولتناش؟؟ صحيلي الزفت ده بدل ما اروحله.
وقفت تفكر في كلامه وسرعان ما اشتعلت رأسها بأفكارٍ شيطانية ثم قصت عليه ما حدث وزاد ذلك الحديث من نوبة غضب "سعيد" ولكن قبل أن يحكم عليه فتح صفحته الشخصية على "فيسبوك" ليتأكد من صدق حديث شقيقتها وللأسف، تمنى أن يكون حديثها كذبًا ولكنها صدقت، ترك هاتفه بهدوءٍ وخلع حزامه الجلدي يلفه على يده بهدوءٍ مرعب، كانت تراقبه بريبةٍ وما أن انتهى وجدته يهرول نحو غرفة "تيام" وهو يصيح بسخطٍ قائلًا :
_وأقسم بالله لأطلع عين أهلك!!
__________________________________
في الشرقية :
استفاقت "كنزي" وهي تشعر بتشوشٍ في عقلها بكثرة، حاولت أن ترفع نفسها لتستند على الأريكة ولكن وقعت عيناها على تلك السيدة الي استفاقت أثر حركتها وانتفضت تهرول نحوها تساعدها على الجلوس قائلةً بقلقٍ :
_"كنزي" حبيبتي أنتِ كويسة يا عمري؟؟ في حاجة بتوجعك؟؟
رفضت بتمهل ثم رفعت عينيها للأعلى تتنهد بثقلٍ تحاول استيعاب ما حدث ليلة أمس، نظرت لـ"رنا" بهدوءٍ ثم نبست قائلةً بجمودٍ :
_أنا لو فوقت مش هروح معاكم برضو، أنا يعتبر معرفش حد فيكم ولازم توضحولي كل حاجة، غير كده وربنا ما متحركة خطوة من هنا.
زفرت "رنا" بضيقٍ من جمودها، تململ "يحيى" في نومته على الأريكة المقابلة بعدما خرج من تلك الغرفة يتأمل في ملامحها باشتياق وغفى مكانه، فتح عينيه ثم وجدها مستيقظة فذهب نحوها قائلًا ببسمةٍ عذبة :
_حمدالله على السلامة، عاملة إيه دلوقتي؟؟
بدون وعي نظرت له بحبٍ وانتابتها مشاعر ألفة ومحبة نحوه، على عكسها فكانت تشعر بداخلها أنها ليست سوى منافقة وعندما كانت بحوذتها من قبل لم تلقى ذلك الاهتمام، فلم تشعر نحوها بأية مشاعر، إنما هو..
كان شعورها نحوه يعجبها وبشدة، تشعر نحوه بالحنين المبالغ به، ولكن طباع الإنسان لم ولن تتغير مهما حدث له، فكانت دائمًا عنيدة لا ترضخ إلا لأسبابٍ قوية، مهما أن كان ما تشعر نحوه من حبٍ وألفة، فلن تتحرك معه شِبرًا قبل أن تطلع على الوضع الحالي والسابق.
تجاهلت سؤاله عمدًا وتسائلت قائلةً بصلفٍ :
_كويس إنك صحيت، فهموني بقى الحكاية كده علشان حوار طلعت عايشة ومش عايشة ده مش داخل دماغي بتعريفة.
اضطر "يحيى" أن يقص عليها كل شيءٍ حدث في ذلك اليوم _المشؤوم_ مختصرًا ما حدث، وأيضًا حكى مختصرًا عن طبيعة علاقتهما السابقة ثم أنهى حديثه قائلًا بهدوءٍ رتيب :
_دي كل الحكاية، اتمنى ياريت بعد أذنك تفوقي وتيجي معانا، ده مهم ليكِ علشان تفتكري على فكرة.
