رواية عودة الوصال الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم سارة ناصر
« الأخذ بالخطواتِ بمساعدةِ من هم حولك يجعل الأمر شئ ٱخر ، نظرتهم بالموافقه معك أينما حلّ ، شعورك بمشاركتهم بما ستبدأه انتَ ، بهجتهمّ ، السعاده المشتركه ، رؤية فرحة القلب قبل العين! ، أيامهم السعيده لكّ حتى وإن غلفها بعض الحزن ، تمر بـخفه كل خيبه مادام يوجد بجانبنا كمثل هؤلاء ..."
أربعة غُرف ، بأشخاصٍ كثيره ، هو ووالديه وأشقائه وصديقه ، كل منهم خرج منها متجهزاً عدا هو ، وقف يمسك بمشط الرأس وهو يمشط خصلاته السوداء بعد أن ارتدى ملابسه التي ظهرت عليه أنيقه مُرتبه عليه بإنجذابٍ ، نظر "غسان" علي مظهره برضا فـ المرٱه ثم همهم برواقـه وهو يضع ما بيديه ليترك مشط الرأس بعد أن وضع من برفانه بهدوءٍ ثم توجه بخطواتٍ ثابته يخرج من غرفته لهم بالصاله بعد أن سبقوه منتظرينه بالخارج إستعداداً لما يُعد بفرحة العائله لديه والأولى ! ، خرج لهم وهو يتوجه بينما وقفت "دلال" بجانب "حامد" وهما ينظران عليه بتأثرٍ من عينيه لقدمه ، ابتسم لها بحبٍ لما رٱه بعينيها من فرحه لم يشعر بنفسـه سوى عندما توجهت هي لتأخذه بين أحضانها ، استشعر بأن دموعها ستهبط فالحال ، فأمسك "غسان" يديها وهو يخرج من أحضانها ثم قبل قمة رأسها أمام الأنظار المتأثره ثم هتف بنبره هادئه لها :
_" متعيطيش يا ماما "
كان من الطبيعي قول كلماته ولكنهم شهقوا جميعاً دون استثناء بمرحٍ ،حتى والده فنظر لهم باستغرابٍ إلي أن هتفت "دلال" توبخه بمرحٍ رغم تأثرها:
_" أول مره تقولي ماما بقالك زمان مقولتهاش يواد "
تفهم هو الوضع ثم خرجت ضحكته العاليه علي ما فعلوه وهو يحرك رأسه بقلة حيلة بينما هتف "حامد" له بمشاكسه رغم فرحته برؤيته له الان:
_" أصل حبيب أبوه قليل الربايه ، ربنا يسعدك يا بني"
قالها وكان قد دخل بأحضانه بينما خرج الآخر من أحضانه ثم توجه يقبل قمة رأسه ببرٍ ، هلل "شادي" له وهو يراه يتوجه ليحتضنه مع شقيقه الٱخر ببهجه ، ومن ثم توجه يمسك يد "وسام" يقبلها ثم إحتضنها بسعاده ، أخرج أنفاسه وهو يرى كل منهم يتوجه لخارج باب الشقه ، بينما وقف هو ينظر لها حتى نظرت له بتمعن وبداخلها الشعور متناقض لا تعلم ما تشعر به بينما رفع ذراعه يأخذها ليضعه عليها مردداً بنبره هادئه عقلانيه غلفها حنانه :
_" عاوزك تعرفي إني بحبك ومستحيل اتجاهلك ولا مخدش بالي من اهتماماتك وتفاصيلك عشان هي جت تشارك ده معاكِ ، بس لأ انتِ مكانتك عمرها ما هتتغير ولا هتتهز يا وسامّ ، وكمان بحب قلبك اللي حبها ومعرفش ياخد جنب منها لمجرد إنها جت تشاركك فحاجه عمرها ما هتبقي شركه بينكم ، ده القلب يبت في حتت كتيره بس لو هتفتحي قلبي هتلاقيكي قاعده ومستربعه علطول ومحدش مكتسح غيرك يا ستي "
قال حديثه كي لا يشعرها بأنها ستتجاهل بعد الٱن ، بل فضل شرحه لما تشعره هي دون حديث منها ، رغم رؤيته لحبها لها ولكن يأخذ جميع التحسبات كي لا تشعر بالتجاهل وهذا أسوء ما يمكن أن يشعر به المرء ، أما هي فابتسمت وهي تحاول الثبات كي لا تبكي من كلماته ثم تعلقت نظراتها بنظراته وسرعان ما دخلت بين أحضانه ، فرفع يديه يربت علي ظهرها بحنانٍ وُضع به من زمن ، تنفس بارتياحٍ لتفهمها دون معارضه أو شعور متناقض ، كان هناك من يقف يتابع ذلك المشهد بتأثرٍ من على أعتاب باب الشقه ، تفكر بأن ماذا لو كان لديها أخ كمثل هذا بعد وفاة والدها ، رفع أنظاره صوب الباب حتى رٱها ومن ثم توسعت بسمته ، وهو يخرج من أحضان شقيقته ، ليتوجه هو ومن جانبه الأخرى لها تزامناً مع قوله المتبجح :
_" ما تيجي تاخدي حضن انتِ كمان..!! "
تنحنحت "نيروز" بخجلٍ ثم اهتزت علي فجأه عندما توجهت "وسام" لتدخل بين أحضانها دون أن تنبس بحرفٍ ، تفهم الإثنان الٱن لم يتحضنان بعضهما وقف يتطلع برضا عليهما ثم تنفس بارتياحٍ ما أن سمع صوت "نيروز" الصادق لها تبرر شئ لم تفعله وكأنها تتأسف كما يعلم هو هذا الطبع بها :
_" أنا بحبك أوي يا وسام وبجد أنا آسفه أنا مش فـ دماغي أي حاجه من نحيتك ، أنا بس بحسدك علي أخ زي ده "
قالتها بعفويه شديده جعلت "غسان" ينظر علي ما قالته بغير تصديق ثم ضحك عالياً كما ضحكت شقيقته ، بينما ضحكت الأخري ما ان إستوعبت ما قالته ، بينما توجه هو ينظر لها بشغفٍ ثم سار خلفها وهي تخرج هي والاخرى غالقاً الباب من خلفه ، سبقت "وسام" علي السلم بسبب علمها بأن كل منهم قد سبق لأسفل وأن الأخرى كانت تأتي لتعجلهم ولكنها اندمجت معهم ، فتح المصعد يدخل به ومن ثم هي ، ومع زمن هبوطه أمسك هو يديها بالداخل بخفه ثم نبس بنبره صادقه لها مره واحده :
_" مش عايزك تخافي ، لو مش جاهزه يا نيروز أنا مستعد أوقف كل حاجه عشانك !"
"'نيروز" كلمه صادقه هادئه لها مع حديث صادق وبشده من أقل المرات الذي يحدثها بها كذلك ، استشفت مدى صدق كلماته ثم تمسكت بيديه هذه المره تشدد عليها هاتفه بنبره لم يعهدها منها من قبل وبنفس صدقه بل واكثر هتفت هي :
_" أنا جاهزه فـ أي حاجه .. طالما معاكّ "
لا يستطيع أن يوصف شعوره ، بل صمت ما أن رأى لمعة. عينيها وهو يتطلع علي فستانها الأبيض البسيط أبيض مناسب للخروج بشكله ومظهره ولم ترتدي هي شئ ملفت لمناسبه بسبب مدى سرية الوضع نبس"غسان" بنبره ماكره لها بجانب أذنها علي ما ترتديه ومع تذكره لعبائتها السوداء من قبل مردداً بتسليه ممزوجه بالجرأه :
_" دا طلع الاسود والأبيض علي الجسد حاجه يعني اللهم لا حسد !! "
كبتت ضحكتها تزامناً مع تورد وجنتيها ولم تستطع بأن تجيبه بالرد ، حتى فُتح المصعد لهما وخرجت هى من قبله ثم خرج بعدها يسير بجانبها إلي السيارات ، حيث "شادي" و "هو" ، انقسموا نصفين ، بسيارته هو معه والدتها وهي و شقيقه وشقيقته و"ورده" بينما بسيارة "شادي" كان هو و"بدر" ووالدي "غسان" و"يامن" الجالس بين ذراع "دلال" ، كانت "جميله" تعلم وبقت الٱمر سرياً ولكنها لم تأتي ، حتى "عايده" كانت تعلم وبقت هي الٱخري تكتم الٱمر !! ..
_______________________________________________
بشقة "حازم" ، كان يقف هو بجانبـها فالمطبخ يعد أكواب العصير لمن بالخارج ولم تكن الزياره سوى من "سليم" و"عايده" وابنتها و"زينات"، إبتسم لها بحنوٍ وهي تتحرك تجلب التسالي والعصائر وما شابه بخفه ، بينما التفتت هي له تنظر فوجدته يحمل صينية الطعام ، توجهت تأخذها من بين يديه قائله بمعارضه :
_" سيبها يا حازم هشتالها بدل ما ناخد كلمتين ملهومش لازمه "
ضحك بخفه علي ما أوصله لها عقلها كان يتفهم هذا جيداً ، وجه يديه بعيداً يعارض ما تفعله ثم نبس بنبره هادئه لها :
_" أنا عاوز الكلمتين يستي محدش له عندنا حاجه ، يلا اجهزي عشان تطلعي معايا .."
نظرت له "ياسمين" نظره حانيه ، ليس لمجرد أنها جريئه حتي تجيب علي حديث وقح من أي منهم ولكنها في تلك اللحظه تريد تجنب المشاكل وهم بالبدايه في الزواج كما حثتها والدتها !!، سارت بجانبه ويديها خاليه من حمل أشياء بعد أن خلعت مريلة المطبخ ، وكان هو يحمل علي الصينيه ما يُقدم لهم ، خرج لهم ثم توجه بوجهه المبتسم يدخل حجرة الضيافه التي لم تكن للعائله ولكن "عايده" من سحبتهم خلفها خوفاً من أن تغعل "زينات" شيئ كما يحدث من حوادث بالحقيقة!! ، دخل عليهم حتى ابتسمت "عايده" له بحنوٍ وهي تأخذ من بين يديه ، بينما نظرت "زينات " بغيظٍ داخلي ثم رددت بتهكمٍ لهما وهي تراهما يجلسان بجانب بعضهما :
_" يا حلاوه ، شغلتك بدري كده وبقيت الخدام "
كلمات وقحه متبجحه لم تخرح سوى منها هي ، جز"حازم" على أسنانه وهو يتحلى بالصبر بينما كان يتابع "سليم" ما فعله بضجرٍ ، ولكن خرج صوت "حازم" قائلاً يجيبها بنبره هادئه :
_" واللهِ دي مراتي وأنا حر ولا ايه ؟"
كادت أن تؤيده "عايده" ، بينما ابتسمت "جميله" لهما بحبٍ وهي تميل علي الٱخري قائله لها وهي تتجاهل ما سبق من قولٍ:
_" وحشتيني يا ياسو "
ابتسامه حانيه وكادت أن تجيب ولكن قاطعها صوت "سليم" كما قاطع والدتها هي الٱخري فالبدايه ، حتى هتف بنبره هادئه بها بعض الحده الطفيفه:
_" المفروض انتَ اللى تقعد وهي اللي تقوم وتجيب وتودي ، انتَ الراجل "
تنهد"حازم" يخرج أنفاسه ببطئ بينما ترقب البعض مع سيقوله ، عندما هتف من بين أخذه لأنفاسـه بثباتٍ وعقلانيه رغم عدم تماشيهما هما وطباعهما مع طبيعة حديثه وهو يقول :
_" لا مش المفروض ، مين قال إنه المفروض !! والحياه الزوجيه مشاركه اصلاً ، حتى الرسول قال : اسْتوْصُوا بِالنِّساءِ خيْرًا، فإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوجَ مَا في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهبْتَ تُقِيمُهُ كَسرْتَهُ، وإِنْ تركتَهُ لَمْ يَزلْ أَعوجَ، فاستَوْصُوا بِالنِّسَاءِ "
قال حديثه باختصارٍ موقناً أن لا فائده من حديثه من الأساس ولكنه يعزز من شأن "ياسمين" ولم ولن يسمح بكلماتٍ جارحه لها ، أصمت حديثه والده و الٱخرى وهما ينظران بغيظٍ فقط ، بل نظرت لهما "عايده", هذه المره وهي تقول:
_" ربنا يبارك فيكم ويسعدكم يا حبايبي "
ابتسما لها بامتنان بينما ضجر "سليم" من الوضع كونه يطالع"ياسمين " بغيظٍ وترمي هي نظراتها باستفزازٍ ، تحدثت "جميله " بخفوتٍ بجانب أذن "ياسمين" بهمسٍ حتى قالت بسعاده:
_" أنا مبسوطه أوي يا ياسمين، مشوفتيش روز بعد ما قالتلي النهارده الصبح هيكتبو الكتاب إمته وكانت فرحانه كده من نبرتها وتقريباً يعني هم هيجولك هنا وهي خلاص بقا مراته متخيله ؟"
كون "جميله" الأقرب دائماً من شقيقة الٱخري ففرحتها بها لا توصف ولا تقدر بثمن ، بينما ابتسمت لها "ياسمين" بحبٍ مما تراه من سعاده ثم اجابتها بنبره هامسه هي الٱخري:
_" كلنا مبسوطين بجد يا جميله من الحوار ده ، وحرفياً أنا مستنياهم بفارغ الصبر دا أنا كنت هنزل أنا وحازم أصلاً بس ماما حلفت علينا ما نطلع عشان عرسان وبتاع مش فاهمه دماغهم دي بتفكر ازاي كان نفسي أكون معاهم أوي "
ضحكت بخفه علي ضجرها فالحديث بينما قاطعهم صوت "سليم" وهو يقف قائلاً مره واحده وسط انشغال كل منهم بالحديث مع الٱخر:
_" يلا ، هنستأذن إحنا بقا ، مبروك"
قالها بفتورٍ فنهضت زوجته والٱخري أيضاً ، بينما نهض "حازم" يحتضن. والدته تزامناً مع قوله:
_" لسه بدري ياماما ما تخليكم كمان شويه "
هزت رأسها بالنفي بينما سبق "سليم" و"زينات" يفتحان الباب تزامناً مع قول "عايده" :
_" معلش يا حبيبي مره تانيه خلي بالكم من نفسكم "
قالتها بحبٍ بعدما توجهت "ياسمين" تدخل بين أحضانها ، بينما وقف "حازم" يقبل قمة رأس "جميله" بحنوٍ ثم قال بنبره لينه:
_" وحشتيني يا جميله بجد ، خلي بالك من نفسك ولو احتاجتي حاجه كلميني وتعاليلي علطول أنا لسه ممشتش ماشي؟ ريحي دماغك خالص عشان مزاجك ومذاكرتك ولو عوزتي حاجه قوليلي"
ابتسمت له بحبٍ وهي تومأ له بينما ، توجهت"ياسمين" مع والدة زوجها إلي باب الشقه ومن ثم هما الإثنان من خلفهما بعد نظرة "جميله" له تزامناً مع قولها الصادق:
_" ربنا يخليكّ ليا يا حازم.."
______________________________________________
وصلتّ السيارتين إلي الوجهه المحدده منذ قليلٍ، حجز شادي غرفه كبيره بقاعه مناسبات حديثه ، كان المكان مرتباً بشكل كبير منذ ليلة أمس باتصاله لهما وقصه عليهم جميع التفاصيل حتى طوروها هم ، لم تخلو الغرفه من أشياء وزينة عقد القران المعروفه وكأنه عقد قران بمنزل ومرتب له منذ فتره وليس علي فجأه ومنذ أمس ، تطلعت بسعاده المكان من كون كل شئ استطاع أن يُرتب وأنها تستحق كل ذلك !! ، جلست "سُميه" بجانب "ورده" و"دلال" بينما جلس "حامد" علي المنضده الذي يوجد عليها المأذون و"غسان" و"بدر" و "شادي" و"بسام" ، كما كان هما الشهود ، و"بدر" الواصي علي "نيروز" بسبب أنه أكثر من يليق ويتوافق مع الوضع ، بينما جلست "نيروز" بجانبه هو والمشاعر المختلطه تداهمها ، بينما كان بالغرفه فريق تصوير لكل ما يحدث بالتفصيل ، همهم "المأذون " أولاً ليتحدث كالمعتاد بحديث الخطبه وهم يستمعون بإنصاتٍ والبهجه تعلو وجههم ، وكل منهم ينظر للٱخر بسعاده ، إلا هي بقت نظراتها أرضاً. من فرط توترها بينما كان يلتفت "غسان" برأسه ليطمئن علي معالم وجهها ، دق قلبها بسرعه عندما مالَ بخفه يهمس لها بحديث وترها أكثر حينما ردد لها :
_" مرات غسانّ البدري متخافش بعد الوقتي يا رزّه "
أكان خوفها الداخلي من كل ما هو قادم بعدما وضعت في هذه اللحظه كان ظاهراً بعدما حثت نفسها بأنها لم ولن تهاب ولن تخاف ، لا تنكر أن حديثه جعلها ثابته ولكن أيضاً وترها من كلمته بأنها زوجته أو ستصبح قولاً بعد دقائق ، خرجت من خجلها وخوفها وارتباكها عندما أكمل المأذون ٱخر خطبته ،قالها كما أكمل من بعدها أيضاً حديث عن بر الزوج وطاعته وحسن معاملة الزوجه ،تحت نظرات الجميع المنصته باهتمام ، فواصل بعد انتهاء الخطبه لـهما بقوله ٱيه من ٱيات القرٱن الكريم:
_"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)، أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ..."
صمت يتابع استعدادهم بحماسٍ ، ثم أشار ليد "غسان" اليُمني بأن تمسك يد"بدر" تحت المنديل القماشي الذي أوصى "شادي" بأن يُفعل وبسرعه ، بينما هتف "المأذون" لـ "بدر" بهدوءٍ جعل البعض ينظر بتمعن وبهجه حتى "غسان" الذي خفق قلبه من وضعه بذلك الموقف لأول مره شعور لا يعلمه إلا من وضع به فقط :
قول ورايا يا أستاذ ، بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، أما بعد إني إستخرت الله تعالى وزوجتك موكلتى الأنسه البكر الرشيد نيروز سالم محمد الأكرمي،لنفسك زواجاً شرعياً صحيحاً على كتاب الله وسنة رسول الله وعلى الصداق المسمي بيننا ، حاله ومؤجله وبشهادة الشهود والله خير الشاهدين"
رددها "بدر" كمله تلو الٱخرى ، ولا تعلم لما أدمعت عيني "نيروز" الٱن بل وبكت "سُميه" من التأثر ، حتى انتهى "بدر" من الحديث ومن ثم التفت لـ "غسان" يحفزه بقوله وهو يقول بنفس الهدوء:
_"_" قول ورايا يا عريس، انى إستخرت الله تعالي وقبلت ورضيت الزواج بموكلتك الٱنسه البكر الرشيد نيروز سالم محمد الأكرمي لنفسي وبنفسي زواجاً شرعياً صحيحاً علي كتاب الله وسنة رسوله وعلى الصداق المسمى بيننا حاله ومؤجله وبشهاده الشهود والله خير الشاهدين "
لم يرددها إلا عندما التفت ينظر لها بتمعن قبل أخذه للخطوه الٱخيره فوجدها تتشبت بعينيه وهي تهز رأسها ودمعه واحده تهبط من علي وجنتيها مع ابتسامه واسعه له،. صمت يأخذ أنفاسه مع أنظار البعض المترقبه حتى رددها خلفه بصدقٍ في كل كلمه أردفها هو ، بل رددها وهو يحاول بأن لا يتعلثم بالحديث من كثرة ما بداخله من شعور ، وٱخيراً أردفها جميعها بسعاده ومن ثم نظر المأذون عليهم جميعاً ليواصلو القول معه:
_"وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي ٱله وصحبه اجمعين...
بــــــــارك الله لــكمـا وبـــارك عليكـــما وجمــع بينكمــا فـي خَـيـر"
رددوها جميعاً. من ثم أزال المأذون المنديل القماشي من علي يديهم ثم نظر لهم بلطفٍ بينما ، صدحت الزغاريط بالمكان من "ورده" و"وسام" ، احتضنت "سميه" "دلال" واحتضن الشباب بعضهم عدا "غسان" الذي التفت ينظر لها وهي تطالعه بتأثرٍ ولأول مره يتردد في رفع ذراعه السليم ، وهو ينهض ومن ثم هي. حتى دفعها برفقٍ لتدخل بين أحضانه ، خجلها يبس جسدها ومن ثم سارت القشعريره بها وهي تدخل بين أحضانه بحلال الله ، تنفس بعمقٍ وهو يضمها أكثر له ثم هتف بجانب أذنها قائلاً بتأثرٍ :
_" نفسي أخدك فحضني عدل بايدي الاتنين بس استني عليا أفك الجبس ومش هخرجك من حضني "
لا تعلم أتضحك أم تتأثر ولكن قاطع لحظتهم ، "حامد" و"شادي" و"بسام" و"بدر" عندما دفعوه عنها حتى نبس "حامد" بمرحٍ :
_" عيب ياض ، مش هنا ، الله "
كان يقصد بأن يفعل معه مثلما كان يفعل هو ، حتى نبس "غسان" نفس حديث"حامد" له عندما كان يقطع عليهما اللحظه:
_" مراتى وبراحتي !"
ضحك بخفه وهو يدخل بين أحضانه ، ومن ثم "بسام" الذي احتضنه بقوه وسعاده ومن بعده صديقه ، كما توجهت إليه "دلال " وهي تقف من أمامه تكتم دموع عينيها وهي تجذبه هي ليدخل هو بين أحضانها وكأنه طفل صغير ثم نبست بنبره متأثره :
_" عيشت وشوفتك عريس يواد "
ضحك علي طريقتها بينما توجهت الٱخري تحتضن "نيروز" الذي كان يحتضنها "حامد" بحبٍ أبوي ، بينما دخل هو بين أحضان "سميه" التي نبست بنبره هادئه له :
_" خلي بالك منها يا غسانّ ، أوعى تيجي عليها يبني"
نظر لها نظرة إطمئنان صادقه بينما دخلت شقيقته بين أحضانه كما دخلت "ورده" بأحضان شقيقتها ، قاطعهم "شادي" وهو يحثهم علي الوقوف بجانب بعضهم حتى يأخذ هو لهم صوره بهاتفه ، بينما قاطعه صوت "دلال" التي حدثته بضجرٍ :
_" لا مش انتَ اللي هتاخد الصوره ، تعالي يا واد انتَ واحد من العيله ..."
قالتها بتعنيف بينما ضحك هو بقلة حيله وهو يتوجه ليقف بجانبهم ثم أشار للعامل بأن يأخذ لهم الصوره ، لم تمر سوى دقائق وكل منهم يتجهز للخروجٍ ، حتى وقفت "سميه" بالخارج أمام سياره "غسان" الواقف أمامها وبجانبه "نيروز" ثم تحدثت بنبره هادئه لهما :
_" شوفو هتروحوا فين بس متتأخروش ، وخلي بالك علي نفسك يا نيروز"
طريقتها في قول كلماتها لم تكن لطيفه بالنسبه له بل وفهم جيداً. ما ترميه بٱخر حديثها ، نظر هو لها بصمتٍ ولم يمنع كلماته بأن تخرج لها ثم قال بنفس الهدوء مردداً بثباتٍ :
_" بقت مراتي يا حماتي يعني ملوش لزوم الخوف عليها مني ، مش هقربلها ولا هأذيها يعني عشان تعرفي .!! "
تنحنحت بحرجٍ عندما وجدته يعلم ما تفكر به هي ، ولأنها تعلم أنه عبثي من الدرجه الأولي يتوقع منه حدوث أي شئ ولكنها ليست معتاده بأن تكون الاخري متزوجه بل ستأخذ وقت من الواضح لاعتيادها علي ذلك ، أومأت لها "نيروز" رغم خجلها بينما هتفت هي قائله تبرر :
_", معلش يبني مش القصد بس من حقي أخاف علي بنتي ، والصح بلاش تأخير عشان لو عمها سأل فأي لحظه باللي هيعمله ده لازم تكون موجود "
أومأ لها بتفهمٍ ثم فتح باب السياره لـ "نيروز" حتى دخلت هي بينما نظر للٱخري مردداً باختصارٍ:
_" أنا عارف هعمل ايه معاه و متقلقيش مش هنتأخر ، حاجه تاني ي حماتي ؟"
نظرت له باستنكارٍ من نفاء صبره الغير معهود ، يبدو أن طريقتها في أول حديثها لم تروق له ولكنها لم تقصد شئ به من الأساس أيقنت الٱن وجيداً من ناحية أخرى بأن ابنتها أصبحت بايدي أمينه !! ، ابتسمت له ثم رفعت يديها تربت علي كتفه تعبيراً عن أمانها واطمئنانها ثم أشارت له بالنفي وهي تتوجه حيث السياره الأخرى والتي كانت كبيره لتأخذهم حتى انها كانت مساحتها أكبر من. سيارة "غسان" ، ركب هو سيارته ، بينما تجهز الٱخرين بالسياره الٱخرى ، حرك هو محرك السياره بهدوءٍ ثم التفت بوجهه ينظر لها مبتسماً ، تزامناً مع تحرك السياره ، تعلقت نظراتها به لم تنبس هي بأي حرف بل تفقد مسكة يديها المرتجفه من ٱثر ما مر عليهما ثم ابتسم لها بحنوٍ وكأنه يقرأ أفكارها حينما هتف ليؤكد هو :
_" أيوه مرات غسان البدري خلاص ومفيش مفر "
ضحكت بخجلٍ ثم أغمضت عينيها لتزيل التوتر ، فضحك هو بخفوتٍ علي ما تفعله هي بسبب توتر الأجواء !!
____________________________________________
جلس أمام الغرفه وهو ينتظر منذ أمس ، وبجانبه شقيقته ، بعدما أخبره الممرضين المسئولين عن حالة والدته بأنها لديها أزمة إختناق عندما صعُب عليها أخذ أنفاسها ، توتره منذ أمس ولم يغفل له عين كان كمثل "فرح"، ينتظر وبشده رجوع "بسام" ليعلم ما هو الأمر الغير معهود من حدوث ذلك لها حتى مرضها لا تربطه علاقه بذلك ، تنفس بعمقٍ وهو يضع يديه علي رأسه بتعبٍ فوضعت "فرح" يديها عليه تربت بحنوٍ وهي تتحدث قائله لتخفف توتره وغضبه وكل ما يحدث له وبداخله:
_" خلاص يا عز متوترش نفسك هما قالو إنها كويسه ودي أزمه عادي وحصلت وهتفوق كمان شويه ، مش معقول اللي انتَ عامله فأعصابك ده.."
رفع "عز" أنظاره بعدما حرك رأسه لها ينظر بتعابير وجه خاليه ثم هتف بنبره جاده:
_" الموضوع ده مش عادي يا فرحّ ، شريف كان هنا ودخل ازاي أنا معرفش !!"
فتحت "فرح" فاهها بغير تصديق من فكرة حدوث ذلك من شقيقها بينما تساءلت بنبره تائهه:
_" وانتَ عرفت منين يا عز وازاي حصل ده !"
تحركت أنظاره بلومٍ له هو شخصياً فالمكان وهو يجيبها بنبره هادئه يفسر ما وجده :
_" شريف وقع ولاعته بالقصد عشان أعرف إن هو جالها ، مين هيعمل حركه زي دي غيره ولا مين هيدخل بولاعه جوه ويزورها ألا هو !"
صمت وصمتت هي بغير تصديق ، بينما قاطع لحظتهم دخوله هو عليهم بعد أن أوصلته السياره أمام عمله ودخل منذ فتره صغيره ، وقف "عز" علي فجأه عندما رٱه ، بينما ترقبت "فرح " ، نظر له "بسام" وهو يقف من أمامه ثم هتف بنبره هادئه :
_" أنا عرفت اللي حصل للأسف ، ألف سلامه عليها ومتقلقوش حالتها هتبقي كويسه مش خطر ان شاء الله "
أومأ له وهو يهز رأسه ثم أجابه بعقلانيه :
_" معلش يا دكتور بسام أنا عاوز أعرف ازاي حد يدخل عليها واحنا مش موجودين وكمان معاها ممرضين ، لأن اللي حصلها ده بسبب أخويا يعني زائر مش من نفسها !"
تفهم الٱخر ما يود قوله جيداً ، بل وزع نظراته عليهما ثم نبس بنبره هادئه :
_" لو دي مشكله بالنسبالك فـ حقك ، بس أنا عاوز أقولك حاجه إنه لو دخل عليها فعشان اتعرف من اسمه إنه أخوك وهي والدته فـ زياره عاديه ولو مش كده فـ دي حاجه تانيه ممكن تكون حصلت من الممرضين ،. وبراحتك يا عز لو عاوز تاخد أي إجراء ، بس أنا شايف إنها تعدي لانها فأوضه عاديه وحالتها كانت اتحسنت وأي حد كان ممكن يشوفها فاهمني ؟"
هز "عز" رأسه له بالايجاب بينما أمعن النظر بوجههما حتى رأى معالم الإرهاق علي وجهها ،. خرج من تطلعه عندما نظر الٱخر لشقيقته بتيهه يحذرها :
_" أنا لازم انزل الشغل دلوقتي يا فرح خليكي جنبها لحد ما تفوق أو ابقي فأوضتك بس آطمني عليها بين الوقت والتاني لحد ما ارجع ماشي ؟"
تنحنح "بسام" بحرجٍ بينما التفت له "عز" يستأذن منه بلباقه:
_" عن اذنك يا دكتور بسام "
_" دكتور بردو يا راجل ؟"
ضحك "عز" رغماً عنه ومنه بحرجٍ ولكن تلك المره كسر الحاجز بلطفٍ ثم أجابه:
_" ولو إن صعبه تتعب كام سنه واجي أقولك علي الجاهز يا بسام ، بس ربنا يعلم أنا بعزك قد ايه والله ، يا بسام "
ضحك "بسام "بخفه وهو يومأ له مشيراً بيديه بإعجابٍ علي كسره الحاجز ثم التفت الٱخر يشير لشقيقته بالوداع تحت ابتسامتها ، حتى اختفي هو أمام أنظارها ، بينما تنحنح هو بحرجٍ ثم هتف لها قائلاً :
_" هو انتِ رجعتي تتعبي تاني من التشنجات؟"
لم تستطيع رفع أنظارها له بل هربت بأنظارها بعد قوله وهي تومأ رغماً عنها بنعمٍ ، فنظر هو لها باشفاقٍ ثم حدثها قائلاً بلطفٍ :
_" مينفعش تسيبي نفسك للزعل اللي عمل كل ده ، تحبي تنزلي تحت تقعدي شويه فالجنينه لحد ما هي تفوق ونفسيتك تتغير شويه "
حاصرها بقوله ولن تستطع هي إحراجه بل هزت رأسها قائله كلمه واحده :
_" ماشي "
لا يعلم هو لما فكل مره يطلب وجودها ، ولكن الظاهر غير الباطن! ، فإن بحث داخله سيجدها مجرد شئ ينسى به ما حدث له ، يفقد وقت بوجودها فقط ليشعر بالراحه أو ليشعر باللا شئ ، خطأ ، خطأ وجرم منه هو تحديداً ولمن يشعر رغماً عنه بأن إحتياجه لشخص ليتخطي به دون أن يعلم ما سبب الراحه بوجوده ! ، حتي وإن كان حباً أو ما شابه يلزم التخطي أولاً لبدء حياه سويه نظيفه ، البعد راحه والقرب راحه ، والأول عدل وبه راحه ، والثاني راحه بالفعل وبه ألم !!
_______________________________________________
_" غسان ونيروز هيعدو عليكم بليل بقا ، كتبو الكتاب بقا وهايصين"
قالها "حامد" الجالس بجانب زوجته ومعه "سُميه" و "ورده" و"بدر" ، تحرج "شادي" و،"بسام" من الزياره في يوم كهذا ، حتى اتفق بأنهما سيأتي لهما بوقت ٱخر وترك السياره لـ "بدر" يقودها في العوده بينما رحل هو وأيضاً "بسام" الذي رحل لعمله ، ورغم اعتراض البعض إلا انهم كانو خجلين ، قالها "حامد" بمرحٍ فضحك الجميع عليه ، بيما نظر "حازم" لهم بامتنان ثم قال بلطفٍ:
_" كان نفسي أنزل معاكم والله بس لولا حلفان أمي وحماتي ، بس مش عارف أقولك ايه يا عم حامد ولا انتَ يا بدر "
نظرو له بامتنان ، حتى تحدث "حامد" بلطفٍ :
_" إحنا إللي نقول كده يا حازم ، كتر خيرك على اللي عملته يبني "
_"صح يا حازم ، وبعدين يعم متشكرنيش دا واجب عليا نيروز زي أختي واخت مراتي وغسان اخويا واكتر من ابن عمي "
نظرت له كل من "دلال" و"سميه" بامتنانٍ ، بينما تحدثت "ياسمين" قائله بمرحٍ :
_" طب وهتعملوا إيه فالمجزره اللي هتحصل النهارده ؟"
كان حديثها مرحاً بينما أصاب بعضهم الخوف مما هو قادم ، فخرج صوت"حامد" قائلاً لهم بهدوء واطمئنان:
_" ربنا يستر يبنتي ، وبردو عاوز أقول إن نيروز خلاص بقت بنتي وأقدر أقف فوش أي حد قصادها ، دن غير إنها بقت مسئوله من غسان ومن النقطه فان شاء الله خير "
حديثه هدأ من خوف البعض ، والٱن أصبح هو لديه حق بالوقوف والحديث عكس قبل ، بينما إن توجهنا للمنطقيه فأكثر ما وضع بقلبه الخوف ويحاول تجاهله ليست "سميه" بل "دلال" التي تشعر بالخوف إن ضر أو مس أحدهم سوء لابنها في وقتها لن تختار سوي ابنها وسلامته فقط ، وهذه نقطة عفويه تلقائيه من شعورها كأم ، ابتسمت لهم وهي تخفي ما تحاول أن تخفيه من خوف بل تحاول بأن تفرح بكل ما لديها من محاوله ، بينما تنفست بارتياحٍ عندما وجدت "سميه " تربت علي يديها بسعاده ، صاح "حامد" بحرجٍ من تطولهم بالجلسة حتي تحدث بإذن ليتركهما :
_" طب أنا هستأذن أنا بقا يا حازم أنا والعيله الكريمه وزي ما انتَ عارف خلي بالك من حب العمر ياض ، ولو محتاجه تستني يا مدام سميه براحتك خالص بس هنستأذن احنا بقا "
أومأ له بابتسامه بينما نهضت "وسام" تحتضن "ياسمين" بحبٍ حتى "ورده" التي احتضنتها لتودعها بشوقٍ بعدما هتفت "سميه" :
_"لا طبعاً هنروح معاكم رجلنا علي رجل بعض يا جماعه مش بقينة نسايب لتاني مره ملكوش حق والله ِ"
ضحكوا بخفه بينما سبق جميعهم عدا "سُميه" التي وقفت تبتسم لابنتها بشوقٍ وحنوٍ رغماً عنها ، حتى استشفت "ياسمين" نظراتها حاولت ان تخفف من شعورها عندما هتفت لها باهتمامٍ:
_" هكلمك علطلول ياماما وأرجوكِ خدي علاجك بانتظام عشان شكلك تعبان أوي يرضيكِ يعني يا سمسم أقول لحازم يطلقني عشان أرجع أقعد معاكِ وأخلي بالي منك "
شهقت والدتها عالياً ثم عنفتها قائله بحده :
_" بس تفي من بؤك يبت طلاق ايه ! ، هخلي بالي من نفسي بس خليكي مبسوطه ومرتاحه "
ضحكت "ياسمين" علي ردة فعلها ثم ابتسمت بحنوٍ لها وهي تودعها لتلحق بهم ، بينما توجهت تنظر لهم إلي أن اختفتوا جميعاً حتى أغلق "حازم" الباب وهو يلتفت ينظر لها وهي شارده ، توجه يمسك يديها بحنوٍ ثم نبس بنبره قلقه :
_" مالك يا ياسمين سرحانه فـ ايه ؟ ليكون فيا !؟"
قالها بمشاكسه فنظرت له ضاحكه وهي تجيبه بمرحٍ :
_" لا "
نظر لها بغير تصديق حتى خرجت منه ضحكاته العاليه وهو يتجه معها حيث الأريكه ، فنبست هي بعدها قائله بخوفٍ :
_" رغم اني فرحانه بنيروز بس فنفس الوقت حاسه ماما تعبها بيزيد وشكلها مرهق أوي وخايفه كده .. "
نظر لها "حازم" بتفهمٍ ثم تنفس بعمقٍ حتى خرجت نبرته المطمئنه لها :
_" متوتريش نفسك عالفاضي يا ياسمين أنا متأكد إنها أكيد هبطانه شويه من الشغل فالشقه الأيام اللي فاتت وكمان الفرح والحنه هي تعبت أوي برده ، فأكيد مرهقه بسبب كده ولما هتاخد العلاج هتبقي أحسن "
نظرت له وهي تفكر بحديثه وتتمني بأن يكون كذلك لا أكثر تنفست بعمقٍ وهي تهز رأسها له ثم ابتسمت له بامتنان وهي تجلب كوب من العصير تقدمه له بحنوٍ حتى أمسكه هو وهو ينظر لها باطمئنان وكأنه يرسله لها عبر نظراته دون تفوه حديث !! ..
____________________________________________
جلس هو بمطعمٍ وهي من أمامه ، لا يعلم ما الذي يشعر به من مشاعر عده ، بداخله عدم تصديق لما حدث بتلك السرعه ، حتى فرحته جعلته لم يستطع بأن يتناول ما طلبه وما ٱتى به النادل ، نظرت له "نيروز" حتى ثبتت عينيها بعينيه للحظات ، ماذا سيحدث إن انتهى العمر ومازال هو عالق بعينيها ، توسعت بسمته حينما جمعت هي حديثها ثم تنفست بعمقٍ قائله بمشاعر مختلفه ولكن السعاده التي خرجت منها رغماً عنها وهي تردف حديثها جعلته هائماً. بها :
_" حاسه إن انا مش مستوعبه اللي بيحصل ، انتَ مستوعب ؟"
حرك "غسان" رأسه بنعمٍ بينما أخذ وقت عندما تحدث بنبره هادئه لينه :
_" مستوعب ، وبحبك بس مش عاوز أشوف الخوف فـ عينيكِ "
حركت "نيروز" أنظارها يميناً ويساراً ثم تنهدت تخرج أنفاسها حتى أجابته ٱخيراً :
_" أنا مش خايفه من حاجه دلوقتي ألا عليكّ ، هتسيبني؟؟ "
ريبه معهوده منها ولها كان يتوقع سؤال كهذا ، خوفها ورهبتها في أن يصببه مكروه من عمها أو ابنه بعد الٱن لا يفارقها ، بل كل ما تفعل له حساب الٱن هو ردة فعل عمها وقد اقتربت الساعه علي رحيلها والوضع أمام اللحظه الحاسمه ، إستشف صدق كلماتها وخوفها الذي ظهر وبشده بنبرتها ، نظر لها بتمعن ثم تنهد يخرج أنفاسه حتى يُطمئنها بنبرته ويسحب منها خوفها عندما نبس بنبره ثابته لينه :
_" مش هسيبك يا نيروز ، مش هسيبك عشان أنا متمسك بيكِ ، ومش هعملها غير فـ لحظه إني لو شوفت فعينك انك مش عاوزاني أو طلبتي مني أسيبك ساعتها عمري ما هغصبك عليا ،أنا أهم حاجه عندي تكوني مرتاحه ، وواثقه فيا اني مش هسيبك بمزاجي ولا لأي حد يأذيكِ ، سألتك وقولتلك لو مش عايزه كتب كتاب قوليلي كنت هصبر عشانك حتى لو غصب عني ، أنا مبطلبش منك غير الصراحه حتى إحساسك بالأمان انا مش هقدر اطلبه منك عشان دي حاجه انتِ اللي بتحسي بيها أو مبتحسيش بيها بتاعتك وغصب عنك ، قولتلك مش هاجي عليكِ عشان الحاجه الوحيده اللي مش هعافر فيها هي ان لو شوفت فعينك ورغبتك بانك تسيبيني ساعتها مش هتمسك بيكِ وهسيبك علي راحتك حتى لو هتأذي بس مش هحاول مع حد مبقاش عاوزني أو مش عاوزني ، وأنا مشوفتش فعنيكِ غير القبول والموافقه ، حتى لو موافقه ومأمنالي وعاوزاني ومطمنالي فأنا عاوز أسمعها منك يينت الأكرمي !"
صمتت تستمع لحديثه بتأثرٍ. عند ذكره للفراق هابت وخافت هذه النقطه حتى بعدما انتهي من حديثه رفعت يديها هي بعفويه تتمسك بيديه تزامناً مع خروج نبرتها الصادقه:
_" لا أنا عاوزاك ومحستش بالأمان غير معاك ،ومش هطلب منك تسيبني يا غسان إلا لو حسيت ان كل واحد فينا بيتأذى من وبسبب التاني ، لكن أنا عمري ما هتأذى من وجودك بالعكس أنا متأمنه من كل حته عشان انتَ معايا "
لم يتأثر من حديث لها من قبل كهذا ، بل حرك الوضع وأصبح هو المتحكم عندما أمسك كفها بين يديه مبتسماً باتساعٍ ثم غير مجري الحديث لآخر مرح وهو يردد :
_" ما تجيبي حضن وهأمنك بمسدسات ورشاشات وكله مش من وجودي بس "
ضحكت"نيروز" بخجلٍ وهي تسحب يديها من بين يديه ، فنظر هو لها باستنكارٍ من فعلتها هذه حتى ردد بوقاحه :
_" أومال لو قولتلك اني همسك وظيفة يامِن بعد النهارده !! "
كان يقصد القُبلات الموجهه لها على وجنتيها من الصغير بواسطته هو وهو يحفزه بأن يفعل ذلك ، قالها وهو يغمز لها بتبجحٍ ، بينما نهضت هي من مكانها عندما وجدت العامل قد ٱتي لجمع ما أمامهم حتى وضع الٱخر له الٱموال ثم نهض هو الآخر حتى أمسك يديها يقاطع سيرها فاندفعت هي بخفه وهي تتوجه ناحيته بخفه ٱثر مسكته بينما تابع هو يهمس لها :
_" بصي وراكى كده !! "
تحرجت من فكرة التصاقها به الٱن بل تنحنحت بحرجٍ وهي تحرك رأسها إلي الخلف فوجدت بوكيه من الورد الكبير علي مسند مُغلف. فتحت فاهها بإعجابٍ وهي تمد يديها بغير تصديق من سرعته في تخطيط لكل ذلك ، ولكن يبدو أن محل الورد بالخارج فعله وبخفه عندما حدثه هو وأخذها بالمطعم الذي بجانبه ، رفعته إلي أنفها تستنشقه ثم لاحظت هي الكارت الصغير التي نظرت علي ما دُون به من سؤالٍ: « عارفه الست قالت إيـه ؟» التفتت "نيروز" بسرعه تنظر له بسعاده وهي تجيبه بنبره مُبهجه هادئه وعينيها تقسم له بأن مفجأته وُضعت بقلبها بعده :
_" ايه ؟"
لم يجيب هو بل أجابها صوت "أم كلثوم" الذي صدح فالمكان وبصوتٍ عالي حينما هتفت بصوتها القوي الذي جعل الأنظار تنتبه على فجأه :
«كان لك معايا أجمل حكايه في العمر كله
سنين بحالها مافات جمالها على حب قبله
سنين ومرت زي الثواني ..في حبك إنت..»
قالت كلماتها بقوه ومن ثم أغلق المقطع سىريعاً ، كان المقطع متناسقاً مع قصتهم وبشده بينما صمتت تنظر بدهشه علي ما فُعل للتو لم تتوقع في يوم أن يحدث هذا وكأنها قصة حب في أحد الأفلام ، أما هو ، ففتح ذراعه لها ثم تقدم عدة خطواتٍ ليأخذها بين أحضانه بحبٍ ظهر وبقوه لمن حوله ، أدمعت عينيها ثم شهقت بقوه عندما سمعت صوت التصفيق الحار من جميع من كانو بالمكان ، حتى هو لم يتوقع شئ كهذا ، خرجت من بين أحضانه بخجلٍ ، أما هو فنظر لهم بامتنانٍ ثم ضحك عالياً عندما وجد بعض الشباب يهللون له بقول أحدهما:
_" جامد يسطا ، جـــامــد !! "
رفع يديه يشير لهما بمرحٍ بينما أمسك يديها يخرج من المكان خاصةً أن جميع الأنظار توجهت عليهما الٱن ، خرج يضحك علي ما حدث للتو لم يتوقع بأن سيكون الأمر منسقاً لهذه الدرجه ، أما هي فنظرت بغير تصديق له وهو يفتح باب السياره لها تزامناً مع ضحكته الواسعه العاليه التي لم تتوقف ، ركبت وهي تشعر بمشاعر كثيره منها سعاده ومنها صدمه لما حدث ،بينما توجه ليركب هو ليحرك محرك السياره بعد أن أشار لهما من الخارج وهم ينظرون عليهما ، بدأت السياره بالفعل بالتحرك بينما تابعت هي له بنبره متحشرجه مُضحكه لمن يراها تتحدث بقولٍ عكس ما تشعر به :
_" يخربيتك فضحتنا"
حديثها العفوي لا يتماشي مع طريقتها بقوله ، قهقه عالياً بغير تصديق ، أحقاً أردفت ذلك للتو ؟! ، أدمعت عينيها بفرحٍ ، ثم سمع هو صوت ضحكاتها عالياً مثله ، فـ ردد هو لها قائلاً بدهشه من أمرها :
_" ده انتِ هبله بقا!"
هزت رأسها تؤكد له ما قاله ، بينما حرك "غسانّ" رأسه بقلة حيلة ثم غمز لها قائلاً بمراواغه :
_" لا بس عال أوي ، إندمجتي واتفاجأتي وعيشتي الجو وأبهرتيني بدل ما تتبهري انتِ ".
______________________________________________
بعد مرور وقت قليل ، جلستّ بصالة المنزل بخوفٍ وترقب ، فقد عملت أن "سليم" سيأتي لهم بعد قليلٍ ، ترقبت "ورده" ما يظهر من قلق علي والدتها ، بينما جلس "بدر" يداعب صغيره بخفه ، وضعت "ورده" يديها الحانيه عليها مردده بنبره هادئه تبث لها الثقه :
_" متقلقيش يا ماما انتِ خايفه كده ليه؟ "
_" مش حاسه ان هيحصل خير يا ورده قلبي مش مطمن رغم إني اتطمنت لما اختك بقت معاه ، بس سليم مش هيسييبنا فحالنا ولا اللي وراه !! "
قالتها بخوفٍ ، فنظر لها "بدر" مرددا ً لها بثباتٍ :
_" ان شاء الله خير متقلقيش نفسك استني بس واتفرجي علي اللي هيحصل وانتِ مطمنه "
نظرت له وهي تحاول أن تجد الأمان به وبما سيحدث منذ قليلٍ ، نهض "بدر" يفتح الباب بعد أن وجده يدق دقات هادئه ، فتحه بهدوءٍ حتى ابتسم لهم عندما وجدهم أمام أنظاره ،. دخل "حامد" وزوجته وابنته و "شادي" المنزل ، بينما توجهت "دلال" تنظر لهم تزامناً مع قولها :
_" احنا جينا عشان مينفعش نسيبك فـ حاجه زي دي خصوصاً بعد ما خلاص الوضع بقا يخصنا يا سميه "
ابتسمت لها "سميه" بامتنانٍ بينما نظر لهم "حامد" بهدوء ثم هتف بنبره جاده:
_" غسان فاته علي وصول إن شاءالله"
ترقب الجميع ما سيأتي بعد الٱن ، وخفق قلب "سميه", عندما وجدت الباب يدق مره ثانيه ، توجه "شادي" هذه المره وهو يدعو بسره بأن يصل صديقه بأقرب وقت فتح الباب فوجد وجهها المشمئز بالنسبه له أمامه ، نظرت له "زينات" من أعلي لأسفل ثم دفعته بهدوء وتبجح حتي يفسح لها المجال وتدخل هي ، نظروا لها بصمتٍ ولم ينبس أي منهم بحرف إلي أن تحدثت هي بشماته وهي تقف :
_" أنا جيت وسبقت ، عاوزاكم تستعدوا كده عشان سليم زمانه علي وصول هو والعريس "
صمتت تابع ملامح وجههم الصامته مما أثار بها الاستنكار ولكن شماتتها طغت ، حتى واصلت مره أخري تتحدث بوقاحه :
_" هو مش الحاجات دي برضو يكون القرايب بس موجودين ، وجودكم مش لطيف بصراحه ايه اللي جابكم وفين العروسه صحيح..؟"
قالتها لـ "حامد" وعائلته ، ولكن اندفع "بدر" ينظر لها بشرر حتى وقف أمامها بقوله الجامد:
_" وانتِ مال أهلك هي كانت شقتك ؟ "
أمسكه "شادي" برفق ليجلس بعيداً عنها بينما تابعت "سميه" بنبره جامده لها :
_" احترمي وجودك فـ بيتي يا زينات ، دول مش قرايب دول أكتر من كده كمان عيب أوي اللي خرج منك ده "
قالتها بجمودٍ فنظرت "زينات", لكل من هاجمها ، من هو وهي ببرودٍ وغيظٍ داخلي ، أما "حامد" فصمت هو وزوجته لم يردد أي حديث يكفي ما هو ٱتي لهم ، وللمره الثالثه دق الباب ، فتحت "زينات" متناسيه سؤالها مره ٱخري علي "نيروز" ، ولم يكن سوي زوجها وبجانبه الشاب الذي طلب منه "نيروز", أكثر من مره وجلبه هو عندما وجد الوضع يناسب ذلك لتأديب ابنة أخيه ومن الناحيه الٱخري مأذون جلبه العريس من طرفه ، وقف جميعهم عندما دخل بهما "سليم", المنزل ثم نظر لهم جميعاً حتى وقف أمام "سُميه" قائلاً لها مره واحده :
_" هتبصيلي كتير ، افتحي الصالون خليني أدخل الناس ، وهاتي بنتك "
نظرت له بدهشه من تجرأه ،فـ تصنع "بدر" عدم العلم كما الأخرى، بينما إجابته "سميه" بحده :
_" مفيش حد داخل فحته ، وايه ده ؟ مأذون من غير ما تقولنا هي وصلت لكده ؟"
نظر لها "سليم" ببرود بينما وقف الشاب ينظر بتشتت للذي يحدث وكذلك المأذون ، قاطع لحظتهم صوت "بدر" المنفعل له قائلاً بصوت عالي وبشده :
_" إطلع برا انتَ والناس دي حالاً ، مفيش حاجه من دي هتحصل ووريني هتحصل ازاي وانا واقفلك لأ وكمان العروسه مش هنا ، فرجني هتعمل ايه .. "
إحتدت نظرات "سليم" و تفاجٱت "زينات" مما يحدث بينما دخل عليهم من ٱثر الصوت العالي وتركهم الباب مفتوح "عايده" و"جميله" ، فـ خرجت نبرة "حامد" الهادئه منه بقوله له :
_" مينفعش اللي بيحصل ده "
التفت ينظر له "سليم" بحده ثم ردد بانفعال من كل ما حدث قائلاً له :
_" وانتَ بتتكلم بصفتك ايه ؟"
الباب المفتوح والواقف خلفه هو منذ دقيقتان منذ خروجهما من المصعد ، كفيلاً لسماعه ما أردفه "سليم" دخل "غسان" وهي من خلفه تاركه باقة الورد بجانب الباب ، وقد ارتبكت الأنظار وبشده ، بينما تجاهله "سليم" ثم توجه يتحدث بانفعال أمام وجه "نيروز" التي توقفت أمامه :
_" انتِ كنتِ فين يا هانم انتِ وأنا قايلك في عريس جايلك ، فاكره إنك كده بتلوي دراعي لما تتأخري ومتبقيش موجوده فالبيت ؟"
طالعته بصمتٍ ، ومن هذه اللحظه ترك كل منهم القادم له هو تحديداً "غسان " ، سحبها "غسان" يرجعها للخلف حتى تقف خلفه بينما تقدم هو يقف أمامهم الأربعه ' سليم ، زوجته ، العريس المشتت والمصدوم ، المأذون الذي ترقب الوضع جيداً ' ، فوجه "غسان". نظراته علي وجه المأذون ليسأله بهدوء:
_" بقولك يا عم الشيخ هو ينفع واحده تتجوز وهي متجوزه ؟"
شهقت "زينات" بقوه في حين صُدم "سليم" من قوله ، بينما تابع المأذون بعقلانيه :
_" لا طبعاً يبني لا يجوز ، حرام شرعاً "
وجه "غسان" نظراته لـ "سليم" من بعدها ثم حرك كتفيه ببساطه مردداً باختصارٍ :
_" عرفت بقا هو كان بيتكلم بصفته ايه ؟"
قالها تحت الأنظار وهو يرفع يديه يشير علي والده ، ثم هتف بنبره مستفزه له يثير من إنفعاله بطريقة ما :
_" حماها يا متر"
نظر له "سليم" بغضبٍ ثم هتف له بانفعالٍ فاق الحدود:
_" انتَ بتقول ايه يا متخلف انتَ ؟..متجوزه ايه وحما مين انت اتجننت ؟
يشعل من غضبه بالتدريج ، بل ويتمسك لفتره معينه، نظر له "غسان" بغضبٍ ثم هتف بتحذير :
_" لسانك يعرف هو بيقول ايه ، واه مراتي واتجوزتها جاي تعمل ايه انتَ بقا تجوز مراتي وأنا واقف وجايبلها عريس ومأذون ، لا شهم شهم ..يعني !!"
قال "غسان" ٱخر حديثه باستفزازٍ ثم أشار لـ "شادي" بقوله :
_" وريه يا شوش صور كتب الكتاب وأنا وبدر ماسكين ايد بعض ومراتى حبيبتي كانت قاعده جنبي وعنيها مدمعه من الفرحه "
فتح "شادي " الهاتف سريعاً وهو يبتسم بانتصارٍ ثم وجهه أمام أنظار "سليم" ومن بجانبه جميعاً ينظرون علي المقطع عندما هتف المأذوم بالمباركه ، وقف هو وزوجته بصدمه من ما حدث للتو ، بينما إنسحب المأذون وهو يستغفر داعيًا لهما بالهدايه ثم خرج من باب الشقه أمام انظارهم تزامناً مع رفع "غسان" إصبعه الإبهام له بكيدٍ ليريه زرقة البصمه ، بينما لم ينبس العريس بأي حرف بل بدأ بالتحرك هو الٱخر من ما رٱه من صدمه ، ولكن أوقفه صوت "غسان" سريعاً قبل أن يخرج من باب الشقه:
_" استنى يا صاحبي خد واجبك ، مش معقول جاي تتجوز مراتي وتمشي كده من غير حاجه ، ميصحش .."
وقف "الشاب" مكانه حتى التفت ينظر لـ "غسان" بتساؤل ، فأشار "غسان" لـ "شادي" بأن يمنع خروجه ، بينما تحدث "سليم" بغضبٍ له يأمره :
_" طلقها حالاً لأما هوديك فداهيه.. "
ضحك "غسان" عالياً ثم التفت يأخذ "نيروز" تحت ذراعه قائلاً له بتحدي مع أنظار البعض المنصته :
_" أطلق مين ي جدع ، بقولك مــراتي ، مــراتــي "
لم يشعر بنفسه إلا عندما دفع "نيروز" بعيداً عنه وهو يري من أمامه يرفع يديه ليضربهما ، جاءت الضربه علي "غسان" بقوه عند مقدمه صدره عندما حاول أن يتفاداها بينما رفع يده يرجع "سليم" إلي الخلف بقوه حتى إصطدم بالعمود من خلفه ثم صرخ به بحده ممسكاّ بوجهه بعنف :
_" أنا مش قولتلك يا ناقص إيدك متتمدش عليها "
حاول "سليم" التملص من أسفل يديه وهو يرفع يديه الأخرى يلكمه بها بينما توجهو سريعاً ليفصلوهم عن بعضهما وهم يصرخون عالياً ، وجدتها "زينات" الفرصه لتهجم علي "نيروز" من أثر غيظها وإشتعالها للتو ، حتي توجهت لتدفعها بقوه من ساقها حتى وقعت علي الأرض ثم رفعت قدمها تضربها على معدتها بقوه ثم أمسكت خصلات شعرها من علي حجاب رأسها بقوه وهي تسبها قائله بصراخ وسط صراخ الٱخرين:
_" يلا يا زباله يا قليلة الربايه ، أنا هوريـــكِ"
كانت هجمه غير متوقعه انتهزتها هي بسبب توجههم جميعاً لـ "غسان" صرخة "نيروز" العاليه وبقوه عندما رفعت الأخرى قدمها لتضربها في معدتها للمره الثانيه بعد تكتفها للحركه بسبب مسكها من يد الٱخري الذي وجد بها سوار جرحت يديها ، لم تستطع هي الضغط علي سوار المطواه الذي جلبها لها ، صرخت بعزم ما لديها من قوه ، صرخه مع ألم من ما فعلته الأخري حتى وهي تضربها علي وجهها تكتم صرخاتها بغيظٍ حتى جُرح ما بجانب فمها ، جعلت كل منهم يتصنم بمكانه عندما إلتفتوا ، بينما تركه "غسان" وهو يتجه لها بسرعه ثم دفع "زينات". عنها بقوه حتى إصطدمت بمن خلفها ، شهقت "سميه" عالياً بخوفٍ ، وكل منهم يتجه لـ "نيروز" التي صرخت بألمٍ من قوة ضربة الٱخري التي جعلتها تخرج ما بأحشائها مما سبب اختناقها وسعلها بقوه وهي تتألم مع بكائها وهبوط بعض الدماء من جانب فمها وإرتجافة جسدها ، أمسكها "غسان" بلهفه وسط صراخ البعض ثم أخذ زجاجة المياه الذي جلبها "شادي" من علي الطاوله بسرعه ، ثم وضع يديه بها يغسل وجهها وما تبقي من ما أخرجته من معدتها دون أن يشمئز ، غائب عقله عن صراخ وبكاء من حوله ، كانت هى لم تري سوي دموع عينيها أمامها تسمع فقط صوت الصراخ المنفعل ، بل وتتأوى بألمٍ ثم دارت عينيها الزائغه بالمكان وهي تغلقها من قوة الألم بجسدها التى لم تستطع تحمله رعشة يديه الظاهره وخوفه الذي ظهر علي ملامحه وهو يضرب. وجنتيها يضياعٍ ، بينما أمسك "بدر" "زينات" وهو يدفعها بقوه بعد أن نهضت ثم صرخ بوجهها عالياً :
_" انتِ عملـــتي ايـــه !"
حقدها كان قد عماها لدرجة كبيره ، بل تفاجأ بـ"جميله" تتوجه لها بغضبٍ جامح وبيديها زهريه تود كسرها عليها فالحال ، منعها "بدر" و "حامد" بسرعه عنها ، بينما حمل "غسان" نيروز" بعيداً عنهم وهو يتوجه بها إلي الخارج بعيداً عن. كل ذلك ، كانت قد وقفت "سميه" تبكي متصنمه بمكانها وبجانبها "دلال" الباكيه هي الأخري بينما وقفت "عايده" المتمسكه قليلاً تنظف ملابس" نيروز" الي أن منع يديها "غسان" وهو يدفعها بعيداً عنها بغير وعي ثم حملها خارج الشقه ، وكل منهم منشغل بالٱخر إنسحبت "زينات ". وهي تشير لزوجها عندما وجدت"شادي" يمسك "جميله " كي يوقفها حتي لا تندفع مره أخرى و"بدر" الذي توجه يهدأ من تيبس جسد "ورده" مما أقرب لتشنج ، بينما وجد "حامد" "يامن" يبكي وبقوه حتي حمله يهدهده بحنوٍ ، لم يشعر أي منهما بشئ سوي الصدمه والألم لكل ما حدث ، دخلت "دلال" مع "سميه" و " عايده " الغرفه لدي الثانيه. ثم جلس "بدر" بجانب زوجته بخوفٍ لما أصابها ، بينما سبقت"وسام" عندما أشار لها شقيقها بأن تفتح باب شقتهم بسرعه قبل دقائق ، كانت "جميله " تقف بضياعٍ وكل منهم لم تقوي قدميه علي السير خلف "غسان" ..
دخل بها بشقتهم الي غرفته بسرعه وبلهفـه ومن خلفه "وسام" التي نزلت دموعها ، لم تشعر "نيروز" بنفسها. بل تتأوي مع نزول دموعها بشده ، وضعها علي الفراش برفقٍ ولهفه خاصةً انها كانت بعالم مع نفسها تنفي برأسها. تتأوي من الألم وعينيها مغلقه !! ، ضرب علي وجنتيها بخفه ولهفه هاتفاً بنبره ضائعه لا يعلم كيف خرجت منه بهذا الاهتزاز من فكرة ضياعها منه ثم قال بترجي لها وقد خانته نبرته :
_" نيروز ، فوقي ..فتحي عينك عشان خاطري..!! "
قالها بخوفٍ أمام أنظار شقيقته ، وكانت الأخرى تغمض عينيها مع ملامح وجهها المتألمه وضع يديه عند رقبتها وهو يزيح حجاب رأسها عنها بعيداً يتفقد نبضبها بلهفه ، ثم التفت بسرعه يأخذ زجاجة المياه من جانب فراشه ثم فتحها يضع ما بها علي يديه يمسح به وجهها برفق وعلي خُصلات شعرها البُنيه ، ثم تنفس عندما وجدها تتحرك وتتأوى من جديد ثم فتحت عينيها تنظر بتشوش في المكان لدقائق غير منتبهه لحديثهم ثم أغمضتها مر ثانيه مع تراخي معالم وجهها مما عنى له ذهابها في نومٍ رغماً عنها ، مد يديه سريعاً يأخذ الغطاء ليضعه عليها ولكن أوقفته يد شقيقته تمنعه وهي تهتف بخوفٍ مع نبرتها الضعيفه :
_" مينفعش يا غسان ، هدومها كلها متغرقه ميه من هنا وهناك ، لازم تغير هدومها هتاخد نزله برد وهتتعب كده .."
نظر لها "غسانّ" بتشتت ثم هتف علي عجاله من ٱمره وبلهفه :
_" هاتي بيچامه من عندك وتعالي ساعديني"
تنحنحت بحرجٌ حتي أنه لم يعي ماذا يردف هو ، صمت ينظر لها بنفاذ صبر من عدم تحركها ، وسرعان ما تفهم جيداً ما تود قوله ، هو الٱن زوجها ولكن لا يفضل له رؤيتها كذلك الا في بيته ، نهض بسرعه ثم تحدث قائلاً لها :
_" طب أنا هنادي حد يساعدك .. "
أومأت له وهي تسير لغرفتها تجلب ثياب لها تناسبها ورغم وزن نيروز الزائد عن وسام ولكنه سيقضي الغرض حتى وان كان ضيقاً ، خرج من الغرفه وهي أيضاً ، ولكنه وجد والده وبجانبه "دلال" و "جميله" الذين جاءو للإطمئنان علي "نيروز" وهم يتوجهون صوب غرفته. و بينما بقى الاخرين مع من يحتاجون المراعاه بشقة "سميه" ، هتفت "دلال" بخوفٍ قبل أن ينطق الاخرين عندما قاطع هو سيرهم :
_" نيروز فين يا غسان ، بقت كويسه؟؟..قولي يبني وطمني"
_" جوه ادخلو ساعدوا وسام تلبسها حاجه بدل هدومها اللي اتبلت "
قالها "غسان" بتيهه بينما تخطوه هما ووقف أمامه "حامد" ينظر له بشفقه بل كانت رؤيته له وهو متلهف خائف أثارت شفقته وعاطفته ، نظر"غسان", صوب الباب ثم احتدت نظرته وقبل أن يخطو خطوه واحده وجد "والده". يتوجه لغلقه سريعاً بالمفتاح بعد أن علم ما يود أن يفعله ، توجه له "غسان" صارخاً بوجه بانفعالٍ علي فجأه :
_" افـــتح البــــاب "
صمت "حامد" مانعاً نفسه من الحديث معه كي لا يثير غضبه أكثر ولكنه سمع صوته مره أخري يهتف له بغضبٍ وصراخٍ أعلي:
_" بـــقولـــك افـــتـــح البـــاب ، هتـــحبــسني !"
نظر له "حامد" وهو يقف بجانب الباب ثم أومأ له قائلاً باختصارٍ وهدوء :
_" أيوه هحبسك لحد ما تهدي ، انتَ مش شايف نفسك عامل ازاي"
رفع "غسان" يديه يضرب الباب بقوه من ٱثر انفعاله ثم تركه ورحل إلي شرفة الصاله بعيداً عنه كي يتحاشي مواجهته وفعل أشياء سيندم عليها نظر له " حامد" بترقبٍ عندما أنصت لحديثه قبل أن يذهب من أمامه :
_" متفتحوش ، الأيام جايه كتير "
فكرته بأن يأخذ مفتاحه هو ويخرج سكنت بعدما وقف يهدأ وهو يتنفس في الشرفه سامحاً لنفسه بأن يهتز توتراً وخوفاً من ما حدث لها ، سمع صوت فتح باب الغرفه وخروج كل من "وسام" و "دلال" و بأيديهم كيس وضع به جميع ملابسها. المتسخه التي أخذتها "دلال" لتغسلها ، بينما خرج هو سريعاً ثم وجد شقيقته تشير له بأن كل شئ علي ما يرام الٱن، دخل غرفته فوجد "جميله" تجلس بجانبها وهي تبكي مُمسكه بيديها عندما وجدته يقف علي أعتاب الغرفه نهضت هي بحرجٍ منه ثم انحنت تقبل رأسها من بين دموع عينيها ، حتي استقامت لتخرج من باب الغرفه ولكنه وقف علي أعتاب باب الغرفه وقد منع سيرها وقوفه ثم نظرت له بعجزٍ حينما توعد هو :
_" لو حصلها حاجه هدفن ابوكي ومراته مكانهم "
هربت بأنظارها بل معه كل الحق ، هكذا رٱت هي ، وبخه "حامد" وهو يدفعه كي تسير هي للخارج ثم هتف له يعنفه بهدوء :
_" وهي كان ذنبها ايه تسمعها كلام زي ده ، فكر فالكلام قبل ما تقوله ، الخوف والحب مبيعملوش كده أبداً !!"
نظر لوالده بصمتٍ ثم التفت برأسه وجسده ليدخل حتي أمسكته يد "والده " الذي تحدث له بتحذير أمام أنظار والدته وشقيقته. :
_" نيروز مش مـش فبيتك خد بالك من ده ، مراتك بس مش فـ بيتي !"
قالها وهو يلمح له بأن لا يقترب منها متوقعاً عبثه ورغم ثقته بأنه لم يفعل ذلك بوقت كهذا الا انه أخذ تحسباته ، ترك يديه من عليه حتى نظر له"غسان" بتمعن ثم هز رأسه يالايجاب وبخفوتٍ فقط لم ينبس بشئ حتى دخل هو ومن ثم أغلق الباب من خلفه بسبب وجود "شادي" الموجود بشقة "سميه" بجانب "بدر" تحسباً إن جاء ودخل الغرفه وهي كذلك دون حجاب ومسطحه علي الفراش بملابس بيتيه بالتأكيد ضيقه حتي وإن كانت بأكمام بسبب برودة الجو قليلاً ، جلس بجانبها على الفراش ينظر لها فقط وهو يتحسس نبض رقبتها بخوفٍ وأصابع مرتعشه ، شرد بنقطة حملها علي يديه السلميه بمساعدة شقيقته و عايده ، كان بإمكانه أن يدخل بها غرفتها في بيتها ولكن عدم ثقته بـ "زينات" وعمها من فعل جرم ٱخر جعلته يحملها إلي بيته وغرفته ، وبل قبل ذلك خوفه من فكرة غلقها علي نفسها بعد هذه المعضله ، لم يشعر بنفسه سوى عندما ٱتي بها إلي هنا ، أمسك يديها بحنوٍ ثم رفعها يقلبها بلهفه ونظرات عينيه تتراجاها فقط دون حديث بل لم يستطع جمع كلمات الٱن وضع يديها بعدها بطريقه صحيحه عليها ، ثم نهض وانحنى مره أخرى يقبل قمة رأسها بهدوءٍ ثم عدل الغطاء أكثر وهو يتوجه ليفتح الشرفه بهدوءٍ ثم أغلقها من خلفه بسبب الجو حتى لا تتعب هي ، ثم وقف ينظر إلي السماء وكأن منظرها يسحب كل ما لديه من توتر ، أغمض عينيه يتنفس ببطئ ليخرج أنفاسه الثقيله من على صدره ومن ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليطلب شقيقه سريعاً ، بعد لهفته الٱن وتفكيره ليتوجه سريعاً بعد أن يهاتفه كي يُصلي ركعتين لله ليسمح بتوتره أن يخرج ومن ثم دعائه وراحته الذي لم يجدها هو الٱن بل كل ما يشعر به هو إختناق وخوفٍ سبب إلي الٱن رعشه بيديه !!
___________________________________________
بعد مرور خمسة عشر دقيقه ، وقفَ "شادي" ينظر بترقب لسكون وهدوء حالة "ورده" الذي جلس بجانبها "بدر" بالصاله ، إلي أن سكنت تدريجياً ، كان" شادي" يحمل "يامن" ، بينما كان "بدر" منشغلاً بحديثه لـ "ورده" بأن تهدأ وتتنفس ببطئ ، التفت "شادي" سريعاً عندما وجد "سميه" تتوجه ناحية باب المنزل بمفردها ، أعطى الصغير لـ "جميله" و"عايده" عندما علم بأنهما لم يأتيا ، وبالفعل كان الوضع بالنسبه لهم محرج ، سار "شادي" من خلفها بعد أن هدأت ثم رأي هو الباب يُفتح لها بواسطة "حامد" دخل من خلفها بسرعه بترقبٍ ، بينما وقفت "سميه" تبحث عنها بانظارها بلهفه ، أشارت لها "دلال" بالجلوس برفقٍ بينما هتفت هي سريعاً بعاطفة أمومه :
_" بنتي فين يا دلال ، نيروز فين !"
توجهت ",دلال" تدق باب الغرفه بينما وقف "شادي" كي لا يصح له بأن يدخل عليها ، بعدما فهم أنها بغرفة "غسان" ،. دقت الغرفه دقات متتاليه بينما لم تمر سوى دقيقتان ومن ثم فتح لهما "غسان" وهو ينظر بصمتٍ ترك باب الغرفه ، ثم دخل هو ومن ثم والدتها ووالدته وشقيقته ، ذهبت "سميه" تتفقد حالها بخوفٍ ولهفه ودموعها تهبط دون توقف ، بينما وقف "غسان" ينظر بصمتٍ لما تفعله ، حتى رفعت "سميه" أنظارها له وهي تتحدث له بضعفٍ :
_" هي كويسه صح ؟ "
تريد الجواب منه بأنها بأفضل حال ، ولكنه أومأ لها فقط دون أن يتحدث ، فنهضت تزيل الغطاء من عليها قائله له بلهفه :
_" طب شيلها ، شيلها يبني علي عندي فأوضتها "
أمسك "غسان" من يديها الغطاء ثم عاد يضعه عليها متحدثاً بهدوء وثبات غلفه الحزم :
_" مش هشيلها ومش هتمشي من هنا ألا لما تفوق وتبقي كويسه "
نظرت له "سميه" باستنكارٍ ثم هتفت بنبره حاده رغم دموعها :
_" يعني ايه ؟ ميصحش تقعد هنا ، هتقعد معاك ازاي لوحدها "
نظرت " دلال " بترقبٍ للوضع هي و "وسام" بينما أشارت الاخيره لوالدها بأن يأتي من الخارج إن تأزم الوضع ، دخل "حامد" رغم حرجه ، فوجده يهتف لها بنبره جامده:
_" ميصحش ازاي ؟ أومال كتب الكتاب ده كان ايه ؟ ما تقعد معايا لوحدها هي مش مراتي ، ولا انتوا مسقطين ده ! "
نظرت له بغيظٍ من أسلوبه ، بينما هتف "حامد" ينهي النقاش :
_", مدام سميه ، هو معاه حق وانتِ معاكى حق ، هي مراته.. أه لسه مش فبيته بس يحق له يقعد معاها فأي وقت وأي مكان ، أما بالنسبه انها هتقعد معاه لوحدها فـ برضو مفهاش مشكله بس أوضة بسام موجوده وهو النهارده بايت فالمستشفي يعني هينام فيها هو وشادي وكده تبقى اتحلت لحد بكره !! "
وزعت أنظارها فالمكان وعلي وجوههم ثم هزت رأسها بقلة حيله وهي تمسح علي وجه ابنتها ثم نظرت عليه فوجدته يحدج نيروز بحنوٍ وخوفٍ ظهر بعينيه ، بالنسبه لها وجودها بعد هذا الحديث أصبح محرجاً لا تعلم ماذا تجيبه ، بل تنفست بارتياحٍ ثم نهضت تعتدل بوقفتها متحدثه بنبره هادئه له تسأله بترقبٍ :
_" يعني لو سيبتها اطمن ؟"
هز لها "غسان" رأسه ثم همهم بنبره مقتضبه :
_" اطمني "
هزت رأسها له بينما توجهت "دلال" تسندها إلي الخارج كي تترك الهدوء بالمكان ، ثم توجه من خلفهما "وسام" و "حامد" ، قرر "غسان " الخروج هو الآخر لينتظر قدوم شقيقه علي أحر من الجمر كي يؤكد له بأنها على ما يرام ، وجد باب الشقه يُغلق بعد خروج "سُميه" بينما توجه "شادي" يقف أمامه ثم نبس بنبره متساءله :
_" بقت كويسه ؟"
حرك رأسه ثم نظر له "غسان" يجيبه باختصارٍ وهو. يهز رأسه له :
_" كلمت بسامّ يستأذن يجي يشوفها "
قالها بانتظارٍ فقدوم شقيقه سيوضح له الوضع جيداً ، خاصةً أن للٱخري جروح لا يعلم عنها شئ كونه لا يفقه بالطب ، بل وصدمته جعلته لا يري سوى وجهها بترقبٍ حتى لا تخيب ٱماله وتتركه !! ، أومأ له بتفهمٍ ، ثم انتبه لذهاب والده لغرفته بينما ذهبت والدته إلى المطبخ ، فتوجه "غسان" يجلس علي الأريكة منتظراً قدوم شقيقه بفارغ الصبر بينما توجه الٱخر ليجلس بجانبه ثم رفع يديه يربت علي ساقه قائلاً بمواساه به بعض المرح ليخفف عنه مما جعله صامتاً شاردا؟ بالكثير والأهم كتمه لدموع عينيه التي تنتظر بأن يسنح لها بالهبوط ولكنه بكل ما لديه من محاوله ، حاول الثبات أمام الأنظار رغم صعوبة ذلك عليه ولكنه لم يكن يعلم هو بأن انهياره سيأتي بل وبعد قليل ! :
_" هتروق وهتبقي زي الفل ، هتبقي عال زي ما بتقول يعم وبتبقي كده فعلاً و مبتكذبش فيها !"
_____________________________________________
جلس يتطلع علي وجه والدته وبجانبه شقيقته "فرح" ، بعدما ٱتي من الخارج. وفاقت "حنان" من غفوتها بسبب ما حدث لها ، نظر لها "عز" بصمتٍ وهو يفكر بها خائفاً من داخله ، خرج من شروده عندما وجد شقيقته تجلس بالجانب الٱخر ونبرة "حنان" الضعيفه له وهي تقول :
_" متخافش عليا يا عز أنا كويسه"
نظر لها "عز" بتمعن ثم حاول أن يختبر صدقها بسؤاله الهادئ :
_" اللي حصلك ده بسبب إن شريف جه هنا صح ؟"
هربت بأنظارها منه ثم حركت رأسها بالنفى ، أومأ هو لها ثم حرك رأسه بقلة حيله مردداً بلومٍ وغضبٍ دفين يأتي بالتدريج له :
_" قوليلي هتفضلي لحد امته سيباله مجال يجي ويقف قصادنا ويتكلم ولا كأننا عملنا جريمه ، .. لو جه هنا أنا مش هرحمه عشان تعرفي "
نظرت له والدموع بمقلتيها من رؤيته لغضبه الذي لا يظهر إلا قليلاً ولو ظهر لم يظهر عبثاً ، ترقبت "فرح" بخوفٍ ، بينما تابعت الٱخري بنبره مهزوزه :
_"متسمعلوش يا عز ، سيبه يقول اللي يقوله ويعمل اللي يعمله ، كفايه ربنا عارف إننا معملناش حاجه ، أنا كنت جيباه تاني عشان خوفت لأموت وهو مش مسامحنى يبني "
_" ولا سامحك حتى بعد ما دخلتي فـ غيبوبه وفوقتي ، إستفادنا إيه ، غير تعب جسدي ونفسي ليكِ وليها ، مش قادره تقتنعي إن لما جبتيه الأمور اتشقلبت ، وبنتك بقت تعبانه ونفسيتها وحشه وكمان التشنجات مبتسبهاش كل ده عادي ولا كان عادي اللي حصلك ؟"
قالها من انتباهه لسوء حالة "فرح" التي تقتنع بنفسها أن حالتها ليس من "شريف " بل من ٱخر وتهديداته وضغطه ، والحقيقه بأنها بالفعل تعاني بسبب "شريف" دون أن تعلم هي !! ، أخرج أنفاسه بقوه بعد حديثه ، ثم رفع يديه رغم غضبه المكبوت يمسح دموع عينيها برفقٍ ، فـ تحدثت "والدته " لتجيبه بلهفه :
_" معرفش إن كل ده حصل ، كان قلبي حاسس إن فيها حاجه ، كنت حاسه"
نظرت لها "فرح" ثم توجهت لتحضتنها بإطمئنانٍ تزامناً مع قولها المطمئن :
_" أنا كويسه يا ماما متقلقيش"
تنفس "عز" بعمقٍ ثم نهض علي فجأه يضع الغطاء عليها تزامناً مع قوله:
_" ارتاحي ياماما الوقتي شكلك تعبان "
نظرت له بتمعن ثم نبست بنبره ضعيفه له:
_" سامحني يا عز منزعلش مني يابني ، بس الواحد غصب عنه بيخاف يمووت وحد مأذي منه ومش مسامحه ! "
ابتسم لها بحنوٍ يخفي غضبه الداخلي بأن يخرج أكثر ، ثم هتف بنبره هادئه تزامناً مع إشارته لشقيقته :
_" أهم حاجه عندي صحتك ونفسيتك "
هزت رأسها له بحنوٍ بينما خرج هو من الغرفه بعدما أشار لشقيقته بأن تتبعه إلى الخارج !
_______________________________________________
وقف "بسام" يستمع لما حدث اليوم باختصارٍ بعد قدومه من الخارج بسرعه بس مكالمة شقيقه ، نظر بغير تصديق لما سمعه من "شادي" و"حامد" وزوجته بينما كانت "وسام" بغرفتها ، وكان يقف "غسان" بصمتٍ تخلله منذ ما حدث ، انتبه هو ٱخيراً لسؤال "بسام" له باهتمامٍ :
_" طب هي فين ؟ عشان أشوفها "
سار خلفه بعد أن سار هو وهو يشير له بأن يتبعه ، حتى دخل "غسان" أولاً يضع حجاب رأسها الذي جلبه من شقيقته ثم نظر لها بإهتمامٍ وخوفٍ بٱنٍ واحد ، همهم بنبره هادئه للٱخر الذي وقف بالخارج بحرجٍ ينتظره بأن يستر ما يكشف منها رغماً عنها:
_" تعالى يا بسام "
سار إلي الداخل بخطواتٍ هادئه ثم رفع أنظاره عليها فوجد وجهها شاحب بطريقه ملحوظه ، وضع يديه أسفل أنظار شقيقه يتحسس جبهتها وجرح ما بجانب فمها الذي ظهر بقشره دماء حمراء ، نظر لشقيقه بحرجٍ فوجده ينظر بترقبٍ ، حتى كشف الغطاء عنها يتفقد يديها ثم رفع يديه يضغط علي معدتها تحسباً لشئ ، التفت هو بسرعه عندما وجد "دلال" من خلفه. تقدم له الحقيبه الطبيه الخاصه به ، أكمل تفقده لها تحت أنظار "غسان" المترقبه بخوفٍ إستشفته والدته ، تنفس "بسام" بارتياحٍ عندما وجدها تتأوى عند ضغطه علي معدتها بقوه وضع لاصق طبي بجانب فمها ثم علي يديها المجروحه ٱثر مسكة "زينات" لها بينما توقف سريعاً يخلع ما برأسه بعد لحظاتٌ بعد أن حقن بيديها حقنه مغذيه لجسدها بالفيتامينات كي تقوى عندما تستيقظ من إغمائها ، حينها سأله "غسان" بلهفه وهو ينحنى يهبط أكمام يديها بحنوٍ ممسكاً بيديها بخوفٍثم نبس بنبره خائفه لاهفه أثارت شفقتهما :
_" مالها ، قولي يا بسامّ ، طمني. !! "
_" اغماء من عزم الوجع بس الحمد لله ، بس في حاجه مهمه لازم تعملها لازم تروح المستشفي لما تفوق وتقف علي رجلها ، عشان خبطة البطن لما تكون جامده زي ما حصلها وسمعت ممكن تعمل نزيف داخلي هو إحتمال ضعيف مادام هي كده بس لازم نتأكد "
قلق وبشده لا يعلم ماذا يجيب فكرة أن شقيقه يطمئنه جيده ولكن ليست بالنسبه المرضيه لديه ، أدار رأسه سريعاً عندما وجد الدموع تستأذنه لتهبط وعندما أجابها هو بالهبوط رغماً عنه ، كان قد خرج الٱخر بحرجٍ من فكرة وجودها مسطحه وهو يقف رغم انه طبيب !! أغلق الباب خلفه بينما توجهت "دلال" تدير رأسه لها وجسده ثم تلمست بيديها وأصابعها بدموعه التي خانته أمامها ، نظر لها بخيبه ، ألمها قلبها بل ويوم فرحته يتحول سريعاً ليوم تعاسته وحزنه ، دخل بين أحضانها عندما ضاقت به كل الأركان الٱن ضمته إلى صدرها بقوه ثم نبست بنبره مختنقه لعلمها بأنه يكتم دون أن يظهر شعوره :
_" عيط يا حبيبي ، هتبقي كويسه بس عيط أوعي تكتم جواك يا ضنايا .."
خانته دموعه وكأنها تركته بلا أسلحه في ساحة معركه كبرى هرب بها من حوله ، ولم يكن الهروب سوي من الثبات والوقاحه ، والثقه ، الشموخ ، كل ذلك تبخر عندما رٱها كذلك من أمامه بل ووصل لنقطة صراعه لنفسه عندما لم يستطع بأن يحمي من منه ومن يحبه خاصةً. هي ووعده لها !! ،. عند هذه النقطه تحدث بين أحضانها بنبره ضعيفه مُنهاره، مخزيه أحزنتها وبشده من فكره تعنيفه لنفسه :
_" معرفتش أحميها وأنا رايح جاي أقولها إني مش هخلي حد يأذيكِ ، معرفتش أحميها وإحنا لسه فأول يوم تكون فيه علي إسمي.."
وجد الكلمات تخرج وتسترسل منه ، وعند هذه النقطه خرج من أحضانها سريعاً يهرب من إنهياره ومنها ، ولكنها نظرت له مطولاً ثم إجابته بنبرتها الحانيه رغم عدم ثباتها من تحسرها علي ما وصل له ، بل من تراه ثابت من أمامها أغلب الوقت منهاراً باكياً بين أحضانها بعجزٍ يرفض إظهاره !! ، توجب عليها الثبات وكتم دموعها ثم أجابته تبرر لما حدث لهما :
_" مش ذنبك يا بني ده مقدر ومكتوب "
لم يضع عينيه بعينيها ، ولكنها تفهمت جيداً ما يمر به مع نفسه ، و بحركه بسيطه خفيفه أمسكت يديه ثم رفعتها لتقبلها بحنانٍ تزامناً مع قولها له :
_" إنتَ راجل ، وهتفضل طول عمرك راجل ، والأيام جايه كتير عشان تحميها و تمنع عنها أذي غيرها ، لو مش مكتوب لها بالأذي !"
تعلم هي الفرق بين طرق المواساه بينهما ، لا يريد أحضان كي ينهض بل ينتظر بأن يكون أقوى بنفسه مع كلمات الٱخرين ورؤيته لهم بأحسن حال ، أما الٱخر فلم يكن كهذا بطباعه !! ، سحب كفه منها ثم هز لها رأسه وهو يحرك أنظاره للٱخري ، بينما نظرت له "دلال" بحنوٍ قبل أن تخرج من الغرفه وتترك له المساحه الخاصه به ، وضع يديه أعلي رأسها يزيل حجابها ثم مسد علي خصلاتها برفقٍ وهو يتحسس حرارتها ثم حرك يديه بأنامله علي جرحها بجانب فمها الذي وضع عليه اللاصق ، نهض يستقيم وهو يحرك أنظاره المهتمه من عليها متوجهاً حيث خزانته ليجلب منها ملابس مريحه ورغم وجود مرحاض بغرفته الا أنه رحل لخارج الغرفه ، وهو يغلقها من خلفه ثم وجد أحدهما بالمرحاض العام ، فتوجه غرفة "بسام" يدخل بها حتى وجد "شادي" يجلس ممسكاً بهاتفه ، نظر "شادي" له وللذي يوجد بيديه حتى تفهم الوضع وهو ينبس بنبره هادئه له:
_" غير وتعالي أقعد جنبي شويه ، مستنيك.. "
___________________________________________________
جلس يسنده برفقٍ بعد أن تحسنت حالته بطريقه ملحوظه ، فـ نظر "حسن" لٱدم" بانهاكٍ ثم تحدث قائلاً له بنبره عاديه :
_" هو ايه اللي حصل يا ٱدم ، أنا مش قادر "
نظر له "ٱدم" بتمعن ثم قدم له أقراص الدواء مع زجاجه المياه تزامناً مع قوله:
_" كنت تعبان أوي يا حسن وقاعد تخرف بالكلام ودرجة حرارتك ساعه تعلى وساعه توطى بس الحمد لله ربنا ستر والعلاج اللي قال عليه الدكتور نفع شويه"
هز له الٱخر رأسه وهو يحاول أن ينهض ببطئ ثم إلي أن توجه "ٱدم" يسنده برفقٍ ، ولكن أوقفه هو حينما نهض بهدوءٍ ينظر علي الطاوله والكيس الذي كان موضوعاً عليها ، التفت بجسده للٱخر ثم ردد بنبره متساءله :
_" الحاجه فين يا ٱدم ؟"
قالها وجسده يطلب جرعه الٱن بعد إفاقته بوقت ليس قليل ، نظر له "ٱدم" متحلياً بالصمت لدقائق ، فوجد الٱخر يصرخ بوجهه على مره واحِدَه :
_" بقـــولك وديــت الحــاجه فين ؟"
صمت لم يجيبه للمره الثانيه بأن كثرة تعاطيه ستنهيه لا محال ، رجع هو خطوات إلي الخلف عندما وجده الٱن يظهر عليه الأعراض ثم توجه ليلكمه وقف " ٱدم" مستسلماً لما يفعله به ولم ينبس بأي حرف سوي جمله واحده هادئه عكس ما يشعر به الٱخر. :
_"بلاش يا حسن ! "
بحث الٱخر بهستيريه فالمكان أمام أنظار الٱخر المشفقه ولكن ضرب بعرض ما كان ينويه الحائط ، عندما توجه ليخرجه من مخبأ ما فالغرفه ثم قدمه له ، بينما يعلم جيداً أنه لن يهدأ كذلك ، أمر عاجز به ، قليل الحيله بل وأكثرهم بائس غير صالح هو بحاله للبدء من جديد ، من يراه واقفاً كل دقيقه بالساعه الواحده يغير رأيه وما ينويه بيأسٍ يقسم بأنه قد أختل بعقله ، ارتجفت يديه وعلم جيداً أنه هو الآخر بدأت الأعراض تظهر عليه بالاحتياج من يري دموعه تهبط وهو يتوجه رغماً عنه يحقن بداخله هلاك يقسم بأنه مختلاً عقلياً ليس آلا ، بل و شخص قتله التردد حتى أنه ينهزم في كل مره أمام الخطأ ، ماذا أهدتنا حياتنا سوى بضعة مشاكل ترسخت وفعلت من كل منا أسوأ صوره ،. ماذا أهدته هو حياته سوي تركه يتيماً وحيداً وانشغال أشقائه بحياتهم رغم رغبة أحدهما بأن يتقرب أكثر لديه ، ماذا أهدت الٱخر الحياه سوي أنه عاش وكبر علي السوء وفقط بل ويسحب من معه للسوء أيضاً وعدم تركه ، لم يكن ضحيه رغماً عنه ، ضحيه عندما كبر وأصبح ضحيه بإرادته ، رب أسرته غير سوي بل والٱخري التي جعلت منه حقوداً سيئاً مثلها تماماً بل هو أكثر سوءً وسوئه لم يظهر منه شئ إلي الٱن وعندما يقرر هو بأن يخرج منه سيخرج دون توقف هذا ما يبدو غير مقنعاً أما شره فكفيل بالإقناعٍ لما هو قادم !! ، لا تعاطف لمجرد اظهار الجانب السئ والحزين منه ، كل منا لديه ذرة خير بشره وذرة شر بخيره ، فاز من جعلهما متوازنان علي الأقل ، فلا حياة دون سوء وعناء ، ولا حياه دون لين معامله وعناء !!
صوت ضحكات كل منهما بأعينهما الزائغه بعد الحقن كان غير طبيعياً للغايه بل وأصبح الأمر مرعب ومريب ، يثير الريبه والخوف !! ، والوضع يسوء أكثر ، من منهما ستقف منه ومعه الحياه ومن منهما ستأتي عليه الحياه أكثر ، الأمر لم يتوقف هنا بعد بل اتضح أن الٱتي ليس خيراً ولم يكن ...!
________________________________________________
جلس بكامل جسده علي الأريكه مرجعاً ظهره للخلفِ بشرود وبجانبه صديقه الذي انتظر حديثه من صمت دام لكثيرٍ ، تردد "شادي" بالحديث معه بوقته هذا حتى وان علم أنه لم يجيبه ليقص عليه ما يشعر به ولكنه تحدث بمشاكسه:
_''هتفضل ساكت كده كتير !"
تنفس "غسان" بعمقٍ ثم نهض علي فجأه من جانبه مردداً له بهدوء:
_" كنت هقولك لسه اني هروح أبص عليها ، ناولني كده المرهم اللي بسام قال عليه "
توجه "شادي" سريعاً وهو ينهض ثم التقطه بسرعه من علي طاوله صغيره يقدمه له بهدوءٍ ، حتى أخذه "غسان" منه ثم خرج بصمت من الغرفه
متوجهاً إلي غرفته حتى فتحها ودخل بها بهدوء ومن ثم أغلق الباب من خلفه ، توجه سريعاً يتفقدها بحنوٍ ثم فتح المرهم الذي يوجد بيديه وهو يمسك يديها يدكها به علي كدمه زرقاء لاحظها هو غير جرح يديها الٱخر ، تذكر عندما قال له شقيقه أيضاً بأن المرهم يسحب جميع السخونه بسبب طبيعته التي يوجد بها نعناع يخترق الأنف ويجعل مكان الضربه بارداً وساخناً بنفس الوقت ، أزال الغطاء من عليها وهو يراها. تتأوي بخفوت من بين غفوتها التي بدت بالفعل إغماء لفتره معينه ، أزال الغطاء عنها بهدوءٍ ثم رفع ساعديه كي لا يتلطخ بما فـ يديه ، رغم أصابعه المرتجفه بما يفعله ولكنه فعلها كي لا تترك الضربه ٱثر وألم أكبر ، أزاح ملابسها يكشف عن معدتها التي ظهرت من الضربه بلون أحمر وضع هو الدهان علي يديه ثم بدأ بالبسمله للشفاء وهو يدلكها برفقٍ تحت تحرك يديها البسيط ، لم تمر سوي عدة دقائق وهو يستر ما انكشف منها من مساحه بسيطه ثم وضع الغطاء عليها من جديد وهو يضع ما بيديه بجانبه ثم أمسك يديها عندما وجدها تتملل وتخرج من ما به ، جلس"غسان" بمساحه فارغه بجانبها ثم أمسك يديها بلهفه وهو يسندها يربت علي كتفها يناديها قائلاً بلهفه أخرى لتنتبه له:
_" نيروز !؟ .. سمعاني ؟"
بدأت عينيها البنيه وهو يراها أسفل أنظاره تُفتح وتغلق بتشوش ويديها تتحرك بعشوائيه ، حتي تمسك بيديها جيداً وكأنه يترجاها بأن تنهض ، سهم الٱن دخل بين ضلوعه عندما هتفت تنادي والدها الراحل منذ سنوات ، طريقتها و هي تهتف إسمه وكأنها تستغيث به ، هبطت منه دمعه أخرى خانته علي ما تمر به هي ، ثم ترقب بلهفه بأن تثبت عينيها ، وأخيراً قد فعلتها عندما فتحتها ولم تغلقها وهي تنظر علي سقف الغرفه تستوعب ، حركت رأسها جهته فوجدته بجانبها ، منعها ألمها من الصدمه ولكنها علمت أنها معه وليس بمنزلها ولم تخف من وجوده ، حمل نصفها العلوي لتستند علي صدره حينما أمسكت يديه هي تتشبت بها ، بينما هتف هو قائلاً ليؤكد لها :
_" نيروز أنا هنا ، انا جنبك"
ابتسمت له ابتسامه صغيره وما ان انتهت منها هبطت دموعها وهي تتذكر كل ما حدث ، جيد انها لم تذهب لعالم ٱخر وسئ شعورها والأسوء شعوره ، هتفت بنبره مختنقه وهي تتشبت به رغم الألم الجسدي:
_" متسبنـيـ.ش "
ضمها "غسان" بقوه ثم خرجت منه نبرته المتأسفه لها يؤكد لها :
_" مش هسيبك أنا جنبك علطول"
حاولت بأن تنهض من بين أحضانه لتجلس فأجلسها هو بخفه يضع المسند من خلف ظهرها ثم انتقل ليجلس أمام أنظارها مردداً بنبره متأسفه :
_" أنا أسف اني ملحقتش أحميكِ ولا ألحقكك يا نيروز ، بس صدقيني مش هرحمها والله ما هرحمها ولا هرحمه .."
تحدثت الٱن بعد أن أجمعت الحديث وهي تضع يديها بجانب فمها بألمٍ. والٱخري موضع معدتها وكليتها ، حتى أجابته بنبره هادئه وعينيها متعلقه ببنيته الغامقه:
_" أنا عارفه انك ملكش ذنب ، ..بس. أنا عاوزه.. أشرب"
نهض سريعاً يخرج من الغرفه متوجهاً إلى المطبخ ، أما هي فوضعت يديها علي فهمها تكتم شهقاتها حتى لا تخرج مع دموعها التي تهبط بحرقه وهي تتذكر ، دخل عليها مره أخرى وبيديه زجاجة مياه صغيره لها ، رفع يديها يمسح دموعها ثم نبس بنبره هادئه مطمئنه :
_" دموعك غاليه قولتلك يا بنت الأكرمي "
ابتسمت له بألمٍ كي تراضيه ، بينما فتح هو زجاجة المياه لتشرب منها وهو يرفعها برفقٍ لتشرب منها ، تنحنحت بحرجٍ ثم تجرعت منها بتمهلٍ بواسطة يديه ، فبلل يديه بها هو ثم مسح وجهها ببطئ حتى مسد علي خصلاتها يرجعها إلي الخلف انتبهت هي لعدم وجود حجاب رأسها بل لما ترتديه ! ، رفعت الغطاء سريعاً تخفي الملابس البيتيه رغم انها كانت بأكمام طويله ولكن كانت ضيقه عليها بشكل ملحوظ ،فـ هتفت له بصدمه من ما رأته :
_" مين اللي لبسني كده ؟"
ضحك "غسان" عالياً ولأول مره منذ ما حدث ثم أجابها يعبثٍ وهو يغمز لها :
_" أنا "
لم تعطي فرصه له بأن تخجل بل حاولت النهوض للذهاب من جانبه بسرعه ولكنه منعها بيديه حتى أوقفها قائلاً ليبرر بسرعه تزامناً مع كبت ضحكاته :
_" خلاص والله بهزر ، اختى وامي وجميله هم اللي قامو بالمهمه "
لاحظ تورد وجنتيها ، فضحك بخفه مرددا ً بعبثٍ مره ٱخري وبوقاحه :
_" أنا سيبتهم يقوموا بالمهمه السهله دي ، لكن أنا فالحقيقة دهنتلك مكان الضربه بالمرهم ، بس بصيت فمكان تاني عشان أنا محترم زي ما انتِ عارفه ومخدتس بالي خالص من الـ ٣ حسنات الي واقفين جنب بعض انتباه عندك ولا من..."
قاطعته "نيروز" سريعاً وهي تهرب بأنظارها منه قائله بسرعه تعنفه بخجلٍ :
_" خلاص يا قليل الأدب انتَ !! "
ضحك بغير تصديق لما فعلته للتو حتي بوضعها هذا ، ثم مال يطبع قبله رقيقه علي وجنتيها بخفه ، انتفضت وعينيها مفتوحه علي وسعها ، بينما همس هو بجانب أذنها بنبره هادئه خافته حتى لفحت أنفاسه الساخنه وجهها مردداً :
_" لما كنت ببص فعنيكِ كنت بطمن ، ما بالك لو بقيت فحضنك .. سيبتي أعصاب اللى جابوني يا رزّه .. !!'
كالعاده لا يكمل غزله إلى ٱخره ، بل قال ٱخر حديثه بخوفٍ وصدق لما شعر به من دونها ، ارتجفت أوصالها من حديثه الذي يربكها كما أنها أول قبله منه علي خدها ، نظرت بخجل شديد له وهو يتطلع عليها بينما حاولت هى النهوض لتخرج فقاطعها هو وهو يجلس بجانبها يمنع نهوضها قائلاً بهدوء ونبره جاده :
_" لا مفيش مرواح النهارده ، نامي وارتاحي وابقي امشي بكره "
كادت أن تعارضه ولكنها نظرت بلهفه عندما وجدت عينيه تلمع أثر ما يكتمه من دموع أمامها بل وهل كان يلمح لها بقوله !؟ ، ينهر نفسه ، ويوبخها ، يحزنه رؤيتها كذلك بعد أن كانت تقف علي قدميها ويعبث معها بكامل صحتها وسلامتها ، نظرت له بلهفه فحرك هو رأسه الجهه الأخرى يهرب منها ، ولكن تلك المره رفعت يديها الناعمه تحرك رأسه وهي تتلمس لحيته الخفيفه التي ابتلت بخفوت من الدمعه التي هبطت منه ، لم تشعر بنفسها سوي عندما فتحت ذراعيها تعلن له بأنها بالفعل ستأخذه يطمئن داخل أحضانها وليس مجرد غزل منه فقط ! تكتم دموعها لما تراه يحدث له بسبب ما حدث لها و ليدخل هو هذه المره بين أحضانها ، لم يتردد بأن يفعلها بل دخل بين ذراعيها متنفساً بعمقٍ ولم يبذل جهده بأن يخفي انهياره وضعفه أمامها بل أصبحت الٱن مصدر الإطمئنان والراحه كما أصبح هو ، كشف أوراقه أمامها ،وبل ضعفه وقوته بسببها. هي ! ، تخرج أنفاسه بارتياٍح لم يعهده من قبل فكرة وجوده بأحضانها وما يشعر به لأول مره لا يستطيع وصفه ، لا صدق ولا وصف للحال سوى انه ..يَتعافي المُحب بعناقِ من يُحب لينعم بالراحه والسكينه ، رفعت يديها المجروحه تضعها علي رأسه وهي تزيح خصلاته التي هبطت علي جبهته بأناملها ثم هتفت بصوت مختنق. تبرر له بصدقٍ وتبرر لشعوره :
_" عارفه إن اللي حصل ده محدش ليه ذنب فيه وحصل غصب عننا ، بس صدقني أنا بحبك يا غسان وكويس إني متأذتش فيك انتَ ،كانت حالتي هتبقي أسوأ ، مكنتش هبقي متماسكه لو كنت انتَ مكانى .."
كلماتها الصادقه غيرت من وضعهما بل مال هو للخلف وهو يأخذها هو بين أحضانه فأصبح الإثنان يجلسان بجانب بعضهما تأخذ منه الخوف وتبادله حُب ، يأخذ منها الخوف ويبادلها أمان بواسطة أحضانهما والحديث ليس سواهما ، مرر يديه يربت علي ظهرها بحنوٍ ثم نبس بنبره هادئه ضعيفه مهزوزه ، يفسر لها ما يشعره. وما شعره وما سيشعر به بسبب وجودها :
_" غسان الثابت إتهز بسببك أنا مش عارف أهدي ضربات قلبي العاليه بالخوف عليكِ لحد الوقتي ولا رعشة ايدي ، أنا مخوفتش ولا قلبي اتحرك من مكانه كده ألا في وجودك وعليكِ ، متسبنيش وتمشي ، عشان أنا خلاص مش هسلك من غيرك يا نيروز.أصلي وبكل حُب حَبيتك!!"
في كل مره ترتبك من ٱثر كلماته ولكنها الٱن بين أحضانه ، تنفست بإرتياحٍ وهي تنصت لحديثه بشغفٍ واهتمامٍ غلفهما الحب ، لم ولن تخاف من فكرة وجوده بل ومن فكرة إلتصاقه بها وهي داخل أحضانه وذقنه أعلي قمة رأسها وأنفاسه الساخنه تستشعرها هي وهي تستند علي صدره الذي يعلو ويهبط من أنفاسه حتى أنها استشعرت صوت دقات قلبه التي تخفق بقوه رغم مايظهر عليه كان عكس ذلك ، بارعاً هو في إخفاء توتره ولكنه انهزم أمام أحضانها وعينيها !! ، تخللها شعور الأمان والسلام ، تخللها شعور الراحه و الإطمئنان كونها داخل أحضانه تتنفس براحه من وجوده وذراعه الملتف حولها بأمانٍ ، وكأن ذراعه السد المنيع لحماية بلده ، أو كأسوار وُضِعت للحد من خطر العدو ، يُحصّن حدودها وكأنه يقف بشموخٍ في معركةٍ لم يكن بها وحده بل بمشاركتها وكان هو وسيكون" قائد المعركه" ، المسئول عن حمايتها وهي معه وحدها !!، ولمره أخرى يهتف وضعهما وهى تستند بأمان عليه وبداخل أحضانه وكأنه : ذراعيه كسدٍ منيع يُحصنها وهي داخل أحضانه مُحصنه !! .
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية