رواية عودة الوصال الفصل العشرون 20 - بقلم سارة ناصر
«وأنتَ ملجأي في الطريق ، أنتَ الصديق وأنت الطريق وكل ما أملك من ما حفظته للأيام .»
السـاعه الحادية عشر صباحاً قبل الظـهر بقليلٍ ، كان يقف خلفهُ فى المطبـخ وصديقه يقوم بغسل الأطباق من وجبة الإفطار ، كان "غسان" يساعده وهو مرتدياً ملابس الخروج الذي إشتراها مع الٱخر ،خرج صوت "شادي" وهو يغلق الصنبور أخيراً حتي خلع عنه مريلة المطبخ قائلاً بإنهاكٍ:
_" بجد الستات دول بيتعبوا أوي يا غُس "
طالعه "غسان" من أعلي لأسفل بتمعن ، ثم إلتفت ليخرج إلي خارج المطبخّ ، فـ ذهب الٱخر من خلفه ثم وقف يطالعه وهو يقوم بتجهيز نفسه للخروج بعد دقائق ، حيث أعد له الٱخر كيساً من علبة الأدوية الخاصه به ، إبتسم "شادي" له وهو يتحدث بجديه ونبره هادئه هادئه :
_" رغم انها كانت أيام تقيله عليكّ وأنا عارف ، بس جيتّ وخليتها خفيفه عليا ،على قد ما مبسوط إنك هترجع خلاص ، بس زعلان بسبب إني بردو هتأخر لما اشوفك تاني ، هبقي علي تواصل معاك زي العادي ، متتأخرش عليا يا صاحبي.."
قالها بتأثرفـي ٱخر حديثهُ ، من الأساس كان سيهرب "غسان" من كلماته الذي يعرفها جيداً ، والٱن أصبح أمام الأمر الواقع ،. طالعه "غسان" بتأثرٍ ثم توجه ليحتضنه بحبورٍ وهو يشدد في عناقه حتي يودعه ، حاول "شادي" الخروج من أحضانه بعد لحظاتٍ ولكن الأخر كان متمسكاً به بمرح حتي يجعله يشاكسه كما يفعل كل مره،. حاول دفعه بقوه وهو يتحدث بخوفٍ زائف:
_" ولاا ، خلاص يالاا إبعد "
إعتلت ضحكات"غسان" بقوه وهو يخرج من بين أحضانه ، ثم طالعه جيداً بامتنان وهو ينظر له ، رفع يده علي زرقة عينيه الذي سببها له ولكنه تراجع سريعاً متوقع بأن "غسان" سيلكمه كالعاده ، حتي تحدث الآخر بتبرير :
_" ده أنا هشوفها بس!!"
نظر له "شادي" بحنقٍ زائف ، فواصل "غسان" حديثه قائلاً بثقه:
_"ياض بسيبلك علامه تذكار عشان تفتكرني لأيام جايه ، الحق عليا ؟"
قالها وهو يتوجه ليأخذ الكيس والمفاتيح الخاصه بسيارتهِ، فابتسم "شادي" ثم خرج منه صوته بنبره هادئه وهو يقف أمام باب المنزل الذي فتحه الٱخر:
_" خلي بالك من نفسك بقا يا عالم المره الجايه هتجيلي بـ ايه متخرشم فيكّ"
نظر له "غسان" مُبتسماً ، ثم نظر له نظرة إمتنان للمره الذي لا يعرف عددها حتي خرج من الباب وهو يتوجه ناحية سيارته والٱخر من خلفه، لم تمر لحظاتٍ ثم فتحها ، ليركب بها وهو ينزل من الزجاج ، فأنحني "شادي" قائلاً له بهدوء:
_" زي ما اتفقت معاك يا صاحبي بالعقل كل حاجه تتحل ، بسام بيحبك وعمره ما هيلاقي حد رفيق أيامه وبخاف عليه زيك ،بس هو هيفهم دا بالتدريج لما يرجع لوعيه، بس هو بحبك والله وفالأول والأخر ملكوش غير بعض ."
نظر له "غسان" ثم غمز له بغير إهتمام لحديثه قائلاً بمشاكسه:
_" مش عايزه هو يحبني "
_"أيوه بقا ما انتَ خلاص لقيت اللي تحبكّ ، وبقولك ايه متضيعهاش منك وخلي بالك منها. ، فـ رعاية الله"
قالها وهو يرفع يده ليشير له بالوداع حينما حرك الٱخر من السياره ، ابتسم له باطمئنان ثم لف من السياره ليخرج من البوابه الخشبيه ، إبتسم "شادي " بـ أثره بسعاده لرجوعه إلي عقله وعودته إلي منزله ، فـ أهم ما يكون لديه بأن يصبح صديقه سعيداً
____________________________________________
وقفت أمام شقة "حامد" تدق الباب دقات خفيفه ، فقد ذهبت "سُميه" و"دلال". و"عايده" و"ورده" وزوجها وصغيرها و"ياسمين" و"حازم" إلي شقتهم حتي يقومون بترتيبها بسبب إقتراب موعد الزفاف ، فضلت "نيروز" الجلوس فالمنزل حتي تجلس مع "وسام" التي تجلس لتذاكر دروسها فالمنزل ومعها والدها ، وقد خرج شقيقها الٱخر من الصباح ، و ما هي إلا لحظاتٍ وفتح لها "حامد" الذي ابتسم لها قائلاً بترحيب:
_"حبيبة قلب عمو ، تعالي أدخلي"
ابتسمت له ابتسامه صغيره ثم دلفت فوجدت "وسام" تجلس بصالة المنزل وهي تشاهد التلفاز قليلاً ، ضحكت بخفه وهي تتوجه لتجلس بجانبها قائله:
_"هو مش المفروض انتِ ثانويه عامه يا ويسو دا أنا جايه أقعد معاكِ ،أعملك شاي سندوتشات بتاع كده يعني الظاهر إن انتم عندكم إختلاف.."
ضحكت "وسام" مردفه من بين ضحكاتها:
_"فعلاً نحن نختلف عن الٱخرون سيبك انتِ تعالي أقعدي اتفرجي معايا.."
جلست بجانبها تحت أنظار"حامد" الواقف ومن ثم ردد بحنق لابنته:
_"والله ؟ يعني مفيش حساب لابوكي ، كده؟ تصغرينا قدامها ، طب قومي خشي جوه ذاكري يلا "
قالها بضجرٍ زائف ، فطالعته "نيروز" بترقب ، ثم استنكار من تلك التي توجهت تقف أمامه ثم هتفت تخبره :
_" صغيره علي الحب شغال ..!"
ابتهجت ملامحه وهو يردد:
_"سعاد حسني .؟؟"
_"ورشدي أباظه كمان "
ابتهجت ملامحه مره أخرى ثم توجه ليجلس بجانب"نيروز" التي نظرت بغير تصديق لتحويله السريع ، نظرت لها "وسام" بثقه ثم توجهت لتجلس بجانبهم ، وهي تهتف عالياً:
_" شوفت ظلمتني ازاي؟؟ حد يسيب الفيلم ده ويخش يذاكر بذمتك؟"
هز لها رأسه بالنفي وهو يعتدل بمرح حتي ينظر بتعمن إلي التلفاز ، ضحكت هي ثم نظرت بانتصار بينما ابتسمت "نيروز" باتساع وإعجاب علي ما حدث من عبث وهي تفكر بأنه يبدو ان شقيقته ليست هينه مثله تماماً ..!!
___________________________________________
بعد مرور بعض الوقت ، كان هو واقفًا. ينظر من شُرفه توجد بغرفته في المستشفى ، ذاكرته تستجمع كل شئ قد فعله شقيقه من أجله ، يذهب به عقله في بعض الأحيان لما سببه لشقيقهُ من ٱلام جسديه غافياً عن الألم النفسي الذي سببه له بقصدٍ أو من دون وعي، تعجب من قدرته لعدم محاولته للوصول له عن طريق الهاتف في طلبه حتي ! ، ولكنه خائفاً من أن يحدث شئ ، لا يريد مواجهته مره أخرى وتلك مشكله قي حد ذاتها !! ، إذن إلي الٱن يراوده الشك الذي تخلله رغماً عنه رغم محاولة تجاهله، ولكنه مشتتاً هذه الفتره ، محيراً بين أمور كثيره ، يشعر بالغربه وعدم القبول حتي وان كان من حوله يتقبلونه! ولكن نقطة عدم معرفة قيمه نفسه وقلة الوثوق بها الذي يخفيها أمام الأنظار هي الغالبه ..!! ، فاق من شروده على دقات الباب ، إذن للطارق بالدخول ، فوجده هو ، التفت لينظر له مبستماً ، فطالعه "عاصم" بصمت وهو يبادله ترحيبه بابتسامته ، حتي ردد"عاصم" وهو يقف في مكانه:
_" جيت أطمن عليكّ ، وأشوفك ، انتَ كويس ؟"
_" مش عارف ، بس مسيري فـ يوم هبقي كويس ، انتَ ماشي ولا ايه ؟"
قال"بسام" أول حديثه بشرود ، بينما سأله بانتباه ، فأومأ له الٱخر بالايجاب قائلاً بهدوء:
_" أه ، يدوب خلصت جلسة فرح وخلصت النهارده كده خلاص"
فرح!!! حسناً هذه نقطه قد انتبه لها الٱن لما لا يذهب ليشعر بما قد شعره من قبل عندما كان مشتتاً ، خرج من شروده عندما حدثه الآخر وهو يخرج من الباب تزامناً مع قوله:
_" انا ماشي ، بس لسه مستنيك فالعياده علفكره !"
ابتسم بأثره بهدوءٍ ومن ثم توجه ليخرج من الغرفه من خلفه ليذهب إلي حيث ما نوى ، خرج من الغرفه متوجهاً إلي الساحه ومن ثم ركن السُلم ، قاطع سيره تلك التي تقع أمام أنظاره أغلب الوقت وكأن كل ما يراها يتذكر جرحه وذكرياته ، لا حد لذلك ، لما تقاطع سيره في كل مره وكأنه قاصداً أو هي الأخري التي تقصد؟؟ ، كانت متوجهه لتصعد السلم حتى صعدت بجانبه ابتسمت بسخريه بينما تابع صعوده متجاهلها ، وما أن وصل إلي الطابق ، كانت ستكمل هي حيث مصعد لطابق أعلي بكثيرٍ ، فوقفت من أمامه علي فجأه تقاطع سيره قائله بخفوتٍ ونبره بطيئه لكي تستفزه لأخذ حق لها من قبل عندما فاز بالحديث عليها :
_" كلامك بتاع امبارح ده علفكره ولا فرق معايا ،. عشان تبقى عارف يا دكتور.."
طالعها "بسام" بسخريه ثم خرج منه صوته الهادئ عكس ما بداخله:
_" لو مش فارق معاكِي جايه تتكلمي بعدين ليه ؟ وبعدين انتِ مش قولتي ملكش دعوه بيا ، ليه بتيجي تبدأي كلام انتِ فكل مره ! ايه؟ خايفه ؟"
نظرت له باستنكارٍ من أعلي لأسفل ثم تنهدت لتجيبه:
_" أنا ؟؟ هخاف منك انتَ؟ ! ، الزمن جرا ليه ايه !"
قالتها ومن داخلها قد أخفت توترها ببراعه هي تبدأ معه الحديث في كل مره خوفاً من كشفه لها ، لا تعلم ماذا سيفعل هو ولكن المؤكد بالنسبه لها أنها تتلذذ بتعذيبه وتجريحه بكلماتها ، تلك التي تعد محط أنظار للرجال كيف لذلك بعد أن كان في نظرها منحنياً أمامها بطاعه كمثل باقي الرجال كيف لتحوله بأن يبغضها كذلك ، أما هو فكانت علاقته بها ليست حد العبوديه كما تتوقع ولكن ما يبدو عليها انها مريضه كما قال له شقيقه تفضل أن تجمع الرجال من حولها ويا لكثرة هذه النساء ! ، طالعها بسخريه ثم نظر علي كعب حذائها العالي وهو يرفع أنظاره لها مره بنفس الابتسامه وهو يهتف بنبره هادئه ليفتك بأعصابه يرد لها ما تفعله به:
_" الزمن جراله كتير لدرجه إنك بقيتي أقل من الجزمه دي عندي !"
موعد قول وإرداف حديث ليس من شكله ولا من طبيعته الهادئه ، حسناً هي من إضطرته لفعل وقول ذلك !! ، قالها فنظرت له بشرر ، ثم توجهت بكعب حذائها العالي لتقف علي أطراف أصابعها أكثر حتي تطول بجانب أذنيه مردده ببرود بينما كان يقف ثابتاً لم يحرك له جفن:
_" وانت بقيت وهتبقى طول عمرك مُغفل ..لو أنا منك يا أقتل نفسي يا أقتل أخويا ..!"
لك ولن تكف عن وضع عازات مشتعله علي أعصابه التي بدت مثل النار من داخله ولكنه بارعاً في إخفاء ما يشعر به منذ فتره كبيره ، نظر لها بصمت ثم بدأ بالتحرك تزامناً مع رده وهو يشير لها بيديه باستهزاءٍ :
_" مسكينه يا تاج ، بسّ أكيد هنتقابل بعدين طالما انتِ عاوزه كده ، ساعتها هرد عليكِ ، أصل وقتك خلص.."
قالها ثم تركها تنظر له بغل ، بينما ذهب ليقف أمام الغرفه ثم أخرج أنفاسه الحاره وهو يبدأ في دق الباب بهدوءٍ ، نظرت له نظره أخيره بتوعد ثم تحركت من أمام أنظاره حيث المصعد !! ، أما الأخرى فقد أذنت للطارق بالدخول ، فوقف يجلي حنجرته حتي إعتدلت هي في جلستها ما أن عرفت من هو ، دخل يتوجه وهو يطالعها ببسمه صغيره ، فنظرت له وهي تبادله الابتسامه ، فـ خرج منه صوته أولاً وهو يتساءل بلطفٍ:
_" عامله ايه النهارده ؟ كويسه ؟"
ابتسمت تجيبه بهدوء وهي تنظر له بعينيها وأهدابها الكثيفه الذي لأول مره ينتبه لها ، فجمالها ليس مبهراً ولكن عينيها الواسعه التي بدت لمن ينظر لها بأنها سوداء ذات رموش كثيفه تعد أجمل شئ في وجهها حتي وإن كانت الٱن ملامحها مرهقه منهكه فقد انتبه لذلك ، رددت بابتسامه أخيراً :
_" كويسه الحمد لله "
انتبه لحديثها التي أردفته للتو ، ثم نهر نفسه لتطلعه عليها وعلي ملامح وجهها بتلك الطريقه ، حيث ليس بإمكانه النظر لها كذلك وليس ليربطه بها شئ ، وكأي رجل يصعب عليه غض بصره !! ، لم يستمر كثيراً بل تجاهل بعدما نهر نفسه وهو يستغفر ثم ابتسم لها بهدوءٍ و تحدث بإقتراح كي يخفف عنها:
_" ما تيجي تنزلي تقعدي فالحديقه شويه ، دا أحسن حتى لحالتك النفسيه"
ابتسمت بحرجٍ ثم تحدث تجيبه بهدوءٍ ولباقه في نفس ذات الوقت حتى لا يشعر بالحرج وهي أيضاً :
_"بحس اني مش قادره فـ كده أحسن!"
لو تعلم أنه يريدها علي سبيل راحته فقط والحديث معها فـ اي تراهات فقط قضاء وقت ليشعر بانتظام أنفاسه وراحته علي سبيل وجودها لم يشعر بذلك مباشرةً ولكن لي كل مره تذهب به قدميه إليها ولا يعرف لما ؟! ، لا يعلم ولا يستطيع التحدث مع شخصٍ عما يدور به وما حدث له ولكنه يقف أمامها يشعر بأنها مثله حتي وان لم يعرف عنها شئ ، الأرواح المتشابهه تتلاقي بتدابير لا نعلم عنها شئ ، حتي وان لم تكن متطاببه ولكن كل منهما لديه تشويه داخلي أحدهم حديث من فعل فاعل ، والاخري من أشياء عده في الحاضر وأشياء قد عفى عنها الزمان !! ، حاول التحلي بالثبات علي ما ينويه ثم تحدث قائلاً مره أخري محاولاً بنفس الوقت عدم الصغط عليها :
_" مش هتخسري حاجه صدقيني هتتحسني كتير دا ان مكنش دكتور عاصم قايلك بس انتِ أكيد طنشتي وده غلط .. "
لا مفر من ضغطه الغير مباشر ، صمتت قليلاً بتردد ثم رفعت أنظارها تطالعه حتي وجدته ينظر لها بترقب وإنتظار ، وإن دققت بنظرة عينيه فستجدها ترجي حتي يصبح أفضل وهي أيضاً ، أومأت له بالموافقه ، لا مانع إذن ، حتي لا تقضي الوقت بمفردها وشقيقها فالعمل والاخري لم تستفيق من غفوتها بعد !! ، نهضت ببطئ حتي نظر لها بتعمن ، فتنحنح بحرج ليسبقها هو بالخارج أمام الغرفه ،ومن ثم هي سوف تأتي من بعده أو خلفه مباشرة ، ولكنه فضل إعطائِها المساحه الخاصه بها مهما حدث ومهما سيحدث إن فعلت شئ قبل الخروج !
____________________________________________
كانت تقف وهي تتحرك بتوترٍ في الغرفه ، رغم تشفيها وفرحتها بما فعلته أمس ولكن ، عدم رد ابنها عليها إلا الٱن لا يبشر لها بالخير وكذلك لا تعلم عن ابنتها شئ ، تحاول أن ان تخفي قلقها على ابنتها حتي لا يأخذها البعض بالضعف ، نظر لها "سليم" الجالس من أمامها بنفاذ صبر قائلاً من تحركها الذي يوتر الأجواء :
_" ما تتهدي بقا وتقعدي علي ما أعمل المكالمه.."
نظرت له بغيظٍ ثم توجهت لتقف أمامه متحدثه بنبره جامده:
_" انتَ مش واخد بالك انك باللي بتعمله ده ملوش لازمه ، مين ده اللي هيمشي يدور علي بنتك و اللي ما يتسمي هو اللي خدها وهو السبب ، خلاص مبتشوفش لدرجة كده ؟ مش فاهمه احنا ساكتين لحد دلوقتي ليه ، كونه مرجعش لحد دلوقتي مشككش فحاجه لو مكنتش شاكك أصلاً ..؟"
نهض يقف مره واحده متحدثاً بنبره عاليه تعبر عن حيرته منها:
_" انتِ عاوزه ايه بالظبط يا زينات ، أروح اقتلهم يعني ولا أسجنهم عشان بنتك تطلع واحنا مش عارفين لسه هي مشت ازاي وهو السبب أصلاً ولا لأ ، مش كفايه حازم كان مقطع نفسه بين جوازه وشغله وشغال في المصيبه دي ، لا وتقومي انتِ مطيناها وتخليه يشيل ايده من كل حاجه بكلامك !!"
صاحب شخصيه سلبيه لم ولن يعترف بما تفعله من خطأ أمام شخص بل تصبح في نظره هي الصواب ولم يأخذ خطوه فالدفاع عن ابنه !! لماذا يتحدث الٱن وكأنه يعاتبها بطريقه غير مباشره ؟. ، طالعته بسخريه ثم رددت تجيبه بنبره مرتفعه:
_" مالك قايم عليا وبتدافع عنه كده ليه ! ، مشوفتش ربع ده منك وأنا بقعد اتصل علي ابنك ولا بيرد ولا باين ليه ملامح وبعدين انت جاي تفوق الوقتي وسايب المصيبه اللي خلاص باينه زي الشمس مين اللي عاملها وانتَ ساكت ؟ !"
إقتربت منه خطوه واحده أكثر ثم صاحت عالياً بغضب أمام وجهه:
_" أنا معتش هسكت أكتر من كده عشان تبقي عارف "
طالعها بتهكمٍ ثم قلب أعينه بنفاذ صبر قائلاً بغير إهتمام :
_"هتعملي ايه يعني.!"
طالعته بغيظٍ من طريقته التي ظهرت لها مستفزه بعض الشئ ،،فـ التفتت تتجه ناحية الباب قائله بهدوء مميت لا يجعله يتوقع ما سيحدث منها:
_"هتشوف !"
فتحت باب الشقه ، ثم التفت تنظر له وهو يقف يتابعها بصمت ،. بينما توجهت حيث الشقه التي توجد من. أمامها لم تأخذ دقائق لتغير ملامح وجهها للصرامه والغضب وهي تضع إصبعها علي الجرس بقوه . ، لم يمر لحظات كثيره ومن ثم فتح لها الباب. بواسطة "حامد" و"نيروز" من جانبه و ابنة الأول خلفه ، نظرت لهم "زينات" بغضب وهي تنظر له مردده بجمود ووقاحه ظهرت في أسلوبها :
_" ابنك فين !"
طالعها بصمتٍ ثم أخذ أنفاسه ببطئ وهو يجيبها بهدوءٍ متحلياً به :
_" لو قصدك علي اللي بتتبلي عليه فـ هو مش هنا !!"
طالعته بكره بينما حركت انظارها علي تلك التي تقف بجانبه ثم حدجتها بسخطٍ حتى التفتت تصيح مباشرة علي زوجها وهي تهتف عالياً بوقاحه:
_"تعالى يا سليم شوف عشان تبقي تصدقني كويس لما أقولك إن بنت أخوك مقضياها مع اللي خاطف بنتك ، لأ وكمان قاعده فالبيت وصاحبته مش فيه ، ايه ؟ جايه تقضيها مع ابوه واخوه !"
تخطت الحدود وأكثر بكثيرٍ ، قالتها وهي تعلم أن النساء لم تكن في المنزل بسبب معرفتها بأن زوجة زوجها الأولي قد ذهبت معهم ، تحرك "سليم" إلي أن خرج ، وفي تلك اللحظه نظر لها "حامد" وقبل أن يتحدث ، رفعت "نيروز" يديها تدفعها بقوه للخلف وبعزم ما لديها ، قائله من بين صراخها العالي الذي جعلهم ينتفضون من أثره :
_" أســكتــي يا زبـــاله ، إخـــرســـي !"
سبه لا إراديه علي الخوض بعرضها كذلك ومن حديثها الوقح الذي جعل الاخري تنفعل وتصرخ بقوه بعزم ما لديها وكأن شخص قد حدث له شئ صعب القول والرؤيه للتو ، صرخه كفيله لهز المبني مجازياً ، بما فيه المصعد الذي فُتح للتو في نفس طابقهم ، لم يعطي أياً منهما بالاً للشخص الذي خرج منه وما أن رٱهم سار مسرعاً ، بينما كادت أن تتقدم "زينات" بغضب لتقوم بضربها ، ولكن حركة"سليم" كانت قبلها حينما تقدم ليمسكها من شعرها خلف الحجاب وتحت إمساك "حامد" له بأن يتركها وبكاء "وسام" مكانها ، وجدوا صـوت رجولي من خلفهم كان عالياً لاختراق سمعه هو تحديداً حينما ردد بحده وهو يتوجه لهم سريعاً حتي يمسك بـ "سليم":
_" ابــعــد ! "
قالها"غسان" الذي وصل أخيراً ، بينما رفع يده ليمسكّ أيدي "سليم" يفصله عن الأخرى بقوه ثم دفعه ليهبطها من عليها وهو يدفعه للخلف حتي إصطدم بكتف زوجته ، توجه "حامد" ليمسك "نيروز" بينما وقفت "وسام" تنظر بصدمه للذي يحدث من بداية "نيروز" إلي شقيقها التي لا تصدق كيف ومتي جاء بتلك السرعه ! ، وفي لحظتها أمسكته "زينات" من تلابيبه بقوه ثم رددت عالياً بغلٍ وجهلٍ :
_"أخوك فين ؟ فين الحرامي اللي خطف بنتي انطق !"
كانت تعتقد أنه "بسام" كما حدث معها من قبل ، نظر لها "غسان" نظرات حاده ساكنه ، ومن ثم تفاجأت هي منه حينما أنزل يديها من عليه بقوه وهو يدفعها إلي الخلف بذراعه حتي إصطدمت بالجدار من خلفها بشده ، إقترب منها عدة خطوات حينما رجعت هي إلي الخلف رغماً عنها من أثر دفعته ،حتي بات قريباً بشده وهو يقف من أمامها مردداً بنبرته الجامده وهو يتساءل بشرٍ ظهر في نبرته لها :
_"عرفتي أخوه فين ولا لســه .."
طالعته بغير تصديق ، هو لم يفعل معها المره السابقه كذلك بل تركها تقوم بمسكه وهو ساكن بين يديها لم يبدي ردة فعل ولكن اتضح أنه ليس من كان هادئاً بين يديها ، بل ذلك الذي ٱتي ليأخذ حقوقا ً كثيره ، لم يأخذ رداً منها بل لاحظ ذلك الذي اندفع يمسكه من قميصه وقبل أن يرفع يده حذره "غسان" وهو ينظر له بغضب قائلاً بنبره حاسمه:
_" لو رفعتها ولمستني هقطعهالك، ولا عاد يفرق معايا راجل كبير ولا راجل صغير سامع ؟ !"
نظر له "سليم" بغضب ، ثم ردد بعدها بنبره عاليه:
_" انتَ مجنون ، بتمد ايدك علي مراتي وبتهددني ؟."
إبتسم "غسان" وهو يقترب منه ثم هتف بنبره هادئه بارده عكس ما سبق :
_"أيوه ، والمره الجايه مش هيبقي فيها تهديد ، هنزل عليك بالقلم اللي اديته لـيها فلحظتها مش هستني كتير "
قال حديثه بجرأه لهما من تعديته لحدود السن الذي كان يحترمها من قبل ولكن الٱن كل شئ تغير ، قالها وهو يشير علي "نيروز" الساكنه بين يدي "حامد" وابنته ، بينما طالعهوه بدهشه للذي يحدث ومن الذي أردفه ، فردد "غسان " مره أخري بتوضيح هتف به بلامُبالاه زائفه :
_" أنا جيت أهو عشان تعرفوني انا خطفت بنتكم ازاي"
توجهت "زينات" بعدما استوعبت ما حدث وما يُقال ثم وقفت من أمامه تردد بغل:
_" وديت بنتي فين ،. انتَ اللي أخدتها ومشيت فنفس اليوم اللي هي مشت فيه و الورقه اللي سابتهالنا وقالت فيها انك اللي قولتلها تعمل كده ."
إبتسم بسخريه وهو يحرك أنظاره عليهما ثم تابع بنبره تهكميه:
_" ليه ؟ هي البنات خلصت عشان أروح أخطف بنتك انتِ؟!! ، دا ايه الدنيا العبيطه دي.؟"
صمت يتابع ملامح وجهها هي وزوجها المغتاظه حتي أكمل بنبره بارده وهو يعدل من ياقة قميصه الذي أصبح غير منتظماً :
_" مش ذوقي أصلاً ، لو كانت عجباني كنت خطفتها قدام عينيكم عادي أصل لو عاوز حاجه هاخدها كده كده منكم ذوق أو عافيه ، وأديني هو قدامك واقف لو عرفتي تعملي حاجه أو تتبلي عليا انتى وجوزك فالقسم زي ما الناقص ابنك عملها فـ أنا مستعد ، فـ ثانيه محضر وقضيه بعد ما اتهجمتي عليا انتِ وجوزك فـ بيتي أثناء وجودي جوه ،.. أه ما أنا موجود هنا من زمان بشهاده دي"
قالها بكيدٍ وهو يشير علي"نيروز " ثم واصل يكمل بنفس الكيد:
_" دي اللي هي بنت أخوك ، يعني من الطبيعي تقف معاك مش معايا ، لأ وايه من غير شهادتها أصلاً ، عندي نسخه تانيه بالظبط مني جوه ، يعني فالحالتين أنا واقفلكم وجاهزلكم من كل حته يلا وروني هيحصل ايه هتبدأو منين؟"
تفهم"سليم" ما قاله جيداً بينما طالعته هي بسخطٍ ، فخرج صوت"سليم " وهو يتحدث بنبره جاده يضغطه بتهديد :
_" متنساش إننا معانا الورقه اللي بخط ايد بنتي ، واللي فيها الدليل اللي ممكن كنت أقدمه وأعمل محضر ، أو أقدمه مقدموش ليه بعد المهزله وقلة الأدب اللي حصلت دي !! "
كاد أن يتحدث "حامد" فنظر له "غسان" حتي يتحدث هو أولاً ليجيبه ، بينما تحركّ يقف أمام أنظار "سليم" مباشره ثم مال عليه بحركه مقصوده ليهتف بجانب أذنه وبنفس الوقت بجانب أذن الأخري التي كانت تقف بجانب زوجها مردداّ بنبره بطيئه خافته هامساً:
_" لسه محصلش مهزله ولا دي قلة أدب بس لو عاوز أوريك قلة الأدب أنا جاهز ، وإبقي دور علي الورقه كويس يا حضرة المحامي."
قالها باستفزاز واستهزاء ثم تحرك مره أخري ليتوجه لـ "نيروز " بينما نظر له "سليم" وهو يردد بنبره جامده متسائلاً بغضب:
_"يعني ايه يعني !"
التفت يفتح من باب الشقه أكثر ثم أشار لوالده بأن يدخل خطوه واحده حتي دلف بهدوء ، وكذلك "وسام" بينما أمعن النظر بـ"نيروز" التي ارتبكت فور حديث عمها عن الورقه خوفاً من أذيته ، فتوجه ليمسك يديها علي فجأه وبقوه أمام أنظارهم ليسحبها إلي الداخل خي الٱخرى ، حتي وقف هو. أولهم وهي من خلفه ومن ثم هما من الداخل وهما الاثنين يطالعونه من الخارج بانتظار لاجابته ، حتي أجابهم أخيراً بنبره أثارت إستفزازهما وصدمتهما في ٱن واحد :
_" يعني الورقه اتقطعت من زمان بإيدين اللي مني وفـ لحظتها ، وروني بقا عرض إكتافكم ."
نظر له "سليم" بغير تصديق بينما حدجته الأخري بحقدٍ ، فتقدم "سليم" سريعاً حتي يرفع يده ليلكمه علي وجهه ؛ إذن حركه كانت متوقعه بسبب طريقه إستفزاز الآخر له بالحديث ، ولكنها قد أصابت "غسان" حتي أنه حاول أن يتفاداها ولكن عندما تحرك جاءت لكمته في جرح رأسه ، وبسبب ذراعه وتحكيم حركته لم يستطيع الحركه بسرعه ، ولكنه نظر بغضبٍ وهو يرفع يده يضعها علي عنق الآخر في حين صراخ "وسام" وبكاء "نيروز". حاول "حامد" الفصل بينهم قبل أن يقترف ولده جرماً بينما كانت تدفعه "زينات" عن زوجها ، كان يختنق"سليم" أسفل يديه فـ تابع "غسان" وهو يرفع صوته مردداً بنبره قويه من ٱثر إنفعاله :
_" بترفع ايدك عليا يا ناقص ، دا أنا ابويا معملهاش معايا يا راجل يا خرفان !"
أنزل يديه سريعاً حينما فصل بينهما "حامد" بقوه ، فحاول الٱخر أخذ أنفاسه بصعوبه وهو يرجع خطوات إلي الخلف بعشوائيه ، بينما جذب "حامد" يد ابنه إلي الداخل ، بقوه ثم أمسك الباب ليغلقه بسرعه تزامناً مع قول "غسان" المرتفع ليصلهما:
_"أقسم بالله لو حصلت ومديت ايدك المره الجايه عليها هي لهقطعهالك وأخليلك كل صباع فبلد و تمشي تدور عليهم يا ناقص "
كان صوت إغلاق الباب هو الرد الوحيد ، بينما نظر "حامد" له وهو يصرخ بوجهه عالياً:
_" إيـه ؟ كده ارتاحت خلاص؟"
رفع "غسان" أنظاره له ثم شعر بدماء تسيل علي وجهه ، لم يهتم للأمر بل هتف بكلمه واحده متشفياً :
_"أه "
قالها ومن ثم تحرك أمام أنظارهم يجلس علي الأريكه ،فـ توجهت شقيقته تقف من أمامه بعد دقائق بسيطه وهي تنظر له بشوقٍ من بين دموعها ، جلست بجانبه فرفع ذراعه السليم ليأخذها بين أحضانه مردداً بهدوءٍ وشوق يسحب من غضبه:
_" وحشتيني"
تمسكت به للحظاتٍ وهي تجيبه بالمثَل ، فرفع عينيه علي من يقف من علي بُعد منه ، وجد والده يدخل إلي الداخل حتي يتحاشى مواجهته ، بينما تحركت من مكانها سريعاً. ما أن رفع أنظاره يطالعها ،توجهت لتجلس بجانب "وسام" التي كانت تتابع النظرات فيما بينهما ، كان بإمكانها أن تشعر بالغيره ولكنها تأكدت شكوكها الٱن ، حيث كان بداية الشك يوم ذهابهم للمطار. عندما كانت تركب معهما بالسياره ، لم يحرك أنظاره وقتها من عليها ، كان رغماً عنها فعل ذلك ولكنها شعرت بأن أحدهم يود قول شئ لتنهي النظرات ، نهضت تبتسم لشقيقها بهدوء ثم تحدثت قائله بضغفٍ:
_" هخش أغسل وشي واعملنا حاجه نشربها بدل حرق الدم ده"
قالتها بجديه بينما ضحك هو بخفه علي أسلوبها ، حتي ابتسمت "نيروز" هي الأخري لها ، لم تمر دقائق كثيره حتي تحركت هي من أمام أنظارهم ، بينما التفت برأسه ينظر لها حتي وجدها تنظر له بصمتّ ولكنها تحدج به ، لم تستمر النظرات بل رفعت طرف حجابها لتزيل أثر الدماء التي نزلت من ضربة عمها ، تركها تفعل ما تفعله حتي انتهت أخيراً ، ومن ثم تحدثت بلومٍ وبنبره متعبه:
_"ليه كده ؟"
نظر لها باستنكارٍ ثم سألها باختصارٍ:
_"ليه ايه ؟"
_" ليه مصمم تعمل كل اللي أنا خايفه منه ، انتَ مش عارف انك كده بدأت مشاكل جديده غير اللي راحت ، مش هيسبوك ، لا عمي هيسببك ولا مرات عمي ولسه ..حسن لو عرف باللي حصل"
قالتها وهي تواجهه بحديثها بينما كان هو ذلك الحديث الذي كان سيحدثه به والده ، لم يتخلص منه إذن ! بل أصبح لديه شخص مثله بالتفكير!، نظر لها بتعمن ثم نبس بنبره هادئه عكس جمود ما كانت تتحدث به:
_" بتخافي منهم يعني "
قالها بثقه وكأنه يؤكد لها شئ ،جعلتها تنظر له بغيظٍ مكتوم حتي ظهرت شراستها في قولها:
_" قولتلك قبل كده إني مبخافش !"
قالتها ثم رفعت يديها تمسح ما تبقي من دموع عينيها علي وجهها بينما كانت يديها وطرف حجابها ملطخه بدمائه ، حتي تلطخ وجهها بلون أحمر بسيط خافت ما يبدو أنها تعكرت بدمه !! ، لم تأخذ منه سوي رد واحد مقتضب حينما ردد مره اخري يؤكد بجديه جامده :
_"لأ بتخافي "
قالها أمام أنظارها فلم يتردد في الحديث مره أخري وهو يتحدث قائلاً بتوضيح:
_" حتي لو كنتى خايفه عليا ، فـ انتِ خوفك من عمك ومن مراته وابنه غلب خوفك ده ، وخوفتي لأقول اني بحبك صراحتاً عشان ميتأكدش كلامهم ، المفروض إنك بتلوميني عشان رجعت أخد حقك لما ضربك ومد ايديه عليكي ولا من حقي من المشاكل اللي بيلزقوهالي ، كده يبقي ايه ؟ مش خايفه . ؟"
قالها وهو يواجهها بكلماته الجامده ، لو يعرف ما تهابه وما تخافه من أخذها لكل الاحتمالات ، نظرة عينيه في المواجهه لديها ولها كانت بارده لم تحمل دفئاً كما كانت من قبل ، لم يظهر بقا اللين التي كانت تستشفه ،أدمعت عينيها وهي تطالع عينيه التي بدت لها بارده ، ثم تحدثت من بين دموعها تجيبه بنبره متحشرجه وهي تبرر بنبره صادقه تخللها هو عندما ضعف أمام بكائها وهي تبرر حقيقه تهابها وبشده خاصةً انها ذاقت مرارة فقده لفتره معينه من قبل !! :
_"أنا أيوه بخاف منهم وبلومك علي اللي حصل ، بس كل ده خوف ليبعدوني عنك بالغصب وهم ممكن يعملوها عادي وتحصل منهم لو عرفوا واتأكدوا من ده ، إن مكانوش عرفوا خلاص، وأنا مش عاوزانا نتفرق عن بعض يا غسان متعملش كده بالقصد لمجرد عنادك قصادهم عشان خاطري .. ! "
قالتها ببكاء أول حديثها وترجي في ٱخره لامس قلبه من تأثرها ،حسنناً قد أرسلت له الٱن فك شفرة خوفها مما حدث وحديثها الجامد الذي لا يعرف له معني في البدايه ، ولكن اتضح له الٱن ما تشعر به وما تريده ، نهضت علي فجأه للهروب من أمامه بعد قولها لما تريد إخراجه ، أمسك معصمها يقاطع هروبها وسيرها حتي وقفت ، ثم نهض وهو مازال يمسك بيديها حتي التفتت تنظر له بعجزٍ، فخرج منه صوته الهادئ وهو يهتف بوعدٍ صادق:
_" ومين قالك إني هسيبهم يعملوا كده ؟! ، محدش يقدر يغصبك علي حاجه انتِ مش عايزاها وأنا هنا ، حتى أنا ..!"
ترك يديها ثم رفع يده يمسح وجهها بحركه بطيئه وهو يعود لينظر لها بلين، ثم ضغط بمسحته علي وجهها في نقطة دمه الحمراء التي وجدها علي خدها ، استشفت صدق كلماته من حديثه الثابت وعينيه التي بدت لها كما كانت هادئه !! ، نظر علي وجهها وحجابها المهندم من أثر مسكة عمها ، لم تشعر هي برجوع حجابها إلي الخلف قليلاً حتي ظهرت خصلات شعرها البنيه من الأمام ، ابتسم علي مظهرها العبثي ، وهو يرفع يده حتي أدخل من خصلاتها وهو يحرك الحجاب إلي الأمام بعشوائيه ، خجلت من ما فعله حتي رفعت يديها تعدل من حجابها بارتباكٍ هي الأخرى، كانت قد تحركت أنظاره علي تلك السلسه التي ترتديها ، كان قلب الورده يظهر من الخارج ، نظر لها وهو يبتسم بشرود ، تذكرها إذن!! ، عدلت هي من حجابها ثم خرج منها صوتها وهي تتحدث قائله بإذن:
_" أنا لازم أمشي مينفعش كده "
قالتها بهدوءٍ لكونها بقت بمفردها معه ، بينما ابتسم بعبثٍ وهو يقترب منها حتي رجعت هي إلي الخلف تزامناً مع رده:
_"يعني هتمشي ؟. "
هزت رأسها بنعمٍ حتي إصطدمت وهي ترجع إلي الخلف بالمقعد الخشبي كتمت شهقتها من اصطدامها هذا بينما تابع بتساؤل يشاكسها وهو يقف من أمامها :
_". هتسبيني يعني قصدك ؟"
رفعت أنظارها وهي تنوي بأن توقفه عند حده مما يفعله ، حتي نظرت وهي تتحدث قائله لتجيبه بحده رغم اهتزاها من الداخل:
_" يعني ايه هسيبك يعني ؟ كنت عايشه معاك فـ بيت واحد أنا ؟"
ضحك بخفه وهو ينظر لها بعينيها ذات النظره المهزوزه التي أوحت له بتوترها ، بينما واصل بمراوغه وهو يقف بمكانه :
_" ياريـت ، ما تيجي"
شهقت شهقه عاليه وهي تهتف عالياً تعنفه وهي ترفع يديها بتأديب مبتلعه ريقها بارتباكٍ في نفس الوقت :
_"أجي فين يا قليل الأدب انتَ !"
_" أنا متابعه الحوار يا روز قصده يعني تيجي تعيشي هنا معاه ، كملو كملو"
قالتها "وسام" وهي تقف خلف الستار تكشف عن وجهها فقط ، بينما انتفضت"نيروز" علي ٱثر صوتها مردده بعفويه :
_"يلهوي !! ، انتِ هنا من إمته"
قالتها بطريقه مضحكه جعلته يضحك عليها بينما إقتربت شقيقته تقف أمامها وهي تجيبها من بين ضحكاتها :
_" مش من زمان أوي"
وزعت أنظارها بينهما بضجر وخجل مما حدث ثم توجهت بصمت إلي باب الشقه تفتحه أمام نظراتهما ، حتي خرجت هي ثم أغلقته من خلفها وهي تصفعه خلفها ، نظرت هي إلي شقيقها وهي تضحك بخفه قائله من بين ضحكتها:
_" علفكره حرام عليك تكسفها كده خصوصاً أنها شكلها بتحبـك مع انك محكتليش يعنـ.... !"
قالتها وقبل أن تكمل حديثها الأخير وجدت والدتها تدخل من باب الشقه وهي تغلقه خلفها بارهاقٍ ، بينما توجه هو يقف أمامها حتي رفعت أنظارها بفرحه ثم رفعت يديها تأخذه بين أحضانها بشوق وحنان ، متحدثه بتحشرج وهي تلومه:
_"كده توجع قلبي عليك!"
قالتها وهي تخرجه من بين أحضانها ثم وضعت يديها بلهفه علي جرح رأسه تتفقده ومن ثم ذراعه ، بينما نظر لها باشتياق وهو يردد:
_"حقك عليا ، متزعليش"
تفقدته بنظراتها بحبٍ أمومي ثم أمسكت يديه السليمه وهي تسحبه خلفها بهلفه طبيعيه من أم قائله باندفاع:
_" تعالي وريني ايه اللي فوشك ده وبيجيب دم ليه كده ، بتوجعك ولا ايه"
وكأنه طفل صغير كانت تحدثه كذلك ، بينما ابتسم بقلة حيلة منها ومن طريقتها التي لم ولن تتغير ، اعتلت ضحكات "وسام" علي ما تراه أمامها !! والدتها تجلسه بجانبها بينما هو يحاول أن يطمئنها من بين ضحكاته ولكنها غير عابئه بحديثه بل تتفقد جرحه وبقية وجهه بلهفه بحثاً عن جرح ٱخر بخوف !!
______________________________________________
« وإن كانت ملامحكِ ليستّ فاتنه ، فـ فتنتها فى هدوئها الذي أراح عقلي ورضاني مُبتسماً في عمق تفاصيلك ، لم أشعر بشئ تجاهك سوي ما يحدث لكِ وما يحدث منكِ أخبريني لما ليست الحياه عادله معنا ؟؟ لما لم تصفع سوانا ونحن لم نفعل شئ لعقابها هذا ،لما تجمعنا الحياه بأشخاصٍ أذونا وأشخاص مثلنا !! ، ألا يوجد شخص سوي هادئ لم تأتي عليه الحياه ، ولم تصفعه من قبل ، ألا يوجد من لم يكن مظلوماً منها حتي وإن كان ظالماً يوما ما ؟»
كان يجلس معها على مقعد مريح في حديقة المستشفى تاره بتنفس بعمق وتاره لم بعرف يأخذ أنفاسه من توتر الأجواء !! ، مشروب من الليمون بالنعناع الساخن بيد كل منهما !! ،التفت ينظر لها وهي تشرب مما بيديها قائلاً بتساؤل وكأنه مهتماً :
_" عجبك؟"
نظرت له "فرح" بتردد ثم حركت رأسها وهي تبتسم قائله باعتراف:
_"بصراحه لا ، ممكن لو كان ساقع كان يبقي أحسن بس عشان مفيد فـ يعتبر أه كويس ، انتَ بتحبه ؟.."
إبتسم "بسام" بتذكرٍ ثم تنهد يخرج أنفاسه براحه متحدثاّ بهدوء:
_" أخويا هو اللي بيحب المشروب ده لكن أنا بالنسبالي عادي حتى مكنتش بحبه فالأول بس كنت بشربه غصب عنى عشانه .."
نظرت له"فرح" بهدوء ثم خرج منها صوتها وهي تتساءل بانتباه :
_" عندك اخوات كمان غير أخوك التوأم ؟"
هز رأسه مبتسماً وهو يجيبها بهدوء :
_" عندي أخت إسمها وسام معرفتيهاش يوم كتب الكتاب ؟."
_" لا بصراحه ، بس علفكرة أنا كمان عندي اخوات تانيه غير عز !"
نظر لها بتمعن ثم تحدث بدهشه طفيفه مردفاً بعفويه:
_"بجد؟ أومال مش بيجوا ليه ؟"
تنهدت تخرج أنفاسها بقوه وهي تجيبه بنبره مختنقه استشفها هو سريعاً:
_" عشان واحده ماتت والتاني مش قريب أوي مننا "
التفتت تنظر له فوجدته يطالعها باهتمام فواصلت تكمل بتوضيح أكثر:
_"أخواتي من الأب"
نظر لها بأسفٍ ثم برر سريعاً حتي لا تحزن من حديثه الغير مقصود:
_" انا ٱسف مكنتش أقصد ، ربنا يرحمها "
_" ويسامحها ، هو بجد ممكن ربنا يسامحنا علي ذنب كبير ؟
كانت تتحدث براحه لم تتحدثها مع طبيبها النفسي يبدو أن وجوده مهم بالنسبه لها دون أن تدري ولكن ليست مشاعر!؟! ، رغم استغرابه مما أردفته ولكنه أجابها بهدوءٍ:
_" طبعاً ربنا بيسامح ، ده حتى إسمه الغفور الرحيم !"
أومأت له بتفهمٍ ثم أجابت وهي تتابع حديثها بتأثرٍ وضعف:
_" اختي أنا مكنتش أعرفها اوي ولا كان ليا علاقه بيها ، رغم كل ده إتأثرت بموتها كأنها شخص عزيز عليا ومبيفارقنيش ، ممكن الدم بيشد ويحن ، حتى مجاليش قدره أكرهها ، دعائي ليها علطول بيخليني مبسوطه إنى لسه فاكراها "
طالعها بهدوءٍ وهي تتحدث براحه كبرى ، بينما رفعت عينيها تنظر له وهي تتأتي بحديثها الذي أثار شفقته تجاهها:
_" موتت نفسها!"
تألم من الداخل لتخيله ما يمكن أن يمر به الانسان من تلك المحن ، مرض والدتها ، انتحار شقيقتها ، بُعد شقيقها ،. مرضها الٱن ؟ كفاح شقيقها من أجل سلامتها هي ووالدتها ،. تركها لمستقبلها وحلمها ، لا يعرف ماذا يجب بأن يتحدث الٱن ولكنه نظر لها بثباتٍ ثم ردد بنبره هادئه يحمد لله علي حاله من داخله:
_" رحلتك شاقه يا فرح ورغم كده شايفك قويه !"
_"لا مش شاقه ، رحلتي أمر واقع تعايشت معاه من الأول ، يعني زي ما تكون صحيت من النوم كده لقيت نفسك مره واحده فكل ده بس انتَ عارف إيه ده فمش هتصحي تستغرب عشان اتعودت علي كده"
حاول أن يعدل نظرتها عن الحياه بعدما رأي بها بعد اليأس ، تنفس بعمق وهو يجيبها مر أخري ناظراً بأعينها :
_" مهما كان بيبقي فيه فالرحله وقت عوض وجبر بيحصل ممكن لسه معاده مجاش بس هيجي ، أي رحله مهما كانت شاقه محتاجه صبر !"
نظرت له بصمت ثم بتساؤل وهي تنهض من مكانها حتى تي تسير قليلاً بعد الجلوس:
_"تفتكر ؟"
نهض يومأ لها بثقه ثم تحدث بتأكيد مبتسماً بلطف :
_" أفتكر ."
__________________________________________
قصت علي والدتها و شقيقتها وشقيقتها الاخري وأزواجهما ما حدث باختصارٍ وقت جلوسهم علي مائده الطعام لتناول الغداء. ، حتي مر وقت قليل ونهض كل منهم يجلسون مع بعضهم في الصاله ، كانت تجلس بجانب"ياسمين" التي ربتت عليها بحنوٍ ثم مالت تهمس بجانب أذنها قائله:
_" الحب رجع ، و شايفه ملامحك منوره قولت أفكرك"
نظرت لها "نيروز" بتحذير وهي بتبتسم ، بينما دق جرس المنزل ، فنهضت "سُميه" أولاً ولانها كانت تجلس بجانب الباب ، توقعت من تكون ، فقد أخبرتهم بأن يأتو حتي ينشرون البهجه قليلاً ويقومون بتشغيل الأغاني والرقص بسبب اقتراب موعد زفات "ياسمين" ، فتحت الباب فوجدت "دلال" وابنتها واقفين بجانب بعضهما ، دلفا إلي الداخل ، بينما نظرت "نيروز" بتعمن فلم تجده ، توقعت بأين ستجده الٱن بعد فتره ما بعد الغداء !! ، نهض "حازم" يقوم بتشغيل الأغاني هو وزوجته ، بينما كان يتحدث"بدر" في الهاتف مع "غسان" الذي أخبره بأنه سيأتي بعد قليل ، بهجه تحدث الٱن من الأصوات المتداخله مع بعضها، حسنناً وقت هروب ليس له مثيل ، نهضت بخفه تدخل غرفتها بهدوء ، ثم توجهت لتفتح الغرفه سريعاً لتحرك أنظارها ناحية شرفته فوجدته تلك المره لم يكن موجوداً ولكن مهلاً شرفته مفتوحه بعد أن كانت مغلقه لأيام ، وقفت علي أطراف أصابعها أكثر حتي تري هل موجوداً بالفعل أم مفتوحه فقط، ظهر أمامها علي فجأه من الداخل حتي انتفضت هي بهلع ، ابتسم بانتصار ثم ردد يقلد نبرتها:
_"علفكرة مبخافش "
قهقت عالياً بقوه حتي أنها لم تضحك كذلك من أمامه من قبل ، تابعها وهو يضحك بخفه خاصةً أن طريقتها وصوتها في ضحكتها يجعل من يراها يضحك دون أسباب ، مقبوله من كل الاتجاهات من نظره ، انتهت من ضحكاتها ثم هتفت بمراوغه غير مباشره كما يفعل :
_" مبقولهاش بالرقه دي خالص!"
صمت يتابعها وما ان انتهت تحدث يسألها بخبثٍ:
_"جاية تدوري عليا يا رزّه ؟. خوفتي لاكون مشيت تاني ؟"
بعد تمهيدها لنفسها بأن تصبح غير هينه معه وتبادله السؤال بسؤال أصعب يعيق الرد كما يفعل معها ، لم تهرب بأنظارها حتي تتحدث بالحقيقه ، بل طالعته وهي تحاول أن تسأله بسخريه:
_"ايه؟ متعملهاش !"
حرك كتفيه بغير اهتمام ثم نبس بثباتٍ :
_" لا أعملها ، بس المره الجايه لما أمشي ، همشي وانتِ معايا "
ابتسمت بخجلٍ متناسيه تحديها معه فالحديث حتي تتغلب عليه بعبثها ولكنه انتصر وبطريقة ما ، تنفست بعمقٍ ثم إعتدلت في وقفتها قائله علي عجاله:
_" أنا لازم أدخل عشان بيرقصوا وهتلاقيهم بيدورا عليا مش هتيجي؟"
قالتها بعفويه شديده ولم تعط بالا لقوة ملاحظته في تفاصيل الحديث دائماً ، فابتسم لها بمكرٍ وهو يتساءل :
_" ليه بتعرفي ترقصي؟"
نظرت له بخفه ثم قلبت أعينها بملل وهي تجيبه متخليه عن حرجها قائله باندفاع حتي تحاصره كما حاصرها الٱن:
_"لا بعرف أعقب!"
والٱن قد أظهرت له شخصيتها وعفويتها وتلقائيتها. ، لم يكن يعرف بأنها سوف تكون بتلك الشراسه الطفيفه والخفه ، حسناً يعجبه ذلك لا مانع إذن ، أنصت لاجابتها بتعمن بينما ما ان انتهت هي ردد يجيبها بحديث عقد من لسانها وأوقفها عن المحاوله لمحاصرته حينما ردد:
_" عقبال ما تعقبيلي !"
لم يترك شيئاً للقول بعد ما قاله ، أدركت أن الدخول معه بمختلف أنواع النقاش لن يجعلها تفوز عليه بل ينتهز جميع الفرص ، طالعها وهي تنظر بتردد ثم خرجت من الشرفه دون تفوه أي حرف ، حرك رأسه بقلة حيلة ثم ردد بخفوت وهو يخرج من الشرفه :
_" ومالو التعقيب ، مش وحش ، شغال."
خرجت من الغرفه لتتوجه لهم بالصاله ، ومن ثم طالعتهم بابتسامة حينما كان يتراقص "بدر" مع "يامن" في جو مبهح ، قاطع تركيزها معهم صوت دقات الجرس العاليه ، توجهت لتفتح الباب فوجدت "حامد" وهو بجانبه ، إبتسم "حامد" وهو يوزع أنظاره بينهما ، حتي دخل ثم أشار لها بأن تتمسك بذراعه أمام أنظار ولده ، حتي نظر هو إلي "غسان" ثم مال ليتحدث بجانب أذنه:
_" دوق شويه من ال كنت بتدوقهولي أنا وامك"
لم تفهم هي ما يحدث بل رأت نظرة التحدي في عين"حامد" الذي توجه بها ليجلس بجانبها في الداخل ، بينما توجه هو. ومن ثم رحب به كل شخص إلي أن انتهي وهو يتوجه لـ "يامن" الذي ابتسم له بسعاده وهو يهتف باسمه ، قبله "غسان" بحبٍ ثم حمله علي ذراعه السليم ، وهو يتوجه ليجلس بجانب والده ، نظر "حامد" للصغير الذي أمسك يده ، ثم هبط علي الٱرض ، يبدو أنه يجعله يرقص كما كان يرقص مع والده ، ضحك "حامد" بخفه وهو يلبي طلب الصغير ثم نهض معه أمام أنظارهم الضاحكه ، حتي هي كانت تنظر إلي الوضع بابتسامه عريضه ، إلي أن ذهب مع الصغير ليرقص معه بخفه وسط الٱخرين ، فتحرك هو بخفه حتي يجلس بجانبها مقترباً أكثر ، التفتت برأسها سريعاً تنظر له فوجدته متصنعاً عدم الاهتمام وهو ينظر إلي هاتفه ، لم يرفع أنظاره ليطالعها بل تركها تنظر له ،. ولكنها حركت رأسها سريعاً حينما هتف وهو ينظر للهاتف:
_"شكلي حلو ؟"
وزعت أنظارها فالمكان ، بينما رفع أنظاره ليطالعها ، فخرج صوتها الثابت وهي تقول:
_"مش أوي لا !!"
ضحك "غسان" بخفه وهو يحرك رأسه تزامناً مع قوله لها :
_"كذابـه ، دا البنات بيقولولي إني شكلي قمور ، حتي إنچي مديره الفـ.."
حاول أن يلعب علي نقطة غيرتها حتي يعلم أكثر قيمته لديها ،نظرت له بغيظٍ ثم رددت بخفوت تقاطعه حتي لا تجلب الأنظار:
_" هستني ايه من واحد بيقول عليها جامده ، هترد تقولك ايه يعني كتر خيرك!!!"
كبت ضحكاته ، خاصةً أنها صدقت حديثه وبسرعه ثم تبدلت ملامحها للجمود ، بينما نهضت هي سريعاً تتحرك من جانبه بغيظٍ ، لتتجه لهم ، فبقى هو ينظر بأثرها بتسليه حتى ذهب ليجلس بجانبه "بدر" قائلاً له بلومٍ:
_" يعني أقعد أحاول أوصلك وانتَ قافل تليفونك ، ورايح تفتحه النهارده الصبح قبل ما تيجي!!"
_" أه ، وكويس اني فتحته وشوفت الرساله بتاعت الورقه اللي انتَ قطعتها عشان نفعتي وانتَ مش هنا "
هز له "بدر" رأسه ثم تحدث مره أخرى بنبره هادئه:
_" معتش هقولك انتَ بتعمل كده ليه لأن أصلاً هم عاوزين بضربوا بالنار ، ونيروز حكت اللي وحازم عارف باللي عملته بس مطري دماغه بسبب اللي حصل إمبارح فماتخدش جنب منه هو تقريباً معتش فارق معاه ، صعبان عليا والله "
هز له رأسه بتفهم من الذي يتحدث عنه ، فقد قص "بدر" في رسائل ما حدث له حتي يعود"غسان" !! ، كانت توزع هي نظراتها عليه من بعيد بغيظ لاحظت "ياسمين" نظراتها حتي توجهت تقف بجانبها ثم مالت عليها قائله بخفوت:
_" في ايه؟ بتبصيله كده ليه في حاجه حصلت ؟"
كانت تسألها باهتمام ، فابتسمت "نيروز" لها قائله بهدوء:
_"لا عادي مفيش حاجه ."
___________________________________________
في شقة "زينات" كانت هي تجلس علي المقعد فالغرفه فمنذ أن مر الوقت علي ما حدث وهي منفعله لأقصى درجه حتي زوجها الذي كان يجلس بجانبها ، تهز ساقيها بانفعال والهاتف بيديها تقوم بطلب ولدها ولكن كالعاده لا رد ، نهضت مره واحده وهي تصيح بانفعال وصل إليه:
_" هنعمل ايه يا سليم!"
طالعها بصمت ثم أخذ أنفاسه يجيبها بحده:
_"يعني ايه نعمل ايه ؟ أديكي شوفتي اللي حصل ، ما أهو قال مخدهاش وحتي لو خدها فين الدليل ، انتِ مش فاهمه بيحصل ايه !!"
نفخت أنفاسها عالياً ثم نظرت له متخليه عن ما كانت تفكر به ثم رددت لتشعله:
_" هو انتَ لسه مش واخد بالك ؟ ده مد ايده عليك وزقني عشان بنت أخوك ، يعني فيه بينهم حاجه زي ما قولتلك لا وانتَ قاعدلي بدل ما تروح تربيها وتعلمها الأدب شويه ، ولا تروح تشوف بنتك فين ، حتي ابنك اللي مش بيرد عليا ولا فدماغك حاجه !"
_" بنت اخويا أنا عارف هروحلها أعمل ايه كويس عشان أربيها ، أما انتِ ، فانتِ السبب ما لو كنتي واخده بالك من بنتك وعينك عليها كان فاتها ممشتش مش راحه مطنشالي دماغك علي الٱخر ، وعشان تبقي عارفه لو بنتك طلعت ماشيه من هنا بمزاجها هقتلها وهقتلك من بعدها "
قالها هو يتحرك من أمامها لم تعير لحديثه الٱخير اهتمام بل نظرت له وهو يخرج من الغرفه متجهاً إلي الخارج حيث الصاله ،، يبدو أنه لا ينوي خيراً لهن وهذا ما كانت تريده نظرت بتشفي وانتصار لما فعلته أثر كلماتها به ، ثم عادت مره أخري وهي تفكر ولم ولن تنوي خيراً ابداً ..!
___________________________________________
جلسوا مره أخري في صالة المنزل وكل منه يشرب من أكواب العصير التي توجد بيديهم ، وتلك المره كانت "عايده" قد ٱتت لهم. ولكن من دون "جميله" جلست "نيروز" بجانب "دلال" ومن الناحيه الأخري"ياسمين" و"حازم" ومن ثم "غسان" من أمامه الذي يجلس بجانبه"بدر" و"ورده،" بينما جلس "حامد" وعلي ساقيه "يامن" وهو يناوله العصير ليشرب منه ببطئ ، خرج صوت "حامد" وهو يحدثهم موجهاً حديثه للعروسين قائلاً بتساؤل وهو يبتسم:
_" الشقه خلصت ولا لسه يا حبايبي؟"
ابتسمت "ياسمين" فرد "حازم" وهو يبتسم ليجيبه:
_" بنحاول نخلص فيها عشان معاد الفرح قرب ، بس هي قربت خالص يعني"
ابتسم "حامد" وهو يردد بحبٍ تحت جميع الأنظار:
_" ربنا يسعدكم ويتمم عليكم بخير ، مش محتاج أقولك يا حازم إنك تخلي ياسمين فعنيك وتحافظ عليها ومتزعلهاش لاحسن فضهرها رجاله ياض وأنا أول واحد !"
ابتسمت له بامتنان وهي وشقيقتها ، بينما ابتسم "حازم " مردداً بمرح:
_" بتوصيني علي حب عمري يا حجّ؟ عيب عليك والله"
ضحكوا عليه بخفه بينما تابع "حامد" قائلاً من بين ضحكاته بتذكر:
_" بتفكرني بـ زمان يا حازم مع أم غسان !"
نظرت هي بحرج ، بينما ضحك الآخرين بترقب ، خاصةً "نيروز" التي كانت تتابع باستمتاع ، فواصل يكمل حديثه بتذكر:
_" الأيام بتعدي بسرعه أوي"
أيد البعض في الحديث وهم يضحكون بخفه ، يينما خرج صوت"ياسمين" وهي تسأله بفضول:
_" إحكيلنا يا عمو انتَ اتعرفت عليها ازاي !"
هلل البعض بالتشجيع حتي يقوم بقص حكايته ، بينما ضحك هو. وهو يومأ بالموافقه تحت نظرات "غسان" المبتسمه وهو يوزع أنظاره علي الجميع خاصةً هي ، ولكنه صب تركيزه علي ما قاله والده والذي يعرفه هو أيضاً حينما بدأ :
_" زمان مكنش في عماره لسه كنا نسكن فيها وكده ، لا دا كان عندنا بيت عادي وقصاده بيوت كتيره كده وكان في شجر كتير مزروع برتقان وكام أرض زراعيه كده وجوافه مزروعه فـ شجر برده ، وهي كانت عايشه مع أخوها الفرق بينها وبين أخوها كبير حتي هي كانت عايشه معاه وهو متجوز وكانت بنت يعني سنها متوسط كده ، ، كنت بقعد أبص عليها وهي ماشيه وأول ما أخوها كان يطلع من البيت كنت أمشي أهرب بعيد أصلها كانت بيتها قربب من بيتي شويه ، كانت أما تطلع تروح عند الشجر وتتعلق عليه عشان تجيب برتقان مكنتش الشجره عاليه أوي ، كنت بمشي وراها كل ما تروح واقف ابص عليها وهي بتنط تجيب برتقان ، حكاية الحب بدأت من هنا كل شويه أراقبها وأمشي وراها وأطمن لحد ما تجيب اللي هي عاوزاه وأرجع أمشي وراها تاني وهي مروحه بس لما اخوها كان بيظهر كنت بختفي علطول أصله كان طويل أوي وشكله يخوف وكل شويه صوته طالع فالشارع، كنت فالجيش بقا ومره فمره بدأت كل ما أنزل أجازه أروحلها عند الشجره وهي تيجي هناك كنت بقعد اتكلم معاها وأقابلها من غير ما أقولها اني بحبها ، كانت بتحب تروح تقعد هناك وأنا كنت بحبها وبحب قعدتها وكان عندها كام صاحبه كده ساعات يجوا معاها وساعات لا ، فجه مره روحت أقف أستناها عشان أقولها اللي فقلبي بقا خلاص ، واليوم اللي استنيتها فيه وكنت جايبلها ورده وجمعتلها برتقان من الشجر كمان ،لقيتها جايه مع أخوها ، فمكنتش واخد بالي أنه معاها لما ندهت عليها وأنا بشاورلها وفرحان أوي كده ، راحت واقفه مكانها ومبرقه جامد ،ولقيت حد ماشي ومعديها وجاي عليا وهو بيبصلي وبيقولي عاوز من أختي ايه ياض انتَ ؟ ، قعدت أتأتأ فالكلام وأنا مش عارف أقول ايه لحد ما غمضت عيني وقولتله مره واحده ، أنا بحب أختك ..، قولت إن الله وان إليه راجعون ، كنت متوقع أخد علقه منه موت ، بس لقيته شاور لاخته تسبقه بعيد وقام باصص ليا جامد وقالي بكره تيجي انتَ وامك وابوك واخواتك تخش البيت من بابه بدل ما أكسر بابه عليكّ يا حامد سامع ولا مش سامع ؟!.."
قاطعه صوت الضحكات العاليه بصخبٍ ، كان منهم من يضحك بشده علي حديثه ومنهم ما كان يتابع وهو يضحك بخفه لعلمهما بالحديث من قبل ، كانت تجلس زوجته خَجِله قليلاً رغم كبر سنها !! ،تحدثت "نيروز " أخيراً من بين ضحكاتها العاليه وهي تقول:
_"طب وايـه اللي حصل بعد كده يا عمو وعملت ايه؟"
_"هعمل ايه ،. طبعاً خدت أمي وابويا واخواتي تاني يوم وروحت طلبت ايديها ، قام أخوها مرضاش نقرأ الفاتحه بس ، قالي يا تكتب كتابك عليها يا مفيش بنات للجواز ، قالي مش هروح شغلي وانتَ هنا تبقي قاعد معاها وماشي معاها وأنا مش واخد بالي ، بصراحه كان عنده حق عشان أنا مكنتش سهل بردو ، كتبت كتابي عليها وبقيت امشي معاها فالحلال ونروح عند الشجره وابص عليها براحتي من غير ما أخاف حد يقفشني وبالحلال ، وشويه شويه خلصت الجيش وبعدها قعدت أدور علي شغل لحد ما جربت شغل كتير ومستقرتش علي حاجه معينه ومع ذلك استنتني حتي بعد إصرار اخوها إنها تتطلق وتسيبني عشان مكنتش جاهز وكان بيتقدملها ناس كتير بس أم غسان الأصيله عمرها ما إتخلت عني كل يوم جنبي وتشجعني إني أقف أكتر ،. إستقريت شويه فـ شغل وإتجوزنا ورغم اننا قعدنا فتره كبيره منخلفش ويوم ما ربنا يكرمنا كان توأم والحمد لله عيشنا وجولي برزقهم كمان ، الحلال حلو يا جماعه رغم اني مكنتش سهل بس مقتنع ان اي حاجه بالحلال أحلي وأحسن وأريح .."
ابتسموا جميعاً باعجابٍ وهم يهللو به وبما كان يفعله بينما هزت "نيروز" رأسها بتفهم الٱن قد عملت لما ولده لم يري تربيه بل هو النسخه الثانيه من والده ، هذا الذي ظهر لها نظرت تبتسم بقلة حيلة ، بينما كان هو يضحك بخفه علي ما قاله والده ،نهضـت تأخذ الأكواب من الجميع علي الصنييه ، ثم قامت حتي تتوجه لكل شخص معه الأكواب ، حتي أخذتها من الجميع ، وتركته بالقصد حتي تعنفه لما قاله منذ قليل لها ، لم يأخذ أحد باله لما حدث بل توجهت إلي المطبخ ، فنظر هو باثرها بابتسامه خبيثه ،ثم وزع نظراته علي الجالسين فوجد كل منهم ينشغل بالحديث مع الاخر ، نظر لـ "يامن" الذي هبط من علي ساق الاخر فـ حمله بخفه بذراعه وهو يمسك الكوب ثم توجه يسير إلي المطبخ من خلفها ومن ثم رفع الستار بسرعه وهو يتسحب من خلفه ، كانت هي تضع الأكواب بحذرٍ فالتفتت تنظر لمن جاء من خلفها فوجدته هو ، شهقت هي عالياً حينما وجدته جاء خلفها بتلك السهوله ، خرج صوتها سريعاً وهي تنظر له قائله بتلقائيه وخوف من ما سيحدث إن انتبه أحد:
_"انتَ ايه اللي جايبك هنا يخربيتك !"
وجدته يطالعها وابتسامه عبثيه علي جانب شفتيه فرفع هو الكوب يقدمه لها قائلاً :
_"جاي أدخل دي المطبخ اللي انتِ قصدتي متخديهاش شوفتي بقا بتورطي نفسك إزاي !"
تعلثمت بحديثها وهي تبرر سريعاً ونظراتها علي مدخل المطبخ والستار مبتلعه ريقها بخوفٍ:
_" طب خليك وأنا هطلع وابقي تعالي بعدي . عشان مينفعش كده لـ حد يفهمنا غلط "
إقترب يقف أمامها مباشرة ثم ردد بمراوغه وهو يطالعها بتسليه:
_" لأ ينفع ، أنا لو حد سألني انتَ كنت فين ، كنت بشرَّب يامن عشان عطشان انتِ بقا ايه اللي جايبك ورايا ؟؟"
طالعته بغير تصديق ثم نظرت له بحده وهي تتحرك من أمامه ، فتحرك يقف من أمامها سريعاً قبل أن تخرج ، فنظرت له باستنكار فمال عليها يتحدث بجانب أذنها بصوتٍ هامس هادئ جعلها تتسمر في مكانها :
_" عيـني مبتهتمش لوجود حد غيركّ يا بنت الأكرمي!"
بالطبع قالها ليبرر لها ما قالته وما قاله من علاقته بالفتيات وأيضاً مديرة العمل الخاص بهما ، كانت تنوي أن تتحرك بسبب رؤيته وهو ينحني بسبب عدم ثقتها به من عبثه ، وبسبب فرق الطول بينهما كان منحنياً ليصل إلي رأسها بجانب عنقها ، إستقام مره أخري أما أهي فظلت تحرك أنظارها فالمكان بسبب تثبيته لها بحديثه ذلك الذي يفتك بها ، لم تتحدث بشئ بسبب تثبيته للحديث ، بل فتحت عينيها علي وسعها حينما همس هو لـ "يامن" بأن يقبلها بدلاً منه قائلاً بوقاحه:
_" اديها بوسه يا يامن علي ما ربنا يفرج"
قدم الصغير وهو يقربه منها أكثر حتي قبلها من وجنتيها بهدوءٍ وهو يبتسم ، دق قلبها سريعاً حتي أيقنت أن صوت دقاته العاليه مسموعه !! ، تسمرت في مكانها حينما فعل الٱخر ذلك ، لم تخرج من دوامتها إلا عندما سمعت صوت شقيقتها تهتف باسمها عالياً ، دفعته بتعلثم وهو ينظر لها بمشاكسـه ، فوقف أمامها مره أخري حينما حاولت الخروج ثم مال ليهتف مره أخري بجانب أذنيها كما فعل معها من قبل قائلاً بنبره تربك منها:
_"يحلاوة القلب لما يدق يدق !!"
تخطته سريعاً ثم سارت بخطوات أشبه بركض بطئ حتي تخرج من المطبخ متوجه إلي الخارج ، نظر بأثرها بتسليه لتفضيله برؤيتها كذلك ، ثم نظر لـ"يامن" باعجابٍ لما فعله منذ قليلٍ وهو يهتف :
_" ده انتَ كده عال أوي ."
___________________________________________
_"خايفه ليه ؟"
قالها "عاصم" لتلك التي منذ أن جاءت وهي تجلس تفرك بيديها ، هي لم تأتِ منذ وقت طويل بل ما إن انتهت من محاضراتها جاءت ، حتي تأخرت كثيراً اليوم في جامعتها ، طالعته "جميله" بهدوء ومن ثم تنفست بعمق وهي تجاوبه علي سؤاله:
_" مش هكدب وأقول مش خايفه بس أنا أول مره أتحط فموقف زي كده فمش عارفـه !!"
أومأ بتفهمٍ ثم تحدث بعقلٍ حتي يطمئنها:
_" متقلقيش ، إعتبري نفسك قاعده مع نفسك وأنا مش موجود خالص وشوفي هتقوليلها ايه ؟"
_" في حاجات كتير حتي مبعرفش أقولها لنفسي !!"
قالتها بشرودٍ وعجز لما تحمله بداخلها ، فطالعها باهتمام ثم تساءل بهدوء:
_" بتخافي؟ ولا مش عاوزه تأكدي الحاجه دي لنفسكّ !"
حاصرها بحقيقه تكذبها ولا تريد قولها بل وتشعر بها فالثانيه مائة مره. هذا ما تعتقده ، تنفست بعمق وها هي تكسر الحواجز لتتحدث بما بداخلها ، تنهدت ثم قالت بهدوء عكس حربها الداخلي :
_" الإتنين ، أنا نفسي أعيش حياه طبيعيه هاديه من غير كل ده ، كان هيحصل ايه لما يتعامل معايا علي إني بنته مش عاله عليه ! ،بحس اني مش مقبوله منه ، تعامله ، أسلوبه ،تحكماته، حتي نظراته ليا وكأني عامله عمله مستحيل تتغفر !! ، نفسي أعرف سبب البعد ، نفسي أفهم ايه الخساره لو عاملني كويس وحسسني بإني بني ٱدمه ، هو أنا مستحقش ده ؟ مستحقش أختار وأعيش وأشوف وأتكلم وأخاف ومخافش ، أنا كل يوم بأذي نفسي بتفكيري بعلاقتي بيه اللي مستحيل تتغير..!"
_" مجربتيش تحاولي متفكريش فكل ده عشان متأذيش نفسك؟ ولا انتِ جيتي لما تعبتي من الأذيه ومن كل الأطراف ، باباكِ ، انتِ ، تفكيرك ؟؟"
قالها بمنطقيه، فرددت تجيبه بنبره مختنقه:
_"أنا بأذي نفـسي ؟ أيوه بأذي نفسـي، بحط فدماغي حساب لكل حاجه؟ حساب لرد فعل بابا ، حساب لو عملت كذا هيعمل ايه بخاف أعمل اي حاجه منه برغم انه ممكن بعيد بعض الأوقات لكن لما يقرب بيأذيني ، بيأذيني نفسيـاً ،حاسه إن مكنش ينغع أنا ابقي بنت الراجل ده حاسه ان ده بالذات مش لازم يبقي أبويا مش ده اللي يتجوز اتنين مش لازم ده اللي يجيبلي اخوات بكرهوني وبيأذوني نفسيـاً مش ده الي لازم يكون فارض كل حاجه عليا في الأوقات اللي ببقي فيها معانا ، مش لازم مش لازم كل حاجه مش لازم أنه يكون هو نفسـه مبيحضنيش مش فاكره حضني امتي حتي عمره ما عملها ؟ مش ده اللي وقت تعبي مبيسألش عليا ، ليه يبقي ده السبب اللي يخليني ابص لحنيه غيري علي بناته! ليه يخليني احس بالغيره من ناس هم أقرب ناس لقلبي بس كنت عاوزه احس زيهم باهتمام وحنيه وحب ، أنا بقولها بصعوبه مش قادره أقول لحد كده بس هقولها الوقتي لو كان ابويا ميت كان أهونلي !"
كلمات قاسيه صفعتها لمن يجلس أمامها ، كل ما كانت تهابه وتود قوله قالته دفعه واحده ، ثم نهضت علي مره واحده وهي تنظر بضيق حتي لم تأخذ فرصه لوداعه بل تركته وهي تلملم أشيائها بانهيار داخلي ، نظر بتفهم لحالتها يعلم أنها ستأتي مره أخري ، مقرراً بذاته بأنها حاله من ضمن أكثر الحالات صعوبه !! ، ولكن مادامت بمحاولتها للوصول إليه ، إذن الهدف من شفائها ليس أمر ضعيف تنفيذه !! ، خرجت تائهه مشتته من العياده بأكملها ، تاره تنظر بحيره وتاره تنهر نفسها للحديث مع غريب عن والدها !! خاصةً قولها بكرهه!! تسرعت؟؟ ، ما أسوء التفكير والندم في شئ فُعل بالفعل !!
____________________________________________
كان يجلس بصالة المنزل يشاهد التلفاز منذ وقت كبير تاركاً صديقه نائم ، ظل يتحاشاه منذ أمس لما حدث ، لم يتفوه بأي حرف سوي أخر جمله عندما قال له بأن يرحل ، ينهر نفسه تاره لقوله ذلك ، يتردد منذ وقت كبير بأن ينهض ليراه ، لأنه لم ينهض بعد ، هزمه قلقه ، وهو يتوجه ناحية الغرفه بخفه لينظر عليـه من علي بُعد فوجدته ما زال مسطح علي الفراش ، حرك ساقيه للدخول ثم وقف أمامه يطالعه ويطالع وجهه الذي بدا عليه كثيراً آثار الإدمان ، رفع"ٱدم" ذراعه وهو يحركه ف الوقت قد تأخر كثيراً ها هو منتصف اليوم ومازال الآخر نائم ، لم يتحرك "حسن" من مكانه بل تأوي بخفه وهو يحاول فتح عينيه بانهاكٍ بينما تابع "ٱدم" بنبره تهكميه:
_"كل ده نوم ما تقوم !"
لم يتحرك الٱخر بل تُدار عينيه بالمكان بطريقه مريبه ، عقد "ٱدم" ما بين حاجبيه ثم رفع يده علي وجهه يضربه بخفه ليجد درجة حرارته مرتفعه، ذلك الغبي المتهاون بحياته ، سبه "ٱدم" ثم رفع الغطاء بسرعه يدثره جيداً وهو يتوجه الخارج ، لم يلبث دقائق ثم ٱتي بزجاجة مياه فاتره وقطعه قماشيه ، حتي يقوم ببلها ووضعها علي رأس الٱخر خوفاً من أن يحدث له شئ ، جلس بجانبه وهو يفعل ما يفعله ، ثم وضع يده علي صدره ويديه الساخنه بقوه ، لم يتحرك"حسن" بل كان واعياً غير واعياً يتحدث بحديث غير مفهوم ، عقد "ٱدم" حاجبيه حينما ردد الأخر بصوت خافت بطئ يبدو أنه يحلم حلماً كان هو الطرف الغير متهاون به حينما أقسم :
_" مش هسيبها ، والله ما هسيبها "
لم يفهم معني كلماته ولكنه أيقن جيداً أن دخوله للاطمئنان عليه كان فالوقت المناسب ، نهض ليوزع القطعه القماشية علي ساقيه من الأسفل وهو يكشف الغطاء قليلاً ، ناظراً علي صديقه الذي ما زال يتحدث بحديث غير مفهوم !! ، سمع صوت دقات الباب العاليه وجرس المنزل ، ترك ما بيديه ثم توجه سريعاً يفتح الباب لم يري من أمامه ما أن فتح سوي "شريف" الذي دفعه ببطئ ليدخل إلي الداخل ، لم يعطيه "ٱدم" فرصه للحديث بل تحدث بخوفٍ للٱخر :
_"حسن تعبان أوي يا شريف ودرجة حرارته عاليه !"
نظر له الٱخر بغير اهتمام بل تركه وهو يتوجه بخطوات ثابته إلي الغرله ثم ذهب ليقف من أمام المسطح علي الفراش وهو يضع يديه باشمئزاز علي وجهه فوجد حرارته مرتفعه بالفعل ، التفت ينظر من خلفه قائلاً له بغير اهتمام:
_" عادي بتحصل ، علي بكره هيكون كويس وهيفوق ويطلب كيفه !"
نظر له "ٱدم" بعجزٍ ثم ذهب ليضع من القطعه القماشيه علي رأس الٱخر تزامنا ً مع قوله:
_" معتش تجيب حاجه ياشريف حتى لو طلبنا منك ، إحنا هنبطل "
ضحكه ساخره اعتلت وهو يحدجه بسخريه مردداً كلماته باستهزاء :
_"هنـ .. ايه ؟ هنبطل ! ، هي سهله للدرجادي ولا ايه؟"
طالعه "ٱدم" بصمت بينما اكمل الآخر:
_" انتَ مش قدها يا ٱدم ولا حتي حسن حتي لو حاولتوا هترجعوا تاني ، ده إدمان بيجري فالدم ، يعني روحك هتتسحب منك هتستحمل ؟"
نظر له "ٱدم" بتردد ، فهز "شريف " رأسه وهو يخرج من الغرفه والاخر يتبعه:
_" ومن هنا بتبتدي النقطه ليه ندخل ونجرب حاجات احنا مش قدها ...!"
_" انتَ مجنون تلت اربع الحاجات دي انتَ اللى معلمهالنا اتكلم عن نفسك انتَ كمان ومتنساهاش !"
قالها بانفعالٍ ، فنظر له "شريف" بتمعن ،. حتى توجه ليخرج من باب الشقه حتي فتحه ثم التفتت ينظر له خاصةً علي ارتجافة يديه ، رفع أنظاره ثم خرج صوته بنبره متهكمه :
_" متتكلمش كلام انتَ مش قده ، بص علي ايدك اللي بدأت تترعش ومحتاجه جرعه ، روح يالا خدها شكلك اتأخرت عليها ، ولو خلصت قولي أجبلكم بكره وأنا جاي"
صفع الباب من. خلفه ، وهو يتركه واقفاً بمكانه مشتتاً بين أمور كثيره لم يشعر بنفسه سوي عندما رفع ساقه يدفع المقعد بانفعال وهو يتوجه للغرفه حتى ينظر علي صديقه ثم نظر علي الكيس بتردد ، ولكن لأنه يعرف أنه لم يتحمل أن لا يأخذ المخدر ، توجه لينتشل الابره من الكيس وهو يرفع من كمه باحثاً بيده المرتجفه عن عرق ليحقن به الدمار !!
_____________________________________________
بعد مرور عدة ساعات ، كانو قد خرجوا جميعاً من شقة "سُميه" بعد قضاء وقت مبهج ، دلف "حامد" وعائلته إلي شقته ثم ذهب ليجلس علي الأريكه وهم من خلفه ، وقفت "دلال" بانهاكٍ وهي تتحدث قائله:
_"أنا هدخل أريح لأني معتش قادره من رجلي حد محتاج حاجه ؟"
أومأوا لها بالرفض بينما ، ذهبت "وسام" إلى غرفتها ، فنظر "حامد" إلي "غسان" ثم تمتم قائلاً بخفه:
_" مش قايم انتَ كمان ؟"
نظر لوالده مبتسماً ثم هتف بهدوء:
_"المفروض أدخل ارتاح عشان مرتاحتش النهارده !"
_" طيب ، بسام كلمته وقالي إنه شويه وجاي يعني فاته جاي فالطريق الوقتي "
قالها باهتمام فنظر إلي والده بصمت وهو ينهض قائلاً له بخفه:
_" حمد لله علي سلامته."
قالها ومن ثم تحرك من أمام أنظار والده إلي غرفته. فقاطعه "حامد" بقوله :
_" متقسيش قلبك وحط نفسك مكانه يبني.!"
التفت ينظر إلي والده بهدوء ثم خرجت نبرته الهادئه وهو يجيبه :
_" حطيتها ، الله يسهله"
قالها بهدوء شديد ومن ثم دلف إلي غرفته تاركاً والده ينظر بأثره بقلة حيله حتي تحرك هو الٱخر إلي غرفته ، بينما دخل "غسان" المتظاهر بالثبات في عودته متذكراً. كل ما حدث قبل ذهابه ، وقف أمام المرٱه وهو ينظر علي شكله بتعمن ، لم تمر دقائق ومن ثم تنفس بعمق وهو يتحرك ليدلف بالشُرفه المفتوحه ، أخرج أنفاسه الثقيله ثم شرد بها وبـ ردود فعلها علي ما يفعله بها ، لم يلبث كثيراً حتى سمع صوت فتح الشرفه التي توجد بجانبه ابتسم حينما تأكد من توقعاته ، لم يلتفت ينظر لها بل ظل كما هو ناظراً من أمامه ، أما هي فنظرت له بتعمن حتي استشفت عدم راحته حتي أنفاسه الذي يخرجها بين وقت والٱخر بقوه ، كانت تمسك بدييها كوبين من المشروب الخاص به ، رفعت يديها سريعاً وهي تقف علي أطراف أصابعها ثم تحدثت بنبره مرتفعه كي ينتبه لها وهي تقول:
_" إمسك بقا دوق وقولي رأيك"
التفت يطالعها باهتمام ومن ثم اتجه ليمد يده يأخذه من بين يديها حتي لامس يديها مباشرةً وهو يأخذ الكوب ، إعتدلت في حركتها ، حتي تحدث هو قائلاً لها بهدوء يسألها:
_" راحه الشغل بكره ؟"
_" أه ، وانتَ ؟"
ابتسم يعتدل في وقفته ثم أجابها بتأكيد:
_" رايح ، مش هسيب إنچي لوحدها يعني أكيد"
نظرت له بغيظٍ، ثم التفتت لتخرج من الشرفه فأوقفها هو سريعاً بقوله :
_"بهزر وربنا تعالي خلاص."
وقفت وهي تلتفت تنظر مره أخري فغمز لها بعبثٍ هو يهتف :
_" مستحيل أبص لحد بعد عبايتك السمرا اللي جننتي !"
إحمرت وجنتيها من ٱثر تلميحه ، ثم نظرت من حولها عدا عينيه ،حتي واصل مره أخري وهو يطالعها باهتمام متحدثاً يؤكد لها :
_"بحبك وبحب قلبك ، وياريت قلبك يحب قلبي زي ما قلبي بيحبك!!"
وزعت نظراتها من حديثه الذي يربكها لم ولن تجد حديث تجيبه به سوي كلمه واحده لتأكد له هي الأخري:
_"بيحبه !"
صمت يطالع خجلها بينما يرتشف من الكوب حتي أكمل بعدها يتحدث ليسألها بترقب وهو يخرج أنفاسه. ببطئ :
_" إحكيلي كل اللي انتِ تعبانه منه ، قوليلي ليه بتروحي لدكتور نفسي."
سؤالاً كان يود قوله منذ فتره كبيره وهو يتردد ، ولأنها لم ولن تتحدث بشئ كهذا فبدأ هو أولاً بالحديث ، نظرت له بتردد ثم أخذت أنفاسها ببطئ وفي عقلها افكار كثيره متضاربه ، نظر لها وهو يدقق حتي وجد ترددها. ظهر عليها ، إقترب أكثر حتي وقف أمامها مقترباً من وقفتها أمامه في الشرفه ، ووجه يطالع وجهها ، لم تتحدث إلي الأن ، بل رفع يده يقدم لها الكوب حتي أخذته فأمسك يديها في لحظتها بحنوٍ ثم تابع بنبره مطمئنه متمسكاً بها :
_" متخافيش مني ؛ عمري ما هأذيكِ ولا هاجي عليكِ إطمنيلي ومتخافيش !"
حديث خرج من أعماق قلبه كم يود حديثها وقولها عن ما يحدث داخلها تشاركه حزنها ، مرضها وشفائها كل شئ يخصها ، لما تكره عمها لما لم تتحدث وتخاف كثيراً من زوجة عمها وولدها !! نظرت له بهدوء ، بينما لاحظ هو ارتجافة يديها بين يديه ، لم يترك يديها إلي الٱن ورغم رغبتها في أن يترك يديها بسب تخطيه الحواجز ولكن حديثه لها جعلها مشتته ، فـ خرج صوتها المهزوز أخيراً وهي تسأله برييه جعلته يفكر بعد سبه لمن أوصلها لتلك النقطه :
_" يعني انتَ مش شايفني ولا هتشوفني مجنونه ؟"
حرك رأسه بنفي ثم ابتسم برضا وهو يترك يديها بحنوٍ ، تزامناً مع قوله الذي لم يخرج سوي من شخص دقق بتفاصيلها :
_" مش شايفك أي حاجه غير ورده حلوه وجميله ولابسه عبايه سمرا ووقعتني فيها فبقيت أنا ال مجنون !"
قالها بطريقه مضحكه حتي ضحكت هي بخفه علي قوله وبإعجابٍ فردد هو مره أخرى ليؤكد أكثر لها ما يود قوله :
_", انتِ روز ورده متبقاش غير فـ إيد واحد بس !! وأنا صاحب النصيب "
كلماته تؤثر بها بقوه ، تشجعيه لها غزله الصريح والجرئ في بعض الأحيان، حتي وان كان جريئاً في بعض الأوقات ، فسكوته لم ولن يكن شئ تفضله بعد الٱن ، صمت يتابع ملامحها المطمئنه من أثر كلماته الصادقه ولمعة عينيه التي تقابلت مع لمعة عينيها ، فهتف من جديد ليكمل ويؤكد لها ما تخافه وما تهابه من فقدان ثقه بمن حولها :
_" إوعي تخافي ، ووعد مني لهاخدلك حقك من كل اللي أذاكِي فيوم وخلاكِي تقولي كده علي نفسكّ "
صمت في المكان بعد انتهائه من الحديث لم يسمع سوى صوت شهقه مكتومه منها ، بكت بتأثر علي أثر كلماته وحديثه التي لم تأخذه من شخص بعد والدها إهتمام وعبث كلماته وحديثه المغلف كمثل الحلوي ، لم تأخذ منه سوى فراشات منذ أن رأته ، تثبيته لها كل شي يفعله ، لم تهتف سوي جمله واحده من بين دموعها تأثرًا. بحديثه وتوعده قالتها بغير وعي ولم تكن تلك المره صعبة القول بل كان رداً علي كل ما أردفه ورماه علي مسامعها :
_" وأنا بحبك!"
صمت ينظر لها بدهشه طفيفه هو يعلم أنه ليس من السهل قولها لتلك الكلمات ولكنه تيقن جيداً انه كسر حاجز الصمت لديها ، ضحك بخفه وهو يخرج من جيبه منشفه ورقيه بيضاء ثم مد يده يمسح دموعها تزامناً مع قوله الواثق الذي لا يتماشى مع ما يفعله:
_" ما انا عارف ان انتِ بتحبيني"
_" وايه اللي مخليكّ متأكد يعني!"
_" سلسلتي اللي فرقبتك ، وعنيكِ اللي بتدور عليا زي التايه يبنت الأكرمي"
ضحكت بخفه ثم أخذت المنشفه الورقيه من بين يديه ، وهي تتنفس بصوت عالي لتأخذ أنفاسها حتى سألته بجرأه أخذتها منه:
_" مش هتقولي "عارفه الست قالت ايه ولا ايه ؟". "
لم تسمع منه سوي صوت قهقه عاليه خرجت منه ، كان وسيماً في عينيها حتى وان لم يكن جماله مبهراً ، عندما خرجت ضحكته بقوه منه ، مدققه النظر علي خُصلاته السوادء التي نزل منها القليل ٱثر إهتزازه من ضحكته ، رفع يده يرجع من خصلاته للخلف من بين ضحكاته ثم تابع بنبره ضاحكه يعبث معها :
_" بدأنا نحلو وناخد من غسان كل الحلو !"
ضحكت بخفه ، فتحدث هو من جديد بنبره هادئه يسألها:
_" طب عارفه الست قالت ايـه ؟"
_"ايـه ؟"
_"الحب كله.. حبيته فيك "
نظرت له بخجل ، فطالعها بهدوء وهو يأخذ أنفاسه كيف لوقت لم يكن بالكثره ومن ثم يتخلل به حبها وكأنه يعشقها منذ سنوات !! ، وان كان يعشقها فالصغر فقد كان حباً بريئاً اختفي فور رحيله وما ان عاد لها أحبها من جديد حباً ناصجاً واعياً ليس كحب الطفوله ولكن النقطه المؤكده بأن حب الطفوله كان تمهيداً لما حدث ، تمهيداً لحب كبير بعد مرور سنوات كثيره !! ، ابتسم علي سهوله شعور قلبه بتلك السرعه ، مهما قد عرف بعدها لم يشعر اتجاههن كما شعر ناحيتها هي ، لما هي ؟؟ هذا ما يسأله لقلبه بين الحين و الٱخر ، عقد حاجبيه من دقات باب غرفته ، إذن للطارق بصوت مرتفع حتي يدخل ، غير مهتماً له ، بل نظر لها فوجدها أمسكت دورق المياه وهي تسقي الزرع بهدوء ، ابتسم علي ما تفعله بينما لاحظ وقوف شقيقه أمام الشرفه من الداخل ، وقف "بسام" ينظر علي ما حدث لشقيقه من بداية جرح رأسه لكسر ذراعه ، تحدث بنبره مختنقه وهو يسأله:
_"إذيك يا غسان "
لاحظت هي صوت الٱخر ، فتركت ما بيديها ثم نظرت له كنظرة وداع حتي تدخل ، لم يرد عليها بل وقف ينظر إلي أن دخلت فقط ، وجه أنظاره الصامته علي شقيقه ، ومن ثم دخل ليغلق الشرفه من خلفه ، حتي جلس علي المقعد بجانب الفراش تزامناً مع قوله المقتضب:
_"كويس"
تفهم ما يفعله شقيقه ، فـ تحرك ليقف أمامه ، ثم طالعه بأسفٍ وهو يتحدث قائلاً بهدوء ليبرر:
_"غسان ، أنا مش عارف أقولك ايه ، بس سامحني أنا مش مرتاح كده ، أنا تايه بين حاجات كتير ومش عارف أصدق ايه ولا أعمل ايه، انتَ مجتش ..."
بتر "غسان" حديثه حينما نهض علي مره واحده متحدثاً بنبره مستهزءه:
_" هتفضل طول عمرك كده ، ترمي اللوم بالغلط للشخص الصح وتسيب الغلطان يعيش !!"
حقيقه ود قولها له بوجهه ، يرمي اللوم لمن عاش يحميه من الكسره بل وترك من كسرته !! ، طالعه "بسام" بصمت ، صمت كاسر وك منهما صوت أنفاسهما العاليه في المكان ، تقدم"بسام " خطوه واحده ليقف أمام شقيقه ثم رفع يديه بتردد ليضعها علي جرح رأسه الذي سببه له حتي يعرف ما مدي عمقه وماذا حل ، لم يجد سوي ما كان يتوقعه أوقفه "غسان" وهو يمسك يديه سريعاً حتي لا يقوم بلمسه ثم نظر له بشموخٍ ضاغطاً علي يديه بقوه تزامناً مع مع قوله الذي تخلله التعب من داخله :
_ ابعد عني "
أمر قطعي بنبره حاده له ، فالحقيقه يتألم إلي الٱن من الداخل بسبب ما يشعر به شقيقه ولكن فكرة تسيبه معه جعلته يشك به وهذا ما وصلا له الاثنان !! ، سحب يديه من بين يد شقيقه ثم نظر له بعجزٍ مردداً بنبره مختنقه:
_" أنا قدامك أهو إضربني بس متعينش كلامى ليكّ جواكّ. ، أنا عارف اني غلطت فيك بس غصب عني "
نبرته الضعيفه تضعف من شموخه الذي يظهره أمامه ، نظر له من أعلي لأسفل وهو يحاول كبت أي شعور مُنهك لديه منه ، بل وقف ثابتاً محركاً أنظاره علي وجه شقيقه وهو ينظر له بتمعن ، بدا كمن ينظر في المرٱه لنفسه مع إختلاف ألوان خصلات الشعر الفاتحه لدي شقيقه ليست حد الإنتباه ، تمعن بالنظر أيمكن لشخص يشبهك بقوه بل ودمك بدمه وأن يكسرك كلما نظرت لنفسك بالمرٱه تتذكر ما قاله لكّ وما فعله ، يبدو الأمر علي غيرهما وكأنه سهلاً ، ولكن ما مر به الأول من كلمات وأفعال أثارت دهشته و أنهكت من نفسه ،. لم يشعر يوماً بأنه وحيداً تقسو عليه وحدته بسبب أمر واحد فقط ، أهذا من جعله يهبط في الليل الدامس والظلام ،. أهذا من جعله ينحني علي الأرض والأتربة ووجهه غارق بدمائه ، هذا الذي جعله لم يقوى علي الاستناد للوقوف والنهوض علي قدميه بسبب كسر ذراعه لذلك اليوم ، من جعله يتركهم ويتركها مما سبب لها عدم ثقه تامه به ، خوفاً من أن يرحل مره اخرى ويتركها كما فعل رغماً عنه ، أسباب كثيره تبدو هينه للبعض ولكن بالنسبه لعقل وطباع لن تنسي بسهوله وهذه تعد مشكله لديه ، ولكنه شقيقه أياً كان تنهد يخرج أنفاسه الحاره والثقيله من على صدره ولم يشعر بنفسه سوى عندما رفع يديه ثم ارجعها للخلف ومن بعدها قدمها بقوه للأمام يشفي غليله وهو يلكم الٱخر الذي يقف من أمامه علي سهوه عل ذلك يهدأ من ثورته الداخليه ومن إنهاكه وتعبه الداخلي منه ، عل ذلك يخرج من الهموم الثقيلة لديه ، تلقائياً رفع "بسام" يديه يضعها بجانب شفتيه التي نزفت دماً من الداخل بسبب أسنانه وضغط ضربه الٱخر ، طالعه "غسان". بشفقه وتشفي في ٱن واحد لم يشعر بنفسه الا وهو يفعل ذلك تعبيراً عن أخذ حقوقاً كثيره كما كان يتمني بأن بمجرد تلك الضربه ينتهي كل شئ ! مسح "بسام" بجانب فمه ببطئ وهو يتأوى بخفوت ومن ثم رفع رأسه بخزي له ولم يبدي أي ردة فعل عنيفه حتي وان كان يشك به إلي الان ففكرة قوله لكلماته القاسيه له جعلته ساكناً نادماً ، أما الٱخر فصمت يأخذ أنفاسه وهو يتابع شقيقه الصامت من أمامه فـ حاول أن يخرج منه صوته ثابتاً ولكنه خرج مهزوزاً بسبب ما فعله به وما فعله الاخر به ولكن ليسا متساويان إلي الٱن :
_" أنا مش عاوز تبرير منك علي اللي حصل عشان اللي حصل حصل وقولته وعملته خلاص مفيش تغيير ، أنا عاوز أعرف إيه اللي خلاكّ تشوف تاج تاني ؟ ! "
وضع "بسام" يديه. بجانب فمه ثم تحدث يجيبه بهدوء رغم ألم فكه:
_"في المستشفي عشان أبوها تعبان هناكّ .. "
أومأ له بصمت ،وهو يشرد في أمر يود فعله، فتحدث "بسام " قائلاً له بأسفٍ :
_"طب اتكلم وقولي ليه عملت كده أو قول اللى عاوز تقوله وأنا هسمعك"
يا لسخرية الموقف من أمامه ، ويا لسذاجة شقيقه ، ابتسم "غسان" بسمه تهكميه ثم هتف بسخريه يجيبه:
_"اللي ميسمعنيش فالأول ميستحقش يسمعني دلوقتي ، فرصة كلامي عشان أدافع عن نفسي ضاعت وانتَ اللي ضيعتها بنفسك.."
لا يعرف بماذا يجيب بل ظل صامتاً بقلة حيله وهو ينظر له بنفس نظرة الأسف والخزي وكأنه عار بما فعله !! ، انتبه لصوت شقيقه حينما ردد "غسان " مره أخري يواصل حديثه بنظرة عين ليست هينه كما رٱها الٱخر:
_" تاج هي اللي هتتكلم مش أنا ، تحب أسجلك ولا يبقي كل حاجه لايڤ قدام عنيكّ !!"
نظر له "بسام" بغير تصديق متسائلاً بدهشه وريبه لم يظهرها من كونه رأي الٱخر يتحدث بوعيد غير مباشر بالمره :
_"يعني ايه ؟"
_"اقعد وأنا أقولك يعني ايه ".
جلس يستمع إلي شقيقهُ الذي بدأ بالحديث وكأنه يخطط إلي معركه ستُنشب ، كان ينصت إليه بتمعن ، مسلطاً أنظاره علي نظراته التي ظهرت حاده وهو يتحدث عنها ، قد أعلن الآخر طبول الجرح والوجع للتنفيذ أمس ولكن شقيقه من جعل وفعل بنفسه هذا !! ، لم يعتبرها "غسان" سوى فريسه أثناء الحديث عنها وعن ما يقرر فعله وكأنه يقوم بالتخطيط لـ خطه مُحكمه للوقوع بفريسـه ليست هينه ، للوقوع بفريسه معينه !!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية