رواية الجلاد لقلبي رغم حبي الفصل الاول 1 - بقلم دينا النجاشي

  رواية الجلاد لقلبي رغم حبي كاملة بقلم دينا النجاشي عبر مدونة دليل الروايات

رواية الجلاد لقلبي رغم حبي الفصل الاول 1

بقلم دينا النجاشي 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡♡
" "يجب أن أمنع نفسي من الأشواك التي تؤلم قلبي..."
كتب تلك الكلمات بقلمه، ثم أغلق دفتره وهو يتنهد بحرارة، تائهاً في ذكرياته التي صيّرته هكذا... بارداً، خالياً من المشاعر.
حياته تدور في فلكٍ واحد: العمل.
يجلس مع والدته لبضع دقائق، ثم ينسحب إلى غرفته، يغلق بابها، ويختبئ خلفه… ليستحضر شريط ماضٍ موجع، يُغذي قسوته، ويغلف قلبه بطبقات من الجليد.
عينيه، صارتا كظلامٍ لا يُبصر… تحكيان عن كراهيةٍ لم تبرأ، وألمٍ لم يُدفن بعد.
وبعد تفكير طويل… أغلق عينيه، محاولاً اقتناص نومٍ عابر، ليبدأ يوماً جديداً يشبه ما سبقه.
وفي مكانٍ آخر، داخل منزلٍ متواضع يملؤه الدفء…
كانت تصلي. تسجد. تبكي. وتدعو الله بخشوعٍ نقيّ.
وبعد أن انتهت، قامت بهدوء، وخرجت إلى الشرفة تنظر إلى الورد، ثم إلى القمر، وتلك النجوم التي تُضيء السماء كأنها رسائل طمأنينة.
ابتسمت، ووهبت وجهها لنسمات الليل الباردة، أغمضت عينيها واستقبلتها وكأنها حضن من السماء.
ثم دخلت، وأمسكت قلمها، وبدأت تكتب أول ما جال في خاطرها:
"لقد خُلق الإنسان في كبد...
ونحن -المسلمون- نعلم أن الدنيا دار بلاء،
وعندما تصيبنا المصائب، نشعر بالسوء لأننا لا نُدرك الحكمة،
لكن مَن أحسن الظن بالله، حمده، وتذكّر قول النبي:
'كل بلاءٍ خيرٌ للمؤمن'، فشعر بالرضا،
وشكر الله على نِعَمٍ كثيرة أغدقها عليه،
أسعده الله، وأدخل السكينة إلى قلبه..."
توقف القلم…
أغلقت الدفتر، وعلى شفتيها شبه ابتسامة، ولدت من رحم ذكرى مؤلمة…
لكنها لم تنسَ الحمد.
نامت، وقلبها خاشع، راضٍ، مطمئن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي صباح يوم جديد، استيقظ آدم من نومه، توجه إلى الحمام ليغتسل، ثم وقف يصلي بخشوع.
بعد أن أنهى صلاته، ارتدى حلّته السوداء كعادته، إذ كان يميل إلى اللون الأسود في معظم ملابسه.
خرج من غرفته بخطوات هادئة، وتوجه نحو غرفة والدته.
طرق الباب وانتظر للحظات، ثم فتحه بهدوء قائلاً بصوته الجاد:
— عندي شغل يا ماما، محتاجة مني حاجة؟
أجابته والدته بحنان دافئ:
— لا يا حبيبي، ربنا يعينك ويحفظك.
أومأ آدم برأسه وقال بجدية:
— لو احتجتي أي حاجة، قولي للخدم.. ومتتعبيش نفسك في أي شيء.
— ماشي يا حبيبي.
غادر آدم الغرفة بعدما اطمأن على والدته، وفي طريقه إلى الخارج، توقف ليعطي الخدم بعض التوجيهات.
________________
في منزل سماء، استيقظت بهدوء من نومها، وبدأت يومها بذكر الله. وبعد أن اغتسلت، وقفت تصلي بخشوع، وأطالت السجود بالدعاء، تناجي ربها أن يرزقها ووالدها رزقًا طيبًا مباركًا.
انتهت من صلاتها، واتجهت لتحضير الإفطار، ثم ذهبت نحو غرفة والدها. طرقت الباب بلطف، وحين لم تسمع ردًا، دخلت بهدوء واقتربت منه وقبّلته بحنان.
— بابا، قوم يا حبيبي... هتتأخر على شغلك.
تململ والدها في مكانه، وقال بصوتٍ ناعس:
— خلاص، أنا صاحي يا حبيبتي... هقوم أصلي وأجيلك.
أومأت سماء برأسها وخرجت لتجهّز السفرة، وما إن انتهت، حتى خرج والدها وجلس أمامها وقال بحب:
— تسلم إيدِك يا حبيبتي.
— تسلملّي يا غالي.
ابتسم والدها وقال وهو يتناول لقمة:
— الست حسناء كلمتني امبارح، وسألت عنك، وقالت إنها حابة تيجي تشوفك وتطمن عليكِ.
ابتسمت سماء بحب:
— خلاص، أنا هكلمها وأقولها تيجي... ونتغدى سوا النهاردة.
— لا، خدو راحتكم. أنا هتأخر النهاردة في الشغل.
— طيب، المهم تبقى تكلمني وتطمنّي عليك.
ابتسم الأب بمحبة، ثم وقف ليستعد للرحيل، وقال وهو يربت على كتفها بحنان:
— لو احتجتي حاجة كلميني، يا نور عيني.
— حاضرة، يا حبيبي.
غادر والدها، فأمسكت سماء هاتفها واتصلت بصديقة والدتها، تلك المرأة التي احتضنتها بعد وفاة أمها، وكانت بمثابة أمها الثانية. قطع أفكارها صوت دافئ من الطرف الآخر:
— صباح الخير يا حبيبتي.
— صباح الخير يا ماما.
حسناء بحب— كده يا سماء؟ تفضلي يومين من غير ما تكلميني؟
سماء بابتسامه — حقك عليا يا قمر... غصب عني، الأيام اللي فاتت كنت مشغولة في الامتحانات، ما انتي عارفة إنها آخر سنة.
حسناء بتفهم— عارفة يا حبيبتي، المهم طمنيني... عملتي إيه؟
سماء بهدوء — الحمد لله، آخر يوم امتحانات كان امبارح.
حسناء بحب— الحمد لله. إن شاء الله النهاردة هعدي عليك، وبعدها نروح النادي شوية نغير جو... وفي موضوع حابة أتكلم معاكِ فيه.
سماء  بحماس— طيب، إيه رأيك نتغدى سوا؟ بما إن بابا هيتأخر، وانتي عارفة إني مش بحب آكل لوحدي... وهعملك أكلة "إنما إيه"! لووووز!
ضحكت حسناء وقالت:
— معلش يا قلبي، آدم جاي يتغدى معايا النهاردة، ولسه ما قلتلوش إني خارجة، فخليها يوم تاني.
— يعني هاكل لوحدي يا ماما؟ يرضيكي كده؟
حسناء بابتسامه — لا طبعًا، ما يرضينيش... أوعدك نتغدى مع بعض قريب، بس مش النهاردة.
— خلاص يا حبيبتي، هستناكي على أي حال... وحشتيني أوي.
— وانتِ كمان، يا روحي.
أغلقت سماء الهاتف وهي تبتسم، لكنها سرعان ما شردت بتفكيرها، وتذكرت آدم...
تذكرت ملامحه الصارمة، وتعامله الحنون في صغرها، لكنها لم تعد تعرفه الآن.
فبعد وفاة والده، انتقل هو ووالدته إلى منزل العائلة، ثم عاد لاحقًا... لكن آدم لم يعد كما كان.
تنهدت، ثم نهضت لترتيب المنزل، وهي تستمع لإذاعة القرآن الكريم وتقرأ مع صوت الشيخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد فتره وتحديدا
في منزل آدم، كان يجلس مع والدته على مائدة الغداء. نظرت إليه حسناء بمحبة وقالت:
— آدم...
نظر إليها بجديته المعتادة:
— نعم؟
— أنا النهاردة هروح أشوف سماء، وأطمن عليها... وحشتني.
— ماشي يا حبيبتي، خدي السواق معاكي، ولو احتجتي حاجة كلميني.
— إن شاء الله، يا حبيبي.
نهض آدم من مكانه وهو يتناول آخر لقمة، وقال بجديّة:
— لازم أمشي دلوقتي، عندي شغل كتير... وإن شاء الله هحاول ما أتأخرش.
— في رعاية الله يا ابني.
غادر آدم، وقامت حسناء بالاتصال بسماء...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند سماء، كانت جالسة في غرفتها، تغوص بين صفحات روايتها المفضلة "عالم راكان"، وكلما تعمقت في السرد، كانت ملامح وجهها تتغير، وكأنها تعيش مع الشخصيات لحظةً بلحظة.
لكن صوت رنين هاتفها قطع عليها تلك الرحلة، فنظرت إليه ثم أجابت بابتسامة:
— مساء الخير يا قمري.
جاءها صوت حسناء محبًّا ودافئًا:
— مساء النور يا قلبي... يلا، اجهزي، هعدّي عليك نخرج شوية.
— عيوني يا جميل، مستنياكي.
— ماشي يا حبيبتي... مع السلامة.
_أغلقت والدة آدم  وذهبت لتجهز، وبعدها أخذت السائق وغادرت
أما سماء فذهبت للاستعداد بعد أن اغلقت مع والدة آدم
ومع مرور الوقت انتهت سماء، فسمعت صوت إنذار السيارة في الخارج، فذهبت فرحة، لتستقبلها حسناء بالحب.....
حضنتها سماء بابتسامة.وحشتيني اوي ياماما
حسناء بحنان...وأنت أكثر يا قلب أمك. مقدرتش اجيلك الأيام اللي فاتت لأني عارفه انك مشغوله في امتحاناتك ومذكرتك
سماء بابتسامة.. المهم انك جيتي 
حسناء بحنان.. طيب يلاه لان اليوم النهارده بتاعك 
_ضحكت سماء، وصعدت السيارة، وظلا يتحدثان طوال الطريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_وفي مكان آخر وتحديداً في شركة آدم، كان جالساً في مكتبه يزاول عمله، عندما سمع صوت طرقات على باب المكتب.
آدم بجمود ... ادخل
_دخل شاب بعمر آدم وبجديه...آذيك يا آدم
رفع آدم عينيه إلى الشخص الذي يقف أمامه واردف بسخرية: أهلا يبن عمي خير
....جلس عمران على الكرسي المقابل، ووضع إحدى قدميه فوق الأخرى، ومدّ يدًا تحمل ملفًا:
— جبتلك كل حسابات المحاصيل.
تلقى آدم الملف ببرود:
— وإيه اللي خلاك تجيبهم؟ مش دي مش شغلتك على ما أظن؟
عمران بهدوء... جاي عشان موضوع... يخصك.
رمقه آدم بجفاء:
— من إمتى وبينا مواضيع؟
تنهد عمران بعمق وقال بجدية:
— الموضوع ده مهم... وبعده مش هتشوف وشي تاني.
آدم بسخرية... سمعني
_ أغمض عمران عينيه يحاول جاهداً أن يتحمل سخرية آدم، وبجديه... لازم تيجي البلد تشوف إيه اللي بيحصل في أرضك، لأن في لعبة كبيرة في الحسابات، ولو أخدت بالك الأرض بتجبلك نفس السعر من اكتر من كام سنه ودلوقتي الاسعار بقت في الطالع جدا غير المصنع والناس اللي بيتورد ليها
نظر إليه آدم باستغراب:
— تقصد إيه؟
عمران بهدوء... أنا متأكد أنك مش بتبص في الحسابات اللي بتيجي من البلد ودا  لانك مشغول بسبب الشركه عشان كده كان لازم اجي اوقولك.. 
آدم ساخرًا.. واشمعنا المرا دي اللي جيت عشان تنصحني ومجتش قبلها ليه طالما الموضوع من فتره زي ما بتقول... واردف ببرود ولا دي لعبه من العابك.. 
عمران بغضب حاول السيطرة عليه.... اللي خلاني اجيلك هنا مش الحسابات وزي ما قلت الموضوع بقاله فتره بس اضطريت اجيلك لسبب  اكبر هيأثر في سمعتنا قبل سمعتك وانت عارفني بخاف علي شغلي ازاي 
سكت آدم محاولا أن يفهم ما يقصده، وواصل عمران حديثه بحدة.... من فتره اخدت بالي ان المصنع بتاعك فيه لبش واضح وطبعا عشان حضرتك مش مهتم بأي مصلحه ليك في البلد كله ماشي بدماغه فضطريت اتدخل من بعيد وافهم بيحصل اي وعرفت ان للاسف عمك مشغل المصنع لحسابه في  تجارة الممنوعات ومع ناس كبيره اوي في الموضوع ده وطبعا البضاعه مبيتشككش فيها لان اسمك معروف في السوق وبكده من السهل البضاعه تطلع وتتباع بره 
آدم بصدمه ... انت بتقول اي؟
عمران بتنهيده.. بقولك اللي عرفته ولازم تتحرك في اسرع وقت لان محدش هيتإزي في الموضوع ده غيرك ومش هيعدي علي خير وللاسف الكميات كبيره جدا في المصنع. 
سكت آدم، وعيناه تتسعان تدريجيًا، قبل أن ينفجر بغضب:
انت بتقول إيه؟ ورحمة أبويا، لو طلع كلامك صح، لأكون قا*تل عمّك بإيدي!
عامر بتفهم...  المهم شوف المصيبه دي وحلها وبعدين و*لع فيه...  ", "ضغط آدم بغل على يده ونظر إلى عمران وهو يحاول تفسير ما بداخله، ورغم محاولاته لكنه لم يفهم ما يدور في عقل عمران
_لاحظ عمران نظرات آدم الغاضبة وفهم ما يدور في ذهنه، فوقف مكانه وبجمود: "مضطر أمشي سلام". خطا بعض الخطواط للخارج لكنه وقف عندما استمع إلى نبرة آدم القاسية.... — عاوز أفهم... ليه بتساعدني؟ ليه دايمًا واخد بالك مني أكتر من نفسك؟
وبغضب: لتكون فاكر إن اللي بتعمله ده هيخليني أنسى اللي حصل زمان؟ أو أسامحك؟
_ابتسم عمران وهو لا يزال يدير له ظهره... مش ​​مهم انا بعمل كده ليه وأضاف ببرود... وزي ما قلتلك الموضوع زي ما هيإذيك هيإزي سمعتنا وشغلنا لانك مهما انكرت لقبك الشيمي... رحل عامر، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا وغضبًا يحترق في عيني آدم، الذي نهض بعنف من كرسيه، دافعًا إياه بقوة حتى اصطدم بالجدار. عيناه تلمعان بالشر، وتمتم بصوتٍ حاد:
أنا هوريكم... اللعب معايا آخره إيه
ثم أمسك هاتفه، واتصل بأحد رجاله، ليأتيه الرد
_معاك ي آدم 
في مكتب آدم، أمسك بهاتفه بجدية، وطلب رقماً محدداً. وما إن أجاب الطرف الآخر، قال بنبرة صارمة:
— اسمع يا صهيب، عاوزك تروح المصنع اللي في البلد، وتعرفلي كل حاجة بتحصل هناك.
بس أهم حاجة... محدش يعرفك، ولا يعرف إنك تبعي. الموضوع لازم يفضل سري تمامًا.
جاءه صوت صهيب بوضوح:
— تمام يا آدم،  النهاردة هكون هناك، وهقولك أول بأول. وبكره كل التفاصيل هتكون عندك.
— تمام، مستني مكالمتك.
أغلق آدم الخط، وألقى الهاتف على المكتب وهو شارد، الأفكار تتدافع في رأسه، والشك يزداد.
---
وفي مكان آخر، داخل أحد الكافيهات الهادئة، كانت سماء تجلس بجوار حسناء. وبينهما دفء الأم وابنتها، وهدوء اللحظة.
قالت سماء بهدوء وهي تنظر في عيني حسناء:
— قوليلي يا ماما... إيه الموضوع اللي كنتِ عايزاني فيه؟
أمسكت حسناء بيدها، وردّت بنبرة دافئة:
— اسمعي يا سماء... إنتِ عارفة قد إيه أنا بحبك، وبعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش.
وعشان كده... بتمنى تفضلي جنبي طول عمري، وتفضلي قدام عيني دايمًا.
ابتسمت سماء بمحبة، وقالت وهي تشد على يدها:
— وأنا كمان دايمًا جنبك، يا حبيبتي.
نظرت حسناء لها بحنان، ثم قالت بصوت أخفض قليلاً، لكنه يحمل جدية غير معتادة:
— عشان كده... أنا عايزاكي تكوني زوجة لآدم.
تسمرت سماء في مكانها، واتسعت عيناها بدهشة:
— آدم؟!
ابتسمت حسناء، ومسحت بإبهامها على يد سماء بحنو:
— أيوه يا حبيبتي... إنتِ عايشة وسطنا، وعارفة طباعنا، وفاهمة طبع آدم.
مفيش حاجة تخوفك... وبيني وبينك، مفيش بنت أنسب ليه منك.
ظلت سماء صامتة، الكلمات عاجزة عن الخروج من شفتيها، وكأن عقلها لا يستوعب بعد ما قيل.
رأت حسناء حيرتها، فواصلت:
— بصي يا قلبي، أنا أمك، وفاهمة إن ده قرار مش سهل، وعارفة إنك مفيش حد في حياتك.
بس كمان... أنا مش هضغط عليكي، كل حاجة هتمشي براحتك.
أنا و آدم هنيجي نطلب إيدك رسمي، وإنتِ خدي وقتك، اتعرفي عليه... ولو رفضتي، أنا هكون معاكي، مهما كان ردك.
أومأت سماء برأسها ببطء، ما زالت غارقة في التفكير...فالجميع يعرف طبيعته وجديته فآدم كان دومًا شخصًا غامضًا، صارمًا، باردًا في تعامله. 
قاطع شرودها صوت حسناء تقول بلطف:
— متفكريش في أي حاجة دلوقتي... وسيبي كل حاجة لوقتها.
ابتسمت سماء ابتسامة خفيفة، وغيّرا بعدها مجرى الحديث إلى أمور أخرى.
ومع مرور الوقت، نهضا وغادرا المكان معًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
✨ في صباح اليوم التالي...
استيقظ آدم على صوت هاتفه يرن. تناول الهاتف بتثاقل ونظر إلى الاسم... صهيب.
— وصلت لحاجة؟
قالها آدم وهو ينهض بنبرة جدية.
— للأسف يا آدم، الموضوع كبير... وبيخرج عن السيطرة. لازم نتحرك بسرعة.
— طب يا صهيب، هبعتلك الرجالة، وانت خليك جاهز، ونفّذ كل حاجة زي ما أقولك. أهم حاجة السرية.
— تم، بس قولي... هنعمل إيه في عمك؟
ساد صمتٌ قصير، قبل أن يأتي رد آدم بصوت مملوء بالغضب المكبوت:
— لا... سيبه عليّا.
— تمام يا كبير... سلام.
أغلق آدم الهاتف، وظل يحدّق في الفراغ، الشر يتسلل إلى ملامحه، وقلبه يغلي بأسئلة لا تنتهي…
لماذا يساعدني عامر؟ لماذا الآن؟ هل تغير فعلًا؟ أم أن هناك شيئًا آخر؟
هو لم ولن ينسَ ما فعله عامر به في الماضي... ولن يسامحه، مهما حدث.
تنهد آدم بعمق، كمن يُغرق نفسه في أفكاره ثم نهض ودخل للاستحمام.
---
في منزل سماء...
استيقظت على غير عادتها، وجلست على حافة السرير، شاردة الذهن، تحدّق في نبتة صغيرة بجوار النافذة.
قطع شرودها صوت الهاتف. نظرت إلى الاسم، وابتسمت.
— مودة! وحشتيني أوي.
— وإنتي كمان يا قمري. عاملة إيه؟ أخبار الإجازة؟
— لسّه ملحقتش أستوعب! بس حلوة… الواحد يقوم كده من غير جامعة ولا مذاكرة!
— أه والله! خلاص... خلصنا من الهم.
— وهنبدأ في الهم الأكبر.
—  مودة باستغراب: إنتي ناوية تكمّلي؟
— لا يا شيخة! أنا مصدقت. أقصد يعني… دلوقتي خلاص مفيش حُجج، وهنبدأ جو الخطوبة والجواز والراجل والعيال!
— سديتي نفسي! أنا كنت داخلة أسلي وقتي!
ضحكت سماء وقالت بمودة:
— طب قوليلي، صحيتي بدري ليه؟
— ما نمتش أصلاً.
— خير؟! حصل حاجة؟
— ابن عمي… اللي حكيتلك عليه قبل كده… اتقدّم تاني. وأنا مش عارفة أرفض ولا أقبل. خايفة أزعّل عمي.
تنهّدت سماء، وقالت بتفهّم:
— يا حبيبتي، الجواز مش لعبة. ده حياة وبيت ومسؤولية. مش قرار يتاخد عشان الناس.
— طيب أعمل إيه؟ ساعديني.
قالت سماء بتفكير جاد:
— اسمعي… أنا هقولك تعملي إيه بالحرف، وساعتها هتكبري في عيون عمك وهتفهميه من غير ما تجرحي حد.
— كلّي آذان صاغية!
ابتسمت سماء وقالت بثقة:
— اسمعي يا ستي...
---
في منزل آدم...
كان قد انتهى من ارتداء ملابسه، ونزل إلى الطابق السفلي حيث كانت والدته تنتظره. اقترب منها، وقبّل رأسها بلطف:
— صباح الخير يا حبيبتي.
— صباح النور يا قلبي… نِمت كويس؟
— أه.
جلس ليتناول فطوره بصمت، قبل أن تقطع حسناء الصمت بصوت هادئ:
— أحم… آدم، كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع.
— اتفضلي.
قالت بثبات:
— أنا ناوية أكلم والد سماء ونطلب إيدها.
توقف آدم عن المضغ، ثم رفع عينيه إليها، وقال بحدة:
— يعني إيه؟!
— يعني نروح أنا وانت، ونتقدملها.
صمت لثوانٍ، ثم قال بصوتٍ منخفض لكن نبرته كانت باردة كالجليد:
— ماما… إنتي عارفة ردي على الموضوع ده. وياريت تقفليه.
— آدم، أنا خدت قراري.
رمقها آدم بنظرة جليدية، وقال بجمود مخيف:
— وأنا... محدّش بيجبرني على حاجة يا "أم آدم".


تعليقات