Ads by Google X

رواية لعاشر جار الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سلمى رأفت

الصفحة الرئيسية

  

 رواية لعاشر جار الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سلمى رأفت

19-ولدٌ رسام وابنة الجيران
          
                
تعجب"محسن" بشدة؛ فَقد كان يظن إنها تتشاجر مع والدتها _كعادتهما_ وانفعلت عليها بهذا الشكل المبالغ فيه_من وجه نظره_ لذلك قام هو بصفعها دون أن يستمع لصُلب الحوار لكنه أخفى تعجبه وصرح بقوله بهدوءٍ :



_موضوع إيه ده؟؟



قصت عليه هي كُل شيء بينما مازالت "چويرية" تبكي في أحضان والدتها والأخرى تربت عليها بحنو أمومي وحين انتهت "فريدة" استمع هو لرد زوجته التي صرحت بقولها بنبرةٍ هجومية مدافعةً عن ابنتها الصُغرى :



_مفيش الكلام ده!! أنا عارفة أنا مربية ولادي إزاي!



حاول "محسن" تمالك أعصابه التي تُلفت لتوها لكنه وجد "آدم" يتفوه بصرامةٍ وهو يتقدم من والدته وشقيقته قائلًا بنبرةٍ لا تحتمل النِقاش :



_هاتي موبايلك.



دب الرعُب في أوصالها لكنها لم تقوى على المُعارضة وأعطته هاتفها بعدما فتحت له رمز الآمان السري وأخذ يعبث به حتى وجد ما يُدينها وإثبات إنها كاذبةٌ بحق وأعطى لوالده هذه المحادثات التي كانت بينها وبين "حسام"، قرأها هو بتريث وعندما الانتهاء ألقى هاتفها في الحائط الذي تدمر كُليًا وتناثر زجاجه على الأرض بينما اقترب منهما بقوةٍ وأخذ يسحبها قائلًا :




        
          
                
_بقى بتستغفلينا؟؟ من انهاردة مفيش نزول في حتة ولا حتى لدروس ومفيش موبايلات تاني!، علشان تبقى تتعلمي تستغفلينا عدل!



سحبها بقوةٍ حتى وصل إلى غرفتها وألقاها بها بقوةٍ وأغلق الباب وتحرك من عند غرفتها بهدوءٍ حتى وصل أمام غرفة "لميس"، شعر بالذنب يحتاجه وينتشر داخله بسرعةٍ تضاهي سرعة الضوء في الهواء، لكنه لم يتحنى بكبريائه جانبًا فلم يستطع الدخول لها والاعتذار بندمٍ عما بدر منه، فدونها عند بقية أولاده الذي لا يتودد إليها ولا يعاملها بلطفٍ.



ظل الجو مشحونًا لفترةٍ ودبت مشاجرة بين "أصالة" و "محسن" عنيفة _عمَّ اقترفه في حق "چويرية"_ ولكن لم يتراجع هو عمَّ قاله.



__________________________________________________



_أنتم واقفين كده ليه منك ليه؟؟ 



كان هذا الصوت الغليظ الجهوري الذي أفزعهم جميعًا وتفوه "ليث" ببرودٍ عندما هدأ قائلًا :



_عادي يعني، بنشوف هنلعب إيه.



سارع "مهند" بالتحدث قائلًا لهذا الشخص الضخم الذي يقف أمامه :



_ألا بقولك يلا يا كابتن، هو ليه واقفين كدة طوابير على الأجهزة؟؟



تركهم ورحل بعدما رمقهم باستخفاف من بنيتهم الجسدية بينما ظلوا واقفين بترددٍ حتى توجه "تميم" لأحد الشباب الواقفين في هذه الصفوف المنظمة قائلًا له :




        
          
                
_هو أنتم واقفين طابور كده ليه؟؟



رد عليه هذا الشاب قائلًا بعدم اكتراث :



_مستنين دورنا هنكون واقفين ليه يعني؟؟



طالعه هو بازدراء واستنتج أن بقية هذه الأجهزة مُعطلة واتجه له شقيقه يقف في هذا الصف بينما انتشر جميعهم في هذه الصالة الرياضية، ظل "تيام" واقفًا حتى جاء دوره وأخذ يركض على هذا الجهاز فاردًا صدره كأنه أحد النجوم السينمائية وهناك من يلتقط له صورًا عدة، قطع ركضه أحد الواقفين بجانب الجهاز الرياضي ويمسك في يديه مؤقت مردفًا بصوتٍ غليظ :



_وقتك خلص يا مرجلة يلا علشان اللي بعديك يجروا.



توقف هو عن الركض وتحدث باستنكار قائلًا بغضبٍ يبدو مضحكًا :



_وده إيه ده أن شاء الله؟؟ طب أنا عايز أكمل هو إيه ده ماليش فيه!!



نظر له هذا الرجل بحنقٍ وتلفظ قائلًا :



_كل واحد ليه ربع ساعة في اليوم، متبقاش أناني!!



ارتفع صوت "تيام" قليلًا لكنه بدى عاليًا وأردف قائلًا بحنقٍ :



_هو إيه اللي كل واحد ليه ربع ساعة في اليوم؟؟ هو أنا مأجر عجل؟؟ ده حتى وقت تأجير العجل بيبقى أكتر من كده!!




        
          
                
صدرت زمجرة من الواقفين بحنقٍ من تصرفه الأرعن الذي يعطل لهم دورهم فتحنى جانبًا بتذمر مشبكًا ذراعيه وانتفخت أوداجه حتى لمح "مهند" و "مراد" واقفين أمام مرآة عريضة وكان الأول ممسكًا بوزنٍ قدره اثنين كيلو والآخر ممسكًا بهاتفه يلتقط لهما صورًا تبدو في الغالب مضحكة بسبب حركاتهما العبثية، مرر نظره على البقية حتى وجد "ليث" و "غيث" يتشاجران على سببٍ تافهٍ كالعادة، حتى وجد أخاه يفعل بعض التمارين الرياضة التي تسمى "السكوات" بهدوءٍ، لمح جهازًا كان يشاهده في إحدى مقاطع الڤيديوهات فابتسم بخبثٍ واتجه نحوه، كان تصميم هذا الجهاز يُشبه الذي في ڤيديو كليب الفنانة "روبي" وأخذ يتمرن عليه بسعادةٍ بالغة طوال اليوم.



__________________________________________________



في صيدلية "عين جالوت" :



كان "مروان" جالسًا بمللٍ وبجانبه "حازم" و "حمزة" وقد تلفظ "مروان" قائلًا بحنقٍ :



_يابني أنت وهو معندكمش مذاكرة تذاكروها؟؟ جايين الصيدلية تهببوا إيه؟؟



قلب "حازم" عينيه باستياء فَرد "حمزة" بضجرٍ :



_هو أنت كُل ما نيجي تسأل نفس السؤال؟؟ يا عم بنذاكر بس جايين نفك جو هنا شوية.



ضحك بسخرية هو وأردف قائلًا :



_تفكوا جو إيه؟؟ هو حد قالكم أن في بسين هنا؟؟




        
          
                
قطع حديثهما دخول سيدةٍ وهي تتفوه قائلةً :



_ازيك يا دكتور "مروان" عامل إيه؟؟ جبت الدوا اللي عليه صورة عفريت بعين واحدة؟؟



حاول "مروان" كتم ضحكاته وأومأ بهدوءٍ وأعطاها ما طلبت وعندما خرجت انفجروا جميعًا بالضحك على تشبيهها المضحك بينما توقف "حازم" عن الضحك قائلًا بمرحٍ :



_كويس انهاردة مش زحمة بس أنت برضو بتقف لوحدك إزاي؟؟ مش كان في دكتورة جت تشتغل هنا؟؟



عاد "مروان" يضحك من جديد وتلفظ قائلًا :



_كل ما واحدة تيجي الصيدلية هنا تشتغل مفيش أسبوع ويجيلها عريس وتسيب الشغل، بس كده، على قد ما الشُغلانة متعبة بس في حبة زبابين بيموتوني من الضحك بحس نصهم جاي من إمبابة!



مرت دقيقتان حتى دلف رجلٌ وهو يستفسر قائلًا :



_لو سمحت يا دكترة كنت عايز المرهم اللي غطاه أخضر علشان مش فاكر اسمه.



توقف عقل "حمزة" و "حازم" كما توقف صفحة موقع ويب عن التحميل وتلفظ "مروان" باستنكار قائلًا :



_أيوة يعني أنا هخمن ولا دي لعبة عروستي ولا إيه؟؟



أخرج هذا الرجل كيسًا بلاستيكيًا ووضعه أمامه قائلًا :




        
          
                
_بص كنت واخده في الكيس ده.



أغلق هو عيناه بتروٍ بينما مازال كلٌ منهما عقله متوقفًا وحاول "مروان" التفكير حتى أضاف قائلًا :



_مرهم كيناكومب بتاع التسلخات؟؟



تهللت أسارير الرجل في سعادةٍ قائلًا :



_أيوة هو ده عليك نور، هاته بقى.



حمد الله بداخله بينما ظل "حمزة" يحاول الاستعياب بينما استنكر "حازم" من معرفة شقيقه لهذا الدهان من وسط كل هذه الأدوية.



_________________________________________________



كان "عبدالله" ممسكًا بفرشاة الرسم وكان مَصَبُّ تركيزِه هذه اللوحة التي أمامه ويرسم بحرافية شديدة ويدمج أحد الألوان المائية باستمتاع فهذه الموهبة فطرية لديه منذ زمنٍ ويحبها حبًا جمًا، جاء إليه صوت غناء محبوبته التي داعبت كلماتها قلبه، استمع لِلحن الغناء من صوتها العذب وهي تمسك بإحدى الآلات تعزف عليها قائلةً :



_كان في زمان ولد رسام، مسكين وكمان غلبان، كان عنده أحلى بنت جيران..
كانت واصلة وغنية بتغير منها، فاطمة و نادية ومارية كمان..
هي كانت حلوة ويتألف عليها، 100 غنوة و 1000 ديوان..
هيعمل العاشق الغلبان؟؟ هيقولها ولا هيطلع جبان؟؟



ابتسم هو بعذوبة وتوجه نحو الحائط الفاصل بينهما قائلًا بمرحٍ طفيف :




        
          
                
_بتلمحي لإيه يا "حنين"؟؟



نظرت له هي بابتسامة صافية وتفوهت قائلةً بمكرٍ :



_مش بلمح لحاجة يا "عبدالله"، اللي على راسه بطحة بقى!



نظر لها هو بحاجبٍ مرفوعٍ بمكرٍ حتى تركت هي هذه الآلة متوجهةً نحو الحائط الفاصل بينهما حتى كان لا يفصل بينهما سوى الحائط وتلفظت بهدوءٍ وتعالت دقات فؤادها بحبٍ قائلةً بابتسامة :



_بابا مستنيك بليل، متنساش بقى.



وهرولت للداخل بينما ظل هو واقفٌ ينظر في أثرها بصدمةٍ حتى تعالت ابتسامته وتوجه للداخل قائلًا بفرحةٍ عارمة :



_يا حج "عادل"!! ابنك هيتجوز خلاص!! هتجوز "حنين" يا بابا، "حنين" اللي فضلت شايفاها بتكبر قدامي وبنكبر مع بعض كل شوية، "هتجوز "حنين" يا بابا!!



ابتسم له "عادل" بفرحةٍ وقام باحتضانه قائلًا :



_ألف مبروك يا حبيب أبوك، ربنا يتمملك بخير يارب، هنروحلهم أمتى؟؟



كان مازال هو لا يتخلى عن فرحته وضحكاته المستمرة بقوةٍ وحب بينما أردف قائلًا هو يتجه نحو باب الشقة :



_هنروحلهم بليل، هروح انزل أجيب شوية حاجات وأجهز نفسي، سلام يا حج.




        
          
                
أغلق باب الشقة خلفه بينما ظل "عادل" يضحك وهو يضرب كفيه ببعضهما قائلًا :



_الواد اتسطل! لا إله إلا الله! صحيح، الحب بيخلي رجالة بشنبات ولا عيال كإنهم عيال في إعدادي!



_______________________________________________



كان "عزت" واقفًا ينظر إلى هذا اللوح الذي أمامه بتركيزٍ وهو يردف قائلًا بغضبٍ مضيقًا عينيه بشكٍ :



_إيه النصب ده بقى!! أنا المفروض دوري في الغسيل يوم الجمعة! منين بقى مدام "أمينة" هي اللي بقت الجمعة؟؟



كان "نوح" ينظر نحو سقف المدخل بعدم اكتراث_مصطنع_ واضعًا يديه في جيب بنطاله وتفوه بصدمةٍ وتمثيلٍ مصطنع وهو يضع يديه على وجهه عندما انتهى "عزت" من كلماته المشككة قائلًا :



_مش معقول!! شوفت بقى إنك ظالمنا؟؟ ده دورنا وأنت اللي بتنتهك حقوق النشر والغسيل يا عمو!!



نظر له "عزت" بشكٍ ثم تركه وتوجه نحو المصعد بضجرٍ وقبل أن يغلق باب المصعد تلفظ قائلًا بضجرٍ :



_وآه انهاردة هشغل أغاني ابقى قولهم بقى علشان زهقت من الحوار ده، لو عايز تيجي تنضم للديسكو بتاعنا تعالى مش هنقولك لأ.



أغلق هو باب المصعد بينما ظل "نوح" واقفًا يضحك بمكرٍ بعدما قام بتغيير الأسماء التي في هذا الجدول الأسبوعي المخصص لغسيل ونشر الملابس، الذي تم فرضه على البنايةِ بأكملها بعدما زادت الشكوى في الفترة الأخيرة بعدم النظام، قطع سبل أفكاره اليد التي وُضعت على كتفه للتو فالتفت "نوح" لصاحب هذه اليد بتعجب حتى وجد شقيقه الأكبر فأردف هو باستنكار قائلًا :




        
          
                
_نعم؟؟ في حاجة؟؟



نظر له "يونس" بحزنٍ لكنه تلفظ قائلًا بهدوءٍ :



_وحشتني يا "نوح"، والله العظيم ما بكدب بس أنت وحشتني.



نظر له "نوح" وقد تكون غلاف رقيق حول عينيه بتأثر، فقد اشتاق لإخوته كثيرًا لكنه أبى وأردف قائلًا بجمودٍ ظاهري :



_مبقاش ينفع صدقني، مبقاش ينفع..



تركه وتوجه للخارج بينما رمق هو أثره بحزنٍ وتفوه "يونس" قائلًا بضجرٍ :



_صبرك عليَّ يا "نوح" الكلب على اللي بتعمله فينا ده! بس والله وحشني ابن اللذين!



توجه للمصعد وطلبه وانتظره بهدوءٍ وعندما وصل وجد من يفتحه من الداخل وانصدم بها قائلًا بأسفٍ :



_أنا آسف والله يا "عائشة" مخدتش بالي، أنتِ كويسة؟؟



وضعت هي يداها على رأسها بغضبٍ ونظرت له قائلةً :



_أيوة كويسة، بس ياريت بعد إذن حضرتك متشيلش الألقاب أنا مش بنت خالتك!



ثم تركته ورحلت بينما رمقها هو بصدمةٍ قائلًا في نفسه وهو يضغط على زر الطابق الذي يقبع به قائلًا :



_هي مالها دي؟ هو أنا كنت بقولها أنتِ كويسة يا عمري وأنا معرفش ولا إيه؟؟




        
          
                
وصل إلى طابقه لكنه بدلًا أن يتوجه نحو شقته توجه نحو الشقة المقابلة وأخذ يطرق عليها حتى فتحت له "أمينة" بضجرٍ قائلةً :



_ما خلاص هو أنت بتخبط على ميتين؟؟.."يونس"؟؟



تعجبت هي من وقوفه أمامها بينما هو تلفظ بهدوء قائلًا :



_أيوة "يونس" يا ماما، عاملة إيه؟؟



نظرت له هي بشرودٍ لكنها أردفت قائلةً :



_الحمدالله، محتاج حاجة أنت ولا أخوك؟؟



نزلت منه دمعةٌ ساخنة على وجنتيه حينها تلفظ قائلًا بتنهيدةٍ قوية :



_هو لازم أما آجي أقعد مع أمي شوية أبقى عايز حاجة؟؟ ممكن أدخل أقعد معاكِ شوية لو مش هضايقك؟؟



نظرت له هي بحزنٍ وبدأت دموعها في التساقط بصمتٍ حتى دلف هو للداخل وسرعان ما دفن نفسه بداخل كنف والدته يبكي قائلًا لها باشتياق :



_وحشتيني أوي، وحشني حضنك أوي يا ماما، أنا آسف لو طول الفترة اللي فاتت دي مكنتش بكلمك بس أنا دلوقتي محتاجلك ومحتاج اتكلم معاكِ.



بكت هي الآخرى وهي تضع يديها تغمره بحنانها حتى تفوهت هي قائلةً :



_وأنت كمان وحشتني أوي والله، متعيطش يالا، أنا بس اللي أعيط هنا.




        
          
                
ضحك هو بخفوتٍ ثم قبل رأسها بهدوءٍ وجلسا على الأريكةِ وهو يضع رأسه على فخذها قائلًا بحنينٍ :



_مكنتش متصور إني برضو هضعف وهاجي لحضنك في الآخر، الواحد فعلًا مهما كبر مش بيكبر على حضن أمه.



ظلت هي تداعب شعره وتبادلا الأحاديث حتى نظرت هي للتلفاز ثم شهقت بصدمةٍ قائلةً :



_يا نهارك مش فايت!! حريم السلطان خلص وأنت قاعد بترغي معايا ومركزتش!



قلب عينيه بمللٍ ثم أردف قائلًا وهو يضحك :



_"أمينة" هي "أمينة" تبيع ولادها مقابل جزء من مسلسل حريم السلطان، يا ماما وربنا أنا حفظته، أنتِ مش بتزهقي منه؟؟



نظرت له هي بسخطٍ قائلةً :



_امشي يالا اطلع برة، داهية في شكلك، الحلقة خلصت اللي مستنياها من الصبح!!



توجه هو نحو الخارج قائلًا بمرحٍ :



_لينا قعدة تاني يا "أمينة"، الصبر بس.



أغلقت هي الباب في وجهه بغضبٍ، فأكثر ما يثير غضبها أن يتحدث أحد إليها أو يشغلها عن مشاهدة حلقة من مسلسلها المقدس.



__________________________________________________



كانت "مريم" لم تكف عن البكاء طوال الليل حتى جاءت والدتها من بيت جدتها المريضة بقلقٍ على ابنتها وظلت تحاول التخفيف عنها لكن دون جدوى حتى انفجرت هي قائلةً بانكسار :




        
          
                
_عملتله إيه أنا علشان يكسرني ويعمل فيا كده؟؟ قوليلي حاجة واحدة بس عملتها معاه؟؟ طب بلاش دي، معلقني جنبه أربع سنين ليه؟؟ أربع سنين ضاعوا من حياتي في واحد ميستاهلش حتى ذرة حب من اللي قدمتهاله! أنا مش هسكت، لو كنت سكت طول السنين اللي فاتت دي فمش هسكت دلوقتي، وربي وما أعبد ما هسيبه غير لما اندمه على تفكيره بس إنه يقول عليَّ كده، و تمن خيانته ده لسه مجاش، بس هيدفعه وبالتقيل أوي كمان.



ارتعبت "نورا" من تفكير ابنتها، فقد تغلب عليها الكراهية والحقد على هذا الوغد الآن ولا تستطيع منعها من سُبل أفكارها الشيطانية.



على الجانب الآخر ظلت "چويرية" تبكي بقهرٍ على ما حدث لها اليوم وقد انقلبت حياتها رأسًا على عقبٍ بسبب شقيقتها الكُبرى التي في نظرها مجرد شخص يسعى لتخريب حياة الآخرين، لم تكن تدري هذه الحمقاء أنها أنقذتها من براثين ذئبٍ بشري لكنها أغفلت عن هذه الحقيقة بسبب حماقتها، بينما في غرفة "لميس" استيقظت والدموع قد جفت على وجنتيها وأخذت تدخن بشراهةٍ _على غير عادتها_ حتى باغتتها "فريدة" بالدخول فجاةً عليها وهي تتلفظ قائلةً بحزنٍ عليها : 



_كويس إنك صحيتِ، متزعـ...



قطع كلماتها التفات "لميس" إليها وهي تمسك بهذه السجارة فشهقت أختها بفزعٍ قائلةً :




        
          
                
_يا نهار مش فايت!! أنتِ بتشربي إيه؟؟



ضحكت الأخرى بسخريةٍ مريرة قائلةً :



_سجاير، مستغربة مش كده؟؟ حقك، بس لو عايزة تطلعي تقولي ليهم برة براحتك محدش هيمنعك.



ظلت هي تراقبها بصدمةٍ واقتربت منها تأخذ منها هذه السيجارة تلقيها في الشارع قائلةً بسخطٍ :



_لأ مش هقولهم يا "لميس"، أنتِ شكلك اتهبلتِ!! سجاير؟؟ لــيــه؟؟؟ ده حتى أبوكِ نفسه مش بيشربها!!



نظرت لها هي بضجرٍ عندما ألقت سيجارتها المعهودة لكنها لم تكترث لها وأخذت واحدةً جديدة تشعلها قائلةً بسخرية :



_مالكيش دعوة، حياتي وأنا حرة فيها، محدش مهتم يعرف ولا أنا مهتمة أعرف حد.



كادت تنطق الأخرى لكن قطعتها هي بصرامةٍ قائلةً :



_أنا مش ناقصة وحياة أمك، وبعد أذنك متدخليش في حاجة زي ما أنا كمان ماليش أتدخل في حياة حد فيكم، أديكِ شوفتِ اللي جرا، كتكم القرف عيلة هم.



غر فاه الأخرى وخرجت من الشرفةِ بغضبٍ من شقيقتها، فماذا تفعل هذه اللعينة؟؟ هل وصل بها الأمر بالتدخين؟؟ حتى والدها لم يدخن في حياته قط، تأتي هي وتفعل هذا الفعل المُشين؟؟
كان هذا الحديث الذي يدور في عقل "فريدة" حتى اصطدمت بـ "ريان" الذي تلفظ قائلًا بضجرٍ :




        
          
                
_ما تحاسبي يابت هو أنتِ ماشية في الأتوبيس؟؟
أختك صحيت؟؟



انتهبت له وحاولت أن تداري فزعها قائلةً بكذبٍ حتى لا يكشف فعلتها، لو علم أحدٌ بأمر تدخينها حتمًا ستتحول حياتها إلى جحيمٍ :



_لأ لسه مصحيتش، خليها نايمة ومتدخلش تقلقها لما تصحى هندخل كلنا نكلمها، ماشي؟؟



استحسن "ريان" رأيها فبدل وجهته ناحية غرفته أما هي تنفست الصعداء لكن جف ماء وجهها حينما اقتربت منها "لارا" تشتمها قائلةً بشكٍ :



_هي إيه ريحة السجاير اللي في هدومك دي؟؟



__________________________________________________



كان "يحيى" قد وصل لهذه المحافظة الريفية تبعًا لتعليمات عمله فكان لديه عملًا هنا ويجب عليه التخفي والتنكر عن هيئته الحقيقية، كان هو قد بدل ثيابه بأخرى فقيرةً وتنكر في هيئة شابٍ فقيرٍ جاء من محافظةٍ تقع في صعيد مصر لكنه لم يستطيع العثور على عملٍ بها ولا في العاصمة فأتى لهنا ليبحث عن عملٍ وظل يبحث عن عملٍ وقد تعرف أيضًا على أهل هذه المنطقة حتى وجد له أحد السكان عملًا وقد عرض عليه المبيت عنده الليلة حتى يستطيع البحث في الصباح عن مسكن له.



تعرف على ذلك الشاب الذي تقريبًا يماثله في العمر وقد ترك له المنزل وخرج ليأتي بطعامٍ له و لـ "يحيى" فهو بالنسبةِ له فقيرٌ وجاء من أقصى المدينةِ وبالتأكيد هو مرهق فأشفق عليه ذلك الشاب واستضافه عنده الليلة وعندما جاء ذلك الشاب له أردف قائلًا بفرحةٍ عارمة :




        
          
                
_والله وشك حلو يا أخ "يحيى"



نظر له "يحيى" بابتسامة قائلًا بتعجب :



_اشمعنى يا "براء"؟؟



رد عليه "براء" قائلًا يقص له الحوار باختصار قائلًا :



_في حج هنا اسمه الحج "شوكت"، المختصر يعني ده بيسلف أهل البلد الفلوس اللي عايزينها في المقابل ياخد الفلوس دي الضعف، والناس هنا على قد حالها فكانت بتوافق، لحد انهاردة كده وفي واحدة كده جت هزقته وضربته حتة قلم خليته يقول حقي برقبتي.



ضحك عليه "يحيى" قائلًا :



_وأنت بقى فرحان لإيه بالظبط؟؟



سند "براء" رأسه على الوسادةِ قائلًا :



_كنت سالف منه مبلغ والحمدالله دبرته بس كنت شايل هم النص التاني اللي هو مش حقه أصلًا بس الحمدالله اتحلت من عند ربنا، والله وشك حلو، بس البت دي شكلها إيه، شخصية كده وقوية ده بقت حديث المدينة وكل ستات البلد عمالين ينموا عليها بسبب رجالتهم اللي عمالين يشكروا فيها.



ضحك "يحيى" بقوةٍ وتلفظ قائلًا :



_شوقتني أشوفها.



ابتسم "براء" قائلًا له :



_بس حتة بت الله أكبر جميلة بشكل، شبهك كده يا "يحيى" والله فيها منك. 



ضحك "يحيى" بشدةٍ من تشبيهه واستمرت هذه الأمسية وهما يأكلان الطعام حتى غفى كُلٌ منهما في سباتٍ عميق.



_________________________________________________


 

  • يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent