رواية لعاشر جار الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سلمى رأفت
21-ذكريات مريرة
جاء "آدم" إليها وهو يضمها قائلًا بحنانٍ :
_يا حبيبة قلبي أنتِ تعملي اللي أنتِ عايزاه واحنا واثقين إنك خايفة علينا وده لمصلحتنا أبوكِ وأمك اللي أوڤر حبتين تلاتة متزعليش نفسك.
أنهى حديثه وهو يضع قبلة على شعرها وهي مازالت داخل كنفه بينما جاء "ريان" إليهم قائلًا بضجرٍ وهو يسحب "لميس" ناحيته بغيرةٍ :
_خرج يالا البت من حضنك، هاتها!!
ظلا يتشاجران عليها بينما هي ابتسمت بحبٍ على مشاجرتهم هذه حينها التفت "آدم" لها وأمسك وجهها وهو يضمه بيديه قائلًا بحبٍ :
_فكك من أخوكِ الأهبل ده وركزي معايا، أنا عارف إنك لسه متأثرة بس أنا معاكِ لحد ما تاخدي الخطوة دي وبمزاجك كمان.
أدركت هي مخزى حديثه شردت هي بصمتٍ تفكر في جملته، لا تقوى على قول إنها تمقت الحجاب وبشدة، ربما الآن لا ترتديه لكنها تتذكر عندما خلعته من رأسها وكان بداخلها شعورٌ بحرية والراحة وكأنه سجنٌ مؤبد وبمعجزةٍ آلهية قد كتبت لها البراءة، نظرت له وابتسمت بمرارةٍ ولكنها لم تستطع التحكم في دموعها الساخنة التي نزلت على وجنتيها وظلت تبكي بشدةٍ بينما انتابهما القلق وسحبها "ريان" ناحيته قائلًا بقلقٍ :
_يا حبيبة عمري مالك؟؟ بالله عليكِ يا شيخة ما تعيطي اعملي اللي أنتِ عايزاه محدش غاصبك على حاجة والله.
ظلت تبكي في أحضان شقيقها والآخر يربت عليها فلا أحد يعلم ما يدور في خُلدها من ذكرياتٍ بشعة تتمنى لو تفقد هذه الذكريات لعلها تنسى وتنعم وتعيش في سلام.
______________________________________
كان "تيام" يركض في الشقةِ بأكملها يصيح قائلًا بفزعٍ :
_يا مراري يا مراري!! الامتحانات بعد أسبوع يا مراري ياني!!
خرج "سعيد" برعبٍ من غرفته بسبب صراخ "تيام" وقد تلفظ قائلًا بسخطٍ :
_يا حيوان البرك مش عارف اتخمد!! أنت عمّال تلف كده ليه؟
خرج "تميم" يفرك عينيه من أثر النوم وتفوه قائلًا بنعاسٍ :
_في إيه؟؟ مين مات؟
ظل "تيام" يولول بفزعٍ حتى استمع لصوت طرق الباب وما إن فتحه وجد "عائشة" تلطم على وجنتيها مردفةً :
_شوفت المصيبة! جدول الإمتحانات نزل! يا خرابي يا لهوي ياما!!
ظلا كلامها يركضون في الشقةِ بفزعِ كأنهما قد تلبسهما جني وقد تسبب لهم في هذه الحالة حتى وجدا من يلقي عليهم الوسائد الناعمة بقوةٍ قائلًا :
_يا جزمة منك ليها عمالين تصوتوا كده ليه؟؟ هو أنتم يعني أول مرة تدخلوا لجنة!! أمال هتعملوا إيه السنة الجاية!
رمقته "عائشة" وهي تمسك بسكينٍ حاد كان على مائدة الطعام بجانب الفاكهةِ وتشهره في وجهه قائلةً بسخطٍ :
_"تميم"! حل عن وشي الساعة دي! أنا مش عارفة اعمل إيه في أم الألماني اللي اخترته ده!!
نظر لهم "سعيد" بصدمةٍ وقد ضيق عينيه بشكٍ قائلًا :
_ألماني؟؟ هو الندب والصويت ده كله على جدول العملي!!