كان حديثه السابق مقنعًا بالنسبةِ لها، كانت سترفض ولكنها فكرت قليلًا فالوضع وتعمقت في روايته والتي كانت صادقة؛ فهي قد سألته عن ماذا كانت ترتدي حينها وبالفعل أجابها وكانت هي تتذكر ما كانت ترتديه، وبعضٌ من الدلائل الأخرى البسيطة، وافقت بتمهل فتعالت أساريرهما بالفرحة، قامت "رنا" تتوجه إلى "إيمان" تشكرها على تلك الاستضافة الطويلة ثم أخبرتها أنها ستذهب معهما الليلة، بالطبع بكت "إيمان" بشدة فهي تعلقت بها حقًا وكانت بالنسبةِ لها ابنتها، ولكن ما باليد حيلة، توجهت "رنا" نحو تلك الغرفة تمشط شعرها وبعد مرور عدة دقائق وجدت من يدلف ناطقًا بنبرةٍ لا تحتمل النقاش :
_"كنزي" هتيجي معايا شقتي اللي في مصر الجديدة، مش هترجع معاكِ.
نظرت له بصدمةٍ وكادت تصرخ به منفعلة ولكن قبل أن تهم بالنطق قطعها هو قبل أن تبدأ قائلًا باستهجان :
_والله هبقى ارجعها لما سيادة اللوا يدرك فعلًا إن هي طلعت عايشة، أنتِ بنفسك سمعتي الدكتورة، أنا مش عايز أي ضغط نفسي عليها، ولو عايزة تشوفيها أظن إنك عارفة العنوان.
صمتت لأن بالفعل كان حديثه محل صدق، لم تبدي اعتراضها ولا حتى موافقتها وأكملت ما كانت تفعله في صمتٍ رتيب..
_______________________________
كانت "عائشة" جالسةً في الشرفة تتصفح هاتفها وهي تستحي بعض القهوة في هدوءٍ حتى وقع أمامها منشور "تيام" الذي جعلها تخرج القهوة من أنفها وظلت تكحكح بشدة، توسعت عيناه بقوةٍ وتلفظت قائلةً برعبٍ :
_يخربيت شكلك يا "تيام"!! ده البوست Public!! وإيه الناس دي كلها!!
هرولت ترتدي خمارها المنزلي ثم اتجهت للباب دون حتى أن تخبر والدتها وجهتها، هرولت على الدرج حتى تبلغه أن يحذف ذلك المنشور اللعين الذي لو اكتشفه أحدًا حتمًا ستشاع جنازتهما الليلة!
بينما في إحدى الشركات التابعة لِـ"ريان ونيس" تحديدًا بمكتب رئيس مجلس إدارة الشركة،
كان يسير "آدم" ذهابًا وإيابًا وهو يتلفظ بسخطٍ :
_أنا بجد زهقت! الموضوع شكله كبير ودي شبكة كبيرة مش مجرد واحد مهدد واحدة!
ظل "ريان" يضرب القلم بسطح المكتب بحركاتٍ منتظمة رتيبة مفكرًا في حلٍ لتلك المعضلة حتى انتابته فكرة ناطقًا بحماسٍ :
_فاكر يالا "يحيى" اللي في الدور التامن؟؟ كنت سمعت إنه شغال ظابط في المخابرات، وإنه دايمًا مقفل كده بس هنكلمه أكيد يعني هيساعدنا أكتر من مجرد محضر في قسم، ولا إيه رأيك؟؟
جلس "آدم" أمامه على أحد الكرسيين قائلًا بتعبٍ :
_ماشي نكلمه، يكش الموضوع ده يخلص على خير.
أرجع "ريان" ظهره للوراء يستند براحةٍ قائلًا بعبثية مرحة :
_اشطا، أما نروح نكلمه، ألا بقولك إيه؟؟ مش ناوي أنت و "ندى"؟؟
انهى كلماته بغمزةٍ مشاكسة فعقب الآخر على حديثه مفكرًا :
_والله لولا اللي حصل زمان ده كان زمان معانا "كرم" و "كريم" بس نقول إيه منها لله أمها، متوقعتش تبقى كده!!
تفوه ساخرًا وهو يبتسم بمرارةٍ :
_والله أنا شخصيًا اتصدمت، أصل أنا قولت استحالة تبقى بتخونها لأ وكمان مع مين؟ أختها؟؟ بس أنا مفهمتش أصل الحوار ده إيه وإيه اللي معيشها بعيد عن أمها والحوارات دي كلها؟
تنهد يحكي روايته، دعونا نأخد لمحة عن الماضي.
القاهرة|2014 :
_يعني أنا اللي مطلوب من إيه دلوقتي؟؟
وضعت يديها على الطاولة قائلةً ببسمة شر :
_هتعمل اللي قولتك عليه، هيتصورلكم كام صورة كده ويتبعتوا ليها، وطبعًا أنت عارف أنا ممكن أعمل إيه لو معملتش اللي قولتلك عليه.
زفر "آدم" بضيقٍ قائلًا بنفاذ صبر :
_أنا مش فاهمك بصراحة!! أنتِ أم ازاي؟؟ أنتِ بتضغطي عليَّ إنك ممكن تأثري عليها وتسيبني وعايزاني أنا اطلع خاين وابن ستين في سبعين قي نظرها؟؟ طب وليه؟؟
نطقت بغلٍ وهي شاردةٌ في الفراغ :
_كفاية سرقت مني عمري، فضلت قاعدة جنب أبوها ومستحملة شتيمة وضرب وإهانة بسببها، ويوم ما اتطلقت وقررت اتجوز واخدها معايا أبوها رفض، كويس إنه رفض، الوضع كان بوخ أوي.
ولأنه كان في بداية عقده الثاني كان لا يعي كفاية كيفية التصرف فانصاع وراءها خوفًا أن تفعل شيئًا أكبر وقد حدث ما حدث وانقطعت علاقته بها تمامًا، ولم يمضي عدة أشهر حتى سافر للخارج برفقة عائلته ولم يعد للبلادِ مرةً أخرى غير في تلك الفترة برفقة عائلته أيضًا.
________________________
_بابا! الحق!! ده الواد "تيام" شكله خطب ولا إيه؟؟
كان هذا حديث "ملك" وهي تعطي هاتفها لوالدها الذي بمجرد أن رأس المنشور وقع ضاحكًا وهو يقول :
_أقسم بالله الواد ده مركز على أهدافه! طبعًا لازم نعمل معاه الواجب يا بت يا "چودي".
نظرت له "چودي" بخبثٍ وهي تنطق بمكرٍ :
_طبعًا، ده الغالي، هجيب العدة وهننزل.
وقف "عزت" وهو يتجه نحو ذلك الدولاب الخشبي الصغير يخرج منه إحدى النظارات ذات الألوان المبهرجة وقد ارتدت "چودي" نظارة تماثله ولكن بلونٍ مختلف وكان بيدها دف، أشار لها "عزت" في حركةٍ سينمائية فتحركت خلفه بمرحٍ حتى يشعوا الأصوات الصاخبة لجارهما.
بينما قد هرول "سعيد" لغرفة ابنه وكان في الخلف زوجته وما إن دخلا وجده نائمًا كالسمك المقلوب في وضعيةٍ مضحكة، ضرب "سعيد" بالحزام الجلدي في الأرض حتى يوقظه قائلًا بشرٍّ :
_اصحى يا عريس!! معقولة في عريس ينام برضو؟؟
تململ في نومته وفتح عينيه نصف فتحة ثم عاد للنوم، مرت عدة ثواني حتى يتأكد أن ما رآه صحيح فانتفض على الضربة الثانية للحزام في الأرض قائلًا برعبٍ :
_لا حول ولا قوة إلا بالله!! في إيه يا حاج؟؟ مالك كده في إيه؟؟
اقترب منه بشرٍّ قائلًا بجنونٍ :
_مفيش حاجة يا حبيبي، ما تقوم يا عريس تورينا العروسة، مجتش فرصة نشوف الـyour wife.
فرك عينيه بضجرٍ في عدم استيعاب ولكنه انتفض من على فراشه ساقطًا منه على الأرضية من أثر ضربة أبيه للحزام على الأرض وقبل أن يهم بالكلام انقض عليه "سعيد" يقبض على عنقه قائلًا بغلٍ :
_وماسكلي إيديها كمان؟؟ فاكر نفسك فين؟؟ مين دي يالا انطق!!
