رواية عودة الوصال الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سارة ناصر
_"السـلامّ عليكُم ورحمة الله ... السلام عليكم ورحمة الله"
قالها الإمام بعد فتره حتي أنهي الصلاه ، مرت الدقائق ونهض هو براحه تخللته بسبب صلاته ودعائه وقربه من خالقه ، خرج خارج المسجد هو وصديقه ثم بدأا في السير بعيداً عنه ، إلتفت "شادي" ينظر له فوجده شارداً يبدو أنه يفكر فيما قاله له من نصائح يرميها علي مسامعه بين الوقت والٱخر ، تنفس بعمق ثم تحدث قائلاً بلين حتي يقتنع:
_" مش ناوي بردو ؟؟"
_" يخربيت زنك يا جدع ، ايه ؟ نحله ؟"
قهقه "شادي" عالياً وهو يفعل صوت النحله ثم حرك يده تماشياّ مع صوته قائلاً بلحن:
_"أنا النحله ..وانتَ ..الكتكوت"
قلب"غسان" أعينه بملل من سخافة الٱخر ، فجلس علي استراحه ومن ثم جلس صديقه بجانبه ، فـ كاد أن يتحدث "شادي" مره أخري فقاطعه "غسان" سريعاً وهو يخرج هاتفه من جيبه ثم تحدث باندفاع:
_"خلاص ،. اخرس بقا وافصل ، هفتحـه الأول وأكلمها "
صفق الآخر كتشجيع له وهو ينظر له نظرة فخر قائلاً بمرحٍ:
_"أقسم بالله أرجل واحد فـ .."
رفع "غسان " يدع سريعاً ثم ضربه بخفه في وجهه لتوقعه لما سيردفه ، فتأوي "شادي" وهو يرجع إلي الخلف قائلاً بسرعه ليبرر:
_"والله قصدي ..أرجل واحد فـ الرجاله.. "
________________________________________
كانتّ في ذلك الوقتّ بشقتها جالسه علي سجادة الصلاه تقوم بأداء فرضها ، وهي تناجي ربها وتتوسله بأن يهدي لها أولادها ويرد لها ابنها سالماً. ، دعت بأن يسكن الله قلبها بينما في حيره من أمرها أين هو وماذا يفعل الٱن ، وكأن دعائها قد إستجاب للتوّ ، حينما قامت بالتسليم ٱخيراً ومن بعدها وجدت هاتفها صوته يصدح فالمكان عن مُتصل ، إستندت رغماً عنها وهي تحاول أن تنهض لتجلبه من علي بعد مسافه قليله جداً حيث جانب الفراش ، جذبته سريعاً ولم يأت ببالها أنهُ هو !! ، ابتسمت سريعاً ثم ضغطت علي الزر بفرحه كادت أن تمتزج مع دموعها البسيطـه ، ثم أجابته بصوتها المتحشرج :
_" غـ .غــسانّ عامل ايـه يا حبيبي طمني عليكّ؟ انتَ فين؟ وبتعمل ايه؟ روحت عند مين يا بني قولي وطمني!!"
لهفتها في طرح الأسأله لن تأتي إلا من أم ، ورغم كثرة الأسأله عليه إلا أنه شعر بالراحه ، وهدوء ضميره بسبب تعنيفه لنفسه من الداخل فقط بأنها قلقه ، ولولا صديقه وتحفيزه من قِبله لما أتخذ الخطوه بهذه السرعه .! ، سمع صوت أنفاسها ولكنه تنهد يأخذ أنفاسه بتعبٍ من لهفتها وخوفها قائلاً يجيبها بهدوءٍ رغم ما بداخله :
_" أنا كويس يا دلال الحمد لله ، متقلقيش عليا ، انتم عاملين ايه وحامد ؟ ووسام ؟ وبـ.."
صمت لا يدري لما صمت ولكنه قالها بغير وعي، حيث طبيعته ولهفته علي من منه جعلته يردف حديثه هذا ، ورغم ما حدث لم يتردد لحظه بأن لا يطمئن علي شقيقه بل واصل حديثه بابتسامة مؤلمه وصوته الذي وصل لها :
_"وبسـام عامل ايه ؟"
_"إحنا كويسين يا حبيبي ،. متقلقش علينا إحنا اللي قلقانين عليكّ، إرجع يابني ومتوجعش قلبي أكتر من كده أرجع وكل حاجه هتتصلح وحتي اللي حصل هنا ، تعالى يا غسان أو قولي على الأقل انتَ فين وريح قلبي"
لم يفهم كل حديثها ، ولكن علي أي حال أجابها رغماً عنه من تلك النبره التي تخترق سهام قلبه وبقوه ، حاول أن يبقي ثابتاً في صوته حينما ردد باختصارٍ:
_" أنا عند شادي يا دلال ، ياريت متقوليش لحد أنا بس كنت بطمن عليكم ، وهقفل دلوقتي ، خلي بالك من نفسكّ وخلي بالكّ ..منهم"
قالها ببطئ ومن ثم ضغط علي زر الغلق ليغلق تلك المكالمه التي تهلك من فؤاده بسبب ما تشعر به والدته والذي ظهر له من حديثّ أيقن أنه المؤذي في قصتهم ، حينما سمع صوت والدته وبكائها في الهاتف في ٱخر حديثها ، أخرج الانفاس الثقيله من علي صدره ثم ضغط علي الزر ليغلق الهاتف تماماً كما في السابق ، كان بإمكان صديقه أن يترك له المساحه الخاصه ولكنه بقى تحسباً لرد شخص ٱخر غير والدته علي الهاتف رغم أنه هاتفها ولكنه يضع كل الاحتمالات حتي لا يسوء الوضع أكثر ! ، رفع "شادي" يده يربت علي كتفه بحنوٍ وهو يبتسم بسمه صادقه من صداقتهم الحقيقه قائلاً:
_" كل حاجه هتروق ، يلا بينا ؟؟"
قالها وهو يقترح عليه ليعودا إلي المنزل ، أومأ له "غسان" دون التفوه بأي حرف ثم نهض من مكانه حتي أصبح بجانبه وهو يسير علي الطريق !
، أما هي فعندما أغلق الخط هبطتت دموعها ، ولكنها بعد لحظات. جففتها بثقه من دعائها لله ، ثم خرجت من الغرفه لتوقظ ابنتها ، هي وابنتها بمفردهما في المنزل حتي "حامد". لم يأتِ بعد الصلاه ، و"بسام" رغم أنه يبيت في المشفى منذ أمس إلا أن موعد رجوعه للمنزل كان مبكراً ، ولكن يبدو أنه يبطئ في مجيئه بسبب مقاطعتهم عن التعامل معه والحديث هذا ما سبب تأخيره ، حتي يذهب لغرفته وفي وقت العمل يخرج مباشرةً دون إحتكاك ، رغم ضعف قلوبهم ناحيته إلا أنهم لا يعلمون أيضًا. سبب رحيل "تاج" عنه إلا الٱن ، وبسبب تصديقه لحديثها ، قاطعته عائلته بسبب تخليه وتكذيبه عن شقيقهُ، أما عن وجعه فالكل يتألم له !!
_______________________________________
في شقة "زينات" كان جميعهم مجتمعون عندها إلا القليل ، جلسوا علي الأريكه بعد دلوفهم المنزل لديها للتوّ ، خرجت لهم "زينات" بملامح وجه مبتسمه غير مريحه بالمره ، بينما جلس"سليم" بجانبهم ، وكان "حازم" يجلس بجانب "ياسمين" ومن جانبه "جميله" و"عايده" و"سُميه" وأخيراً "ورده" التي تركت صغيرها مع والده في شقة والدها بسبب عدم رغبة "بدر" المستمره في الإحتكاك بتلك العائله المكونه من "سليم" وزوجته الثانيه وكذلك أولادها !! ، كان الجو ساكن ،. الأنظار والوجوه ظهر عليها وكأنهم مجبورين علي تلك العزومه !! ، أمسكّ "سليم" الكوب الزجاجي ليشرب منه ومن ثم رفعه حتي أنزله مره أخري وهو ينظر لـ "سُميه" وبعد لحظاتٍ خرج صوته لها وهو يتساءل بتهكمٍ:
_" وفين بنتك بقا علي كده ، والنهارده المفروض أجازه يعنى .!"
تحركت أنظار "ياسمين" صوبه بغيظٍ ، كما نظر الٱخرين بترقبٍ ، بينما أجابته "سُميه" بنبره جاده:
_" هو مش لازم يبقي في شغل عشان تنزل ، بتعمل حاجه برا وجايه علطول ، مش مستاهله يعني الكلام .!"
حسنناً هذه فرصه جديده لـ "زينات" غير التي تحتفظ بها عند اجتماعهم جميعاً ، ابتسمت بتهكم وهي تردد قائله باستفزازٍ:
_" هو مش لازم بردو عمها يعرف هي بتروح وتيجي منين يا سُميه يا ختي ، اقولك علي حاجه بردو ،. البنات اليومين دول معدوش مضمونين أاه واللهِ يا حبيبتي ..! "
نظرت لها "سُميه" بغضبٍ تحت أنظارهم ، فرفعت "ياسمين" قدم علي الأخري ولأنها كانت تجلس أمامها ثم أجابتها إجابه عقدت من لسانها حينما قالت :
_" عندك حق البنات فعلاً مش مضمونين اليومين دول .!"
صمتت تتابعها بغير تصديق وكذلك عمها ، بينما نظرت لها "ورده" بترقب للٱتي هي تعلم بأنها لن تتوقف إلي هنا ، حتي "حازم " الذي نظر لها بانتظارٍ رغماً عنه ، وتأكدت شكوكهم حينما واصلت مره أخري ببرودٍ:
_"علشان كده شوفي بنتك مشت من البيت ليه ، ولا يكون .."
صمتت تحك ذقنها بكيدٍ يم واصلت بتأكيدٍ متظاهره بالتفكير:
_"هربت..!!"
وقف "سليم" مره واحده علي فجأه ، بينما نهض الجميع وبقيت "ياسمين" كما هي جالسه وكأن شيئاً لم يكن ، وقبل أن يتحدث عمها صاح "حازم" عالياً :
_"أنا مش فاهم بتحبي تستفزي غيرك ليه. وتطلعي أسوأ ما فيه !!"
قالها لـ "زينات" التي نظرتّ لهم بغضبٍ تكتمه حتي النهايه ، أما "سليم" فأشار لهم بحده قائلا ً بحزم موجهاّ بعض حديثه لـ"ياسمين":
_" كل واحد يقعد ومسمعش صوت وبالذات صوتك ، بنسيب المشاكل علشان تجيلنا مشاكل؟!"
جلسوا مره أخري بينما نظرت "ياسمين" لها بتحدي ومن ثم حركت رأسها صوب عمها الجالس ثم تحدثت قائله بهدوءٍ مُميت:
_" الصراحه يا عمي الواحد هو اللي بيروح للمشاكل برجليه !"
تلمح لمجيئهم إلي هنا ، وكزتها "جميله " التي مدت يدها من خلف "حازم " الجالس بالمنتصف ، نظر لها "حازم " بجمودٍ لتصمت ، فقلبت عينيها بملل بينما وقعت أنظارها علي عمها الذي حدجها بسخطٍ لحديثها الغير هين بالنسبه له ، أما "زينات " فبقيت صامته تكتم وتكتم حين قدوم الوقت المناسب ، نظرت لهم جميعاً بابتسامه سمجه ثم نهضت تشير لهم :
_"يلا الأكل جاهز ، تعالوا ساعدوني"
قالتها بلطفٍ غير مألوف لهم ، نظر لها البعض باستنكار ،بينما نهضن النساء والفتيات علي أي حال لتجهيز سُفرة الطعام !
_______________________________________
«أبي .. أردت أن يَصلك إحساسي..من خلال ما زفرته أنفاسي..أردت أن تصل كَلماتي إلى قلبك..فأنا لا أتأمّل حياةً بعدك .. أردت أن تصل إليك كلمات. خرجت من أعماقي مُقحمة..كلمات إليك أبي
." أحبك وأنتظر عودتك للحياةٓ مره أخري حتي وإن كان الأمر مستحيل "»
وكأن نظراتها ودموع عينيها تشرح معنى تلك الكلمات، كانت تقفٌ أمام قبره مرتديه ملابس سوداء أشبه بجلباب أسود حتي حجاب رأسها كان من نفس اللون ، ولكنه كان متناسقاً عليها ، ظاهراً تقاسيمها ولكن ليس بشده ! ، وقفت "نيروز " ولم تعطي بالاً ولا إهتماماً للماره من حولها،فـ يوم الجمعه ، في بعض الأماكن يعد اليوم الأشهر لزيارة الأموات في المقابر ، هي ليست مع هذه التقاليد كما ليس أيضاً لعائلتها ، ولكنها بين فتره والأخري تأتي لزيارته حتي وإن ماذا حدث ، لم تتأخر فتره طويله علي زيارته ! ،. مسحتّ عباراتها ثم إقتربت من القبر حتي تجلس علي حجاره عاليـه قليلاً ثم ابتسمت وكأنه بجانبها للتو حينما رددت بصوت مسموع وكأنها تحدث شخص ما :
_"وحشتني أوي يا بابا ، الحياه من غيرك لسه صعبه ، مفيش حاجه سهله من غير وجودك، مش عارفه أقولك ايه وأنا كل شويه بتكلم معاك وكأنك موجود ، نفسي أشوفكّ ، وأقعد معاكّ ونحكي سوا زي زمان فاكر؟؟"
صمتت تستجوبه وكأنها مختله عقلياً ، ولكن بالنسبه لمن حولها فمعرضين لحدوث ذلك غالباً في المقابر !! ، إبتسمت مره أخري وهي تحاول أن تتحدث بصوتٍ ثابت غير محشرج ولكن خابت محاولاتها حينما قالت:
_" جيت أتأسفلك علي وعدي ، أصل أنا حبيت ، غصب عني مشاعري خانت الوعد ، عارفه إنك قولتلي إن مشاعرنا مش بايدنا وإن التعامل هو اللي بايدنا ، بس أنا معملتش حاجه وحشه خالص، أنا مش خايفه من الوعد ، أنا خايفه لكل مشاعري دي تروح عـ الفاضي ، خايفه إنه يسيبني ويمشي بعد ما قولتله علي اللي بخاف منه ومشي ، خايفه من. حاجات كتير أوي ، خايفه من حسن لو عرف ، خايفه من رد فعله ، لو عرف ممكن يعمل أي حاجه مش متوقعه ، لما وصلت للنقطه دي خوفت أقول إني خايـفه علي..."
صمتت ثم تابعت مره أخري بخوف داخلي:
_" خوفت أقول إني خايفه علي غَسـان منه ! ، يمكن لو كنت موجود كانت كل الحسابات دي اتغيرت ، يمكن كنت توقف كل واحد عند حده ، ولما موضوعي أنا وحسن يتفتح لأول مره كنت تقفله بطريقه متخليهوش لسه مكمل لحد دلوقتي ! ،أنا مبحبوش يا بابا ، حتي لو كان شخص كويس قلبي مراحش نحيته ولا هيروح ، يمكن كلمة عمي كانت صح لما قال اللي ترفض واحد من دمها ياعالم هتعمل ايه !! ، عارف أنا عملت ايه ؟ ، حبيت واحد عارفينه لأ وكمان ساكن قصاد شقه حسن ، وابن عم بدر جوز ورده ، واللي بشتغل معاه في الشغل ، واللي مامته أقرب شخص لماما دلوقتي وأكتر حد بيساعدنا ، واللي باباه حسيت فيه لأول مره ان فيه من حنيتك وهدوئك ، يعني حبيت واحد معروف وانتَ نفسك كنت عارفه ، معروف من كل نحيه ، بس بردو مش من دمي ، كلمته بتتردد في وداني بخوف من اللي جاي من عمي ومن حسن ، حسن ايده طايله وغسان موجود معانا ، كام مره دافع عنى ، عارفه إنه قادر يدافع عن نفسه وعنى ، بس أنا مش هقدر أدخل فكل المشاكل دي ، وأنا عارفه إن محدش هيطلع منها من غير خساير ، وصلت لدرجه إنه مشي وعاوزاه ييجيي بس مش عاوزاه ييجيي ، ييجي عشان بحبه وميجيش عشان خايفه عليه ومنه ومني لاتعلق بيه أكتر !!"
صمتت تأخذ أنفاسها ببطئ ثم نهضت من علي الحجاره تزامناً مع قولها الهادئ لتودعه:
_" أنا حاسه إني بقيت تمام حتي لو ملقتش حلول لكل ده ، أتمنى تكون سامعنى ، أنا همشي متزعلش مني زي ما انتَ مشيت وأنا زعلت ، أنا هرجعلك تاني لكن إنتَ لأ ..!"
قالتها وهي تكتم الدموع في عينيها ثم بدأت بالسير لتخرج من تلك المنطقه التي ما أن تدخلها يرجع بها زمنها وٱلامها إلي الخلف !! ، وكأن وجع فراقه بالنسبه لها يزداد في كل مره تدخل بها ذلك المكان إلي أن تقف عند قبره ، دقائق لتمر ومن ثم خرجت هي من المكان بأكمله ومن الأشخاص الموجودين به أحياء وأموات !! ، أشارت لسيارة أجره يقودها رجل كبير في السن كما نبهتها والدتها !!
__________________________________________
إرتدي ملابسـه منذ وقتّ وهو يقرر بأنه سيعود إلي المنزل إذن حتى أنه لايوجد لديه عمل في ذلك الوقت ، وقف أمام المستشفى وبيديه كيس به صندوق كرتوني مُغلف ، ينتظر سيارة أُجره في ذلك الجو المُشمس رغم أنه ليس فصل الصيف !! ، أمسك هاتفه يعبث به بملل وهو ينتظر ، إلي أن وقفت من أمامه سياره بيضاء اللون ، فححبت عنه رؤية الطريق وحتي رؤية السائق له !! ، نظر بضيق دون أن يتحدث ، فـ لمحها وهي تهبط من السياره ويبدو أنها انتبهت له وهي بالداخل ، نظرت له من أعلي لأسفل ، ثم اتجهت إلي حقيبة السياره تأخذ منها حقيبة ملابس صغيره ، يبدو أنها لوالدها ، أغلقت السياره إلكترونياً ، وهي تتوجه بكعب حذائها العالي الذي سمع صوته بقوه ، وكأن تلك الدقات هي دقات الجرح بقلبه !! ، وقفت أمامه بتبححٍ ثم نظرت له قائله دون تمهيد:
_" نتيجه الأشعه والتحاليل بتطلع امته ؟؟"
حاول تجاهلها وهو ينظر لهاتفه مره أخري فرفعت يديها توكزه في كتفيه قائله بوقاحه:
_"انتَ ..!!"
رفع "بسام" يديه ثم أمسك يديها باشمئزاز وهو يهبطها من عليه تزامناً مع قوله الساخر لها:
_" إيديكِ عشان كده هتوسخ وأنا بقرف، وأنا مش خدام عندك عشان تكلميني بالأسلوب ده ، خشي إسألي المتخصصين في اللي انتِ بتسألي عليه ، أنا دوري أشوف التحاليل والأشعه بعد فترة ظهورها عشان نشوف الحاله غير كده مفيش، وبعدين هو بيتعالج بأدويه دلوقتي لحد ما يطلع ونشوف في تحسن ولا لأ بردو !"
قالها بجمودٍ لم تعهده منه من قبل ، لاحت إبتسامه جانبيه علي شفتيها ثم تعمدت أن تضغط علي جرحه أكثر حينما أجابته متجاهله حديثه فقط ركزت علي إسلوبه الوقح بالنسبه لها :
_" بقيت قليل الذوق ووقح زيه بالظبط ، عمرك يعني ما كنت كده ولا كلامي المره اللي فاتت نقح وجه عليك لدرجه إنك تقلده وتبقي زيه فالصفات الوحشه !"
صمتت ثم رفعت إصبعها كتهذيب لطفل صغير قائله:
_"كده غلط ، مينفعش نقلد الناس فالوحش نقلدهم في الحلو بس !، ولو إن مفيش فـ أخوك حاجه حلوه خالص تاخدها منه !!"
إقترب منها خطوه واحده وهو ينظر لها بغضبٍ ثم صاح عالياً بحده متحكماً في يديه حتي لا يرفعها عليها :
_"إخـــرسي !"
كان لا يفصل بينهما شئ ، كما أن أنظار من حولهم بدأت بالانتباه ،رجعت إلي الخلف سريعاً وهو يرفع يده ظنت أنه سيرفعها عليها ليضربها ،ولكنه كان يشير إلي سيارة أجره قد لاحظها ، إبتسم بتهكم علي ما فعلته ثم خرج منه صوته وهو يطالعها :
_" مش أنا اللي أمد إيدي على واحده،... عرفتي بقا إنك جبانه !؟؟"
نظرت له وهي تكبت غضبها ، فواصل يكمل بنبره بارده:
_"أيوه جبانه ، وكل اللي انتِ قولتيهولي من أول ما شوفتك يا تاج لو كنت صدقته فأنا لازم أتأكد منه حتي لو كنتِ صادقه ..سلام يا ..تاج ميتلبس حتي فالرِجل ! "
قالها ومن ثم سار ليركب سياره الاجره ، معيداً حساباته ، الذي كان يفكر بها منذ فتره صغيره ، بعدما رأي منها جرحها له طوال الوقت وهو يصدقها بينما هرب الٱخر من أمامه ؟؟ ، أي فتاه التي ستذكر نفسها ومن أمامها بأنها قد تعرضت لأشياء كمثل ما قالت له وما تقصده !! ، هذا ما فكر به رغم أنه ليس منطقياً للحدا لأقصي ولكن وجع ضميره ناحية شقيقه الذي بدأ بالظهور عليه كان سبب تفكيره بذلك حتي وإن لم يقتنع بنسبه كبيره !! ، نظرت بأثر السياره بغضبٍ لتفوقه عليها في الحديث والحوار ! تنفست بعمق محاوله أن ترخي أعصابها من جديد وهي تتوجه لتسير إلي الداخل متوعده له لحين لقاء ٱخر حتي تضغط عليه كما تفعل!
______________________________________
هبطت أمام المبنى ، تزامناً مع دخول "حامد" من أمامها ، دخلت "نيروز" إلي الداخل وهي تنادي عليه فالتفت هو ليبتسم لها بحنوٍ ، حتي إقتربت هي إليه ، بادلته البسمه فتحدث قائلاً بلطفٍ:
_" طب واللهِ عمو حامد طالعه منك زي العسل"
ضحكت بخجلٍ تزامناً مع سيرهم بجانب بعضهم حتي وقفوا أمام المصعد ، دلفت هي أولاً ومن ثم هو ، كان يطالعها بابتسامه ، وقبل أن يتحدث بمرحٍ تحدثت هي من قبله علي فجأه ، قائله بهدوءٍ:
_" مفيش أخبار عن .. غسان يا عمو !"
حرك رأسه بنفي تزامناً مع رده وهو يقول:
_" كان نفسي يا بنتي ، بس إن شاء الله خير ، غسان معارفه كتير وميتخافش عليه ، متخافيش !!"
تسارعت دقات قلبها من حديثه الأخير ، أحقاً يظهر عليها الخوف تجاهه ماذا يقصد ! ، خرجت من المصعد وهي تتوجه لشقة عمها ، بينما ذهب هو ليخرج المفتاح ، بعدما نظر لها نظره أخيره حتي تحدث لها دون أن ينظر لها قائلاً بعقلٍ:
_"الحزن فالقلب يا بنتي بيهلكه وبيضعفه عيشي حقيقة الحياه إن كلنا لها وكلنا رايحين للٱخره بس مسيرنا نتجمع تاني فالجنه لو من نصيبنا وأدينا بنسعى !!"
كان يكمل حديثه بعدما فتح الباب وهو يلتفت لينظر لها فالتفتت له بتفهمٍ لما أردفه قائله برجاء من داخلها :
_"بحاول !"
أومأ لها بعينيه كتعبيراً بأن ذلك هو الصواب ، حتي فُتح لها الباب من الداخل ، بينما أغلق هو الباب ، يبدو أنه لاحظ إحمرار عينيها وملابسها السوداء !! ، دلفت هي إلي الداخل ثم جلست بصمت علي مائده الطعام الذي بدأ كل منهم بتناول الطعام حينما دخلت الأخرى ورحبت بهم بهدوءٍ ، لم يتحدث أي منهم علي الطعام ، إلي أن خرج صوت "زينات" وهي تتحدث قائله موجهه بحديثها لـ "نيروز". :
_"وكنتِ فين علي كده بقا واحنا كنا مستنين حضرتك !!"
صفقت "ياسمين" عالياً مما أثار صدمه البعض ، حتي نظر لها الجميع بدهشه حينما أردفت بلحنٍ في ٱخر حديثها:
_" جماعه إفتكرت دلوقتي حالاً سيرين عبد النور لما كانت بتقول ايه فـ أغنيتها.. ' اللي ملكش فيه .. ملكش دعوه بيه' !"
كبت "حازم" ضحكته وكذلك شقيقته "ونيروز" بينما نظرت "سُميه" لها بتحذير ، تجاهل "سليم" الأمر بينما طالعتها "زينات" بغيظٍ ثم عادت لتناول طعامها متوعده لها فيما بعد !، واصلت لتتحدث مره أخري بكيدٍ :
_" إيه رايك في الأكل يا سليم ؟؟"
قالتها بدلال لتستفز "عايده" التي نظرت بحزن حينما ردد زوجها قائلاً يجيب الأخرى:
_" جميل تسلم إيديكِ يا حبيبتي"
بالطبع قالها ومن داخله يفعل جميع التحسبات لما سيأخذه منها من تعكير لصفو مزاجه ، رفعت يديها تربت علي كتفه برقه أمام أنظار الجميع ، وخاصةً "حازم" الذي نهض من علي الطعام بملل وهو يبتسم رغماً عنه ،يخبرهم بأنه إكتفى ، بينما "عايده". كانت تراجع نفسها التي حزنت لأجلها ، متساءله لنفسها بأنه لم يرمي علي مسامعها كلمات شكر كهذه من قبل .!! ، نهض البعض تدريجياً وبقي القليل فقط في جو مشحون من شعور متناقض..!
____________________________________
دخل من باب المنزل بعدما فتحه بواسطة مُفتاحه ، وجدهم جالسين في صالة المنزل علي مائده الطعام ، نظر لهم بتعمن ، بينما هم نظروا له بلومٍ واشفاق في ٱن واحد ! ، إتجه ناحيتهم يقف من أمامهم ، نظرت له والدته وقد خانتها عاطفة الأمومه وهي تسأله بهدوءٍ ، خانتها نظرات الاشتياق والاهتمام للحديث معه:
_"أكلت؟؟"
هز رأسه لها بالنفى ، ومن ثم وزع نظراته علي والده الجالس ولم ينظر له حتي ! ، وشقيقته نفس الأمر ، تحدث "حامد" علي فجأه تزامناً مع تناوله للطعامه :
_" عاوز تقول ايه ؟؟ لتكون ندمان !!"
قال ٱخر حديثه بسخريه ، جعل الإثنتان ينظران بترقب ، بينما تحدث "بسام" بتعبٍ رغماً عنه:
_" مش ندمان علي قد ما ندمان علي أسلوبي معاك اللي مكنش ينفع أتكلم معاك وأنا كده ، أنا أسف !"
_" لو أسف بترجع اللي بيروح وبيمشي ، كانت رجعت أخوك دلوقتي، ووقت الغضب الواحد مبيشوفش قدامه ، أسلوبك اللي كان معايا ده مش بتاعك مش انتَ اللي طبيعتك كده ،حتي أخوك مهما كان بيقف قصادي فعز غضبه لا كان بيشوحلى بإيده ولا كان بيقف قصادي لما كنت الاقيه واقف بعيد أعرف إنه بيهدي مع نفسه عشان ميغلطش فـ حد مننا ولا يأذيه بكلامه أو زقه منه كده ولا كده ، روحت إنت مادد إيدك عليه وأذيه وغلطت فيه وفضلت غيره عليه ، وفالٱخر مش ندمان !!، إن كان علي أسفك وأسلوبك فـ أنا خدت حقي منك وفـ ساعتها يمكن كنت تفوق ، بس انتَ جاي لحد دلوقتي ولسه مفوقتش !!"
كان يردف حديثه بجديه أمام الواقف من أمامه، بينما تنفس "بسام" بقوه ليخرج أنفاسه الثقيله ثم تحدث يجيبه بإنهاكٍ:
_" ولا مره حاولت تحط نفسك مكانى ، حتي لو السن ميسمحش!! ، محدش هنا حس بيا ، واللي كنت فاكر إنه بيحس بيا هو اللي مفروض مش عارف أصدق حقيقة إن هو اللي أذاني وتايه بين اللي باين قدامي وبين اللي أنا نفسي يبقي مش صح ، مش هلومك علي كل ده عشان محدش هيحط نفسه مكان تجربتي دي ، حتي لو ابنك طلع هو اللي كذاب فأنا بردو غبي عشان وثقت فيها من الأول ، أياً كان قلبي إتكسر من زمان ولسه مكسور ، ليا الحق إني ألومك بس فحاجه واحده ، فـ ليه بتتعاطف مع غسان وتسيبني ؟ "
نهض "حامد" كما نهضت الاخرتين ، وقف أمامه ثم تحدث يجيبه بنبره هادئه عاقله:
_" يمكن محسش بيك زي ما انتَ حاسس بس عارف انتَ ممكن تحس بـ ايه !! ،كل زعلي منك وعليك عشان شكك فأخوك اللي أنا مربيه زي ما ربيتك، لكن أنا عمري ما فرقت فـ المعامله بينك وبينه ، ولا إتعاطفت معاه لوحده وسيبتك ،بالعكس أنا زعلان عشان كل الي خارج منك ده مش ليك مش انتَ أتوقعها من غسان مكنتش هتفاجأ ولا هزعل منك عشان مش متعود منك علي كده ، أنا أقول غسان يقول إني بفرق ، لأن كل مره بيحصل فيها حاجه كنت باجي عليه هو وكنت بحترمك وبحترم أسلوبك وتفكيرك ، عمري ما ٱجي علي حد الدنيا جت عليه يا بني ، كل زعلي من رد فعلك مش من اللي حصل فيك !!"
قالها بعاطفه أبويه ثم توجـه ليمسك برأسه تعبيراً عن تعويضه لإحساس التفرقه فقط وليس أسفاً علي ما قاله من جهة شقيقه فهذه النقطه هو الخطأ ، أوقفه "بسام" وهو يمسك يده ليهبطها ثم رفع يده هو يأخذ رأس أبيه بين يديه ثم قبلها بأسفٍ دون أن يتفوه بشئ ، أمور عده تجري بداخل رأسه حيث الشعور القائم هو الشتات والحيره فقط ! ، تقدم أمام "شقيقته" ثم رفع ذراعه يحتضنها بقوه وكأنه يأخذ أمان منها متخيلاً أنها كشقيقه ، رفعت ذراعها بتردد لتحتضنه بتأثرٍ ، ومن ثم خرج هو من أحضانها وهو يقدم لها ما بيديه قائلاً بابتسامه صغيره:
_" كل سنـه وانتِ طيبه حقك عليا لو اتسببتلك في زعل وفقدان شغف من كل حاجه فوقت زي ده !"
اخذتها من بين يده بتأثر وهي تومأ له قائله بصوتها المتحشرج:
_" انا بحبك يا بسام بس أنا عاوزه هديه تانيه"
قالتها أمام أنظارهم المستنكره ، فطالعها بتساؤل ، حتي أجابته وعباراتها تهبط من علي وجنتيها:
_" عاوزه غسان يرجع !"
لم يكن لديه رد سوي إيماءه بسيطه من رأسه حتي توجه ليأخذ يد والدته يقبلها ومن ثم دخل بين أحضانها يتشبت بها قائلاً بخفوتٍ بجانب اذنها:
_" ٱسف على كل دمعه نزلت منك ، حقك عليا ..!"
أومأت له بضعفٍ كعادتها وهي تبكي ، بينما نظرت بأثره مطولاً وهو يتوجه ناحية غرفته غالقاً بابه من خلفه ، بينما ذهبت "وسام" إلي غرفتها بعدما أومأت لهما ، جلس "حامد" مره أخرى ومن جانبه "دلال" الذي ابتسم لها بيقين أن كل شئ سيصبح علي ما يرامّ !!
___________________________________
جلسوا بعدما انتهوا من تناول الغداء ، كان الحديث جانبي ، حيث "ياسمين" و"حازم" ؛"جميله و نيروز" ، "عايده وسُميه" و"سليم " الجالس يعبث بهاتفه غير عابئاً لهم ، خرجت "زينات " من المطبخ وهي تحمل بيديها كوب واحد من مشروب الشاي ، توجهت لتقدمه لزوجها ومن ثم جلست تصفق بيديها حتي ينتبه لها الجميع ، نظروا لها من ٱثر ما فعلته ، فتحدثت "ياسمين" قائله لها باستنكارٍ:
_" خـير؟!!"
نظر الجميع بترقب فابتسمت هي قائله بثقه:
_"كل خير يا حبيتي ، بصراحه كده عندي أخبار كتير تخصكم أبدأ بـ ايه .؟"
طالعوها بتساؤل يغلفه الإستنكار من حديثها والترقب لما هو ٱتي فالتفت"سليم" ينظر لها وهو يعقد حاجبيه قائلاً:
_"في ايـه ؟."
تنفست هي بعمق ثم بدلت نظرانها لملامح وجه خاليه من التعابير وهي تنهض قائله علي فجأه:
_" من نحية في إيه فـ فيه كتير مش انتوا لوحدكم اللي تشمتوا علي اللي عندي واللي بيحصلي ، عشان كده حابه أقولكم حاجتين كده مش قادره أخبيهم أكتر من كده!"
توترت ملامح البعض ، فخرج صوت "حازم " قائلاً بتساؤل:
_"يعني ايه ؟؟"
_"هقولك يعني ايه "
قالتها بتأكيدٍ ومن ثم نظرت لهم جميعاً وهي تهتف عالياً :
_" يعني انتَ حرامي ، لما من فتره كنت هنا عندي فـ بيتي واقف جنب الترابيزه اللي فيها البوكّ بتاعي واللي كان فيه شئ وشويات ، ومكنش غيرك الغريب هنا اللي خد الفلوس ومشى زي الحراميه أنا اللي هقولك بردو يعني ايه ياحرامـ.. ،. قصدي يا حازم !!"
نظرو لها جميعاً بغير تصديق وها هي تنفذ إحدي خططها وتوعداتها لهم منذ فتره ، تلك التي لم تتهاون بأي شئ أبداً.، وقف "حازم " بسرعه ومن بعدها وقف الجميع بذهول لاتهامها الوقح هذا ! ، توجه يقف أمامها تزامناً مع صراخه عالياً أمام وجهها وهو يقول:
_" انـــتِ واعـــيــه انــتِ بتـقـولي ايــه !"
هزت رأسها ببرود ، بينما توجه "سليم" يقف من أمامهم الإثنان ، وقبل أن يتحدث ليفهم ما حدث ، نفذ صبر " عايده" لاتهامها الجارح لابنها ثم هتفت عالياً بحده :
_" إخرسي خالص أنا ابـني عمره ما يعمل كده ؛ ابني مش حرامي !"
إندفعت "ياسمين" وهي تتملص من مسكة والدتها وشقيقتها "ورده" لها متوجهه بخطوات سريعه تقف أمامها وهي تردد عالياً بحده :
_" انتِ عاوزه مننا إيه ، ما تسبينا فـ حالنا ربنا ينتقم منكم فكل حاجه وكلمه قولتيهالنا ولزقتيها وكل حاجه عملتيها فينا انتِ وجوزك وعيالك .!!
رفع "سليم" يده ليصفعها بعد أن نفذ صبره منها ، أمسكه "حازم " من يديه بقوه وهو يهتف بنبره تحذيريه:
_"إيدك متتمدش علي مراتي !"
نظر "سليم" للذي يفعله بغير تصديق كما فعل البعض، بينما هتف بنبره جامده:
_" بتقف قصادي عشان دي !!"
_"أيوه دي ، اللي هي مراتي ، وأقف قدام أطخن طخين عشانها ، لما تبقي تقف لمراتك عشاني هقف معاك علي مراتي ،"
قالها وهو ينزل من يده ناظراً لهما باشمئزاز:
_" أنا ماشي ، انتوا مهما الواحد يعمل فيكم الحلو بردو طبع النداله شغال ، وانتِ المفروض انك قاعده هنا وأنا اللي دايخ السبع دوخات علي بنتك تقوليلي اني حرامي !! ، هسرق منك ايه وانتِ عندك كل حاجه وبردو باصه لغيرك ومش سايبانا ناخد نفسنا ، خساره الواحد يحاول عشانك وعشان عيالك !!"
قالها تحت الأنظار الصامته ، بينما نظرت له بجمودٍ وهي تجيبه قائله بوقاحه:
_" انتَ اللي سرقتهم هيكون مين اللي سرقهم غيرك !"
طالعها بانفعال بينما ، توجهت"جميله " تتحدث بنبره مرتفعه أمام وجهها وهي تصيح عالياً بانفعال:
_"إبــنـك !! ابنك الحرامي مش أخويا ، هو ده اللي هيكون سرقها حسبي الله ونعم الوكيل فيكم وفـ اللي زيكم"
نفذ صبر"سليم" وهو يتحدث بعلو صوته ليوقفهم :
_" إخرســـوا ... بـــس !"
انتفض البعض علي ٱثر صوته بينما وجه نظراته لابنته ليمارس قوته عليها كما يفعل حينما قال:
_" إيه اللي يجرأ واحده زيك كده !! وكمان جايه واقفه بكل بجاحه كده وكأنه عادي ، ايه كتر قعدتك مع مراته خليتك قليلة الربايه بزياده !!"
_" أنا أختي مش قليلة الربـايه!! "
قالتها "نيروز" بجمود بينما خرجت نبرة"سميه" الحاده :
_" مسمحش تتكلم فحق بنتي بكده يا سليم ، إنتَ مش واخد بالك مين بالظبط اللي قليل الربايه ؟."
احتدت نظرات "زينات" حتي تابعت لها ولتلك التي تحدثت من قبلها قائله بقنبلتها الثانيه:
_" لا متسحميش ايه وبناتك متربين ايه ، ما الحاجه التانيه بردو اللي كنت عاوزه أقولها لازم تتقال والكل يعرف .."
صمتت تتابع نظراتهم المترقبه فتابعت بغلٍ من داخلها واضعه بعض البصمات الخاصه :
_"الاستاذه نيروز بنتك المتربيه زي ما بتقولي ماشيالي مع الواد اللي خاطف بنتي ، ومقضياها .!!"
إحتدت نظرات "سليم" بينما فُتحت الأفواه مما تخوضه من أعراض ، صرخت "نيروز" عالياً بقوه حتي إهتزت أرجاء المنزل وهي تقول بعلو صوتها وكأن صوتها يخرج ما بها من ألمٍ:
_"إخرســي يا زبـــاله !!"
لم تأخذ منها هي رداً بل نزلت صفعه قويـه علي خدها من عمها الواقف أمامها ولم يستطع "حازم" هذه المره أن يوقف يد والده !! تلقت هي الصفعه ، حبست الدموع بعينيها ثم رفعت أنظارها تطالعه بكره طغي كل شئ ، ثبتت الأقدام أرضاً لم يستفيق أحد منهم سوي علي دقات الباب العاليه التي لم. تكن سوي من "حامد" و "بدر" ، لم يفتح أي شخص ، إستوعبت "سُميه" الأمر وهي تتوجه لتأخذ ابنتها في أحضانها صارخه بوجههم:
_"أقسم بالله لهدفعكم تمن كل اللي عملتوه فـ بناتي ده !!!"
قالتها بغضبٍ وهي تسحب ابنتها من خلفها ، بينما نزلت دمعه من علي وجه "ورده" التي استوعبت الأمر جيداً ، حتي "ياسمين" كانت بعالم غير العالم إلي أن أمسك يديها "حازم" حتي يسحبها خلفه للخروج من الشقه فنفضت هي يده سريعاً ثم تحدث بهدوء مُميت بين لهم أن حديثها سوف يكون صادق من كثره هدوء ما أردفته:
_" هموتك بإيدي دي وإدفنك بعدها بيها برده .."
قالت ٱخر حديثها بتشنج ، فأحكم مسكتها "حازم" الذي نظر لهم بتقزز ، بينما سكنت "ياسمين" وهي تبصق علي الأرض باشمئزاز ، ثم توجهت معه للخارج بعدما خرجت شقيقتها ووالدتها ، نظرت "ورده" لعمها وزوجته ثم هتفت بنبره بها توعد. من بين دموعها :
_" أنا ممكن أسكت علي نفسي بس اخواتي لأ ! "
ابتسمت "زينات" بتشفي لما فُعل من رد فعل الجميع ، قالتها "ورده" ومن ثم التفتت فوجدت "بدر" يقف لينتظرها أمام باب الشقه ، فهو قد أقسم أنه لن يدخل منزل لتلك العائله ! ، خرجت ثم نظرت له وهي تحبس الدموع بعينيها ولكنها هبطتت ما أن أخذها تحت ذراعه وهو يتوجه بها حيث شقة والدها ، بعدما نظر لهما بشرٍ من علي بُعد !!
______________________________________
جلس الجميع بصالة منزل "سُميه" بتوتر بينما كانت "نيروز" بالداخل في غرفتها لم تنزل أي دمعه منها إلي الٱن ، جلس بجانبها شقيقتها "ياسمين" التي أخذتها في أحضانها بقوه وهي تربت عليها بمواساه ، كان "حازم" يجلس بالخارج معهم ، بينما لم تقوي "ورده" علي مواساة شقيقتها بسبب تسيب أعصابها ، فجلست تحتضن "يامن" بجانب زوجها ، تحدثت "دلال" وهي تربت علي ظهر "سُميه" الباكيه وهي تقول:
_"خلاص يا سُميه عشان. متتعبيش ، ربنا هيحلها من عنده يا حبيتي وهتخرج وهتبقى زي الفل الوقتي ، وبعدين الكل عارف سمعة بناتك اللي مش عليها نقطة تراب حتي إطمني "
لم تقوي هي علي الرد ، حتي"عايده" الواقفه بجانبها بخزي هي وابنتها !! ، نهض "حامد" مره واحده ثم صاح بهدوءٍ ناظراً. لـ "سُميه":
_"أنا هدخلها متقلقيش شاوريلي فين أوضتها "
طالعته "سُميه" بلهفه ، وهي ترفع يدها تشير له ، بينما جلست"وسام". بحزن علي ما حدث ، ولأن "بسام" استغرق في النوم بسبب جهده فالعمل أمس ، لم يسمع كل ذلك ، دق "حامد" الغرفه قبل أن يدخلها فنهضت"ياسمين" تفتح له الباب ، ابتسمت له بامتنان وتفهم لما فعله وسيفعله ، بينما دخل هو الغرفه ثم خرجت هي تترك له المساحه في القول ، جلس علي المقعد أمام الفراش التي تجلس هي عليه ، كان لها بعض الحرج الطفيف من بين حزنها بسبب دخوله غرفتها ، إستشف هو ما تفكر به حتي تحدث قائلاً يمرح ليخفف عنها:
_"عارف إني إقتحمت خصوصيتك ودخلت أوضتك المتواضعه ، بس أنا دخلتلك عشان انا بعتبرك زي وسام بالظبط ، عاوزك تهوني علي نفسك ومتقفيش عند اللي حصل ده !!"
صمتت تبتسم له بسمه صغيره من بين دموعها التي هبطتت، بينما تابع هو. حتي علم أنها لن تتحدث وتبوح بشئ ، وأنها سبقت ما كان ينوي فعله :
_" أنا كنت نازل مشوار دلوقتي وقعدت عشان خاطرك ، لو قولتلك تيجي معايا هتيجي ونخرج وتشمي هوا كده ؟ !"
نظرت له باستغراب ثم تعلثمت وهي تتحدث :
_"أيوه بس.أاا.."
_"خلاص أنا اللي اتعشمت زياده ، كتر خيرك يا بنتي"
قالها باسلوب درامي لم تستشفه هي فنهضت سريعاً بعدما نهض لتوقفه قائله:
_" إستني ياعمو مش قصدي.. شوف اللي حضرتك عاوزه وأنا معاكّ ..!"
إبتسم لها بحنوٍ ثم أومأ لها قائلاً بهدوء:
_"هو ده الكلام والعقل الصح ، تعالي.."
رفع زراعه حتي تدخل يديها من بينه ، تحرجت هي بشده بينما نظر لها بثقه حتي توجهت لتتمسك به ، ومن ثم خرجت من الغرفه وهي بجانبه ، حتي خرج لهم بالصاله ،، كانت وجنتيها حمراء ولكن واحده حمراء بشده بسبب صفعة عمها والاخرى حمراء من خجلها ، ابتسمت لهم بسمه صغيره ، فابتسم البعض يبادلها بفرح من خروجها الغير متوقع ، وقف "حامد" أمام "سُميه" التي طالعته بامتنان فتحدث هو قائلاً باذن:
_"تسحميلي أخد الجميله دي نخرج أنا وهي لوحدنا شويه ؟؟"
قالها بلطفٍ فنظرت له وهي تومأ بثقه به ، قائله بصوتٍ مهزوز:
_" خلي بالك منها !"
_"في عنيا طبعاً "
قالها وهو يسير بجانبها حتي خرجت من باب الشقه معه ، تنفس البعض براحه والبعض بألمٍ ، فحاولت "وسام" تخفيف حدة الأجواء حتي تحدثت قائله:
_" جماعه ، انا كده البوب بيتخطف مني عيني عينك !!"
قالتها ثم وضعت يديها علي خدها بضجر زائف ، فضحك الجميع عليها بخفه ومن مرحها الدائم ! ، نهض مع الوقت "حازم" الذي وقف مع "ياسمين" في الشُرفه ، و "ورده" التي دلفت غرفتها مع زوجها ، بينما جلست "سُميه" بجانب "دلال" التي تواسيها ، كما إستأءنت "وسام" حتي تذهب للمذاكره ، بينما رحلت "عايده" هي و"جميله" بعدما توجهوا لها ومن ثم نظروا لها بأسفٍ عما حدث !! ، لم تحملهم "سُميه" الذنب بل تعلم جيداً طبيعة ما يشعرون به !! بقيت هي و"دلال" في الصاله بينما وقف الاثنان معاً بالشرفه
نزلت دموع "ياسمين" التي كانت تأبى بأن تهبط أمام أي شخص، كانت داخل أحضانه التي تشعر بالراحه والسكينه داخلها ، ربت هو على ظهرها بحنوٍ ثم تابع بنبره هادئه:
_"أنا أسف ، أسف علي كل اللي انتِ حاسه بيه وعلي كل اللي حصل "
خرجت من أحضانه وهي تجفف دموعها ، ثم إجابته بنبره ضعيفه مزجها بعض المرح:
_" بتتأسف علي ايه يا حازم ، ما انتَ كمان محطوط عليك منهم ، أنا بجد تعبت"
قالتها بتعبٍ فابتسم هو بقلة حيله قائلاً بتشتت:
_"أنا والله ما عارف يعني انتِ. كده بتهزري ولا مقهوره ولا نظامك ايه !"
صمتت تتابعه بضجرٍ فواصل يكمل يعقلٍ:
_" عارف إن القلم ده نزل علي قلبك انتِ ، والله يكون فعون نيروز واللي حسيته ، أنا مش عارف أعمل ايه ولا أقول ايه ! مش هقدر ، مش هقدر بعد اتهامها ليا وضربه لنيروز أمد ايدي عليه مهما كان ده أبويا ، بس هو الظاهر مش معترف إني ابنه !"
قالها بانكسارٍ ، فطالعته هي بتأثرٍ ، ثم نظرت له بغير تصديق حينما فرت منه دمعه واحده علي وجهه رفعت يديها سريعاً وهي تبكي لتمسح دمعته بينما هو فعل معها كما فعلت هي ، فتحدثت هي من بين بكائهما كالمختله:
_" يعني يارب Us في العياط والنكد !!"
ضحك من بين دموع عينيه ، فاعتلت ضحكاتها هي الأخري بقلة حيله ، تلك التي لم تفشل يوماً في تخفيف أي ثقل عليه !! ، رفع يضرب كف بكف قائلاً من بين ضحكاته:
_" وربنا أهبل واحده ، الله يخربيت الدراما اللي مش ماشيه معاكِ سكه دي!!"
ضحكت بخفه علي ما أردفه ، فطالعها بحبٍ لتقاسيمها وضحكتها الذي ينتظرها حتي تهون صعوبات أيامه عليه!!
_____________________________________________
كان يُمسـك بالإبره ليحقنها به ،. وبسبب تراخي أعصابه لم يقوي علي فعلها ، كان يحاول أكثر من مره ، إلي أن إنتبه لـ "ٱدم" الذي خرج من المرحاض وبيديه المنشفه ، طالعه "ٱدم" بذهول وهو يهتف عالياّ:
_"إنتَ بتعمل ايه يا حسن انتَ مش لسه ضارب من شويه!!"
_"مش قادر يا ٱدم مبقتش أقدر أقعد كتير من غيرها ، دماغي هتموتني"
وبسبب كثره تعاطيه فأصبح هو يتعاطي أكثر منه ، وأصبح جسده يطلب المزيد في فتره أقصر ! ، لم يتحرك "ٱدم" بل نظر له وهو يحاول أن يحقن بداخل عروق يديه وبسيب رعشة يديه لم يفعلها ، نظر "حسن " له بترجي وهو يهتف:
_" متقفش كده يا ٱدم تعالي انتَ ، مش عارف أتلم علي أعصابي "
وقف "ٱدم" بمكانه بتردد لم يتحرك خطوه واحده إلي الأمام ، بينما توقع "حسن" بما يفعله ، فأمسك زجاجة المياه الزجاجيه ثم دفعها علي الأرض بقوه وهو يصرخ عالياً بغير وعي ، بينما مازال لم يحرك له ساكناً ، طالع تشنجاته الباديه علي وجهه ، حتي تحرك سريعاً يُمسك بيديه وهو يحقن به ذلك المخدر ،. خانته مشاعره المتعاطفه معه وهو يضع نفسه بمكانه ، وبسبب عقله الباطن ما أن فعلها الٱخر تراخت أعصابه وهو. يبتسم بانتصار وراحه ، ٱخذاً أنفاسـه بالتدريج بينما وقف "ٱدم" وهو يردد حديثه رغماً عنه:
_". من بكره تمشي يا حسن وابقي تعالي لو عاوز تبطل..!"
قالها أما أنظار الٱخر الساخره ، ومن ثم ترك له الغرفه وهو يخرج منها ، تاركه ينظر بأعين زائغه، وجسده المتراخي !!
___________________________________________
مَرت ساعه واحده وأكثر من ذلك ، بينما كان يجلس علي المقعد وهو ينظر علي الملابس الذي قام بشرائها هو و صديقه ، إبتسم "غسان" له بينما تحدث "شادي" قائلاً:
_" هاه الأحمر حلو ليك؟. وأنا الأبيض ، ولا تاخد الاسود وأنا الأبيض؟؟"
_" مش لابس أحمر أنا "
قالها وهو ينظر له ، بينما تحدث "شادي" بضجرٍ غلفه المرح:
_"مش لابس أحمر ليه ! طب ده حتي لو لبسته هتولع الدنيا ، قوم قيسه طيب كده !"
_" هولع الدنيا ؟؟ ليه هلبس بدلة رقص ؟؟"
قالها "غسان" باستنكارٍ ، فطالعه الآخر بمرح وهو يغمز له قائلاّ بمشاكسه:
_"حلم حياتي أشوف بدلة رقص ، أجيبها ؟؟"
ضحك "غسان " رغماً عنه وهو يجيبه بحزمٍ:
_" هخلعلك عينك اللي بتغمز بيها. دي ، تعالى وانا أجبلك أنا وتلبسها بدلة الرقص دي مادام نفسك فيها "
أومأ له بحماس زائف وهو يعتدل قائلاز بعفويه:
_"موافق"
_" يعني نخوه متلاقيش ، رجوله متلاقيش ..!"
قالها بمرحٍ ، فأشار له الٱخر بغير إهتمام قائلاً :
_" انتَ الخسران ، كنت هلبسها وأبين شعر رجلي وأعمل إغراء!"
قهقه "غسان" عالياً مردداً من بين ضحكاته الرنانه قائلاً :
_" متخيل المنظر .."
قالها بصخبٍ وهو يضحك بقوه ، فضحك الٱخر علي أثر ضحكاته وهو يمسك بيده الملابس ، وما أن انتهي من ضحكاته هتف عالياً :
_"انتَ اللي هتلبس الأحمر بردو "
___________________________________________
قبل ذلك بقليلٍ ، مرت ساعه وأكثر معه وهي لا تعلم إلي أين يأخذها فقط يقول لها بين الحين والٱخر :
_"متخافيش من هخطفك "
كانت تبتسم فقط لم تقوي علي الحديث تركها وراحتها ، هبطتت من سيارة الاجره أمام المنزل الذي يوجد له بوابه خشبيه ، هبط هو الآخر حتي أعطي للسائق الأموال ، وجدها تنظر باستغراب ، فحثها علي السير معه بثقه وإطمئنان إلي أن دخل من البوابه الخشبيه المفتوحه دائماً ، نظر لها فوجد أنظارها توجهت ناحية الزرع والورد في الحديقه الصغيره التي ابتسمت فور رؤيتها لهم ، نظرت له قائله بهدوءٍ:
_"لو انتَ بتزور حد أنا ممكن أقعد هناك كده علي ما تخلص "
تلك الغبيه ماذا لو علمت إنه واقفاً يدق المنزل الذي يوجد به من دق قلبها له ، نظر لها وهو يتساءل :
_"متأكده؟"
هزت رأسها فأومأ لها حتي ذهبت إلي الجانب التي توجد به الحديقه والمقاعد ، جلست من علي بعد ، فدق هو جرس الباب مره أخري ، لم تستمر دقائق حتي نهض "شادي" وهو يقذف الملابس علي الآخر قائلاً بحزم من علي بُعد:
_"انتَ اللي هتلبس الأحمر هيبقي تحفه عليك بقولك"
_مش لابسه"
سمعها وهو يتوجه ليفتح باب المنزل تزامناً مع رده:
_"وربنا الاحمر هيبقي تحفه عليكً ، إلبسه كـ.."
بتر كلماته وجود والد صديقه من أمامه الذي ما أن رٱه ابتسم ابتسامه عريضه وهو يرحب قائلاً بحبورٍ :
_"أبو الحوامد حبيبي"
طالعه "حامد" ما أن فتح له الباب بصدمه علي ملامحه هاتفاً بتساؤل:
_" أحمر ايه اللي هيبقي تحفه عليه ياض !"
ضحك عالياً بقوه وهو يدخل بين أحضانه ، حتي دخل الاخر بين أحضانه بابتسامه ، إلي أن رأي "غسان" يقف من خلفه ، خرج من أحضانه وهو يتوجه ليقف أمام ولده ، طالعه "غسان" بصمت إلي أن تقدم "حامد" ليدخل بين أحضانه وكأن الٱخر هو والده وليس العكس ، رفع "غسان" ذراعه الغير مصابه يربت بها علي ظهر والده ، فخرج من بين أحضانه ، ثم نظر لصديقه بحده ، فتحدث "شادي" بتبرير سريعاً:
_" وربنا ما قولتله حاجه"
_"مقاليش حاجه فعلاً أمك اللي قالتلي !"
ضحك "غسان" ثم هتف بسخريه وهو ينظر لهما قائلاً:
_" عمري ما قولت لامي سر وطلع برا مصر !"
قهقه" والده " كما ضحك صديقه ، فتوجه "حامد" ليجلس تزامناً ع قوله لـ الاخر:
_"أنا ياض مش قايلك متمشيش مع شادي. لأنه واد بايظ وهيبوظك ؛ وايه حوار الاحمر اللي هيبقي تحفه عليكّ ده كمان"
كان يمزح فضحك عليه الأثنان حتي كاد أن يبرر له "شادي" فقاطعه سريعاً بقوله:
_"آخرس خالص متكلمش يا كلب حسابك معايا بعدين ، كنت بتأكل ابني ايه علي كده عيش حاف عشان يبقي شكله هفتان كده ؟؟"
حاول "شادي". التبرير له ، فأوقفه "حامد" مره أخري قائلاً بحزم:
_" مش أنا قولتلك اخرس ، روح اعملي كوباية شاي من ايدك ، وحشني شايك"
كان يقول حديثه بجديه زائفه، فأومأ له "شادي" بطاعه وهو يبتسم بمرح، تحت ضحكات صديقه العاليه ، وما ان اختفي من أمامهم ليترك. لهم المساحه الخاصه، تنفس "غسان" بقوه تزامناً مع قوله المتساءل:
_"جاي ليه يا حامد؟!"
_" جاي أقولك ارجع يا غسان ، ارجع لبيتك ولحياتك،ولراحتك، عشان أمك بالها يهدي وعشان تتصافى انتَ وأخوك اللي ملكش غيره ، وعشان تشوف المشاكل اللي حصلت فِـ غيابك .."
عقد ما بين حاجبيه بتساؤل وهو يقول:
_"مشاكل !!"
_"أيوه مشاكل ، سليم ومراته لقوا ورقه حطتها فريده اللي مشت فاليوم اللي انتَ مشيت فيه ، وكان متكوب فالورقه إنك انتَ اللي قولتلها تعمل كده وكأنك خاطفها دلوقتي فـ نظرهم ومش ناويين علي خير "
نظر له بغير تصديق مردداّ بانفعال:
_" آتهبلوا فـ مخهم دول ولا ايه !!"
_" عرفت إن مشيك سبب حاجات كتير ، والمشكلة التانيه لسه قبل ما ٱجي زينات وجوزها قالوا قدام العيله إن نيروز ماشيه معاك وعابو فيها وفـ تربيتها "
إلي هنا ووقف بغضبٍ لما سمعه للتوّ ، تأكدت شكوك "والده" الٱن ، حتي ردد "غسان" بغير وعي:
_"طب ونيـروز ؟"
نهض هو الٱخر يقف من أمامه وهو يطالعه مردداً بنبره هادئه متفهمه:
_" مكذبش إحساسي ولا نظراتي وأنا بشوفك هتاكلها بعينك واحنا قاعدين، بتحبها ؟؟"
طالع والده بتشتت وهو يسأله مره أخري قائلاً بخوفٍ من داخله:
_"نيروز كويسه ؟!"
إبتسم "والده" وهو يرفع يديه يربت عليه بإطمئنان، قائلاً بثقه:
_" يبقي بتحبها ! ، حبيتها ووقعت فيها وهي كمان وقعت فيكّ ،. مش هتصدق كانت خايفه عليكّ ازاي لما شوفت فعنيها الخوف ده ، ووقفت قصاد "بسام" عشان تتكلم فحقك بالحلو وهي بتدافع عنكّ "
حسنناً لو يقصد الفتك بأعصابه لن يفعل ذلك عمداً ، تسارعت دقات قلبه حينما ردد "حامد" مره أخري وهو ينظر لعينيه التائهه:
_" جبتها برا معايا ، كنت متردد أجيبها بس عشان ال حصـ.."
قاطع"والده" وهو يتساءل بلهفه:
_" يعني هي برا؟؟"
هز له رأسه بالايجاب ، بينما تحرك هو وهو يتخطي "والده " ليخرج لها ، حتي وجدها تنحني من علي بُعد لتستنشق رائحة النعناع ، في هذه اللحظه كانت تتذكره هو. ومشروبه ، توجه بخفه يقف من خلفها ثم خرج صوته وهو يتحدث بعبث:
_" بيفكرك بيا ؟؟"
ما هذا ؟. هذا صوته أم أنها تتخيل فقط لاقتحامه ذاكرتها !! ، نهضت ببطئ وهي تتنفس بتوتر ثم التفتت حتي فتحت عينيها علي وسعها وهي تقف مكانها ، بينما ابتسم هو بتسليه وهو يتوجه لها أكثر حتي وقف أمامها ، بينما رجعت هي للخلف خطوه واحده بسبب إقترابه بغير وعي منها ، إبتسم بتسليه ثم سألها بعبثٍ وابتسامه صغيره زينت وجهه:
_" يعني خايفه مني وموحشتكيش؟؟"
دق قلبها سريعاً بخجلٍ ثم رفعت أنظارها تطالع عيناه اللامعه ، وهي تتحدث قائله بعفويه وتعلثم:
_" لا ."
ضحك هو بخفه قائلاً مره أخري يشاكسها :
_"لا ايه بالظبط ؟!"
تصنعت عدم فهم حديثه ثم نظرت علي جرح رأسه الموضوع عليه لاصق طبي ، متذكره دماءه التي كانت مُلطخه بيديها منذ أيام قليله ! ، حركت أنظارها على يده المكسوره ، كانت تنظر بحزن من داخلها علي كل ما حدث ، ابتسم لها بإطمئنان وهو يشير لها بأن تجلس ، حتي جلست وجلس هو بجانبها ، لم يتحدث هو بل ترك لها فرصه كبيره حتي تحدثت بنبره حاولت أن تبقي ثابته رغم إهتزازها :
_" مشيت ليه وسيبتني مع إنك عرفت كل مخاوفي .!"
قالتها وهي ترفع وجهها ونظراتها لتواجه نظراته ، كاد أن يتحدث هو بأسفٍ ولكنه رفع يده سريعاً يتلمس وجهها أثر صفعة عمها ، مردداً بذهول متناسياً حديثها وحديثه :
_" مين اللي ضربك علي وشك كده ؟"
هربت بأنظارها بارتباكٍ ، بينما هو فالبدايه عندما كان يقف أمامها وظله عليها لم ينتبه لذلك حتي ظن أنها حمرة الخجل !! ، تلمس وجهها بتمعن غلفه الحنو، فرفعت يديها المرتجفه وهي تمسك يده لتنزلها من علي وجهها بحرجٍ، بينما تابع هو بحزم يردد كلماته مره أخري بجمود:
_" بقولكّ مين ضربك !"
حاولت أن تتحدث رغم تخوفها ،حتي خرج حديثها بتعلثمٍ :
_"عـمـي"
سبه بذيئه خرجت من فمه تلقائياً حتي نظرت له بصدمه مما أردفه ذلك الوقح من وجهة نظرها ، مرت دقائق وهو يفكر ما الذي يمكن فعله لذلك الحقير ، بينما صمتت هي ، فـ حاول أن يبقي ثابتاً حتى تحدث بهدوء مره أخري وداخله طبول الإرتباكّ دقت لأول مره أمام نظراتها حينما ردد بصدق:
_" نـيروز .."
حسنناً حان الوقت للقول وحتى ان حدث شئ بينه وبين عمها فذلك الجواب منه كفيلاً لما يمكن فعله لأجلها فيما بعد ،قالها وهو ينظر لها بعمق أعينها البُنيه الفاتحه ،فـ نظرت له بانتظار وترقب للٱتي و لما سيقوله ، فـ هتف هو بصدقٍ وعيون لامعه قائلاً باعترافٍ رغم إعتراف طريقته وأسلوبه ونظراته قبل حديثه الٱتى ، رددها بنبره تائهه صادقه أمام عينيها التي أجبرته علي حُبها وقوله لذلك وهو يخرج أنفاسه الحاره :
_" أنا بـَحبــكّ."
كم كانت كلمه ليست سهله القول حتي وإن اعترف لها بتعاملاته ، وحتي إن كانت تعلم هي فسماعها منه لتو ، وترها وأربك من نظراتها ، ولكن قولها وهي تهرب بأنظارها بعيداً عنه مردده بتلقائيه مُمسكه بيديها المرتجفه:
_" أنـــا .."
صمتت تحاول أن تجمع شتاتها ثم أغمضت عينيها وهي تردد بسرعه متحليه بالجرأه :
_"أنــا كمـان"
إبتسم وهو يحدثها بعبثٍ ليربكها أكثر ليري ما يريده من تعلثمٍ لديها :
_" انتِ كمان إيه ؟"
ذلك الغير هين بتاتاً يقصد أن يجعلها ترتبك وتتوتىر أمام نظراته ، ، طالعته بقلة حيله لا تعلم كيف ومتي ولا تعلم لما تبكي الٱن ؟! ،حينما هتفت بنبرتها المتحشرجه المهزوزه لتجيبه بإعترافها هي الأخرى :
_" أنــا كمــان بَـحـبك "
حسنناّ اعترافها شئ أخر حتي وإن كان يعلم ولكن الأن أصبح سعيداً بالضعف ، دق قلبه بقوه لم يرتبك كمثل الٱن من قبل ! ولكن تماسكه ومحاولته في الثبات كان الأقوى حينما رفع يده يمسح دموعها بحنوٍ، بينما هي ترتبك من لمسته التي ترتجف يديها ما أن يضع يده علي وجهها ، ولكنها أيقنت جيداً أنها أحبته بشده حينما ردد من بين مسحه لدموعها:
_" متعيطيش بقا ، عيب منك لما دموعك تنزل وانتِ معايا وقلبك جنب قلبي يا رُزّه "
رفعت يديها تمسح وجهها حينما أنزل هو يديه ثم ابتسمت بخجلٍ من بين دموعها لما أردفه للتو ! ، كان "شادي" يقف مستنداً علي الحائط بجانب "حامد" وهو يردد بهيام:
_"غريب الحب مين فاهمه..!! "
رفع" حامد" حاجبيه قائلاً له بسرعه:
_" روح له بسرعه بدل ما ياخدها فحضنه ده مترباش ويعملها .. !"
ضحك "شادي" بقوه بينما حدجه الآخر بحزم إلي أن أومأ له بالايجاب وهو يتجه لهما بينما جلس "حامد" يشرب من كوب الشاي مره أخري بعدما كان ينظر من الشُرفه ، فالخارج وقف "شادي" يبتسم لهما بعدما عرفه "غسان" جيداً ، فـ تحدث "شادي" قائلاً بلطفٍ وتلقائيه:
_" بجد لما عرفت إنك بتحبي الزرع منه وقالي إنك عامله نعناع وورد فالبلكونه وهو كان بيسقيه و.."
لو كان يقصد بأن يقوم بفضيحته بمكان عام لفعل أقل من ذلك ، نهض "غسان" يحدجه بتحذير ، بينما ضحكت هي بخفه لتفهمها للذي حدث بينهما حتي نهضت هي الأخري وهي تتحدثت قائله براحه محاوله التخلي عن خجلها:
_" أنا فعلاً بحب الزرع والورد أوي ، كنت بزرع النعناع وماما كانت بتستخدمه وتشربه.، بس لما أنا حبيت اللمون بالنعناع الخطه اتغيرت خالص"
وزع "شادي " نظراته لهما بشكٍ وسرعان ما هتف بمرح:
_" دا انتوا واخدين من بعض حاجات كتير بقا ، عارفه إن الواد ده كان مقضيها أم كلثوم وقاعد يغني ويشكي ويبكي ، وضربني مرتين ، وكان هيتهجم عليا.. هو الفراق بيعمل كل ده يا اسمك ايه .؟؟!"
وضع "غسان" يده سريعاً ليجعله يصمت رغماّ عنه هاتفاً بجانب أذنه بخفوت:
_" ورحمة امك لهعرفك..!"
قالها بتوعد ، ثم رجع يبتسم وكأن شئ لم يكن نظر له "شادي" بتوتر زائف حتي يبعد نظراته عنه ، بينما ضحكت هي بخفه لما يفعله الاثنان ، فردد مره أخري بثقه :
_" علفكرة بيحبك جداً !! ده عمره ما عمل اللي عمله ده مع البنات اللي كنا نعرفهم فـ انتِ عملتي انجاز بصراحه. و.."
والٱن نفذ صبره وهو ينظر له بتحذير، أدرك الٱخر ما أردفه بينما حملقت هي بصدمه للذي يحدث لم تعرف إنه ينتظرها الاقوي، أمسكه من تلابيبه وهو ينظر له بتوعد ومن ثم تركه وهو يشير بعينيه ليصلح ما قاله ليهتف يبرر بتردد سريعاً:
_"أنا قصدي يعني يا ٱنسه نيروز ، إن هو واللهِ ما بيقول فحقك غير كل حلو وجميل ولا حتي بيلفت نظره بنت غيرك بقاله مده ، يعني تقريباً ٱخر مره قالي كان امبارح وهو بيقولي علي انچي مديرة الفرع إنها جامده بس بارده .. يعني مفيش حد حلو وكامل فنظره غيرك إطمنـ..."
صمت بسرعه حينما شهقت هي شهقه مكتومه من ٱثر الذي سمعته ، بينما كان يقف"حامد" في الخلف منذ بداية الجمله حتي إعتلت ضحكاته سريعاً وهو يتوجه يقف أمام ولده قائلاً بثبات:
_"تستاهل !"
حرك "شادي" عينيه في المكان ببراءه وكأنه لم يفعل شيئ بينما تابع "حامد" بنبره هادئه:
_" هتروح معانا ؟؟"
_" هاجي بكره "
قالها ومن ثم وجه أنظاره لتلك الصامته ، كان والده متوقعاً رده هذا ، حتي أومأ له ، قائلاً بثقه:
_" أنا هثق فيكّ وفـ كلامك ، متتأخرش"
التفت بعد حديثه ينظر لـ "شادي" وهو يتحدث لهم:
_"أنا هستناكِ يا نيروز علي البوابه علي ما أكلم شادي خمسه كده "
أومأت له بالموافقه رغم خجلها من كشف مشاعرهم ، حتي سبق "حامد" أولاً ومن خلفه "شادي" ، فَـ عاد "غسان" يطالعها حتي نظر إلي ملابسها قائلاً بعبث وهو يغمز لها بطرف عينيه:
_"طب لابسه الإسود ليه وأنا لسه حي !"
التفت تنظر له وهي تضحك بخفه فتابع ضحكتها بشغفٍ وهو يتحدث بحديثه المعتاد يملأ فقده لها لأيام:
_" عارفه الست قالت ايه ؟"
نظرت له مبتسمه تنتظر إجابته قائله:
_"ايه؟؟"
_"بعيد عنك حياتي عذاب،.. ده بجد وربنا "
نظرت له بتشكك ، خاصةّ بعدما أردف صديقه منذ قليل حديثه ، ثم تحدثت قائله تجيبه اجابه مستنكره:
_" ماهو واضح فعلاً "
ضحك بخفه ، ثم أخذ أنفاسه بهدوء وهو يتحدث قائلاً بعقلانيه وتوعد من داخله للذي فعل بها هذا :
_"مش عاوزك تتأثري من اللي عمله عمك ، خليكِ جامده كده ولا يهزك حاجه غير كلامي !"
أتخجل أم تبتسم بامتنان علي تشجيعه ! خلل يحدث في مشاعرها تجاهه ، بينما واصل مره اخري يكمل :
_" هرجع بكره، عشانكّ وعشان اشوف اللي حصل فـى غيابي"
لم يريد أن يسألها ولكن سألها علي أي حال ولم يترك لتردده بأن يتمكن منه:
_" نيروز !! انتِ مصدقه اللي قالته بنت عمك عني ؟!"
تحدثت سريعاً تنفي ما قاله قائله باندفاع:
_" لا خالص أنا عارفه كويس إنك ملكش ذنب ولا يد فـ اللي حصل ،مستحيل تعمل كده أنا عارفه "
حسنناّ من الطبيعي أن يسعده قولها بينما حزن لثقه الاخرين به في حين أن شقيقه لم يثق به ، حاول التماسك أمامها ثم نظر لها وهو يقول بمراوغه:
_" لا دا انتِ ثقتك فيا معديه وطايله سابع سما بقا .!"
ابتسمت بحرج ثم حاولت الهروب من كلماته وعبثه قائله:
_"أنا همشي عشان عمو حامد "
صمتت تنظر له فوجدته يطالع وجهها باشتياقّ ، ثم غلبتها مشاعرها حينما واصلت مره أخري:
_" هستناكّ ، متغيبش كتير وتعالى بسرعه"
كانت ترمي له حزنها الطفيف منه حينما رحل ولكنها تعلم أنها رغماً عنه ، صمتت تتابع ملامح وجهه فوجدته ينظر لها من أعلي لأسفل ، رفعت يديها سريعاً تشير له أمام وجهه بغيظٍ قائله بتلقائيه:
_"لسه بردو قليل الأدب !!"
ضحك بخفه وهو يردد ببراءه:
_"طب أنا عملت ايه !"
_"انتَ عارف كويس "
قالتها وهي تتوجه لتسير من أمامه فأوقفها نبرته وهو. يهتف باسمها عالياً:
_"نيروز"
التفت تنظر له باستفهام ،فأجابها بوقاحه ظهرت في جرأة حديثه وهو يقول:
_" العبـايه ..جامده !!"
فتحت فاهها بغير تصديق ثم التفتت بسرعه تهرب من نظراته بينما تابع هو مره أخري يصحح لها بنبره عاليه:
_" بس أنا مش قلـيل الأدب علفكره ها ..!!"
قالها ثم جلس بمكانه وهو يبتسم حتي مرت دقائق وظهر من أمامه صديقه الذي كان يتردد في الاتجاه نحوه بسبب ما فعله ، طالعه "غسان" بتحدي ثم تحدث قائلاً بشرٍ وهو يبتسم:
_"تعالالي يا حبيب قلبي .."
_____________________________________________
ذهب النهار منذ فتره وجاء المساء في بداياته ، كانت هي تجلس في المستشفي كعادتها ، كانت تجلس علي سجادة الصلاه تصلي وتدعو الله بأن يشفي والدتها !! ، جلس "عز" الذي بدا علي وجهه الإرهاق من العمل ، نهضت وهي تتحامل علي ألم جسدها الغير مفهوم ولكنه كان بسبب ألمها النفسي ، نهض هو سريعاً يسندها وهو يمسك يديها حتي أجلسها علي الفراش برفق، ابتسمت له هي قائله بهدوءٍ تشاكسه:
_" ايه يا عز احنا لسه جامدين يا با"
ابتسم "عز" ثم ربت علي علي وجهها بحنوٍ قائلاً بثقه:
_" عارف إنك جامده ، وإستحملتي كتير ، بس إتماسكي يا فرح أكتر من كده عشان خاطري أنا عمري ما شوفتك فالحاله دي أبداً وطول الوقت بأنب نفسي عشان بسيبك هنا غصب عني وأنا فالشغل .!"
رفعت يديها تربت علي يده بحنوٍ ثم إجابته بحبٍ:
_" أنا عارفه يا عز ومش متدايقه من كل ده ، أهم حاجه عندي انك تبقي كويس وماما تفوق علشان وحشتني أوي"
قالت ٱخر حديثها بضعفٍ، نظر لها بتفهم لما تشعر به فهو لا يقل عنها بشعورها هذا ، اخذها بين أحضانه الدافئه وهو يحدثها بنبره مطمئنه :
_"هتفوق وهتبقي زي الفل ، بس فوقي وروقي انتِ الأول يا بطل في حاجات كتير مستنياكِ ، أنا مش عايز حاجه من الدنيا غير اني أشوفك مبسوطه ومحققه ومتخرجه من حلمك ، وإن حنان ربنا يخليهالنا ويمد فعمرها .!"
_"ربنا يخليك لينا يا عز ، والأهم مني انتَ ، نفسي أشوفك. مبسوط وبالك مرتاح وربنا يجمعك مع اللي اختارها قلبك من غير وجع !"
تنفس بعمق وهي تخرج من بين أحضانه قائلاً بشرود:
_" مش عارف يا فرح ، حاسس إن مشاعري بتطلع مني عالفاضي ، كل حاجه متقفله فوشي لما سألت علي أبوها من بعيد وعرفت إنه مش سهل يقبل بواحد زيي ، ما أنا بردو اللي غلطان بصيت للعالي أوي من غير ما أخد بالي إني تحت وفـ سابع أرض ..!"
نظرت له ثم هتفت بجديه تقاطعه:
_" متقولش علي نفسك كده تاني ، انتَ أكتر واحد يستاهل جايزة كفاح ، مش عارف انتَ تعبت قد ايه عشان تعمل ورشه لوحدك ، انتَ عانيت وتعبت وانتَ بتصرف علينا وبتاخد بالك من اتنين فرقبتك وبقيت مسئول من شبابك وملحقتش تشم نفسك حتي ، لا يا عز إنتَ فالعالي أوي حتي انا لو بصيت للمكان اللي انتَ موجود فيه فنظري مش هيجيبه ، انتَ عز الرجال بجد مش كلام وخلاص ، متقولش علي نفسك كده تاني "
كم كانت شرسه في الدفاع عنه ابتسم لها بحبٍ وهو ينظر لها تدافع عنه ، نهض يجلب الطعام الٱتي منذ قليل لها ثم وضعه من أمامها وهو يمسك الملعقه حتي ييدأ بتطعيمها ، ابتسمت له ثم جذبت منه الملعقه علي فجأه قائله:
_" يا ما أكلتني ، تعال ماأكلك أنا ، يعني تدفعلي فلوس المستشفي والأكل والخدمه وتتعب ومتاكلش ، ده حتي عيب راجل "
قالتها بمرح فاعتلت ضحكاته الرجوليه، وجهت الملعقه أمام فمه ، ففتحه وهو يأكل من يديها ناظراً بعمق تفاصيل وجهها التي تشبه والدته إلي حد كبير ، ابتسم باشتياق لها ولحضنها الدافئ ، ورغم ذلك يوجد أمامه الٱن نسخه مصغره منها تحاول تعويضه إلي أن تنهض الأخري من غفوتها الإجباريه ..!!
_________________________________________
بعد مرور وقت كانت غافيـه في الغرفه وهي تغلق الباب عليها ، بين الاستيقاظ والنومّ ، لم يكن لديها أي شئ تفعله سوي النوم ، لم تسمع صوته وهو يأتي من الخارج ، دلف الغرفه بهدوءٍ ثم دخل بخطواتٍ ثابته خفيفه ،ليقف أمامها يطالعها وهي غافيـه ، وقف ينظر لها بشرود لعدة دقائق ، لا يعلم لما ٱتي بها قبل وقت تنفيذه بكثيرٍ ، ولكن بسبب خداعه لها فظن أنها تأتي ليخدعها مجدداً ؟ كانت تتقلب هي ،بينما كانت أعينه زائغه من شُربه للخَمـر، ولكنه يحاول الثبات لم يتأثر بها بشده بسبب اعتياده علي ذلك ، إنتفضت علي فجأه ثم نهضت بعشوائيه لتجلس علي الفراش ، وهي تراه يطالعها وكأنه شارد في عالم غير التي هي به ، عقدت ما بين حاجبيها لسكونه وعدم تحركه من أمامها ، لم تستر نفسها بل إعتادت أن تجلس من أمامه بملابسها المنزليه المريحه ، رفع أنظاره علي شعرها التي تركته خلفها بغير اهتمام ، نهضت هي ببطئ لتقترب منه وهي تربت علي ظهره برقه قائله بصوت ناعم تسأله:
_"مالك يا شريف؟"
وزع أنظاره علي يديها ووجهها ، لما تفعل كل هذا وهو لم يبادلها الحب بالشده التي تحبه هي بها !! ، إبتسامه داخليه صفراء ،. بسبب ما يراه منها ! ، لم يستطـع الوقوف أكثر بل توجه ليجلس علي الفراش بتعبٍ حاول أن لا يظهره أمامها ، ومن ثم توجهت هي لتجلس بجانبه ، ابتسمت له فبادلها البسمه رغماّ عنه ، لم ولن يشعر ناحيتها بمشاعر أبداً ، وهذا ما كان يحذر به نفسه ، وأن المنطق لن ولم يسمح لهما بأن يصبحا لبعضهما ، ولا شئ يهزم المنطق !! ، هو سئ بكل معاني الكلمه عاني ويجعل غيره يُعاني ! تأذى من وحدته القاسيه سوف يأذي غيره ويأذيه بالفعل ، مهما كان ثباته أمام الذي شربه تؤثر حتماً علي نقطة الوعي، حتي وإن كانت نسبه بسيطه ، رفع ذراعيه يضعها علي رأسه ، فطالعته هي بشفقه ، ومن ثم رفعت ذراعيها حتي يدخل بين أحضانها ، نظر لها بتهكمٍ لم تستشفه ولكن كان متردد من الداخل حتي دخل بين أحضانها ، حسنناً لاداعي من أخذ إحتواء لم يأخذه هو من فتره كبيره ، حتي وإن كانت أحضانها لا تشبه من لديه ولكن علي اية حال يفعل ما يجعلها تتمسك به حتي لا تذهب وتتركه ، ألم جسده كان الاقوي خرج من أحضانها بانهاكٍ طفيف ثم رفع ساقيه ليتمدد علي الفراش ، نظرت له بصمت ومن ثم نهضت لتخرج من الغرفه حتي تجد مكان ٱخر ، فخرج صوته لأول مره يقاطعها :
_" تعالي نامي ، متخافيش !"
نظر ت له بتردد ثم تعمدت أن تتجاهل حديثه وهي تتوجه مره أخري تكمل سيرها ولكنها انتفضت سريعاً حينما نهض مره واحده ثم توجه ليمسك يديها بقوه ، حاولت أن تتغاضى عن مسكته التي لم تكن هينه ،، فنظر لها وهو يسحبها خلفه ، كيف يتحدث ولم تنساق وراء حديثه ، مريضاً نفسياً يريد أن يجعل من حوله تحت أمره !!؟. ، أجلسها علي الفراش ، ثم نظر لها بتهكمٍ وهو يتوجه ليخرج من الغرفه ، تزامناً مع قوله لها :
_" نامى !"
لم تبدي أي ردة فعل بل نظرت بأثره وهو يخرج من الغرفه غالقاً بابها من خلفه ، تمعنت فيما فعله ولكنها لم تجد جواباً ، بل لو كان أجبرها علي النوم في نفس الفراش الذي كان سينام عليه في الجهه الاخري حتي ولو كان بينهما حاجز ، كانت ستحاول ترك الشقه ولكن ليس تركه هو بالتحديد !! ، إتضح أنه كان الأذكى حينما توقع نتيجة ما كان سيفعله ، كان واعياً لفهم ما تفكر به !! ، تنفست بعمق وهي تجذب الغطاء مره أخري حتي تحاول أن تنام بعد تناقض تفكيرها وطبيعته التي بدت غريبه إلي حدٍ ما بالنسبه لها !
__________________________________________
كان يجلس علي الفراش بتعبٍ من خروجه اليوم ، هو غير معتاد علي السير كثيراً منذ أن أصبح متخطياً سن العمل وعندما تقاعد وعادتاً ما يجلس في منزله ، أمسكت "دلال" علبة الدواء وهي تبتسم ثم أعطتها له وهي تفنح له زجاجة المياه ، اخذها منها وهو يبتسم قائلاً بحبٍ:
_" تعيشيلي العمر كله يا أم غسان "
نظرت له بحبٍ وسعاده لما فعله ، ثم تحدثت قائله بصوت مُبهج:
_"يعني صحيح يا حامد ، غسان جاي بكره ؟؟"
_"أيوه جاي ، مكنتش اتوقع إنه يسمع ويمشي ورا كلامي ، بس الظاهر مرواح نيروز معايا كان ليه فايده كبيره "
صمت يتابع ملامحها المشرقه التي تبدلت سريعاً فور علمها ، فواصل يكمل بتحذير:
_"دلال أنا مش عاوزك تتكلمي كتير فموضوع ابنك ونيروز أديكي شايفه الدنيا عامله ازاي والمشاكل إيه ، فـ احنا نستني كده لما الدنيا تهدي وبعد كده ابنك يشوف مصلحته معاها لو ليه نصيب إن شاء الله"
نظرت له باطمئنان ثم توجهت لتجلس بجانبه ، حتى أجابته قائله ببسمه عريضه:
_" لا مش هقول ولا هتكلم ، بس أنا فرحانه أوي يا حامد لما انتَ أكدتلي اللي كنت حاسه بيه ، أنا كنت بشوف ابني الضحكه علي وشه أول ما تيجي هنا أو أما يبقي هناك ، وشكيت أكتر فيهم يوم كتب الكتاب لما مشت عشان كانت بتعيط وهو راح وراها ، وانتَ عارف حنية ابنك متطلعش غير علي اللي بيحبهم "
_" الحب يعمل أكتر من كده أنا اللى هقولك ولا ايه يا جميل"
ابتسمت بخجل حينما شاكسها بكلماته ، فرفع ساقيه علي الفراش بجانبها ثم جذب الغطاء بهدوء وهو يتحدث قائلاً تزامناً مع إغلاقه للاضاءه:
_"نامي ، نامي كل حاجه هتبقي زي الفل ، خليكِ واثقه فـ ربنا .. "
تنفست بعمق وهي تبتسم محاوله إغلاق أعينها ، ولأول مرة منذ أيام تحاول النوم وعلي وجهها ابتسامه بدلاً من الدموع ..!
____________________________________________
_"خلاص ، كفايـه!!"
قالها "شادي" لـ "غسان" المُمسك مكعبات الثلج وهو يضعها أسفل عين الأول ، نظر "غسان" له بملامح وجه ضاحكه ، بينما نظر له الٱخر بضجر، فردد"غسان" قائلاً:
_" ما خلاص ياعم أنا كنت بهزر "
_"بتهزر ؟؟ تقوم مزرقلي تحت عيني ؟"
_" طب ما انتَ ضربتي في الجرح اللي فـ راسي وخليته ينزف تاني من تحت الخياطه !"
نظر له بحنقٍ ثم تابع برضا:
_" خلاص يبقي كده واحد واحد "
ضحك "غسان" رغماً عنه حتي ضحك الٱخر ، فتابع "غسان" حديثه المُستنكر قائلاً بلوم :
_" حد يقول كده بردو؟؟ ، بتقولها اني بقول علي إنچي جامده!!"
_" بس بارده !! قولت كده بردو "
قالها وهو يرفع إصبعه ليصحح له حديثه ، نظر له "غسان" ثم تابع يتحدث بنبره ساخره:
_"لا كترّ خيرك والله مكنتش عارف من غير بارده دي كنت هعمل ايه !"
تحركّ من أمامه وهو ينهض ليتوجه ناحية المطبخ تزامناً مع قوله المتشفي:
_" ما انتَ اللي تستاهل ، بتبص لغيرها ليه ؟ معتش مسموحلك تبص خلاص يا حبيبي ،. أنا بس اللي أبص !"
حرك "غسان" أنظاره بغير اهتمام ثم اعتدل يتسطح علي الأريكه تزامناً مع قوله بالامُبالاه:
_"مردوده !"
______________________________________________
«الأرواحُ المتشابهة تتآلف، ربما في لقاءٍ غير محسوب، أو صدفةٍ مدهشة، أو قدرٍ مؤجل »
هذا ما كان يشبه حالتها ، جلست تتذكر حديثه العبثي معها التي كانت تفتقده ، ثم ابتسمتّ حينما تذكرتّ كلماته لها وحثه لها علي أن تكون قويه دائماً ، جاء علي خاطرها حديث "حامد" لها فالعوده ، حينما قال لها صراحتاً:
_" بصي يا بنتي أنا مكنتش ٱخدك كارت علشان هو يرجع وربنا اللي يعلم ، بس وجودك كان مهم. وكان سبب قوي يخليه يرجع ، عاوز أقولك كلمتين تعرفيهم كويس، انا عارف انتِ متربيه إزاي وبنت مين كويس ، وعارف إنك بعيد كل البعد عن التعارف والكلام ده ،، ولا حتي واخده عليه ،. مش هقولك ابني أحسن شاب ممكن قلبك يختاره ،لأنه بيطلع منه حاجات ساعات كده بتشككني إن ده ابنى ، بس لو انتِ فهماه مش هتعاني معاه ، ولا هو !! ،وبصراحه بقا إنتِ أحسن منه ، الواد ده قليل الأدب ومترباش إسأليني أنا .."
كان يقول ٱخر حديثه بمرح ، ابتسمت هي حينما تذكرت كلماته التي خجلت منها خاصةّ حينما أكدت له بأنه فعلياً لم يري تربيه من الأساس ، حينها أكدت وهي تهز رأسها بتأكيد ، فاعتلت ضحكاته عليها ، خرجت من شرودها حينما وكزتها "ورده" الجالسه بجانبها ، فقد كانت تجلس معهم بالصاله وكانت"ياسمين" تجلس بجانب والدتها ، و "بدر" يتحدث مع صغيره يشاكسه ، خرجت من شرودها وهي تبتسم ، فتوجهت الأنظار إليها باطمئنان فمنذ أن أتت من الخارج ولم يظهر عليها الحزن الذي قد ظهر قبل خروجها مع "حامد" ، ابتسمت باتساع حينما صاحت "ياسمين". عالياً :
_"بركاتك يا حج حامد !"
قهقهوا عليها بقوه ، حتي "نيروز" ، فتحدث "بدر" من بين ضحكاته قائلاً:
_"الصراحه يا روز هو يا بركاته فعلاً من التغيير اللحظي ده"
قالها بمرحٍ فضحكت هي بخفه ، ثم نهضت مبتسمه تجيبهم:
_" فعلاً بركاته ظاهره حقكم ، انا هدخل أنا بقا تصبحوا علي خير"
قالتها وهي تتوجه لتسير ناحية غرفتها ، ولم تكن تقصد والده بل كانت تقصده هو شخصياً !! ، تحدثت "ياسمين" هي الاخري قائله بتأييد:
_" وأنا كمان هنام ، وانتِ يا سُميه قومي نامي بطلي سهر بقا ورانا شغل فالشقه بكره عنب !"
ابتسمت لها والدتها برضا ثم ربتت علي كتفها بحنان، بيما نهضت ، ومن ثم الاخري، حتي نهضت "ورده" هي وعائلتها الصغيره أيضاً ، ذهب كل منهم إلي غرفته ، أما "نيروز" فدلفت غرفتها ، ومن ثم بدلت ملابسها إلي أخري مريحه ، ثم وقفت أمام المرٱه تتطلع علي وجهها الأحمر، لم تأخذ السئ من صفعة عمها بل أخذت لمسته الحانيه لها وانتباهه لما حدث لها دون أن تتحدث، ابتسمت علي أثر لهفته الصغيره الذي حاول إخفائها وهو يسألها ما سبب هذا ، أنزلت يديها من علي وجهها ، قد أخذت فراشات منه اليوم بما يكفي ليجعلها مبتسمه لايام قادمه !! ، توجهت سريعاً للذي قد نوته بعدما رحلت وودعته ،جلبت الدفتر من الدرج سريعاً ثم فتحت عدة صفحات إلي أن وجدتها ، تلك السلسله التي كانت علي شكل ورده ! كانت تعلقها فقط باستخدام لاصق ،حيث أنها كانت مجرد ذكريات ، ولكنها الٱن لم تعد كذلك بل أصبحت بالنسبه لها ذكريات الماضي والحاضر والمستقبل إن شاء القدر ، نزعتها من مكانها ثم أغلقت الدفتر ، حتي فردتها لترفع يديها لترتديها حتى زينت عُنقها ، توجهت سريعاً تقف أمام المرٱه تتطلع علي مظهرها بها ، حتي ابتسمت بثقه فهذه السلسه إختياره ، وهي اختياره ، إذن من الواضح أن اختياراته جيده كلها !! ، توجهت لتجلب دفتر المذكرات الخاص بها ثم فتحت صفحه جديده تكتب بخط يديها المنظم:
[ الحادية عشرة قبل منتصف الليل ..يوم الجمعة..
تلاقت أعيننا من جديد بعد الفقدِ لأيام، ولكن تلك المرة كان التلاقي بنظره لامعه، لم ولن يعرف معنى لمعتها سوانا، فـ تلك المرة كان التلاقي ومن ثم الإعتراف بالحُبِ من الطرفينِ ]..
أغلفت الدفتر سريعاً ثم وضعته في الدرج وهي تتوجه لتغلق الاناره ومن ثم انسحبت تحت الغطاء ، حتي تبدأ في الاستغراق فى النوم براحه واطمئنان من فكرة وجوده غداً ، مُفكره بأنه .. سيعود إذن جارها ، وجار غرفتها وجار قلبها من جديد ومره أخري !!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عودة الوصال ) اسم الرواية