Ads by Google X

رواية لعاشر جار الفصل العشرون 20 - بقلم سلمى رأفت

الصفحة الرئيسية
الحجم

    

 رواية لعاشر جار الفصل العشرون 20 - بقلم سلمى رأفت

20-بداية الاستفاقة
          
                
قطع حديثه "إياد" قائلًا بضجرٍ :



_وإيه؟؟ ده أنت قفلتها يا عم!! بقولك إيه احنا هنروح كلنا يعني هو عمك "مصطفى" أول مرة يعرفنا؟؟



تشاجر "سيف" و "إياد" بضجرٍ وقطع شجارهما _الأحمق_ صوت جرس الباب وتوجه "عمار" ليفتح لكنه انصدم من التي تقف أمامه بينما تعجب "ياسين" من جمود صديقه بهذا الشكل وعلا صوته قائلًا :



_مالك يالا مبلم كده ليه؟؟



أفسح هو عن المجال بهدوءٍ حتى ظهرت سيدةٌ في أواخر عقدها الرابع لكن بسبب جمالها وأناقتها يبدو عليها كأنها امراةٌ ثلاثينية وحمحمت بإحراجٍ وقد أردف "عادل" قائلًا بهدوءٍ :



_اتفضلي يا مدام "نهلة"، نورتي.



صُعق "عبدالله" عندما رآها لكنه كذب عينيه لكنه تأكد عندما تلفظ والده باسمها الذي يمقته وبشدة واقتربت هي نحوه قائلةً بحنو أمومي وهي تضع يديها على وجهه :



_كبرت يا "عبدالله" وبقيت عريس، عايزاك تعرفني على عروستك.



ظل هو ينظر إليها بجمودٍ وتوتر الجو العام وساد الصمت وقطعه "سيف" قائلًا وهو ينظر إلى ساعة الحائط :



_طب يلا يا جماعة علشان منتأخرش.



مال "عمار" عليه قائلًا بسخريةٍ :




        
          
                
_هو إيه اللي منتأخرش؟؟ هو احنا رايحين إيطاليا؟؟ دي في الشقة اللي قدامنا!!



رمقه "سيف" بنظرةٍ حادة لكن تجاهلها "عمار" بالامبالاة وتحرك "عبدالله" والضيق يعتلي صدره لكن تخلى عن ضجره حين همس له "ياسين" في أذنه قائلًا :



_عدي اليوم ومتنساش دي أمك مهما عملت إيه، وافرد وشك بدل ما حماك العظيم يطردنا.



ضحك "عبدالله" بخفوتٍ وتوجهوا نحو الشقة المقابلةِ لهم وضغط "عبدالله" على زر الجرس بتوترٍ حاول إخفاءه حتى فتح له "مصطفى" قائلًا بترحيبٍ :



_يا أهلًا، اتفضلوا يا جماعة منورين.



ضيق "إياد" عينيه بشكٍ من ترحيبه؛ فهذا الرجل كان مثالًا للجمود والانضباط وعندما يبتسم فقط يصبح اليوم ذاته عيدًا قوميًا لكنه لم يكترث لهذه الأفكار وتوجهوا جميعًا للداخل بينما كانت "حنين" وشقيقتها وصديقتها ووالدتها واقفات خلف الستائر بتخفي ليتجسسوا على هذه الجلسة، كانت هي مبتسمة بحبٍ وهي تنظر له و هو جالسٌ أمام والدها لعرض طلب الزواج منها على والدها وكانت أجنحتها لا تتسع المدينة بأكملها من فرط فرحها وحماسها، قطع مخيلاتها هذه صوت والدها الذي يصيح باسمها من الخارج لتأتي وهي تحمل الصينية وعليها أكواب المشروبات الغازية، حاولت "حنين" حمل هذه الصينية الثقيلة لكنها لم تقوى على حملها حتى ساعدتها "چومانة" في حملها حتى وصلت لمكان جلوسهم وتركتها حينها أكملت الأخرى وهي تسير على استحياء بينما هو حاول عدم النظر إليها نظرًا لوالدها الذي كان يرمقه بتحذير وحينما وصلت إليه أخذ كوبه بهدوءٍ وهو يبتسم لها بحبٍ، لكن استدارت هي بسرعةٍ للداخل من فرط خجلها بينما قطع تلك اللحظةِ العابرة "عادل" قائلًا وهو ينقي حنجرته :




        
          
                
_طبعًا يا أستاذ "مصطفى" يشرفنا نطلب إيد بنتك الآنسة "حنين" لابني "عبدالله"، وطبعًا حضرتك مش محتاج معرفة احنا عشرة عمر وجيران من زمان.



أومأ "مصطفى" بتفهم ثم تلفظ قائلًا بهدوءٍ :



_يشرفني طبعًا نسبكم يا أستاذ "عادل"، قولي يا "عبدالله" أنت لسه بتدرس زي "حنين" مش كده؟ تقدر تقولي هتفتح بيت ازاي وهتصرف عليها منين ولا إيه ظروفك؟؟



حمحم هو بإحراجٍ قائلًا :



_حضرتك أنا عندي شقتي في البرج اللي قدامنا هنا ومتشطبة يا دوبك بس على الفرش ولو في حاجة عايزة تغيرها أنا تحت أمرها، بالنسبة للفرش والأجهزة وكده اللي تشوفه حضرتك واحنا معاك، وأنا بابا ربنا يكرمه كان شايل ليَّ مبلغ في البنك هنجيب بيه الشبكة حاليًا، بالنسبة للمصاريف فأنا بدور على شغل عقبال ما اتخرج بجانب شهادتي وهشتغل بيها برضو بس أنا عايز سنة أو اتنين خطوبة عقبال ما احنا الاتنين نتخرج وإن شاء الله نتجوز ونكون كمان فرشنا الشقة وأكون أنا مقتدر ماديًا.



نظر له "مصطفى" نظرة خالية من المشاعر وبدا التوتر يظهر على "عبدالله" من صمته هذا لكن صرحت "نهلة" بقولها مردفةً بابتسامة :



_قولنا إيه يا أستاذ "مصطفى"؟؟ على خيرة الله؟؟




        
          
                
ابتسم له "مصطفى" بمجاملة وأضاف قائلًا :



_أنا عن نفسي موافق بس نشوف رأي العروسة.



وصاح بصوته مرة أخرى لتأتي "حنين" تلك المرة وقد سألها والدها بينما نظرت لهم جميعًا بالتناوب وتكلمت على استحياء قائلةً :



_اللي تشوفه حضرتك.



تهللت أسارير "عبدالله" بفرحةٍ بينما أطلقت "ميادة" زغرودة مصرية اهتزت لها جدران البناية بأكملها واحتضنت ابنتها تبارك لها وعندما ابتعدت عن والدتها التفتت لِـ "نهلة" التي كانت جالسةً بسعادةٍ لكنها استشفت الحزن في عينيها وعدم قدرتها على عناق ولدها، لم تدرِ هي ما الخلاف بينهما بتفاصيله الكاملة فكل ما تدركه أنها انفصلت عن "عادل" وتزوجت لتعيش حياتها وتركت ولدها لطليقها يرعاه ولم تلتفت حتى له لكنها ألقت كل شيء وراء ظهرها واقتربت منها وهي تبتسم وحينما لاحظتها "نهلة" وقفت تحتضنها قائلةً بفرحةٍ :



_ألف مبروك يا حبيبتي، ربنا يتمم ليكم بخير يارب.



بادلتها "حنين" العناق وهي ترد عليها قائلةً بهدوء :



_الله يبارك فيكِ يا طنط.



بينما على الناحية الأخرى كان "عبدالله" قد عانق "عمار" مردفًا له بمكرٍ :



_أهي الآنسة وراك أهي، حاول تصلح الدنيا.




        
          
                
ربت "عمار" عليه وسرعان ما توجه نظره للتي واقفة تبتسم في عذوبة وتحرك إليها ولكن تلفظ "عادل" قائلًا :



_أنا بقول نسيب العرسان لوحدهم يدخلوا البلكونة.



كادت أن تفلت ضحكة من "ياسين" لكنه حاول التزام الصمت بسبب نظرة "مصطفى" المشتعلة من إثر حديث "عادل" لكنه تلفظ مرغمًا عنه قائلًا باتسامة :



_طب اتفضل يا "عبدالله" أنت و "حنين" البلكونة واحنا قاعدين هنا.