استطاع أن يحرر نفسه وهرول للخارج وهو يصيح برعبٍ :
_والله العظيم دي "عائشة"، أقسم الله بهزر!!
ظلا الاثنين يلتفان حول السفرة وأمل تتابعهما باهتمام حتى وقف "سعيد" قائلًا بإنهاكٍ :
_قطعت نفسي يخربيت شكلك، وربنا ما هسيبك يا "تيام" الكلب! عارف الناس اللي رؤوسهم بتتقطع وبتتعلق على باب زويلة كده؟؟ هتبقى من ضمنهم إن شاء الله.
وفي الجهة المقابلة كلن واقفًا وراء كرسي من الكراسي السفرة يحتمي به قائلًا بضجرٍ :
_أنت مكبر الموضوع ليه يا حاج؟؟ أختي ومتصور معاها، في إيه بقى؟
نظر له بشرٍ فصمت وهو يبتلع لعابه، ولم تمر دقيقة ونشبت بينهما معركة ظل فيها "تيام" يلتف في الشقةِ بأكملها ومن خلفه "سعيد" يطارده و"أمل" أيضًا تعاون زوجها، يحاولان الإمساك به ولكن قطع تلك المشاجرة رنين جرس الباب، اتجه "سعيد" ليفتحه فوجد أمامه "عزت" وهو يبتسم بملء شدقيه ومن خلفه ابنته مرتديين ملابس ونظاراتٍ مضحكة وفي يد كل واحدٍ منهما دف وما إن فتح "سعيد" البب انطلقا يطرقان عليه في مرحٍ وهو يغني :
_آدي الزيـــن، وآدي الزيــنــة!
تجمد الآخر في مكانه بينما جاء "تيام" إليه يجذبه للداخل بمرحٍ ودخلت معه "چودي" وظل "عزت" يرقص معه بعبثيةٍ و "چودي" من ورائهما تطرق على الدف وهي تغني بمرحٍ معهما، بينما توجهت "أمل" إلى المطبخ تعد أحد المشروبات المثلجة تقدمها لهم متناسية تمامًا ما حدث بينما، لقد وصل لذروة غضبة فصاح "سعيد" بقوةٍ قائلًا :
_اتهدوا بقى!! أنت بتجاريه أنت كمان؟؟ أنت مش شايف الهبل بتاعه؟؟
وقف "تيام" خلف "عزت" قائلًا بقوةٍ :
_في حمايتك يا عم "عزت"، والله كنت متصور مع "عائشة"، حتى كلمها اسألها!
لم تمر ثانية حتى وجدوا "عائشة" تقتحم الشقة نظرًا لأن الباب كان مفتوحًا، وقفت تلهث بشدة بينما باغتها "سعيد" بسؤاله قائلًا :
_أنتِ فعلًا يا "عائشة" اللي في الصورة؟؟
نظرت إلى "تيام" الذي حثها على التحدث فنظرت إلى عمها قائلةً بثقة :
_لأ طبعًا.
توسعت أعيونهم بقوةٍ من إجابتها، وهرول إليها "تيام" يمسكها من منكبيها يهزها بقوةٍ قائلًا بجنونٍ :
_أنتِ هبلة يا بت؟؟ أمال مين دي؟؟ أمي اللي جت تتصور معايا ومشيت؟؟
بينما في الخلف أكمل "سعيد" رفع أكمام قميصه مستعدًا لجلده وقد علت أصواتهم جميعًا حتى وجدوا من يطرق على الباب بقوةٍ بعدما أغلقه "عزت"، تأفف "سعيد" بحنقٍ قائلًا له :
_والله العظيم لو طلعوا تبعك ما أنت بايت فيها!
ابتلع لعابه برعبٍ وانصدموا جميعًا عندما وجدوا من يقف خلف الباب..
تفوه "سعيد" ناطقًا بصدمةٍ ألجمت عقله :
_عـ عمي "كرم"؟؟ أنت جيت من الصعيد لحد هنا!!!
____________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية