رواية آخر نفس الفصل الاول 1 - بقلم رشا روميه

  رواية آخر نفس (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم رشا روميه

رواية آخر نفس الفصل الاول 1 - بقلم رشا روميه

جذبها نحوه بحركه فجائيه حين أمسكها من معصمها لتدنو منه بقبضته القويه الحانيه بذات الوقت ليسبل بداخل عيناها الواسعتان بقاتمتيه المتلهفه ليهمس بصوت حالم عاشق حتى النخاع ومازالت عيناه تبحر بعيناها العسليتان صارخه بعشق معترفاً بحبه المتيم لتلك الفراشه ...
_ بحبك يا أجمل فراشه ...

تعالت ضربات قلبها وهى تتمعن بملامحه السمراء الخشنه تشعر بقوته وجسارته وضئآلتها بجسدها الصغير إلى جواره ...
_ وانا كمان بحبك يا "زيد" ... مش عارفه إزاى مكنتش واخده بالى من حبك ده ...

رفعه إصبعيه متلمساً خصله شعرها المتمرده غير مصدق أنه إعترف لها أخيراً بعذاب عشقه لها منذ سنوات ...
_ أنا إللى مش مصدق إنك معايا دلوقتى ...

نظرت نحو قدميها بتخوف ثم عادت بنظراتها القلقه نحوه مردفه بتخوف ...
_ إلحق يا "زيد" إنت بتقع ... خد بالك .... خد باااااااالك ...

سقط فجأه لينتفض بقوة معتدلاً بجلسته أرضاً محاولاً فهم ما حدث له بالضبط ...

ليزفر بقوة بما يحمله قلبه من غيظ فقد كان يحلم ...

مسح رأسه بكفه محاولاً تهدئه أعصابه وتنفسه المضطرب فلقد أوشك على فقدان عقله أيضاً بعشق تلك الفراشه ...

ذلك العشق المستحيل أن يخرج من بين ضلوعه أو حتى يظهره ...

وقف متمللاً وهو ينظر لساعته فمازال الوقت مبكراً للغايه على الإستعداد لرحتله ليجلس سانداً وجهه بكفيه متذكراً وجهها الجميل وحديثهما بهذا الحلم فهذا كل ما يستطيع فعله أن يحلم ...

****

فى تمام الساعه السادسه صباحاً ..
_ "ياسمين" مش حتقومى تروحى الرحلة بتاعتك ...؟!!!

قفزت من فوق فراشها فى صحوة مفاجئه
_ أوووف ... ده أنا إتأخرت ... "زينه" نص ساعه وتيجى ...

بعد مرور دقائق حاولت بهم التجهز للسفر بتلك الرحلة التى تمنتها كثيراً ...

أخذت تقلب بعشوائيه بداخل أحد الأدراج باحثه عن مشبك شعرها ذو الفراشه الورديه مُصدره صوت ضجيجها المعتاد لتهتف بسعادة طفوليه بعد وقت قصير ..
_ أخيراً لقيتك يا مدوخنى ....

رفعت خصلات شعرها بفوضويه لتدب المشبك بين تلك الخصلات المتساقطه بين ملساء وعشوائية أكسبتها مظهراً مميزاً وجمال إغريقى لافت للنظر ، تحسست بأصابعها النحيله قلادتها المعلقه برقبتها تتلمس شكل أجنحه الفراشه بهدوء لتطمئن بوجودها أولاً ...

تلك هى "ياسمين" بفوضويتها وأفكارها العنيدة وجمالها الملفت ، فتاه تشعر بجمالها الفاتن أكسبها ذلك ثقه وعزة نفس أيضاً ، كما كانت على غير تلك الفكرة المعتادة تتمتع مع جمالها بذكاء ملحوظ لتسيطر هى على الأوضاع من حولها وليس العكس ...

خرجت من غرفتها وهى تسند هاتفها بين أذنها وكتفها الأيمن تستقبل تلك المكالمه التى صدح رنينها منذ قليل وهى تقفز على ساق واحدة تلوها الأخرى بالتبادل تستكمل إرتداء حذائها الرياضى قائله ...
_ أيوة يا "زينه" ... خلاص أهو جهزت خلاص ... عشر دقايق وحكون عندك ... سلام ....

أنهت مكالمتها وهى تسحب تلك الحقيبه الملقاه فوق أحد المقاعد والتى قامت بتجهيزها منذ الأمس متخذه خطوات متعجله نحو باب الشقه وهى تناظر والدتها التى تجلس تزم شفتيها بتهكم من تصرفات إبنتها الغير متزنه كالعاده حين قالت ...
_ أنا ماشيه يا ماما ... "زينه" جايه أهى فى الطريق ...

تنهدت والدتها بقله حيله وهى تغمض عيناها بتملل قبل أن تجيب إبنتها تنبه عليها أن تتعقل قليلاً ...
_ خدى بالك من نفسك يا "ياسمين" ... وإعقلى كدة متقلقنيش عليكى ... وكلمينى كل شويه عشان أطمن عليكى ....

ثم نهضت من جلستها قائله بنوع من التذمر الطفيف ...
_ أنا مش فاهمه بس لازمتها إيه الرحله دى ...!!!

حركت "ياسمين" حاجبيها بمزاح لطيف ...
_ متخافيش يا ست الكل ... إعتبريها تدريب شغل ... مش أنا خريجه سياحه وفنادق ... أكيد حتعلم حاجات كتير فى الرحله دى ... دى كفايه إنها رحلة مجانيه ...

_ عموماً برضه خدى بالك من نفسك ... وطمنينى عليكى ...

أرادت "ياسمين" إنهاء تلك الوصايا التى لن تنتهى لترفع كفها ملوحه به وهى تسحب باب الشقه من خلفها ...
_ حاضر حاضر ... سلام يا ماما ...

خرجت "ياسمين" مسرعه لمقابله صديقتها "زينه" التى إتفقت معها بالمرور بها للذهاب سويا لمكان تجمع رحلتهم المنشودة ...

*****

تطلعت للمرة الأخيرة بإنعكاس صورتها بالمرآة وهى تعدل من حجابها الذى يلتف حول معظم وجهها المستدير قبل أن ترتدى نظارتها الطبيه الذى أخفت تماماً حُسن عيناها البنيتان كفنجان قهوة بمساء هادئ ...

لم تُلقى نظرة إعجاب لنفسها بل كانت مجرد نظرة رضا عن نفسها وملبسها حين إرتدت هذا البنطال الواسع من الجينز الازرق يعلوه كنزة رياضيه من اللون الابيض ، لم تكن ملفته للنظر بل عاديه وربما أقل من عاديه بنظر البعض ..

حملت حقيبتها الخاصه بالرحلات فوق ظهرها قبل أن تخرج من غرفتها متجهه نحو الخارج ...

مرت بأخوانها أولاً حيث جلسوا بهذا البهو يتحدثون دون الإهتمام بمرورها كالعادة فهى كالهواء لا يكترث لها أحد بالمرة ...

إستكملت خطواتها للخارج لتمر بوالدتها الجالسه برفقه والدها بالحديقه كل منهم يلتهى بهاتفه غير عابئ بما يدور من حولهما ...

تقدمت نحوهما تلتمس ولو بصيص من الإهتمام الذى لا تناله مطلقاً ، تتمنى لو أن يكترث أى شخص لوجودها أو حتى لغيابها لكنها دوماً مهمله كما لو لم يكن لها وجود من الأساس ....

تصنعت إبتسامه لطالما رسمتها فوق شفاهها الصغيرة وهى تلقى بتحيه الصباح لوالديها ...
_ صباح الخير ...

كان الرد بمنتهى الفتور الذى إعتادت عليه بالطبع ...
_ صباح الخير يا "يارا" ...

تعمدت الوقوف أمامهم لبعض الوقت لربما يتسأل أحدهما لم تجهزت منذ الصباح الباكر ولم تحمل حقيبه الرحلات الكبيرة خلف ظهرها ، لكن لم يكن هذا الإهتمام من نصيبها كالعادة لتهمس بغصه مواريه ضيقتها بداخلها خلف صوتها الحنون ...
_ أنا مسافرة فى رحلة ... مش عاوزين منى حاجه ...؟!!

أرادت ولو بالكذب الحصول على إنتباههم وحرصهم عليها ، ربما إنتظرت سؤالهم حتى عن مكان تلك الرحله وكم من الوقت ستغيب عنهم لكن كان ردهم فاتراً للغايه حين أجابتها والدتها ...
_ ميرسى يا "يارا" ... إبقى بلغى الداده متعملش حسابك فى الغدا ...

أهذا كل ما تكترث له ... حصتها بالطعام ... !!!

نكست "يارا" وجهها بإحباط تام خارجه من بيتهم الكبير متجهه لمكان التجمع لرحلتهم ...

****

وقفت تلك السمراء تلوح بكفها للحصول على نسمه هواء خفيفه لما تشعر به من حرارة بالأجواء بذلك الصباح المشمس من تلك الصيفيه أثناء إنتظارها لصديقتها التى دوماً ما تتأخر عليها ...

أعدلت من وضع نظارتها الشمسيه الجديدة التى إبتاعتها خصيصاً لرحلة اليوم لتظهر بمظهر أنيق وسط أصدقائها وزملائها ...

بخيلاء شديد لاحظت إنعكاس صورتها بزجاج أحد المحال التجاريه لتشعر بحُسنها وقوامها الممشوق فهى أطول صديقاتها كلهن ذات جاذبيه خاصه وشخصيه متفردة ...

لاحظت قدوم "ياسمين" نحوها وسط ملاحقه بعض الأعين لتلك الجميله فهى لا تنكر أنها أجملهم على الإطلاق تستحوذ دوماً على الإنتباه والإهتمام ...

إبتسمت "زينه" نحو صديقتها قائله ...
_ إيه القمر ده على الصبح ... بس لو كنتى تزودى الروج ده شويه ... كنتى حتبقى جنان يا قلبى ...

ضاقت "ياسمين" بين حاجبيها متسائله ...
_ معقول ... أكتر من كدة ...؟!! ده كدة يبقى أوفر أوى ...

عقصت "زينه" أنفها بلا إكتراث معقبه على حديث صديقتها ...
_ ولا أوفر ولا حاجه ... بالعكس حتبقى قمر ... حتى عشان يليق باللبس بتاعك ده ... وتعجبى إللى بالى بالك ...

هزت "ياسمين" رأسها إيجاباً لنصيحه صديقتها فهى من إختارت لها تلك الملابس من الأساس للسفر بها اليوم برحلتهم فهى ترتدى بنطال ضيق للغايه من الجينز السماوى وكنزة قطنيه حمراء ملفته للغايه لتردف بالموافقه ...
_ أوك ... نبقى نظبط الروج ده فى الطريق قبل ما نوصل ...

حملت كل منهما حقيبتها متجهات لموضع التجمع فالموعد أوشك للغايه ...

****

توقفت إحدى الحافلات الكبيرة بالمكان المتفق عليه وقد فُتح باب الحافله فى إنتظار حضور بقيه أفراد الرحله ....

وصلت "يارا" أولاً لتضع حقيبتها الكبيرة بمخزن الحافله ووقفت بإنتظار بقيه أصدقائها اللذين لم يحضروا بعد ...

توافد بعد دقائق قليله بعض الأشخاص المنضمين لتلك الرحلة بينهما ثلاث شباب إقتربوا من "يارا" يلقون تحيه الصباح بصورة آليه للغايه كما لو كانوا مجبرين عليها بحكم اللياقه لا أكثر ...
_ صباح الخير يا "يارا" ...

أجابتهم "يارا" بنفس الآليه فهى تدرك تماماً سبب إنتظارهم بالقرب منها ، ذلك السبب بعيد كل البعد عن التقرب إليها ...
_ صباح الخير ...

تنحنح أحدهم قبل أن يسألها بإهتمام ..
_ هو ...ااا ... مفيش حد جه ولا إيه ...؟؟؟

إبتسمت "يارا" بخفه لإدراكها من يقصد بسؤاله مجيبه إياه بإقتضاب ....
_ لسه زمانهم جايين ...

نظرت نحوه بطرف عينيها ملاحظه هذا الشاب مهندم الطلعه يبدو عليه الهدوء والرزانه ، له شعر بنى وبشرة بيضاء ذو وجه طويل نوعاً ما ، هى تدرك تماماً من هو فهو زميلها بالجامعه أيضاً لكنها تتيقن أنه كل ما يعرفه عنها هو أنها أصبحت رفيقه جديدة لـ"ياسمين" و"زينه" لهذا يعرف إسمها لا أكثر ولا أقل من ذلك ..

أومئ لها "عامر" بآليه مرة أخرى ليقف بالإنتظار برفقه أقرانه مرة أخرى ...

تطلع "هادى" نحو "يارا" ليظهر وجهه الوسيم للغايه كعارضى الأزياء منمق لحد بعيد كانت أعين الفتيات تتبعه أين ما كان ...

أمال "هادى" هامساً بأذن "عامر" يسخر من "يارا" وهيئتها ...
_ أنا مش عارف دى صاحبه "ياسمين" و "زينه" إزاى ... دى حاجه قفل خالص ...

لكزه "عامر" بمرفقه ليصمت حتى لا تسمعه فهى قريبه منهم للغايه ..
_ بس يا "هادى" ... أحسن تسمعنا ... وبعدين هى مالها يعنى ... ما هى حلوة أهى ...!!

رد "هادى" اللكزة لـ"عامر" وهو يردف بغضب من بين أسنانه ...
_ هو أنا قلت حاجه ...!!!

وقف "زيد" بمجابهتهم ليظهر طوله الفارع ومنكبيه العريضين لشاب رياضى قوى أسمر البشرة مملوح الوجه ، بالطبع لا يتمتع بوسامه طاغيه گ "هادى" لكن له سحره الخاص ...

عقد "زيد" ذراعيه أمام صدره وهو يرمقهم بإستياء من حركاتهم الطفوليه الظاهرة للغايه ليهمس بنبرة حادة ينهرهما عن تصرفاتهم الصيبيانيه ...
_ بس إنت وهو ... الله ...

إستدار "هادى" بالإتجاه المقابل فجأه لتضئ عيناه ببريق متلهف قائلاً ...
_ بس بس ... "ياسمين" جت أهى ...

إستدار "زيد" على الفور يتابع إقتراب "ياسمين" و "زينه" نحوهما وقد طار عقله بتلك الفراشه التى تخطو نحوهم بإبتسامتها العريضه التى أظهرت غمازتيها الرائعتان التى سلبته عقله تماماً ...

لكنه تدارك نفسه على الفور منكساً عيناه عنها حين قفز "هادى" بخطواته نحوها مهللاً بقدومها ...
_ إتأخرتى أوى يا "ياسمين" ... يلا تعالى نقعد سوا فى الباص ...

همست "زينه" بأذن صديقتها قبل أن تقترب منهم ...
_ خليكى تقيله ... عشان "هادى" يفضل يلف كدة وراكى وميزهقش منك ...

بعفويتها وشقاوتها أخرجت "ياسمين" لسانها تجاه "هادى" قبل أن تجيبه ...
_ ده بُعدك ... أنا حقعد جنب "زينه" ...

تخطته "ياسمين" لتدنو من "يارا" تسلم عليها أولاً قبل صعودها للحافله وهى تستمع لتذمر "هادى" قائلاً ...
_ هى بقت كدة ... طب يلا يا أخويا قدامى ... ناس لها حظ وناس لها "عامر" ...

ثم دفع بـ"عامر" نحو باب الحافله ليصعد "أولاً وقد رسمت إبتسامه شامته فوق ثغرة تجاه صديقه الذى خذلته جميلته للتو ..

صعد "عامر" يتلوه "هادى" فى حين إسترق "زيد" نظرات مختلسه نحو تلك الفراشه التى سرقت قلبه منذ أول لقاء بينهم لكن مع إعتراف صديقه بحبه لها إكتفى "زيد" بحبس تلك العاطفه التى تعصف بقلبه تجاهها بداخل ضلوعه دون إخبار أحد عما يعتمل بقلبه ...

كانت شقيه .. متمردة ... لكنها لم تكن عديمه الذوق والإحساس على الإطلاق ...

هى تعلم أن الجميع ينفر من "يارا" فهى مثال للفتاة ضعيفه الشخصيه منعدمه التواصل الإجتماعى لا تتمتع بقدر عال من الجمال كما يراها البعض ، لكنها وجدت بداخلها فتاة طيبه للغايه حنونه لأقصى حد فكانت تسعد بصحبتها لتبقى صديقتها الوحيدة بالجامعه ...

وجهت "ياسمين" سؤالها لـ"يارا" تدفعها به للتقدم نحو الحافله ...
_ مش يلا ولا إيه ...؟!!

أومأت "يارا" رأسها بخفه وقد لاحت إبتسامه خفيفه على محياها فهى بالفعل تحب تلك الفتاه لتتحرك نحو الحافله صاعده للأعلى لتتخذ أحد المقاعد بإنتظار التحرك ...

زمت "زينه" شفاهها بإشمئزاز من وجود "يارا" معهم بالرحله لتهمس بأذن "ياسمين" ...
_ أنا مش عارفه بس هى طالعه معانا ليه ... الواحد ما صدق خلصنا الكليه عشان مشوفش وشها ...

إتسعت عينا "ياسمين" بإندهاش لتجيبها مدافعه عن تلك الضعيفه ...
_ حرام عليكى يا "زينه" دى غلبانه خالص ...

_ والله ما موديكى فى داهيه إلا طيبه قلبك دى ... يلا تعالى نركب الباص ...

تقدمت "ياسمين" بخطواتها الرشيقه لتصعد نحو الحافله لتسرق أنظار الجالسين جميعاً فمنهم المعجب ومنهم الحاقد ومنهم المشمئز من ملابسها الضيقه وألوانها الصارخه ...

جلست بمقعدها لتجاورها "زينه" إلى جانبها ، لينتهى صعود الجميع الحافله بصعود "زيد" مغلقاً الباب من خلفه كما طلب منه مشرف الرحلة ...

مر "زيد" بخطواته ناظراً نحو فراشته ثم تقدم نحو المقعد الوحيد الشاغر بالحافله ، إلى جوار "يارا" ....


•تابع الفصل التالي "رواية آخر نفس" اضغط على اسم الرواية
تعليقات