رواية لعاشر جار الفصل السادس عشر 16 - بقلم سلمى رأفت
16-تحريات كلب_Round 2
زمجرت هي الأخرى بينما رد عليها قائلًا بضجرٍ :
_كلامي مش معاكِ، كلامي مع أبوكِ.
أغلقت هي المكالمة في وجهه بضجرٍ منه بينما كان هو مصدومًا من قرارها المفاجئ، لأول مرة تغضب وتصيح بسخطٍ عليه، لا وألف لا، سيعود يتودد لها مرة أخرى لأنها لو علمت خيانته لها لن تصمت أبدًا وأن صمتت فأن أبيها لن يصمت.
_____________________________________________
_ألا ما تيجوا نفتح مشروع؟؟، مغسلة عربيات، حلوة وبتكسب!
رمى "ياسين" هاتفه على الطاولة التي ملتفون حولها قائلًا :
_لأ بقى!! يا عم عليك وعلى مشاريعك!! يا شيخ قرفتني!!
نظر له هو بضيقٍ بينما تحدث عبدالله قائلًا بحماسٍ :
_أنا هتجوز.
سعل "إياد" بشدةٍ ونظروا له جميعًا بصدمةٍ وأردف "سيف" قائلًا بسخرية :
_وكتب كتابك يوم التلات الجاي يعني ولا إيه؟؟
نظر هو لهم وتنهد تنهيدة قوية وصرَّح بقوله مردفًا :
_أنا هتقدملها خلاص مينفعش كده! هتقدم وهعرفهم ظروفي وأنا كنت بحوش حق الدبلة والخطوبة عامةً، ولو عايزين يكتبوا الكتاب خير وبركة بس الجواز لسه.
أردف "عمار" قائلًا بجديةٍ نادرًا ما يتحلى بها :
_شوف يا صاحبي، لو شايف نفسك هتعرف تتقدم فعلًا وتجيب شقة وعفش والليلة دي كُلها ماشي، لكن متعلقش بنات الناس معاك، على العموم أحنا معاك في أي حاجة براحتك بس متزعلش مني أبو "حنين" مش سهل.
وافقه "إياد" الحديث قائلًا :
_"عمار" عنده حق، ده غير أنك لسه متخرجتش ولا هي اتخرجت..
قطع "عبدالله" حديثه قائلًا :
_يا جماعة أنتم ناسيين أن شقتي أصلًا جاهزة! ناقصلها بس يعتبر الفرش والجهاز وكده، لكن هي متشطبة، أنا مش هتقدملها وأنا أبيض يا ورد كده! ده أبوها يعلقني!!
وقف "ياسين" وهو يسحبه قائلًا بتصميم :
_ولا، قوم كلم أبوها وخد منه معاد، العمر في قد إيه يعني علشان تفضل مستني كل ده ولا هي تفضل مستنياك على الأقل تضمن إنها هي ليك.
سحب "عبدالله" يديه منه قائلًا بضجرٍ :
_يا عم أنت بتسحبني كده ليه؟؟ هو أنا جاموسة خالتك؟؟ وبعدين أنت محسسني أن أبوها موظف في بنك ده طيار، يعني بينزل في أوقات معينة أنا بقول أكلمها وهي تكلمه لما ينزل وتاخدلي منه معاد.
أضاف "سيف" قائلًا بهدوءٍ :
_أنت متعرفش يعني أبوها؟؟ ده بيتلكك على الهوا الطاير، هيلبسك مصيبة أنك روحت وكلمت بنته ومكلمتوش هو من الأول، اسمع مني، استنى أبوها ينزل وكلمه أنت، وألف مبروك مقدمًا.
ابتسم له "عبدالله" بامتنان وانهالت عليه المباركات من أصدقائه حينها أردف "إياد" قائلًا باستفسار :
_واد يا "عبدالله" هو في بنت عندكم في العمارة بتدخن؟؟ أصل وأنا كنت واقف تحت عمارتكم بحاول أسرق نت من عندكم شوفت واحدة واقفة بتشرب سجاير بس معرفهاش.
بصقه هو باستنكار شديد قائلًا :
_بنت إزاي يعني؟؟ ده نص بنات العمارة في ثانوي، مفيش غير كام واحدة بس اللي في جامعة، هيكون مين يعني؟؟ وبعدين يا معفن واقف بتسرق نت؟؟
أضاف "ياسين" قائلًا بضجرٍ :
_وبعدين لو فيه، أنتم مالكم؟؟ ملناش دعوة كل واحد في حاله، بس بعد أذنكم حد يشوفلي طريقة أخلص بيها من حمايا.
ضحكوا جميعًا عليه واستمرت هذه الأمسية عليهم بينما كان "عبدالله" شاردًا بها وينتظر بفارغ الصبر موعد أجازة "مصطفى" حتى يتقدم لخطبة ابنته.
__________________________________________
أشرقت شمس يوم الجمعة عليهم جميعًا وقبل صلاة الجمعة كان "عبدالله" جالسًا أمام والده وأردف قائلًا:
_بابا، أنا عايز اخطب.
رمقه والده بهدوء وأردف وهو يشاهد أحدى الأفلام قائلًا :
_لو الشيخ مخطبش انهاردة ابقى اخطب مكانه.
نظر له هو بضجرٍ وصرَّح بقوله مردفًا :
_مش بهزر يا بابا والله، أنا فعلًا نويت أكمل نص ديني التاني!
رد عليه "عادل" بعدم اكتراث قائلًا :
_مش لما تكمل النص الأولاني الأول!!
صك على فكيه بغيظٍ وأردف قائلًا بهدوءٍ :
_والله ما بهزر، المرادي بجد، مش عايزاها تروح مني يا بابا.
رمقه والده باهتمام قائلًا :
_أنت بتتكلم جد على كده؟؟ أصلك كنت كل أسبوعين تيجي تقولي نفس الكلمتين دول، على العموم أنا معاك في اللي أنت عايزه يا حبيب قلب أبوك وجي الوقت اللي تستخدم فيه فلوسك اللي كنت شايلهالك في البنك، بس أنا ليا طلب ومتأكد أنك مش هترفضه.
اقترب منه هو قائلًا باستنكار :
_طلب إيه يا بابا؟؟
تنهد هو تنهيدة قوية وأضاف قائلًا :
_لما تروح تتقدملها ياريت تكلم أمك تعرفها، على الأقل تيجي حتى في الخطوبة!
وقف "عبدالله" بسخطٍ وأردف قائلًا :
_لأ طبعًا!، دي واحدة مستهترة واستحالة أكلمها!! أنا مش ناسي أنها سابتني زمان وراحت اتجوزت ولا حتى فكرت تسأل عليا وجاية بعد ما الفاس وقعت في الراس تحاول تكلمني!!، بس أنا معتبر أمي ميتة علشان أنا عمري ما شوفت منها أي حاجة، عن أذنك نازل أصلي الجمعة.
تركه هو بينما كان "عادل" يرمقه بأسفٍ، فكم كان يمقت والدته وبشدة وهو أيضًا لكنه كان يكن لها بالحبِ والاحترام حتى تقلبت نواياها وتخلت عن ابنها البكري والوحيد وذهبت متحججةً أنها تريد أن تعيش عمرها بعيدًا عن المسؤوليات، فتربى ابنه بعيدًا عن والدته وكان يحاول هو غمره بحنانه ولكنه فشل في إزالة هذا البغض وظن أنه انتهز فرصة خطبته كي تأتي ولكن ابنه لن يسمح لها أبدًا أن تأتي، بينما على الجهةِ الأخرى كان "نوح" ممسكًا بهاتفه يعبث في أحدى مواقع التواصل الاجتماعي وهو مستلقي على سريره، ووجد من تدلف عليه قائلةً بضجرٍ :
_قوم يا زفت انزل صلي الجمعة، وبعديها جيب عيش من الفرنة، اخلص قوم اتلحلح!!
وقف وهو يتثائب وأدى روتينه اليومي ثم توجه إلى المسجد حينها وجد شباب العمارةِ بأكملها معادا أخوته وشباب عائلة "محسن ونيس" وأردف "تميم" قائلًا وقد كان مرتديًا جلبابٍ أبيض وكان جميعهم مثله :
_أهو "نوح" جيه، يلا يابني الخطبة هتبدأ!
دلفوا إلى المسجد جميعًا وعند انتهاء الصلاة توجه معظهم إلى البناية والمعظم الآخر منهم من توجه ليجلب وجبة الإفطار ومنهم من توجه إلى المخبز وقد أردف "نوح" قائلًا بدهشةٍ عندما وصل أمام المخبز :
_أحيه! إيه الناس دي كُلها؟؟ ده كده هنفطر الجمعة الجاية!
رد عليه "ليث" قائلًا ببرودٍ :
_هو مفيش غيرنا هجيب عيش في العمارة الحِزن دي، أقف يلا متقلقش مش هنتأخر.
كانت "رقية" تسير متجهة نحو صف النساء وهي تتمتم بكلماتٍ غير مفهومة معبرةً عن ضيقها وأردفت في نفسها قائلةً :
_يارب على القرف اللي على الصبح! ده لو صاحب الفرنة كريستيانو مكنش هيبقى كل الرجالة دي واقفة حلني بقى عقبال ما أروح!
ازداد صف النساء والرجال معًا وكان المكان مزدحم للغاية حيث أردف أحد الرجال قائلًا بسخطٍ :
_إيه كل الحريم اللي نازلة دي؟؟ صحيح مبقاش في كسوف أن واحدة تنزل وتقف في مكان مليان رجالة وتزاحمهم كمان!
ردت عليه "چودي" وكانت قد واقفة في منتصف الصف مردفةً بسخطٍ :
_جرى إيه يا عمنا؟ هو عشان سعادتك نازل بضرب الشباشب هتيجي تقرف اللي جابونا هنا؟، الجو حر و العملية مش ناقصة وأنا على أخري، فبلاش قرف الله يرضى عليك، هو كل واحد مراته ممشياه هييجي يطلع قرفه علينا؟؟
رد عليها "نوح" بسخريةٍ قائلًا :
_وبالنسبة اللي نازل يجيب لأمه يعني؟؟
أردف أحد الرجال يرد على كلامها قائلًا بازدراء :
_هي دي تربية بنات الجيل ده! كل البنات بقت قليلة الأدب وترد وتصد أنتِ لو شوفتي بناتي هتعيطي من أدبهم وإحترامهم!
ردت "رقية" عليه هذه المرة قائلةً بحاجبٍ مرفوع :
_يعني كل البنات قليلة الأدب وبنات حضرتك من العشرة المبشرين بالجنة يعني ولا إيه؟؟
أردف "ليث" بهدوءٍ وبرودٍ يحاول إنهاء هذه المشاجرة _التافهة_ قائلًا:
_يا جماعة براحة مش كده، مش هنتخانق على عيش يعني! ده انهاردة يوم الجمعة صلوا على النبي وأنتم واقفين أحسن من الخناق.
تمتم الجميع بالصلاة على النبي ووقفوا منتظرين دورهم حتى جاء "تيام" ولطم على وجنتيه قائلًا بحزنٍ مصطنع :
_يالهوي ياني! إيه كل ده! يارتني سمعت كلام أمي وروحت بعد الصلاة على طول!
وقف يندب حظه وظل هكذا قرابة الساعة حتى جاء دوره وخرج من الصف بعدما اشترى ما يريده يسجد على الأرض بفرحةٍ قائلًا بتأثر :
_يا فرج الله، ياما أنت كريم يارب، أخيرًا هروح!!
ضحك كل الواقفين عليه بينما كان بقية سكان العمارة كانوا قد عادوا منذ فترة نظرًا أن دورهم كان قبله.
دلفت "چودي" من باب الشقة بوجهٍ واجم وأردف "ناهد" قائلةً بقلقٍ :
_وشك بيقول أنك أتخانقتِ مع حد في الفرنة، يابنتي هو أنا مش قولتلك مليون مرة متتخانقيش مع حد وتخليكِ في حالك!
وضعت "چودي" الكيس البلاستيكي الممتلئ بالعيش البلدي وكيس آخر به وجبة الإفطار على الطاولة وأردفت قائلةً بضجرٍ :
_هما اللي مستفزين، أنا داخلة أنام مش قادرة، الشمس كلت نفوخي.
رمقتها والدتها بقلة حيلة ودعت لها بالهداية بينما في الطابق السادس :
وقف هو محمحمًا بحرجٍ بينما كانت هي جالسةً شاردة في المارة حتى استفاقت على حمحماته ووقفت قائلةً بابتسامة :
_مخدتش بالي والله، عامل إيه؟
رد عليه هو بنفس الابتسامة قائلًا :
_الحمدلله كويس، صحيح هو عمو "مصطفى" هينزل أجازة أمتى؟؟
استنكرت هي سؤاله وأردفت قائلةً :
__ممكن كمان يومين كده، ليه؟؟
نظر هو للمارة قائلًا :
_لأ ولا حاجة، كنت هتقدم بس.
شهقت هي بصدمةٍ واحمرت وجنتاها قائلةً :
_أنت بتتكلم جد؟؟
زفر هو بحنقٍ وأضاف قائلًا :
_أمال بهزر؟؟ وأديني مستني أما ينزل علشان أكلمه.
ظلت هي تنظر له بصدمةٍ وصرَّحت بقولها قائلةً :
_مكنتش متوقعة أنك تبقى كده، عايز تتقدم لأبويا!!
نظر لها هو بصدمةٍ قائلًا وهو يمسك رأسه من أثر هذا العبث :
_أنتِ عبيطة يا بت؟؟ أبوكِ إيه اللي هتقدمله؟؟ أنا بتكلم عليكِ أنتِ!!
توسعت عيناها بدهشةٍ لكنها تلفظت قائلةً بضجرٍ :
_متقوليش يا بت!
قلب عينيه بمللٍ و رد قائلًا :
_حاضر مش هقولك يا بت، بس الله يسترك فتحي دماغك معايا مش وقته اندهاش!
ما أن أدركت حديثه ابتسمت بخجلٍ، ظل يطالعها هو بهيامٍ وقطع لحظتهما هذه صوت نداء "ميادة" لِـ "حنين"، توجهت هي مسرعةً للداخل تتحاشى النظر له بينما كان هو شاردًا بها وبابتسامتها الخجولة.
في شقة "محسن ونيس" :
كان "مهند" جالسًا وأمامه حاسوبه وعلى يساره "عدنان" وعلى يمينه "مراد" بينما كان "آدم" و "ريان" و "فريد" جالسين على مرفق الأريكة ويدققون النظر في الحاسوب بتركيز حيث أردف "مهند" قائلًا بجديةٍ مصطنعة :
_فتحوا ودانكم كده وركزوا معايا!! ده أكونت حياة...
قطع حديثه "مراد" قائلًا بضجرٍ :
_ياعم "حياة" مين؟؟ مش دي قناة فضائية؟؟
رمقه "مهند" باستحقار قائلًا :
_يخربيت تقل دمك! "حياة" دي يا أخويا مرات أخوك "عدنان" المستقبلية وبعد حبة بحث كده جبت الأكونت بتاعها أحنا بقى هنقعد نكتشف كده بتحب إيه مبتحبش إيه علشان المحروس يكلمها وبعدين يتقدملها فهمت يا جاموسة زعرة؟؟
أومأ هو بتفهم حينها بدأ "مهند" التفتيش في حسابها الشخصي وبعد مرور حوالي ساعة دفع "مهند" الحاسوب بضجرٍ وأردف قائلةً بسخطٍ :
_إيه يارب البت المتخلفة دي؟؟ ده أحنا بقالنا ساعة بندور وكل ده مشيراه من خمس ساعات؟؟ لــيــه؟؟ معندهاش حاجة تعملها؟؟ معندهاش طيب نط حبل تنطه؟؟
سخر "ريان" قائلًا من جملة "عدنان" كان قد قالها لهم مسبقًا :
_أصلها هادية أوي ورقيقة وملهاش في حاجة، دي متوحدة قسمًا بالله!!
ضحك "فريد" عليهم قائلًا :
_شوفتوا أنتم البوست بتاع أنا نفسي ارتبط والاقي حد يدلعني والبوست اللي بعديه كانت كاتبة الارتباط حرام شرعًا؟؟
أضاف "آدم" قائلًا وهو يحاول كتم ضحكاته :
_لأ يالا شوفت أنت البوست بتاع مش بحب أسمع غير أغاني فرنش وأجنبي واللي بعديه بالظبط كانت منزلة أغنية قنبلة الجيل!
ضحك جميعهم بسخرية ورمقهم "عدنان" بضجرٍ بينما أردف "مهند" قائلًا وهو يضحك :
_وكل خمس بوستات كده منزلة حرف معين وكاتبة ماليش غيره، المشكلة مش في كده! المشكلة أن كل مرة حرف شكل!! هي بتكراش على فريق كورة ولا إيه؟؟
عقب "مراد" على حديثه قائلًا :
_لأ ولا صاحبتها اللي اسمها "وتين" دي قسمًا بالله بتحكي قصة حياتها في الكومنتات، هما مش معترفين بحاجة اسمها شات برايڤت ليه؟؟
خرجت "لميس" على ضحكاتهم وأردفت قائلةً :
_يابختك يا "عدنان" وقعت في واحدة فاضية بتشير بوستات كل دقيقة ده أنت تستودع ربنا في النت بتاعكم من دلوقتي!!
تعالت ضحكاتهم بينما أردف "عدنان" قائلًا بضيقٍ :
_لأ وكله كوم والبوست بتاع نفسي في واحدة يضيقها عليها وينقبني ومن بصة يقعدني في مكاني واللي بعده قايلة أنا مبحبش التحبيك أنا عايزة واحد open mind يخليني أنزل بشعري!! طب يعني أنا أعمل إيه دلوقتي؟؟
ضحكوا جميعًا بسخريةٍ وأردفت "لميس" قائلةً بجدية :
_كلمها يا "عدنان" ولو ليكم نصيب ربنا هيجمعكم ببعض بس عرفها الأول أن أنت بتاع جواز مش من العيال بتوع اليومين دول.
كاد أن يوافقها "آدم" الحديث لكن قطعه "چويرية" وهي ممسكةٌ بهاتفها تتجه نحو باب الشقة مردفةً لهم :
_أنا نازلة
رمقها "ريان" من أعلى لأسفل وأردف قائلًا باستنكار :
_نازلة فين؟
ردت هي عليه ببراءةٍ وهي ترفع يديها بكيسٍ بلاستيكي قائلةً :
_هرمي الزبالة وهجيب حاجة وأجي، فيها حاجة؟
استنكر جميعهم أسلوبها اللطيف الذي طرأ عليها فجاةً وأعطتها "لميس" نظرات متشككة عن هيئتها التي لا تناسب الذي تقوله وقد أردف "مهند" قائلًا باستهجان :
_نازلة ترمي الزبالة ومتشيكة كل ده وحاطة ميكب؟؟ ليه رايحة ترمي الزبالة بتاعت "عمر ابلچيكي"؟ ده أنتِ لو رايحة ترميها في المطار الدولي مش هتتشيكِ كده!!
رمقه "آدم" بشكٍ وأردف قائلًا :
_سيبي الزبالة وأنا هبقى أنزل ارميها وشوفي عايزة إيه وقولي لحد لأخواتك وهو يجيبلك اللي عايزاه.
رمقته بسخطٍ حاولت إخفاءه وتلفظت قائلةً حتى لا يُكشف مخططها الكاذب :
_أحسن ريحتني من الزبالة، بس لازم أنزل علشان دي حاجة ضرورية مينفعش ولد يجيبها.
أردفت "لميس" بمكرٍ ودهاء قائلةً :
_ابعتيلي عايزة إيه في مسدچ واتساب علشان كده كده نازلة أصور ورق.
أغلقت عينيها بغيظٍ ولكنها أردفت قائلةً :
_مش عايزة اتعبك معايا وبرضو رايحة أصور ورق أنا كمان متتعبيش نفسك وهاتي الورق بتاعك أصوره معايا.
تلفظت هي بحاجبٌ مرفوع مسحوب بابتسامة سخرية وخبثٍ مخفي قائلةً :
_الله؟ مش كنتِ نازلة تجيبي حاجات بنات من شوية؟؟ وبعدين هو فين الورق اللي هتصوريه؟
نفخت أوداجها بضيقٍ منها واستنكر "ريان" حنقها_الغير مبرر_ قائلًا :
_هو في إيه؟؟ بنقولك ادخلي اقعدي وطلباتك هنجيبهالك خلاص خلصنا اتفضلي ادخلي !
أومأت بالموافقة على مضضٍ؛ فقد كانت تود أن تخبرهم بموافقة والدها لكنه بالفعل معطٍ أشقاءها حق التصرف في شؤونها فيما هو أنسب لها.
دلفت هي للداخل بغضبٍ وأمسكت هاتفها تحاول مهاتفة "حسام" لكن قبل أن تتصل عليه وجدت من تدلف إلىٰ غرفتها قائلةً بسخطٍ وهي تقترب منها تمسك مرفقها :
_أنتِ بتستهبلي يا بت؟؟ شايفاني حاطة الختم على قفايا ولا إيه؟؟
حاولت "چويرية" سحب مرفقها من "لميس" قائلةً بألمٍ :
_سيبي إيدي أنتِ بتعملي إيه؟؟ أنتِ مجنونة؟؟
ضغطت هي على مرفقها قائلةً بشرٍ :
_لأ مش مجنونة أنتِ اللي شكلك أتهبلتي في مخك، أنتِ بتستغفلي مين يابت؟؟ أخواتك اللي برا دول مش عاجبينك؟؟ أنتِ رايحة تقابلي مين؟ أنطقي!!
انهمرت دموعها بشدةٍ ورفضت الجواب بينما وجدت هاتقها يرن ومكان سواه وقبل أن تأخذ هاتفها كانت "لميس" الأسرع والتقطته قبلها وضغطت على زر الرد وحينها أردف هو قائلًا :
_إيه يا حبيبتي أتأخرتِ ليه؟؟ أنا قاعد مستنيكِ من بدري.
أغلقت "لميس" المكالمة وألقت الهاتف بعيدًا وشددت على مرفقها قائلةً بفحيحٍ يشبه فحيح الأفاعي :
_أنا ممكن أعمل إيه حاجة حرام في الدنيا لكن أني أمشي مع واحد شمام، دي عمري ما عملتها ولا هخلي حد يخصني يعملها علشان مش أنتِ اللي على أخر الزمن اللي تجيبي الكلام لينا، حسك عينك أشوفك بتكلمي الواد ده وإلا وقسمًا بالله ما هيحصلك طيب يا "چويرية".
فور الانتهاء من كلماتها المحذرة ألقت يديها بعيدًا وتحركت للخارج مغلقةً وراءها الباب بقوة بينما وقعت "چويرية" على الأرض تبكي بشدة، لو كان أحدًا آخر هو الذي اكتشف لكانت ستسيطر على الموقف لكن "لميس" هي من اكتشفت وهذا من سوء حظها، فالجميع هنا يخشى غضبها ولكن الآن هي ستحاول إيجاد حلًا لهذا المأزق بدلًا أن تصب عليها شقيقتها الكبرى الغضب صبًا فوق رأسها.
في شقة "شريف عبدالظاهر" :
كانت "بوسي" جالسةً ووجهها عابس حينها اقتربت منها ابنتها قائلةً بتساؤل :
_ماما، هو مينفعش ألعب مع صحابي المسيحين؟؟
التفتت لها هي باستنكار قائلةً :
_لأ ينفع طبعًا، مين اللي قالك كده؟؟
أجابت الصغيرة ببراءةٍ قائلة :
_أصل في بنوتة جديدة جت معانا في الـ class اسمها "مارينا" فطلبت تلعب معانا وكنا موافقين بس لما قالت اسمها "تاليا" صاحبتي سألتها هي مسلمة ولا لأ فقالتلها لأ راحت قالتلها لأ ماما قالتلي مينفعش نعلب مع مسيحيين.
عقدت هي حاجبيها وأضافت قائلةً :
_طب مقولتيش ليه للمس بتاعتك؟؟
أجابت ببساطةٍ قائلة :
_أصل مامت "تاليا" جت وقالت أن هما ميلعبوش مع بعض وتقريبًا مامت "مارينا" عند ربنا علشان سمعتها بتقول للمس أن مامتها راحت عند ربنا ومش هتعرف تيجي.
اشتغل الغضب بداخل "بوسي" وأردفت قائلةً :
_طب أنا جاية معاكِ الصبح نشوف الموضوع ده.
حل الصباح سريعًا وذهبت "بوسي" مع ابنتها للمدرسة وما أن دلفت وجدت فتاة تقارب ابنتها في العمر ذات ملامح لطيفة تمتلك شعرًا أسودًا كثيفًا، وعينين خضرواتين وبشرةً بيضاء، جالسةً في زواية بمفردها وقد جاءت المعلمة قائلةً بترحيب بـ "بوسي" :
_أزيك يا مدام "بوسي" نورتينا والله، خير حضرتك؟؟
أردفت هي قائلةً بهدوءٍ يسبق العاصفة :
_في بنت جديدة هنا اسمها "مارينا" تقريبًا..
قطعت المعلمة حديثها مردفةً :
_متقلقيش يا مدام مش هتلعب معاهم و...
قطعت "بوسي" حديثها بصوتٍ جهوري قائلةً :
_هو إيه اللي متلعبش معاهم؟؟ هو ده اللي بتعلموه للعيال؟؟
ابتلعت هي لعابها بتوترٍ وكادت تبرر لكن "بوسي" استكملت قائلةً :
_هو من أمتى في فرق بين مسلم ومسيحي؟؟ ما تفهميني يا معلمة الأجيال؟؟ أنا عايزة ولية الأمر اللي جت وعملت مشكلة وقالت أن هي متلعبش معاهم دي!
تجمع معظم المعلمين يحاولون تهدئتها حتى جاءت مديرة المدرسة قائلةً باستنكار :
_في إيه يا جماعة؟؟ مينفعش نتخانق هنا الأطفال دي تقول إيه لما تشوف كده؟؟
تلفظت "بوسي" قائلةً بسخطٍ :
_وطالما أنتم خايفين أوي على نفسية الطفل مخفتوش ليه على نفسية طفلة كان بس هدفها تعمل صحاب وتلعب وتيجي واحدة بكل برود تقولها لأ معلش مش بنلعب مع مسيحيين، أما بنتي تيجي تقولي أحنا ينفع نلعب مع حد من ديانة تانية ولا لأ يبقى حقي أجي أشوف إيه اللي بيحصل ده!! أنا عايزة بقى ولية الأمر اللي جت وقالت ميلعبوش مع بعض دي!!
نظرت المديرة بضجرٍ لما اسمتعه وبعض مرور بعض الوقت وجدوا من تدلف قائلةً بصوتٍ جهوري :
_هي مين دي بقى اللي عايزاني وفاردة عضلاتها علينا دي!!
__________________________________________________
- يتبع الفصل التالي اضغط على (لعاشر جار) اسم الرواية