تلاقت عينيهما بسعادةٍ وتوجها للشرفة بينما كان "عمار" قد اقترب من "چومانة" وهو يهمس لها قائلًا بضجرٍ :



_طب إيه؟؟ مش ناوية؟؟ يا بنت الناس اتصالحي وترجع الماية لمجاريها.



نظرت له "چومانة" بسخطٍ قائلةً :



_"عمار"! ابعد عن وشي الساعة دي! أنا فرحانة متعكننش عليَّ!



نظر لها "عمار" قائلًا بضجرٍ :



_قسمًا بالله بومة.



لم ترد هي عليه بينما كان "ياسين" قد مال على "سيف" و "إياد" قائلًا لهما :



_طب اراهنكم بقى إن قبل ما هي تدخل كانوا عاملين لجنة تحكيم من ورا الستارة دي!



أردف "سيف" قائلًا بابتسامة ظهرت مرغمًا عنه :




        
          
                
_اسكت يابني مش عايز اضحك، اسكت الله لا يسيئك!



بينما كان " إياد" ينظر لِـ "نهلة" بحقدٍ فلاحظه "سيف" قائلًا له :



_يالا بطل النظرات دي، ده ابنها نفسه اللي مش بيطيق وشها مش بيبص ليها كده!



التفت "إياد" إليه قائلًا بتساؤل :



_أنا مش عارف الست دي والله عجيبة!! ده احنا أهو والعريس نفسه قعدنا نلف حوالين نفسنا علشان عرفنا إن هو هيتقدم فجأة لحقت هي عملت شعرها وجهزت نفسها؟؟



حاول "ياسين" كتم ضحكاته حتى لا تصل لِـ "مصطفى" الذي كان يتحدث إلى "عادل" بينما في الشرفة، كانت "حنين" واقفةً وقلبها يخفق بشدة و "عبدالله" ينظر لها قائلًا بحبٍ :



_تعرفي أنا كنت مستني اللحظة دي من قد إيه؟؟ 



نظرت هي له وهي تهز رأسها بالنفي حينها استرسل وهو يتنهد قائلًا :



_من بدري أوي، من بدري أوي يا "حنين" وكان نفسي يبقى ليَّ الحق إني اكلمك وتكلميني، في كلام كتير أوي جوايا مش هينفع يتقال دلوقتي.



نظرت هي له بتأثر ثم أردفت هي ببعض الجدية المزيفة قائلًا :



_أنت اختارتني ليه يا "عبدالله؟؟




        
          
                
نظر لها هو في عينيها بعمقٍ مردفًا بجدية :



_علشان شقتكم جنب شقتنا فاستسهلت المشوار.



توسعت عيناها بصدمةٍ لكنه سارع بإبدال كلماته قائلًا وهو يضحك :



_بهزر والله، القلوب مفيش عليها سلطان، لما بدأت ادرك يعني إيه مشاعر وإحساس وحب ملقتش غيرك إنتِ وعمري ما عرفت اشمعنى أنتِ بالذات و ليه، بس القلوب دي بتاعت ربنا احنا ملناش دخل فيها وأنا حابَّك تكوني زوجة ليَّ وشريكة حياتي وأم لولادي، ولو كترت في الكلام أبوكِ هيرميني من البلكونة.



ضحكت هي بشدةٍ لكنها تلفظت قائلةً بخجلٍ :



_ممكن طلب؟؟



نظر له يحثها على الاسترسال فأكملت قائلةً :



_ممكن تنزل أنت وصحابك تحت وتعملوا نفسكم طالعين عندنا علشان عايزة اعمل الڤيديو بتاع إحساسك إيه انهاردة وأنا جايلك في بيتك؟



نظر لها باندهاشٍ وتلفظ بغضبٍ قائلًا :



_يعني احنا ننزل كل ده علشان نعمل ڤيديو؟؟ مفيش منه الكلام ده!!



بعد ساعة، كان "عبدالله" ينزل من سيارة "نوح" وهو ممسك في يديه باقة من الورود الحمراء ووراءه أصدقاؤه بينما كان "تيام" يغمغم بكلماتٍ غير مفهومة من خلفهم بعدما أبغلهم "عبدالله" بضرورة تواجدهم في الأسفل وهم يرتدون حلة رسمية وقد كانت هذه المرة الثاثلة على التوالي يعيدون نفس هذا المشهد بينما في شرفة الدور الرابع كانت "چودي" تصور "حنين" بضجرٍ وهي واقفةٌ تنظر إليهم بسعادةٍ من الشرفة وعندما انتهت من التقاط هذا المشهد تلفظت قائلةً بضجرٍ :




        
          
                
_ما تخلصي بقى! ده تالت ڤيديو تصوريه وكل ڤيديو من دور شكل!



التفتت لها "حنين" قائلةً باستعطاف :



_بالله عليكِ خلاص؛ أصل محدش بيعرف يصور ڤيديوهات حلوة غيرك وبعدين بحاول أصور من دور قريب علشان يكونوا باينين!



زفرت هي بضجر وأسرعت "حنين" تتوجه على الدرج بينما في الأسفل صاح "عمر" بسخطٍ قائلًا :



_لأ بقى هو في إيه؟؟ دي تالت مرة هنطلع الدور السادس على السلم علشان أم الڤيديو ده!! أمال الاسانسير متهببين مخترعينه ليه؟؟



كانوا جميعًا يريدون البكاء بسبب الصعود على ذلك الدرج الذي وكأنه عقابٌ من الله على جميع خطاياهم لكنهم توجهوا ليستخدموه بسبب أن يتم تصوريهم وهم يصعدون على الدرج، وقف "تيام" في منتصف الدور الثالث وهو يجلس بتعبٍ قائلًا :



_يا ركبي ياني! أنا بقيت عايز صيانة مش قادر يخربيت اللي عايز يتجوز على اللي عايز يحضر الجوازة!



تأففوا جميعًا بضجرٍ وتعب حتى وصلوا للطابق المنشود وكان "مصطفى" واقفًا باستياء على باب الشقة حتى أشارت له "چودي" بالبدأ واقترب منه "عبدالله" يحضتنه ومن ثم يسلم على المتواجدين حتى وصل إلى "حنين" وهو يعطيها تلك الباقة بسعادةٍ كأنه لأول مرة يعطيها تلك الباقة بينما كان "تميم" يصرخ قائلًا بسخطٍ في الخلفية :




        
          
                
_أخلص يا بارد عايزين نطفح! أنت جاي في وقت غدا وكمان بتتلكع!



بالطبع لم يظهر صوته في مقطع الڤيديو حيث كان الصوت المدوي للمكان تلك الأغنية الشهيرة لدى "محمود العسيلي" حتى انتهوا من تصوير هذا المقطع وسرعان ما جلسوا على الأريكة وتظاهروا أنهم يحدثون في أمور الزواج بفرحةٍ بينما كان "مصطفى" يتلفظ بضجرٍ وهو يبتسم حتى لا يفسد مقطع الڤيديو قائلًا :



_أقسم بالله ما هحلكم على اللي بتعملوه ده!



ابتسموا جميعًا على كلامه بتمثيلٍ حتى أردف "مروان" قائلًا وهو يضحك بملء شدقيه حتى يظهر في ذلك المقطع بمظهرٍ حسن قائلًا :



_ما تخلصوا بقى هو أم الزفت ده هيخلص أمتى؟؟ أنا سايب الصيدلية مع "حمزة" و "حازم" يعني زمانهم خربوا الدنيا!!



ضحكوا جميعًا بشدةٍ وتلفظ "نوح" قائلًا بسخطٍ وهو يضحك بعدما نظرت له "چودي" بغضبٍ حتى لا يفسد ما يفعلوه :



_وأنتم مصحيني من النوم علشان عايزين تنزلوا تركبوا العربية وتنزلوا منها تاني؟؟ أنتم عُبط؟؟



نظروا له جميعًا بسخطٍ حاولوا إخفاءه حتى لا يفسدوا ذلك المقطع اللعين حتى أغلقت "چودي" مقطع الڤيديو قائلةً وهي تطلق زغرودة عالية :




        
          
                
_الحمدالله خلصنا، ألف مبروك ربنا يتمم ليكم بخير يارب.



ضحكوا جميعًا تلك المرة من قلوبهم واستأذنوا جميعًا بعدما باركوا لـ "عبدالله" و "حنين" متمنين لهم التوفيق في حياتهم.



بينما في صيدلية "عين جالوت" :



كان "حمزة" يصيح بسخطٍ قائلًا :



_يا آنسة أنتِ مبتفهميش؟؟ هو إيه اللي عايزة البرشام اللي لون حبايته بينك؟؟ اسمه إيــه!!



زفرت هي بضجرٍ منه وتلفطت قائلةً بغيظ :



_ما أنا لو أعرف اسمه كنت قولتلك!! هاتلي طيب كل الأدوية اللي الحباية بتاعتهم لونها بينك وأنا هختار.



رد عليها "حازم" تلك المرة باستهجان قائلًا :



_يا آنسة الكلام ده تقوليه في محل كوكو أند إس وأنتِ بتشتري شميز مش وأنتِ بتشتري دوا!!



تأفأفت بسخطٍ حتى دلف "مروان" قائلًا بتعجب :



_في إيه؟؟ صوتكم عالي كده ليه؟؟ اتفضلي يا آنسة عايزة إيه؟



عقب "حمزة" قائلًا وقد أصابه الجنون :



_بتقولك عايزة البرشام اللي لون الحباية بتاعته بينك، يعني ننجم ولا إيه الحوار؟؟



صمت "مروان" بتفكيرٍ وتحرك يحضر ذلك الدواء ووضعه أمامها قائلًا بتساؤل :




        
          
                
_بروفين؟؟ لو هو ده قصدك فأهو.



التقطه هي بسعادةٍ وأردفت قائلة بفرحةٍ :



_أيوة هو تسلملي يارب.



ابتسم "مروان" لها بإحراجٍ وضع "حازم" و "حمزة" يديهما في خصرهما بضجرٍ وهما يرفعان أحد حاجبيهما كأنهما زوجاته الثلاث وقد عاملها بلطفٍ وتجاهلهما، ظلا هكذا حتى دفعت هي ثمن تلك الحبوب بينما التفت لهم "مروان" قائلًا باستنكار :



_مش عارفين حاجة تكلموني مش تمسكوا في بعض! عمومًا هي مرة ومش هتتكرر تاني.



مازال كلاهما في نفس الوضع وينظران إليه بتهكم وضجر حتى كاد يفقد صوابه قائلًا :



_هو في إيه؟؟ بتبصوا كده ليه؟؟ أنتم محسسني إن هي ضرتكم وبعاملها أحسن منكم!



ظلا هكذا لا يعقبان على حديثه حتى فقط رشده وأمسك بجهاز قياس ضغط الدم واندفع نحوهما وما إن رأوه هكذا هرولا إلى الخارج بفزعٍ وهو يصرخ بهما قائلًا بسخطٍ :



_يلا يا حيوان منك ليه برة، بــــرة!!



___________________________________________



كانت "لميس" واقفةً كعادتها في الشرفة تدخن وهي تنظر للمارة بشرود، منذ أمس لم تخرج من غرفتها ولم تتقابل مع أحدٍ من إخوتِها إلا "فريدة" التي كشفت سرها للتو، مر عليها لمحة من ماضيها فأغلقت عينيها بقوةٍ لعلها تنسى تلك الذكرى البشعةِ بالنسبةِ لها.




        
          
                
منذ سبعة عشر عامًا :



كانت هي تلعب بإحدى الدُمى المحشوة بسعادةٍ وخرجت من غرفتها لتتلاقى بـ "ريان" الذي أخذ يداعبها بلطفٍ حتى جاء "آدم" نحوهما وهو يمسك في يديه قطعة صغيرة من الحلوى وأعطاها لها، كانت تنظر إليهم بالتناوب بفرحةٍ واحتضنها "آدم" بشدةٍ وحملها وهو يرمق شقيقه بمكرٍ طفولي حيث كان لا يتعدى الرابعة عشر من عمره قائلًا :



_طبعًا لموسة بتحبني أنا أكتر من "ريان" الرخم، صح يا لموستي؟؟



أومأت برأسها وهي تضحك على أخيها الذي يشتعل غضبًا قائلًا :



_بقى كده يا "لميس"؟؟ بتبيعيني علشان حتة توفي بربع جنيه؟؟ آه يا واطية، ده أنا لسه جايب ليكِ شوكلاتة!!



قبلت الذي يحملها من وجنتيه ومن ثم اقتربت من الذي واقف أمامها تقبله أيضًا وقد أنزلها "آدم" على الأرض ونزل هو وشقيقه لمستواها واحتضنتهما قائلةً بحبٍ طفولي :



_أنا بحبكم أنتم الاتنين علشان بتجيبولي حاجات حلوة كتير وعلشان مش بتزعلوني.



بادلها كلاهما العناق وهما يربتان عليها وقطع تلك اللحظة صوت والدهم الصارم قائلًا :



_يلا ياض منك ليه روحوا شوفوا بتعملوا إيه وهاتولي لولي.




        
          
                
تركت هي إخوتها وانطلقت نحوه تحتضنه بحبٍ وأخذها لغرفته التي يتشاركها مع زوجته، عندما دلف للداخل تلفظ قائلًا بجمودٍ كان أول مرة يتحلى به قائلًا :



_"أصالة" أنا عايزك في موضوع.



التفت له "أصالة" التي كانت تمشط شعرها أمام المرآة قائلةً بتساؤل :



_خير يا حبيبي، مالك في حاجة؟؟



نفى برأسه قائلًا :



_لأ مفيش حاجة بس كنت بقول كفاية أوي كده على "لميس" وتتحجب.



شهقت هي قائلةً برفضٍ قاطع :



_تتحجب إزاي يعني مش فاهماك؟؟ دي عشر سنين يا "محسن"!! أنت مستوعب بتقول إيه؟؟



نظر لها بضجرٍ وصاح قائلًا :



_مالك في إيه؟؟ هو أنا بقولك هنقبها؟؟ بقولك تتحجب علشان لما تكبر تكون اتعودت عليه.



سحبت هي ابنتها داخل أحضانها قائلةً :



_مفيش الكلام ده أنت بتقول إيه؟؟ سيب البنت تعيش سنها!! ولما تكبر حجبها زي ما أنت عايز! وبعدين لسه صغيرة أوي أوي على مسألة الحجاب أو إن هي تتفهم ده إيه ده أصلًا!!



زفر هو بحنقٍ قائلًا :



_اللي عندي قولته، أنا مش باخد رأيك على فكرة!




        
          
                
تركت هي ابنتها التي كانت تنظر لهم بتعجبٍ ولم تقوى على فهم ومعرفة ما هذا الحجاب اللذان يتحدثان عنه واقتربت "أصالة" من "محسن" قائلةً بسخطٍ :



_لأ طبعًا تاخد رأيي! أنا أمها وأدري بيها!! وبعدين مين اللي زرع الكلام ده في دماغك؟؟ ما تقولي!!



كاد أن يتشاجر معها بصوتٍ أعلى حتى استمعا إلى صوت ولدهما الذي يملك من العمر ست سنوات وقد أردف "عدنان" قائلًا :



_بابا، عمو "مرزوق" بيرن، أقوله إيه؟؟



رد عليه "محسن" من خلف الباب قائلًا بضجرٍ :



_قوله بابا نايم يا "عدنان".



تفهم هو وأمسك الهاتف الأرضي قائلًا :



_بابا بيقولك هو نايم.



استمع له "محسن" الذي توسعت عيناه وترك "أصالة" وتوجه نحوه يوبخه بينما جلست "أصالة" على الأريكة القابعة في غرفتهما بصدمةٍ من تغير زوجها المفاجىء واستمعت إلى كلمات ابنتها التي تردف بتساؤل طفولي :



_ماما، هو يعني إيه حجاب؟؟ مش ده اللي بتلبسيه أنتِ وتيتا وأنتم خارجين؟؟



أومأت هي بهدوءٍ لكنها تفوهت قائلةً بحسمٍ :



_أيوة هو ده يا حبيبتي، بس ده مش فرض عليكِ دلوقتي لما تكبري هتلبسيه زينا لكن أنتِ دلوقتي لسه صغيرة سيبك من كلام بابا ده بيحب يهزر، روحي العبي مع أخواتك لحد ما أرضع "فريدة" و "فريد"




        
          
                
تركتها وذهبت لتلعب بسعادةٍ مرة أخرى حينها تلفظت "أصالة" في نفسها قائلةً بغيظٍ :



_حجاب إيه اللي تلبسه وهي عشر سنين!! ده البت حتى لسه مبقتش مكلفة بالكلام ده! أقوم أنا الزمها بيه؟



_"لميس" يا "لميس"، أنتِ يا بت!!



استفاقت هي من ذكرياتها على صراخ شقيقتها بجانب أذنيها وألقت السيجارة التي في يديها بغضبٍ وتلفظت قائلةً بضجرٍ :



_بتصوتي في ودني ليه؟؟ عايزة إيه على المسا؟؟



نظرت إليها بنظرةٍ غير راضية عن حالها لكنها عقبت مردفةً :



_"ريان" و "آدم" عايزين يتكلموا معاكِ بس أنا قولتلهم إنك نايمة فقولت أقولك الأول علشان ميطبوش علينا فجأة، وكنت هروح فأبو بلاش بسبب "لارا" أختك.



نظرت لها تحسها على الاسترسال فأكملت قائلةً :



_شمت ريحة السجاير في هدومي فقولتلها كنت واقفة في البلكونة وحد من البلكونة اللي جنبنا كان بيشرب والدخان كان جاي ناحيتي أنا والحمدالله صدقت، بس قومي اخلصي غيري هدومك علشان هتلاقيهم داخلين علينا دلوقتي.



أومأت هي بتفهم وأخرجت علكةً ذات رائحةٍ قوية تمضغها حتى تزيل أثر رائحة التدخين السيئةِ من فمها ودلفت للداخل لتبدل ملابسها وحدث المتوقع عندما انتهت وجدتهما يدلفان إليها وكل واحدٍ منهما يمسك في يديه كيسٍ بلاستيكي ممتلئ بأحد أنواع الحلوى التي تفضلها فابتسمت ابتسامة صغيرة زينت ثغرها وهرول إليها الاثنان يعانقها بشدةٍ كأنه إعتذار عمَّ حدث لها، وصرح "آدم" بقوله مردفًا :




        
          
                
_ممكن نتكلم معاكِ شوية؟؟



أومأت بالموافقة وجلسا على الأريكةِ بينما هي جذبت كرسي بلاستيكي لتجلس أمامهما وسرعان ما استرسلوا في الحديث الذي جعل عينيها تمتلئ بالدموع ولم تقوى كثيرًا فسارعت بالبكاء الشديد..



_____________________________________________



كانت "مريم" قد قررت التجول في حديقة المنطقة السكنية التي تقبع بها ولكنها قد سأمت فقررت الجلوس في إحدى المقاهي القريبة حتى دلفت إلى مقهى راقيٍ وقد طلبت قهوة وجلست تحاول التفكير بشكل إيجابي وترك هذه الأفكار السلبية لعل صحتها النفسية تتحسن لكنها لمحته من على بعدٍ يجلس على طاولةٍ مع فتاةٍ يتحدثان وهما يضحكان، في تلك اللحظة لم تتدارك نفسها وأخذتها قدمها نحو طاولتهما وتفوهت قائلةً بشرٍ وكان صوتها عاليًا فقد جعل كل من يجلس ينظر لتلك المشاجرة بهدوءٍ قائلةً :



_يا حلاوة! ومقعدها في كافيه كمان! ما كنت تاخدها شقتك بالمرة!



نظر لها "حسام" بصدمةٍ بينما أردفت تلك الفتاة التي تقبع أمامه باستنكار قائلةً :



_مين دي يا حُس وبتتكلم كده ليه؟؟



ضحكت هي بسخريةٍ قائلةً :



_حُس؟؟ والله ونضفت، بس أنا هرد عليك بحاجة واحدة بس.



وجد هو صفعة هوت على وجنته بقوةٍ وقد دوى صوتها في المكان أجمع وتلفظت قائلةً :



_دي علشان مش أنا اللي تتخان يا عرة الرجالة! ولا رجالة إيه بقى، ده بيقعدوا معاك علشان بيعتبروك زي أختهم وربنا!



قالتها وضربته بالسلسال المعدني المتصل بحقيبتها الصغيرة وبصقت عليه بازدراء وتركته ورحلت بهدوءٍ وكأن شيئًا لم يحدث.



____________________________________________
 

  • يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent