Ads by Google X

رواية عودة الوصال الفصل الثامن عشر 18 - بقلم سارة ناصر

الصفحة الرئيسية

  

 رواية عودة الوصال الفصل الثامن عشر 18 -  بقلم سارة ناصر

«وجودّ من نُحب معنا ! ،فقطّ  هذا يكفي لمرور مُر الأيام !»



في شقة "سُميه" ظهراً ، كانت  تقف هي ومن أمامها "بدر" و"ورده" الذين يساعدوها في فرز أشياء و تجهيزات شقة "ياسمين" كان   المكان مزدحم من تلك للأشياء لدي المطبخ والغرف والأكواب المُغلفه وغيرها و بسبب وصول الشاحنات الكبري عند أذان العصر ، كما كانت "عايده"  و"دلال" يساعدونها أيضاً  هم الاثنتين في جانب ٱخر  غير التي تعمل به هي وابنتها وزوجها ،   نظرت "سُميه" التي يوجد بيديها  منشفه قطنيه تقوم بمسح الأشياء ،  إلي "دلال" التي برغم ما بها جاءت لتساعدهن في تلك المناسبه مهما حدث ، صاحت عالياً ببهجه حتي جلبت أنظار الجميع لها وهي تقول:



_" عقبال ما نفرح بأولادك يا دلال ونعملهم الحلو كله !"



ابتسمت لها "دلال" بينما رددت "عايده" بسعاده:



_" دا يوم المُني والله ، ربنا يسعدهم ويفرح قلبهم ويجعلهم سالمين علطول يارب !"



نظرن لها بإمتنان ، بينما تحدثت "ورده" بضجرٍ لصغيرها الممسك بقدميها:



_"  يا حبيبي روح لحازم وياسمين فالبلكونه هناك ، سيبني فاللي أنا فيه عشان خاطري "



طالعهما "بدر" باستنكار ، ثم ذهب لـ يحمله وهو يدلله قائلاً ليشاكسه:



_" متزعلش يا حبيب بابا ، ورده وحشه !"



_"بدر انتَ بتقوله ايه هيكرهني كده "



طالعها بحب وهو يردد بمشاكسه جعلت الأخرين يضحكون بخفه:



_"طبّ هو. حد يقدر يكره القمر ده بردو ، دا حتي عيب فـ حقي ، ده انتِ إختياري  الحلو اللي فحياتي !"



خجلت ثم إعتلت ضحكاتها وضحكاته حينما رددت "سُميه " قائله :



_"شوف الواد ، قدام أمها كده  عيني عينكّ !"



ضحك هو بخفه بينما ضحكت "دلال" ثم قالت للآخري بضجرٍ زائف:



_" الله مش مراته وحبيبة قلبه ، آعمل يا حبيبي اللي انتَ عايزه ، ما أصلها وراثه من عمك حامد  معذور!!"



حرك رأسه بقلة حيلة كما فعل الاخرين وهن يضحكن بخفه ، ومن ثم توجه بالصغير ناحية الشُرفه فوجدهما يحتضنان بعضهما بخفه يبدو أنها مواساه كل منهم للٱخر ، تنحنح بصوتِ عالي ثم تحدث قائلاً بحرج زائف:

_"شكلي. جيت فـ وقت مش مناسب ولا ايه ؟"



ضحك "حازم " بتبجحٍ  بينما خجلت هي ، فتحدث "حازم " قائلاً بجرأه:



_" مراتي يجدع ! "



_"حقك يا عم ، امسك بقا خد يامِن عشان محدش عارف يعمل حاجه منه "



أنزل الصغير ليتوجه ناحية "ياسمين" التي حملته ثم خرج هو من الغرفه  وبقيت هي وزوجها و الصغير ! ،  كانت تدلله بخفه وهي تنظر له بحبٍ، رفعت أنظارها له من صمته فوجدته يحدجهما بحنوٍ ، فنظرت له بابتسامه ثم رددت بهدوءٍ ممازحه :



_"لايق عليا أبقى أم يا أبو الحزايم ولا إيه ؟"



ابتسم له بحبٍ ثم مال ليطبع قبله علي خد الصغير قائلاً :



_"طبعاً لايـق ، وأحلي أم كمان .."



ابتسمت له باتسـاع بينما عاد شارداً مره أخري ، فاعتدلت في حملها للصغير ثم انحنت لتحثه علي الجلوس علي المقعد ، ومن ثم اعتدلت مره أخري ، وهي تتنهد بعمق ثم قالت:



_" مش  عارفه أقولك ايه يا حازم بسبب اللي إحنا بنعمله ومش متوافق مع. اللي بيحصل ده ، بس أكيد هتعدي وكل حاجه هتبقي تمام ، أنا عارفه إن مهما حصل منها  ليك  متقدرش تكرهها ولا حتي جميله ، يمكن أكون مش متأثره أوي بسبب اللي حصل ده  وممكن يكون غصب عني احساسي ده سواء أنا أو روز بس انتَ كنت شايف المعامله كانت إزاي مكناشّ بناخد منها غير الكره بس ، حتي حسن مكنش طول الوقت بيكرهنا أوي كده زيها بسبب إنه عاوز يقرب من روز ، بس مش عارفه ، مش عارفه أقولك ايه والمفروض ده يتقال ولا لأ  أصلاً "



رفع يديه يربت علي كتفها بحنوٍ ثم تابع بنبره هادئه متفهمه :



_" أنا مقدر يا ياسمين كل شعورك تجاهها انتِ ونيروز ،  بس أنا مبقتش عارف المفروض أعمل ايه ، وعدت نفسي إن مهما حصل هفرح ومش هسيب فرصه لأي حزن يعكر من وقت الفرحه القليله دي  ، بس جه الموضوع ده ، أنا قعدت إمبارح أعدي علي كل مستشفي قريبه أو مكان عام واديت أرقامي ليهم عشان لو حصل جديد بس مش حاسس بكده ، مش حاسس إنها ممكن تكون ماشيه غصب عنها ،. وإن" غسان" قالها كده ، مش مقنعه، هو شافها إمته ولا اتعامل معاها  فين، وغسان مش جبان عشان يعمل حاجه  أو ياخد حقه من حد ويستخبي ، دا أكتر شخص ممكن يخاف علي حرمة البيت ، وكمان فريده ، فريده مش بالسهوله دي إنها تنفذ حاجه اتقالت ليها  علطول  ، مش قادر أقولها بس بيجي علي بالي دايماً إنها مشت بسبب حاجه تانيه غير متوقعه  ،  أنا عارف إنها مهما عملت هفضل أخاف عليها  وعارف بردو إنها لو جميله قلبي كان هيوجعني أكتر من كده ، الإتنين اخواتي والفرق اللى حاصل  بينهم ده ملغبطني مع إنه غصب عني !"




        
          
                
كانت تنصت له بتمعن ، تنفست عقب أن انتهي بتأثر ثم مدت يديها تضعها علي يديه بهدوءٍ وهي تردد باطمئنان:



_"  حاسه إن كل ده هيعدي ما دام احنا مع بعض ، عمري ما هسيبك ولا هتخلي عنك فوقت  شدتك ، وانتَ أخ  حلو أوي ، مش عارفه الناس اللي عندها أخ زيك عايشين ازاي معانا كده وبيتنفسوا عادي !"



ضحك بخفه علي مرحها ، فابتسمت له بحبٍ ثم تحدثت مره أخري:



_" كنت بتمني يكون عندي أخ كده يخاف عليا بقا ويضربني وينصحني وبتاع ، وكنت بتدايق من الموضوع ده أوي ، لحد ما فـ مره بابا قالي جمله  لسه محفوره جوايا ، قالي انتِ أجمل البنات بس انتِ الولد اللي لو كان نفسي اجيبه هيبقي انتِ ، خلي بالك من إخواتك من بعدي. ، مش عارفه  بقا   بس وأنا من بعدها عينك ما تشوف الا النور ، رجوله وشهامه تلاقي ، خوف علي أخواتي تلاقي ، وبصراحه كده كل ما بشوف زينات وهي بتحاول تمحي شخصية إخواتي أو ماما صوت بابا بيتردد فوداني  علطول ، فبقوم قايمه مره واحده وعينك ما تشوف ألا النور بردو "



طالعها بصمتٍ وهي تتحدث بإندماج ،وما أن انتهت هي ، تحدث يجيبها قائلاً من بين ضحكاته الهادئه:



_"  مبغلطش فـ كل مره  لما بقول إنك قادره تخلي كل حاجه صعبه ، أسهل من السهوله ،  وجودك جبني  بيهون عليا كل مُر !"



رفعت يديها تعدل من مظهرها ثم تحدثت بغرور زائف وهي تجلس  بجانب الصغير وهو يلعب بالهاتف لديها  ، بينما طالعته بتعالي وهي تردد بمرح:



_"أي خدمـه يا مِتر  ، احنا مش أي حد برده !"



_______________________________________________



نهض من نومته منذ وقتّ ، حينما وجد صديقه ذهب إلي عملهُ مبكراً ،  جلس  علي  مُصليه ، "سجادة الصلاة" ليقوم بأداء فرضـه الذي تأخر عنه بسبب غيابه في نومه  ، بينما لم يوقظه الٱخر ، نهض وهو يتحامل علي نفسه مستنداً علي المقعد الذي يوجد بجانبه بذراع واحد فقط ، بسبب عدم نهوضه طبيعياً ، طوى السجاده ومن ثم وضعها علي المقعد ،  كاد أن يستمر في سيره للخارج ولكن قاطع سيره وجود صينية من الطعام ، يبدو أن الاخر قد فعلها لإفطاره ومن جانبها عُلب الدواء وزجاجة المياه  ، إبتسم وهو يتوجـه ليأخذ عُلبة الدواء ومن ثم إلتفت ليتوجه ناحية البراد ليأخذ زجاجة مياه مثلجـه كما يحب ، زجاجة مياه مثلجه مع دواء ؟؟ ، ما هذا العبث ،توجه ناحية الباب مره أخري ليخرجّ  ببنطاله الرياضي ،  وملابسه المريحه إلي الخارج حيث الحديقه الصغيره ، جلس على إحدي المقاعد وهو يتناول دوائه ممسكاً بزجاجة المياه يتجرع منها ، لاحظ لأول المره تلك الورود القليله مع زرعة النعناع التي توجد علي بعد منه ، نهض يأخذ الدورق وهو يسقيهم ببطئ متذكراً زرعها وسقيها له عندما كانت تقف بالشُرفه ،  التفت بحركه بطيئه ليري السياره وهي تدخل من البوابه الخشبيه المفتوحه دائماً ،  التفت مره أخري يكمل ما يفعله عندما وجد صديقه يهبط من سيارته ، دقائق وتوجه "شادي" بملابس عمله يقف خلفه وهو يحمل الأكياس بإنهاكٍ ، ثم هتف بصوتٍ عالي  يمازحه عندما التفت الٱخر له:




        
          
                
_"  انتَ كده هتقطع عليا ، يعني تبقي الهدوم هدومي وحلوه عليك انتَ !"



ضحك "غسان" عالياً ثم قلب أعينه بغرور وهو يتوجه ليجلس أمامه قائلاً:



_"عشان أنا كاريزما ، انتَ زيرو كاريزما !"



توجه ليجلس وهو يبتسم  قائلا ً  له بمرح:



_" مقبوله منك يا غُس ،  فطرت؟"



_"بلاش غُس ، لسه مفطرتش ، كنت بسقي الزرع!"



طالعه الآخر بهدوءٍ ومن ثم نهض ليشير له بأن يأتي معه إلي الداخل وهو يحمل الأكياس بذراعيه ثم قال باستفزاز :



_" شايف أنا شايل الاكياس بايدي الاتنين إزاي ، تعرف تعمل كده ؟"



نظر له "غسان" بتحدي وهو يتوجه ناحيته ثم هتف بثباتٍ :



_"لأ  بايد واحده  أشيل وأعمل حاجات تانيه"



عقد مابين حاجبيه باستغراب وهو يتساءل:



_"زي ايه يعني يا مكسور ؟"



سرعان ما فاجأه "غسان" بلكمه في وجهه حتي تراجع إلي الخلف خطوه واحده وهو يتأوي ، ابتسم له "غسان" بتشفي ثم  انحني لينتشل الأكياس من  علي الأرض وهو ينهض مره أخري قائلاً له بنبره ضاحكه:



_" تعالي بقي ورايا وشيل الكيس اللي عالأرض ده عشان مش عارف أشيله ،  دراعي مكسور وكده !"



تأوي الٱخر وهو ينظر في أثره بغيظ ، ثم انحني هو الٱخر ليتوجه ناحيته ومن خلفه ، حتي وصلا إلى المطبخ بعد لحظاتٍ ،  تنهد "شادي" بعمق وهو يتحدث وكأن شئ لم يكن واضعاً يده بألم علي مكان ضربة صديقه:



_"   بقولك ايه "



التفت "غسان" ينظر له والأخر يضع بعض الأشياء في الثلاجه وكذلك هو يساعده ، نظر الٱخر له فوجد "غسان" ينتظر ما سيقوله ، فأردف يكمل ما بدأه بعقلانيه:



_" حاسس إنك لازم تعرف أبوك أو أمك إنك تمام وكويس وعندي وتبقي ترجع براحتك يا سيدي  أو مترجعش ، المهم يعني يعرفوا إنك بخير "



التفت "غسان" مره أخري يضع ما بيديه ثم  خرج صوته ليقول :



_"إعملي لمون بالنعناع !"



نظر له "شادي" بتعمن ، وهو ينظر له يتجاهل حديثه فتوجه "غسان" يخرج من المطبخ إلي الصاله ثم جلس علي الأريكه تزامناً مع رده:



_" انتَ عاوز ايه من الٱخر يا شادي "



إتجه الٱخر خلفهُ ثم تقدم ليجلس بجانبه قائلاً بهدوء:




        
          
                
_"عاوزك مرتاح ، وأهلك كمان يبقوا مرتاحين ، وعاوز أقولك إنك زي ما اتأذيت بتأذي غيرك ، خوف أمك وأبوك وأخواتك عليكّ ، وإنك سيبت نيروز  زي ما بتقول ، كل ده إيه ؟. مش أذي ؟"



وضع "غسان" يده علي رأسه بتعبٍ ثم رفع أنظاره ليواجه الٱخر قائلاً :



_"أنا هلاقيها منك إنتَ كمان يا شادي ، وبعدين بسام هيخاف عليا ليه  بعد ما شافني قذر زي ما بيقول عنى ، و أنا أه بحب نيروز  بس حاسس إني مش عارف ولا قادر اني أقف قصادها زي الأول بعد ما شافتني فأضعف أوقاتي ! ولا قادر أقف قصاد بسامّ من تاني  ، انتَ مش فاهم ولا حاسس باللي أنا بحسه و اللي حسيته ، عاوز ايه من حد بان بأوحش صوره فـ وقت  ما كان هو اللي مضحي وخايف !"



_" يا غسان هو ميعرفش إنتَ عملت كده ليه بالظبط ، الواحد لما يحس إنه إترفض واتساب بيقعد فتره مش حابب نفسه ولا واثق فيها ولا فاللي حواليه ، لما يحس إنه قليل دي أوحش حاجه ممكن حد يحس بيها ، ولما يسكت وينفجر مره واحده فـ دا تعب ، حتي لو مستحمل اللي حصل حاسس انك محتاج تستحمل وتقدر أكتر ، عارف إنك مقدر وده ضغط عليك ّ ، بس ده بسام يا صاحبي بسام اللي انتَ طول عمرك كنت بتحميه من وهو صغير من ضرب العيال  ومن كل حاجه ، بسام توأمك اللي لو حد اتعور التاني بيحس آنه هو اللي إتعور ونزف مش هو بس ، وهو اتجرح  ولحد الوقتي الجرح مفتوح ، عارف إنك حسيت بيه بس عمرك ما هتكون فـمكانه ،  لأن محدش بيحس بالحاجه ألا اللي جربها ، ولو قولت الهبل اللي احنا كنا بنعمله أنا وانتَ مع البنات زمان ده  فـ ده ميجيش حاجه جمب شعور أخوك ، بسام حب بجد وبضمير أوي ، وعلي قد ما حب  فـ هو لسه بيتأذي ، هروبك اللي بمزاجك ده مش حل ، عشان لو فيه فجوه بالفعل حصلت  فالبعد بيكبرها يا صاحبي ، وحتي لو انتَ مش قادر ولا عارف تواجه حد استني وإقعد شويه بعيد عنهم بس مش كتير ، بسام مسيره هيقف قدامك أو قدام غيرك وهيعرف الحقيقه ، ونيروز اللي انتَ سيبتها وانتَ عارف إنها بتبادلك نفس الشعور ، مش هتفضل كتير تستناك وتحبك وتثق إنك هترجع  ،الاحساس لما بيتبدل مش حلو ، خليك عارف إن كل واحد وليه طاقه ، ولما طاقتك خلصت  فمره واحده مشيت وسيبتهم كلهم ،. أما أمك وأبوك طاقتهم عمرها ما هتخلص من نحيتك ، واختك مش هتغفرلك  كتير مشيك  فـ وقت هي محتجاك فيه ، ونيروز مش هتستني بكل حب وثقه كتير ، مش هتمل اللي بيحب  مبيملش ،بس الثقه لو قلت صعب تاني تتملي يا صاحبي ."




        
          
                
كان ينصت له بدقه ، وعقب ما انتهي تنفس بصوت مسموع يخرج أنفاسه الثقيله من علي صدره ، ثم تنهد وهو يتحدث قائلاً بمشاعر مختلفه:



_"  حطيت نفسك مكانهم كلهم وسيبتني  ،  يعني أنا مبسوط إني مشيت وسيبت أهلي اللي بخاف عليهم أكتر من نفسي ، ولا مبسوط إني مشيت وسيبت  الانسانه اللي حبيتها واللي حسيت بالراحه معاها لأول مره ، عارف اني كده كده هرجع ، بس محتاج وقت ، عاوز أخد وقتي زي ما كل واحد بياخد وقته براحته ، أنا مش عارف انسى أي كلمه قالها بسام ، ولا حتي عارف أتخطي نظرة عينها وهي بتقولي متمشيش ، أنا مش مبسوط بكل ده يا شادي ونفسي أرجع ، بس نفسي وكرامتي أهم ما عندي لما أحس بالرضا هرجع من غير ما أتردد لحظه !"



رفع الٱخر يديه يربت علي ذراع الٱخر ، ولم يكن سوي ذراعه المكسور ، نفض"غسان" يد الاخر وهو  يبعدها بخفه ، فاعتلت ضحكات صديقه ثم قال من بينها :



_" متزقش يا عم  مكنش قصدي ،   روق كده ، هروح أجيب الغدا  اللي طلبته من الأكياس اللي مدخلتش التلاجه ، ونتغدي ، وبعدها نعمل أحلي كوبايتين لمون بالنعناع ونخرج شويه نتمشي."



_____________________________________________



خَرجتّ من عملها منذ مُده قصيره ولكنها ظلتّ تنتظرها لفتره في مكان معين عندما تخرج من جامعتها ،  وقفت "نيروز" أمام كورنيش البحر في مكان عام مشهورّ لذلك كان هو ذلك المكان التي قالت لـ "جميله" بأنها ستنتظرها هُناكّ ، لا تعلمّ هي كيف مرّ الوقت وكيف مرت ساعات عملها عليها. من دونه ، كم كانتّ ممله ،بطيئه ، في مثل هذا الوقتّ كان سيقف معها ويشاركها وقفتها تلك المُطله علي أمواج البحر ، ترددت أكثر من مره وهي تصارع نفسها في أن تكتب له رساله ، كل منهم لديه رقم الآخر بسبب طبيعة العمل ولكن دون محادثه ، هو لم يبدأ بسبب ما تضعه من حدود وهي لن تبدٱ بسبب وعدها التي قطعته ، ٱخذها عقلها لابنة عمها وما فعلته شردت لدقائق في أسباب هروبها التي لا تستطيع تحديد أي واحده منهم فهم كثره بالنسبه لها ، إنتفضت سريعاً بهلع عندما وُضِع علي كتفها من الخلف يد شخص، التفتت بسرعه وهي تنظر بخوف فوجدتها أمامها تنظر لها بابتسامه صغيره ،. تنفست بعمق وهي تتوجه لتجلس علي الاستراحه تزامناً مع قولها :



_"حرام عليكِ يا جميله ، مش ممكن كنتِ اتكلمي الاول ، حسرتينى"



توجهت الاخري لتجلس بجانبها ثم نظرت لها وهي تلتفت لتجيبها باستنكار:



_" ما انتِ اللي كنتى سرحانه ، واخد عقلك صح ؟"



التفتت "نيروز " تنظر لها بصمتٍ ، فـ "جميله " قد لاحظت ما فعله "غسان" يوم عقد قران شقيقة الأولى ، خرج صوت"نيروز " سريعاً بتبرير:




        
          
                
_" انتِ فاهمه ايه يا جميله بس.."



_"يا حبيبة جميله انتوا مقفوشين أصلاً أراهنك إن ما كل العيله عارفه ؟! ، وبعدين بصراحه غسان بجح أوي ولا مش فاكره يوم كتب كتاب ياسمين ؟!"



نظرت لها بصمت وسرعان ما اندفعت قائله بشراسه طفيفه كأخذ حق بمرح:



_" طب وعز يا چيچي ، ده انتو مفضوحين  جداً أوي بصراحه "



تعلثمت الاخري في نظراتها وحتي حديثها حينما أردفت قائله بتوتر:



_" انتِ بتقولي أي كلام علفكره ."



_"كده واحد واحد ، وبعدين حرب النظرات اللي بينك وبينه دي مقفوشه"



تنهدت "جميله" بشرود ثم نظرت من أمامها وهي تتحدث قائله بخيبه:



_"مش عارفه أقولك أه أو لأ ، منكرش إن في إعجاب حصل غصب عنى ، وهو باهتمامه وكلامه اللطيف معايا حتي لو قليل قدر يخليني أنتبه ليه ،  عارفه إنه ممكن يكون قد خطوة الجواز لأن فرح كانت بتلف وتدور قبل كده واحنا بنتكلم بس  بابا مش هيوافق ، وأخاف تيجي اللحظه دي ويرفضه عشان لو اتقهرت ساعتها هحس اني حبيته وأنا مش عارفه الوقتي أنا بحبه ولا لسه !"



_" عارفه؟. أصعب حاجه إن الواحد ميعرفش ولا يقدر  يحدد مشاعره ، ولما تيجي خلاص تعرفي إنك حددتيها. بيبقي فالوقت الغلط والصعب ، هو الحب بيلغبط الواحد كده ؟؟"



قالتها بمرح ، فضحكت "جميله " بخفه وهي تنظر لها قائله بمراواغه:



_" هو يلخبط فعلًا. لو بتحبي واحد زي غسان ، علي قد ما أنا مستغربه إزاي وبالسرعه دي بنتكلم فـ كده ، بس لو حطيت نفسي مكانك وكنت حددت مشاعري هزعل أوي بسبب اللي حصل ، عشان كده عارفه انتِ ممكن تحسي بـ ايه وحاسه انك بتحاولي يعني تكوني تمام قدام الأنظار وانتِ زعلانه ، مستغربه أوي من كده بس إتأكدت إنك وقعتي ومحدش سمي عليكِ "



_" أنا مش عارفه المفروض اعمل ايه ، وأول مره أحس بالحجات دي وحاسه إني متلخبطه أوي ، ومنتظره حاجات كتير وخايفه من حاجات أكتر ، بس المهم دلوقتي انتِ يا جميله والقعده دي عشانك ، عارفه انك زعلانه عشان فريده  بس مش عارفه تتكلمي ، علفكره انتِ جميله أوي يا جميله برغم كل ال حصل  ده "



قالتها وهي تواسيها لتجعلها تخرج ما بقلبها ، ابتسمت "جميله" بتفهم لما تفعله رفيقة دربها ، فتنفست بعمقٍ وهي تهتف:



_" أنا كويسه جداً ، بقيت أشتري راحتي ودماغي وكمان هبدأ فخطوة الدكتور النفسي اللي قولتيلي عليه قريب ،  بس هو جه موضوع فريده ده  وحاسه بحاجه معكره مزاجي ، برغم من  مشيها من البيت اللي أنا عاجزه عن تفسيره بس زعلانه عليها  ، علطول بتعاطف معاها حتي لو عملت ايه فيا ، عارفه إن علاقتي بـ حسن مش أوي بس فريده كانت عالاقل بتكلمني وبتاخد مني هدومي وساعات بحس إنها عاوزه اللي يفهمها ويقدر مشاعرها وتقعد تحكي معاه ، بس دايماً حاطه قدامها حاجز مامتها اللي بتفكرها بيه دايماً ، مامتها مش بتحبنا ودايماً عاوزاهم يكرهونا متأكده لو ده مكنش بيحصل كنا هنبقي أقرب اتنين  لبعض ،  هي اخذت حجات أنا مخدتهاش بس معاملة بابا  هي الحاجه الوحيده اللي بتجمع بين ألمنا ،حتي لو مامتها  بتدافع عنها ساعات بس أنا كنت بحس بيها أوي وهي اكيد كانت عارفه أنا بحس بـ إيه !!"




        
          
                
رفعت ذراعها تربت عليها بحنان عندما إنتهت من حديثها  ومن ثم نهضت وهي تمسك يديها لتنهض خلقها متحدثه بهدوءْ تقترح:



_"تعالي أشربك لمون بالنعناع ونروح عشان قربوا ينقلوا الحاجه خلاص"



ابتسمت لها الاخري ولكن "نيروز" خرجت منها بسمه بغير وعي وهي تنظر لما قالته بغير تصديق في نفسها مهلاً هذه كلماته ! واقتراحاته! ومشروبه المفضل !! ، نهضت "جميله" وهي تبتسم بهدوء وسرعان ما استوعبت ما قالته الاخري قائله بتساؤل:



_"لمون بالنعناع!! بس انتِ مش بتحبيه يا روز  وأنا يعني مدوقتوش قبل كده كتير بصراحه، ما تيجي نجيب جوافه ايه رايك؟"



قالتها باقتراح وتفكير فسحبتها الاخري خلفها  وهي تردد بنبره لا تحمل النقاش:



_"ده الليمون بالنعناع ده تحفه ، حاجه كده سكره هتحبيها لما تجربيها أكتر من مره "



صمتت تتابع ملامح وجهها فحينما وجدتها متردده واصلت تكمل بضغط وهي تسحبها حتي سارت بجانبها:



_" اسمعي بس ده جميل أوي ، تعالي .. تعالي.."



_________________________________________________



بعد مرور وقت في شقة "زينات" كانت تجلس بغرفتها علي فراشها ، فمنذ ما حدث أمس وهي تتجنب زوجها بسبب صفعها أمام الجميع ،  رفعت يديها تمسح دموع عينيها سريعاً ،  عندما  دلف عليها الغرفه ثم توجه ليجلس بجانبها ،، دارت وجهها عنه وهي تتمسك بهاتفها مره اخري لتبدأ في الدق مره أخري علي ولدها فمنذ ما حدث وهي تطلبه ولكن لارد !! حتي أنها تدق علي هاتف صديقه هو الٱخر ، قذفت الهاتف سريعاً بغصبٍ دفين ، ثم نظرت له بحده وهو يجلس بجانبها وكأن فاض بها الكيل حتي تحدثت قائله بانفعال علي فجأه :



_" عجبك اللي حصل واللي بيحصل ده ! ، قللت من شكلي قدامهم ، خليك عارف إني مش هسكت !"



التفت ينظر لها بملامح وجه خاليه من التعابير ولكن ظهر البرود في نبرته حينما ردد:



_"  وانتِ اللى مقللتيش مني ومن منظري  لما قولتي كلامك ده ، عدي يومك يا زينات وفكري الوقتي فـ بنتك اللي المفروض مسئوليتها منك مش تكون مش هنا  أصلاً وانتِ  هنا ولا داريه بحاجه !"



_" أعدي يومي وبنتي مش فيه ، لأ وكمان هم رايحين يفرحوا أهم وانتَ عاوزني أفرح غصب عني ، وأشوفهم وهم مبسوطين وأجي علي نفسي عشان خاطرهم ، انتَ مش بني ٱدم طبيعي ، وان كنت جاي عشان تقولي انزل معاهم فـ أنا مش راحه فمكان!"



نهض علي فجأه بإندفاع ثم نظر لها بحده وهو يهتف بجمودٍ:



_" براحتك يا زينات ، بس خليكِ فاكره إن بكره الجمعه يعني هم كلهم جايين هنا عندك ، عشان بقالهم كتير مجوش بسبب كل مره يحصل حاجه ، يعني إن مروحتيش هم  اللي جايينلك ، وابقي شوفي بقا هتعملي ايه !!"




        
          
                
كان بإمكانها أن تصرخ وأن تغضب أن تفعل ما يجب فعله ، ولكنها سكنت تماماً وفي عقلها ما تنوي ان تفعله لهم ، حسناً قد جاءتها الفرصه الٱن والتي تفكر بها منذ فتره ، كان ينتظر ردها ،. فرفعت هي أنظارها ثم رمت له بقنبلتها الغير معتاده قائله ببسمه خبيثه:



_" ومالو ، ييجو فـ أي وقت "



نظر لها بتمعن ولم ينتظر لحظاتٍ حتي رحل من أمامها خارج الغرفه ، أما هي فجلست مره أخري وهي تبتسم بخبثّ ، حقد طغي علي عاطفة أمومتها كل ما يجول بخاطرها الأذيه فقط  ، جذبت الهاتف مره أخري لخطه أخري تنوي لها منذ ما حدث من هروب ابنتها ، تريد أن تُهيج دماء ولدها حتي يفتعل المشاكل ولكن أين هو الٱن تحاول الوصول له بأي طريقه ولكن لا رد أيضاً !!



_____________________________________________



مر الوقت منذ خروجهما معاً وبعد أن شربت المشروب الخاص به هو ، لم يمر سوي القليل ومن ثم عادت الاثنتان إلي المنزل ،  وها هما في شقة "سُميه" الٱن ومن أمامهم الجميع ، وبجانبهم الحقائب والأشياء الخاصه بشقة "حازم" 
كان "حازم" بالأسفل ، هو و"بدر" وبعض من الشباب التي تربطهم صداقه بـ "حازم" ، كان باب شقتها مفتوحاً علي ٱخره ،  خرجـت "دلال" من المطبخ وهي يديها العديد من الأكواب  من العصير علي صينيه كبيره ، ثم وضعتها علي منضده صغيره بجانب باب الشقه ، كان الشباب يحملون الأشياء من الأعلي إلي الأسفل شيئا. فشئ ، حتي "بدر"  كذلك ، و "حامد"  ، لم تستطع "ياسمين". كبت زغروتتها بسبب ما يحدث من بهجه ، حتي إعتلت فـ المكان واحده بواسطتها ، ولسوء الحظ لم تكن متواجده "وسام" لتساعدها فقد كانت في دروسها ،  اتجهت"سميه" سريعاً تقف بجانب بناتها ، ثم نظرت لـ"ياسمين" وهي توكزها قائله :



_" اتلمي يا بت مش قولنا بلاش هيصه كبيره !"



ضحكت "ياسمين" عالياً ثم مالت عليها قائله بخفوتٍ:



_"بقولك ايه يا سُميه دا فرحي وأعمل اللي أنا عايزاه ، ومش هو قال إفرحوا وكأن مفيش حاجه حصلت ، من عيني ومن كبدي بس كده !!"



صمتت ثم استقامت مره أخري تهتف عالياً ببهجه تكمل ما كانت تتحدث به:



_" علولي بقا الأغاني دي  ، نشوف كده بتقول ايه ! !"



كانت تنظر لـ "جميله",التي ترددت في أخذ تلك الخطوه أمام أنظار النساء القله ، ترقبت "نيروز" الوضع  ومن ثم اتجهت سريعاً لتجعل صوت الأغاني يعلو فالمكان ببهجه ، كانت حركه جريئه منهما ، اندمج كل منهم بما يفعله الآخر لوقت وصوت الأغاني يملأ المكان ، وكل من كان يصعد من الشباب يتراقص علي تلك الاغاني للحظاتٍ ثم يعود كل منهم لحمل الاشياء مره أخري ، بالطبع كان"سليم" يسمع كل ذلك وهو فالأسفل مع ولده والأخر أمام الشاحنات الكبري التي ستوصل ما يخصهم أمام العماره التي ستسكن بها "ياسمين" ولم تكن سوي  عدة شوارع لتوصلهم إليها نظراً لقرب المكان فقط ، حتي أن طابق شقة ملكها منذ فتره كانت فالطابق الثاني مباشرةً !! ، وبعد أن لاحظوا أن قل عدد الشباب الذين يصعدوا لجلب الأشياء  أو بالأخري قد هبط كل ما يخصها ، توجهت "ياسمين", تمسك بيد شقيقتها و"جميله" حتي يتراقصوا علي الأغاني الحماسيه ، وكل من النساء تضحك عليهن بقوه ، حتي أن "ياسمين" قامت بمسك يد والدتها للتراقص معها ، وكذلك "جميله",  مع "عايده"" ونيروز" مع "دلال" ،   دقائق وتمر  مازالو  يتراقصون علي الأغاني الصادحه ، وقفت لحظتهم عند صعود الرجال ، وهم ينظرون من باب الشقه بمفاجأه ، توقفت "نيروز" بسبب إحراجها وكذلك "جميله " ووالدتها ، أما "ياسمين" فتعمدت تجاهلهم ، كان قد رحل مع الشاحنات "سليم" الذي أخذ المفتاج من ولده ، ولكن "حازم" و"بدر". ظلو حتي تذهب النساء معه في سيارته  لتنظيم الشقه ، صاح "حازم" عالياً بحزم  وهو ينظر لـ "ياسمين" التي تتراقص مع  والدتها التي يبدوا عليها الآرهاق ولكن   كان رقصها هادئ :




        
          
                
_"آيـه اللي بيحصل ده ؟!"



توجههت الأنظار ناحيته ، حتي توقفت "ياسمين" وهي تنظر له باستفهام ، فأقترب هو ثم تحدث قائلاً بطريقه عكس طبيعة ما يردفه:



_"  انتوا  إزاي ترقصوا كده من غير ما  تستنوني !!"



قالها ثم ضحك علي ضحكات الآخرين التي صدحت في المكان بأكمله ، فاتجهت "نيروز" تغير من الاغنيه ومن ثم قامت بتشغيل واحده أخري  بينما إقترب "حازم " يمسك يد "ياسمين" ليتراقص معها بخفه علي الكلمات المبهجه ، وكذلك توجه "بدر" يتراقص بخفه مع "ورده" تحت أنظار الجميع ، ابتسم "حامد" لهم بحنوٍ ، ومن ثم وجه أنظاره لـ زوجته التي تنظر لهم بسعاده رغم ألمها ،  كانوا مندمجون مع المشهد من أمامهم ، دقائق ودقائق وهم يتراقصون بـخفه ، إلي أن توقفت الاغاني مره أخري حتي يتوجهون للذهاب إلي شقة "حازم" ، ولكن قاطع تجهزهم تلك التي خرجت من باب شقتها ثم صفعتها من خلفها وهي تتوجه لتدخل من الباب المفتوح لدي شقة "سُميه" ، التفت الجميع عندما وجدوها تقف علي أعتاب باب الشقه وهي تنظر لهم بحده ، لم تستطع كبت غضبها إلي وقت معين بل خرجت بعزم غيظها ، إبتسمت "ياسمين"  لتوقعها لما سيحدث ، ثم صاحت عالياً بكيدٍ:



_" الله زوزو !! .. تعالي ارقصي معانا ،. ده احنا يدوب  لسه موقفين الأغاني أكيد كنتِ سمعانا دا احنا كُنا هايصين دلوقتي !"



توجهت "زينات" أمام الأنظار إلي الداخل ثم تجاهلت حديث الأخري وهي تقف أمام"سُميه" ثم رددت قائله بحده:



_"انتِ ازاي يا كبيره انتِ تسمحيلهم يشغلوا أغاني وانتِ عارفه اللي فيها ، ده زوق منك  واحترام لظروفنا؟؟"



نظر "حازم" لها بحده ومن ثم توجه ليقف أمامها و "سُميه" من خلفه وكذلك توجه "بدر" الذي حذره "حامد" من فعل شئ ليقف بالقرب منهم ، بينما تحدث "حازم" قائلاً بتوضيح ولكن بنبره جامده:



_" إحنا  مش هنقغد نبكي علي الأطلال ، أراهنك إن أنا. مقهور علي بنتك أكتر منك ، ولا إحنا قاعدين ساكتين احنا بندور عليها  وزي ما في وقت نفرح فيه أكيد في وقت حزن محدش يعرف عنه حاجه ، فأهدي كده وسيبينا نفرح  ولو زعلانه أوي حطي سدادة ودان ؟؟"



_"إتجرأت أوي وطلعلك لسان يا بن عايده  بعد ما كتبت كتابك ، ايه جاي تلقط منها طولة اللسان وقلة الادب بعد كتب الكتاب كان فين ده من زمان  يعني.!"



قالتها وهي تشير علي "ياسمين" التي نظرت لها بغضبٍ وهي تتوجه لها تقف أمامها  ثم  أجابتها باندفاع:




        
          
                
_"طولة اللسان  دي عشان تكوني عارفه مبطلعش غير لـ الناس الصفرا"



_"صفرا !!  البركه فيكِ يا حبيتي ده من بعض ما عندك "



قالتها بغلٍ تحت أنظارهم ، فتحدثت "سميه" قائله لها بنبره جاده:



_" جرا ايه يا زينات انتِ عاوزه مننا ايه ، ما تسيبي الواحد يشم نفسه ويفرح ولا هو حرام !"



إبتسمت "زينات" بخبث ثم التفت تنظر علي الجميع تزامناً مع ردها:



_"اه. حرام يختي ، لما  الفرحه تكون مع ناس حراميه وخطافين بنات ومعندهمش زمه يبقي حرام ،  ولما يكونوا قاعدين عندك كده علطول فالساقطه واللاقطه يبقي انتِ كمان مطبخاها معاهم ..!"



إندفع "بدر"  الذي بدا علي وجهه الغضب يقف من أمامها ثم صاح عالياً بانفعال:



_"بقولك ايه يا ست انتِ ، واقسم بدين الله لو ما اتخرستي وخليتي لسانك جوا أنا مش عاوز أقولك هعملك ايه ، محدش حرامي هنا الا انتِ ، انتِ ال  عاوزه تسرقي الفرحه منهم ، وغسان وعمي ومراته دول يتشالو فوق الراس مش زيك انتِ  وولادك الناقصين ، اللي يا عالم بيهببوا ايه وجايه تطلعيهم علينا ،  أنا سكت كتير أوي عليكِ  وانتِ كل شويه بتحاولي توقعي بيني وبين مراتي وتخربي علينا ، لا ومش بس كده  وكمان عاوز تجيبلي عروسه  عليها ، ومعايرتك ليها فالراحه  و فالجايه وكمان جايه تغلطي فناس من عيلتي ودمي بيجري فـ دمهم    لا مش هستكلك ولا هسكتلك وانتِ جايه علي واحده يتيمه معندهاش أب. وواحده بتربي بناتها وتجوزهم  من غير جوزها لو انتِ فاكره انك بتيجي عليهم عشان معندهمش راجل فأحب أقولك أنا الراجل هنا من زمان من قبل حتي ما حازم يخطب ياسمين ، الرجاله بتكتر  عليكِ خدي بالك ، وانتِ مش قدي!!"



توجه "حامد" يمسك بذراعه  وكذلك "ورده" ، أما "دلال" فبقيت صامته دون ردة فعل بل تتحسر بداخلها علي ما يحدث ،  نظرت. هي له بغيظٍ ثم كادت أن تتحدث حتي وجدت"نيروز" من أمامها التي نظرت لها بتمعن ، فـ  تناست الأخري ما كانت ستردفه للاخر حينما وجدتها أمامها ، فابتسمت بسخريه لها ثم رددت بتهكم:



_"  أهلاً.. ايه اللي عندك تقوليـه انتِ كمان .!"



نظرت لها "نيروز". بصمت ثم نظرت علي الباب من خلفها وهي ترفع يديها قائله باختصار وتبجحٍ:



_" إطلعـي برا .."



نظرت لها بتحدي فواصلت مره اخري قائله بجرأه :




        
          
                
_" اطلعي ،  محدش عاوزك ولا عاوز كلامك ده ، وكمان إحنا ماشيين  واعتبريها زي ما تعتبريها ..، بــــــرا.. !"



صُدم الٱخرين من وقاحة "نيروز" الغير معهوده بالمره ولكن بدا للبعض بأنه الحل الأمثل لعدم معرفتهم ماذا سيحدث بعد من مشاكل ، لم تصدم الأخري بل اعتادت مؤخراً علي شراستها دون سبب ، ضحكت عالياً باستفزاز ثم التفتت لتخرج من باب المنزل تزامناً مع قولها:



_" من عيني ،  هطلع يا بنت سُميه ، مش عارفه القطط   من إمته بقت بتعض كده بس ومالو ، تعدي  ، خدي بالك إنتوا عندي بكره ها !! ومش هطردكم  زيك كده ..."



قالتها ثم خرجت بعد أن حاصرتها الأخري توجهت النساء لتقف بجانب"نيروز" مرددين بحديث أشبه بـ :



_"عيـب كده  يا نيروز  .."



لم ترد عليهم هي بل تركتهم وهي تخرج من باب الشقه حتي تبعتها "ورده " وهي تحمل صغيرها  لتعطيه لزوجها. ومن ثم توجهت إلي الأسفل ، فنظرت "سميه" بأثرهم بقلة حيله ، بينما توجه "حازم " يهبط مع "ياسمين" التي توجد بجانبه ، خلى المكان قليلاً  حتي أن  حمل "بدر" صغيره وهو يتوجه مع عمه إلي شقته بينما  هبطت "سميه" و "عايده". و "دلال" و"جميله " إلي الأسفل هم أيضاً، ولكن بسبب أن السياره لم تكفيهن فسيذهب بهن "حازم " علي مرتين إلي شقته  !!



_______________________________________________



كان هو يجلسّ في المُستشـفي حيث غرفته ، يقوم بالإطلاع علي بعض الفحوصات الطبيه  ، يحاول جاهداً بأن يصب تركيزه علي  عمله ولكن أفكاره بما فعله تحاوطـه ، صداع رأسه  !! هي وهو ، شقيقه ، عائلته التي تتجنبه ، يبدو أنه  أصبح منبوذاً من جميع الأطراف وليست هي فقط التي رحلت وتركته بعد ما تخلل حبها بداخله وبقوه ، إلي الٱن يتعافي وسيتعافي إلي الٱن مريضاً نفسياً. يتعالج عند طبيب نفسي!! ، جال بخاطره  لحظة يأس من كونه يتعالج لفتره طويله حتي يتعافي وإلى الٱن لم يستطع أخذ خطوه إلي الأمام ولكنه يعلم جيداً أن عدم تعافيه بنسبه كبيره ، كان بسببه هو وبسبب عدم حبه لنفسه وعدم ثقته التامه به ، وليس من الطبيب !! ، نهض وهو يقف ثم  وضع الأوراق فوق بعضهما بإنتظام ، ومن ثم أخذ كشف واحد فقط  من الأشعه الخاصه بحاله معينه ، ثم أمسكها بيديه وهو ينهض ليرتدي معطفه الطبي الأبيض بسرعه ومن ثم خرج من بعدها من الغرفه متوجهاً إلي الأعلي  وهو يصعد علي السُلم ،  قاطع سيره إلي الناحيه الأخري حيث المصعد وجودهما في غرفتها  ، لم يأخذ خطوه للدخول كما يفعل كل مره ، ولكن هو يعلم أن "عز" وشقيقته قد رجعا إلي المستشفي مره أخري لحجز ٱخر جديد بسبب حالة"فرح" الغير مستقره مما يحدث لها من تشنجات بسبب ما تفكر به ، شرد بها للحظاتٍ قد لامس حالتها قلبه بعد حديثها أيضاً ، اتجه إلي الناحيه الأخري  ومن ثم ركب المصعد ليصعد إلي  طابق ٱخر خاص بحالات  تتأهل للعمليات!! ،  أوصله المصعد سريعاً رغم بُعد الغرفه والطابق ، إلا أنه يقف أمامها الٱن ،، يتردد كثيراً لتلك الزياره التي هي رغماً عنه بسبب طبيعة عمله يكفيه هروب فقد تولي حالته صديق له وطبيب ٱخر عندما يكون"بسام" مؤهلاً لذلك ،، وللحق لم يتأهل نفسياً بعد ، أمسك  مقبض الغرفه بسبب تردده ثم فتحه علي مره واحده ، وبسبب تردده لم يدق الباب حتي  ، يبدو أن عقله قد ارتبك قبل أعصابه ، ما أن فتح الغرفه وجده مسطح علي الفراش وهي تجلس بجانبه ممسكه بيديه ، نظرت إليه "تاج" بملامح وجه بارده ،  تجنب النظر إليها وهو يتوجه ليقف أمام الحاله  ولم يكن سوى والدها "داود" ، تنفس بعمق حتي كاد  أن يبدأ بحديثه اللبق  ، ولكنها كانت الأسرع حينما أوقفته عن ما ينوي قوله ثم قالت بجديه :




        
          
                
_" دكتور بسام !! لو سمحت إبقي خبط علي الباب ، أظن من الذوق إنك تعمل كده يا دكتور يا مُتعلم "



رفع والدها يده كإشاره ليوقفها عن الحديث ، والدها ومدللها ، أينما طلبت هو يجيب ، فسادها وضياها بسبب تربيته السلبيه والمتوسعه  والمتفتحه بكثره ، أينما طلبت منه بأن يتحدث يتحدث وأن لا يردف بشئ لم يتحدث !! ، يبدو أن  موضوع "بسام" هو يعرفه جيداً. ، التفت "بسام" ينظر لها  بتمعن ثم خرج منه صوته وهو يقول:



_"هو المفروض إنك متتواجديش هنا أصلاً  عشان حالة المريض النفسيه"
يبدو أنه يرمي لها بحديثه قاصداً شئ ٱخر حينما استهزأ بٱخر حديثه ، نظرت له بحده ومن ثم صمتت وهي تتجه لتعدل من جلسة "والدها"  جلس ٱخيراً بانهاكٍ ثم خرج منه صوته بضعفٍ:



_" إذيك يا ..دكتور "



أومأ له "بسام" بابتسامه متصنعه ، بينما كانت تتابع هي الحوار بترقب  فقد حذرت والدها بما يكفي من أن لا يتفوه بشئ ، كاد أن يتحدث مره أخري بأسفٍ لتلك الصدفه فتفهم "بسام" ما سيقوله حتي قاطعه قبل أن يتحدث متحدثاً بلباقه كطبيعة عمله:



_"  طبعاً ألف سلامه عليكّ يا باشمهندس داود  ، إن شاء الله محتاجين منك إنك تشد حيلك كده معانا عشان الرحله عاوزه همه ، دي الأشعه أهي معايا بس أنا جيت أقولك إننا  محتاجين أشعه تانيه عشان نشوف اتطورنا لحد فين ، جاهز ؟؟"



أومأ له بنعمٍ مُنهكه ، فاتجه "بسام" يضغط علي زر الطلب و المساعده في الدور حتي تتألي له عدد من الممرضات ليساعدو الرجل في النهوض والسير به إلي غرفة الاشعه الكبيره ،  فعلها بخفه ، فتلك المستشفي حديثة الطراز كما  يعلم هو ونعلم ! يأتي لها ذوات الطبقه المتوسطه وما فوقها ، وأن ذلك الـ "داود" كان رجل مقتدراً ويعد ثرياً بنسبه ما ولكن ليس ثراء فاحش فكانت وظيفته كـ مهندس مباني تجعله مرموقاً عند البعض وبسبب أن "تاج" ابنته الوحيده عاش يدللها ويلبي طلباتها  بعد وفاة والدتها  التي لم يتزوج بعدها ،  وما هي إلا لحظاتٍ  حتي جاءت له ممرضتين وأخري مسئوله عن غرفته ، قامتا باسناده علي  مقعد حديث الطراز حتي خرجوا من الغرفه باصطحابه إلي الغرفه الاخري في نفس الطابق،   تبعته "تاج" لتذهب من خلفه مباشرةً فأوقفها "بسام" بنبرته الجاده وهو يقول ليقاطع سيرها :



_"إستنـي"



وقفتّ ليتجه هو يقف من أمامها ، فرفعت أنظارها علي تلك الأوراق الذي يقدمها لها، وزعت. نظرها بين ما بيديه وبين وجهه ثم تنفست قائله :




        
          
                
_"  المفروض أروح معاه وأشوف هيعمل ايه ، حضرتك موقفني ليه يا دكتور.؟؟"



قالت ٱخر  حديثها بسخريه ، فنظر بحزم وهو يقرب الأوراق أكثر حتي انتشلتها هي ثم قال:



_" مش هوقفك عشان سواد عيونك ، محتاج أتكلم فحالة والدك يا مدام تاج  إن مكنش يدايقك !"



بالطبع بادلها السخريه ، فطالعته ببرود وهي تتجه من أمامه لتجلس علي مقعد طويل وهي تشير له بأن يجلس قائله من بين نظراتها البارده:



_" عاوز ايه ؟"



_" أولاً انا يوم ما هعوز حاجه مش هطلبها منك انتِ ، ثانياً وده الأهم بالنسبالك ، حالة والدك مش مدياني أي إشاره بالتحسن والتطور ،. ولكن إننا نشجع المريض دايماً إنه يكون أفضل ده أساسي ، ودي التحاليل ، معاكِ اهيه  خليها معاكِ  النسخه دي عشان ده هيثبت بعدين للمستشفي إن كان في تطورات بتحصل من الحاله من قِبل الدكاتره ، وكله هيبقي محسوب علي نتيجه الاشعه اللي والدك هيعملها دلوقتي وهتطلع كمان شويه ، لو كويسه عن اللي فاتت هياخد وقت بالعلاج كتير علي ما حالته تتحسن هنا ، ولو لقدر الله غير كده هيحتاج إستقصال والعمليه يؤسفني أقولك لراجل فـ السن ده وانه تجاهل المرض عشان يعيش ده غلط ، وممكن متكونش ناجحه بنسبه  متوسطه "



رمي عليها سهام  اخترقت قلبها  حتي ألمته ، كانت بمثابة صدمه صغيره وتحسر علي حالة والدها ، هي تعلم أنه مريض ولكن ليس لحد الخطوره ، جاهله ؟! ، نفضت من عقلها كل شئ وهي تنهض علي مره واحده ثم تحدثت  بانفعال تنفي ما قاله هو :



_" يعني ايه عمليه ومش هتنجح ، قصدك انه هيموت ويسيبني ؟؟ انتَ عارف انتَ بتقول ايه ؟ ،، لا انتَ اكيد بتقول كده عشان اللي حصل واللي قولتلهولك ، بتاخد حقك مني صح ، عشان كده بتلعب بأعصابي يا بسّام !"



_" دكتور بسام لو سمحتِ ، وأنا مش ندل وخسيس للدرجادي علشان أدخل مشكله  بايخه زي دي فشغلي ،  ياريت تهتمي بصحته أكتر وآحنا هنا الخدمه كويسه أوي ليه ، وكلها آبتلائات من عند  ربنا  ، المهم تفوقي انتِ يا مدامّ"



قذفت الأوراق أرضاً ثم جلست مره أخري وهي تتحدث قائله بضعفٍ رغم حديثها  الذي في كل مره يضغط علي جرحه:



_" انتَ مجنون ، وبتاخد حقك مني  ، أنا عارفه!!"



حسناً هذا من الداخل بالنسبه لها اشبه بانهيار وتكذيب  شئ  لا تريد تصديقه بأي شكل ، نظر لها  بخيبه ثم وزع  أنظاره عليها وعلي الأوراق من أسفل قدمها ،  حتي بدأ بالتحرك من أمامها وهو يقول باشمئزاز داخلي وظهر حتي في نبرته:




        
          
                
_"  ربنا يصبرك علي نفسك  يا تاج، عشان اللي زيك مش عارف مستحمل نفسه كده ازاي !"



قالها ومن ثم سار من أمامها حتي بعدما رفعت أنظارها له بجمود ، لم يعطيها  الفرصه بالرد بسبب اختفائه من أمامها تدريجياً ، ركب المصعد ليهبط فـ الأسفل مره أخري متوجهًا. للسلم الداخلي يهبط من عليه ، دقائق ووصل إلي الطابق التي توجد به الٱخري ، وقف أمام غرفتها حتي لا يترك نفسه مع أفكاره وانهياره ، يشغل نفسه  فقط ، وقف أمام غرفتها بأنفاس عاليه يتنفسها ثم دق الباب دقه واحده حتي ٱذنت هي  من الداخل ، حاول أن يبقي ثابتاً حتي دلف عليها الغرفه فوجدها تستمع إلي صوته في الهاتف الذي كان يقرأ به القرٱن  والٱيات التي تعبر عن الشفاء ، كانت تجلس علي الفراش ، إعتدلت في جلستها سريعاً بحرج وهي تغلق الهاتف ، فتوجه هو بغير وعي يقف من أمامها حينما سمع صوته وهو يرتل القرٱن  ، رفعت "فرح" أنظارها له بأعينها الحمراء من كثرة البكاء، فنظر لها بدهشه قليله وهو يردد:



_" انتِ بتعيطي ؟"



_"لا عادي .!"



قالتها بتعلثم ، وهي ترفع يديها  تمسح  وجهها ، فلاحظ كدماتها الزرقاء التي توجد علي يديها يبدو أنها بسبب حالتها النفسيه !! ، رفع يده بتردد ليضعها علي يدها يتلمسها ، فلم تتحرك هي بسبب إستغرابها مما يفعله ، فنظر لها بإطمئنان وهو يبتسم بانكسار ثم  أخفضها سريعاً وهو يوزع أنظاره علي درج معين به أشياء معتاده في الغرف ، توجه ليفتح الدرج ثم جذب ورقه وقلم وهو يدون إسم دواء ثم قطعها وهو يمد يده لها  قائلاً بهدوءٍ:



_" خلي عز يجيبلك العلاج ده !"



اخذتها منه بتردد وهي تبتسم له ، فنظر لها هو بتعمن ثم خرج منه صوته وهو يتساءل علي فجأه :



_"إيــه اللي وصلك للحاله دي !!"



حركة عينيها المتردده ٱثر توترها كان هو القائم ، ظل أمامها ينتظر. ردها فتنفست هي بصوت مسموع ثم إجابته بضعفٍ:



_"  حاجات كتير ..مش عارفه أحدد حاجه واحده،  بس  أ..."



صمتت بتحشرج ثم واصلت بنبره مختنقه:



_"بس أنا .. تعبتّ !"



تابع كل حركه تفعلها ، رعشه يديها والكدمات الزرقاء وأعينها الحمراء ، وأيضا كما علم تشنجاتها فـ الليل ، كفيل لظهور ما تمر به من تعب ، أخرج أنفاسه الصغيره  وكأنه يشعر بالراحه في ذلك ثم أجابها بعفويه:




        
          
                
_" وانا كمان تعبت !!"



نظرت له باستفهام ثم لاحظت تعابير وجهه المتألمه ، لا يبدو أنه ينزف أو مجروحاً ولكن يبدو أن قلبه هو المجروح حتي في مكان عمله يأتي له الجرح من حيث لا يدري ، صمتت تنتظر ما سيكمل أم أهذا فقط ، فوجدته يكمل وهو ينظر لها موزعاً أنظاره بينها وبين نقطه ٱخري ثم يشرد:



_"   أيوه تعبتّ كلنا بنتعب بس بإختلاف التعبّ ، وبإختلاف شدته ، حاجات كتير قادره توصل الإنسان لحالتك دي أو هنروح بعيد ليه حالتي برده !! ،  يعني حاجات كتير قادره تخليه مش عارف يتكلم ولا يتعامل ولا يصدق مين  ويكذب مين ، يثق فـ مين ، يحب مين وميسبهوش !  ، تبان من الحكايه إن ده  أقل تعب بس اللي بيعيشها ويجربها أصعب  حاجه ممكن ميقدرش يتعافي منها لحد الٱن ، فـاهمه ؟ فَـهماني ؟"



هزت رأسها تؤكد وبشده ، فنظر لها بابتسامه صغيره ، إلي أن خرج صوتها باستفهام مُنهك:



_" الدكاتره فعلاً بيتعبوا ؟"



_" ما  انتِ دكتوره أهو ."
حقيقه منكسره ، نعم كل منهم يتعب بالتأكيد ، قالها بثباتٍ ، فهزت رأسها بنعمٍ وهي تبتسم مردفه بهدوءٍ:



_"صح ، الظاهر إن الكل بيتعب  ومفيش راحه!"



صمتت ثم جال علي خاطرها سؤال. حتي أردفته بعجزٍ:



_"  لما كلنا بنتعب ،  يبقي مين بيتعبنا !!"



بالطبع كان المقصود بكل ذلك التعب النفسي ، فابتسم لها بثقه ثم تحدث بتفهمٍ لا يريد إنكاره:



_" اللي بيتعبونا  ، هم نفسهم بيتعبوا برده يا .. فرح .."



قالها بهدوءٍ  حتي دون ألقاب في ٱخر حديثه ولكن بسمته من الخارج لها حينما قالها وبدأ بالتحرك ليخرج من الغرفه كانت بسمة راحه ، تعجب من بين إرادة ساقيه للذهاب أمام غرفتها أكثر من مره ، لا يدري لما ، الٱن يتجاهل كل شئ وقد عرف الطريق إن أراد أن يتناسي ويشعر بالقليل من الراحه فسيذهب إليها هي غالباً ولا يعلم لما السبب ولكن وجد رُبع علاجه ودوائه الٱن علي الأقل وسيفكر بوقتٍ ٱخر لما ذلك ولما هي !! 



______________________________________________



ساعات مرت عليهما وهما بالخارج بعد  ٱخر مره كانا فالمنزل ، كان يجلس بحديقه عامه بها من الأشخاص  الكثير ، وكان أغلبهم من كبار السن  لا يعلما لما ولكنها صدفه جميله !! ، إبتسم "غسان" المُمسك بزجاجة المياه بيديه السالمه ، وهو ينظر من أمامه والأخر بجانبه يتناول بعض من الطعام الجاهز ،  خرج صوت "غسان"  وهو يردد بعمقٍ:




        
          
                
_"  متخيل إن لينا وقتّ وهنبقي زيهم كده ، الأيام بتعدي بسرعه أوي ، وبتعدي هدر من غير حاجه ممكن الواحد يفتكرها ويبقي فخور بنفسه !"



ترك "شادي" الطعام من بين يديه ثم أجابه بغمزه عين قائلاً وهو يشاكسه:



_"لأ فـي ، .. الحُب ياض!! أعظم الإختيارات يالا.!!"



ضحك "غسان" بخفه ثم أجابه قائلاً بهدوءٍ:



_" الحاجه الوحيده اللي الواحد ممكن يعتبرها أحسن حاجه حصلت فحياته ، بس المهم مصداقية الإختيار ويكون حُب يستاهل فعلاً !"



شرد بٱخر حديثه علي شقيقه ، فخرج صوت "شادي" وهو يلمح له بموضوعه:



_" وهي تستاهل بقا علي كده ؟؟"



_"ملحقتش أقول وأحب ، بس أيوه تستاهل أوي !"



قالها بعفويه ، وتحسر فـ  وقت واحد بسبب رحيله قبل أن يعترف لها بحبه وبما يكنه لها ، صفق "شادي" عالياً بحماسٍ من إجايته ثم ردد ببهجه جعلت الأنظار عليه:



_"أيوه بقا .. ولع الدنيا ياغُس "



_"بلاش غُس.. واهدي الناس بتبص علينا"



حرك الآخر رأسه بغير إهتمام ثم توجه ينظر له قائلاً :



_" يعم  دول معظمهم قد أبوك وجدك ، يعني حاجه كده مسكره ولُطف!!"



لم يعير "غسان" له أي إهتمام لحديثه بل صب أنظاره علي الطعام الذي يوجد بيد الاخر قائلاً بسخريه:



_" ده المفروض عشا ولا ما بين الغدا والعشا ؟."



_"سميها زي ما تسميها ،  أصل أنا جعان "



التفت "غسان" ينظر من أمامه بقلة حيله من صديقه ،  فنظر بتمعن  للعجوزين من أمامه والفتاتين التوأمين ، حيث كانتا تقف كل منهما أمام العجوزين بصندوق من الورد ، حتي أعطي العجوز لزوجته ورده بيضاء تشبه ما فعله من تعامل لطيف. ، ابتسمت له بحبٍ فتوجه بحركه بطيئه يقبل قمة رأسها وهو يتحدث ، كان يتابع هو المشهد من  أمامه ببسمه صغيره  ،  تذكر الورد ونيروز!! أين هي الٱن ! الورد هنا  ولكن هي ليست  هنا، فاق من شروده عندما توجه له التوأمان تعطيه "ورد" لم يكن معه فتاه أو جنس ناعم ،  حسنناً موقف محرج بالنسبه لـ "شادي" الذي تنحنح  بحرج زائف ، لم يستطع "غسان " أن يرفضهما ، فابتسم لهما  وهو يأخذ من الصندوق وردتين واحده بيضاء وآخري ورديه ، فابتسمت له الفتاه الأولي  باتساع ، فخرج صوته  وهو يسالها  بحنوٍ:




        
          
                
_"إسمـك ايـه ؟"



نظرت له الفتاه ثم تحدثت بجرأه عكس شقيقتها التي تقف من خلفها ، قائله لتجيبه:



_" أنا فيروز  وهي ..نيـروز !"



نظر لها بغير تصديق ، وكذلك صديقه الذي ضحك بدهشه  من تلك الصدفه ، بينما ذُهل" غسان "من  صُدف الحياه التي تتعمد بأن تذكرنا دائماً بما حدث لنا وبأشخاصٍ نريد فقط نسيانهم لفتره أو تخطي لما فعلو وفعلنا بهم من شئ !! ، أخرج  أموال من جيبيه ثم وزعها بينها وبين الأخري التي تقف من خلفها ،  أخذتا الأموال منه  بينما تابع بنبره هادئه وهو يبتسم قائلاً بصدق:



_" أسمائكم حلوه أوي.."



إبتسمتا له بفرحه ثم بدأ ا  بالتحرك من أمامه ،  فتحدث "شادي" من بين ضحكاته قائلاً بدهشه :



_"ده ينهار أبيض علي الصُدف يا جدع !"



إلتفت"غسان" ينظر له مُبتسماً:



_" وأحلي صُدف"



قالها وهو  يمسك "الورده" ليقدمها لصديقه ، فنظر له "شادي" بشكٍ وسرعان ما وضع يده علي وفمه بخجل كمثل الفتاه وهو يتحدث بنبره ناعمه مثل النساء قائلاً بدلال حتي نظر له العجوزين من أمامهما:



_"يـوه يا سي غسـان  متكسفنيش أومال !"



ضحك "غسان" عالياً ثم توجه بمرح يعلق من الورده بجانب إذن صديقه الذي نظر له بخجلٍ مصطنع ، كانت أنظار العجوزين من أمامهما مسلطه علي ما يحدث بتمعن ، إلي ٱخر ما حدث حتي تحدث العجوز وهو يردد عالياً مشيراً لهما بإشمئزاز:



_"  إخص علي الرجاله .. !!"



فتحا فاههما بشده مما حدث ،   بينما تحدثت زوجة العجوز وهي تشير علي الورده بيد  "غسان" والاخري المعلقه بجانب أذن الاخر, قائله بتقزز:



_"  مش مكسوف من. نفسك يا واد انتَ وهو  ، جاتكم القرف مليتوا  البلد!!"



نظر إلاثنان إلي بعضهما بغير تصديق ، بينما أنزل "شادي" الورده سريعاً وهو يردد بتبرير:



_" يا حجه انتِ فاهمه غلط والله احنا مش كده ، إحنا .كـُ..."



نهض العجوز وهو  يرفع عكازه قائلاً بتهديد وهو يردد بنبره مرتفعه:



_" إخرس خالص امشي انتَ وهو من هنا حالاً بدل ما هلم الناس دول عليكم ."



هز "شادي" رأسه بالايجاب وهو يتجه يمسك بيد الآخر الذي يضحك بقوه ، نفض "غسان" يد الاخر قائلاً من بين ضحكاته:




        
          
                
_" ابعد إيدك يا غبي انتَ بتثبتلهم ؟!!"



ترك "شادي" يده وهو يركض سريعاً  ليبعد عنه بخطواتٍ، أما "غسان" فنهض  ببطئ من مكانه تحت أنظار العجوز الواقف من أمامه وهو يهدده بعكازه ،  فتحدث قائلاً. وهو يراه ينهض علي راحته قائلاً بنصيحه رغم تقززه:



_"يا بني دا  انتَ مفكش حيل خالص  و كده حرام حتي وقرف ، اتهد يمكن ربنا يهديكّ  !!"



ضحك "غسان" رغماً عنه وهو يتجه حتي يمسك برأس العجوز  ليقبله برضـا وأسف يغلفه المرح  فأوقفه العجوز وهو يرجع إلي الخلف سريعاً رافعاً عكازه  كحاجز  وهو يهتف عالياً:



_" متقربش مني ، إمشي .. إمشي .. الله يقرفك !"



كبت "غسان" ضحكاته وهو يومأ له  ثم التفت ليسير حتي وجد صديقه منهاراً من كثرة ضحكاته العاليه فـ المكان ، ضحك "غسان",   هو الاخر وهو يسير بجانبه ثم ردد من بين ضحكاتهم:



_" أهم دول المسكرين اللُطاف  ال بتقول عليهم  يا عم "



___________________________________________



قد أظلمت عليهم  الأنوار الطبيعيه بسبب حلول المساء عليهم بشقة "حازم"  ساعد كل منهم الٱخر وبشده في تنظيم بعض الأشياء كان كل منهم يعمل علي قدم وساق إلي أن أنجزوا الكثير وتبقي الأكثر  بسبب كثره الأشياء من حولهم ،  انتهوا منذ فتره صغيره من تنظيم أركان الشقه اليوم ، سيعودوا لها غداً ، ووقت ٱخر ، وبسبب عدم تأخر النساء الاخريات أيضا ً ،  نظرت "سُميه" نظره ٱخيره علي المكان برضا ، فنظر لها "حازم"  وهو يتساءل :



_"ها  كل حاجه تمام كده ، محدش ناسي حاجه ؟؟"



نفت هي كما نفي البقيه ، فابتسمت لهم جميعاً "ياسمين" قائله بسعاده:



_"بجد يا جماعه مش عارفه أقولكم إيه !! "



إبتسموا لها بحبٍ فتحركت هي لخارج الشقه مع  شقيقتها وابنة عمها وشقيقتها الٱخري ، ومن ثم خرجت "دلال" و"عايده" أيضاً حتي يبدأ كل منهن بالهبوط  للأسفل ، أما "سميه" فخرجت وهي تنتظر "حازم" ليقوم بغلق الشقه جيداً ، حتي أغلقها جيداً ومن ثم هبط معها إلي الأسـفل ، حتي ركـب السياره ومعه السيدات أولاً   كلاً من "سُميه و دلال وعايده " ، هو لم يأخذ وقت كبير في توصيلهم بل دقائق أو ما أشبه بـ ١٠ دقائق لـ١٥ دقيقه ،  انتظرت الفتيات مع بعضهن ، إلي أن يأتي مره أخري ، فجلست "ياسمين" علي السُلم بانهاكٍ  بعد وقت قليل وهي تنظر لهن قائله :




        
          
                
_"  يخربيت الجواز يجماعه  واللهِ !!"



ضحكن عليها بخفه فتحدثت"نيروز" قائله لتشاكسها:



_" كله يهون عشان تبقي مع حبيب القلب والكبد زي ما بتقولي !"



قهقت "ياسمين" عالياً ثم هتفت بتأكيدٍ:



_"ده فعلاً ، حازومي يجدعان ده الحب والكنتلوب، واد مسكر وجان وعسل كده مش عارفه أخو البت دي إزاي !"



ضحكن عليها بخفه، حتي "جميله" التي أجابته‍ا قائله من بين ضحكتها:



_"زي الناس يا حبيبتي ، أنا الـ مش فاهمه  حبك ليه!"



بالطبع يمزحان مع بعضهما كالعاده ، فنهضت "ياسمين" من مكانها وهي تنظر لها قائله بجديه زائفه:



_"  يعني أنا متحبش ؟!"



نظرت لها "جميله" بترقب ثم صاحت تسألها قائله:



_"عاوزه الصراحه ؟"



_"أه"



_"تتحبي  و أوي كمان"



اتجهت "ياسمين" تحتضنها سريعاً تحت أنظار "ورده" و"نيروز" الضاحكه



_" هُبل بجد  والله !"



قالتها "ورده" بقلة حيله ، وسرعان  ما سمعوا صوت "حازم " المرتفع وهو يصيح عالياً من مشهد شقيقته والأخري التي تحتضنها:



_"فالشـارع !!"



قالها باستنكار ، فتوجهن ليركبن السياره ، تزامناً مع رد "ياسمين" وهي تمازحه بمشاكسه قائله:



_" وإيه يعني ،  طب دي حاجه من ريحتك واللهِ  إزاي أسيبها ومحضنهاش"



ضحكوا علي جرأتها وحديثها المرح بخفه ،. ومن ثم بدأت السياره في السير إلي حيث مبني منزلهم!!



_____________________________________________



كان يجلس معها علي مائده طعام ،. لتناول وجبة العشاء ، والتي أعدها هو وهي معه تقوم بمساعدته ، كان يبتسم لها بتصنع بين الوقت والٱخر ، أما هي فنظرة الحب لم تفارق عينيها بتاتاً ، لا تعلم أنها مغفله ؟! ، نظر "شريف" إليها فوجدها تنظر له ،. فتحدث قائلاً يسألها من بين ابتسامته:



_" بطلتي تاكلي ليه يا فريده ؟ الأكل مش عاجبكّ ؟"



_"لا طبعاً ده حلو أوي بجد مش انتَ اللى عامله يبقي أكيد حلو زيكّ !!"



أومأ لها بهدوءٍ وهو يبتسم ثم تحدث قائلاً بمراوغه:



_" تعرفي ان كُتر الكلام الحلو مبحبوش !!"




        
          
                
قالها بطريقه هادئه توحي بعكس ما يردفه ، فعقدت ما بين حاجبيها باستغراب ثم رددت:



_" قصدك ايه يا شريف ؟"



_" عارفه  إن لو إنسـان الدنيا جت عليه بما فيه الكفايه فالكلام الحلو مش هيجيب معاه !"



نظرت له بحزن ولا تعلم لما ، هي تعلم فقط أن والده قد تخلي عنه ولكن من دون أسباب حتي أنه لا يفتح ذلك الموضوع ، رفعت يديها تربت علي كتفه بهدوءٍ ثم هتفت بصوت هادئ:



_" انا مقصدش يا شريف واللهِ ، أنا عارفه إنك عانيت بس عمرك ما قولتلي ليه ولا شاركتني حزنك حتي ، عارفه موضوع باباك بس مش عارفه ليه ولاحتي اعرف فين عيلتك وكده ! إتكلم واحكيلي وأنا هسمعلك بكل حب بجد!"



يا لهذه الغبيه من وجهة نظره ، يريدها أن تعرف الأسباب التي جعلته وحيداً ووالدها سبب من ضمن تلك الأسباب بل وهي الٱخري مجرد إنتقام عابر بالنسبه له !! ، تنفس بحراره ثم أجابها باختصار كحديث مشفر لها :



_" أوقات مينفعش نعرف الأسباب ، بس فـ أوقات تانيه بتتعرف عشان ده الوقت المناسب !"



تنهدت بعدم فهم ولكنها صمتت بسبب ما يردفه من ألم بالنسبه لها ، قاطع حديثها الرقيق التي كانت ستردقه دقات الهاتف  الخاصه به من جانبها ، إنتشلته ثم نظرت علي الشاشه لتري الإسم المدونّ فعقدت حاجبيها بتساؤل وهي تقدمه له:



_" مين خالد ده يا شريف ، وإيه الحروف اللي جنبه دي ..!"



نهض وهو يمسك بهاتفه ثم أجابها بجديه :



_" مش لازم تعرفي !"



قالها وهو يتوجه ناحية باب الشقه ليفتحها بينما  هي نهضت تتحدث قائله باندفاع:



_"مش قصدي بس انتَ رايح فين الوقتي؟"



_"  مش ملاحظه إن أسألتك بتكتر  يا فوفه ؟؟"



قالها   ومن ثم أغلق الباب من خلفه وهو يهبط حتي يذهب إلي الخارج ، بيمما هي نظرت باستغراب من حديثه وكلماته وبروده ، لم يأتي علي خاطره بأنه خداع ولكن علي أي حال لم تعطي بالاً ولاحتي تركيز لذلك بل اتجهت تجذب الأطباق حتي تذهب بها إلي المطبخ وهي تدندن بعض كلمات الأغاني  الحزينه بصوتها الهادئ ، لا تعلم بأن حزن الكلمات سيمر عليها ومرّ هو من الأساس علي حالها وغفلتها من كل ما  تفعله وما سيفعل بها !!



______________________________________________



إلي الٱن صوت ضحكاتهم العاليه علي ما حدثّ !! وهما يجلسان في الحديقه الصغيره التابعه للمنزل ، ضحكات هيستيريه وكأنهما مخدران ، يبدو أنها ضحكات من عقل باطن تعبر عن ألم أحدهما وبشده  بدلاً من البكاء، أما الٱخر فهو يقهقه بشده علي المشهد !! ، تحدث "غسان" من بين ضحكاتهما العاليه ثم ردد :




        
          
                
_"  يخربيت كده يا جدع ،  إيه اللي إحنا بنعمله دا يا شادي !!"



نظر له "شادي" ثم بدأ بالضحك وهو يضرب كف علي الاخر قائلاً بنبره ضاحكه:



_" والله ما عارف ، دا شكل الجيران هيطلعوا ينفخونا إسكت بقا "



أومأ له وهو يضحك ومن ثم بدأ يهدأ هو والٱخر بالتدريج، حتي نهض "غسان" يسقي الزرع الصغير والورود أيضاً حتي وإن كانت قليله ، نهض "شادي" من خلفه ثم تساءل بنبره هادئه يشاكسه:



_"  من إمته وانتَ بتهتم بالورد ده يعني !"



التفت ينظر له ثم ابتسم ليـقول:



_" من ساعة ما شوفت عنيها "



_" يا ولا !!"



_" من ساعة ما روحتّ بيتنا القديم ووقفت فالبلكونه ، وهو شدني ، منظر الزرع بتاعها والورد جنب بعضه كده حلو أوي حتي كنت  بسقي اللي نحيتي  كل ما أقف فالبلكونه وهي مش فيها "



قالها وهو يبتسم ثم واصل يكمل:



_" نظامها وخوفها علي الورد والزرع غريب ،  اللي يخاف علي زرعه تموت أو عـلى ورده  تعطش وتدبل عمره ما يعرف يأذي حد !"



ضرب الآخر يده كتصفيق له ولحديثه وكلماته بحراره ،فعدل "غسان" من ياقته بغرورٍ وهو ينظر له بطرف عينيه قائلاً بتكبر:



_" بص واسمع من عمك غسان يا حبيبي واتعلم فن الصياعه والتثبيتّ"



صفر الأخر من فمه بإعجابٍ وهو يهلل قائلاً باسلوب سوقي كما فعل الأول:



_"الصياعه فن مش عنّ عنّ"



ضحك "غسان" بخفه وهو يومأ له قائلاً بتأييد:



_بالظبط ، يلا ندخل جوه بقا عشان عاوز أنام "



_____________________________________________



قبل ذلك أو بنفس وقتـه ، كانتّ هي تجلس في غُرفتها بعدما مر الوقت منذ مجيئها من الخارج ، كانت تنظم ملابسـها بهدوءٍ وتقوم بتنظيم بعض أركان الغرفه ، وصوتّ الاغاني الهادئه ذات اللحن الهادئ في الغرفه ، كانت تُشغل ما يفضل هو ،  نفعل ما يحبه من نحبه لنحبه ! هذا ما توصلت إليه.، رغم قلقها وحزنها بسبب رحيله إلي أن صوتها الداخلي وهي تحفز نفسها بأنه سيعود كان هو منبع الثقه لها ، تتعايش مع الوضع بل وتفعل ما يحبه من كل شئ حتي لا تشعر بغيابـه !!



"_كنت بشتاق لك وأنا وإنت هنا
بيني وبينك خطوتين، خطوتين، خطوتين
كنت بشتاق لك وأنا وإنت هنا
بيني وبينك خطوتين، خطوتين، خطوتين
شوف بقينا ازاي أنا فين
يا حبيبي وانت فين، إنت فين، إنت فين
كنت بشتاق لك وأنا وإنت هنا...."




        
          
                
، خطوتين !! خطوتين ولكن لم يكن هو موجوداً ، هو ليس هنا ولكنها تنتظر ، كانت تهز رأسها مع لحن الكلمات بهدوءٍ ،  دقت عليها الغرفه شقيقتها والٱخري أيضاً حتي أذنت لهما بالدخول وهي تبتسم بهدوءٍ، حتي دخلت "ياسمين" وهي تحرك يديها برواقه علي لحن الكلمات تحت ضحكاتهما العاليه ، إلي أن انتهت  ثم قالت بمزاجٍ:



_"الله عليكِ يا ستّ"



إتجه الثلاثه ليجلسن بجانب بعضهن ،  فتحدثت "ورده" قائله بتساؤل :



_"من إمته يا روز وانتِ بتسمعي الستّ !"



وزعت "نيروز" نظراتها في المكان بينما كان ينظر الاثنان بترقب وانتظار فتحدثت هي باختصارٍ:



_" من فتره كده ، أغيرلكم حاجه تانيه ؟"



قاطع إجابتهم دلوف والدتهم إليهم وهي تبتسم لهن بحبٍ ، فصاحت "ياسمين" عالياً ببهجه:



_"والله ما كنت ناويه أكسفك بس  طالما سمسم جت يبقي شغلي أمورتي الحلوه ونهبل كلنا بقا .."



نظرت لها "نيروز" بحماسٍ وهي تمسك الهاتف لتقوم بالبحث عن ما قالته الأخري ومن ثم تشغيله بعدما قامت بتعلية الصوت !، تحت نظرات "سُميه" المُحبه لهن ، اتجهت "نيروز" بحماس ثم أمسكت بيد"ورده"  ومن ثم ربطت الاخيره يدها بيد والدتها بينما ، امسكت "ياسمين"  بيد "سُميه"، تحت رقصهن المُبهج علي الكلمات التي كانت مؤثره علي "سُميه" وبشده وهي تتمايل معهم  حتي وان كانت لا تستطيع بل كانت تحاول وهي متأثره ، تحت نظراتهم السعيده بما يفعلونه 



[ست البنات حبيبتي بخاف من الهوا
لو مس شعرة منك من غير ما نكون سوا
ان يوم بكيتي ببكي ب قبال اليوم سنة
وان قلتي آه عينيي بتقول انشالله أنا
يا اخواتيي بحبها دي حبيبة أمها ]



إلي هذه الكلمات التي تعد نصف الأغنيه ولم تتحمل "سميه" بل سقطت دموعها بتأثر جلي علي وجهها ، بينما نظروا إليها بحبٍ حتي دخل الثلاثه بأحضانها الدافئه بالنسبه لهن ، حتي تشبتن بها بقوه ، وكأنها هي الملجأ الوحيد لهن ، مهما حدث تبقي الأم هي الملجأ الوحيد ! ، بكت "ياسمين" بتأثر  وكذلك "نيروز" و"ياسمين" وهن في أحضان والدتهن إلي الٱن ، بقوا بأحضانها إلي أن رجع الوضع كما كان قبل ، أحضانها التي تجعل من بداخلها يتنفس براحه واطمئنان وأمان ! وكأنهن  يقومن بالحمايه من وحشة العالم وسوء الأشخاص وقسوة الأيام !!



____________________________________________



جلس بمقهي يبعد عن الأنظار قليلاً ، مقهي ليلي غير معتاداً للجلوس به ، ولكن منذ أن هاتفه الٱخر ، فإضطر بأن يقابله ، لمح هو مجيئه من بعيدٍ ، فتنهد يأخذ أنفاسه بغير اهتمام وهو ينظر إلي جهه أخري بملل ، إلي أن وصل  الٱخر يقف من أمامه ، ولم يكن سوي "خالد" الذي ابتسم بلؤم وهو ينظر له قائلاً :




        
          
                
_" إيـه مفيش أهلاً !! "



التفت "شريف" يطالعه ثم تجاهله قائلاً بإختصارٍ:



_" لخص وقول منزلني ليه ؟  أنا مش مرسيك ع الحوار !؟"



جذب الآخر مقعد ليجلس بمقابلته، وهو يهتف ليجيبه بنبره جاده خبيثه:



_" لا مـا هو أصل أنا بتعب أوي بصراحه وأنا كل شويه أتصل أسيب ركب البت الغلبانه دي ، لأ وكمان عشان أجيب واحده إنتَ سهل تجيبها بسهوله ، ولا هي صعبه بقا علي كده جميله دي يا شوشّ !!"



_"انتَ ملكش فيه ، ولا فـ اللي بيحصل واللي عندك قوله عشان مش فاضيلك !"



ضحك الآخر ضحكه ليست هينه ثم  تحدث قائلاً يجيبه:



_" صح مليش فيه ، بس الأستاذه  الدكتوره فرح الشرقاوي يا شريف يا شرقاوي مبتردش عليـا بقالها كذا مره وعلي قولك يعني لم قولتلي متكش عليها اوي فالحوار ده ولا أديها تفاصيل غير لما تقولي ، السؤال بقا ، لو هي مبقتش ترد وبقت تصد أنا مليش فيه فعلاً ، إشطا يا با ، فين فلوسي بقا اللي أنا صابر عليها بقالي كتير دي  ؟؟"



_" ميهمنيش تصد ولا ترد المهم إني عارف إنها هتسلم صاحبتها بنت الناقص  فالٱخر ، وإن كان علي فلوسك فالاتفاق مكنش كده ،  أنا اديتك النص ولما يخلص الحوار  تاخد النص التاني !!"



قالها أمام أنظار الآخر الصامته ، فتنهد يتنفس ببطئ وهو يتحدث قائلاً بنبره متقطعه ليثير حنق الآخر :



_"  مش هنكر الإتفاق بس متبقاش تنسي ، وقولي يا شريف يا شرقاوي في سؤال جاي علي بالي علطول بس  مكنتش بسأله ..!"



طالعه "شريف" ببرود فواصل الآخر يكمل بنفس البرود:



_" يعني شريف الشرقاوي هيكون عاوز يأذي فرح الشرقاوي ليـه دي المفروض كده علي ما جمعت إنها اختك ،  لسه في فـ الزمن ده اخوات كده يا جدع ، طب دي حتي  حياتها بيتهيألي كده بايظه بسبب قعدتها فالمستشفي ولا البت التانيه دي كمان و.. !!"




        
          
                
غير معتاد علي أن يحدثه الاخر بطريقه كمثل هذه ، حسنناً نفذ صبره الٱن، أمسكّ الكوب الزجاجي من أمامه بهدوءٍ يم نهض يكسره علي فجأه ليقاطعه  بينما أمسكه من تلابيبه بقوه وهو يقرب من الزجاج بيده حيث عنق الاخر هاتفاً  بتوعد:



_" بص ، شريف الشرقاوي بيقولك متدخلش فاللي ملكش فيه  حلو ؟؟"



هز الآخر رأسه له بضعفٍ من ٱثر إختناقه ، فأقترب "شريف" يهمس بجانب أذنه بخفوت ومازال يمسكه:



_"شريف الشرقاوي يعمل اللي هو عاوزه  ،  فـ ايـه بقا .. ؟؟"



ردد "خالد" خلفه بخوفٍ يحاول إخفائه ولكنه ظهر:



_"إيـ ـه ؟"



_"فـ انتَ غلطت لما حاولت تتعامل معايا بالطريقه دي ،  فـ اهدي كده علي نفسك بدل ما أوديك فـ ٦٠ داهيه وأضيعلك مستقبلك يا دكتور انتَ  ومواقعكّ القذره دي ، حلو الكلام .. ؟؟"



قالها ومن ثم نفض يده سريعاً يتركه بعدما توجه يفصل بينهما بعض من الرجال الجالسين  ، عدل "خالد" من. مظهره ثم رحل بعيداً دون  أن يوجه أنظاره له ، نفض "شريف" يد الرجال بقوه وهو ينظر لهم بجمود ، ثم ترك من يده الزجاج ، حتي أخرج بعض من الأموال الذي ألقاها علي الأرض بإهمال تحت  نظرات الرجال  البغيضه من تصرفه ،  ومن ثم رحل بعيداً عن ذلك المقهي ، وهو يركب سيارته ، ثم ابتسم إبتسامه لا توحي بما حدث منذ قليلٍ وكأن تعامله بالشر والسوء شئ يسعده  من الأساس ، وإن ظهر للبشر أنياب حاده حينما يبتسموا بشر ، فسيكون هو صاحب أكثر الأنياب الحاده ، حتي نظراته التي لا توحي بالخير بتاتاً ،   رحل بعيداً بالسياره بعد تلك المقايضه الغير  هينه بينه وبين الٱخر !! .



______________________________________________



جلسـت بجانبه علي الفراشّ ، بينما هو كان يطالعها بحبٍ فاض من عينيه، كانت تقوم بالإستغفار ، جلست هي بجانبه ٱخيراً بعد أدائها ركعتين لله تقوم فيهما بالدعاء لأولادها وبالأخص عودة ولدها ،  رفع "حامد" ذراعه حتي يقربها داخل أحضانه ثم ربت عليها بحنوٍ وهو يقول بنبره مطمئنه:



_"هيرجع يا دلال ، هيرجع !!"



صمتت هي لدقائق لا تعرف بماذا سترد عليه ، ولكنها حاولت أن تتحدث من بين نبرتها المختنقه :



_" عارفه ، عارفه إن غسان هيرجع .. أنا بس اللي واجع قلبي أكتر من غيابه كسرته ، عمري ما شوفته كده أبداً ،  مش ده ابني اللي يقف زي المضروب علي راسه وهو مش عارف يعمل ايه ، مش ده غسان يا حامد اللي  اللي يقف ساكت ولسانه ميطلعش علشان يدافع عنه ،  حزينه علي اللي حصل ما بينهم وهم  عمرهم ما  كانو  كده ولا كان بسام كده أبداً ، بسام اللي زعلي عليه أكتر من زعلي منه !!"




        
          
                
ربت عليها بتعبٍ ثم تنهد يأخذ أنفاسه ليجيبها بهدوءٍ:



_" عارف يا دلال كل ده ،  بس عايزك تعرفي ان الأصل غلابّ ، مش هقولك أصلهم ايـه بس  رجوعهم من تاني زي ما كان هو اللي هيقولك ، إن شاء الله ربنا هيصلح الحال وكل حاجه هتبقي تمام متوجعيش فنفسك ، خساره القمر ده يتبهدل كده عشان ولاد الكلب دول !"



قالها بمرح جعلها تضحك بخفه ،  حتي  خرجت من أحضانه وهي تنظر له باستنكار قائله بمدافعه:



_" عمرهم ما كانو ولاد كلب يا حامد ، دول ولاد أكتر راجل حنين فالدنيا ربنا يخليك لينا ويديكّ طولة العمر "



غمز لها بخفه ثم صاح بمرح :



_"أيوه هو ده الكلام ، بلاها زعل خلينا فالغزل يا أم غسان !!"



ضحكت بخفه  فسمعوا هم صوتها وتجلي حنجرتها يبدو أنها واقفه علي أعتاب الغرفه منذ وقت ، نظر لها والدها وهو يفرد لها ذراعيه من علي الفراش قائلاً :



_" خش فحضن أبوكّ ياض لسه واقف ؟؟"



كان يحدثها بالمذكر فجعلها تضحك بقوه ، حتي تحركت "وسام" تدخل بين أحضانه بخفه إلي أن غمزت لهما قائله :



_"أنا جيت فالوقت. المناسب ولا ايه ؟"



إبتسمت لها "دلال" بحبٍ ثم اجابتها بحنوٍ:



_"كل الأوقات  ليكِ يا حبيبتي ، جعانه ولا ايه؟"



استقامت وهي تفسح المجال بينهما حتي تجلس بالمنتصف  بينه وبينها قائله :



_"لا مش جعانه وسعولي شويه هقعد هنا معاكم.. "



تزحزحت "دلال" كما فعل"حامد " بينما هي جلست أخيراً ثم تنفست بعمقٍ وهي تهتف:



_"  انا بحبكم أوي ، أوي وشكراً علي الهديه اللي ممكن تكون كلفتكم كتير  بس عشان تفرحوني  ، مش عارفه أقولكم كلام حلو بس أنا بحبك أوي يا بوب وبحبك أوي يا مرات ابويا .."



قالتها وهي ترفع كلًا من ذراعيها حتي تضعهم علي كل منهما بخفه إلي أن إستندت هي علي كتف والدها بينما إستندت "دلال"  علي كتف  "وسام" ، تزامناً مع رد "حامد" وهو يرفع يده  ليمررها علي خُصلاتها السوداء وهو يقول:



_" مفيش حاجه تغلي عليكِ أبداً ، لو عاوزه عيوني  تاخديها  يا ستى "



ابتسمت علي أثر يده الحانيه التي تلمست وجهها بينما رددت "دلال" قائله:



_"مفيش حاجه غاليه غيركّ انتِ واخواتك عندي ، ربنا يخليكم وييارك فيكم وأفرح بيكم  ."



قالتها بحنوٍ فأصبح الثلاثه الٱن بجانب بعضهما كجسد واحد بروح واحده ، يغلفهما  حب كل منهما للٱخر ، لم يكونوا سوي أشخاص سويه نفسياً يحتوي كلاً منهم للآخر وبقوه ، وكأن كل منهم يأخذ القوه من الذي يليه !! ، من خلال إحتضاننهما لبعض باحتواء ، تلك العائله الذي حدث لها ما حدث ولكن رب أسرتها لم يكن سوي شخص سوي. نفسياً ، وإن كان رب الأسرة شخص كهذا ، فـ ستسمى عائله  هادئه ، حنونه ، جميله ، عائله سويه نفسياً ..! 

google-playkhamsatmostaqltradent