ابتلع "تيام" لعابه برعبٍ بينما أومأ "تميم" بسخريةٍ لكنه كاد يتفوه ليقول له أن اللغة الثانية بالنسبة لمرحلة التعليم الثانوي يضاف للمجموع ليس كما في المرحلة الإعدادية لكن التقط "سعيد" حزامًا جلديًا يلفه على يده قائلًا بمكرٍ :
_ودي تيجي؟؟ تعالولي أنا أعرفكم الألماني حتة حتة.
وهرول وراءهم بغضبٍ وظل ثلاثتهم يلتفوا حول المائدةِ برعبٍ حتى كاد أن يمسك بـ "تيام" لكنه وقف على المائدةِ نفسها وقفز على الناحية المواجهة للباب وسرعان ما فتحه وخرج مهرولًا على الدرج حتى خرج في الشارع وهو يتنفس بسرعةٍ بينما وقف "سعيد" برفقة "عائشة" و "تميم" في الشرفة وهو ينادي عليه بقوةٍ و غضبٍ :
_اطلع يالا بقولك!! يعني لما تنزل تحت كده مش هجيبك يعني!
خرج "عزت" من الشرفة المجاورة وهو يخلع نظارته الخاصة بالاحتفالات والملاهي الليلة قائلًا باستغراب :
_في إيه يا واد يا "تيام"؟؟ واقف شبه الهربانين كده ليه؟؟
تلفظ "تيام" وهو يصيح قائلًا بضجرٍ :
_مش طالع! أنا بقى بايت هنا!!
كان صوتهم عاليًا بشدة فكان أحد المارين بالشارع التفت لهم وتوجه ناحية "تيام" يؤنبه قائلًا :
_يابني مينفعش اللي بتعمله ده! أنت اتجوزت من وراهم ولا إيه؟؟
نظر له "تيام" بضجرٍ ولكنه تلفظ قائلًا بتلاعب :
_شوفت بقى! أمال لو كانت المدام حامل كانوا عملوا إيه! بس احنا متجوزين على سنة الله ورسوله آه عمري ما اقبل بالحرام أبدًا!
نظر له هذا الرجل بخزيٍ ولكنه تفوه قائلًا بصوتٍ عاليٍ :
_استهدوا بالله يا جماعة! طب هي الست اللي اتجوزها دي أخلاقها مش كويسة ولا إيه؟
نظروا جميعًا إلى هذا الرجل المُختل بصدمةٍ وعقلهم لا يستوعب ماذا يقول واستفاق "عزت" موجه حديثه لـ "سعيد" قائلًا باستغراب :
_اتجوز ازاي يعني يا "سعيد"؟؟ ده لسه قاصر!
أمسك "سعيد" رأسه بألمٍ من هذا العبث حينها كانت "أمينة" متوجهة نحو الخارج وشاهدت هذا العبث وذهبت إليه قائلةً بشرٍ :
_تعالى يا واد يا "تيام" هنا!! وربنا لاعلمك الأدب!
انفزع هو بشدةٍ يُمكن ارتعب منها أكثر من ارتعابه من والده فرأها تخلع حذاءها وهي تهرول نحو فانطلق يركض في الشارع وهو يلطم على وجنتيه قائلًا برعبٍ :
_اروح فين تاني بس!! ده لو روحت جهنم هلاقيكم هناك برضو!
________________________________
في الشرقية :
كانت "كنزي" واقفةً في المطبخ تعد وجبة الغذاء مع والدتها في جو يسوده المرح حتى دلف إليهم "عاطف" قائلًا براحة بالٍ :
_ها يا ولاد خلصتوا الأكل؟؟
ردت عليه "كنزي" وهي تضع المعكرونة في الأطباق قائلةً بابتسامة :
_خلاص أهو، أقعد أنت بس ومتشيلش هم.
ابتسم لها في رضا تام ثم أخرجت هي الطعام برفقة والدتها وجلسوا يتناولون وجبة الغداء في راحةٍ تامة وعندما انتهوا قامت "إيمان" بغسل الصحون بينما "كنزي" ارتدت حجابها واستأذنت منهما للخروج وعندما خرجت اشتمت للهواء النقي وهي تغمض عينيها متنهدةً في يأسٍ من حالتها، تحاول مرارًا وتكرارًا التذكر لكن لا أحد يساعدها على ذلك فأخذت تتحرك نحو الحقوق شاردةً في أفكارها حتى اصطدمت بشخصٍ ما كان واقفًا أمامها فارتدت للوراء قائلةً وهي تمسك رأسها من أثر الاصتدام :
_مش تحاسب!
نظر لها ذلك الشخص وسرعان ما ابتسم قائلًا :
_أنا آسف والله، مش أنتِ البنت اللي اتخانقتي مع الحج "شوكت"؟؟
حدقت فيه لتراه كان شابًا ذو لحيةٍ منمقة، عريض المنكبين، قمحي البشرة، كان وسيمًا بحقٍ وكان يرتدي جلبابًا أسود ولكن قطع نظراتها له صورة في مخيلتها لشخصٍ ما لا تعرفه ووجهه مشوش في ذاكرتها، كان يبتسم لها لكنها لم تقوى على رؤية ملامحه، كانت تلك لحظات في مخيلتها ومن ثم تلفظت قائلةً بهدوءٍ :
_أيوة أنا، في حاجة؟؟
كان يرمقها بإعجابٍ خفي لهيئتها فقد كانت واسعة العينين وذات بشرةٍ خمرية صافية بأهدابٍ كثيفة، كانت تغطي جسدها بعباءةٍ فضفاضة لكن يبدو أن جسدها من النوع الممتلىء نسبيًا ولكن من حُسن حظها كانت تغطيه فلم يقوى على رؤية أي شيءٍ منها حتى قطعت هي شروده قائلةً بضجرٍ :
_هو حضرتك هتفضل تتأمل فيّ كده كتير؟
حمحم هو بإحراجٍ قائلًا :
_لأ العفو افتكرت حاجة بس، بالمناسبة أنا اسمي "براء" وأنتِ؟؟
تحركت هي من أمامه قائلةً دون أن تلتفت إليه :
_"كنزي"
ابتسم هو لها بينما كانت هي تحركت فظل ينظر في أثرها بشرودٍ حتى استفاق قائلًا بنهرٍ لنفسه :
_لأ فوق كده! "كنزي" مين وبتاعة مين!!
تنهد هو بقوةٍ ومن ثم عاد يردف لنفسه قائلًا :
_لأ بس اسمها حلو، زيها بالظبط.
_____________________________________
في المساء :
_الساعة عشرة الشحنة هتوصل، حد فيكم يروح يستلمها علشان مش هعرف أنا.. تمام ماشي أوعي تتأخر!
أغلق تلك المكالمة وتوجه إلى الشرفة يدخن بهدوءٍ قطعته "أمينة" التي اقتحمت عليه الشرفة كأنها تقتم وكر إحدى الخليات الإرهابية قائلةً بدهشةٍ ممتزجة بالغضب قائلةً بسخطٍ :
_سجاير تاني يا "نوح"؟؟ أنت مش كنت بطلت العادة الزفت دي؟؟
نظر لها برعبٍ قائلًا ببعض الهدوء المزيف :
_دي سجارة مش هتعمل حاجة وكمان أي حاجة تسكت الكورة اللي بتتشاط جوة دماغي دي.
نظرت له وهي ترفع إحدى جابيها وتلفظ بتهكم :
_أيوة أيوة غني عليّ، قرفتوني كلكم كتكم القرف.
تركته ودلفت للداخل بسخطٍ بينما هو نظر لهذه السيجارة بعمقٍ فقد كانت هذه أول مرة يعود للتدخين منذ ثلاث سنوات، داعبت مخيلته ذكرى جعلت قلبه يخفق بحنينٍ ومن ثم ألقى ذلك العقب بل وأيضًا أخرج العلبة السجائر الذي اشتراها_مؤخرًا_وألقاها من في سلة القمامة التي تقبع في إحدى زوايا الشرفة، ابتسم بانتصار لنفسه على هذا التصرف وفتح تطبيق الصور على هاتفه وعاد بالزمن من ثلاث سنوات حيث كانت صورة له ويشاركها معها وهي تبتسم بمرحٍ ممسكةً بمثلجاتها المفضلة وكان هو أيضًا في يديه الأخرى واحدةٌ مثل التي تمسكها في يديها، تنهد بحزنٍ متذكرًا هذه الصورة وهذه الذكرى التي جعلته يتراجع عمَّ ينوى فعله.
من ثلاثِ سنوات :
كانت "كنزي" جالسةً بجانبه على البحر وهي تقول بانزعاج :
_يا "نوح" الله يسترك دنيا وأخرة، قولتلك بطل سجاير مش حلوة والله علشانك.
نظر لها كالمعتاد فهي في كل مقابلةٍ لهما تعيد هذه الجملة مرارًا وتكرارًا ولكنه تلفظ قائلًا بحنو :
_والله قللت شُرب سجاير، دي على فكرة أول سجارة انهاردة وبقالي أسبوع بشرب كل يوم سجارة واحدة بس بعد العشا.
أمسك هي رأسها بطريقة درامية قائلةً بمرحٍ :
_يخربيت النظام! صداع من الكتر النظام وربنا!!
نظر لها وهو يضحك عليها وما إن انتهى من هذه السجارة ألقاها قائلًا بهدوءٍ ممتزج بالحب :
_والله ما بتريق يا "كنزي"، أنا والله بقلل علشان خاطرك وبحاول أبطل علشانك أنتِ وبس، علشان تعرفي إنك غالية عليَّ.
ابتسمت هي له بخجلٍ ومن ثم تلفظت وهي تقف أمامه ومن خلفها الأمواج قائلةً بتحدٍ :
_طب اليوم اللي هتبطل فيه سجاير خالص هتجيبني البحر هنا وتجيبلي أيس كريم توت ونتصور في الغروب ويبقى سيلفي برعاية بطلت السجاير وهشيل حديد.
وقف أمامها قائلًا وهو يبتسم بعذوبة :
_ماشي يا Princess، لو كده في ظرف يومين هبقى مبطل.
نظرت هي له بحبٍ وقطعت نظراتهما العاشقة قائلةً بتردد :
_بس عايزك مهما حصل إيه مترجعش تشرب سجاير تاني، Deal؟؟
أومأ بالموافقة قائلًا :
_لأ هوعدك بقى يومها لما ابطل خالص
وبالفعل لم يمر أسبوع وكان يمسك في يديه مثلجات بنكهة التوت متوجهًا نحوها وهو يعطي لها المثلجات الخاصة بها قائلًا بزهوٍ :
_وآدي الأيس كريم بالتوت أهو وجايبك البحر ومشهيصك ورسميًا مبقتش مدخن تاني.
ابتسمت له بفرحةٍ وتناولت مثلجاتها بسعادة وأخرج هو هاتفه وكان البحر والغروب وكانت أيضًا السماء مزينة بعدة غيوم الشتاء جعلت الخلفية رسمة أبدع الخالق في رسمها وفتح الكاميرا الخاصة بالهاتف قائلًا وهو يبتسم :
_يلا وآدي السيلفي أهو.
ابتسمت هي بدورها معه وهي تمسك بتلك المثلجات والتقط الصورة سريعًا بفرحةٍ عارمة.
______________________________________________
كانت "چويرية" جالسةً على فراشها بحزنٍ تام، ترفض الطعام والشراب وترفض أيضًا التحدث مع إخوتها، لأول مرة تتعرض لمثل ذلك الموقف ولسذاجتها تعتقد إنها مظلومةٌ بحقٍ والسبب في تعاستها تلك شقيقتها الكبرى التي أصبحت تمقتها وبشدة، قطعت أفكارها تلك دخول "چوري" لها قائلةً بحنو :
_يا چيچي يا حبيبتي مينفعش اللي بتعمليه في نفسك ده! وكمان الإمتحانات فاضل عليها أسبوع لازم تفوقي لنفسك!
نظرت لها "چويرية" بمللٍ بأعين خاوية من المشاعر وتلفظ قائلةً باستهجان :
_روحي شوفي أنتِ بتعملي إيه وسيبك مني الواحد مش ناقص الصراحة.
نظرت لها "چوري" بشفقةٍ على حالها وخرجت من الغرفة بأكملها ودلفت للمطبخ لترتوي بعضًا من المياه وقد جاءتها رسالةً عبر تطبيق التواصل الاجتماعي "مسنجر" من حسابٍ غريبٍ لم يكن من قائمة أصدقائها فقد كان من طلبات المراسلة الخاصة بالتطبيق، تركت هي كوب المياه وفتحت التطبيق لترى من ذلك وماذا يريد منها فوجدته حسابًا يدعي "حسام الكموني" فابتسمت بسخرية من هذا الاسم وأغلقت التطبيق ولكنها تذكرت أن هذا الاسم يطابق الذي كانت تواعده شقيقتها سرًا فسرعان ما فتحت المحادثة لتشهق بصدمةٍ من إثر هذه الرسائل.
_أزيك يا آنسة، أنتِ أخت "چويرية" مش كده؟؟ معاكِ "حسام" اللي أختك ماشية معاه، خليها ترد عليّ بدل ما أنزل صورها اللي معايا دي فكل حتة على النت، اللهم بلغت اللهم فاشهد أصل أنا مش بحب الفضايح آه، بس لو مردتش عليّ مش هسمي عليها، سلام يا مزة.
كان ذلك محتوى هذه الرسالة فانتابتها حالة من الذُعر ولسوء حظها كانت "لارا" دلفت للمطبخ ورأت حالتها هذه فتسائلت باستنكار :
_مالك في إيه؟؟ وشك لونه مخطوف كده ليه؟؟
نظرت لها وبدأت الدموع تلتمع في مقلتيها وتلفظت قائلةً بلوعةٍ :
_مصيبة يا "لارا"، كارثة!! لو حد عرف حاجة مش بعيد أبوكِ يموتنا!
قلقت "لارا" كثيرًا وحستها على الاسترسال فأعطتها "چوري" الهاتف وهي تلطم على وجنتيها برعبٍ وزعر سرعان ما توسعت عين شقيقتها وشهقت بقوةٍ قائلةً :
_يا نهار مش فايت!! إيه ده؟؟ وصور إيه دي اللي كانت بتبعتهاله؟؟ الواد ده شكله مش سهل وبعدين "چويرية" هتكلمه ازاي وموبايلها مدشدش خلقة؟؟
نظرت لها "چوري" وقد بدأ العرق يتصبب منها قائلةً :
_المصيبة مش كده، المصيبة إنه ممكن يبعت لحد من أخواتك، ساعتها بجد هنموت!!
ظلت "لارا" تفكر في الأمر فهذا الوغد لا يضع صورةً واضحةً له فلم تتمكن من معرفة هيئته ولكن قطع صمتهما ذلك صوت صراخٍ آتيٍ من الخارج يصيح بصوتٍ جهوري قائلًا :
_"چـــوري"!! أنتِ يابت أنتِ فين؟؟
وقعت هي على أرضية المطبخ بفزعٍ من هذا للصوت وانتابتها حالة ذعر شديدة وأخذت تلهث بقوةٍ من فرط توترها.
______________________________________________
كان "عمر" واقفًا ينتظر المصعد بتعبٍ فقد أنهى لتوه عمله الشاق وتوجه لمنزله لينعم ببعض الراحة وهذه الراحة تتلخص الآن في انتظاره لذلك المصعد اللعين ومن بعدها فلتفنى العوالم، استمع لصوت خطواتٍ تأتي من خلفه وما إن رأها ابتسم ابتسامة خفيفة حتى وقفت هي بجانبه قائلةً بنبرةٍ حاولت على قدر الإمكان أن تكون هادئة :
_أزيك يا دكتور عامل إيه؟
نظر له بتعبٍ قائلًا وهو يفرك عينيه :
_الحمدالله، بس في ضغط جامد أوي في الشغل الفترة دي والواحد هيموت وينام.
_الله يقويك والله ويعينك أنت واللي زيك.
توسعت ابتسامته من دعوتها الخالصة لكن لم ينعما بهذا الصمت كثيرًا حتى وجدا من يأتي قائلًا بسخطٍ وهو يمسك "مريم" من ذراعها بقوةٍ :
_بقى بتضربيني أنا يا بنت الـ***؟؟ وحيات ربنا لأربيكِ!!
دفعه "عمر" بقوةٍ فوقع "حسام" من الدرج المؤدي للمصعد ونزل له "عمر" ودار بينهما اشتباكٍ عنيف وظلت هي تنظر لهما برعبٍ حتى خرجا في الشارع واحتد شباكهما وبدأ الناس بالتجمع حولهما حتى انتهى المطاف إلى أن أبلغ أحد عنهما في قسم الشرطة ولسوء حظهما تقع البناية في مقابلة قسم النزهة فتم القبض عليهما وبالطبع ذهبت "مريم" معهما للقسم بسبب هذا المشاجرة وقد دب الرعب في أوصالها فكانت هيئتهما مزرية من آثار الضرب وقد وصلا في غضون خمسة دقائق وسرعان ما هاتفت والدها قائلةً برعبٍ :
_بابا الحقني أنا في القسم!
_________________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية